المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الراء المهملة - لسان العرب - جـ ٢

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌ت

- ‌حرف التاء المثناة فوقها

- ‌فصل الهمزة

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل التاء المثناة

- ‌فصل الثاء المثلثة

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الخاء المعجمة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء المثناة تحتها

- ‌فصل الثاء المثلثة

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل التاء المثناة فوقها

- ‌فصل الثاء المثلثة

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الخاء المعجمة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء المثناة تحتها

- ‌ج

- ‌حرف الجيم

- ‌فصل الألف

- ‌فصل الباء

- ‌فصل التاء

- ‌فصل الثاء

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء

- ‌فصل الخاء

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌فصل الظاء المعجمة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء

- ‌باب الهمزة

- ‌فصل الباء

- ‌فصل التاء

- ‌فصل الثاء

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء

- ‌فصل الدال

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء المهملة

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين

- ‌فصل الشين

- ‌فصل الصاد

- ‌فصل الضاد

- ‌فصل الطاء

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء

الفصل: ‌فصل الراء المهملة

أَولهما. وذُرَحْرَحٌ فُعَلْعَلٌ، بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنَيْنِ، فإِذا صغَّرتَ حَذَفْتَ اللَّامَ الأُولى، وَقُلْتَ ذُرَيْرِحٌ، لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْلَعٌ إِلَّا حَدْرَدٌ. الأَزهري عَنْ أَبي عَمْرٍو: الذَراريح تَنْبَسِطُ عَلَى الأَرض، حُمْرٌ، وَاحِدَتُهَا ذَرِيحةٌ.

ذقح: الأَزهري خَاصَّةً قَالَ فِي نَوَادِرِ الأَعراب: فُلَانٌ مُتَذَقِّحٌ لِلشَّرِّ ومُتَفَقِّحٌ ومُتَنَقِّح ومُتَقَذِّذ ومُتَزَلِّم ومُتَشَذِّبٌ ومُتَحَذِّفٌ ومُتَلَقِّحٌ، بمعنى واحد.

ذوح: الذَّوْحُ: السَّوْق الشَّدِيدُ وَالسَّيْرُ الْعَنِيفُ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ ضَبْعًا نَبَشَتْ قَبْرًا:

فذاحَتْ بالوَتائرِ، ثُمَّ بَدَّتْ

يدَيها، عندَ جانِبِهِ، تَهِيلُ

قَوْلُهُ: فَذَاحَتْ أَي مَرَّتْ مَرًّا سَرِيعًا. وَالْوَتَائِرُ: جَمْعُ وَتِيرة، الطَّرِيقَةُ مِنَ الأَرض. وبَدَّتْ: فَرَّقت. وذاحَ إِبله يَذُوحها ذَوْحاً: جَمَعَهَا وَسَاقَهَا سَوْقًا عَنِيفًا، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْإِنْسِ، إِنما يُقَالُ فِي الْمَالِ إِذا حَازَهُ. وذاحَتْ هِيَ: سَارَتْ سَيْرًا عَنِيفًا. وَذَاحَهُ ذَوْحاً وذوَّحَه: فرَّقه. وذَوَّح إِبله وَغَنَمَهُ: بدَّدها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

أَلا ابْشِري بالبيعِ والتَّذْوِيحِ

فأَنتِ مالُ الشَّوهِ والقُبُوحِ

وَكُلُّ مَا فرَّقه، فَقَدْ ذَوَّحَه؛ وأَنشد الأَزهري:

عَلَى حَقِّنا فِي كلِّ يومٍ تُذَوِّحُ

ذيح: ابْنُ الأَثير فِي حَدِيثِ

عَليٍّ: كَانَ الأَشعثُ ذَا ذَيْحٍ

؛ الذَّيحُ: الكِبْرُ.

‌فصل الراء المهملة

ربح: الرِّبْح والرَّبَحُ «3» والرَّباحُ: النَّماء فِي التَّجْر. ابْنُ الأَعرابي: الرِّبْحُ والرَّبَحُ مِثْلُ البِدْلِ والبَدَلِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مِثْلُ شِبْهٍ وشَبَهٍ، هُوَ اسْمُ مَا رَبِحَه. ورَبِحَ فِي تِجَارَتِهِ يَرْبَحُ رِبْحاً ورَبَحاً ورَباحاً أَي اسْتَشَفَّ؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذا دَخَلَ فِي التِّجَارَةِ: بالرَّباح والسَّماح. الأَزهري: رَبِحَ فلانٌ ورابَحْته، وَهَذَا بيعٌ مُرْبِحٌ إِذا كَانَ يُرْبَحُ فِيهِ؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رَبِحَتْ تِجَارَتُهُ إِذا رَبِحَ صاحبُها فِيهَا. وَتِجَارَةٌ رابحةٌ: يُرْبَحُ فِيهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ

؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَاهُ مَا رَبِحُوا فِي تِجَارَتِهِمْ، لأَن التِّجَارَةَ لَا تَرْبَحُ، إِنما يُرْبَحُ فِيهَا وَيُوضَعُ فِيهَا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: قَدْ خَسِرَ بيعُك ورَبِحَتْ تجارتُك؛ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الِاخْتِصَارَ وسَعَة الْكَلَامِ؛ قَالَ الأَزهري: جَعَلَ الْفِعْلَ لِلتِّجَارَةِ، وَهِيَ لَا تَرْبَحُ وإِنما يُربح فِيهَا، وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: لَيْلٌ نَائِمٌ وَسَاهِرٌ أَي يُنام فِيهِ ويُسْهَر؛ قَالَ جَرِيرٌ:

ونِمْتُ وَمَا ليلُ المَطِيِّ بنائِم

وقوله: فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ

؛ أَي مَا رَبِحوا فِي تِجَارَتِهِمْ، وإِذا رَبِحُوا فِيهَا فَقَدْ رَبحَتْ، وَمِثْلُهُ: فإِذا عَزَمَ الأَمْرُ، وإِنما يُعْزَمُ عَلَى الأَمْرِ وَلَا يَعْزِمُ الأَمْرُ، وَقَوْلُهُ: وَالنَّهارَ مُبْصِراً* أَي يُبْصَر فِيهِ، ومَتْجَرٌ رابِحٌ ورَبيح لِلَّذِي يُرْبَحُ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي طَلْحَةَ: ذَاكَ مَالٌ رابِحٌ

أَي ذُو رِبْح كَقَوْلِكَ لابِنٌ وتامِرٌ، قَالَ: وَيُرْوَى بِالْيَاءِ. وأَرْبَحْته عَلَى سِلْعَتِه أَي أَعطيته رِبحاً، وَقَدْ أَرْبحَه

(3). قوله [الربح إلخ] ربح ربحاً وربحاً كعلم علماً وتعب تعباً كما في المصباح وغيره.

ص: 442

بِمَتَاعِهِ، وأَعطاه مَالًا مُرابَحة أَي عَلَى الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا، وبعتُ الشيءَ مُرابَحَةً. وَيُقَالُ: بِعْتُه السِّلْعَةَ مُرابَحَة عَلَى كُلِّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ درهمٌ، وَكَذَلِكَ اشْتَرَيْتُهُ مُرابَحة، وَلَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الرِّبْح. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَهَى عَنْ ربْح مَا لَمْ يُضْمَن

؛ ابْنُ الأَثير: هُوَ أَن يَبِيعَ سِلْعَةً قَدِ اشْتَرَاهَا وَلَمْ يَكُنْ قَبَضَهَا بِربْح، وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَا يَحِلُّ الرِّبْح لأَنها فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ الأَوَّل وَلَيْسَتْ مِنْ ضَمَانِ الثَّانِي، فَرِبْحُها وخَسارتُها للأَوَّل. والرَّبَحُ: مَا اشْتُرِيَ مِنَ الإِبل لِلتِّجَارَةِ. والرَّبَحُ: الفصالُ، وَاحِدُهَا رابِحٌ. والرَّبَحُ: الفَصِيلُ، وَجَمْعُهُ رِباحٌ مِثْلُ جَمَل وجِمال. والرَّبَحُ: الشَّحْم؛ قَالَ خُفَافُ بْنُ نُدْبَة:

قَرَوْا أَضيافَهم رَبَحاً بِبُحٍّ،

يَعِيشُ بفضلِهِنَّ الحَيُّ، سُمْرِ

البُحُّ: قِداحُ المَيْسر؛ يَعْنِي قِدَاحًا بُحّاً مِنْ رَزَانَتِهَا. والرَّبَحُ هُنَا يَكُونُ الشَّحْمَ وَيَكُونُ الفِصالَ، وَقِيلَ: هِيَ مَا يَرْبَحون مِنَ المَيْسِر؛ الأَزهري: يَقُولُ أَعْوَزَهم الكِبارُ فَتَقَامَرُوا عَلَى الفِصال. وَيُقَالُ: أَرْبَحَ الرجلُ إِذا نَحر لِضيفانه الرَّبَحَ، وَهِيَ الفُصْلان الصِّغَارُ، يُقَالُ: رَابِحٌ ورَبَحٌ مِثْلُ حَارِسٍ وحَرَسٍ؛ قَالَ: وَمَنْ رَوَاهُ رُبَحاً، فَهُوَ وَلَدُ النَّاقَةِ؛ وأَنشد:

قَدْ هَدِلَتْ أَفواه ذِي الرُّبُوحِ

وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ بَحَحَ فِي شَرْحِ بَيْتِ خُفافِ بْنِ نُدْبَة، قَالَ ثَعْلَبٌ: الرَّبَحُ هَاهُنَا جَمْعُ رَابِحٍ كخادم خَدَم، وَهِيَ الْفِصَالُ. والرُّبَحُ: مِنْ أَولاد الْغَنَمِ، وَهُوَ أَيضاً طَائِرٌ يُشْبِهُ الزَّاغ؛ قَالَ الأَعشى:

فَتَرَى القومَ نَشاوَى كلَّهم،

مِثْلَمَا مُدَّتْ نِصاحاتُ الرُّبَحْ

وَقِيلَ: الرَّبَحُ، بِفَتْحِ أَوله، طَائِرٌ يُشْبِهُ الزَّاغَ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والرُّبَحُ والرُّبَّاحُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ جَمِيعًا: القِرْد الذَّكَرُ، قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ فُعَّال؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ:

وإِلْقَةٌ تُرْغِثُ رُبَّاحَها،

والسهلُ والنَّوْفَلُ والنَّضْرُ

الإِلْقة هَاهُنَا القِرْدَة. ورُبَّاحها: وَلَدُهَا. وتُرغِثُ: تُرْضِع. وَالسَّهْلُ: الْغُرَابُ. وَالنَّوْفَلُ: الْبَحْرُ. وَالنَّضْرُ: الذَّهَبُ؛ وَقَبْلَهُ:

تَبَارَكَ اللَّهُ وَسُبْحَانَهُ،

مَنْ بِيَدَيْهِ النَّفْعُ والضَّرُّ

مَنْ خَلْقُه فِي رِزْقِهِ كلُّهم:

الذِّيخُ والتَّيْتَلُ والغُفْرُ

وساكِنُ الجَوِّ إِذا مَا عَلا

فِيهِ، ومَنْ مَسْكَنُه القَفْرُ

والصَّدَعُ الأَعْصَمُ فِي شاهِقٍ،

وجأْبَةٌ مَسْكَنُها الوَعْرُ

والحَيَّةُ الصَّمَّاءُ فِي جُحْرِها،

والتَّتْفُلُ الرائغُ والذَّرُّ

الذِّيخُ: ذَكَرُ الضِّبَاعِ. والتَّيتل: المُسِنُّ مِنَ الوُعُول. والغُفْر: وَلَدُ الأُرْوِيَّة، وَهِيَ الأُنثى مِنَ الْوُعُولِ أَيضاً. والأَعْصَم: الَّذِي فِي يَدَيْهِ بَيَاضٌ. والجَأْبَةُ: بَقَرَةُ الْوَحْشِ، وإِذا قُلْتَ: جَأْبَةُ المِدْرَى، فَهِيَ الظَّبْيَةُ. والتَّتْفُل: وَلَدُ الثَّعْلَبِ. ورأَيت فِي حَوَاشِي نُسْخَةٍ مِنْ حَوَاشِي ابْنِ بَرِّيٍّ بِخَطِّ سَيِّدِنَا الإِمام الْعَلَّامَةِ الرَّاوِيَةِ الْحَافِظِ رَضِيِّ الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ، وَفَّقَهُ اللَّهُ، وإِليه

ص: 443

انْتَهَى عِلْمُ اللُّغَةِ فِي عَصْرِهِ نَقْلًا وَدِرَايَةً وَتَصْرِيفًا؛ قَالَ أَول الْقَصِيدَةِ:

الناسُ دَأْباً فِي طِلابِ الثَّرَى،

فكلُّهمْ مِنْ شأْنِه الخَتْرُ

كأَذؤُبٍ تَنْهَسُها أَذؤُبٌ،

لَهَا عُواءٌ، وَلَهَا زَفْرُ

تَراهُمُ فَوْضَى، وأَيْدِي سَبَا،

كلٌّ لَهُ، فِي نَفْسِهِ، سِحْرُ

تَبَارَكَ اللَّهُ وَسُبْحَانَهُ

وَقَالَ: بِشْرُ بْنُ المُعْتَمِر النَّضْرِيٌّ أَبو سَهْلٍ كَانَ أَبرص، وَهُوَ أَحد رُؤَسَاءِ المتَكلمين، وَكَانَ رَاوِيَةً نَاسِبًا لَهُ الأَشعار فِي الِاحْتِجَاجِ لِلدِّينِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَيُقَالُ إِن لَهُ قَصِيدَةً فِي ثَلَاثِمِائَةِ وَرَقَةٍ احْتَجَّ فِيهَا، وَقَصِيدَةً فِي الْغُولِ؛ قَالَ: وَذَكَرَ الْجَاحِظُ أَنه لَمْ يَرَ أَحداً أَقوى عَلَى المُخَمَّس الْمُزْدَوِجِ مِنْهُ؛ وَهُوَ الْقَائِلُ:

إِن كنتَ تَعْلَمُ ما تقول

وَمَا أَقولُ، فأَنتَ عالِمْ

أَو كنتَ تَجْهَلُ ذَا وذاك،

فكنْ لأَهلِ العلمِ لازِمْ

وَقَالَ: هَذَا مِنْ مُعْجَمِ الشُّعَرَاءِ للمَرْزُبانيِّ. الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ: رُبَّاحٌ اسْمٌ لِلْقِرْدِ، قَالَ: وَضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ يُقَالُ لَهُ زُبُّ رُبَّاحٍ؛ وأَنشد شَمِرٌ للبَعِيث:

شَآمِيَةٌ زُرْقُ العُيون، كأَنها

رَبابِيحُ تَنْزُو، أَو فُرارٌ مُزَلَّمُ

قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الرُّبَّاحُ القِرْدُ، وَهُوَ الهَوْبَرُ والحَوْدَلُ، وَقِيلَ: هُوَ وَلَدُ الْقِرْدِ، وَقِيلَ: الجَدْيُ، وَقِيلَ: الرُّبَّاحُ الْفَصِيلُ، والحاشيةُ الصَّغِيرُ الضَّاوِيّ؛ وأَنشد:

حَطَّتْ بِهِ الدَّلْوُ إِلى قَعْرِ الطَّوِي،

كأَنما حَطَّتْ برُبَّاحٍ ثَني

قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: كَيْفَ يَكُونُ فَصِيلًا صَغِيرًا، وَقَدْ جَعَلَهُ ثَنِيّاً، وَالثَّنِيُّ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ؟ وَأَنْشَدَ شَمِرٌ لِخِداش بْنِ زُهَيْرٍ:

ومَسَبُّكم سُفْيانَ ثُمَّ تُرِكْتُم،

تَتَنَتَّجونَ تَنَتُّجَ الرُّبّاحِ

والرَّبَاحُ: دُوَيبَّة مِثْلُ السِّنَّوْر؛ هَكَذَا فِي الأَصل الَّذِي نُقِلَتْ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الْحَوَاشِي: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الرَّبَاحُ أَيضاً دُوَيبَّة كَالسِّنَّوْرِ يُجْلَبُ مِنْهُ الْكَافُورُ، وَقَالَ: هَكَذَا وَقَعَ فِي أَصلي، قَالَ: وَكَذَا هُوَ فِي أَصل الْجَوْهَرِيِّ بِخَطِّهِ، قَالَ: وَهُوَ وَهَمٌ، لأَن الْكَافُورَ لَا يُجْلَبُ مِنْ دَابَّةٍ، وإِنما هُوَ صَمْغُ شَجَرٍ بِالْهِنْدِ. ورَباحٌ: مَوْضِعٌ هُنَاكَ يُنْسَبُ إِليه الْكَافُورُ، فَيُقَالُ كَافُورٌ رَباحِيٌّ، وأَما الدُّوَيْبَّةُ الَّتِي تُشْبِهُ السِّنَّوْرَ الَّتِي ذُكِرَ أَنها تُجْلَبُ لِلْكَافُورِ فَاسْمُهَا الزَّبادة، وَالَّذِي يُجْلَبُ مِنْهَا مِنَ الطِّيبِ لَيْسَ بِكَافُورٍ، وإِنما يُسَمَّى بَاسْمِ الدَّابَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ الزَّبادة؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَالزَّبَادَةُ الَّتِي يُجْلَبُ مِنْهَا الطِّيبُ أَحسبها عَرَبِيَّةً، قَالَ: وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: والرَّباح دويبَّة، قَالَ: والرَّباحُ أَيضاً بَلَدٌ يُجْلَبُ مِنْهُ الْكَافُورُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ ابْنِ الْقَطَّاعِ وَإِصْلَاحِهِ، وَخَطُّ الْجَوْهَرِيِّ بِخِلَافِهِ. وزُبُّ الرُّبَّاح: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ. والرَّبَاحُ: بَلَدٌ يُجْلَبُ مِنْهُ الْكَافُورُ. ورَبَاحٌ: اسْمٌ؛ ورَبَاح فِي قَوْلِ الشَّاعِرُ:

هَذَا مَقامُ قَدَمَيْ رَباحِ

اسْمُ ساقٍ. والمُرَبِّحُ: فرسُ الحرث بْنِ دُلَفٍ. والرُّبَحُ:

ص: 444

الْفَصِيلُ كأَنه لُغَةٌ فِي الرُّبَع، وأَنشد بَيْتَ الأَعشى:

مِثْلَمَا مُدَّت نِصاحاتُ الرُّبَحْ

قِيلَ: إِنه أَراد الرُّبَعَ، فَأَبدل الْحَاءَ مِنَ الْعَيْنِ. والرَّبَحُ: مَا يَرْبَحون مِنَ المَيْسِر.

رجح: الرَّاجِحُ: الوازِنُ. ورَجَحَ الشيءَ بِيَدِهِ: رَزَنه ونَظر مَا ثِقْلُه. وأَرْجَحَ الميزانَ أَي أَثقله حَتَّى مَالَ. وأَرْجَحْتُ لِفُلَانٍ ورَجَّحْت تَرْجيحاً إِذا أَعطيته راجِحاً. ورَجَح الشيءُ يَرْجَحُ ويَرْجِحُ ويَرْجُحُ رُجوحاً ورَجَحاناً ورُجْحاناً، ورَجَح الْمِيزَانُ يَرْجَحُ ويَرْجِحُ ويَرْجُحُ رُجْحاناً: مَالَ. وَيُقَالُ: زِنْ وأَرْجِحْ، وأَعْطِ راجِحاً. ورَجَحَ فِي مجلِسه يَرْجُح: ثَقُل فَلَمْ يَخِفَّ، وَهُوَ مَثَل. والرَّجَاحة: الحِلم، عَلَى المَثَل أَيضاً، وَهُمْ مِمَّنْ يَصِفُونَ الحِلم بالثِّقَل كَمَا يَصِفُونَ ضِدَّهُ بالخِفَّة والعَجَل. وَقَوْمٌ رُجَّحٌ ورُجُحٌ ومَراجِيحُ ومَراجِحُ: حُلَماءُ؛ قَالَ الأَعشى:

مِنْ شَبابٍ تَراهُمُ غَيرَ مِيلٍ،

وكُهولًا مَراجِحاً أَحْلاما

وَاحِدُهُمْ مِرْجَحٌ ومِرْجاح؛ وَقِيلَ: لَا وَاحِدَ للمَراجِح وَلَا المَراجِيح مِنْ لَفْظِهَا. والحِلْمُ الراجِحُ: الَّذِي يَزِنُ بِصَاحِبِهِ فَلَا يُخِفُّه شَيْءٌ. وناوَأْنا قَوْمًا فَرَجَحْناهم أَي كُنَّا أَوْزَنَ مِنْهُمْ وأَحلم. وراجَحْته فَرَجَحْته أَي كنتُ أَرْزَنَ مِنْهُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْمٌ مَراجِيحُ فِي الحِلم. وأَرْجَحَ الرجلَ: أَعطاه راجِحاً. وامرأَة رَجاحٌ وراجِحٌ: ثَقِيلَةُ العَجيزة مِنْ نِسْوَةٍ رُجَّح؛ قَالَ:

إِلى رُجَّح الأَكفالِ، هِيفٍ خُصُورُها،

عِذابِ الثَّنَايَا، رِيقُهُنَّ طَهُورُ

الأَزهري: وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ إِذا ثَقُلَتْ روادفُها فَتَذَبْذَبَتْ: هِيَ تَرْتَجِحُ عَلَيْهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

ومَأْكَماتٍ يَرْتَجِحْنَ رُزَّما

وجمعُ المرأَة الرَّجاح رُجُح، مِثْلُ قَذال وقُذُل؛ قَالَ رؤْبة:

ومِنْ هَوايَ الرُّجُحُ الأَثائِثُ

وجِفانٌ رُجُحٌ: مَلأَى مُكْتَنِزة؛ قَالَ أُمَيَّة بنُ أَبي الصَّلْتِ:

إِلى رُجُحٍ مِنَ الشِّيزَى، مِلاءٍ

لُبابَ البُرِّ، يُلْبَكُ بالشِّهادِ

وَقَالَ الأَزهري: مَمْلُوءَةٌ مِنَ الزُّبْدِ وَاللَّحْمِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

وَإذا شَتَوْا، عادَتْ عَلَى جِيرانهم

رُجُحٌ يُوَفِّيها مَرابِعُ كُومُ

أَي قِصَاعٌ يملؤُها نُوق مَرابع. وكتائبُ رُجُحٌ: جَرَّارة ثَقِيلَةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

بكتائبٍ رُجُحٍ تَعَوَّدَ كَبْشُها

نَطْحَ الكِباشِ، كأَنهنَّ نُجُومُ

ونَخِيلٌ مَراجِيحُ إِذا كَانَتْ مَوَاقِيرَ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

نَخْلُ القُرَى شالَتْ مَراجِيحُه

بالوِقْرِ، فانْزالَتْ بأَكْمامِها

انْزَالَتْ: تَدَلَّتْ أَكمامها حِينَ ثَقُلَتْ ثِمَارُهَا. وَقَالَ اللَّيْثُ: الأَراجِيحُ الفَلَواتُ كأَنها تَتَرَجَّحُ بِمَنْ سَارَ فِيهَا أَي تُطَوِّحُ بِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

بِلالٍ أَبي عَمْرٍو، وَقَدْ كَانَ بَيْنَنَا

أَراجيحُ، يَحْسِرْنَ القِلاصَ النَّواجِيا

ص: 445

أَي فَيافٍ تَرَجَّحُ برُكْبانها. والأُرْجُوحَة والمَرْجُوحة: الَّتِي يُلْعَبُ بِهَا، وَهِيَ خَشَبَةٌ تؤْخذ فَيُوضَعُ وَسَطُهَا عَلَى تَلٍّ، ثُمَّ يَجْلِسُ غلامٌ عَلَى أَحد طَرَفَيْهَا وغلامٌ آخَرُ عَلَى الطَّرَفِ الْآخَرِ، فَتَرَجَّحُ الْخَشَبَةُ بِهِمَا وَيَتَحَرَّكَانِ، فَيَمِيلُ أَحدهما بِصَاحِبِهِ الْآخَرِ. وتَرَجَّحَتِ الأُرْجُوحة بِالْغُلَامِ أَي مَالَتْ. وَيُقَالُ لِلْحَبْلِ الَّذِي يُرْتَجَحُ بِهِ: الرُّجَّاحةُ والنُّوَّاعةُ والنُّوَّاطةُ والطُّوَّاحةُ. وأَراجِيحُ الإِبل: اهْتِزَازُهَا فِي رَتَكانِها، وَالْفِعْلُ الارْتِجاحُ؛ قَالَ:

عَلَى رَبِذٍ سَهْوِ الأَراجِيحِ مِرْجَمِ

قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وَلَا أَعرف وَجْهَ هَذَا لأَن الِاهْتِزَازَ وَاحِدٌ والأَراجيح جَمْعٌ، وَالْوَاحِدُ لَا يُخْبَرُ بِهِ عَنِ الْجَمْعِ، وَقَدِ ارْتَجَحَتْ. وَنَاقَةٌ مِرْجاحٌ، وبعير مِرْجاحٌ. والمِرْجاحُ مِنَ الإِبل: ذُو الأَرَاجِيح. والتَّرَجُّحُ: التَّذَبْذُبُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ عامٌّ فِي كُلِّ مَا يشبهه.

رحح: عَيش رَحْرَاح أَي وَاسِعٌ. والرَّحَحُ: انبساطُ الْحَافِرِ فِي رِقَّةٍ. أَبو عَمْرٍو: الأَرَحُّ الْحَافِرُ الْعَرِيضُ والمَصْرُورُ المُتَقَبِّضُ، وَكِلَاهُمَا عَيْبٌ؛ قَالَ:

لَا رَحَحٌ فِيهَا، وَلَا اصْطِرارُ،

وَلَمْ يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطارُ

يَعْنِي لَا فِيهَا عِرَضٌ مُفْرِط وَلَا انْقِبَاضٌ وضِيق، وَلَكِنَّهُ وَأْبٌ، وَذَلِكَ مَحْمُودٌ؛ وَقِيلَ: الرَّحَحُ سَعَةُ فِي الْحَافِرِ، وَهُوَ مَحْمُودٌ لأَنه خِلَافُ المُصْطَرّ، وإِذا انْبَطح جِدًّا، فَهُوَ عَيْبٌ. والرَّحَحُ: عِرَضُ القَدَمِ فِي رِقَّةٍ أَيضاً وَهُوَ أَيضاً فِي الْحَافِرِ عَيْبٌ. وقَدَمٌ رَحَّاء: مُسْتَوِيَةُ الأَخْمَصِ بِصَدْرِ القَدَم حَتَّى لَا يَمَسَّ الأَرضَ. وَرَجُلٌ أَرَحُّ أَي لَا أَخْمَصَ لِقَدَمَيْهِ كأَرْجُلِ الزِّنْجِ؛ اللَّيْثُ: الرَّحَحُ انبساطُ الْحَافِرِ وعِرَضُ الْقَدَمِ وَكُلُّ شَيْءٍ كَذَلِكَ، فَهُوَ أَرَحُّ، والوَعِلُ المُنْبَسِطُ الظِّلْف أَرَحُّ؛ قَالَ الأَعشى:

فَلَوْ أَنَّ عِزَّ الناسِ فِي رأْسِ صَخْرةٍ

مُلَمْلَمَةٍ، تُعْيي الأَرَحَّ المُخَدَّما

لأَعْطاك ربُّ الناسِ مِفتاحَ بابِها،

وَلَوْ لَمْ يكنْ بابٌ، لأَعْطاك سُلَّما

أَراد بالأَرَحِّ الوَعِلَ، وبالمُخَدَّمِ الأَعْصَمَ مِنَ الوُعُول، كأَنه الَّذِي فِي رِجْلَيْهِ خَدَمَة، وعَنَى الوَعِلَ الْمُنْبَسِطَ الظِّلْفِ؛ يَصِفُهُ بِانْبِسَاطِ أَظلافه. الأَزهري: الأَرَحّ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يَسْتَوِي بَاطِنُ قَدَمَيْهِ حَتَّى يَمَسَّ جميعُه الأَرضَ، وامرأَة رَحَّاءُ القَدمين؛ وَيُسْتَحَبُّ أَن يَكُونَ الرجلُ خَمِيصَ الأَخْمَصَينِ، وَكَذَلِكَ المرأَة. وَبَعِيرٌ أَرَحُّ: لاصِقُ الخُفِّ بالخُفِّ، وخُفٌّ أَرَحُّ كَمَا يُقَالُ: حَافِرٌ أَرَحُّ؛ وكِرْكِرَة رَحَّاء: وَاسِعَةٌ. وشيءٌ رَحْراحٌ أَي فِيهِ سَعة ورِقَّة. وعَيْشٌ رَحْراحٌ أَي وَاسِعٌ. وجَفْنة رَحَّاء وَاسِعَةٌ كَرَوْحاء عَرِيضَةٌ لَيْسَتْ بقَعِيرة، وَالْفِعْلُ مِنْ ذَلِكَ: رَحَّ يَرَحُّ. ابْنُ الأَعرابي: الرُّحُحُ الْجِفَانُ الْوَاسِعَةُ. وطَسْتٌ رَحْراحٌ: مُنْبَسِطٌ لَا قَعْرَ لَهُ، وَكَذَلِكَ كلُّ إِناءٍ نَحْوُهُ. وإِناءٌ رَحْرحٌ ورَحْراحٌ ورَحْرَحانُ ورَهْرَهٌ ورَهْرَهانُ: وَاسِعٌ قَصِيرُ الْجِدَارِ؛ قَالَ:

ليْستْ بأَصْفارٍ لمنْ

يَعْفُو، وَلَا رُحٌّ رَحارِحْ

وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: قَصْعة رَحْرَحٌ ورَحْرَحانِيَّة، وَهِيَ

ص: 446

المنبسِطة فِي سَعَةٍ. وَقَالَ الأَصمعي: رَحْرَحَ الرجلُ إِذا لَمْ يُبَالِغْ قَعْرَ مَا يُرِيدُ كالإِناء الرَّحْراح؛ وَفِي الْحَدِيثِ

فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وبُحْبُوحَتها: رَحْرَحانِيَّةٌ

أَي وَسَطُها فَيَّاحٌ واسِع، والأَلف وَالنُّونُ زِيدَتَا لِلْمُبَالَغَةِ؛ وَفِي حَدِيثِ

أَنس: فأُتِيَ بِقَدَحٍ رَحْراحٍ فَوَضَعَ فِيهِ أَصابعه

؛ الرَّحْراحُ: الْقَرِيبُ القَعْر مَعَ سَعة فِيهِ. قَالَ: وعَرَّضَ «1» لِي فلانٌ تَعْريضاً إِذا رَحْرَحَ بِالشَّيْءِ وَلَمْ يُبَيِّن. وتَرَحْرَحَتِ الفرسُ إِذا فَحَّجَتْ قَوَائِمَهَا لِتَبُولَ. وَحَافِرٌ أَرَحُّ: مُنْفَتِحٌ فِي اتِّسَاعٍ، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ الرَّحَحُ والرَّحَّةُ: الْحَيَّةُ إِذا انْطَوَتْ. وَيُقَالُ: رَحْرَحْتُ عَنْهُ إِذا سَتَرْتَ دُونَهُ. ورَحْرَحانُ: اسْمُ وادٍ عَرِيضٍ فِي بِلَادِ قَيْسٍ. وَقِيلَ: رَحْرَحانُ مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: اسْمُ جَبَلٍ قَرِيبٍ مِنْ عُكاظَ؛ وَمِنْهُ يَوْمٌ رَحْرَحان لِبَنِي عَامِرٍ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ؛ قَالَ عَوْفُ بْنُ عَطِيَّةَ التَّمِيمِيُّ:

هَلَّا فَوارِسَ رَحْرَحانَ هَجَوْتُمُ

«2» عُشَراً، تَناوَحُ فِي سَرارةِ وَادِي

يَقُولُ: لَهُمْ مَنْظَر وَلَيْسَ لَهُمْ مَخْبَرٌ؛ يُعَيِّرُ بِهِ لَقِيطَ بْنِ زُرارة، وَكَانَ قَدِ انهزم يومئذ.

ردح: الرَّدْحُ والتَّرْديحُ، بَسْطُك الشَّيْءَ بالأَرض حَتَّى يَسْتَوِيَ، وَقِيلَ: إِنما جَاءَ التَّرْدِيحُ فِي الشِّعْرِ. الأَزهري: الرَّدْحُ بَسْطُكَ الشَّيْءَ فَيَسْتَوِي ظَهْرُه بالأَرض كَقَوْلِ أَبي النَّجْمِ:

بيتَ حُتُوفٍ مُكْفأً مَرْدُوحا

وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ: مُكْفَحاً مَرْدُوحا، وَقَالَ: هُوَ لأَبي النَّجْمِ يَصِفُ بَيْتَ الصَّائِدِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ بيتَ بِالنَّصْبِ عَلَى مَعْنَى سَوَّى بيتَ حُتوف، قَالَ: ومُكْفَحاً غلطٌ وَصَوَابُهُ مُكْفأ، والمُكْفأُ: المُوسَّعُ فِي مُؤَخِّرِهِ؛ وَقَبْلَهُ:

فِي لَجَفٍ، غَمَّدَهُ الصَّفِيحا

تَلْجيفُه، للمَيِّتِ، الضَّرِيحا

قَالَ: واللَّجَفُ حَفِيرٌ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ، وغَمَّده الصَّفِيحُ لِئَلَّا يُصِيبَهُ الْمَطَرُ. وَالصَّفِيحُ: جَمْعُ صَفِيحة الْحَجَرُ الْعَرِيضُ، قَالَ: وَقَدْ يَجِيءُ فِي الشِّعْرِ مُرْدَحًا مِثْلَ مَبْسُوطٍ ومُبْسَطٍ. وامرأَة رَدَاحٌ ورَدَاحَة ورَدُوحٌ: عَجْزاء ثَقِيلَةُ الأَوراك تامَّة الخَلْق، وَقَالَ الأَزهري: ضَخْمَةُ الْعَجِيزَةِ والمَآكِم؛ وَقَدْ رَدُحَتْ رَداحَةً، وَكَذَلِكَ نَاقَةٌ رَداحٌ، وكَبْشٌ رَدَاحٌ: ضَخْم الأَلْيَة؛ قَالَ:

ومَشَى الكُماةُ إِلى الكماةِ،

وقُرِّبَ الكبشُ الرَّداحْ

ودوْحةٌ رَداحٌ: عَظِيمَةٌ. وجَفْنة رَداح: عَظِيمَةٌ، وَالْجَمْعُ رُدُحٌ؛ قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبي الصَّلْت:

إِلى رُدُحٍ مِنَ الشِّيزَى، مِلاءٍ

لُبابَ البُرِّ، يُلْبَكُ بالشِّهادِ

وكتيبة رَداحٌ: صخمةٌ مُلَمْلَمَة كَثِيرَةُ الفُرْسان ثَقِيلَةُ السَّيْرِ لِكَثْرَتِهَا؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ كَتِيبَةً:

ومِدْرَهِ الكَتِيبةِ الرَّدَاحِ

وَرُوِيَ

عَنْ عَلِيٍّ، عليه السلام، أَنه قَالَ: إِنَّ مِنْ ورائِكم أُموراً مُتَماحِلةً رُدُحاً، وبَلاءً مُكْلِحاً مُبْلِحاً

؛ فَالْمُتَمَاحِلَةُ: المُتطاوِلة. والرُّدُحُ: الْعَظِيمَةُ؛ يَعْنِي الْفِتَنَ، جمعُ رَداحٍ، وَهِيَ الْفِتْنَةُ الْعَظِيمَةُ. وَرَوِيَ حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه: إِن مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَنًا

(1). قوله [قال وعرَّض إلخ] ليس من عبارة ابن الأَثير.

(2)

. قوله [هجوتم] كذا بالأَصل والصحاح، والذي في معجم ياقوت هجوتهم انتهى.

ص: 447

مُرْدِحة

؛ قَالَ: والمُرْدِحُ لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما المُثْقِلُ، وَالْآخَرُ المُغَطِّي عَلَى الْقُلُوبِ، مِنْ أَرْدَحْت الْبَيْتَ إِذا أَرسلتَ رُدْحَتَه، وَهِيَ سُتْرة فِي مؤَخر الْبَيْتِ، قَالَ: وَمَنْ رواه فتناً رُدَّحاً، فهي جَمْعُ الرَّادِحَة، وَهِيَ الثِّقالُ الَّتِي لَا تَكَادُ تَبْرَحُ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ فِي الْفِتَنِ: لأَكُوننَّ فِيهَا مِثْلَ الجَمل الرَّدَاح

أَي الثَّقِيلُ الَّذِي لَا انْبِعَاثَ لَهُ. والرَّادحة فِي بَيْتِ الطِّرِمَّاح:

هُوَ الغَيْثُ للمُعْتَفِين، المُفِيضُ

بفضلِ مَوائِدِه الرادِحهْ

قَالَ: هِيَ الْعِظَامُ الثِّقَالُ. وَمَائِدَةٌ رَادِحَةٌ: وَهِيَ الْعَظِيمَةُ الْكَثِيرَةُ الْخَيْرِ؛ وَرُوِيَ

عَنْ أَبي مُوسَى أَنه ذَكَرَ الْفِتَنَ فَقَالَ: وَبَقِيَتِ الرَّداحُ الْمُظْلِمَةُ الَّتِي مَن أَشْرَفَ لَهَا أَشْرَفَتْ لَهُ

؛ أَراد الْفِتْنَةَ الثَّقِيلَةَ الْعَظِيمَةَ. وَفِي حَدِيثِ

أُمِّ زَرْع: عُكُومُها رَداحٌ وَبَيْتُهَا فَيَاح

؛ العُكُومُ: الأَحمالُ المُعَدَّلَة. وَالرَّدَاحُ: الثَّقِيلَةُ الْكَثِيرَةُ الْحَشْوِ مِنَ الأَثاثِ والأَمتعة. والرَّدَاحةُ والرِّداحةُ: دِعامة بَيْتٍ هِيَ مِنْ حِجَارَةٍ فَيُجْعلُ عَلَى بَابِهِ حَجَرٌ يُقَالُ لَهُ السَّهْمُ، والمُلْسِنُ يَكُونُ عَلَى الْبَابِ، وَيَجْعَلُونَ لَحْمة السَّبُع فِي مُؤَخر الْبَيْتِ، فإِذا دَخَلَ السَّبُعُ فَتَنَاوَلَ اللَّحْمَةَ سَقَطَ الْحَجْرُ عَلَى الْبَابِ فَسَدّه. والرُّدْحة: سُتْرة فِي مُؤَخَّرِ الْبَيْتِ، وَقِيلَ: قِطْعَةٌ تُدْخَلُ فِيهِ؛ رَدَحَه يَرْدَحُه رَدْحاً، وأَرْدَحَه؛ وَقَالَ الأَزهري: هِيَ قِطْعَةٌ تُدْخَلُ فِيهَا بَنِيقة تُزَادُ فِي الْبَيْتِ؛ وأَنشد الأَصمعي:

بيتَ حُتُوفٍ أُرْدِحَتْ حَمائِرُهْ

قَالَ: ورُدْحة بَيْتِ الصَّائِدِ وقُتْرَتُه حِجَارَةٌ يَنْصِبُهَا حَوْلَ بَيْتِهِ، وَهِيَ الحَمائر، وَاحِدَتُهَا حِمارَة. ورَدَحَ البيتَ بِالطِّينِ يَرْدَحُه رَدْحاً، وأَرْدَحه: كاثَفَه عَلَيْهِ؛ قَالَ حُمَيْدٌ الأَرْقَطُ يَصِفُ صَائِدًا:

بِناءُ صَخْرٍ مُرْدَحٍ بِطينِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ بناءَ، بِالنَّصْبِ، لأَن قَبْلَهُ:

أَعَدَّ فِي مُحْتَرَسٍ كَنِينِ

الأَزهري: الرُّدْحِيُّ الكاسُورُ، وَهُوَ بَقَّالُ القُرَى. ورَدَحَ بِالْمَكَانِ: أَقام بِهِ. ورَدَحَه: صَرَعَه. ورُدَيْحٌ ورَدْحانُ: اسمان.

رزح: الرَّازِحُ والمِرْزاحُ مِنَ الإِبل: الشَّدِيدُ الهُزال الَّذِي لَا يَتَحَرَّكُ، الْهَالِكُ هُزالًا، وَهُوَ الرَّازِمُ أَيضاً، وَالْجَمْعُ رَوازِحُ ورُزَّحٌ ورَزْحَى ورَزاحَى ومَرازِيحُ. رَزَحَ يَرْزَحُ رَزْحاً ورَزاحاً ورُزُوحاً: سَقَطَ مِنَ الإِعياءِ هُزالًا؛ وَقَدْ رَزَحَتِ الناقةُ تَرْزَحُ رُزُوحاً ورَزَّحْتُها أَنا تَرْزِيحاً؛ وَقَوْلُهُمْ رَزَحَ فلانٌ مَعْنَاهُ ضَعُف وَذَهَبَ مَا فِي يَدِهِ، وأَصله مِنْ رَزاحِ الإِبل إِذا ضَعُفَتْ ولَصِقَتْ بالأَرض فَلَمْ يَكُنْ بِهَا نُهوض؛ وَقِيلَ: رَزَحَ أُخِذَ مِنَ المَرْزَحِ، وَهُوَ الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرض، كأَنه ضَعُفَ عَنِ الِارْتِقَاءِ إِلى مَا عَلَا مِنْهَا. والمِرْزَحُ: الصوتُ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. ورَزَحَ العنبَ وأَرْزَحه إِذا سَقَطَ فَرَفَعَهُ. والمِرْزَحَة: الْخَشَبَةُ الَّتِي يُرفع بِهَا. والمِرْزَحُ، بِالْكَسْرِ: الْخَشَبُ يُرْفَعُ بِهِ الْكَرْمُ عَنِ الأَرض، وَفِي التَّهْذِيبِ: يُرْفَعُ بِهَا الْعِنَبُ إِذا سَقَطَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ. والمِرْزَحُ: مَا اطمأَنَّ مِنَ الأَرض؛ قَالَ الطرمَّاح:

كأَنَّ الدُّجَى دونَ البلادِ مُوَكَّلٌ،

يَنِمُّ بِجَنْبَيْ كلِّ عُلْوٍ ومِرْزَحِ

ورِزاحٌ: اسْمُ رَجُلٍ. والمَرْزَحُ: المَقْطَعُ الْبَعِيدُ.

ص: 448

والمِرْزِيحُ: الشَّدِيدُ الصَّوْتِ «1» ؛ وأَنشد لِزِيَادٍ المِلْقَطيّ:

ذَرْ ذَا ولكنْ تَبَصَّرْ، هَلْ تَرَى ظُعُناً

تُحْدَى لساقَتِها بالدَّوِّ مِرْزِيحُ؟

وَالسَّاقَةُ: جَمْعُ سَائِقٍ، كالباعة جمع بائع.

رسح: الرَّسَحُ: خِفَّةُ الأَلْيَتَين وَلُصُوقُهُمَا. رَجُلٌ أَرْسَحُ بَيِّنُ الرَّسَح: قَلِيلُ لَحْمِ الْعَجُزِ وَالْفَخِذَيْنِ، وامرأَة رَسْحاءُ؛ وَقَدْ رَسِحَ رَسَحاً. وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:

إِن جَاءَتْ بِهِ أَرْسَحَ، فَهُوَ لِفُلَانٍ

؛ الأَرْسَحُ: الَّذِي لَا عَجُزَ لَهُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَسْتَرْضِعُوا أَولادكم الرُّسْحَ وَلَا العُمْشَ، فإِن اللَّبَنَ يُورثُ الرَّسَحَ

؛ اللَّيْثُ: الرَّسَحُ أَن لَا يَكُونَ للمرأَة عَجِيزَةٌ، وَقَدْ رَسِحَتْ رَسَحاً، وَهِيَ الزَّلَّاء والمِزْلاجُ. والأَرْسَحُ: الذِّئْبُ، لِذَلِكَ، وَكُلُّ ذِئْبٍ أَرْسَحُ لأَنه خَفِيفُ الوَرِكَينِ، وَقِيلَ لامرأَةٍ مِنَ الْعَرَبِ: مَا بالُنا نراكُنَّ رُسْحاً؟ فَقَالَتْ: أَرْسَحَتْنا نارُ الزَّحْفَتَينِ. وَقِيلَ للسِّمْع الأَزَلِّ: أَرْسَحُ. والرَّسْحاءُ: الْقَبِيحَةُ مِنَ النِّسَاءِ، وَالْجَمْعُ رُسْحٌ.

رشح: الرَّشْحُ: نَدَى العَرَقِ عَلَى الجَسَدِ. يُقَالُ: رَشَحَ فلانٌ عَرَقاً؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ أَرْشَحَ عَرَقاً وتَرَشَّحَ عَرَقاً، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَدْ رَشَحَ يَرْشَحُ رَشْحاً ورَشَحاناً: نَدِيَ بالعَرَق. والرَّشِيحُ: العَرَق. والرَّشْحُ: العَرَقُ نَفْسُهُ؛ قَالَ ابن مُقْبِل:

يَخْدِي بِديباجَتَيْهِ الرَّشْحُ مُرْتَدِع

وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:

حَتَّى يَبْلُغَ الرَّشْحُ آذانَهم

؛ الرَّشْحُ: العَرَق لأَنه يَخْرُجُ مِنَ الْبَدَنِ شَيْئًا فَشَيْئًا كَمَا يَرْشَحُ الإِناءُ المُتَخَلْخِلُ الأَجزاء. والمِرْشَحُ والمِرْشَحَة: الْبِطَانَةُ الَّتِي تَحْتَ لِبْدِ السَّرْج، سمِّيت بِذَلِكَ لأَنها تُنَشِّفُ الرَّشْح؛ يَعْنِي العَرَق؛ وَقِيلَ: هِيَ مَا تَحْتَ المِيثَرَة. وَبِئْرٌ رَشُوحٌ: قَلِيلَةُ الْمَاءِ، ورَشَحَ النِّحْيُ بِمَا فِيهِ كَذَلِكَ. ورَشَّحَتِ الأُمُّ وَلَدَهَا بِاللَّبَنِ الْقَلِيلِ إِذا جَعَلَتْهُ فِي فِيهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ حَتَّى يَقْوَى عَلَى المَصِّ، وَهُوَ الرَّشِيحُ. ورَشَحَتِ الناقةُ وَلَدَها ورَشَّحَتْه وأَرْشَحَتْهُ: وَهُوَ أَن تَحُكَّ أَصل ذَنَبِهِ وَتَدْفَعَهُ برأْسها وتُقَدِّمه وتَقِفَ عَلَيْهِ حَتَّى يَلْحَقَهَا وتُزَجِّيه أَحياناً أَي تُقَدِّمه وَتَتْبَعُهُ، وَهِيَ راشِحٌ ومُرْشِحٌ ومُرَشِّحٌ، كُلُّ ذَلِكَ عَلَى النَّسَبِ. وتَرَشَّحَ هُوَ إِذا قَوِيَ عَلَى الْمَشْيِ مَعَ أُمه. وأَرْشَحَتِ الناقةُ والمرأَة، وَهِيَ مُرْشِحٌ إِذا خَالَطَهَا وَلَدَهَا وَمَشَى مَعَهَا وَسَعَى خَلْفَهَا وَلَمْ يُعَنِّها؛ وَقِيلَ: إِذا قَوِيَ وَلَدُ النَّاقَةِ، فَهِيَ مُرْشِحٌ وَوَلَدُهَا راشِحٌ، وَقَدْ رَشَح رُشُوحاً؛ قَالَ أَبو ذؤَيب، وَاسْتَعَارَهُ لِصِغَارِ السَّحَابِ:

ثَلَاثًا، فلما اسْتُحِيلَ الجَهامُ،

واسْتَجْمَعَ الطِّفْلُ فِيهِ رُشوحا

وَالْجَمْعُ رُشَّحٌ؛ قَالَ:

فَلَمَّا انْتَهى نِيُّ المَرابيعِ، أَزْمَعَتْ

جُفُوفاً، وأَولادُ المَصاييفِ رُشَّحُ

وَكُلُّ مَا دَبَّ عَلَى الأَرض مِنْ خَشاشها: راشِحٌ. قَالَ الأَصمعي: إِذا وَضَعَتِ النَّاقَةُ وَلَدَهَا، فَهُوَ شَليل، فإِذا قَوِيَ ومَشَى، فَهُوَ رَاشِحٌ وأُمه مُرْشِحٌ، فإِذا ارْتَفَعَ عَنِ الرَّاشِح، فَهُوَ خالٌ. والتَّرَشُّحُ والتَّرْشِيحُ: لَحْسُ الأُمِّ مَا عَلَى طِفْلها مِنَ النُّدُوَّةِ حِينَ تَلِدُه؛ قَالَ:

أُمُّ الظِّبا تُرَشِّحُ الأَطفالا

(1). قوله [والمرزيح الشديد الصوت] هذه عبارة الجوهري، قال المجد: والمرزيح، بالكسر، الصوت لا شديده.

ص: 449

والتَّرْشِيحُ أَيضاً: التَّرْبِيَةُ وَالتَّهْيِئَةُ لِلشَّيْءِ. ورُشِّحَ للأَمر: رُبِّيَ لَهُ وأُهِّل؛ وَيُقَالُ: فُلَانٌ يُرَشَّح لِلْخِلَافَةِ إِذا جُعِل وَلِيَّ الْعَهْدِ. وَفِي حَدِيثِ

خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: أَنه رَشَّحَ وَلده لِوِلَايَةِ الْعَهْدِ

أَي أَهَّله لَهَا. وَفُلَانٌ يُرَشَّحُ لِلْوِزَارَةِ أَي يُرَبَّى ويُؤَهَّل لَهَا. ورَشَّحَ الغيثُ النباتَ: رَبَّاه؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:

يُرَشِّحُ نَبْتاً ناعِماً، ويَزينُه

نَدًى، ولَيالٍ بعدَ ذاكَ طَوالِقُ

والاسْتِرْشاحُ كَذَلِكَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

يُقَلِّبُ أَشْباهاً كأَنَّ ظُهورَها،

بمُسْتَرْشَحِ البُهْمى، مِنَ الصَّخْرِ، صَرْدَحُ

أَي بِحَيْثُ رَشَّحَتِ الأَرضُ البُهْمَى؛ يَعْنِي رَبَّتها وبَلَغت بِهَا. وَفِي حَدِيثِ

ظَبْيانَ: يأْكلون حَصيدَها ويُرَشِّحُون خَضِيدَها

؛ الْخَضِيدُ: الْمَقْطُوعُ مِنْ شَجَرِ الثَّمَرِ. وتَرْشِيحُهم لَهُ: قيامُهم عَلَيْهِ وإِصلاحهم لَهُ إِلى أَن تَعُودَ ثَمَرَتُهُ تَطْلُع كَمَا يُفْعل بِشَجَرِ الأَعناب وَالنَّخِيلِ. والرَّشِيحُ: مَا عَلَى وَجْهَ الأَرض مِنَ النَّبَاتِ. وَيُقَالُ: بَنُو فُلَانٍ يَسْتَرْشِحُونَ البقلَ أَي يَنْتَظِرُونَ أَن يَطُولَ فَيَرعَوْه. ويَسْتَرْشِحُونَ البُهْمَى: يُرَبُّونه ليَكْبُرَ، وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ مُسْتَرْشَح؛ وَتَقُولَ: لَمْ يَرْشَحْ لَهُ بِشَيْءٍ إِذا لَمْ يُعْطِه شَيْئًا. والرَّاشِحُ والرَّواشِحُ: جِبَالٌ تَنْدى فَرُبَّمَا اجْتَمَعَ فِي أُصولها مَاءٌ قَلِيلٌ، فإِن كَثُرَ سُمِّي وَشَلًا، وإِن رأَيته كالعَرَق يَجْرِي خِلالَ الحجارة سُمّي راشِحاً.

رصح: الرَّصَحُ: لُغَةٌ فِي الرَّسَح؛ رَجُلٌ أَرْصَحُ وامرأَة رَصْحاء. وَرَوَى ابْنُ الفَرَج عَنْ أَبي سَعِيدٍ الضَّرِيرِ أَنه قَالَ: الأَرْصَحُ والأَرْصَعُ والأَزَلُّ واحدٌ. وَيُقَالُ: الرَّصَعُ قُرْبُ مَا بَيْنَ الوَرِكَيْنِ، وَكَذَلِكَ الرَّصَحُ والرَّسَحُ والزَّلَلُ. وَفِي حَدِيثِ اللِّعَانِ:

إِن جاءَت بِهِ أُرَيْصِحَ

؛ هُوَ تَصْغِيرُ الأَرْصَحِ، وَهُوَ النَّاتئُ الأَلْيَتين؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ بِالسِّينِ، هَكَذَا قَالَ الهَرَوِيُّ، وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ أَن الأَرْصَحَ والأَرْسَح هُوَ الْخَفِيفُ لَحْمِ الأَلْيَتين، وَرُبَّمَا كَانَتِ الصَّادُ بَدَلًا مِنَ السِّينِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي موضعه.

رضح: رَضَحَ رأْسَه بِالْحَجَرِ يَرْضَحُه رَضْحاً: رَضَّه. والرَّضْحُ: مِثْلُ الرَّضْخ، وَهُوَ كَسْرُ الْحَصَى أَو النَّوَى؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:

بكلِّ وَأْبٍ للحَصَى رَضَّاحِ،

لَيْسَ بمُصْطَرٍّ وَلَا فِرْشاحِ

الوَأْبُ: الشَّدِيدُ القَوِيُّ، وَهُوَ يَصِفُ حَافِرًا؛ تَقْدِيرُهُ بِكُلِّ حَافِرٍ وَأْبٍ رَضَّاح لِلْحَصَى. والمُصْطَرّ: الضَّيِّقُ. والفِرْشاحُ: المُنْبَطِحُ. ورَضَح النواةَ يَرْضَحُها رَضْحاً: كَسَرَها بِالْحَجَرِ. ونَوًى رَضِيحٌ: مَرْضُوحٌ، وَاسْمُ الْحَجَرِ المِرْضاحُ «1» ، وَالْخَاءُ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ؛ قَالَ:

خَبَطْناهم بكلِّ أَرَحَّ لأْمٍ،

كمِرْضاحِ النَّوى عَبْلٍ وَقاحِ

المِرْضاحُ: الْحَجَرُ الَّذِي يُرْتَضَحُ بِهِ النَّوى أَي يُدَقُّ. والرَّضِيح: النَّوَى الْمَرْضُوحُ. والرُّضْحُ، بِالضَّمِّ: النَّوَى الْمَرْضُوحُ. ونَوى الرَّضْح: مَا نَدَرَ مِنْهُ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الأَنصاري:

وتَرْعَى الرَّضْحَ والوَرَقا

وَتَقُولُ: رَضَحْتُ الحَصَى فَتَرَضَّحَ؛ قَالَ جِرانُ العَوْدِ:

يَكادُ الحَصَى مِنْ وَطْئِها يَتَرَضَّحُ

والرَّضْحَةُ: النَّوَاةُ الَّتِي تَطِيرُ مِنْ تَحْتِ الحجر. وبلغنا

(1). قوله [واسم الحجر المرضاح] كالمرضحة، بكسر الميم، كما في شرح القاموس.

ص: 450

رَضْحٌ مِنْ خَبَرٍ أَي يَسِيرٌ مِنْهُ. والرَّضْحُ أَيضاً: القليل من العطية.

رفح: الأَزهري خَاصَّةً: قَالَ أَبو حَاتِمٍ: مِنْ [قُرُونِ] الْبَقَرِ الأَرْفَحُ، وَهُوَ الَّذِي يَذْهَبُ قَرْنَاهُ قِبَلَ أُذنيه فِي تَبَاعُدِ مَا بَيْنَهُمَا، قَالَ: والأَرْفى الَّذِي تأْتي أُذناه عَلَى قَرْنَيْهِ. ابْنُ الأَثير: وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ إِذا رَفَّحَ إِنساناً قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ

؛ أَراد رَفَّأَ، أَي دَعَا لَهُ بالرِّفاء، فأَبدل الْهَمْزَةَ حَاءً، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: رَقَّحَ، بِالْقَافِ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه، لمَّا تَزَوَّجَ أُم كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ، رضي الله عنهما، قَالَ: رَفِّحُوني

؛ أَي قُولُوا لِي مَا يُقَالُ لِلْمُتَزَوِّجِ؛ ذَكَرَهُ ابْنُ الأَثير فِي تَرْجَمَةِ رفح، بالفاء.

رقح: التَّرْقِيح والتَّرَقُّحُ: إِصلاح المعيشة؛ قَالَ الحرثُ بْنُ حِلِّزَة:

يَتْرُكُ مَا رَقَّحَ مِنْ عَيْشِه،

يَعِيثُ فِيهِ هَمَجٌ هامِجُ

وتَرَقَّح لِعِيَالِهِ: كَسَبَ وَطَلَبَ وَاحْتَالَ، هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والتَّرَقُّح: الِاكْتِسَابُ. وتَرْقِيحُ الْمَالِ: إِصلاحه وَالْقِيَامُ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ رَقاحِيُّ مَالٍ؛ والرَّقاحِيّ: التَّاجِرُ الْقَائِمُ عَلَى مَالِهِ الْمُصْلِحُ لَهُ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب يَصِفُ دُرَّةً:

بِكَفَّيْ رَقاحيٍّ يُريد نَماءَها،

فيُبْرِزُها لِلْبَيْعِ، فَهِيَ قَرِيحُ

يَعْنِي: بَارِزَةً ظَاهِرَةً، وَالِاسْمُ الرَّقاحةُ. وَيُقَالُ: إِنه ليُرَقِّحُ مَعِيشَتَهُ أَي يُصْلِحُهَا. والرَّقاحةُ: الكَسْبُ وَالتِّجَارَةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي تَلْبِيَةِ بَعْضِ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ: جِئْنَاكَ للنَّصاحة وَلَمْ نأْت للرَّقاحة. وَفِي حَدِيثِ الْغَارِ:

وَالثَّلَاثَةُ الَّذِينَ أَوَوْا إِليه حَتَّى كَثُرَتْ وارْتَقَحَتْ

؛ أَي زادتْ، مِنَ الرَّقاحة الكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ. وتَرْقِيحُ الْمَالِ: إِصلاحُه والقيامُ عَلَيْهِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ إِذا رَقَّح إِنساناً

؛ يُرِيدُ رَفَّأَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرَّاءِ والفاء.

ركح: الرُّكْحُ، بِالضَّمِّ، مِنَ الْجَبَلِ: الرُّكْنُ أَو النَّاحِيَةُ المُشْرِفة عَلَى الْهَوَاءِ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا عَلَا عَنِ السَّفْح وَاتَّسَعَ. ابْنُ الأَعرابي: رُكْحُ كلِّ شَيْءٍ جانبُه. والرُّكْحُ أَيضاً: الفِناءُ، وَجَمْعُهُ أَرْكاحٌ ورُكُوحٌ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:

وَلَقَدْ نُقِيمُ، إِذا الخُصُومُ تَنافَدُوا

أَحْلامَهم، صَعَرَ الخَصِيمِ المُجْنِفِ

حَتَّى يَظَلَّ كأَنه مُتَثَبِّتٌ،

بِرُكُوحِ أَمْعَزَ ذِي رُيُودٍ مُشْرِفِ

قَالَ: مَعْنَاهُ يَظَلُّ مِنْ فَرَقِ أَن يَتَكَلَّمَ فُيخْطِئَ ويَزِلَّ كأَنه يَمْشِي بِرُكْحِ جبلٍ، وَهُوَ جَانِبُهُ وَحَرْفُهُ، فَيَخَافُ أَن يَزِلَّ ويَسْقُط. ورُكْحة الدَّارِ ورُكْحُها: سَاحَتُهَا؛ وتَرَكَّح فِيهَا: تَوَسَّع. وَيُقَالُ: إِن لِفُلَانٍ سَاحَةً يَتَرَكَّحُ فِيهَا أَي يَتَوَسَّعُ. وَفِي النَّوَادِرِ: تَركَّحَ فُلَانٌ فِي الْمَعِيشَةِ إِذا تَصَرَّفَ فِيهَا. وتَرَكَّحَ بِالْمَكَانِ: تَلَبَّثَ. ورَكَحَ السَّاقِي عَلَى الدَّلْوِ إِذا اعْتَمَدَ عَلَيْهَا نَزْعاً. والرَّكْحُ: الاعتمادُ؛ وأَنشد الأَصمعي:

فَصادَفَتْ أَهْيَفَ مثلَ القِدْحِ،

أَجْرَدَ بالدَّلْوِ شَديدَ الرَّكْحِ

والرُّكْحَة: البقيَّة مِنَ الثَّرِيدِ تَبْقَى فِي الجَفْنَة. وجَفْنَةٌ مُرْتَكِحَة: مُكْتَنِزة بِالثَّرِيدِ. ورَكَح إِلى الشَّيْءِ رُكُوحاً: رَكَنَ وأَنابَ؛ قال:

ص: 451

رَكَحْتُ إِليها بعدَ ما كنت مُجْمِعاً

على وا «2» .... ها، وانْسَبْتُ بالليل فائزا

وأَرْكَحَ إِليه: اسْتَنَدَ إِليه. وأَرْكَحْتُ إِليه: لجأْت إِليه؛ يُقَالُ: أَرْكَحْتُ ظَهْرِي إِليه أَي أَلجأْت ظَهْرِي إِليه. والرُّكُوح إِلى الشَّيْءِ: الركونُ إِليه. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: مَا أُحب أَن أَجعل لَكَ عِلَّةً تَرْكَحُ إِليها

أَي تَرْجِعُ وتلجأُ إِليها؛ يقال: رَكَحْتُ إِليه وأَرْكَحْتُ وارْتَكَحْتُ؛ وأَرْكَحَ إِلى غِنًى، مِنْهُ عَلَى الْمَثَلِ. والمِرْكاحُ مِنَ الرِّحال والسُّروج: الَّذِي يتأَخر فَيَكُونُ مَرْكَبُ الرجلِ عَلَى آخِرَةِ الرَّحْل؛ قَالَ:

كأَنَّ فَاهُ، واللجامُ شاحِي،

شَرْجا غَبِيطٍ سَلِسٍ مِرْكاحِ

الْجَوْهَرِيُّ: سَرْجٌ مِركاحٌ إِذا كَانَ يتأَخر عَنْ ظَهْرِ الْفَرَسِ، وَكَذَلِكَ الرَّحْلُ إِذا تأَخر عَنْ ظَهْرِ الْبَعِيرِ. ابْنُ سِيدَهْ: والرُّكْحُ أَبيات النَّصَارَى، وَلَسْتُ مِنْهَا عَلَى ثِقَةٍ. والرَّكْحاءُ: الأَرض الْغَلِيظَةُ الْمُرْتَفِعَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا شُفْعَة فِي فِناء وَلَا طَرِيقٍ وَلَا رُكْحٍ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الرُّكْحُ، بِالضَّمِّ، نَاحِيَةُ الْبَيْتِ مِنْ وَرَائِهِ كأَنه فضاء لا بناء فيه؛ قَالَ القُطامِيُّ:

أَما تَرَى مَا غَشِيَ الأَرْكاحا؟

لَمْ يَدَعِ الثَّلْجُ لَهُمْ وَجاحا

الأَركاح: الأَفنية. والوَجاح: السَّيْرُ، بِفَتْحِ الْوَاوِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرُّكْحُ جَمْعُ رُكْحةٍ مِثْلُ بُسْر وبُسْرَة، وَلَيْسَ الرُّكْحُ وَاحِدًا، والأَرْكاحُ جَمْعُ رُكْحٍ لَا رُكْحةٍ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

أَهلُ الرُّكْحِ أَحق برُكْحِهم

؛ وَقَالَ ابْنُ مَيَّادَةَ:

ومُضَبَّر عَرِد الزِّجاجِ، كأَنه

إِرَمٌ لِعادَ، مُلَزَّزُ الأَرْكاحِ

أَراد بعَرِدِ الزِّجاج أَنيابه. وإِرَمٌ: قَبْرٌ عَلَيْهِ حِجَارَةٌ. وَمُضَبَّرٌ: يَعْنِي رأْساً كأَنه قَبْرٌ. والأَرْكاحُ: الأَساسُ والأَركان وَالنَّوَاحِي؛ قَالَ وَرَوَى بَعْضُهُمْ شِعْرَ الْقُطَامِيِّ:

أَلا تَرَى مَا غَشِيَ الأَرْكاحا؟

قَالَ: وَهِيَ بُيُوتُ الرُّهْبان؛ قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لَهَا الأُكَيْراحُ، قَالَ: وَمَا أُراها عربيَّة.

رمح: الرُّمْحُ: مِنَ السِّلَاحِ مَعْرُوفٌ، وَاحِدُ الرِّماحِ، وَجَمْعُهُ أَرْماح؛ وَقِيلَ لأَعرابي: مَا النَّاقَةُ القِرْواح؟ قَالَ: الَّتِي كأَنها تَمْشِي عَلَى أَرماح؛ والكثيرُ: رِماحٌ. وَرَجُلٌ رَمَّاحٌ: صَانِعٌ للرِّماح مُتَّخِذٌ لَهَا وحِرْفته الرِّماحة. وَرَجُلٌ رامِحٌ ورَمَّاح: ذُو رُمْح مِثْلُ لابنٍ وتامِرٍ، وَلَا فِعْلَ لَهُ. ورَمَحه يَرْمَحُه رَمْحاً: طَعَنَهُ بالرُّمْح، فَهُوَ رامِح. وَفِي الْحَدِيثِ:

السلطانُ ظِلُّ اللَّهِ ورُمْحُه

؛ اسْتَوْعَبَ بِهَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ نَوْعَيْ مَا عَلَى الْوَالِي لِلرَّعِيَّةِ: أَحدهما الِانْتِصَافُ مِنَ الظَّالِمِ والإِعانة، لأَن الظِّلَّ يُلجأُ إِلَيْهِ مِنَ الْحَرَارَةِ وَالشِّدَّةِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي تَمَامِهِ يأْوي إِليه كلُّ مَظْلُومٍ؛ وَالْآخَرُ إِرهاب الْعَدُوِّ لِيَرْتَدِعَ عَنْ قَصْدِ الرَّعِيَّةِ وأَذاهم فيأْمنوا بِمَكَانِهِ مِنَ الشَّرِّ، وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ الرُّمْح كِنَايَةً عَنِ الدَّفْعِ وَالْمَنْعِ؛ وَقَوْلُ طُفَيْلٍ الغَنَوِيّ: بِ

رَمَّاحةٍ تَنْفِي التُّراب، كأَنها

هِراقَةُ عَقٍّ، مِنْ شُعَيْبى مُعَجّلِ «3»

قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: رَمَّاحة طَعْنة بالرُّمْح، وَلَا أَعرف

(2). كذا في بياض بالأصل.

(3)

. قوله [من شعيبى إلخ] كذا بالأَصل.

ص: 452

لِهَذَا مَخْرَجاً إِلا أَن يَكُونَ وَضَعَ رَمَّاحةً موضعَ رَمْحَةٍ الَّذِي هُوَ المرَّة الْوَاحِدَةُ مِنَ الرَّمْحِ. وَيُقَالُ لِلثَّوْرِ مِنَ الْوَحْشِ: رامِحٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه لِمَوْضِعِ قَرْنِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وكائنْ ذَعَرْنا مِنْ مَهاةٍ ورامِحٍ،

بلادُ العِدَى ليستْ لَهُ ببلادِ «1»

وثورٌ رامِحٌ: لَهُ قَرْنَانِ. والسِّماكُ الرامِحُ: أَحد السِّماكَيْن، وَهُوَ مَعْرُوفٌ مِنَ الْكَوَاكِبِ قُدَّامَ الفَكَّةِ، لَيْسَ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ، سمِّي بِذَلِكَ لأَن قُدَّامه كَوْكَبًا كأَنه لَهُ رُمْحٌ، وَقِيلَ لِلْآخَرِ: الأَعْزَلُ، لأَنه لَا كَوْكَبَ أَمامه، والرامِحُ أَشدُّ حُمْرَةً سُمِّيَ رامِحاً لِكوكب أَمامه تَجْعَلُهُ الْعَرَبُ رُمْحَه؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:

مَحاهُنَّ صَيِّبُ نَوْءِ الرَّبيع،

مِنَ الأَنْجُمِ العُزْلِ والرامِحَهْ

والسِّماكُ الرامحُ لَا نَوْء لَهُ إِنما النَّوْءُ للأَعْزَل. الأَزهري: الرَّامِحُ نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ يُقَالُ لَهُ السِّماك المِرْزَمُ. وأَخذَتِ البُهْمَى وَنَحْوُهَا مِنَ الْمَرَاعِي رماحَها: شَوَّكَتْ فَامْتَنَعَتْ عَلَى الرَّاعِيَةِ. وأَخذت الإِبل رماحَها: حَسُنَتْ فِي عَيْنِ صَاحِبِهَا، فَامْتَنَعَ لِذَلِكَ مِنْ نَحْرِهَا؛ يُقَالُ ذَلِكَ إِذا سَمِنَتْ أَو درَّت، وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْمَثَلِ. الأَزهري: إِذا امْتَنَعَتِ البُهْمَى وَنَحْوُهَا مِنَ المَراعي فَيَبِسَ سَفاها، قِيلَ: أَخذت رِماحَها؛ ورِماحُها سَفاها اليابِسُ. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذا سَمِنَتْ: ذاتُ رُمْح، والنُّوقُ السِّمانُ ذواتُ رِماح، وَذَلِكَ أَن صَاحِبَهَا إِذا أَراد نَحْرَهَا نَظَرَ إِلى سِمَنها وَحُسْنِهَا، فَامْتَنَعَ مِنْ نَحْرِهَا نَفَاسَةً بِهَا لِمَا يَرُوقُه مِنْ أَسْنِمتها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:

فَمَكَّنْتُ سَيْفِي مِنْ ذَواتِ رِماحِها،

غِشاشاً، وَلَمْ أَحْفِلْ بُكاءَ رِعائِيا

يَقُولُ: نَحَرْتُهَا وأَطعمتها الأَضياف، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مَا عَلَيْهَا مِنَ الشُّحُومِ عَنْ نَحْرِهَا نَفَاسَةً بِهَا. وأَخذ الشيخُ رُمَيْحَ أَبي سَعْدٍ: اتَّكَأَ عَلَى الْعَصَا مِنْ كِبَره، وأَبو سَعْدٍ أَحدُ وَفْدِ عَادٍ، وَقِيلَ: هُوَ لُقْمَانُ الْحَكِيمُ؛ قَالَ:

إِمَّا تَرَيْ شِكَّتِي رُمَيْحَ أَبي

سَعْدٍ، فَقَدْ أَحْمِلُ السِّلاحَ مَعا

وَقِيلَ: أَبو سَعْدٍ كُنْيَةُ الكِبَرِ. وَجَاءَ كأَنَّ عَيْنَيْهِ فِي رُمحين: وَذَلِكَ مِنَ الْخَوْفِ والفَرَق وشدَّة النَّظَرِ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الْغَضَبِ أَيضاً. وَذُو الرُّمَيْح: ضَرْبٌ مِنَ الْيَرَابِيعِ طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ فِي أَوساط أَوْظِفَته، فِي كُلِّ وَظِيف فضْلُ ظُفُر، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ يَرْبوعٍ، ورُمْحُه ذَنَبُه. ورِماحُ الْعَقَارِبِ: شَوْلاتُها. ورِماحُ الْجِنِّ: الطاعونُ: أَنشد ثَعْلَبٌ:

لَعَمْرُكَ، مَا خَشِيتُ عَلَى أُبَيٍّ

رِماحَ بَنِي مُقَيِّدَةِ الحِمارِ،

ولكنِّي خَشِيتُ عَلَى أُبَيٍّ

رِماحَ الجِنِّ، أَو إِيَّاكَ حارِ «2»

يَعْنِي ببَني مُقَيَّدَة الْحِمَارِ: الْعَقَارِبَ، وإِنما سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن الحَرَّةَ يُقَالُ لَهَا: مُقَيِّدة الْحِمَارِ؛ قَالَ النَّابِغَةِ:

أَواضِع البيتِ فِي سَوْداءَ مُظْلِمَةٍ،

تُقَيِّدُ العَيْرَ، لَا يَسْرِي بِهَا السَّارِي

(1). قوله [بلاد العدى] كذا بالأَصل، ومثله في الصحاح. والذي في الأَساس: بلاد الورى.

(2)

. قوله [أو إياك حار] كذا بالأَصل هنا ومثله في مادة حمر، وأَنشده في الأَساس [أَو أَنزال جار] وقال: الأَنزال أصحاب الحمر دون الخيل.

ص: 453

وَالْعَقَارِبُ تَأْلَفُ الحَرَّة. وَذُو الرُّمْحَين، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَحسبه جَدَّ عُمَرَ ابن أَبي رَبِيعَةَ؛ قَالَ القُرَشِيُّون: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه قاتَلَ بِرُمْحَيْنِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِطُولِ رُمْحِهِ. وَابْنُ رُمْح: رَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ، وإِياه عَنَى أَبو بُثَيْنة الهُذَليُّ بِقَوْلِهِ:

وَكَانَ القومُ مِنْ نَبْلِ ابنِ رُمْحٍ،

لَدَى القَمْراءِ، تَلْفَحُهم سَعِيرُ

وَيُرْوَى ابْنُ رَوْحٍ. وذاتُ الرِّماحِ: فَرَسٌ لأَحَدِ بَنِي ضَبَّة، وَكَانَتْ إِذا ذُعِرَتْ تَباشَرَتْ بَنُو ضَبَّة بالغُنْمِ؛ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ شَاعِرُهُمْ:

إِذا ذُعِرَتْ ذاتُ الرِّماحِ جَرَتْ لَنَا

أَيامِنُ، بالطَّيْرِ الكثيرِ غَنائِمُهْ

ورَمَح الفرسُ والبغلُ وَالْحِمَارُ وكلُّ ذِي حَافِرٍ يَرْمَحُ رَمْحاً: ضَرَبَ بِرِجْلِهِ، وَقِيلَ: ضَرَبَ بِرِجْلَيْهِ جَمِيعًا، وَالِاسْمُ الرِّماحُ؛ يُقَالُ: أَبْرَأُ إِليك مِنَ الجِماحِ والرِّماحِ؛ وَهَذَا مِنْ بَابِ الْعُيُوبِ الَّتِي يُرَدُّ الْمَبِيعُ بِهَا. الأَزهري: وَرُبَّمَا اسْتُعِيرَ الرَّمْحُ لِذِي الخُفّ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

بِطَعْنٍ كَرَمْحِ الشَّوْلِ أَمْسَتْ غَوارِزاً

جَواذِبُها، تَأْبَى عَلَى المُتَغَبِّر

وَقَدْ يُقَالُ: رَمَحَتِ الناقة؛ وهي رَمُوحٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

تُشْلِي الرَّمُوحَ، وهيَ الرَّمُوحُ،

حَرْفٌ كأَنَّ غُبْرَها مَمْلُوحُ

ورَمَحَ الجُنْدَبُ يَرْمَحُ: ضَرَبَ الحَصَى بِرِجْلِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

ومَجْهُولةٍ مِنْ دونِ مَيَّةَ لَمْ تَقِلْ

قَلُوصِي بِهَا، والجُنْدَبُ الجَوْنُ يَرْمَحُ

والرَّمَّاحُ: اسْمُ ابْنِ مَيَّادة الشَّاعِرِ. وَكَانَ يُقَالُ لأَبي بَراءٍ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ: مُلاعِبُ الأَسِنَّةِ، فَجَعَلَهُ لبيدٌ مُلاعِبَ الرِّماحِ لِحَاجَتِهِ إِلى الْقَافِيَةِ؛ فَقَالَ يَرْثِيهِ، وَهُوَ عَمُّهُ:

قُوما تَنُوحانِ مَعَ الأَنْواحِ،

وأَبِّنا مُلاعِبَ الرِّماحِ،

أَبا بَراءٍ مِدْرَهَ الشِّياحِ،

فِي السَّلَبِ السُّودِ، وَفِي الأَمْساحِ

وَبِالدَّهْنَاءِ نِقْيانٌ طُوَالٌ يُقَالُ لَهَا: الأَرماحُ. وذكَر الرجلِ: رُمَيْحُه، وفرجُ المرأَة: شُرَيْحها.

رنح: التَّرَنُّحُ: تَمَزُّزُ الشَّرَابِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. ورَنَّحَ الرجلُ وَغَيْرُهُ وتَرَنَّح: تَمَايَلَ مِنَ السُّكْرِ وَغَيْرِهِ. وتَرَنَّح إِذا مَالَ وَاسْتَدَارَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ كَلْبَ صَيْدٍ طَعَنَهُ الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ بِقَرْنِهِ، فَظَلَّ الْكَلْبُ يَسْتَدِيرُ كَمَا يَسْتَدِيرُ الْحِمَارُ الَّذِي قَدْ دَخَلَتِ النُّعَرة فِي أَنفه، والنُّعَرُ ذُبَابٌ أَزرق يَتَتَبَّع الحُمُر ويَلْسَعُها، والغَيْطَلُ شَجَرٌ، الْوَاحِدَةُ غَيْطَلة «1»:

فَظَلَّ يُرَنِّحُ فِي غَيْطَلٍ،

كَمَا يَسْتَدِيرُ الحِمارُ النَّعِرْ

وَقِيلَ: رُنِّح بِهِ إِذا دِيرَ بِهِ كالمَغْشِيِّ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ

الأَسود بْنِ يَزِيدَ: أَنه كَانَ يَصُومُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الحَرِّ الَّذِي إِن الجَمَل الأَحمر ليُرَنَّح فِيهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ

أَي يُدارُ بِهِ ويختلِط؛ يُقَالُ: رُنِّح فلانٌ تَرْنِيحاً إِذا اعْتَرَاهُ وَهْنٌ فِي عِظَامِهِ مِنْ ضَرْب أَو فَزَع أَو سُكْر؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رَنَّحه الشرابُ، ومَن رَوَاهُ يُرِيح، بِالْيَاءِ، أَراد يَهْلِك مِن أَراحَ الرجلُ إِذا مَاتَ، وسيأْتي ذِكْرُهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

يَزِيدَ الرَّقاشِيِّ: المريضُ يُرَنَّحُ والعَرَق مِنْ جبينه

(1). قوله [ويلسعها والغيطل إلخ] هكذا في الأَصل بهذا الترتيب.

ص: 454

يَتَرَشَّحُ.

ورُنِّحَ عَلَى فُلَانٍ تَرْنِيحاً، ورُنِّحَ فُلَانٌ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ إِذا غُشِيَ عَلَيْهِ وَاعْتَرَاهُ وَهْنٌ فِي عِظَامِهِ وضَعْفٌ فِي جَسَدِهِ عِنْدَ ضَرْبٍ أَو فَزَعٍ، حَتَّى يَغْشاه كالمَيْدِ، وَتَمَايَلَ فَهُوَ مُرَنَّحٌ، وقد يكون ذلك من هَمٍّ وحُزْنٍ؛ قَالَ:

تَرَى الجَلْدَ مَغْمُورًا يَمِيدُ مُرَنَّحاً،

كأَنَّ بِهِ سُكْراً، وإِن كَانَ صاحِيا

وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:

وناصِرُكَ الأَدْنَى عَلَيْهِ ظَعِينةٌ

تَمِيدُ، إِذا اسْتَعْبَرْتَ، مَيْدَ المُرَنَّحِ

وَقَوْلُهُ:

وَقَدْ أَبِيتُ جَائِعًا مُرَنَّحا

هُوَ مِنْ هَذَا. الأَزهري: والمَرْنَحَة صدرُ السَّفِينَةِ. قَالَ: والدَّوطِيرَة كَوْثَلُها، والقَبُّ رأْسُ الدَّقَل، والقَرِيَّةُ خَشَبَةٌ مُرَبَّعَةٌ عَلَى رأْس القَبِّ. وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَرْثِ: أَنه كَانَ إِذا نَظَرَ إِلى مالك ابن أَنس قَالَ: أَعوذ بَاللَّهِ مِنْ شَرِّ مَا تَرَنَّح لَهُ

أَي تحرَّك لَهُ وَطَلَبه. والمُرْنَحُ: ضَرْبٌ «1» مِنَ العُود مِنْ أَجوده يُسْتَجْمَرُ بِهِ، وَهُوَ اسْمٌ وَنَظِيرُهُ المُخْدَعُ.

روح: الرِّيحُ: نَسِيم الْهَوَاءِ، وَكَذَلِكَ نَسيم كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: مَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ

؛ هُوَ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ فَعْلٌ، وَهُوَ عِنْدَ أَبي الْحَسَنِ فِعْلٌ وفُعْلٌ. والرِّيحةُ: طَائِفَةٌ مِنَ الرِّيح؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَدُلَّ الْوَاحِدُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْجَمْعُ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ: رِيحٌ ورِيحَة مَعَ كَوْكَبٍ وكَوكَبَةٍ وأَشعَر أَنهما لُغَتَانِ، وَجَمْعُ الرِّيح أَرواح، وأَراوِيحُ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَقَدْ حُكِيَتْ أَرْياحٌ وأَرايِح، وَكِلَاهُمَا شَاذٌّ، وأَنكر أَبو حَاتِمٍ عَلَى عُمارة بْنِ عَقِيلٍ جمعَه الرِّيحَ عَلَى أَرْياح، قَالَ فَقُلْتُ لَهُ فِيهِ: إِنما هُوَ أَرْواح، فَقَالَ: قَدْ قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ

؛ وإِنما الأَرْواحُ جمعُ رُوح، قَالَ: فَعَلِمْتُ بِذَلِكَ أَنه لَيْسَ مِمَّنْ يؤْخذ عَنْهُ. التَّهْذِيبُ: الرِّيح ياؤُها وَاوٌ صُيِّرت يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَتَصْغِيرُهَا رُوَيْحة، وَجَمْعُهَا رِياحٌ وأَرْواحٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الرِّيحُ وَاحِدَةُ الرِّياح، وَقَدْ تُجْمَعُ عَلَى أَرْواح لأَن أَصلها الْوَاوُ وإِنما جاءَت بِالْيَاءِ لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وإِذا رَجَعُوا إِلى الْفَتْحِ عَادَتْ إِلى الْوَاوِ كَقَوْلِكَ: أَرْوَحَ الماءُ وتَرَوَّحْتُ بالمِرْوَحة؛ وَيُقَالُ: رِيحٌ ورِيحَة كَمَا قَالُوا: دارٌ ودارَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

هَبَّتْ أَرواحُ النَّصْر

؛ الأَرْواحُ جَمْعُ رِيح. وَيُقَالُ: الرِّيحُ لآِل فُلَانٍ أَي النَّصْر والدَّوْلة؛ وَكَانَ لِفُلَانٍ رِيحٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ يَقُولُ إِذا هَاجَتِ الرِّيح: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِياحاً وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا

؛ الْعَرَبُ تَقُولُ: لَا تَلْقَحُ السحابُ إِلَّا مِنْ رِيَاحٍ مُخْتَلِفَةٍ؛ يُرِيدُ: اجْعَلْها لَقاحاً لِلسَّحَابِ وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا، وَيُحَقِّقُ ذَلِكَ مجيءُ الْجَمْعِ فِي آيَاتِ الرَّحمة، وَالْوَاحِدِ فِي قِصَصِ الْعَذَابِ: كالرِّيح العَقِيم؛ ورِيحاً صَرْصَراً. وَفِي الْحَدِيثِ:

الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ

أَي مِنْ رَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ. ويومٌ راحٌ: شَدِيدُ الرِّيح؛ يَجُوزُ أَن يَكُونَ فَاعِلًا ذَهَبَتْ عَيْنُهُ، وأَن يَكُونَ فَعْلًا؛ وَلَيْلَةٌ راحةٌ. وَقَدْ راحَ يَراحُ رَيْحاً إِذا اشْتَدَّتْ رِيحُه. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَجُلًا حَضَرَهُ الْمَوْتُ، فَقَالَ لِأَولاده: أَحْرِقوني ثُمَّ

(1). قوله [والمرنح ضرب إلخ] كذا ضبط بالأَصل، بضم الميم وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ النُّونِ مخففة. ويؤيده قوله: وَهُوَ اسْمٌ، وَنَظِيرُهُ الْمُخْدَعُ، إذ المخدع بهذا الضبط، اسم للخزانة. وضبط المجد المرنح كمعظم، وبهامش شارحه المرنح كمعظم كما في منتهى الأرب والأوقيانوس.

ص: 455

انْظُرُوا يَوْمًا رَاحًا فأَذْرُوني فِيهِ

؛ يومٌ راحٌ أَي ذُو رِيح كَقَوْلِهِمْ: رجلٌ مالٌ. ورِيحَ الغَدِيرُ وغيرُه، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ: أَصابته الرِّيحُ، فَهُوَ مَرُوحٌ؛ قَالَ مَنْظُور بنُ مَرْثَدٍ الأَسَدِيُّ يَصِفُ رَماداً:

هَلْ تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذِي القُورْ؟

قَدْ دَرَسَتْ غيرَ رَمادٍ مَكْفُورْ

مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْ

القُور: جُبَيْلات صِغَارٌ، وَاحِدُهَا قارَة. وَالْمَكْفُورُ: الَّذِي سَفَتْ عَلَيْهِ الريحُ الترابَ، ومَرِيح أَيضاً؛ وَقَالَ يَصِفُ الدَّمْعَ:

كأَنه غُصْنٌ مَرِيح مَمْطُورْ

مِثْلُ مَشُوب ومَشِيب بُنِيَ عَلَى شِيبَ. وغُصْنٌ مَرِيحٌ ومَرُوحٌ: أَصابته الرِّيحُ؛ وَكَذَلِكَ مَكَانٌ مَريح ومَرُوحٌ، وَشَجَرَةٌ مَرُوحة ومَريحة: صَفَقَتْها الريحُ فأَلقت وَرَقَهَا. وراحَتِ الريحُ الشيءَ: أَصابته؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ ثَوْرًا:

ويَعُوذ بالأَرْطَى، إِذا مَا شَفَّهُ

قَطْرٌ، وراحَتْهُ بَلِيلٌ زَعْزَعُ

وراحَ الشجرُ: وجَدَ الريحَ وأَحَسَّها؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:

تَعُوجُ، إِذا مَا أَقْبَلَتْ نَحْوَ مَلْعَبٍ،

كَمَا انْعاجَ غُصْنُ البانِ راحَ الجَنائبا

وَيُقَالُ: رِيحَتِ الشجرةُ، فَهِيَ مَرُوحة. وَشَجَرَةٌ مَرُوحة إِذا هبَّت بِهَا الرِّيحُ؛ مَرُوحة كَانَتْ فِي الأَصل مَرْيوحة. ورِيحَ القومُ وأَراحُوا: دَخَلُوا فِي الرِّيحِ، وَقِيلَ: أَراحُوا دَخَلُوا فِي الرِّيحِ، ورِيحُوا: أَصابتهم الريحُ فجاحَتْهم. والمَرْوَحة، بِالْفَتْحِ: المَفازة، وَهِيَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَخْترقُه الرِّيحُ؛ قَالَ:

كأَنَّ رَاكِبَهَا غُصْنٌ بمَرْوَحةٍ،

إِذا تَدَلَّتْ بِهِ، أَو شارِبٌ ثَمِلُ

وَالْجَمْعُ المَراوِيح؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، وَقِيلَ: إِنه تَمَثَّلَ بِهِ، وَهُوَ لِغَيْرِهِ قَالَهُ وَقَدْ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فِي بَعْضِ الْمَفَاوِزِ فأَسرعت؛ يَقُولُ: كأَنَّ رَاكِبَ هَذِهِ النَّاقَةِ لِسُرْعَتِهَا غُصْنٌ بِمَوْضِعٍ تَخْتَرِقُ فِيهِ الرِّيحُ، كَالْغُصْنِ لَا يَزَالُ يَتَمَايَلُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَشَبَّهَ رَاكِبَهَا بِغُصْنٍ هَذِهِ حَالُهُ أَو شارِبٍ ثَمِلٍ يتمايلُ مِنْ شِدَّةِ سُكْرِهِ، وَقَوْلُهُ إِذا تَدَلَّتْ بِهِ أَي إِذا هَبَطَتْ بِهِ مِنْ نَشْزٍ إِلى مُطَمْئِنٍ، وَيُقَالُ إِن هَذَا الْبَيْتَ قَدِيمٌ. وراحَ رِيحَ الرَّوْضَةَ يَراحُها، وأَراح يُريحُ إِذا وَجَدَ رِيحَهَا؛ وَقَالَ الهُذَليُّ:

وماءٍ ورَدْتُ عَلَى زَوْرَةٍ،

كمَشْيِ السَّبَنْتَى يَراحُ الشَّفِيفا

الْجَوْهَرِيُّ: راحَ الشيءَ يَراحُه ويَرِيحُه إِذا وجَدَ رِيحَه، وأَنشد الْبَيْتَ [وماءٍ ورَدتُ] قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لصَخرْ الغَيّ، والزَّوْرةُ هَاهُنَا: الْبُعْدُ؛ وَقِيلَ: انْحِرَافٌ عَنِ الطَّرِيقِ. وَالشَّفِيفُ: لَذْعُ الْبَرْدِ. والسَّبَنْتَى: النَّمِرُ. والمِرْوَحَةُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: الَّتِي يُتَرَوَّحُ بِهَا، كُسِرَتْ لأَنها آلَةٌ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ المِرْوَحُ، وَالْجَمْعُ المَرَاوِحُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

فَقَدْ رأَيتهم يَتَرَوَّحُون فِي الضُّحَى

أَي احْتَاجُوا إِلى التَّرْويحِ مِنَ الحَرِّ بالمِرْوَحة، أَو يَكُونُ مِنَ الرَّوَاحِ: العَودِ إِلى بُيُوتِهِمْ، أَو مِنْ طَلَب الرَّاحَةِ. والمِرْوَحُ والمِرْواحُ: الَّذِي يُذَرَّى بِهِ الطعامُ فِي الرِّيحِ.

ص: 456

وَيُقَالُ: فُلَانٌ بِمَرْوَحةٍ أَي بمَمَرِّ الريحِ. وَقَالُوا: فُلَانٌ يَميلُ مَعَ كُلِّ رِيحٍ، عَلَى الْمَثَلِ؛ وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: ورَعاعُ الهَمَج يَميلون مَعَ كلِّ رِيحٍ.

واسْتَرْوح الغصنُ: اهتزَّ بِالرِّيحِ. ويومٌ رَيِّحٌ ورَوْحٌ ورَيُوحُ: طَيِّبُ الرِّيحِ؛ ومكانٌ رَيِّحٌ أَيضاً، وعَشِيَّةٌ رَيِّحةٌ ورَوْحَةٌ، كَذَلِكَ. اللَّيْثُ: يَوْمٌ رَيِّحٌ وَيَوْمٌ راحٌ: ذُو رِيحٍ شَدِيدَةٍ، قَالَ: وَهُوَ كَقَوْلِكَ كَبْشٌ صافٍ، والأَصل يَوْمٌ رَائِحٌ وَكَبْشٌ صَائِفٌ، فَقَلَبُوا، وَكَمَا خَفَّفُوا الحائِجةَ، فَقَالُوا حَاجَةٌ؛ وَيُقَالُ: قَالُوا صافٌ وراحٌ عَلَى صَوِفٍ ورَوِحٍ، فَلَمَّا خَفَّفُوا اسْتَنَامَتِ الْفَتْحَةُ قَبْلَهَا فَصَارَتْ أَلفاً. ويومٌ رَيِّحٌ: طَيِّبٌ، وَلَيْلَةٌ رَيِّحة. وَيَوْمٌ راحٌ إِذا اشتدَّت رِيحُهُ. وَقَدْ راحَ، وَهُوَ يرُوحُ رُؤُوحاً وَبَعْضُهُمْ يَراحُ، فإِذا كَانَ الْيَوْمُ رَيِّحاً طَيِّباً، قِيلَ: يومٌ رَيِّحٌ وَلَيْلَةٌ رَيِّحة، وَقَدْ راحَ، وَهُوَ يَرُوحُ رَوْحاً. والرَّوْحُ: بَرْدُ نَسِيم الرِّيحِ؛ وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: كَانَ الناسُ يَسْكُنُونَ الْعَالِيَةَ فيحضُرون الجمعةَ وَبِهِمْ وَسَخٌ، فإِذا أَصابهم الرَّوْحُ سَطَعَتْ أَرواحهم فيتأَذى بِهِ الناسُ، فأُمروا بِالْغُسْلِ

؛ الرَّوْح، بِالْفَتْحِ: نَسِيمُ الرِّيحِ، كَانُوا إِذا مَرَّ عَلَيْهِمُ النسيمُ تَكَيَّفَ بأَرْواحِهم، وحَمَلها إِلى النَّاسِ. وَقَدْ يَكُونُ الرِّيحُ بِمَعْنَى الغَلَبة وَالْقُوَّةِ؛ قَالَ تَأَبَّط شَرًّا، وَقِيلَ سُلَيْكُ بنُ سُلَكَةَ:

أَتَنْظُرانِ قَلِيلًا رَيْثَ غَفْلَتِهمْ،

أَو تَعْدُوانِ، فإِنَّ الرِّيحَ للعادِي

وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ

؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقِيلَ الشِّعْرُ لأَعْشى فَهْمٍ، مِنْ قَصِيدَةٍ أَولها:

يَا دارُ بينَ غُباراتٍ وأَكْبادِ،

أَقْوَتْ ومَرَّ عَلَيْهَا عهدُ آبادِ

جَرَّتْ عَلَيْهَا رياحُ الصيفِ أَذْيُلَها،

وصَوَّبَ المُزْنُ فِيهَا بعدَ إِصعادِ

وأَرَاحَ الشيءَ إِذا وجَد رِيحَه. والرائحةُ: النَّسِيمُ طيِّباً كَانَ أَو نَتْناً. وَالرَّائِحَةُ: ريحٌ طَيِّبَةٌ تَجِدُهَا فِي النَّسِيمِ؛ تَقُولُ لِهَذِهِ الْبَقْلَةِ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ. ووَجَدْتُ رِيحَ الشَّيْءِ وَرَائِحَتَهُ، بِمَعْنًى. ورِحْتُ رَائِحَةً طَيِّبَةً أَو خَبِيثَةً أَراحُها وأَرِيحُها وأَرَحْتُها وأَرْوَحْتُها: وَجَدْتُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ أَعانَ عَلَى مُؤْمِنٍ أَو قَتَلَ مُؤْمِنًا لَمْ يُرِحْ رائحةَ الْجَنَّةِ

، مِنْ أَرَحْتُ، وَلَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ مِنْ رِحْتُ أَراحُ؛ وَلَمْ يَرِحْ تَجْعَلُهُ مِنْ راحَ الشيءَ يَرِيحُه. وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: مِنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعاهدةً لَمْ يَرِحْ رائحةَ الْجَنَّةِ

أَي لَمْ يَشُمَّ رِيحَهَا؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ مِنْ رِحْتُ الشيءَ أَرِيحه إِذا وجَدْتَ ريحه؛ وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: إِنما هُوَ لَمْ يُرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، مِن أَرَحْتُ الشَّيْءَ فأَنا أُرِيحه إِذا وجدت ريحه، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ؛ وَقَالَ الأَصمعي: لَا أَدري هُوَ مِن رِحْتُ أَو مِنْ أَرَحْتُ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَرْوَحَ السبُعُ الريحَ وأَراحها واسْتَرْوَحَها وَاسْتَرَاحَهَا: وَجَدَها؛ قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ راحَها بِغَيْرِ أَلف، وَهِيَ قَلِيلَةٌ. واسْتَرْوَحَ الفحلُ وَاسْتَرَاحَ: وَجَدَ رِيحَ الأُنثى. وراحَ الفرسُ يَراحُ رَاحَةً إِذا تَحَصَّنَ أَي صَارَ فَحْلًا؛ أَبو زَيْدٍ: رَاحَتِ الإِبلُ تَراحُ رَائِحَةً؛ وأَرَحْتُها أَنا. قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ تَرَاحُ رَائِحَةً مَصْدَرٌ عَلَى فَاعِلَةٍ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ سَمِعْتُهُ مِنَ الْعَرَبِ، وَيَقُولُونَ: سمعتُ راغِيةَ الإِبل وثاغِيةَ الشَّاءِ أَي رُغاءَها وثُغاءَها. والدُّهْنُ المُرَوَّحُ: المُطَيَّبُ؛ ودُهْن مُطَيَّب مُرَوَّحُ الرائحةِ، ورَوِّحْ دُهْنَكَ بِشَيْءٍ تَجْعَلُ فِيهِ طِيبًا؛ وذَرِيرَةٌ مُرَوَّحة: مُطَيَّبة، كَذَلِكَ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه أَمرَ بالإِثْمِد المُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ

؛

ص: 457

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، نَهَى أَن يَكْتَحِلَ المُحْرِمُ بالإِثْمِدِ المُرَوَّح

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُرَوَّحُ المُطَيَّبُ بِالْمِسْكِ كأَنه جُعل لَهُ رائحةٌ تَفُوحُ بَعْدَ أَن لَمْ تَكُنْ لَهُ رَائِحَةٌ، وَقَالَ: مُرَوَّحٌ، بِالْوَاوِ، لأَن الياءَ فِي الرِّيحِ وَاوٌ، وَمِنْهُ قِيلَ: تَرَوَّحْتُ بالمِرْوَحة. وأَرْوَحَ اللحمُ: تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ، وَكَذَلِكَ الماءُ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ وَغَيْرُهُ: أَخذتْ فِيهِ الرِّيحُ وتَغَيَّر. وَفِي حَدِيثِ

قَتَادةَ: سُئِل عَنِ الْمَاءِ الَّذِي قَدْ أَروَحَ، أَيُتَوَضَّأُ مِنْهُ؟ فَقَالَ: لَا بأْس.

يُقَالُ: أَرْوَحَ الماءُ وأَراحَ إِذا تَغَيَّرَتْ رِيحُهُ؛ وأَراح اللحمُ أَي أَنْتَنَ. وأَرْوَحَنِي الضَّبُّ: وَجَدَ رِيحِي؛ وَكَذَلِكَ أَرْوَحَني الرجلُ. وَيُقَالُ: أَراحَني الصيدُ إِذا وجَدَ رِيحَ الإِنْسِيِّ. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَرْوَحَنِي الصيدُ إِذا وَجَدَ ريحَك؛ وَفِيهِ: وأَرْوَحَ الصيدُ واسْتَرْوَحَ وَاسْتَرَاحَ إِذا وَجَدَ رِيحَ الإِنسان؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: أَرْوَحَنِي الصيدُ والضبُّ إِرْواحاً، وأَنْشاني إِنشاءً إِذا وَجَدَ ريحَك ونَشْوَتَك، وَكَذَلِكَ أَرْوَحْتُ مِنْ فُلَانٍ طِيباً، وأَنْشَيْتُ مِنْهُ نَشْوَةً. والاسْتِرْواحُ: التَّشَمُّمُ. الأَزهري: قَالَ أَبو زَيْدٍ سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ قَيْس وَآخَرَ مِنْ تَمِيمٍ يَقُولَانِ: قَعَدْنا فِي الظِّلِّ نَلْتَمِسُ الراحةَ؛ والرَّوِيحةُ وَالرَّاحَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وراحَ يَرَاحُ رَوْحاً: بَرَدَ وطابَ؛ وَقِيلَ: يومٌ رائحٌ وَلَيْلَةٌ رائحةٌ طيبةُ الرِّيحِ؛ يُقَالُ: رَاحَ يومُنا يَرَاحُ رَوْحاً إِذا طابَت رِيحهُ؛ وَيَوْمٌ رَيِّحٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

مَحَا طَلَلًا، بَيْنَ المُنِيفَةِ والنَّقا،

صَباً راحةٌ، أَو ذُو حَبِيَّيْنِ رائحُ

وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مكانٌ راحٌ ويومٌ راحٌ؛ يُقَالُ: افْتَحِ البابَ حَتَّى يَراحَ البيتُ أَي حَتَّى يَدْخُلَهُ الرِّيحُ؛ وَقَالَ:

كأَنَّ عَيْنِي، والفِراقُ مَحْذورْ،

غُصْنٌ مِنَ الطَّرْفاءِ، راحٌ مَمْطُورْ

والرَّيْحانُ: كلُّ بَقْل طَيِّب الرِّيحِ، وَاحِدَتُهُ رَيْحانة؛ وَقَالَ:

بِرَيْحانةٍ مِنْ بَطْنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ،

لَهَا أَرَجٌ، مَا حَوْلها، غيرُ مُسْنِتِ

وَالْجَمْعُ رَياحين. وَقِيلَ: الرَّيْحانُ أَطراف كُلِّ بَقْلَةٍ طَيِّبَةِ الرِّيحِ إِذا خَرَجَ عَلَيْهَا أَوائلُ النَّوْر؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا أُعْطِيَ أَحدُكم الرَّيْحانَ فَلَا يَرُدَّه

؛ هُوَ كُلُّ نَبْتٍ طَيِّبِ الرِّيحِ مِنْ أَنواع المَشْمُوم. والرَّيْحانة: الطَّاقةُ مِنَ الرَّيحان؛ الأَزهري: الرَّيْحَانُ اسْمٌ جَامِعٌ لِلرَّيَاحِينِ الطَّيِّبَةِ الرِّيحِ، والطاقةُ الواحدةُ: رَيْحانةٌ. أَبو عُبَيْدٍ: إِذا طَالَ النبتُ قِيلَ: قَدْ تَرَوَّحتِ البُقُول، فَهِيَ مُتَرَوِّحةٌ. وَالرَّيْحَانَةُ: اسْمٌ للحَنْوَة كالعَلَمِ. والرَّيْحانُ: الرِّزْقُ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِمَا تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ

أَي رَحْمَةٌ وَرِزْقٌ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ فَاسْتِرَاحَةٌ وبَرْدٌ، هَذَا تَفْسِيرُ الرَّوْح دُونَ الرَّيْحَانِ؛ وَقَالَ الأَزهري فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: قَوْلُهُ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ

، مَعْنَاهُ فَاسْتِرَاحَةٌ وَبَرْدٌ وَرَيْحَانٌ وَرِزْقٌ؛ قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ رَيحانٌ هُنَا تحيَّة لأَهل الْجَنَّةِ، قَالَ: وأَجمع النَّحْوِيُّونَ أَن رَيْحاناً فِي اللُّغَةِ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ، والأَصل رَيْوَحانٌ «2» فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وأُدغمت فِيهَا الْيَاءُ الأُولى فَصَارَتِ الرَّيَّحان، ثُمَّ خُفِّفَ كَمَا قَالُوا: مَيِّتٌ ومَيْتٌ، وَلَا يَجُوزُ فِي الرَّيحان التَّشْدِيدُ إِلَّا عَلَى بُعْدٍ لأَنه قَدْ زيد

(2). قوله [والأَصل ريوحان] في المصباح، أصله ريوحان، بياء ساكنة ثم واو مفتوحة، ثم قال وقال جماعة: هُوَ مِنْ بَنَاتِ الْيَاءِ وهو وزان شيطان، وليس تغيير بدليل جمعه على رياحين مثل شيطان وشياطين.

ص: 458

فِيهِ أَلف وَنُونٌ فخُفِّف بِحَذْفِ الْيَاءِ وأُلزم التَّخْفِيفَ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَصل ذَلِكَ رَيْوَحان، قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِمُجَاوَرَتِهَا الْيَاءَ، ثُمَّ أُدغمت ثُمَّ خُفِّفَتْ عَلَى حَدِّ مَيْتٍ، وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ مشدَّداً لِمَكَانِ الزِّيَادَةِ كأَنَّ الزِّيَادَةَ عِوَضٌ مِنَ التَّشْدِيدِ فَعْلاناً عَلَى الْمُعَاقَبَةِ «1» لَا يَجِيءُ إِلا بَعْدَ اسْتِعْمَالِ الأَصل وَلَمْ يُسْمَعْ رَوْحان. التَّهْذِيبُ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ

؛ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ ضَمَّ الرَّاءَ، تَفْسِيرُهُ: فَحَيَاةٌ دَائِمَةٌ لَا مَوْتَ مَعَهَا، وَمَنْ قَالَ فَرَوْحٌ فَمَعْنَاهُ: فاستراحة، وأَما قوله: وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ

؛ فَمَعْنَاهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ، قَالَ: كَذَلِكَ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ؛ قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الرَّوْح بِمَعْنَى الرَّحْمَةِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ

أَي مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ؛ سَمَّاهَا رَوْحاً لأَن الرَّوْحَ والراحةَ بِهَا؛ قَالَ الأَزهري: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي عِيسَى: وَرُوحٌ مِنْهُ

أَي رَحْمَةٌ مِنْهُ، تَعَالَى ذِكْرُهُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ ورَيْحانَه؛ قَالَ أَهل اللُّغَةِ: مَعْنَاهُ واسترزاقَه، وَهُوَ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مِنَ الأَسماء الْمَوْضُوعَةِ مَوْضِعَ الْمَصَادِرِ، تَقُولُ: خَرَجْتُ أَبتغي رَيْحانَ اللَّهِ؛ قَالَ النَّمِرُ بنُ تَوْلَب:

سلامُ الإِله ورَيْحانُه،

ورَحْمَتُه وسَماءٌ دِرَرْ

غَمَامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العبادِ،

فأَحْيا البلادَ، وطابَ الشَّجَرْ

قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَرَيْحَانُهُ: وَرِزْقُهُ؛ قَالَ الأَزهري: قَالَهُ أَبو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ؛ قَالَ: وَقِيلَ الرَّيْحان هَاهُنَا هُوَ الرَّيْحانُ الَّذِي يُشَمّ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: سُبْحَانَ اللَّهِ ورَيْحانَه نَصَبُوهُمَا عَلَى الْمَصْدَرِ؛ يُرِيدُونَ تَنْزِيهًا لَهُ وَاسْتِرْزَاقًا. وَفِي الْحَدِيثِ:

الْوَلَدُ مِنْ رَيْحانِ اللَّهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنكم لتُبَخِّلُون «2» وتُجَهِّلُون وتُجَبِّنُونَ وإِنكم لَمِنْ رَيْحانِ اللَّهِ

؛ يَعْنِي الأَولادَ. وَالرَّيْحَانُ يُطْلَقُ عَلَى الرَّحْمَةِ وَالرِّزْقِ وَالرَّاحَةِ؛ وَبِالرِّزْقِ سُمِّيَ الْوَلَدُ رَيْحاناً. وَفِي الْحَدِيثِ:

قَالَ لِعَلِيٍّ، رضي الله عنه: أُوصيك بِرَيْحانَتَيَّ خَيْرًا قَبْلَ أَن يَنهَدَّ رُكناك؛ فَلَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: هَذَا أَحدُ الرُّكْنَيْنِ، فَلَمَّا مَاتَتْ فَاطِمَةُ قَالَ: هَذَا الرُّكْنُ الْآخَرُ

؛ وأَراد بِرَيْحَانَتَيْهِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ

؛ قِيلَ: هُوَ الوَرَقُ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: ذُو الوَرَق والرِّزقُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: العَصْفُ ساقُ الزرعِ والرَّيْحانُ ورَقهُ. وراحَ مِنْكَ مَعْرُوفًا وأَرْوَحَ، قَالَ: والرَّواحُ والراحةُ والمُرايَحةُ والرَّوِيحَةُ والرَّواحة: وِجْدَانُك الفَرْجَة بَعْدَ الكُرْبَة. والرَّوْحُ أَيضاً: السُّرُورُ والفَرَحُ، وَاسْتَعَارَهُ عَلِيٍّ، رضي الله عنه، لِلْيَقِينِ فَقَالَ:

فباشِرُوا رَوْحَ الْيَقِينِ

؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه أَراد الفَرْحة وَالسُّرُورَ اللَّذَيْنِ يَحْدُثان مِنَ الْيَقِينِ. التَّهْذِيبُ عَنِ الأَصمعي: الرَّوْحُ الِاسْتِرَاحَةُ مِنْ غَمِّ الْقَلْبِ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الرَّوْحُ الفَرَحُ، والرَّوْحُ؛ بَرْدُ نَسِيمِ الرِّيحِ. الأَصمعي: يُقَالُ فُلَانٌ يَراحُ لِلْمَعْرُوفِ إِذا أَخذته أَرْيَحِيَّة وخِفَّة. والرُّوحُ، بِالضَّمِّ، فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: النَّفْخُ، سُمِّيَ رُوحاً لأَنه رِيحٌ يَخْرُجُ مِنَ الرُّوحِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ فِي نَارٍ اقْتَدَحَها وأَمر صَاحِبَهُ بِالنَّفْخِ فِيهَا، فَقَالَ:

(1). قوله [فعلاناً على المعاقبة إلخ] كذا بالأَصل وفيه سقط ولعل التقدير وكون أصله روحاناً لا يصح لأن فعلاناً إلخ أَو نحو ذلك.

(2)

. قوله [إنكم لتبخلون إلخ] معناه أن الولد يوقع أباه في الجبن خوفاً من أن يقتل، فيضيع ولده بعده، وفي البخل إبقاء على ماله، وفي الجهل شغلًا به عن طلب العلم. والواو في وإنكم للحال، كأنه قال: مع أنكم من ريحان الله أي من رزق الله تعالى. كذا بهامش النهاية.

ص: 459

فقلتُ لَهُ: ارْفَعْها إِليك، وأَحْيِها

برُوحكَ، واجْعَله لَهَا قِيتَةً قَدْرا

أَي أَحيها بِنَفْخِكَ وَاجْعَلْهُ لَهَا؛ الْهَاءُ للرُّوحِ، لأَنه مُذَكَّرٌ فِي قَوْلِهِ: وَاجْعَلْهُ، وَالْهَاءُ الَّتِي فِي لَهَا لِلنَّارِ، لأَنها مُؤَنَّثَةٌ. الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: يُقَالُ خَرَجَ رُوحُه، والرُّوحُ مُذَكَّرٌ. والأَرْيَحِيُّ: الرَّجُلُ الْوَاسِعُ الخُلُق النَّشِيطُ إِلى الْمَعْرُوفِ يَرْتاح لِمَا طَلَبْتَ ويَراحُ قَلْبُه سُرُورًا. والأَرْيَحِيُّ: الَّذِي يَرْتاح للنَّدى. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ وَاسِعٍ أَرْيَحُ؛ وأَنشد:

ومَحْمِل أَرْيَح جَحاحِي

قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ وَمَحْمِلٌ أَرْوَح، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ قَدْ ذمَّه لأَن الرَّوَحَ الِانْبِطَاحُ، وَهُوَ عَيْبٌ فِي المَحْمِلِ. قَالَ: والأَرْيَحِيُّ مأْخوذ مِنْ راحَ يَرَاحُ، كَمَا يُقَالُ للصَّلْتِ المُنْصَلِتِ: أَصْلَتِيٌّ، وللمُجْتَنِبِ: أَجْنَبِيٌّ، وَالْعَرَبُ تَحْمِلُ كَثِيرًا مِنَ النَّعْتِ عَلَى أَفْعَلِيّ فَيَصِيرُ كأَنه نِسْبَةٌ. قَالَ الأَزهري: وَكَلَامُ الْعَرَبِ تَقُولُ رَجُلٌ أَجْنَبُ وجانِبٌ وجُنُبٌ، وَلَا تَكَادُ تَقُولُ أَجْنَبِيٌّ. وَرَجُلٌ أَرْيَحِيٌّ: مُهْتَزٌّ للنَّدى وَالْمَعْرُوفِ وَالْعَطِيَّةِ واسِعُ الخُلُق، وَالِاسْمُ الأَرْيَحِيَّة والتَّرَيُّح؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن التَّرَيُّح مَصْدَرُ تَريَّحَ، وَسَنَذْكُرُهُ؛ وَفِي شِعْرِ النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ يَمْدَحُ ابْنَ الزُّبَيْرِ:

حَكَيْتَ لَنَا الصِّدِّيقَ لَمَّا وَلِيتَنا،

وعُثمانَ والفارُوقَ، فارْتاحَ مُعْدِمُ

أَي سَمَحَت نفسُ المُعْدِم وسَهُلَ عَلَيْهِ البَذل. يُقَالُ: رِحْتُ لِلْمَعْرُوفِ أَراحُ رَيْحاً وارْتَحْتُ أَرْتاحُ ارْتِياحاً إِذا مِلْتَ إِليه وأَحببته؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَرْيَحِيٌّ إِذا كَانَ سَخِيًّا يَرْتاحُ للنَّدَى. وراحَ لِذَلِكَ الأَمر يَراحُ رَواحاً ورُؤُوحاً، وَرَاحًا وَرَاحَةً وأَرْيَحِيَّةً ورِياحةً: أَشْرَق لَهُ وفَرِحَ بِهِ وأَخَذَتْه لَهُ خِفَّةٌ وأَرْيَحِيَّةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِنَّ البخيلَ إِذا سأَلْتَ بَهَرْتَه،

وتَرَى الكريمَ يَراحُ كالمُخْتالِ

وَقَدْ يُستعارُ لِلْكِلَابِ وَغَيْرِهَا؛ أَنشد اللِّحْيَانِيُّ:

خُوصٌ تَراحُ إِلى الصِّياحِ إِذا غَدَتْ

فِعْلَ الضِّراءِ، تَراحُ للكَلَّابِ

وَيُقَالُ: أَخذته الأَرْيَحِيَّة إِذا ارْتَاحَ للنَّدَى. وراحتْ يَدُه بِكَذَا أَي خَفَّتْ لَهُ. وَرَاحَتْ يَدُهُ بِالسَّيْفِ أَي خَفَّتْ إِلى الضَّرْبِ بِهِ؛ قَالَ أُمَيَّةُ بنُ أَبي عائذ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ صَائِدًا:

تَراحُ يَداه بِمَحْشُورة،

خَواظِي القِداحِ، عِجافِ النِّصال

أَراد بِالْمَحْشُورَةِ نَبْلَا، للُطْفِ قَدِّها لأَنه أَسرع لَهَا فِي الرَّمْيِ عَنِ الْقَوْسِ. وَالْخَوَاظِي: الْغِلَاظُ الْقِصَارُ. وأَراد بِقَوْلِهِ عِجَافِ النِّصَالِ: أَنها أُرِقَّتْ. اللَّيْثُ: راحَ الإِنسانُ إِلى الشَّيْءِ يَراحُ إِذا نَشِطَ وسُرَّ بِهِ، وَكَذَلِكَ ارتاحَ؛ وأَنشد:

وزعمتَ أَنَّك لَا تَراحُ إِلى النِّسا،

وسَمِعْتَ قِيلَ الكاشِحِ المُتَرَدِّدِ

والرِّياحَة: أَن يَراحَ الإِنسانُ إِلى الشَّيْءِ فيَسْتَرْوِحَ ويَنْشَطَ إِليه. وَالِارْتِيَاحُ: النَّشَاطُ. وارْتاحَ للأَمر: كراحَ؛ وَنَزَلَتْ بِهِ بَلِيَّةٌ فارْتاحَ اللهُ لَهُ برَحْمَة فأَنقذه مِنْهَا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

فارْتاحَ رَبي، وأَرادَ رَحْمَتي،

ونِعْمَةً أَتَمَّها فتَمَّتِ

أَراد: فَارْتَاحَ نَظَرَ إِليَّ وَرَحِمَنِي. قَالَ الأَزهري: قَوْلُ

ص: 460

رُؤْبَةَ فِي فِعْلِ الْخَالِقِ قَالَهُ بأَعرابيته، قَالَ: وَنَحْنُ نَسْتَوْحِشُ مِنْ مِثْلِ هَذَا اللَّفْظِ لأَن اللَّهَ تَعَالَى إِنما يُوصَفُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَلَوْلَا أَن اللَّهَ، تَعَالَى ذِكْرُهُ، هَدَانَا بِفَضْلِهِ لِتَمْجِيدِهِ وَحَمْدِهِ بِصِفَاتِهِ الَّتِي أَنزلها فِي كِتَابِهِ، مَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَهَا أَو نَجْتَرِئَ عَلَيْهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما الْفَارِسِيُّ فَجَعَلَ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ جَفَاءِ الأَعراب، كَمَا قَالَ:

لَا هُمَّ إِن كنتَ الَّذِي كعَهْدِي،

وَلَمْ تُغَيِّرْكَ السِّنُونَ بَعْدِي

وَكَمَا قَالَ سالمُ بنُ دارَةَ:

يَا فَقْعَسِيُّ، لِمْ أَكَلْتَه لِمَهْ؟

لَوْ خافَكَ اللهُ عَلَيْهِ حَرَّمَهْ،

فَمَا أَكلتَ لَحْمَه وَلَا دَمَهْ

والرَّاحُ: الخمرُ، اسْمٌ لَهَا. والراحُ: جَمْعُ رَاحَةٍ، وَهِيَ الكَفُّ. وَالرَّاحُ: الارْتِياحُ؛ قال الجُمَيحُ ابنُ الطَّمَّاح الأَسَدِيُّ:

ولَقِيتُ مَا لَقِيَتْ مَعَدٌّ كلُّها،

وفَقَدْتُ راحِي فِي الشَّبابِ وَخَالِي

والخالُ: الِاخْتِيَالُ والخُيَلاءُ، فَقَوْلُهُ: وَخَالِي أَي وَاخْتِيَالِي. والراحةُ: ضِدُّ التَّعَبِ. واسْتراحَ الرجلُ، مِنَ الرَّاحَةِ. والرَّواحُ وَالرَّاحَةُ مِن الِاسْتِرَاحَةِ. وأَراحَ الرَّجُلُ وَالْبَعِيرُ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدْ أَراحَني، ورَوَّح عَنِّي فَاسْتَرَحْتُ؛ وَيُقَالُ: مَا لِفُلَانٍ فِي هَذَا الأَمر مِنْ رَواح أَي مِنْ رَاحَةٍ؛ وَوَجَدْتُ لِذَلِكَ الأَمر رَاحَةً أَي خِفَّةً؛ وأَصبح بَعِيرُكَ مُرِيحاً أَي مُفِيقاً؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:

أَراحَ بَعْدَ النَّفَسِ المَحْفُوزِ،

إِراحةَ الجِدَايةِ النَّفُوزِ

اللَّيْثُ: الرَّاحَةُ وِجْدانُك رَوْحاً بَعْدَ مَشَقَّةٍ، تَقُولُ: أَرِحْني إِراحةً فأَسْتَريحَ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: أَراحهُ إِراحةً وَرَاحَةً، فالإِراحةُ المصدرُ، والراحةُ الِاسْمُ، كَقَوْلِكَ أَطعته إِطاعة وَطَاعَةً وأَعَرْتُه إِعَارَةً وعارَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:

قَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، لِمُؤَذِّنِهِ بِلَالٍ: أَرِحْنا بِهَا

أَي أَذّن لِلصَّلَاةِ فنَسْتَريحَ بأَدائها مِنَ اشْتِغَالِ قُلُوبِنَا بِهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ كَانَ اشْتِغَالُهُ بِالصَّلَاةِ رَاحَةً لَهُ، فإِنه كَانَ يَعُدُّ غَيْرَهَا مِنَ الأَعمال الدُّنْيَوِيَّةِ تَعَبًا، فَكَانَ يَسْتَرِيحُ بِالصَّلَاةِ لِمَا فِيهَا مِنْ مُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا قَالَ:

وقُرَّة عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ

، قَالَ: وَمَا أَقرب الرَّاحَةَ مِنْ قُرَّة الْعَيْنِ. يُقَالُ: أَراحَ الرجلُ واسْتراحَ إِذا رَجَعَتْ إِليه نَفْسُهُ بَعْدَ الإِعياء؛ قَالَ: وَمِنْهُ حَدِيثُ

أُمِّ أَيْمَنَ أَنها عَطِشَتْ مُهاجِرَةً فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ فَدُلِّيَ إِليها دَلْوٌ مِنَ السَّمَاءِ فَشَرِبَتْ حَتَّى أَراحتْ.

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَراحَ الرجلُ اسْتراحَ وَرَجَعَتْ إِليه نَفْسُهُ بَعْدَ الإِعياء، وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ؛ وأَنشد:

تُرِيحُ بَعْدَ النَّفَسِ المَحْفُوزِ

أَي تَسترِيحُ. وأَراحَ: دَخَلَ فِي الرِّيح. وأَراحَ إِذا وَجَدَ نَسِيمَ الرِّيحِ. وأَراحَ إِذا دَخَلَ فِي الرَّواحِ. وأَراحَ إِذا نَزَلَ عَنْ بَعِيرِهِ لِيُرِيحه وَيُخَفِّفَ عَنْهُ. وأَراحه اللَّهُ فاستَراحَ، وأَراحَ تَنَفَّسَ؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ فَرَسًا بسَعَةِ المَنْخَرَيْنِ:

لَهَا مَنْخَرٌ كوِجارِ السِّباع،

فَمِنْهُ تُريحُ إِذا تَنْبَهِرْ

وأَراحَ الرجلُ: ماتَ، كأَنه استراحَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ: أَراحَ بَعْدَ الغَمِّ والتَّغَمْغُمِ «3» وَفِي حَدِيثِ

الأَسود بْنِ يَزِيدَ: إِن الْجَمَلَ الأَحمر لَيُرِيحُ فِيهِ مِنَ الْحَرِّ

؛ الإِراحةُ هاهنا: الموتُ

(3). قوله [والتغمغم] في الصحاح ومثله بهامش الأَصل والتغمم.

ص: 461

وَالْهَلَاكُ، وَيُرْوَى بِالنُّونِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والتَّرْوِيحةُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ: سمِّيت بِذَلِكَ لِاسْتِرَاحَةِ الْقَوْمِ بَعْدَ كُلِّ أَربع رَكَعَاتٍ؛ وَفِي الْحَدِيثِ: صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ؛ لأَنهم كَانُوا يَسْتَرِيحُونَ بَيْنَ كُلِّ تَسْلِيمَتَيْنِ. وَالتَّرَاوِيحُ: جَمْعُ تَرْوِيحة، وَهِيَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الرَّاحَةِ، تَفْعِيلة مِنْهَا، مِثْلُ تَسْلِيمَةٍ مِنَ السَّلام. والراحةُ: العِرْس لأَنها يُسْتراح إِليها. وراحةُ الْبَيْتِ: ساحتُه. وراحةُ الثَّوْبِ: طَيُّه. ابْنُ شُمَيْلٍ: الرَّاحَةُ مِنَ الأَرض: المستويةُ، فِيهَا ظُهورٌ واسْتواء تُنْبِتُ كَثِيرًا، جَلَدٌ مِنَ الأَرض، وَفِي أَماكن مِنْهَا سُهُولٌ وجَراثيم، وَلَيْسَتْ مِنَ السَّيْل فِي شَيْءٍ وَلَا الْوَادِي، وَجَمْعُهَا الرَّاحُ، كَثِيرَةُ النَّبْتِ. أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ أَتانا فُلَانٌ وَمَا فِي وَجْهِهِ رائحةُ دَمٍ مِنَ الفَرَقِ، وَمَا فِي وَجْهِهِ رائحةُ دَمٍ أَي شَيْءٌ. وَالْمَطَرُ يَسْتَرْوِحُ الشجرَ أَي يُحْييه؛ قَالَ:

يَسْتَرْوِحُ العِلمُ مَنْ أَمْسَى لَهُ بَصَرٌ

وَكَانَ حَيّاً كَمَا يَسْتَرْوِحُ المَطَرُ

والرَّوْحُ: الرَّحْمَةُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ

أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: الريحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ تأْتي بِالرَّحْمَةِ وتأْتي بالعذاب، فإِذا رأَيتموها فَلَا تَسُبُّوها واسأَلوا مِنْ خيرها، واستعذوا بِاللَّهِ مِنْ شرِّها

؛ وَقَوْلُهُ: مِنْ رَوْحِ اللَّهِ أَي مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَهِيَ رَحْمَةٌ لِقَوْمٍ وإِن كَانَ فِيهَا عَذَابٌ لِآخَرِينَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ

؛ أَي مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْجَمْعُ أَرواحٌ. والرُّوحُ: النَّفْسُ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَالْجَمْعُ الأَرواح. التَّهْذِيبُ: قَالَ أَبو بَكْرٍ بنُ الأَنْباريِّ: الرُّوحُ والنَّفْسُ وَاحِدٌ، غَيْرَ أَن الرُّوحَ مُذَكَّرٌ وَالنَّفْسَ مُؤَنَّثَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ. وَفِي التنزيل: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي

؛ وتأْويلُ الرُّوحِ أَنه مَا بِهِ حياةُ النفْس.

وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ

؛ قَالَ: إِن الرُّوح قَدْ نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ بِمَنَازِلَ، وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ، عز وجل: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا.

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَن الْيَهُودَ سأَلوه عَنِ الرُّوحِ فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.

وَرُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي

؛ قَالَ: مِنْ عِلم رَبِّي أَي أَنكم لَا تَعْلَمُونَهُ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: والرُّوح هُوَ الَّذِي يَعِيشُ بِهِ الإِنسان، لَمْ يُخْبِرِ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَحداً مِنْ خَلْقِهِ وَلَمْ يُعْطِ عِلْمَه الْعِبَادَ. قَالَ: وَقَوْلُهُ عز وجل: وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي*

؛ فَهَذَا الَّذِي نَفَخَه فِي آدَمَ وَفِينَا لَمْ يُعْطِ عِلْمَهُ أَحداً مِنْ عِبَادِهِ؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبا الْهَيْثَمِ يَقُولُ: الرُّوحُ إِنما هُوَ النَّفَسُ الَّذِي يَتَنَفَّسُهُ الإِنسان، وَهُوَ جارٍ فِي جَمِيعِ الْجَسَدِ، فإِذا خَرَجَ لَمْ يَتَنَفَّسْ بَعْدَ خُرُوجِهِ، فإِذا تَتامَّ خروجُه بَقِيَ بَصَرُهُ شَاخِصًا نَحْوَهُ، حَتَّى يُغَمَّضَ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ [جَانَ] قَالَ: وَقَوْلُ اللَّهِ عز وجل فِي قِصَّةِ مَرْيَمَ، عليها السلام: فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا

؛ قَالَ: أَضافَ الروحَ المُرْسَلَ إِلى مَرْيَمَ إِلى نَفْسه كَمَا تَقُولُ: أَرضُ اللَّهِ وَسَمَاؤُهُ، قَالَ: وَهَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي*

؛ وَمِثْلُهُ: وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ

؛ والرُّوحُ فِي هَذَا كُلِّهِ خَلْق مِنْ خَلْق اللَّهِ لَمْ يُعْطِ عِلْمَهُ أَحداً؛ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَن الرُّوح الوَحْيُ أَو أَمْرُ النُّبُوَّةِ؛ ويُسَمَّى القرآنُ رُوحًا. ابْنُ الأَعرابي: الرُّوحُ الفَرَحُ. والرُّوحُ: الْقُرْآنُ. والرُّوح: الأَمرُ. والرُّوح: النَّفْسُ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ «1» :

(1). قَوْلَهُ [قال أبو العباس] هكذا في الأَصل.

ص: 462

وَقَوْلُهُ عز وجل: يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ويُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ

؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: هَذَا كُلُّهُ مَعْنَاهُ الوَحْيُ، سمِّي رُوحاً لأَنه حَيَاةٌ مِنْ مَوْتِ الْكُفْرِ، فَصَارَ بِحَيَاتِهِ لِلنَّاسِ كالرُّوح الَّذِي يَحْيَا بِهِ جسدُ الإِنسان؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الرُّوح فِي الْحَدِيثِ كَمَا تكرَّر فِي الْقُرْآنِ وَوَرَدَتْ فِيهِ عَلَى مَعَانٍ، وَالْغَالِبُ مِنْهَا أَن الْمُرَادَ بالرُّوح الَّذِي يَقُومُ بِهِ الجسدُ وَتَكُونُ بِهِ الْحَيَاةُ، وَقَدْ أُطلق عَلَى الْقُرْآنِ وَالْوَحْيِ وَالرَّحْمَةِ، وَعَلَى جِبْرِيلَ فِي قَوْلِهِ: الرُّوحُ الْأَمِينُ

؛ قَالَ: ورُوحُ القُدُس يذكَّر وَيُؤَنَّثُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

تَحابُّوا بِذِكْرِ اللَّهِ ورُوحِه

؛ أَراد مَا يَحْيَا بِهِ الْخَلْقُ وَيَهْتَدُونَ فَيَكُونُ حَيَاةً لَكُمْ، وَقِيلَ: أَراد أَمر النبوَّة، وَقِيلَ: هُوَ الْقُرْآنُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الرُّوحُ خَلْقٌ كالإِنْسِ وَلَيْسَ هُوَ بالإِنس،

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ ملَك فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَجْهُهُ عَلَى صُورَةِ الإِنسان وَجَسَدُهُ عَلَى صُورَةِ الْمَلَائِكَةِ

؛ وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن الرُّوحَ هَاهُنَا جِبْرِيلُ؛ ورُوحُ اللَّهِ: حكمُه وأَمره. والرُّوحُ: جِبْرِيلُ عليه السلام.

وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَحمد بْنِ يَحْيَى أَنه قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا

؛ قَالَ: هُوَ مَا نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ مِنَ الدِّين فَصَارَ تَحْيَا بِهِ النَّاسُ

أَي يَعِيشُ بِهِ النَّاسُ؛ قَالَ: وكلُّ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ فَعَلْنا، فَهُوَ أَمره بأَعوانه، أَمر جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَمَلَائِكَتِهِ، وَمَا كَانَ فَعَلْتُ، فَهُوَ مَا تَفَرَّد بِهِ؛ وأَما قَوْلُهُ: وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ*

، فَهُوَ جِبْرِيلُ، عليه السلام. والرُّوحُ: عِيسَى، عليه السلام. والرُّوحُ: حَفَظَةٌ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الحفظةِ عَلَى بَنِي آدَمَ، وَيُرْوَى أَن وُجُوهَهُمْ مِثْلُ وُجُوهِ الإِنس. وَقَوْلُهُ: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ

؛ يَعْنِي أُولئك. والرُّوحانيُّ مِنَ الخَلْقِ: نحوُ الْمَلَائِكَةِ مِمَّنْ خَلَقَ اللهُ رُوحاً بِغَيْرِ جَسَدٍ، وَهُوَ مِنْ نَادِرِ مَعْدُولِ النَّسَبِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: حَكَى أَبو عُبَيْدَةَ أَن الْعَرَبَ تَقُولُهُ لِكُلِّ شَيْءٍ كَانَ فِيهِ رُوحٌ مِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْجِنِّ؛ وَزَعَمَ أَبو الْخَطَّابِ أَنه سَمِعَ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ فِي النِّسْبَةِ إِلى الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ رُوحانيٌّ، بِضَمِّ الرَّاءِ، وَالْجَمْعُ روحانِيُّون. التَّهْذِيبُ: وأَما الرُّوحاني مِنَ الْخَلْقِ فإِنَ

أَبا دَاوُدَ المَصاحِفِيَّ رَوَى عَنِ النَّضْر فِي كِتَابِ الْحُرُوفِ المُفَسَّرةِ مِنْ غَرِيبِ الْحَدِيثِ أَنه قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ الأَعرابي عَنْ وَرْدانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَن الْمَلَائِكَةَ مِنْهُمْ رُوحانِيُّون، وَمِنْهُمْ مَن خُلِقَ مِنَ النُّورِ، قَالَ: وَمِنَ الرُّوحانيين جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وإِسرافيل، عليهم السلام

؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: والرُّوحانيون أَرواح لَيْسَتْ لَهَا أَجسام، هَكَذَا يُقَالُ؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِشَيْءٍ مِنَ الْخَلْقِ رُوحانيٌّ إِلا للأَرواح الَّتِي لَا أَجساد لَهَا مِثْلَ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَمَا أَشبههما، وأَما ذَوَاتُ الأَجسام فَلَا يُقَالُ لَهُمْ رُوحانيون؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الْقَوْلُ فِي الرُّوحانيين هُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ لَا مَا قَالَهُ ابْنُ المُظَفَّر أَنَّ الرُّوحانيّ الَّذِي نُفِخَ فِيهِ الرُّوح. وَفِي الْحَدِيثِ:

الْمَلَائِكَةُ الرُّوحانِيُّونَ

، يُرْوَى بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا، كَأَنه نُسِبَ إِلى الرُّوح أَو الرَّوْح، وَهُوَ نَسِيمُ الرِّيحِ، والأَلف وَالنُّونُ مِنْ زِيَادَاتِ النَّسَبِ، وَيُرِيدُ بِهِ أَنهم أَجسام لَطِيفَةٌ لَا يُدْرِكُهَا الْبَصَرُ. وَفِي حَدِيثِ

ضِمامٍ: إِني أُعالج مِنْ هَذِهِ الأَرواح

؛ الأَرواح هَاهُنَا: كِنَايَةٌ عَنِ الْجِنِّ سمُّوا أَرواحاً لِكَوْنِهِمْ لَا يُرَوْنَ، فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الأَرواح. وَمَكَانٌ رَوْحانيٌّ، بِالْفَتْحِ، أَي طَيِّب. التَّهْذِيبُ: قَالَ شَمرٌ: والرِّيحُ عِنْدَهُمْ قَرِيبَةٌ مِنَ الرُّوح كَمَا قَالُوا: تِيهٌ وتُوهٌ؛ قَالَ أَبو الدُّقَيْش: عَمَدَ مِنَّا رَجُلٌ إِلى قِرْبَةٍ فملأَها مِنَ

ص: 463

رُوحِه أَي مِنْ رِيحِه ونَفَسِه. والرَّواحُ: نقيضُ الصَّباح، وَهُوَ اسْمٌ لِلْوَقْتِ، وَقِيلَ: الرَّواحُ العَشِيُّ، وَقِيلَ: الرَّواحُ مِنْ لَدُن زَوَالِ الشَّمْسِ إِلى اللَّيْلِ. يُقَالُ: رَاحُوا يَفْعَلُونَ كَذَا وَكَذَا ورُحْنا رَواحاً؛ يَعْنِي السَّيْرَ بالعَشِيِّ؛ وَسَارَ الْقَوْمُ رَواحاً وراحَ القومُ، كَذَلِكَ. وتَرَوَّحْنا: سِرْنا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَو عَمِلْنا؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:

وأَنتَ الَّذِي خَبَّرْتَ أَنك راحلٌ،

غَداةَ غَدٍ، أَو رائحٌ بهَجِيرِ

وَالرَّوَاحُ: قَدْ يَكُونُ مَصْدَرَ قَوْلِكَ راحَ يَرُوحُ رَواحاً، وَهُوَ نَقِيضُ قَوْلِكَ غَدَا يَغْدُو غُدُوًّا. وَتَقُولُ: خَرَجُوا بِرَواحٍ مِنَ العَشِيِّ ورِياحٍ، بِمَعْنًى. وَرَجُلٌ رائحٌ مِنْ قَوْمٍ رَوَحٍ اسْمٌ للجمع، ورَؤُوحٌ مِن قَوْمٍ رُوحٍ، وَكَذَلِكَ الطَّيْرُ. وَطَيْرٌ رَوَحٌ: مُتَفَرِّقَةٌ؛ قَالَ الأَعشى:

مَا تَعِيفُ اليومَ فِي الطيرِ الرَّوَحْ،

مِنْ غُرابِ البَيْنِ، أَو تَيْسٍ سَنَحْ

وَيُرْوَى: الرُّوُحُ؛ وَقِيلَ: الرَّوَحُ فِي هَذَا الْبَيْتِ: الْمُتَفَرِّقَةُ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ، إِنما هِيَ الرَّائِحَةُ إِلى مَوَاضِعِهَا، فَجُمِعَ الرَّائِحِ عَلَى رَوَحٍ مِثْلُ خَادِمٍ وخَدَمٍ؛ التَّهْذِيبُ: فِي هَذَا الْبَيْتِ قِيلَ: أَراد الرَّوَحةَ مِثْلَ الكَفَرَة والفَجَرة، فَطَرَحَ الْهَاءَ. قَالَ: والرَّوَحُ فِي هَذَا الْبَيْتِ الْمُتَفَرِّقَةُ. وَرَجُلٌ رَوَّاحٌ بالعشي، عن اللحياني: كَرَؤُوح، وَالْجَمْعُ رَوَّاحُون، وَلَا يُكَسَّر. وَخَرَجُوا بِرِياحٍ مِنَ الْعَشِيِّ، بِكَسْرِ الراءِ، ورَواحٍ وأَرْواح أَي بأَول. وعَشِيَّةٌ: راحةٌ؛ وَقَوْلُهُ:

وَلَقَدْ رأَيتك بالقَوادِمِ نَظْرَةً،

وعليَّ، مِنْ سَدَفِ العَشِيِّ، رِياحُ

بِكَسْرِ الرَّاءِ، فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ وَقْتٌ. وَقَالُوا: قومُك رائحٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ حَكَاهُ عَنِ الْكِسَائِيِّ قَالَ: وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الْمَعْرِفَةِ؛ يَعْنِي أَنه لَا يُقَالُ قَوْمٌ رائحٌ. وراحَ فلانٌ يَرُوحُ رَواحاً: مِنْ ذَهَابِهِ أَو سَيْرِهِ بِالْعَشِيِّ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَسْتَعْمِلُ الرَّواحَ فِي السَّيْرِ كلَّ وَقْتٍ، تَقُولُ: راحَ القومُ إِذا سَارُوا وغَدَوْا، وَيَقُولُ أَحدهم لِصَاحِبِهِ: تَرَوَّحْ، وَيُخَاطِبُ أَصحابه فَيَقُولُ: تَرَوَّحُوا أَي سِيرُوا، وَيَقُولُ: أَلا تُرَوِّحُونَ؟ وَنَحْوُ ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي الأَخبار الصَّحِيحَةِ الثَّابِتَةِ، وَهُوَ بِمَعْنَى المُضِيِّ إِلى الْجُمُعَةِ والخِفَّةِ إِليها، لَا بِمَعْنَى الرَّواح بِالْعَشِيِّ. فِي الْحَدِيثِ:

مَنْ راحَ إِلى الْجُمُعَةِ فِي السَّاعَةِ الأُولى

أَي مَنْ مَشَى إِليها وَذَهَبَ إِلى الصَّلَاةِ وَلَمْ يُرِدْ رَواحَ آخِرِ النَّهَارِ. وَيُقَالُ: راحَ القومُ وتَرَوَّحُوا إِذا سَارُوا أَيَّ وَقْتٍ كَانَ. وَقِيلَ: أَصل الرَّواح أَن يَكُونَ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَلَا تَكُونُ السَّاعَاتُ الَّتِي عدَّدها فِي الْحَدِيثِ إِلَّا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَهِيَ بَعْدَ الزَّوَالِ كَقَوْلِكَ: قَعَدْتُ عِنْدَكَ سَاعَةً إِنما تُرِيدُ جُزْءًا من الزمان، وإِن لَمْ يَكُنْ سَاعَةً حَقِيقَةً الَّتِي هِيَ جُزْءٌ مِنْ أَربعة وَعِشْرِينَ جُزْءًا مَجْمُوعُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وإِذا قَالَتِ الْعَرَبُ: رَاحَتِ الإِبل تَرُوحُ وتَراحُ رَائِحَةً، فَرواحُها هَاهُنَا أَن تأْوِيَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلى مُراحِها الَّذِي تَبِيتُ فِيهِ. ابْنُ سِيدَهْ: والإِراحةُ رَدُّ الإِبل وَالْغَنَمِ مِنَ العَشِيِّ إِلى مُرَاحها حَيْثُ تأْوي إِليه لَيْلًا، وَقَدْ أَراحها رَاعِيهَا يُرِيحُها. وَفِي لُغَةٍ: هَراحَها يُهْرِيحُها. وَفِي حَدِيثِ

عُثْمَانَ، رضي الله عنه: رَوَّحْتُها بِالْعَشِيِّ

أَي رَدَدْتُها إِلى المُراحِ. وسَرَحَتِ الْمَاشِيَةُ بِالْغَدَاةِ وراحتْ بالعَشِيِّ أَي رَجَعَتْ. وَتَقُولُ: افْعَلْ ذَلِكَ فِي سَراحٍ ورَواحٍ أَي فِي يُسرٍ بِسُهُولَةٍ؛ والمُراحُ: مأْواها

ص: 464

ذَلِكَ الأَوانَ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى مَوْضِعِ الإِبل. والمُراحُ، بِالضَّمِّ: حَيْثُ تأْوي إِليه الإِبل وَالْغَنَمُ بِاللَّيْلِ. وَقَوْلُهُمْ: مَا لَهُ سارِحةٌ وَلَا رائحةٌ أَي شَيْءٌ؛ وراحتِ الإِبلُ وأَرَحْتُها أَنا إِذا رددتُها إِلى المُراحِ؛ وَفِي حَدِيثِ سَرِقَة الْغَنَمِ:

لَيْسَ فِيهِ قَطْعٌ حَتَّى يُؤْوِيَهُ المُراح

؛ المُراحُ، بِالضَّمِّ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تَرُوحُ إِليه الْمَاشِيَةُ أَي تأْوي إِليه لَيْلًا، وأَما بِالْفَتْحِ، فَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَرُوحُ إِليه الْقَوْمُ أَو يَروحُونَ مِنْهُ، كالمَغْدَى الْمَوْضِعُ الَّذِي يُغْدَى مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ

أُمِّ زَرْعٍ: وأَراحَ عَلَيَّ نَعَماً ثَرِيّاً

أَي أَعطاني، لأَنها كَانَتْ هِيَ مُراحاً لِنَعَمِه، وَفِي حَدِيثِهَا أَيضاً:

وأَعطاني مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجاً

أَي مِمَّا يَرُوحُ عَلَيْهِ مِنْ أَصناف الْمَالِ أَعطاني نَصِيبًا وصِنْفاً، وَيُرْوَى: ذابِحةٍ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي طَلْحَةَ: ذَاكَ مالٌ رائحٌ

أَي يَرُوحُ عَلَيْكَ نَفْعُه وثوابُه يَعْنِي قُرْبَ وُصوله إِليه، وَيُرْوَى بِالْبَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. والمَراحُ، بِالْفَتْحِ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَرُوحُ مِنْهُ الْقَوْمُ أَو يَرُوحُون إِليه كالمَغْدَى مِنَ الغَداةِ؛ تَقُولُ: مَا تَرَكَ فلانٌ مِنْ أَبيه مَغدًى وَلَا مَراحاً إِذا أَشبهه فِي أَحوالِه كُلِّهَا. والتَّرْوِيحُ: كالإِراحةِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَراحَ الرَّجُلُ إِراحةً وإِراحاً إِذا رَاحَتْ عَلَيْهِ إِبلُه وَغَنَمُهُ وَمَالُهُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلّا بَعْدَ الزَّوَالِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:

كأَنَّ مَصاعِيبَ، زُبَّ الرُّؤُوسِ،

فِي دارِ صِرْمٍ، تُلاقي مُرِيحا

يُمْكِنُ أَن يَكُونَ أَراحتْ لُغَةً فِي رَاحَتْ، وَيَكُونَ فَاعِلًا فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ، وَيُرْوَى: تُلاقي مُرِيحاً أَي الرجلَ الَّذِي يُرِيحُها. وأَرَحْتُ عَلَى الرَّجُلِ حَقَّه إِذا رَدَدْتَهُ عَلَيْهِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

أَلا تُرِيحي عَلَيْنَا الحقَّ طَائِعَةً،

دونَ القُضاةِ، فقاضِينا إِلى حَكَمِ

وأَرِحْ عَلَيْهِ حَقَّه أَي رُدَّه. وَفِي حَدِيثِ

الزُّبَيْرِ: لَوْلَا حُدُودٌ فُرِضَتْ وفرائضُ حُدَّتْ تُراحُ عَلَى أَهلها

أَي تُرَدُّ إِليهم وأَهلُها هُمُ الأَئمة، وَيَجُوزُ بِالْعَكْسِ وَهُوَ أَن الأَئمة يردُّونها إِلى أَهلها مِنَ الرَّعِيَّةِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَائِشَةَ: حَتَّى أَراحَ الحقَّ عَلَى أَهله.

ورُحْتُ القومَ رَوْحاً ورَواحاً ورُحْتُ إِليهم: ذَهَبْتُ إِليهم رَواحاً أَو رُحْتُ عِنْدَهُمْ. وراحَ أَهلَه ورَوَّحَهم وتَرَوَّحَهم: جَاءَهُمْ رَواحاً. وَفِي الْحَدِيثِ:

عَلَى رَوْحةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ

أَي مِقْدَارِ رَوْحةٍ، وَهِيَ المرَّة مِنَ الرَّواح. والرَّوائح: أَمطار العَشِيّ، واحدتُها رَائِحَةٌ، هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَقَالَ مُرَّةُ: أَصابتنا رائحةٌ أَي سَماء. وَيُقَالُ: هُمَا يَتَراوحان عَمَلًا أَي يَتَعَاقَبَانِهِ، ويَرْتَوِحان مثلُه؛ وَيُقَالُ: هَذَا الأَمر بَيْنَنَا رَوَحٌ ورِوَحٌ وعِوَرٌ إِذا تَراوَحُوه وتَعاوَرُوه. والمُراوَحَةُ: عَمَلانِ فِي عَمَل، يُعْمَلُ ذَا مَرَّةً وَذَا مَرَّةً؛ قَالَ لَبِيدٌ:

ووَلَّى عامِداً لَطَياتِ فَلْجٍ،

يُراوِحُ بينَ صَوْنٍ وابْتِذالِ

يَعْنِي يَبْتَذِل عَدْوَه مَرَّةً وَيَصُونُ أُخرى أَي يكُفُّ بَعْدَ اجْتِهَادٍ. والرَّوَّاحةُ: القطيعُ «2» من الغنم. ورَواحَ الرجلُ بَيْنَ جَنْبَيْهِ إِذا تَقَلَّبَ مِنْ جَنْب إِلى جَنْب؛ أَنشد يَعْقُوبُ:

إِذا اجْلَخَدَّ لَمْ يَكَدْ يُراوِحُ،

هِلْباجةٌ حَفَيْسَأٌ دُحادِحُ

(2). قوله [والرواحة القطيع إلخ] كذا بالأَصل بهذا الضبط.

ص: 465

وراوَحَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ إِذا قَامَ عَلَى إِحداهما مرَّة وَعَلَى الأَخرى مَرَّةً. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ يُراوِحُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ

أَي يَعْتَمِدُ عَلَى إِحداهما مَرَّةً وَعَلَى الأُخرى مَرَّةً ليُوصِلَ الراحةَ إِلى كلٍّ مِنْهُمَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنه أَبْصَرَ رَجُلًا صَافًّا قَدَمَيْهِ، فَقَالَ: لَوْ راوَحَ كَانَ أَفضلَ

؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ

بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ ثابتٌ يُراوِحُ بَيْنَ جَبْهَتِه وقَدَمَيه

أَي قَائِمًا وَسَاجِدًا، يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ؛ وَيُقَالُ: إِن يَدَيْهِ لتَتراوَحانِ بِالْمَعْرُوفِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: لتَتَراحانِ بِالْمَعْرُوفِ. وَنَاقَةٌ مُراوِحٌ: تَبْرُكُ مِنْ وَرَاءِ الإِبل؛ الأَزهري: وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ الَّتِي تبركُ وراءَ الإِبلِ: مُراوِحٌ ومُكانِفٌ، قَالَ: كَذَلِكَ فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فِي النَّوَادِرِ. والرَّيِّحةُ مِنَ الْعِضَاهِ والنَّصِيِّ والعِمْقَى والعَلْقى والخِلْبِ والرُّخامَى: أَن يَظْهَر النبتُ فِي أُصوله الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ عامِ أَوَّلَ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا نَبَتَ إِذا مسَّه البَرْدُ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ، وَحَكَى كُرَاعٌ فِيهِ الرِّيحة عَلَى مِثَالِ فِعْلَة، وَلَمْ يَحْكِ مَنْ سِواه إِلَّا رَيِّحة عَلَى مِثال فَيِّحة. التَّهْذِيبُ: الرَّيِّحة نَبَاتٌ يَخْضَرُّ بعد ما يَبِسَ ورَقُه وأَعالي أَغصانه. وتَرَوَّحَ الشجرُ وراحَ يَراحُ: تَفَطَّرَ بالوَرَقِ قَبْلَ الشِّتَاءِ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ، وَقَالَ الأَصمعي: وَذَلِكَ حِينَ يَبْرُدُ اللَّيْلُ فَيَتَفَطَّرُ بِالْوَرَقِ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ؛ وَقِيلَ: تَرَوَّحَ الشَّجَرُ إِذا تَفَطَّرَ بوَرَقٍ بَعْدَ إِدبار الصَّيْفِ؛ قَالَ الرَّاعِي:

وخالَفَ المجدَ أَقوامٌ، لَهُمْ وَرَقٌ

راحَ العِضاهُ بِهِ، والعِرْقُ مَدْخولُ

وَرَوَى الأَصمعي:

وخادَعَ المجدُ أَقواماً لَهُمْ وَرِقٌ

أَي مَالٌ. وخادَعَ: تَرَكَ، قَالَ: وَرَوَاهُ أَبو عَمْرٍو: وخادَعَ الحمدَ أَقوام أَي تَرَكُوا الْحَمْدَ أَي لَيْسُوا مِنْ أَهله، قَالَ: وَهَذِهِ هِيَ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ. قَالَ الأَزهري: والرَّيِّحة الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّيْثُ هِيَ هَذِهِ الشَّجَرَةُ الَّتِي تَتَرَوَّحُ وتَراحُ إِذا بَرَدَ عَلَيْهَا الليلُ فتتفطرُ بِالْوَرَقِ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تسمِّيها الرَّيِّحة. وتَرَوُّحُ الشَّجَرِ: تَفَطُّره وخُروجُ وَرَقِهِ إِذا أَوْرَق النبتُ فِي اسْتِقْبَالِ الشِّتَاءِ، قَالَ: وراحَ الشَّجَرُ يَراحُ إِذا تَفَطَّرَ بِالنَّبَاتِ. وتَرَوَّحَ النبتُ وَالشَّجَرُ: طَالَ. وتَرَوَّحَ الماءُ إِذا أَخذ رِيحَ غَيْرِهِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ. وتَرَوَّحَ بالمِرْوَحةِ وتَرَوَّحَ أَي راحَ مِنَ الرَّواحِ. والرَّوَحُ، بِالتَّحْرِيكِ: السَّعَةُ؛ قَالَ المتنخل الهُذَليّ:

لكنْ كبيرُ بنُ هِنْدٍ، يومَ ذَلِكُمُ،

فُتْخُ الشَّمائل، فِي أَيْمانِهِم رَوَحُ

وَكَبِيرُ بْنُ هِنْدٍ: حيٌّ مِنْ هُذَيْلٍ. وَالْفُتُخُ: جَمْعُ أَفْتَخَ، وَهُوَ اللَّيِّنُ مَفْصِلِ اليدِ؛ يُرِيدُ أَن شَمَائِلَهُمْ تَنْفَتِخُ لشدَّة النَّزْعِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: فِي أَيمانهم رَوَح؛ وَهُوَ السَّعَة لشدَّة ضَرْبِهَا بِالسَّيْفِ، وَبَعْدَهُ:

تَعْلُو السُّيوفُ بأَيْدِيهِم جَماجِمَهُم،

كَمَا يُفَلَّقُ مَرْوُ الأَمْعَز الصَّرَحُ

والرَّوَحُ: اتساعُ مَا بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ أَو سَعَةٌ فِي الرِّجْلَيْنِ، وَهُوَ دُونَ الفَحَج، إِلَّا أَن الأَرْوح تتباعَدُ صدورُ قَدَمَيْهِ وتَتَدانى عَقِباه. وَكُلُّ نَعَامَةٍ رَوْحاء؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

وزَفَّتِ الشَّوْلُ مِنْ بَرْدِ العَشِيِّ، كَمَا

زَفَّ النَّعامُ إِلى حَفَّانِه الرُّوحِ

وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه كَانَ أَرْوَحَ كأَنه راكبٌ وَالنَّاسُ يمشونَ

؛ الأَروَحُ: الَّذِي تَتَدَانَى

ص: 466

عَقِباه وَيَتَبَاعَدُ صَدْرَا قَدَمَيْهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

لكأَنِّي أَنْظُرُ إِلى كِنانةَ بْنِ عبدِ يالِيلَ قَدْ أَقبلَ يضرِبُ دِرْعُه رَوْحَتَيْ رِجْلَيْهِ.

والرَّوَحُ: انقلابُ القَدَمِ عَلَى وَحْشِيِّها؛ وَقِيلَ: هُوَ انْبِسَاطٌ فِي صَدْرِ الْقَدَمِ. وَرَجُلٌ أَرْوَحُ، وَقَدْ رَوِحَتْ قَدَمُه رَوَحاً، وَهِيَ رَوْحاءُ. ابْنُ الأَعرابي: فِي رِجْلِهِ رَوَحٌ ثُمَّ فَدَحٌ ثُمَّ عَقَلٌ، وَهُوَ أَشدّها؛ قَالَ اللَّيْثُ: الأَرْوَحُ الَّذِي فِي صَدْرِ قَدَمَيْهِ انْبِسَاطٌ، يَقُولُونَ: رَوِحَ الرجلُ يَرْوَحُ رَوَحاً. وَقَصْعَةٌ رَوْحاءُ: قَرِيبَةُ القَعْر، وإِناءٌ أَرْوَحُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه أُتيَ بقدحٍ أَرْوَحَ

أَي مُتَّسع مَبْطُوحٍ. واسْتراحَ إِليه أَي اسْتَنامَ، وَفِي الصِّحَاحِ: واسْتَرْوَحَ إِليه أَي اسْتَنَامَ. والمُسْتَراحُ: المَخْرَجُ. والرَّيْحانُ: نَبْتٌ مَعْرُوفٌ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:

عالَيْتُ أَنْساعِي وجَلْبَ الكُورِ،

عَلَى سَراةِ رائحٍ مَمْطُورِ

يُرِيدُ بالرائِح: الثورَ الْوَحْشِيَّ، وَهُوَ إِذا مُطِرَ اشتدَّ عَدْوُه. وَذُو الرَّاحَةِ: سَيْفٌ كَانَ لِلْمُخْتَارِ بْنِ أَبي عُبَيْد. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ دَلَكَتْ بِراحِ، قَالَ: مَعْنَاهُ استُريح مِنْهَا؛ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:

مُعاوِيَ، مَنْ ذَا تَجْعَلُونَ مَكانَنا،

إِذا دَلَكَتْ شمسُ النهارِ بِراحِ

يَقُولُ: إِذا أَظلم النَّهَارُ واسْتُريحَ مِنْ حَرِّهَا، يَعْنِي الشَّمْسَ، لِمَا غَشِيَهَا مِنْ غَبَرة الْحَرْبِ فكأَنها غَارِبَةٌ؛ كَقَوْلِهِ:

تَبْدُو كَواكِبُه، والشمسُ طالعةٌ،

لَا النُّورُ نُورٌ، وَلَا الإِظْلامُ إِظْلامُ

وَقِيلَ: دَلَكَتْ بِرَاحٍ أَي غَرَبَتْ، والناظرُ إِليها قَدْ تَوَقَّى شُعاعَها بِرَاحَتِهِ. وَبَنُو رَواحةَ: بطنٌ. ورِياحٌ: حَيٌّ مِنْ يَرْبُوعٍ. ورَوْحانُ: مَوْضِعٌ. وَقَدْ سَمَّتْ رَوْحاً ورَواحاً. والرَّوْحاءُ: مَوْضِعٌ، وَالنَّسَبُ إِليه رَوْحانيٌّ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ: الْجَوْهَرِيُّ: ورَوْحاء، ممدود، بلد.

ريح: الأَرْيَحُ: الواسعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والأَرْيَحِيُّ: الواسعُ الخُلُق المنبسِطُ إِلى الْمَعْرُوفِ، وَالْعَرَبُ تَحْمِلُ كَثِيرًا مِنَ النَّعْتِ عَلَى أَفْعَليٍّ كأَرْيَحِيٍّ وأَحْمَرِيّ، وَالِاسْمُ الأَرْيَحِيَّةُ. وأَخَذَتْه لِذَلِكَ أَرْيَحيَّة أَي خِفَّةٌ وهَشَّةٌ؛ وَزَعَمَ الْفَارِسِيُّ أَنَّ يَاءَ أَرْيَحيَّة بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ، فإِن كَانَ هَذَا فَبَابُهُ رُوحٌ. وَالْحَدِيثُ

المَرْوِيُّ عَنْ جَعْفَرٍ: ناوَلَ رَجُلًا ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ: اطْوِه عَلَى رَاحَتِهِ

أَي طَيِّه الأَوّلِ. والرَّياحُ، بِالْفَتْحِ: الرَّاحُ، وَهِيَ الْخَمْرُ، وكلُّ خَمْرٍ رَياحٌ وراحٌ، وَبِذَلِكَ عُلم أَن أَلفها مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

كأَنَّ مَكاكِيَّ الجِواء، غُدَيَّةً،

نَشاوى، تَساقَوْا بالرِّياحِ المُفَلْفَلِ «1»

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سمِّيت رَاحًا لأَن صَاحِبَهَا يَرْتاحُ إِذا شَرِبَهَا، وَذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي رُوحٍ. وأَرْيَحُ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ؛ قَالَ صَخْر الغَيّ يَصِفُ سَيْفًا:

فَلَوْتُ عَنْهُ سُيُوفَ أَرْيَحَ، إِذ

باءَ بِكَفِّي، فَلَمْ أَكَدْ أَجِدُ

وأَورد الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ، فَقَالَ: قَالَ الْهُذَلِيُّ:

فَلَوتُ عَنْهُ سُيُوفَ أَرْيحَ، حَتَّى

باءَ كَفِّي، وَلَمْ أَكد أَجد

(1). في معلقة إمرئ القيس: [صبِحنَ سُلافاً مِنْ رحيقٍ مُفَلفل]

ص: 467