الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نظرة في حديث ابن مسعود
للدكتور محمد سليمان الأشقر
بسم الله الرحمن الرحيم
تعليقًا على حديث ابن مسعود الذي رواه البخاري ومسلم أود أن أتكلم من وجهة نظر حديثية وأصولية صرفة، وكم كنت أود لو فرعت بحثي الذي قدمته للمؤتمر في هذه النقطة خاصة، لأنها أساس الكلام تقريبًا في هذا المؤتمر فيما يتعلق ببدء الحياة.
هذا الحديث روي في الصحيحين وغيرهما، وتضمن قضايا مختلفة:
القضية الأولى:
أنه أخبر بكتابة الأجل والرزق، وهذا اتفقت عليه الروايات عن ابن مسعود وغيره من الصحابة، وقد بلغ عددهم كما في فتح الباري عشرة من الصحابة، فلا يشك في ذلك.
القضية الثانية:
أنه أخبر بزيارة المَلَك للجنين في بطن أمه، وهذا أيضًا تتفق فيه الروايات.
القضية الثالثة:
أن هذه الزيارة تكون بعد أربعين وأربعين وأربعين، وهذه النقطة بالذات اختلفت فيها هذه الرواية للحديث مع روايات كثيرة لغير ابن مسعود من الصحابة، بعضها في صحيح مسلم، كحديث أبي أُسيد الغفاري، أن المدة أربعون يومًا، فقط، ولم يذكر عن أي واحد من الصحابة غير ابن مسعود أنها ثلاث أربعينات، بل كلها اتفقت على أنها أربعون واحدة فقط، أو أربعون وبضعة أيام.
فما موقف المحدث تجاه مثل هذا؟
إن هذا النوع هو من تعارض الروايات. ولا ينبغي في نظري أن يقال: إنها زورتان، فإن التفاصيل المذكورة في الروايات تدل على أنها زورة واحدة.
إذن هذا نوع من التعارض، وإحدى الروايات هي الصحيحة، وتعبر عما صدر في الحقيقة والواقع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما الرواية الأخرى - وإن صحت سندًا - فينبغي أن نحملها على تصرف من بعض الرواة بنوع من الوهم، أو نؤولها، أو نفهمها على وضع غير ما يتبادر منها.
قد قال بعض من تكلم من المحدثين في هذا الموضوع: إن اختيار البخاري لرواية الأربعينات الثلاث، وعدم ذكره لما خالفها، نوع من الترجيح.
ولكن يمكن أن ننظر في هذا الأمر بطريقة أخرى، وهي أن كثرة الرواة، واتفاقهم على طريقة واحدة، ترجح على رواية الواحد.
فإذا علمنا أن الرواة عن ابن مسعود في الروايات التي صحت سندًا لم يأت بالأربعينات إلا واحد منهم فقط هو المسمى زيد بن وهب: نعلم بذلك رجحان رواية أن الأربعين واحدة، حيث إنها قد صحت واتفق عليها سائر الرواة.
وهذا الترجيح هو المطابق لكلام الأصوليين والمحدثين، طبقًا لما يذكرونه في باب التعارض، من أن الترجيح بكثرة الرواة أصل معتبر، خاصة وقد صحت الروايتان من حيث السند، وتكون رواية الأربعينات الثلاث شاذة.
فإذا صح هذا الترجيح لزمنا أن نعتبر أن نفخ الروح، وما ذكر معه إنما يكون بعد أربعين، أو اثنين وأربعين، أو خمسة وأربعين يومًا، وليس بعد مائة وعشرين يومًا.
وينبغي أن تبنى الأحكام على هذا التوقيت لا على التوقيت بأربعة أشهر.
ويمكن أن نذهب إلى طريقة الجمع بين الروايتين، حيث إن الجمع في حال التعارض أولى من الترجيح.
فأشير إلى أن رواية ابن مسعود التي فيها الأربعينات الثلاث رويت في الصحيحين بطرقتين:
الأولى: قالت: ((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يُرسل إليه المَلَكُ)) .
أما الرواية الثانية: فأرجو أن يتنبه إلى لفظها: هي تقول: ((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك)) .
فهذا الاختلاف لا شك أنه وقع بعد ابن مسعود وليس من ابن مسعود نفسه.
فإذا دققنا النظر في الرواية الثانية أمكن أن تحل الإشكالات كلها، فهي قالت:((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك)) .
فقوله: "في ذلك" يعود إلى ماذا؟
لم أجد أحدًا تكلم في الفرق بين الروايتين، ولعلهم استسهلوا فهم الرواية الأولى ففهموا أنها أربعينات ثلاث، ولكن أغفلوا الكلام عن الرواية الثانية:
إن كلمة "في ذلك" لا يظهر لها أي مرجع ترجع إليه إلا قوله (أربعين يومًا) أي تكون أيضًا علقة في الأربعين الأولى، وكذلك مرحلة العلقة هي أيضًا في الأربعين الأولى، وبهذا تجتمع جميع الروايات عن ابن مسعود وغيره، ولا يكون بينها تعارض.
ومآل الطريقتين واحد: إن قلنا بالتعارض والترجيح فالمدة أربعون يومًا فقط، وإن قلنا بالجمع فالمدة أربعون يومًا فقط كذلك.
أما القضية الرابعة: التي ذكرت في رواية ابن مسعود، فهي أن المَلك ينفخ الروح في الجنين في زورته تلك، فهذه القضية لم تذكر في أي رواية أخرى إلا في رواية ابن مسعود، إلا أنها رويت عن ابن عباس من قوله.
وأيضًا هنا أتكلم من وجهة نظر أصولية وحديثية صرفة.
قد يظن أن هذا أيضًا من باب تعارض الروايات.
ونقول: لا، ليس هذا من باب التعارض في شيء، بل هذا من زيادة بعض الرواة عن البعض الآخر، فقد أتى بتفصيل لم يذكره غيره، فيكون هذا من باب (زيادة الراوي الثقة) وليس من باب التعارض.
(وزيادة الراوي الثقة) قد تضعف بسبب عدم مشاركة غيره من الرواة له في تلك الزيادة، وانفراده بذلك، لأن غيره كان يسمع كما سمع، فلماذا أتى هو بما لم يأت به غيره؟
ولكن الراجح عند العلماء أن زيادة الراوي الثقة عن غيره مقبولة، ويعلم بمضمونها وعلى هذا فرواية (نفخ الروح) في زيارة الملك معتمدة ومقبولة، وتؤيدها إشارات قرآنية وحديثية أخرى، بخلاف قضية الأربعينات الثلاث.
وقد تعرضت لهذه المسألة في ندوة الإنجاب بإيجاز ولم أزل أقلبها في ذهني، وقد رجعت إلى كثير من الروايات، وأرجو أن يكون هذا الأمر الذي وصلت إليه كاشفًا للأمر، وجامعًا بين الروايات، ويثبت عندنا أن زيارة الملك إنما هي بعد أربعين واحدة فقط.
والمسألة – مع ذلك - بحاجة إلى مزيد من البحث، بحيث تجمع جميع الروايات من كتب الحديث، بأسانيدها ومتونها، جمعًا مستقصيًا، ثم ينظر فيها بعد ذلك بحسب ما تقتضيه الأصول المقررة لدى المختصين، ويخرج برأي حاسم في الموضوع والله أعلم.
نهاية الحياة الإنسانية في نظر الإسلام
للشيخ بدر المتولي عبد الباسط
باطلاعي على ما كتبه إخواننا الأطباء يكاد إجماعهم ينعقد على أن الحياة الإنسانية تنتهي بتوقف المخ عن العمل، ورتبوا على ذلك أحكامًا في غاية الخطورة، وهي جواز الانتفاع بأعضاء من هذا الشخص لآخرين حتى ولو كانت أجهزته الأساسية يقوم بعضها بأداء مهمته كالجهاز الهضمي والتنفسي والدموي، سواء أكان قيام هذه الأجهزة بنفسها أم بواسطة أجهزة من صنع الإنسان.
وقبل أن أبين رأيي أسائل السادة الأطباء عن أمرين:
أولهما: لو مات الجهاز التنفسي مثلًا هل كان يستجيب لأداء وظيفته بالأجهزة المستحدثة؟
ثانيهما: هل الجسم الميت يكون فيه عامل الهدم والبناء معًا.. أم لا يبقى إلا عامل الهدم دون غيره؟
وعلى ضوء الإجابة يتضح هذا الأمر الخطير.. فإن كان الجواب عن الأول بأن الأجهزة البشرية إذا ماتت حقيقة لا تستجيب للأجهزة الحديثة، فيكون الموت بموت هذه الأجهزة وليس بتوقف المخ وحده.
وإن كانت هذه الأجهزة البشرية لا تستجيب إلا إذا كانت بها حياة فكيف يقال بأن الموت إنما هو بتوقف المخ فقط؟
أما السؤال الثاني: فإن توقف المخ مع بقاء الأجهزة البشرية لأداء وظيفتها بوسائل حديثة يبقى هناك عامل الهدم والبناء في الجسم البشري وهذا دليل على وجود الحياة، فكيف يقال بأن الموت يعتبر بتوقف المخ وحده مع بقاء الجسم في حالة هدم وبناء؟
والإسلام رتب على انتهاء الحياة الإنسانية أحكامًا كثيرة منها:
وجوب غسله وتكفينه ودفنه وانتقال عدة المرأة إلى عدة المتوفي عنها زوجها إن لم تكن حاملًا.. كما رتب على ذلك وجوب القصاص أو الدية إذا كان انتهاء الحياة بسبب جناية، كما رتب على ذلك أيضًا أحكام الميراث والوصية فكان لا بد من تحديد الموت الحقيقي المعتبر شرعًا والذي يترتب عليه هذه الأحكام وغيرها.
وبالرجوع إلى المصادر الفقهية تبين ما يأتي: يكاد يجمع الفقهاء على أنه إذا شق شخص بطن إنسان ولم يخرج حشوته، فجاء آخر وذفف عليه أي ذبحه فالقصاص على الثاني دون الأول؛ لأن شق البطن يمكن أن يعيش الإنسان معه ما لم تفصل حشوته من أمعاء ومعدة وكبد وغير ذلك.
أما إذا شق إنسان بطن آخر وأخرج حشوته وبقي فيه حياة وجاء من ذفف عليه أي ذبحه فالقصاص على الأول، والثاني يجب تعزيره، لأن ما بقي من الحياة بعد إخراج الحشوة هي حياة غير مستقرة، ولكن لكرامة الإنسان وجب أن يحافظ على هذا القدر ولا يعتدي عليه.
كما أن الفقهاء قرروا أنه لا توارث بين شخصين نفذ فيهما القتل في لحظة واحدة، إلا أنه بقي أحدهما يضطرب أكثر من الثاني، فاشترطوا أن تكون الحياة التي بموجبها يستحق الحي الميراث أن تكون حياة فوق حياة المذبوح.
وبهذا يمكنني أن أقول: إن الحياة الإنسانية تنتهي –بالنسبة لبعض الأحكام كالميراث- بمباشرة سبب الوفاة وأنه لا بد في الميراث من أن تكون حياة الوارث فوق حياة المذبوح.
ولكن هل يعقل أن تُجْرَى على من توقف مخه الأحكامُ الأخرى من غسل وتكفين وأن تُزَوَّجَ امرأته وهو لا يزال تحت الأجهزة يتنفس ويتغذى؟ !!!
وقد وقع ما يكاد يبطل نظرية توقف المخ فقط، فقد نشرت جريدة الأهرام في صفحتها الخامسة بتاريخ: 30/ 9/ 1984 م هذا الخبر أنقله حرفيًا وعنوانه: "حالة فريدة من نوعها: أم في غيبوبة تضع طفلًا مكتمل النمو
…
"حالة وضع غريبة أثارت اهتمام العلماء في العالم أجمع، تلك حالة السيدة الفنلندية انجاليتالو 32 عامًا التي وضعت طفلها الرابع وهي في غيبوبة تامة منذ شهرين ونصف، وقد دخلت الأم في هذه الغيبوبة إثر إصابتها بنزيف في المخ، والغريب أن الأم قد توفيت بعد أن وضعت طفلها ماركو بيومين.. ويؤكد د. جورما هيكينين الطبيب الذي باشر حالة السيدة أن هذه الحالة تعتبر نادرة للغاية، فقد كانت الأم تتنفس صناعيًا وتتغذى بالأنابيب وينقل لها دم مرة أسبوعيًا، وذلك لمدة عشرة أسابيع.
أما الشيء الذي حير الأطباء فهو كيف أمكن اكتمال نمو الطفل بطريقة طبيعية تحت هذه الظروف؟ بل إن الطفل ولد بصحة طيبة ووزن طبيعي.. يقول الأب: إنه يعتقد أن ولادة ابنه ماركو تعتبر شيئًا من قبيل المعجزة إذ إنه كان قد فقد الأمل في أن يعيش الجنين بعد الغيبوبة التي دخلت فيها الأم، غير أن عناية الله كانت تفوق كل توقع، وكان الأطباء يباشرون حالة الجنين بانتظام عن طريق الموجات الصوتية.. وفي الأسبوع الـ 22 كان على الأطباء أن يتموا عملية الوضع لكنهم تركوا القرار الأخير للأب الذي وافقه على الفور، وكان لمولد الطفل ماركو وقع مهدئ على الأسرة لتعويضهم عن الصدمة المؤلمة التي شعروا بها بعد موت الأم وللطفل ماركو ثلاثة إخوة تتراوح أعمارهم بين 5، و 11 عامًا.
فما يدرينا لعل الله سبحانه وتعالى أن يوفق بعض الباحثين إلى ما يعيد للمخ حياته بعد توقفه، كما وفق الأطباء بعض الباحثين إلى ما يعيد للمخ حياته بعد توقفه، كما وفق الأطباء إلى زرع الكلى والقلوب والأعضاء الأخرى.
وما أفتى به بعض العلماء من جواز الانتفاع ببعض أعضاء الميت لإنقاذ حياة حي فإن ذلك لا يكون إلا بعد التحقق من وفاة المأخوذ منه عضوا يعيش إلا به، كالقلب والكبد، ويحفظ بالوسائل العلمية الحديثة لينتفع به.. ولا أعتقد أن عالمًا في الشريعة يستطيع أن يفتي بجواز نزع قلب شخص لا تزال به حياة –مهما كانت هذه الحياة ضئيلة- لينقل إلى شخص آخر.
ومما ينبغي أن يعلم أن فقهاء الإسلام جميعًا مجمعون على أنه لو كان شخص في النزع الأخير – من غير جناية - فجاء من قتله وجب القصاص إذا كان القتل عمدًا والدية إذا كان خطأ.
والذي يستريح له ضميري بعد مراجعة النصوص الفقهية، أن مثل هذه المسألة يفتى فيها بالأحوط أخذًا بقاعدة (اليقين لا يزول بالشك) .
فبناء على هذا إذا كانت الحياة بعد توقف المخ مثل حياة المذبوح، فإن هذا الشخص لا يرث غيره، لأن شرط الميراث تحقق حياة الوارث بعد المورث، وحياة مثل هذا الشخص حياة مشكوك فيها، والشك لا يعارض اليقين.
كما أن هذا الشخص إذا كان بهذه الحال لا يورث حتى تتحقق وفاته، لأن حياته كانت ثابتة بيقين، وحياته في هذه الحال مشكوك فيها، كما يجب أن لا تجرى عليه الأعمال التي تجرى في الوفاة من غسل وتكفين ودفن.
أما عن زوجته فالذي أطمئن إليه أنه لا تبدأ عدتها إلا بعد التحقق من وفاته، بحيث لا يكون هناك شك في حياة أي جهاز من أجهزته الحيوية.
تنبيه:
جاء في بعض ما كتبه إخواننا الأطباء العبارة الآتية "إذا وجدت المصلحة فثم شرع الله".
وهذه العبارة تحتاج إلى توضيح فأقول وبالله التوفيق:
إن المصالح التي جاء بها الشرع خمس:
1-
مصلحة الدين.
2-
مصلحة النفس.
3-
مصلحة العقل.
4-
مصلحة النسل.
5-
مصلحة المال.
وهذه المصالح منها ما هو ضروري بحيث تفوت المصلحة بفوته، ومنها ما هو حاجي بحيث تبقى المصلحة ولكن مع الحرج الشديد، ومنها ما هو تحسيني.. وقد تتعارض هذه المصالح فتقدم مصلحة الدين على مصلحة النفس، ومصلحة النفس على مصلحة العقل، ومصلحة العقل على مصلحة النسل.. وكل هذه المصالح تتقدم على مصلحة المال.. كما يقدم الضروري منها على الحاجي.. والحاجي على التحسيني، ثم إن المصالح بالنسبة لاعتبار الشارع ثلاث:
1-
مصلحة معتبرة شرعًا.
2-
مصلحة ملغاة شرعًا.
3-
مصلحة سكت عنها الشارع فلم يعتبرها ولم يلغها.
فأما المصالح التي ألغاها الشارع فهي كالمصلحة في الخمر والميسر فالله سبحانه وتعالى يقول {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} وكالمصلحة في الربا كما كان يزعم المرابون قديمًا بقولهم "إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا" فألغى الله ما في الربا من مصلحة بقوله {وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} وكالمصلحة في التبني فقد ألغاها الله بقوله {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ} فكل مصلحة ألغاها الشارع لا ينبغي أن نبني عليها حكمًا بل هي مهدرة وهي من تخييل الهوى.
وأما المصالح التي سكت عنها الشارع فلم يعتبرها ولم يلغها، وهي ما يعرف عند العلماء بالمصالح المرسلة فالأمر فيها موسع، ويؤخذ فيها برأي المختصين.
بعد هذا البيان ينبغي أن يفهم ما قالوه من أنه إذا وجدت المصلحة فثم شرع الله.. أن المراد بالمصلحة التي تتفق مع شرع الله هي التي لم يلغها الشارع ولم يملها الهوى وقديمًا قيل:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
كما أن عين السخط تبدي المساويا
ولعله بعد هذا البيان يجب أن لا نحكم أولًا ثم نلتمس الأسباب والعلل والمسوغات التي لا يعجز العقل البشري عن التماسها عندما يكون خاضعًا للأهواء والأغراض.
هذا ما بدا لي في هذا الموضوع الخطير حتى لا ننساق وراء كل جديد.
والله من وراء القصد
…
متى تنتهي الحياة
للشيخ محمد المختار السلامي
مفتي تونس
إن انتهاء الحياة له حالتان – حالة ظرفية وحالة مطلقة.
الحالة الظرفية:
هي حالة توقف الأجهزة الأساسية عن العمل توقفًا نهائيًا لا يمكن للعلم حسب إمكاناته ومستواه أن يعيدها إلى العمل من جديد، والأجهزة الأساسية هي القلب باعتباره المغذي لكل الأجهزة البشرية وجذع الدماغ باعتباره المنظم وبرج القيادة لكل الأجهزة فإذا امتنع الغذاء أو خربت القيادة أبديًا كان الموت.
ثم إن عمل هذين قد يكون عملًا طبيعيًا ولا إشكال في هذا، وقد يكون العمل غير طبيعي كتركيب آلات بوظائف القسم المعطل، فهل يعتبر الإنسان ما دامت فيه الحياة ولو كانت حياة خلوية أو آلية هل يعتبر حيًا له حكم الأحياء؟
يقول خليل بن إسحاق: ولا سقط ما لم يستهل ولو تحرك أو بال أو رضع.
إن هذه الفقرة تجعل مقياس الحياة الصوت، وقد فصل اللخمي ما تكون به الحياة فقال:
اختلف في الحركة والرضاع والعطاس فقال مالك: لا يكون له بذلك حكم الحياة، قال ابن حبيب: وإن أقام يومًا يتنفس ويفتح عينيه ويتحرك حتى يسمع له صوت، وإن كان خفيًا، قال إسماعيل: وحركته كحركته في البطن لا يحكم له فيها بحياة، قال عبد الوهاب: وقد يتحرك المقتول، وعارض هذا المازري وقال: لا معنى لإنكار دلالة الرضاع على الحياة لأنا نعلم علمًا يقينيًا أنه محال بالعادة أن يرضع الميت، وليس الرضاع من الأفعال التي تكون بين الطبيعية والاختيارية، كما قال ابن الماجشون: إن العطاس يكون من الريح، والبول من استرخاء المواسك، لأن الرضاع لا يكون إلا من القصد إليه، والتشكك في دلالته على الحياة يطرق إلى هدم قواعد ضرورية –والصواب ما قاله ابن وهب وغيره إنه كالاستهلاك بالصراخ (1)
ويقول المواق معلقًا على هذا البحث انظر هذا البحث من الإمام فقد كان عمر رضي الله عنه لما طعن معدودًا في الأموات لو مات له مورث لما ورثه، وهو قول ابن القاسم، ولو قتل رجل عمر رضي الله عنه لما قتل به وإن كان عمر حينئذ يتكلم ويعهد، وفرق بين ولد البقرة مثلًا تزلقه ومثله يعيش وبين المريضة التي أيس من حياتها، هذه يراعى الاستصحاب فتحسب حية وتتعلق بها الذكاة بخلاف المزلق (2)
(1) الزرقاني ج 2 ص 112
(2)
شرح المواق علي خليل ج 2 ص 250
لقد نقلت هذا النص بطوله لبيان أن المجتهدين قد اختلفوا متى تعتبر الحياة منتهية فينتفي تبعًا لذلك ترتب أحكام الحياة، لقد رأينا أنهم لم يعتبروا الحياة تثبت إلا بالصوت والصوت حركة مرتبطة بالدماغ، فإذا كان الدماغ هامدًا لا يعطي أوامره ولا يضبط الإرجاع عن المؤاثرات فإنه لا حياة، ولذلك قدروا أن العطاس والبول والرضاع لا يعبر عن الحياة، وتنبه المازري إلى أن الرضاع حركة إرادية يعني أن الدماغ هو الذي يتدخل ليرضع الإنسان، فالامتصاص ليس عملية طبيعية وإنما هو عملية إرادية لا تكون إلا إذا كان الدماغ عاملًا.
ولكن حتى عمل الدماغ لم يعتبره المواق دليل حياة ما لم يكن عمله محكومًا عليه بالدمار القريب، فإذا حصل في أجزاء الجسم ما يدمر الطاقة الذهنية وحركة الدماغ كان في حكم الميت لا يرث غيره في هذه الحالة.
الرأي عندي:
بعد هذا العرض من الاختلاف في تحديد حياة الإنسان واعتباره ميتًا إذا كانت الحياة السارية ليست حياة بالمعنى الكامل كحياة الذي نفذت مقاتله، أو حياة الموضوع تحت الأجهزة الآلية التي تبقى على الدورة الدموية، أقول: إن هذا الرأي يبدو لي أنه رأي غير وجيه ويترجح عندي أنه ما دامت الأجهزة الأساسية حية فالإنسان حي يأخذ كل أحكام الأحياء.
إن الذي رجح عندي هذا هو أنه في السنة الماضية قرأت فصلًا في إحدى الجرائد جاء فيه أن فتاة أمريكية تعيش اصطناعيًا لمدة سنوات وطلب أبواها أن تراح من هذا العذاب المتواصل، وأن يقطع الأطباء أجهزتهم عن العمل لفائدتها، وبعد تدخل القضاء ورضا الأطباء بذلك كانت المفاجأة، إذ استمرت الحياة فيها غير معتمدة على الأجهزة، وأيضًا فإنه قبل سنوات كان المريض الذي يتوقف قلبه عن النبض تمامًا يعتبر قد انتقل من حالة المرض إلى حالة الموت، لكن توقف القلب بعد تقدم الجراحة الطبية أصبح لا يدل على موت صاحبه، بل إن عملية القلب المفتوح تقتضي توقيف القلب.
الحالة المطلقة:
أعتقد جازمًا أنه لا يمكن إعطاء تحديد مطلق للموت لأن العلم يتطور تطورًا مبدعًا، وإذا أمكنه اليوم أن يعيد للقلب نبضه وانتظامه، فما المانع من أن يتمكن في يوم من الأيام من أن يعيد إلى جذع الدماغ قدرته ودوره؟ خاصة وقد دخل الدماغ الإلكتروني في الساحة الطبية، ويسر على الجراحين العمليات المعقدة والخطيرة وحقق نجاحًا مذهلًا ولذا يكون إعطاء تعريف مطلق للموت فيه من التجني على المستقبل ما لا يمكن قبوله بحال.
طريقة طرح السؤال:
إنه بناء على ما تقدم يكون من الخير أن يقدم السؤال لا على أساس تحديد الموت والمقياس الضابط لذلك، ولكن على أساس هل يجوز شرعًا نقل أعضاء حية إلى المصابين والذين حياتهم في خطر إذا لم يسعفوا بهذا العضو الذي لا بد أن ينقل في حالة حياة قبل أن تدمر خلاياه.
إن التكييف الشرعي لنقل الأعضاء لا يرتبط بتحديد الحياة والموت ولكنه يرتبط بأمرين آخرين:
الأول: المضطر لما حرم عليه
المضطر: هو الإنسان الذي يبلغ درجة الاختيار بين أمرين لا ثالث لهما؛ الموت المحقق أو تناول ما يحرم عليه وقد جاءت الآية صريحة في جواز الإقدام على المحرم حفاظًا على الحياة قال تعالى {وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} (1) وقال تعالى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (2) ونص الفقهاء على أن المضطر يجب عليه أن يبقى على حياته بتناوله للمحرم، والخلاف بينهم إنما هو في تفصيلات كالبيع والتزود وأمور أخرى يهمنا منها:
أ- هل التداوي كالأكل؟
يقول ابن تيمية: والتداوي بالمحرم ليس مثل أكل المضطر للميتة فإن ذلك يحصل به المقصود قطعًا وليس له عنه عوض، والأكل منها واجب فمن اضطر إلى الميتة ولم يأكل حتى مات دخل النار، وهنا لا يعلم حصول الشفاء ولا يتعين هذا الدواء، بل الله تعالى يعافي العبد بأسباب متعددة والتداوي ليس بواجب عند جمهور العلماء ولا يقاس هذا بهذا (3)
(1) سورة الأنعام آية 118
(2)
سورة البقرة آية 173
(3)
الفتاوى ج 24 ص 266 وما بعدها
ويقول الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور: ومما اختلفوا في قياسه على ضرورة الجوع ضرورة التداوي، فقيل لا يتداوى بهذه المحرمات ولا بشيء مما حرم الله كالخمر، وهو قول مالك والجمهور ولم يزل الناس يستشكلونه لاتحاد العلة وهي حفظ الحياة، وعندي أن وجهة أن تحقق العلة فيه منتف إن لم يبلغ العلم بخصائص الأدوية ظن نفعها كلها إلا ما جرب منها وكم من أغلاط كانت للمتطببين في خصائص الدواء؟ ونقل الفخر عن بعضهم إباحة تناول المحرمات من الأدوية، وعندي أنه إذا وقع قوة ظن الأطباء الثقات بنفع الدواء المحرم من مرض عظيم وتعينه أو غلب ذلك في التجربة فالجواز قياسًا على الأكل للمضطر وإلا فلا (1)
ملاحظة:
إن المتتبع لكلام الفقهاء يتبين له أن سبب الخلاف هو مقدار ثقة الفقيه في وصف الأطباء، إذ الطب لم يكن واثقًا من كثير من العقاقير، ولا من تشخيص المرض ولا من ملاءمتها للمريض، والمرض كما يدل عليه تعليل ابن تيمية وهنا لا يعلم حصول الشفاء ولا يتعين هذا الدواء، لذا ولأنه بمقدار ما تزيد الثقة في الصحة بالتجربة يزداد الاطمئنان إلى جواز تناول الدواء وإن ركب من محرم.
أكل الميتة:
إذا اضطر الإنسان لأكل الميتة جاز له الأكل منها بلا خلاف، وذلك بنص القرآن لكنهم اختلفوا رغم ذلك في أمور:
أ- هل يجوز للمضطر أن يأكل ميتة الإنسان؟
يقول خليل للضرورة ما يسد (أي الرمق) غير آدمي وخمر.
يقول شارحه الزرقاني واستثناؤه الآدمي مسلمًا أو كافرًا موافق للمشهود الذي صدر به في الجنائز، ثم ذكر مقابلة –ونصه "والنص عدم جواز أكله لمضطر وصحح أكله، وهل علة الحرمة التعبد وهو المشهور أو الإذاية لأنه قيل إذا جافت صارت سما. وهو لابن عمران الجورائي، ثم قوله وصحح أكله وما قبلاه من المنع شامل لأكله من نفسه كيده أو رجله. ولا يبعد القول بإباحة أكله من بعض أعضائه حفاظًا لنفسه كما ذكروه فيمن لدغته أفعى في يده وكان يرجو الحياة بقطعها قبل سريان السم فيه، أو طولها فإنه يجب". (2)
(1) التحرير والتنوير ج 2 ص 121
(2)
الزرقاني ج 3 ص 28
ومذهب أحمد كما فصله المغني.
وإن لم يجد المضطر شيئًا لم يبح له أكل بعض أعضائه. وقال بعض أصحاب الشافعي له ذلك لأن له أن يحفظ الجملة بقطع عضو كما لو وقعت فيه الأكلة.
ولنا أن أكله من نفسه ربما قتله فيكون قاتلًا لنفسه، ولا يتيقن حصول البقاء بأكله، أما قطع الأكلة فإنه يخاف الهلاك بذلك العضو فأبيح له إبعاده ودفع ضرره المتوجه منه بتركه كما أبيح قتل الصائل عليه. ولم يبح له قتله لمأكله.
وإن لم يجد إلا آدميًا محقون الدم لم يبح له قتله إجماعًا ولا إتلاف عضو منه مسلمًا كان أو كافرًا لأنه مثله: فلا يجوز أن يبقى نفسه بإتلافه. وهذا لا خلاف فيه وإن كان مباح الدم كالحربي والمرتد فذكر القاضي أن له قتله وأكله لأن قتله مباح. وهكذا قال أصحاب الشافعي لأنه لا حرمة له فهو بمنزلة السباع. وإن وجد ميتًا أبيح أكله لأن أكله مباح بعد قتله فكذلك بعد موته. وإن وجد معصومًا ميتًا لم يبح أكله في قول أصحابنا.
قال الشافعية وبعض الحنفية يباح، وهو أولى لأن حرمة الحي أعظم ومذهب الشافعي كما ذكره الهيثمي في التحفة.
وله أي المعصوم بل عليه أكل آدمي ميت محرم إذا لم يجد ميتة غيره ولو مغلطة، لأن حرمة الحي أعظم، ومن ثم لو كانت ميتة نبي امتنع الأكل منها قطعًا. وكذا ميتة مسلم والمضطر ذمي. وظاهر كلامهما أنهما حيث اتحدا إسلامًا وعصمة لم ينظر لأفضلية الميت، وإذا جاز أكله حرم طبخه وقيده شارح الأذرعي بما إذا أمكن أكله نيئًا.
وله بل عليه قتل مهدر نحو مرتد وحربي وزان محصن ومحارب وتارك صلاة بشرطه ومن عليه قود بغير إذن الإمام للضرورة لا ذمي ومستأمن لعصمتهما. وصبي وحربي وامرأة حربية لحرمة قتلهما قلت الأصح قتل الصبي والمرأة الحربيين، وكذا الخنثى والمجنون ورفيقهم للأكل والله أعلم لعدم عصمتهم. وحرمة قتلهم إنما هي لحق الغانمين ومن ثم لم تجب فيه كفارة. (1)
(1) المغني جـ 8 ص 601 - 602
إن هذه النصوص الثلاثة يمكننا أن نستخلص منها ما يلي:
أ- أكل الميت
مذهب مالك أن الأكل من الإنسان الميت للضرورة مختلف فيه المشهور عدم الجواز والصحيح الجواز.
مذهب أحمد أن الأكل من الإنسان الميت للضرورة مختلف فيه محترم الدم جاز أكله وإن كان محترم الدم فالأولى الجواز.
مذهب الشافعي جواز الأكل من الميت إلا إذا كان المضطر ذميًا أو الميت مسلمًا.
ب- قتل الحي لأكله
مذهب مالك الحرمة
مذهب أحمد إن كان محقون الدم فلا يجوز له قتله لأكله، وإن كان غير محقون الدم جاز قتله وأكله.
مذهب الشافعي أنه يجب عليه قتل الحربي والمسلم المرتكب ما يوجب قتله، وكذا الحربي المحقون الدم كالمرأة والصبي.
جـ – أكل بعض أعضائه
مذهب مالك ترجيح أكله بعض أعضائه.
مذهب أحمد ترجيح عدم الجواز.
مذهب الشافعي جواز أكل بعض أجزائه
النتائج
بناء على هذا فإن نقل بعض أعضاء من إنسان إلى آخر مع بقاء حياة كل منهما لا مانع منه، لأنه حتى على مذهب أحمد هو معلل بأن الانتفاع ببعض الأعضاء ربما يؤدي إلى الموت فمتى اطمأننا إلى السلامة فلا مانع.
- أنه بناء على ما ذكر صاحب التحفة
فإنه يجوز أكل كل من أجزاء المحكوم عليهم بالإعدام وكذا كل من لم يكن معصوم الدم.
- إذا جاز الأكل لاستبقاء الحياة فإنه يجوز الانتفاع بالعضو لاستبقاء الحياة أيضًا بواسطة زرعه.
- بناء على أن أولياء الميت يملكون العفو فإذا كان الإنسان في حالة جيدة اصطناعية فلا مانع من الاستفادة ببعض أعضائه لإنقاذ حياة غيره.
الثاني: الوجه الثاني من التكييف الشرعي – الإيثار.
يقول الزركشي قال الإمام في باب صول الفحل لا خلاف في استحباب الإيثار وإن أدى إلى هلاك المؤثر وهو من شيم الصالحين، فإذا اضطر وانتهى إلى المخمصة ومعه ما يسد جوعه وفي رفقته مضطر فآثره بالطعام فهو حسن، وكذا القول في سائر الإيثارات التي يتدارك بها المهج. قال والده في باب التيمم من الفروق، المضطر إن أراد الإيثار بما معه لاستحياء مهجة أخرى كان له الإيثار وإن خاف فوات مهجته. (1)
هذا وإنه أثناء كتابة هذا البحث اطلعت في النشرة الإخبارية لوكالات الأنباء السعودية على الخبر التالي: يستضيف مستشفى القوات المسلحة بالرياض خلال الفترة من 25 إلى 27 ربيع الأول الحالي الموافق 17/ 9 – 5 ديسمبر 1984 مؤتمر الشرق الأوسط الدولي الثاني عن زراعة الأعضاء.
وفي الصفحة التالية ودعا الفريق المواطنين للاستعداد للتبرع بكلاهم وذلك بعد الموت حتى يستفاد منها، مشيرًا إلى أن ذلك واجب ديني قبل أن يكون وطنيًا، مشيرين بذلك إلى قرار هيئة كبار العلماء رقم 99 وتاريخ 6/11/1402 وقرار مجلس الوزراء رقم 4/ 29221 اللذين أجازا التبرع بالأعضاء. (2)
إني سأعمل للتحصيل على الفتوى التي تفضلت بإصدارها الهيئة الموقرة لكبار علماء المملكة المشار إليها بالخبر أعلاه. وإني أدعو بهذه المناسبة رجال الإعلام أن يتوخوا الدقة فيما يكتبون وأن لا ينساقوا مع أقلامهم المغموسة بالعواطف ففرق كبير بين أن التبرع بالكلى واجب ديني وبين قولهم بعد الذي أجاز التبرع إن معنى أنه واجب ديني أن كل من لم يتبرع آثم لأنه ترك واجبًا ومعنى جائز أنه مختار له أن يفعل وأن يترك.
وأنهي كلمتي هذه التي كتبتها معجلًا إذ لم يرد علي عرض المشاركة إلا في نهاية شهر نوفمبر أنهيها بالتأكيد على أن القضية اجتهادية لا مطمع في اليقين لأي عالم ولا باحث، وإنه من الخير أن يقع التنسيق أفضل بين مؤسسات العالم الإسلامي في تبادل المعلومات، فكلما بحثت دائرة أو هيئة قضية من القضايا فإنه يكون من المتأكد أن تتولى نشرها في الجهات المختصة تعميمًا للفائدة.
والله من وراء القصد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(1) قواعد الزركشي ج 1 ص 211
(2)
وكالة الأنباء السعودية مكتب تونس عدد 11/21/3/1405 ص 5 و6