المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر صورة الأرض وموضع الأقاليم منها - لقطة العجلان مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان

[صديق حسن خان]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌خطْبَة الْكتاب

- ‌فَأَما تَارِيخ الخليقة

- ‌وَأما تَارِيخ الطوفان

- ‌وَأما تَارِيخ بخت نصر

- ‌وَأما تَارِيخ فيلبش

- ‌وَأما تَارِيخ الْإِسْكَنْدَر

- ‌وَأما تَارِيخ أغشطش

- ‌وَأما تَارِيخ الظينس

- ‌ذكر السّنة الشمسية والقمرية

- ‌ذكر الْأَيَّام

- ‌ذكر أسابيع الْأَيَّام

- ‌تَارِيخ الْعَرَب

- ‌التَّارِيخ من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة

- ‌ابْتِدَاء تَارِيخ الْهِجْرَة

- ‌تَارِيخ الْفرس

- ‌تَارِيخ الْهِنْد

- ‌تَارِيخ البرطانية

- ‌ذكر ابْتِدَاء الدول والأمم

- ‌وَالْكَلَام على الْمَلَاحِم والكشف عَن مُسَمّى الجفر

- ‌ذكر مَا قيل فِي مُدَّة أَيَّام الدُّنْيَا ماضيها وباقيها

- ‌ذكر أُمَم الْعَالم وَاخْتِلَاف أجيالهم وَالْكَلَام على الْجُمْلَة فِي أنسابهم

- ‌فَأَما سَام

- ‌وَأما يافث

- ‌وَأما حام

- ‌وَأما كنعان بن حام

- ‌ذكر طرف من تَارِيخ بعض الرُّسُل والأمم الْمَاضِيَة

- ‌وَأما سَبَب تبلبل الألسن

- ‌ظُهُور طبقَة الكيانين

- ‌ذكر خراب بَيت الْمُقَدّس

- ‌الْفرس وهم أَربع طَبَقَات

- ‌الأولى

- ‌وَالثَّانيَِة

- ‌وَالثَّالِثَة

- ‌وَالرَّابِعَة

- ‌انتباه أَصْحَاب الْكَهْف من نومهم

- ‌ذكر فَرَاعِنَة مصر

- ‌ذكر الْأُمَم

- ‌أمة القبط

- ‌أمة الْفرس

- ‌أمة اليونان

- ‌أمة الْيَهُود

- ‌أمة النَّصَارَى

- ‌أمة الْهِنْد

- ‌أمة السَّنَد

- ‌أُمَم السودَان

- ‌أُمَم الصين

- ‌بني كنعان

- ‌أمة البربر

- ‌أمة عَاد

- ‌أمة العمالقة

- ‌أُمَم الْعَرَب

- ‌وَأما الْعَرَب العاربة

- ‌الْعَرَب المستعربة

- ‌ مولد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر تَجْدِيد قُرَيْش عمَارَة الْكَعْبَة وَمَا كَانَ من اجْتِمَاع الْعَرَب على الْإِسْلَام بعد الإباية وَالْحَرب

- ‌ذكر مبعث رَسُول صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر تَارِيخ الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة

- ‌التواريخ الْقَدِيمَة

- ‌ذكر اخْتِلَاف التواريخ الْقَدِيمَة

- ‌ذكر نسخ التَّوْرَاة الَّتِي عَلَيْهَا مدَار التواريخ الْقَدِيمَة

- ‌ذكر وَفَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر طرف من هَيْئَة الأفلاك

- ‌ذكر محَاسِن الْفُصُول الْأَرْبَعَة للسّنة على لِسَان الْأَدَب

- ‌ذكر علم الْهَيْئَة

- ‌ذكر صُورَة الأَرْض وَمَوْضِع الأقاليم مِنْهَا

- ‌ذكر المعتدل من الأقاليم والمنحرف

- ‌ذكر الْمَسَاجِد الْعَظِيمَة فِي الْعَالم

- ‌ذكر حكم الصَّلَاة وَالصَّوْم فِي أَرض التسعين

- ‌ذكر حكم الصَّلَاة وَالصَّوْم بِأَرْض البلغار

- ‌ذكر الأَرْض الجديدة

- ‌ذكر فِي التَّارِيخ

- ‌ذكر فضل علم التَّارِيخ وَتَحْقِيق مذاهبه والألماع لما يعرض للمؤرخين من المغالط والأوهام وَذكر شَيْء من أَسبَابهَا

- ‌جيوش بني إِسْرَائِيل

- ‌جيوش الْفرس

- ‌جموع رستم

- ‌تشعب النَّسْل

- ‌أَيَّام سُلَيْمَان

- ‌مُلُوك الْيمن وجزيرة الْعَرَب

- ‌ذَا الأذعار

- ‌تَفْسِير سُورَة الْفجْر

- ‌الرشيد

- ‌يحي بن أَكْثَم

- ‌العبيديين

- ‌دولة مُضر

- ‌الْحجَّاج

- ‌أَحْوَال الْقُضَاة

- ‌فَائِدَة

- ‌قَول ابْن خلدون

- ‌مملكة الْهِنْد

الفصل: ‌ذكر صورة الأرض وموضع الأقاليم منها

‌ذكر صُورَة الأَرْض وَمَوْضِع الأقاليم مِنْهَا

لما تقدم فِي الأفلاك من القَوْل مَا تبين بِهِ لمن ألهمه الله تَعَالَى كَيفَ تكون الْحَرَكَة الَّتِي بهَا اللَّيْل وَالنَّهَار وتركب الشُّهُور والأعوام مِنْهَا جَازَ حِينَئِذٍ الْكَلَام على الأَرْض فَأَقُول الْجِهَات من حَيْثُ هِيَ سِتّ الشرق وَهُوَ حَيْثُ تطلع الشَّمْس وَالْقَمَر وَسَائِر الْكَوَاكِب فِي كل قطر من الأَرْض والغرب وَهُوَ حَيْثُ تغرب وَالشمَال وَهُوَ حَيْثُ مدَار الجدي والفرقدين والجنوب وَهُوَ حَيْثُ مدَار سُهَيْل والفوق وَهُوَ مِمَّا يَلِي السَّمَاء والتحت وَهُوَ مِمَّا يَلِي مَرْكَز الأَرْض

وَالْأَرْض جسم مستدير كالكرة وَقيل لَيست بكروية الشكل وَهِي واقفة فِي الْهَوَاء بِجَمِيعِ جبالها وبحارها وعامرها وغامرها والهواء مُحِيط بهَا من جَمِيع جهاتها كالمح فِي جَوف الْبَيْضَة وَبعدهَا من السَّمَاء متساو من جَمِيع الْجِهَات وأسفل الأَرْض مَا تَحْقِيقه هُوَ عمق بَاطِنهَا مِمَّا يَلِي مركزها من أَي جَانب كَانَ

ذهب الْجُمْهُور إِلَى أَن الأَرْض كالكرة الْمَوْضُوعَة فِي جَوف الْفلك كالمح فِي الْبَيْضَة وَأَنَّهَا فِي الْوسط وَبعدهَا فِي الْفلك من جَمِيع الْجِهَات على التَّسَاوِي

وَزعم هِشَام بن الحكم أَن تَحت الأَرْض جسما من شَأْنه الإرتفاع وَهُوَ الْمَانِع للْأَرْض من الإنحدار وَهُوَ لَيْسَ مُحْتَاجا إِلَى مَا بعده لِأَنَّهُ لَيْسَ يطْلب الإنحدار بل الإرتفاع وَقَالَ أَن الله تَعَالَى وَقفهَا بِلَا عماد

وَقَالَ ديمقراطس أَنَّهَا تقوم على المَاء وَقد حصر المَاء تحتهَا حَتَّى لَا يجد مخرجا فيضطر إِلَى الإنتقال

ص: 159

وَقَالَ آخر هِيَ واقفة على الْوسط مِقْدَار وَاحِد من كل جَانب والفلك بجذبها من كل وَجه فَلذَلِك لَا تميل إِلَى نَاحيَة من الْفلك دون نَاحيَة لِأَن قُوَّة الْأَجْزَاء متكافئة وَذَلِكَ كحجر المغناطيس فِي جذبه الْحَدِيد فَإِن الْفلك بالطبع مغناطيس الأَرْض فَهُوَ يجذبها فَهِيَ واقفة فِي الْوسط وَسبب وقوفها بالوسط سرعَة تَدْبِير الْفلك وَدفعه إِيَّاهَا من كل جِهَة إِلَى الْوسط كَمَا إِذا وضعت تُرَابا فِي قَارُورَة وأدرتها بِقُوَّة فَإِن التُّرَاب يقوم فِي الْوسط

وَقَالَ مُحَمَّد بن أَحْمد الْخَوَارِزْمِيّ فِي وسط السَّمَاء وَالْوسط هُوَ السفلي بِالْحَقِيقَةِ وَهِي مُدَوَّرَة مضرسة من جِهَة الْجبَال البارزة والوهاد الغائرة وَذَلِكَ لَا يُخرجهَا عَن الكرية إِذا اعْتبرت جُمْلَتهَا لِأَن مقادير الْجبَال وَإِن شمخت يسيرَة بِالْقِيَاسِ إِلَى كرة الأَرْض فَإِن الكرة الَّتِي قطرها ذِرَاع أَو ذراعان مثلا إِذا نتأ مِنْهَا شَيْء أَو غَار فِيهَا لَا يُخرجهَا عَن الكرية وَلَا هَذِه التضاريس لإحاطة المَاء بهَا من جَمِيع جوانبها وغمرها بِحَيْثُ لَا يظْهر مِنْهَا شَيْء فَحِينَئِذٍ تبطل الْحِكْمَة المؤدية المودعة فِي الْمَعَادِن والنبات وَالْحَيَوَان فسبحان من لَا يعلم أسرار حكمه إِلَّا هُوَ

وَأما سطحها الظَّاهِر المماس للهواء من جَمِيع الْجِهَات فَإِنَّهُ فَوق والهواء فَوق الأَرْض يُحِيط بهَا ويجذبها من سَائِر الْجِهَات وَفَوق الْهَوَاء الأفلاك الْمَذْكُورَة فِيمَا تقدم وَاحِدًا فَوق آخر إِلَى الْفلك التَّاسِع الَّذِي هُوَ أَعلَى الأفلاك وَنِهَايَة الْمَخْلُوقَات بأسرها

وَقد اخْتلف فِيمَا وَرَاء ذَلِك فَقيل خلاء وَقيل ملاء وَقيل لَا خلاء وَلَا ملاء وكل مَوضِع يقف فِيهِ الْإِنْسَان من سطح الأَرْض فَإِن رَأسه أبدا يكون مِمَّا يَلِي السَّمَاء إِلَى فَوق وَرجلَاهُ أبدا تكون أَسْفَل مِمَّا يَلِي مَرْكَز الأَرْض وَهُوَ دَائِما يرى من السَّمَاء نصفهَا وَيسْتر عَنهُ النّصْف الآخر حدبة الأَرْض وَكلما انْتقل من مَوضِع إِلَى آخر ظهر لَهُ من السَّمَاء بِقدر مَا خَفِي عَنهُ

وَالْأَرْض غامرة بِالْمَاءِ كعنبة طافية فَوق المَاء فانحسر المَاء عَن بعض جوانبها لما أَرَادَ الله من تكوين الْحَيَوَانَات وعمرانها بالنوع البشري الَّذِي لَهُ الْخلَافَة على سائرها وَقد يتَوَهَّم من ذَلِك أَن المَاء تَحت الأَرْض وَلَيْسَ

ص: 160

بِصَحِيح وَإِنَّمَا التحت الطبيعي قلب الأَرْض ووسط كرتها الَّذِي هُوَ مركزها وَالْكل يَطْلُبهُ بِمَا فِيهِ من الثّقل وَمَا عدا ذَلِك من جوانبها

وَأما المَاء الْمُحِيط بهَا فَوق الأَرْض وَإِن قيل فِي شَيْء مِنْهَا أَنه تَحت الأَرْض فبالإضافة إِلَى جِهَة أُخْرَى مِنْهُ

وَأما الَّتِي قد انحسر المَاء عَنْهَا نَحْو النّصْف من سطح كرتها فِي شكل دَائِرَة أحَاط العنصر المائي من جَمِيع جهاتها بحرا يُسمى الْبَحْر الْمُحِيط وَيُسمى أَيْضا لبلابة بتفخيم اللَّام الثَّانِيَة وَيُسمى أوقيانوس أَسمَاء عجمية وَيُقَال لَهُ الْبَحْر الْأَخْضَر

ثمَّ إِن هَذَا المنكشف من الأَرْض للعمران فِيهِ القفار والخلاء أَكثر من عمرانه والخالي من جِهَة الْجنُوب مِنْهُ أَكثر من جِهَة الشمَال وَإِنَّمَا الْمَعْمُور مِنْهُ قِطْعَة أميل إِلَى الْجَانِب الشمالي على شكل مسطح كري يَنْتَهِي من جِهَة الْجنُوب إِلَى خطّ الإستواء وَمن جِهَة الشمَال إِلَى خطّ كري ووراءه الْجبَال الفاصلة بَينه وَبَين المَاء العنصري الَّذِي بَينهمَا سد يَأْجُوج وَمَأْجُوج

وَهَذِه الْجبَال مائلة إِلَى جِهَة الْمشرق وَيَنْتَهِي من الْمشرق وَالْمغْرب إِلَى عنصر المَاء أَيْضا بقطعتين من الدائرة المحيطة وَهَذَا المنكشف من الأَرْض قَالُوا هُوَ مِقْدَار النّصْف من الكرة أَو أقل والمعمور مِنْهُ مِقْدَار ربعه وَهُوَ المنقسم بالأقاليم السَّبْعَة وانغمر النّصْف الآخر فِي الأَرْض وَصَارَ المنكشف من الأَرْض نِصْفَيْنِ كَأَنَّمَا قسم بِخَط مسامت لخط معدل النَّهَار يمر تَحت دائرته وَجَمِيع الْبِلَاد الَّتِي على هَذَا الْخط لَا عرض لَهَا الْبَتَّةَ والقطبان غير مرئيين فِيهَا ويكونان هُنَاكَ على دَائِرَة الْأُفق من الْجَانِبَيْنِ وَكلما بعد مَوضِع بلد عَن هَذَا الْخط إِلَى نَاحيَة الشمَال قدر دَرَجَة ارْتَفع القطب الشمالي الَّذِي هُوَ الجدي على أهل ذَلِك الْبَلَد دَرَجَة وانخفض القطب الجنوبي الَّذِي هُوَ سُهَيْل دَرَجَة وَهَكَذَا مَا زَاد وَيكون الْأَمر فِيمَا بعد من الْبِلَاد الْوَاقِعَة فِي نَاحيَة الْجنُوب كَذَلِك من ارْتِفَاع القطب الجنوبي وانحطاط القطب الشمالي

ص: 161

وَبِهَذَا عرف عرض الْبلدَانِ وَصَارَ عرض الْبَلَد عبارَة عَن ميل دَائِرَة معدل النَّهَار عَن سمت رُؤُوس أَهله وارتفاع القطب عَلَيْهِم وَهُوَ أَيْضا بعد مَا بَين سمت رُؤُوس أهل ذَلِك الْبَلَد وسمت رُؤُوس أهل بلد لَا عرض لَهُ فَأَما مَا انْكَشَفَ من الأَرْض مِمَّا يَلِي الْجنُوب من خطّ الاسْتوَاء فَهُوَ الرّبع العامر وَهُوَ المسكون من الأَرْض وَخط الاسْتوَاء لَا وجود لَهُ فِي الْخَارِج وَإِنَّمَا هُوَ فرض يوهمنا أَنه خطّ ابتداؤه من الْمشرق إِلَى الْمغرب تَحت مدَار رَأس الْحمل وَسمي بذلك من أجل أَن النَّهَار وَاللَّيْل هُنَاكَ أبدا سَوَاء لَا يزِيد وَلَا ينقص أَحدهمَا عَن الآخر شَيْئا الْبَتَّةَ فِي سَائِر أَوْقَات السّنة كلهَا ونقطتا هَذَا الْخط ملازمتان للأفق إِحْدَاهَا على مدَار سُهَيْل فِي نَاحيَة الْجنُوب وَالْأُخْرَى مِمَّا يَلِي الجدي فِي نَاحيَة الشمَال وَخط الاسْتوَاء يقسم الأَرْض نِصْفَيْنِ من الْمغرب إِلَى الْمشرق وَهُوَ طول الأَرْض وأكبر خطّ فِي كرتها كَمَا أَن منْطقَة فلك البروج ودائرة معدل النَّهَار أكبر خطّ فِي الْفلك ومنطقة البروج منقسمة ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ دَرَجَة والدرجة من مَسَافَة الأَرْض خَمْسَة وَعِشْرُونَ فرسخا والفرسخ اثْنَا عشر ألف ذِرَاع فِي ثَلَاثَة أَمْيَال لِأَن الْميل أَرْبَعَة آلَاف ذِرَاع والذراع أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ إصبعا والإصبع سِتّ حبات شعير مصفوفة ملصق بَعْضهَا إِلَى بعض ظهرا لبطن وَبَين دَائِرَة معدل النَّهَار الَّتِي تقسم الْفلك نِصْفَيْنِ وتسامت خطّ الاسْتوَاء من الأَرْض وَبَين كل وَاحِد من القطبين تسعون دَرَجَة لَكِن الْعِمَارَة فِي الْجِهَة الشمالية من خطّ الاسْتوَاء أَربع وَسِتُّونَ دَرَجَة وَالْبَاقِي مِنْهَا خلاء لَا عمَارَة فِيهِ لشدَّة الْبرد والجمود كَمَا كَانَت الْجِهَة الجنوبية خلاء كلهَا لشدَّة الْحر

والعمارة من الْمشرق إِلَى الْمغرب مائَة وَثَمَانُونَ دَرَجَة من الْجنُوب إِلَى الشمَال من خطّ إريس إِلَى بَنَات نعش ثَمَان وَأَرْبَعُونَ دَرَجَة وَهُوَ مِقْدَار ميل الشَّمْس مرَّتَيْنِ وَخلف خطّ إريس وَهُوَ مِقْدَار سِتّ عشر دَرَجَة وَجُمْلَة معمور الأَرْض نَحْو من سبعين دَرَجَة لاعتدال مسير الشَّمْس فِي هَذَا الْوسط ومرورها على مَا وَرَاء الْحمل وَالْمِيزَان مرَّتَيْنِ فِي السّنة وَأما الشمَال والجنوب فالشمس لَا تحاذيهما إِلَّا مرّة وَاحِدَة وَلِأَن أوج الشَّمْس

ص: 162

مرَّتَيْنِ فِي جِهَة الشمَال كَانَت الْعِمَارَة فِيهِ لارتفاعها وَانْتِفَاء ضَرَر قوتها غير سَاكِنة وَلِأَن حضيضها فِي الْجنُوب عدمت الْعِمَارَة هُنَالك

وَقد اخْتلف النَّاس فِي مَسَافَة الأَرْض فَقيل مسافتها خَمْسمِائَة عَام ثلث عمرَان وَثلث خراب وَثلث بحار وَقيل الْمَعْمُور من الأَرْض مائَة وَعِشْرُونَ جُزْء تسعون ليأجوج وَمَأْجُوج وَاثنا عشر للسودان وَثَمَانِية للروم وَثَلَاثَة للْعَرَب وَسَبْعَة لسَائِر الْأُمَم وَقيل الدُّنْيَا سَبْعَة أَجزَاء سِتَّة ليأجوج وَمَأْجُوج وَوَاحِد لسَائِر النَّاس وَقيل الأَرْض خَمْسمِائَة عَام الْبحار ثَلَاثمِائَة وَمِائَة خراب وَمِائَة عمرَان وَقيل الأَرْض أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألف فَرسَخ للسودان اثْنَا عشر ألفا وللروم ثَمَانِيَة آلَاف ولفارس ثَلَاثَة آلَاف وللعرب ألف

وَعَن وهب بن مُنَبّه مَا الْعِمَارَة من الدُّنْيَا فِي الخراب إِلَّا كفسطاط فِي الصَّحرَاء وَقَالَ أزدشير بن بابك الأَرْض أَرْبَعَة أَجزَاء جُزْء مِنْهَا للترك وجزء للْعَرَب وجزء للْفرس وجزء للسودان وَقيل الأقاليم سَبْعَة والأطراف أَرْبَعَة والنواحي خمس وَأَرْبَعُونَ والمدائن عشرَة آلَاف والرساتيق مِائَتَا ألف وَسِتَّة وَخَمْسُونَ ألفا وَقيل المدن والحصون أحد وَعِشْرُونَ ألفا وسِتمِائَة مَدِينَة وحصن

فَفِي الإقليم الأول ثَلَاثَة آلَاف وَمِائَة مَدِينَة كَبِيرَة

وَفِي الثَّانِي أَلفَانِ وَسَبْعمائة وَثَلَاث عشر مَدِينَة وقرية كَبِيرَة

وَفِي الثَّالِث ثَلَاثَة آلَاف وتسع وَسَبْعُونَ مَدِينَة وقرية

وَفِي الرَّابِع وَهُوَ بابل أَلفَانِ وَتِسْعمِائَة وَأَرْبع وَسَبْعُونَ مَدِينَة

وَفِي الْخَامِس ثَلَاثَة آلَاف مَدِينَة وست مَدَائِن

وَفِي السَّادِس ثَلَاثَة آلَاف وَأَرْبع مائَة وَثَمَانُونَ مَدِينَة

وَفِي السَّابِع ثَلَاثَة آلَاف وثلاثمائة مَدِينَة فِي الجزائر

وَقَالَ الْخَوَارِزْمِيّ قطر الأَرْض سَبْعَة آلَاف فَرسَخ وَهُوَ نصف سدس الأَرْض وَالْجِبَال والمفاوز والبحار وَالْبَاقِي خراب يباب

ص: 163

لَا نَبَات فِيهِ وَلَا حَيَوَان وَقيل الْمَعْمُور من الأَرْض مثل طَائِر رَأسه الصين والجناح الْأَيْمن الْهِنْد والسند والجناح الْأَيْسَر الخزر وصدره مَكَّة وَالْعراق وَالشَّام وذنبه الغرب وَقيل قطر الأَرْض سَبْعَة آلَاف وَأَرْبَعمِائَة وَأَرْبَعَة عشر ميلًا ودورها عشرُون ألف ميل وَأَرْبَعمِائَة ميل وَذَلِكَ جَمِيع مَا أحاطت بِهِ من بر وبحر

وَقَالَ أَبُو زيد أَحْمد بن سهل الْبَلْخِي طول الأَرْض من أقْصَى الْمشرق إِلَى أقْصَى الْمغرب نَحْو أَرْبَعمِائَة مرحلة وعرضها من حَيْثُ الْعمرَان الَّذِي من جِهَة الشمَال وَهُوَ مسَاكِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج إِلَى حَيْثُ الْعمرَان الَّذِي من جِهَة الْجنُوب وَهُوَ مسَاكِن السودَان مِائَتَان وَعِشْرُونَ مرحلة وَمَا بَين براري يَأْجُوج وَمَأْجُوج إِلَى الْبَحْر الْمُحِيط فِي الشمَال وَمَا بَين براري السودَان وَالْبَحْر الْمُحِيط فِي الْجنُوب خراب لَيْسَ فِيهِ عمَارَة

وَيُقَال أَن مَسَافَة ذَلِك خَمْسَة آلَاف فَرسَخ وَهَذِه أَقْوَال لَا دَلِيل على صدقهَا وَالطَّرِيق فِي معرفَة مساحة الأَرْض أَنا لَو سرنا على خطّ نصف النَّهَار من الْجنُوب إِلَى الشمَال بِقدر ميل دَائِرَة معدل النَّهَار عَن سمت رؤوسنا إِلَى الْجنُوب دَرَجَة من درج الْفلك الَّتِي هِيَ جُزْء من ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ جُزْءا وارتفع القطب علينا دَرَجَة نَظِير تِلْكَ الدرجَة فَإنَّا نعلم أَنا قد قَطعنَا من مُحِيط جرم الأَرْض جُزْءا من ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ جُزْءا وَهُوَ نَظِير ذَلِك الْجُزْء من الْفلك فَلَو قسنا من ابْتِدَاء مسيرنا إِلَى انْتِهَاء مَكَاننَا الَّذِي وصلنا إِلَيْهِ حَيْثُ ارْتَفع القطب علينا دَرَجَة فَإنَّا نجد حَقِيقَة الدرجَة الْوَاحِدَة من الْفلك قد قطعت من الأَرْض سِتَّة وَخمسين ميلًا وثلثي ميل مِنْهَا خَمْسَة وَعِشْرُونَ فرسخا فَإِذا ضربنا حِصَّة الدرجَة الْوَاحِدَة وَهُوَ مَا ذكر من الأميال فِي ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ خرج من الضَّرْب عشرُون ألفا وَأَرْبَعمِائَة ميل وَذَلِكَ مساحة دور الأَرْض فَإِذا قسمنا هَذِه الأميال الَّتِي هِيَ مساحة دور الأَرْض على ثَلَاثَة وَسبع خرج من الْقِسْمَة سِتَّة آلَاف وَأَرْبَعمِائَة وَأَرْبَعُونَ ميلًا وَهِي مساحة قطر الأَرْض فَلَو ضربنا هَذَا الْقطر فِي مبلغ دور الأَرْض لبلغت مساحة بسط الأَرْض بالتكسير مائَة ألف ألف واثنتين وَثَلَاثِينَ ألف ألف وسِتمِائَة ألف ميل بالتقريب فعلى هَذَا مساحة ربع

ص: 164

الأَرْض المسكون بالتكسير ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ ألف ألف ميل وَمِائَة وَخَمْسُونَ ألف ميل وَعرض المسكون من هَذَا الرّبع بِقدر بعد مدَار السرطان عَن القطب وَهُوَ خَمْسَة وَخَمْسُونَ جُزْءا وَسدس جُزْء وَهَذَا هُوَ سدس الأَرْض وانتهاؤه إِلَى جَزِيرَة تولي فِي بريطانية وَهِي آخر الْمَعْمُور من الشمَال وَهُوَ من الأميال ثَلَاثَة آلف وَسَبْعمائة وَأَرْبَعَة وَسِتُّونَ ميلًا فَإِذا ضربنا هَذَا السُّدس الَّذِي هُوَ مساحة عرض الأَرْض فِي النّصْف وَهُوَ مِقْدَار الطول كَانَ الْمَعْمُور من الشمَال قدر نصف ثلث الأَرْض وَأما الطول فَإِنَّهُ يقل لتضايق أَقسَام كرة الأَرْض ومقداره مثل خمس الدّور وَهُوَ بالتقريب أَرْبَعَة آلَاف وَثَمَانُونَ ميلًا وَفِي الرّبع المسكون من الأَرْض سَبْعَة أبحر كبار وَفِي كل بَحر مِنْهَا عدَّة جزائر وَفِيه خمس عشرَة بحيرة مِنْهَا ملح وعذب وَفِيه مِائَتَا جبل طوال وَمِائَتَا نهر وَأَرْبَعُونَ نَهرا طوَالًا ويشتمل على سَبْعَة أقاليم تحتوي على سَبْعَة عشر ألف مَدِينَة كَبِيرَة

وَقَالَ فِي كتاب هروشيوس لما استقامت طَاعَة بوليس الملقب قَيْصر الْملك فِي عَامَّة الدُّنْيَا تخير أَرْبَعِينَ من الفلاسفة سماهم فَأَمرهمْ أَن يَأْخُذُوا لَهُ وصف حُدُود الدُّنْيَا وعدة بحارها وكورها أَربَاعًا فولى أحدهم أَخذ وصف جُزْء الْمشرق وَولى آخر أَخذ وصف جُزْء الْمغرب وَولى الثَّالِث أَخذ وصف جُزْء الشمَال وَولى الرَّابِع أَخذ وصف جُزْء الْجنُوب فتمت كِتَابَة الْجَمِيع على أَيْديهم فِي نَحْو من ثَلَاثِينَ سنة فَكَانَت جملَة الْبحار الْمُسَمَّاة فِي الدُّنْيَا تِسْعَة وَعشْرين بحرا قد سَموهَا مِنْهَا بِجُزْء الشرق ثَمَانِيَة وبجزء الغرب ثَمَانِيَة وبجزء الشمَال أحد عشر وبجزء الْجنُوب اثْنَان وعدة الجزائر الْمَعْرُوفَة الْأُمَّهَات إِحْدَى وَسَبْعُونَ جَزِيرَة مِنْهَا فِي الشرق ثَمَان وَفِي الغرب سِتّ عشرَة وَفِي جِهَة الشمَال إِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَفِي جِهَة الْجنُوب سِتّ عشر

وعدة الْجبَال الْكِبَار الْمَعْرُوفَة فِي جَمِيع الدُّنْيَا سِتَّة وَثَلَاثُونَ وَهِي أُمَّهَات الْجبَال وَقد سَموهَا فِيمَا فسروه مِنْهَا فِي جِهَة الْمشرق سَبْعَة وَفِي جِهَة الغرب خَمْسَة عشر وَفِي الشمَال اثْنَا عشر وَفِي الْجنُوب اثْنَان والبلدان الْكِبَار ثَلَاثَة وَسِتُّونَ مِنْهَا فِي الشرق سَبْعَة وَفِي الْمغرب خَمْسَة

ص: 165

وَعِشْرُونَ وَفِي الشمَال تِسْعَة عشر وَفِي الْجنُوب اثْنَا عشر وَقد سَموهَا

والكور الْكِبَار الْمَعْرُوفَة تسع ومائتان مِنْهَا فِي الْمشرق خمس وَسَبْعُونَ وَفِي الْمغرب سِتّ وَسِتُّونَ وَفِي الشمَال سِتّ وَفِي الْجنُوب اثْنَان وَسِتُّونَ

والأنهار الْكَبِيرَة الْمَعْرُوفَة فِي جَمِيع الدُّنْيَا سِتَّة وَخَمْسُونَ مِنْهَا لجزء الشرق سَبْعَة عشر ولجزء الغرب ثَلَاثَة عشر ولجزء الشمَال تِسْعَة عشر ولجزء الْجنُوب سَبْعَة

ثمَّ إِن المخبرين عَن هَذَا الْمَعْمُور وحدوده وَمَا فِيهِ من الْأَمْصَار والمدن وَالْجِبَال والبحار والأنهار والقفار والرمال مثل بطليموس فِي كتاب الجغرافيا وَصَاحب كتاب زجار من بعده قسموا هَذَا الْمَعْمُور بسبعة أَقسَام يسمونها الأقاليم السَّبْعَة بحدود وهمية بَين الْمشرق وَالْمغْرب مُتَسَاوِيَة فِي الْعرض مُخْتَلفَة فِي الطول وَقَالُوا الأقاليم السَّبْعَة كل إقليم مِنْهَا كَأَنَّهُ بِسَاط مفروش قد مد طوله من الشرق إِلَى الغرب وَعرضه من الشمَال إِلَى الْجنُوب وَهَذِه الأقاليم مُخْتَلفَة الطول وَالْعرض

فالإقليم الأول أطول مِمَّا بعده وَكَذَا الثَّانِي إِلَى آخرهَا فَيكون السَّابِع أقصر لما اقْتَضَاهُ وضع الدائرة الناشئة من انحسار المَاء عَن كرة الأَرْض وكل وَاحِد من هَذِه الأقاليم عِنْدهم منقسم بِعشْرَة أَجزَاء من الْمغرب إِلَى الْمشرق على التوالي وَفِي كل جُزْء الْخَبَر عَن أَحْوَاله وأحوال عمرانه فالإقليم الأول مِنْهَا يمر وَسطه بالمواضع الَّتِي طول نَهَارهَا الأطول ثَلَاث عشرَة سَاعَة وَالسَّابِع مِنْهَا يمر وَسطه بالمواضع الَّتِي طول نَهَارهَا الأطول سِتّ عشرَة سَاعَة لِأَن مَا حَاذَى حد الإقليم الأول إِلَى نَحْو الْجنُوب يشْتَمل عَلَيْهِ الْبَحْر وَلَا عمَارَة فِيهِ وَمَا حَاذَى الإقليم السَّابِع إِلَى الشمَال لَا يعلم فِيهِ عمَارَة فَجعل طول الأقاليم السَّبْعَة من الشرق إِلَى الغرب مَسَافَة اثْنَتَيْ عشر سَاعَة من دور الْفلك وَصَارَت عروضها تتفاضل نصف سَاعَة من سَاعَات النَّهَار الأطول فأطولها وأعرضها

الإقليم الأول وَطوله من الْمشرق إِلَى الْمغرب نَحْو ثَلَاثَة آلَاف فَرسَخ وَعرضه من الشمَال إِلَى الْجنُوب مائَة وَخَمْسُونَ فرسخا وأقصرها طولا وعرضا

ص: 166

الإقليم السَّابِع وَطوله من الشرق إِلَى الغرب ألف وَخَمْسمِائة فَرسَخ وَعرضه من الشمَال إِلَى الْجنُوب نَحْو من سبعين فرسخا وَبَقِيَّة الأقاليم الْخَمْسَة فِيمَا بَين ذَلِك

وَهَذِه الأقاليم خطوط متوهمة لَا وجود لَهَا فِي الْخَارِج وَضعهَا القدماء الَّذين جالوا فِي الأَرْض ليقفوا على حَقِيقَة حُدُودهَا ويتيقنوا مَوَاضِع الْبلدَانِ مِنْهَا ويعرفوا طرق مسالكها هَذَا حَال الرّبع المسكون

وَأما الثَّلَاثَة الأرباع فَإِنَّهَا خراب فجهة الشمَال وَاقعَة تَحت مدَار الجدي قد أفرط هُنَاكَ الْبرد وَصَارَت سِتَّة أشهر لَيْلًا مستمرا وَهِي مُدَّة الشتَاء عِنْدهم لَا يعرف فِيهَا نَهَار وَيظْلم الْهَوَاء ظلمَة شَدِيدَة وتجمد الْمِيَاه لقُوَّة الْبرد فَلَا يكون هُنَاكَ نَبَات وَلَا حَيَوَان

ويقابل هَذِه الْجِهَة الشمالية نَاحيَة الْجنُوب حَيْثُ مدَار سُهَيْل فَيكون النَّهَار سِتَّة أشهر بِغَيْر ليل وَهِي مُدَّة الصَّيف عِنْدهم فيحمى الْهَوَاء وَيصير سموما محرقة يهْلك بشد حره الْحَيَوَان والنبات فَلَا يُمكن سلوكه وَلَا السُّكْنَى فِيهِ

وَأما نَاحيَة الغرب فَيمْنَع الْبَحْر الْمُحِيط من السلوك فِيهِ لتلاطم أمواجه وَشدَّة ظلماته وناحية الشرق تمنع من سلوكه الْجبَال الشامخة وَصَارَ النَّاس أجمعهم قد انحصروا فِي الرّبع المسكون من الأَرْض وَلَا علم لأحد مِنْهُم بِالْأَرْضِ أَي بِالثَّلَاثَةِ الأرباع الْبَاقِيَة وَالْأَرْض كلهَا بِجَمِيعِ مَا عَلَيْهَا من الْجبَال والبحار نسبتها إِلَى الْفلك كنقطة فِي دَائِرَة وَقد اعْتبرت حُدُود الأقاليم السَّبْعَة بساعات النَّهَار وَذَلِكَ أَن الشَّمْس إِذا حلت بِرَأْس الْحمل تَسَاوِي طول النَّهَار وَاللَّيْل فِي سَائِر الأقاليم كلهَا فَإِذا انْتَقَلت فِي دَرَجَات برج الْحمل والثور والجوزاء اخْتلفت سَاعَات نَهَار كل إقليم فَإِذا بلغت آخر الجوزاء وَأول برج السرطان بلغ طول النَّهَار فِي وسط الأقليم الأول ثَلَاث عشرَة سَاعَة سَوَاء وَصَارَت فِي وسط الإقليم الثَّانِي ثَلَاث عشرَة سَاعَة وَنصف سَاعَة وَفِي وسط الأقليم الثَّالِث أَربع عشرَة سَاعَة وَفِي وسط الأقليم الرَّابِع أَربع عشرَة سَاعَة وَنصف سَاعَة وَفِي وسط الأقليم الْخَامِس خمس عشرَة سَاعَة وَفِي وسط الأقليم السَّادِس خمس عشرَة سَاعَة وَنصف سَاعَة وَفِي وسط الأقليم السَّابِع سِتّ عشرَة سَاعَة سَوَاء

ص: 167

وَمَا زَاد على ذَلِك إِلَى عرض تسعين دَرَجَة يصير نَهَارا كُله وَمعنى طول الْبَلَد هُوَ بعْدهَا من أقْصَى الْعِمَارَة فِي الغرب وعرضها هُوَ بعْدهَا عَن خطّ الإستواء وَخط الإستواء كَمَا تقدم هُوَ الْموضع الَّذِي يكون فِيهِ اللَّيْل وَالنَّهَار طول الزَّمَان سَوَاء فَكل بلد على هَذَا الْخط لَا عرض لَهُ وكل بلد فِي أقْصَى الغرب لَا طول لَهُ وَمن أقْصَى الغرب إِلَى أقْصَى الشرق مائَة وَثَمَانُونَ دَرَجَة وكل بلد يكون طوله تسعين دَرَجَة فَإِنَّهُ فِي وسط مَا بَين الشرق والغرب وكل بلد كَانَ طوله أقل من تسعين دَرَجَة فَإِنَّهُ أقرب إِلَى الغرب وَأبْعد من الشرق وَمَا كَانَ طوله من الْبِلَاد أَكثر من تسعين دَرَجَة فَإِنَّهُ أبعد من الغرب وَأقرب إِلَى الشرق

فقد ذكر القدماء أَن الْعَالم السفلي مقسوم سَبْعَة أَقسَام كل قسم يُقَال لَهُ إقليم فإقليم الْهِنْد لزحل وإقليم بابل للْمُشْتَرِي وإقليم التّرْك للمريخ وإقليم الرّوم للشمس وقليم مصر لعطارد وإقليم الصين للقمر

وَقَالَ قوم الْحمل وَالْمُشْتَرِي لبابل والجدي وَعُطَارِد للهند والأسد والمريخ للترك وَالْمِيزَان وَالشَّمْس للروم ثمَّ صَارَت السّنة على اثْنَي عشر برجا فالحمل ومثلاه للمشرق والثور ومثلاه للجنوب والجوزاء ومثلاها للمغرب والسرطان ومثلاه للشمال

قَالُوا وَفِي كل إقليم مدينتان عظيمتان يحْسب بَين كل كَوْكَب إِلَّا إقليم الشَّمْس وإقليم الْقَمَر فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي كل إقليم مِنْهُمَا سوى مَدِينَة وَاحِدَة عَظِيمَة وَجَمِيع مَدَائِن الأقاليم السَّبْعَة وحصونها أحد وَعِشْرُونَ ألف مَدِينَة وست مائَة مَدِينَة وحصن بِقدر دقائق درج الْفلك

وَقَالَ هرمس إِذا جعلت هَذِه الدقائق روابع كَانَت أنَاس هَذِه الأقاليم وَإِذا مَاتَ أحد ولد نَظِيره وَيُقَال أَن عدد مدن الإقليم الأول من مطلع الشَّمْس وقراها ثَلَاثَة آلَاف وَمِائَة مَدِينَة وقرية كَبِيرَة وان فِي الثَّانِي أَلفَيْنِ وَسَبْعمائة وَثَلَاث عشر مَدِينَة وقرية كَبِيرَة وَفِي الثَّالِث ثَلَاثَة آلَاف وتسع وَسَبْعُونَ وَفِي الرَّابِع وَهُوَ بابل أَلفَانِ وَتِسْعمِائَة وَأَرْبع وَسَبْعُونَ وَفِي الْخَامِس ثَلَاثَة آلَاف وست مدن وَفِي السَّادِس

ص: 168

ثَلَاثَة آلَاف وَأَرْبَعمِائَة وثمان مدن وَفِي السَّابِع ثَلَاثَة آلَاف وثلاثمائة مَدِينَة وقرية كَبِيرَة فِي الجزائر

ثمَّ إِن الأول وَالثَّانِي من الأقاليم المعمورة أقل عمرانا مِمَّا بعدهمَا وَمَا وجد من عمرانه فيتخلله الْخَلَاء والقفار والرمال وَالْبَحْر الْهِنْدِيّ الَّذِي فِي الشرق مِنْهُمَا وأمم هذَيْن الإقليمين وأناسيهما لَيست لَهُم الْكَثْرَة الْبَالِغَة وأمصاره ومدنه كَذَلِك وَالثَّالِث وَالرَّابِع وَمَا بعدهمَا بِخِلَاف ذَلِك فالقفار فِيهَا قَليلَة والرمال كَذَلِك أَو مَعْدُومَة وأممها وأناسيها تجوز الْحَد من الْكَثْرَة وأمصارها ومدنها تجَاوز الْحَد والعمران فِيهَا مندرج مَا بَين الثَّالِث وَالسَّادِس والجنوب خلاء كُله وَقد ذكر كثير من الْحُكَمَاء أَن ذَلِك لإفراط الْحر وَقلة ميل الشَّمْس فِيهَا عَن سمت الرؤوس

وَقد أوضح ذَلِك ابْن خلدون ببرهانه ويتبين مِنْهُ سَبَب كَثْرَة الْعِمَارَة فِيمَا بَين الثَّالِث وَالرَّابِع من جَانب الشمَال إِلَى الْخَامِس وَالسَّابِع

فالإقليم الأول يمر وَسطه بالمواضع الَّتِي طول نَهَارهَا الأطول ثَلَاث عشر سَاعَة ويرتفع القطب الشمالي فِيهَا عَن الْأُفق سِتّ عشرَة دَرَجَة وَثلثا دَرَجَة وَهُوَ الْعرض وانتهاء عرض هَذَا الإقليم من حَيْثُ يكون طول النَّهَار الأطول فِيهِ ثَلَاث عشرَة سَاعَة وَربع سَاعَة وارتفاع القطب الشمالي وَهُوَ الْعرض عشرُون دَرَجَة وَنصف دَرَجَة وَهُوَ مَسَافَة أَرْبَعمِائَة وَأَرْبَعين ميلًا وابتداؤه من أقْصَى بِلَاد الصين فيمر فِيهَا إِلَى مَا يَلِي الْجنُوب ويمر بسواحل الْهِنْد ثمَّ بِبِلَاد السَّنَد ويمر فِي الْبَحْر على جَزِيرَة الْعَرَب وَأَرْض الْيمن وَيقطع بَحر القلزم فيمر بِبِلَاد الْحَبَشَة وَيقطع نيل مصر إِلَى بِلَاد ومدينة دنقله من أَرض النّوبَة ويمر فِي أَرض الْمغرب على جنوب البربر إِلَى نَحْو الْبَحْر الْمُحِيط وَفِي هَذَا الإقليم عشرُون جبلا فِيهَا مَا طوله من عشْرين فرسخا إِلَى ألف فَرسَخ وَفِيه ثَلَاثُونَ نَهرا طَويلا مِنْهَا مَا طوله ألف فَرسَخ إِلَى عشْرين فرسخا وَفِيه خَمْسُونَ مَدِينَة كَبِيرَة

ص: 169

وَعَامة أهل هَذَا والإقليم سود الألوان وَلِهَذَا الإقليم من البروج الْحمل والقوس وَله من الْكَوَاكِب السيارة المُشْتَرِي وَهُوَ مَعَ فرط حرارته كثير الْمِيَاه كثير المروج وَزرع أَهله الذّرة والأرز إِلَّا أَن الِاعْتِدَال عِنْدهم مَعْدُوم فَلَا يُثمر عِنْدهم كرم وَلَا حِنْطَة وَالْبَقر عِنْدهم كثير لِكَثْرَة المروج وَفِي مشرقه الْبَحْر الْخَارِج وَرَاء خطّ الاسْتوَاء بِثَلَاث عشرَة دَرَجَة وَفِي مغربه النّيل وبحر الغرب وَمن هَذَا الإقليم يَأْتِي نيل مصر وشرقهم معمور بالبحر الشَّرْقِي الَّذِي هُوَ بَحر الْهِنْد واليمن وَهَذَا الإقليم مار من الْمغرب إِلَى الْمشرق مَعَ خطّ الاسْتوَاء بحده من جِهَة الْجنُوب وَلَيْسَ وَرَاء هُنَالك إِلَّا القفار والرمال وَبَعض عمَارَة إِن صحت فَهِيَ كل عمَارَة ويليه من جِهَة شِمَاله الإقليم الثَّانِي ثمَّ الثَّالِث كَذَلِك ثمَّ الرَّابِع وَالْخَامِس وَالسَّادِس وَالسَّابِع وَهُوَ آخر الْعمرَان من جِهَة الشمَال وَلَيْسَ وَرَاء السَّابِع إِلَّا الْخَلَاء والقفار إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى الْبَحْر الْمُحِيط كالحال فِي مَا وَرَاء الإقليم الأول فِي جِهَة الْجنُوب إِلَّا أَن الْخَلَاء فِي جِهَة الشمَال أقل بِكَثِير من الْخَلَاء الَّذِي فِي جِهَة الْجنُوب

ثمَّ إِن أزمنة اللَّيْل وَالنَّهَار تَتَفَاوَت فِي هَذِه الأقاليم بِسَبَب ميل الشَّمْس عَن دَائِرَة معدل النَّهَار وارتفاع القطب الشمالي عَن آفاقها فيتفاوت قَوس النَّهَار وَاللَّيْل لذَلِك كَمَا ذكرنَا وَفِيه من جِهَة غربه الجزائر الخالدات الَّتِي مِنْهَا بَدَأَ بطليموس بِأخذ أطوال الْبِلَاد وَلَيْسَت فِي بسيط الإقليم وَإِنَّمَا هِيَ فِي الْبَحْر الْمُحِيط جزر متكثرة أكبرها وأشهرها ثَلَاثَة وَيُقَال إِنَّهَا معمورة

الإقليم الثَّانِي حَيْثُ يكون طول النَّهَار الأطول ثَلَاث عشرَة سَاعَة وَنصف ويرتفع القطب الشمالي فِيهِ قدر أَرْبَعَة وَعشْرين جُزْءا وَعشر جُزْء وَعرضه من حد الإقليم الأول إِلَى حَيْثُ يكون النَّهَار الأطول ثَلَاث عشرَة سَاعَة وَنصف وَربع وارتفاع القطب الشمالي وَهُوَ الْعرض سَبْعَة وَعِشْرُونَ دَرَجَة وَنصف دَرَجَة ومساحة هَذَا الإقليم أَرْبَعمِائَة ميل ويبتدئ من بِلَاد الْمشرق مارا بِبِلَاد الصين إِلَى بِلَاد الْهِنْد والسند ثمَّ بملتقى الْبَحْر الْأَخْضَر وبحر الْبَصْرَة وَيقطع جَزِيرَة الْعَرَب قي أَرض نجد

ص: 170

وتهامة فَيدْخل فِي هَذَا الإقليم الْيَمَامَة والبحران وهجر مَكَّة وَالْمَدينَة والطائف وَأَرْض الْحجاز وَيقطع بَحر القلزم فيمر بصعيد مصر الْأَعْلَى وَيقطع النّيل فَيصير فِيهِ مَدِينَة قوص واخميم واسنا وانصنا وأسوان ويمر فِي أَرض الْمغرب على وسط بِلَاد إفريقية فيمر على بِلَاد البربر إِلَى الْبَحْر فِي الْمغرب وَفِي هَذَا الإقليم سَبْعَة عشر جبلا وَسَبْعَة عشر نَهرا طوَالًا وَأَرْبَعمِائَة وَخَمْسُونَ مَدِينَة كَبِيرَة وألوان أهل هَذَا الإقليم مَا بَين السمرَة والسواد وَله من البروج الجدي وَمن السيارة زحل ويسكن هَذَا الإقليم الرحالة فَفِي الْمغرب حدالة وصنهاجة ولمتونة ومسوفة ويتصل بهم رحالة مصر من أَلْوَاح وَفِي هَذَا الإقليم يكون نخل وَفِيه مَكَّة وَالْمَدينَة وَمن السماوة من أهل الْعرَاق إِلَى رحالة التّرْك وَهُوَ مُتَّصِل بِالْأولِ من جِهَة الشمَال وقبالة الْمغرب مِنْهُ فِي الْبَحْر الْمُحِيط جزيرتان من الجزائر الخالدات

الإقليم الثَّالِث وَسطه حَيْثُ يكون النَّهَار الأطول أَربع عشرَة سَاعَة وارتفاع القطب وَهُوَ الْعرض ثَلَاثُونَ دَرَجَة وَنصف وَخمْس دَرَجَة وَعرض هَذَا الإقليم من حد الإقليم الثَّانِي إِلَى حَيْثُ يكون النَّهَار الأطول أَربع عشرَة سَاعَة وَربع سَاعَة وارتفاع القطب وَهُوَ الْعرض ثَلَاث وَثَلَاثُونَ دَرَجَة ومسافته ثَلَاثمِائَة وَخَمْسُونَ ميلًا ويبتدىء من الشرق فيمر بشمال الصين وبلاد الْهِنْد وَفِيه مَدِينَة الهندهار ثمَّ بشمال السَّنَد وبلاد كابل وكرمان وسبحستان إِلَى سواحل بَحر الْبَصْرَة وَفِيه اصطخر وسابور وشيراز وسيراف ويمر بالأهواز وَالْعراق وَالْبَصْرَة وواسط وبغداد والكوفة والأنبار وهيت ويمر بِبِلَاد الشَّام إِلَى سلمية وصور وعكا ودمشق وطبرية وقيسارية وَبَيت الْمُقَدّس وعسقلان وغزة ومدين والقلزم وَيقطع أَسْفَل أَرض مصر من شمال انصنا إِلَى فسطاط مصر وسواحل الْبَحْر وَفِيه الفيوم والاسكندرية والفرما وتنيس ودمياط ويمر بِبِلَاد برقة إِلَى افريقية فَيدْخل فِيهِ القيروان وَيَنْتَهِي فِي الْبَحْر إِلَى الغرب وَبِهَذَا الإقليم ثَلَاث وَثَلَاثُونَ جبلا كبارًا وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ نَهرا طوَالًا وَمِائَة وَثَمَانِية وَعِشْرُونَ مَدِينَة وَأَهله سمر الألوان وَله من البروج

ص: 171

الْعَقْرَب وَمن السيارة الزهرة وَفِي هَذَا الإقليم العمائر المتواصلة من أَوله إِلَى آخِره وَهُوَ مُتَّصِل بِالثَّانِي من جِهَة الشمَال

والإقليم الرَّابِع وَسطه حَيْثُ يكون النَّهَار الأطول أَربع عشرَة سَاعَة وَنصف سَاعَة وارتفاع القطب الشمالي وَهُوَ الْعرض سِتّ وَثَلَاثُونَ دَرَجَة وَخمْس دَرَجَة وحد هَذَا الإقليم من حد الإقليم الثَّالِث إِلَى حَيْثُ يكون النَّهَار الأطول أَربع عشرَة سَاعَة وَنصف وَربع سَاعَة وَالْعرض تسعا وَعشْرين دَرَجَة وَثلث دَرَجَة ومسافة هَذَا الإقليم ثَلَاثمِائَة ميل ويبتدىء من الشرق فيمر بِبِلَاد التبت وخرسان وخجنده وفرغانة سَمَرْقَنْد وبخارى وهراة ومرو والرود وسرخس وطوس ونيسابور وجرجان وقومس وطبرستان وقزوين والديلم والري واصفهان وهمدان ونهاوند ودينور والموصل ونصيبين وآمد وَرَأس الْعين وشميساط والرقة ويمر بِبِلَاد الشَّام فَيدْخل فِيهِ بالس وَمسح ولمطية وحلب وإنطاكية وطرابلس والصيصة وحماة وصيدا وطرطوس وعمورية واللاذقية وَيقطع بَحر الشَّام على جَزِيرَة قبرس ورودس ويمر بِبِلَاد طنجة فينتهي إِلَى بَحر الْمغرب وَفِي هَذَا الإقليم خَمْسَة وَعِشْرُونَ جبلا كبارًا وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ نَهرا طوَالًا وَمِائَتَا مَدِينَة واثنتا عشرَة مَدِينَة وألوان أَهله مَا بَين السمرَة وَالْبَيَاض وَله من البروج الجوزاء وَمن السيارة عُطَارِد وَفِيه الْبَحْر الرُّومِي من مغربه إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَمن هَذَا الإقليم ظَهرت الْأَنْبِيَاء وَالرسل صلوَات الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَمِنْه انْتَشَر الْحُكَمَاء وَالْعُلَمَاء فَإِنَّهُ وسط الأقاليم ثَلَاثَة جنوبية وَثَلَاثَة شمالية وَهُوَ فِي قسم الشَّمْس وَبعده فِي الْفَضِيلَة الإقليم الثَّالِث وَالْخَامِس فَإِنَّهُمَا على جَنْبَيْهِ وَبَقِيَّة الأقاليم منحطة أهلوها ناقصون ومنحطون عَن الْفَضِيلَة لسماجة صورهم وتوحش أَخْلَاقهم كالزنج والحبشة وَأكْثر أُمَم الإقليم الأول وَالثَّانِي وَالسَّادِس وَالسَّابِع يَأْجُوج وَمَأْجُوج والتغرغر والصقالبة وَنَحْوهم وَهُوَ مُتَّصِل بالثالث من جِهَة الشمَال

والإقليم الْخَامِس وَسطه حَيْثُ يكون النَّهَار الأطول خمس عشرَة سَاعَة وارتفاع القطب الشمالي وَهُوَ الْعرض إِحْدَى وَأَرْبَعُونَ دَرَجَة

ص: 172

وَثلث دَرَجَة وابتداؤه من نِهَايَة عرض الإقليم الرَّابِع إِلَى حَيْثُ يكون النَّهَار الأطول خمس عشر سَاعَة وَنصف سَاعَة وَالْعرض ثَلَاثًا وَأَرْبَعين دَرَجَة ومسافته خَمْسُونَ وَمِائَتَا ميل ويبتدئ من الْمشرق إِلَى بِلَاد يَأْجُوج وَمَأْجُوج ويمر بشمال خُرَاسَان وَفِيه خوارزم واسبيجاب وآذربيجان وبردعة وسجستان واردن وخلاط ويمر على بِلَاد الرّوم إِلَى رُومِية الْكُبْرَى والأندلس حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الْبَحْر الَّذِي فِي الْمغرب وَفِي هَذَا الإقليم من الْجبَال الطوَال ثَلَاثُونَ جبلا وَمن الْأَنْهَار الْكِبَار خَمْسَة عشر نَهرا وَمن الْمَدَائِن الْكِبَار مِائَتَا مَدِينَة وَأكْثر أَهله بيض الألوان وَله من البروج الدَّلْو وَمن السيارة الْقَمَر

والإقليم السَّادِس وَسطه حَيْثُ يكون النَّهَار الأطول خمس عشرَة سَاعَة وَنصف وارتفاع القطب الشمالي وَهُوَ الْعرض خمْسا وَأَرْبَعين دَرَجَة وخمسي دَرَجَة وابتداؤه من حد نِهَايَة عرض الاقليم الْخَامِس إِلَى حَيْثُ يكون النَّهَار الاطول خمس عشرَة سَاعَة وَنصف وَربع سَاعَة وَالْعرض سبعا وَأَرْبَعين دَرَجَة وَربع دَرَجَة ومسافة هَذَا الإقليم مِائَتَا ميل وَعشرَة أَمْيَال ويبتدئ من الْمشرق فيمر بمساكن التّرْك من الجرخير والتغرغر إِلَى بِلَاد الخزر من شمال تخومهم على اللان والشرير وَأَرْض برجان والقسطنطينية وشمال الأندلس إِلَى الْبَحْر الْمُحِيط الغربي وَفِي هَذِه الإقليم من الْجبَال الطوَال اثْنَان وَعِشْرُونَ جبلا وَمن الْأَنْهَار الطوَال اثْنَان وَثَلَاثُونَ نَهرا وَمن المدن الْكِبَار تسعون مَدِينَة وَأكْثر أهل هَذَا الإقليم ألوانهم مَا بَين الشقرة وَالْبَيَاض وَله من البروج السرطان وَمن السيارة المريخ

ولإقليم السَّابِع وَسطه حَيْثُ يكون النَّهَار الأطول سِتّ عشر سَاعَة سَوَاء وارتفاع القطب الشمالي وَهُوَ الْعرض ثَمَانِيَة وَأَرْبَعين دَرَجَة وثلثي دَرَجَة وَابْتِدَاء هَذَا الإقليم من حد نِهَايَة الإقليم السَّادِس إِلَى حَيْثُ يكون النَّهَار الأطول سِتّ عشرَة سَاعَة وَربع سَاعَة وَالْعرض خمسين دَرَجَة وَنصف دَرَجَة ومسافته مائَة وَخَمْسَة وَثَمَانُونَ ميلًا فَتبين أَن مَا بَين أول حد الإقليم الأول وَآخر حد الإقليم السَّابِع ثَلَاث سَاعَات وَنصف

ص: 173

وَأَن ارْتِفَاع القطب الشمالي ثَمَانِيَة وَثَلَاثُونَ دَرَجَة تكون من الأميال أَلفَيْنِ وَمِائَة وَأَرْبَعين ميلًا ويبتدئ الإقليم السَّابِع من الْمشرق على بِلَاد يَأْجُوج وَمَأْجُوج ويمر بِبِلَاد التّرْك على سواحل بَحر جرجان مَا يَلِي الشمَال وَيقطع بَحر الرّوم على بِلَاد جرجان والصقالبة إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى الْبَحْر الْمُحِيط فِي الْمغرب وَبِهَذَا الإقليم عشرَة جبال طوال وَأَرْبَعُونَ نَهرا طوَالًا وَاثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ مَدِينَة كَبِيرَة وَأَهله شقر الألوان وَله من البروج الْمِيزَان وَمن السيارة الشَّمْس

وَفِي كل إقليم من هَذِه الأقاليم السَّبْعَة أُمَم مُخْتَلفَة الآلسن والألوان وَغير ذَلِك من الطبائع والأخلاق والآراء والديانات والمذاهب والعقائد والأعمال والصنائع والعادات والعبادات لَا يشبه بَعضهم بَعْضًا

وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانَات والمعادن والنبات مُخْتَلفَة فِي الشكل والطعم واللون وَالرِّيح بِحَسب اخْتِلَاف أهوية الْبلدَانِ وتربة الْبِقَاع وعذوبة الْمِيَاه وملوحتها على مَا اقتضته طوالع كل بلد من البروج على أفقه وممر الْكَوَاكِب على مسامتة الْبِقَاع من الأَرْض ومطارح شعاعاتها على الْمَوَاضِع كَمَا هُوَ مقرّ فِي موَاضعه من كتب الْحِكْمَة ليتدبر أولو النَّهْي وَيعْتَبر ذَوُو الحجى بتدبير الله فِي خلقه وَتَقْدِيره لما يَشَاء وَفعله لما يُرِيد لَا إِلَه إِلَّا هُوَ

وَمَعَ ذَلِك فَإِن الرّبع المسكون من الأَرْض على تفَاوت أقطاره مقسوم بَين سبع أُمَم كبار وهم الصين والهند والسودان والبربر وَالروم وَالتّرْك وَالْفرس فجنوب مشرق الأَرْض فِي يَد الصين وشماله فِي يَد التّرْك ووسط جنوب الأَرْض فِي يَد الْهِنْد وَفِي وسط شمال الأَرْض الرّوم وَفِي جنوب مغرب الأَرْض السودَان وَفِي شمال مغرب الأَرْض البربر وَكَانَت الْفرس فِي وسط هَذِه الممالك قد أحاطت بهم الْأُمَم السِّت

ص: 174