المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(87) باب الاستسرار بالإيمان للخائف - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ١

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌كتاب الإيمان

- ‌(1) باب الإيمان بالقدر

- ‌(2) باب أمور الإسلام

- ‌(3) باب سؤال ضمام عن أركان الإسلام

- ‌(4) باب ما يقرب من الجنة وما يباعد من النار

- ‌(5) باب إحلال الحلال وتحريم الحرام يدخل الجنة

- ‌(6) باب بيان أركان الإسلام ودعائمه

- ‌(7) باب وفد عبد القيس وأمور الإسلام

- ‌(8) باب بعث معاذ إلى اليمن

- ‌(9) باب قتال أهل الردة ومانعي الزكاة

- ‌(10) باب وفاة أبي طالب، وما نزل بشأنه

- ‌(11) باب من مات على التوحيد دخل الجنة

- ‌(12) باب زيادة فضلة الطعام ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(13) باب من شهد أن لا إله إلا الله حرم الله عليه النار

- ‌(14) باب حق الله على العباد وحق العباد على الله

- ‌(15) باب التبشير بالجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله

- ‌(16) باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عتبان

- ‌(17) باب طعم الإيمان

- ‌(18) باب الحياء شعبة من الإيمان

- ‌(19) باب الحياء من الإيمان

- ‌(20) باب الحياء خير كله

- ‌(21) باب الخصلة الجامعة لأمور الإسلام

- ‌(22) باب إطعام الطعام وإفشاء السلام

- ‌(23) باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

- ‌(24) باب ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان

- ‌(25) باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان

- ‌(26) باب من الإيمان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك

- ‌(27) باب النهي عن إيذاء الجار

- ‌(28) باب إكرام الجار والضيف وفضيلة حفظ اللسان

- ‌(29) باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان

- ‌(30) باب ضعف الإيمان بتطاول الأزمان والحاجة إلى الأمر بالمعروف

- ‌(31) باب تفاضل أهل الإيمان

- ‌(32) باب محبة المؤمنين من الإيمان

- ‌(33) باب الدين النصيحة

- ‌(34) باب المبايعة على النصح لكل مسلم

- ‌(35) باب نقصان الإيمان بالمعاصي

- ‌(36) باب خصال المنافق

- ‌(37) باب إيمان من قال للمسلم: يا كافر

- ‌(38) باب إيمان من ادعى لغير أبيه ومن ادعى ما ليس له

- ‌(39) باب إيمان من يسب أخاه ومن يقاتله

- ‌(40) باب الطعن في النسب والنياحة على الميت

- ‌(41) باب إيمان العبد الآبق

- ‌(42) باب إيمان من قال: مطرنا بالنوء

- ‌(43) باب حب الأنصار من الإيمان

- ‌(44) باب حب علي من الإيمان

- ‌(45) باب كفران العشير

- ‌(46) باب سجود ابن آدم يغيظ الشيطان

- ‌(47) باب بين المسلم والكفر ترك الصلاة

- ‌(48) باب أفضل الأعمال: الإيمان - الجهاد - الحج - والعتق مساعدة الصانع والأخرق - الكف عن الشر

- ‌(49) باب أفضل الأعمال الصلاة لوقتها وبر الوالدين

- ‌(50) باب أعظم الذنوب الشرك بالله -ثم قتل الابن -ثم الزنا بحليلة الجار

- ‌(51) باب أكبر الكبائر الإشراك بالله -وعقوق الوالدين- وشهادة الزور

- ‌(52) باب السبع الموبقات

- ‌(53) باب من الكبائر شتم الرجل والديه

- ‌(54) باب تحريم الكبر

- ‌(55) باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار

- ‌(56) باب تحريم قتل الكافر بعد قوله: لا إله إلا الله

- ‌(57) باب قتل أسامة لمن قال: لا إله إلا الله

- ‌(58) باب من حمل علينا السلاح فليس منا

- ‌(59) باب من غشنا فليس منا

- ‌(60) باب ليس منا من ضرب الخدود

- ‌(61) باب تحريم النميمة

- ‌(62) باب تحريم إسبال الإزار، والمن بالعطية وترويج السلعة بالحلف

- ‌(63) باب الشيخ الزاني، والملك الكذاب ومانع فضل الماء، والمبايع لدنيا

- ‌(64) باب تحريم قتل الإنسان نفسه

- ‌(65) باب من حلف بملة غير الإسلام

- ‌(66) باب لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر

- ‌(67) باب تحريم الجنة على قاتل نفسه

- ‌(68) باب تحريم الغلول

- ‌(69) باب قاتل النفس لا يكفر

- ‌(70) باب الريح التي تكون قرب القيامة

- ‌(71) باب الحث على المبادرة بالأعمال

- ‌(72) باب خوف المؤمن أن يحبط عمله

- ‌(73) باب هل يؤاخذ بما عمل في الجاهلية

- ‌(74) باب الإسلام يهدم ما قبله، وكذا الحج والعمرة (وفاة عمرو بن العاص)

- ‌(75) باب حكم العمل الصالح قبل الإسلام

- ‌(76) باب صدق الإيمان وإخلاصه

- ‌(77) باب تجاوز الله عن حديث النفس

- ‌(78) باب حكم الهم بالحسنة والهم بالسيئة

- ‌(79) باب الوسوسة في الإيمان

- ‌(80) باب من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة

- ‌(81) باب من قتل دون ماله فهو شهيد

- ‌(82) باب الوالي الغاش لرعيته

- ‌(83) باب رفع الأمانة

- ‌(84) باب الفتن التي تموج موج البحر

- ‌(85) باب بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا

- ‌(86) باب ذهاب الإيمان آخر الزمان

- ‌(87) باب الاستسرار بالإيمان للخائف

- ‌(88) باب تأليف ضعيف الإيمان

- ‌(89) باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة

- ‌(90) باب القرآن المعجزة الكبرى والرسول صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء تابعا

- ‌(91) عموم رسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌(92) باب أجر الكتابي إذا أسلم: ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين

- ‌(93) باب نزول عيسى ابن مريم حاكما

- ‌(94) باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان

- ‌(95) باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(96) باب فترة الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(97) باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه

- ‌(98) باب رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربه ليلة الإسراء والمعراج

- ‌(99) باب رؤية الله تعالى في الدنيا

- ‌(100) باب رؤية المؤمنين لربهم في الجنة

الفصل: ‌(87) باب الاستسرار بالإيمان للخائف

(87) باب الاستسرار بالإيمان للخائف

253 -

عن حذيفة رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أحصوا لي كم يلفظ الإسلام" قال، فقلنا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أتخاف علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة؟ قال: "إنكم لا تدرون لعلكم أن تبتلوا" قال: فابتلينا. حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سرا.

-[المعنى العام]-

عند الاستعداد لإحدى الغزوات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: اكتبوا لي وأحصوا عدد المسلمين، فأحصوا له فكان المسلمون بين ستمائة وسبعمائة رجل، وشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزهو والإعجاب من الصحابة لكثرة عددهم، فأظهر لهم الخوف عليهم، والشفقة عليهم. فقالوا: أتخاف علينا يا رسول الله وقد كثر عددنا؟ وقويت شوكتنا؟ وقد نصرنا الله ونحن في قلة وضعف؟ فبين لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الكثرة قد لا تغني عند البلاء، وأنهم سيمتحنون امتحانًا تنهار أمامه قوتهم، وتصير عنده هباء كثرتهم.

فوقع لهم ما أخبرهم به صلى الله عليه وسلم، وابتلوا بالفتن التي تموج موج البحر، وامتحنوا في دينهم حتى كان الرجل يخفي صلاته عن الآخرين ويصلي سرا خوفا وفرقا.

لقد نبههم صلى الله عليه وسلم ليأخذوا حذرهم، وأخبرهم بما خافه شفقة عليهم، وصدق الله العظيم حيث قال فيه:{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} [التوبة: 128] صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

-[المباحث العربية]-

(أحصوا لي) معناه عدوا، وقد جاء في رواية البخاري "اكتبوا لي".

(كم يلفظ الإسلام) معناه كم عدد من يتلفظ بكلمة الإسلام؟ و"كم" استفهامية ومفسرها محذوف، وتقديره: كم شخصا، و"يلفظ" فعل لازم، ونصب "الإسلام" على نزع الخافض، والأصل يلفظ بالإسلام، والجملة في محل النصب مفعول "أحصوا". وفي بعض الأصول "تلفظ" بالتاء بدل

ص: 471

الياء، وبالفعل الماضي بدل المضارع، وفي رواية للبخاري:"اكتبوا من يلفظ بالإسلام"(من) مفعول (اكتبوا) وفي رواية النسائي: "أحصوا لي من كان يلفظ بالإسلام" وفي رواية: "أحصوا كل من تلفظ بالإسلام"

(أتخاف علينا) استفهام تعجب. وفي رواية بحذف الهمزة مع إرادة الاستفهام أيضا.

(ونحن ما بين الستمائة والسبعمائة) الجملة في محل النصب على الحال من ضمير "علينا" ولفظا "الستمائة والسبعمائة" وقعا بالألف واللام فيهما في رواية مسلم، مع أن الألف واللام تحذف من المضاف في الإضافة المحضة، كما هنا، وفي توجيهه قيل. إن لفظ "مائة" في الموضعين منصوب على التمييز على قول بعض النحاة، وقيل: إن "مائة" مجرورة بالإضافة والألف واللام زائدتان فلا اعتداد بدخولهما. ووقع في غير مسلم "ستمائة إلى سبعمائة" بدون أل، ولا إشكال فيه.

(لعلكم أن تبتلوا)"لعل" للاستفهام على رأي الكوفيين، وعلق بها الفعل "تدرون" فجملتها في محل النصب مفعول "تدرون" ويفهم من معناها هنا الإشفاق.

(قال: فابتلينا) أي قال حذيفة الراوي: فوقع لنا الابتلاء.

-[فقه الحديث]-

تضاربت روايات هذا الحديث في عدد الصحابة تضاربا بينا مع اتحاد المخرج، ففي البخاري:"فقلنا: تخاف ونحن ألف وخمسمائة؟ " وفي رواية له "فوجدناهم خمسمائة". قال النووي: قد يقال: وجه الجمع بين هذه الألفاظ أن يكون قولهم "ألف وخمسمائة" المراد به النساء والصبيان والرجال، ويكون المراد من قولهم "ما بين ستمائة إلى سبعمائة" الرجال خاصة، ويكون المراد برواية "خمسمائة" المقاتلين. ثم قال النووي: وهذا الجواب باطل برواية البخاري في آخر كتاب السير في "باب كتابة الإمام الناس" قال فيها: "فكتبنا له ألفا وخمسمائة رجل" والجواب الصحيح - إن شاء الله تعالى - أن يقال: لعلهم أرادوا بقولهم "ما بين الستمائة إلى السبعمائة" رجال المدينة خاصة، وبقولهم:"فكتبنا له ألفا وخمسمائة" هم من المسلمين حولهم. اهـ.

وقد سلك الداودي الشارح طريقا آخر للجمع فقال: لعلهم كتبوا مرات في مواطن. اهـ.

وكان الحافظ ابن حجر قد توقف عن الجمع، ولم يرتض ما ذكر، إذ قال: ويخدش في وجوه هذه الاحتمالات كلها اتحاد مخرج الحديث. اهـ.

والمحقق يرى أن اتحاد المخرج لا يمنع التعدد، فقد يكون حذيفة من الذين حضروا الكتابة مرات، فحدث بما حدث في كل مرة، وقد يكون قد سمع البعض يقول: ألف وخمسمائة، قاصدا ما قصده، والبعض يقول: خمسمائة قاصدا ما قصد، والبعض يقول: ما بين الستمائة والسبعمائة، قاصدا ما قصد، فحدث بما سمع. والله أعلم.

ص: 472

أما متى وقع ذلك؟ فقد قال الحافظ ابن حجر: كأن ذلك وقع عند ترقب ما يخاف منه، ولعله كان عند خروجهم إلى أحد أو غيرها، ثم رأيت في شرح ابن التين الجزم بأن ذلك كان عند حفر الخندق، وحكى الداودي احتمال أن ذلك وقع لما كانوا بالحديبية لأنه قد اختلف في عددهم هل كانوا ألفا وخمسمائة؟ أو ألفا وأربعمائة؟ أو غير ذلك؟

وأما متى كان هذا الابتلاء؟ وما سببه؟ فقد قيل: لعله كان حين أتم عثمان الصلاة في السفر، وكان بعضهم يقصر سرا وحده خشية الإنكار عليه، وقيل: كان أيام قتل عثمان ورده الحافظ ابن حجر: بأن حذيفة لم يحضر ذلك، وقيل: يشبه أن يكون أشار بذلك إلى ما وقع في أواخر خلافة عثمان، من ولاية بعض أمراء الكوفة، كالوليد بن عقبة، حيث كان يؤخر الصلاة، أو لا يقيمها على وجهها، وكان بعض الورعين يصلي وحده سرا، ثم يصلي معه، خشية من وقوع الفتنة.

وقال النووي: لعله كان في بعض الفتن التي جرت بعد النبي صلى الله عليه وسلم فكان بعضهم يخفي نفسه ويصلي سرا، مخافة من الظهور والمشاركة في الدخول في الفتنة والحروب. والله أعلم.

-[ويؤخذ من الحديث]-

1 -

جواز الاستسرار بالإيمان والأعمال الصالحة للخائف.

2 -

مشروعية كتابة دواوين الجيوش، وقد يتعين ذلك عند الاحتياج إلى تمييز من يصلح للمقاتلة ممن لا يصلح.

3 -

وفيه وقوع العقوبة على الإعجاب بالكثرة. وهو نحو قوله تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا} [التوبة: 25] قاله الحافظ ابن حجر.

وقال ابن المنير: موضع الترجمة من الفقه ألا يتخيل أن كتابة الجيش وإحصاء عدده يكون ذريعة لارتفاع البركة، بل الكتابة المأمور بها لمصلحة دينية، والمؤاخذة التي وقعت في حنين كانت من جهة الإعجاب.

4 -

وفيه علم من أعلام النبوة، إذ أخبر صلى الله عليه وسلم بما سيقع فوقع كما أخبر به، قال الحافظ ابن حجر: بل وقع أشد من ذلك بعد حذيفة في زمن الحجاج وغيره.

والله أعلم

ص: 473