المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(56) باب تحريم قتل الكافر بعد قوله: لا إله إلا الله - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ١

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌كتاب الإيمان

- ‌(1) باب الإيمان بالقدر

- ‌(2) باب أمور الإسلام

- ‌(3) باب سؤال ضمام عن أركان الإسلام

- ‌(4) باب ما يقرب من الجنة وما يباعد من النار

- ‌(5) باب إحلال الحلال وتحريم الحرام يدخل الجنة

- ‌(6) باب بيان أركان الإسلام ودعائمه

- ‌(7) باب وفد عبد القيس وأمور الإسلام

- ‌(8) باب بعث معاذ إلى اليمن

- ‌(9) باب قتال أهل الردة ومانعي الزكاة

- ‌(10) باب وفاة أبي طالب، وما نزل بشأنه

- ‌(11) باب من مات على التوحيد دخل الجنة

- ‌(12) باب زيادة فضلة الطعام ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(13) باب من شهد أن لا إله إلا الله حرم الله عليه النار

- ‌(14) باب حق الله على العباد وحق العباد على الله

- ‌(15) باب التبشير بالجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله

- ‌(16) باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عتبان

- ‌(17) باب طعم الإيمان

- ‌(18) باب الحياء شعبة من الإيمان

- ‌(19) باب الحياء من الإيمان

- ‌(20) باب الحياء خير كله

- ‌(21) باب الخصلة الجامعة لأمور الإسلام

- ‌(22) باب إطعام الطعام وإفشاء السلام

- ‌(23) باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

- ‌(24) باب ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان

- ‌(25) باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان

- ‌(26) باب من الإيمان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك

- ‌(27) باب النهي عن إيذاء الجار

- ‌(28) باب إكرام الجار والضيف وفضيلة حفظ اللسان

- ‌(29) باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان

- ‌(30) باب ضعف الإيمان بتطاول الأزمان والحاجة إلى الأمر بالمعروف

- ‌(31) باب تفاضل أهل الإيمان

- ‌(32) باب محبة المؤمنين من الإيمان

- ‌(33) باب الدين النصيحة

- ‌(34) باب المبايعة على النصح لكل مسلم

- ‌(35) باب نقصان الإيمان بالمعاصي

- ‌(36) باب خصال المنافق

- ‌(37) باب إيمان من قال للمسلم: يا كافر

- ‌(38) باب إيمان من ادعى لغير أبيه ومن ادعى ما ليس له

- ‌(39) باب إيمان من يسب أخاه ومن يقاتله

- ‌(40) باب الطعن في النسب والنياحة على الميت

- ‌(41) باب إيمان العبد الآبق

- ‌(42) باب إيمان من قال: مطرنا بالنوء

- ‌(43) باب حب الأنصار من الإيمان

- ‌(44) باب حب علي من الإيمان

- ‌(45) باب كفران العشير

- ‌(46) باب سجود ابن آدم يغيظ الشيطان

- ‌(47) باب بين المسلم والكفر ترك الصلاة

- ‌(48) باب أفضل الأعمال: الإيمان - الجهاد - الحج - والعتق مساعدة الصانع والأخرق - الكف عن الشر

- ‌(49) باب أفضل الأعمال الصلاة لوقتها وبر الوالدين

- ‌(50) باب أعظم الذنوب الشرك بالله -ثم قتل الابن -ثم الزنا بحليلة الجار

- ‌(51) باب أكبر الكبائر الإشراك بالله -وعقوق الوالدين- وشهادة الزور

- ‌(52) باب السبع الموبقات

- ‌(53) باب من الكبائر شتم الرجل والديه

- ‌(54) باب تحريم الكبر

- ‌(55) باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار

- ‌(56) باب تحريم قتل الكافر بعد قوله: لا إله إلا الله

- ‌(57) باب قتل أسامة لمن قال: لا إله إلا الله

- ‌(58) باب من حمل علينا السلاح فليس منا

- ‌(59) باب من غشنا فليس منا

- ‌(60) باب ليس منا من ضرب الخدود

- ‌(61) باب تحريم النميمة

- ‌(62) باب تحريم إسبال الإزار، والمن بالعطية وترويج السلعة بالحلف

- ‌(63) باب الشيخ الزاني، والملك الكذاب ومانع فضل الماء، والمبايع لدنيا

- ‌(64) باب تحريم قتل الإنسان نفسه

- ‌(65) باب من حلف بملة غير الإسلام

- ‌(66) باب لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر

- ‌(67) باب تحريم الجنة على قاتل نفسه

- ‌(68) باب تحريم الغلول

- ‌(69) باب قاتل النفس لا يكفر

- ‌(70) باب الريح التي تكون قرب القيامة

- ‌(71) باب الحث على المبادرة بالأعمال

- ‌(72) باب خوف المؤمن أن يحبط عمله

- ‌(73) باب هل يؤاخذ بما عمل في الجاهلية

- ‌(74) باب الإسلام يهدم ما قبله، وكذا الحج والعمرة (وفاة عمرو بن العاص)

- ‌(75) باب حكم العمل الصالح قبل الإسلام

- ‌(76) باب صدق الإيمان وإخلاصه

- ‌(77) باب تجاوز الله عن حديث النفس

- ‌(78) باب حكم الهم بالحسنة والهم بالسيئة

- ‌(79) باب الوسوسة في الإيمان

- ‌(80) باب من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة

- ‌(81) باب من قتل دون ماله فهو شهيد

- ‌(82) باب الوالي الغاش لرعيته

- ‌(83) باب رفع الأمانة

- ‌(84) باب الفتن التي تموج موج البحر

- ‌(85) باب بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا

- ‌(86) باب ذهاب الإيمان آخر الزمان

- ‌(87) باب الاستسرار بالإيمان للخائف

- ‌(88) باب تأليف ضعيف الإيمان

- ‌(89) باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة

- ‌(90) باب القرآن المعجزة الكبرى والرسول صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء تابعا

- ‌(91) عموم رسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌(92) باب أجر الكتابي إذا أسلم: ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين

- ‌(93) باب نزول عيسى ابن مريم حاكما

- ‌(94) باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان

- ‌(95) باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(96) باب فترة الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(97) باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه

- ‌(98) باب رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربه ليلة الإسراء والمعراج

- ‌(99) باب رؤية الله تعالى في الدنيا

- ‌(100) باب رؤية المؤمنين لربهم في الجنة

الفصل: ‌(56) باب تحريم قتل الكافر بعد قوله: لا إله إلا الله

(56) باب تحريم قتل الكافر بعد قوله: لا إله إلا الله

.

161 -

عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار. فقاتلني. فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها. ثم لاذ مني بشجرة، فقال: أسلمت لله. أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تقتله" قال فقلت: يا رسول الله إنه قد قطع يدي. ثم قال ذلك بعد أن قطعها. أفأقتله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تقتله. فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله. وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال".

162 -

وأما معمر ففي حديثه فلما أهويت لأقتله قال لا إله إلا الله.

163 -

عن المقداد بن عمرو بن الأسود الكندي رضي الله عنه وكان حليفا لبني زهرة، وكان ممن شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار؟ ثم ذكر بمثل حديث الليث.

-[المعنى العام]-

ما أروع سماحة الإسلام، وما أسمى قيمه وتشريعه، كلمة واحدة تعصم وتحمي الأموال، وتمحو ما تقدم من سيئات، كلمة واحدة تجب ما قبلها، كلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله ".

لقد كان الكفار يقتتلون مع المسلمين، فإذا دارت الدائرة عليهم، ووجدوا أنفسهم أمام قتل محقق، وأموالهم وذرياتهم أمام سبي حتمي قالوها فحقنوا بذلك دماءهم وأموالهم وأعراضهم، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله".

وعظم هذا الحكم في نفس المقداد وهو الفارس المغوار، ذو الأنفة والمنعة والشجاعة والإقدام، ففرع على هذا الحكم مسألة ظن أن حكمها يفلت من هذا الحكم العام فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أخبرني يا رسول الله:

ص: 314

لو لقيت رجلا من الكفار، فقاتلني، فقطع إحدى يدي بسيفه، ثم لاذ واعتصم مني بشجرة أو حجر، فتمكنت منه، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله. أسلمت لله. أأقتله بعد أن قالها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقتله، قال: يا رسول الله ما قالها إلا بعد أن أهويت سيفي إليه لأقتله، أأقتله؟ قال صلى الله عليه وسلم: لا تقتله. قال: يا رسول الله إنه قطع يدي، أأقتله؟ قال صلى الله عليه وسلم: إن قتلته في هذه الحالة كنت بمنزلته ومشابها له قبل إسلامه، وكان هو بعد إسلامه مشبها لك قبل أن تقتله فإنك تكون بعد قتلك له آثما، كما كان هو قبل إسلامه، وإنه يكون بعد قولها نقيا من الآثام كما كنت أنت قبل قتلك إياه.

-[المباحث العربية]-

(عن المقداد بن الأسود) المقداد هو ابن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة. هذا نسبه الحقيقي. تبناه في الجاهلية الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف، فنسب إلى الأسود، وصار به أشهر وأعرف، فلفظ (ابن) قبل الأسود يكتب بالألف، لأنه ليس واقعا بين علمين متناسلين ثانيهما أب للأول، ومثله عبد الله بن عمرو ابن أم مكتوم وعبد الله بن أبي ابن سلول، ومحمد بن علي ابن الحنفية، وإسحاق بن إبراهيم ابن راهويه، ومحمد بن يزيد (ابن ماجه) بالألف، وأن يعرب بإعراب الابن المذكور أولا:

فأم مكتوم زوجة عمرو، وسلول زوجة أبي، والحنفية زوجة علي وراهويه هو إبراهيم والد إسحق، وماجه هو يزيد فهما لقبان.

والمقداد من أوائل من أسلم، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:

أول من أظهر الإسلام بمكة سبعة، منهم المقداد، وهاجر إلى الحبشة. قاله النووي: وله موقف مشهود في بدر.

(أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار) أي أخبرني، وفي بعض الأصول "أرأيت لقيت" بحذف "إن" قال النووي: والأول هو الصواب. وفي رواية: "أرأيت

إلى لقيت كافرا فاقتتلنا".

(فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها) هذا على وجه التمثيل، وقصده أو إحدى رجلي بالسيف أو بغيره.

(ثم لاذ مني بشجرة) التجأ إليها واعتصم مني، وذكر الشجرة على سبيل المثال ونحوها.

(أفأقتله) الفاء مؤخرة من تقديم، وهي فاء جواب الشرط لكون الجملة استفهامية، والأصل فأ أقتله، فقدمت همزة الاستفهام.

(فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله) في معناها أقوال كثيرة تأتي في فقه الحديث.

ص: 315

(قبل أن يقول كلمته التي قال) عائد الصلة [مفعول قال] محذوف تقديره: التي قالها.

(فلما أهويت لأقتله) أي ملت. يقال هويت وأهويت إليه باليد والسيف كلاهما لازم، والهمزة ليست للتعدية، وقيل: أهويته أملته، وقال بعض أهل اللغة: الإهواء التناول باليد والضرب.

(قال: لا إله إلا الله) كناية عن الشهادتين، وقيل: هي وحدها كافية في الكف عن قائلها.

-[فقه الحديث]-

ظاهر سياق هذا الحديث أن الواقعة حصلت للمقداد، وأن رجلا كافرا قد ضرب إحدى يديه بالسيف فقطعها، لكن قال الحافظ ابن حجر: إن نفس الأمر بخلافه، وإن المقداد سأل عن الحكم في ذلك لو وقع، وقد استدل به على جواز السؤال عن النوازل قبل وقوعها، وما نقل عن بعض السلف من كراهة ذلك، محتجين بقوله تعالى:{لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} [المائدة: 101] فإنه محمول على السؤال عن الأمور التي يندر وقوعها أما ما يمكن وقوعها عادة فيشرع السؤال عنها للتعلم وتوقي الخطأ فيها. قال ابن العربي: والاحتجاج بالآية على هذا جهل، لأنها إنما هي فيما يسوء الجواب عنه.

وقد روى البزار عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها المقداد فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا وبقي رجل له مال كثير، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقتله المقداد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كيف لك بلا إله إلا الله غدا؟ وأنزل الله قوله {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا} [النساء: 94].

فإن صحت هذه الرواية - وهي لا تكاد تصح- حمل سؤاله على المراجعة في نفس الجلسة ظنا منه أن القتل في مقابلة قطع اليد جائز، وأن منع القتل بعد لا إله إلا الله حماية للنفس والمال، يشهد لذلك إعادته السؤال مرتين -متعجبا- عن قاطع اليد، والذي يدعونا إلى هذا الحمل أنه من المستبعد أن يسمع الحكم بالنهي عن القتل بعد الشهادة ولو تعوذا ثم يفعل نقيضه فيقتل متعوذا.

وليست مراجعة المقداد في حديثنا من قبيل كراهته للحكم ومما نعته له، بل من قبيل التعجب والغرابة، لمخالفته ما كان يظن وما كان يتوقع، ووجهة نظره من زاويته معقولة، فقد تستغل (لا إله إلا الله) لفرار الكفار من سطوة المؤمنين وعقابهم، دون أن يكون لها أصل في قلوبهم، ووجهة نظر الإسلام أكثر دقة وفقها، فإن الله وحده هو العالم بالقلوب، وقد أمرنا بالعمل بالظاهر والله يتولى السرائر.

ولعل المقداد لم يكن سمع حديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" أو لعله فهم منه "حتى يقولوا لا إله إلا الله" في غير تعوذ وفي غير جناية منهم واعتداء. وقد اختلف العلماء في

ص: 316

المعنى المراد من قوله صلى الله عليه وسلم للمقداد: "فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال".

فذهب المهلب إلى أن معناه: إنك بقصدك لقتله عمدا آثم، كما كان هو بقصده لقتلك آثما، فأنتما في حالة واحدة من العصيان. اهـ.

ومعناه: إن قتلته كنت آثما كحاله قبل الإسلام، وهو بعد إسلامه صار نقيا كحالك قبل أن تقتل، فالمشابهة في مطلق الإثم والنقاء من الإثم لا في الكفر.

وقيل: المراد إن قتلته مستحلا لقتله بعد سماعك الحكم فأنت بمنزلته قبل أن يسلم، أي فأنت كافر، وهو بعد قولها مسلم، بمنزلتك قبل أن تقتل، وهذا تأويل بعيد.

وقيل: معناه إنه مغفور له بشهادة التوحيد، كما أنك مغفور لك بشهود بدر. وهذا التأويل أكثر بعدا من سابقه، فإنه إن صح بالنسبة للجملة الأولى "فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله" فإنه لا يصح بالنسبة للثانية "وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال".

ونقل ابن التين عن الداودي أنه قال: يفسره حديث ابن عباس الذي رواه البخاري "قال": قال النبي صلى الله عليه وسلم للمقداد: إذا كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار، فأظهر إيمانه فقتلته، فكذلك كنت أنت تخفي إيمانك بمكة من قبل".

والمعنى على هذا أنك إن قتلته يحتمل أن يكون بمنزلتك في مكة، وأنك كنت في مكة بمنزلته في قومه من حيث إخفاء الإيمان.

وقيل: إن هذه العبارة لم يقصد منها معناها الحقيقي، وإنما قصد منها الإغلاظ بظاهر اللفظ للردع والزجر.

وقال الإمام النووي: أحسن ما قيل وأظهره ما قاله الإمام الشافعي وابن القصار المالكي وغيرهما أن معناه: فإنه معصوم الدم محرم قتله بعد قوله لا إله إلا الله كما كنت أنت قبل أن تقتله، وإنك بعد قتله غير معصوم الدم ولا محرم القتل كما كان هو قبل قوله: لا إله إلا الله. قال ابن القصار: يعني لولا عذرك بالتأويل المسقط للقصاص عنك. ونحن مع الإمام النووي في أن هذا المعنى أوضح التوجيهات وأحراها بالقبول.

-[ويؤخذ من الحديث]-

1 -

أن (لا إله إلا الله) تعصم الدم، وأن الحكم بالظاهر واجب.

2 -

احتج بقول المقداد، فقال: أسلمت لله، أنه يصح الدخول في الإسلام بكل ما يدل على الدخول فيه من قول أو فعل، مما يتنزل منزلة النطق بالشهادتين. وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام بني جذيمة الذين قتلهم خالد وهم يقولون: صبأنا، صبأنا، ولم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا. فلما بلغ ذلك النبي

ص: 317

صلى الله عليه وسلم رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد، ثم وداهم صلى الله عليه وسلم. قال الحافظ ابن حجر: في الاستدلال به على صحة إسلام من قال: أسلمت لله ولم يزد على ذلك نظر، لأن ذلك كاف في الكف وحقن الدم فقط، وليس في الحكم بالإسلام، على أنه ورد في الطريق الثاني (فقال: لا إله إلا الله) فيحتمل أن التعبير بأسلمت من تعبير راوي قول المقداد.

3 -

جواز السؤال عن النوازل قبل وقوعها وقد تقدم بيانه.

4 -

جواز المراجعة في العلم.

5 -

حلم العالم عن السائل.

والله أعلم

ص: 318