المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة المجادلة (58) : آية 7] - التحرير والتنوير - جـ ٢٨

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌58- سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ

- ‌أغراض هَذِه السُّورَة

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : الْآيَات 20 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 22]

- ‌59- سُورَةُ الْحَشْرِ

- ‌أغراض هَذِه السُّورَة

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : الْآيَات 16 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 24]

- ‌60- سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ

- ‌أغراض هَذِه السُّورَة

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 13]

- ‌61- سُورَةُ الصَّفِّ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : الْآيَات 2 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : الْآيَات 10 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 14]

- ‌62- سُورَةُ الْجُمُعَةِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : الْآيَات 9 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 11]

- ‌63- سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 11]

- ‌64- سُورَةُ التَّغَابُنِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : الْآيَات 17 الى 18]

- ‌65- سُورَةُ الطَّلَاقِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الطَّلَاق (65) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الطَّلَاق (65) : الْآيَات 2 الى 3]

- ‌[سُورَة الطَّلَاق (65) : الْآيَات 4 الى 5]

- ‌[سُورَة الطَّلَاق (65) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الطَّلَاق (65) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الطَّلَاق (65) : الْآيَات 8 الى 11]

- ‌[سُورَة الطَّلَاق (65) : آيَة 12]

- ‌66- سُورَةُ التَّحْرِيمِ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 12]

الفصل: ‌[سورة المجادلة (58) : آية 7]

وَجُمْلَةُ أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ (مَا عَمِلُوا) .

وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْحَالِ هُوَ مَا عطف عَلَيْهَا مِنْ قَوْلِهِ: وَنَسُوهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّ الْعِبْرَةِ.

وَبِه تكون الْحَال مُؤَسِّسَةً لَا مُؤَكِّدَةً لعاملها، وَهُوَ فَيُنَبِّئُهُمْ، أَيْ عَلِمَهُ اللَّهُ عِلْمًا مُفَصَّلًا مِنَ الْآنَ، وَهُمْ نَسُوهُ، وَذَلِكَ تَسْجِيلٌ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ مُتَهَاوِنُونَ بِعَظِيمِ الْأَمْرِ وَذَلِكَ مِنَ الْغُرُورِ، أَيْ نَسُوهُ فِي الدُّنْيَا بَلْهَ الْآخِرَةِ فَإِذَا أُنْبِئُوا بِهِ عَجِبُوا قَالَ تَعَالَى: وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لَا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حاضِراً [الْكَهْف: 49] .

وَجُمْلَةُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ تَذْيِيلٌ. وَالشَّهِيدُ: الْعَالِمُ بالأمور الْمُشَاهدَة.

[7]

[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 7]

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَاّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَاّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)

اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ هُوَ تَخَلُّصٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ [المجادلة: 6] إِلَى ذِكْرِ عِلْمِ اللَّهِ بِأَحْوَالِ الْمُنَافِقِينَ وَأَحْلَافِهِمُ الْيَهُودِ. فَكَانَ الْمُنَافِقُونَ يُنَاجِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا لِيُرِيَ لِلْمُسْلِمِينَ مَوَدَّةَ بَعْضِ الْمُنَافِقِينَ لِبَعْضٍ فَإِنَّ الْمُنَافِقِينَ بِتَنَاجِيهِمْ يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ طَائِفَةٌ أَمْرُهَا وَاحِدٌ وَكَلِمَتُهَا وَاحِدَةٌ، وَهُمْ وَإِنْ كَانُوا يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ يُحِبُّونَ أَنْ تكون لَهُم خيفة فِي قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ يَتَّقُونَ بِهَا بَأْسَهُمْ إِنِ اتَّهَمُوا بَعْضَهُمْ بِالنِّفَاقِ أَوْ بَدَرَتْ مِنْ أَحَدِهِمْ بَادِرَةٌ تَنُمُّ بِنِفَاقِهِ، فَلَا يُقْدِمُ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى أَذَاهُ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ لَهُ بِطَانَةً تُدَافِعُ عَنْهُ. وَكَانُوا إِذَا مَرَّ بِهِمُ الْمُسْلِمُونَ نَظَرُوا إِلَيْهِمْ فَحَسِبُ الْمَارُّونَ لَعَلَّ حَدَثًا حَدَثَ مِنْ مُصِيبَةٍ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ عَلَى تَوَقُّعِ حَرْبٍ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فِي كُلِّ حِينٍ فَيَتَوَهَّمُونَ أَنَّ مُنَاجَاةَ الْمُتَنَاجِينَ حَدِيثٌ عَنْ قُرْبِ الْعَدُوِّ أَوْ عَنْ هَزِيمَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ فِي السَّرَايَا الَّتِي يَخْرُجُونَ فِيهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ لِإِشْعَارِ الْمُنَافِقِينَ بِعِلْمِ اللَّهِ بِمَاذَا يَتَنَاجَوْنَ، وَأَنَّهُ مطلع رَسُوله صلى الله عليه وسلم عَلَى دَخِيلَتِهِمْ لِيَكُفُّوا عَنِ الْكَيْدِ لِلْمُسْلِمِينَ.

ص: 25

فَهَذِهِ الْآيَةُ تَمْهِيدٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى الْآيَة [المجادلة: 8] .

وأَ لَمْ تَرَ مِنَ الرُّؤْيَةِ الْعِلْمِيَّةِ لِأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ لَا يُرَى وَسَدَّ الْمَصْدَرُ مَسَدَّ الْمَفْعُولِ.

وَالتَّقْدِيرُ: أَلَمْ تَرَ اللَّهَ عَالِمًا.

وَمَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَعُمُّ الْمُبْصِرَاتِ وَالْمَسْمُوعَاتِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المجادلة: 6] لِاخْتِصَاصِهِ بِعِلْمِ الْمُشَاهَدَاتِ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْمُفْتَتَحَ بِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ هُوَ عِلْمُ الْمَسْمُوعَاتِ.

وَجُمْلَةُ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَى آخِرِهَا بَدَلُ الْبَعْضِ مِنَ الْكُلِّ فَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ. وَقَوْلِهِ: إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَقَوْلِهِ: إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ، أَنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى مَا يَتَنَاجَوْنَ فِيهِ فَكَأَنَّهُ تَعَالَى نَجِيٌّ مَعَهُمْ.

وَمَا نَافِيَةٌ. ويَكُونُ مُضَارِعُ (كَانَ) التَّامَّةِ، ومِنْ زَائِدَةٌ فِي النَّفْيِ لِقَصْدِ الْعُمُومِ، ونَجْوى فِي مَعْنَى فَاعِلِ يَكُونُ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يَكُونُ بِيَاءِ الْغَائِبِ لِأَنَّ تَأْنِيثَ نَجْوى غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، فَيَجُوزُ فِيهِ جَرْيُ فِعْلِهِ عَلَى أَصْلِ التَّذْكِيرِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ فُصِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَاعِلِهِ بِحَرْفِ مِنْ الزَّائِدَةِ.

وَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَرٍ بِتَاءِ الْمُؤَنَّثِ رَعْيًا لِصُورَةِ تَأْنِيثِ لَفْظِهِ.

وَالنَّجْوَى: اسْمُ مَصْدَرِ نَاجَاهُ، إِذَا سَارَّهُ. وثَلاثَةٍ مُضَافٌ إِلَيْهِ نَجْوى. أَيْ مَا يَكُونُ تَنَاجِي ثَلَاثَةٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا اللَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِمْ كَرَابِعٍ لَهُمْ، وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ كَسَادِسٍ لَهُمْ، وَلَا أَدْنَى وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَضَمَائِرُ الْغَيْبَةِ عَائِدَةٌ إِلَى ثَلاثَةٍ وَإِلَى خَمْسَةٍ وَإِلَى ذلِكَ وأَكْثَرَ.

وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ الْإِنْذَارُ وَالْوَعِيدُ وَتَخْصِيصُ عَدَدَيِ الثَّلَاثَةِ وَالْخَمْسَةِ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ بعض المتناجين الَّذِي نَزَلَتِ الْآيَةُ بِسَبَبِهِمْ كَانُوا حِلَفًا بِعْضُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَبَعْضُهَا مِنْ خَمْسَةٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَعْنَى غَيْرُ مَصْمُودٍ وَالْعَدَدُ غَيْرُ مَقْصُودٍ.

وَفِي «الْكَشَّافِ» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي رَبِيعَةَ وَحَبِيبٍ ابْنَيْ عَمْرِو (بْنِ عُمَيْرٍ مِنْ

ص: 26

ثَقِيفٍ) وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ (السُّلَمِيِّ حَلِيفِ بَنِي أَسَدٍ) كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتَرَى أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا نَقُولُ؟ فَقَالَ الْآخَرُ: يَعْلَمُ بَعْضًا وَلَا يَعْلَمُ بَعْضًا. وَقَالَ الثَّالِثُ: إِنْ كَانَ يَعْلَمُ بَعْضًا فَهُوَ يَعْلَمُ كُلَّهُ. اهـ. وَلَمْ أَرَ هَذَا فِي غَيْرِ «الْكَشَّافِ» وَلَا مُنَاسَبَةَ لِهَذَا بِالْوَعِيدِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ فَإِنَّ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةَ كَانُوا مُسْلِمِينَ وَعُدُّوا فِي الصَّحَابَةِ وَكَأَنَّ هَذَا تَخْلِيطٌ مِنَ الرَّاوِي بَيْنَ سَبَبِ نُزُولِ آيَةِ وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ فِي سُورَةِ فُصِّلَتْ [22] . كَمَا فِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» وَبَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ. وَرُكِّبَتْ أَسْمَاءُ ثَلَاثَةٍ آخَرِينَ كَانُوا بِالْمَدِينَةِ لِأَنَّ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ فآية النَّجْوَى إِنَّمَا هِيَ فِي تَنَاجِي الْمُنَافِقِينَ أَوْ فِيهِمْ وَفِي الْيَهُودِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ مُفَرَّعٌ مِنْ

أَكْوَانٍ وَأَحْوَالٍ دَلَّ عَلَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا يَكُونُ وَالْجُمَلُ الَّتِي بعد حرف الِاسْتِثْنَاء فِي مَوَاضِعِ أَحْوَالٍ. وَالتَّقْدِيرُ: مَا يكون من نَجْوَى ثَلَاثَةٍ فِي حَالٍ مِنْ عِلْمِ غَيْرِهِمْ بِهِمْ وَاطِّلَاعِهِ عَلَيْهِمْ إِلَّا حَالَةٌ اللَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِمْ.

وَتَكْرِيرُ حَرْفِ النَّفْيِ فِي الْمَعْطُوفَاتِ عَلَى الْمَنْفِيِّ أُسْلُوبٌ عَرَبِيٌّ وَخَاصَّةً حَيْثُ كَانَ مَعَ كُلٍّ مِنَ الْمَعَاطِيفِ اسْتِثْنَاءٌ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَلا أَكْثَرَ بِنَصْبِ أَكْثَرَ عَطْفًا عَلَى لَفْظِ نَجْوى. وَقَرَأَهُ يَعْقُوبُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى مَحَلِّ نَجْوى لِأَنَّهُ مَجْرُورٌ بِحَرْفِ جَرٍّ زَائِدٍ.

وأَيْنَ مَا مُرَكَّبٌ مِنْ (أَيْنَ) الَّتِي هِيَ ظَرْفُ مَكَانٍ وَ (مَا) الزَّائِدَةُ. وَأُضِيفَ (أَيْنَ) إِلَى جُمْلَةِ كانُوا، أَيْ فِي أَيِّ مَكَانٍ كَانُوا فِيهِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ [4] .

وثُمَّ لِلتَّرَاخِي الرُّتَبِيِّ لِأَنَّ إِنْبَاءَهُمْ بِمَا تَكَلَّمُوا وَمَا عَمِلُوهُ فِي الدُّنْيَا فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَدَلُّ عَلَى سِعَةِ عِلْمِ اللَّهِ مِنْ عِلْمِهِ بِحَدِيثِهِمْ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّ مُعْظَمَ عِلْمِ الْعَالَمِينَ يَعْتَرِيهِ النِّسْيَانُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ مِنَ الطُّولِ وَكَثْرَةِ تَدْبِيرِ الْأُمُورِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَفِي هَذَا وَعِيدٌ لَهُمْ بِأَنَّ نَجْوَاهُمْ إِثْمٌ عَظِيمٌ فَنُهِيَ عَنْهُ وَيَشْمَلُ هَذَا تَحْذِيرَ مَنْ يُشَارِكُهُمْ.

ص: 27