المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(71) باب الحث على المبادرة بالأعمال - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ١

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌كتاب الإيمان

- ‌(1) باب الإيمان بالقدر

- ‌(2) باب أمور الإسلام

- ‌(3) باب سؤال ضمام عن أركان الإسلام

- ‌(4) باب ما يقرب من الجنة وما يباعد من النار

- ‌(5) باب إحلال الحلال وتحريم الحرام يدخل الجنة

- ‌(6) باب بيان أركان الإسلام ودعائمه

- ‌(7) باب وفد عبد القيس وأمور الإسلام

- ‌(8) باب بعث معاذ إلى اليمن

- ‌(9) باب قتال أهل الردة ومانعي الزكاة

- ‌(10) باب وفاة أبي طالب، وما نزل بشأنه

- ‌(11) باب من مات على التوحيد دخل الجنة

- ‌(12) باب زيادة فضلة الطعام ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(13) باب من شهد أن لا إله إلا الله حرم الله عليه النار

- ‌(14) باب حق الله على العباد وحق العباد على الله

- ‌(15) باب التبشير بالجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله

- ‌(16) باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عتبان

- ‌(17) باب طعم الإيمان

- ‌(18) باب الحياء شعبة من الإيمان

- ‌(19) باب الحياء من الإيمان

- ‌(20) باب الحياء خير كله

- ‌(21) باب الخصلة الجامعة لأمور الإسلام

- ‌(22) باب إطعام الطعام وإفشاء السلام

- ‌(23) باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

- ‌(24) باب ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان

- ‌(25) باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان

- ‌(26) باب من الإيمان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك

- ‌(27) باب النهي عن إيذاء الجار

- ‌(28) باب إكرام الجار والضيف وفضيلة حفظ اللسان

- ‌(29) باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان

- ‌(30) باب ضعف الإيمان بتطاول الأزمان والحاجة إلى الأمر بالمعروف

- ‌(31) باب تفاضل أهل الإيمان

- ‌(32) باب محبة المؤمنين من الإيمان

- ‌(33) باب الدين النصيحة

- ‌(34) باب المبايعة على النصح لكل مسلم

- ‌(35) باب نقصان الإيمان بالمعاصي

- ‌(36) باب خصال المنافق

- ‌(37) باب إيمان من قال للمسلم: يا كافر

- ‌(38) باب إيمان من ادعى لغير أبيه ومن ادعى ما ليس له

- ‌(39) باب إيمان من يسب أخاه ومن يقاتله

- ‌(40) باب الطعن في النسب والنياحة على الميت

- ‌(41) باب إيمان العبد الآبق

- ‌(42) باب إيمان من قال: مطرنا بالنوء

- ‌(43) باب حب الأنصار من الإيمان

- ‌(44) باب حب علي من الإيمان

- ‌(45) باب كفران العشير

- ‌(46) باب سجود ابن آدم يغيظ الشيطان

- ‌(47) باب بين المسلم والكفر ترك الصلاة

- ‌(48) باب أفضل الأعمال: الإيمان - الجهاد - الحج - والعتق مساعدة الصانع والأخرق - الكف عن الشر

- ‌(49) باب أفضل الأعمال الصلاة لوقتها وبر الوالدين

- ‌(50) باب أعظم الذنوب الشرك بالله -ثم قتل الابن -ثم الزنا بحليلة الجار

- ‌(51) باب أكبر الكبائر الإشراك بالله -وعقوق الوالدين- وشهادة الزور

- ‌(52) باب السبع الموبقات

- ‌(53) باب من الكبائر شتم الرجل والديه

- ‌(54) باب تحريم الكبر

- ‌(55) باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار

- ‌(56) باب تحريم قتل الكافر بعد قوله: لا إله إلا الله

- ‌(57) باب قتل أسامة لمن قال: لا إله إلا الله

- ‌(58) باب من حمل علينا السلاح فليس منا

- ‌(59) باب من غشنا فليس منا

- ‌(60) باب ليس منا من ضرب الخدود

- ‌(61) باب تحريم النميمة

- ‌(62) باب تحريم إسبال الإزار، والمن بالعطية وترويج السلعة بالحلف

- ‌(63) باب الشيخ الزاني، والملك الكذاب ومانع فضل الماء، والمبايع لدنيا

- ‌(64) باب تحريم قتل الإنسان نفسه

- ‌(65) باب من حلف بملة غير الإسلام

- ‌(66) باب لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر

- ‌(67) باب تحريم الجنة على قاتل نفسه

- ‌(68) باب تحريم الغلول

- ‌(69) باب قاتل النفس لا يكفر

- ‌(70) باب الريح التي تكون قرب القيامة

- ‌(71) باب الحث على المبادرة بالأعمال

- ‌(72) باب خوف المؤمن أن يحبط عمله

- ‌(73) باب هل يؤاخذ بما عمل في الجاهلية

- ‌(74) باب الإسلام يهدم ما قبله، وكذا الحج والعمرة (وفاة عمرو بن العاص)

- ‌(75) باب حكم العمل الصالح قبل الإسلام

- ‌(76) باب صدق الإيمان وإخلاصه

- ‌(77) باب تجاوز الله عن حديث النفس

- ‌(78) باب حكم الهم بالحسنة والهم بالسيئة

- ‌(79) باب الوسوسة في الإيمان

- ‌(80) باب من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة

- ‌(81) باب من قتل دون ماله فهو شهيد

- ‌(82) باب الوالي الغاش لرعيته

- ‌(83) باب رفع الأمانة

- ‌(84) باب الفتن التي تموج موج البحر

- ‌(85) باب بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا

- ‌(86) باب ذهاب الإيمان آخر الزمان

- ‌(87) باب الاستسرار بالإيمان للخائف

- ‌(88) باب تأليف ضعيف الإيمان

- ‌(89) باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة

- ‌(90) باب القرآن المعجزة الكبرى والرسول صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء تابعا

- ‌(91) عموم رسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌(92) باب أجر الكتابي إذا أسلم: ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين

- ‌(93) باب نزول عيسى ابن مريم حاكما

- ‌(94) باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان

- ‌(95) باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(96) باب فترة الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(97) باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه

- ‌(98) باب رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربه ليلة الإسراء والمعراج

- ‌(99) باب رؤية الله تعالى في الدنيا

- ‌(100) باب رؤية المؤمنين لربهم في الجنة

الفصل: ‌(71) باب الحث على المبادرة بالأعمال

(71) باب الحث على المبادرة بالأعمال

199 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم. يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا. أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا. يبيع دينه بعرض من الدنيا".

-[المعنى العام]-

يلهب رسول الله صلى الله عليه وسلم عزائم المؤمنين إلى العمل الصالح، ويحذرهم من التراخي مع التمكن، ويخوفهم من تأخير طاعات اليوم إلى الغد، فلا يدري المسلم ما يأتي به غده، فما أكثر الأمراض بعد الصحة، وما أكثر الفقر بعد الغنى، وما أسرع الشيب بعد الشباب، وما أكثر مشاغل الدنيا بعد الفراغ، ويخوف رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو أدهى من كل ذلك، بمستقبل للمسلمين مظلم ظلام الليل، لا يميزون فيه الخطأ من الصواب، ولا يحققون فيه الأمور، بل ينجرفون وراء تيارات الفتن، وينزلقون وراء الهوى، وينقادون لأهواء الحياة وزينتها، فيبيعون دينهم بعرض حقير، ويخسرون آخرتهم بدنياهم. يخوف رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المستقبل الغامض، الذي تتطاير فيه الفتن تطاير النار والشرر، فتحرق من تحرق، وتزعج من تزعج، هنالك يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا فتحرقه الفتنة فيصبح كافرا.

فليحذر المؤمن، وليبادر الكيس بالعمل الصالح، وليسابق الزمن بفعل الحسنات قبل أن يفوت الأوان، فيقول:{يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين} [الزمر: 56] أو يقول: لو أن لي عمرا لأكونن من العاملين. أو يقول: لولا أخرني ربي إلى أجل قريب فأصدق وأكون من الصالحين. {ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون} [المنافقون: 11].

-[المباحث العربية]-

(بادروا بالأعمال فتنا) أي: سابقوا بالأعمال الصالحة فتنا، فاسبقوا بأعمالكم هذه الفتن، والفتنة هي الابتلاء والاختبار، ووسائله كثيرة متعددة، يأتي توضيحها في فقه الحديث.

(كقطع الليل المظلم) كناية عن شدتها، وهول الخوف منها، وإبهام الأمر فيها، وضعف الوصول إلى الحق، وسرعة الوقوع في الباطل، ووصف الليل بالمظلم للتأكيد.

ص: 387

(يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا) شك من الراوي في أي اللفظين صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكل من اللفظين يدل على تحول من حالة الإيمان إلى حالة الكفر فيما بين الليل والنهار، وليس الليل والنهار مقصودين، بل هما كناية عن سرعة التحول، إذ يمكن أن يكون بين الصبح والظهر، أو بين الظهر والعصر مثلا، وذكر الرجل ليس للاحتراز فالمرأة كذلك.

(يبيع دينه بعرض من الدنيا) جملة تعليلية لتحوله إلى الكفر.

-[فقه الحديث]-

قال النووي: معنى الحديث الحث على المبادرة بالأعمال الصالحة قبل تعذرها والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة كتراكم ظلام الليل المظلم لا المقمر، ووصف صلى الله عليه وسلم نوعا من شدائد تلك الفتن، وهو أنه يمسي مؤمنا ثم يصبح كافرا، أو عكسه، وهذا أعظم الفتن، ينقلب الإنسان في اليوم الواحد هذا الانقلاب. اهـ.

فالحديث من قبيل قوله صلى الله عليه وسلم: "اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك، وغناك قبل فقرك".

وللفتن وسائل كثيرة، منها المال والبنون، كما قال تعالى:{إنما أموالكم وأولادكم فتنة} [التغابن: 15] والصحة فتنة، وكل خير فتنة، بل وكل شر فتنة، وفي ذلك يقول تعالى:{ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون} [الأنبياء: 35].

ومن هنا يتبين أن الدنيا مزرعة الآخرة، وأن حال المؤمن خير كله، إن أصابه خير فشكر كان خيرا له، وإن أصابه شر فصبر كان خيرا له، وعلى المؤمن ألا يزهد في قليل من الخير أن يفعله، ولا في قليل من الشر أن يجتنبه.

-[ويؤخذ من الحديث]-

1 -

أن على المؤمن أن يبادر بفعل الطاعات والاجتناب عن المعاصي ولا يمهل، ولا يؤخر عمل اليوم إلى غد، ولا عمل الساعة إلى ما بعدها فإنه لا يدري متى يموت؟ فإن الساعة تقوم وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما، فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه، ولتقومن الساعة وقد رفع أحدكم أكلته إلى فيه فلا يطعمها. كذا ورد في الحديث.

وليس المقصود من المبادرة بالأعمال الإجهاد والمبالغة والتشدد في الدين، فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى، وإنما المقصود التعجيل بفعل الطاعة الميسورة، فإن خير العمل أدومه وإن قل، ففي الحديث "سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشيئا من الدلجة"(أي العمل ليلا).

ص: 388

2 -

التحذير من الفتن والابتلاء عموما، ومن مقاتلة المسلم للمسلم خصوصا، فقد شاعت الفتنة في الفتنة الكبرى التي وقعت بين المسلمين.

3 -

عدم الاغترار بما قدم من صالحات، والحث على مداومة الخوف من الله، فإنما الأعمال بالخواتيم، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع -أو باع- فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخلها، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع - أو باع- فيسبق عليه الكتاب. فيعمل بعمل أهل النار. فيدخلها.

4 -

التمسك بالدين والحرص عليه والاحتياط عند التمتع بعرض الدنيا.

والله أعلم

ص: 389