الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِهِ أخباره وَقد كَانَ النَّاس يفردونه بالتأليف كَمَا فعله المَسْعُودِيّ فِي كتاب مروج الذَّهَب شرح فِيهِ أَحْوَال الْأُمَم والآفاق لعهده فِي عصر الثَّلَاثِينَ والثلاثمائة غربا وشرقا وَذكر نحلهم وعوائدهم وَوصف الْبلدَانِ وَالْجِبَال والبحار والممالك والدول وَفرق شعوب الْعَرَب والعجم فَصَارَ إِمَامًا للمؤرخين يرجعُونَ إِلَيْهِ وأصلا يعولون فِي تَحْقِيق الْكثير من أخبارهم عَلَيْهِ ثمَّ جَاءَ الْبكْرِيّ من بعده فَفعل مثل ذَلِك فِي المسالك والممالك خَاصَّة دون غَيرهَا من الْأَحْوَال لِأَن الْأُمَم والأجيال لعهده لم يَقع فِيهَا كثير انْتِقَال وَلَا عَظِيم تغير
قَول ابْن خلدون
قَالَ ابْن خلدون وَأما لهَذَا الْعَهْد وَهُوَ آخر الْمِائَة الثَّامِنَة فقد انقلبت أَحْوَال الْمغرب الَّذِي نَحن شاهدوه وتبدلت بِالْجُمْلَةِ واعتاض من أجيال البربر أَهله على الْقدَم بِمن طَرَأَ فِيهِ من لدن الْمِائَة الْخَامِسَة من أجيال الْعَرَب بِمَا كسروهم وغلبوهم وانتزعوا مِنْهُم عَامَّة الأوطان وشاركوهم فِيمَا بَقِي من الْبلدَانِ لملكهم هَذَا إِلَى مَا نزل بالعمران شرقا وغربا فِي منتصف هَذِه الْمِائَة الثَّامِنَة من الطَّاعُون الجارف الَّذِي تحيف الْأُمَم وَذهب بِأَهْل الجيل وطوى كثيرا من محَاسِن الْعمرَان ومحاها وَجَاء للدول على حِين هرمها وبلوغ الْغَايَة من مداها فقلص من ظلالها وفل من حَدهَا وأوهن من سلطانها وتداعت إِلَى التلاشي والاضمحلال أحوالها وانتقص عمرَان الأَرْض بانتقاص الْبشر فخربت الْأَمْصَار والمصانع ودرست السبل والمعالم وخلت الديار والمنازل وضعفت الدول والقبائل وتبدل السَّاكِن وَكَأَنِّي بالمشرق فد نزل بِهِ مَا نزل بالمغرب لَكِن على نسبته وَمِقْدَار عمرانه وكأنما نَادَى لِسَان الْكَوْن فِي الْعَالم بالخمول والانقباض فبادر بالإجابة وَالله وَارِث الأَرْض وَمن عَلَيْهَا
مملكة الْهِنْد
قلت وَهَذِه الْحَال هِيَ بِعَينهَا حَال مملكة الْهِنْد فِي هَذَا الْعَصْر وَهُوَ آخر الْمِائَة الثَّالِثَة عشرَة من سني الْهِجْرَة مُنْذُ ذهبت مِنْهَا دولة الْإِسْلَام
واندرست معالم مُلُوكهَا وسلاطينها الْعِظَام وَصَارَت تِلْكَ الدولة البريطانية أَعنِي الإنكليز وَإِذا تبدلت الْأَحْوَال جملَة فَكَأَنَّمَا تبدل الْخلق من أَصله وتحول الْعَالم بأسره وَكَأَنَّهُ خلق جَدِيد ونشأة مستأنفة وعالم مُحدث فَاحْتَاجَ لهَذَا الْعَهْد من يدون أَحْوَال الْخَلِيفَة والآفاق وأجيالها والعوائد والنحل الَّتِي تبدلت لأَهْلهَا
ويقفوا مَسْلَك المَسْعُودِيّ لعصره ليَكُون أصلا يقْتَدى بِهِ من يَأْتِي من المؤرخين من بعده وَقد ذكر ابْن خلدون بعد هَذَا الْبَيَان مَا أمكنه مِنْهُ فِي الْقطر المغربي وَكَذَلِكَ غَيره مَا أمكنهم مِنْهُ فِي الأقطار الشرقية والجنوبية وَلَكِن الْمُحَقق فِي ذَلِك فِي كتب الْقَوْم مَا خلا ابْن خلدون وَأَبا الْفِدَاء نبذة يسيرَة والأقاصيص الْمُخْتَلفَة والأساطير المفتعلة كَثِيرَة جدا ومرد الْعلم كُله إِلَى الله سبحانه وتعالى والبشر عَاجز قَاصِر وَالِاعْتِرَاف مُتَعَيّن وَاجِب وَمن كَانَ الله فِي عونه تيسرت عَلَيْهِ الْمذَاهب وانجحت لَهُ المساعي والمطالب وَهَهُنَا تمت كلمة التَّأْلِيف والالتقاظ من كتب الثقاة على الارتجال مَعَ تبلبل البال وتحول الْحَال وَسميت تِلْكَ لقطَة العجلان مِمَّا تمس إِلَى معرفَة حَاجَة الْإِنْسَان على يَد جَامعه الْفَقِير الْجَانِي وَالْعَبْد الفاني سلالة المَاء والطين وسليل المسنونين أبي الطّيب صديق بن حسن ابْن عَليّ الْحُسَيْنِي القنوجي البُخَارِيّ ختم الله لَهُ بِالْحُسْنَى وَجعل لَهُ لِسَان صدق فِي الآخرين
وَكَانَ تنميقه بيمناه الدائرة وَيَده القاصرة فِي شهر ربيع الأول لَعَلَّه الرَّابِع عشر مِنْهُ سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ وَألف من سني الْهِجْرَة القدسية على صَاحبهَا ألف ألف صَلَاة مَقْبُولَة وتحية مرضية ببلدة دَار الأمارة الْعليا بهوبال المحمية لَا زَالَت ملحوظة بِعَين الله وألطافه الْخفية وَآخر دعوانا أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين وَسَلام على الْمُرْسلين أَولا وأخيرا