المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(26) باب من الإيمان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ١

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌كتاب الإيمان

- ‌(1) باب الإيمان بالقدر

- ‌(2) باب أمور الإسلام

- ‌(3) باب سؤال ضمام عن أركان الإسلام

- ‌(4) باب ما يقرب من الجنة وما يباعد من النار

- ‌(5) باب إحلال الحلال وتحريم الحرام يدخل الجنة

- ‌(6) باب بيان أركان الإسلام ودعائمه

- ‌(7) باب وفد عبد القيس وأمور الإسلام

- ‌(8) باب بعث معاذ إلى اليمن

- ‌(9) باب قتال أهل الردة ومانعي الزكاة

- ‌(10) باب وفاة أبي طالب، وما نزل بشأنه

- ‌(11) باب من مات على التوحيد دخل الجنة

- ‌(12) باب زيادة فضلة الطعام ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(13) باب من شهد أن لا إله إلا الله حرم الله عليه النار

- ‌(14) باب حق الله على العباد وحق العباد على الله

- ‌(15) باب التبشير بالجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله

- ‌(16) باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عتبان

- ‌(17) باب طعم الإيمان

- ‌(18) باب الحياء شعبة من الإيمان

- ‌(19) باب الحياء من الإيمان

- ‌(20) باب الحياء خير كله

- ‌(21) باب الخصلة الجامعة لأمور الإسلام

- ‌(22) باب إطعام الطعام وإفشاء السلام

- ‌(23) باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

- ‌(24) باب ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان

- ‌(25) باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان

- ‌(26) باب من الإيمان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك

- ‌(27) باب النهي عن إيذاء الجار

- ‌(28) باب إكرام الجار والضيف وفضيلة حفظ اللسان

- ‌(29) باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان

- ‌(30) باب ضعف الإيمان بتطاول الأزمان والحاجة إلى الأمر بالمعروف

- ‌(31) باب تفاضل أهل الإيمان

- ‌(32) باب محبة المؤمنين من الإيمان

- ‌(33) باب الدين النصيحة

- ‌(34) باب المبايعة على النصح لكل مسلم

- ‌(35) باب نقصان الإيمان بالمعاصي

- ‌(36) باب خصال المنافق

- ‌(37) باب إيمان من قال للمسلم: يا كافر

- ‌(38) باب إيمان من ادعى لغير أبيه ومن ادعى ما ليس له

- ‌(39) باب إيمان من يسب أخاه ومن يقاتله

- ‌(40) باب الطعن في النسب والنياحة على الميت

- ‌(41) باب إيمان العبد الآبق

- ‌(42) باب إيمان من قال: مطرنا بالنوء

- ‌(43) باب حب الأنصار من الإيمان

- ‌(44) باب حب علي من الإيمان

- ‌(45) باب كفران العشير

- ‌(46) باب سجود ابن آدم يغيظ الشيطان

- ‌(47) باب بين المسلم والكفر ترك الصلاة

- ‌(48) باب أفضل الأعمال: الإيمان - الجهاد - الحج - والعتق مساعدة الصانع والأخرق - الكف عن الشر

- ‌(49) باب أفضل الأعمال الصلاة لوقتها وبر الوالدين

- ‌(50) باب أعظم الذنوب الشرك بالله -ثم قتل الابن -ثم الزنا بحليلة الجار

- ‌(51) باب أكبر الكبائر الإشراك بالله -وعقوق الوالدين- وشهادة الزور

- ‌(52) باب السبع الموبقات

- ‌(53) باب من الكبائر شتم الرجل والديه

- ‌(54) باب تحريم الكبر

- ‌(55) باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار

- ‌(56) باب تحريم قتل الكافر بعد قوله: لا إله إلا الله

- ‌(57) باب قتل أسامة لمن قال: لا إله إلا الله

- ‌(58) باب من حمل علينا السلاح فليس منا

- ‌(59) باب من غشنا فليس منا

- ‌(60) باب ليس منا من ضرب الخدود

- ‌(61) باب تحريم النميمة

- ‌(62) باب تحريم إسبال الإزار، والمن بالعطية وترويج السلعة بالحلف

- ‌(63) باب الشيخ الزاني، والملك الكذاب ومانع فضل الماء، والمبايع لدنيا

- ‌(64) باب تحريم قتل الإنسان نفسه

- ‌(65) باب من حلف بملة غير الإسلام

- ‌(66) باب لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر

- ‌(67) باب تحريم الجنة على قاتل نفسه

- ‌(68) باب تحريم الغلول

- ‌(69) باب قاتل النفس لا يكفر

- ‌(70) باب الريح التي تكون قرب القيامة

- ‌(71) باب الحث على المبادرة بالأعمال

- ‌(72) باب خوف المؤمن أن يحبط عمله

- ‌(73) باب هل يؤاخذ بما عمل في الجاهلية

- ‌(74) باب الإسلام يهدم ما قبله، وكذا الحج والعمرة (وفاة عمرو بن العاص)

- ‌(75) باب حكم العمل الصالح قبل الإسلام

- ‌(76) باب صدق الإيمان وإخلاصه

- ‌(77) باب تجاوز الله عن حديث النفس

- ‌(78) باب حكم الهم بالحسنة والهم بالسيئة

- ‌(79) باب الوسوسة في الإيمان

- ‌(80) باب من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة

- ‌(81) باب من قتل دون ماله فهو شهيد

- ‌(82) باب الوالي الغاش لرعيته

- ‌(83) باب رفع الأمانة

- ‌(84) باب الفتن التي تموج موج البحر

- ‌(85) باب بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا

- ‌(86) باب ذهاب الإيمان آخر الزمان

- ‌(87) باب الاستسرار بالإيمان للخائف

- ‌(88) باب تأليف ضعيف الإيمان

- ‌(89) باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة

- ‌(90) باب القرآن المعجزة الكبرى والرسول صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء تابعا

- ‌(91) عموم رسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌(92) باب أجر الكتابي إذا أسلم: ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين

- ‌(93) باب نزول عيسى ابن مريم حاكما

- ‌(94) باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان

- ‌(95) باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(96) باب فترة الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(97) باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه

- ‌(98) باب رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربه ليلة الإسراء والمعراج

- ‌(99) باب رؤية الله تعالى في الدنيا

- ‌(100) باب رؤية المؤمنين لربهم في الجنة

الفصل: ‌(26) باب من الإيمان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك

(26) باب من الإيمان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك

74 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه (أو قال: لجاره) ما يحب لنفسه".

75 -

عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده! لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره (أو قال لأخيه) ما يحب لنفسه".

-[المعنى العام]-

إن الإيمان الكامل الذي وصل بالمؤمن إلى حب الله ورسوله، يدفعه حتما إلى أن يحب للمسلمين ما يحب لنفسه من خيري الدنيا والآخرة.

أما الذين يحقدون على إخوانهم المسلمين، أو يحسدونهم على ما آتاهم الله من فضله، أو يسعون لبخس إخوانهم والتعالي عليهم، فهم ضعاف الإيمان، حظهم منه في الآخرة قليل، مصداقا لقوله تعالى:{تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} [القصص: 83] إن الإيمان الكامل ينزع الغل والحقد والحسد من قلب صاحبه، ويملؤه برغبة الخير، وبحب المعروف للناس، فالإيمان محبة ومودة وإخاء ومجتمع إنساني فاضل كريم.

إن الحديث يعالج القلوب من هذه الأمراض الخبيثة، والقلوب إذا صلحت صلح الجسد كله، لأن الأعضاء آلات وجنود للقلوب، فإذا ما حل حب الخير للمسلم في قلب المسلم تحركت الجوارح لتنفيذ ميوله وتحقيق رغباته، فنطق اللسان بما فيه صلاحه والدفاع عنه، وامتدت اليد والرجل إلى ما يوصل النفع إليه، ذاك هدف الحديث، بناء مجتمع متآلف متعاون متراحم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.

-[المباحث العربية]-

(لا يؤمن أحدكم) أي لا يؤمن إيمانا كاملا. أما أصل الإيمان فإنه يحصل لمن لم يحصل هذه الصفة. ونفي اسم الشيء على معنى نفي الكمال عنه مستفيض وكثير في كلام العرب، كقولهم: فلان ليس برجل أو ليس بإنسان.

ص: 167

(حتى يحب لأخيه -أو قال- لجاره) شك من الراوي في أي من اللفظين صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي الرواية الثانية:"حتى يحب لجاره أو قال لأخيه" ورواية البخاري "لأخيه" من غير شك. والتعبير بالأخ على سبيل التغليب فتدخل الأخت أيضا. والتعبير بالأخوة لإثارة كوامن الشفقة والمحبة.

(ما يحب لنفسه)"ما" موصولة، وعائد الصلة مفعول "يحب" محذوف، والتقدير: الذي يحبه لنفسه.

-[فقه الحديث]-

المراد من الأخ ما هو أعم وأشمل من أخ النسب قطعا، ولكن هل المراد الأخوة في الإسلام؟ أو الأخوة في الإنسانية، بمعنى أن الناس كلهم لآدم وحواء، أب واحد وأم واحدة فهم إخوة؟ .

ظاهر صنيع الإمام النووي في شرح مسلم أن المراد بالأخوة الأخوة في الإسلام، إذ بوب هذا الحديث بقوله:[باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير] ثم قال في الشرح: معنى الحديث أنه لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام مثل ما يحب لنفسه. اهـ.

وهو ظاهر كلام الحافظ ابن حجر، إذ ساق رواية للإسماعيلي، نصها "يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير" ثم قال: فبين [الحديث] المراد بالأخوة، وعين جهة الحب، ثم قال: والخير كلمة جامعة تعم الطاعات والمباحات الدنيوية والأخروية، وتخرج المنهيات، لأن اسم الخير لا يتناولها. انتهى كلامه.

وإن الباحث ليتساءل -أمام رأي هذين الإمامين- ألا ينبغي أن نحب للكفار أن يسلموا؟ ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هداية الناس جميعا، فقيل له "إنك لا تهدي من أحببت"؟ ألسنا نحب الصفات الحميدة؟ ونحب أن يتحلى بها الناس جميعا؟ فلم نضيق الواسع؟ ونجعل المطلوب من المؤمن حبه الخير للمسلم فقط دون بقية البشر؟

نعم. نهينا عن حب الكفار ومودة المحاربين منهم، لما هم عليه من شطط وصفات ذميمة، لكن من الإيمان أن نحب لهم أن يؤمنوا، بل يجب علينا أن ندعوهم لذلك، وأن نجاهد في سبيل تحقيق هذا الخير لهم. إن رواية الإسماعيلي - على فرض صحتها- تخص الأخ المسلم بالذكر لمزيد عناية به، هو بالنسبة لحب الخير له أولى وأهم من غيره، وإن كان حبنا الخير ليس مقصورا عليه. والله أعلم.

وهل الذي يجب على المؤمن ليكمل إيمانه أن يحب لأخيه عين ما يحب لنفسه، أو مثل ما يحب لنفسه؟ فمثلا؟ إذا كانت هناك درجة مالية واحدة أطمع فيها، هل أحبها لأخي فأحرم أنا منها؟ أو أحبها لنفسي وأحب وجود مثلها لأخي؟

ص: 168

وإذا كنت في منصب مدير الجامعة مثلا، هل أحب لأخي أن ينتزعه مني لأكون قد أحببت له عين ما أحبه لنفسي؟ أو أحب لأخي منصبا شبيها بمنصبي؟

أعتقد أن الإيمان يتم بالثاني، أعني بالشبيه، غاية الأمر أنه إن فاز أخي بما كنت أطمع فيه، أو حل محلي فيما كنت فيه، بطريق مشروع، ودون إيذاء منه لي، ينبغي أن أحبه له ولا أحقد عليه، ولا أجد في نفسي حاجة مما أوتي ولو كان بي خصاصة، لأني أحب له ما أحب لنفسي، ومعنى هذا أن المنافسة بين الأقران في المشروع مشروعة بالطريق المشروع، فالمنافسة في الدرجات والمناصب الدنيوية جائزة بين المستحقين لها، فإن اعتدى من أجلها أدنى على أعلى. أو سعى لها أحد المتساويين سعيا غير مشروع كانت غير مشروعة.

أما المنافسة في الأمور الدينية والأخروية فهي واجبة في الواجبات مندوبة في المندوبات، قال تعالى:{وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} [المطففين: 26].

وقد أورد الحافظ ابن حجر على الحديث إشكالا وجوابه، نصه، فإن قيل: فيلزم أن يكون من حصلت له هذه الخصلة مؤمنا كاملا وإن لم يأت ببقية الأركان؟ أجيب بأن هذا ورد مورد المبالغة، أو يستفاد من قوله "لأخيه المسلم" ملاحظة بقية الصفات. اهـ.

وهذا الإشكال لا يرد على الحديث، إنما يرد لو كان نصه: المؤمن الذي يحب لأخيه ما يحب لنفسه، كما ورد هذا الإشكال وأجبنا عنه في حديث "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".

أما لفظ الحديث الذي معنا فهو "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" فلا يرد عليه هذا الإشكال. فإن قولنا: لا يكون أحدكم عالما حتى يدرس علوم القرآن ليس معناه أن من درس علوم القرآن وحده يكون عالما، وإنما معناه أنه لا يكمل علمه إلا بدراسته.

وإذا كان من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه كان منه أيضا أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه، ولم يذكره الحديث لأن حب الشيء مستلزم لبغض نقيضه، فترك التنصيص عليه اكتفاء.

-[ويؤخذ من الحديث]-

1 -

الحث على التواضع.

2 -

السعي وراء أسباب المحبة بين الناس.

3 -

البعد عن الأثرة وحب النفس أكثر من الغير.

4 -

الزجر عن الحقد والغش والحسد ونحوها من الصفات الذميمة التي تورث التباغض والتدابر بين الناس.

(ملحوظة) أرجأنا الكلام عن حب المؤمن لجاره ما يحب لنفسه الوارد في هذا الحديث إلى موضوعه الآتي.

والله أعلم

ص: 169