المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أحكام النقود الورقيةلفضيلة الدكتور أبو بكر دوكوري - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الثالث

- ‌تقديم بقلم معالي الأستاذ سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمة معالي د/ بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمة العددلمعالي الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمة افتتاح الدورةألقاهامعالي الدكتور ناصر الدين الأسد

- ‌كلمة معالي الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحقلفضيلة الشيخ آدم شيخ عبد الله علي

- ‌توظيف الزكاةفي مشاريع ذات ريع دون تمليك فردي للمستحقلفضيلة الشيخ حسن عبد الله الأمين

- ‌طرق الإنجابفي الطب الحديث وحكمها الشرعيلفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌القضايا الأخلاقيةالناجمة عن التحكم في تقنيات الإنجابالتلقيح الاصطناعيلسعادة الدكتور محمد علي البار

- ‌أجهزة الإنعاش وحقيقة الوفاةبين الفقهاء والأطباءلفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌موت الدماغلسعادة الدكتور محمد علي البار

- ‌نهاية الحياة البشريةللدكتور أحمد شوقي إبراهيم

- ‌متى تنتهي الحياة؟للدكتور حسان حتحوت

- ‌القلب وعلاقته بالحياةمدخل في مناقشة "متى تنتهي الحياة"للدكتور أحمد القاضي

- ‌نهاية الحياة الإنسانيةللدكتور مصطفى صبري أردوغدو

- ‌نهاية الحياة الإنسانيةللدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌نهاية الحياة الإنسانية في ضوء اجتهاداتالعلماء المسلمين والمعطيات الطبيةللدكتور محمد نعيم ياسين

- ‌نظرة في حديث ابن مسعودللدكتور محمد سليمان الأشقر

- ‌حقيقة الموت والحياةفي القرآن والأحكام الشرعية

- ‌توصياتمؤتمر الطب الإسلامي بالكويت

- ‌دراسةوزارة الصحة بالمملكة العربية السعودية

- ‌ورقة العمل الأردنيةقدمت للمؤتمر العربي الأول للتخدير والإنعاش

- ‌حكم إثبات أول الشهر القمري وتوحيد الرؤيةفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌بحثلفضيلة الشيخ مصطفى كمال التارزي

- ‌بحثفريق علماء جامعة الملك عبد العزيزقسم علوم الفلك

- ‌توحيد بدايات الشهور القمرية(الشمس والقمر بحسبان)لسعادة الدكتور فخر الدين الكراي

- ‌الوثائق المقدمةتوحيد بداية الشهور القمريةلفضيلة الشيخ محمد علي السايس

- ‌المناقشةتوحيد بدايات الشهور القمرية

- ‌من أين يحرم القادمبالطائر جوًا للحج أو العمرة؟لفضيلة الشيخ مصطفى أحمد الزرقاء

- ‌الإحرام للقادم للحج والعمرة بالطائرة والباخرةلفضيلة الشيخ محمد علي عبد الله

- ‌الإحرام للقادم إلى الحج بالطائرة أو الباخرةلفضيلة الشيخ تجاني صابون محمد

- ‌الإحرام من جدة لركاب الطائرات في الفقه الإسلاميلفضيلة الشيخ محيي الدين قادي

- ‌كتاب حدود المشاعر المقدسةلفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام

- ‌جواز الإحرام من جدة لركاب الطائرات والسفن البحريةلفضيلة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود

- ‌حكم الإحرام من جدة للواردين إليها من غيرهاالقرار الثاني لمجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة

- ‌تغيرات النقود والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلاميلفضيلة الدكتور نزيه كمال حماد

- ‌أحكام أوراق النقود والعملاتلفضيلة القاضي محمد تقي العثماني

- ‌أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملةلفضيلة الشيخ محمد علي عبد الله

- ‌أحكام النقود الورقيةلفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف الفرفور

- ‌أحكام النقود الورقيةلفضيلة الدكتور أبو بكر دوكوري

- ‌أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملةفي نظر الشريعة الإسلاميةلفضيلة الشيخ محمد عبده عمر

- ‌النقود الورقيةلفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌الربافضيلة الأستاذ أحمد بازيع الياسين

- ‌أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملةفضيلة الشيخ عبد الله بن بيه

- ‌أحكام النقود واستبدال العملات في الفقه الإسلاميفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌المناقشةأحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملة

- ‌كلمة معالي الدكتور بكر عبد الله أبو زيدرئيس مجلس المجمعكلمة معالي الدكتور بكر أبو زيد

- ‌كلمة معاليالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجةالأمين العام للمجمع

الفصل: ‌أحكام النقود الورقيةلفضيلة الدكتور أبو بكر دوكوري

‌أحكام النقود الورقية

لفضيلة الدكتور أبو بكر دوكوري

بسم الله الرحمن الرحيم

أحكام النقود الورقية

النقود الورقية عبارة عن قطع من أوراق خاصة مزينة بنقوش خاصة تحمل أعدادًا صحيحة يقابلها في العادة رصيد معدني بنسبة خاصة يحددها القانون، وتكون صادرة من حكومة ما أو من هيئة رسمية ليتداولها الناس عملة.

وهذه الأموال المالية هي المستعملة حاليًا في كافة أرجاء العالم نتيجة لاتساع نطاق المعاملات التجارية بين الأفراد والمؤسسات والدول، مما جعل استعمال النقود المعدنية متعذرًا أو عسيرًا باعتبار ندرتها من جهة، فلا تكفي وحدها لتلبية ما تتطلبه الحركة الاقتصادية العالمية المتطورة، وباعتبار ثقلها من جهة أخرى، فيصعب تداولها بين الأفراد وبين المؤسسات المالية المختلفة.

ومع أن النقود الورقية ليست في الأصل إلا تعهدًا بالدفع، إلا أنها يعتمد عليها في كل المعاملات المالية والمبادلات التجارية أكثر مما يعتمد على العملة المعدنية، فصارت هي كالأصل.

ص: 842

قلنا: إن الحاجة الملحة هي التي دفعت جميع الدول في العصر الحاضر إلى الاعتماد على النقود الورقية، ولا نجد رأيًا لفقهاء السلف حول هذه النقود الورقية لعدم وجودها في عصرهم، غير أن علماء العصر وجدوا أنفسهم أمام الأمر الواقع هو كون العملة الورقية قد حلت محل الذهب والفضة في استعمالها مقياسًا للتقييم وواسطة للتبادل وأداة للادخار، فغدت بذلك نقدًا قائمًا بذاته يجب أن يعرف حكم الله فيها، لذلك اجتهدوا وكان طبيعيًا أن يختلفوا في أول الأمر؛ شأن كل مسألة اجتهادية جديدة، فقد رأى بعض العلماء عدم وجوب الزكاة في هذه النقود الورقية؛ لكون النقود الشرعية هي فقط الذهب والفضة، وأما هذه النقود الورقية فقيمتها ليست في ذاتها، بل هي مجرد سندات وتعهد بالدفع، وتفقد قيمتها بمجرد إلغاء التبادل بها، وينسب هذا المذهب إلى بعض المالكية كالشيخ محمد عليش مفتي المالكية في مصر في عصره، فقد سئل عن حكم "الكاغد" وهو ورق فيه ختم السلطان كانوا يتعاملون به كالدراهم والدنانير، فأفتى بعدم وجوب الزكاة فيها (1) .

وأفتى بعض الشافعية كذلك بعدم وجوب الزكاة فيها، أي الأوراق المالية ما لم تقبض قيمتها ذهبًا أو فضة ويمضي على ذلك حول، معللين ذلك بأن التعامل بها حوالة غير صحيحة شرعًا لعدم الإيجاب والقبول اللفظيين، غير أن الغالبية العظمى من الشافعية يرون أن عدم الإيجاب والقبول اللفظيين في الحوالة لا يبطلها إذا جرى العرف بذلك، وقال بعض أئمتهم: المراد بالإيجاب والقبول كل ما يشعر بالرضا قولاً كان أو فعلاً، فيكون الرضا هنا محقق (2) .

(1) راجع فقه الزكاة للدكتور يوسف القرضاوي: 1/271.

(2)

راجع فقه الزكاة للدكتور يوسف القرضاوي: 1/271.

ص: 843

فعلى هذا فالورق النقدي وإن كان التعامل به من قبيل الحوالة على البنك، إلا أن مالكه يملك دينًا على البنك، والبنك مليء مقر مستعد للدفع حاضر، ومتى كان المدين بهذه الحالة فإن الزكاة تجب على الدين في الحال. وبهذا التوجيه أوجب جمهور الشافعية الزكاة على النقود الورقية.

أما الأحناف فقالوا: إن الأوراق المالية من قبيل الدين القوى، لكن لما أمكن صرفها فضة على الفور وجب فيها الزكاة على الفور.

وذهبت المالكية إلى أن هذه الأوراق المالية وأن كانت سندات دين إلا أنها يمكن صرفها فضة على الفور، كما أنها تقوم مقام الذهب في التعامل، فيجب فيها الزكاة بشروطها.

وذهب الحنابلة إلى أنها لا زكاة فيها إلا إذا صرفت ذهبًا أو فضة بالفعل ووجدت فيها شروط الزكاة. ومن هنا ندرك أن العمدة في جميع المذاهب الأربعة وجوب الزكاة في الأوراق المالية باعتبارها سندات دين على بنك الإصدار، وأنها يمكن صرف قيمتها فضة على الفور، وإذا أمعنا النظر في مستندهم هذا نجد أنه ليس بقوي؛ لأن البنوك أصبحت غير ملزمة قانونًا بصرف هذه الأوراق المالية بالذهب أو الفضة.

أضف إلى ذلك أن هناك فروقًا جوهرية بين هذه الأوراق المالية وما هو مضمون بها، وبين الدين الحقيقي وسنده المعروف عند الفقهاء، إذ لا ينطبق عليها لا حقيقة الدين ولا شروطه المعروفة عندهم، فلا يصح اعتبار هذه الأوراق المالية دينًا على بنك الإصدار فتوجب الزكاة فيها بناء على ذلك.

ومن أوجه الفرق: أن الدين إذا كان في ذمة المدين فإنه لا ينمو ولا ينفع به ربه، ولا يجري التعامل بسنده رسميًا؛ لأنه ليس مالاً حاضرًا معدًّا للنماء يحذف هذه النقود الورقية.

إذن فخير ما نعلل به وجوب الزكاة فيها هو أن نقول: إن هذه الأوراق المالية أصبحت هي أساس التعامل بين الناس بعد اعتمادها لدى جميع السلطات الشرعية في العالم، في أثمان الأشياء وبها وبواسطتها تتم عمليات البيع والشراء ويرضي بها الجميع في جميع الاستحقاقات المالية في الأجور والمهور والديات وغيرها، فهي بذلك لها قوة الذهب والفضة في قضاء الحاجات وتحقيق المكاسب والأرباح، بل وأكثر؛ لأن العملة الذهبية أو الفضية أصبحت نادرة لا تكاد ترى. ولا يشك أحد في أن هذه الأوراق المالية بسبب جميع الصلاحيات التي ذكرناها هي أموال نامية أو قابلة للنماء، كما هو الحال في الذهب والفضة، فنوجب فيها الزكاة قياسًا عليهما؛ لأنه قد تقرر بعد التحقيق أن علة وجوب الزكاة في الذهب والفضة هي النماء وقد وجد في الأوراق المالية فنعطيها حكمها.

ص: 844

أما فيما يتعلق بتغير قيمة العملة، فإنه لا تأثير بعد أن عرفنا أن نصاب الذهب عشرون دينارًا، أي 85 جرامًا، وأن نصاب الفضة مائتا درهم أي 595 جرامًا، فمن ملك من العملة الورقية ما يساوي قيمة 85 جرامًا من الذهب أو 595 جرامًا من الفضة، فعليه أن يزكيها ربع العشر أي 2.5 بالمائة.

ولا أعتقد أنه يوجد في عالمنا اليوم عالم إسلامي معتبر يقول بعدم وجوب الزكاة في هذه الأوراق المالية؛ لما في ذلك من ظلم الفقراء وتضييع حقوق المساكين وتعطيل مصالح الإسلامي والمسلمين، فمن عنده أدنى إلمام بمقاصد الشريعة وأهدافها السامية فإنه لا يتردد في إيجاب الزكاة في هذه الأوراق المالية بالقياس الأولى؛ لأن علة وجوب الزكاة في النقدين متحققة فيها بشكل أجلى وأوضح، سواء قلنا بأن علة وجوب الزكاة فيها الثمنية أو النماء. هذا فيما يتعلق ببقية الأحكام كجريان الربا – بنوعيه – عليها فضلاً ونسيئة، وكجواز جعلها رأس مال في بيع السلم والشركات ونحوها، والله أعلم، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

ص: 845