المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(76) باب صدق الإيمان وإخلاصه - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ١

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌كتاب الإيمان

- ‌(1) باب الإيمان بالقدر

- ‌(2) باب أمور الإسلام

- ‌(3) باب سؤال ضمام عن أركان الإسلام

- ‌(4) باب ما يقرب من الجنة وما يباعد من النار

- ‌(5) باب إحلال الحلال وتحريم الحرام يدخل الجنة

- ‌(6) باب بيان أركان الإسلام ودعائمه

- ‌(7) باب وفد عبد القيس وأمور الإسلام

- ‌(8) باب بعث معاذ إلى اليمن

- ‌(9) باب قتال أهل الردة ومانعي الزكاة

- ‌(10) باب وفاة أبي طالب، وما نزل بشأنه

- ‌(11) باب من مات على التوحيد دخل الجنة

- ‌(12) باب زيادة فضلة الطعام ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(13) باب من شهد أن لا إله إلا الله حرم الله عليه النار

- ‌(14) باب حق الله على العباد وحق العباد على الله

- ‌(15) باب التبشير بالجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله

- ‌(16) باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عتبان

- ‌(17) باب طعم الإيمان

- ‌(18) باب الحياء شعبة من الإيمان

- ‌(19) باب الحياء من الإيمان

- ‌(20) باب الحياء خير كله

- ‌(21) باب الخصلة الجامعة لأمور الإسلام

- ‌(22) باب إطعام الطعام وإفشاء السلام

- ‌(23) باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

- ‌(24) باب ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان

- ‌(25) باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان

- ‌(26) باب من الإيمان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك

- ‌(27) باب النهي عن إيذاء الجار

- ‌(28) باب إكرام الجار والضيف وفضيلة حفظ اللسان

- ‌(29) باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان

- ‌(30) باب ضعف الإيمان بتطاول الأزمان والحاجة إلى الأمر بالمعروف

- ‌(31) باب تفاضل أهل الإيمان

- ‌(32) باب محبة المؤمنين من الإيمان

- ‌(33) باب الدين النصيحة

- ‌(34) باب المبايعة على النصح لكل مسلم

- ‌(35) باب نقصان الإيمان بالمعاصي

- ‌(36) باب خصال المنافق

- ‌(37) باب إيمان من قال للمسلم: يا كافر

- ‌(38) باب إيمان من ادعى لغير أبيه ومن ادعى ما ليس له

- ‌(39) باب إيمان من يسب أخاه ومن يقاتله

- ‌(40) باب الطعن في النسب والنياحة على الميت

- ‌(41) باب إيمان العبد الآبق

- ‌(42) باب إيمان من قال: مطرنا بالنوء

- ‌(43) باب حب الأنصار من الإيمان

- ‌(44) باب حب علي من الإيمان

- ‌(45) باب كفران العشير

- ‌(46) باب سجود ابن آدم يغيظ الشيطان

- ‌(47) باب بين المسلم والكفر ترك الصلاة

- ‌(48) باب أفضل الأعمال: الإيمان - الجهاد - الحج - والعتق مساعدة الصانع والأخرق - الكف عن الشر

- ‌(49) باب أفضل الأعمال الصلاة لوقتها وبر الوالدين

- ‌(50) باب أعظم الذنوب الشرك بالله -ثم قتل الابن -ثم الزنا بحليلة الجار

- ‌(51) باب أكبر الكبائر الإشراك بالله -وعقوق الوالدين- وشهادة الزور

- ‌(52) باب السبع الموبقات

- ‌(53) باب من الكبائر شتم الرجل والديه

- ‌(54) باب تحريم الكبر

- ‌(55) باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار

- ‌(56) باب تحريم قتل الكافر بعد قوله: لا إله إلا الله

- ‌(57) باب قتل أسامة لمن قال: لا إله إلا الله

- ‌(58) باب من حمل علينا السلاح فليس منا

- ‌(59) باب من غشنا فليس منا

- ‌(60) باب ليس منا من ضرب الخدود

- ‌(61) باب تحريم النميمة

- ‌(62) باب تحريم إسبال الإزار، والمن بالعطية وترويج السلعة بالحلف

- ‌(63) باب الشيخ الزاني، والملك الكذاب ومانع فضل الماء، والمبايع لدنيا

- ‌(64) باب تحريم قتل الإنسان نفسه

- ‌(65) باب من حلف بملة غير الإسلام

- ‌(66) باب لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر

- ‌(67) باب تحريم الجنة على قاتل نفسه

- ‌(68) باب تحريم الغلول

- ‌(69) باب قاتل النفس لا يكفر

- ‌(70) باب الريح التي تكون قرب القيامة

- ‌(71) باب الحث على المبادرة بالأعمال

- ‌(72) باب خوف المؤمن أن يحبط عمله

- ‌(73) باب هل يؤاخذ بما عمل في الجاهلية

- ‌(74) باب الإسلام يهدم ما قبله، وكذا الحج والعمرة (وفاة عمرو بن العاص)

- ‌(75) باب حكم العمل الصالح قبل الإسلام

- ‌(76) باب صدق الإيمان وإخلاصه

- ‌(77) باب تجاوز الله عن حديث النفس

- ‌(78) باب حكم الهم بالحسنة والهم بالسيئة

- ‌(79) باب الوسوسة في الإيمان

- ‌(80) باب من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة

- ‌(81) باب من قتل دون ماله فهو شهيد

- ‌(82) باب الوالي الغاش لرعيته

- ‌(83) باب رفع الأمانة

- ‌(84) باب الفتن التي تموج موج البحر

- ‌(85) باب بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا

- ‌(86) باب ذهاب الإيمان آخر الزمان

- ‌(87) باب الاستسرار بالإيمان للخائف

- ‌(88) باب تأليف ضعيف الإيمان

- ‌(89) باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة

- ‌(90) باب القرآن المعجزة الكبرى والرسول صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء تابعا

- ‌(91) عموم رسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌(92) باب أجر الكتابي إذا أسلم: ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين

- ‌(93) باب نزول عيسى ابن مريم حاكما

- ‌(94) باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان

- ‌(95) باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(96) باب فترة الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(97) باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه

- ‌(98) باب رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربه ليلة الإسراء والمعراج

- ‌(99) باب رؤية الله تعالى في الدنيا

- ‌(100) باب رؤية المؤمنين لربهم في الجنة

الفصل: ‌(76) باب صدق الإيمان وإخلاصه

(76) باب صدق الإيمان وإخلاصه

211 -

عن عبد الله رضي الله عنه قال: لما نزلت: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} [الأنعام: 82] شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ليس هو كما تظنون. إنما هو كما قال لقمان لابنه: {يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان: 13] ".

ثم سمعته منه.

-[المعنى العام]-

ما أصدق إيمان الصحابة رضي الله عنهم، وما أشد خوفهم من الله، وما أعظم حرصهم على الهداية والأمن من عذاب الله، وما أحرصهم على تفهم كتاب الله، وما أدق فهمهم لآياته وتدبرهم لمعانيه، ومحاسبة أنفسهم على أصوله وموازينه.

كل ذلك يتجلى في موقفهم حين نزل قوله تعالى من سورة الأنعام: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}

هم يفهمون الظلم، أنه وضع الشيء في غير محله، ويعترفون بأنهم كثيرا ما وقعوا فيه، فمن لم يظلم منهم الناس ظلم نفسه، والآية الكريمة تجعل الأمن والهداية لمن لم يلبس إيمانه بظلم، ولا أحد منهم لم يلبس إيمانه بظلم، فلا أحد منهم إذن يكون له الأمن وتكون له الهداية.

لقد انزعجوا لهذه الآية وارتاعوا، وأسرعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقولون: يا رسول الله، أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟ أينا لم يظلم نفسه؟ لقد خبنا وخسرنا ووقعنا في الهلاك المبين، ونزل قول الله تعالى:{وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان: 13] فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المعنى كما فهمتم وليس الأمر كما تظنون، وإنما المراد من الظلم الشرك، فهو من قبيل ما قاله لقمان لابنه وهو يعظه {إن الشرك لظلم عظيم} فمعنى الآية: الذين آمنوا ولم يدخلوا

ص: 408

على إيمانهم شركا وردة، والذين آمنوا إيمانا صادقا لم يشبه نفاق وكفر باطني أولئك لهم الأمن من عذاب الله في الآخرة. وأولئك هم الذين يهديهم الله إلى طريق الجنة، بعد أن هداهم في الدنيا إلى الطريق المستقيم.

فطابت نفوس الصحابة بهذا التفسير، وهدأ روعهم بهذا البيان، وتسابقوا في الخيرات، وفي البعد عن المنكرات، يحدوهم الرجاء في عفو الله ويدفعهم الأمل في جنته ورضوانه.

-[المباحث العربية]-

(لما نزلت {الذين آمنوا})"الذين آمنوا" إلى آخر الآية مقصود لفظها فاعل "نزلت".

(ولم يلبسوا) أي لم يخلطوا، تقول: لبست الأمر بتخفيف الباء المفتوحة، ألبسه بكسرها أي خلطته، ولبست الثوب بالكسر ألبس بالفتح. وألبست هذا بذاك، ألبسه بضم الهمزة أي خلطته، وخلط الإيمان بالشرك لا يتصور، فالمراد أنهم لم تحصل لهم الصفتان، كفر متأخر عن إيمان متقدم أي لم يرتدوا، ويحتمل أن يراد أنهم لم يجمعوا بينهما ظاهرا وباطنا، أي لم ينافقوا.

(بظلم) الظلم في اللغة: وضع الشيء في غير محله، وفي الشرع: وضع الأمور الشرعية في غير محلها، أي مخالفة الشرع، وتتفاوت مراتبه، تبدأ بالمخالفة الصغيرة وتنتهي بالشرك. وقد فهم الصحابة أن التنوين في "بظلم" للتنكير، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم، فيشمل إدخال أي ظلم على الإيمان، صغر هذا الظلم أو كبر. لكن قال الخطابي: كان الشرك عند الصحابة أكبر من أن يلقب بالظلم، فحملوا الظلم في الآية على ما عداه من المعاصي. اهـ قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر، والذي يظهر لي أنهم حملوا الظلم على عموم الشرك فما دونه.

وقال المحققون: إن دخل على النكرة في سياق النفي ما يؤكد العموم ويقويه، نحو "من" في قولك: ما جاءني من رجل، أفاد تخصيص العموم، وإلا فالعموم مستفاد بحسب الظاهر، كما فهمه الصحابة من هذه الآية، وبين لهم صلى الله عليه وسلم أن ظاهرها غير مراد، بل هو من العام الذي أريد به خاص، فالمراد بالظلم أعلى أنواعه وهو الشرك.

(أولئك لهم الأمن) ليس في هذا التعبير قصر، فلا يلزم منه أن من ألبس إيمانه بظلم لا يكون آمنا، وكل ما يقتضيه أن من لم يوجد منه الظلم يكون آمنا، لكن الصحابة أخذوا بمفهوم الصفة، أو فهموا القصر والاختصاص من تقديم الجار والمجرور في "لهم الأمن" أي لهم الأمن لا لغيرهم.

(أينا لا يظلم نفسه) الاستفهام إنكاري بمعنى النفي، أي ليس منا من لا يظلم نفسه.

(ليس هو كما تظنون) ضمير "هو" للحال والشأن، أو ليس المعنى كما تظنون.

(إنما هو كما قال لقمان لابنه)"لقمان" قيل كان حبشيا وقيل كان نوبيا والجمهور على أنه كان حكيما ولم يكن نبيا، وكان في زمن داود عليه السلام.

ص: 409

{إن الشرك لظلم عظيم} لا يلزم منه أن غير الشرك لا يكون ظلما، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم باستدلاله بالآية أفاد أن التنوين في قوله "بظلم" للتعظيم، فالتقدير: ولم يلبسوا إيمانهم بظلم عظيم. أي بشرك، وقد ورد ذلك صريحا في رواية البخاري، ولفظه "قلنا يا رسول الله، أينا لم يظلم نفسه؟ قال: ليس كما تقولون، لم يلبسوا إيمانهم بظلم بشرك، أو لم تسمعوا إلى قول لقمان"؟

-[فقه الحديث]-

قال النووي: وقع في صحيح البخاري: لما نزلت الآية قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أينا لم يظلم نفسه، فأنزل الله تعالى {إن الشرك لظلم عظيم} فهاتان الروايتان إحداهما تبين الأخرى، فيكون لما شق عليهم أنزل الله تعالى {إن الشرك لظلم عظيم} وأعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن الظلم المطلق هناك المراد به هذا المقيد، وهو الشرك فعلمهم صلى الله عليه وسلم ما علمه ربه، اهـ بتصرف. ومعنى هذا أن سؤال الصحابة سبب في نزول آية لقمان، لكن يعكر عليه ما رواه البخاري من طريق أخرى "أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟ فقال: ليس بذلك، ألا تسمعون إلى قول لقمان؟ " وفي رواية" ليس كما تظنون، إنما هو الشرك، ألم تسمعوا إلى ما قال لقمان؟ " إذ معنى هذا أن الآية التي في لقمان كانت معلومة عندهم، ولذلك نبههم عليها.

قال الحافظ ابن حجر في رفع هذا الإشكال: يحتمل أن يكون نزولها وقع في الحال، فتلاها عليهم، ثم نبههم، فتلتئم الروايتان.

-[ويؤخذ من الحديث]-

1 -

أن الظلم درجات متفاوتة.

2 -

الحمل على العموم حتى يرد دليل الخصوص.

3 -

أن النكرة في سياق النفي تعم، وهذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليهم، ولم يخطئهم في فهمهم، وإنما بين لهم أن هذا العموم المستفاد من اللفظ مراد به خاص.

4 -

أن الخاص يقضي على العام، والمبين يقضي على المجمل.

5 -

أن اللفظ يحمل على خلاف ظاهره لمصلحة دفع التعارض.

6 -

استنبط منه المازري جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ونازعه القاضي عياض، فقال: ليس في هذه القصة تكليف عمل، بل تكليف اعتقاد بتصديق الخبر، واعتقاد التصديق لازم لأول وروده، فما هي الحاجة؟ وقال الحافظ ابن حجر: والحق أن في القصة تأخير البيان عن وقت الخطاب، لأنهم حيث احتاجوا إليه لم يتأخر.

7 -

وفيه أن المعاصي لا تسمى شركا.

8 -

وأن من لم يشرك بالله شيئا فله الأمن وهو مهتد، فإن قيل: فالعاصي قد يعذب، فما هو الأمن والاهتداء الذي حصل له؟ فالجواب أنه آمن من التخليد في النار، مهتد إلى طريق الجنة.

ص: 410