الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر السّنة الشمسية والقمرية
هِيَ عبارَة عَن عود الشَّمْس فِي فلك البروج إِذا تحركت على خلاف حَرَكَة الْكل إِلَى أَي نقطة فرضت إبتداء حركتها وَذَلِكَ أَنَّهَا تستو فِي الْأَزْمِنَة الْأَرْبَعَة الَّتِي هِيَ الرّبيع والصيف والخريف والشتاء وتحوز طبائعها الْأَرْبَع وتنتهي إِلَى حَيْثُ بدأت
وَفِي هَذِه الْمدَّة يَسْتَوْفِي فِي الْقَمَر اثْنَتَيْ عشرَة وَأَقل من نصف عودة ويستهل اثْنَتَيْ عشرَة عودة مرّة فَجعلت الْمدَّة الَّتِي فِيهَا عودات الْقَمَر الإثنتا عشرَة فِي فلك البروج سنة للقمر على جِهَة الْإِصْلَاح وَأسْقط الْكسر الَّذِي هُوَ أحد عشر يَوْمًا بالتقريب فَصَارَت السّنة على قسمَيْنِ سنة شمسية وَسنة قمرية لوجميع من على وَجه الأَرْض من الْأُمَم أخذُوا تواريخ سنيهم من مسير الشَّمْس وَالْقَمَر فالآخذون بسير الشَّمْس خمس أُمَم اليونانيون والسريانيون والقبط وَالروم وَالْفرس والآخذون بسير الْقَمَر خمس أُمَم هم الْعَرَب الْيَهُود وَالنَّصَارَى والمسلمون والهند فَأهل قسطنطينية والإسكندرية وَسَائِر الرّوم والسريانيون والكلدانيون وَأهل مصر وَمن يعْمل بِرَأْي المعتضد أخذُوا بِالسنةِ الشمسية الَّتِي هِيَ ثَلَاثمِائَة وَخَمْسَة وَسِتُّونَ يَوْمًا وَربع يَوْم بالتقريب وصيروا السّنة ثَلَاثمِائَة وَخَمْسَة وَسِتِّينَ يَوْمًا وألحقوا الأرباع بهَا فِي كل أَربع سِنِين يَوْمًا حَتَّى أنجبرت السّنة وَسموا تِلْكَ السّنة كبيسة لإنكباس الأرباع فِيهَا
وَأما قبط مصر القدماء فَإِنَّهُم كَانُوا يتركون الأرباع حَتَّى يجْتَمع مِنْهَا أَيَّام سنة تَامَّة وَذَلِكَ فِي كل ألف وَأَرْبَعمِائَة وَسِتِّينَ سنة ثمَّ يكسبونها سنة
وَاحِدَة وينفقون حِينَئِذٍ فِي أول تِلْكَ السّنة مَعَ أهل الْإسْكَنْدَريَّة وقسطنطينية
وَأما الْفرس فَإِنَّهُم جعلُوا السّنة ثَلَاثمِائَة وَخَمْسَة وَسِتِّينَ يَوْمًا من غير كبس حَتَّى اجْتمع لَهُم من ربع الْيَوْم فِي مائَة وَعشْرين سنة أَيَّام شهر تَامّ وَمن خمس السَّاعَة الَّذِي يتبع ربع الْيَوْم عِنْدهم يَوْم وَاحِد فألحقوا الشَّهْر التَّام بهَا فِي كل مائَة وست عشرَة سنة وَاقْتضى أَثَرهم فِي هَذَا أهل خوارزم القدماء والصغد وَمن دَان بدين فَارس
وَكَانَت الْمُلُوك البيشدادية مِنْهُم وهم الَّذين ملكوا الدُّنْيَا بحذافيرها يعْملُونَ السّنة ثَلَاثمِائَة وَخَمْسَة وَسِتِّينَ يَوْمًا كل شهر مِنْهَا ثَلَاثُونَ يَوْمًا سَوَاء وَكَانُوا يكبسون السّنة كل سِتّ سِنِين بِشَهْر ويسمونها كبيسة وكل مائَة وَعشْرين سنة بِشَهْر أَحدهمَا بِسَبَب خَمْسَة الْأَيَّام وَالثَّانِي بِسَبَب ربع الْيَوْم وَكَانُوا يعظمون تِلْكَ السّنة ويسمونها الْمُبَارَكَة
وَأما قدماء القبط وَأهل فَارس فِي الْإِسْلَام وَأهل خوارزم والصغد فتركوا الكسور أَعنِي الرّبع وَمَا يتبعهُ أصلا
وَأما العبرانيون وَجَمِيع بني إِسْرَائِيل والصابئون والحرانيون فَإِنَّهُم أخذُوا السّنة من مسير الشَّمْس وشهورها من مسير الْقَمَر لتَكون أعيادهم وصيامهم على حِسَاب قمري وَتَكون مَعَ ذَلِك حافظة لأوقاتها من السّنة فكبسوا كل تسع عشرَة سنة قمرية بِسِتَّة أشهر وَوَافَقَهُمْ النَّصَارَى فِي صومهم وَبَعض أعيادهم لِأَن مدَار أَمرهم على نسخ الْيَهُود وخالفوهم فِي الشُّهُور إِلَى مَذْهَب الرّوم والسريانيين
وَكَانَت الْعَرَب فِي جهالتها تنظر إِلَى فضل مَا بَين سنتهمْ وَسنة الْقَمَر وَهُوَ عشرَة أَيَّام وَإِحْدَى وَعِشْرُونَ سَاعَة وَخمْس سَاعَة فيلحقون ذَلِك بهَا شهرا كلما تمّ مِنْهَا مَا يَسْتَوْفِي أَيَّام شهر وَلَكنهُمْ كَانُوا يعْملُونَ على أَنه عشرَة أَيَّام وَعِشْرُونَ سَاعَة وَكَانَ يتَوَلَّى ذَلِك النسأة من بني كنَانَة المعرفون بالقلامس واحدهم قلمس وَهُوَ الْبَحْر الغزير وَهُوَ أَبُو ثُمَامَة جُنَادَة بن عَوْف بن أُميَّة بن قلع وَأول من فعل ذَلِك مِنْهُم حُذَيْفَة بن عبد فقيم وَآخر من فعله أَبُو ثُمَامَة