الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مثلَ صَيْحةِ الحُبْلى أَي شَرًّا سَيعاجِلُهم؛ قَالَ اللَّهُ عز وجل: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ
؛ فَذَكَرَ الْفِعْلَ لأَن الصَّيْحَةَ مَصْدَرٌ أُريد بِهِ الصِّياحُ، وَلَوْ قِيلَ: أَخذت الَّذِينَ ظَلَمُوا الصيحةُ بالتأْنيث، كَانَ جَائِزًا يَذْهَبُ بِهِ إِلى لَفْظِ الصَّيْحة؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
دَعْ عنكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَراتِهِ،
…
ولكنْ حَديثاً، مَا حديثُ الرَّواحِلِ؟
وَلَقِيتُهُ قَبْلَ كُلِّ صَيْح ونَفْرٍ؛ الصَّيْحُ: الصِّياحُ، وَالنَّفَرُ: التَّفَرُّقُ؛ وَكَذَلِكَ إِذا لَقِيتَهُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وغَضِبَ مِنْ غَيْرِ صَيْحٍ وَلَا نَفْر أَي من غير شَيْءٍ صِيحَ بِهِ؛ قَالَ:
كذوبٌ مَحولٌ، يجعلُ اللهَ جُنَّةً
…
لأَيْمانِه، مِنْ غَيْرِ صَيْحٍ ولا نَفْرِ
أَي مِنْ غَيْرِ قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ. وصاحَ العُنقُودُ يَصِيح إِذا اسْتَتَمَّ خروجُه مِنْ أَكِمَّته وَطَالَ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ غَضٌّ؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
كالكَرْم إِذ نادَى مِنَ الكافُورِ
إِنما أَراد صاحَ فِيمَا زَعَمَ أَبو حَنِيفَةَ فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ، فإِن كَانَ إِنما فرَّ إِلى نادَى مَنْ صاحَ لأَنه لَوْ قَالَ صاحَ مِنَ الْكَافُورِ لَكَانَ الجُزْءُ مَطْوِيّاً، فأَراد رُؤْبَةُ أَن يُسَلِّمَهُ مِنَ الطَيِّ فقال نادَى، فتم الجزء. وتَصَيَّحَ البقلُ والخَشَبُ والشَّعَرُ وَنَحْوُ ذَلِكَ: لُغَةٌ فِي تَصَوَّحَ تَشَقَّق ويَبِسَ. وصَيَّحَتْه الريحُ وَالْحَرُّ وَالشَّمْسُ: مِثْلُ صَوَّحَته؛ وأَنشد أَعرابي لِذِي الرُّمَّةِ:
وَيَوْمٌ مِنَ الجَوْزاءِ مُوتَقِدُ الحَصَى،
…
تَكادُ صَياحِي العينِ مِنْهُ تَصَيَّحُ «4»
وتَصَيَّحَ الشيءُ: تَكَسَّرَ وَتَشَقَّقَ، وصَيَّحْتُه أَنا. وانْصاحَ الثوبُ: تَشَقَّقَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ. وانْصاحَت الأَرض: تَغَطَّى بعضُها بِالنَّبَاتِ وَبَقِيَ بَعْضُهَا فَكَانَتْ كَالثَّوْبِ المُنْشَقِّ؛ قَالَ عُبَيْدٌ:
وأَمْسَتِ الأَرضُ والقِيعانُ مُثْرِيَةً،
…
مِنْ بَينِ مُرْتَتِقٍ منها ومُنْصاحِ
وقد تقجم هَذَا الْبَيْتُ فِي صَوَحَ أَيضاً. والصَّيْحانيُّ: ضَرْبٌ مِنْ تَمْرِ الْمَدِينَةِ؛ قَالَ الأَزهري: الصَّيْحانيُّ ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ أَسود صُلْبُ المَمْضَغَة، وَسُمِّيَ صَيْحانِيّاً لأَن صَيْحانَ اسْمُ كَبْشٍ كَانَ رُبِطَ إِلى نَخْلَةٍ بِالْمَدِينَةِ، فأَثمرت تَمْرًا صَيْحانِيّاً «5» فَنُسِبَ إِلى صَيْحانَ.
فصل الضاد
ضبح: ضَبَحَ العُودَ بِالنَّارِ يَضْبَحُه ضَبْحاً: أَحرق شَيْئًا مِنْ أَعاليه، وَكَذَلِكَ اللَّحْمُ وَغَيْرُهُ؛ الأَزهري: وَكَذَلِكَ حجارةُ القَدَّاحةِ إِذا طَلَعَتْ كأَنها مُتَحَرِّقةٌ مَضْبوحةٌ. وضَبَحَ القِدْحَ بِالنَّارِ: لَوَّحَه. وقِدْحٌ ضَبِيحٌ ومَضْبوحٌ: مُلَوَّح؛ قَالَ:
وأَصْفَرَ مَضْبوحٍ نَظَرْتُ حِوارَه
…
عَلَى النارِ، واسْتَوْدَعْتُه كَفَّ مُجْمِدِ
أَصفر: قِدْحٌ، وَذَلِكَ أَن القِدْحَ إِذا كَانَ فِيهِ عَوَجٌ ثُقِّفَ بِالنَّارِ حَتَّى يَسْتَوِيَ. والمَضْبوحةُ: حِجَارَةُ القَدّاحَةِ الَّتِي كأَنها مُحْتَرِقَةٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ أُتُناً وفَحْلَها:
يَدَعْنَ تُرْبَ الأَرضِ مَجْنُونَ الصِّيَقْ،
…
والمَرْوَ ذَا القَدَّاحِ مَضْبُوحَ الفِلَقْ
(4). قوله [صياحي العين] هكذا في الأَصل.
(5)
. قوله [فأثمرت تمراً صيحانياً] كذا بالأَصل ولفظ صيحانياً هنا لا حاجة إليه.
والصِّيَقُ: الغُبار. وَجُنُونُهُ: تَطَايُرُهُ. والمَضْبُوحُ: حَجَرُ الحَرَّة لِسَوَادِهِ. والضِّبْحُ: الرَّمادُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ الأَزهري: أَصله مِنْ ضَبَحته النَّارُ. وضَبَحَتْه الشمسُ وَالنَّارُ تَضْبَحُه ضَبْحاً فانْضَبَحَ: لَوَّحته وغيَّرته؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: وغَيَّرَتْ لونَه؛ قَالَ:
عُلِّقْتُها قبلَ انْضِباحِ لَوْني،
…
وجُبْتُ لَمَّاعاً بعيدَ البَوْنِ
والانْضِباحُ: تَغَيُّرُ اللَّوْنِ؛ وَقِيلَ: ضَبَحَتْهُ النارُ غَيَّرَتْهُ وَلَمْ تُبَالِغْ فِيهِ؛ قَالَ مُضَرِّسٌ الأَسديُّ:
فَلَمَّا أَن تَلَهْوَجْنا شِواءً،
…
بِهِ اللَّهَبانُ مَقْهوراً ضَبِيحا،
خَلَطْتُ لَهُمْ مُدامةَ أَذْرِعاتٍ
…
بماءِ سَحابةٍ، خَضِلًا نَضُوحا
والمُلَهْوَجُ مِنَ الشِّوَاءِ: الَّذِي لَمْ يَتِمَّ نُضْجُه. واللَّهَبانُ: اتِّقادُ النَّارِ واشْتِعالُها. وانْضَبَحَ لونُه: تَغَيَّرَ إِلَى السَّوَادِ قَلِيلًا. وضَبَحَ الأَرنبُ والأَسودُ مِنَ الْحَيَّاتِ والبُومُ والصَّدَى والثعلبُ والقوسُ يَضْبَحُ ضُباحاً: صَوَّت؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ فِي وَصْفِ قَوْسٍ:
حَنَّانةٌ مِنْ نَشَمٍ أَو تَوْلَبِ،
…
تَضْبَحُ فِي الكَفِّ ضُباح الثَّعلبِ
قَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثَ الضُّباح، بِالضَّمِّ، صَوْتُ الثَّعَالِبِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
سَباريتُ يَخْلُو سَمْعُ مُجْتازِ رَكْبِها
…
مِنَ الصوتِ، إِلا مِنْ ضُباحِ الثعالبِ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: قَاتَلَ اللهُ فُلَانًا ضَبَح ضَبْحَة الثَّعْلَبِ وقَبَعَ قَبْعةَ القُنْفُذِ
؛ قَالَ: والهامُ تَضْبَح أَيضاً ضُباحاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ العَجَّاج:
مِنْ ضابِحِ الهامِ وبُومٍ بَوَّام
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: لَا يَخْرُجَنَّ أَحدُكم إِلى ضَبْحةٍ بِلَيْلٍ
أَي صَيْحة يَسْمَعُهَا فَلَعَلَّهُ يُصِيبُهُ مَكْرُوهٌ، وَهُوَ مِنَ الضُّباحِ صَوْتُ الثَّعْلَبِ؛ وَيُرْوَى صَيْحَةً، بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَهَا؛ وَفِي شِعْرِ أَبي طَالِبٍ:
فإِني والضَّوابحِ كلَّ يومٍ
جَمْعُ ضَابِحٍ. يُرِيدُ القَسَمَ بِمَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ، وَهُوَ جَمْعٌ شَاذٌّ فِي صِفَةِ الْآدَمِيِّ كفَوارس. وضَبَحَ يَضْبَحُ ضَبْحاً وضُباحاً: نَبَحَ. والضُّباحُ: الصَّهيل. وضَبَحَت الخيلُ فِي عَدْوِها تَضْبَحُ ضَبْحاً: أَسْمَعَتْ مِنْ أَفواهها صَوْتًا لَيْسَ بِصَهِيلٍ وَلَا حَمْحَمَة؛ وَقِيلَ: تَضْبَحُ تَنْحِمُ، وَهُوَ صَوْتُ أَنفاسها إِذا عَدَوْنَ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
والخيلُ تَعْلَمُ، حين تَضْبَحُ
…
فِي حِياضِ الموتِ ضَبْحا «1»
وَقِيلَ: هُوَ سَيْرٌ، وَقِيلَ: هُوَ عَدْوٌ دُونَ التَّقْرِيبِ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالْعادِياتِ ضَبْحاً
؛ كَانَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: هِيَ الْخَيْلُ تَضْبَحُ، وَكَانَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، يَقُولُ: هِيَ الإِبل؛ يَذْهَبُ إِلى وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَقَالَ: مَا كَانَ مَعَنَا يَوْمَئِذٍ إِلَّا فَرَسٌ كَانَ عَلَيْهِ المِقْداد. والضَّبْح فِي الْخَيْلِ أَظهر عِنْدَ أَهل الْعِلْمِ؛
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: مَا ضَبَحَتْ دَابَّةٌ قَطُّ إِلا كَلْبٌ أَو فَرَسٌ
؛ وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ: مِنَ جَعَلَهَا للإِبل جَعَلَ ضَبْحاً بِمَعْنَى ضَبْعاً؛ يُقَالُ: ضَبَحَت النَّاقَةُ فِي سَيْرِهَا وضَبَعَتْ إِذا مَدَّتْ ضَبْعَيها فِي السَّيْرِ؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق: ضَبْحُ
(1). قوله [والخيل تعلم] كذا بالأَصل والصحاح. وأَنشده صاحب الكشاف؛ والخيل تكدح.
الْخَيْلِ صَوْتُ أَجوافها إِذا عَدَت؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: ضَبَحَتِ الخيلُ وضَبَعَتْ إِذا عَدَتْ، وَهُوَ السَّيْرُ؛ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْخَيْلِ: هُوَ أَن يَمُدَّ الفرسُ ضَبْعَيْه إِذا عَدَا حَتَّى كأَنه عَلَى الأَرض طُولًا؛ يُقَالُ: ضَبَحَتْ وضَبَعَتْ؛ وأَنشد:
إِنَّ الجِيادَ الضَّابِحاتِ فِي العَدَدْ
وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: تَعِسَ عبدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ الَّذِي إِن أُعْطِيَ مَدَحَ وضَبَحَ، وإِن مُنع قَبَحَ وكَلَحَ، تَعِسَ فَلَا انْتَعَشَ وشِيكَ فَلَا انْتَقَش
؛ مَعْنَى ضَبَحَ: صَاحَ وَخَاصَمَ عَنْ مُعْطيه، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ يَنْبَحُ دُونَكَ، ذَهَبَ إِلى الِاسْتِعَارَةِ؛ وَقِيلَ: الضَّبْحُ الخَضِيعة تُسْمَعُ مِنْ جَوْفِ الْفَرَسِ؛ وَقِيلَ: الضَّبْحُ شدّةُ النَّفَس عِنْدَ العَدْو؛ وَقِيلَ: هُوَ الحَمْحَمة؛ وَقِيلَ: هُوَ كالبَحَحِ؛ وَقِيلَ: الضَّبْحُ فِي السَّيْرِ كالضَّبْعِ. وضُبَيْح ومَضْبوحٌ: اسْمَانِ.
ضحح: الضِّحُّ: الشَّمْسُ، وَقِيلَ: هُوَ ضَوْؤُهَا، وَقِيلَ: هُوَ ضَوْؤُهَا إِذا اسْتَمْكَنَ مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: هُوَ قَرْنُها يُصِيبُكَ، وَقِيلَ: كلُّ مَا أَصابته الشَّمْسُ ضِحٌّ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَقْعُدَنَّ أَحدُكم بَيْنَ الضِّحِّ والظِّلِّ فإِنه مَقْعَدُ الشَّيْطَانِ
أَي نِصْفُهُ فِي الشَّمْسِ وَنِصْفُهُ فِي الظِّلِّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الحِرْباء:
غَدَا أَكْهَبَ الأَعلى وراحَ كأَنه،
…
مِنَ الضِّحِّ واستقبالهِ الشمسَ، أَخْضَرُ
أَي وَاسْتِقْبَالِهِ عينَ الشَّمْسِ. الأَزهري: قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الضِّحُّ نَقِيضُ الظِّلِّ، وَهُوَ نُورُ الشَّمْسِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ عَلَى وَجْهِ الأَرض، وَالشَّمْسُ هُوَ النُّورُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ يَطْلُعُ ويَغْرُب، وأَما ضَوْؤُهُ عَلَى الأَرض فضِحٌّ؛ قَالَ: وأَصله الضِّحْيُ فَاسْتَثْقَلُوا الْيَاءَ مَعَ سُكُونِ الْحَاءِ فَثَقَّلُوها، وَقَالُوا الضِّحُّ، قَالَ: وَمِثْلُهُ العبدُ القِنُّ أَصله قِنْيٌ، مِنَ القِنْيَةِ؛ وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: جَاءَ بالضِّحِّ والرّيحِ. وضَحْضَحَ الأَمرُ إِذا تَبَيَّنَ؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ مثلُ الضَّحْضاح يَنْتَشِر عَلَى وَجْهِ الأَرض. وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ: الضِّحُّ كَانَ فِي الأَصل الوِضْحُ، وَهُوَ نُورُ النِّهَارِ وضَوْءُ الشَّمْسِ، فَحُذِفَتِ الْوَاوُ وَزِيدَتْ حاءٌ مَعَ الْحَاءِ الأَصلية فَقِيلَ: الضِّحُّ؛ قَالَ الأَزهري: وَالصَّوَابُ أَن أَصله الضِّحْيُ مِن ضَحِيَتِ الشمسُ؛ قَالَ الأَزهري فِي كِتَابِهِ: وَكَذَلِكَ القِحَّةُ أَصلها الوِقْحَةُ فأُسقطت الْوَاوُ وبُدِّلت الْحَاءُ مَكَانَهَا فَصَارَتْ قِحَّة بحاءَين. وَجَاءَ فُلَانٌ بالضِّحِّ وَالرِّيحِ إِذا جَاءَ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ؛ يعنون إِنما جَاءَ بِمَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وجَرَت عَلَيْهِ الرِّيحُ يَعْنِي مِنَ الْكَثْرَةِ، وَمَنْ قَالَ: الضِّيح وَالرِّيحُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَدْ أَخطأَ عِنْدَ أَكثر أَهل اللُّغَةِ، وإِنما قُلْنَا عِنْدَ أَكثر أَهل اللُّغَةِ لأَن أَبا زَيْدٍ قَدْ حَكَاهُ، وإِنما الضِّيحُ عِنْدَ أَهل اللُّغَةِ لُغَةٌ فِي الضِّحِّ الَّذِي هُوَ الضَّوْءُ وَسَيُذْكَرُ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي خَيْثَمة: يَكُونُ رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فِي الضِّحِّ وَالرِّيحِ وأَنا فِي الظِّلِ
أَي يَكُونُ بَارِزًا لِحَرِّ الشَّمْسِ وَهُبُوبِ الرِّيَاحِ؛ قَالَ: والضِّحُّ ضَوْءُ الشَّمْسِ إِذا اسْتَمْكَنَ مِنَ الأَرض، وَهُوَ كالقَمْراء لِلْقَمَرِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا هُوَ أَصل الْحَدِيثِ وَمَعْنَاهُ، وَذَكَرَ الْهَرَوِيُّ فَقَالَ: أَراد كَثْرَةَ الْخَيْلِ وَالْجَيْشِ؛ ابْنُ الأَعرابي: الضِّحُّ مَا ضَحا لِلشَّمْسِ، والريحُ مَا نَالَتْهُ الريحُ. وَقَالَ الأَصمعي: الضِّحُّ الشَّمْسُ بِعَيْنِهَا؛ وأَنشد:
أَبيَض أَبْرَزَه للضِّحِّ راقِبُه،
…
مُقَلَّد قُضُبَ الرَّيْحانِ مَفْغُوم
وَفِي حَدِيثِ
عَيَّاش بْنِ أَبي رَبِيعَةَ: لَمَّا هَاجَرَ أَقْسَمَتْ
أُمُّه بِالِلَّهِ لَا يُظِلُّها ظِلٌّ وَلَا تَزَالُ فِي الضِّحِّ وَالرِّيحِ حَتَّى يَرْجِعَ إِليها
؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ مَاتَ كَعْبٌ عَنِ الضِّحِّ والريحِ لَوَرِثَه الزُّبَيْرُ
؛ أَراد: لَوْ مَاتَ عَمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَجَرَتْ عَلَيْهِ الرِّيحُ، كَنَى بِهِمَا عَنْ كَثْرَةِ الْمَالِ؛ وَكَانَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، قَدْ آخَى بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَبَيْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى عَنِ الضِّيح وَالرِّيحِ. والضِّحُّ: مَا بَرَزَ مِنَ الأَرض لِلشَّمْسِ. والضِّحُّ: البَراز الظاهرُ مِنَ الأَرض، وَلَا جَمْعَ لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. والضَّحْضَحُ والضَّحْضاحُ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَكُونُ فِي الْغَدِيرِ وَغَيْرِهِ، والضَّحْلُ مِثْلُهُ، وَكَذَلِكَ المُتَضَحْضِحُ؛ وأَنشد شِمْرٌ لِسَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّة:
واسْتَدْبَرُوا كلَّ ضَحْضاحٍ مُدَفِّئَةٍ،
…
والمُحْصَناتِ وأَوزاعاً مِنَ الصِّرَمِ «1»
وَقِيلَ: هُوَ الْمَاءُ الْيَسِيرُ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا لَا غَرَقَ فِيهِ وَلَا لَهُ غَمْرٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ الماءُ إِلى الْكَعْبَيْنِ إِلى أَنصاف السُّوقِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
يَحُشُّ رَعْداً كَهَدْرِ الفَحْلِ، يَتْبَعُه
…
أُدْمٌ، تَعَطَّفُ حَوْلَ الفَحلِ، ضَحْضاحُ
قَالَ خَالِدُ بْنُ كُلْثوم: ضَحْضاحٌ فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ كَثِيرٌ لَا يَعْرِفُهَا غَيْرُهُمْ؛ يُقَالُ: عِنْدَهُ إِبل ضَحْضاحٌ، قَالَ الأَصمعي: غَنَمٌ ضَحْضَاحٌ وإِبلٌ ضَحْضاحٌ كَثِيرَةٌ؛ وَقَالَ الأَصمعي: هِيَ الْمُنْتَشِرَةُ عَلَى وَجْهِ الأَرض؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
تُرَى بُيوتٌ، وتُرَى رِماحُ،
…
وغَنَمٌ مُزَنَّمٌ ضَحْضاحُ
قَالَ: الأَصمعي: هُوَ الْقَلِيلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وأَراد هُنَا جَمَاعَةَ إِبل قَلِيلَةٍ. وَقَدْ تَضَحْضَحَ الماءُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبل:
وأَظْهَر فِي عِلانِ رَقْدٍ، وسَيْلُه
…
عَلاجِيمُ، لَا ضَحْلٌ وَلَا مُتَضَحْضِحُ «2»
وَمَاءٌ ضَحْضاحٌ أَي قَرِيبُ الْقَعْرِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي المِنْهال: فِي النَّارِ أَوديةٌ فِي ضَحْضاح
؛ شَبَّه قِلَّةَ النَّارِ بالضَّحْضاحِ مِنَ الْمَاءِ فَاسْتَعَارَهُ فِيهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى فِي أَبي طَالِبٍ:
وَجَدْتُهُ فِي غَمَرَاتٍ مِنَ النَّارِ فأَخْرَجْتُه إِلى ضَحْضاحٍ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
إِنه فِي ضَحْضاحٍ مِنْ نَارٍ يَغْلي مِنْهُ دِماغُه.
والضَّحْضاحُ فِي الأَصل: مَا رَقَّ مِنَ الْمَاءُ عَلَى وَجْهِ الأَرض مَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ وَاسْتَعَارَهُ لِلنَّارِ. والضَّحْضَحُ والضَّحْضَحةُ والتَّضَحْضُحُ: جَرْيُ السَّراب. وضَحْضَحَ السَّراب وتَضَحْضَحَ إِذا تَرَقْرَقَ.
ضرح: الضَّرْحُ: التنحيةُ. وَقَدْ ضَرَحَه أَي نَحَّاهُ وَدَفَعَهُ، فَهُوَ مُضْطَرحٌ أَي رَمَى بِهِ فِي نَاحِيَةٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَمَّا أَن أَتَيْنَ عَلَى أُضاخٍ،
…
ضَرَحْنَ حَصاه أَشْتاتاً عِزِينا
وضَرَحَ عَنْهُ شَهَادَةَ الْقَوْمِ يَضْرَحُها ضَرْحاً: جَرَّحَها وأَلقاها عَنْهُ لِئَلَّا يَشْهَدُوا عَلَيْهِ بِبَاطِلٍ. والضَّرْحُ: أَن يُؤْخَذَ شَيْءٌ فَيُرْمَى بِهِ فِي نَاحِيَةٍ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
تَعْلُو السيوفُ بأَيديهم جَماجِمَهُمْ،
…
كَمَا يُفَلِّقُ مَرْوَ الأَمْعَزِ الضَّرَحُ
أَراد الضَّرْح، فحرك للضرورة.
(1). قوله [واستدبروا] أي استاقوا. والضحضاح: الإِبل الكثيرة. والمدفئة ذات الدفء. والأَوزاع: الضروب المتفرقة، كما فسره صاحب الأَساس. والصرم جمع صرمة: القطعة من الإِبل نحو الثلاثين. فحينئذ حق البيت أن ينشد عند قوله الآتي قريباً وإِبل ضحضاح كثيرة.
(2)
. قوله [وأَظهر في علان إلخ] أَي نزل السحاب في هذا المكان وقت الظهر.
واضْطَرَحُوا فُلَانًا: رَمَوْه فِي نَاحِيَةٍ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: اطَّرَحُوه، يَظُنُّونَهُ مِنَ الطَّرْح، وإِنما هُوَ مِنَ الضَّرْح. قَالَ الأَزهري: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ اطَّرَحُوه افْتِعَالًا مِنَ الطَّرْح، قُلِبَتِ التَّاءُ طَاءً ثُمَّ أُدغمت الضَّادُ فِيهَا فَقِيلَ اطَّرَحَ. قَالَ المُؤَرِّجُ: وَفُلَانٌ ضَرَحٌ مِنَ الرِّجَالِ أَي فَاسِدٌ. وأَضْرَحْتُ فُلَانًا أَي أَفسدته. وأَضْرَحَ فلانٌ السُّوقَ حَتَّى ضَرَحَتْ ضُرُوحاً وضَرْحاً أَي أَكْسَدَها حَتَّى كَسَدَتْ. وقوسٌ ضَرُوحٌ: شَدِيدَةُ الحَفْزِ وَالدَّفْعِ لِلسَّهْمِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والضَّرُوحُ: الْفَرَسُ النَّفُوحُ بِرِجْلِهِ، وَفِيهَا ضِراحٌ، بِالْكَسْرِ. وضَرَحَتِ الدَّابَّةُ «1» بِرِجْلِهَا تَضْرَحُ ضَرْحاً وضِراحاً، الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، فَهِيَ ضَرُوحٌ؛ رَمَحَتْ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَفِي الدَّهاسِ مِضْبَرٌ ضَرُوحُ
وَقِيلَ: ضَرْحُ الْخَيْلِ بأَيديها ورَمْحُها بأَرجُلها. والضَّرْحُ والضَّرْجُ، بِالْحَاءِ وَالْجِيمِ: الشَّقُّ. وَقَدِ انْضَرَحَ الشيءُ وانْضَرَجَ إِذا انْشَقَّ. وَكُلُّ مَا شُقَّ، فَقَدْ ضُرِحَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ضَرَحْنَ البُرودَ عن تَرائِبِ حُرَّةٍ،
…
وَعَنْ أَعْيُنٍ قَتَّلْنَنا كلَّ مَقْتَلِ
وَقَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو عَمْرٍو فِي هَذَا الْبَيْتِ: ضَرَحْنَ البُرود أَي أَلقَين، وَمَنْ رَوَاهُ بِالْجِيمِ فَمَعْنَاهُ شَقَقْنَ، وَفِي ذَلِكَ تَغَايُرٌ. والضَّرِيحُ: الشَّقُّ فِي وَسَطِ الْقَبْرِ، واللحدُ فِي الْجَانِبِ؛ وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ لحد: وَالضَّرِيحُ والضَّرِيحةُ مَا كَانَ فِي وَسَطِهِ، يَعْنِي الْقَبْرَ؛ وَقِيلَ: الضَّرِيحُ الْقَبْرُ كلُّه؛ وَقِيلَ: هُوَ قَبْرٌ بِلَا لَحْدٍ. والضَّرْحُ: حَفْرُكَ الضَّرِيحَ لِلْمَيِّتِ. وضَرَحَ الضَّرِيحَ لِلْمَيِّتِ يَضْرَحُه ضَرْحاً: حَفَرَ لَهُ ضَرِيحاً؛ قَالَ الأَزهري: سُمِّيَ ضَرِيحًا لأَنه يُشَقُّ فِي الأَرض شَقًّا. وَفِي حَدِيثِ دَفْنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم:
نُرْسِلُ إِلى اللَّاحِدِ وَالضَّارِحِ فأَيُّهما سَبَقَ تَرَكْنَاهُ
؛ وَفِي حَدِيثِ
سَطِيح: أَوْفَى عَلَى الضَّرِيح.
وَرَجُلٌ ضَريح: بَعِيدٌ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
عَصاني الفُؤادُ فأَسْلَمْتُهُ،
…
وَلَمْ أَكُ مِمَّا عَناهُ ضَرِيحا
وَقَدْ ضَرَحَ: تَبَاعَدَ. وانضَرَحَ مَا بَيْنَ الْقَوْمِ: مِثْلُ انْضَرَجَ إِذا تَبَاعَدَ مَا بَيْنَهُمْ، وأَضرحه عَنْكَ أَي أَبعده. وَبَيْنِي وَبَيْنَهُمْ ضَرْحٌ أَي تباعُد ووحْشة. وضارَحْته ورامَيْته وسابَبْته وَاحِدٌ. وَقَالَ عَرَّام: نِيَّةٌ ضَرَحٌ وطَرَحٌ أَي بَعِيدَةٌ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: ضَرَحَه وطَرَحه بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَقِيلَ: نِيَّةٌ نَزَحٌ ونَفَحٌ وطَوَحٌ وضَرَحٌ ومَصَحٌ وطَمَحٌ وطَرَحٌ أَي بَعِيدَةٌ؛ وأَحال ذَلِكَ عَلَى نَوَادِرِ الأَعراب. والانْضِراحُ: الِاتِّسَاعُ. والمَضْرَحِيُّ مِنَ الصُّقور: مَا طَالَ جَنَاحَاهُ وَهُوَ كَرِيمٌ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: المَضْرَحِيُّ النَّسْرُ وَبِجَنَاحَيْهِ شِبْهُ طَرَفِ ذَنَبِ النَّاقَةِ وَمَا عَلَيْهِ مِنَ الهُلْبِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
كأَنَّ جَناحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكَنَّفا
…
حِفافَيْهِ، شُكَّا فِي العَسِيبِ بِمِسْرَدِ
شبَّه ذَنَبَ النَّاقَةِ فِي طُولِهِ وضُفُوِّه بِجَنَاحَيِ الصَّقْرِ؛ وَقَدْ يُقَالُ لِلصَّقْرِ مَضْرَحٌ، بِغَيْرِ يَاءٍ؛ قَالَ:
كالرَّعْنِ وَافَاهُ القَطامُ المَضْرَحُ
والأَكثر المَضْرَحِيُّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَجْدَلُ
(1). قوله [وضرحت الدابة إلخ] بابه منع وكتب كما في القاموس.
والمَضْرَحِيُّ والصَّقْرُ والقَطَامِيُّ واحِدٌ. والمَضْرَحِيُّ: الرَّجُلُ السَّيِّدُ السَّرِيُّ الْكَرِيمُ؛ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ يَمْدَحُ مُعَاوِيَةَ:
بأَبْيَضَ مِنْ أُمَيَّةَ مَضْرَحِيٍّ،
…
كأَنَّ جَبِينَه سَيْفٌ صَنِيعُ
وَمِنْ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ:
أَتَتْكَ العِيسُ تَنْفَحُ فِي بُراها،
…
تَكَشَّفُ عَنْ مَنَاكِبِهَا القُطُوعُ
وَرَجُلٌ مَضْرَحِيٌّ: عتيقُ النِّجارِ. والمَضْرَحِيُّ أَيضاً: الأَبيض مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والمَضارِحُ: مَوَاضِعُ مَعْرُوفَةٌ. والضُّراحُ، بِالضَّمِّ: بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ مُقابِلُ الْكَعْبَةِ فِي الأَرض؛ قِيلَ: هُوَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الضُّراحُ بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ حِيالَ الْكَعْبَةِ
؛ وَيُرْوَى الضَّرِيح، وَهُوَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ مِنَ المُضارَحة، وَهِيَ الْمُقَابَلَةُ والمُضارَعة، وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُهُ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وَمُجَاهِدٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَمَنْ رَوَاهُ بِالصَّادِ فَقَدْ صحَّف. وضَراحٌ ومُضَرِّحٌ وضارِحٌ وضُرَيْحٌ ومَضْرَحِيٌّ: كُلُّهَا أَسماء.
ضيح: الضَّيْحُ والضَّيَاحُ: اللَّبَنُ الرَّقِيقُ الْكَثِيرُ الْمَاءِ؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ مَالِكٍ الْهُذَلِيُّ:
يَظَلُّ المُصْرِمُونَ لَهُمْ سُجُوداً،
…
وَلَوْ لَمْ يُسْقَ عندهُمُ ضَياحُ
وَفِي التَّهْذِيبِ: الضَّياحُ اللَّبَنُ الْخَاثِرُ يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ يُجَدَّحُ. وَقَدْ ضاحَه ضَيْحاً وضَيَّحه تَضْييحاً: مَزَجَهُ حَتَّى صَارَ ضَيْحاً؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: ضِحْتُه مُماتٌ وَكُلُّ دَوَاءٍ أَو سَمٍّ يُصَبّ فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ يُجَدَّح ضَياحٌ ومُضَيَّحٌ وَقَدْ تَضَيَّح. وضَيَّحْتُ الرجلَ: سقيتُه الضَّيْحَ؛ وَيُقَالُ: ضَيَّحْتُه فتَضَيَّحَ؛ الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: وَلَا يُسَمَّى ضَيَاحاً إِلا اللَّبَنُ. وتَضَيُّحه: تَزَيُّده. قَالَ: والضَّياحُ والضَّيْح عِنْدَ الْعَرَبِ أَن يُصَبَّ الماءُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى يَرِقَّ، سَوَاءٌ كَانَ اللَّبَنُ حَلِيبًا أَو رَائِبًا؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: ضَوِّحْ لِي لُبَيْنَةً، وَلَمْ يَقُلْ ضَيِّحْ، قَالَ: وَهَذَا مِمَّا أَعلمتك أَنهم يُدْخِلُون أَحدَ حَرْفَي اللِّين عَلَى الْآخَرِ، كَمَا يُقَالُ حَيَّضَه وحَوَّضَه وتَوَّهَه وتَيَّهَه. الأَصمعي: إِذا كَثُرَ الْمَاءُ فِي اللَّبَنِ، فَهُوَ الضَّيْح والضيَّاحُ؛ وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: قَدْ ضَيَّحه مِنَ الضَّياحِ. وَفِي حَدِيثِ
عَمَّار؛ إِن آخِرَ شَرْبةٍ تَشْرَبُها ضَياحٌ
؛ الضَّيَاحُ والضَّيْحُ، بِالْفَتْحِ: اللَّبَنُ الْخَاثِرُ يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ يُخْلَطُ، رَوَاهُ يَوْمَ قُتِلَ بصِفِّينَ وَقَدْ جِيءَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: فسَقَتْه ضَيْحةً حامِضةً
أَي شَرْبَةً مِنَ الضَّيْح. وَجَاءَ بالريحِ والضِّيح؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ؛ الضِّيح إِتباع للريحِ فإِذا أُفرد لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْنًى؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الْعَامَّةُ تَقُولُ جَاءَ بالضِّيح وَالرِّيحِ وَهَذَا مَا لَا يُعرف؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الضِّيح تَقْوِيَةٌ لِلَفْظِ الرِّيحِ؛ قَالَ الأَزهري: وَغَيْرُهُ لَا يُجِيز الضِّيح؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَى الضِّيح الشمسُ أَي إِنما جَاءَ بِمِثْلِ الشَّمْسِ وَالرِّيحِ فِي الْكَثْرَةِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْعَامَّةُ تَقُولُ جَاءَ بالضِّيح وَالرِّيحِ وَلَيْسَ الضِّيحُ بِشَيْءٍ؛ وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: لَوْ مَاتَ يَوْمَئِذٍ عَنِ الضِّيحِ وَالرِّيحِ لوَرِثه الزُّبير
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَشْهُورُ الضِّحُّ، وَهُوَ ضَوْءُ الشَّمْسِ، قَالَ: وإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ، فَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنْ ضُحَى الشَّمْسِ، وَهُوَ إِشراقها؛ وَقِيلَ: الضِّيحُ قَرِيبٌ مِنَ الرِّيحِ.