الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
خطْبَة الْكتاب
الْحَمد لله الَّذِي كَانَ وَلم يكن مَعَه شَيْء من الأكوان فخلق الأَرْض وَالسَّمَوَات واستوى على الْعَرْش وَخلق الْإِنْسَان وَعلمه الْبَيَان ثمَّ حكم على الْكل بالفناء وَقَالَ فِي الْكتاب {كل من عَلَيْهَا فان} وسينقلهم إِلَى البرزخ وَمِنْه إِلَى دَار الْجَزَاء الَّتِي نطق بهَا الحَدِيث وأثبتها الْقُرْآن وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على مصطفاه مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله الَّذِي بَعثه إِلَى الْخلق أَجْمَعِينَ وَختم بِهِ الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وعَلى آله وَأَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان وَبعد
فَاعْلَم أَن التَّارِيخ عبارَة عَن يَوْم ينْسب إِلَيْهِ مَا يَأْتِي بعده وَيُقَال أَيْضا التَّارِيخ عبارَة عَن مُدَّة مَعْلُومَة تعد من أول زمن مَفْرُوض لتعرف بهَا الْأَوْقَات المحدودة وَلَا غنى عَن التَّارِيخ فِي جَمِيع الْأَحْوَال الدُّنْيَوِيَّة والأمور الدِّينِيَّة وَلكُل أمة من أُمَم الْبشر تَارِيخ تحْتَاج إِلَيْهِ فِي معاملاتها وَفِي معرفَة أزمنتها تنفرد بِهِ دون غَيرهَا من بَقِيَّة الْأُمَم وَأول الْأَوَائِل الْقَدِيمَة وأشهرها هُوَ كَون مبدأ الْبشر وَلأَهل الْكتاب من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس فِي كيفيته وسياقة التَّارِيخ مِنْهُ خلاف لَا يجوز مثله فِي التواريخ وكل مَا تتَعَلَّق مَعْرفَته ببدء الْخلق وأحوال الْقُرُون السالفة فَإِنَّهُ مختلط بتزويرات وأساطير لبعد الْعَهْد وَعجز المعتنى بِهِ عَن حفظه
وَقد قَالَ الله سبحانه وتعالى {ألم يأتكم نبأ الَّذين من قبلكُمْ قوم نوح وَعَاد وَثَمُود وَالَّذين من بعدهمْ لَا يعلمهُمْ إِلَّا الله}
وَعَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ هَذِه الْآيَة وَيَقُول كذب النسابون وَعَن عَمْرو بن مَيْمُون مثله
وَعَن أبي مجلز قَالَ قَالَ رجل لعَلي بن أبي طَالب أَنا أنسب النَّاس قَالَ إِنَّك لَا تنْسب النَّاس قَالَ بلَى قَالَ عَليّ أَرَأَيْت قَوْله {وعادا وَثَمُود وَأَصْحَاب الرس وقرونا بَين ذَلِك كثيرا} قَالَ أَنا أنسب ذَلِك الْكثير قَالَ أَرَأَيْت قَوْله {وَالَّذين من بعدهمْ لَا يعلمهُمْ إِلَّا الله} فَسكت
وَعَن عُرْوَة ابْن الزبير قَالَ مَا وجدنَا أحدا يعرف مَا وَرَاء معد ابْن عدنان
وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ مَا بَين عدنان واسماعيل ثَلَاثُونَ لَا يعْرفُونَ
وَقَالَ أهل التَّفْسِير فِي هَذِه الْآيَة عدم الْعلم من غير الله أما أَن يكون رَاجعا إِلَى صفاتهم وأحوالهم وأخلاقهم ومدد أعمارهم أَي هَذِه الْأُمُور لَا يعلمهَا إِلَّا الله وَلَا يعلمهَا غَيره أَو يكون رَاجعا إِلَى ذواتهم أَي إِنَّه لَا يعلم ذَوَات أُولَئِكَ الَّذين من بعدهمْ إِلَّا الله تَعَالَى وَلم يبلغنَا خبرهم أصلا وَلَا مَانع من حمل الْآيَة على الْكل فَالْأولى أَن لَا يقبل من ذَلِك إِلَّا مَا يشْهد بِهِ كتاب أنزل من عِنْد الله يعْتَمد على صِحَّته لم يرد فِيهِ نسخ وَلَا طرْقَة تَبْدِيل أَو خبر يَنْقُلهُ الثقاة
وَإِذا نَظرنَا فِي التَّارِيخ وجدنَا فِيهِ بَين الْأُمَم خلافًا كثيرا وسأتلو عَلَيْك من ذَلِك مَا لَا أَظُنك تَجدهُ مجموعا فِي كتاب
والتاريخ كلمة فارسية أَصْلهَا ماه روز ثمَّ عربت قَالَ مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْبَلْخِي فِي كتاب مَفَاتِيح الْعُلُوم وَهُوَ