المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(45) باب كفران العشير - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ١

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌كتاب الإيمان

- ‌(1) باب الإيمان بالقدر

- ‌(2) باب أمور الإسلام

- ‌(3) باب سؤال ضمام عن أركان الإسلام

- ‌(4) باب ما يقرب من الجنة وما يباعد من النار

- ‌(5) باب إحلال الحلال وتحريم الحرام يدخل الجنة

- ‌(6) باب بيان أركان الإسلام ودعائمه

- ‌(7) باب وفد عبد القيس وأمور الإسلام

- ‌(8) باب بعث معاذ إلى اليمن

- ‌(9) باب قتال أهل الردة ومانعي الزكاة

- ‌(10) باب وفاة أبي طالب، وما نزل بشأنه

- ‌(11) باب من مات على التوحيد دخل الجنة

- ‌(12) باب زيادة فضلة الطعام ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(13) باب من شهد أن لا إله إلا الله حرم الله عليه النار

- ‌(14) باب حق الله على العباد وحق العباد على الله

- ‌(15) باب التبشير بالجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله

- ‌(16) باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عتبان

- ‌(17) باب طعم الإيمان

- ‌(18) باب الحياء شعبة من الإيمان

- ‌(19) باب الحياء من الإيمان

- ‌(20) باب الحياء خير كله

- ‌(21) باب الخصلة الجامعة لأمور الإسلام

- ‌(22) باب إطعام الطعام وإفشاء السلام

- ‌(23) باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

- ‌(24) باب ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان

- ‌(25) باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان

- ‌(26) باب من الإيمان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك

- ‌(27) باب النهي عن إيذاء الجار

- ‌(28) باب إكرام الجار والضيف وفضيلة حفظ اللسان

- ‌(29) باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان

- ‌(30) باب ضعف الإيمان بتطاول الأزمان والحاجة إلى الأمر بالمعروف

- ‌(31) باب تفاضل أهل الإيمان

- ‌(32) باب محبة المؤمنين من الإيمان

- ‌(33) باب الدين النصيحة

- ‌(34) باب المبايعة على النصح لكل مسلم

- ‌(35) باب نقصان الإيمان بالمعاصي

- ‌(36) باب خصال المنافق

- ‌(37) باب إيمان من قال للمسلم: يا كافر

- ‌(38) باب إيمان من ادعى لغير أبيه ومن ادعى ما ليس له

- ‌(39) باب إيمان من يسب أخاه ومن يقاتله

- ‌(40) باب الطعن في النسب والنياحة على الميت

- ‌(41) باب إيمان العبد الآبق

- ‌(42) باب إيمان من قال: مطرنا بالنوء

- ‌(43) باب حب الأنصار من الإيمان

- ‌(44) باب حب علي من الإيمان

- ‌(45) باب كفران العشير

- ‌(46) باب سجود ابن آدم يغيظ الشيطان

- ‌(47) باب بين المسلم والكفر ترك الصلاة

- ‌(48) باب أفضل الأعمال: الإيمان - الجهاد - الحج - والعتق مساعدة الصانع والأخرق - الكف عن الشر

- ‌(49) باب أفضل الأعمال الصلاة لوقتها وبر الوالدين

- ‌(50) باب أعظم الذنوب الشرك بالله -ثم قتل الابن -ثم الزنا بحليلة الجار

- ‌(51) باب أكبر الكبائر الإشراك بالله -وعقوق الوالدين- وشهادة الزور

- ‌(52) باب السبع الموبقات

- ‌(53) باب من الكبائر شتم الرجل والديه

- ‌(54) باب تحريم الكبر

- ‌(55) باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار

- ‌(56) باب تحريم قتل الكافر بعد قوله: لا إله إلا الله

- ‌(57) باب قتل أسامة لمن قال: لا إله إلا الله

- ‌(58) باب من حمل علينا السلاح فليس منا

- ‌(59) باب من غشنا فليس منا

- ‌(60) باب ليس منا من ضرب الخدود

- ‌(61) باب تحريم النميمة

- ‌(62) باب تحريم إسبال الإزار، والمن بالعطية وترويج السلعة بالحلف

- ‌(63) باب الشيخ الزاني، والملك الكذاب ومانع فضل الماء، والمبايع لدنيا

- ‌(64) باب تحريم قتل الإنسان نفسه

- ‌(65) باب من حلف بملة غير الإسلام

- ‌(66) باب لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر

- ‌(67) باب تحريم الجنة على قاتل نفسه

- ‌(68) باب تحريم الغلول

- ‌(69) باب قاتل النفس لا يكفر

- ‌(70) باب الريح التي تكون قرب القيامة

- ‌(71) باب الحث على المبادرة بالأعمال

- ‌(72) باب خوف المؤمن أن يحبط عمله

- ‌(73) باب هل يؤاخذ بما عمل في الجاهلية

- ‌(74) باب الإسلام يهدم ما قبله، وكذا الحج والعمرة (وفاة عمرو بن العاص)

- ‌(75) باب حكم العمل الصالح قبل الإسلام

- ‌(76) باب صدق الإيمان وإخلاصه

- ‌(77) باب تجاوز الله عن حديث النفس

- ‌(78) باب حكم الهم بالحسنة والهم بالسيئة

- ‌(79) باب الوسوسة في الإيمان

- ‌(80) باب من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة

- ‌(81) باب من قتل دون ماله فهو شهيد

- ‌(82) باب الوالي الغاش لرعيته

- ‌(83) باب رفع الأمانة

- ‌(84) باب الفتن التي تموج موج البحر

- ‌(85) باب بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا

- ‌(86) باب ذهاب الإيمان آخر الزمان

- ‌(87) باب الاستسرار بالإيمان للخائف

- ‌(88) باب تأليف ضعيف الإيمان

- ‌(89) باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة

- ‌(90) باب القرآن المعجزة الكبرى والرسول صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء تابعا

- ‌(91) عموم رسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌(92) باب أجر الكتابي إذا أسلم: ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين

- ‌(93) باب نزول عيسى ابن مريم حاكما

- ‌(94) باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان

- ‌(95) باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(96) باب فترة الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(97) باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه

- ‌(98) باب رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربه ليلة الإسراء والمعراج

- ‌(99) باب رؤية الله تعالى في الدنيا

- ‌(100) باب رؤية المؤمنين لربهم في الجنة

الفصل: ‌(45) باب كفران العشير

(45) باب كفران العشير

136 -

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "يا معشر النساء! تصدقن وأكثرن الاستغفار. فإني رأيتكن أكثر أهل النار" فقالت امرأة منهن، جزلة: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال "تكثرن اللعن وتكفرن العشير. وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن" قالت: يا رسول الله! وما نقصان العقل والدين؟ قال "أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل. فهذا نقصان العقل. وتمكث الليالي ما تصلي. وتفطر في رمضان. فهذا نقصان الدين".

مثله.

مثله.

-[المعنى العام]-

كان صلى الله عليه وسلم يتعهد النساء بالموعظة كما يتعهد الرجال، وكثيرا ما كان يذكرهن باعوجاجهن وأمراضهن ويطلب منهن تحصين أنفسهن وعلاج دائهن، ففي يوم الأضحى أو الفطر قال لهن: يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار، فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن.

قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان دينها.

وتروي أسماء بنت يزيد -خطيبة النساء- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى النساء، وهي معهن، فقال: يا معشر النساء. إنكن أكثر حطب جهنم. قالت: فناديت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت عليه جريئة - لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير.

ص: 255

كما كان يصف خلقهن للصحابة ليقوموا اعوجاجهن، وينصحوهن باعتبارهم قوامين عليهن، فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الكسوف قال لأصحابه: أريت النار في عرض هذا الحائط، فلم أر منظرا كاليوم قط أفظع ورأيت أكثر أهلها النساء، قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: بكفرهن. قيل: يكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله، ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيرا قط.

والحديث الشريف في مجمله يدعو النساء إلى التخلي عن بذاءة اللسان ونكران الجميل، والتحلي بالصدقة والاستغفار لعل الحسنات يذهبن السيئات.

ويكشف لهن أن الله بحكمته قد جعل فرص عبادة النساء أقل من فرص عبادة الرجال، وأن مجال إكثار الحسنات لدى الرجال أفسح من مجاله لدى النساء، فعليهن أن يعوضن ما فقدن بالطبيعة، وأن يحسن استغلال ما هيئ لهن ليكن من أهل الجنة، وينجون من النار.

-[المباحث العربية]-

(يا معشر النساء) المعشر الجماعة الذين أمرهم واحد، لهم صفة واحدة مشتركة بينهم تجمعهم، فالإنس معشر، والجن معشر، والأنبياء معشر، والنساء معشر، ونقل عن ثعلب أنه مخصوص بالرجال، وهذا الحديث يرد عليه.

(فإني رأيتكن أكثر أهل النار) الفاء للتعليل، و"رأى" إن كانت علمية تتعدى إلى مفعولين و"أكثر" مفعولها الثاني، وإن كانت بصرية تتعدى إلى مفعول واحد و"أكثر" منصوب على الحال، ولا يضر إضافته إلى معرفة بناء على أن "أفعل" لا يتعرف بالإضافة.

والخطاب في "رأيتكن" ليس المقصود به سامعات الحديث، حتى يحكم عليهن بدخول النار، فقد يكن كلهن من أهل الجنة، وإنما المقصود خطاب المنادى "معشر النساء" فكأنه قال: فإني رأيت معشر النساء أكثر أهل النار والمرئي في النار من النساء من اتصف بالصفات الذميمة، يؤيد ذلك ما وقع في حديث جابر، ولفظه "وأكثر من رأيت فيها من النساء اللاتي إن اؤتمن أفشين، وإن سئلن بخلن، وإن سألن ألحفن، وإن أعطين لم يشكرن".

(فقالت امرأة منهن جزلة) بفتح الجيم وسكون الزاي، أي ذات عقل ورأي و"منهن" جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة "امرأة" و"جزلة" صفة أخرى، وكان الأولى في الأسلوب أن تقدم الصفة المفردة على شبه الجملة فيقال: فقالت امرأة جزلة منهن.

(وما لنا أكثر أهل النار؟ )"وما لنا" مبتدأ وخبر، والواو للاستئناف و"أكثر" منصوب على الحال المقدرة، والتقدير: وأي شيء حصل لنا مقدرا لنا الكثرة في النار؟

(تكثرن اللعن) اللعن في اللغة الإبعاد والطرد، وفي الشرع الإبعاد من رحمة الله، والمقصود الإكثار من ألفاظ الدعاء على الغير بقصد أو بغير قصد، بسبب أو بغير سبب كاف.

ص: 256

(وتكفرن العشير) ضمن "تكفرن" معنى "تجحدن" فعدى بنفسه، وأصله يتعدى بالباء، والعشير هو الخليط من المعاشرة، وكثر إطلاقه على الزوج لكثرة مخالطته الزوجة، وهو المراد هنا، وفي الكلام مضاف محذوف، والتقدير: تكفرن وتجحدن وتغطين إحسان الزوج وفضله.

(وما رأيت من ناقصات عقل ودين)"من" زائدة و"ناقصات" مفعول "رأيت" الأول ومفعولها الثاني "أغلب لذي لب".

والعقل قوة يميز الإنسان بها بين حقائق المعلومات.

(أغلب لذي لب منكن) أي ما رأيت أشد غلبة لذوي العقول منكن، وفي رواية البخاري "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن" وهذا من جملة أسباب كونهن أكثر أهل النار، لأنهن إذا كن سببا لإذهاب عقل الرجل الحازم، حتى يفعل أو يقول ما لا ينبغي، فقد شاركنه في الإثم وزدن عليه، واللب أخص من العقل، إذ هو الخالص منه والكامل فيه.

(وما نقصان العقل والدين؟ )"ال" في "العقل والدين" للعهد أو عوض عن المضاف إليه، والتقدير: وما نقصان عقلنا وديننا؟ قال الحافظ ابن حجر: كأنه خفي عليهن ذلك حتى سألن عنه، ونفس هذا السؤال دال على النقصان، لأنهن سلمن ما نسب إليهن من إكثار اللعن وكفران العشير، ثم استشكلن كونهن ناقصات. والسؤال عن مظاهر وأدلة نقصان عقلهن ودينهن.

(أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد)"أما" حرف شرط وتفصيل، وفي رواية البخاري "أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى".

(فهذا نقصان العقل) أي فهذا لضعف الضبط المنبئ عن نقصان العقل.

(وتمكث الليالي ما تصلي) فيه اكتفاء والأصل: وتمكث الليالي والأيام والمقصود بها ليالي الحيض وأيامه.

-[فقه الحديث]-

اختلف العلماء في رؤيته صلى الله عليه وسلم النساء أكثر أهل النار، هل هي رؤية عين في اليقظة؟ أو رؤية منام؟ أو رؤية علمية؟ .

المختار أنها رؤية عين في اليقظة. لكن هل رأى صلى الله عليه وسلم النار فعلا على حقيقتها، ورفعت له الحجب وطويت المسافات؟ أو مثلت له؟ ومتى وقع هذا؟ .

قال بعضهم إنه صلى الله عليه وسلم رأى النار فعلا ليلة الإسراء، ولا إحالة في هذا على مذهب أهل السنة القائلين بأن الجنة والنار مخلوقتان وموجودتان الآن، ولا إحالة في أن يخلق الله في نبيه صلى الله عليه وسلم إدراكا خاصا به يدرك به الجنة والنار على حقيقتهما.

ص: 257

ويبعد هذا القول أن الرؤية متعلقة بالنساء، وأنهن أكثر أهل النار، وأهل السنة مع قولهم بوجود النار الآن لا يقولون بدخول أهلها فيها إلا بعد البعث والحساب، فرؤية النساء في النار بعيد أن تكون على الحقيقة.

والمختار أنها مثلت له صلى الله عليه وسلم، ويؤيده حديث أنس في البخاري "لقد عرضت على الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط وأنا أصلي" وفي رواية "لقد مثلت" وفي رواية لمسلم "لقد تصورت".

وقد وردت رؤيته صلى الله عليه وسلم الجنة والنار في صلاة الكسوف ووردت في الإسراء، ووردت في صلاة الظهر، قال الحافظ ابن حجر: ولا مانع أن يرى الجنة والنار مرتين بل مرارا على صور مختلفة. اهـ.

-[ويؤخذ من الحديث]-

1 -

الحث على الصدقة، ويشتد استحبابها في الأعياد، وفي الكرب والشدائد، وعقب المعاصي.

2 -

وأن الصدقة تطفئ غضب الرب، وتخفف عقاب الذنوب، مصداقا لقوله تعالى:{إن الحسنات يذهبن السيئات} [هود: 114].

3 -

وأنها قد تكفر الذنوب التي بين المخلوقين، لأن في إكثار اللعن وكفران العشير حقوقا للعباد.

4 -

وأن كفران العشير وجحد الإحسان من الكبائر، فإن التوعد بالنار علامة أن المعصية كبيرة.

5 -

وأن المعاصي تسمى كفرا كما أن الطاعات تسمى إيمانا.

قال النووى: ويؤخذ من ذلك صحة تأويل الكفر في الأحاديث المتقدمة على ما تأولناها، قال ابن العربي ما حاصله: وخص الحديث إنكار إحسان الزوج بالكفر من بين أنواع الذنوب لدقيقة بديعة، وهي قوله صلى الله عليه وسلم:"لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" فقرن حق الزوج على الزوجة بحق الله، فإذا كفرت المرأة حق زوجها - وقد بلغ من حقه عليها هذه الغاية - كان ذلك دليلا على تهاونها بحق الله، فلذلك يطلق عليها الكفر، لكنه كفر لا يخرج عن الملة. اهـ.

6 -

قال النووي: وفيه أن اللعن أيضا من المعاصي الشديدة القبح، وليس فيه أنه كبيرة، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: تكثرن اللعن، والصغيرة إذا أكثرت صارت كبيرة، واتفق العلماء على تحريم اللعن، فلا يجوز لعن أحد بعينه، مسلما كان أو كافرا، أو دابة، إلا من علمنا بنص شرعي أنه مات على الكفر أو يموت عليه، كأبي جهل وإبليس، وأما اللعن بالوصف فليس بحرام، كلعن الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله والظالمين والفاسقين والكافرين، وغير ذلك مما جاءت النصوص الشرعية بإطلاقه على الأوصاف لا على الأعيان. اهـ بتصرف.

7 -

وفيه نقصان عقل المرأة عن الرجل، وقد نبه الله تعالى على ضعف ضبط المرأة لحقائق الأمور بقوله:{أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} [البقرة: 282].

ص: 258

وليس المقصود بذكر النقص في النساء لومهن على ذلك، لأنه من أصل الخلقة، لكن المقصود التنبيه على ذلك للتحذير من الافتتان بهن، ولهذا رتب العذاب على ما ذكر من الكفران وغيره، لا على النقص.

8 -

وأن الطاعات تسمى دينا، فقد وصف صلى الله عليه وسلم نقص الطاعات بنقص الدين، قال النووي: وإذا ثبت هذا علمنا أن من كثرت عبادته زاد إيمانه ودينه، ومن نقصت عبادته نقص دينه.

ثم نقص الدين قد يكون على وجه يأثم به، كمن ترك الصلاة أو الصوم أو غيرهما من العبادات الواجبة عليه بلا عذر، وقد يكون على وجه هو مكلف به، كترك الحائض الصلاة والصوم.

وتساءل النووى: هل تثاب الحائض على الصلاة في زمن الحيض، وإن كانت لا تقضيها، كما يثاب المريض والمسافر، ويكتب له في مرضه وسفره مثل نوافل الصلوات التي كان يفعلها في صحته وحضره؟ .

وأجاب بأن ظاهر هذا الحديث أنها لا تثاب، والفرق أن المريض والمسافر كان يفعلها بنية الدوام عليها مع أهليته لها. والحائض ليست كذلك بل نيتها ترك الصلاة في زمن الحيض، بل يحرم عليها نية الصلاة في زمن الحيض فنظيرها مسافر أو مريض كان يصلي النافلة في وقت، ويترك في وقت، غير ناو الدوام عليها، فهذا لا يكتب له في سفره ومرضه بالنسبة للزمن الذي لم يكن يتنفل فيه. اهـ.

9 -

وفيه أن منع الحائض من الصوم والصلاة كان ثابتا بحكم الشرع قبل هذا المجلس.

10 -

وفيه أن من خلق المرأة الشاذ كثرة اللعن وإنكار الجميل. وقد أوضحت رواية البخاري مدى كفرانها للنعمة، وإصرارها على هذا الجحود إذ قال صلى الله عليه وسلم "لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيرا قط".

وليس معنى هذا أن كل امرأة بهذه الصفة، بل الحكم للغالب والكثير وما هو الشأن، فلا ينافي وجود نساء مثاليات في عفة اللسان وفي الوفاء وشكر الجميل.

11 -

وفيه الإغلاظ في النصح لقصد إزالة الصفة الذميمة، فإن استتباع طلب الصدقة والاستغفار بهذه الأوصاف تغليظ وتحذير.

12 -

قال الحافظ ابن حجر: وفيه أنه لا يواجه الشخص المعين بما فيه من صفة يعاب عليها، لأن في التعميم تسهيلا على السامع. اهـ.

وكأنه يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من عادته وحكمته إعطاء النصح اللائق بالمخاطب، وبذل هذه النصيحة لأولئك النسوة دليل على أن فيهن من هي بهذه الصفة، فلم يوجه إليها النصح، وساق الكلام على الأسلوب العام سترا لها وكرما.

13 -

وفيه أن النساء أكثر أهل النار.

ص: 259

14 -

وفيه وعظ الإمام وأصحاب الولايات وكبراء الناس رعاياهم وتحذيرهم المخالفات، وتحريضهم على الطاعات.

15 -

وفيه جواز عظة الرجل للنساء وتعليمه لهن أحكام الإسلام وتذكيره لهن بما يجب عليهن، ومحل ذلك كله إذا أمن الفتنة والمفسدة.

16 -

وفيه جواز خروج النساء لمجالس العلم، ومحله إذا أمنت الفتنة والمفسدة.

17 -

وفيه جواز صدقة المرأة من مالها من غير توقف على إذن زوجها أو على مقدار معين من مالها، كالثلث، خلافا لبعض المالكية، إذ لم ينقل أن أزواجهن كانوا حضورا وصرحوا لهن بالصدقة.

18 -

وفيه جواز طلب الصدقة من الأغنياء للمحتاجين، ولو كان الطالب غير محتاج.

19 -

وفيه جواز إطلاق "رمضان" من غير إضافة إلى الشهر، وإن كان الاختيار إضافته.

20 -

وفيه مراجعة المتعلم للعالم، والتابع للمتبوع فيما قاله إذا لم يظهر له معناه.

21 -

وفيه ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الخلق العظيم، والصفح الجميل، والرفق بمن يراجعه.

والله أعلم

ص: 260