المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة المنافقون (63) : آية 1] - التحرير والتنوير - جـ ٢٨

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌58- سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ

- ‌أغراض هَذِه السُّورَة

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : الْآيَات 20 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة المجادلة (58) : آيَة 22]

- ‌59- سُورَةُ الْحَشْرِ

- ‌أغراض هَذِه السُّورَة

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : الْآيَات 16 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْحَشْر (59) : آيَة 24]

- ‌60- سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ

- ‌أغراض هَذِه السُّورَة

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الممتحنة (60) : آيَة 13]

- ‌61- سُورَةُ الصَّفِّ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : الْآيَات 2 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : الْآيَات 10 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الصَّفّ (61) : آيَة 14]

- ‌62- سُورَةُ الْجُمُعَةِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : الْآيَات 9 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الْجُمُعَة (62) : آيَة 11]

- ‌63- سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 11]

- ‌64- سُورَةُ التَّغَابُنِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة التغابن (64) : الْآيَات 17 الى 18]

- ‌65- سُورَةُ الطَّلَاقِ

- ‌أغراضها

- ‌[سُورَة الطَّلَاق (65) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الطَّلَاق (65) : الْآيَات 2 الى 3]

- ‌[سُورَة الطَّلَاق (65) : الْآيَات 4 الى 5]

- ‌[سُورَة الطَّلَاق (65) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الطَّلَاق (65) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الطَّلَاق (65) : الْآيَات 8 الى 11]

- ‌[سُورَة الطَّلَاق (65) : آيَة 12]

- ‌66- سُورَةُ التَّحْرِيمِ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة التَّحْرِيم (66) : آيَة 12]

الفصل: ‌[سورة المنافقون (63) : آية 1]

أُبَيٍّ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْحَادِثَة وَاحِدَة.

واضطراب الرَّاوِي عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فِي صِفَتِهَا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ حَصَلَ حَادِثَتَانِ فِي غَزَاةٍ وَاحِدَةٍ.

وَذَكَرَ الْوَاحِدِيُّ فِي «أَسْبَابِ النُّزُولِ» : أَنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي بَلَغَنِي، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مَا قُلْتُ شَيْئًا مِنْ هَذَا وَإِنَّ زَيْدًا لَكَاذِبٌ

. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَقَالَةَ الْأُولَى قَالَهَا ابْنُ أُبَيٍّ فِي سَوْرَةِ غَضَبٍ تَهْيِيجًا لِقَوْمِهِ ثُمَّ خَشِيَ انْكِشَافَ نِفَاقِهِ فَأَنْكَرَهَا.

وَأَمَّا الْمَقَالَةُ الثَّانِيَةُ فَإِنَّمَا أَدْرَجَهَا زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ فِي حَدِيثِهِ وَإِنَّمَا قَالَهَا ابْنُ أُبَيٍّ فِي سُورَةِ

النَّاصِحِ كَمَا سَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ حِكَايَتِهَا.

وَعَلَى الْأَصَحِّ فَهِيَ قَدْ نَزَلَتْ قَبْلَ سُورَةِ الْأَحْزَابِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ تَكُونُ نَزَلَتْ مَعَ سُورَةِ بَرَاءَةٌ أَوْ قَبْلَهَا بِقَلِيلٍ وَهُوَ بعيد.

‌أغراضها

فَضْحُ أَحْوَالِ الْمُنَافِقِينَ بِعَدِّ كَثِيرٍ مِنْ دَخَائِلِهِمْ وَتَوَلُّدِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضِ مِنْ كَذِبٍ، وَخَيْسٍ بِعَهْدِ اللَّهِ، وَاضْطِرَابٍ فِي الْعَقِيدَةِ، وَمِنْ سَفَالَةِ نُفُوسٍ فِي أَجْسَامٍ تَغُرُّ وَتُعْجِبُ، وَمِنْ تَصْمِيمٍ عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنْ طَلَبِ الْحَقِّ وَالْهُدَى، وَعَلَى صَدِّ النَّاسِ عَنْهُ، وَكَانَ كُلُّ قِسْمٍ مِنْ آيَاتِ السُّورَةِ الْمُفْتَتَحِ بِ إِذا خُصَّ بِغَرَضٍ مِنْ هَذِهِ الْأَغْرَاضِ. وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ جَرَّتْ إِلَيْهِ الْإِشَارَةُ إِلَى تَكْذِيبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ فِيمَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنَ التَّنَصُّلِ مِمَّا قَالَهُ.

وَخُتِمَتْ بِمَوْعِظَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَحَثِّهِمْ عَلَى الْإِنْفَاقِ وَالِادِّخَارِ لِلْآخِرَةِ قَبْلَ حُلُول الْأَجَل.

[1]

[سُورَة المُنَافِقُونَ (63) : آيَة 1]

بسم الله الرحمن الرحيم

إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ

ص: 233

(1)

لمَّا كَانَ نُزُولُ هَذِهِ السُّورَةِ عقب خُصُومَة الْمُهَاجِرِي والأنصاري وَمَقَالَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فِي شَأْنِ الْمُهَاجِرِينَ. تَعَيَّنَ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ التَّعْرِيضُ بِكَذِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَبِنِفَاقِهِ فَصِيَغَ الْكَلَامُ بِصِيغَةٍ تَعُمُّ الْمُنَافِقِينَ لِتَجَنُّبِ التَّصْرِيحِ بِالْمَقْصُودِ عَلَى طَرِيقَةِ

قَول النبيء صلى الله عليه وسلم «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ»

وَمُرَادُهُ مَوْلَى بَرِيرَةَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهَا لِعَائِشَةِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَاشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُ، وَابْتُدِئَ بِتَكْذِيبِ مَنْ أُرِيدَ تَكْذِيبُهُ فِي ادِّعَائِهِ الْإِيمَانَ بِصدق الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودُ إِشْعَارًا بِأَنَّ اللَّهَ أَطْلَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى دَخَائِلِهِمْ، وَهُوَ تَمْهِيدٌ لِمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ، لِأَنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَعْلَمُ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ قَالُوا: نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ.

فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمْ: نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ مَحْكِيًّا بِالْمَعْنَى لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ عِبَارَاتٍ كَثِيرَةً تُفِيدُ مَعْنَى أَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ بِأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ مِثْلَ نُطْقِهِمْ بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ.

وَيَجُوزُ أَن يَكُونُوا تواطؤوا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ كُلَّمَا أَعْلَنَ أَحَدُهُمُ الْإِسْلَامَ. وَهَذَا أَلْيَقُ بِحِكَايَةِ كَلَامِهِمْ بِكَلِمَةِ قالُوا دُونَ نَحْوِ: زَعَمُوا.

وإِذا ظَرْفٌ لِلزَّمَانِ الْمَاضِي بِقَرِينَةٍ جَعَلَ جُمْلَتَيْهَا مَاضِيَتَيْنِ، وَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِفَعْلِ

قالُوا وَهُوَ جَوَابُ إِذا.

فَالْمَعْنَى: إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ.

ونَشْهَدُ خَبَرٌ مُؤَكَّدٌ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ الْإِخْبَارُ عَنْ أَمْرٍ مَقْطُوعٍ بِهِ إِذْ هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْمُشَاهَدَةِ أَيِ الْمُعَايَنَةِ، وَالْمُعَايَنَةُ أَقْوَى طُرُقِ الْعِلْمِ، وَلِذَلِكَ كَثُرَ اسْتِعْمَالُ: أَشْهَدُ وَنَحْوِهِ مِنْ أَفْعَالِ الْيَقِينِ فِي مَعْنَى الْقَسَمِ. وَكَثُرَ أَنْ يُجَابَ بِمِثْلِ مَا يُجَابُ بِهِ الْقَسَمُ قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ.

وَمَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّ قَوْلَهُ: نَشْهَدُ لَيْسَ إِنْشَاءً. وَبَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ جَعَلَهُ صِيغَةَ يَمِينٍ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَالْمَقْصُودُ مِنْ قَوْلِهِ: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ إِعْلَام النبيء صلى الله عليه وسلم وإعلام الْمُسْلِمِينَ بِطَائِفَةٍ مُبْهَمَةٍ شَأْنُهُمُ النِّفَاقُ لِيَتَوَسَّمُوهُمْ وَيَخْتَبِرُوا أَحْوَالَهُمْ وَقَدْ يتلَقَّى النبيء صلى الله عليه وسلم بِطَرِيقِ الْوَحْيِ تَعْيِينَهُمْ أَوْ تَعْيِينَ بَعْضِهِمْ.

ص: 234

والْمُنافِقُونَ جَمْعُ مُنَافِقٍ وَهُوَ الَّذِي يُظْهِرُ الْإِيمَانَ وَيُسِرُّ الْكُفْرَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ مُفَصَّلًا فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ.

وَجُمْلَةُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ نَشْهَدُ.

وَجُمْلَةُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ الْمُتَعَاطِفَتَيْنِ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ لِدَفْعِ إِيهَامِ مَنْ يَسْمَعُ جُمْلَةَ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ أَنَّهُ تَكْذِيبٌ لِجُمْلَةِ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَوْمَئِذٍ مَحْفُوفِينَ بِفِئَامٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ مَبْثُوثِينَ بَيْنَهُمْ هِجِّيرَاهُمْ فِتْنَةَ الْمُسْلِمِينَ فَكَانَ الْمَقَامُ مُقْتَضِيًا دَفَعَ الْإِيهَامِ وَهَذَا مِنَ الِاحْتِرَاسِ.

وَعُلِّقَ فِعْلُ يَعْلَمُ عَنِ الْعَمَلِ لِوُجُودِ (إِنَّ) فِي أَوَّلِ الْجُمْلَةِ وَقَدْ عَدُّوا (إِنَّ) الَّتِي فِي خَبَرِهَا لَامُ ابْتِدَاءِ مِنَ الْمُعَلَّقَاتِ لِأَفْعَالِ الْقَلْبِ عَنِ الْعَمَلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَامَ الِابْتِدَاءِ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ لَامُ جَوَابِ الْقَسَمِ وَأَنَّ حَقَّهَا أَنْ تَقَعَ قَبْلَ (إِنَّ) وَلَكِنَّهَا زُحْلِقَتْ فِي الْكَلَامِ كَرَاهِيَةَ اجْتِمَاعِ مُؤَكِّدَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ، وَأُخِذَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ سِيبَوَيْهَ.

وَجُمْلَةُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ عَطَفٌ عَلَى جُمْلَةِ قالُوا نَشْهَدُ.

وَتَقْدِيمُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْخَبَرِ الْفِعْلِيِّ لِتُقَوِّيَ الْحُكْمَ.

وَجِيءَ بِفِعْلِ يَشْهَدُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ تَكْذِيبِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُمْ لِلْمُشَاكَلَةِ حَتَّى يَكُونَ إِبْطَالُ خَبَرِهِمْ مُسَاوِيًا لِإِخْبَارِهِمْ.

وَالْكَذِبُ: مُخَالَفَةُ مَا يُفِيدُهُ الْخَبَرُ لِلْوَاقِعِ فِي الْخَارِجِ، أَيِ الْوُجُودِ فَمَعْنَى كَوْنِ الْمُنَافِقِينَ كَاذِبُونَ هُنَا أَنَّهُمْ كَاذِبُونَ فِي إِخْبَارِهِمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ بِأَن مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم رَسُولُ اللَّهِ لِأَنَّ خَبَرَهُمْ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ فَهُمْ لَا يَشْهَدُونَ بِهِ وَلَا يُوَافِقُ قَوْلُهُمْ مَا فِي نُفُوسِهِمْ. وَبِهَذَا بَطَلَ احْتِجَاجُ النَّظَّامِ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى رَأْيِهِ أَنَّ الْكَذِبَ مُخَالَفَةُ الْخَبَرِ لِاعْتِقَادِ الْمُخْبِرِ لِأَنَّهُ غَفَلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: قالُوا نَشْهَدُ. وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا الرَّدِّ الْقَزْوِينِيُّ فِي «تَلْخِيصِ الْمِفْتَاحِ» وَفِي «الْإِيضَاحِ» .

وَجُمْلَةُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ مَبْنِيَّة لِجُمْلَةِ يَشْهَدُ مثل سابقتاها.

ص: 235