الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(19) باب الحياء من الإيمان
59 -
عن سالم، عن أبيه، سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يعظ أخاه في الحياء فقال "الحياء من الإيمان".
60 -
وعن الزهري بهذا الإسناد. وقال: مر برجل من الأنصار يعظ أخاه.
-[المعنى العام]-
في بعض طرق المدينة، مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أخوين من الأنصار.
يعاتب أحدهما أخاه على تهاونه في استيفاء حقه، وينصحه أن يخفف من حيائه، وأن يتخلق بشيء من الحزم والشدة في مواجهة خصومه، ويعظه ويبين له أضرار فرط الحياء خصوصا أمام من لا يستحي ولا يقدر أهل الاستحياء.
وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم كلام الناصح، ورأى استحياء أخيه وسكوته، وإطراقه، وغض طرفه واحمرار وجهه.
إنه صلى الله عليه وسلم يعلم إيمان الموعوظ، ويعلم الكثير من صفاته الحميدة، ويعلم أن دوافع انقباضه عن أخذ حقه هي الخشية من ارتكاب القبيح الذي يكرهه، ليس جبنا، ولا خورا، ولا ضعفا ولا استكانة، ولا ذلة.
فوجه صلى الله عليه وسلم لومه للائم، وعتبه للمعاتب، ونصحه للناصح وزجره للزاجر، فقال له: دع أخاك على خلقه الحميد، وصفته الطيبة وخصلته الشرعية، فإن مثل هذا الحياء أثر من آثار الإيمان، ولئن منع من استيفاء حق من حقوق الدنيا فإنه يحصل على ما هو خير منه، ويحقق أجرين: أجر الصبر على جهل الجاهل، وافتراء المفتري، وأجر الحق الذي لا يضيع عند أحكم الحاكمين.
-[المباحث العربية]-
(عن سالم عن أبيه سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا) تقدير الكلام: روي عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر أنه قال: سمع النبي رجلا، فجملة "سمع النبي رجلا" مقول لقول محذوف.
وقد وصف الرجل في الرواية الثانية بأنه من الأنصار، ولم يقف الحفاظ على اسم الرجل، ولا على اسم أخيه.
(يعظ أخاه في الحياء) أي ينصح، أو يخوف، أو يذكر، وجاء في رواية للبخاري في الأدب "يعاتب أخاه في الحياء" يقول "إنك لتستحي حتى كأنه يقول: قد أضربك".
والعتب لوم على الماضي، والنصح والوعظ والتذكير تنبيه على خير المستقبل، ودعوة إليه، قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن يكون قد جمع له العتاب والوعظ، فذكر بعض الرواة ما لم يذكره الآخر، ولكن المخرج متحد.
والظاهر أن الأخ أخ من النسب، لأنه الأصل عند الإطلاق، ولا قرينة تمنعه و"في" سببية، أي يعظ أخاه بسبب كثرة حيائه، التي أدت إلى ضياع حقوقه.
(الحياء من الإيمان) أي أثر من آثاره، أو شعبة من شعبه، كما مر في الحديث السابق، وهذه الجملة علة لنهي الواعظ، ومنعه من استمرار عتبه، وقد ورد التصريح بالردع والعلية في رواية البخاري، حيث جاء فيها "دعه فإن الحياء من الإيمان".
(مر برجل)"مر" بمعنى اجتاز ويقال: مر به، ومر عليه.
(من الأنصار) متعلق بمحذوف صفة لرجل، و"ال" في "الأنصار" للعهد، أي أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم
-[فقه الحديث]-
يعلم مما مر في الحديث السابق، ومما سيأتي في الحديث اللاحق.
والله أعلم.