المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(30) باب ضعف الإيمان بتطاول الأزمان والحاجة إلى الأمر بالمعروف - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ١

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌كتاب الإيمان

- ‌(1) باب الإيمان بالقدر

- ‌(2) باب أمور الإسلام

- ‌(3) باب سؤال ضمام عن أركان الإسلام

- ‌(4) باب ما يقرب من الجنة وما يباعد من النار

- ‌(5) باب إحلال الحلال وتحريم الحرام يدخل الجنة

- ‌(6) باب بيان أركان الإسلام ودعائمه

- ‌(7) باب وفد عبد القيس وأمور الإسلام

- ‌(8) باب بعث معاذ إلى اليمن

- ‌(9) باب قتال أهل الردة ومانعي الزكاة

- ‌(10) باب وفاة أبي طالب، وما نزل بشأنه

- ‌(11) باب من مات على التوحيد دخل الجنة

- ‌(12) باب زيادة فضلة الطعام ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(13) باب من شهد أن لا إله إلا الله حرم الله عليه النار

- ‌(14) باب حق الله على العباد وحق العباد على الله

- ‌(15) باب التبشير بالجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله

- ‌(16) باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عتبان

- ‌(17) باب طعم الإيمان

- ‌(18) باب الحياء شعبة من الإيمان

- ‌(19) باب الحياء من الإيمان

- ‌(20) باب الحياء خير كله

- ‌(21) باب الخصلة الجامعة لأمور الإسلام

- ‌(22) باب إطعام الطعام وإفشاء السلام

- ‌(23) باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

- ‌(24) باب ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان

- ‌(25) باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان

- ‌(26) باب من الإيمان أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك

- ‌(27) باب النهي عن إيذاء الجار

- ‌(28) باب إكرام الجار والضيف وفضيلة حفظ اللسان

- ‌(29) باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان

- ‌(30) باب ضعف الإيمان بتطاول الأزمان والحاجة إلى الأمر بالمعروف

- ‌(31) باب تفاضل أهل الإيمان

- ‌(32) باب محبة المؤمنين من الإيمان

- ‌(33) باب الدين النصيحة

- ‌(34) باب المبايعة على النصح لكل مسلم

- ‌(35) باب نقصان الإيمان بالمعاصي

- ‌(36) باب خصال المنافق

- ‌(37) باب إيمان من قال للمسلم: يا كافر

- ‌(38) باب إيمان من ادعى لغير أبيه ومن ادعى ما ليس له

- ‌(39) باب إيمان من يسب أخاه ومن يقاتله

- ‌(40) باب الطعن في النسب والنياحة على الميت

- ‌(41) باب إيمان العبد الآبق

- ‌(42) باب إيمان من قال: مطرنا بالنوء

- ‌(43) باب حب الأنصار من الإيمان

- ‌(44) باب حب علي من الإيمان

- ‌(45) باب كفران العشير

- ‌(46) باب سجود ابن آدم يغيظ الشيطان

- ‌(47) باب بين المسلم والكفر ترك الصلاة

- ‌(48) باب أفضل الأعمال: الإيمان - الجهاد - الحج - والعتق مساعدة الصانع والأخرق - الكف عن الشر

- ‌(49) باب أفضل الأعمال الصلاة لوقتها وبر الوالدين

- ‌(50) باب أعظم الذنوب الشرك بالله -ثم قتل الابن -ثم الزنا بحليلة الجار

- ‌(51) باب أكبر الكبائر الإشراك بالله -وعقوق الوالدين- وشهادة الزور

- ‌(52) باب السبع الموبقات

- ‌(53) باب من الكبائر شتم الرجل والديه

- ‌(54) باب تحريم الكبر

- ‌(55) باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار

- ‌(56) باب تحريم قتل الكافر بعد قوله: لا إله إلا الله

- ‌(57) باب قتل أسامة لمن قال: لا إله إلا الله

- ‌(58) باب من حمل علينا السلاح فليس منا

- ‌(59) باب من غشنا فليس منا

- ‌(60) باب ليس منا من ضرب الخدود

- ‌(61) باب تحريم النميمة

- ‌(62) باب تحريم إسبال الإزار، والمن بالعطية وترويج السلعة بالحلف

- ‌(63) باب الشيخ الزاني، والملك الكذاب ومانع فضل الماء، والمبايع لدنيا

- ‌(64) باب تحريم قتل الإنسان نفسه

- ‌(65) باب من حلف بملة غير الإسلام

- ‌(66) باب لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر

- ‌(67) باب تحريم الجنة على قاتل نفسه

- ‌(68) باب تحريم الغلول

- ‌(69) باب قاتل النفس لا يكفر

- ‌(70) باب الريح التي تكون قرب القيامة

- ‌(71) باب الحث على المبادرة بالأعمال

- ‌(72) باب خوف المؤمن أن يحبط عمله

- ‌(73) باب هل يؤاخذ بما عمل في الجاهلية

- ‌(74) باب الإسلام يهدم ما قبله، وكذا الحج والعمرة (وفاة عمرو بن العاص)

- ‌(75) باب حكم العمل الصالح قبل الإسلام

- ‌(76) باب صدق الإيمان وإخلاصه

- ‌(77) باب تجاوز الله عن حديث النفس

- ‌(78) باب حكم الهم بالحسنة والهم بالسيئة

- ‌(79) باب الوسوسة في الإيمان

- ‌(80) باب من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة

- ‌(81) باب من قتل دون ماله فهو شهيد

- ‌(82) باب الوالي الغاش لرعيته

- ‌(83) باب رفع الأمانة

- ‌(84) باب الفتن التي تموج موج البحر

- ‌(85) باب بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا

- ‌(86) باب ذهاب الإيمان آخر الزمان

- ‌(87) باب الاستسرار بالإيمان للخائف

- ‌(88) باب تأليف ضعيف الإيمان

- ‌(89) باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة

- ‌(90) باب القرآن المعجزة الكبرى والرسول صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء تابعا

- ‌(91) عموم رسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌(92) باب أجر الكتابي إذا أسلم: ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين

- ‌(93) باب نزول عيسى ابن مريم حاكما

- ‌(94) باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان

- ‌(95) باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(96) باب فترة الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(97) باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه

- ‌(98) باب رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربه ليلة الإسراء والمعراج

- ‌(99) باب رؤية الله تعالى في الدنيا

- ‌(100) باب رؤية المؤمنين لربهم في الجنة

الفصل: ‌(30) باب ضعف الإيمان بتطاول الأزمان والحاجة إلى الأمر بالمعروف

(30) باب ضعف الإيمان بتطاول الأزمان والحاجة إلى الأمر بالمعروف

83 -

عن أبي رافع، عن عبد الله بن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب. يأخذون بسنته ويقتدون بأمره. ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف. يقولون ما لا يفعلون. ويفعلون ما لا يؤمرون. فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن. ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن. ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن. وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل". قال أبو رافع: فحدثت عبد الله بن عمر فأنكره علي. فقدم ابن مسعود فنزل بقناة. فاستتبعني إليه عبد الله بن عمر يعوده. فانطلقت معه. فلما جلسنا سألت ابن مسعود عن هذا الحديث فحدثنيه كما حدثته ابن عمر. قال صالح: وقد تحدث بنحو ذلك عن أبي رافع.

84 -

وعن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، عن عبد الله بن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما كان من نبي إلا وقد كان له حواريون يهتدون بهديه ويستنون بسنته" مثل حديث صالح. ولم يذكر قدوم ابن مسعود واجتماع ابن عمر معه.

-[المعنى العام]-

سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا، يبعث الله الرسول في قومه، فينتشر نوره بينهم، وتسري حرارة الدعوة في دمائهم، وتستقر تعاليمه في عقائدهم، فيتمسكون بها ويحافظون عليها، ثم يمضي الرسول ويمضي عصره فيضعف النور، وتهدأ الحرارة، وتتزعزع التعاليم في النفوس، ويقل التمسك بها، وتختل المحافظة عليها، وكلما مضى عصر زاد الضعف، وكثر التهاون، فخير القرون قرن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وهكذا حتى يأتي آخر الزمان، بقوم غير القوم، يأتي بقوم بعيدين عن التعاليم بقدر بعد الزمان، صورهم غير حقائقهم، وأسماؤهم لا تتفق ومسمياتهم، في صور العقلاء وحقائقهم كالأنعام، يدعون بالمسلمين ولا إسلام. يقولون ما لا يفعلون ولا يفعلون ما يقولون، بل يفعلون نقيض أوامر الشريعة، فيأتون بالمنكرات، ويتركون الواجبات.

ص: 190

تلك سنة الله في خلقه، كلما بعد المؤثر قل الأثر حتى ينمحي أو يكاد، ما لم يتعهد بالتغذية والتقوية، تماما كأي تيار مندفع من قوة، يقل اندفاعه كلما بعد عن مصدر الدفع، ما لم يساعد بين الحين والحين بقوة دافعة أخرى، وتلك القوة الدافعة الأخرى في أديان الله تتمثل في العلماء والصالحين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.

والحديث الشريف بعد أن صور أثر الزمان في انحلال الناس وظلماتهم ركز على من يأخذ بيدهم، وعلى المصابيح الجانبية التي تضيء لهم، وعلى الدفعات الإضافية التي تدفعهم، من جاهد المنكرات وغيرها بيده فهو مؤمن إيمانا كاملا، ومن جاهدها وأنكرها بلسانه فهو مؤمن دون الأول، ومن جاهدها وأنكرها بقلبه فهو مؤمن دون الثاني، ومن لم يفعل شيئا من ذلك، ووقف من المنكرات موقف المتفرج غير العابئ فليس بمؤمن، وليس في قلبه مثقال ذرة من الإيمان، ففاعل المنكر والراضي به سواء.

وفقنا الله لاتباع أمره، والأخذ بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

-[المباحث العربية]-

(ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي)"ما" نافية "من" زائدة "نبي" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد "في أمة" جار ومجرور متعلق ببعث، وكذا الظرف "قبلي" وجملة "بعثه الله" في محل جر صفة "نبي".

(إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب) الاستثناء مفرغ من عموم الأخبار، أي ما من نبي مخبر عنه بخبر من الأخبار إلا بخبر كذا، وجملة "كان له من أمته حواريون وأصحاب" خبر "نبي" و"حواريون" اسم "كان" و"له" متعلق بخبرها، و"من أمته" جار ومجرور في محل نصب حال من "حواريون" وأصله صفة له قدمت عليه.

والحواريون جمع حواري، يقال: فلان حواري فلان، أي خاصته من أصحابه وناصره، ولفظ "حواري" مفرد منصرف، وياؤه مشددة وتخفيفها شاذ، وأصله من التحوير، وهو التبييض، وقيل: سمي الناصر بذلك لنقاء قلبه، وطهارة خلقه، وإخلاصه في محبته، وقيل: أصله من الحور، وهو الرجوع، ومنه قوله تعالى:{إنه ظن أن لن يحور} [الانشقاق: 14] وكأن الصاحب الناصر للنبي راجع في أموره إلى الله ورسوله، وعطف "أصحاب" على "حواريون" عطف عام على خاص.

(يأخذون بسنته) ضمن "يأخذون" معنى "يتمسكون" فعدي بالباء يقال: أخذ بتلابيبه بمعنى أمسك بها، والجملة صفة "حواريون".

(ويقتدون بأمره) الأمر واحد الأمور، أي يقتدون بحاله وأموره فإن أريد من الأمر واحد الأوامر -وهو بعيد- فالمراد من الاقتداء الصدع والتنفيذ.

ص: 191

(ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف) ضمير "إنها" للحال والقصة والخلوف بضم الخاء واللام: جمع خلف بفتح الخاء وسكون اللام، وهو الخالف بشر، أي بدل السوء، ومنه: سكت ألفا ونطق خلفا، أما الخلف بفتح الخاء واللام فهو الخالف بخير، وهل هذه التفرقة مبناها الشيوع وكثرة الاستعمال؟ أو مبناها الوضع؟ خلاف بين اللغويين.

وظاهر قوله "ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف" أن هذه الخلوف تعقب الحواريين والأصحاب، ولكن هذا الظاهر غير مراد، فإن خلوف الشر إنما كانت بعد أجيال من الأصحاب، والتعبير بثم يرشح لهذا المراد.

(يقولون ما لا يفعلون)"ما" موصولة، وعائد الصلة مفعول "يفعلون" محذوف، وجملة يقولون صفة "خلوف".

(فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن) أي من جد واجتهد، وبلغ جهده في منعهم بجوارحه فهو مؤمن إيمانا قويا.

(وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) الخردل نبات له حب صغير جدا أسود اللون مقرح، ويضرب المثل بحبة الخردل للمتناهي في الصغر.

والمعنى وليس بعد ذلك إيمان يزن حبة خردل، أي إن إيمان المنكر بقلبه متناه في الصغر، ومن لا ينكر بقلبه لا شيء عنده من الإيمان، والمقصود المبالغة في ضعف الإيمان.

(فحدثته عبد الله بن عمر) أي حدث أبو رافع عبد الله بن عمر بهذا الحديث، فهاء المفعول الأول في "حدثته" للحديث السابق.

(فقدم ابن مسعود) من العراق إلى المدينة.

(فنزل بقناة) بقاف مفتوحة، آخره تاء تأنيث، غير مصروف للعلمية والتأنيث، إذ هو علم على واد من أودية المدينة، ويرويه بعضهم "بفنائه" بالفاء بدل القاف وبالمد، والفناء ما بين أيدي المنازل والدور. قال القاضي عياض: رواية "بفنائه" خطأ وتصحيف.

(فاستتبعني عبد الله بن عمر) أي طلب مني أن أتبعه.

(يعوده) أي يزوره مكررا، وليس من عيادة المريض.

-[فقه الحديث]-

ما ورد في هذا الحديث من الحث على جهاد المبطلين باليد واللسان، إنما هو حيث لا يؤدي ذلك إلى إثارة الفتن وإشهار السلاح.

ص: 192

وما يتعلق بالحديث من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد تقدم في الحديث السابق.

ومع أن الشيخ أبا عمرو يرى أن هذا الحديث مسوق فيمن سبق من الأمم، ويرى أنه ليس في لفظه ذكر لهذه الأمة، فإننا نرى أنه دعوة للأمة الإسلامية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن فيه تقريرا لما كان، والتقرير تشريع.

بل نرى أن قوله صلى الله عليه وسلم "فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن" كلام موجه للصحابة، مبني على مفهوم مطوي في الكلام، تقديره، وستكون أمتي كذلك، وسيخلفكم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن

إلخ.

ولو أن الكلام في الأمم السابقة خاصة لكان الأولى بالأسلوب أن يكون: ثم إنها خلفت من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، فمن كان يجاهدهم بيده كان مؤمنا

إلخ.

ويؤيدنا في هذا الفهم صنيع الإمام مسلم والإمام النووي، فقد استدلا بالحديث على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

-[ويؤخذ من الحديث]-

1 -

مدى حيطة الصحابة في أخذ الأحاديث وإنكارهم ما لا يقبلون، والتثبت والاستشهاد على صحة ما يرون.

2 -

أن سنة الله في خلقه ضعف الإيمان كلما تقدمت القرون.

3 -

أن الإيمان يزيد ويتكامل، ويضعف حتى حبة الخردل.

4 -

عيادة الأفاضل، وزيارة القادمين من السفر.

والله أعلم

ص: 193