الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الأولى
أحمده سبحانه وتعالى وأستعينه وأستهديه، وأسأله التوفيق والسداد.
وأصلي وأسلم على خاتم النبيين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه، وسلك سبيله إلى يوم الدين.
وأشهد أن لا إله إلا الله، {بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2].
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، آتاه الحكمة وفصل الخطاب. فبين للناس ما نزل إليهم، ووضح لهم معالم دينهم، ورسم لهم طريق الخير في دنياهم وأخراهم، فجزاه الله عنا وعن جهاده في الإسلام خير الجزاء.
"أما بعد" فقد وفقني الله للإسهام في شرح مجموعة مختارة من أحاديث البخاري في كتابي "المنهل الحديث" تناولت فيه نحو أربعمائة حديث بالشرح المبسط المناسب لمستوى طلاب المعاهد الثانوية الأزهرية.
ولقد فكرت طويلا -بناء على طلب كثير من المشتغلين بالحديث وطلابه- في أن أكمل شرح أحاديث البخاري بنفس الطريقة والأسلوب، ولكن غلبتني فكرة أخرى بعد آَن عينت مدرسا للتفسير والحديث بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، ورأيت أن المقرر في منهاجها أحاديث صحيح مسلم، وهو كتاب لم يخدم بالشرح كما خدم البخاري، وليس فيما ألفه المؤلفون في شرحه ما يغني الطالب أو يشبع الراغب وأحسست حاجة الطلاب إلى شرح يناسبهم، وعذرتهم في مطالبتهم بذلك وإلحاحهم وملاحقتهم لأساتذتهم.
أمام هذه الظروف فضلت التعجيل بشرح صحيح مسلم، في كتاب سميته (فتح المنعم) ورسمت له منهاجا وطريقة أرجو أن يسدد الله خطاي في سلوكها، وأن ينفع بها، إنه سميع مجيب.
سأجمع الروايات المتعددة للحديث الواحد، مادمت أعتقد أنها لحديث واحد، ثم أقوم بشرحها كوحدة؛ والواقع أن صحيح مسلم يضم كثيرا من الأحاديث المكررة بسبب اختلاف الرواة في رواياتها بالزيادة والنقص والتغيير والتقديم والتأخير، بل قد يفرق بين روايات الحديث الواحد بأحاديث
أخرى، كما فعل في حديث معاذ وإردافه خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحديثه بحق الله على العباد وحق العباد على الله.
سأجمع أمثال هذه الروايات تفاديا لتكرار الشرح وتخلصا من إحالة اللاحق على السابق.
وسأختصر الأسانيد وأقتصر على الراوي الأعلى، وأوفر مجهودي ومجهود الطالب للبحث في متن الحديث وصلبه بدلا من التشتيت بين رجاله وشرحه، خصوصا وللإسناد كتبه وفرسانه، وقد قصرت الهمم وكلَّت العزائم، وعز ميدانه.
وسأبدأ بكتاب الإيمان، مؤجلًا شرح مقدمة مسلم إلى ما بعد شرح الأحاديث لأضعها في جزء خاص أسوة بالإمام الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري.
وحرصا على تعميم النفع، واستفادة العامة والخاصة سأتناول شرح الحديث بعبارة مبسطة وأسلوب سهل تحت عنوان (المعنى العام).
ثم أتكلم عن كلمات الحديث وتراكيبه من الناحية اللغوية، وما يحتاجه طالب القسم العالي من النحو والبلاغة تحت عنوان (المباحث العريية).
ثم أبسط الأحكام الشرعية، وأجمع بين الروايات المختلفة، وأعرض آراء العلماء في وجه الاستدلال به أو الرد عليه، وأبرز ما يؤخذ منه من الأحكام والفوائد تحت عنوان (فقه الحديث).
هذا وإنني أقدر خطورة المهمة ومشقتها، وكم وقفت أمامها في خشوع ورهبة وإجلال.
مؤمنا بأن الميدان فسيح رفيع، ولكني أدخله معتمدا على تسديد الله وتوفيقه، مقرًا بالقصور، مصمما على عدم التقصير.
ولئن كنت قد أقدمت على أمر جلل فعذري أن الكل متهيب وجل، أو تعوقه العوائق، أو يقعده الكسل؛ وباب العلم والتأليف مفتوح للمكثر والمقل، وليس من الحكمة الوقوف أمامه، والتقاعس عن دخوله، استصغارا للنفس، وإستقلالا للجهد، إذ ما لا يدرك كله لا يترك كله.
فإن وفقت وأصبت الهدف فحمدا لله وشكرًا، وذلك فضل الله، وإن كانت الأخرى فأسأله العفو والعافية، وقبول حسن القصد وإخلاص النية.
داعيا ربي بما دعا به الكليم عليه السلام حيث قال {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)} [طه: 25 - 28].
مناجيا بما ناجى به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم {رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} [الإسراء: 80].
د. موسى شاهين لاشين