المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(61) باب تحريم النميمة - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ١

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌كتاب الإيمان

- ‌(1) باب الإيمان بالقدر

- ‌(2) باب أمور الإسلام

- ‌(3) باب سؤال ضمام عن أركان الإسلام

- ‌(4) باب ما يقرب من الجنة وما يباعد من النار

- ‌(5) باب إحلال الحلال وتحريم الحرام يدخل الجنة

- ‌(6) باب بيان أركان الإسلام ودعائمه

- ‌(7) باب وفد عبد القيس وأمور الإسلام

- ‌(8) باب بعث معاذ إلى اليمن

- ‌(9) باب قتال أهل الردة ومانعي الزكاة

- ‌(10) باب وفاة أبي طالب، وما نزل بشأنه

- ‌(11) باب من مات على التوحيد دخل الجنة

- ‌(12) باب زيادة فضلة الطعام ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(13) باب من شهد أن لا إله إلا الله حرم الله عليه النار

- ‌(14) باب حق الله على العباد وحق العباد على الله

- ‌(15) باب التبشير بالجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله

- ‌(16) باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عتبان

- ‌(17) باب طعم الإيمان

- ‌(18) باب الحياء شعبة من الإيمان

- ‌(19) باب الحياء من الإيمان

- ‌(20) باب الحياء خير كله

- ‌(21) باب الخصلة الجامعة لأمور الإسلام

- ‌(22) باب إطعام الطعام وإفشاء السلام

- ‌(23) باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

- ‌(24) باب ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان

- ‌(25) باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان

- ‌(26) باب من الإيمان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك

- ‌(27) باب النهي عن إيذاء الجار

- ‌(28) باب إكرام الجار والضيف وفضيلة حفظ اللسان

- ‌(29) باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان

- ‌(30) باب ضعف الإيمان بتطاول الأزمان والحاجة إلى الأمر بالمعروف

- ‌(31) باب تفاضل أهل الإيمان

- ‌(32) باب محبة المؤمنين من الإيمان

- ‌(33) باب الدين النصيحة

- ‌(34) باب المبايعة على النصح لكل مسلم

- ‌(35) باب نقصان الإيمان بالمعاصي

- ‌(36) باب خصال المنافق

- ‌(37) باب إيمان من قال للمسلم: يا كافر

- ‌(38) باب إيمان من ادعى لغير أبيه ومن ادعى ما ليس له

- ‌(39) باب إيمان من يسب أخاه ومن يقاتله

- ‌(40) باب الطعن في النسب والنياحة على الميت

- ‌(41) باب إيمان العبد الآبق

- ‌(42) باب إيمان من قال: مطرنا بالنوء

- ‌(43) باب حب الأنصار من الإيمان

- ‌(44) باب حب علي من الإيمان

- ‌(45) باب كفران العشير

- ‌(46) باب سجود ابن آدم يغيظ الشيطان

- ‌(47) باب بين المسلم والكفر ترك الصلاة

- ‌(48) باب أفضل الأعمال: الإيمان - الجهاد - الحج - والعتق مساعدة الصانع والأخرق - الكف عن الشر

- ‌(49) باب أفضل الأعمال الصلاة لوقتها وبر الوالدين

- ‌(50) باب أعظم الذنوب الشرك بالله -ثم قتل الابن -ثم الزنا بحليلة الجار

- ‌(51) باب أكبر الكبائر الإشراك بالله -وعقوق الوالدين- وشهادة الزور

- ‌(52) باب السبع الموبقات

- ‌(53) باب من الكبائر شتم الرجل والديه

- ‌(54) باب تحريم الكبر

- ‌(55) باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار

- ‌(56) باب تحريم قتل الكافر بعد قوله: لا إله إلا الله

- ‌(57) باب قتل أسامة لمن قال: لا إله إلا الله

- ‌(58) باب من حمل علينا السلاح فليس منا

- ‌(59) باب من غشنا فليس منا

- ‌(60) باب ليس منا من ضرب الخدود

- ‌(61) باب تحريم النميمة

- ‌(62) باب تحريم إسبال الإزار، والمن بالعطية وترويج السلعة بالحلف

- ‌(63) باب الشيخ الزاني، والملك الكذاب ومانع فضل الماء، والمبايع لدنيا

- ‌(64) باب تحريم قتل الإنسان نفسه

- ‌(65) باب من حلف بملة غير الإسلام

- ‌(66) باب لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر

- ‌(67) باب تحريم الجنة على قاتل نفسه

- ‌(68) باب تحريم الغلول

- ‌(69) باب قاتل النفس لا يكفر

- ‌(70) باب الريح التي تكون قرب القيامة

- ‌(71) باب الحث على المبادرة بالأعمال

- ‌(72) باب خوف المؤمن أن يحبط عمله

- ‌(73) باب هل يؤاخذ بما عمل في الجاهلية

- ‌(74) باب الإسلام يهدم ما قبله، وكذا الحج والعمرة (وفاة عمرو بن العاص)

- ‌(75) باب حكم العمل الصالح قبل الإسلام

- ‌(76) باب صدق الإيمان وإخلاصه

- ‌(77) باب تجاوز الله عن حديث النفس

- ‌(78) باب حكم الهم بالحسنة والهم بالسيئة

- ‌(79) باب الوسوسة في الإيمان

- ‌(80) باب من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة

- ‌(81) باب من قتل دون ماله فهو شهيد

- ‌(82) باب الوالي الغاش لرعيته

- ‌(83) باب رفع الأمانة

- ‌(84) باب الفتن التي تموج موج البحر

- ‌(85) باب بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا

- ‌(86) باب ذهاب الإيمان آخر الزمان

- ‌(87) باب الاستسرار بالإيمان للخائف

- ‌(88) باب تأليف ضعيف الإيمان

- ‌(89) باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة

- ‌(90) باب القرآن المعجزة الكبرى والرسول صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء تابعا

- ‌(91) عموم رسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌(92) باب أجر الكتابي إذا أسلم: ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين

- ‌(93) باب نزول عيسى ابن مريم حاكما

- ‌(94) باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان

- ‌(95) باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(96) باب فترة الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(97) باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه

- ‌(98) باب رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربه ليلة الإسراء والمعراج

- ‌(99) باب رؤية الله تعالى في الدنيا

- ‌(100) باب رؤية المؤمنين لربهم في الجنة

الفصل: ‌(61) باب تحريم النميمة

(61) باب تحريم النميمة

177 -

عن أبي وائل عن حذيفة رضي الله عنه أنه بلغه أن رجلا ينم الحديث. فقال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لا يدخل الجنة نمام".

178 -

عن همام بن الحارث، قال: كان رجل ينقل الحديث إلى الأمير. فكنا جلوسا في المسجد. فقال القوم: هذا ممن ينقل الحديث إلى الأمير، قال: فجاء حتى جلس إلينا. فقال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لا يدخل الجنة قتات".

179 -

عن همام بن الحارث، قال: كنا جلوسا مع حذيفة في المسجد. فجاء رجل حتى جلس إلينا. فقيل لحذيفة: إن هذا يرفع إلى السلطان أشياء. فقال حذيفة، - إرادة أن يسمعه-: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخل الجنة قتات".

-[المعنى العام]-

كان حذيفة بن اليمان وأصحابه جالسين في مسجد الكوفة يتذاكرون ويتدارسون أمورهم، في زمن تذمر الناس من ولاة عثمان بن عفان رضي الله عنه، فدخل من باب المسجد رجل عرف بين القوم بالتجسس للحاكم ونقل أخبار الناس وأحوالهم إليه، فنظر بعضهم إلى بعض ثم نظروا إلى حذيفة الذي لم يكن يعلم حقيقة الرجل، فأسروا إليه: إن هذا الرجل الداخل جاسوس، يرفع ما يرى وما يسمع إلى السلطان على طريق الوشاية والإيقاع.

وجاء الرجل، وجلس إليهم، لعله يسمع أو يرى ما ينقله عنهم، ورفع حذيفة صوته بحديث سمعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصد به الرجل، ويقصد عظته، ونهيه عن هذا المنكر بأسلوب لطيف غير جارح، دون مجابهة ولا اتهام، خشية أن تنفر نفسه الأمارة بالسوء وتتأبى النصح، وترد الاتهام، وقد يبلغ السلطان، مما يسيء القوم، وقد كان هذا شأن الرسول صلى الله عليه وسلم في نصحه، لا يواجه المخطئ بخطئه، وإنما يختار الوقت لعظته، ويطلقها على العموم، فيقول مثلا: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا؟ .

رفع حذيفة صوته بحديث- وكأنه في سياق كلامه مع أصحابه - فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا

ص: 340

يدخل الجنة نمام" ولا يتمتع بنعيمها من ينقل الحديث بقصد الإفساد والإضرار، وهكذا أدى حذيفة وأصحابه واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين.

-[المباحث العربية]-

(أن رجلا ينم الحديث) يقال: نم الحديث ينمه - بفتح الياء وضم النون - وينمه- بفتح الياء وكسر النون- وأصل النميمة: الهمس والحركة. والنم: إظهار الحديث بالوشاية.

قال الحافظ ابن حجر: ولم أقف على اسم هذا الرجل. اهـ ولعل سبب عدم معرفة الحفاظ لهذا الرجل ما كان عليه الصحابة والتابعون من الستر، وعدم تسمية أصحاب العيوب.

(فقال حذيفة) بن اليمان رضي الله عنه، الذي يطلق عليه أمين سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، استعمله عمر على المدائن، ومات بعد أن نعي عثمان إلى الكوفة بأربعين ليلة، ولم يدرك موقعة الجمل.

(كان رجل ينقل الحديث إلى الأمير) وفي الرواية الثالثة "إن هذا يرفع إلى السلطان أشياء" وفي رواية البخاري" إن رجلا يرفع الحديث إلى عثمان" أي ابن عفان، فالمقصود من الأمير والسلطان: الخليفة، سواء كان نقل الرجل الحديث إليه مباشرا أو بالواسطة.

(فكنا جلوسا في المسجد) أي في مسجد الكوفة.

(فقال القوم) أي قال واحد منهم ووافقوه، فنسب القول إليهم مجازا.

(فقال حذيفة -إرادة أن يسمعه- سمعت إلخ)"إرادة أن يسمعه" معترضة بين الفاعل والمفعول، وهي في محل نصب على الحال أي: قال حذيفة مريدا أن يسمعه.

(قتات) -بفتح القاف وتشديد التاء- من قت- بفتح القاف- يقت بضمها، وأصله من قت الحديث بمعنى سمعه وجمعه.

قال الحافظ ابن حجر: والقتات هو النمام، وقيل: الفرق بين القتات والنمام، أن النمام: الذي يحضر القصة فينقلها، والقتات: الذي يتسمع من حيث لا يعلم به، ثم ينقل ما سمعه.

-[فقه الحديث]-

قال العلماء: النميمة نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد بينهم.

وقال الإمام الغزالي في الإحياء: اعلم أن النميمة إنما تطلق في الأكبر على من ينم قول الغير إلى المقول فيه، كما تقول: فلان يتكلم فيك بكذا. قال: وليت النميمة مخصوصة بهذا، بل حد النميمة:

ص: 341

كشف ما يكره كشفه، سواء كرهه المنقول عنه، أو المنقول إليه، أو ثالث، وسواء كان الكشف بالكتابة أو بالرمز أو بالإيماء، وسواء كان المنقول قولا أو فعلا، وسواء كان عيبا أو لا، حتى لو رأى شخصا يخفي ماله لنفسه فأفشى كان نميمة.

قال: وكل من حملت إليه نميمة، وقيل له: فلان يقول فيك أو يفعل فيك كذا، فعليه ستة أمور:

الأول: ألا يصدقه، لأن النمام فاسق.

الثاني: أن ينهاه عن ذلك، وينصحه، ويقبح له فعله.

الثالث: أن يبغضه في الله تعالى، فإنه بغيض عند الله تعالى، ويجب بغض من أبغضه الله تعالى.

الرابع: ألا يظن بأخيه الغائب السوء.

الخامس: ألا يحمله ما حكي له على التجسس والبحث عن ذلك.

السادس: ألا يرضى لنفسه ما نهي النمام عنه فلا يحكي نميمته عنه فيقول: فلان حكى لي كذا فيصير به نماما، ويكون آتيا ما نهى عنه. اهـ.

قال الإمام النووي: وكل هذا المذكور في النميمة إذا لم يكن فيها مصلحة شرعية، فإن دعت حاجة إليها فلا منع منها، وذلك كما إذا أخبره بأن إنسانا يريد الفتك به أو بأهله، أو بماله، أو أخبر الإمام، أو من له ولاية بأن إنسانا يفعل كذا، ويسعى بما فيه مفسدة، ويجب على صاحب الولاية الكشف عن ذلك وإزالته.

فكل ذلك وما أشبهه ليس بحرام، وقد يكون بعضه واجبا وبعضه مستحبا. على حسب المواطن. اهـ.

ومع أن النميمة كبيرة من الكبائر إلا أنها قد يكون المقول فيه كافرا فلا تحرم، كما أنه يجوز التجسس في بلاد الكفار، ونقل أخبارهم التي تفيد المسلمين.

أما أنها كبيرة فلما رواه البخاري عن ابن عباس قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بعض حيطان المدينة، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما فقال "يعذبان وما يعذبان في كبير، وإنه لكبير، كان أحدهما لا يستتر من البول، وكان الآخر يمشي بالنميمة" ولقوله تعالى في الصفات الذميمة: {هماز مشاء بنميم} [القلم: 11] قال الراغب: همز الإنسان اغتيابه، والنم إظهار الحديث بالوشاية.

واختلف في الغيبة والنميمة، هل هما متغايرتان أو متحدتان؟ قال الحافظ ابن حجر:

والراجح التغاير، وأن بينهما عموما وخصوصا وجهيا، وذلك لأن النميمة: نقل حال الشخص لغيره على جهة الإفساد بغير رضاه، سواء كان بعلمه، أو بغير علمه، والغيبة: ذكره في غيبته بما لا يرضيه، فامتازت النميمة بقصد الإفساد، ولا يشترط ذلك في الغيبة وامتازت الغيبة بكونها في غيبة المقول فيه، واشتركتا فيما عدا ذلك.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة نمام" ففيه التأويلان المتقدمان في نظائره.

ص: 342

أحدهما: أن ذلك في المستحل، ومستحل الكبيرة التي علم حرمتها من الدين بالضرورة كافر، فلا يدخل الجنة أبدا.

ثانيهما: أنه لا يدخل الجنة ابتداء عند دخول الفائزين وأهل السلامة، ثم إنه قد يجازى، فيمنعها عند دخولهم، ثم يدخلها بعد ذلك، وقد لا يجازى بل يعفو الله عنه.

هذا، ولا يخفى أن المذموم من نقله الأخبار من يقصد الإفساد، أما من يقصد النصيحة ويتحرى الصدق، ويتجنب الأذى فلا ذم، وقل من يفرق بين البابين، فطريق السلامة في ذلك - لمن يخشى عدم الوقوف على ما يباح من ذلك مما لا يباح -الإمساك عن ذلك. ذكره في الفتح.

والله أعلم

ص: 343