الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قطعا فَلذَلِك تَجِد فِي الزيج المأموني وَغَيره من الزيجات أَن بَين الطوفان وَبَين الْهِجْرَة ثَلَاثَة آلَاف وَسَبْعمائة وخمسا وَعشْرين سنة وتجد مَا بَين الطوفان وَبَين الْهِجْرَة فِي جدولنا هَذَا ثَلَاثَة آلَاف وَتِسْعمِائَة وأربعا وَسبعين سنة فَيكون مَا فِي الْجَدْوَل أَزِيد مِمَّا فِي الزيجات بمائتين وتسع وَأَرْبَعين سنة وَأما بِمُقْتَضى سفر قُضَاة بني إِسْرَائِيل وسفر مُلُوكهمْ إِذا جَمعنَا مدد ولايتهم فَإِن بَين وَفَاة مُوسَى وَبَين ملك بخت نصر بمقتضي ذَلِك اثْنَتَيْنِ وَخمسين وتسع مائَة سنة وَأما من بخت نصر بمقتضي ذَلِك اثْنَتَيْنِ وَخمسين وتسع مائَة سنة وَأما من بخت نصر إِلَى الْهِجْرَة فَلم يخْتَلف فِيهِ لِأَن بطليموس أثْبته فِي المجسطي وَأما تَارِيخ فيلبس فَهُوَ مَشْهُور كَمَا تقجدم فِيمَا سبق وَقد أرخ بِهِ بطليموس فِي المجسطي غَالب أرصاده وَلَكنَّا تَرَكْنَاهُ للاختصار لقُرْبه من تَارِيخ الْإِسْكَنْدَر لِأَنَّهُ مُتَقَدم على تَارِيخ الْإِسْكَنْدَر بإثنتي عشرَة سنة فَإِذا زِدْت على تَارِيخ الْإِسْكَنْدَر اثْنَتَيْ عشرَة سنة خرج فيلبس وَأما أزدشير بن بابك فَبين ملكه وَبَين الْإِسْكَنْدَر خَمْسمِائَة واثنتا عشرَة سنة تَقْرِيبًا وَبَينه وَبَين الْهِجْرَة أَرْبَعمِائَة وَاثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ سنة انْتهى كَلَامه
وَهَذَا غَايَة الْجمع وَالْبَيَان فِي أَحْوَال التواريخ الْقَدِيمَة للزمان من هبوط آدم عليه السلام إِلَى الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة
ولعلك لَا تَجِد أَكثر مِنْهُ وأوضح مجموعا فِي كتاب بسيط وسفر وسيط ومرقوم مُحِيط وَإِن وجدت شَيْئا من ذَلِك بعد جهد بَالغ وجدت مَا ذَكرْنَاهُ فِي صحف جمة لَا فِي مقَالَة صَغِيرَة فَخذه وَكن من الشَّاكِرِينَ
ذكر وَفَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
إِذا أحطت علما بِمَا ذكرنَا من تَارِيخ الْهِجْرَة وَاخْتِلَاف التواريخ الْمُتَقَدّمَة فَاعْلَم أَنه لما قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من حجَّة الْوَدَاع أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى مَضَت سنة عشر وَالْمحرم من سنة إِحْدَى عشرَة ومعظم صفر وأبتدأ برَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَرضه فِي أوآخر صفر قيل لليلتين بَقِيَتَا مِنْهُ وَهُوَ فِي بَيت زَيْنَب بنت جحش وَكَانَ يَدُور على نِسَائِهِ حَتَّى اشْتَدَّ مَرضه وَهُوَ فِي بَيت مَيْمُونَة بنت الْحَارِث فَجمع نِسَاءَهُ واستأذنهن فِي أَن يمرض فِي بَيت إِحْدَاهُنَّ فَإِذن لَهُ أَن يمرض فِي بَيت عَائِشَة فانتقل إِلَيْهَا وَفِي أثْنَاء
مَرضه خرج بَين الْفضل بن الْعَبَّاس وَعلي بن أبي طَالب حَتَّى جلس على الْمِنْبَر فَحَمدَ الله ثمَّ قَالَ أَيهَا النَّاس من كنت جلدت لَهُ ظهرا فَهَذَا ظَهْري فليستقد مني وَمن كنت شتمت لَهُ عرضا فَهَذَا عرضي فليستقد مِنْهُ وَمن أخذت لَهُ مَالا فَهَذَا مَالِي فليأخذ مِنْهُ وَلَا يخْشَى الشحناء من قبلي فَإِنَّهَا لَيست من شأني ثمَّ نزل وَصلى الظّهْر ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِنْبَر فَعَاد إِلَى مقَامه فَادّعى عَلَيْهِ رجل ثَلَاثَة دَرَاهِم فَأعْطَاهُ عوضا ثمَّ قَالَ إِلَّا أَن فضوح الدُّنْيَا أَهْون من فضوح الْآخِرَة ثمَّ صلى على أَصْحَاب أحد واستغفر لَهُم ثمَّ قَالَ إِن عبدا خَيره الله بَين الدُّنْيَا وَبَين مَا عِنْده فَاخْتَارَ مَا عِنْده فَبكى أَبُو بكر ثمَّ قَالَ فَدَيْنَاك بِأَنْفُسِنَا ثمَّ أوصى بالأنصار وَكَانَ فِي أَيَّام مَرضه يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَإِنَّمَا انْقَطع ثَلَاثَة أَيَّام فَلَمَّا أذن بِالصَّلَاةِ أول مَا انْقَطع قَالَ مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ وتزايد بِهِ مَرضه حَتَّى توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ ضحوة النَّهَار وَقيل نصف النَّهَار لأثنتي عشرَة لَيْلَة خلت من ربيع الأول
فعلى هَذِه الرِّوَايَة يكون يَوْم وَفَاته مُوَافقا ليَوْم مولده وَلما مَاتَ ارْتَدَّ أَكثر الْعَرَب إِلَّا أهل الْمَدِينَة وَمَكَّة والطائف فَإِنَّهُ لم يدخلهَا ردة وَقيل دفن يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي يَوْم مَوته وَقيل لَيْلَة الْأَرْبَعَاء وَهُوَ الْأَصَح وَقيل بَقِي ثَلَاثًا لم يدْفن وَكَانَ الَّذِي تولى غسله عَليّ بن أبي طَالب وَالْعَبَّاس وَالْفضل وَقثم ابْنا الْعَبَّاس وَأُسَامَة بن زيد وشقران مولى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَكَانَ الْعَبَّاس وابناه يقبلونه واسامة وشقران يصبَّانِ المَاء وَعلي يغسلهُ وَعَلِيهِ قَمِيصه وَهُوَ يَقُول بِأبي أَنْت وَأمي طبت حَيا وَمَيتًا وَلم ير مِنْهُ مَا يرى من ميت وكفن صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَة أَثوَاب ثَوْبَيْنِ صحاريين وَبرد حبرَة أدرج فِيهَا أدراجا وصلوا عَلَيْهِ ودفنوه تَحت فرَاشه الَّذِي مَاتَ عَلَيْهِ وحفر لَهُ أَبُو طَلْحَة الْأنْصَارِيّ وَأنزل فِي قَبره عَليّ وَالْفضل وَقثم
وَاخْتلف فِي مُدَّة عمره صلى الله عليه وسلم فَالْمَشْهُور أَنه ثَلَاث وَسِتُّونَ سنة وَقيل خمس وَسِتُّونَ سنة وَقبل سِتُّونَ سنة وَالْمُخْتَار أَنه بعث لأربعين سنة وَأقَام بِمَكَّة يَدْعُو الْإِسْلَام ثَلَاث عشرَة سنة وكسرا وَأقَام بِالْمَدِينَةِ بعد الْهِجْرَة قريب عشر سِنِين فَذَلِك ثَلَاث وَسِتُّونَ سنة وكسور وَقد رثاه جمع من الصَّحَابَة والصحابيات بمراث كَثِيرَة
وَكَانَ بَين كَتفيهِ خَاتم النُّبُوَّة وَهُوَ بضعَة نَاشِزَة حولهَا شعر مثل بَيْضَة الْحَمَامَة تشبه جسده وَقيل كَانَ لَونه أَحْمَر قَالَ أَبُو هُرَيْرَة خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الدُّنْيَا وَلم يشْبع من خبز الشّعير وَكَانَ يَأْتِي على آل مُحَمَّد الشَّهْر والشهران لَا توقد فِي بَيت من بيوته نَار وَكَانَ قوتهم التَّمْر وَالْمَاء وَكَانَ يعصب على بَطْنه الْحجر من الْجُوع قيل كَانَت غَزَوَاته تسع عشرَة وَقيل سِتا وَعشْرين وَقيل سبعأ وَعشْرين غَزْوَة وَآخر غَزَوَاته غَزْوَة تَبُوك وَوَقع الْقِتَال مِنْهَا فِي تسع وَهِي بدر وَأحد وَالْخَنْدَق وَقُرَيْظَة والمصطلق وخبير وَالْفَتْح وحنين والطائف وَبَاقِي الْغَزَوَات لم يجر فِيهَا الْقِتَال وَأما السَّرَايَا والبعوث فَقيل خمس وَثَلَاثُونَ وَقيل ثَمَان وَأَرْبَعُونَ ودواوين الْإِسْلَام وَكتب السّنة المطهرة قد اشْتَمَلت على تفاصيل أَحْوَاله صلى الله عليه وسلم وَمَا جرياته بِمَا هُوَ مَعْرُوف عِنْد عُلَمَاء هَذَا الشَّأْن وَلَيْسَ هَذَا مَوضِع ذكرهَا وأوصافه أجل من أَن تحصر أَو تحيطه الدفاتر صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ على وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا