الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زوح: التَّهْذِيبِ: الزَّوْحُ تَفْرِيقُ الإِبل، وَيُقَالُ: الزَّوْحُ جَمْعُها إِذا تَفَرَّقَتْ؛ والزَّوْحُ: الزَّوَلانُ. شَمِرٌ. زاحَ وزاخَ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِذا تَنَحَّى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
لَوْ يقومُ الفِيلُ أَو فَيَّالُه،
…
زاحَ عَنْ مثلِ مَقامي وزَحَلْ
قَالَ: وَمِنْهُ زاحتْ علَّته، وأَزَحْتُها أَنا. وزاحَ الشيءَ زَوْحاً، وأَزاحَه: أَزاغه عَنْ مَوْضِعِهِ ونَحَّاه. وزاحَ هُوَ يَزُوحُ، وزاحَ الرجلُ زَوْحاً: تَبَاعَدَ. والزَّواحُ: الذهابُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ: وأَنشد:
إِني زعيمٌ يَا نُوَيْقَةُ،
…
إِنْ نَجَوْتِ مِنَ الزَّواحْ
زيح: زاحَ الشيءُ يَزيحُ زَيْحاً وزُيُوحاً وزِيُوحاً وزَيَحاناً، وانْزاحَ: ذَهَبَ وَتَبَاعَدَ؛ وأَزَحْتُه وأَزاحَه غيرُه. وَفِي التَّهْذِيبِ: الزَّيْحُ ذهابُ الشَّيْءِ، تَقُولُ: قَدْ أَزَحْتُ عِلَّتَهُ فزاحتْ، وَهِيَ تَزيحُ؛ وَقَالَ الأَعْشى:
وأَرْمَلَةٍ تَسْعَى بشُعْثٍ، كأَنها
…
وإِياهمُ، رُبْدٌ أَحَثَّتْ رِئالَها
هَنَأْنا، فَلَمْ تَمْنُنْ عَلَيْنَا، فأَصْبَحتْ
…
رَخيَّةَ بالٍ، قَدْ أَزَحْنا هُزالَها
ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ: هنأْنا أَي أَطعمنا. والشعْثُ: أَولادُها. والرُّبْدُ: النعامُ. والرُّبْدَةُ: لَوْنُهَا. والرِّئالُ: جَمْعُ رَأْلٍ، وَهُوَ فَرْخُ النَّعَامِ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: زاحَ عَنِّي الباطلُ
أَي زَالَ وَذَهَبَ. وأَزاحَ الأَمرَ: قضاه.
فصل السين
سبح: السَّبْحُ والسِّباحة: العَوْمُ. سَبَحَ بِالنَّهْرِ وَفِيهِ يَسْبَحُ سَبْحاً وسِباحةً، وَرَجُلٌ سابِحٌ وسَبُوح مِنْ قَوْمٍ سُبَحاء، وسَبَّاحٌ مِنْ قَوْمٍ سَبَّاحين؛ وأَما ابْنُ الأَعرابي فَجَعَلَ السُّبَحاء جَمْعَ سَابِحٍ؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وماءٍ يَغْرَقُ السُّبَحاءُ
…
فِيهِ، سَفِينتُه المُواشِكةُ الخَبُوبُ
قَالَ: السُّبَحاءُ جَمْعُ سابِحٍ. وَيَعْنِي بِالْمَاءِ هُنَا السَّرابَ. والمُواشِكةُ: الجادَّةُ فِي سَيْرِهَا. والخَبُوب، مِنَ الخَبَب فِي السَّيْرِ؛ جَعَلَ النَّاقَةَ مِثْلَ السَّفِينَةِ حِينَ جَعَلَ السَّرابَ كَالْمَاءِ. وأَسْبَح الرجلَ فِي الْمَاءِ: عَوَّمَه؛ قَالَ أُمية:
والمُسْبِحُ الخُشْبَ، فوقَ الماءِ سَخَّرَها،
…
فِي اليَمِّ جَرْيَتُها، كأَنها عُوَمُ
وسَبْحُ الفَرَسِ: جَرْيُه. وَفَرَسٌ سَبُوحٌ وسابِحٌ: يَسْبَحُ بِيَدَيْهِ فِي سَيْرِهِ. والسَّوابِحُ: الْخَيْلُ لأَنها تَسْبَح، وَهِيَ صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
الْمِقْدَادِ: أَنه كَانَ يَوْمَ بدرٍ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ سَبْحَة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ فَرَسٌ سابِحٌ إِذا كَانَ حسنَ مَدِّ الْيَدَيْنِ فِي الجَرْي؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
لَقَدْ كانَ فِيهَا للأَمانةِ موضِعٌ،
…
وللعَيْنِ مُلْتَذٌّ، وللكَفِّ مَسْبَحُ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ إِذا لمسَتها الْكَفُّ وَجَدَتْ فِيهَا جَمِيعَ مَا تُرِيدُ. وَالنُّجُومُ تَسْبَحُ فِي الفَلَكِ سَبْحاً إِذا جَرَتْ فِي دَوَرانها. والسَّبْحُ: الفَراغُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا
؛ إِنما يَعْنِي بِهِ فَرَاغًا طَوِيلًا وتَصَرُّفاً؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: مَعْنَاهُ فَرَاغًا لِلنَّوْمِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مُنْقَلَباً طَوِيلًا؛ وَقَالَ المُؤَرِّجُ: هُوَ الفَراغ والجَيئَة وَالذَّهَابُ؛ قَالَ أَبو الدُّقَيْش: وَيَكُونُ
السَّبْحُ أَيضاً فَرَاغًا بِاللَّيْلِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ لَكَ فِي النَّهَارِ مَا تَقْضِي حَوَائِجَكَ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَنْ قرأَ سَبْخاً فَمَعْنَاهُ قَرِيبٌ مِنَ السَّبْح، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَنْ قرأَ سَبْحاً فَمَعْنَاهُ اضْطِرَابًا وَمَعَاشًا، وَمَنْ قرأَ سَبْخاً أَراد رَاحَةً وَتَخْفِيفًا للأَبدان. قَالَ ابنُ الفَرَج: سَمِعْتُ أَبا الجَهْم الجَعْفَرِيَّ يَقُولُ: سَبَحْتُ فِي الأَرض وسَبَخْتُ فِيهَا إِذا تَبَاعَدْتَ فِيهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
أَي يَجْرُونَ، وَلَمْ يَقُلْ تَسْبَحُ لأَنه وَصَفَهَا بِفِعْلِ مَنْ يَعْقِلُ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً
؛ هِيَ النُّجُومُ تَسْبَحُ فِي الفَلَكِ أَي تَذْهَبُ فِيهَا بَسْطاً كَمَا يَسْبَحُ السابحُ فِي الْمَاءِ سَبْحاً؛ وَكَذَلِكَ السَّابِحُ مِنَ الْخَيْلِ يَمُدُّ يَدَيْهِ فِي الْجَرْيِ سَبْحاً؛ وَقَالَ الأَعشى:
كَمْ فيهمُ مِنْ شَطْبَةٍ خَيْفَقٍ،
…
وسابِحٍ ذِي مَيْعَةٍ ضامِرِ
وَقَالَ الأَزهري فِي قَوْلِهِ عز وجل: وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً
؛ قِيلَ: السابحاتُ السُّفُنُ، والسابقاتُ الخيلُ، وَقِيلَ: إِنها أَرواح الْمُؤْمِنِينَ تَخْرُجُ بِسُهُولَةٍ؛ وَقِيلَ: الْمَلَائِكَةُ تَسْبَحُ بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض. وسَبَحَ اليَرْبُوعُ فِي الأَرض إِذا حَفَرَ فيها، وسَبَحَ فِي الْكَلَامِ إِذا أَكثر فِيهِ. والتَّسبيح: التَّنْزِيهُ. وَسُبْحَانَ اللَّهِ: مَعْنَاهُ تَنْزِيهًا لِلَّهِ مِنَ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ، وَقِيلَ: تَنْزِيهُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ كُلِّ مَا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يُوصَفَ، قَالَ: ونَصْبُه أَنه فِي مَوْضِعِ فِعْلٍ عَلَى مَعْنَى تَسْبِيحًا لَهُ، تَقُولُ: سَبَّحْتُ اللَّهَ تَسْبِيحًا لَهُ أَي نَزَّهْتُهُ تَنْزِيهًا، قَالَ: وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا
؛ قَالَ: مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ؛ الْمَعْنَى أُسبِّح اللَّهَ تَسْبِيحًا. قَالَ: وَسُبْحَانَ فِي اللُّغَةِ تَنْزِيهُ اللَّهِ، عز وجل، عَنِ السُّوءِ؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: رأَيت فِي الْمَنَامِ كأَنَّ إِنساناً فَسَّرَ لِي سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَالَ: أَما تَرَى الْفَرَسَ يَسْبَحُ فِي سُرْعَتِهِ؟ وَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ السرعةُ إِليه والخِفَّةُ فِي طَاعَتِهِ، وجِماعُ مَعْنَاهُ بُعْدُه، تبارك وتعالى، عَنْ أَن يَكُونَ لَهُ مِثْلٌ أَو شَرِيكٌ أَو ندٌّ أَو ضِدٌّ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: زَعَمَ أَبو الْخَطَّابِ أَن سُبْحَانَ اللَّهِ كَقَوْلِكَ براءَةَ اللَّهِ أَي أُبَرِّئُ اللهَ مِنَ السُّوءِ بَرَاءَةً؛ وَقِيلَ: قَوْلُهُ سُبْحَانَكَ أَي أُنزهك يَا رَبِّ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وأُبرئك.
وَرَوَى الأَزهري بإِسناده أَن ابْنَ الكَوَّا سأَل عَلِيًّا، رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، عَنْ سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَالَ: كَلِمَةٌ رَضِيَهَا اللَّهُ لِنَفْسِهِ فأَوصى بِهَا.
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: سُبْحانَ مِن كَذَا إِذا تَعَجَّبَتْ مِنْهُ؛ وَزَعَمَ أَن قَوْلَ الأَعشى فِي مَعْنَى الْبَرَاءَةِ أَيضاً:
أَقولُ لمَّا جَاءَنِي فَخْرُه:
…
سبحانَ مِن عَلْقَمَةَ الفاخِرِ
أَي بَرَاءَةً مِنْهُ؛ وَكَذَلِكَ تَسْبِيحُهُ: تَبْعِيدُهُ؛ وَبِهَذَا اسْتُدِلَّ عَلَى أَن سُبْحَانَ مَعْرِفَةٌ إِذ لَوْ كَانَ نَكِرَةً لَانْصَرَفَ. وَمَعْنَى هَذَا الْبَيْتِ أَيْضًا: الْعَجَبُ مِنْهُ إِذ يَفْخَرُ، قَالَ: وإِنما لَمْ يُنَوَّنْ لأَنه مَعْرِفَةٌ وَفِيهِ شَبَهُ التأْنيث؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما امْتَنَعَ صَرْفُهُ لِلتَّعْرِيفِ وَزِيَادَةِ الأَلف وَالنُّونِ، وَتَعْرِيفُهُ كَوْنُهُ اسْمًا عَلَمًا لِلْبَرَاءَةِ، كَمَا أَن نَزالِ اسْمُ عَلَمٍ لِلنُّزُولِ، وشَتَّانَ اسْمُ عَلَمٍ لِلتَّفَرُّقِ؛ قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ سُبْحَانَ مُنَوَّنَةً نَكِرَةً؛ قَالَ أُمية:
سُبْحانَه ثُمَّ سُبْحاناً يَعُودُ لَهُ،
…
وقَبْلَنا سَبَّح الجُودِيُّ والجُمُدُ
وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: سُبْحَانَ اسْمُ عَلَمٍ لِمَعْنَى الْبَرَاءَةِ وَالتَّنْزِيهِ بِمَنْزِلَةِ عُثْمانَ وعِمْرانَ، اجْتَمَعَ فِي سُبْحَانَ التَّعْرِيفُ والأَلف وَالنُّونُ، وَكِلَاهُمَا عِلَّةٌ تَمْنَعُ مِنَ الصَّرْفِ. وسَبَّح الرجلُ: قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ
؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ مِن تَأَلُّهِ
وسَبَحَ: لُغَةً، حَكَى ثَعْلَبٌ سَبَّح تَسْبِيحًا وسُبْحاناً، وَعِنْدِي أَن سُبْحاناً لَيْسَ بِمَصْدَرِ سَبَّح، إِنما هُوَ مَصْدَرُ سَبَح، وَفِي التَّهْذِيبِ: سَبَّحْتُ اللَّهَ تَسْبِيحًا وسُبْحاناً بِمَعْنًى وَاحِدٍ، فَالْمَصْدَرُ تَسْبِيحٌ، وَالِاسْمُ سُبْحان يَقُومُ مَقَامَ الْمَصْدَرِ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: قِيلَ إِن كُلَّ مَا خَلَقَ اللَّهُ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ، وإِن صَريرَ السَّقْف وصَريرَ الْبَابِ مِنَ التَّسْبِيحِ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا الخطابُ لِلْمُشْرِكِينَ وَحْدَهُمْ: وَلكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ
؛ وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ تَسْبِيحُ هَذِهِ الأَشياء بِمَا اللَّهُ بِهِ أَعلم لَا نَفْقَه مِنْهُ إِلا مَا عُلِّمْناه، قَالَ: وَقَالَ قَوْمٌ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ
أَي مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَفِيهِ دَلِيلٌ أَن اللَّهَ، عز وجل، خَالِقُهُ وأَن خَالِقَهُ حَكِيمٌ مُبَرَّأٌ مِنَ الأَسْواء وَلَكِنَّكُمْ، أَيها الْكُفَّارُ، لَا تَفْقَهُونَ أَثر الصَّنْعة فِي هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ لأَن الَّذِينَ خُوطِبُوا بِهَذَا كَانُوا مُقِرِّينَ أَن اللَّهَ خالقُهم وخالقُ السَّمَاءِ والأَرض وَمَنْ فِيهِنَّ، فَكَيْفَ يَجْهَلُونَ الخِلْقَة وَهُمْ عَارِفُونَ بِهَا؟ قَالَ الأَزهري: وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَن تَسْبِيحَ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ تَسْبِيحٌ تَعَبَّدَتْ بِهِ قولُ اللَّهِ عز وجل لِلْجِبَالِ: يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ؛ وَمَعْنَى أَوِّبي سَبِّحي مَعَ دَاوُدَ النهارَ كلَّه إِلى اللَّيْلِ؛ وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَى أَمر اللَّهِ عز وجل لِلْجِبَالِ بالتأْويب إِلا تَعَبُّداً لَهَا؛ وَكَذَلِكَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَسُجُودُ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ عِبَادَةٌ مِنْهَا لِخَالِقِهَا لَا نَفْقَهُها عَنْهَا كَمَا لَا نَفَقُهُ تَسْبِيحَهَا؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ؛ وَقَدْ عَلِم اللهُ هُبوطَها مِنْ خَشْيَتِهِ وَلَمْ يُعَرِّفْنَا ذَلِكَ فَنَحْنُ نُؤْمِنُ بِمَا أُعلمنا وَلَا نَدَّعِي بِمَا لَا نُكَلَّف بأَفهامنا مِنْ عِلْمِ فِعْلِها كَيْفِيَّةً نَحُدُّها. وَمِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عز وجل: السُّبُّوحُ القُدُّوسُ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: السُّبُّوح الَّذِي يُنَزَّه عَنْ كُلِّ سُوء، والقُدُّوسُ: المُبارَك، وَقِيلَ: الطَّاهِرُ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: سُبُّوحٌ قُدُّوس مِنْ صِفَةِ اللَّهِ عز وجل، لأَنه يُسَبَّحُ ويُقَدَّسُ، وَيُقَالُ: سَبُّوحٌ قَدُّوسٌ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ فِيهَا الضَّمُّ، قَالَ: فإِن فَتَحْتَهُ فَجَائِزٌ؛ هَذِهِ حِكَايَتُهُ وَلَا أَدري مَا هِيَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِنما قَوْلُهُمْ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ؛ فَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ سُبْحان لأَن سُبُّوحاً قُدُّوساً صِفَةٌ، كأَنك قُلْتَ ذَكَرْتُ سُبُّوحاً قُدُّوساً فَنَصَبْتَهُ عَلَى إِضمار الْفِعْلِ الْمَتْرُوكِ إِظهاره، كأَنه خَطَرَ عَلَى بَالِهِ أَنه ذَكَره ذاكِرٌ، فَقَالَ سُبُّوحاً أَي ذَكرت سُبُّوحًا، أَو ذَكَره هُوَ فِي نَفْسِهِ فأَضمر مِثْلَ ذَلِكَ، فأَما رَفْعُه فَعَلَى إِضمار المبتدإِ وتَرْكُ إِظهارِ مَا يَرْفع كَتَرْكِ إِظْهَارِ مَا يَنْصِب؛ قَالَ أَبو إِسحاق: وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بناءٌ عَلَى فُعُّول، بِضَمِّ أَوّله، غَيْرُ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ الْجَلِيلَيْنِ وَحَرْفٌ آخَرُ «3» وَهُوَ قَوْلُهُمْ للذِّرِّيحِ، وَهِيَ دُوَيْبَّةٌ: ذُرُّوحٌ، زَادَهَا ابْنُ سِيدَهْ فَقَالَ: وفُرُّوجٌ، قَالَ: وَقَدْ يُفْتَحَانِ كَمَا يُفْتَحُ سُبُّوح وقُدُّوسٌ، رَوَى ذَلِكَ كُرَاعٌ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: كُلُّ اسْمٍ عَلَى فَعُّول فَهُوَ مَفْتُوحُ الأَول إِلَّا السُّبُّوحَ والقُدُّوسَ، فإِن الضَّمَّ فِيهِمَا
(3). قوله [وحرف آخر إلخ] نقل شارح القاموس عن شيخه قال: حكى الفهري عن اللحياني في نوادره اللغتين في قولهم ستوق وشبوط لضرب من الحوت وكلوب انتهى ملخصاً. قوله والفتح فيهما إلخ عبارة النهاية. وفي حديث الدعاء
سبوح قدّوس
يرويان بالفتح والضم، والفتح فيهما إِلى قوله والمراد بهما التنزيه.
أَكثر؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فُعُّول بِوَاحِدَةٍ، هَذَا قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ؛ قَالَ الأَزهري: وَسَائِرُ الأَسماء تَجِيءُ عَلَى فَعُّول مِثْلَ سَفُّود وقَفُّور وقَبُّور وَمَا أَشبهها، وَالْفَتْحُ فِيهِمَا أَقْيَسُ، وَالضَّمُّ أَكثر اسْتِعْمَالًا، وَهُمَا مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا التَّنْزِيهُ. وسُبُحاتُ وجهِ اللَّهِ، بِضَمِّ السِّينِ وَالْبَاءِ: أَنوارُه وجلالُه وَعَظَمَتُهُ.
وَقَالَ جِبْرِيلُ، عليه السلام: إِن لِلَّهِ دُونَ الْعَرْشِ سَبْعِينَ حِجَابًا لَوْ دَنَوْنَا مِنْ أَحدها لأَحرقتنا سُبُحاتُ وَجْهِ رَبِّنَا
؛ رَوَاهُ صَاحِبُ الْعَيْنُ، قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: سُبُحاتُ وَجْهِهِ نُورُ وَجْهِهِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
حجابُه النورُ والنارُ، لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرقت سُبُحاتُ وَجْهِهِ كلَّ شَيْءٍ أَدركه بصَرُه
؛ سُبُحاتُ وَجْهِ اللَّهِ: جلالُه وَعَظَمَتُهُ، وَهِيَ فِي الأَصل جَمْعُ سُبْحة؛ وَقِيلَ: أَضواء وَجْهِهِ؛ وَقِيلَ: سُبُحاتُ الْوَجْهِ محاسنُه لأَنك إِذا رأَيت الحَسَنَ الوجهِ قُلْتَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تنزيهٌ لَهُ أَي سُبْحَانَ وَجْهِهِ؛ وَقِيلَ: سُبُحاتُ وَجْهِهِ كَلَامٌ مُعْتَرِضٌ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْمَفْعُولِ أَي لَوْ كَشَفَهَا لأَحرقت كُلَّ شَيْءٍ أَدركه بَصَرُهُ، فكأَنه قَالَ: لأَحرقت سُبُحاتُ اللَّهِ كُلَّ شَيْءٍ أَبصره، كَمَا تَقُولُ: لَوْ دَخَلَ المَلِكُ البلدَ لَقُتِلَ، والعِياذُ بِاللَّهِ، كلَّ مِنْ فِيهِ؛ قَالَ: وأَقرب مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَن الْمَعْنَى: لَوِ انْكَشَفَ مِنْ أَنوار اللَّهِ الَّتِي تُحْجَبُ الْعِبَادُ عَنْهُ شَيْءٌ لأَهلك كلَّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ النورُ، كَمَا خَرَّ مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ، صَعِقاً وتَقَطَّعَ الجبلُ دَكّاً، لمَّا تَجَلَّى اللَّهُ سبحانه وتعالى؛ وَيُقَالُ: السُّبُحاتُ مَوَاضِعُ السُّجُودِ. والسُّبْحَةُ: الخَرَزاتُ الَّتِي يَعُدُّ المُسَبَّحُ بِهَا تَسْبِيحَهُ، وَهِيَ كَلِمَةٌ مولَّدة. وَقَدْ يَكُونُ التَّسْبِيحُ بِمَعْنَى الصَّلَاةِ والذِّكر، تَقُولُ: قَضَيْتُ سُبْحَتي.
وَرُوِيَ أَن عُمَرَ، رضي الله عنه، جَلَدَ رَجُلَيْنِ سَبَّحا بَعْدَ الْعَصْرِ
أَي صَلَّيا؛ قَالَ الأَعشى:
وسَبِّحْ عَلَى حِينِ العَشِيَّاتِ والضُّحَى،
…
وَلَا تَعْبُدِ الشيطانَ، واللهَ فاعْبُدا
يَعْنِي الصَّلَاةَ بالصَّباح والمَساء، وَعَلَيْهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ: فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ
؛ يأْمرهم بِالصَّلَاةِ فِي هَذَيْنِ الوَقتين؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: حِينَ تُمْسُونَ الْمَغْرِبُ وَالْعَشَاءُ، وَحِينَ تُصْبِحُونَ صَلَاةُ الْفَجْرِ، وَعَشِيًّا الْعَصْرُ، وَحِينَ تُظْهِرُونَ الأُولى. وَقَوْلُهُ: وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ
أَي وصَلِّ. وَقَوْلُهُ عز وجل: فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ
؛ أَراد مِنَ الْمُصَلِّينَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ لأَنه قَالَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: لَا إِله إِلَّا أَنت سُبْحَانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. وَقَوْلُهُ: يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لَا يَفْتُرُونَ
؛ يُقَالُ: إِن مَجْرَى التَّسْبِيحِ فِيهِمْ كمَجرى النَّفَسِ مِنَّا لَا يَشْغَلُنا عَنِ النَّفَسِ شَيْءٌ. وَقَوْلُهُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ
أَي تَسْتَثْنَوْنَ، وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ تعظيمُ اللَّهِ والإِقرارُ بأَنه لَا يَشَاءُ أَحدٌ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ، فَوَضَعَ تَنْزِيهَ اللَّهِ مَوْضِعَ الِاسْتِثْنَاءِ. والسُّبْحةُ: الدُّعَاءُ وصلاةُ التَّطَوُّعِ والنافلةُ؛ يُقَالُ: فَرَغَ فلانٌ مِنْ سُبْحَته أَي مِنْ صَلَاتِهِ النَّافِلَةِ، سمِّيت الصَّلَاةُ تَسْبِيحًا لأَن التَّسْبِيحَ تَعْظِيمُ اللَّهِ وَتَنْزِيهُهُ مِنْ كلِّ سُوءٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِنما خُصت النَّافِلَةُ بالسُّبْحة، وإِن شَارَكَتْهَا الْفَرِيضَةُ فِي مَعْنَى التَّسْبِيحِ، لأَن التَّسْبِيحَاتِ فِي الْفَرَائِضِ نوافلُ، فَقِيلَ لِصَلَاةِ النَّافِلَةِ سُبْحة لأَنها نَافِلَةٌ كَالتَّسْبِيحَاتِ والأَذكار فِي أَنها غَيْرُ وَاجِبَةٍ؛ وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ السُّبْحة فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا فَمِنْهَا:
اجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً
أَي نَافِلَةً، وَمِنْهَا:
كُنَّا إِذا نَزَلْنَا مَنْزِلًا لَا نُسَبِّحُ حَتَّى نَحُلَّ الرِّحال
؛ أَراد صَلَاةَ الضُّحَى، بِمَعْنَى أَنهم كَانُوا مَعَ اهْتِمَامِهِمْ بِالصَّلَاةِ لَا يُبَاشِرُونَهَا حَتَّى يَحُطُّوا الرِّحَالَ ويُريحوا الجمالَ
رِفْقًا بِهَا وإِحساناً. والسُّبْحَة: التطوُّع مِنَ الذِّكر وَالصَّلَاةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ يُطْلَقُ التَّسْبِيحُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَنواع الذِّكْرِ مَجَازًا كَالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيدِ وَغَيْرِهِمَا. وسُبْحَةُ اللَّهِ: جلالُه. وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا
أَي فَرَاغًا لِلنَّوْمِ، وَقَدْ يَكُونُ السَّبْحُ بِاللَّيْلِ. والسَّبْحُ أَيضاً: النَّوْمُ نَفْسُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُلَقَّبُ بِنَفْطَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ*
أَي سَبِّحْهِ بأَسمائه وَنَزِّهْهُ عَنِ التَّسْمِيَةِ بِغَيْرِ مَا سمَّى بِهِ نَفْسَهُ، قَالَ: وَمَنْ سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى بِغَيْرِ مَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ، فَهُوَ مُلْحِدٌ فِي أَسمائه، وكلُّ مَنْ دَعَاهُ بأَسمائه فَمُسَبِّح لَهُ بِهَا إِذ كَانَتْ أَسماؤُه مَدَائِحَ لَهُ وأَوصافاً؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها، وَهِيَ صِفَاتُهُ الَّتِي وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ، وَكُلُّ مَنْ دَعَا اللَّهَ بأَسمائه فَقَدْ أَطاعه وَمَدَحَهُ ولَحِقَه ثوابُه.
وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: مَا أَحدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الفواحشَ، وَلَيْسَ أَحدٌ أَحبَّ إِليه المَدْحُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.
والسَّبْحُ أَيضاً: السُّكُونُ. والسَّبْحُ: التقَلُّبُ وَالِانْتِشَارُ فِي الأَرض والتَّصَرُّفُ فِي الْمَعَاشِ، فكأَنه ضِدٌّ. وَفِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ:
فأَدخل إصْبُعَيْه السَّبَّاحَتَيْنِ فِي أُذنيه
؛ السَّبَّاحةُ والمُسَبِّحةُ: الإِصبع الَّتِي تَلِي الإِبهام، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها يُشَارُ بِهَا عِنْدَ التَّسْبِيحِ. والسَّبْحَةُ، بِفَتْحِ السِّينِ: ثَوْبٌ مِنْ جُلُود، وَجَمْعُهَا سِباحٌ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ خَالِدٍ الْهُذَلِيُّ:
وسَبَّاحٌ ومَنَّاحٌ ومُعْطٍ،
…
إِذا عادَ المَسارِحُ كالسِّباحِ
وصحَّف أَبو عُبَيْدَةَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فَرَوَاهَا بِالْجِيمِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَذْكُرْ، يَعْنِي الْجَوْهَرِيَّ، السَّبْحَة، بِالْفَتْحِ، وَهِيَ الثِّيَابُ مِنَ الْجُلُودِ، وَهِيَ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا التَّصْحِيفُ، فَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هِيَ السُّبْجة، بِالْجِيمِ وَضَمِّ السِّينِ، وَغَلِطَ فِي ذَلِكَ، وإِنما السُّبْجَة كِسَاءٌ أَسود، وَاسْتَشْهَدَ أَبو عُبَيْدَةَ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ بِقَوْلِ مَالِكٍ الْهُذَلِيِّ:
إِذا عَادَ الْمَسَارِحُ كَالسِّبَاجِ
فصحَّف الْبَيْتَ أَيضاً، قَالَ: وَهَذَا الْبَيْتُ مِنْ قَصِيدَةٍ حَائِيَّةٍ مَدَحَ بِهَا زهيرَ بنَ الأَغَرِّ اللِّحْيَانِيَّ، وأَوَّلها:
فَتًى مَا ابنُ الأَغَرِّ، إِذا شَتَوْنا،
…
وحُبَّ الزَّادُ فِي شَهْرَيْ قُماحِ [قِماحِ]
وَالْمَسَارِحُ: الْمَوَاضِعُ الَّتِي تَسْرَحُ إِليها الإِبل، فَشَبَّهَهَا لمَّا أَجدبت بِالْجُلُودِ المُلْسِ فِي عَدَمِ النَّبَاتِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ سَبَجَ، بِالْجِيمِ، مَا صُوُرَتُهُ: والسِّباجُ ثِيَابٌ مِنْ جُلُودٍ، وَاحِدَتُهَا سُبْجَة، وَهِيَ بِالْحَاءِ أَعلى، عَلَى أَنه أَيضاً قَدْ قَالَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: إِن أَبا عُبَيْدَةَ صحَّف هَذِهِ الْكَلِمَةَ وَرَوَاهَا بِالْجِيمِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، وَمِنَ الْعَجَبِ وُقُوعُهُ فِي ذَلِكَ مَعَ حِكَايَتِهِ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ أَنه وَقَعَ فِيهِ، اللَّهُمَّ إِلا أَن يَكُونَ وَجَدَ نَقْلًا فِيهِ، وَكَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنه لَوْ وَجَدَ نَقْلًا فِيهِ أَن يَذْكُرَهُ أَيضاً فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ عِنْدَ تَخْطِئَتِهِ لأَبي عُبَيْدَةَ وَنِسْبَتِهِ إِلى التَّصْحِيفِ لِيَسْلَمَ هُوَ أَيضاً مِنَ التُّهْمَةِ وَالِانْتِقَادِ. أَبو عَمْرٍو: كساءٌ مُسبَّح، بِالْبَاءِ، قَوِيٌّ شَدِيدٌ، قَالَ: والمُسَبَّحُ، بِالْبَاءِ أَيضاً، المُعَرَّضُ، وَقَالَ شَمِرٌ: السِّباحُ، بِالْحَاءِ، قُمُصٌ لِلصِّبْيَانِ مِنْ جُلُودٍ؛ وأَنشد:
كأَنَّ زوائِدَ المُهُراتِ عَنْهَا
…
جَواري الهِنْدِ، مُرْخِيةَ السِّباحِ
قَالَ: وأَما السُّبْجَة، بِضَمِّ السِّينِ وَالْجِيمِ، فَكِسَاءٌ أَسود. والسُّبْحَة: الْقِطْعَةُ مِنَ الْقُطْنِ. وسَبُوحةُ، بِفَتْحِ السِّينِ مُخَفَّفَةً: البلدُ الحرامُ، وَيُقَالُ:
وادٍ بِعَرَفَاتٍ؛ وَقَالَ يَصِفُ نُوقَ الْحَجِيجِ:
خَوارِجُ مِنْ نَعْمانَ، أَو مِنْ سَبُوحةٍ
…
إِلى البيتِ، أَو يَخْرُجْنَ من نَجْدِ كَبْكَبِ
سجح: السَّجَحُ: لِينُ الخَدِّ. وخَدٌّ أَسْجَحُ: سهلٌ طَوِيلٌ قَلِيلُ اللَّحْمِ وَاسِعٌ؛ وَقَدْ سَجِحَ سَجَحاً وسَجاحةً. وخُلُقٌ سَجِيح: لَيِّنٌ سَهْلٌ؛ وَكَذَلِكَ المِشْيةُ، بِغَيْرِ هَاءٍ، يُقَالُ: مَشى فُلَانٌ مَشْيًا سُجُحاً وسَجِيحاً. ومِشْيةٌ سُجُحٌ أَي سَهْلَةٌ؛ وَوَرَدَ فِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رضي الله عنه، يُحَرِّضُ أَصحابه عَلَى الْقِتَالِ: وامْشُوا إِلى الْمَوْتِ مِشْيةً سُجُحاً
؛ قَالَ حَسَّانُ:
دَعُوا التَّخاجُؤَ، وامْشُوا مِشْيَةً سُجُحاً،
…
إِنَّ الرجالَ ذَوُو عَصْبٍ وتَذْكِيرِ
قَالَ الأَزهري: هُوَ أَن يَعْتَدِلَ فِي مَشْيِهِ وَلَا يتمايَل فِيهِ تَكَبُّراً. ووجهٌ أَسْجَحُ بَيِّنُ السَّجَحِ أَي حَسَنٌ مُعْتَدِلٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَهَا أُذُنٌ حَشْرٌ وذِفْرَى أَسِيلةٌ،
…
ووجهٌ، كَمِرآةِ الغَرِيبةِ، أَسْجَحُ
وأَورد الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ شَاهِدًا عَلَى لِينِ الْخَدِّ، وأَنشده:[وخدٍّ كَمِرْآةِ الْغَرِيبَةِ] قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: خَصَّ مِرْآةَ الْغَرِيبَةِ، وَهِيَ الَّتِي لَمْ تتَزوَّج فِي قَوْمِهَا، فَلَا تَجِدُ فِي نِسَاءِ ذَلِكَ الْحَيِّ مَنْ يُعْنى بِهَا ويُبَيِّن لَهَا مَا تَحْتَاجُ إِلى إِصلاحه مِنْ عَيْبٍ وَنَحْوِهِ، فَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إِلى مِرْآتِهَا الَّتِي تَرَى فِيهَا مَا يُنْكِرُه فِيهَا مَنْ رَآهَا، فَمِرْآتُهَا لَا تَزَالُ أَبداً مَجْلُوَّة؛ قَالَ: وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ فِي الْبَيْتِ [وخَدّ كَمِرْآةِ الْغَرِيبَةِ]. الأَزهري: وَفِي النَّوَادِرِ يُقَالُ: سَجَحْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ وسَرَحْتُ وسَجَّحْتُ وسَرَّحْتُ وسَنَحْتُ وسَنَّحْتُ إِذا كان كلام فِيهِ تَعْرِيضٌ بِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي. وسُجُحُ الطَّرِيقِ وسُجْحُه: مَحَجَّتُه لِسُهُولَتِهَا. وبَنَوْا بُيُوتَهُمْ عَلَى سُجُحٍ وَاحِدٍ وسُجْحةٍ واحدةٍ وعِذارٍ وَاحِدٍ أَي قدْرٍ وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: خَلِّ لَهُ عَنْ سُجحِ الطَّرِيقِ، بِالضَّمِّ، أَي وَسَطه وسَنَنه. والسَّجِيحة والمَسْجُوحُ الخُلُق؛ وأَنشد:
هُنا وهَنَّا وَعَلَى المَسْجُوحِ
قَالَ أَبو الْحَسَنِ: هُوَ كالمَيْسُور والمَعْسُور وإِن لَمْ يَكُنْ لَهُ فِعْلٌ أَي إِنه مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى مِثَالِ مَفْعُولٍ. أَبو عُبَيْدٍ: السَّجِيحة السَّجِيَّة وَالطَّبِيعَةُ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ رَكِبَ فُلَانٌ سَجِيحَةَ رأْسه، وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الرأْي فَرَكِبَهُ. والأَسْجَح مِنَ الرِّجَالِ: الحَسَنُ الْمُعْتَدِلُ. الأَزهري: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَسْجَحُ الخَلْق الْمُعْتَدِلُ الْحَسَنُ. اللَّيْثُ: سَجَحَتِ الحمامةُ وسَجَعَت. قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا مُزْجِح فِي مُسْجِحٍ كالأَسْدِ والأَزْدِ. والسَّجْحاء مِنَ الإِبل: التامَّة طُولًا وَعِظَمًا. والإِسْجاحُ: حُسْنُ الْعَفْوِ؛ وَمِنْهُ الْمَثَلُ السَّائِرُ فِي الْعَفْوِ عِنْدَ المَقْدُرَةِ [المَقْدِرَةِ]: مَلَكْتَ فأَسْجِحْ؛ وَهُوَ مرويٌّ عَنْ
عَائِشَةَ، قَالَتْهُ لِعَلِيٍّ، رضي الله عنهما، يَوْمَ الْجَمَلِ حِينَ ظَهَرَ عَلَى النَّاسِ، فَدَنا مِنْ هَوْدَجها ثُمَّ كَلَّمَهَا بِكَلَامٍ فأَجابته: مَلَكْتَ فأَسْجِحْ
أَي ظَفِرْتَ فأَحْسِنْ وقَدَرْتَ فَسَهِّلْ وأَحْسِنِ العَفْوَ؛ فَجَهَّزَها عِنْدَ ذَلِكَ بأَحْسَنِ الجِهاز إِلى الْمَدِينَةِ؛ وَقَالَهَا أَيضاً ابنُ الأَكْوَعِ فِي غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ: مَلَكْتَ فأَسْجِحْ؛ وَيُقَالُ: إِذا سأَلتَ فأَسْجِحْ أَي سَهِّلْ أَلفاظَكَ وارْفُقْ. ومِسْجَحٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وسَجاحِ: اسْمُ المرأَة المُتَنَبِّئة، بِكَسْرِ الْحَاءِ، مِثْلُ حَذامِ وقَطامِ، وَهِيَ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ؛ قَالَ:
عَصَتْ سَجاحِ شَبَثاً وقَيْسا،
…
ولَقِيَتْ مِنَ النكاحِ وَيْسا،
قَدْ حِيسَ هَذَا الدِّينُ عِنْدِي حَيْسا
قَالَ الأَزهري: كَانَتْ فِي تَمِيمٍ امرأَة كَذَّابَةٌ أَيام مُسَيْلِمَةَ المُتَنَبِّئ فتَنَبَّأَتْ هِيَ أَيضاً، وَاسْمُهَا سَجاحِ، وَخَطَبَهَا مُسَيْلِمَةُ وتزوَّجته ولهما حديث مشهور.
سحح: السَّحُّ والسُّحُوحُ: هَمَّا سِمَنُ الشاةِ. سَحَّتِ الشاةُ وَالْبَقَرَةُ تَسِحُّ سَحّاً وسُحُوحاً وسُحُوحةً إِذا سَمِنَتْ غَايَةَ السِّمَن؛ وَقِيلَ: سَمِنَتْ وَلَمْ تَنْتَهِ الغايةَ؛ وَقَالَ: اللِّحْيَانِيُّ سَحَّتْ تَسُحُّ، بِضَمِّ السِّينِ؛ وَقَالَ أَبو مَعَدٍّ الكِلابيُّ: مهزولٌ ثُمَّ مُنْقٍ إِذا سَمِنَ قَلِيلًا ثُمَّ شَنُونٌ ثُمَّ سَمِينٌ ثُمَّ ساحٌّ ثُمَّ مُتَرَطِّمٌ، وَهُوَ الَّذِي انْتَهَى سِمَناً؛ وَشَاةٌ ساحَّةٌ وساحٌّ، بِغَيْرِ هَاءٍ، الأَخيرة عَلَى النَّسَبِ. قَالَ الأَزهري: قَالَ الْخَلِيلُ هَذَا مِمَّا يُحتج بِهِ أَنه قَوْلُ الْعَرَبِ فَلَا نَبْتَدِعُ فِيهِ شَيْئًا. وغنمٌ سِحاحٌ وسُحاحٌ: سِمانٌ، الأَخيرة مِنَ الْجَمْعِ الْعَزِيزِ كظُؤَارٍ ورُخالٍ؛ وَكَذَا رُوِيَ بَيْتُ ابْنِ هَرْمة:
وبَصَّرْتَني، بعدَ خَبْطِ الغَشُومِ،
…
هَذِي العِجافَ، وَهَذِي السِّحاحا
والسِّحَاحُ والسُّحاحُ، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، وَقَدْ قِيلَ: شاةٌ سُحاحٌ أَيضاً، حَكَاهَا ثَعْلَبٌ. وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ: وَالدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ مِنْحَةٍ ساحَّةٍ
أَي شَاةٍ مُمْتَلِئَةٍ سِمَناً، وَيُرْوَى: سَحْساحة، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ؛ ولحمٌ ساحٌّ؛ قَالَ الأَصمعي: كأَنه مِنْ سِمَنِه يَصُبُّ الوَدَكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: مررتُ عَلَى جزورٍ ساحٍ
أَي سَمِينَةٍ؛ وَحَدِيثُ
ابْنِ مَسْعُودٍ: يَلْقَى شيطانُ الْمُؤْمِنِ شيطانَ الْكَافِرِ شَاحِبًا أَغْبَر مَهْزُولًا وَهَذَا ساحٌ
أَي سَمِينٌ؛ يَعْنِي شَيْطَانَ الْكَافِرِ. وَسَحَابَةٌ سَحُوحٌ، وسَحَّ الدَّمْعُ والمطرُ والماءُ يَسُحُّ سَحّاً وسُحُوحاً أَي سَالَ مِنْ فَوْقٍ واشتدَّ انصبابُه. وساحَ يَسِيحُ سَيْحاً إِذا جَرَى عَلَى وَجْهِ الأَرض. وعينٌ سَحْساحة: كَثِيرَةُ الصَّبِّ للدُّموع. وَمَطَرٌ سَحْسَحٌ وسَحْساحٌ: شَدِيدٌ يَسُحُّ جِدًّا يَقْشِرُ وجهَ الأَرض. وتَسَحْسَحَ الماءُ والشيءُ: سال. وانْسَحَّ إِبطُ الْبَعِيرِ عَرَقاً، فَهُوَ مُنْسَحُّ أَي انْصَبَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يمينُ اللَّهِ سَحَّاءُ لَا يَغِيضُها شيءٌ الليلَ والنهارَ
أَي دَائِمَةُ الصَّبِّ والهَطْلِ بِالْعَطَاءِ. يُقَالُ: سَحَّ يَسُحُّ سَحّاً، فَهُوَ ساحٌّ، وَالْمُؤَنَّثَةُ سَحَّاءُ، وَهِيَ فَعْلاءُ لَا أَفْعَلَ لَهَا، كهَطْلاء؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
يَمِينُ اللَّهِ ملأَى سَحّاً
، بِالتَّنْوِينِ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَالْيَمِينُ هَاهُنَا كِنَايَةٌ عَنْ مَحَلِّ عَطَائِهِ وَوَصَفَهَا بِالِامْتِلَاءِ لِكَثْرَةِ مَنَافِعِهَا، فَجَعَلَهَا كَالْعَيْنِ الثَّرَّةِ لَا يَغِيضُها الاستقاءُ وَلَا ينقُصُها الامْتِياحُ، وخَصَّ الْيَمِينَ لأَنها فِي الأَكثر مَظِنَّة لِلْعَطَاءِ عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ والاتساعِ، والليلَ وَالنَّهَارَ مَنْصُوبَانِ عَلَى الظَّرْفِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ أَنه قَالَ لأُسامة حِينَ أَنْفَدَ جَيْشَه إِلى الشَّامِ: أَغِرْ عَلَيْهِمْ غارَةً سَحَّاءَ
أَي تَسُحُّ عَلَيْهِمُ البَلاءَ دَفْعَةً مِنْ غَيْرِ تَلَبُّثٍ. وَفَرَسٌ مِسَحٌّ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: جَوادٌ سَرِيعٌ كأَنه يَصُبُّ الجَرْيَ صَبّاً، شُبِّه بِالْمَطَرِ فِي سُرْعَةِ انْصِبَابِهِ. وسَحَّ الماءَ وَغَيْرَهُ يَسُحُّه سَحّاً: صَبَّه صَبّاً مُتَتَابِعًا كَثِيرًا؛ قَالَ دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ:
ورُبَّةَ غارَةٍ أَوْضَعْتُ فِيهَا،
…
كسَحِّ الخَزْرَجِيِّ جَرِيمَ تَمْرِ
مَعْنَاهُ أَي صَبَبْتُ عَلَى أَعدائي كَصَبِّ الخَزْرَجِيِّ جَرِيمَ التَّمْرِ، وَهُوَ النَّوَى. وحَلِفٌ سَحٌّ: مُنْصَبٌّ مُتَتَابِعٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَوْ نَحَرَتْ فِي بَيْتِهَا عَشْرَ جُزُرْ،
لأَصْبَحَتْ مِنْ لَحْمِهِنَّ تَعْتَذِرْ،
…
بِحَلِفٍ سَحٍّ ودَمْعٍ مُنْهَمِرْ
وسَحَّ الماءُ سَحّاً: مَرَّ عَلَى وَجْهِ الأَرض. وَطَعْنَةٌ مُسَحْسِحةٌ: سَائِلَةٌ؛ وأَنشد:
مُسَحْسِحةٌ تَعْلُو ظُهورَ الأَنامِلِ
الأَزهري: الْفَرَّاءُ قَالَ: هُوَ السَّحَاحُ والإِيَّارُ واللُّوحُ والحالِقُ لِلْهَوَاءِ. والسُّحُّ والسَّحُّ: التَّمْرُ الَّذِي لَمْ يُنْضَح بِمَاءٍ، وَلَمْ يُجْمَعْ فِي وِعَاءٍ، وَلَمْ يُكْنَزْ، وَهُوَ مَنْثُورٌ عَلَى وَجْهِ الأَرض؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: السُّحُّ تَمْرٌ يَابِسٌ لَا يُكْنَز، لُغَةٌ يَمَانِيَّةٌ؛ قَالَ الأَزهري: وسَمعت البَحْرانِيِّينَ يَقُولُونَ لجِنْسٍ مِنَ القَسْبِ السُّح، وبالنِّباجِ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا عُرَيْفِجان تَسْقي نَخْلًا كَثِيرًا، وَيُقَالُ لِتَمْرِهَا: سُحُّ عُرَيْفِجانَ، قَالَ: وَهُوَ مِنْ أَجود قَسْبٍ رأَيت بِتِلْكَ الْبِلَادِ. وأَصاب الرجلَ لَيلَتَه سَحٌّ مثلُ سَجٍّ إِذا قَعَدَ مقاعِدَ رِقاقاً. والسَّحْسَحة والسَّحْسَحُ: عَرْصَة الدَّارِ وعَرْصَة المحَلَّة. الأَحمر: اذهبْ فَلَا أَرَيَنَّك بسَحْسَحِي وسَحايَ وحَرايَ وحَراتي وعَقْوتي وعَقاتي. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ نَزَلَ فلانٌ بسَحْسَحِه أَي بِنَاحِيَتِهِ وَسَاحَتِهِ. وأَرض سَحْسَحٌ: وَاسِعَةٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري مَا صحتُها. وسَحَّه مائةَ سَوْطٍ يَسُحُّه سَحّاً أَي جَلَده.
سدح: السَّدْحُ: ذَبْحُك الشيءَ وبَسْطُكَه عَلَى الأَرض وَقَدْ يَكُونُ إِضْجاعَك للشيءِ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: السَّدْحُ ذَبْحُك الْحَيَوَانَ مَمْدُودًا عَلَى وَجْهِ الأَرض، وَقَدْ يَكُونُ إِضْجاعُك الشيءَ عَلَى وَجْهِ الأَرض سَدْحاً، نَحْوَ القِرْبة الْمَمْلُوءَةِ المَسْدوحة؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ الْحَيَّةَ:
يأْخُذُ فِيهِ الحَيَّةَ النَّبُوحا،
…
ثُمَّ يَبِيتُ عِنْدَهُ مَذْبُوحا،
مُشَدَّخَ الهامةِ أَو مَسْدُوحا
قَالَ الأَزهري: السَّدْحُ والسَّطْحُ وَاحِدٌ، أُبدلت الطَّاءُ فِيهِ دَالًا، كَمَا يُقَالُ: مَطَّ ومَدَّ وَمَا أَشبهه. وسَدَحَ الناقةَ سَدْحاً: أَناخها كسَطَحَها، فإِما أَن يَكُونَ لُغَةً، وإِما أَن يَكُونَ بدَلًا. وسادِحٌ: قَبِيلَةٌ أَو حَيٌّ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وَقَدْ أَكثرَ الواشُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ،
…
كَمَا لَمْ يَغِبْ، عَنْ عَيِّ ذُبيانَ، سادِحُ
وعَلَّق أَكثر بِبَيْنِي لأَنه فِي مَعْنَى سَعَى. وسَدَحه، فهو مَسْدُوحٌ وسَدِيحٌ: صَرَعه كسَطَحه. والسَّادِحةُ: السحابةُ الشَّدِيدَةُ الَّتِي تَصْرَعُ كلَّ شَيْءٍ. وانْسَدح الرجلُ: اسْتَلْقَى وفرَّج رِجْلَيْهِ. والسَّدْحُ: الصَّرْعُ بَطْحاً عَلَى الْوَجْهِ أَو إِلقاءً عَلَى الظَّهْرِ، لَا يَقَعُ قَاعِدًا وَلَا متكوِّراً؛ تَقُولُ: سَدَحه فانْسَدَح، فَهُوَ مَسْدوح وسَدِيحٌ؛ قَالَ خِداشُ بنُ زُهَيْرٍ:
بَيْنَ الأَراكِ وبينَ النَّخْلِ تَسْدَحُهُمْ
…
زُرْقُ الأَسِنَّةِ، فِي أَكرافِها شَبَمُ
وَرَوَاهُ المُفَضَّل تَشْدَخُهم، بِالْخَاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ الأَصمعي: صَارَتِ الأَسنة كأَفْرَكُوباتٍ «4» تَشْدَخ الرؤوس، إِنما هُوَ تَسْدَحُهم، وَكَانَ الأَصمعي يَعِيبُ مَنْ يَرْوِيهِ تَشْدَخُهُمْ، وَيَقُولُ: الأَسنة لَا تَشْدَخ إِنما ذَلِكَ يَكُونُ بحَجَر أَو دَبُّوس أَو عمودٍ أَو نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا قَطْعَ لَهُ؛ وقبل هَذَا الْبَيْتُ:
قَدْ قَرَّت العينُ إِذ يَدْعُونَ خَيْلَهُمُ
…
لكَي تَكُرَّ، وَفِي آذَانِهَا صَمَمُ
أَي يَطْلُبُونَ مِنْ خَيْلِهِمْ أَن تَكِرَّ فَلَا تُطِيعُهُمْ. وَفُلَانٌ سادِحٌ أَي مُخْصِبٌ.
(4). هكذا في الأَصل ولم نجد لهذه اللفظة أثراً في المعاجم.
وسَدَحَ القِرْبَة يَسْدَحُها سَدْحاً: ملأَها وَوَضْعَهَا إِلى جَنْبِهِ. وسَدَحَ بِالْمَكَانِ: أَقام. ابْنُ الأَعرابي: سَدَحَ بِالْمَكَانِ ورَدَحَ إِذا أَقام بِالْمَكَانِ أَو المَرْعى. وَقَالَ ابْنُ بُزُرْج: سَدَحَتِ المرأَةُ ورَدَحَتْ إِذا حَظِيَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا ورُضِيَتْ.
سرح: السَّرْحُ: المالُ السَّائِمُ. اللَّيْثُ: السَّرْحُ المالُ يُسامُ فِي الْمَرْعَى مِنَ الأَنعام. سَرَحَتِ الماشيةُ تَسْرَحُ سَرْحاً وسُرُوحاً: سامتْ. وسَرَحها هُوَ: أَسامَها، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
وكانَ مِثْلَيْنِ: أَن لَا يَسْرَحُوا نَعَماً،
…
حيثُ اسْتراحَتْ مَواشِيهم، وتَسْرِيحُ
تَقُولُ: أَرَحْتُ الماشيةَ وأَنْفَشْتُها وأَسَمْتُها وأَهْمَلْتُها وسَرَحْتُها سَرْحاً، هَذِهِ وَحْدَهَا بِلَا أَلف. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ
؛ قَالَ: يُقَالُ سَرَحْتُ الماشيةَ أَي أَخرجتها بالغَداةِ إِلَى الْمَرْعَى. وسَرَحَ المالُ نَفْسُهُ إِذا رَعَى بالغَداةِ إِلى الضُّحَى. والسَّرْحُ: المالُ السارحُ، وَلَا يُسَمَّى مِنَ الْمَالِ سَرْحاً إِلَّا مَا يُغْدَى بِهِ ويُراحُ؛ وَقِيلَ: السَّرْحُ مِنَ الْمَالِ مَا سَرَحَ عَلَيْكَ. يُقَالُ: سَرَحَتْ بِالْغَدَاةِ وراحتْ بالعَشِيِّ، وَيُقَالُ: سَرَحْتُ أَنا أَسْرَحُ سُرُوحاً أَي غَدَوْتُ؛ وأَنشد لِجَرِيرٍ:
وإِذا غَدَوْتَ فَصَبَّحَتْك تحِيَّةٌ،
…
سَبَقَتْ سُرُوحَ الشَّاحِجاتِ الحُجَّلِ
قَالَ: والسَّرْحُ الْمَالُ الرَّاعِي. وَقَوْلُ أَبي المُجِيبِ وَوَصَفَ أَرضاً جَدْبَةً: وقُضِمَ شَجرُها والتَقى سَرْحاها؛ يَقُولُ: انْقَطَعَ مَرْعاها حَتَّى الْتَقَيَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ سُرُوحٌ. والمَسْرَحُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ: مَرْعَى السَّرْح، وَجَمْعُهُ المَسارِحُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
إِذا عَادَ المَسارِحُ كالسِّباحِ
وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: لَهُ إِبلٌ قليلاتُ المسارِحِ
؛ هُوَ جَمْعُ مَسْرَح، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَسْرَحُ إِليه الماشيةُ بالغَداة للرَّعْيِ؛ قِيلَ: تَصِفُهُ بِكَثْرَةِ الإِطْعامِ وسَقْيِ الأَلبان أَي أَن إِبله عَلَى كَثْرَتِهَا لَا تَغِيبُ عَنِ الحيِّ وَلَا تَسْرَحُ فِي الْمَرَاعِي الْبَعِيدَةِ، وَلَكِنَّهَا بَارِكَةٌ بفِنائه ليُقَرِّب للضِّيفان مِنْ لَبَنِهَا وَلَحْمِهَا، خَوْفًا مِنْ أَن يَنْزِلَ بِهِ ضيفٌ، وَهِيَ بَعِيدَةٌ عَازِبَةٌ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن إَبله كَثِيرَةٌ فِي حَالِ بُرُوكِهَا، فإِذا سَرَحت كَانَتْ قَلِيلَةً لِكَثْرَةِ مَا نُحِرَ مِنْهَا فِي مَباركها للأَضياف؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
جَرِيرٍ: لَا يَعْزُب سارِحُها
أَي لَا يَبْعُدُ مَا يَسْرَحُ مِنْهَا إِذا غَدَت لِلْمَرْعَى. والسارحُ: يَكُونُ اسْمًا لِلرَّاعِي الَّذِي يَسْرَحُ الإِبل، وَيَكُونُ اسْمًا لِلْقَوْمِ الَّذِينَ لَهُمُ السَّرْحُ كالحاضِرِ والسَّامِر وَهُمَا جميعٌ. وَمَا لَهُ سارحةٌ وَلَا رَائِحَةٌ أَي مَا لَهُ شيءٌ يَرُوحُ وَلَا يَسْرَحُ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَدْ يَكُونُ فِي مَعْنَى مَا لَهُ قومٌ.
وَفِي كِتَابٍ كَتَبَهُ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، لأُكَيْدِر دُومةِ الجَنْدَلِ: لَا تُعْدَلُ سارِحَتُكم وَلَا تُعَدُّ فارِدَتُكم.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد أَن مَاشِيَتَهُمْ لَا تُصْرَفُ عَنْ مَرْعًى تُرِيدُهُ. يُقَالُ عَدَلْتُه أَي صَرَفْتُهُ، فَعَدَلَ أَي انْصَرَفَ. وَالسَّارِحَةُ: هِيَ الْمَاشِيَةُ الَّتِي تَسْرَحُ بِالْغَدَاةِ إِلى مَرَاعِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
وَلَا يُمْنَعُ سَرْحُكم
؛ السَّرْحُ والسارحُ وَالسَّارِحَةُ سَوَاءٌ: الْمَاشِيَةُ؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبَةَ: السَّارِحَةُ الإِبل وَالْغَنَمُ. قَالَ: وَالسَّارِحَةُ الدَّابَّةُ الْوَاحِدَةُ، قَالَ: وَهِيَ أَيضاً الْجَمَاعَةُ. والسَّرْحُ:
انْفِجَارُ الْبَوْلِ بَعْدَ احْتِبَاسِهِ. وسَرَّحَ عَنْهُ فانْسَرَحَ وتَسَرَّحَ: فَرَّجَ. وإِذا ضَاقَ شيءٌ فَفَرَّجْتَ عَنْهُ، قُلْتُ: سَرَّحْتُ عَنْهُ تَسْرِيحًا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وسَرَّحَتْ عَنْهُ، إِذا تَحَوَّبا،
…
رَواجِبُ الجَوْفِ الصَّهِيلَ الصُّلَّبا
ووَلَدَتْه سُرُحاً أَي فِي سُهولة. وَفِي الدُّعَاءِ:
اللَّهُمَّ اجعَلْه سَهْلًا سُرُحاً.
وَفِي حَدِيثِ
الْفَارِعَةِ: أَنها رأَت إِبليس سَاجِدًا تَسِيلُ دُمُوعَهُ كسُرُحِ الجَنِينِ
؛ السُّرُحُ: السَّهْلُ. وإِذا سَهُلت وِلَادَةُ المرأَة، قِيلَ: وَلَدَتْ سُرُحاً. والسُّرُحُ والسَّرِيحُ: إِدْرارُ الْبَوْلِ بَعْدَ احْتِبَاسِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَسَنِ: يَا لَهَا نِعْمَةً، يَعْنِي الشَّرْبة مِنَ الْمَاءِ، تُشْرَبُ لَذَّةً وَتُخْرَجُ سُرُحاً
أَي سَهْلًا سَرِيعًا. والتسريحُ: التَّسْهِيلُ. وشيءٌ سَرِيحٌ: سَهْلٌ. وافْعَل ذَلِكَ فِي سَراحٍ وَرواحٍ أَي فِي سُهُولَةٍ. وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي سَريح أَي فِي عَجَلة. وأَمرٌ سَرِيحٌ: مُعَجَّلٌ وَالِاسْمُ مِنْهُ السَّراحُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِن خَيْرَك لَفِي سَرِيح، وإِن خَيْرَك لَسَريحٌ؛ وَهُوَ ضِدُّ الْبَطِيءِ. وَيُقَالُ: تَسَرَّحَ فلانٌ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ إِذا ذَهَبَ وَخَرَجَ. وسَرَحْتُ مَا فِي صَدْرِي سَرْحاً أَي أَخرجته. وَسُمِّيَ السَّرْحُ سَرْحاً لأَنه يُسْرَحُ فيخرُجُ؛ وأَنشد:
وسَرَحْنا كلَّ ضَبٍّ مُكْتَمِنْ
والتسريحُ: إِرسالك رَسُولًا في حاجة سَراحاً. وسَرَّحْتُ فُلَانًا إِلى مَوْضِعِ كَذَا إِذا أَرْسلته. وتَسْرِيحُ المرأَة: تطليقُها. وَالِاسْمُ السَّراحُ، مِثْلُ التَّبْلِيغِ وَالْبَلَاغُ. وتَسْرِيحُ دَمِ العِرْقِ المفصود: إِرساله بعد ما يَسِيلُ مِنْهُ حِينَ يُفْصَد مَرَّةً ثَانِيَةً. وَسَمَّى اللَّهُ، عز وجل، الطَّلَاقَ سَراحاً، فَقَالَ: وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا
؛ كَمَا سَمَّاهُ طَلَاقًا مِنْ طَلَّقَ المرأَة، وَسَمَّاهُ الفِرَاقَ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَلفاظ تَجْمَعُ صَرِيحَ الطَّلَاقِ الَّذِي لَا يُدَيَّنُ فِيهَا المُطَلِّقُ بِهَا إِذا أَنكر أَن يَكُونَ عَنَى بِهَا طَلَاقًا، وأَما الْكِنَايَاتُ عَنْهَا بِغَيْرِهَا مِثْلَ الْبَائِنَةِ والبتَّةِ وَالْحَرَامِ وَمَا أَشبهها، فإِنه يُصَدَّق فِيهَا مَعَ الْيَمِينِ أَنه لَمْ يُرِدْ بِهَا طَلَاقًا. وَفِي الْمَثَلِ: السَّراحُ مِنَ النَّجاح؛ إِذا لَمْ تَقْدِرْ عَلَى قَضَاءِ حَاجَةِ الرَّجُلِ فأَيِّسْه فإِن ذَلِكَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الإِسعاف. وتَسْرِيحُ الشَّعر: إِرساله قَبْلَ المَشْطِ؛ قَالَ الأَزهري: تَسْرِيحُ الشَّعْرِ تَرْجِيلُهُ وَتَخْلِيصُ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ بِالْمُشْطِ؛ وَالْمُشْطِ يُقَالُ لَهُ: المِرجل والمِسرح، بِكَسْرِ الْمِيمِ. والمَسْرَحُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ: الْمَرْعَى الَّذِي تَسْرَحُ فِيهِ الدَّوَابُّ لِلرَّعْيِ. وفرسٌ سَريح أَي عُرْيٌ، وَخَيْلٌ سُرُحٌ وناقةٌ سُرُحٌ ومُنْسَرِحة فِي سَيْرِهَا أَي سَرِيعَةٌ؛ قَالَ الأَعشى:
بجُلالةٍ سُرُحٍ، كأَنَّ بغَرْزِها
…
هِرّاً، إِذا انتَعَل المَطِيُّ ظِلالَها
ومِشْيَةٌ سُرُحُ مِثْلُ سُجُح أَي سَهْلَةٌ. وانْسَرَحَ الرجلُ إِذا اسْتَلْقَى وفَرَّجَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ: وأَما قَوْلُ حُمَيْد بْنِ ثَوْرٍ:
أَبى اللهُ إِلَّا أَنَّ سَرْحَةَ مالكٍ،
…
عَلَى كلِّ أَفْنانِ العِضاهِ، تَرُوقُ
فإِنما كَنَّى بِهَا عَنِ امرأَة. قَالَ الأَزهري: الْعَرَبُ تَكْنِي عَنِ المرأَة بالسَّرْحةِ النَّابِتَةِ عَلَى الْمَاءِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
يَا سَرْحةَ الماءِ قَدْ سُدَّتْ موارِدُه،
…
أَما إِليكِ طريقٌ غيرُ مسْدُودِ
لحائمٍ حامَ حَتَّى لَا حَراكَ بِهِ،
…
مُحَلَّإٍ عَنْ طريقِ الوِرْدِ، مَرْدودِ
كَنَّى بالسَّرْحةِ النابتة على الماء عَنِ المرأَة لأَنها حينئذٍ
أَحسن مَا تَكُونُ؛ وسَرْحةٌ فِي قَوْلِ لَبِيدٌ:
لِمَنْ طَلَلٌ تَضَمَّنهُ أُثالُ،
…
فَسَرْحةُ فالمَرانَةُ فالخَيالُ؟
هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ «5» . والسَّرُوحُ والسُّرُحُ مِنَ الإِبل: السريعةُ الْمَشْيِ. وَرَجُلٌ مُنْسَرِحٌ: متجرِّد؛ وَقِيلَ: قَلِيلُ الثِّيَابِ خَفِيفٌ فِيهَا، وَهُوَ الْخَارِجُ مِنْ ثِيَابِهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مُنْسَرِحٌ إِلَّا ذَعاليب الخِرَقْ
والمُنْسَرِحُ: الَّذِي انْسَرَحَ عَنْهُ وَبَرُه. والمُنْسَرِحُ: ضربٌ مِنَ الشِّعْر لِخِفَّتِهِ، وَهُوَ جِنْسٌ مِنَ الْعُرُوضِ تَفْعِيلُهُ: مُسْتَفْعِلُنْ مَفْعُولَاتْ مُسْتَفْعِلُنْ سِتَّ مَرَّاتٍ. ومِلاطٌ سُرُحُ الجَنْبِ: مُنْسَرِحٌ لِلذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ؛ يَعْنِي بِالْمِلَاطِ الكَتِفَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: العَضُد؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ الطِّينُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا هَذَا. ابْنُ شُمَيْلٍ: ابْنَا مِلاطَي الْبَعِيرِ هُمَا العَضُدانِ، قَالَ: وَالْمِلَاطَانِ مَا عَنْ يَمِينِ الكِرْكِرَةِ وَشَمَالِهَا. والمِسْرَحةُ: مَا يُسَرَّحُ بِهِ الشعَر والكَتَّان وَنَحْوُهُمَا. وَكُلُّ قِطْعَةٍ مِنْ خِرْقَةٍ مُتَمَزِّقَةٍ أَو دَمٍ سَائِلٍ مستطيل يابس، فهو وما أَشبهه سَرِيحة، وَالْجَمْعُ سَرِيحٌ وسَرائِحُ. والسَّريحة: الطَّرِيقَةُ مِنَ الدَّمِ إِذا كَانَتْ مُسْتَطِيلَةً؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
بلَبَّته سَرائِحُ كالعَصيمِ
قَالَ: والسَّريحُ السيرُ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ الخَدَمَةُ فَوْقَ الرُّسْغ. والسَّرائح والسُّرُح: نِعالُ الإِبل؛ وَقِيلَ: سُيُورُ نِعالها، كلُّ سَيرٍ مِنْهَا سَريحة؛ وَقِيلَ: السُّيُورُ الَّتِي يُخْصَفُ بِهَا، وَاحِدَتُهَا سَرِيحة، والخِدامُ سُيُورٌ تُشَدُّ فِي الأَرْساغ، والسَّرائِحُ: تُشَدُّ إِلى الخَدَم. والسَّرْحُ: فِناءُ الْبَابِ. والسَّرْحُ: كُلُّ شَجَرٍ لَا شَوْكَ فِيهِ، وَالْوَاحِدَةُ سَرْحة؛ وَقِيلَ: السَّرْحُ كلُّ شَجَرٍ طَالَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّرْحةُ دَوْحة مِحْلالٌ واسِعةٌ يَحُلُّ تَحْتَهَا الناسُ فِي الصَّيْفِ، ويَبْتَنُون تَحْتَهَا الْبُيُوتَ، وَظِلُّهَا صَالِحٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَيَا سَرْحةَ الرُّكْبانِ، ظِلُّك بارِدٌ،
…
وماؤُكِ عَذْب، لَا يَحِلُّ لوارِدِ «6»
والسَّرْحُ: شَجَرٌ كِبَارٌ عِظَامٌ طِوالٌ لَا يُرْعَى وإِنما يَسْتَظِلُّ فِيهِ. وَيَنْبُتُ بنَجدٍ فِي السَّهْل والغَلْظ، وَلَا يَنْبُتُ فِي رَمْلٍ وَلَا جَبَلٍ، وَلَا يأْكله المالُ إِلَّا قَلِيلًا، لَهُ ثَمَرٌ أَصفر، وَاحِدَتُهُ سَرْحة، وَيُقَالُ: هُوَ الآءُ، عَلَى وَزْنِ العاعِ، يُشْبِهُ الزَّيْتُونَ، والآءُ ثمرةُ السَّرْح؛ قَالَ: وأَخبرني أَعرابي قَالَ: فِي السَّرْحة غُبْرَةٌ وَهِيَ دُونَ الأَثْلِ فِي الطُّولِ، ووَرَقُها صِغَارٌ، وَهِيَ سَبْطَة الأَفْنان. قَالَ: وَهِيَ مَائِلَةُ النِّبتة أَبداً ومَيلُها مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الشَّجَرِ فِي شِقّ الْيَمِينِ، قَالَ: وَلَمْ أَبْلُ عَلَى هَذَا الأَعرابي كَذِبًا. الأَزهري عَنِ اللَّيْثُ: السَّرْحُ شَجَرٌ لَهُ حَمْل وَهِيَ الأَلاءَة، وَالْوَاحِدَةُ سَرْحَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا غَلَطٌ لَيْسَ السَّرْحُ مِنَ الأَلاءَة فِي شَيْءٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: السَّرْحة ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، مَعْرُوفَةٌ؛ وأَنشد قَوْلَ عَنْتَرَةُ:
بَطَلٌ، كأَنَّ ثِيابَه فِي سَرْحةٍ،
…
يُحْذَى نِعالَ السِّبْتِ، لَيْسَ بتَوْأَمِ
يَصِفُهُ بِطُولِ الْقَامَةِ، فَقَدْ بيَّن لَكَ أَن السَّرْحَة مِنْ كِبَارِ الشَّجَرِ، أَلا تَرَى أَنه شَبَّهَ بِهِ الرَّجُلَ لِطُولِهِ، والأَلاء لَا سَاقَ لَهُ وَلَا طُولَ؟ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنه قال:
(5). قوله [هو اسم موضع] مثله في الجوهري وياقوت. وقال المجد: الصواب شرجة، بالشين والجيم المعجمتين. والحِبال، بكسر الحاء المهملة والباء الموحدة.
(6)
. قوله [لا يحل لوارد] هكذا في الأَصل بهذا الضبط وشرح القاموس وانظره فلعله لا يمل لوارد.
إِنَّ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا سَرْحةً لَمْ تُجْرَدْ وَلَمْ تُعْبَلْ، سُرَّ تَحْتَهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا
؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن السَّرْحةَ مِنْ عِظَامِ الشجر؛ ورواه ابن الأَثير: لم تُجْرَدْ وَلَمْ تُسْرَحْ، قَالَ: وَلَمْ تُسْرَحْ لَمْ يُصِبْهَا السَّرْحُ فيأْكل أَغصانها وَوَرَقِهَا، قَالَ: وَقِيلَ هُوَ مأْخوذ مَنْ لَفْظِ السَّرْحة، أَراد: لَمْ يؤْخذ مِنْهَا شَيْءٌ، كما يقال: شَجَرْتُ الشجرةَ إِذا أَخذتُ بعضَها. وَفِي حَدِيثِ
ظَبْيانَ: يأْكلون مُلَّاحها ويَرْعَوْنَ سِراحَها.
ابْنُ الأَعرابي: السَّرْحُ كِبارُ الذَّكْوانِ، والذَّكْوانُ شجرٌ حَسَنُ العَساليح. أَبو سَعِيدٍ: سَرَحَ السيلُ يَسْرَحُ سُرُوحاً وسَرْحاً إِذا جَرَى جَرْيًا سَهْلًا، فَهُوَ سيلٌ سارحٌ؛ وأَنشد:
ورُبَّ كلِّ شَوْذَبِيٍّ مُنْسَرِحْ،
…
مِنَ اللباسِ، غيرَ جَرْدٍ مَا نُصِحْ «1»
والجَرْدُ: الخَلَقُ مِنَ الثِّيَابِ. وما نُصِحَ أَي مَا خِيطَ. والسَّرِيحةُ مِنَ الأَرض: الطَّرِيقَةُ الظَّاهِرَةُ الْمُسْتَوِيَةُ فِي الأَرض ضَيِّقةً؛ قَالَ الأَزهري: وَهِيَ أَكثر نبْتاً وَشَجَرًا مِمَّا حَوْلُهَا وَهِيَ مُشرفة عَلَى مَا حَوْلَهَا، وَالْجَمْعُ السَّرائح، فَتَرَاهَا مُسْتَطِيلَةً شَجِيرة وَمَا حَوْلَهَا قَلِيلُ الشَّجَرِ، وَرُبَّمَا كَانَتْ عَقَبة. وسَرائحُ السَّهْمِ: العَقَبُ الَّذِي عُقِبَ بِهِ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ العَقَبُ الَّذِي يُدْرَجُ عَلَى اللِّيطِ، وَاحِدَتُهُ سَرِيحة. والسَّرائحُ أَيضاً: آثَارٌ فِيهِ كَآثَارِ النَّارِ. وسُرُحٌ: ماءٌ لَبَنِي عَجْلَانَ ذَكَرَهُ ابْنُ مُقْبِلٍ فَقَالَ:
قَالَتْ سُلَيْمَى ببَطْن القاعِ مِنْ سُرُحٍ
وسَرَحَه اللهُ وسَرَّحه أَي وَفَّقه اللَّهُ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا حَرْفٌ غَرِيبٌ سَمِعْتُهُ بِالْحَاءِ فِي الْمُؤَلِّفِ عَنِ الإِيادي. والمَسْرَحانِ: خشبتانِ تُشَدَّانِ فِي عُنُق الثَّوْرُ الَّذِي يُحْرَثُ بِهِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وسَرْحٌ: اسمٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فَلَوْ أَنَّ حَقَّ الْيَوْمِ مِنْكُمْ أَقامَه،
…
وإِن كَانَ سَرْحٌ قَدْ مَضَى فَتَسَرَّعا
ومَسْرُوحٌ: قَبِيلَةٌ. والمَسْرُوحُ: الشرابُ، حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ وَلَيْسَ مِنْهُ على ثقة. وسِرْحانُ الحَوْضِ: وَسَطُه. والسِّرْحانُ: الذِّئبُ، والجمع سَراحٍ «2» وسَراحِينُ وسَراحِي، بِغَيْرِ نونٍ، كَمَا يقالُ: ثَعَالِبٌ وثَعَالِي. قَالَ الأَزهري: وأَما السِّراحُ فِي جَمْعِ السِّرْحان فَغَيْرُ مَحْفُوظٍ عِنْدِي. وسِرْحانٌ: مُجْرًى مِنْ أَسماء الذِّئْبِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وغارةُ سِرْحانٍ وتقريبُ تَتْفُلِ
والأُنثى بِالْهَاءِ وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وَقَدْ تُجْمَعُ هَذِهِ بالأَلف وَالتَّاءِ. والسِّرْحانُ والسِّيدُ الأَسدُ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ؛ قَالَ أَبو المُثَلَّمِ يَرْثي صَخْر الغَيّ:
هَبَّاطُ أَوْدِيَةٍ، حَمَّالُ أَلْوِيَةٍ،
…
شَهَّادُ أَنْدِيَةٍ، سِرْحانُ فِتْيانِ
وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ لطُفَيْلٍ:
وخَيْلٍ كأَمْثَالِ السِّراحِ مَصُونَةٍ،
…
ذَخائِرَ مَا أَبقى الغُرابُ ومُذْهَبُ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ جَاءَ فِي شِعْرِ مالك بن الحرث الكاهلي:
ويوماً نَقْتُلُ الآثارَ شَفْعاً،
…
فنَتْرُكُهمْ تَنُوبُهمُ السِّراحُ
شَفْعاً أَي ضِعف مَا قَتَلُوا وقِيسَ عَلَى ضِبْعانٍ وضِباعٍ؛
(1). قوله [وأَنشد ورب كل إلخ] حق هذا البيت أَن ينشد عند قوله فيما مر ورجل منسرح متجرد كما استشهد به في الأَساس على ذلك وهو واضح.
(2)
. قوله [والجمع سراح] كثمان فيعرب منقوصاً كأنهم حذفوا آخره.
قَالَ الأَزهري: وَلَا أَعرف لَهُمَا نَظِيرًا. والسِّرْحانُ: فِعْلانٌ مَنْ سَرَحَ يَسْرَحُ؛ وَفِي حَدِيثِ الْفَجْرِ الأَول:
كأَنه ذَنَبُ السِّرْحانِ
؛ هُوَ الذِّئْبُ، وَقِيلَ: الأَسد. وَفِي الْمَثَلِ: سَقَط العَشاءُ»
بِهِ عَلَى سِرْحانٍ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: النُّونُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ فِعْلانٌ وَالْجَمْعُ سَراحينُ؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: الأُنثى سِرْحانة. والسِّرْحالُ: السِّرْحانُ، عَلَى الْبَدَلِ عِنْدَ يَعْقُوبَ؛ وأَنشد:
تَرَى رَذايا الكُومِ فوقَ الخالِ
…
عِيداً لكلِّ شَيْهمٍ طِمْلالِ،
والأَعْوَرِ العينِ مَعَ السِّرحالِ
وَفَرَسٌ سِرْياحٌ: سَرِيعٌ: قَالَ ابْنُ مُقْبل يَصِفُ الْخَيْلَ:
مِنْ كلِّ أَهْوَجَ سِرْياحٍ ومُقْرَبةٍ،
…
نَفَّاتُ يَوْمَ لكال الورْدِ فِي الغُمَرِ «2»
قَالُوا: وإِنما خَصَّ الغُمَرَ وسَقْيَها فِيهِ لأَنه وَصَفَهَا بالعِتْق وسُبُوطة الخَدِّ وَلَطَافَةِ الأَفواه، كَمَا قَالَ:
وتَشْرَبُ فِي القَعْب الصَّغِيرِ، وإِن فُقِدْ،
…
لمِشْفَرِها يَوْمًا إِلى الْمَاءِ تَنْقَدْ «3»
والسِّرْياحُ مِنَ الرِّجَالِ: الطويلُ. والسِّرياح: الجرادُ. وأُم سِرْياحٍ: امرأَةٌ، مُشْتَقٌّ مِنْهُ؛ قَالَ بَعْضُ أُمراء مَكَّةَ، وَقِيلَ هُوَ لدرَّاج بْنِ زُرْعة:
إِذا أُمُّ سِرياحٍ غَدَتْ فِي ظَعائِنٍ
…
جَوَالِسَ نَجْداً، فاضتِ العينُ تَدْمَعُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَذَكَرَ أَبو عُمَرَ الزَّاهِدُ أَن أُم سِرْياح فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ كُنْيَةُ الْجَرَادَةِ. والسِّرياحُ: اسْمُ الْجَرَادِ. والجالسُ: الْآتِي نَجْداً.
سرتح: أَرض سِرتاحٌ: كَرِيمَةٌ.
سرجح: هُمْ عَلَى سُرْجُوحةٍ وَاحِدَةٍ إِذا اسْتَوَتْ أَخلاقهم.
سردح: السِّرْداحُ والسِّرْداحةُ: النَّاقَةُ الطَّوِيلَةُ، وَقِيلَ: الْكَثِيرَةُ اللَّحْمِ؛ قَالَ:
إِن تَرْكَبِ النَّاجِيَةَ السِّرْداحا
وَجَمْعُهَا السَّرادِحُ. والسِّرداحُ أَيضاً: جَمَاعَةُ الطَّلح، وَاحِدَتُهُ سِرْداحةٌ. والسِّرْداحُ: مكانٌ لَيِّنٌ يُنْبِتُ النَّجْمَةَ والنَّصِيَّ والعِجْلَة، وَهِيَ السَّرادِحُ؛ وأَنشد الأَزهري:
عَلَيْكَ سِرداحاً مِنَ السَّرادِحِ،
…
ذَا عِجْلَة، وَذَا نَصِيٍّ واضِحِ
أَبو خَيْرَةَ: هِيَ أَماكن مُسْتَوِيَةٌ تُنْبِتُ العِضاهَ، وَهِيَ لَينة. وَفِي حَدِيثِ
جُهَيْشٍ: ودَيْمُومَةٍ سَرْدَحٍ
؛ قَالَ: السَّرْدَحُ الأَرض اللَّيِّنَةُ الْمُسْتَوِيَةُ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الصَّرْدَحُ، بِالصَّادِّ، هُوَ الْمَكَانُ الْمُسْتَوِي، فأَما بِالسِّينِ، فَهُوَ السِّرْداحُ وَهِيَ الأَرض اللَّيِّنَةُ. وأَرض سِرْداحٌ: بَعِيدَةٌ. والسِّرْداحُ: الضخْمُ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ وَفِي التَّهْذِيبِ؛ وأَنشد الأَصمعي:
وكأَني فِي فَحْمةِ ابنِ جَمِيرٍ،
…
فِي نِقابِ الأُسامةِ السِّرْداحِ
الأُسامة: الأَسد. ونقابه: جلده. والسِّرْداح، مِنْ نَعْتِهِ: وَهُوَ الْقَوِيُّ الشديد التامُّ.
سطح: سَطَحَ الرجلَ وَغَيْرَهُ يَسطَحه، فَهُوَ مسْطوحٌ وسَطِيح: أَضْجَعَه وَصَرَعَهُ فَبَسَطَهُ عَلَى الأَرض. وَرَجُلٌ مَسْطُوحٌ وسَطِيحٌ: قَتيلٌ منبَسِطٌ؛ قَالَ اللَّيْثُ: السَّطِيحُ المَسْطُوحُ هُوَ الْقَتِيلُ: وأَنشد:
حَتَّى يَراه وَجْهها سَطِيحا
والسَّطِيح: الْمُنْبَسِطُ، وَقِيلَ: الْمُنْبَسِطُ الْبَطِيءُ الْقِيَامُ مِنَ الضَّعْفِ. والسَّطِيح: الَّذِي يُولَدُ ضَعِيفًا لَا يقدر
(1). قوله [وَفِي الْمَثَلِ سَقَطَ الْعَشَاءُ إلخ] قَالَ أَبو عُبَيْدٍ أَصْلُهُ أن رجلًا خرج يلتمس العشاء فوقع على ذئب فأكله انتهى. من الميداني.
(2)
. يحرر هذا الشطر والبيت الذي بعده فلم نقف عليهما.
(3)
. هكذا في الأَصل ولعله: وإن تُقد بمشفرها تَنقد.
عَلَى الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ، فَهُوَ أَبداً مُنْبَسِطٌ. والسَّطِيح: الْمُسْتَلْقِي عَلَى قَفَاهُ مِنَ الزِّمَانَةِ. وسَطِيحٌ: هَذَا الْكَاهِنُ الذِّئْبيُّ، مِنْ بَنِي ذِئْب، كَانَ يَتَكَهَّنُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه كَانَ إِذا غَضِبَ قَعَدَ مُنْبَسِطًا فِيمَا زَعَمُوا؛ وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْنَ مَفَاصِلِهِ قَصَبٌ تَعْمِدُه، فَكَانَ أَبداً مُنْبَسِطًا مُنْسَطِحاً عَلَى الأَرض لَا يَقْدِرُ عَلَى قِيَامٍ وَلَا قُعُودٍ، وَيُقَالُ: كَانَ لَا عَظْمَ فِيهِ سِوَى رأْسه.
رَوَى الأَزهري بإِسناده عَنِ مَخْزُوم بْنِ هانئٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ أَبيه: وأَتت لَهُ خَمْسُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ؛ قَالَ: لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةَ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، ارْتَجَسَ إِيوانُ كِسْرى وَسَقَطَتْ مِنْهُ أَربع عَشْرَةَ شُرْفةً، وخَمِدَتْ نَارُ فارِسَ وَلَمْ تَخْمَدْ قَبْلَ ذَلِكَ مِائَةَ عَامٍ، وَغَاضَتْ بُحَيْرَة ساوَةَ؛ ورأَى المُوبِذانُ إِبلًا صِعاباً تَقُودُ خَيْلًا عِراباً قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَة وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِهَا، فَلَمَّا أَصبح كِسْرَى أَفزعه مَا رأَى فَلَبِسَ تَاجَهُ وأَخبر مرازِبَتَه بِمَا رأَى، فَوَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابٌ بِخُمُودِ النَّارِ؛ فَقَالَ المُوبِذانُ: وأَنا رأَيت فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وقَصَّ عَلَيْهِ رُؤْيَاهُ فِي الإِبل، فَقَالَ لَهُ: وأَيُّ شَيْءٍ يَكُونُ هَذَا؟ قَالَ: حَادَثَ مِنْ نَاحِيَةِ الْعَرَبِ. فَبَعَثَ كِسْرَى إِلى النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ: أَنِ ابْعَثْ إِليَّ بِرَجُلٍ عَالِمٍ لِيُخْبِرَنِي عَمَّا أَسأَله؛ فَوَجَّه إِليه بِعَبْدِ المَسيح بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيلَة الغسَّانيّ، فأَخبره بِمَا رأَى؛ فَقَالَ: عَلِمَ هَذَا عِنْدَ خَالِيَ سَطِيح، قَالَ: فأْتِه وسَلْه وأْتنِي بِجَوَابِهِ؛ فَقَدِمَ عَلَى سَطِيح وَقَدْ أَشْفى عَلَى الْمَوْتِ، فأَنشأَ يَقُولُ:
أَصَمّ أَم يَسْمَعُ غِطرِيفُ اليَمنْ؟
…
أَم فادَ فازْلَمَّ بِهِ شَأْوُ العَنَنْ؟
يَا فاصِلَ الخُطَّةِ أَعْيَتْ مَنْ ومَنْ
…
«1» ، أَتاكَ شَيْخُ الحَيِّ مِنْ آلِ سَنَنْ
رسولُ قَيْلِ العُجْمِ يَسْري للوَسَنْ،
…
وأُمُّه مِنْ آلِ ذِئْبِ بنِ حَجَنْ
أَبْيضُ فَضْفاضُ الرِّداءِ والبَدَنْ،
…
تَجُوبُ بِي الأَرْضَ عَلَنْداةٌ شَزَنْ،
تَرْفَعُنِي وَجْناً وتَهْوِي بِي وَجَنْ
…
«2» ، حَتَّى أَتى عارِي الْجَآجِي والقَطَنْ،
لَا يَرْهَبُ الرَّعْدَ وَلَا رَيْبَ الزَّمَنْ،
…
تَلُفُّهُ فِي الرِّيحِ بَوْغاءُ الدِّمَنْ
«3» ، كأَنما حُثْحِثَ مِنْ حِضْنَيْ ثَكَنْ «4»
قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ سَطِيحٌ شِعْرَهُ رَفَعَ رأْسه، فَقَالَ: عبدُ الْمَسِيحِ، عَلَى جَمَل مُسيح، إِلى سَطيح، وَقَدْ أَوْفى عَلَى الضَّريح، بَعَثَكَ مَلِكُ بَنِي سَاسَانَ، لِارْتِجَاسِ الإِيوان، وخُمُود النِّيرَانِ، ورُؤيا المُوبِذان، رَأَى إِبلًا صِعاباً، تَقُود خَيْلًا عِراباً، يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ إِذا كَثُرَتِ التِّلاوَة، وبُعِثَ صَاحِبُ الهِراوة، وغاضَتْ بُحَيْرَة سَاوَةْ، فَلَيْسَ الشَّامَ لِسَطِيحٍ شَامًا «5» ، يَمْلِكُ مِنْهُمْ مُلوكٌ ومَلِكات، عَلَى عددِ الشُّرُفاتِ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ، ثُمَّ قُبِضَ سطيحٌ مَكَانَهُ، وَنَهَضَ عَبْدُ الْمَسِيحِ إِلى رَاحِلَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ:
(1). قوله [يا فاصل إلخ] في بعض الكتب، بين هذين الشطرين، شطر، وهو:[وكاشف الكربة في الوجه الغضن].
(2)
. قوله [ترفعني وجناً إلخ] الوجن، بفتح فسكون، وبفتحتين: الأَرض الغليظة الصلبة كالوجين، كأمير. ويروى وجناً، بضم الواو وسكون الجيم، جمع وجين انتهى. نهاية.
(3)
. قوله [بَوْغَاءُ الدِّمَنْ] الْبَوْغَاءُ: التُّرَابُ الناعم. والدمن، جمع دمنة، بكسر الدال: ما تدمّن أي تجمع وتلبد، وَهَذَا اللَّفْظُ كَأَنَّهُ مِنَ المقلوب تقديره تَلُفُّهُ الرِّيحُ فِي بَوْغَاءِ الدمن، وَتَشْهَدُ لَهُ الرِّوَايَةُ الأَخرى:[تَلُفُّهُ الرِّيحُ بِبَوْغَاءِ الدِّمَنِ] انتهى. من نهاية ابن الأَثير.
(4)
. قوله [كأَنما حثحث] أي حثّ وأسرع من حضني، تثنية حضن، بكسر الحاء: الجانب. وثكن، بمثلثة محركاً: جبل انتهى.
(5)
. قوله [فَلَيْسَ الشَّامَ لِسَطِيحٍ شَامًا] هكذا في الأَصل وفي عبارة غيره فليست بابل للفرس مقاماً ولا الشام إلخ انتهى.
شَمِّرْ فإِنك، مَا عُمِّرْتَ، شِمِّيرُ
…
لَا يُفْزِعَنَّك تَفْريقٌ وتَغْييرُ
إِن يُمْسِ مُلْكُ بَنِي ساسانَ أَفْرَطَهُمْ،
…
فإِنَّ ذَا الدَّهْرَ أَطْوارٌ دَهارِيرُ
فَرُبَّما رُبَّما أَضْحَوا بمنزلةٍ،
…
تَخافُ صَولَهُمُ أُسْدٌ مَهَاصِيرُ
مِنْهُمْ أَخُو الصَّرْحِ بَهْرام، وإِخْوَتُهُمْ،
…
وهُرْمُزانٌ، وسابورٌ، وسَابُورُ
والناسُ أَوْلادُ عَلَّاتٍ، فَمَنْ عَلِمُوا
…
أَن قَدْ أَقَلَّ، فمَهْجُورٌ ومَحْقُورُ
وَهُمْ بَنُو الأُمِّ لمَّا أَنْ رَأَوْا نَشَباً،
…
فذاكَ بالغَيْبِ محفوظٌ ومنصورُ
والخيرُ والشَّرُّ مَقْرُونانِ فِي قَرَنٍ،
…
فالخَيرُ مُتَّبَعٌ والشَّرُّ مَحْذورُ
فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى كِسْرَى أَخبره بِقَوْلِ سَطِيحٍ؛ فَقَالَ كِسْرَى: إِلى أَن يَمْلِكَ مِنَّا أَربعة عَشَرَ مَلِكًا تَكُونُ أُمور، فَمَلَكَ مِنْهُمْ عَشْرَةٌ فِي أَربع سِنِينَ، وَمَلَكَ الْبَاقُونَ إِلى زَمَنِ عُثْمَانَ، رضي الله عنه
؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ ذِكْرُ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ نُبُوَّةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم، قَبْلَ مَبْعَثِهِ، قَالَ: وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وانْسَطَحَ الرجلُ: امتدَّ عَلَى قَفَاهُ وَلَمْ يَتَحَرَّكِ. والسَّطْحُ: سَطْحُك الشيءَ عَلَى وَجْهِ الأَرض كَمَا تَقُولُ فِي الْحَرْبِ: سَطَحُوهم أَي أَضْجَعُوهم عَلَى الأَرض. وتَسَطَّحَ الشيءُ وانْسَطَحَ: انْبَسَطَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ للمرأَة الَّتِي مَعَهَا الصِّبْيَانُ: أَطْعِمِيهم وأَنا أَسْطَحُ لَكِ
أَي أَبْسُطه حَتَّى يَبْرُدَ. والسَّطْحُ: ظَهْرُ الْبَيْتِ إِذا كَانَ مُسْتَوِيًا لِانْبِسَاطِهِ؛ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَعلاه، وَالْجَمْعُ سُطوح، وفعلُك التَّسطيحُ. وسَطَحَ البيتَ يَسْطَحُه سَطْحاً وسَطَّحه سوَّى سَطْحه. ورأَيت الأَرضَ مَساطِحَ لَا مَرْعَى بِهَا: شُبِّهَتْ بِالْبُيُوتِ الْمَسْطُوحَةِ. والسُّطَّاحُ مِنَ النَّبْتِ: مَا افْتَرَشَ فَانْبَسَطَ وَلَمْ يَسْمُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وسَطَحَ اللهُ الأَرضَ سَطْحاً: بَسَطَهَا. وتَسطِيحُ الْقَبْرِ: خِلَافُ تَسْنِيمِه. وأَنفٌ مُسَطَّحٌ: منبسِط جِدًّا. والسُّطَّاحُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: نَبتَةٌ سُهْلِيَّة تَنسَطِح عَلَى الأَرض، وَاحِدَتُهُ سُطَّاحة. وَقِيلَ: السُّطَّاحة شَجَرَةٌ تَنْبُتُ فِي الدِّيَارِ فِي أَعطان الْمِيَاهِ مُتَسَطِّحَة، وَهِيَ قَلِيلَةٌ، وَلَيْسَتْ فِيهَا مَنْفَعَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: والسُّطَّاحة بَقْلَةٌ تَرْعَاهَا الْمَاشِيَةُ ويُغْسَلُ بوَرَقِها الرؤوس. وسَطَحَ النَّاقَةَ: أَناخها. والسَّطيحة والسَّطيح: المَزادة الَّتِي مِنْ أَدِيمَيْن قُوبل أَحدُهما بِالْآخَرِ، وَتَكُونُ صَغِيرَةً وَتَكُونُ كَبِيرَةً، وَهِيَ مِنْ أَواني الْمِيَاهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ فِي بَعْضِ أَسفاره فَفَقَدوا الماءَ، فأَرْسَل عَلِيًّا وَفُلَانًا يَبْغِيان الْمَاءَ فإِذا هما بامرأَة بين سَطِيحَتَيْن
؛ قَالَ: السَّطِيحة المَزادة تَكُونُ مِنْ جِلْدَيْنِ أَو المَزادة أَكبر مِنْهَا. والمِسْطَحُ: الصَّفاة يحاط عليها بالحجارة فيجتمع فِيهَا الْمَاءُ؛ قَالَ الأَزهري: والمِسْطَحُ أَيضاً صَفِيحة عَرِيضَةٌ مِنَ الصَّخْر يُحَوَّط عَلَيْهَا لِمَاءِ السَّمَاءِ؛ قَالَ: وَرُبَّمَا خَلَقَ اللَّهُ عِنْدَ فَمِ الرَّكِيَّة صَفاةً مَلْساء مُسْتَوِيَةً فَيُحَوَّطُ عَلَيْهَا بِالْحِجَارَةِ وتُسْقَى فِيهَا الإِبلُ شِبْهَ الحَوْض؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الطِّرِمَّاح:
فِي جنبي مريٍّ ومِسْطَحِ «1»
(1). قوله [فِي جَنْبَيْ مَرِيٍّ وَمِسْطَحِ] كذا بالأَصل.
والمِسْطَحُ: كُوز ذُو جَنْبٍ وَاحِدٍ، يُتَّخَذُ لِلسَّفَرِ. والمِسْطَحُ والمِسْطَحَةُ: شِبْهُ مِطْهَرة لَيْسَتْ بمربعة، والمِسْطَحُ [المَسْطَحُ]، تُفْتَحُ مِيمُهُ وَتُكْسَرُ: مَكَانٌ مستوٍ يُبْسَطُ عَلَيْهِ التَّمْرُ وَيُجَفَّفُ ويُسَمَّى الجَرِينَ، يَمَانِيَةٌ. والمِسْطَحُ: حَصِيرٌ يُسَفُّ مِنْ خُوصِ الدَّوْم؛ وَمِنْهُ قَوْلُ تَمِيمِ بْنِ مُقْبِلٍ:
إِذا الأَمْعَزُ المَحْزُوُّ آضَ كأَنه،
…
مِنَ الحَرِّ فِي حَدِّ الظَّهِيرَةِ، مِسْطَحُ
الأَزهري: قَالَ الْفَرَّاءُ هُوَ المِسْطَحُ «1» والمِحْوَرُ والشُّوبَقُ. والمِسْطَحُ: عمودٌ مِنْ أَعمِدَة الخِباءِ والفُسْطاط؛ وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: أَنَّ حَمَلَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: كُنْتُ بَيْنَ جَارَتَيْنِ لِي فضربتْ إِحداهما الأُخرى بمسْطَح، فأَلقت جَنِينًا مَيِّتًا وَمَاتَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، بِدِيَةِ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ؛ وَجَعَلَ فِي الْجَنِينِ غُرَّة
؛ وَقَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ النَّضْرِيُّ، وَفِي حَوَاشِي ابْنِ بَرِّيٍّ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّضْرِيِّ:
تَعرَّضَ ضَيطارُو خُزاعَةَ دونَنا،
…
وَمَا خَيرُ ضَيطارٍ يُقَلِّبُ مِسْطَحا
يَقُولُ: لَيْسَ لَهُ سِلَاحٌ يُقَاتِلُ بِهِ غَيْرَ مِسْطَح. والضَّيْطارُ: الضَّخْمُ الَّذِي لَا غَناءَ عِنْدَهِ. والمِسْطَحُ: الْخَشَبَةُ المُعَرَّضة عَلَى دِعامَتَيِ الكَرْم بالأُطُرِ؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْل: إِذا عُرِّشَ الكَرْمُ، عُمِدَ إِلى دَعَائِمَ يَحْفِرُ لَهَا فِي الأَرض، لِكُلِّ دِعامةٍ شُعْبَتان، ثُمَّ تؤْخذ شُعْبَةٌ فتُعَرَّضُ عَلَى الدِّعامَتين، وتسمَّى هَذِهِ الْخَشَبَةُ الْمُعَرَّضَةُ المِسْطَح، وَيُجْعَلُ عَلَى المَساطِح أُطُرٌ مِنْ أَدناها إِلى أَقصاها؛ تُسَمَّى المَساطِحُ بالأُطُر مَساطِحَ.
سفح: السَّفْحُ: عُرْضُ الْجَبَلِ حَيْثُ يَسْفَحُ فِيهِ الماءُ، وَهُوَ عُرْضُه المضطجِعُ؛ وَقِيلَ: السَّفْح أَصل الْجَبَلِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْحَضِيضُ الأَسفل، وَالْجَمْعُ سُفوح؛ والسُّفوحُ أَيضاً: الصُّخُورُ اللَّيِّنَةُ الْمُتَزَلِّقَةُ. وسَفَح الدمعَ يَسْفَحُه سَفْحاً وسُفوحاً فَسَفَح: أَرسله؛ وسَفَح الدمعُ نفسُه سَفَحاناً؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
مُفَجَّعة، لَا دَفْعَ للضَّيْم عِنْدَهَا،
…
سِوَى سَفَحانِ الدَّمع مِنْ كلِّ مَسفَح
ودُموعٌ سَوافِحُ، وَدَمْعٌ سَفُوحٌ سافِحٌ ومَسْفُوح. والسَّفْحُ لِلدَّمِ: كالصَّبّ. وَرَجُلٌ سَفَّاح لِلدِّمَاءِ: سَفَّاك. وسَفَحْتُ دَمَهُ: سَفَكته. وَيُقَالُ: بَيْنَهُمْ سِفاحٌ أَي سَفْك لِلدِّمَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هِلَالٍ: فَقُتِلَ عَلَى رأْس الْمَاءِ حَتَّى سَفَحَ الدمُ الماءَ
؛ جَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ:
أَنه غَطَّى الماءَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا لَا يُلَائِمُ اللُّغَةَ لأَن السَّفْحَ الصَّبُّ، فَيُحْتَمَلُ أَنه أَراد أَن الدَّمَ غَلَبَ الْمَاءَ فَاسْتَهْلَكَهُ، كالإِناء الْمُمْتَلِئِ إِذا صُبَّ فِيهِ شَيْءٌ أَثقل مِمَّا فِيهِ فإِنه يَخْرُجُ مِمَّا فِيهِ بِقَدْرِ مَا صُبَّ فِيهِ، فكأَنه مِنْ كَثْرَةِ الدَّمِ انْصَبَّ الْمَاءُ الَّذِي كَانَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَخَلْفَهُ الدَّمُ. وسَفَحْتُ الماءَ: هَرَقْتُه. والتَّسافُحُ والسِّفاح والمُسافحة: الزِّنَا وَالْفُجُورُ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ*
؛ وأَصل ذَلِكَ مِنَ الصبِّ، تَقُولُ: سافَحْته مُسافَحة وسِفاحاً، وَهُوَ أَن تُقِيمَ امرأَةٌ مَعَ رَجُلٍ عَلَى فُجُورٍ مِنْ غَيْرِ تَزْوِيجٍ صَحِيحٍ؛ وَيُقَالُ لِابْنِ البَغيِّ: ابنُ المُسافِحةِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَوّلُه سِفاحٌ وآخرُه نِكاح
، وَهِيَ المرأَة تُسافِحُ رَجُلًا مُدَّةً، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا اجْتِمَاعٌ عَلَى فُجُورٍ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَرِهَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ، وأَجازه أَكثرهم. والمُسافِحة: الْفَاجِرَةُ؛ وَقَالَ تَعَالَى: مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ
؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق: المُسافِحة التي لا تمتنع
(1). قوله [هو المسطح إلخ] كذا بالأَصل، وفي القاموس: المسطح المحور، يبسط به الخبز. وقال في مادة شبق: الشوبق، بالضم، خشبة الخباز، معرب.
عَنِ الزِّنَا؛ قَالَ: وَسُمِّيَ الزِّنَا سِفاحاً لأَنه كَانَ عن غير عقد، كأَنه بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ المَسْفوح الَّذِي لَا يَحْبِسُهُ شَيْءٌ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمِّيَ الزِّنَا سَفَّاحًا لأَنه لَيْسَ ثَمّ حُرْمَةَ نِكَاحٍ وَلَا عَقْدَ تَزْوِيجٍ. وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَفَحَ مَنْيَتَه أَي دَفَقَها بِلَا حُرْمَةٍ أَباحت دَفْقَها؛ وَيُقَالُ: هُوَ مأْخوذ مِنْ سَفَحْت الْمَاءَ أَي صَبَبْتُهُ؛ وَكَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ إِذا خَطَبَ الرَّجُلُ المرأَة، قَالَ: أَنكحيني، فإِذا أَراد الزِّنَا، قَالَ: سَافِحِينِي. وَرَجُلٌ سَفَّاحٌ، مِعْطاء، مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ أَيضاً الْفَصِيحُ. وَرَجُلٌ سَفَّاح أَي قَادِرٌ على الكلام. والسَّفَّاح: لَقَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ أَوّل خَلِيفَةٍ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ. وإِنه لمَسْفُوح العُنُق أَي طَوِيلُهُ غَلِيظُهُ. والسَّفِيحُ: الْكِسَاءُ الْغَلِيظُ. والسَّفِيحان: جُوالِقانِ كالخُرْج يُجْعَلَانِ عَلَى الْبَعِيرِ؛ قَالَ:
يَنْجُو، إِذا مَا اضْطَرَبَ السَّفِيحان،
…
نَجاءَ هِقْلٍ جافِلٍ بفَيْحان
والسَّفِيحُ: قِدْحٌ مِنْ قِدَاحِ المَيسِر، مِمَّا لَا نَصِيبَ لَهُ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
وجامِلٍ خَوَّعَ مِنْ نِيبهِ
…
زَجْرُ المُعَلَّى، أُصُلًا، والسَّفيحْ
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السَّفِيحُ الرابعُ مِنَ القِداح الغُفْلِ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا فُرُوضٌ وَلَا أَنصباء وَلَا عَلَيْهَا غُرْم، وإِنما يُثَقَّلُ بِهَا الْقِدَاحِ اتِّقَاءَ التُّهْمَةِ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يَدْخُلُ فِي قِدَاحِ الْمَيْسِرِ قِدَاحٌ يُتَكَثَّرُ بِهَا كَرَاهَةَ التُّهْمَةِ، أَولها المُصَدَّر ثُمَّ المُضَعَّفُ ثُمَّ المَنِيح ثُمَّ السَّفِيح، لَيْسَ لَهَا غُنْم وَلَا عَلَيْهَا غُرْم؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ لِكُلِّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَا يُجْدي عَلَيْهِ: مُسَفِّحٌ، وَقَدْ سَفَّح تَسْفيحاً؛ شَبَّهَ بالقِدْح السَّفِيح؛ وأَنشد:
ولَطالَما أَرَّبْتُ غيرَ مُسَفِّحٍ،
…
وكَشَفْتُ عَنْ قَمَعِ الذُّرى بحُسامِ
قَوْلُهُ: أَرَّبْتُ أَي أَحكمت، وأَصله مِنَ الأُرْبة وَهِيَ العُقدة وَهِيَ أَيضاً خَيْرُ نَصِيبٍ فِي الْمَيْسِرِ؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَلَا تُرَدُّ عَلَيْهِمْ أُرْبَةُ اليَسَرِ
وَنَاقَةٌ مسفوحةُ الإِبطِ أَي وَاسِعَةُ الإِبط؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بمَسْفُوحةِ الْآبَاطِ عُرْيانةِ القَرى،
…
نِبالٌ تَواليها، رِحابٌ جُنُوبُها
وَجَمَلٌ مَسْفُوح الضُّلُوعِ: لَيْسَ بكَّزِّها؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
تَرْتَعِي السَّفْحَ فالكَثِيبَ، فذا قارٍ،
…
فَرَوْضَ القَطا، فذاتَ الرِّئالِ
هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ.
سقح: السَّقَحَة: الصَّلَعُ، يَمَانِيَةٌ. رَجُلٌ أَسْقَحُ، وَسَيُذْكَرُ فِي الصاد.
سلح: السِّلاحُ: اسْمٌ جَامِعٌ لِآلَةِ الْحَرْبِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ مَا كَانَ مِنَ الْحَدِيدِ، يُؤَنَّثُ ويذكَّر، وَالتَّذْكِيرُ أَعلى لأَنه يُجْمَعُ عَلَى أَسلحة، وَهُوَ جَمْعُ الْمُذَكَّرِ مِثْلُ حِمَارٍ وأَحمرة وَرِدَاءٍ وأَردية، وَيَجُوزُ تأْنيثه، وَرُبَّمَا خُصَّ بِهِ السَّيْفُ؛ قَالَ الأَزهري: وَالسَّيْفُ وَحْدَهُ يُسَمَّى سِلَاحًا؛ قَالَ الأَعشى:
ثَلَاثًا وشَهْراً، ثُمَّ صَارَتْ رَذِيَّةً
…
طَلِيحَ سِفارٍ، كالسِّلاحِ المُقَرَّدِ
يَعْنِي السَّيْفَ وَحْدَهُ. وَالْعَصَا تسمَّى سِلَاحًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنُ أَحمر:
ولَسْتُ بعِرْنةٍ عَرِكٍ، سِلاحِي
…
عَصًا مثقوبةٌ، تَقِصُ الحِمارا
وَقَوْلُ الطَّرِمَّاحِ يَذْكُرُ ثَوْرًا يَهُزُّ قَرْنَهُ لِلْكِلَابِ لِيَطْعَنَهَا بِهِ:
يَهُزُّ سِلاحاً لَمْ يَرِثْها كَلالةً،
…
يَشُكُّ بِهَا مِنْهَا أُصولَ المَغابِنِ
إِنما عَنَى رَوْقَيْهِ، سمَّاهما سِلَاحًا لأَنه يَذُبُّ بِهِمَا عَنْ نَفْسِهِ، وَالْجَمْعُ أَسْلِحة وسُلُحُ وسُلْحانٌ. وتَسَلَّح الرجلُ: لَبِسَ السِّلاح. وَفِي حَدِيثِ
عُقْبة بْنِ مَالِكٍ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، سَرِيَّة، فَسَلّحْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ سَيْفًا
أَي جَعَلْتُهُ سِلاحَه؛ وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: لَمَّا أُتي بِسَيْفِ النُّعمان بْنِ الْمُنْذِرِ دَعَا جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِم فسَلَّحه إِياه
؛ وَفِي حَدِيثِ
أُبَيٍّ قَالَ لَهُ: مَنْ سَلَّحك هذه القوسَ؟
قال طُفَيل: وَرَجُلٌ سَالِحٌ ذُو سِلَاحٍ كَقَوْلِهِمْ تامِرٌ ولابنٌ؛ ومُتَسَلِّح: لَابِسٌ السِّلَاحَ. والمَسْلَحة: قَوْمٌ ذُو سِلَاحٍ. وأَخذت الإِبلُ سِلاحَها: سَمِنَتْ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
أَيامَ لَمْ تأْخُذْ إِليّ سِلاحَها
…
إِبِلي بِجِلَّتها، وَلَا أَبْكارِها
وَلَيْسَ السِّلاح اسْمًا للسِّمَن، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتِ السَّمِينَةُ تَحْسُن فِي عَيْنِ صَاحِبِهَا فيُشْفِق أَن يَنْحَرَهَا، صَارَ السِّمَن كأَنه سِلَاحٌ لَهَا، إِذ رَفَعَ عَنْهَا النَّحْرَ. والمَسْلَحة: قَوْمٌ فِي عُدَّة بِمَوْضِعِ رَصَدٍ قَدْ وُكِّلوا بِهِ بإِزاء ثَغْر، وَاحِدُهُمْ مَسْلَحِيٌّ، وَالْجَمْعُ المَسالح؛ والمَسْلَحِيُّ أَيضاً: المُوَكَّلُ بِهِ والمُؤَمَّر. والمَسْلَحة: كالثَّغْر والمَرْقَب. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ أَدْنى مَسالِح فارسَ إِلى الْعَرَبِ العُذَيْب
؛ قَالَ بِشْرٌ:
بكُلِّ قِيادِ مُسْنِفةٍ عَنُودٍ،
…
أَضَرَّ بِهَا المَسالِحُ والغِوارُ
ابْنُ شُمَيْلٍ: مَسْلَحة الجُنْد خَطَاطِيفُ لَهُمْ بَيْنَ أَيديهم يَنْفُضُونَ لَهُمُ الطَّرِيقَ، ويَتَجَسَّسُون خَبَرَ الْعَدُوِّ وَيَعْلَمُونَ عِلْمَهُمْ، لِئَلَّا يَهْجُم عَلَيْهِمْ، وَلَا يَدَعَون وَاحِدًا مِنَ الْعَدُوِّ يَدْخُلُ بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ، وإِن جَاءَ جَيْشٌ أَنذروا الْمُسْلِمِينَ؛ وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
بَعَثَ اللَّهُ لَهُ مَسْلَحة يَحْفَظُونَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ
؛ المَسلحة: الْقَوْمُ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ الثُّغُورَ مِنَ الْعَدُوِّ، سُمُّوا مَسْلَحة لأَنهم يَكُونُونَ ذَوِي سِلَاحٍ، أَو لأَنهم يَسْكُنُونَ المَسْلَحة، وَهِيَ كَالثَّغْرِ والمَرْقَب يَكُونُ فِيهِ أَقوام يَرْقُبون العدوَّ لِئَلَّا يَطْرُقَهم عَلَى غَفْلة، فإِذا رأَوه أَعلموا أَصحابهم ليتأَهبوا لَهُ. والمَسالِحُ: مَوَاضِعُ الْمَخَافَةِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
تَذَكَّرْتُها وَهْناً، وَقَدْ حالَ دُونَهَا
…
قُرى أَذْرَبِيجانَ: المَسالِحُ والجالُ
والسَّلْحُ: اسْمٌ لِذِي البَطْنِ، وَقِيلَ: لِمَا رَقَّ مِنْهُ مِنْ كُلِّ ذِي بَطْنٍ، وَجَمْعُهُ سُلُوح وسُلْحانٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ فَاسْتَعَارَهُ للوَطْواطِ:
كأَنَّ برُفْغَيْها سُلُوحَ الوَطاوِطِ
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي صِفَةِ رَجُلٍ:
مُمْتَلِئاً مَا تَحْتَهُ سُلْحانا
والسُّلاحُ، بِالضَّمِّ: النَّجْوُ؛ وَقَدْ سَلَح يَسْلَحُ سَلْحاً، وأَسْلَحه غيرُه، وغالَبَه السُّلاحُ، وسَلَّح الحشيشُ الإِبل وَهَذِهِ الْحَشِيشَةُ تُسَلِّح الإِبل تَسْلِيحًا. وَنَاقَةٌ سَالِحٌ: سَلَحَتْ مِنَ الْبَقْلِ وَغَيْرِهِ. والإِسْلِيحُ: شَجَرَةٌ تَغْزُر عَلَيْهَا الإِبل؛ قَالَتْ أَعرابية، وَقِيلَ لَهَا: مَا شجرةُ أَبيك؟ فَقَالَتْ: شَجَرَةٌ أَبي الإِسْلِيح، رَغْوَة وَصَرِيحٌ، وسَنام إِطْريح؛ وَقِيلَ: هِيَ بَقْلَةٌ مِنْ أَحرار الْبُقُولِ تَنْبُتُ فِي الشِّتَاءِ، تَسْلَح الإِبلُ إِذا اسْتَكْثَرَتْ مِنْهَا؛ وَقِيلَ: هِيَ عُشْبة تُشْبِهُ الجِرجِيرَ تَنْبُتُ فِي حُقُوف الرَّمْلِ؛ وَقِيلَ: هُوَ نَبَاتٌ سُهْلي يَنْبُتُ ظَاهِرًا وَلَهُ وَرَقَةٌ دَقِيقَةٌ لَطِيفَةٌ وسَنِفَة مَحْشُوَّة حَبّاً كَحَبِّ الخَشْخاش، وَهُوَ مِنْ نَبَاتِ
مَطَرِ الصَّيْفِ يُسْلِح الماشيةَ، وَاحِدَتُهُ إِسْلِيحة؛ قَالَ أَبو زِيَادٍ: منابتُ الإِسْلِيح الرَّمْلُ، وَهَمْزَةُ إِسْلِيح مُلْحِقة لَهُ بِبِنَاءِ قِطْمِير بِدَلِيلِ مَا انْضَافَ إِليها مِنْ زِيَادَةِ الْيَاءِ مَعَهَا، هَذَا مَذْهَبُ أَبي عَلَى؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: سأَلته يَوْمًا عَنْ تِجْفافٍ أَتاؤُه للإِلحاق بِبَابِ قِرْطاس، فَقَالَ: نَعَمْ، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِمَا انْضَافَ إِليها مِنْ زِيَادَةِ الأَلف مَعَهَا؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَا جَاءَ عَنْهُمْ مِنَ بَابِ أُمْلود وأُظْفور ملحقاً بعُسْلوج ودُمْلُوح، وأَن يَكُونَ إِطْريح وإِسْليح مُلْحَقًا بِبَابِ شِنْظير وخِنْزير، قَالَ: ويَبْعُد هَذَا عِنْدِي لأَنه يَلْزَمُ مِنْهُ أَن يكون بابُ إِعصار وإِنسام مُلْحَقًا ببابِ حِدْبار وهِلْقام، وبابْ إِفعال لَا يَكُونُ مُلْحَقًا، أَلا تُرَى أَنه فِي الأَصل لِلْمَصْدَرِ نَحْوَ إِكرام وإِنعام؟ وَهَذَا مَصْدَرُ فِعْلٍ غَيْرُ مُلْحَقٍ فَيَجِبُ أَن يَكُونَ الْمَصْدَرُ فِي ذَلِكَ عَلَى سَمْتِ فِعْلِهِ غَيْرَ مُخَالِفٍ لَهُ، قَالَ: وكأَنّ هَذَا وَنَحْوَهُ إِنما لَا يَكُونُ مُلْحَقًا مِنْ قِبَل أَن مَا زِيدَ عَلَى الزِّيَادَةِ الأُولى فِي أَوله إِنما هُوَ حَرْفُ لِينٍ، وَحَرْفُ اللِّينِ لَا يَكُونُ للإِلحاق، إِنما جيءَ بِهِ بِمَعْنًى، وَهُوَ امْتِدَادُ الصَّوْتِ بِهِ، وَهَذَا حَدِيثٌ غَيْرُ حَدِيثِ الإِلحاق، أَلا تَرَى أَنك إِنما تُقَابِلُ بالمُلْحَق الأَصلَ، وَبَابُ الْمَدِّ إِنما هُوَ الزِّيَادَةُ أَبداً؟ فالأَمران عَلَى مَا تَرَى فِي الْبُعْدِ غَايَتَانِ. والمَسْلَح: مَنْزِلٌ عَلَى أَربع مَنَازِلَ مِنْ مَكَّةَ. والمَسالح: مَوَاضِعُ، وَهِيَ غَيْرُ المَسالح الْمُتَقَدِّمَةِ الذِّكْرِ. والسَّيْلَحُون: مَوْضِعٌ، مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ الإِعراب فِي النُّونِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُجْرِيهَا مَجْرَى مُسْلِمِينَ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ سالِحُون. اللَّيْثُ: سَيْلَحِين مَوْضِعٌ، يُقَالُ: هَذِهِ سَيْلَحُون وَهَذِهِ سيلحينُ، وَمِثْلُهُ صَرِيفُون وصَريفينُ؛ قَالَ: وأَكثر مَا يُقَالُ هَذِهِ سَيْلَحونَ ورأَيت سَيلحين، وَكَذَلِكَ هَذِهِ قِنَّسْرُونَ ورأَيت قِنَّسْرين. ومُسَلحة: مَوْضِعٌ: قَالَ:
لَهُمْ يومُ الكُلابِ، ويومُ قَيْسٍ
…
أَراقَ عَلَى مُسَلَّحةَ المَزادا «2»
وسَلِيحٌ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ. وسَلاحِ: مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ خَيْبَرَ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى تَكُونَ أَبعدَ مَسالِحهم سَلاح.
والسُّلَحُ: وَلَدُ الحَجَلِ مِثْلُ السُّلَك والسُّلَف، وَالْجَمْعُ سِلْحان؛ أَنشد أَبو عَمْرٍو لِجُؤَيَّةَ:
وتَتْبَعُه غُبْرٌ إِذا مَا عَدا عَدَوْا،
…
كسِلْحانِ حَجْلى قُمْنَ حِينَ يَقومُ
وَفِي التَّهْذِيبِ: السُّلَحَة والسُّلَكَةُ فرخُ الحَجَل وَجَمْعُهُ سِلْحان وسِلْكان. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي السِّماك الرامِحَ: ذَا السِّلاح، والآخرَ الأَعْزَلَ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: السَّلَحُ مَاءُ السَّمَاءِ فِي الغُدْران وَحَيْثُمَا كَانَ؛ يُقَالُ: مَاءُ العِدّ وَمَاءُ السَّلَح؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِمَاءِ السَّمَاءِ مَاءُ الكَرَع ولم أَسمع السلَح.
سلطح: الاسْلِنْطاحُ: الطُّول والعَرْضُ؛ يُقَالُ: قَدِ اسْلَنْطَح؛ قَالَ ابْنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:
أَنتَ ابنُ مُسْلَنْطِحِ البِطاحِ، وَلَمْ
…
تَعْطِفْ عَلَيْكَ الحُنِيُّ والوُلُجُ
قَالَ الأَزهري: الأَصل السَّلاطح، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ. وَجَارِيَةٌ سَلْطَحة: عَرِيضَةٌ، والسُّلاطِحُ: الْعَرِيضُ؛ وأَنشد:
سُلاطِحٌ يُناطِحُ الأَباطِحا
والسَّلَنْطَحُ: الفَضاء الْوَاسِعُ، وَسَيُذْكَرُ فِي الصاد.
(2). قوله [أَراق عَلَى مُسَلَّحَةَ الْمَزَادَا] في ياقوت: [أَقام على مسلحة المزارا].
واسْلَنْطَحَ: وَقَعَ عَلَى ظَهْرِهِ كاسْحَنْطَرَ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. وَرَجُلٌ مُسْلَنْطِحٌ إِذا انْبَسَطَ. واسْلَنْطَحَ الْوَادِي: اتَّسَعَ. واسْلَنْطَحَ الشيءُ: طَالَ وعَرُضَ. واسْلَنْطَحَ: وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ كاسْحَنْطَرَ. والسَّلَوْطَحُ: مَوْضِعٌ بِالْجَزِيرَةِ مَوْجُودٌ فِي شِعْرِ جَرِيرٍ مُفَسَّراً عَنِ السُّكَّريّ؛ قَالَ:
جَرَّ الخليفةُ بالجُنُودِ وأَنْتُمُ،
…
بَيْنَ السَّلَوْطَحِ والفُراتِ، فُلُولُ
سمح: السَّماحُ والسَّماحةُ: الجُودُ. سَمُحَ سَماحَةً «1» وسُمُوحة وسَماحاً: جَادَ؛ ورجلٌ سَمْحٌ وَامْرَأَةٌ سَمْحة مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ سِماح وسُمَحاء فِيهِمَا، حَكَى الأَخيرة الْفَارِسِيُّ عَنْ أَحمد بْنِ يَحْيَى. وَرَجُلٌ سَمِيحٌ ومِسْمَح ومِسْماحٌ: سَمْح؛ وَرِجَالٌ مَسامِيحُ وَنِسَاءٌ مَسامِيحُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
غَلَبَ المَسامِيحَ الوَلِيدُ سَماحةً،
…
وكَفى قُريشَ المُعضِلاتِ، وَسادَها
وَقَالَ آخَرُ:
فِي فِتْيَةٍ بُسُطِ الأَكُفِّ مَسامِحٍ،
…
عندَ الفِضالِ نَدِيمُهم لَمْ يَدْثُرِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: أَسْمِحُوا لِعَبْدِي كإِسماحه إِلى عِبَادِي
؛ الإِسماح: لُغَةٌ فِي السَّماحِ؛ يُقَالُ: سَمَحَ وأَسْمَحَ إِذا جَادَ وأَعطى عَنْ كَرَمٍ وسَخاءٍ؛ وَقِيلَ: إِنما يُقَالُ فِي السَّخاء سَمَح، وأَما أَسْمَح فإِنما يُقَالُ فِي الْمُتَابَعَةِ وَالِانْقِيَادِ؛ وَيُقَالُ: أَسْمَحَتْ نَفْسُه إِذا انْقَادَتْ، وَالصَّحِيحُ الأَول؛ وسَمَح لِي فُلَانٌ أَي أَعطاني؛ وسَمَح لِي بِذَلِكَ يَسْمَحُ سَماحة. وأَسْمَح وسامَحَ: وافَقَني عَلَى الْمَطْلُوبِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لَوْ كنتَ تُعْطِي حِينَ تُسْأَلُ، سامَحَتْ
…
لَكَ النَّفسُ، واحْلَولاكَ كلُّ خَليلِ
والمُسامَحة: المُساهَلة. وتَسامحوا: تَساهَلوا. وَفِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ:
السَّماحُ رَباحٌ
أَي المُساهلة فِي الأَشياء تُرْبِحُ صاحبَها. وسَمَحَ وتَسَمَّحَ: فَعَلَ شَيْئًا فَسَهَّل فيه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
ولكنْ إِذا مَا جَلَّ خَطْبٌ فسامَحَتْ
…
بِهِ النفسُ يَوْمًا، كَانَ للكُرْه أَذْهَبا
ابْنُ الأَعرابي: سَمَح له بحاجته وأَسْمَح أَي سَهَّل لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ شَرِبَ لَبَنًا مَحْضاً أَيَتَوَضَّأُ؟ قَالَ: اسْمَحْ يُسْمَحْ لَكَ
؛ قَالَ شَمِرٌ: قَالَ الأَصمعي مَعْنَاهُ سَهِّلْ يُسَهَّلْ لَكَ وَعَلَيْكَ؛ وأَنشد:
فَلَمَّا تنازعْنا الحديثَ وأَسْمَحتْ
قَالَ: أَسْمَحتْ أَسهلت وَانْقَادَتْ؛ أَبو عُبَيْدَةَ: اسْمَحْ يُسْمَحْ لَكَ بالقَطْع وَالْوَصْلِ جَمِيعًا. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: اسْمَحْ يُسْمَحْ بِكَ.
وَقَوْلُهُمْ:
الحَنِيفِيَّة السَّمْحة
؛ لَيْسَ فِيهَا ضِيقٌ وَلَا شِدَّةٌ. وَمَا كَانَ سَمْحاً، وَلَقَدْ سَمُحَ، بِالضَّمِّ، سَماحة وَجَادَ بِمَا لَدَيْهِ. وأَسْمَحَتِ الدَّابَّةُ بَعْدَ اسْتِصْعَابٍ: لَانَتْ وَانْقَادَتْ. وَيُقَالُ: سَمَّحَ الْبَعِيرُ بَعْدَ صُعوبته إِذا ذلَّ، وأَسْمَحتْ قَرُونَتُه لِذَلِكَ الأَمر إِذا أَطاعت وانقادت.
(1). قوله [سمح سماحة] نقل شارح القاموس عن شيخه ما نصه: المعروف في هذا الفعل أنه كمنع، وعليه اقتصر ابن القطاع وابن القوطية وجماعة. وسمح ككرم معناه: صار من أهل السماحة، كما في الصحاح وغيره، فاقتصار المجد على الضم قصور، وقد ذكرهما معاً الجوهري والفيومي وابن الأَثير وأرباب الأَفعال وأئمة الصرف وغيرهم.
وَيُقَالُ: أَسْمَحَتْ قَرِينتُه إِذا ذلَّ وَاسْتَقَامَ، وسَمَحَتِ النَّاقَةُ إِذا انْقَادَتْ فأَسرعت، وأَسْمَحَتْ قَرُونَتُه وسامحت كَذَلِكَ أَي ذَلَّتْ نَفْسُهُ وَتَابَعَتْ. وَيُقَالُ: فلانٌ سَمِيحٌ لَمِيحٌ وسَمْحٌ لَمْحٌ. والمُسامحة: المُساهَلة فِي الطِّعان والضِّراب والعَدْو؛ قَالَ:
وسامَحْتُ طَعْناً بالوَشِيجِ المُقَوَّم
وَتَقُولُ الْعَرَبُ: عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فإِن فِيهِ لَمَسْمَحاً أَي مُتَّسَعاً،. كَمَا قَالُوا: إِن فِيهِ لَمَندُوحةً؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبل:
وإِني لأَسْتَحْيِي، وَفِي الحَقِّ مَسْمَحٌ،
…
إِذا جاءَ باغِي العُرْفِ، أَن أَتَعَذَّرا
قَالَ ابْنُ الْفَرَجِ حِكَايَةً عَنْ بَعْضِ الأَعراب قَالَ: السِّباحُ والسِّماحُ بُيُوتٌ مِنْ أَدَمٍ؛ وأَنشد:
إِذا كَانَ المَسارِحُ كالسِّماحِ
وعُودٌ سَمْح بَيِّنُ السَّماحةِ والسُّموحةِ: لَا عُقْدَة فِيهِ. وَيُقَالُ: ساجةٌ سَمْحة إِذا كَانَ غِلَظُها مُسْتَويَ النِّبْتَةِ وَطَرَفَاهَا لَا يُفُوتَانِ وَسَطَه، وَلَا جميعَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ مِنْ نِبْتته، وإِن اخْتَلَفَ طَرَفَاهُ وَتَقَارَبَا، فَهُوَ سَمْحٌ أَيضاً؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ «1»: وكلُّ مَا اسْتَوَتْ نِبتته حَتَّى يَكُونَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ مِنْهُ لَيْسَ بأَدَقَّ مِنْ طَرَفَيْهِ أَو أَحدهما؛ فَهُوَ مِنَ السَّمْح. وتَسْمِيح الرُّمْحِ: تَثْقِيفُه. وَقَوْسٌ سَمْحَةٌ: ضِدُّ كَزَّةٍ؛ قَالَ صَخْرُ الغَيّ:
وسَمْحة مِنْ قِسِيِّ زارَةَ حَمْراءَ
…
هَتُوفٍ، عِدادُها غَرِدُ
ورُمْحٌ مُسَمَّح: ثُقِّفَ حَتَّى لانَ. والتَّسْميح: السُّرعة؛ قَالَ:
سَمَّحَ واجْتابَ بِلَادًا قِيَّا
وَقِيلَ: التَّسْمِيحُ السَّيْرُ السَّهْلُ. وَقِيلَ: سَمَّحَ هَرَب.
سنح: السانِحُ: مَا أَتاكَ عَنْ يَمِينِكَ مِنْ ظَبْيٍ أَو طَائِرٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ، وَالْبَارِحُ: مَا أَتاك مِنْ ذَلِكَ عَنْ يَسَارِكَ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: سأَل يونُسُ رُؤْبةَ، وأَنا شَاهِدٌ، عَنِ السَّانِحِ وَالْبَارِحِ، فَقَالَ: السَّانِحُ مَا وَلَّاكَ مَيامنه، وَالْبَارِحُ مَا وَلَّاك ميَاسره؛ وَقِيلَ: السَّانِحُ الَّذِي يَجِيءُ عَنْ يَمِينِكَ فتَلِي ميَاسِرُه مَياسِرَك؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيباني: مَا جَاءَ عَنْ يَمِينِكَ إِلى يَسَارِكَ وَهُوَ إِذا وَلَّاك جَانِبَهُ الأَيسر وَهُوَ إِنْسِيُّه، فَهُوَ سَانِحٌ، وَمَا جَاءَ عَنْ يَسَارِكَ إِلى يَمِينِكَ وَولَّاك جَانِبَهُ الأَيمنَ وَهُوَ وَحْشِيُّه، فَهُوَ بارح؛ قال: والسانحُ أَحْسَنُ حَالًا عِنْدَهُمْ فِي التَّيَمُّن مِنَ الْبَارِحِ؛ وأَنشد لأَبي ذُؤَيْبٍ:
أَرِبْتُ لإِرْبَتِه، فَانْطَلَقْتُ
…
أُرَجِّي لِحُبِّ اللِّقاءِ سَنِيحا
يُرِيدُ: لَا أَتَطَيَّرُ مِنْ سَانِحٍ وَلَا بَارِحٍ؛ وَيُقَالُ: أَراد أَتَيَمَّنُ بِهِ؛ قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَتَشَاءَمُ بِالسَّانِحِ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ قَمِيئَة:
وأَشْأَمُ طَيْرِ الزاجِرِين سَنِيحُها
وَقَالَ الأَعشى:
أَجارَهُما بِشْرٌ من الموتِ، بعدَ ما
…
جَرَى لَهُمَا طَيرُ السَّنِيحِ بأَشْأَمِ
بِشر هَذَا، هُوَ بِشْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَرْثَدٍ، وَكَانَ مَعَ المُنْذرِ بْنُ مَاءِ السَّمَاءِ يَتَصَيَّدُ، وَكَانَ فِي يَوْمِ بُؤْسِه الَّذِي يَقْتَلُ فِيهِ أَولَ مَنْ يَلْقَاهُ، وَكَانَ قَدْ أَتى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ رَجُلَانِ مِنْ بَنِي عَمِّ بِشْرٍ، فأَراد الْمُنْذِرُ قَتْلَهُمَا، فسأَله بِشْرٌ فِيهِمَا فَوَهَبَهُمَا له؛ وقال رؤبة:
(1). قوله [قال الشافعي إلخ] لعله قال أبو حنيفة، كذا بهامش الأَصل.
فَكَمْ جَرَى مِنْ سانِحٍ يَسْنَحُ
…
«1» ، وبارحاتٍ لَمْ تَحْرُ تَبْرَحُ
بِطَيْرِ تَخْبِيبٍ، وَلَا تبرح
قَالَ شَمِرٌ: وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي تَسْنَحُ. قَالَ: والسُّنْحُ اليُمْنُ والبَرَكَةُ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
أَقول، والطيرُ لَنَا سانِحٌ،
…
يَجْرِي لَنَا أَيْمَنُه بالسُّعُود
قَالَ أَبو مَالِكٍ: السَّانِحُ يُتبرك بِهِ، والبارِحُ يُتشَاءَمُ بِهِ؛ وَقَدْ تَشَاءَمَ زُهَيْرٌ بِالسَّانِحِ، فَقَالَ:
جَرَتْ سُنُحاً، فقلتُ لَهَا: أَجِيزي
…
نَوًى مَشْمولةً، فمتَى اللِّقاءُ؟
مَشْمُولَةٌ أَي شَامِلَةٌ، وَقِيلَ: مَشْمُولَةٌ أُخِذَ بِهَا ذاتَ الشِّمالِ. والسُّنُحُ: الظِّبَاءُ المَيامِين. والسُّنُح: الظِّبَاءُ المَشائيمُ؛ وَالْعَرَبُ تَخْتَلِفُ فِي العِيافَةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَيَمَّنُ بِالسَّانِحِ وَيَتَشَاءَمُ بِالْبَارِحِ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
جَرَتْ لكَ فِيهَا السانِحاتُ بأَسْعَد
وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ لِي بالسَّانِحِ بَعْدَ البارِحِ. وسَنَحَ وسانَحَ، بِمَعْنًى؛ وأَورد بَيْتَ الأَعشى:
جَرَتْ لَهُمَا طيرُ السِّناحِ بأَشْأَمِ
وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ سَوانحُ. والسَّنيحُ: كَالسَّانِحِ؛ قَالَ:
جَرَى، يومَ رُحْنا عامِدينَ لأَرْضِها،
…
سَنِيحٌ، فَقَالَ القومُ: مَرَّ سَنيحُ
وَالْجَمْعُ سُنُحٌ، قَالَ:
أَبِالسُّنُحِ الأَيامِنِ أَم بنَحْسٍ،
…
تَمُرُّ بِهِ البَوارِحُ حِينَ تَجْرِي؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْعَرَبُ تَخْتَلِفُ فِي الْعِيَافَةِ؛ يَعْنِي فِي التَّيَمُّنِ بِالسَّانِحِ، وَالتَّشَاؤُمِ بِالْبَارِحِ، فأَهل نَجْدٍ يتيمنونَ بِالسَّانِحِ، كَقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ، وَهُوَ نَجْدِيٌّ:
خَلِيلَيَّ لَا لاقَيْتُما، مَا حَيِيتُما،
…
مِنَ الطيرِ إِلَّا السَّانحاتِ وأَسْعَدا
وَقَالَ النَّابِغَةُ، وَهُوَ نَجْدِيٌّ فَتَشَاءَمَ بِالْبَارِحِ:
زَعَمَ البَوارِحُ أَنَّ رِحْلَتَنا غَداً،
…
وبذاكَ تَنْعابُ الغُرابِ الأَسْوَدِ
وَقَالَ كُثَيِّرٌ، وَهُوَ حِجَازِيٌّ مِمَّنْ يَتَشَاءَمُ بِالسَّانِحِ:
أَقول إِذا مَا الطيرُ مَرَّتْ مُخِيفَةً:
…
سَوانِحُها تَجْري، وَلَا أَسْتَثيرُها
فَهَذَا هُوَ الأَصل، ثُمَّ قَدْ يُسْتَعْمَلُ النَّجْدِيُّ لُغَةَ الْحِجَازِيِّ؛ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ قَمِيئَةَ، وَهُوَ نَجْدِيٌّ:
فبِيني عَلَى طَيرٍ سَنِيحٍ نُحوسُه،
…
وأَشْأَمُ طيرِ الزاجِرينَ سَنِيحُها
وسَنَحَ عليه يَسْنَحُ سُنُوحاً وسُنْحاً وسُنُحاً، وسَنَحَ لِي الظبيُ يَسْنَحُ سُنُوحاً إِذا مَرَّ مِنْ مَياسرك إِلى ميَامنك؛ حَكَى الأَزهري قَالَ: كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ امرأَة تَقُومُ بسُوقِ عُكاظَ فتنشدُ الأَقوالَ وتَضربُ الأَمثالَ وتُخْجِلُ الرجالَ؛ فَانْتُدِبَ لَهَا رَجُلٌ، فَقَالَتِ المرأَة مَا قَالَتْ، فأَجابها الرَّجُلُ:
أَسْكَتَاكِ جامِحٌ ورامِحُ،
…
كالظَّبْيَتَيْنِ سانِحٌ وبارِحُ «2»
فَخَجِلَتْ وهَرَبَتْ. وسَنَح لِي رأْيٌ وشِعْرٌ يَسْنَحُ: عَرَضَ لِي أَو تَيَسَّرَ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ وَاعْتِرَاضِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، قَالَتْ: أَكْرَهُ أَن أَسْنَحَه
أَي أَكره أَن أَستقبله بيديَّ في صلاته، مِن
(1). قوله [فكم جرى إلخ] كذا بالأَصل.
(2)
. قوله [أسكتاك إلخ] هكذا في الأَصل.
سَنَحَ لِي الشيءُ إِذا عَرَضَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ قَالَ لأُسامة: أَغِرْ عَلَيْهِمْ غَارَةً سَنْحاءَ
، مِن سَنَحَ لَهُ الرأْيُ إِذا اعْتَرَضَهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَعْرُوفُ سَحَّاء، وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ؛ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ سَنَحَ لَهُ سانحٌ فَسَنَحه عَمَّا أَراد أَي رَدَّه وَصَرَفَهُ. وسَنَحَ بِالرَّجُلِ وَعَلَيْهِ: أَخرجه أَو أَصابه بِشَرٍّ. وسَنَحْتُ بِكَذَا أَي عَرَّضْتُ ولَحَنْتُ؛ قَالَ سَوَّارُ بْنُ المُضَرّب:
وحاجةٍ دونَ أُخْرَى قَدْ سَنَحْتُ لَهَا،
…
جَعَلْتُهَا، لِلَّتِي أَخْفَيتُ، عُنْوانا
والسَّنِيحُ: الخَيْطُ الَّذِي يُنْظَمُ فِيهِ الدرُّ قَبْلَ أَن يُنْظَمَ فِيهِ الدُّرُّ، فإِذا نُظِمَ، فَهُوَ عِقْد، وَجَمْعُهُ سُنُح. اللِّحْيَانِيُّ: خَلِّ عَنْ سُنُحِ الطريق وسُجُح الطَّرِيقِ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ الأَزهري: وَقَالَ بَعْضُهُمْ السَّنِيحُ الدُّرُّ والحَلْيُ؛ قال أَبو دواد يَذْكُرُ نِسَاءً:
وتَغَالَيْنَ بالسَّنِيحِ ولا يَسْأَلْنَ
…
غِبَّ الصَّباحِ: مَا الأَخبارُ؟
وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ اسْتَسْنَحْته عَنْ كَذَا وتَسَنَّحْته وَاسْتَنْحَسْتُهُ عَنْ كَذَا وتَنَحَّسْته، بِمَعْنَى اسْتَفْحَصْتُهُ. ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ:
سَنَحْنَحُ اللَّيْلِ كأَني جِنِّي «1»
أَي لَا أَنام اللَّيْلَ أَبداً فأَنا مُتَيَقِّظٌ، وَيُرْوَى سَمَعْمَعُ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: كَانَ منزلُه بالسُّنُح
، بِضَمِّ السِّينِ، قِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ بِعَوَالِي الْمَدِينَةِ فِيهِ مَنَازِلُ بَنِي الحرث بْنِ الخَزْرَج، وَقَدْ سَمَّتْ سُنَيْحاً وسِنْحاناً.
سنطح: التَّهْذِيبُ: السِّنْطاحُ مِنَ النُّوقِ الرَّحِيبةُ الفَرْج؛ وَقَالَ:
يَتْبَعْنَ سَمْحاءَ مِنَ السَّرادِحِ،
…
عَيْهَلَةً حَرْفاً مِنَ السَّناطِحِ
سوح: السَّاحةُ: النَّاحِيَةُ، وَهِيَ أَيضاً فَضاء يَكُونُ بَيْنَ دُور الحَيِّ. وساحةُ الدَّارِ: باحَتُها، وَالْجَمْعُ ساحٌ وسُوحٌ وساحاتٌ، الأُولى عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مِثْلَ بَدَنةٍ وبُدْنٍ وخَشَبَةٍ وخُشْبٍ وَالتَّصْغِيرُ سُوَيْحَةٌ.
سيح: السَّيْحُ: الماءُ الظَّاهِرُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الأَرض، وَفِي التَّهْذِيبِ: الْمَاءُ الظَّاهِرُ عَلَى وَجْهِ الأَرض، وجمعُه سُيُوح. وَقَدْ ساحَ يَسيح سَيْحاً وسَيَحاناً إِذا جَرَى عَلَى وَجْهِ الأَرض. وماءٌ سَيْحٌ وغَيْلٌ إِذا جَرَى عَلَى وَجْهِ الأَرض، وَجَمْعُهُ أَسْياح؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
لِتِسْعَةِ أَسياح وَسِيحِ الْعُمُرْ «2»
وأَساحَ فلانٌ نَهْرًا إِذا أَجراه؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَكَمْ لِلْمُسْلِمِينَ أَسَحْتُ بَحْري،
…
بإِذنِ اللهِ مِنْ نَهْرٍ ونَهْرِ «3»
وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
مَا سُقِي بالسَّيْح فَفِيهِ العُشْرُ
أَي الْمَاءُ الْجَارِي. وَفِي حَدِيثِ
الْبَرَاءِ فِي صِفَةِ بئرٍ: فَلَقَدْ أُخْرِجَ أَحدُنا بِثَوْبٍ مَخَافَةَ الْغَرَقِ ثُمَّ ساحتْ
أَي جَرَى مَاؤُهَا وَفَاضَتْ. والسِّياحةُ: الذَّهَابُ فِي الأَرض للعبادة والتَّرَهُّب؛ وساح فِي الأَرض يَسِيح سِياحةً وسُيُوحاً وسَيْحاً
(1). قوله [سنحنح إلخ] هو والسمعمع مما كرر عينه ولامه معاً، وهما من سنح وسمع؛ فالسنحنح: العرّيض الذي يسنح كثيراً، وأَضافه إِلى الليل، على معنى أَنه يكثر السنوح فيه لأَعدائه، والتعرّض لهم لجلادته كذا بهامش النهاية.
(2)
. قوله [لتسعة أَسياح إلخ] هكذا في الأَصل.
(3)
. قوله [أَسحت بحري] كذا بالأَصل وشرح القاموس، والذي في الأَساس أَسحت فيهم.
وسَيَحاناً أَي ذَهَبَ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا سِياحة فِي الإِسلام
؛ أَراد بالسِّياحة مفارقةَ الأَمصار والذَّهابَ فِي الأَرض، وأَصله مِنْ سَيْح الْمَاءِ الْجَارِي؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد مفارقةَ الأَمصار وسُكْنى البَراري وتَرْكَ شُهُودِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ؛ قَالَ: وَقِيلَ أَراد الَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي الأَرض بالشرِّ وَالنَّمِيمَةِ والإِفساد بَيْنَ النَّاسِ؛ وَقَدْ سَاحَ، وَمِنْهُ المَسيحُ بن مَرْيَمَ، عليهما السلام؛ فِي بَعْضِ الأَقاويل: كَانَ يَذْهَبُ فِي الأَرض فأَينما أَدركه الليلُ صَفَّ قَدَمَيْهِ وَصَلَّى حَتَّى الصَّبَاحَ؛ فإِذا كَانَ كَذَلِكَ، فَهُوَ مَفْعُولٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. والمِسْياحُ الَّذِي يَسِيحُ فِي الأَرض بِالنَّمِيمَةِ وَالشَّرِّ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رضي الله عنه: أُولئك أُمَّةُ الهُدى لَيْسُوا بالمَساييح وَلَا بالمَذاييع البُذُرِ
؛ يَعْنِي الَّذِينَ يَسِيحون فِي الأَرض بِالنَّمِيمَةِ وَالشَّرِّ والإِفساد بَيْنَ النَّاسِ، وَالْمَذَايِيعُ الَّذِينَ يُذِيعُونَ الْفَوَاحِشَ. الأَزهري: قَالَ شَمِرٌ: الْمَسَايِيحُ لَيْسَ مِنَ السِّياحة وَلَكِنَّهُ مِنَ التَّسْييح؛ والتَّسْييح فِي الثَّوْبِ: أَن تَكُونَ فِيهِ خُطُوطٌ مُخْتَلِفَةٌ لَيْسَتْ مِنْ نَحْوٍ وَاحِدٍ. وسِياحةُ هَذِهِ الأُمة الصيامُ ولُزُومُ الْمَسَاجِدِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ
؛ وَقَالَ تَعَالَى: سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً
؛ السَّائِحُونَ وَالسَّائِحَاتُ: الصَّائِمُونَ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: السَّائِحُونَ فِي قَوْلِ أَهل التَّفْسِيرِ وَاللُّغَةِ جَمِيعًا الصَّائِمُونَ، قَالَ: وَمَذْهَبُ الْحَسَنِ أَنهم الَّذِينَ يَصُومُونَ الْفَرْضَ؛ وَقِيلَ: إِنهم الَّذِينَ يُدِيمونَ الصيامَ، وَهُوَ مِمَّا فِي الْكُتُبِ الأُوَل؛ وَقِيلَ: إِنما قِيلَ لِلصَّائِمِ سَائِحٌ لأَن الَّذِي يَسِيحُ مُتَعَبِّدًا يَسِيحُ وَلَا زَادَ مَعَهُ إِنما يَطْعَمُ إِذا وُجِدَ الزَّادُ. وَالصَّائِمُ لَا يَطْعَمُ أَيضاً فَلِشَبَهِهِ بِهِ سُمِّيَ سَائِحًا؛
وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ عَنِ السَّائِحِينَ، فَقَالَ: هُمُ الصَّائِمُونَ.
والسَّيْح: المِسْحُ المُخَطَّطُ؛ وَقِيلَ: السَّيْح مِسْح مُخَطَّطٌ يُسْتَتَرُ بِهِ ويُفْتَرَش؛ وَقِيلَ: السَّيْحُ العَباءَة المُخَطَّطة؛ وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ البُرود، وَجَمْعُهُ سُيُوحٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وإِني، وإِن تُنْكَرْ سُيُوحُ عَباءَتي،
…
شِفاءُ الدَّقَى يَا بِكْرَ أُمِّ تَميمِ
الدَّقَى: البَشَمُ وعَباءَة مُسَيَّحة؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
مِنَ الهَوْذِ كَدْراءُ السَّراةِ، ولونُها
…
خَصِيفٌ، كَلَوْنِ الحَيْقُطانِ المُسَيَّحِ
ابْنُ بَرِّيٍّ: الهَوْذُ جُمْعُ هَوْذَةٍ، وَهِيَ القَطاة. والسَّراة: الظَّهْرُ. والخَصِيفُ: الَّذِي يَجْمَعُ لَوْنَيْنِ بَيَاضًا وَسَوَادًا. وبُرْدٌ مُسَيَّح ومُسَيَّر: مُخَطَّطٌ؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: المُسَيَّحُ مِنَ العَباء الَّذِي فِيهِ جُدَدٌ: وَاحِدَةٌ بَيْضَاءُ، وأُخرى سَوْدَاءُ لَيْسَتْ بِشَدِيدَةِ السَّوَادِ؛ وَكُلُّ عباءَة سَيْحٌ ومُسَيَّحَة، وَيُقَالُ: نِعْمَ السيْحُ هَذَا وَمَا لَمْ يَكُنْ جُدَد فإِنما هُوَ كِسَاءٌ وَلَيْسَ بِعَبَاءٍ. وجَرادٌ مُسَيَّحٌ: مُخَطَّطٌ أَيضاً؛ قَالَ الأَصمعي: المُسَيَّح مِنَ الْجَرَادِ الَّذِي فِيهِ خُطُوطٌ سُودٌ وَصُفْرٌ وَبِيضٌ، وَاحِدَتُهُ مُسَيَّحة؛ قَالَ الأَصمعي: إِذا صَارَ فِي الْجَرَادِ خُطوط سُودٌ وصُفْر وَبِيضٌ، فَهُوَ المُسَيَّحُ، فإِذا بَدَا حَجْمُ جَناحه فذلك الكُتْفانُ [الكِتْفانُ] لأَنه حِينَئِذٍ يُكَتِّفُ المَشْيَ، قَالَ: فإِذا ظَهَرَتْ أَجنحته وَصَارَ أَحمر إِلى الغُبْرة، فَهُوَ الغَوْغاءُ، الْوَاحِدَةُ غَوْغاءَة، وَذَلِكَ حِينَ يموجُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ وَلَا يَتَوَجَّهُ جِهَةً وَاحِدَةً، قَالَ الأَزهري: هَذَا فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ بَحْرٍ. الأَزهري: والمُسَيَّحُ مِنَ الطَّرِيقِ المُبَيَّنُ شَرَكُه، وإِنما سَيَّحَه كثرةُ شَرَكه، شُبِّه بِالْعَبَاءِ المُسَيَّح؛ وَيُقَالُ لِلْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ: مُسَيَّحٌ لجُدَّة تَفْصِلُ بَيْنَ بَطْنِهِ وَجَنْبِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: