الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالْحَاءِ: الدَّاخِلُ مَعَ الْقَوْمِ لَيْسَ شأْنه شأْنهم. ابْنُ الأَعرابي: التَّاحِي البُسْتَانيان «3» .
فصل الثاء
ثحثح: الثَّحْثَحَةُ: صوتٌ فِيهِ بُحَّة عِنْدَ اللَّهاةِ؛ وأَنشد:
أَبَحُّ مُثَحْثِحٌ صَحِلُ الثَّحِيحِ
أَبو عَمْرٍو: قَرَبٌ ثَحْثَاح شديد مثل حَثْحاثٍ.
ثعجح: قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ عُتَيِّر بْنَ عرْوة الأَسديّ يَقُولُ: اثْعَنْجَح المطرُ بِمَعْنَى اثْعَنْجَر إِذا سَالَ وَكَثُرَ وَرَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَذَكَرْتُهُ لِشِمْرٍ فَاسْتَغْرَبَهُ حِينَ سَمِعَهُ وَكَتَبَهُ؛ وأَنشدته فِيهِ مَا أَنشدني عُتَيِّرٌ لِعَدِيِّ ابن عَلِيٍّ الغاضِريِّ فِي الْغَيْثِ:
جَوْنٌ تَرَى فِيهِ الرَّوايا دُلَّحا،
…
كأَنَّ حَنَّاناً وبَلْقاً صَرَّحا
فِيهِ إِذا مَا جُلْبُه تَكَلَّحا،
…
وسَحَّ سَحّاً ماؤُه فاثْعَنْجَحا
حَكَاهُ الأَزهري وَقَالَ عَنْ هَذَا الْحَرْفِ وَمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ من بَابِ رُبَاعِيِّ الْعَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ: هَذِهِ حُرُوفٌ لَا أَعرفها وَلَمْ أَجد لَهَا أَصلًا فِي كُتُبِ الثِّقَاتِ الَّذِينَ أَخذوا عَنِ الْعَرَبِ الْعَارِبَةِ مَا أَودعوا كُتُبَهُمْ، وَلَمْ أَذكرها وأَنا أُحقها وَلَكِنِّي ذَكَرْتُهَا اسْتِنْدَارًا لَهَا وَتَعَجُّبًا مِنْهَا، وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهَا وَلَمْ أَذْكُرْهَا أَنا هُنَا مَعَ هَذَا الْقَوْلِ إِلَّا لئلَّا يُحْتَاجَ إِلى الْكَشْفِ عَنْهَا فَيُظَنُّ بِهَا مَا لَمْ يُنْقَلْ فِي تَفْسِيرِهَا، وَاللَّهُ أَعلم.
ثلطح: ابْنُ سِيدَهْ: رَجُلٌ ثِلْطِحٌ «4» : هَرِمٌ ذاهبُ الأَسْنَانِ.
فصل الجيم
جبح: جَبَحُوا بِكِعَابِهِمْ وجَبَخُوا «5» بِهَا: رَمَوْا بِهَا لِيَنْظُرُوا أَيها يَخْرُجُ فَائِزًا. والجَبْحُ والجُبْحُ والجِبْحُ: حَيْثُ تُعَسِّلُ النحلُ إِذا كَانَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ، وَالْجَمْعُ أَجْبُحٌ وجُبُوحٌ وجِباحٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وأَجْباحٌ كَثِيرَةٌ؛ وَقِيلَ: هِيَ مَوَاضِعُ النَّحْلِ فِي الْجَبَلِ وَفِيهَا تُعَسِّلُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاح يُخَاطِبُ ابْنَهُ: وإِن كنتَ عِنْدِي أَنتَ أَحْلَى مِنَ الجَنَى، جَنَى النَّحلِ، أَضْحَى واتِناً بينَ أَجْبُحِ واتِناً: مُقِيمًا؛ وَقِيلَ هِيَ حِجَارَةُ الْجَبَلِ، وَالْوَاحِدُ كَالْوَاحِدِ، وَالْخَاءُ الْمُعْجَمَةُ لغة.
جحح: جحَّ الشيءَ يَجُحُّه جَحّاً: سَحَبه، يَمَانِيَةٌ. والجُحُّ عِنْدَهُمْ: كُلُّ شَجَرٍ انْبَسَطَ عَلَى وَجْهِ الأَرض، كأَنهم يُرِيدُونَ انْجَحَّ عَلَى الأَرض أَي انْسَحَب. والجُحُّ: صِغَارُ الْبِطِّيخِ وَالْحَنْظَلِ قَبْلَ نُضْجِه، وَاحِدَتُهُ جُحَّة، وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ أَهل نَجْدٍ الحَدَجَ. الأَزهري: جَحَّ الرجلُ إِذا أَكل الجُحَّ؛ قَالَ: وَهُوَ الْبِطِّيخُ المُشَنَّجُ. وأَجَحَّتِ السَّبُعةُ وَالْكَلْبَةُ، فَهِيَ مُجِحٌّ: حَمَلَتْ فأَقْرَبَتْ وعَظُمَ بَطْنُهَا؛ وَقِيلَ: حَمَلَتْ فأَثْقَلَتْ. وَقَدْ يُقْتاسُ أَجَحَّتْ للمرأَة كَمَا يُقْتاسُ حَبِلَتْ لِلسَّبُعَةِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ بامرأَة مُجِحٍّ فسَأَل عَنْهَا فَقَالُوا: هَذِهِ أَمة لِفُلَانٍ؛ فَقَالَ: أَيُلِمُّ بِهَا؟ فَقَالُوا: نَعَمْ؛ قَالَ: لقد هَمَمْتُ أَن أَلعنه لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ، كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ أَو كَيْفَ يُوَرِّثه وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُحِجُ
(3). قوله [التاحي البستانيان] أَي خادم البستان كما في القاموس، وحق ذكره في المعتل.
(4)
. قوله [ثلطح] ضبطه شارح القاموس كزبرج.
(5)
. قوله [جبحوا بكعابهم وجبخوا] ظاهر إطلاق القاموس أنه من باب كتب.
الْحَامِلُ المُقْرِب؛ قَالَ: وَوَجْهُ الْحَدِيثِ أَن يَكُونَ الْحَمْلُ قَدْ ظَهَرَ بِهَا قَبْلَ أَن تُسبى، فَيَقُولُ: إِن جَاءَتْ بِوَلَدٍ وَقَدْ وَطِئَهَا بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَن يَجْعَلَهُ مَمْلُوكًا، لأَنه لَا يَدْرِي لَعَلَّ الَّذِي ظَهَرَ لَمْ يَكُنْ ظُهُورُ الْحَمْلِ مِنْ وَطْئِهِ، فإِن المرأَة رُبَّمَا ظَهَرَ بِهَا الْحَمْلُ ثُمَّ لَا يَكُونُ شَيْئًا حَتَّى يَحْدُثَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ وَلَدُهُ؛ وَقَوْلُهُ أَو كَيْفَ يُوَرِّثُهُ؟ يَقُولُ: لَا يَدْرِي لَعَلَّ الْحَمْلَ قَدْ كَانَ بِالصِّحَّةِ قَبْلَ السِّباء فَكَيْفَ يُوَرِّثُهُ؟ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنه نَهَى عَنِ وَطْءِ الْحَوَامِلِ حَتَّى يَضَعْنَ، كَمَا قَالَ يَوْمَ أُوطاسٍ: أَلا لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا حائلٌ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: وَقَيْسٌ كُلُّهَا تَقُولُ لِكُلِّ سَبُعة، إِذا حَمَلَتْ فأَقْرَبَتْ وَعَظُمَ بَطْنُهَا، قَدْ أَجَحَّتْ، فَهِيَ مُجِحٌّ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: أَجَحَّتِ الكلبةُ إِذا حَمَلَتْ فأَقْرَبَتْ؛ وَكَلْبَةٌ مُجِحٌّ، وَالْجَمْعُ مَجاحُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن كَلْبَةً كَانَتْ فِي بَنِي إِسرائيل مُجِحّاً، فَعَوَى جِراؤُها فِي بَطْنِهَا
، ويُرْوى مُجِحَّة بِالْهَاءِ عَلَى أَصل التأْنيث، وأَصل الإِجْحاح للسباع.
جحجح: الجَحْجَحُ: بَقْلَة تَنْبُتُ نِبْتَةَ الجَزَر، وَكَثِيرٌ مِنَ الْعَرَبِ مَن يُسَمِّيهَا الحِنْزابَ. والجُحْجُحُ أَيضاً: الكَبْش؛ عَنْ كُرَاعٍ. والجَحْجَحُ: السَّيِّدُ السَّمْحُ؛ وَقِيلَ: الْكَرِيمُ، وَلَا تُوصَفُ بِهِ المرأَة؛ وَفِي حَدِيثِ سَيْفِ بْنُ ذِي يَزَنٍ:
بِيضٌ مَغالِبَةٌ غُلْبٌ جَحاجِحةٌ «1»
. جَمْعُ جَحْجاح، وَهُوَ السَّيِّدُ الْكَرِيمُ، وَالْهَاءُ فِيهِ لتأْكيد الْجَمْعِ. وجَحْجَحَتِ المرأَة: جاءَت بجَحْجاح. وجَحْجَح الرجلُ: ذَكَرَ جَحْجاحاً مِنْ قَوْمِهِ؛ قَالَ:
إِنْ سَرَّكَ العِزُّ، فَجَحْجِحْ بجُشَمْ
وَجَمْعُ الجَحْجَاحِ جَحاجِحُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
مَاذَا بِبَدْرٍ، فالعَقَنْقَلِ،
…
مِنْ مَرازِبَةٍ جَحاجِحْ؟
وإِن شِئْتَ جَحاجِحة وإِن شِئْتَ جَحاجيح، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ لَا بُدَّ مِنْهَا أَو مِنَ الْيَاءِ وَلَا يَجْتَمِعَانِ. الأَزهري: قَالَ أَبو عَمْرٍو: الجَحْجَحُ الفَسْلُ مِنَ الرِّجَالِ؛ وأَنشد:
لَا تَعْلَقي بجَحْجَحٍ حَيُوسِ،
…
ضَيِّقةٍ ذراعُه يَبُوسِ
وجَحْجَح عَنْهُ: تأَخر. وجَحْجَح عَنْهُ: كَفَّ، مقلوبٌ من جَحْجَحَ أَو لُغَةٌ فِيهِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
حَتَّى رأَى رأْيَهُمُ فَجَحْجَحا
والجَحْجَحَةُ: النُّكُوصُ، يُقَالُ: حَملوا ثُمَّ جَحجَحُوا أَي نَكَصُوا. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ وَذَكَرَ فِتْنَةَ ابْنِ الأَشعث فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنها لَعُقُوبَةٌ فَمَا أَدري أَمُسْتَأْصِلة أَم مُجَحجِحة؟
أَي كَافَّةٌ. يُقَالُ: جَحْجَحْتُ عَلَيْهِ وحَجْحَجْتُ، وَهُوَ مِنَ الْمَقْلُوبِ. وجَحْجَح الرجلُ: عَدَّدَ وَتَكَلَّمَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مَا وَجَدَ العَدّادُ، فِيمَا جَحْجَحا،
…
أَعَزَّ مِنْهُ نَجْدَةً، وأَسمَحا
والجَحْجَحَةُ: الهلاك.
جدح: المِجْدَحُ: خَشَبَةٌ فِي رأْسها خَشَبَتَانِ مُعْتَرِضَتَانِ؛ وَقِيلَ: المِجْدَحُ مَا يُجْدَحُ بِهِ، وَهُوَ خَشَبَةٌ طَرَفُهَا ذُو جوانب. والجَدْحُ والتَجْدِيحُ: الخَوْضُ بالمِجْدَح يكون
(1). قوله [بيض مغالبة] كذا بالأصل هنا، ومثله في النهاية. وفي مادة غ ل ب منها: بيض مرازبة، وكل صحيح المعنى
ذَلِكَ فِي السَّوِيقِ وَنَحْوِهِ. وكلُّ مَا خُلِطَ، فَقَدْ جُدِحَ. وجَدَحَ السويقَ وَغَيْرَهُ، واجْتَدَحَه: لَتَّه وشَرِبَه بالمِجْدَح. وشرابٌ مُجَدَّحٌ أَي مُخَوَّضٌ، وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُهُمْ لِلشَّرِّ فَقَالَ:
أَلم تَعْلَمِي يَا عصْم، كَيْفَ حَفِيظَتي
…
إِذا الشَّرُّ خاضَتْ، جانِبيهِ، المَجادِحُ؟
الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: جَدَحَ السويقَ فِي اللَّبَنِ وَنَحْوِهِ إِذا خَاضَهُ بالمِجْدَح حَتَّى يَخْتَلِطَ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
انْزِلْ فاجْدَحْ لَنَا
؛ الجَدْحُ: أَن يحرَّك السويقُ بِالْمَاءِ ويُخَوَّضَ حَتَّى يَسْتَوي وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ وَنَحْوُهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: والمِجْدَحُ عُودٌ مُجَنَّحُ الرَّأْس يُساطُ بِهِ الأَشْرِبةُ وَرُبَّمَا يَكُونُ لَهُ ثَلَاثُ شُعَب؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رضي الله عنه: جَدَحُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ شِرْباً وَبِيئًا
أَي خَلَطُوا. وجَدَّحَ الشيءَ خَلَطَه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فنَحا لَهَا بِمُدَلَّقَيْنِ، كأَنما
…
بِهِمَا مِنَ النَّضْحِ المُجَدَّحِ أَيْدَعُ
عَنَى بالمُجَدَّح الدَّمَ المحرَّك. يَقُولُ: لَمَّا نَطَحَهَا حَرَّك قَرْنَهُ فِي أَجوافها. والمَجْدُوحُ: دَم كَانَ يُخْلَطُ مَعَ غَيْرِهِ فَيُؤْكَلُ فِي الجَدْب، وَقِيلَ: المَجْدُوحُ دَمُ الفَصيد كَانَ يُسْتَعْمَلُ فِي الجَدْب فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ قَالَ الأَزهري: المَجْدُوح مِنْ أَطعمة الْجَاهِلِيَّةِ؛ كَانَ أَحدهم يَعْمِدُ إِلى النَّاقَةِ فتُفْصَدُ لَهُ ويأْخذ دَمَهَا فِي إِناء فَيَشْرَبُهُ. ومَجادِيحُ السَّمَاءِ: أَنواؤُها، يُقَالُ: أَرسلت السماءُ مَجادِيحَها؛ قَالَ الأَزهري: المِجْدَحُ فِي أَمر السَّمَاءِ، يُقَالُ: تَرَدُّدُ رَيِّق الْمَاءِ فِي السَّحَابِ؛ وَرَوَاهُ عَنِ اللَّيْثِ، وَقَالَ: أَمّا مَا قَالَهُ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ الْمَجَادِيحِ: إِنها تَردُّد رَيِّق الْمَاءِ فِي السَّحَابِ فَبَاطِلٌ، وَالْعَرَبُ لَا تَعْرِفُهُ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه خَرَجَ إِلى الِاسْتِسْقَاءِ فصَعِدَ المِنْبَر فَلَمْ يَزِدْ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ حَتَّى نَزَلَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنك لَمْ تَسْتَسْقِ فَقَالَ: لَقَدِ اسْتَسْقَيْتُ بمَجاديح السَّمَاءِ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الْيَاءُ زَائِدَةٌ للإِشباع، قَالَ: وَالْقِيَاسُ أَن يَكُونَ وَاحِدُهَا مِجْداح، فأَما مِجْدَح فَجَمْعُهُ مَجادِحُ؛ وَالَّذِي يُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنه جَعَلَ الِاسْتِغْفَارَ اسْتِسْقَاءً بتأَوّل قَوْلَ اللَّهِ عز وجل: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً؛ وأَراد عُمَرُ إِبطال الأَنْواءِ والتكذيبَ بِهَا لأَنه جَعَلَ الِاسْتِغْفَارَ هُوَ الَّذِي يُسْتَسْقَى بِهِ، لَا الْمَجَادِيحَ والأَنواء الَّتِي كَانُوا يَسْتَسْقُونَ بِهَا. والمَجاديحُ: وَاحِدُهَا مِجْدَحٌ، وَهُوَ نَجْمٌ مِنَ النُّجُومِ كَانَتِ الْعَرَبُ تَزْعُمُ أَنها تُمْطَرُ بِهِ كَقَوْلِهِمُ الأَنْواء، وَهُوَ المُجْدَحُ أَيضاً «1» ، وَقِيلَ: هُوَ الدَّبَرانُ لأَنه يَطْلُع آخِرًا وَيُسَمَّى حادِيَ النُّجوم؛ قَالَ دِرْهَمُ بْنُ زَيْدٍ الأَنْصاري:
وأَطْعُنُ بالقومِ شَطْرَ المُلوكِ،
…
حَتَّى إِذا خَفَقَ المِجْدَحُ
وَجَوَابُ إِذا خَفَقَ الْمِجْدَحُ فِي الْبَيْتِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَهُوَ:
أَمَرْتُ صِحابي بأَنْ يَنْزِلوا،
…
فنامُوا قَلِيلًا، وَقَدْ أَصْبَحوا
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وأَطعُن بِالْقَوْمِ شَطْرَ الْمُلُوكِ أَي أَقصد بِالْقَوْمِ نَاحِيَتَهُمْ لأَن الْمُلُوكَ تُحِبُّ وِفادَتَه إِليهم؛ وَرَوَاهُ أَبو عَمْرٍو: وأَطْعَنُ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ؛ وَقَالَ أَبو أُسامة: أَطعُن بِالرُّمْحِ، بِالضَّمِّ، لَا غَيْرُ، وأَطعُن بِالْقَوْلِ، بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ؛ وَقَالَ أَبو الْحَسَنِ: لَا وَجْهَ لِجَمْعِ مَجاديح إِلا أَن يَكُونَ مِنَ بَابِ طَوَابِيقَ فِي الشذوذ أَو يكون
(1). قوله [وهو المجدح أَيضاً] أَي بضم الميم كما صرح به الجوهري.
جمعَ مِجْداحٍ، وَقِيلَ: المِجْدَحُ نَجْمٌ صَغِيرٌ بَيْنَ الدَّبَرانِ وَالثُّرَيَّا، حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد:
باتتْ وظَلَّتْ بأُوامٍ بَرْحِ،
…
يَلْفَحُها المِجْدَحُ أَيَّ لَفْحِ
تَلُوذُ مِنْهُ بِجَناء الطَّلْحِ،
…
لَهَا زِمَجْرٌ فوقَها ذُو صَدْحِ
زِمَجْرٌ: صوتٌ، كَذَا حَكَاهُ بِكَسْرِ الزَّايِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: أَراد زَمْجَرٌ، فسكَّن، فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَن يَكُونَ زَمَجْرٌ، إِلا أَن الرَّاجِزَ لَمَّا احْتَاجَ إِلى تَغْيِيرِ هَذَا الْبِنَاءِ غَيَّرَهُ إِلى بِنَاءٍ مَعْرُوفٍ، وَهُوَ فِعَلٌّ كسِبَطْرٍ وقِمَطْرٍ، وَتَرَكَ فَعْلَلًا، بِفَتْحِ الْفَاءِ، لأَنه بِنَاءٌ غَيْرُ مَعْرُوفٌ، لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مِثْلَ قَمْطَرٍ، بِفَتْحِ الْقَافِ. قَالَ شَمِرٌ: الدَّبَرانُ يُقَالُ لَهُ المِجْدَحُ وَالتَّالِي وَالتَّابِعُ، قَالَ: وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَدْعُو جَناحَي الْجَوْزَاءِ المِجْدَحَين، وَيُقَالُ: هِيَ ثَلَاثَةُ كَوَاكِبَ كالأَثافي، كأَنها مِجْدَحٌ لَهُ ثَلَاثُ شُعَبٍ يُعتبر بِطُلُوعِهَا الحَرُّ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنَ الأَنْواء الدَّالَّةِ عَلَى الْمَطَرِ، فَجَعَلَ عُمَرُ، رضي الله عنه، الِاسْتِغْفَارَ مُشْبِهًا للأَنْواء مُخَاطَبَةً لَهُمْ بِمَا يَعْرِفُونَهُ، لَا قَوْلًا بالأَنْواء، وَجَاءَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ لأَنه أَراد الأَنْواء جَمِيعًا الَّتِي يَزْعُمُونَ أَن مِنْ شأْنها الْمَطَرُ. وجِدِحْ: كجِطِحْ، سيأْتي ذكره.
جرح: الجَرْح: الفعلُ: جَرَحه يَجْرَحُه جَرْحاً: أَثَّرَ فِيهِ بِالسِّلَاحِ؛ وجَرَّحَه: أَكثر ذَلِكَ فِيهِ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
مَلُّوا قِراه، وهَرَّتْه كلابُهُمُ،
…
وجَرَّحُوه بأَنْيابٍ وأَضْراسِ
وَالِاسْمُ الجُرْح، بِالضَّمِّ، وَالْجَمْعُ أَجْراح وجُرُوحٌ وجِراحٌ؛ وَقِيلَ: لَمْ يَقُولُوا أَجْراح إِلا مَا جَاءَ فِي شِعْرٍ، وَوَجَدْتُ فِي حَوَاشِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ الْمَوْثُوقِ بِهَا: قَالَ الشَّيْخُ، وَلَمْ يسمِّه، عَنَى بِذَلِكَ قَوْلَهُ «1»:
وَلَّى، وصُرِّعْنَ، مِنْ حيثُ التَبَسْنَ بِهِ،
…
مُضَرَّجاتٍ بأَجْراحٍ، ومَقْتُولِ
قَالَ: وَهُوَ ضَرُورَةٌ كَمَا قَالَ مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ. والجِراحَة: اسْمُ الضَّرْبَةِ أَو الطَّعْنَةِ، وَالْجَمْعُ جِراحاتٌ وجِراحٌ، عَلَى حَدِّ دِجاجَة ودِجاج، فإِما أَن يَكُونَ مكسَّراً عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ، وإِما أَن يَكُونَ مِنْ الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إِلا بِالْهَاءِ. الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ الجِراحَة الْوَاحِدَةُ مِنْ طَعْنَةٍ أَو ضَرْبَةٍ؛ قَالَ الأَزهري: قَوْلُ اللَّيْثِ الْجِرَاحَةُ الْوَاحِدَةُ خطأٌ، وَلَكِنْ جُرْحٌ وجِراحٌ وجِراحة، كَمَا يُقَالُ حِجَارَةٌ وجِمالة وحِبالة لِجَمْعِ الحَجَرِ والجَمَل وَالْحَبْلِ. وَرَجُلٌ جَريح مِنْ قَوْمٍ جَرْحى، وامرأَة جَريح، وَلَا يُجْمَعُ جَمْعَ السَّلَامَةِ لأَن مُؤَنَّثَهُ لَا تَدْخُلُهُ الْهَاءُ، ونِسْوة جَرْحى كَرِجَالٍ جَرْحى. وجَرَّحَه: شُدِّد لِلْكَثْرَةِ. وجَرَحَه بِلِسَانِهِ: شَتَمَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
لَا تَمْضَحَنْ عِرْضي، فإِني ماضِحُ
…
عِرْضَك، إِن شَاتَمْتَنِي، وقادِحُ
فِي ساقِ مَنْ شاتَمَني، وجارِحُ
وَقَوْلُ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: العَجْماءُ جَرْحُها جُبار
؛ فَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ لَا غَيْرُ عَلَى الْمَصْدَرِ؛ وَيُقَالُ: جَرَح الحاكمُ الشاهدَ إِذا عَثر مِنْهُ عَلَى مَا تَسْقُطُ بِهِ عَدَالَتُهُ مِن كَذِبٍ وَغَيْرِهِ؛ وَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَاكِمِ، فَقِيلَ: جَرَحَ الرجلَ غَضَّ شَهَادَتَهُ؛ وَقَدِ اسْتُجْرحَ الشاهدُ. والاستجراحُ: النقصانُ وَالْعَيْبُ وَالْفَسَادُ، وهو مِنه،
(1). قوله [عنى بذلك قوله] أي قول عبدة بن الطبيب كما في شرح القاموس.
حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ قَالَ: وَفِي خُطْبَةِ
عَبْدِ الْمَلِكِ: وَعَظْتُكم فَلَمْ تَزْدادُوا عَلَى الْمَوْعِظَةِ إِلا اسْتِجْرَاحًا
أَي فَسَادًا؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِلا مَا يُكْسِبُكُم الجَرْحَ وَالطَّعْنَ عَلَيْكُمْ؛ وَقَالَ ابْنُ عَوْن: اسْتَجْرَحَتْ هَذِهِ الأَحاديثُ؛ قَالَ الأَزهري: وَيُرْوَى عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنه قَالَ: كَثُرَتْ هَذِهِ الأَحاديث واسْتَجْرَحَتْ أَي فَسَدَت وقلَّ صِحاحُها، وَهُوَ اسْتَفْعَل مِنْ جَرَح الشاهدَ إِذا طَعَنَ فِيهِ ورَدَّ قَوْلَهُ؛ أَراد أَن الأَحاديث كَثُرَتْ حَتَّى أَحوجت أَهل الْعِلْمِ بِهَا إِلى جَرْحِ بَعْضِ رُوَاتِهَا، ورَدِّ رِوَايَتِهِ. وجَرَح الشيءَ واجْتَرَحَه: كَسَبه؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ
. الأَزهري: قَالَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لإِناث الْخَيْلِ جَوارِحُ، وَاحِدَتُهَا جارِحَة لأَنها تُكسب أَربابَها نِتاجَها؛ وَيُقَالُ: مَا لَهُ جارِحَة أَي مَا لَهُ أُنثى ذاتُ رَحِمٍ تَحْمِلُ؛ وَمَا لَهُ جَارِحَةٌ أَي مَا لَهُ كاسِبٌ. وجَوارحُ الْمَالِ: مَا وَلَد؛ يُقَالُ: هَذِهِ الْجَارِيَةُ وَهَذِهِ الْفَرَسُ وَالنَّاقَةُ والأَتان مِنْ جَوَارِحِ الْمَالِ أَي أَنها شابَّة مُقْبِلَة الرَّحِم وَالشَّبَابُ يُرجَى وَلدُها. وَفُلَانٌ يَجْرَحُ لِعِيَالِهِ ويَجْتَرِحُ ويَقْرِشُ ويَقْتَرِشُ، بِمَعْنًى؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ
؛ أَي اكْتَسَبُوهَا. فلان جارحُ أَهلِه وجارِحَتُهم أَي كاسِبُهم. وَالْجَوَارِحُ مِنَ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ وَالْكِلَابِ: ذواتُ الصَّيْدِ لأَنها تَجْرَحُ لأَهلها أَي تَكْسِبُ لَهُمُ، الْوَاحِدَةُ جَارِحَةٌ؛ فَالْبَازِيُّ جَارِحَةٌ، وَالْكَلْبُ الضَّارِي جَارِحَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: سمِّيت بِذَلِكَ لأَنها كواسِبُ أَنفُسِها مِن قَوْلِكَ: جَرَح واجْترَح؛ وفي التنزيل: يَسْئَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ
؛ قَالَ الأَزهري: فِيهِ مَحْذُوفٌ، أَراد اللَّهُ عز وجل: وأُحِلَّ لَكُمْ صيدُ مَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ، فَحُذِفَ لأَن فِي الْكَلَامِ دَلِيلًا عَلَيْهِ. وجَوارِحُ الإِنسان: أَعضاؤُه وعَوامِلُ جَسَدِهِ كَيَدَيْهِ وَرِجَلَيْهِ، وَاحِدَتُهَا جَارِحَةٌ. لأَنهن يَجْرَحْن الْخَيْرَ وَالشَّرَّ أَي يَكْسِبْنَهُ. وجَرَح لَهُ مِنْ مَالِهِ: قطَع لَهُ مِنْهُ قِطْعَةً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، ورَدَّ عَلَيْهِ ثعلبٌ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنما هُوَ جَزَح، بِالزَّايِ، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ. وَقَدْ سَمَّوْا جَرَّاحاً، وكَنَوْا بأَبي الجَرَّاح.
جردح: الأَزهري فِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ جَرادِحُ مِنَ الأَرض وجرادِحَة، وَهِيَ إِكامُ الأَرض. وغلامٌ مُجَرْدَحُ الرأْس.
جَزَحَ: الجَزْحُ: الْعَطِيَّةُ. جَزَحَ لَهُ جَزْحاً: أَعطاه عَطَاءً جَزِيلًا، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُعْطِي وَلَا يُشاوِرَ أَحداً، كَالرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ شَرِيكٌ فَيَغِيبُ عَنْهُ فيُعْطِي مِنْ مَالِهِ وَلَا يَنْتَظِرُهُ. وجَزَحَ لِي مِنْ مَالِهِ يَجْزَحُ جَزْحاً: أَعطاني مِنْهُ شَيْئًا؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِتَمِيمِ بْنِ مُقْبِل:
وإِني، إِذا ضَنَّ الرَّفُودُ بِرِفْدِه،
…
لَمُخْتَبِطٌ، مِنْ تالدِ المالِ، جازِحُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَازِحٌ أَي قَاطِعٌ أَي أَقطع لَهُ مِنْ مَالِي قِطْعَةً؛ وَهَذَا الْبَيْتُ أَورد الْجَوْهَرِيُّ عَجُزَهُ:
وإِني لَهُ، مِنْ تالدِ المالِ، جازِحُ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ [لَمُخْتَبِطٌ مِنْ تَالِدِ الْمَالِ] كَمَا أَورده الأَزهري وَابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُمَا، وَاسْمُ الْفَاعِلِ جازِحٌ؛ وأَنشد أَبو عُبيدة لعَدِيِّ بْنِ صُبْحٍ يَمْدَحُ بَكَّاراً:
مَا زِلْتَ مِنْ ثَمَرِ الأَكارِمِ تُصْطَفَى،
…
مِنْ بينِ واضِحةٍ وقَرْمٍ واضِحِ
حَتَّى خُلِقْتَ مُهَذَّباً، تَبْني الْعُلَى،
…
سَمْحَ الخَلائقِ، صَالِحًا مِنْ صالِحِ
يَنْمِي بِكَ الشَّرَفُ الرفيعُ، وتَتَّقِي
…
عَيْبَ المَذَمَّة، بالعَطاءِ الجازِحِ
وجَزَحَ الشجرةَ: ضَرَبَهَا ليَحُتَّ وَرَقَها. وجِزِحْ: زَجْرٌ للعَنْزِ المُتَصَعِّبَة عِنْدَ الحَلْب، مَعْنَاهُ: قِرِّي.
جَطَحَ: تَقُولُ الْعَرَبُ لِلْغَنَمِ، وَقَالَ الأَزهري لِلْعَنْزِ إِذا استَصْعَبَتْ عِنْدَ الْحَلْبِ: جِطِحْ أَي قَرِّي فتَقِرُّ، بِلَا اشْتِقَاقِ فعْلٍ، وَقَالَ كُرَاعٌ: جِطِّحْ، بشَدِّ الطَّاءِ، وَسُكُونِ الْحَاءِ بَعْدَهَا، زَجْرٌ للجَدْيِ والحَمَلِ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جِدِحْ، فكأَنَّ الدَّالَ دَخَلَتْ عَلَى الطَّاءِ أَو الطَّاءَ عَلَى الدَّالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ جدح.
جَلِحَ: الجَلَحُ: ذهابُ الشَّعْرِ مِنْ مُقَدَّم الرأْس، وَقِيلَ: هُوَ إِذا زَادَ قَلِيلًا عَلَى النَّزَعَة. جَلِحَ، بِالْكَسْرِ، جَلَحاً، والنعتُ أَجْلَحُ وجَلْحاء، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الجَلَحَة. والجَلَحُ: فَوْقَ النَّزَعِ، وَهُوَ انْحِسار الشَّعْرِ عَنْ جَانِبَيِ الرأْس، وأَوّله النَّزَعُ ثُمَّ الجَلَحُ ثُمَّ الصَّلَعُ. أَبو عُبَيْدٍ: إِذا انحَسَر الشَّعْرُ عَنْ جَانِبَيِ الْجَبْهَةِ، فَهُوَ أَنْزَعُ، فإِذا زَادَ قَلِيلًا، فَهُوَ أَجْلَح، فإِذا بَلَغَ النصفَ وَنَحْوَهُ، فَهُوَ أَجْلى، ثُمَّ هُوَ أَجْلَه، وجمعُ الأَجْلَح جُلْح وجُلْحانٌ. والجَلَحةُ: انْحِسارُ الشَّعْرِ، ومُنْحَسِرُه عَنْ جَانِبَيِ الْوَجْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ لَيُؤَدِّي الْحُقُوقَ إِلى أَهلها حَتَّى يَقْتَصَّ لِلشَّاةِ الجَلْحاءِ مِنَ الشَّاةِ القَرْناءِ نَطَحَتْها.
قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يُبَيِّنُ أَن الجَلْحاء مِنَ الشَّاءِ وَالْبَقَرِ بِمَنْزِلَةِ الجَمَّاء الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا؛ وَفِي حَدِيثِ الصَّدَقَةِ:
لَيْسَ فِيهَا عَقْصاء وَلَا جَلْحاء
؛ هِيَ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعَنْز جَلْحاء جَمَّاء عَلَى التَّشْبِيهِ بجَلَحِ الشَّعْرِ؛ وعمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ نَوْعَيِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: شَاةٌ جَلْحاءٌ كجَمَّاء، وَكَذَلِكَ هِيَ مِن الْبَقَرِ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الْبَقَرِ الَّتِي ذَهَبَ قَرْنَاهَا آخِرًا، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنه كَانْحِسَارِ مُقَدَّم الشَّعْرِ. وَبَقَرٌ جُلْح: لَا قُرُونَ لَهَا؛ قَالَ قَيْسُ بْنَ عَيزارة «2» الْهُذَلِيَّ:
فَسَكَّنْتَهم بالمالِ، حَتَّى كأَنهم
…
بَواقِرُ جُلْحٌ سَكَّنَتْها المَراتِعُ
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ عَنْ هَذَا الْبَيْتِ: قَالَ الْكِسَائِيُّ أَنشدني ابْنُ أَبي طَرْفة، وأَورد الْبَيْتَ. وقَرْيَةٌ جَلْحاء: لَا حِصْنَ لَهَا، وقُرًى جُلْحٌ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: قَالَ اللَّهُ لرُومِيَّةَ: لأَدَعَنَّكِ جَلْحاء
أَي لَا حِصْنَ عَلَيْكِ. والحُصُون تُشْبِهُ الْقُرُونَ، فإِذا ذَهَبَتِ الْحُصُونُ جَلِحَتِ القُرَى فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْبَقَرَةِ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي أَيوب: مَنْ بَاتَ عَلَى سَطْحٍ أَجْلح فَلَا ذِمَّةَ لَهُ
؛ هُوَ السَّطْحُ الَّذِي لَا قَرْنَ لَهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُرِيدُ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ جِدَارٌ وَلَا شَيْءَ يَمْنَعُ مِنَ السُّقُوطِ. وأَرضٌ جَلْحاء: لَا شَجَرَ فِيهَا. جَلِحَتْ جَلَحاً وجُلِحَتْ، كِلَاهُمَا: أُكِلَ كَلَؤُها. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: جُلِحَتِ الشَّجَرَةُ: أُكِلَتْ فُرُوعُهَا فَرُدَّت إِلى الأَصل وَخَصَّ مَرَّةً بِهِ الجَنْبةَ. ونباتٌ مَجْلوحٌ: أُكل ثُمَّ نَبَتَ. والثُّمامُ المَجْلوحُ والضَّعَةُ المَجْلوحَة: الَّتِي أُكلت ثُمَّ نَبَتَتْ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا مِنَ الشَّجَرِ؛ قَالَ يُخَاطِبُ نَاقَتَهُ:
أَلا ازْحَمِيهِ زَحْمةً فَرُوحِي،
…
وجاوِزي ذَا السَّحَمِ المَجْلوحِ،
وكَثْرَةَ الأَصْواتِ والنُّبُوحِ
(2). قوله [قَالَ قَيْسُ بْنُ عَيْزَارَةَ] قال شارح القاموس: تتبعت شعر قيس هذا فلم أجده في ديوانه انتهى.
والمَجْلوح: المأْكولُ رأْسه. وجَلَح المالُ الشجرَ يَجْلَحُه جَلْحاً، بِالْفَتْحِ، وجَلَّحَه: أَكله، وَقِيلَ: أَكل أَعلاه، وَقِيلَ: رَعَى أَعاليه وقَشَرَه. وَنَبَتٌ إِجْلِيحٌ: جُلِحَتْ أَعاليه وأُكِلَ. والمُجَلَّح: المأْكولُ الَّذِي ذَهَبَ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبل يَصِفُ القَحْط:
أَلم تَعْلَمِي أَنْ لَا يَذُمُّ فُجاءَتي
…
دَخِيلي، إِذا اغْبَرَّ العضاهُ المُجَلَّحُ
أَي الَّذِي أُكل حَتَّى لَمْ يُترك مِنْهُ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ كَلأٌ مُجَلَّح. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي شَرْحِ هَذَا الْبَيْتِ: دَخِيلُه دُخْلُلُه وَخَاصَّتُهُ، وَقَوْلُهُ: فُجاءتي، يُرِيدُ وَقْتَ فُجَاءَتِي. وَاغْبِرَارُ الْعِضَاهِ: إِنما يَكُونُ مِنَ الْجَدْبِ، وأَراد بِقَوْلِهِ أَن لَا يَذُمُّ: أَنه لَا يُذَمُّ، فَحَذَفَ الضَّمِيرَ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ عز وجل: أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا، تَقْدِيرُهُ أَنه لَا يَرْجِعُ. والمُجَلِّحُ: الْكَثِيرُ الأَكل؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الرَّجُلُ الْكَثِيرُ الأَكل. وَنَاقَةٌ مُجالِحة: تأْكل السَّمُرَ والعُرْفُط، كَانَ فِيهِ وَرَقٌ أَو لَمْ يَكُنْ. والمَجاليح مِنَ النَّحْلِ والإِبل: اللَّوَاتِي لَا يُبَالِينَ قُحوطَ الْمَطَرِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَنشد أَبو عَمْرٍو:
غُلْبٌ مَجالِيحُ عِنْدَ المَحْلِ كُفْأَتُها،
…
أَشْطانُها فِي عِذابِ البحرِ تَسْتَبِقُ
الْوَاحِدَةُ مِجْلاح ومُجالِحٌ. والمُجالِحُ أَيضاً مِنَ النُّوق: الَّتِي تَدِرُّ فِي الشِّتَاءِ، وَالْجَمْعُ مَجالِيحُ؛ وضَرْع مُجالِحٌ، مِنْهُ، وُصِفَ بِصِفَةِ الْجُمْلَةِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّاءِ. والمِجْلاحُ والمُجَلِّحَةُ: الْبَاقِيَةُ اللَّبَنِ عَلَى الشِّتَاءِ، قلَّ ذَلِكَ مِنْهَا أَو كَثُرَ، وَقِيلَ: المُجالِحُ الَّتِي تَقْضِمُ عِيدَانَ الشَّجَرِ الْيَابِسِ فِي الشِّتَاءِ إِذا أَقْحَطت السنَةُ وتَسْمَنُ عَلَيْهَا فَيَبْقَى لَبَنُهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وسنَة مُجَلِّحة: مُجْدِبة. والمَجالِيح: السِّنُونَ الَّتِي تَذْهَبُ بِالْمَالِ. وَنَاقَةٌ مِجْلاحٌ: جَلْدَةٌ عَلَى السَّنَةِ الشَّدِيدَةِ فِي بَقَاءِ لَبَنِهَا؛ وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
المانِحُ الأُدْمَ والخُورَ الهِلابَ، إِذا
…
مَا حارَدَ الخُورُ، واجْتَثَّ المَجالِيحُ
قَالَ: الْمَجَالِيحُ الَّتِي لَا تُبَالِي الْقُحُوطَ. والجالِحةُ والجَوالِحُ: مَا تطاير من رؤُوس النَّبَاتِ فِي الرِّيحِ شِبْه الْقُطْنِ؛ وَكَذَلِكَ مَا أَشبهه مِنْ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ وقِطَعِ الثَّلْجِ إِذا تَهَافَتَ. والأَجْلَح: الهَوْدَجُ إِذا لَمْ يَكُنْ مُشْرِفَ الأَعْلى؛ حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي عَنْ خَالِدِ بْنِ كُلْثُومٍ، قَالَ: وَقَالَ الأَصمعي هُوَ الْهَوْدَجُ الْمُرَبَّعُ؛ وأَنشد لأَبي ذُؤَيْبٍ:
إِلّا تكنْ ظُعْناً تُبْنى هَوادِجُها،
…
فإِنهن حِسانُ الزِّيِّ أَجْلاحُ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَجْلاحٌ جَمْعُ أَجْلَح، وَمِثْلُهُ أَعْزَلُ وأَعْزال، وأَفْعَلُ وأَفعالٌ قَلِيلٌ جِدًّا؛ وَقَالَ الأَزهري: هَوْدَجٌ أَجْلَح لَا رأْس لَهُ، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ رأْس مُرْتَفِعٌ. وأَكَمَةٌ جَلْحاء إِذا لَمْ تَكُنْ مُحَدَّدة الرأْس. والتَّجْلِيحُ: السيرُ الشَّدِيدُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: جَلَّحَ عَلَيْنَا أَي أَتى عَلَيْنَا. أَبو زَيْدٍ: جَلَّحَ عَلَى الْقَوْمِ تَجْلِيحًا إِذا حَمَلَ عَلَيْهِمْ. وجَلَّحَ فِي الأَمر: رَكِبَ رأْسه. والتَّجْلِيحُ: الإِقدام الشَّدِيدُ وَالتَّصْمِيمُ فِي الأَمر والمُضِيُّ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
ومِلْنا بالجِفارِ إِلى تَميمٍ،
…
عَلَى شُعُثٍ مُجَلِّحَةٍ عِتاقِ
والجُلاحُ، بِالضَّمِّ مُخَفَّفًا: السيلُ الجُرافُ. وَذِئْبٌ مُجَلِّحٌ: جَريءٌ، والأُنثى بِالْهَاءِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
عَصافيرٌ وذِبَّانٌ ودُودٌ،
…
وأَجْرٍ مِنْ مُجَلِّحَةِ الذِّئابِ
وَقِيلَ: كلُّ ماردٍ مُقْدِم عَلَى شيءٍ مُجَلِّح. والتَّجْليحُ: المكاشَفةُ فِي الْكَلَامِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ وأَما قَوْلُ لَبِيدٍ:
فكنَّ سَفِينها، وضَرَبْنَ جَأْشاً،
…
لِخَمْسٍ فِي مُجَلِّحَةٍ أَرُومِ
فإِنه يَصِفُ مَفَازَةً متكشفة بِالسَّيْرِ. وجالَحْتُ الرجلَ بالأَمر إِذا جَاهَرْتَهُ بِهِ. والمُجالَحَة: المُكاشَفة بِالْعَدَاوَةِ. والمُجالِحُ: المُكابِرُ. والمُجالَحة: المُشارَّة مِثْلُ المُكالحةِ. وجَلَّاحٌ والجُلاحُ وجُلَيْحة: أَسماء؛ قَالَ اللَّيْثُ: وجُلاحٌ اسْمُ أَبي أُحَيْحة بْنِ الجُلاح الْخَزْرَجِيِّ. وجَلِيحٌ: اسْمٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ وَالْكَاهِنِ: يَا جَلِيحُ أَمرٌ نجِيحٌ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: جَلِيح اسْمُ رَجُلٍ قَدْ نَادَاهُ. وَبَنُو جُلَيْحة: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ. والجَلْحاءُ: بَلَدٌ مَعْرُوفٌ، وَقِيلَ هُوَ مَوْضِعٌ عَلَى فَرْسَخَيْنِ مِنَ الْبَصْرَةِ. وجَلْمَح رأْسَه أَي حَلَقَه، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ.
جَلْبَحَ: الجِلْبِحُ مِنَ النِّسَاءِ: الْقَصِيرَةُ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الجِلْبِحُ الْعَجُوزُ الدَّمِيمَةُ؛ قَالَ الضَّحَّاكُ الْعَامِرِيُّ:
إِني لأَقْلِي الجِلْبِحَ الْعَجُوزَا،
…
وأَمِقُ الفَتِيَّةَ العُكْمُوزا
جَلْدَحَ: الجَلْدَحُ: المُسِنُّ مِنَ الرِّجَالِ. والجَلَنْدَحُ: الثَّقِيلُ الوَخِمُ. والجُلُنْدُحةُ والجُلَندَحة: الصُّلْبة مِنَ الإِبل. وَنَاقَةٌ جُلَنْدَحة: شَدِيدَةٌ. الأَزهري: رَجُلٌ جَلَنْدَحٌ وجَلَحْمَد إِذا كَانَ غَلِيظًا ضَخْماً. ابْنُ دُرَيْدٍ: الجُلادِحُ الطَّوِيلُ، وَجَمْعُهُ جَلادِحُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مِثل الفَلِيقِ العُلْكُمِ الجُلادِحِ
جَمَحَ: جَمَحَتِ المرأَةُ تَجْمَحُ جِماحاً مِنْ زَوْجِهَا: خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ إِلى أَهلها قَبْلَ أَن يُطَلِّقَهَا، وَمِثْلُهُ طَمَحَتْ طِماحاً؛ قَالَ:
إِذا رأَتني ذاتُ ضِغْنٍ حَنَّتِ،
…
وجَمَحَتْ مِنْ زوجِها وأَنَّتِ
وفرسٌ جَمُوح إِذا لَمْ يَثْنِ رأْسَه. وجَمَحَ الفرسُ بِصَاحِبِهِ جَمْحاً وجِماحاً: ذَهَبَ يَجْرِي جَرْيًا غَالِبًا واعْتَزَّ فارسَه وَغَلَبَهُ. وَفَرَسٌ جامِحٌ وجَمُوحٌ، الذَّكَرُ والأُنثى فِي جَمُوح سَوَاءٌ؛ وَقَالَ الأَزهري عِنْدَ النَّعْتَيْنِ: الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ؛ وَكُلُّ شيءٍ مَضَى لِشَيْءٍ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَدْ جَمَحَ بِهِ، وَهُوَ جَمُوح؛ قَالَ:
إِذا عَزَمْتُ عَلَى أَمرٍ جَمَحْتُ بِهِ،
…
لَا كَالَّذِي صَدَّ عَنْهُ، ثُمَّ لَمْ يُنِبِ
والجَمُوحُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يَرْكَبُ هَوَاهُ فَلَا يُمْكِنُ رَدُّه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
خَلَعْتُ عِذاري جامِحاً، لَا يَرُدُّني،
…
عَنِ البِيضِ أَمثالِ الدُّمَى، زَجْرُ زاجِرِ
وجَمَحَ إِليه أَي أَسرع. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
لَوَلَّوْا إِليه وَهُمْ يَجْمَحُون
؛ أَي يُسْرعون؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يُسْرِعُونَ إِسراعاً لَا يَرُدُّ وُجوهَهم شيءٌ، ومِن هَذَا قِيلَ: فَرَسٌ جَمُوحٌ، وَهُوَ الَّذِي إِذا حَمَلَ لَمْ يَرُدَّه اللِّجَامُ. وَيُقَالُ: جَمَحَ وطَمَحَ إِذا أَسرع وَلَمْ يَرُدَّ وجهَه شيءٌ. قَالَ الأَزهري: فَرَسٌ جَمُوح لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما يُوضَعُ
مَوْضِعَ الْعَيْبِ وَذَلِكَ إِذا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ رُكُوبُ الرأْس، لَا يُثْنِيهِ رَاكِبُهُ، وَهَذَا مِنَ الجِماحِ الَّذِي يُرَدُّ مِنْهُ بِالْعَيْبِ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي فِي الْفَرَسِ الجَمُوح أَن يَكُونَ سَرِيعًا نَشِيطًا مَرُوحاً، وَلَيْسَ بِعَيْبٍ يُردّ مِنْهُ، وَمَصْدَرُهُ الجُمُوح؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
جَمُوحاً مَرُوحاً، وإِحْضارُها
…
كَمَعْمَعةِ السَّعَفِ المُوقَدِ
وإِنما مَدَحَهَا فَقَالَ:
وأَعْدَدْتُ لِلحَربِ وَثَّابةً،
…
جَوَادَ المَحَثَّةِ والمُرْوَدِ
ثُمَّ وَصَفَهَا فَقَالَ: جَمُوحاً مَرُوحاً أَو سَبُوحاً أَي تُسْرع بِرَاكِبِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه جَمَحَ فِي أَثَرِه
أَي أَسْرع إِسراعاً لَا يَرُدُّه شَيْءٌ. وجَمَحَتِ السَّفِينَةُ تَجْمَحُ جُمُوحاً: تَرَكَتْ قَصْدَها فَلَمْ يَضْبِطْها الملَّاحون. وجَمَحُوا بكِعابِهم: كَجَبَحُوا. وتَجامَح الصبيانُ بالكِعابِ إِذا رَمَوْا كَعْباً بكَعْب حَتَّى يُزِيلَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ. والجَمامِيحُ: رؤُوس الحَلِيِّ والصِّلِّيانِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: مثل رؤُوس الحَلِيِّ والصِّلِّيان وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَخْرُجُ عَلَى أَطرافه شِبْهُ السُّنْبُلِ، غَيْرَ أَنه لَيِّنٌ كأَذْنابِ الثَّعَالِبِ، وَاحِدَتُهُ جُمَّاحَة. والجُمَّاح: شيءٌ يُتَّخَذُ مِنَ الطِّينِ الحُرِّ أَو التَّمْرِ والرَّمادِ فَيُصَلَّبُ وَيَكُونُ فِي رأْس المِعْراضِ يُرْمَى بِهِ الطَّيْرُ؛ قَالَ:
أَصابتْ حَبَّةَ القَلبِ،
…
فَلَمْ تُخْطِئْ بِجُمَّاحِ
وَقِيلَ: الجُمَّاحُ تَمْرَةٌ تُجْعَلُ عَلَى رأْس خَشَبَةٍ يَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ، وَقِيلَ: هُوَ سَهْمٌ أَو قَصَبة يُجْعَلُ عَلَيْهَا طِينٌ ثُمَّ يُرْمَى بِهِ الطَّيْرُ؛ قَالَ رُقَيْعٌ الوالِبِيُّ:
حَلَقَ الحوادثُ لِمَّتي، فَتَرَكْن لِي
…
رأْساً يَصِلُّ، كأَنه جُمَّاحُ
أَي يُصَوِّتُ مِنِ امِّلاسِه؛ وَقِيلَ: الجُمَّاحُ سهمٌ صَغِيرٌ بِلَا نَصْلٍ مُدَوَّرُ الرأْس يَتَعَلَّمُ بِهِ الصِّبيانُ الرَّمْيَ، وَقِيلَ: بَلْ يَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ يَجْعَلُونَ عَلَى رأْسه تَمْرَةً أَو طِينًا لِئَلَّا يَعْقِرَ؛ قَالَ الأَزهري: يُرْمَى بِهِ الطَّائِرُ فَيُلْقِيهِ وَلَا يَقْتُلُهُ حَتَّى يأْخذه رَامِيهِ؛ وَرَوَتِ العربُ عَنْ رَاجِزٍ مِنَ الْجِنِّ زَعَمُوا:
هَلْ يُبْلِغَنِّيهمْ إِلى الصَّباحْ
…
هَيْقٌ، كأَنَّ رأْسَه جُمَّاحْ
قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لَهُ جُبَّاحٌ أَيضاً؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الجُمَّاح سَهْمُ الصَّبِيُّ يُجْعَلُ فِي طَرَفِهِ تَمْرًا مَعْلوكاً بقَدْرِ عِفاصِ الْقَارُورَةِ لِيَكُونَ أَهْدَى لَهُ، أَمْلَسُ وَلَيْسَ لَهُ رِيشٌ، وَرُبَّمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَيضاً فُوقٌ، قَالَ: وَجَمْعُ الجُمَّاحِ جَمامِيحُ وجَمامِحُ، وإِنما يَكُونُ الجَمامِحُ فِي ضَرُورَةِ الشَّعْرِ كَقَوْلِ الحُطَيْئة:
بِزُبِّ اللِّحَى جُرْدِ الخُصَى كالجَمامِحِ
فأَما أَن يُجْمَعَ الجُمَّاحُ عَلَى جَمامِحَ فِي غَيْرِ ضَرُورَةِ الشَّعْرِ فَلَا، لأَن حَرْفَ اللِّينِ فِيهِ رَابِعٌ، وإِذا كَانَ حَرْفُ اللِّينِ رَابِعًا فِي مِثْلِ هَذَا كَانَ أَلفاً أَو وَاوًا أَو يَاءً، فَلَا بُدَّ مِنْ ثَبَاتِهَا يَاءً فِي الْجَمْعِ وَالتَّصْغِيرِ عَلَى مَا أَحكَمَتْه صِناعةُ الإِعراب، فإِذاً لَا مَعْنَى لِقَوْلِ أَبي حَنِيفَةَ فِي جَمْعِ جُمَّاح جَمامِيحُ وجَمامِحُ، وإِنما غَرَّهُ بَيْتُ الْحُطَيْئَةِ وَقَدْ بيَّنا أَنه اضْطِرَارٌ. الأَزهري: الْعَرَبُ تُسَمِّي ذَكَر الرَّجلِ جُمَيْحاً ورُمَيْحاً، وتُسَمِّي هَنَ المرأَةِ شُرَيْحاً، لأَنه مِنَ الرَّجُلِ يَجْمَحُ فَيَرْفَعُ رأْسه، وَهُوَ مِنْهَا يَكُونُ مَشْرُوحًا أَي مَفْتُوحًا. ابْنُ الأَعرابي: الجُمَّاح الْمُنْهَزِمُونَ مِنَ الْحَرْبِ، وأَورد
ابْنُ الأَثير فِي هَذَا الْفَصْلِ مَا صُورَتُهُ: وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: فَطَفِقَ يُجَمِّحُ إِلى الشَّاهِدِ النَّظَرَ
أَي يُدِيمُهُ مَعَ فَتْحِ الْعَيْنِ، قَالَ: هَكَذَا جَاءَ فِي كِتَابِ أَبي مُوسَى وكأَنه، وَاللَّهُ أَعلم، سَهْوٌ، فإِن الأَزهري وَالْجَوْهَرِيَّ وَغَيْرَهُمَا ذَكَرُوهُ فِي حَرْفِ الْحَاءِ قَبْلَ الْجِيمِ، وَفَسَّرُوهُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبو مُوسَى فِي حَرْفِ الْحَاءِ. وَقَدْ سَمَّوْا جَمَّاحاً وجُمَيْحاً وجُمَحاً: وَهُوَ أَبو بَطْنٍ مِنْ قُرَيْشٍ.
جملح: جَمْلَحَ رأْسَه: حَلَقَه.
جنح: جَنَحَ إِليه «3» يَجْنَحُ ويَجْنُحُ جُنُوحاً، واجْتَنحَ: مالَ، وأَجْنَحَه هُوَ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فَمَرَّ بالطيرِ مِنْهُ فاحِمٌ كَدِرٌ،
…
فِيهِ الظِّباءُ وَفِيهِ العُصْمُ أَجْناحُ
إِنما هُوَ جَمْعُ جَانِحٍ كَشَاهِدٍ وأَشهاد، وأَراد مَوائِلَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدَ خِفَّةً فاجْتَنحَ عَلَى أُسامة حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ
أَي خَرَجَ مَائِلًا مُتَّكِئًا عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: أَقمت الشَّيْءَ فَاسْتَقَامَ. واجْتَنَحْتُه أَي أَمَلته فَجَنَحَ أَي مَالَ. وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها
؛ أَي إِن مَالُوا إِليك «4» فَمِلْ إِليها، والسِّلْمُ: المُصالحة، وَلِذَلِكَ أُنثت؛ وَقَوْلُ أَبي النَّجْمِ يَصِفُ السَّحَابَ:
وسَحَّ كلُّ مُدْجنٍ سَحَّاحِ،
…
يَرْعُدُ في بِيضِ [بَيضِ] الذُّرَى جُنَّاحِ
قَالَ الأَصمعي: جُنَّاح دَانِيَةٌ مِنَ الأَرض، وَقَالَ غَيْرُهُ: جُنَّاح مَائِلَةٌ عَنِ الْقَصْدِ. وجَنَحَ الرجلُ واجْتَنَحَ: مَالَ عَلَى أَحد شقَّيه وَانْحَنَى فِي قَوْسِه. وجُنُوح اللَّيْلِ: إِقباله. وجَنَحَ الظلامُ: أَقْبلَ الليلُ. وجَنَحَ الليلُ يَجْنَحُ جُنُوحاً: أَقبل. وجُنْحُ اللَّيْلِ وجِنْحُه: جانِبُه، وَقِيلَ: أَوَّله، وَقِيلَ: قِطْعَةٌ مِنْهُ نَحْوَ النِّصْفِ، وجُنْحُ الظَّلَامِ وجِنْحُه لُغَتَانِ، ويقال: كأَنه جُنْحُ [جِنْحُ] لَيْلٍ يُشَبَّه بِهِ العَسْكَرُ الْجَرَّارُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا اسْتَجنح الليلُ فاكْفِتُوا صِبيانكم
؛ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ أَوَّل اللَّيْلِ. وجِنْحُ الطَّرِيقِ «5» : جَانِبُهُ؛ قَالَ الأَخْضَر بْنُ هُبَيْرة الضَّبّي:
فَمَا أَنا يومَ الرَّقْمَتَيْنِ بِناكِلٍ،
…
وَلَا السيفُ إِن جَرَّدْتُه بكَلِيلِ
وَمَا كنتُ ضَغَّاطاً، ولكنَّ ثَائِرًا
…
أَناخَ قَلِيلًا، عِنْدَ جِنْحِ سَبيلِ
وجِنْحُ الْقَوْمِ: ناحيتُهم وكَنَفُهم؛ وَقَالَ:
فَبَاتَ بِجِنْحِ القومِ حَتَّى إِذا بَدَا
…
لَهُ الصُّبْحُ، سَامَ القومَ إِحدى المَهالكِ
وجَناحُ الطَّائِرِ: مَا يَخْفِق بِهِ فِي الطَّيَرَانِ، وَالْجَمْعُ أَجْنِحة وأَجْنُحٌ. وجَنَحَ الطائرُ يَجْنَحُ جُنُوحاً إِذا كَسَرَ مِن جَناحَيْه ثُمَّ أَقبل كَالْوَاقِعِ اللَّاجِئِ إِلى مَوْضِعٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَرَى الطيرَ العِتاقَ يَظَلْنَ مِنْهُ
…
جُنُوحاً، إِنْ سَمِعْنَ لَهُ حَسِيسا
وجَناحا الطَّائِرِ: يَدَاهُ. وجَناحُ الإِنسان: يَدُه. ويد الإِنسان: جَناحاه. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
؛ أَي أَلِنْ لَهُمَا جانِبَكَ. وَفِيهِ: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ
؛ قال
(3). قوله [جنح إِليه إلخ] بابه منع وضرب ونصر كما في القاموس.
(4)
. قوله [مالوا إليك] هكذا في الأَصل والأَمر سهل.
(5)
. قوله [وجنح الطريق إلخ] هذا وما بعده بكسر الجيم لا غير، كما هو ضبط الأَصل. ومفاد الصحاح والقاموس وفي المصباح: وجنح الليل، بضم الجيم وكسرها، ظلامه واختلاطه، ثم قال: وجنح الطريق، بالكسر، جانبه.
الزَّجَّاجُ: مَعْنَى جَناحك العَضُدُ، وَيُقَالُ الْيَدُ كلُّها جَناحٌ، وَجَمْعُهُ أَجْنِحة وأَجْنُحٌ، حَكَى الأَخيرة ابْنُ جِنِّي وَقَالَ: كَسَّرُوا الجَناحَ وَهُوَ مذكَّر عَلَى أَفْعُلٍ، وَهُوَ مِنْ تَكْسِيرِ المؤَنث لأَنهم ذَهَبُوا بالتأْنيث إِلى الرِّيشَة، وَكُلُّهُ رَاجِعٌ إِلى مَعْنَى المَيْل لأَن جَناحَ الإِنسان وَالطَّائِرِ فِي أَحد شِقَّيْه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحتها لِطَالِبِ الْعِلْمِ
أَي تَضَعُهَا لِتَكُونَ وِطاءً لَهُ إِذا مَشَى؛ وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى التَّوَاضُعِ لَهُ تَعْظِيمًا لحقِّه؛ وَقِيلَ: أَراد بِوَضْعِ الأَجنحة نزولَهم عِنْدَ مَجَالِسِ الْعِلْمِ وتَرْكَ الطَّيَرَانِ؛ وَقِيلَ: أَراد إِظلالهم بِهَا؛ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
تُظِلُّهم الطيرُ بأَجنحتها.
وجَناحُ الطَّائِرِ: يَدُه. وجَنَحَه يَجْنِحُه جَنْحاً: أَصاب جَناحَه. الأَزهري: وَلِلْعَرَبِ أَمثال فِي الجَناح، مِنْهَا قَوْلُهُمْ فِي الرَّجُلِ إِذا جَدَّ فِي الأَمر وَاحْتَفَلَ: رَكِبَ فلانٌ جَناحَيْ نَعامة؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
فَمَنْ يَسْعَ أَو يَرْكَبْ جَناحَيْ نَعامةٍ،
…
لِيُدْرِكَ مَا قَدَّمْتَ بالأَمْسِ، يُسْبَق
وَيُقَالُ: رَكِبَ القومُ جَناحَيِ الطَّائِرِ إِذا فَارَقُوا أَوطانهم؛ وأَنشد الفرَّاء:
كأَنما بِجَناحَيْ طائِرٍ طَارُوا
وَيُقَالُ: فُلَانٌ فِي جَنَاحَيْ طَائِرٍ إِذا كَانَ قَلِقاً دَهِشاً، كَمَا يُقَالُ: كأَنه عَلَى قَرْن أَعْفَر، وَيُقَالُ: نَحْنُ عَلَى جَناح سَفَر أَي نُرِيدُ السَّفَرَ، وَفُلَانٌ فِي جنَاح فُلَانٍ أَي فِي ذَراهُ وَكَنَفِهِ؛ وأَما قَوْلُ الطِّرِمَّاحِ:
يَبُلُّ بمَعْصورٍ جَناحَيْ ضَئِيلَةٍ
…
أَفاوِيقَ، مِنْهَا هَلَّةٌ ونُقُوعُ
فإِنه يُرِيدُ بالجَناحين الشَّفَتَيْنِ، وَيُقَالُ: أَراد بِهِمَا جَناحَيِ اللَّهاةِ والحَلْقِ. وجَناحا العَسْكَرِ: جَانِبَاهُ. وجَناحا الْوَادِي: مَجْرَيانِ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ. وجَناحُ الرَّحَى: ناعُورُها. وجَناحا النَّصْلِ: شَفْرَتاه. وجَناحُ الشَّيْءِ: نَفْسُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
وأَحْوَرُ العينِ مَرْبُوبٌ، لَهُ غُسَنٌ،
…
مُقَلَّدٌ مِنْ جَناحِ الدُّرِّ تِقْصارا
وَقِيلَ: جَناحُ الدُّرِّ نَظْمٌ مِنْهُ يُعَرَّضُ. وكلُّ شَيْءٍ جَعَلْتَهُ فِي نِظامٍ، فَهُوَ جَناحٌ. والجَوانح: أَوائل الضُّلُوع تَحْتَ التَّرَائِبِ مِمَّا يَلِي الصَّدْرَ، كَالضُّلُوعِ مِمَّا يَلِي الظَّهْرَ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِجُنُوحِهَا عَلَى الْقَلْبِ، وَقِيلَ: الْجَوَانِحُ الضُّلُوع القِصارُ الَّتِي فِي مُقَدَّمِ الصدرِ، وَالْوَاحِدَةُ جَانِحَةٌ؛ وَقِيلَ: الْجَوَانِحُ مِنَ الْبَعِيرِ وَالدَّابَّةِ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْكَتِفُ وَهُوَ مِنِ الإِنسان الدَّئيُّ، وَهِيَ مَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الظَّهْرِ وَهِيَ سِتٌّ: ثَلَاثٌ عَنْ يَمِينِكَ وَثَلَاثٌ عَنْ شِمَالِكَ؛ قَالَ الأَزهري: جَوانِحُ الصَّدْرِ مِنَ الأَضلاع المتصلة رُؤُوسها فِي وَسَطِ الزَّوْرِ، الْوَاحِدَةُ جَانِحَةٌ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: كَانَ وَقِيذَ الجَوانِح
، هِيَ الأَضلاع مِمَّا يَلِي الصَّدْرَ. وجُنِحَ البعيرُ: انْكَسَرَتْ جَوانِحُه مِنِ الحِمْل الثَّقِيلِ. وجَنَحَ البعيرُ يَجْنَحُ جُنُوحاً: انْكَسَرَ أَوَّلُ ضُلُوعه مِمَّا يَلِي الصَّدْرَ. وَنَاقَةٌ مُجْتَنِحَة الجَنْبَينِ: وَاسِعَتُهُمَا. وجَنَحَتِ الإِبلُ: خَفَضَتْ سَوالِفَها فِي السَّيْرِ، وَقِيلَ: أَسرعت. ابْنُ شُمَيْلٍ: الاجْتِناحُ فِي النَّاقَةِ كأَنَّ مُؤَخَّرَها يُسْنَدُ إِلى مُقَدَّمها مِنْ شِدَّةِ انْدِفَاعِهَا بحَفْزِها رِجْلَيْهَا إِلى صَدْرِهَا؛ وَقَالَ شَمِرٌ: اجْتَنَحَتِ النَّاقَةُ فِي سَيْرِهَا إِذا أَسرعت؛ وأَنشد:
مِنْ كلِّ وَرْقاء لَهَا دَفٌّ قَرِحْ،
…
إِذا تَبادَرْنَ الطريقَ تَجْتَنِحْ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: المُجْتَنِحُ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي يَكُونُ حُضْرُه وَاحِدًا لأَحَدِ شِقَّيْه يَجْتَنِحُ عَلَيْهِ أَي يَعْتَمِدُهُ فِي حُضْره؛ وَالنَّاقَةُ الْبَارِكَةُ إِذا مَالَتْ عَلَى أَحد شِقَّيْهَا يُقَالُ: جَنَحَتْ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا مالَ فوقَ الرَّحْلِ، أَحْيَيْتِ نَفْسَه
…
بذكراكِ، والعِيسُ المَراسِيلُ جُنَّحُ
وجَنَحَتِ السَّفِينَةُ تَجْنَحُ جُنُوحاً: انْتَهَتْ إِلى الْمَاءِ الْقَلِيلِ فَلَزِقَتْ بالأَرض فَلَمْ تَمْضِ. واجْتَنَحَ الرجلُ فِي مَقْعَده عَلَى رَحْلِهِ إِذا انْكَبَّ عَلَى يَدَيْهِ كالمُتَّكِئ عَلَى يدٍ وَاحِدَةٍ. الأَزهري: الرَّجُلُ يَجْنَحُ إِذا أَقبل عَلَى الشَّيْءِ يَعْمَلُهُ بِيَدَيْهِ وَقَدْ حَنَى عَلَيْهِ صَدْرَهُ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
جُنُوحَ الهَالِكِيّ عَلَى يديهِ،
…
مُكِبّاً يَجْتَلِي نُقَبَ النِّصالِ
وَرَوَى
أَبو صَالِحِ السَّمَّانُ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَن رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَمَرَ بالتَّجَنُّحِ فِي الصَّلَاةِ، فشَكا ناسٌ إِلى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، الضَّعْفَةَ فأَمَرَهم أَن يستعينوا بالرُّكَبِ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
شَكَا أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، الاعتمادَ فِي السُّجُودِ فَرَخَّصَ لَهُمْ أَن يستعينوا بمرافقهم على رُكَبهم.
قَالَ شَمِرٌ: التَّجَنُّحُ والاجْتِناحُ كأَنه الِاعْتِمَادُ فِي السُّجُودِ عَلَى الْكَفَّيْنِ، والادِّعامُ عَلَى الرَّاحَتَيْنِ وَتَرْكُ الِافْتِرَاشِ لِلذِّرَاعَيْنِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ أَن يَرْفَعَ سَاعِدَيْهِ فِي السُّجُودِ عَنِ الأَرض وَلَا يَفْتَرِشَهُمَا، وَيُجَافِيهِمَا عَنْ جَانِبَيْهِ وَيَعْتَمِدُ عَلَى كَفَّيْهِ فيصيرَان لَهُ مِثْلَ جَناحَيِ الطَّائِرِ؛ قَالَ ابْنُ شُمِيلٍ: جَنَحَ الرَّجُلُ عَلَى مِرْفَقَيْه إِذا اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا وَقَدْ وَضَعَهُمَا بالأَرض أَو عَلَى الْوِسَادَةِ يَجْنَحُ جُنُوحاً وجَنْحاً. والمَجْنَحة: قِطْعَةُ أَدَمٍ تُطرح عَلَى مُقَدَّم الرَّحْلِ يَجْتَنِحُ الرَّاكِبُ عَلَيْهَا. والجُناح، بِالضَّمِّ: الْمَيْلُ إِلى الإِثم، وَقِيلَ: هُوَ الإِثم عَامَّةً. والجُناحُ: مَا تُحُمِّلَ مِنَ الهَمِّ والأَذى؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ولاقَيْتُ، مِنْ جُمْلٍ وأَسبابِ حُبِّها،
…
جُناحَ الَّذِي لاقَيْتُ مِنْ تِرْبِها قَبْلُ
قَالَ: وأَصل ذَلِكَ مِنَ الجُناح الَّذِي هُوَ الإِثم. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِهِ عز وجل: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ
؛ الجُناح: الْجِنَايَةُ والجُرْمُ؛ وأَنشد قَوْلَ ابْنِ حِلِّزَةَ:
أَعَلينا جُناحُ كِنْدَةَ، أَن يَغْنَمَ
…
غازيهمُ، وَمِنَّا الجَزاءُ؟
وَصَفَ كِنْدَةَ بأَنهم غَزَوْكم فَقَتَلُوكُمْ وتُحَمِّلوننا جزاءَ فِعْلِهِمْ أَي عِقَابَ فِعْلِهِمْ، وَالْجَزَاءُ يَكُونُ ثَوَابًا وَعِقَابًا؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: لَا جُناحَ عَلَيْكُمْ
أَي لَا إِثم عَلَيْكُمْ وَلَا تَضْيِيقَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَالِ الْيَتِيمِ: إِني لأَجْنَحُ أَن آكُلَ مِنْهُ
أَي أَرى الأَكل مِنْهُ جُناحاً وَهُوَ الإِثم؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ الجُناحُ فِي الْحَدِيثِ، فأَين وَرَدَ فَمَعْنَاهُ الإِثم وَالْمَيْلُ. وَيُقَالُ: أَنا إِليك بحُناحٍ أَي مُتَشَوِّقٌ، كَذَا حُكِيَ بِضَمِّ الْجِيمِ؛ وأَنشد:
يَا لَهْفَ هِنْدٍ بعدَ أُسْرَةِ واهِبٍ،
…
ذَهَبُوا، وكنتُ إِليهمُ بجُناحِ
بِالضَّمِّ، أَي مُتَشَوِّقاً. وجَنَحَ الرجلُ يَجْنَحُ جُنُوحاً: أَعطى بِيَدِهِ. ابْنُ شُمِيلٍ: جَنَحَ الرجلُ إِلى الحَرورِيَّة، وجَنَحَ لَهُمْ إِذا تَابَعَهُمْ وَخَضَعَ لَهُمْ. وجَناحٌ: اسْمُ رَجُلٍ، وَاسْمُ ذِئْبٍ؛ قَالَ:
مَا راعَني إِلَّا جَناحٌ هَابِطًا،
…
عَلَى البُيوتِ، قَوْطَه العُلابِطا
وجَنَّاحٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وجَنَّاحٌ: اسْمُ خِباءٍ مِنْ أَخبيتهم؛ قَالَ:
عَهْدي بجَنَّاحٍ إِذا مَا اهْتَزَّا،
…
وأَذْرَتِ الريحُ تُراباً نَزَّا،
أَنْ سَوْفَ تَمْضِيهِ، وَمَا ارْمَأَزَّا
وَتُمْضِيهِ: تمضي عليه.
جنبح: الجُنْبُحُ: الْعَظِيمُ، وَقِيلَ: الجُنْبُخُ، بالخاء.
جوح: الجَوْحُ: الِاسْتِئْصَالُ، مِنَ الاجْتِياح. جاحَتهم السَّنة جَوحاً وجِياحة وأَجاحَتهم واجتاحَتْهم: استأْصلت أَموالهم، وَهِيَ تَجُوحُهم جَوْحاً وجِياحة، وَهِيَ سَنَة جَائِحَةٌ: جَدْبة؛ وجُحْتُ الشيءَ أَجُوحه. وفي الحديث:
إِن أَبي يُرِيدُ أَن يَجْتاحَ مَالِيَ
أَي يستأْصله ويأْتي عَلَيْهِ أَخذاً وإِنفاقاً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَابِيُّ: يُشْبِهُ أَن يَكُونَ مَا ذَكَرَهُ مِنِ اجْتِياح وَالِدِهِ مالَه، أَن مِقْدَارَ مَا يَحْتاجُ إِليه فِي النَّفَقَةِ شَيْءٌ كَثِيرٌ لَا يَسَعُه مالُه، إِلا أَن يَجتاحَ أَصلَه، فَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي تَرْكِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ:
أَنتَ ومالُك لأَبيك
، عَلَى مَعْنَى أَنه إِذا احْتَاجَ إِلى مَالِكَ أَخذ مِنْهُ قَدْرَ الْحَاجَةِ، وإِذا لَمْ يَكُنْ لَكَ مَالٌ وَكَانَ لَكَ كَسْبٌ لَزِمَكَ أَن تَكْتَسِبَ وَتُنْفِقَ عَلَيْهِ؛ فأَما أَن يَكُونَ أَراد بِهِ إِباحة مَالِهِ لَهُ حَتَّى يَجْتاحَه، ويأْتي عَلَيْهِ إِسرافاً وَتَبْذِيرًا فَلَا أَعلم أَحداً ذَهَبَ إِليه؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعاذَكُم اللهُ مِنْ جَوْحِ الدَّهْرِ.
واجْتاحَ العَدُوُّ مالَه: أَتى عَلَيْهِ. والجَوْحةُ وَالْجَائِحَةُ: الشِّدَّةُ وَالنَّازِلَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي تَجتاح المالَ مِنْ سَنَةٍ أَو فِتْنَةٍ. وَكُلُّ مَا استأْصله: فَقَدْ جاحَه واجْتاحَه. وجاحَ اللهُ مَالَهُ وأَجاحَه، بِمَعْنًى، أَي أَهلكه بِالْجَائِحَةِ. الأَزهري عَنْ أَبي عُبَيْدٍ: الْجَائِحَةُ الْمُصِيبَةُ تَحُلُّ بِالرَّجُلِ فِي مَالِهِ فتَجْتاحُه كُلَّه؛ قال ابن شمل: أَصابتهم جَائِحَةٌ أَي سَنَة شَدِيدَةٌ اجْتَاحَتْ أَموالهم، فَلَمْ تَدَعْ لهم وِجاحاً [وَجاحاً]، والوِجاحُ [الوَجاحُ]: بَقِيَّةُ الشَّيْءِ مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ. ابْنُ الأَعرابي: جاحَ يَجوحُ جَوْحاً إِذا هَلَكَ مالُ أَقربائه. وجاحَ يَجُوح إِذا عَدَل عَنِ المَحَجَّة إِلى غَيْرِهَا؛ وَنَزَلَتْ بِفُلَانٍ جائِحة مِنَ الجَوائِح.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: أَنه نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنين ووَضَعَ الجَوائِح
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
أَنه أَمر بِوَضْعِ الجَوائح
؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
ليْسَتْ بِسَنْهاءٍ وَلَا رُجَّبِيَّةٍ،
…
وَلَكِنْ عَرايا فِي السِّنين الجَوائح
وَرَوَى الأَزهري عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: جِماعُ الجَوائح كلُّ مَا أَذهب الثمرَ أَو بعضَها مِنْ أَمر سَماوِيٍّ بِغَيْرِ جِنَايَةِ آدَمِيٍّ، قَالَ: وإِذا اشْتَرَى الرَّجُلُ ثَمَرَ نخل بعد ما يحلُّ بَيْعُهُ فأُصيب الثَّمَرُ بعد ما قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ الثَّمَنُ كُلُّهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْبَائِعِ وَضْعُ مَا أَصابه مِنَ الْجَائِحَةِ عَنْهُ؛ قَالَ: وَاحْتَمَلَ أَمره بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ أَن يَكُونَ حَضًّا عَلَى الْخَيْرِ لَا حَتْمًا، كَمَا أَمر بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ؛ وَمِثْلُهُ أَمره بِالصَّدَقَةِ تَطَوُّعًا فإِذا خَلَّى البائعُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ الثَّمَرِ فأَصابته جَائِحَةٌ، لَمْ يُحْكَمْ عَلَى الْبَائِعِ بأَن يَضَعَ عَنْهُ مَنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا أَمر نَدْبٍ وَاسْتِحْبَابٍ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، لَا أَمر وُجُوبٍ؛
وَقَالَ أَحمد وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصحاب الْحَدِيثِ: هُوَ لَازِمٌ يُوضَعُ بِقَدْرِ مَا هَلَكَ
؛
وَقَالَ مَالِكٌ: يُوضَعُ فِي الثُّلُثِ فَصَاعِدًا
أَي إِذا كَانَتِ الْجَائِحَةُ فِي دُونِ الثُّلُثِ، فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي، وإِن كَانَ أَكثر فَمِنْ مَالِ الْبَائِعِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْجَائِحَةُ تَكُونُ بالبَرَدِ يَقَعُ مِنَ السَّمَاءِ إِذا عَظُم حَجْمُه فَكَثُرَ ضَرَرُهُ، وَتَكُونُ بالبَرَد المُحْرِق أَو الْحَرِّ المُفْرِط حَتَّى يَبْطُلَ الثَّمَنُ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَقَالَ إِسحاق: الْجَائِحَةُ إِنما هِيَ آفَةٌ تَجْتَاحُ الثَّمَرَ