الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعْرِفَةُ التَّابِعِينَ
(1)
817 -
والتَّابعُ (2) اللَاّقِي لِمَنْ قَدْ صَحِبَا
…
وَلِلْخَطِيبِ حَدُّهُ: أنْ يَصْحَبَا
818 -
وَهُمْ طِبَاقٌ قِيلَ: خَمْسَ عَشَرَهْ
…
أَوَّلُهُمْ: رُوَاةُ كلِّ العَشَرَهْ
819 -
وَقَيْسٌ الفَرْدُ بِهَذا الوَصْفِ
…
وَقِيلَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ عَوْفِ
820 -
وَقَوْلُ مَنْ عدَّ سَعِيداً فَغَلَطْ
…
بَلْ قِيلَ: لَمْ يَسْمَعْ سِوَى سَعْدٍ فَقَطْ
821 -
لَكِنَّهُ الأَفْضَلُ عِنْدَ أَحْمَدَا
…
وعَنْهُ قَيْسٌ وَسِوَاهُ وَرَدَا
822 -
وَفَضَّلَ الحَسَنَ أَهْلُ البَصْرَةِ
…
والقَرَنِيْ أُوَيْساً اهْلُ (3) الكُوفَةِ
823 -
وفي نِسَاءِ (4) التَّابِعِينَ الأَبْدَا
…
حَفْصَةُ مَعْ عَمْرَةَ أُمِّ الدَّرْدَا (5)
(والتّابِعُ): الأكثَرُ اسْتعمالاً التَّابِعِيُّ، هُوَ:(اللاّقِي)، وَلَوْ غَيْر مُمَيِّزٍ (لِمَنْ قَدْ صَحِبَا) أي: لِلصَّحَابِيِّ، وَلَوْ كَانَا أَعْمَيَيْنِ، وَاحداً (6) كَانَ الصَّحَابِيُّ أَوْ أكْثرَ، سَمِعَ مِنْهُ اللاّقِي أَمْ لا. (وَلِلْخَطِيْبِ حَدُّهُ) أي: التَّابِعِيُّ: (أَنْ يَصْحَبَا) الصَّحَابِيَّ (7)، فَلَا يَكْفِي اللُقيُ (8). والأوَّلُ أصحُّ، ومِمَّنْ صَرَّحَ بتصحيحِهِ ابنُ الصَّلَاحِ (9)، والنَّوَوِيُّ (10).
(1) انظر في ذلك:
معرفة علوم الحديث: 41 - 46، ومعرفة أنواع علم الحديث: 471، والإرشاد 2/ 606 - 616، والتقريب: 165 - 167، واختصار علوم الحديث: 191 - 194، والشذا الفياح 2/ 519 - 534، والمقنع 2/ 506 - 517، وفتح المغيث 3/ 139 - 156، وتدريب الراوي 2/ 234 - 243، وتوضيح الأفكار 2/ 471 - 473، وظفر الأماني: 513 - 514، وتوجيه النظر 1/ 413 - 417.
(2)
في (ب): ((والسابع))، وهو خطأ.
(3)
بدرج همزة (أهل) لضرورة الوزن.
(4)
في النفائس: ((النساء)).
(5)
بالقصر لضرورة الوزن والتصريع.
(6)
في (م): ((وواحداً)).
(7)
الكفاية: (59 ت، 22 هـ).
(8)
في (م): ((اللقاء)).
(9)
معرفة أنواع علم الحديث: 471، وعبارته:((والاكتفاء في هذا بمجرد اللقاء والرؤية أقرب منه في الصّحابيّ نظراً إلى مقتضى اللفظين فيهما)).
(10)
التقريب: 165 - 166.
ثُمَّ بيَّنَ تفاوتَهم، فَقَالَ:
(وَهُمْ طِبَاقٌ) ثلاثٌ، كَمَا في " الطَّبَقاتِ " لِمُسْلِمٍ، وكَمَا فِيْهَا لابنِ سَعْدٍ (1)، وربما بلغَ بِهَا أرْبَعاً.
وَ (قِيْلَ) أي: قَالَ الْحَاكِمُ: (((خَمْسَ عَشَرهْ) طبقةً، آخرُهم مَنْ لقي أنسَ بنَ مَالِكٍ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ، ومَنْ لقي عَبْدَ اللهِ بنَ أَبِي أوْفَى مِن أَهْلِ الكُوفَةِ، ومَنْ لقي السَّائِبَ بنَ يَزِيدٍ مِن أَهْلِ الْمَدينةِ)) (2).
و (أَوَّلُهم رُوَاةُ كُلِّ العَشَرَهْ) الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، أي: الَّذِيْنَ سَمِعُوا مِنْهُمْ، (وَقَيْسٌ) هُوَ ابنُ أَبِي حَازِمٍ (الفَرْدُ) أي: انْفرَدَ مِنْهُمْ (بِهَذَا الوَصْفِ) أي: بروايتِهِ عَنْ كُلِّهم، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ عَبْدَ الرَّحْمَانِ بنُ يُوسُفَ بنِ خِراشٍ (3)، وابنُ حِبَّانَ (4).
(وَ) لكنْ (قِيْلَ) أي: قَالَ أَبُو داودَ، وغيرُهُ: إنَّهُ (لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابنِ عَوْفِ) عَبْدِ الرَّحْمَانِ (5)، أحدهم (6).
(وَ) أمَّا (قَوْلُ مَنْ عَدَّ) - مَعَ قَيْسٍ، فِيْمَنْ سَمِعَ مِن العَشَرَةِ - (سَعِيداً)، هُوَ ابنُ الْمُسَيِّبِ؛ وَهُوَ الْحَاكِمُ (7)، (فَغَلَطْ)؛ لأنَّ سَعِيْداً (8) إنَّما وُلِدَ في خِلَافَةِ عُمَرَ، فَكيفَ يسمَعُ مِن أَبِي بَكْرٍ؟ مَعَ أنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِن بَعْضِ بقيَّتِهِم أَيْضاً (9).
(1) بعد هذا في (م): ((في الطبقات)) ولم ترد في شيء من النّسخ الخطية.
(2)
معرفة علوم الحديث: 42.
(3)
تاريخ دمشق 49/ 461 ذكره مسنداً، وهو في تهذيب الكمال 6/ 130 (5485).
(4)
الثقات 5/ 307.
(5)
سؤالات الآجري: 113.
(6)
يعني: أحد العشرة المبشرة، فالضمير عائد على العشرة المتقدمة بالذكر.
(7)
معرفة علوم الحديث: 42.
(8)
في (ق) و (م): ((سعيد)).
(9)
انظر: الجرح والتعديل 4/ 59 الترجمة (262)، والمراسيل (114)، وتاريخ يحيى بن معين (رواية الدوري) 2/ 207 (999)، وتهذيب التهذيب 4/ 87.
(بَلْ قِيْلَ): إنَّهُ (لَمْ يَسْمَعْ) مِن جَمِيعِهِمْ (سِوَى سَعْدٍ)، هُوَ ابنُ أَبِي وَقَّاصٍ (فَقَطْ) تَكْملةٌ وتَأْكِيْدٌ (1).
ثُمَّ بَيَّنَ الْخِلَافَ في أفْضَلِ التَّابِعِيْنَ، فَقَالَ:
(لَكِنَّهُ) أي: سَعِيدَ بنَ الْمُسَيِّبِ (الأفْضَلُ) من سائِرِ التَّابِعِيْنَ، (عِنْدَ) الإمَامِ (أَحْمَدَا)، وابنِ الْمَدِيْنِيِّ (2)، وغيرِهِما (3).
(وَعَنْهُ) أي: وعنْ أَحْمَدَ قَوْلٌ أخرُ: إنَّ أفْضَلَهُمْ (قَيْسٌ) السَّابِقُ، (وَسِواهُ) أي: وغيرُهُ، وَهُوَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَمَسْروقُ بنُ الأجْدَعِ (4)(وَرَدَا) -بألفِ الإطْلاق -.
(وَفَضَّلَ الْحَسَنَ) البصريَّ (أهْلُ البَصْرَةِ)، (و) فَضَّلَ (الْقَرَنِيْ) - بفتحِ القافِ والرَّاءِ وسكون الياء (5) - (أُوَيْساً اهلُ (6) الكُوفَةِ) بالدرجِ، وفَضَّلَ سَعيدَ بنَ الْمُسَيِّبِ أَهْلُ الْمَدِيْنَةِ.
(1) هذا القول ليس بشيء، فحديثه عن عثمان وعلي في الصحيحين. تهذيب الكمال 3/ 199، وصح عنه أنه قال:"شهدت علياً وعثمان". أخرجه أحمد في العلل: 1/ 319 (1966).
وكذلك رأى عمر وسمع منه، لكنه كان صغيراً، ولم يكن سماعه منه لشيء كثير؛ لذا نفاه من نفاه، وقد صح عنه أنّه قال:" ولدت لسنتين مضتا من خلافة عمر". المراسيل: 73.
وأخرج البخاري في التاريخ الصغير 1/ 56 و 216 عنه قال: " إني لأذكر يوم نعى عمر ابن الخطاب النعمان بن مقرن على المنبر". وقد قال الإمام أحمد حين سأله أبو طالب صاحبه: " سعيد عن عمر حجة" قَالَ: هُوَ عندنا حجة، قَدْ رأى عمر وسمع مِنْهُ، إذا لَمْ يقبل سعيد عَنْ عمر فمن يقبل؟)). الجرح والتعديل 4/ 61.
وروايته عن عمر متفق عليها. صحيح البخاري 1/ 28 (475) و 7/ 219 (5969) و 8/ 79 (6287)، وصحيح مسلم 6/ 155 (2100)(75 و 76).
وروايته عن علي متفق عليها أيضاً. صحيح البخاري 2/ 176 (1569)، وصحيح مسلم 4/ 46 (1223).
(2)
تهذيب الكمال 3/ 200 (2342).
(3)
منهم: أبو حاتم وابن حبان. انظر: الثقات 4/ 274، وتهذيب الكمال 3/ 200.
(4)
انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 475، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 16.
(5)
التقريب: (581). وانظر: الأنساب 4/ 460.
(6)
في (م): ((أهل)) بإثبات الهمزة.
وهذا التَّفْضِيلُ (1) حكاهُ ابنُ الصَّلَاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ خفيفٍ، واسْتَحْسَنَهُ (2).
لَكِنْ قَالَ النَّاظِمُ: ((الصَّحِيْحُ، بَلْ الصَّوَابُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الكُوفَةِ لِحَدِيْثِ مُسْلِمٍ (3) عَنْ عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُوْلُ: ((إنَّ خَيْرَ التَّابِعِيْنَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أوِيْسٌ
…
الْحَدِيْثَ (4). قَالَ: فهذا الْحَدِيْثُ قاطِعٌ للنِّزاعِ. وأما تَفْضيلُ أَحْمَدَ لابنِ الْمُسَيِّبِ وغيرِهِ (5) فلعلَّهُ لَمْ يبلغْهُ الْحَدِيْثُ، أَوْ لَمْ يَصِحَّ عندَهُ، أَوْ أرَادَ بالأفْضَلِيَّةِ الأفْضَلِيَّةَ في العِلْمِ لا الْخَيْرِيَّةِ)) (6) أي: عِنْدَ اللهِ.
هَذَا حُكمُ ذكورِ التَّابِعِيْنَ.
(و) أمَّا الْحُكْمُ (في نِسَاءِ التَّابِعِيْنَ)، فيُقالُ فِيْهِ:(الأبْدَا)(7) - بإسْكانِ الباءِ - يعني: أوَّلَهُنَّ في الْفَضْلِ عِنْدَ إيَاسِ بنِ مُعَاوِيَةَ (حَفْصَةُ) بِنْتُ سِيْرِيْنَ وَحْدَهَا (8).
وَعِنْدَ أَبِي بَكرِ بنِ أَبِي دَاودَ (9) حَفْصَةُ (مَعْ عَمْرَةَ) بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ، وَمَعَ ثَالِثَةٍ ليسَتْ كَهُمَا (أمِّ الدَّرْدَا (10))، يعني: الصغرى، واسْمُها هجيمةُ، ويُقالُ: جهيمةُ، لا الكُبْرَى فتلكَ صَحَابِيَّةٌ واسْمُهَا: خيرة (11).
824 -
وَفِي الكِبَارِ الفُقَهَاءِ السَّبْعَهْ
…
خَارِجَةُ القَاسِمُ ثُمَّ عُرْوَهْ
(1) في (ق): ((التفصيل)).
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 475.
(3)
7/ 189 (2542)(224) و (225).
(4)
أخرجه ابن سعد 6/ 161 - 162، وابن أبي شيبة 12/ 153، وأحمد 1/ 38، والبزار (342)، وأبو نعيم في الحلية 2/ 80 من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(5)
لم ترد في (م).
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 3/ 62 - 63.
(7)
في (م): ((الأبد)).
(8)
رواه المزي بإسناده في تهذيب الكمال 8/ 526، ونقله الذهبي في الكاشف 2/ 505، والسير 4/ 507، وابن حجر في تهذيب التهذيب 12/ 409.
(9)
نقله ابن الصّلاح عنه بلاغاً في معرفة أنواع علم الحديث: 475 - 476.
(10)
في (م): ((الدرداء)).
(11)
ترجمتها في الثقات3/ 116، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/ 321 (3862)، والإصابة 4/ 295 (386).
825 -
ثُمَّ سُلَيْمَانُ عُبَيْدُ اللهِ
…
سَعِيدُ والسَّابِعُ ذُو اشْتِبَاهِ
826 -
إمَّا أَبُو سَلَمَةٍ (1) أَوْ سَالِمُ
…
أَوْ فَأَبو بَكْرٍ خِلَافٌ قَائِمُ
(وَفي الكِبَارِ) أي: كِبَارِ التَّابِعِيْنَ (الفُقَهَاءُ السَّبْعَهْ) مِن أَهْلِ الْمَدِيْنَةِ النَّبَوِيَّةِ، الَّذِيْنَ كَانُوا ينْتَهى إلى قَولِهم وإفْتائِهم:
الأوَّلُ: (خَارِجةُ) بنُ زَيْدٍ الأنْصَاريُّ.
والثَّانِي: (القَاسِمُ) بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكرٍ الصدِّيقِ.
(ثُمَّ) الثالثُ: (عُرْوَهْ) بنُ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ الأسديُّ.
(ثُمَّ) الرابعُ: (سُلَيْمانُ) بنُ يَسَارٍ الْهِلالِيُّ.
والْخَامِسُ: (عُبيدُ اللهِ) بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ بنِ مَسْعُودٍ.
والسَّادِسُ: (سَعِيدُ) بنُ الْمُسَيِّب.
(والسابع: ذو اشْتِبَاهِ).
فهو (إمَّا أَبُو سَلَمَةٍ) -بالصَّرْفِ للوزنِ- ابنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بنِ عَوْفٍ، وَعَلَيْهِ الأكْثرُ، (أَوْ سَالِمُ) بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ (2)، (أَوْ فأبُو بَكرٍ) ابنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ابنِ الْحَارِثِ بنِ هِشامٍ الْقُرَشِيُّ (3) (خِلافٌ) فِيْهِ (قَائِمُ) بِمَعْنَى: قويمٌ، أي: قويٌّ.
وبلغَ بِهِمْ يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ اثنَي عَشَرَ، فنقصَ وزادَ، فَقَالَ: فَقَهاءُ الْمَدِيْنَةِ اثنا عَشَر: سَعِيدُ بنُ الْمُسَيِّبِ، وأَبُو سَلَمَةَ، والقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وسَالِمُ، وَحَمْزَةُ، وزَيدُ،
وعُبيدُ اللهِ، وبِلالُ بنو عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وأبانُ بنُ عُثْمانَ بنِ عَفَّانَ (4)، وقَبِيْصَةُ بنُ ذُوَيْبٍ، وخارِجَةُ وإسْمَاعيلُ ابنا زَيدِ بنِ ثابِتٍ (5).
(1) بالصرف؛ لضرورة الوزن.
(2)
روي عن عبد الله بن المبارك أنه ذكر الفقهاء السبعة، ولم يذكر أبا سلمة بن عبد الرّحمان وذكر بدله سالم بن عبد الله بن عمر. انظر: المعرفة والتاريخ 1/ 325، والمدخل للبيهقي (157)، والسير 4/ 461.
(3)
روي ذلك عن أبي الزناد. انظر: المعرفة والتاريخ للفسوي 1/ 325، ومعرفة علوم الحديث للحاكم: 43، والمدخل للبيهقي (156).
(4)
لم ترد في (ق).
(5)
أخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث: 44.
827 -
والمُدْرِكُونَ جَاهِلِيَّةً فَسَمْ
…
مُخَضْرَمِينَ كَسُوَيْدٍ في أُمَمْ
(وَ) أَمَّا (الْمُدْرِكُونَ جَاهِليةً) أي: مَا قَبْلَ البِعْثةِ مَع زمنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا صُحْبَةَ لَهُمْ (فَسَم) هِمْ مَعَ كونِهِمْ تَابِعِيْنَ (1)(مُخَضْرَمِيْنَ) بالْمُعْجَمَتَينِ، وبفتحِ الرَّاءِ أشْهَرُ مِن كسرِها.
وَمَاحَكاهُ الْحَاكِمُ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ من أنَّ اشْتقاقَهُ من أنَّ أَهْلَ الْجَاهِليةِ مِمَّنْ أسْلَمَ ولَمْ يُهَاجِرْ كانُوا يُخَضْرِمُونَ آذانَ الإبلِ-أي يقطعونَها-لِتَكونَ علامَةً لإسْلامِهِم، إن أُغيرَ عَلَيْهِمْ أَوْ حُورِبُوا (2). مُحْتملٌ لَهما (3)، فالفَتْحُ من أجلِ أنَّهُم خُضْرِمُوا، أي: قُطعُوا عَنْ نَظائِرِهِم بِمَا ذكر، فهُمْ مفعولونَ، والكسر من أجلِ أنَّهمْ خَضْرَمُوا آذانَ الإبِلِ، فهم فاعِلُونَ.
وَقَالَ صاحِبُ " الْمحكمِ ": ((رجُلٌ مُخَضْرَمٌ: إذا كَانَ نِصْفُ عمُرِهِ في الْجَاهِليَّةِ، ونصفُهُ في الإسْلامِ، وَشَاعِرٌ مُخَضْرَمٌ: أدركَ الْجَاهِليَّةَ والإسْلامَ)) (4).
وَقَالَ ابنُ حِبَّانَ: ((الرَّجُلُ إذا كَانَ لَهُ في الكُفْرِ ستُّونَ سَنَةً، وفي الإسْلامِ ستُّونَ سَنَةً، يُدْعَى مُخَضْرَماً)) (5).
ومُقْتَضى عَدمِ اشْتراطِهِما نفي (6) الصُّحْبَةِ، أَنَّ حكيمَ بنَ حِزامٍ - رضيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - وشبهَهُ مُخَضْرَمٌ، وليسَ كذلك في الاصْطِلاحِ؛ لأنَّ الْمُخَضْرَمَ هُوَ: الْمُتَرَددُ بَيْنَ الطَّبَقَتَينِ لا يُدْرَى من أيِّتِهما هُوَ. وهذا هُوَ مدلولُ الْخَضْرَمَةِ لُغَةً.
فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ "الْمحكمِ"(7): ((مُخَضْرَمٌ: ناقِصُ الْحَسَبِ. وَقِيْلَ: الدَّعِيُّ. وَقِيْلَ: مَنْ لا يُعْرَفُ أبَوَاهُ. وَقِيْلَ: مَنْ أبُوْهُ أبْيَضُ، وَهُوَ أسْوَدُ. وَقِيْلَ: مَنْ وَلَدَتْهُ السراري)).
وَقَالَ هُوَ أَيْضاً، والْجَوْهَريُّ:((لَحْمٌ مُخَضْرَمٌ: لا يُدْرَى مِنْ ذكرٍ هُوَ، أَو أُنْثَى)) (8).
(1) في (م): ((التّابعين)).
(2)
معرفة علوم الحديث: 45.
(3)
في (م): ((لها)).
(4)
المحكم 5/ 200 (خضرم).
(5)
الإحسان 4/ 341 عقب (1477).
(6)
في (ص): ((ففي)).
(7)
المحكم 5/ 200 (خضرم).
(8)
الصحاح 5/ 1914 (خضرم).
فَكَذَلِكَ الْمُخَضْرَمُونَ مُتَرَدِّدُونَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ للمعاصرةِ، وبيْنَ التَّابِعِيْنَ لِعَدَمِ اللِّقَاءِ (1)
وهُمْ كَثِيْرٌ، (كَسُوَيْدٍ) هُوَ ابنُ غفلَةَ (في أُمَمْ) أي: جَمَاعَاتٍ، كأبِي عَمْرٍو سَعْدِ بنِ إياسٍ الشَّيْبَانِيِّ، وشريحِ بنِ هَانِئ ٍ، ويسيرِ، أَوْ أُسَيرِ بنِ عمرِو بنِ جَابِرٍ، وعمرِو بنِ مَيْمُونَ الأوْدِيِّ، والأسْوَدِ بنِ يَزِيدَ النَّخعيِّ، والأسْوَدِ بنِ هِلالٍ الْمحاربيِّ.
وَقَدْ بَلَغَ بِهِمْ مُسْلِمُ بنُ الْحَجَّاجِ عِشْرينَ (2)، وَمُغُلْطَاي (3) أزيدَ مِن مِئَةٍ.
828 -
وَقَدْ يُعَدُّ في الطِّبَاقِ التَّابِعُ (4)
…
في تابِعِيهِمْ إذْ يَكُونُ الشَّائِعُ
829 -
الحَمْلَ عَنْهُمْ كأَبِي الزِّنَادِ
…
والعَكْسُ جَاءَ وَهْوَ ذُوْ فَسَادِ
830 -
وَقَدْ يُعَدُّ تَابِعِيّاً صَاحِبُ
…
كَابْنَي مُقَرِّنٍ ومَنْ يُقَارِبُ
(وَقَدْ يُعَدُّ في الطِّبَاقِ التَّابِعُ في تَابِعيهِمْ) أي: في تَابِعِي التَّابِعِيْنَ (إِذْ يَكُوْنُ الشَّائِعُ) أي: لِكونِ الْغَالِبِ عَلَيْهِ، والشَّائِعِ عَنْهُ (الْحَمْلَ عَنْهُمْ) أي: عَن التَّابِعِيْنَ.
(كأَبِي الزِّنَادِ) عَبْدِ اللهِ بنِ ذكوانَ، وكَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَمُوسى بنِ عُقْبَةَ، فإنَّهُمْ تَابِعِيُّونَ مَعَ أَنَّهُمْ مَعْدُودُونَ عِنْدَ (5) أَكْثَرِ النَّاسِ في أَتْباعِ التَّابِعِيْنَ.
(والعَكْسُ جَاءَ) أَيْضاً، وَهُوَ عدُّ بَعْضِ أصْحابِ الطِّبَاقِ في التَّابِعِيْنَ، بَعْضَ تَابِعي التَّابِعِيْنَ، كَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سُوَيدٍ النخعيِّ، وسَعِيدٍ، وَوَاصلٍ ابني عَبْدِ الرَّحْمَانِ البَصْرِيِّ.
وزادَ قوله: (وَهْوَ) أي: العَكْسُ (ذُو فَسَادِ) يعني: أشدُّ فَسَاداً من الَّذِي قَبْلَهُ، ويُمْكِنُ تَقْريرُ كَلامِهِ بِمَا يَشْمَلُ القِسْمَينِ، بِأَنْ يُقَالَ: وَهُوَ، أي: ما ذُكِرَ مِن القِسْمَيْنِ ذُو فَسَادٍ.
(1) في (ع) و (ق): ((اللقي)). وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 3/ 65 - 66.
(2)
ذكرهم الحاكم نقلاً عن الإمام مسلم في معرفة علوم الحديث: 44 - 45.
وقد زاد عليه ابن الصّلاح اثنين، والعراقي في"شرح التبصرة والتذكرة" ثلاثة، وزاد في "التقييد" على الإمام مسلم وابن الصّلاح عشرين شخصاً. فتم العدد الّذين ذكرهم الحفاظ الثلاثة: اثنين وأربعين شخصاً. وانظر: معرفة أنواع علم الحديث: 474، وشرح التبصرة والتذكرة 3/ 67، والتقييد والإيضاح:325. وقال السخاوي في فتح المغيث 3/ 134: ((ومن طالع الإصابة لشيخنا وجد مِنْهُمْ كما قدمت خلقاً)).
(3)
في (م): ((مغلطائي)).
(4)
في (ب): السابع، وهو خطأ، والصواب ما أثبت.
(5)
في (ص): ((عن)).