المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(25) باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ١

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌كتاب الإيمان

- ‌(1) باب الإيمان بالقدر

- ‌(2) باب أمور الإسلام

- ‌(3) باب سؤال ضمام عن أركان الإسلام

- ‌(4) باب ما يقرب من الجنة وما يباعد من النار

- ‌(5) باب إحلال الحلال وتحريم الحرام يدخل الجنة

- ‌(6) باب بيان أركان الإسلام ودعائمه

- ‌(7) باب وفد عبد القيس وأمور الإسلام

- ‌(8) باب بعث معاذ إلى اليمن

- ‌(9) باب قتال أهل الردة ومانعي الزكاة

- ‌(10) باب وفاة أبي طالب، وما نزل بشأنه

- ‌(11) باب من مات على التوحيد دخل الجنة

- ‌(12) باب زيادة فضلة الطعام ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(13) باب من شهد أن لا إله إلا الله حرم الله عليه النار

- ‌(14) باب حق الله على العباد وحق العباد على الله

- ‌(15) باب التبشير بالجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله

- ‌(16) باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عتبان

- ‌(17) باب طعم الإيمان

- ‌(18) باب الحياء شعبة من الإيمان

- ‌(19) باب الحياء من الإيمان

- ‌(20) باب الحياء خير كله

- ‌(21) باب الخصلة الجامعة لأمور الإسلام

- ‌(22) باب إطعام الطعام وإفشاء السلام

- ‌(23) باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

- ‌(24) باب ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان

- ‌(25) باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان

- ‌(26) باب من الإيمان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك

- ‌(27) باب النهي عن إيذاء الجار

- ‌(28) باب إكرام الجار والضيف وفضيلة حفظ اللسان

- ‌(29) باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان

- ‌(30) باب ضعف الإيمان بتطاول الأزمان والحاجة إلى الأمر بالمعروف

- ‌(31) باب تفاضل أهل الإيمان

- ‌(32) باب محبة المؤمنين من الإيمان

- ‌(33) باب الدين النصيحة

- ‌(34) باب المبايعة على النصح لكل مسلم

- ‌(35) باب نقصان الإيمان بالمعاصي

- ‌(36) باب خصال المنافق

- ‌(37) باب إيمان من قال للمسلم: يا كافر

- ‌(38) باب إيمان من ادعى لغير أبيه ومن ادعى ما ليس له

- ‌(39) باب إيمان من يسب أخاه ومن يقاتله

- ‌(40) باب الطعن في النسب والنياحة على الميت

- ‌(41) باب إيمان العبد الآبق

- ‌(42) باب إيمان من قال: مطرنا بالنوء

- ‌(43) باب حب الأنصار من الإيمان

- ‌(44) باب حب علي من الإيمان

- ‌(45) باب كفران العشير

- ‌(46) باب سجود ابن آدم يغيظ الشيطان

- ‌(47) باب بين المسلم والكفر ترك الصلاة

- ‌(48) باب أفضل الأعمال: الإيمان - الجهاد - الحج - والعتق مساعدة الصانع والأخرق - الكف عن الشر

- ‌(49) باب أفضل الأعمال الصلاة لوقتها وبر الوالدين

- ‌(50) باب أعظم الذنوب الشرك بالله -ثم قتل الابن -ثم الزنا بحليلة الجار

- ‌(51) باب أكبر الكبائر الإشراك بالله -وعقوق الوالدين- وشهادة الزور

- ‌(52) باب السبع الموبقات

- ‌(53) باب من الكبائر شتم الرجل والديه

- ‌(54) باب تحريم الكبر

- ‌(55) باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار

- ‌(56) باب تحريم قتل الكافر بعد قوله: لا إله إلا الله

- ‌(57) باب قتل أسامة لمن قال: لا إله إلا الله

- ‌(58) باب من حمل علينا السلاح فليس منا

- ‌(59) باب من غشنا فليس منا

- ‌(60) باب ليس منا من ضرب الخدود

- ‌(61) باب تحريم النميمة

- ‌(62) باب تحريم إسبال الإزار، والمن بالعطية وترويج السلعة بالحلف

- ‌(63) باب الشيخ الزاني، والملك الكذاب ومانع فضل الماء، والمبايع لدنيا

- ‌(64) باب تحريم قتل الإنسان نفسه

- ‌(65) باب من حلف بملة غير الإسلام

- ‌(66) باب لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر

- ‌(67) باب تحريم الجنة على قاتل نفسه

- ‌(68) باب تحريم الغلول

- ‌(69) باب قاتل النفس لا يكفر

- ‌(70) باب الريح التي تكون قرب القيامة

- ‌(71) باب الحث على المبادرة بالأعمال

- ‌(72) باب خوف المؤمن أن يحبط عمله

- ‌(73) باب هل يؤاخذ بما عمل في الجاهلية

- ‌(74) باب الإسلام يهدم ما قبله، وكذا الحج والعمرة (وفاة عمرو بن العاص)

- ‌(75) باب حكم العمل الصالح قبل الإسلام

- ‌(76) باب صدق الإيمان وإخلاصه

- ‌(77) باب تجاوز الله عن حديث النفس

- ‌(78) باب حكم الهم بالحسنة والهم بالسيئة

- ‌(79) باب الوسوسة في الإيمان

- ‌(80) باب من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة

- ‌(81) باب من قتل دون ماله فهو شهيد

- ‌(82) باب الوالي الغاش لرعيته

- ‌(83) باب رفع الأمانة

- ‌(84) باب الفتن التي تموج موج البحر

- ‌(85) باب بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا

- ‌(86) باب ذهاب الإيمان آخر الزمان

- ‌(87) باب الاستسرار بالإيمان للخائف

- ‌(88) باب تأليف ضعيف الإيمان

- ‌(89) باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة

- ‌(90) باب القرآن المعجزة الكبرى والرسول صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء تابعا

- ‌(91) عموم رسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌(92) باب أجر الكتابي إذا أسلم: ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين

- ‌(93) باب نزول عيسى ابن مريم حاكما

- ‌(94) باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان

- ‌(95) باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(96) باب فترة الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(97) باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه

- ‌(98) باب رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربه ليلة الإسراء والمعراج

- ‌(99) باب رؤية الله تعالى في الدنيا

- ‌(100) باب رؤية المؤمنين لربهم في الجنة

الفصل: ‌(25) باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان

(25) باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان

72 -

عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن عبد"(وفي رواية "لا يؤمن الرجل") حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين".

73 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين".

-[المعنى العام]-

إن حب الشيء يدعو إلى حب الموصل إليه، وإن حب الإيمان وبغض الكفر يستلزم حب المتسبب فيه والداعي إليه، فحب الرسول صلى الله عليه وسلم دليل على حب الإيمان، وبقدر ارتفاع درجة هذا الحب أو انخفاضها ترتفع درجة الإيمان أو تنخفض، فإذا وصل المؤمن إلى أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه من أمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، ومن المال والأهل والأقارب والناس أجمعين، كان كامل الإيمان، وأكمل منه أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه التي بين جنبيه، يبذلها فداء له في حياته، كما قرأنا عن أبي بكر الصديق، وكثير من الصحابة، رضي الله عنهم الذين عرضوا أنفسهم للأخطار حماية لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الكفار.

وإذا كنا في هذه العصور لا نملك الدفاع عن ذات الرسول صلى الله عليه وسلم برهانا على كمال حبه، فإننا نملك الذب عن سنته، وحماية دينه، والدفاع عن شريعته والعمل على طريقته والتمسك بكل ما جاء به وطاعته، فإن نحن فعلنا ذلك كنا محبين على الحقيقة، وإلا كنا مدعين بألسنتنا أمرا لم تواطئه قلوبنا، فالمحب الذي يخذل حبيبه كاذب في حبه، والمحب الذي يعصي حبيبه كاذب في حبه، والمحب غير المكترث بصفات حبيبه كاذب في حبه، والمحب المضيع لهدية حبيبه وذكراه كاذب في حبه، مهما بكى أو تباكى، ومهما أظهر اللوعة والوجد، ومهما تحرق شوقا إلى قبره، ومهما سعى إلى زيارته.

هذا هو ميزان الحب ومقياس الإيمان، فلينظر كل منا موضعه، وليزن نفسه، وليصلح المقصر من شأنه، حتى يكون جديرا بحبه، حريا بشفاعته صلى الله عليه وسلم، جعلنا الله من أحبابه، ومن خدمة سنته، إنه سميع مجيب.

ص: 163

-[المباحث العربية]-

(لا يؤمن عبد) العبد الإنسان، حرا كان أو رقيقا، كذا في القاموس، وقد أطلقه القرآن على الملائكة في قوله {عباد مكرمون} [الأنبياء: 26] فالظاهر أن العبد من شأنه أن يعبد ويخضع ويذل، لكن المراد من العبد في الحديث الإنسان لأن الملك لا ولد له ولا والد ولا أهل.

وفي الرواية الأخرى "لا يؤمن رجل" والرجل خلاف المرأة، ويطلق عليه إذا احتلم وشب، وقيل: هو رجل من ساعة يولد.

وفي الرواية الثانية "لا يؤمن أحدكم" والخطاب فيه للصحابة الحاضرين، وهل يشمل من على شاكلتهم من المعاصرين الغائبين ومن سيوجد بالنص؟ أو ينسحب الحكم عليهم بالقياس؟ خلاف. وهل تدخل المرأة في الحكم؟ الظاهر أنها تدخل بالقياس، لأن النساء شقائق الرجال، وهن مخاطبات بما خوطب به الرجال من أحكام إلا ما خص، وقد جاء في رواية الأصيلي "لا يؤمن أحد" وهي أشمل وأعم.

(حتى أكون أحب إليه من أهله) في القاموس: أهل الرجل: عشيرته وذوو قرباه، وأهل الأمر ولاته، وأهل البيت سكانه، وأهل المذهب من يدين به. اهـ.

فالتعبير بالأهل أعم من التعبير بالولد والوالد في الرواية الثانية، لكن ذكر الولد والوالد أدخل في المعنى لأنهما أعز الأهل عند العاقل، ففي التعبير بهما إبراز لعظم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم.

(وماله) المراد من المال كل ما يتمول ويقدر بقيمة، نقدا كان أو عقارا أو ضياعا، وذكره لمسايرة بعض الطباع التي قد تحب المال حبا جما.

(حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده) في رواية البخاري تقديم الوالد على الولد، ووجهها الحافظ ابن حجر بأن تقديم الوالد للأكثرية، لأن كل أحد له والد من غير عكس، ولأن الوالد متقدم على الولد بالزمان والإجلال.

وتوجه رواية مسلم بأن تقديم الولد تساير الترتيب التنازلي من حيث مزيد المحبة والشفقة، فللولد مزيد شفقة عند الوالد أكثر من شفقة الولد على والده ثم الناس في المرتبة الثالثة، وهل تدخل الأم في لفظ الوالد؟ قيل نعم، لأن المراد بالوالد، من له ولد، والظاهر أنه من قبيل الاكتفاء، أو دخول الأم بطريق القياس.

(والناس أجمعين) من عطف العام على الخاص، وفي رواية "الأهل" وفي رواية "الولد والوالد" وهل تدخل النفس في هذا العموم؟ قال الحافظ ابن حجر: الظاهر دخولها. اهـ.

ويضعف هذا القول أن حب النفس أقوى من حب الولد والوالد في طبائع العقلاء ودخولها في هذا

ص: 164

العموم يجعل حبها في الدرجة الثانية بل الثالثة، يدل على قوة حبها ما رواه البخاري من "أن عمر بن الخطاب قال للنبي صلى الله عليه وسلم: لأنت يا رسول الله أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال: لا. والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنك الآن والله أحب إلي من نفسي".

-[فقه الحديث]-

قلنا في الحديث السابق: إن الحب نوعان: جبلي واختياري، وقلنا إن الشارع لا يكلف الإنسان ولا يطلب منه التحكم في الحب الجبلي، فالمقصود بالحب هنا الحب الاختياري، وقلنا إن للحب أسبابا تغرسه في النفس أو تعمقه فيها، كجمال المنظر وحسن الصوت والخلق أو النفع بوجه ما.

ورسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث هذه الأسباب- أحق الناس بحب المؤمن، ولا شك أن حظ الصحابة من هذه الأسباب أوفى وأتم، وأما غيرهم فيكفي أن يفكروا في أنه صلى الله عليه وسلم هو الذي أخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، إما بالمباشرة وإما بالسبب، وأن يتفكروا في أنه الذي بين لهم طريق البقاء الأبدي في النعيم المقيم، فيعلمون أن انتفاعهم من الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم من جميع وجوه الانتفاعات، والنفع يثير المحبة، فينبغي أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إلى المؤمن من ولده ووالده وماله والناس أجمعين، ونفي الإيمان عمن لا يكون الرسول أحب إليه إنما هو نفي للإيمان الكامل لا لمطلق الإيمان.

لكن ظاهر عبارة القاضي عياض تفيد أنه يرى أن أحبية الرسول صلى الله عليه وسلم شرط في صحة الإيمان، إذ قال رحمه الله: المحبة ثلاثة أقسام: محبة إجلال وإعظام كمحبة الوالد، ومحبة شفقة ورحمة كمحبة الولد، ومحبة مشاكلة واستحسان كمحبة سائر الناس، فجمع صلى الله عليه وسلم أصناف المحبة في محبته، ثم قال: وإذا تبين ما ذكرناه تبين أن حقيقة الإيمان لا تتم إلا بذلك، ولا يصح الإيمان إلا بتحقيق إعلاء قدر النبي صلى الله عليه وسلم ومنزلته على كل والد وولد ومحسن ومتفضل، ومن لم يعتقد هذا واعتقد سواه فليس بمؤمن. اهـ.

ونحن نوافق القاضي عياض في أن إعلاء قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإعظامه شرط في صحة الإيمان، وحقيقة الإيمان لا تتم إلا به، وأن من اعتقد خلاف ذلك فليس بمؤمن.

لكن هناك فرق بين الإعظام والمحبة، ولا تلازم بينهما، إذ قد يعترف الإنسان بالأعظمية، ويذل لها ولا يحبها.

والإيمان مبني على التصديق برسالته صلى الله عليه وسلم، والإسلام مبني على التسليم بما جاء به، والانصياع إليه، أما حبه صلى الله عليه وسلم فبه يزداد الإيمان، وببلوغ حبه أعلى درجات الحب يكمل الإيمان.

وعلامة حصول هذه الدرجة العليا أن يعرض المرء على نفسه، ويخيرها بين أن يملك المال

ص: 165

ويحصل عنده الولد وبين أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم ويجالسه ويصاحبه، فإن اختار الثاني فقد اتصف بالأحبية المذكورة وإلا فلا.

وليس معنى فقدان الأحبية فقدان الحب، فعامة المؤمنين يحبونه صلى الله عليه وسلم وإن تفاوتوا في درجات هذا الحب، بدليل أنهم إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم اشتاقوا إلى رؤيته، بل نجد الكثير من المؤمنين يؤثر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ورؤية مواضع آثاره على ماله وجوار أولاده، فيفارقها فراق مودع، ويتوجه إلى المدينة توجه المشتاق المتلهف.

والله أعلم

ص: 166