الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المناقشة
أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملة
13 صفر 1407/16 أكتوبر 1986م
الجلسة الصباحية الأولى
الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نفتتح الجلسة الصباحية مستعينين بالله سبحانه وتعالى، ونسألة التوفيق، وأن يلهمنا الصواب.
وفي هذه الجلسة موضوعان: أحدهما: أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملة. والثاني: سندات المقارضة، وقبل الشروع في أحكام النقود الورقية فإن معالي الشيخ عبد العزيز يحب أن يلقي على مسامعكم كلمة قصيرة فليتفضل.
الشيخ عبد العزيز الخياط:
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إخوتي العلماء الأفاضل والأساتذة الكرام، أحببت أن أتحدث في أمرين حديثًا قصيرًا.
الأمر الأول: أن هناك توجهًا وطلبًا وأملاً من هذا المجمع الكريم مجمع الفقه الإسلامي، وقد خاض في أبحاث قيمة عرضت عليه، واتخذ في بعضها قرارات مهمة، وقام بأصالة العلماء وتقواهم وعمق النظرة الاجتهادية في اتخاذ بعض القرارات التي ستتخذ، أو ستعلن في التوصيات الأخيرة، وهي قرارات مهمة.
هناك توجه من أخوتى العلماء الأفاضل ومن بعض الكتاب في الأردن، أن يتوجه هذا المجمع الكريم في المستقبل في جلساته القادمة إلى العناية بالأبحاث في أمور تتعلق بحياتنا كما عرضت هذه الأمور. أن يهتم بأمور العقيدة، وأن يهتم بالأمور المتعلقة بالجهاد والأحكام الشرعية فيها. والأمور الاقتصادية والقضايا والمشكلات المهمة التي نحياها ونعيشها.
ولذلك أرجو أن تقوم شعبة التخطيط بالتوجه والتوجيه إلى هذه النواحى لتقديم الأبحاث والدراسات في هذه الأمور، ولا سيما ونحن نواجه أيضًا بعض المشكلات الشرعية، المشكلات التي تحتاج إلى بيان حكم شرعي في جهادنا مع الأعداء، بالنسبة إلى أعدائنا في فلسطين، أعدائنا في أفغانستان، أعدائنا في لبنان، وفي بعض القضايا، مما يترتب عليه بعض المشكلات لا بد من بيانها، وأرجو أن نتقدم إلى لجنة التخطيط ببعض هذه الأمور لبحثها والتخطيط لها في المستقبل، هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني: وقد اجتمع في هذا المجلس الكريم جلة العلماء الأفاضل ممن لهم باع طويل في الاجتهاد والفقه والعمل، وقاموا بجهود مشكورة في الدعوى إلى الله وبيان الأحكام الشرعية في هذا الزمن العصيب الذي بعد فيه كثير من الناس عن الدين، والذين خشوا تنبه المسلمين وصحوتهم، فبدأوا بالعمل في أسلوب جديد للقضاء على العلماء، ومازلنا نذكر كيف استشهد عالم فاضل كبير من علمائنا هو وزوجته، ممن خدم الإسلام والمسلمين في أمريكا المرحوم إسماعيل الفاروقي، وكيف اعتدي عليها. وبالأمس القريب اعتدي أيضًا على عالم فاضل من زملائنا وأحبائنا كذلك الأستاذ الدكتور صبحي الصالح من علماء لبنان رحمة الله عليه.
وفي هذا الصباح حقيقة تذكرت أخي الدكتور صبحي الصالح، كما ذكرت من قبل أخانا المرحوم إسماعيل الفاروقي، فأحببت فقط أن أنقل بعض مشاعري لأخوتي في هذا الصباح أقرع بها أذهانكم وقلوبكم، وفاضت أريحتي بأبيات أحببت أن أسمعكم إياها. كنت أذكر بعض أبيات لشاعر لبنان، فعلى نمطها خرجت معي هذه الأبيات. لا أريد توصية لكن لأذكركم بأن كل عالم منا يحمل الدعوة إلى الله معرض أن يكرمه الله بالشهادة في حمله لهذه الدعوة، وقد كرم الله إخواننا بالشهادة، وهي أمنية قد لا يستطيع كل إنسان أن ينالها. وأذكر بهذه المناسبة أن الشيخ عز الدين شيخ العلماء وسلطان العلماء في مصر، لما أراد نائب السلطنة أن يقتله جاء إلى بيته وطرق الباب وهو حامل للسيف، فرآه ابنه، فهرول إلى أبيه مذعورًا يقول له: يا أبتى، إن نائب السلطنة جاء ليقتلك، فكان جواب الشيخ عز الدين رحمة الله عليه أن قال: هون عليك يا بني، فإن أباك لم يبلغ بعد درجة الشهداء حتى يقتله نائب السلطان. فتلك كرامة نالها هؤلاء الإخوان قلت:
ذكرتك يا صبحي ففاضت مدامعي
وزادت هموم القلب تعسا على تعس
وعادت بي الذكرى لعهد محب
جديد الليالي كان أصفى من الورس
ودهر قضيناه على الحب والرضى
نفيق الجهاد المر في غمرة البؤس
ذكرتك والسحر الخلوب بيانه
وصوت الدعاة الحر في قوة الجرس
فيا ويح نفسي كيف يقضى صديقنا
على يد نذل مجرم القلب جبس
لقولة حق في مجال تباعض
وصيحة إيمان الخلي من الوكس
أليس ضياع العلم إذا مات أهله
وفقدان أهل الدين أنكى على النفس
فيا أخوة الفقه والدين والهدى أذكركم
صبحي وما كان في لوح الهدى منسي
وعذرا إذا قصرت في الحزن والبكا
فقد جفت دموع الحزن من سكتة الخرس
وشكرا لكم وبارك الله فيكم.
الرئيس:
شكرًا لا فض فوك، نرجو من فضيلة الشيخ نزيه حماد أن يتفضل بالعرض لموضوع النقود الورقية وتغير قيمة العملة.
الشيخ نزيه حماد:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، اللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
إن من أبرز المشكلات الاقتصادية المعاصرة التي تمس الفرد والجماعة في أغلب دون العالم اليوم مشكلة التضخم، وما يرافقه من تأثير كبير وخطير على القوة الشرائية للنقد، حيث تضعف هذه القوة وتقل، مما يؤدي إلى رخص النقود تجاه السلع والمنافع والخدمات التي تبذل عوضًا عنها. كما أن السياسة الاقتصادية لكثير من الدول الحاضرة قد تدعوها إلى تخفيض قيمة عملتها بالنسبة إلى بعض العملات الأخرى، أو بالنسبة إلى الذهب، فتخفضها بالقدر المناسب، وقد تدعوها على عكس ذلك إلى رفع قيمة عملتها فترفعها بالنسبة الملائمة.
وهناك العديد من الدول المعاصرة تحظر التعامل بنقدها خارج حدود أراضيها وفق سياسة اقتصادية معينة، وتمنع بالتالي إخراجه منها إلى أية دولة أخرى، ولو حدث أن أخرج منها بصورة ما، فإنها تمنع إدخاله إليها ثانية. وقد تمنع بعض الدول التعامل بالذهب أو بأية عملة غير عملتها في داخل أراضيها، وتعتبر ذلك من قبيل النظام العام الذي لا تجوز مخالفته، وتجعل كل اتفاق على خلافه باطلا، وقد تلغي بعض الدول شيئا من عملاتها الرائجة تستبدلها بنقد آخر تصطلح على التعامل به
…
إلى آخر ذلك من حالات وصور.
هذا في نطاق السياسة الاقتصادية للدول، أما في مجالات المعاملات الفردية فكثيرًا ما يقرض المرء لغيره مبلغًا من المال إلى أجل معين؛ رفقا به، ومعونة له، ودفعا لحاجته، وتفريجا لكربته، فإذا ما حل أجل الوفاء وجد المقرض أن هذا المبلغ الذي عاد إليه أقل أو أكثر بقليل أو كثير من المبلغ الذي دفعه له قرضا، من حيث قوته الشرائية، أو من حيث قيمته بالنسبة إلى الذهب، أو بالنسبة إلى العملات الأخرى يوم أقرضه، وإن كان مماثلاً له في الكم والعدد.
وكثيرًا ما يشتري التاجر بضاعة بنقد محدد مؤجل الوفاء إلى أمد متفق عليه، وعندما يحل الأجل ويحين وقت الأداء يجد كل واحد من المتبايعين أن المبلغ المتفق عليه قد اختلف حاله، من حيث القوة الشرائية، أو من حيث القيمة بالنسبة إلى الذهب، أو بالنسبة إلى العملات الأخرى عن الوضع الذي كان عليه وقت وجوبه في الذمة بالعقد. وفي كثير من البلدان الإسلامية جرى العرف بين الناس على جعل بعض مهر الزوجة أو أكثره أو كله دينًا مؤجلا في ذمة الزوج، لا يحل إلا بالموت أو الفرقة ويسمونه المهر المؤجل. وواقع الأمر في غالب حالات المهر المؤجل طرو التغير الفاحش على قيمة النقد الذي جُعل مهرًا، وصار دينا في ذمة الزوج عند حلوله، بالنظر إلى يوم ثبوته في الذمة.
هذه بعض صور القضية، وللقضية تعلقات شائكة، وآثار خطيرة، وأبعاد كثيرة لا تكاد تحصى، وإنها لتمس الفرد والمجتمع والدولة في مجالات مختلفة وجوانب شتى، غير أن الذي يعنينا بحثه في هذا المقام ما يتصل بالمعاملات المالية عند تغير أحوال النقد، وأثر ذلك على الديون في الذمم أيا كان سببها ومنشؤها. وهذا الجانب في الحقيقة ونفس الأمر، وإن كان عظيم الأهمية وبالغ الخطورة في هذا العصر على الخصوص، فإن مبادئه وأسسه موجودة ومعروفة في تعامل المسلمين وفقههم، ولفقائهم في ذلك آراء ونظرات هامة جديرة بالعناية بها والإفادة منها، وبيان ذلك:
أولاً: تغيرات النقود الذهبية والفضية: إن الدين الثابت في الذمة إذا كان عملة ذهبية أو فضية محدودة مسماة، فغلت أو رخصت عند حلول وقت الأداء، فلا يلزم المدين أن يؤدي غيرها؛ لأنها نقد بالخلقة، كما يعبر الفقهاء. وهذا التغير في قيمتها لا تأثير له على الدين البتة. وحتى لو زادت الجهة المصدرة لهذه العملة سعرها أو أنقصته، فلا يلزم المدين إلا ما جرى عليه العقد. ولو أبطلت السلطة المصدرة لهذه العملة التعامل بها، فإنه لا يلزم المدين سواها وفاء بالعقد؛ إذ هي المعقود عليها دون غيرها. وعلى ذلك نص الإمام الشافعي والمالكية في المشهور عندهم. وقال بعض المالكية: إذا أبطلت تلك العملة واستبدلت بغيرها فيرجع إلى قيمة العملة الملغاة من الذهب، ويأخذ صاحب الدين القيمة ذهبًا.
ثانيًا: تغيرات النقود الاصطلاحية: إذا كان الدين الثابت في الذمة نقدا بالاصطلاح لا بالخلقة، كسائر العملات الأخرى غير الذهبية والفضية، فطرأ عليه تغير عند حلوله، فعندئذ يفرق بين خمس حالات:
الحالة الأولى الكساد العام للنقد: وذلك بأن توقف الجهة المصدرة للنقد التعامل به، فتترك المعاملة به في جميع البلاد، وهو ما يسميه الفقهاء بكساد النقد. ففي هذه الحالة لو اشترى شخص سلعة ما بنقد محدد معلوم، ثم كسد ذلك النقد قبل الوفاء، أو استدان نقدًا معلومًا ثم كسد قبل الأداء، أو وجب في ذمته المهر المؤجل من نقد محدد ثم كسد قبل حلوله، فقد اختلف الفقهاء في ذلك على أربعة أقوال:
القول الأول لأبي حنيفة: وهو أن النقد الذي كسد إذا كان ثمنًا في بيع، فإنه يفسد العقد ويجب الفسخ ما دام ممكنا؛ لأنه بالكساد خرج عن كونه ثمنًا؛ لأن ثمنيته ثبتت بالاصطلاح، فإذا ترك الناس التعامل به فإنها تزول عنه صفة الثمنية، فيبقى المبيع بلا ثمن، فيفسد البيع ، أما إذا كان دينا في قرض، أو مهرا مؤجلاً، فيجب رد مثله ولو كان كاسدًا؛ لأنه هو الثابت في الذمة لا غيره.
القول الثاني لأبي يوسف، والحنابلة على الراجح عندهم، والمالكية في غير المشهور: وهو أنه لا يجزئ رد المثل بعد ما كسد، ويجب على المدين رد قيمة النقد الذي وقع عليه العقد يوم التعامل من نقد آخر. وإنما اعتبرت القيمة يوم التعامل؛ لأنه وقت الوجوب في الذمة.
والقول الثالث لمحمد بن الحسن الشيباني وبعض الحنابلة: وهو أنه يجب على المدين رد قيمة النقد الذي وقع عليه العقد من النقد الآخر وقت الكساد، أي في آخر نفاقها، وهو آخر ما تعامل الناس بها؛ لأنه وقت الانتقال إلى القيمة، إذ كان يلزمه برد مثلها مادامت نافقة، فإذا كسدت انتقل إلى قيمتها وقتئذ.
الشيخ عبد الله البسام:
هذا هو المشهور لمن؟
الشيخ نزيه حماد:
مشهور المذهب.
والقول الرابع للشافعية والمالكية على المشهور عندهم: وهو أن النقد إذا كسد بعد ثبوته في الذمة وقبل أدائه، فليس للدائن سواه، ويعتبر هذا الكساد كجائحة نزلت بالدائن، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الدين قرضا أو ثمن مبيع أو غير ذلك.
الحالة الثانية الكساد المحلي للنقد: وذلك بأن يكسد النقد في بعض البلاد لا في جميعها، ومثله في عصرنا الحاضر العملات التي تصدرها بعض الدول وتمنع تداولها في خارج حدود أراضيها. وفي هذه الحالة إذا اشترى شخص بنقد نافق، ثم كسد في البلد الذي وقع فيه البيع قبل الأداء، فإن البيع لا يفسد، ويكون البائع بالخيار بين أن يطالبه بالنقد الذي وقع به البيع، وبين أخذ قيمة ذلك النقد من عملة رائجة، وهذا هو القول المعتمد عند الحنفية. وحكي عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه إذا كسد النقد في بلدة واحدة فيجرى عليه فيها حكم الكساد العام في سائر البلاد، اعتبارًا لاصطلاح أهل تلك البلدة.
الحالة الثالثة انقطاع النقد: وذلك بأن يفقد النقد من أيدي الناس ولا يتوفر في الأسواق لمن يريده. وفي هذه الحالة لو اشترى شخص سلعة بنقد معين ثم انقطع قبل أن يؤدي الثمن، فقد اختلف الفقهاء في ذلك على أربعة أقوال:
القول الأول للحنابلة ومحمد بن الحسن الشيباني وهو المفتى به في مذهب الحنفية: وهو أن على المشتري أداء ما يساويه في القيمة في آخر يوم قبل الانقطاع، لتعذر تسليم مثل النقد بعد انقطاعه، فيصار إلى بدله وهو القيمة. ومثل ذلك يقال في دين القرض وغيره. وإنما اعتبرت القيمة قبيل الانقطاع لأنه الوقت الذي ينتقل الوجوب فيه من المثل إلى القيمة.
والقول الثاني لأبي يوسف: وهو أنه يجب على المدين أداء ما يساويه في القيمة يوم التعامل؛ لأنه وقت الوجوب في الذمة.
والقول الثالث لأبي حنيفة: وهو أن الانقطاع كالكساد يوجب فساد البيع.
والقول الرابع للشافعية والمالكية: وهو أنه إن أمكن الحصول على ذلك النقد مع فقده وانقطاعه فيجب الوفاء به، وإلا فتجب قيمته، سواء أكان دين قرض أو ثمن مبيع أو غير ذلك.
الحالة الرابعة غلاء النقد ورخصه: وذلك بأن تزيد قيمة النقد أو تنقص بالنسبة إلى الذهب والفضة. ويعبر الفقهاء عن ذلك بالغلاء والرخص. وفي هذه الحالة إذا تغيرت قيمة النقد غلاء أو رخصًا بعد ما ثبت في ذمة المدين بدلا في قرض أو دين مهر أو ثمن مبيع أو غيره، وقبل أن يؤديه، فقد اختلف الفقهاء في ما يلزم المدين أداؤه على ثلاثة أقوال:
القول الأول لأبي حنيفة والمالكية في المشهور عندهم والشافعية والحنابلة: وهو أن الواجب على المدين أداؤه هو نفس النقد المحدد في العقد والثابت دينا في الذمة، دون زيادة أو نقصان، وليس للدائن سواه. وقد كان القاضي أبو يوسف ذهب إلى هذا الرأي أولا ثم رجع عنه.
والقول الثاني لأبي يوسف أخيرا وعليه الفتوى عند الحنفية: وهو أنه يجب على المدين أن يؤدي قيمة النقد الذي طرأ عليه الغلاء أو الرخص يوم ثبوته في الذمة من نقد رائج، ففي البيع تجب القيمة يوم العقد، وفي القرض يوم القبض.
والقول الثالث وجه عند المالكية: وهو أن التغير إذا كان فاحشًا فيجب أداء قيمة النقد الذي طرأ عليه الغلاء أو الرخص. أما إذا لم يكن فاحشًا فالمثل. يقول الرهوني، معلنًا على قول المالكية المشهور بلزوم المثل ولو تغير النقد بزيادة أو نقص. يقول الرهوني: قلت: وينبغي أن يقيد ذلك بما إذا لم يكثر ذلك جدًا حتى يصير القابض لها كالقابض لما لا كبير منفعة فيه لوجود العلة التي علل بها المخالف. وبالنظر في هذه الأقوال الثلاثة وتعليلاتها يلوح لي:
(أ) أن الاتجاه الفقهي لإيجاب أداء قيمة النقد الذي طرأ عليه الغلاء أو الرخص يوم ثبوته في الذمة، هو الأول بالاعتبار من رأي الجمهور الذاهبين إلى أن الواجب على المدين أداؤه إنما هو نفس النقد المحدد في العقد والثابت في الذمة، دون زيادة أو نقصان، وذلك لاعتبارين:
أحدهما: أن هذا الرأي هو الأقرب للعدالة والإنصاف، فإن المالين إنما يتماثلان إذا استوت قيمتهما، وأما مع اختلاف القيمة فلا تماثل، والله يأمر بالقسط.
والثاني: أن فيه رفعا للضرر عن كل من الدائن والمدين، فلو أقرضه مالا فنقصت قيمته، وأوجبنا عليه قبول أداء المثل عددًا تضرر الدائن؛ لأن المال الذي تقرر له ليس هو المستحق، إذ أصبح بعد نقصان القيمة معيبا بعيب النوع المشابه لعيب العين المعينة، حيث إن عيب العين المعينة هو خروجها عن الكمال بالنقص، وعيب الأنواع نقصان قيمتها. ولو أقرضه مالا فزادت قيمته وأوجبنا عليه أداء المثل عددًا تضرر المدين لإلزامه بأداء زيادة عما أخذ، والقاعدة الشرعية الكلية أنه لا ضرر ولا ضرار.
(ب) أن الرأي الذي استظهره الرهوني من المالكية بلزوم المثل عند تغير النقد بزيادة أو نقص إذا كان ذلك التغير يسيرا، ووجوب القيمة إذا كان التغير فاحشا أولى في نظري من رأي أبي يوسف المفتى به عند الحنفية بوجوب القيمة مطلقا، وذلك لاعتبارين:
أحدهما: أن التغير اليسير مغتفر قياسا على الغبن اليسير والغرر اليسير المغتفرين شرعًا في عقود المعاوضات المالية؛ من أجل رفع الحرج عن الناس، نظرًا لعسر نفيهما في المعاملات بالكلية، ولغرض تحقيق أصل تشريعي مهم؛ وهو استقرار التعامل بين الناس، بخلاف الغبن الفاحش والغرر الفاحش، فإنهما ممنوعان في أبواب البيوع والمعاملات.
والاعتبار الثاني: أن التغير اليسير مغتفر تفريعا على القاعدة الفقهية الكلية: أن ما قارب الشيء يعطى حكمه، بخلاف التغير الفاحش، فإن الضرر فيه بين والجور فيه محقق.
الحالة الخامسة التضخم والانكماش: وهذه الحالة لم يذكرها الفقهاء في كتبهم، ولم يتعرضوا لها في مدوناتهم؛ إذ لم يكن لها من الخطر في زمانهم مثل مالها في عصرنا الحاضر. وحقيقة هذه الحالة أن يطرأ التضخم أو الانكماش بعد الوجوب في الذمة وقبل الوفاء، بحيث تنخفض أو ترتفع القوة الشرائية للنقد الثابت دينا في الذمة تجاه السلع والمنافع والخدمات التي تبذل عوضًا عنه. والذي يستنتج من كلام الفقهاء في مسألة تغير النقود، أن التضخم أو الانكماش وحدهما لا تأثير لهما على الديون البتة، ولو حدث أن قارن التضخم أو الانكماش إحدى الحالات الآنفة الذكر، فإن الحكم يناط بتلك الحالة بغض النظر عن التضخم والانكماش الملازم أو العارض. هذا هو الحكم في الديون التي لا ارتباط لها عند وجوبها بالقوة الشرائية للنقد.
أما الديون التي روعي في تحديدها قوة النقد الشرائية وقت الوجوب، ثم طرأ التضخم المالي وانخفضت تلك القوة الشرائية، فإنها تتغير بحسب نسبة التضخم الحادث، كما في دين النفقة إذا قدره القاضي وفرضه على من تجب عليه بالنظر إلى أسعار الأشياء التي يحتاجها مستحق النفقة وقت التقرير، ثم ارتفعت أسعار هذه الحاجيات في السوق، ففي هذه الحالة يحكم بتغير الدين تبعًا لتغير الوضع المالي للنقد؛ لأن القاعدة التي بني عليها تقدير النفقة إنما هي تحقيق الكفاية للمنفق عليه. وهذا المبلغ المقرر بعد طروء التضخم أصبح غير كاف للوفاء بالغرض المناط به، فلهذا يتغير الدين تبعًا لتغير مناطه، ويزاد مقداره وفقًا لنسبة التضخم الحادث. وعكس ذلك يقال في حالة طروء الانكماش في مثل هذه الواقعة، ومثل ذلك مرتبات الموظفين والجند والعمال إذا كان تقديرها لهم معتبرا بالكفاية، فإنها تتغير ارتفاعًا وانخفاضا بحسب الغلاء والرخص، وتبعا للتضخم والانكماش. نص على ذلك الماوردي في الأحكام السلطانية، وأبو يعلى في الأحكام السلطانية، وبدر الدين ابن جماعة في تحرير الكلام وغيرهم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
هذه هي القضية الأولى المطروحة في الموضوع، وهناك عدة قضايا أخرى. هل يرى الرئيس أن أعرضها الآن أم بالتسلسل؟
الرئيس:
الذي نعرفه أن الذي لدينا قضيتان: إحداهما قضية تغير قيمة العملة وتفضلتم بها، والثاني أحكام النقود الورقية من حيث العلة، ومن حيث نظرية تكييفها الفقهي.
الشيخ نزيه حماد:
تحب نعاود الثانية؟
الرئيس:
تفضل المفروض أن تكون هي الأولى.
الشيخ نزيه حماد:
هذه هي القضية الأولى التي طرحتها في الموضوع، أما الثانية فهي قضية اعتبار العملة الورقية نقدا قائما بذاته له حكم النقدين من الذهب والفضة؛ نظرًا لتحقق الثمنية فيه. وهذا ما اتجه إليه مجمع الفقه الإسلامي بمكة والأبحاث المقدمة في الموضوع، باستثناء بحث فضيلة الشيخ العثماني، فقد جعل العملة الورقية في حكم الفلوس الرائجة، وأثر ذلك الاختلاف يتضح فيما يلي:
أولاً: في الجزم بعدم صحة بيع الجنس الواحد من العملة الورقية ببعض متفاضلا بإطلاق، فلا يجوز بيع عشرة ريالات سعودية ورقا بأحد عشر ريالاً ورقًا، ولو مع تعجيل البدلين، وهذا ما اتجه إليه مجمع الفقه الإسلامي بمكة وآراء الباحثين الكاتبين في الموضوع جميعهم.
ثانيًا: يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلقا إذا كان يدا بيد، كبيع الدينار الأردني بالدولار الأمريكي مع التفاضل، إذا كان ذلك يدا بيد، ولا يجوز ذلك من غير تقابض. وهذا ما اتجهت إليه آراء الكاتبين في الموضوع باستثناء بحث فضيلة القاضي الشيخ العثماني الذي مال إلى رأي الحنفية في الفلوس الرائجة، فلم يشترط التقابض في المجلس من الطرفين، واكتفى بإيجاب تسليم أحد العاقدين بدله؛ لئلا تؤول المعاملة إلى بيع الكالئ بالكالئ.
ثالثا: وجوب زكاة الأوراق النقدية إذا بلغت قيمتها أدنى النصابين من ذهب أو فضة، أو كانت تكمل النصاب مع غيرها من الأثمان والعروض المعدة للتجارة. وبهذا أخذ مجمع الفقه الإسلامي بمكة، واتجهت إلى ذلك آراء الباحثين في الموضوع، وهذه خلاصة الكلام في أحكام العملة الورقية وفي تغير النقود. وشكرًا.
الرئيس:
شكرًا، بسم الله الرحمن الرحيم
…
الواقع أن الذي أمامنا هو بحثان: أحدهما الموضوع الأصل وهو أحكام النقود الورقية، والثاني: تغير قيمة العملة. أما الموضوع الأول وهو الثاني عرضا عند فضيلة الشيخ نزيه، فهو أحكام النقود الورقية، وركيزة البحث في هذا الموضوع تنطلق من أمرين:
أما الأمر الأول فهو التصحيح لعليتها، وتعلمون أن لأهل العلم في هذا أقوالاً ثلاثة:
القول الأول: أن العلية أو العلة هي الوزن، وهذه العلة منقوضة بالإجماع على إسلامها في الموزونات.
والعلة الثانية: هي غلبة الثمنية، وغلبة الثمنية في الموضوع الواقع هي علة قاصرة لا تتجاوز النقدين الذهب والفضة.
القول الثالث: هو مطلق الثمنية، ومطلق الثمنية عليه جماعة من أهل العلم ومن المحققين وهو الذي ذهب إليه عدد من المجامع العلمية والدراسات المعاصرة، وهو تعليل في الواقع بوصف مناسب؛ لأن النقدين كما تعلمون ليس لهما حد موضوع من الشارع، وإنما يحصلان بالقوة الاقتصادية والقوة السلطانية، وإنما من حيث تكييفها الفقهي فقد حصل في ذلك عدة نظريات لدى أهل العلم المتأخرين والمتقدمين، فالنظرية أو الاعتبار الأول: اعتبارها إسنادًا، وهذا أمر فيه من الضيق والحرج ما لا يخفى. والنظرية أو الاعتبار الثاني: اعتبارها عروض تجارة، وهذا فيه من التوسع وإفقادها لقيمتها الثمينة ما لا يخفى، إضافة إلى أنه يترتب على هذا إذا اعتبرناها عروض تجارة، فإنه لا تجب فيها الزكاة إلا إذا نوى صاحبها أو مالكها فيها التجارة.
والنظرية الثالثة أو الاعتبار الثالث: إلحاقها بالفلوس. والرابعة: هو اعتبار هذه الأوراق النقدية ثمنا قائمًا بنفسه، وللعلامة الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى بحث مستفيض بهذا. وقد ذهبت إليه لجنة الفتيا في الأزهر في ذلك الوقت. هذه الأشياء التي يمكن أن ينطلق منها البحث في موضوع أحكام النقود الورقية. وكان مجمع الفقه الإسلامي بمكة - كما تفضل الشيخ نزيه - قد أصدروا قرارهم في هذه الناحية فقط، إذ اعتبروا هذه الأوراق ثمنا قائما بذاتها، واعتبروا العلة هي مطلق الثمنية. والأمر على كلٍّ عُرضَ هنا الآن، وهو مطروح لمداولاتكم وآرائكم، وما يفتح الله به سبحانه وتعالى عليكم.
أما تغير قيمة العملة فمع جلالة البحث الذي تفضل به الشيخ نزيه وعرضه للخلاف وحصره لمواطن الخلاف في هذه المسألة على اختلاف فروعها، إلا أنكم تلحظون أن المسألة من الأهمية بمكان، فإنها تنتظم عددا من أبواب الفقه فهي تنتظم باب النكاح وتنتظم كتاب المعاملات في عدد من أبوابه، كالبيع والقرض ونحوهما. وعلى كلٍّ الأمرُ في هاتين القضيتين مطروح على نظركم، وقد ترون مناسبًا أن نبدأ البحث في المسألة الأولى، وهي أحكام النقود الورقية، وشكرًا.
الشيخ عبد الله بن بيه:
الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.
وبعد، فقد أعددت في هذه القضية بحثًا هو بين أيديكم بدأته بمقدمة قصيرة. الحمد لله الحي القيوم، العزيز الحكيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الهادي إلى الصراط المستقيم، وعلى آله وصحبه أهل العلم الصحيح والمنهج القويم، والذوق السليم.
وبعد، فهذا بحث في نقود الكاغد، محذوف الشواهد، مطروح الزوائد، يحتوي إن شاء الله على بعض الفوائد، لا يدعي اقتناص الشوارد، ولا تقيد الأوابد، في مجال لم يترك الرواد فيه وشلا لوارد، صغته في شكل مسائل، وسلكت فيه سبيل أهل الفتوى في النوازل، لا أقول فيه كما قال الشاعر: كم ترك الأول للآخر
بل أكتفى
…
الرئيس:
يا شيخ عبد الله هل ستقرءون البحث؟
الشيخ عبد الله بن بيه:
والله إذا اتسع الوقت أفضل أقرأه أو أختصره.
الرئيس:
نحن كما تعلمون حددنا منهجا معينا، وهو أن يكون العرض لواحد من الباحثين، ثم بعد ذلك أصحاب البحوث في المداولة والمناقشة. وفضيلتكم في رأس الذين كتبوا بحثا مستفيضًا في هذا الموضوع. فإذا كان لكم مناقشة في موضوع أحكام النقود الورقية وليس في تغير قيمة العملة لأن هذا موضوع ثان، نريد أن نخلص من هذا وندخل في الموضوع الثاني.
الشيخ عبد الله بن بيه:
نعم إذن سأحاول أن شاء الله إن أقدم جوابًا على المسألة مختصر:
في مسألة النقود قمت أولاً بتعريف لغوي وتعريف اصطلاحي للنقود، التعريف اللغوي أعفيكم منه وكذلك التعريف الاصطلاحي فهو معروف. وقد قدم هذا التعريف جملة من الفقهاء الذين قدموا البحوث. ثم بعد ذلك قسمت مسألة النقود إلى مسائل.
المسألة الأولى: تتعلق بحكم طبع النقود الورقية، وقلت: إن الجواز يخضع لضوابط تمنع إنزال الضرر بالناس لحديث ((لا ضرر ولا ضرار)) ، وسقت على ذلك جملة من الأدلة. ختمت هذه المسألة الأولى بقولي: إلا أن ضابط الجواز هو ما ذكرناه سابقًا من عدم إلحاق الضرر بالناس في ممتلكاتهم ومعاملاتهم وعدم بخس أشيائهم، وتعريض اقتصادهم للفوضى والاضمحلال. فالأصل الجواز فيما سلم من ذلك، خصوصًا إذا عري عن سبب يجعل شبهة التحريم قائمة كنيابة النقود الورقية عن العين الغائبة، مما يؤدي إلى الصرف المؤجل، ومع ذلك فنحن نشاهد فوضى نقدية تتلاعب بأموال الناس، وتحيل أرصدتهم إلى أوراق من الكاغد لا قيمة لها، مما يجعل جوازها خاضعًا للقاعدة الشرعية المتمثلة في أن الحاجي ينزل منزلة الضروري كالإجارة، حيث خالفت القياس لورود العقد على منافع معدومة. فالحاصل أنها إذا لم تترتب عليها أضرار اقتصادية فهي جائزة.
هذا أولاً في مسألة جواز طبع النقود الورقية.
المسألة الثانية: تتعلق ببيع هذه النقود بعضها ببعض، هل يدخله الربا؟
إذا كان بيع هذه النقود بعضها ببعض أو بالذهب والفضة يدخلهما الربا، كما يدخل في الذهب والفضة، أو لا يدخل فيهما الربا إلا ما يدخل في العروض، فما هو الحكم في هذه المسألة؟ هذه المسألة رأيت أن للعلماء فيها موقفين، قسمت مواقف العلماء إلى موقفين:
الموقف الأول: يتمثل في انتفاء الربوية، وقد يختلف معتنقوه في التعبير عنه بسبب اختلاف مشاربهم ومذاهبهم، بين مانع للقياس مكتفيًا بالنص، وهذا ما لم تشيروا إليه يا سيادة الرئيس، وهو موقف موجود كأساس في سائر الأصناف، وبين من لا يتخذ هذا الموقف المبدئي فهو يجيز القياس، إلا أنه ينفي وجود علة في هذا المكان بالذات، أو يعترف بوجود علة فيه غير أنه يدعي فيها القصور. واختصارا للبحث فإننا نجعل تحت هذا الموقف من يعتبرها كالفلوس، وهو ينفي الربوية عن الفلوس، ومن يجعلها كالعروض لأنه يثبت للفلوس نوعًا من الربوية لا يخضع لعلة الثمنية. أما الظاهرية فإن موقفهم ينسجم مع مذهبهم الذي يرفض القياس، ويرى في النصوص كفاية للقضايا المتجددة، ولهم ما لهم وعليهم ما عليهم. وقد نحا منحى الظاهرية في هذه المسألة جملة من العلماء، فمن السلف طاوس وقتادة وعثمان البتي وأبو سليمان. كما حذا حذوهم ابن عقيل من الحنابلة وأبو بكر الباقلاني من المالكية والأخير عن ابن رشد في البداية واللخمي أيضًا من المالكية عن أحمد بن علي المنجور في شرحه القواعد.
ونصنف في نفس الاتجاه من يعلل علة لا تتناول النقود الورقية، كالوزن عند أبي حنيفة وأحمد في أحد قوليه، ولا داعي لنقل كلام هؤلاء لوضوح كلامهم واشتهاره. كما نصف في نفس الاتجاه أيضًا من يعلل بالثمنية أو الثمنية الغالبية، وهو يصرح بأن هذه العلة قاصرة وليست صالحة للتعدية إلى غير محلها.
وهؤلاء يجدر بنا أن نتعرض لبعض أقوالهم وآرائهم؛ نظرًا للالتباس الذي يوحي به التعليل بالثمنية. ونقف وقفة قبل أن نسترسل معهم لنشير إلى أني ذكرت هنا كلامًا لأبي بكر الباقلاني وهو قوله: أما الاستدلال فقسم لا يشهد له أصل من الأصول الثلاثية، وهو كلام في موضوع آخر، إلا أنه له علاقة حميمة بهذا الموضوع يقول:
وإذا لم يكن يشترط استناد الأمور إلى الأصول لم ينضبط الشرع، واتسع الأمر، ورجع الشرع إلى اتباع وجوه الرأي واقتضاء حكمة الحكماء، فيصير ذوو الأحلام بمنزلة الأنبياء، إلى أن قال: ثم يختلف ذلك باختلاف الزمان والمكان وأصناف الخلق، وهو في الحقيقة خروج عما درج عليه الأولون. ولعل الشافعية يفكرون مثل تفكير القاضي أبي بكر الباقلاني وإن كان إمام الحرمين قد اعترض عليه في موضوع لا يتعلق بهذا الموضوع، فنجد أن إمام الحرمين ناقش هذه المسألة بالعلة القاصرة، ورددها مرارا فقال: إذا استنبط القائس علة في محل النص وكانت مقتصرة عليه منحصرة فيه لا تتعداه، فالعلة صحيحة عند الإمام الشافعي رضي الله عنه.
ونفرض المسألة في تعليل الشافعي: تحريم ربا الفضل في النقدين بالنقدية، وهي خاصة بالنقدين لا تتعداهما، وقد أطال النفس، وناقش نفاة العلة القاصرة كالأحناف في هذه المسألة، وعرج على مسألة الفلوس أكثر من مرة قائلاً: ولقد اضطرب أرباب الأصول عند هذا المنتهى، ونحن نذكر المختار من طرقهم.. إلى آخر ما ذكره إمام الحرمين، وما ذكره السبكي في ذلك، وما ذكره النووي من اعتبارهما العلة قاصرة على النقدين.
وتعرضت هنا للعلة القاصرة وعرفتها بما ذكره الآمدي وماذكره السبكي وما ذكره سيدي عبد الله في نشرالبنود، وما ذكره أبو حامد الغزالي حول العلة القاصرة، وبينت هنا ما هي هذه الثمنية. منحاهم صعب هم يقولون بالثمنية ويقولون: هي قاصرة، ونلاحظ حرصهم على التمثيل للعلة القاصرة بالنقدية أو الثمنية أو غلبة الثمنية أو كونها قيمة للأشياء، كل هذا يدل على أن المعللين بالثمنية أو غلبتها ويقولون بقصور العلة، يرون أنها ثمنية من نوع خاص. وهذا كقول البهوتي الحنبلي في زكاة الذهب والفضة في كتابه كشاف القناع: وهما الأثمان.
ثانيًا: إن النقدية الشرعية كما سماها إمام الحرمين تعني فيما يبدو كون النقدين أثمانا بالخلقة، حيث تعتبر ثمنية غيرها ثمنية عارضة. ونرى أن علماء الفروع بنى كثير منهم على هذه النظرية، وذكرت كلامهم في النقدين.
أما وجهة النظر الأخرى القائلة بالثمنية المتعدية، وجهة النظر الأخرى الفريق الآخر الذي يقول بالربوية، فهو الفريق الذي يقول بالثمنية المتعدية. وقد عبر عنها الغلبية الثمنية أي غلبة الاستعمال في التبادل أو مطلق الثمنية، ويمثلها المالكية لأن مالكًا
…
وذكرت كلام مالك في ذلك، وهو كلام معروف عندكم، وذكرت أقوال المالكية.
وقد بينت هنا طريقًا خاصًا وهو أن هذه المسألة مبنية على القاعدة المعروفة عند المالكية بقاعدة البينة. وهي إيجاد حكم بين حكمين، أو إيجاد حكم يستند إلى دليلين، قاعدة البينة إذا وجد دليلان راجحان يشبه حكم كل واحد منهما، ولم يتمحض شبهه لواحد منهما، فإن المالكية يبنون على ذلك قاعدة يسمونها بقاعدة البينية ذكرها الزقاق فقال:
وبيع ذمي وعتق هل ورد
الحكم بين بين كونه اعتقد
كالبيع مع شرط يصح وبطل
وحكم زنديق وشبهه نقل
وذكرت كلام المنجور في شرحه للزقاق في مخطوطة لأحد تلاميذه التي هي عندي. وبنوها أيضًا على قاعدة حكم النادر: هل النادر يعتبر حكمه في نفسه أو يعتبر له حكم الغالب؟
وهل لم ندر حكم ما غلب
وحكم نفس كالفلوس والرطب
وكسلحفاة وقت ندرًا
كذا مخالط وعكس ذكرًا
ذكرت هنا كلام المنجور وهو كلام غير معروف لأنه مازال مخطوطًا عندما ذكر أن اللخمي يقول: هذا شرح غير معلل، وأن بعض العلماء "ابن بشير " ادعى الإجماع على التعليل، وأشهب قال: إن القائسين مجموعون على التعليل، ثم ذكر قول أبي بكر بن العربي رحمه الله تعالى أن العلة قاصرة في هذا الموضوع لا يعرف موضع توجد فيه العلة قاصرة في الأصول إلا في هذا الموضع بالذات.
ثم بعد ذلك تعرضنا لكلام ميارة الذي أوجز فيه أقوال علماء المالكية الثمنية قبل الغلبة، وهو معروف عندكم. في النهاية أشرت إلى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وكلام أبي بكر بن العربي. كلام أبي بكر بن العربي الذي اعتبر أقوى كلام على الإطلاق عند المالكية. كلام أبي بكر ابن العربي يقول: إن الناس لو تعاملوا بالجلود، وذكر كلام مالك ثم قال: إنه رأى الناس يتعاملون في بغداد بالخبز، وجعل التعامل بالخبز كافيا لجعله ثمنا للأشياء، وهو من أقوى كلام ذكره علماء المالكية وقال: إن مالكا اعتبر المعنى، وأن هذا المعنى لم يتفطن له غير مالك، وتبعه جماعة من المالكية.
فالمسألة يمكن أن تعامل بتحقيق المناط، وقد ذكرت تعريف القرافي لتحقيق المناط، بمعنى أن الثمنية لم تكن موجودة في ذلك الوقت ولم تكن غالبة، وحينما وجدت أو غلبت فيحقق المناط، ويقال بأنها أصبحت ربوية؛ لأن الثمنية أصبحت غالبة. وغلبة الثمنية عند المالكية ليست كغلبة الثمنية عند الشافعية، غلبة الثمنية عند الشافعية تعني أنها أصل الأثمان، كما عبر به المنجور قائلاً عن الشافعي: إنها أصل الإثمان، أصل الإثمان هو الذهب والفضة أو أنها ثمنية من نوع خاص؛ لأنها النقود الشرعية كما قال إمام الحرمين. هنا عبارات يجب التنبيه إليها في كلام الشافعية عند هذه القضية. في النهاية ذكرت بواعث الطرفين، وهذا فقد ساقه هذا.
فتلخص مما مر قيام مذهبين أو موقفين من النقود الورقية:
أولهما: موقف من يقول بعدم ربوية النقود أو على الأصح يذهب إلى عدمها؛ لأنه لا نص من الأقدمين في النقود الورقية، ولكنها مشمولة بالعموم وبالنص على المثيل، وهذا الموقف هو رأي أكثر العلماء كما أسلفنا. ويمكن إرجاع بواعثهم حسب رأينا إذا قرأنا كلامهم قراءه متأنية إلى ما يلي:
أولاً: أن تحريم الربا أمر تعبدي لا تظهر له علة واضحة معقولة، فهو من قبيل الابتلاء والاختيار، وما كان من هذا القبيل يقتصر على محل الورود، والقرآن يشهد؛ لأن بعض التكاليف تأتي للابتلاء، كما في قوله سبحانه وتعالى:{وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: 163] فالتكاليف اختلف العلماء هي للامتثال أو الابتلاء. هذا معروف لديكم من كلام الأصولين. الباعث الأول هو الابتلاء.
ثانيًا: إن الذهب والفضة لهما مزايا وخصائص لا توجد في غيرهما، فهما معدنان نفيسان قابلان للكنز واختزان الثروة ويبقيان على الزمن، هذا من ناحية الخلقة.
أما من ناحية الشرعية فيحرم اقتناء آنيتهما، ولا يجوز التحلي بهما للرجال غير ما استثنى الشارع، فهما أثمان بالخلقة، وهما أصل الثمنية، وهما النقدان الشرعيان.
ثالثًا: صعوبة إبراز علة مقنعة سالمة من القوادح مطردة منعكسة. وقد قدمنا قول إمام الحرمين أنه لا شبهة فيها ولا إخالة.
رابعًا: نوع من الخوف من التجاوز والافتيات على النصوص. نجد مثالاً له في ترجيح العلة القاصرة على المتعدية على رأي الأستاذ أبي إسحاق الإسفرائيني إذا صح التعليل بهما. ومن رجح العلة القاصرة احتج بأنها متأيدة بالنص، وصاحبها آمن من الزلل في حكم العلة فكان، التمسك بها أولى. (البرهان إمام الحرمين)
خامسًا: أن ثمنية غير النقدين ثمنية مستعارة ومعرضة للزوال في أي لحظة، ومن شأن هذا أن يجعل الثمنية فيهما صفة عارضة.
سادسًا: إن التحريم تكليف، والتكليف يحتاج إلى ورود النص كحديث ((الطعام بالطعام)) الذي جعل الشافعي رحمه الله يرجح علة الطعمية، ويسهل ذلك على أصحابه المترددين – هنا إمام الحرمين يتردد كثيرًا في وجود العلة وقد قبلها بسبب هذا الحديث – مترددين في قبول تعديها؛ ولأن جهة التحريم محصورة، وجهة الإباحة لا حصر لها، فالواقعة إذا ترددت بين الطرفين ووجدت في شق الحصر فذلك، وإلا حكم فيها بحكم الآخر الذي أعفي من الحصر (إمام الحرمين أيضًا) .
سابعًا: في الربا من الخطورة والتحريم ما لو كان قائمًا في هذه المسألة ما ترك بيانها، والله سبحانه وتعالى يقول:{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 119] ، والفلوس كانت موجودة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما الفريق الآخر فيعتضد بما يلي:
أولاً: الشريعة جاءت لمصالح العباد ويستحيل أن تحرم شيئًا لمفسدة، وتترك شيئًا فيه نفس المفسدة، فنظير الحرام حرام. (ابن القيم) .
ثانيًا: التعليل أولى؛ لأنه أكثر فائدة وترك التعليل خشية، وما في ترجيح العلة القاصرة من الأمن ولا وقع له، فإنه راجح إلى استشعار خيفة لا إلى تغليب ظن وتلويح ملتقى من مسالك الاجتهاد. (إمام الحرمين) .
ثالثًا: إعمال التعليل في أربعة من الستة وتركه في اثنين تحكم، أي ترجيح بلا مرجح.
رابعًا: أن الغلبة الثمنية أصبحت واقعًا للنقود الورقية، فالاعتراف لها بأحكام النقدين إنما هو من تحقيق المناط، وليس إحداثًا لاجتهاد جديد، إلا بقدر ما يقتضيه تحقيق المناط؛ لأن الحكم كان موجود معلقًا، وقد تحقق شرطه في جزئية، فيجب إثبات الحكم.
خامسًا: إن عدم إجراء الربا فيها تعطيل لحكم يتعلق بمسألة خطيرة من مسائل المعاملات.
هذه والله سبحانه وتعالى أعلم هي بواعث الطرفين، ذكرتها كما هي، وذكرت أقوالهم كما هي، أمانة لا تبرأ من أمانة نقلي، حتى أكون أمينًا فيما نقلته عن الطرفين. وبعد هذا رأيي وهو رأي توقف في الحقيقة، أنا متوقف، رأيي هو التوقف.
وبعد فإن تصفح كلام العلماء لا شك يساعد على تكوين رأي، وإعطاء صورة مميزة لأي موضوع، ذلك هو الهدف وراء مراجعة كلام الأقدمين والمتأخرين، ومقارنة أقوال المحلين والمحرمين. إلا أن النتيجة الأولى التي يمكن أن يخرج بها المرء بعد أن طالع أقوال الفقهاء هي ملاحظة الاضطراب الواضح عند أكثرهم في هذه المسألة. فلا يكاد أحدهم يبرم رأيا إلا كر عليه بالنقض، ولا يبسط وجها إلا عاد بالقبض. وهكذا دواليك حتى يقول القارئ: حنانيك بعض القول أهون من بعض. والفلوس إلا تكن عينا فإنها ليست غير عرض ((ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)) ، والشبهة بدون شك قائمة؛ إذ حدها ما تجاذبته الأدلة، أو أشبه أصلين دون قياس علة مستقل. وهنا تجاذب هذه القضية العفو، وهو أصل يرجع إليه عند سكوت الشارع، وعدم ثبوت سبب أو قيام مانع لحديث:" وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن ينسى شيئًا "، ثم تلا هذه الآية:
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] أخرجة البراز في مسنده والحاكم من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وقال: إسناده صالح.
والأصل الثاني: هو شبه النقود الورقية بالعين لوجود علة مظنونة وحكمة مقدرة، وقد أجمل الفخر الرازي حكمة الربا في أربعة أسباب:
أولها: أنه أخذُ مال الغير بدون عوض.
ثانيهما: إن في تعاطي الربا ما يمنع الناس من اقتحام مشاق الإشغال في الاكتساب؛ لأنه إذا تعود صاحب المال أخذ الربا خف عليه اكتساب المعيشة، فإذا فشى في الناس أفضى إلى انقطاع منافع الخلق؛ لأن مصلحة العالم لا تنتظم إلا بالتجارة والصناعة والعمارة.
الثالث: أنه يفضي إلى انقطاع المعروف بين الناس بالقرض.
الرابع: أن الغالب في المقرض أن يكون غنيًا وفي المستقرض أن يكون فقيرًا، فلو أبيح الربا لتمكن الغني من أخذ مال الضعيف. وعلله الشيخ ابن عاشور بأنه حكم معلل بالمظنة.
إن كثرة العلل قد تدل على صعوبة التعليل، وفي التعليل بالمظنة خروج من المأزق، وكل ذلك يدل على صعوبة مركب القائسين وتوجه وجه حكم بين حكمين؛ لاشتباه الشبه في أوجه السالكين. فالشبهة تنشأ عن أسباب، منها: كون النص خفيًا، وورود نصين متعارضين، ومنها: ما ليس فيه نص صريح، وإنما يؤخذ من عموم أو مفهوم أو قياس، فتختلف أفهام العلماء في هذا كثيرًا. هذا كلام ابن رجب الحنبلي.
ومعلوم إن موضوعنا لا يوجد فيه نص خفي أو ظاهر، فضلاً عن وجود نصين متعارضين، فهو بالطبع من النوع الثالث الذي يؤخذ من القياس، وقد اختلف فيه العلماء، فهو إذن شبهة، فما هو حكم الشبهة؟ وقد فسر الإمام أحمد رحمه الله تعالى في أحد قوليه الشبهة بأنها منزلة بين الحلال والحرام. وقال الماوردي: هي المكروه بين الحلال والحرام، والقول لابن رجب في جامع علوم الحكم، الماوردي لأنه عقبة بين الحلال والحرام، ذكر ذلك الشبراخيتي في شرحه على الأربعين النووية.
فإذا كان الأمر على ما ذكرت، والإمام مالك يصرح بالكراهة، ومن أصول مذهبه هي قيام حكم بين حكمين، والأئمة الآخرون لا يكرهون، فإن المسألة فيما يبدو مسألة كراهة، والكراهة حكم من الأحكام الشرعية يجب أن يعاد إلى حياة المسلمين العملية في بيوعهم وأنكحتهم، فيمتاز أهل الورع عن غيرهم، ويترك لدى الحاجة مندوحة عن ارتكاب الإثم السافر، إلا أنها كراهة شديدة؛ كراهة تحريم، والله سبحانه وتعالى أعلم. ومذهبي في الحقيقة هو التوقف؛ لأننا لا يمكن أن نلغي مرة واحدة أقوال الأئمة بسبب علة مظنونة. هذه العلة قد تكر على أصلها بالإبطال، بحيث لو قلنا: إن الثمنية هي العلة، وإن الذهب والفضة لم يعودا الآن أثمانا للأشياء، معنى ذلك: إن الربا يبطل فيهما، والربا لن يبطل فيهما إلى قيام الساعة؛ لأنه هو موضوع النص، ولأن الإجماع وقع على ذلك، فكيف نقول بعلة تكر على أصلها بالبطلان، هذا لا يمكن مطلقًا. الله سبحانه وتعالى أعلم.
الرئيس:
شكرًا، في الواقع أن الذي يقرأ كلامكم يا شيخ أو يسمعه، فيكاد يقطع عن رأيكم أن العلة هي مطلق الثمنية، والتوقف سمعناه سماعًا فقط، هذا الذي يظهر؛ لأنه واضح الاتجاه في البحث هذا.
الشيخ عبد الله بن بيه:
سيدي الرئيس: لأنك لم تسمع بواعث الآخرين ذكرت بواعث الطرفين.
الرئيس:
لا؛ لأني قرأته، قرأت بحثكم ليس جديدًا عليّ أنا قرأته.
الشيخ إبراهيم الغويل:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
بعد أن استمعنا إلى تحرير موضوع المناقشة من السيد رئيس المجمع، ثم استمعنا لتصفح آراء الأقدمين في هذا البحث القيم من الشيخ ابن بيه، أعتقد أنه قد يكون من المناسب أن نلم ولو إلمامًا بالتصور العصري لقضية النقود الورقية بالذات تعرض في مجالين: تعرض في مجال تاريخ النقود، وتعرض في مجال وظائف النقود.
في تاريخ النقود بدأت النقود أصلا بالذهب والفضة، ثم انتقلت إلى معادن أقل من ذلك، ثم إلى الورق، وهذا ينتظمه قانون يعرف بقانون " جريشم " الذي يقول الانتقال من الجيد إلى الرديء.
وظائف النقود حينما كانت النقود تقوم على الذهب والفضة، وهما كما استمعنا في الأصل هنا العلة أو المحددون للثمينة في العالم، وفي تاريخ الإنسانية لم تكن أمامنا هذه المشاكل التي استمعنا إليها هذا الصباح حول قضية التضخم والانكماش؛ لأن النقود كانت في ذلك الوقت عبارة عن مقياس للسلع ووسيلة تبادل، حينما أضيفت قضية الاختزان، وهي التي حاربها الإسلام في منع اكتناز الذهب والفضة، بدأت البشرية تنظر إلى مرحلة جديدة غريبة، وهي التي يبدو لي أنها كانت مطروحة في الورقة الأساسية، قضية الاختزان مكنت للنقود مكانًا خاصًا، بحيث أصبحت لها وظيفة جديدة لم تعرفها البشرية قبل ذلك. فهي في الأصل مقياس للسلع، وأداة للتبادل، ومنع أن تكون وسيلة للاختزان، على التطور المعاصر والحديث أصبحت وسيلة اختزان، وأصبحت هذه هي العامل المهم، ولذلك لجأوا إلى قضية السبائك الذهبية بداية، ثم لجأوا إلى قضية الغطاء الذهبي الذي يوجد في المصارف، ثم أخيرًا هذا في السبعينات الآن أو أواخر الستينات، تمكنت أمريكا أن تلغي الغطاء الذهبي، وبالتالي لم يعد هناك مرجع ذهبي تقاس إليه النقود، فأصبحت الوسيلة التي كانت أساسا مقياسًا للسلع قابلة لأن تزيد وتنقص.
المتر محدد بمائة سنتيمتر، ولا يقبل أحد أن أخرج على الناس غدًا لأقول لهم: اليوم المتر مائة وخمسة أو مائة وعشرة. ولا يقبلون أن أخرج عليهم بعد غد لأقول: لهم اليوم المتر خمسة وتسعون سنتيمترا، لا يقبل أحد، بل يضربون على يد من يخرج للناس يقول: الكيلو اليوم تسعمائة وخمسون جرامًا وغدًا ألف وخمسون جراما، ولكن أمكن للتلاعب في النقد أن يقبل الناس أن مقياس السلع يزيد وينقص، لذلك يظل الإسلام يقدم حلا للبشرية المعاصرة، كما قدم دوما حينما يقول: إن الأصل النقدان، هما النقدان الذهب والفضة، وإذا وجدت عملة ورقية فهي تسند أو تقاس إلى غطاء ذهبي في ذلك. هذه هي القضية التي سارت عليها أكبر معركة بين مدرستين كبيرتين في العالم المعاصر المدرسة الفرنسية والمدرسة الأمريكية، ودافع ديجول بشدة على قضية الغطاء الذهبي، ولكن أمريكا تمكنت أن تجر العالم إلى أن يكون غطاؤها هو الدولار وتلعب بالدولار كما تشاء، فتسقط مداخيل شعوب ودول وتزيد متى شاءت.
فإذا نحن نملك حلاً وفقًا لما استمعنا من عرض آراء السابقين، ووفقًا للعرض القيم في تحرير موضع النقاش الذي قدمه السيد رئيس المجمع، أن نعود إلى النظر في العلية، ونؤكد على فكرة غالبية الثمنية على التعبير الذي لم يرغبه أستاذنا ابن بيه، ولكن أيضًا نقول، إنها علة قاصرة على الذهب والفضة، ولابد أن تقاس إليها النقود من جديد. أما أن انجررنا وراء علمية الأوراق النقدية في تاريخ الفكر سننجر إلى قضية الاختزان، والاختزان هو الذي أسس عليه فكرة سعر الفائدة وإباحة الربا، هذه هي القضية من وجهة النظر الحديثة والمعاصرة، وما أعتقد أنه يمكن للإسلام أن يقدمه إلى العالم المعاصر، وشكرًا.
الرئيس:
شكرًا، إضافة بسيطة لما تفضل به الشيخ إبراهيم من عدم وجود الغطاء لهذه الأوراق، وهو باب الإضافة، وإلا فالأمر فيه وضوح. هو أن هذه القضية لما درست في هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية استحضروا محافظ مؤسسة النقد، فأخذوا منه تقريرًا يفيد على أنه ليس هناك غطاء، وأن هذه العبارة الموجودة تتعهد الحكومة الفلانية لإعطائها القوة السلطانية والقوة الاقتصادية فقط. وإلا فإنه في الحقيقة ليس لها غطاء من ذهب ولا فضة.
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
بسم الله الرحمن الرحيم، وبه وحده أستعين،
الحقيقة، الإنسان عندما يريد أن يتكلم عن النقود الورقية وعن أحكامها وعن تغيرها، لابد أن يستشعر، وأن يضع أمامه موضوعًا متعلقًا بها، وهو موضوع الربا؛ لأنه لا ينفك عنها.
فكتبت في هذه كلمة، وبينت الربا، والآيات القرآنية والأحاديث لا تخفى على فضيلتكم. ثم الذي يعنينا هنا أيضًا أن نبين ما هو حكم الفائدة المصرفية، هل هي ربا أم لا؟ وهذا انتهى منه العلماء والمسلمون وفقهاؤهم، أتيت أيضًا بالكلمة بقرارات المؤتمرات ومجامع البحوث، بأن الفائدة البنكية هي الربا المحرم شرعًا، أو من الربا المحرم شرعًا. ثم أتيت كإنسان يعمل في هذا العمل، وفي هذا الميدان منذ أربعين سنة، أقول بعد هذه القرارات التي مرت في الورقة: هل يأتي أحد ويقول: أعيدوا النظر، وجاروا العصر، وكونوا معتدلين، وعدلوا القرارات؛ لأن كل شيء
…
بحث فقهاء المسلمين خمسين عاما وهم يبحثون هذا الموضوع، قتلوه بحثًا، وانتهوا به إلى حكم فقهي. ويقولون مجاراة للعصر: إن الفائدة البنكية ليست من الربا. ثم عرجت على النقد، وقلت: أليس بيع نقد بنقد بزيادة، سواء أكان آجلاً أم عاجلا ربا، فالأمة الإسلامية في الحقيقة مدعوة الآن، وبأكثر من أي وقت آخر لتصحيح المسار من منهج ربوي إلى منهج مشروع. ثم بينت بيوع النقد بالأجل وحرمته. وبينت ما ظهر لي في ست نقاط عن مضار التعامل بالربا وبالفائدة البنكية.
أولاً: الوقوع فيما حرم الله، ثم أكل أموال الناس بالباطل. ثم بينت أن زيادة التكلفة على الحاجيات التي يحتاجها الناس بمقدار ما تحمل من فوائد بسيطة أو مركبة. ثم تركيز الثروة عند فئة قليلة من الناس غير منتجة تعيش على كدح الآخرين. وعند عجز المدين عن الوفاء يتراكن عليه الدين بزيادة الفائدة، مما يزيد من عجزه حتى يثقل كاهله، فإما يعلن إفلاسه، أو تستمر الفائدة بالزيادة حتى يركع ويبيع كل ما عنده ليسدد دينه وفوائده. الحقد والكراهية وما يؤدي إلى الفتن والحروب. تسلط الفئة الدائنة على المدينين وتسيير السياسة التي يفرضها الدائنون على مجتمعاتهم بما يتمشى مع مصالحهم، حتى ولو تضرر المجتمع. عند عجز المدينين عن الوفاء للفئة الدائنة تعجز الفئة عن تسليم الودائع لأصحابها عند حلولها، وبالتالي يعتبر الجميع في حالة إفلاس ثم النقود مثل ما قال أخي إبراهيم: النقود في الحقيقة - حسب ما ظهر لي كإنسان يعمل في هذا الميدان - وحدة قياسية للأثمان، بها قوتان: قوة اصطلاحية واعتبارية وسلطانية – كما قال فضيلة الأخ الرئيس – وقوة ثمنية. والوحدة القياسية ثابتة عندما تقاس مع ذاتها تساوي ذاتها تمامًا، كالوحدة القياسية الطويلة التي أشار لها الأستاذ ووحدة الأوزان، وإذا قلنا غير ذلك اختلت القواعد للوحدات القياسية، ويحصل الارتباك العظيم.
ثم في موضوع الأحكام، يعني في أحكام الورق، لما قلنا: إنه يعني فيه قوتان ثمنية واعتبارية، إذن حل محل النقدين الذهب والفضة، فيأخذ حكمهما شرعًا تباعًا.
وهذا في الحقيقة ما اتفق عليه علماء المسلمين، فيه الزكاة وفيه الحد، وفيه ما يصير على الذهب والفضة ينطبق على النقود الورقية، وهذا ما ذهب إليه جمهور فقهاء المسلمين في جميع مؤتمراتهم.
لو أردنا أن نأخذ بموضوع القوة الشرائية؛ لأنه في الحقيقة الموضوعان متشابكان لا يمكن فكهما، هو موضوع واحد: الربا والنقود الورقية وتغيرها، إذا أخذنا وقلنا: القوة الشرائية بالنسبة للنقد إيجابا أو سلبا، هذه الحقيقة سنة كونية منذ أن خلق الله الخليقة، القياس ثابت، والمتغير هو المقيس. فلو أردنا أن نقول: واحد داين واحد بمبلغ من المال، ثم بعد سنة عندما أراد أن يستوفي هذا المال لا يأتي بالقوة الشرائية، طيب، أي قوة شرائية؟ لشراء الأراضي، يعني نقيسه بأي عين من الأعيان؛ لأن الأعيان تختلف منسوبة إلى النقد ضعفها من قوتها فيه مثلا بعض المواد الغذائية تختلف عن مواد البناء، تختلف عن العقارات، تختلف عن كثير، يعني ليس هناك نسبة محددة يمكن قياسها، وتنضبط بالنسبة إلى القوة الشرائية من ضعفها أو قوتها. ثم إذا قلنا: أحد داين أحد الإخوان ألف دينار مثلاً، ثم جئت في آخر السنة.
فالعملية في الحقيقة كيف أعطيه ألفا وخمسة دنانير، هذا أوقعنا في الربا، أو أعطيه خمسة وتسعين. كيف أقيس هذه القوة، ليس هناك وحدة قياسية منتظمة لهذا الموضوع. وهذا أيضًا بحث في ليبيا من قبل فقهاء المسلمين، وأنا حضرته والقانونيون موجودون والفقهاء والمحاسبون والبنك المركزي، وانتهينا إلى قرار بأن ما ينطبق على الذهب والفضة من أحكام ينطبق على الأوراق النقدية.
وهذا ما أدين الله سبحانه وتعالى عليه، وأشكركم، والسلام عليكم.
الشيخ إبراهيم الغويل:
شاء ربي أن يقدم الدليل الواقعي دائما أمام البشرية. حينما قدرت الدية في الإسلام قدرت بمائة رأس من الابل، ثم جاء الأحناف وقدروها بألف دينار ذهبية، قاسوا الألف دينار ذهبية كما كانت في ذلك العصر. واليوم مائة رأس من الابل ستجدونها سويًا هذا السر في وحدة القياس الثابتة في الذهب والفضة، إن اعتمدنا الغطاء الذهبي، وأمكننا أن نُذهب عن البشرية الخطر الذي دخلت فيه؛ لحفظنا لها وحدة قياس ثابتة. وشكرًا.
الشيخ عبد العزيز الخياط:
بسم الله الرحمن الرحيم، وأصلى وأسلم على نبيه الكريم.
شكرًا فضيلة الرئيس.. الحقيقة استمعتم إلى بحث الأستاذ نزيه حماد، وإلى بحث الأستاذ عبد الله، ثم إلى مداخلات الأستاذ إبراهيم والأستاذ بازيع، وكل أبدى وجهة نظر جيدة، والبحوث مستفيضة، لكني قبل أن أبين رأيي في بعض النقاط، حقيقة أؤيد ما ذهب إليه الدكتور إبراهيم حينما تحدث عن وظائف النقود، وأن المشكلات العالمية التي نعانيها الآن هي بسبب فقدان التعامل بالذهب والفضة. ومن المعلوم أن الفرس كانوا يتعاملون بالدرهم بالفضة، والرومان كانوا يتعاملون بالذهب، وأن الإسلام اعتبر الذهب والفضة أساسين في التعامل. هذا أمر أرجو الله سبحانه وتعالى أن تتمكن الأمة الإسلامية في دولها المتعددة، حين يشاء الله أن تصبح دولة واحدة ش، أو على الأقل شبه دولة واحدة في اتحادها وقوتها، فتعيد العمل بالذهب والفضة أساسًا، وننجو من جميع المشكلات التي نقع فيها الآن ويقع فيها العالم، إلا أنني بالرغم من هذا أحب أن أقول: هناك واقع نعانيه الآن، وإلى أن نتمكن من الخلوص من هذا الواقع السيئ الذي يحياه المسلمون، أقول: سواء كانت العلة هي القوت والطعام والقابلية للادخار، أو الثمنية، أو الوزن والكيل في الأشياء المحرمة في الحديث الشريف، سواء أكان ذلك هذا الرأي بالنسبة للعلة، أو في رأي بعض المحدثين العلماء أنه لا يعتبر أية علة لتحريم تعامل الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة والبر بالبر
…
إلى آخر الحديث الشريف.
فيعتبر التحريم بالنص أنه لا علة فيه، وأن الثمنية والوزن أو الادخار أو غيرها أنها أوصاف لذلك، بغض النظر عن هذا أرى أن هذه العلة على كل حال هي علة استنباطية، أي بالاجتهاد، فليس هناك نص على أن العلة الثمنية أو الادخار أو الوزن
…
إلى غير ذلك. والاجتهاد معرض للخطأ وللصواب، ولسنا نحن ملزمين بأخذ رأي مجتهد بعينه، إلا من يشاء أن يأخذ رأي مجتهد. والرأي المجتهد ممكن أن يتغير طبعًا إذا تغير مناط الحكم، ولهذا إذا تغير وصف العلة وهي الثمنية للذهب والفضة الآن، وبإلغاء التعامل بالذهب والفضة أصبحتا سلعتين كأي سلعتين أخريين في التعامل القائم الآن، وزال عنهما وصف الثمنية، وإذا كنا كذلك فانتقل التعامل بالذهب والفضة إلى التعامل بالأوراق، وحلت الأوراق النقدية محلها في التعامل، فينطبق حينئذ عليهما ما ينطبق على الذهب والفضة، وهو ما أشار إليه الأستاذ البازيع حفظه الله، وما أشار إليه من القرارات التي اتخذت بهذا الشأن. وإذا جاز التفاضل في بيع الذهب والفضة جاز التفاضل في بيع الأوراق النقدية المختلفة، أما الأوراق من جنس واحد كالدينار الأردني بدينار أردني، كالدولار بالدولار، فلا يجوز التفاضل فيه كبيع الذهب بالذهب، وما اشترطه الفقهاء في ذلك فمعروف. أما الأوراق المالية النقود ممكن أن نتناول بعض أنواعها مع بعض الحكم إذا سمح لي بدقيقتين فضيلة الرئيس، فأنا لا أحب الإطالة.
أولاً: النقود الورقية النائبة عن الذهب والفضة فحكمها حكم الذهب والفضة، نقود ورقية تمثل تعهدًا من الجهة المصدرة بصرف قيمتها ذهبًا عند الطلب، هذا نوع من أنواع النقود. هذا مجرد التزام من تلك الجهة من تلك الدولة التي تصدرها، فالتعامل فيها أيضًا في رأيي أنه تعامل على أساس الذهب. أما إذا كانت الورقة تعهدا من الجهة المصدرة لتلك الأوراق لدفع قيمتها ذهبًا فهي سند ووثيقة، أي دين على تلك الجهة، فلا يسري عليها حكم الذهب، وليس لها قيمته الأصلية. وأما إذا كانت الأوراق التي تعطي بقانون خاص من صرف قيمته ذهبًا، هذه الأوراق حقيقة ليس هذا تعهد لا نستطيع أن نسميها لها غطاء ذهبيًا أو من ذلك وهذه من ناحية قانونية لذلك بعضهم طبيعي يضع لها إذا كانت ديونًا أن يكون لها أي غطاء، كما تفعل بعض الدول، ففي رأيي أن هذه لا تعامل على أساس الذهب والفضة. هناك أنواع من النقود، هذه النقود وكما هو معروف أن البنك المركزي الدولي أجبر جميع الدول ماعدا الولايات المتحدة ألا يزيد غطاؤها النقدي الذهبي لأي نقد عن 25 %، وبعضها لا غطاء له، فلجأت بعض الدول إلى أن تجعل الغطاء النقدي في بلادها، إما من الدولار وإما من الين، وإما من المارك، على اعتبار أنه إذا ارتفع الدولار هبط الفرنك مثلاً أو هبط الين. وهكذا للمحافظة على عملتها، بعضهم لجأ إلى أن تكون غطاء النقد من غير الذهب والفضة من سندات تجارية أو عقارات أو أملاك هذا يختلف بحسب النقد بحسب الغطاء، ولذلك ترتفع قيمتها وتهبط. ومن هنا أقول: إنه إذا كان لها غطاء فتعتبر في التعامل كأساس الذهب والفضة، أما إذا لم يكن لها غطاء فإنها تسقط بطبيعتها ولا قيمة لها، كما نجد في بعض النقود، وشكرًا.
الشيخ تقي العثماني:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد؛ فإن أحكام النقود الورقية تنبني على تكييفها الفقهي، وما تفضل به أخونا الدكتور إبراهيم هو جيد جدًا، من حيث أنه ينبغي أن نعود إلى قاعدة الغطاء الذهبي، ولكنني كما تفضل به الدكتور عبد العزيز حفظه الله نواجه واقعًا عمليًا، فهناك في مسألة تكييف النقود الورقية آراء للعلماء تتلخص في ثلاثة أراء:
الرأي الأول: إن هذه النقود ليست أموالاً، وإنما هي وثائق مالية لا سندات دين.
والرأي الثاني: أنها أثمان عرفية، أثمان رمزية واصطلاحية.
والرأي الثالث: أنها أثمان كالذهب والفضة، أثمان حقيقية كالذهب والفضة.
فأما الرأي الأول وهو أنها وثائق مالية وليست سندات دين، فإن هذا الرأي يتفرع منه أن لا يجوز مبادلة بعض الأوراق ببعضها ولو متماثلة؛ لأنها تكون حينئذ بيع الكالئ بالكالئ، أو بيع الدين بالدين، والحقيقة أن الأوراق النقدية وإن كانت في بداية أمرها وثائق وسندات لديون، ولكن ذكرت في بحثي عن تاريخ تطوير هذه النقود أنها لم تعد اليوم سندات لدين؛ لأنها ليس وراءها أي غطاء اليوم، غطاء من الذهب أو الفضة، وإنما صارت أثمانا اصطلاحيًا وعملة قانونية، حتى إن الفلوس هي عملة قانونية محدودة، والأوراق النقدية هي عملة قانونية غير محدودة. بمعنى أن المدين يجبر على قبولها، بغض النظر عن مقدار الدين، فحينئذ صارت هذه النقود لم تعد اليوم وثائق مالية أو سندات دين. فبقي عندنا رأيان:
الرأي الأول: هو أن تكون هذه الأوراق أثمانا حقيقية كالذهب والفضة.
فهذا فيما أظن مخالف للبداهة؛ لأن الآثمان الحقيقية هي التي تعتبر أثمانا لقيمتها الذاتية، والنقود الورقية ليس فيها قيمة ذاتية، إنما هي قيمة اعتبارية، وهي التي يسميها علماء الاقتصاد الثمن الرمزي. فالحقيقة أن هذه النقود إنما صارت أثمانا باصطلاح الناس، وما صار ثمنا باصطلاح الناس فهو ثمن رمزي، ثمن اصطلاحي، ثمن عرفي، ولا يقال: إنه ثمن حقيقي. ولكن حينما نقول: إنها أثمان عرفية ليس معنى ذلك أنها لا يجري فيها الربا؛ لأنها إذا اعتبرت أثمانا عرفية صارت في حكم الفلوس، والرأي الراجح عند جمهور الفقهاء هو أن بيع الفلوس بالفلوس لا يجوز بالتفاضل، ويجري فيها الربا إذا بيعت متفاضلة.
نعم هناك رأي للشافعية ورأي لأبي حنيفة وأبي يوسف رحمهم الله في جواز التفاضل في بيع الفلوس بالفلوس في أحوال مخصوصة، ولكن بعض العلماء قد رجحوا أن التفاضل في بيع الفلوس بالفلوس لا يجوز.
فحينئذ الذي يبدو لي أن هذه الأوراق النقدية صارت أثمانا عرفية، ولكن لا يجوز مبادلة بعضها ببعض بالتفاضل، ويجري فيها الربا، وكذلك حينما صارت أثمانا عرفية تجب فيها الزكاة، وتتأدى بها الزكاة، وأخذت في جميع الأحكام حكم الآثمان. والله سبحانه وتعالى أعلم.
الرئيس:
في الواقع يعني إضافة إلى الذين يلحقونها بالفلوس، تعرفون أن الذين يلحقونها بالفلوس هم ينقسمون على أنفسهم إلى فريقين: فريق يلحقها بعروض التجارة، وفريق يجعل حقيقة العلة فيها هي الثمنية، فلذلك يلحقها بالنقدين الذهب والفضة.
الشيخ تقي العثماني:
لا، هناك مسألة العلية مسألة مستقلة، يعني مسألة تكييف هذه النقود مسألة أخرى ليس هناك تناقض بين هذا وذاك.
الشيخ على السالوس:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
أحكام النقود بينتها بالتفصيل في كتاب النقود واستبدال العملات، وبالطبع لا أريد أن ألخص الكتاب، وهو موزع على حضراتكم، ولكن أريد أن أقف عند بعض النقاط فقط:
النقود كانت قبل اكتشاف الذهب والفضة، وكان الناس يتعاملون بعد عصر المقايضة بنقود ليست من الذهب والفضة كالجلود، وأحيانًا البر، إلى غير ذلك، ثم اكتشف الإنسان الذهب والفضة بفضل الله تعالى، فظل هذا إلى أن بعث الرسول صلى الله عليه وسلم، فكانت النقود آنذاك من الذهب والفضة.
إذن التشريع عندما جاء بالنسبة للدينار والدرهم إنما كان تشريعًا لنقود عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم وجدنا أن النقود تطورت بعد ذلك ولها وظيفة معينة، ولذلك عندما نأتي إلى تعريف النقود فإنا نراها تعرف تعريفًا وظيفيًا لا وصفيا، لا يقال بأن النقود ما شكله كذا، أو ما يتكون من كذا، وإنما تعريف النقود: أي شيء يكون وسيلة للقيمة، وسيلة للتبادل، ومقياس للقيمة يحظي بالقبول العام. ولذلك وجدنا في عصر التشريع أن النقود كانت تأتي من خارج البلاد الإسلامية، وكان فيها أشياء تتنافى مع العقيدة الإسلامية، فغيرت تغييرًا طفيفًا، يعني مثلاً النقود في عصر التشريع كانت ولاية الصليب على النقود، فبدأ بكسر جزء من الصليب النار بالنسبة للفرس وراعي النار، هنا أيضًا تغيرات طفيفة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لو أمر بترك هذه النقود وهذه المسألة ثابتة ومصورة، يعني وجدت نقود من عصور سابقة وعليها هذه الرسوم.
ومن يدرس تاريخ النقود يعرف هذا تمامًا، لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بترك هذه النقود، واستخدام نقود إسلامية، لما حظيت بالقبول العام، يعني من يذهب إلى الشام من يذهب إلى اليمن، لا يستطيع أن يصرف هذه النقود. إذن النقود لها وظيفة وتعريفها وظيفي. فإذا قلنا بأن النقود في عصر التشريع لها أحكام كذا، والنقود قابلة للتطور والتغير، إذا لم تكن هذه الأحكام ثابتة للنقود في أي عصر من العصور فمعنى ذلك أنه إذا انتهى عصر الذهب والفضة انتهى عصر النقود، وانتهت الأحكام المتصلة بالنقود.
وأضرب هنا مثلاً، عندما كثر تزييف الدراهم في عهد سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه، فكر في أن يصنع نقودًا من الجلود ويترك الفضة ما دامت الدراهم كثر فيها التزييف، يترك هذا ويتخذ من جلود الإبل نقودًا، وكان له مجلس شورى كما تعرفون، فاستشار، فقالوا: إذن لا بعير؛ لأن الكل سيذبح ليأخذ الجلود ليتخذوا نقودًا، فأمسك، يعني توقف، لم يقولوا له بأن هذا لا يجوز؛ لأن النقود شرعًا من الفضة، وهو نفسه لو كانت النقود شرعًا لا بد أن تكون من الفضة لما فكر في هذا. إذن أحكام النقود ما لم تكن باقية إلى يوم القياة فإن الإسلام بأحكامه في النقود يكون لفترة زمنية ضيقة محدودة، وينتهي الربا، وتنتهي الزكاة، والسلم، رأس مال المضاربة، كلها أحكام النقود. أمر آخر هنا الإمام مالك عندما قال: لو أن الناس اتخذوا الجلود حتى يكون لها سكة وعين لكرهت (معناها التحريم) لكرهت أن تباع بالذهب والورق نظرة. هنا لو أن الناس معنى ذلك أن النقود مردها إلى الاصطلاح. وأثبتوا هذا في فصل كبير في الكتاب بأن النقود مردها إلى الاصطلاح، بأن النقود مردها إلى الاصطلاح، ما اصطلح الناس عليه أنه نقود فهو نقود. إذن هنا اتخذوا الجلود، الآن اتخذوا الأوراق.
النقطة الأخرى التي أريد أن أقف عندها أيضًا، مسألة من يأتي ويقول النقوة الذهب والفضة فقط؛ لأن الحديث قال: الذهب والفضة فقط، ويستدل بالنص ويقول: الدليل هو النص، هذا ليس دليلا، النص دليل على الأصناف الستة لكنه ليس دليلاً على نفي ماعدا الأصناف الستة، وأن غير الأصناف الستة يأخذ حكمًا مخالفًا، ليس دليلاً لأن هنا غير الأصناف الستة يكون مفهوم المخالفة، وهنا اللقب: الذهب، الفضة، البر، هذه ألقاب، ومعروف عند جمهور الأصوليين أنه لا يؤخذ بمفهوم المخالفة في اللقب، يعني في غير اللقب كالعدد والغاية، فيه خلاف بين الأصوليين من يأخذ ومن لا يأخذ. ولكن كل الأصوليين أجمعوا في اللقب لا يؤخذ بمفهوم المخالفة، بل قال الشوكاني: لا يؤخذ به عقلا ولا شرعًا؛ لأنه إن قلنا: في البر زكاة، فليس معنى ذلك أنه لا يوجد زكاة في غير البر، إذن هنا من استدل بالحديث الشريف على نفي انطباق الربا أو الزكاة أو غير ذلك على غير الأصناف الستة، فإن هذا لا يكون دليلاً، وإنما هو دليل على الأصناف الستة، النقود الورقية إذا قلنا العلة الثمنية، وأن العلة تتعدى النقود الذهبية والفضية إلى نقود ورقية، هذا أمر قد يكون واضحًا، ولكن أقول أيضًا يمكن بغير قياس أن تأخذ النقود الورقية حكم الدينار والدرهم بدلالة النص عندما يقول الدينار والدرهم، الدينار بالدينار، الدرهم بالدرهم؛ لأنه قال: الذهب بالذهب والدينار بالدينار، في أحاديث: الدينار بالدينار والفضة بالفضة، وأحاديث أخرى: الذهب بالذهب والفضة بالفضة، ففيه الدينار وفيه الفضة. وفيه كذلك الذهب والورق، فهذا مأخوذ وهذا معمول، إذن دلالة الخطاب هنا كل ما يكون دينارًا، وكل ما يكون درهمًا، وكل ما يكون بهذه الوظيفة يأخذ نفس الحكم بغير حاجة إلى القياس، دون أن نأخذ حاجة إلى القياس.
أمر ثالث أريد أن أقف عنده أيضًا وهو مسألة العلة القاصرة. ما معنى العلة القاصرة؟ لأن الشافعية يقولون بالعلة القاصرة، فالحنفية قالوا لهم: علتكم قاصرة ونحن عرفنا الحكم من النص، فما فائدتها؟ ما فائدة العلة القاصرة؟ فأجاب الشافعية: العلة قد تكون متعدية وقد تكون قاصرة، والقاصرة لها فائدتان:
الفائدة الأولى: أن تعلم أن الحكم لا يتعداهما، فلا تطمع في القياس، في الوقت الذي قيل فيه بأن العلة قاصرة.
والآخر: قد يجدّ ما يشترك مع الأصل في العلة فيأخذ الحكم، قد يجد ما تصور الشافعي آنذاك أن الناس سيتركون النقود السلعية ويأتون إلى النقود الائتمانية الورقية.
ثم إن الإمام مالكًا والمالكية الذين قالوا بالعلة القاصرة ألحقوا الفلوس بالذهب والفضة، وتعبير الإمام مالك نفسه، الإمام مالك عندما يقول: لو أن الناس اتخذوا الجلود، مع القول بالعلة القاصرة ماذا يعني؟ هنا كما حاولت أن أفهم هذ وبينته والله أعلم بالصواب، فهمت هنا أن العلة القاصرة بمعنى أنها علة قاصرة على الذهب والفضة. فلا يشترك مع الذهب والفضة أي معدن آخر.
أما الدينار والدرهم وأي نقد آخر فلا تكون هنا علة قاصرة.
إذن العلة القاصرة على الذهب والفضة في حالة النقود وفي حالة غير النقود، ثم الدينار والدرهم هذا يمكن أن يشمل أي دينار وأي درهم، ولذلك كما قال شيخ الإسلام: بأن الدينار والدرهم ليس للدينار حد طبيعي ولا شرعي؛ لأن الشرع لم يحدد بالضبط ما هو الدينار وما هو الدرهم، وإنما موجود، وكان الدينار له أوزان مختلفة، والدرهم كان له أوزان مختلفة. إذن هنا القول بالعلة القاصرة لا يعني أن النقود الورقية لا تأخذ حكم الذهب والفضة، وإنما تأخذ حكم الدينار والدرهم، فإذا انتفت الثمنية عن الأوراق النقدية فلا تلحق بالذهب والفضة، يعني إذن عندنا الدينار الذهبي إذا انتفت الثمنية ولم يتعامل به بقي ثمنًا في ذاته وأخذ الحكم، الأوراق النقدية والجلود، لو أن الناس تعاملو وأتخذوا الجلود، الجلود إذًا لم تكن نقودًا، انتفت الثمنية، فلا يشترك هذا مع الذهب والفضة، ولذلك الفلوس عندما ألحقت بالنقود، بالذهب والفضة، وعندما لم تلحق عند آخريين، الحنفية على سبيل المثال، الذين لم يلحقوا الفلوس بالنقود الذهبية والفضية؛ لأنهم قالوا: هذه نقود بالخلقة، قالوا هنا عند تبادل الفلس بالفلسين: تبادل مع الزيادة، قالوا هنا: أن يكون تبادل فلس بعينه بفلسين بعينيهما، ومعنى بعينه يعني هذا الفلس كقطعة نحاس، أما إذا كان الفلس غير معين، فلسا بغير عين بفلسين بغير عينهما، فإن فلسًا يقوم مقام فلس، ويكون الفلس الآخر ربا، هكذا نص الحنفية، مع قولهم بأن الفلوس لا تلحق بالذهب والفضة، ولكن عندما راجت قالوا: هنا الزيادة تكون ربا.
إذن القول بالعلة القاصرة أو عدم القول بعلة الثمنية لا يمنع أن النقود الورقية تأخذ نفس الحكم، وإلا أوقفنا الزكاة في عصرنا انتهى الربا في عصرنا؛ لأن مشكلة الربا الآن ليست في البر والشعير والتمر والملح، مشكلة الربا الآن ليست في هذا، وليست في الذهب والفضة أيضا، وإنما مشكلة الربا الآن في النقود الورقية.
أمر آخر أريد أيضًا أن أقف عنده هو أننا الآن مطالبون بأن نقول حكمًا في النقود التي نتعامل بها الآن، وليس قبل الآن؛ لأنه بعد عام 1393، بعد أن تخلى الدولار عن القاعدة الذهبية، هنا أصبحت هذه النقود لا تمثل شيئًا معينا من الذهب، ليست مرتبطة بالذهب ولا بالفضة، وإنما نقود كل دولة ترتبط باقتصادها. إذن هنا مسألة أن هذه إذا كان لها رصيد أو ليس لها رصيد، لا الآن ليس لها رصيد ليس لها رصيد ذهبي حقيقة، بعض الدول تجعل شيئًا من الرصيد من باب أنها تكون في شيء من الأمان، والبنك الدولي يشترط رصيدًا في النقود التي أخذها من الدول حتى يقرض، إنما النقود بصفة عامة تخلت عن القاعدة الذهبية والقاعدة الفضية. إذن الآن هذه أثمان في ذاتها وأثمان بالإلزام، يعني لا يملك أحد أن يقول: لا أنا لاآخذ هذا، لو أن أحدا عليه مائة دينار أردني، وجاء الآخر وقال له: خذ مائة دينار أردني، وقال: لا، لا آخذ هذا، أنا أريد ذهبًا أو فضة، الدولة تلزمه أن يأخذ هذه، فهذا إلزامية.
إذن ما أريد أن أخرج منه بسرعة هو أن النقود الورقية التي نتعامل بها اليوم، ما لم تكن مثل النقود في عصر التشريع، أو النقود السلعية من قبل؛ لأن النقود كانت سلعية ثم أصبحت ائتمانية، ما لم تكن كذلك فإنها لا يمكن الآن أن تستحل بها الفروج في الزواج، ولا أن تكون ثمنًا للمبيعات، ولا أن يكون فيها ربا، ولا أن تكون فيها زكاة.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وهو يهدينا إلى سواء السبيل، والسلام عليكم ورحمة الله.
الرئيس:
شكرًا، يعني الخلاصة أنكم ترون أن تكييفها الفقهي أنها ثمن قائم بذاته، وأن العلة هي مطلق الثمنية.
الشيخ على السالوس:
أو بغير علة من دلالة النص، مفهوم الموافقة، بدون علة. يعني ممكن علة، وممكن أن تكون بدون علة أيضًا.
الرئيس:
طالما أنه ثمن قائم بذاته
…
الشيخ محمد عبده عمر.
الشيخ محمد عبده عمر:
الحمد لله، والصلا والسلام على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
أما بعد؛ سيادة الرئيس، فإني أثني على ما تفضل به فضيلة الشيخ الدكتور على السالوس، فقد أعفاني عن الحديث في هذا الموضوع، وقد أتى عن كل ما كان يختلج في نفسي، إلا أنني أحب أن أضيف بأن القول بأن تقيم كافة العملات بالذهب والفضة، أضيف إلى هذا بأن القول بأن تقييم كافة العملات بالذهب والفضة، أضيف إلى هذا بأن الذهب والفضة هي مكدسة في خزائن اليهود الذين حاولوا الاستيلاء على الذهب والفضة من قديم الزمن، فإذا ما حاولنا أن نخضع عملات الشعوب لغطاء الذهب والفضة التي تتحكم به اليوم الصهيونية العالمية، فإن هذا يجعلنا ويجعل شعوبنا الإسلامية تخضع في أموالها وفي معاملاتها وفي قوة اقتصادها إلى الصهيونية العالمية، وعلى هذا فإنني لا أميل إلى أن تكون عملاتنا أو أوراقنا، أن يكون لها غطاء ذهبي، أو تقيم بالنقد الذهبي.
مناقش:
يكون غطاؤها دولار؟
الشيخ محمد عبده عمر:
لا، هو الدولار الآن يتحكم في العالم لأنه يستند إلى قوة الذهب، الدولار الأمريكي الآن يتحكم في العالم لأنه يستند إلى قوة الذهب. الصهيونية العالمية الآن تتحكم في الذهب والفضة، وتخزنه وتتحكم في عملات العالم. فأنا مع رأي شيخنا علي السالوس بالنسبة لجعل العملة لا تغطى بالذهب والفضة، وإنما على شعوبنا الإسلامية أن تختار سلعة من السلع التي هي في أشد الحاجة إليها، ونقيم كل ما نملكه من اقتصاد بهذه السلعة التي مجتمعاتنا الاسمية بحاجة ماسة لها. وشكرًا.
الشيخ عبد العزيز الخياط:
بسم الله الرحمن الرحيم
…
عفوًا إذا تدخلت بالكلام، ولكني أريد أن أوضح بعض النقاط. فورد في كلام بعض الإخوة أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ الذهب والفضة نقدين، إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الذهب والفضة لا على أساس أنهما نقدان، وإنهما الوصف القائم في ذلك الوقت. الواقع في رأيي أن ذكر النبي عليه الصلاة والسلام للذهب والفضة، واعتمادهما في التعامل، هو تثبيت شرعي لهما نقدًا، ولذلك ما زلت مع الرأي الذي قال به الأستاذ إبراهيم وأيده بعض الإخوة في أن العودة إلى التعامل بالذهب والفضة هو الذي ينجينا من كثير المشكلات.
وتوزع الثروة النقدية لدى المسلمين في بلاد المسلمين، ولا تكون بيد فرد معين، وإنما تكون عند كل أفراد المسلمين، ولا يمكن لأي إنسان أن ينتزع ثروة البلد عن طريق الدولة وحدها، بل تكون موزعة. هذه نقطة.
النقطة الثانية: ولذلك لابد أن يكون الذهب والفضة غطاء لكل عملة.
ما ذهب إليه الأستاذ السالوس أرى أن فيه خطرًا كبيرًا إذا جعلنا كل نقد ورقي عملة قائمة بذاتها، مع تعدد العملات في العالم كله. معنى هذا أننا أسقطنا حتى العملات التي نتعامل بها في البلاد الإسلامية ومنها البلاد العربية، وبالتالي أضعنا اقتصادنا وأضعنا ما بين أيدينا من عملات، هذا في رأيي. الدولار الأمريكي مغطى بأكثر من دولار ذهبي أمريكى، وأمريكا استطاعت أن تأخذ معظم ذهب العالم، ولعله وليس بخاف على الإخوة أن ذهب البرازيل وذهب أفريقيا وذهب بعض البلدان كله تأخذه أمريكا وتضعه عندها، إلى درجة أن الدولة الكبرى الثانية الاتحاد السوفيتي اضطرت إلى أن تجعل التعامل بالروبل على أساس الدولار الأمريكي.
وكنت قبل مدة، وكان معنا بعض الإخوان هناك، لجأوا إلى تعويم الروبل باعتبار أنه في السوق السوداء لا قيمة له، أو قيمته منخفضة جدًا،، حتى لا يتعامل في السوق السوداء، لجأوا إلى إصدار روبل سموه روبل ذهبي، قيمته دولار ونصف أمريكي، فاعتمدوا الدولار الأمريكي أساسًا باعتبار أن الدولار الأمريكي مغطى بالذهب كله، وطبيعي ليس بحث هذا الأمر. أعود فأقول هذا من ناحية.
النقطة الأخيرة التي أريد أن أقولها في تعليقي، إذا جعلنا الدينار الورقي القائم الآن بتسميته دينارًا أو الدرهم الورقي القائم الآن بتسميته درهما بالتسمية، إذا جعلناه موازيا للدينار الذهبي فهذه مغالطة، كيف يكون الدينار الورقي بعملة قائمة بذاتها، والدرهم الورقي بعملة قائمة بذاتها، موازيًا للدينار الذهبي أو للدرهم الورقي؟ فأتصور أن هذه نقطة تحتاج إلى توضيح وبحث في هذا الأمر. أما إذا كنا، وهو ما قاله الأستاذ البازيع، وعقبت عليه فيه، أننا، وقاله الأستاذ أيضًا تقي، بأننا نعتبر نظرًا لعدم التعامل بالذهب والفضة، نعتبر الدينار القائم موازيًا بغطاء ذهبي للدينار الذهبي، هذا اعتبار قائم، نقوم به ونعامله على أساس التعامل بالذهب والفضة. فهذا الاعتبار هو للخروج للنتيجة التي أردت ألا نقع فيما يمنع، عندئذ لا يكون ربا، لا يكون زكاة، لا يكون كذا، بعودتنا إلى التعامل على أساس اعتبار التعامل الورقي المغطى بذهب، أو مغطى بعملات أخرى، كما يوزن البنك الدولي في هذا تغطية لحد معين، فنعتبره معاملة بالدينار الذهبي والدرهم الفضي، وشكرًا.
الشيخ يوسف القرضاوي:
بسم الله الرحمن الرحيم..
في الحقيقة أعفاني أخي الدكتور على السالوس في بيانه الجامع عن كثير مما كنت أريد أن أقوله، ولكن أريد أن أفرق بين أمرين:
الأمر الأول: هو ما نتمناه جميعًا أن يعود للذهب والفضة منزلتهما في اعتبارهما النقود الأساسية والشرعية، والتي تبعد الناس عن كثير مما يشكون منه الآن من تغير قيمة العملات وتدهورها أحيانًا، إلى أن تصبح اقل من 1 % مما كانت عليه منذ سنوات، كما نرى في الليرة التركية مثلاً، وهذه أمنية. لكن هناك شيء آخر وهو ما أشار إليه الكثير من الإخوة، وهو الأمر الواقع الآن، الأمر الواقع الآن أن هناك نقودًا ورقية إلزامية أصبحت هي السائدة، والتي يتعامل الناس بها، وما عدنا نرى الذهب ولا الفضة في شيء من معاملاتنا. هذه النقود ما موقفنا منها؟ وما الحكم فيها؟ لأن هناك للأسف بعض الذين ينتسبون إلى الشرع وإلى العمل بالنصوص، أو ما أسميهم الظاهرية الجدد حالا يقولون: هذه ليست نقود شرعية، النقود الشرعية الذهب والفضة، وعلى هذا الأساس لا يريدون أن يجروا فيها ربا، ولا أن يوجبوا فيها زكاة. كيف يجوز هذا مع أن بقية أحكام النقود نجريها عليها كما أشار الأخ الدكتور السالوس، وأنا سجلت هذا في كتابي "فقه الزكاة " للذين قالوا: لا زكاة فيها، أو الذين اعتبروها سندا وحوالة وأجازوها على بعض المذاهب دون بعض، وهذا كله نوع من التشكيك لا يجوز أن يقال أبدًا.
هذه باعتمادات السلطات الشرعية إياها أصبحت نقودًا، ولا شك ندفعها مهرًا فتستحل بها الفروج، ندفعها ثمنا فيستحل بها المشتري المبيع، ندفعها أجرًا فنستحل بها عرق الأجير، ندفعها في الدية، نقبض بها رواتبنا، من سرق هذه النقود يعاقب من غير شك، من ملك منها الكثير اعتبر غنيًا، من لم يملك منها شيئًا أو ملك منها القليل اعتبر فقيرًا. كيف نتجرأ نقول: إن هذه لا تجب فيها الزكاة، أو لا يجري فيها الربا، أو نشكك في هذا؟ أمر خطير. الحقيقة فمادمنا نعاملها على أنها نقود في سائر المعاملات، فينبغي أن يجري فيها الربا تمامًا كما يجري في الذهب والفضة، وأن تجب فيها الزكاة قولاً واحدًا. ولا ندع مجالاً للاشتباه في هذا، وأنا هذا ما أردت أن أؤكد عليه.
الرئيس:
يعني تكون ثمنًا قائما بذاته؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
أنا في الحقيقة تحديد العبارة.
الرئيس:
لأجل – طال عمرك – قضية التكييف الفقهي؛ لأن ما حضرت، وأمور لا تخافكم وهو موجود كتابكم فيه كونها إسنادية أو إلحاقها بالفلوس، أو إلحاقها بدلاً للذهب والفضة، أو كونها ثمنًا قائمًا بذاته، يعني قضية التكييف الفقهي، المنزع الفقهي لهذه القضية، لابد، يعني أعد كلامكم على أنها ثمن قائم بذاته.
الشيخ يوسف القرضاوي:
نعم.. نعم.. ثمن.
الرئيس:
أحب أن أسأل فضيلة الشيخ في قضية يعني المناشدة بأن تكون العملة بالذهب والفضة أنا لا يعني في الحقيقة قد يخفى علي بعض الأمور في هذا الجانب، لكن هل هي مناشدة ممكنة ولو إلى عشرين في المائة؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
والله هذا لا أستطيع أن أجيب عليه، يحتاج إلى إخوة من الاقتصاديين.
وأنا أقول: أمنية، ما أدري هل هي ممكنة أم لا؟ لأنه أنا أرى أنه فيها صعوبة في عصرنا حقيقة.
الشيخ عبد الله إبراهيم:
شكرًا فضيلة الرئيس، في الواقع أن ما أوضحه الأستاذان الفاضلان السالوس والقرضاوي قد أصبح واضحًا لدينا جميعًا، بحيث إنه لا نحتاج إلى خلاف أو اختلاف بعده، ومع ذلك أضيف هنا أن هذه النقود الورقية فإن كلا منا يتعامل بها ونرغب فيها، كل النفوس ترغب فيها، وإن الناس أو أي واحد منا إذا امتلك مقدارًا كبيرًا من هذه النقود يعد من الأغنياء، أصبح غنيًا من الأغنياء، وإن كان لم يملك جرامًا واحدًا من الذهب أو الفضة، وإذا امتلك مقدارًا كبيرًا من هذه النقود الورقية فإنه سيصبح في عداد الأغنياء. ومن ناحية أخرى فإن مسألة الغطاء بالنسبة لرأيي فإنه ليس بأمر هام، فإنه سواء كان لهذه النقود غطاء أو لا يوجد لها غطاء، فإن هذه النقود مقبولة عند الناس جميعًا. وأن الناس لا يرون هذا الغطاء فإنهم يقبلون التعامل بها ولا يرفضها أحد. فهي إذن تأخذ مقام الذهب والفضة تمامًا، وتجري فيها جميع أحكام الذهب والفضة من حيث الربا والزكاة وما إلى ذلك، والله أعلم.
الشيخ عبد الله بن بيه:
الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
في الحقيقة أن ما أردت أن أقوله في تدخلي وهو ما بررت به توقفي. ولكن بعد تدخل الدكتور علي السالوس أردت أن أتدخل لأني استغربت بعض العبارات التي قالها، هي عبارة أولاً: دينار ودرهم هذه دنانير ودراهم، إذن معنى ذلك أن الدولار لا ربا فيه، الدينار أعتقد في بعض الدول عندها الدينار هنا، أعتقد في الأردن دينار في تونس دينار، فبعض الدول لها دينار، إذن هذه الألفاظ الأصل معاني، والألفاظ إذا لم تقم على المعنى الحقيقي لا تعتبر؛ لأن هذا جميع العملات لا تسمى الآن دنانير ودراهم.
السؤال الذي كنت أريد أن أسألة هل يجوز بيع الذهب بالفضة نسيئة الآن إذا صارتا سلعتين؟
الفلوس إطلاق أن مالكا قال بالحرمة هو إطلاق فيه مجازفة، أعتقد أن من واجبنا أن ننصف العلم والعلماء، أن نذكر كل أقوال العلماء، وأن نختار ونرجح على قواعد شرعية سليمة، وأن لا نغمط أحدا حقه، ألا نغمط قولاً حقه معناه ألا نتجاز على قول، ألا نحاول أن نقول على إمام لم يقله، مالك اختلفت أصحابه عنه، بعضهم قال: إن الحرمة هي كراهة وأكثرهم قالوا: إنها الكراهة، قالوا: إن الكراهة في قول مالك هي الكراهة على بابها، وشروح خليل يقولون: الكراهة في قول مالك على بابها، واضطرب مالك رحمه الله تعالى في القرض قال: لا أكره ذلك وفي القراض قال: لا أقول: لا يقارض بها؛ لأنها تؤدي إلى الفساد والكساد. إذن الإمام مالك قال كلمة الكراهة، والقول بأن هذه الكراهة تعني الحرمة هو مجرد قول من أقوال أتباع مالك، بعضهم قال: إن الكراهة تعني الكراهة على بابها؛ لأن مالكًا رحمه الله تعالى يقول بوجود حكم بين دليلين، هذه قاعدة عن مالك معروفة.
مسألة أخرى يقول الدكتور السالوس: الشافعية لا يتصورون في ذلك الزمان أن الفلوس ستكون رائجة وتقوم مقام النقود، الشافعية فعلاً.
الشيخ علي السالوس:
إن النقود ستأتي.
الشيخ عبد الله بن بيه:
إن النقود ستأتي، أنا أسميها فلوسًا وأعتبرها كالفلوس تمامًا، الشافعية تصوروا ذلك، الشافعي رحمه الله تعالى يقول في الأم: لا ربا في الفلوس، وذكرت ما ذكره الشافعي، وما ذكره عن مصنف ابن أبي شيبة عن مجاهد وغير ذلك. نعم الشافعية كانوا يتصورون ذلك. فقد قاله إمام الحرمين وكرره مرات كثيرة، فقال: لو راجت الفلوس رواج النقود ما كان فيها من الربا ما يكون في النقود؛ لأن نقديتها ليست نقدية شرعية. إمام الحرمين كرر هذ وأكده، كذلك ذكره النووي وقال: لو راجت رواج النقود ما كان فيها ربا؛ لأن العلة قاصرة عند الإمام، وقصور العلة قد حاولت هنا تفسيره بأنها أصل الآثمان أو أن غلبية الثمنية غلبية خاصة، وأنها ثمنية من نوع خاص. أعتقد أنه لا يجوز لنا أن نتجاوز على أقوال العلماء: العلة قاصرة لا يمكن أن تتعدى، وقال العلماء: فائدتها هي تقوية الحكم، بمعنى أن المكلف يتلقى الحكم بالقبول، وهذا ما لم تذكروه، وقد ذكروه من الفوائد لأنها العلة، وعللوا بما خلت من تعدية ليعلم امتناعه، يعني امتناع القياس والتقوية، ولأنها تقوي الحكم في نفس المكلف، انتهاء الربا في عصرنا، الربا لا ينتهي.
الرئيس:
يا شيخ عبد الله، طالما أنكم متوقفون فيظهر لي أن امتداد البحث ما أدري..
الشيخ عبد الله بن بيه:
يا سيدي الرئيس، أريد إنصاف أقوال العلماء، أريد أن نتصف بإنصاف أقوال العلماء، أن نذكر جميع أقوالهم، أن لا نغمط قولاً أو مذهبًا، حقًا أن نذكر جميع أقوالهم، وأن نحاول التأصيل الفقهي كما أشرتم إليه، يعني طلبتم من الأخوان أن يؤصلوا ذلك تأصيلاً فقهيًا، فهذا الذي أحاوله بتجرد إن شاء الله سبحانه وتعالى، ولا أنتصر حقيقة لقول؛ لأن المسألة ملتبسة، قلت: هي شبهة، والشبهة قد تكون حرامًا إذا قلنا ما في حديث مسلم رحمه الله تعالى ((ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)) زيادة مسلم على البخاري، البخاري ليس فيه ((وقع في الحرام)) ، الشبهة قد تكون حرامًا وقد تكون مكروهة.
الرئيس:
طيب استمر يا شيخ.
الشيخ عبد الله بن بيه:
إذن الحقيقة أنا أعرف أن المسألة بالنسبة لكم هي مسألة الوقت. لا يمكن أن تستحل بها الفروج، هذا أيضًا كلام أعتقد أنه ليس في موضوعنا حتى ولو لم تكن ربوية. الفروج تستحل بكثير من العروض التي ليست ربوية. فهذا كلام في الحقيقة فيه زيادة، وهو من نوع الخطاب.
هناك بعض المسائل التي كنت أريد أن أذكرها، أنبه عليها: الفلوس استعملت مرتين في التاريخ من أجل نفي الربا، فذكروا أن في سنة بالذات ذكرت هذه المسألة، استعملت في زمن الأيوبيين لما اشتكت امرأة إلى الخطيب أنها تشتري ماء بدرهم فيرد لها نصف درهم ورقا وماء، فكأنها المسألة المعروفة عند الشافعية بمد عجوة وسلعة أخرى، فهذه المسألة أنكرها أبو الطاهر المحلي، وضربت الفلوس من أجل تجنب هذه المسألة، ثم ضربت في وقت آخر في زمن الدولة العباسية في بغداد وتعامل الناس بها زمنًا ثم تركوها. إذن لا يمكن أبدًا أن نقفز على التاريخ قفزًا، وأن نفترض ثمنية هذه الثمنية هل تنفونها؟ أرجع إلى سؤالي، معنى ذلك أن الذهب والفضة لم يعد فيهما ربا، وعلى جوابكم أريد أن أتكلم.
الشيخ عبد السلام العبادي:
بسم الله الرحمن الرحيم..
الواقع أنني أستمع إلى هذا النقاش الذي يدور بملاحظة أننا ما بلورنا بالضبط نقطة النزاع على ماذا نحن نختلف؟ أو هل هنالك اختلاف؟ هل من بيننا من يرى أن النقد الورقي ليس فيه مجال لوقوع الربا أو استخدامه في مجالات الذهب والفضة السابقة، عندما كانت الذهب والفضة هي أساس النقدية؟ فتحرير محل النزاع قد يخفف في الواقع كثيرًا من النقاش، تحديد النقطة بالضبط التي يختلف عليها؛ لأني لاحظت بقدر قليل البحث نحا منحى اقتصادي، أنه بماذا ننصح دولنا؟ هل ننصح دولنا بأن يكون النقد مغطى تغطية كاملة بالذهب والفضة، أو ليس مغطى تغطية كاملة بالذهب والفضة.
وهذا ليس لنا. هذا الواقع يمكن أن يبحث في مجال آخر. نحن ننظر لما هو واقع بيننا كما تفضل أستاذنا الشيخ يوسف القرضاوي؛ لنرى ما الحكم الشرعي فيما يتعلق به. فلذلك أقترح أن يتحدد محل البحث، وأن يركز عليه، وأن نترك قضية: هل الأفضل أن يكون هناك غطاء ذهبي أو لا يكون؟ لأن هذا أمر جهة أخرى ولا، يمكن أن يكون في مجال هذا المجمع، إلا إذا كان عدم وجود لتغطية الذهبية، مما يترتب عليه حكم شرعي، يعني يكون حرامًا أو يكون مكروهًا، فعند ذلك يمكن أن نتصدى إليه.
أما في إطار ما هو كائن، كثير من العملات الآن باتت بغير تغطية ذهبية ونتعامل بها، ما الحكم الشرعي فيما يتعلق باعتبارها مالا؟ ما الحكم الشرعي فيما يتعلق بالتفاضل بينها؟ إلى غير ذلك من القضايا. فهذا هو صلب الموضوع، وشكرًا.
الرئيس:
شكرًا.. أظن أن الإشارة حصلت في أول البحث في هذا الموضوع، وأنه لابد من التكييف الفقهي لهذه الأوراق، وكان الشيخ عبد السلام موجودًا، وأكثر بحوث الأخوان هي على قضية التكييف الفقهي.
الشيخ عبد السلام العبادي:
النقاش يا سيدي.
الشيخ علي السالوس:
فقط للتوضيح.. السيد الوزير مسألة الغطاء الذهبي أنا لا أتحدث عن رأي، وإنما أتحدث عن واقع، يعني الدولار كان مغطى غطاء ذهبيًا إلى عام 1973، وبعد هذا تخلى عن العطاء الذهبي. وأشرت أيضًا إلى أن البنك الدولي يشترط جزءًا من الذهب بالنسبة للمال الذي يودع عنده هو، وليس لمال لدولة، أشرت أنا أيضًا إلى هذا.
مسألة أننا نصل إلى الغطاء الذهبي أو إلى الدينار الذهبي والدرهم الفضي، هذا ما قلت شيئًا فيه، يعني لو عدنا لهذا لكان أفضل من الأوراق النقدية الآن التي لا قيمة لها. وبالنسبة لفضيلة الشيخ ابن بيه أقول: هنا دينار ودرهم، ليس معناه الاسم وإنما الدلالة، دينار كنقد، درهم كنقد، دولار، جنيه كنقد، فكل ما قام بدور الدينار والدرهم فهو نقد. ويبقى بعد ذلك بالنسبة للذهب والفضة الثمنية لازمة للذهب والفضة في حالة كونهما نقدا أو غير نقد لأن هذه ثمنية طبيعية بالنسبة للذهب والفضة، ولذلك كما حدث في المؤتمر الثاني للمصارف الإسلامية أن اتخذ قرارًا بأن عندنا الآن الذهب والفضة والعملات الورقية، يعني الذهب جنس، الفضة جنس، عملة كل دولة جنس، فلا يجوز التبايع مع زيادة في الجنس، ولا يجوز إلا مع التقابض في المجلس. إذن شراء الذهب لا بد فيه من التقابض بعملة ورقية، شراء الفضة وهكذا.
بالنسبة لو راجت فلوس أنا ذكرت هذا أيضًا في الكتاب، وأن الشافعية من أهل خراسان قالوا بأن هذه تلحق بالدينار والدرهم، وأن باقي الشافعية اعتبروا هذا الرأي شاذا ورفضوا، وذكر النووي في المجموع بأن الفلوس لو راجت رواج النقدين لما ألحقت بالذهب والفضة، هذا ذكرته، وإنما قلت كلام الشافعية الذي ذكرته موجود، مناقشة الحنفية للشافعية بالنسبة للعلة القاصرة، قالوا: للعلة القاصرة فائدتان، وأنا ذكرت هذا وهذا موجود في كتبهم وليس افتراء عليهم.
الكراهة أقول هنا بالنسبة للكراهة والتحريم، الأصل بالنسبة للأقدمين أكثر قولهم كراهة يراد به التحريم، بعض آرائهم وآراء أخرى بأنها لا تقصد التحريم.
أحسنت وجزاك الله خيرًا، والحمد لله، وشكرًا لكم.
الشيخ خليل الميس:
من الملاحظ في الحقيقة أننا نعالج أمرا واقعًا. وهذا أمر طيب ومطلوب أيضًا، ولكن عندي اقتراح قد يكون غريبًا بعض الشيء، هل يمكن لمجتمعنا ولملتقانا هذا، مجمعنا الكريم من خلال الخبراء بالاقتصاد أن يوجهوا عالمنا الإسلامي إلى نظام في العملة أقرب إلى الواقع والشرعية، ما دمنا لنا ملاحظات ولنا إشارات على هذا النظام وعلى ذاك النظام؟ هل يمكن أن نقترح البديل الذي يجعلنا نقترب من واقعية العملة هذه؟ نرجو أن يكون ذلك ممكنًا. وشكرًا.
الشيخ أحمد محمد جمال:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم باحسان إلى يوم الدين.
وبعد؛ فأرى أننا نجادل في أمر واضح وفي واقع ملموس لا يمكن تغييره بأي حال من الأحوال. العملة الورقية قائمة وواقعة، ولا تستطيع دولة واحدة في العالم أن تغير هذا الأمر، وأرى أن الاصطلاح السلطاني، بالتعبير القديم، أو الاصطلاح الدولي، على ثمنية هذه العملة الورقية هو العلة القائمة الواقعة، وما يسري أو ما سرى على الذهب والفضة قديمًا يسري على العملة الورقية حديثًا، بدون أي جدال ولا خلاف في الرأي، والاصطلاح على الثمنية، الدول كلها مصطلحة على هذه الثمنية في العملة الورقية تمامًا، كما كانت الثمنية في الذهب والفضة، ولا يمكن تغيير هذا الوضع بحال من الأحوال، وينبغي أن تسري الأحكام الشرعية على العملة الورقية كما سرت على الذهب والفضة في كل المعاملات بلا اختلاف. هذا شيء واضح وواقع يجب ألا نختلف عليه كثيرًا.
الأمر الثاني: أحب أن أعلق على فضيلة الشيخ عبد الله بن بيه فيما عقب به على فضيلة الشيخ علي السالوس، من أن الدرهم والدينار لا يعتبران عملة، أو أن الإسلام لم يعتبرهما عملة فيما سبق، فهمت هذا من تعقيب الشيح عبد الله.
الشيخ عبد الله بن بيه:
هو قال: إن النص يتناولهما، فقلت: إن النص لا يتناولها قال: الدرهم والدينار.
الشيخ أحمد محمد جمال:
على أي حال إن الإسلام، أو إن التشريع الإسلامي اعتبر الدرهم والدينار عملة في رأيي أنا في نظري؛ لأن القرآن ذكر الدينار في آية {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: 75] والحديث النبوي حديث المفلس ((قالوا المفلس فينا أو عندنا من لا درهم له ولا دينار)) فأحببت أن أعلق بهذا التعليق البسيط، وشكرًا لكم.
الشيخ محمد علي عبد الله.
شكرًا حضرة الرئيس.. لكي لا أكرر ما قاله الإخوان قبلي أريد أن أقول شيئًا، فيما يخص تغيير العملة وأحكام النقود الورقية. أرى من الواجب العودة إلى الشريعة وللدين، وهذا ما قررته في بحثي المعتمد على أقوال الصحابة وأقوال الفقهاء، ولكن من الواقع أيضًا أن لا يخفى عنا الوضع الحاضر، الوضع الاقتصادي الحاضر، الوضع الذي فرضه الاستعمار، فرضه علينا كل من يحارب الدين، وذلك أقصد بهذا أمريكا؛ لأن أمريكا كانت قبل السنوات السبعين ترى أن الدول الإسلامية كقوة لا بد من وضع حد لها، وكان الحل الوحيد الذي وجدته هو وضع هذا الحد من القوة الإسلامية، هو استعمال ما تسميه بالدولار أو الغطاء الدولاري. وأخشى أن الزميل الذي قال: إن لا نعود إلى هذه الفكرة، أن يكون قد نسي أن الموضوع هو وجود وهو إيجاد حل لتوحيد الكيان الإسلامي، إيجاد حل لإخراج المسلمين من كل ما يؤدي إلى وجود أي مسلم، أي قطر إسلامي تحت سلطة غير مسلمة، وبالتالي أن لا بد من العودة إلى الغطاء الذهبي؛ لأن الغطاء الذهبي هو حماية كل اقتصاد إسلامي. أقصد ما زال لحماية كل اقتصاد إسلامي هو أنه إذا اعتمدنا على الدولار الذي هو قوة عميلة قوة كالسيف ضد الإسلام، يعني هذا تبعية، والتبعية نقصد بهذه التبعية أن وجود مناطق اقتصادية، وبالتالي الدول الإسلامية الصغيرة لا تستطيع أن تتقاضى أو تقوم بأي عملية اقتصادية دون إذن أو إشارة من الدول الاستعمارية، الدول غير الإسلامية.
وثانيًا: إذا قلنا: إن عدم العودة إلى الغطاء الذهبي أو الفضة، يعني إذا قلنا بالعمل بالنقود الورقية فقط، هذا يعني أن كان شخص غنيًا قد يصبح فقيرًا فقط؛ لأن الحكومة قررت في يوم ما عدم اعتبار الورقة القديمة كعملة، وتغيير ورقة جديدة يعني أن الشخص الذي كانت له أوراق مالية في بنوك أخرى قد لا يجد الوقت الكافي لتعويض تلك النقود واستعمالها، وهذا يؤدي لإفلاسه، أما إذا كانت العملة معتمدة على الذهب والفضة فمهما كان القرار الاستعماري، فهذا الشخص أو هذه الدولة يكون له قوة كما كانت. وشكرًا.
الشيخ تقي العثماني:
شكرًا سيدي الرئيس.. إنما أريد أن أشير إلى نقطة واحدة فقط، وهي أن الاتجاه السائد الذي أرى من الإخوة هو أن تعامل النقود الورقية في معاملة الربا بمثل أحكام الذهب والفضة. ولكن هناك فرق بين أن تجري على النقود الورقية أحكام الربا، وبين أن نجري عليها أحكام الصرف. فقد تكلمنا عن أحكام الربا، ولكن هل نجري عليها أحكام الصرف، يعني هل يشترط التقابض في مجلس العقد عند المعاملة بين العملات المختلفة؟ مثلاً إذا عاملت أحدًا أديتها – الدنانير الأردنية هنا – وعاملته أن آخذ بدلها الروبية الباكستانية في باكستان.
فإذا جعلنا النقود الورقية أجرينا عليها أحكام الصرف، ينبغي ألا يجوز هذا العقد، وأما إذا جعلناها أثمانًا عرفية إثمانًا اصطلاحية، فيجوز أن لا يشترط له التقابض، فينبغي أن نبحث في هذا الموضوع أيضًا، هل يجري على النقود الورقية أحكام الصرف ويشترط لها التقابض، سواء أن كانت المعاملة جنس بجنس أو بجنس آخر أو لا؟
الرئيس:
في الواقع الذي تفضلتم به صحيح، لكن إذا عللت؛ لأنه لا ينبغي أن يفك بين التكييف الفقهي وبين التعليل. إذا عللت بمطلق الثمنية مع كونها أثمانًا قائمة بذاتها، فمعنى هذا أنه تجب فيها الزكاة، يجوز فيها السلم، يمتنع فيها النسيء، يجوز التفاضل بين أجناس الأوراق، عملة سعودية وعملة أردنية إذا كان يدًا بيد، فتجري فيها هذه الأحكام، وفعلاً يظهر أن الرأي – كما تفضل الشيخ تقي – أن الرأي السائد يتجه إلى هذا. فهل ترون أن تنتهي المداولة بهذا حتى ننتقل؛ لأن أمامنا في هذه الجلسة الصباحية موضوعين؟
الشيخ تقي العثماني:
ولكن لابد من البت في أمر الصرف، هل يشترط التقابض؟
الرئيس:
هو يكون لها حكم الذهب والفضة. هذا لا إشكال فيه.
الشيخ تقي العثماني:
يعني لو جعلناها أثمانًا عرفية كما رأيت معظم الإخوان يقولون: إنها أثمان باصطلاح الناس.
الرئيس:
أصلاً العملة كلها يا شيخ، كلها من أصلها ليس لها حد شرعي ولا طبيعي، وإنما هي بالاصطلاح والمواطأة.
الشيخ تقي العثماني:
لا، الذهب والفضة لها قيمة ذاتية، وإنها أثمان خلقية.
الرئيس:
لكن هي جعلت أثمانا هي أثمان بذاتها مع القوة السلطانية لها. هذا لا إشكال، ولذلك السبائك الذهبية هل تعد إثمانًا؟ هذا سؤال يا شيخ، السبائك الذهبية هل تعد ثمنًا؟ هل تعد عملة؟ فعلى كل إذن نسجل الأسماء.
الشيخ رجب التميمي:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إن الأوراق المالية التي هي عملات في العالم على اختلاف أسمائها أساسًا هي كانت قبل الورق عملات ذهبية، لكن لما تطور الاقتصاد وأخذ بالعملات الورقية، وصارت هذه العملات تقل قيمتها تبعًا لتطور الاقتصاد، كان في أول الأمر الدينار أو الجنية يساوي الجنية الذهبي، ثم لما تطور الاقتصاد صار الاختلاف في القيمة بين الذهب والورق، وذلك أننا حينما نرجع إلى تقدير النصاب، نصاب الزكاة أساسًا موجود تقديره في الفقه بالذهب والفضة، فحينما تقدرها بالعملات الورقية هي ثمن وتقدر، هل عندما نقدر نصاب الزكاة بالأوراق المالية الموجودة الآن في العالم الإسلامي لا بد أن نقيسها على القيمة الذهبية حتى يمكن أن نقدر النصاب، كذلك الدية الشرعية عندما جاءت بالذهب والفضة، وحينما نقدرها بالأوراق المالية نرجع إلى الذهب والفضة، فالعملات الورقية، فحينما نقدر قيمتها الآن نرجع إلى القيمة الأصلية وهي الذهب والفضة.
هذا هو الموضوع الذي يمكن أن نبحث الأمر على أساسه. عندنا أحكام شرعية بالذهب والفضة، والذهب والفضة هي العملة السائدة قبل وجود الأوراق المالية، فسنرجع في الثمنية إلى الذهب والفضة، ولذلك تجب فيها الزكاة، ولذلك هي لا ترقى، بينها وبين الذهب والفضة، إلا من ناحية القيمة، قيمتها تتضاءل يومًا بعد يوم. وهذا الأمر يجب أن نقدر القيمة في كل بلد حسب وضعه، ثم نرجعه إلى الذهب والفضة، حتى يمكن للمسلم وللمكلف شرعًا أن يعلم القيمة، النصاب، نصاب الزكاة، حتى يمكن للمسلم أو لأولى الأمر حينما يقدرون الدية بالعملة الورقية يرجعون فيها إلى الذهب والفضة.
هذه هي ثمرة الخلاف والبحث.
فعندنا أحكام شرعية مقدرة بالذهب والفضة، هذه القيمة الورقية هي بديل عنها في الأول. ولذلك مثلاً قبل أربعين أو خمسين سنة كان الجنيه المصري بدله الجنيه الذهب تمامًا قيمة الجنيه الذهب قيمة الورق في ذلك الوقت، كان الدينار الأردني الذي هو بدله الجنيه الفلسطيني كان الذهب تمامًا مثل الورق، لكن تطور الاقتصاد والتضخم المالي والتلاعب الاقتصادي العالمي وسيطرة العملات للدول الكبرى مثل الدولار وغيره هو الذي بدل قيمة الأوراق المالية.
نحن حينما نرجع ونبحث موضوع الأوراق المالية يجب أن نردها لأصولها في التقدير والقيمة؛ حتى نستطيع أن نقدر نصاب الزكاة حتى نستطيع أن نقدر الديات، حتى نستطيع أن نقدر بقية الأحكام الشرعية؛ ليعلم الناس كيف يقدرون ما وجب عليهم بهذه الأوراق المالية التي تتناقص يومًا بعد يوم. والله أعلم.
الشيخ عمر جاه:
بسم الله الرحمن الرحيم..
شكرًا سيدي الرئيس.. في الحقيقة بعد الاستماع إلى كثير من المعلقين، والذين تفضلوا بتوضيح البحوث التي قدموها لهذا المجمع، أرجع وأتساءل، وهذا السؤال أعتقد أنه إذا أجيب عليه قد يكون لنا مخرج، ذلك ما هو المطلوب من هذا المجمع حينما طرحت هذه الموضوعات، موضوع النقود الورقية ما هو المطلوب منا؟ يبدو أننا تطرقنا إلى موضوعات كثيرة ومتشعبة، قد لا تكون في الحقيقة في اختصاص هذا المجمع. ومما لا شك فيه أن النقود الورقية في الوقت الحاضر هي أثمان قائمة بذاتها، ونشتري بها كل شيء، ونتعامل بها في كل معاملاتنا، من غير تطوير. أنا أريد من يتطوع سواء كان الرئيس أو من المختصين الذين قدموا بحوثًا جيدة، وأنا أشير إلى بعض التعليقات التي عبرت عما كان يدور في خلدي، تعليق الدكتور عبد السلام العبادي، وتعليق الأستاذ أحمد جمال، وتعليق الأخ السالوس، وأتساءل: ما هو الهدف الأساسي من مناقشة هذا الموضوع؟ وما هي الغاية التي نريد أن نحققها بهذه المناقشة؟ وشكرًا.
الرئيس:
شكرًا.. أظن أن الغاية والأساس والهدف الذي من أجل هذا الموضوع هو ما أشير إليه في افتتاحية الجلسة، وما اتجهت إليه أكثر الأنظار، أحكام النقود الورقية، بمعنى: هل هي ملحقة تقوم مقام الذهب والفضة في جميع أحكامها، من جريان الربا، من وجوب الزكاة، من جميع الأحكام المتعلقة بالذهب والفضة أم لا؟ هل هي إسناد؟ هل هي عروض تجارة؟ هل هي ملحقة بالفلوس؟ هذا هو التكييف الفقهي. وأنا أظن أشرت إلى ملخص لهذا في أول هذه الجلسة إضافة إلى أنه من المتعين تحديد الاجتهاد في تحديد العلة الشرعية في هذه النقود؛ لأنه بهذا نستطيع أن نلحق مدى لحوقها بالذهب والفضة من عدمه. وشكرًا.
الشيخ عمر جاه:
إذن أرجو أن ينحصر الكلام في هذا، ونبت في هذا القرار.
الرئيس:
هو منحصر يا شيخ.. شكرًا.. هو بقي عندنا ثلاثة من المشايخ.
الشيخ مصطفى الزرقا:
بسم الله الرحمن الرحيم، إخواني فضيلة الرئيس، إخواني الأساتذة الكرام.
أنا لم أكن حاضرًا في بداية البحث؛ لأنا كنا في لجنة تعمل الأعمال الفرعية، ولكن ما حضرته عندما جئت الآن وسمعته تبين لي فيه الآراء التي تدور فيه، فأنا لا أريد أن أطيل الكلام، ولكني أريد أن أقول: إن ما سمعته في هذه الفترة يمكن أن أصنفه إلى صنفين:
الصنف الأول من الكلام أعتقد أنه لا علاقة لهذا المجمع به، وهو الرأي الذي يقول: إنه يجب أن يكون لهذه الأوراق النقدية غطاء من الذهب وما إلى ذلك، هذا أمر إذا تدخلنا نحن فيه نكون في بحر ظلمات، وانحرافنا إلى ما لا نملك فيه مجالاً، ولا أقوالاً ولا
…
قضية وجوب أن يكون للورق النقدي في أي دولة من الدول غطاء ذهبي، هذا أمر دولي لا يخضع لفتوانا، وإن أفتينا بذلك لا يوجد من يسمع كلامنا.
هذه قضية اقتصادية سياسية دولية تتعلق بالسياسة المالية للدول، وفقدان الغطاء الذهبي له عوامله الكثيرة المشتركة، أولاً بين جميع الدول المتخلفة - بالتعبير الصحيح - أو النامية - بالتعبير الملطف - إلى آخره، فهذا الغطاء الذهبي هو مشكلة المشكلات، ولا يمكن بشكل من الأشكال في وقتنا الحاضر، بل حتى الدول الغنية والتي كانت هي في أوج سلطانها، مثل إنجلترا وفرنسا وغيرها، وحتى أمريكا نفسها أصبحت عاجزة عن أن توفر الغطاء الذهبي لعملتها الورقية، لعوامل كثيرة لا أريد ذكرها؛ لأن ضغط النفقات، وتزايد الميزانيات، ومحدودية إنتاج الذهب؛ لأن هذا شيء في جوف الأرض، ولا يملك أحد أن يزيد فيه أو ينقص. هذه المشكلة مع تزايد النفقات والحاجة إلى العملات هي التي أحلت – في ما كنت عبرت به في مثل هذا الموضوع – هي التي أحلت المطابع مكان المناجم، كانت العملات هي الذهب والفضة، وهي تستخرج من المناجم، ولا يستطيع الإنسان أن يزيد فيها في ما في المنجم أو ينقص، ولكن لما حصل الضغط على البلاد ولاسيما النامية، وعلى غيرها بتزايد النفقات العظيمة مع الزمن، ولاسيما نفقات التسلح، وما إلى ذلك مما أصبح يضر بآلاف الملايين، يعني مضاعفات، فكل هذا جعل هذه الدول تقلب الموضوع من أمر الغطاء الذهبي الكامل إلى غطاء ذهبي ناقص، إلى غطاء ذهبي أنقص، إلى.. إلى حتى إلى صفر من الغطاء الذهبي. معروف الموضوع. وهنا منشأ التضخم الذي نسمع عنه، فالتضخم نشأ، أي التضخم هبوط القوة الشرائية للعملة، هبوط هذه القوة الشرائية، هذا نشأ من إحلال المطابع محل المناجم، وأصبح كل دولة لما تعضها الأزمات المالية وتريد أن تحل مشكلة، تشغل المطبعة، وتخرج من الأوراق ما تشاء، وتوزع على مواطنيها، وهذا يؤدي إلى هبوط القيمة إلى آخره، وهو التضخم.
فنحن تجاه وضع عالمي إذا أردنا أن نبحث في وجوب غطاء ذهبي فهذا معناه أن الناس يستخفون بأبحاثنا كلها، ونخرج عن حدودنا، وعن إمكانياتنا، وعن
…
وعن
…
إلى آخره. هذا أمر يجب أن يستبعد موضوع أن نفتي بوجوب الغطاء الذهبي أو غيره. هذا كلام لا يمكن أن يجري.
الأمر الثاني: والذي يدخل في اختصاص هذا المجمع الكريم، هو حكم هذه الأوراق كأمر واقع. اليوم هي العملة الدولية، وأقول لأنكم كلكم تعلمون أن البلاد التي كانت تحت الاستعمار، ثم انقضى الاستعمار وأصبحت مستقلة، لا تزال تطبق القوانين التي أصدرها الاستعمار في هذا الموضوع، وهو منع التعامل بالذهب والفضة، منع، تحت طائلة القانون، واعتبار كل عقد يعقد بالذهب يعتبر باطلاً بالنص الصريح، كما هو معروف في سوريا وغيرها، يعتبر العقد باطلاً، ويستبدل رغمًا عن عاقديه، يستبدل بالذهب، العملة الورقية بالتسعيرة الرسمية. هذا أمر نحن لا نملك فيه تقديمًا ولا تأخيرًا، وله أسباب وعوامل كما قلت راسخة فيما يتعلق بالسياسة المالية للدول.
لذلك مهمتنا هذه العملة الورقية كأمر واقع في ظل أنه ممنوع علينا التعامل بالذهب، وأن التعاقد به باطل
…
إلى آخره، بل في بعض البلاد يعتبر جريمة ويعاقب عليها، نحن في ظل هذا الوضع، هذه الأوراق التي لم يعد في العالم أجمع عملة سواها، الآن حتى إن الجنيه الإنجليزي، الذهب الذي كان يعتبر عملة ذهبية تخص إنجلترا، وكان التزييف فيه، إذا زيف الجنيه الإنجليزي الذهب أو سواه يعتبر جرمًا، تزييف ويعاقب عليه بالعقوبات الشديدة، كما تعلمون عن المزيفين. بعدما اعتبر في المحاكم الدولية في سويسرا في قضايا معروفة رفعها رجال القانون، وصدر القرار في المحكمة الدولية بأن العملة الذهبية أو الدنانير الذهبية أصبحت سلعة، أي ذهبًا مسبوكًا. ولم يبق لها القيمة الرسمية التي يعتبر تقليدها تزييفًا، وبرأوا المدعى عليه بالتزييف براءة كاملة إلى آخره، واعتبروا أن هذا التزييف مباح لكل من أراد؛ لأن الذهب أصبح يعتبر بالوزن، لا أكثر ولا أقل، نحن في ظل هذا الوضع، فهذه الأوراق، والتي لم يبق هناك في التعامل العالمي أبدًا سواها، والذهب أصبح معدنًا بالوزن يباع ويشترى، فنحن في ظل هذا ماذا نحكم على هذه الأوراق؟ لا أريد أن أطيل الكلام، ولكن أريد أن أتكلم كلمتين مختصرتين بعد هذا التمهيد.
إن كل تفكير بأن تكون الأوراق النقدية لا تأخذ حكم الذهب والفضة من كل الوجوه، كل تفكير يخالف هذا، ويعتبرها أنها ليست كالذهب والفضة هو تفكير قاصر ويؤدي إلى إباحة الربا على مصراعيه. هذه كلمة مختصرة مفيدة، وأظن لا نحتاج لها إذا أردتم الأدلة حتى أوضح، ولكن أعتقد أن ذلك كاف، كل تفكير هي يجب أن تعتبر كالذهب والفضة بلا تردد أبدًا، وما يقال في الربا بين المبادلة بين الذهب، نعم يعتبر كل نوع ورق الدولة، مثلاً الدينار الأردني الدولار الأمريكي إلى آخره الريال السعودي، هذا يعتبر التبادل بينه كالتبادل بين الذهب والفضة، يعني بين النقدين من جنس مختلف، فيجوز التفاضل؛ لأنه كما يجوز بين الذهب والفضة، ولكن النساء ممنوع، وكل غير ذلك هو قاصر.
الرئيس:
المهم تلحق بالذهب والفضة.
الشيخ مصطفى الزرقا:
تلحق بالذهب والفضة تمامًا من كل الوجوه إلى أخره، والسلام.
الرئيس:
شكرًا.. الشيخ أحمد مع الاختصار إذا تفضلتم لكم وللإخوان؛ لأنه بقي ثلاثة لدينا، ثم ننهي إن شاء الله تعالى.
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
أقول وبالله التوفيق في الحقيقة النقود الذهبية - وليس الذهب - النقود الذهبية بها صفتان: بها الثمنية وبها قوة الاصطلاح والاعتبار. النقود الورقية فيها نفس الصفتين: فيها ثمن مهما قل أو كثر، وفيه قوة الاعتبارية، ثم أحب أن أبين نقطة هنا هامة أنه ليس بالضرورة أن النقود الورقية تغطى بالذهب، إنما كل النقود الورقية مغطى بالأصناف الستة الربوية، هل فيه بلد من البلدان ليس فيه قمح أو شعير أو تمر أو ملح؟ والورق مغطى باقتصاد البلد. هذا أحببت أن أوضحه، وخاصة لأستاذنا ابن بيه. وشكرًا.
الشيخ عبد الله البسام:
الذي أريد أن أقوله أنا لا أشك إن شاء الله أن النقود أصبحت الآن عملة قائمة بذاتها، وأنها آخذة جميع أحكام الذهب والفضة من حيث المعاملات ومن حيث الربا والزكوات وغير ذلك، لكن لا أحب مثلاً أن نربطها ونقول: إنها بدل من الذهب والفضة.
الرئيس:
لا لم يقل الإخوان يا شيخ أنها بدل الذهب، قالوا: إنها ثمن قائم بنفسه، يعني بذاته، لكن تنسحب عليه أحكام الذهب والفضة.
الشيخ عبد الله البسام:
يعني لو قلنا: إنها بدل عنه.
الرئيس:
لا ما قلنا: بدلاً.
الشيخ مصطفى الزرقا:
لها حكم الذهب والفضة.
الشيخ عبد الله البسام:
يعني كيف أخذت حكمها: من الثمنية، أو من قوة اعتبارية؟
الشيخ مصطفى الزرقا:
تعتبر أثمانًا.
الشيخ عبد الله البسام:
ما هو الذي جعلنا نربطها بالذهب والفضة، يعني لم قلنا: إنها قائمة مقام الذهب والفضة؟
الرئيس:
العلة الثمنية، لكن كون أنها بدل عن الذهب والفضة ما أحد أبدى في مناقشته أنها بدل. وإنما قالوا: إنها ثمن قائم بذاته، وهذا ما عليه جمهور المشايخ، والعلة فيها هي الثمنية اجتهادًا طبعًا، ولهذا تنسحب عليها أحكام الذهب والفضة.
الشيخ عبد الله البسام:
ما الذي يجعلنا أن نسحب عليها أحكام الذهب والفضة، هي أن نقول أنها بدل عنه؟ ما هي العلاقة بين هذه النقود الورقية وبين الذهب؟
الرئيس:
لأن أشار إليه الشيخ لعله البازيع على أن العملة أو النقد ليس له حد طبيعي ولا شرعي، وإنما هو حد سلطاني اقتصادي.
الشيخ عبد الله البسام.
هذا يجب علينا أننا نبعد مسألة الذهب والفضة.
الرئيس:
هو الحقيقة نستطيع أن نبعدها، لكن ما نأتي بها إلا على وجه التقريب، يعني على وجه التحديد؛ لأن الناس المرتسم في أذهانهم الربا في الذهب والفضة، أو وجوب الزكاة، السلم، جريان الربا
…
إلى آخره، فيؤتي بها لأجل بيان انسحاب الأحكام على هذه الأوراق الجديدة، لا لأنها بديلة عنها. هذا الذي ظهر لي أنا تصورًا من مداولات المشايخ.
الشيخ المختار السلامي:
شيء جديد يربط بالذهب والفضة ربطًا كاملاً.
الرئيس:
أي نعم هو هذا، أنا أقول الشيء هذا، أقول: لأن مثلاً الناس مرتسم في أذهانهم الذهب والفضة. فلجدة هذا يربطونه ويقول: إنها تجري فيها الأمور هذه من الزكاة، وجريان الربا، وجواز السلم، وربا الفضل، وربا النسيئة، كما تنسحب على أحكام النقدين من الذهب والفضة.
الشيخ عبد الله البسام:
والله ما اتضح لي الحقيقة، مثلاً أن ندندن على الذهب والفضة ونجعل بينهما علاقة.
الرئيس:
طيب ماذا نقول؟ ماذا نحرر؟
الشيخ عبد الله البسام:
نقول: إنها علة قائمة بذاتها لا علاقة لها بالنقدين القديمين الذهب والفضة.
الرئيس:
أصلاً الإخوان ما قالوا: لها علاقة بالنقدين. لكن سؤال هل يجري فيها الربا؟
الشيخ عبد الله البسام:
يجري فيها الربا.
الرئيس:
وتجب فيها الزكاة؟
الشيخ عبد الله البسام:
كل الأحكام تجري فيها.
الرئيس:
ما هي كل الأحكام التي تجري فيها؟
الشيخ عبد الله البسام:
مثلاً نجد أننا مثلاً عندنا عملات كثيرة تمثل أنواعًا من الذهب، وعملات كثيرة تمثل عملات من فضة، فإذا قلنا مثلاً فيه علاقة بين الذهب والفضة وبين هذه النقود أصبح أننا لا نستطيع أن نبيع دينارًا آخر من غير نوعه إذا كان كل منهما يمثل نوع الذهب.
الرئيس:
أما هذا أنا ذكرته للشيخ تقي في بحث بيننا وبينه وأنتم تسمعونه، فعلى كلٍّ المحذورُ الذي أنتم خفتم منه هو قضية البدلية، هي غير واردة في مداولات المشايخ على وجه العموم.
الشيخ تقي العثماني:
اقتصرتم على الأثمان يا شيخ. على أنها صارت أثمانًا؟
الرئيس:
إنها أثمان قائمة بنفسها، وإن العلة فيها هي مطلق الثمنية، وإنه يجري فيها ما يجري في النقدين الذهب والفضة: من وجوب الزكاة، وجريان الربا، وجواز السلم
…
إلى آخر ذلك من الأحكام. وبهذا هو ما يتجه إليه الأكثر وبه ينتهي. وصلى الله على نبينا محمد وصحبه.
بقي لنا موضوعان.. الآن نقوم إن شاء الله تعالى لأداء الصلاة واستراحة نصف ساعة، ثم نعود في الساعة الثانية عشر إن شاء الله تعالى لاستكمال هذين الموضوعين. بعد أداء الصلاة
الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمامنا المسألة الثانية من البحث في أوراق النقود وهو حكم تغير قيمة العملة، وقد سمعتم العرض من بعض أصحاب الفضيلة المشايخ، وهو على الرغم مما فيه من عرض للمذاهب وأقوال أهل العلم، ولأنه جمع ما تفرق في عدد من كتب أهل العلم، وكذلك البحوث الموجودة بحوث ماتعة، لكن الأمر متروك، لكن في أحد أمرين: إما طرحه للمداولة الآن وتقررون ما تنتهون إليه إن شاء الله تعالى، أو وهذا من خلال تصوري الشخصي، أنا في الواقع لم يحصل عندي الرصيد الكامل في الفقه ومناهجه، والتعليلات لهذه القضية أكثر مما أفهمه من مذهب الحنابلة. ولهذا قد ترون مناسبًا تأجيلها مع إعداد بحث شرعي دقيق شامل مستهديًا بهذه البحوث التي أعدها أصحاب الفضيلة؛ لأنه لا يخفى أن هناك أمرين:
الأمر الأول: أن هذه القضية تغير قيمة العملة ليست بحجم عنوانها، أنها أضعاف أضعافه من الأهمية؛ لأنها تتدخل في أمور كثيرة، في القرض، في المداينات، في البيوع، في الرواتب في النفقات، وما جرى مجرى ذلك.
الأمر الثاني: أننا إذا أصدرنا قرار ليس قرارا إداريًا، سنقول: إنه اتجه المجمع إلى أن هذا كذا وهذا كذا، لا بد له من تقعيدات شرعية وتعليلات، ونبنيه على أسس متينة. فعلى كل الأمر متروك لكم في هذا الموضوع.
الشيخ تقي العثماني:
أنا أوافق على التأجيل. تأجيل هذا الموضوع.
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
أثني على ذلك، ولكن مع تعيين وقت آخر.
الرئيس:
هو الوقت الآخر إن شاء الله تعالى في الدورة الآتية بإذن الله.
الشيخ محمد سالم عبد الودود:
هل نحيله على شعبة الفتوى لتضع فيه مشروع فتوى؟
الرئيس:
مهمة الأمانة بأن تكاتب اثنين أو ثلاثة من أصحاب الفضيلة المشايخ من أعضاء المجمع ومن خارجه؛ ليعدوا بحثًا فيه، وتجعل هناك عناصر حتى يكون البحث نستطيع أن ننطلق منه. إذن بهذا ننتهي من هذا الموضوع، ويكون مآله إلى التأجيل، مع إعداد بحوث مستوعبة فيه.
القرار
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
قرار رقم (9) د 3/ 07/ 86
بشأن " أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملة"
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8 إلى 13 صفر 1407هـ/11 إلى 16 أكتوبر 1986م.
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع " أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملة ".
قرر:
أولاً: بخصوص أحكام العملات الورقية:
أنها نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم، وسائر أحكامها.
ثانيًا: بخصوص قيمة العملة:
تأجيل النظر في هذه المسألة حتى تستوفي دراسة كل جوانبها لتنظر في الدورة الرابعة للمجلس.
والله أعلم
القرار
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
قرار رقم (1) / د / 3 / 07 / 86
بشأن استفسارات البنك الإسلامي للتنمية
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهامشية من 8 إلى ص13 صفر 1407 هـ / 11 إلى 16 أكتوبر 1986 م.
- بعد دراسة مستفيضة ومناقشات واسعة لجميع الاستفسارات التي تقدم بها البنك إلى المجمع، انتهى إلى ما يلي:
(أ) بخصوص أجور خدمات القروض في البنك الإسلامي للتنمية:
قرر مجلس المجمع اعتماد المبادئ التالية:
1-
جواز أخذ أجور عن خدمات القروض.
2-
أن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية.
3-
كل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعا.
(ب) بخصوص عمليات الإيجار:
قرر مجلس المجمع اعتماد المبادئ التالية فيها:
المبدأ الأول:
أن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية بإيجار المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعا.
المبدأ الثاني:
أن توكيل البنك الإسلامي للتنمية أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك بغية أن يؤجره البنك تلك الأشياء بعد حيازة الوكيل لها هو توكيل مقبول شرعا، والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.
المبدأ الثالث:
أن عقد الإيجار يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات وأن يبرم بعقد منفصل عن عقد الوكالة والوعد.
المبدأ الرابع:
أن الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الإجارة جائز بعقد منفصل.
المبدأ الخامس:
أن تبعة الهلاك والتعيب تكون على البنك بصفته مالك للمعدات ما لم يكن ذلك بتعد أو تقصير من المستأجر فتكون التبعة عندئذ عليه.
المبدأ السادس:
أن نفقات التأمين لدى الشركات الإسلامية كلما أمكن ذلك، يتحملها البنك.
(ج) بخصوص عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن:
قرر مجلس المجمع اعتماد المبادئ التالية فيها:
المبدأ الأول:
أن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية ببيع المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعا.
المبدأ الثاني:
أن توكيل البنك أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك، بغية أن يبيعه البنك تلك الأشياء بعد وصولها وحصولها في يد الوكيل، هو توكيل مقبول شرعا، والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.
المبدأ الثالث:
أن عقد البيع يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات والقبض لها. وأن يبرم بعقد منفصل.
(د) بخصوص عمليات تمويل التجارة الخارجية:
قرر مجلس المجمع أنه ينطبق على هذه العمليات المبادئ المطبقة على عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن.
(هـ) بخصوص التصرف في فوائد الودائع التي يضطر البنك الإسلامي للتنمية لإيداعها في المصارف الأجنبية:
قرر مجلس المجمع بشأن ذلك ما يلي:
يحرم على البنك أن يحمي القيمة الحقيقية لأمواله من آثار تذبذب العملات بواسطة الفوائد المتجرة من إيداعاته، ولذا يجب أن تصرف تلك الفوائد في أغراض النفع العام كالتدريب والبحوث وتوفير وسائل الإغاثة، وتوفير المساعدات للدول الأعضاء وتقديم المساعدة الفنية لها، وكذلك للمؤسسات العلمية والمعاهد والمدارس وما يتصل بنشر المعرفة الإسلامية.
والله أعلم.
القرار
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العاملين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
قرار رقم (3) د (3/07/86
بشأن: توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك
فردي للمستحق
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8 إلى 13 صفر 1407/ 11 إلى 16 أكتوبر 1986م.
بعد اطلاعه على البحوث المقدمة في موضوع " توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق " وبعد استماعه لآراء الأعضاء والخبراء فيه.
قرر:
يجوز من حيث المبدأ توظيف أموال الزكاة في مشاريع استثمارية تنتهي بتمليك أصحاب الاستحقاق للزكاة، أو تكون تابعة للجهة الشرعية المسؤولة عن جمع الزكاة وتوزيعها على أن تكون بعد تلبية الحاجة الماسة الفورية للمستحقين وتوافر الضمانات الكافية للبعد عن الخسائر.
والله أعلم
القرار
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
قرار رقم (4) د 3 / 07 / 86
بشأن أطفال الأنابيب
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهامشية من 8 إلى 13 صفر 1407 هـ / 11 إلى 16 أكتوبر 1986.
بعد استعراضه لموضوع التلقيح الصناعي "أطفال الأنابيب" وذلك بالاطلاع على البحوث المقدمة والاستماع لشرح الخبراء والأطباء.
وبعد التداول:
تبين للمجلس:
أن طرق التلقيح الصناعي المعروفة في هذه الأيام هي سبع:
الأولى: أن يجرى تلقيح بين نطقة مأخوذة من زوج وبييضة مأخوذة من امرأة ليست زوجته ثم تزرع اللقيحة في رحم زوجته.
الثانية: أن يجرى التلقيح بين نطفة رجل غير الزوج وبييضة الزوجة ثم تزرع تلك اللقيحة في رحم الزوجة.
الثالثة: أن يجرى تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة متطوعة بحملها.
الرابعة: أن يجرى تلقيح خارجي بين بذرتي رجل أجنبي وبييضة امرأة أجنبة وتزرع اللقيحة في رحم الزوجة.
الخامسة: أن يجرى تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة الأخرى.
السادسة: أن تؤخذ نطفة من زوج وبييضة من زوجته ويتم التلقيح خارجيا ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة.
السابعة: أن تؤخذ بذرة الزوج وتحقن في الموضع المناسب من مهبل زوجته أو رحمها تلقيحا داخليا.
وقرر:
أن الطرق الخمسة الأول كلها محرمة شرعا وممنوعة منعا باتا لذاتها أو لما يترتب عليها من اختلاط الأنساب وضياع الأمومة وغير ذلك من المحاذير الشرعية.
أما الطريقان السادس والسابع فقد رأى مجلس المجمع أنه لا حرج من اللجوء إليهما عند الحاجة مع التأكيد على ضرورة أخذ كل الاحتياطات اللازمة.
والله أعلم
القرار
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
القرار رقم (5) د 3/ 07/ 86
بشأن " أجهزة الإنعاش "
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8 إلى 13 صفر هـ / 11 إلى 16 أكتوبر 1986م.
بعد التداول في سائر النواحي التي أثيرت حول موضوع " أجهزة الإنعاش " واستماعه إلى شرح مستفيض من الأطباء المختصين.
قرر ما يلي:
يعتبر شرعًا أن الشخص قد مات وتترتب جميع الأحكام المقررة شرعًا للوفاة عند ذلك إذا تبينت فيه إحدى العلامتين التاليتين:
1-
إذا توقف قلبه وتنفسه توقفا تامًا وحكم الأطباء بأن هذا التوقف لا رجعة فيه.
2-
إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلًا نهائيًا، وحكم الأطباء الاختصاصيون الخبراء بأن هذا التعطل لا رجعة فيه. وأخذ دماغه في التحلل،
وفي هذه الحالة يسوغ رفع أجهزة الإنعاش المركبة على الشخص وإن كان بعض الأعضاء كالقلب مثلًا لا يزال يعمل آليًا بفعل الأجهزة المركبة.
والله أعلم
القرار
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
قرار رقم (6) د 3/ 07/ 86
بشأن "توحيد بدايات الشهور القمرية"
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8 إلى 13 صفر 1407 هـ / 11 إلى 16 أكتوبر 1986 م.
بعد استعراضه في قضية "توحيد بدايات الشهور القمرية" مسألتين:
الأولى: مدى تأثير اختلاف المطالع على توحيد بداية الشهور.
الثانية: حكم إثبات أوائل الشهور القمرية بالحساب الفلكي.
وبعد استماعه إلى الدراسات المقدمة من الأعضاء والخبراء حول هذه المسألة.
قرر:
1-
في المسألة الأولى:
إذا ثبتت الرؤية في بلد وجب على المسلمين الالتزام بها ولا عبرة لاختلاف المطالع لعموم الخطاب بالأمر بالصوم والإفطار.
2-
في المسألة الثانية:
وجوب الاعتماد على الرؤية، ويستعان بالحساب الفلكي والمراصد ومراعاة للأحاديث النبوية والحقائق العلمية.
والله أعلم
القرار
بسم الله الرحمن الرحيم
، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
قرار رقم (7) د 3/07/86
بشأن "الإحرام للقادم للحج والعمرة بالطائرة والباخرة"
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمرة الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8 إلى 13 صفر 1407 هـ/11-16 أكتوبر 1986م.
بعد اطلاعه على البحوث المقدمة بخصوص موضوع "الإحرام للقادم للحج والعمرة بالطائرة والباخرة".
قرر:
أن المواقيت المكانية التي حددتها السنة النبوية يجب الإحرام منها لمريد الحج أو العمرة، للمار عليها أو للمحاذي لها أرضًا أو جوًا أو بحرًا؛ لعموم الأمر بالإحرام منها في الأحاديث النبوية الشريفة. والله أعلم.
القرار
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
قرار رقم (9) د 3/ 07/ 86
بشأن " أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملة"
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8 إلى 13 صفر 1407هـ/11 إلى 16 أكتوبر 1986م.
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع " أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملة ".
قرر:
أولاً: بخصوص أحكام العملات الورقية:
أنها نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم، وسائر أحكامها.
ثانيًا: بخصوص قيمة العملة:
تأجيل النظر في هذه المسألة حتى تستوفي دراسة كل جوانبها لتنظر في الدورة الرابعة للمجلس.
والله أعلم
القرار
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه
قرار رقم (11) د 3/ 07/ 86
بشأن "استفسارات المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن "
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8 إلى 13 صفر 1407هـ / 11- 16 أكتوبر 1986م.
بعد اطلاعه على الاستفسارات التي عرضها "المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن" وما أعد من إجابات عليها من بعض الأعضاء والخبراء.
قرر
تكليف الأمانة العامة للمجمع بتبليغ المعهد المذكور بما أقره المجلس من إجابات.
القرار
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
قرار رقم (12) د 3/ 07/ 86
بشأن " المشاريع العلمية للمجمع "
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8 إلى 13 صفر 1407 هـ/11 إلى 16 أكتوبر 1986 م.
بعد دراسة تقرير شعبة التخطيط عن اجتماعها يومي 8 و 9 صفر 1407 هـ /11 –12 أكتوبر 1986 م، والذي بحثت فيه عددًا من الأمور المدرجة على جدول أعمالها.
قرر:
أولاً: الموافقة على المشاريع التالية بعد أن أدخل عليها بعض التعديلات:
1-
الموسوعة الفقهية.
2-
معجم المصطلحات الفقهية.
3-
معلمة القواعد الفقهية
4-
مدونة أدلة الأحكام الفقهية
5-
إحياء التراث الفقهي
6-
اللائحة المالية للموسوعة الفقهية.
7-
اللائحة المالية لمعجم المصطلحات الفقهية
8-
اللائحة المالية لإحياء التراث الفقهي.
9-
منهج سير عمل ومناقشات وإدارة جلسات المجلس.
ثانيًا:
تأليف لجنة علمية رباعية لوضع منهج لكل من مشروعي معلمة القواعد الفقهية ومدونة أدلة الأحكام الفقهية بالتشاور بين رئيس المجلس والأمين العام.
القسم الثاني
بحوث المؤتمر وفتاواه
استفسارات البنك الإسلامي للتنمية
- مذكرة من أمين عام المجمع لعرض الموضوع.
- محضر اجتماع أصحاب الفضيلة علماء الشريعة مع البنك الإسلامي للتنمية.
- المناقشة.
- تقرير لجنة الإجابة عن استفسارات البنك الإسلامي للتنمية بعد مداولات المجلس حول محضر اجتماع أصحاب الفضيلة علماء الشريعة.
- مناقشة تقرير لجنة الإجابة عن الاستفسارات.
- القرار.
مذكرة
أمين عام المجمع لعرض الاستفسارات
بسم الله الرحمن الرحيم
مذكرة من الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي
إلى أصحاب السماحة والفضيلة أعضاء المجمع
الموضوع: استفسارات البنك الإسلامي للتنمية بشأن عملياته التمويلية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعلمون سماحتكم أن البنك الإسلامي للتنمية، مؤسسة دولية أنشأتها حكومات البلدان الإسلامية منذ عام 1395 هـ (1975 هـ) بهدف "دعم التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي لشعوب الدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية مجتمعة ومنفردة وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية".
وما فتئ البنك منذ بدء عملياته في أساليب التمويل التي يراها مطابقة للشرع، مستعينا بأعيان العلماء وذوي الدراية بفقه المعاملات الذين يلجأ إليهم من حين لآخر فرادى تارة ومجموعة تارة أخرى.
ولم يكد مجمعكم الموقر يبدأ نشاطه ويعقد اجتماعه التأسيسي، حتى وجد البنك الإسلامي للتنمية في المجمع جهازا مناسبا للإرشاد والتوجيه إلى أفضل السبل لتطبيق الأحكام الشرعية على معاملات البنك المالية.
وهكذا تقدم البنك إلى الدورة الثانية لمجمعكم الموقر بعدد من الاستفسارات تناولت العمليات التمويلية التي يمارسها البنك، وذلك بغرض الحصول على رأي فقهي حول مجرياتها والتثبت من مطابقتها للأحكام الشرعية.
وبعد أن نظرت لجنة متفرعة من المجمع لهذه الاستفسارات، رأت هذه اللجنة أن الموضوعات التي أثارها البنك تحتاج إلى دراسة موسعة، وتبادل النظر مع الجهات المعنية بالبنك حول جزئيات المسائل المثارة وجوانبها التطبيقية، على أن يتم النظر في هذا الموضوع ثانية خلال الدورة الثالثة للمجمع.
وفي الفترة من 14 إلى 17 شوال 1406 هـ، اجتمع بمقر البنك الإسلامي للتنمية فريق من أصحاب الفضيلة العلماء، وقاموا بمدارسة استفسارات البنك واصدروا بشأنها آراء، تجدونها في المحضر الموزع هنا على حضراتكم، والملحقة به نماذج من اتفاقيات التمويل بعد أن أجريت عليها التعديلات المقترحة من قبل أصحاب الفضيلة العلماء.
والغرض من هذه المذكرة هو عرض نتائج أعمال هذا الفريق على حضراتكم، واستطلاع رأي المجمع الموقر حول الاستفسارات التي طرحها البنك الإسلامي للتنمية.
بسم الله الرحمن الرحيم
استفسارات
من البنك الإسلامي للتنمية بجدة
يسر البنك الإسلامي للتنمية أن يضع أمام المجمع الفقهي الإسلامي الموقر بعض الاستفسارات برجاء أن تكون موضع عناية أصحاب السماحة والفضيلة أعضاء المجمع، وهي تتعلق بما يلي:
أولا: عمليات القروض التي يقدمها البنك الإسلامي للتنمية لمشروعات البنية الأساسية في الدول الأعضاء بالبنك وبدون فوائد، والمبلغ المقطوع الذي يتقاضاه البنك مقابل خدماته لتغطية مصاريفه الإدارية.
والقروض التي يقدمها البنك الإسلامي للتنمية للدول الأعضاء لتمويل مشروعات البنية الأساسية هي قروض طويلة الأجل إذ تتراوح مدة الوفاء بين خمسة عشر وثلاثين عاما. والتزاما بأحكام الشريعة الإسلامية فإن البنك لا يتقاضي فوائد على تلك القروض، غير أنه بناء على ما نصت عليه اتفاقية تأسيسه يتقاضى البنك رسم خدمة لتغطية نفقاته الإدارية.
وقد رأى البنك أن يتم تحديد رسم الخدمة في ضوء التكلفة الإدارية الفعلية التي سوف يتحملها البنك في تقويم المشروعات التي يمولها، وأيضا تكلفة متابعة تنفيذها، ولما كان من الصعوبة بمكان تحديد وضبط التكلفة الإدارية الفعلية التي يتحملها البنك في كل مشروع من المشروعات التي يمولها على حدة لذا فإن البنك لحد الآن وإلى أن يصبح من الممكن عمليا تحديد التكلفة الإدارية التي يتحملها كل مشروع على حدة على وجه الدقة يكتفي بإجراء تقدير تقريبي لتكاليف الخدمة الإدارية والتي رأي أنها تتراوح بين 2.5 و3 في المائة حسب حالة المشروع وظروفه، وبناء على ذلك فإن البنك – في حدود النسبة التقريبية المذكورة – يتقاضى مبلغا مقطوعا يلتزم المقترض بالوفاء به لتغطية هذه التكاليف الإدارية.
ثانيا: عمليات الإيجار التي يقوم بها البنك الإسلامي للتنمية لتمويل شراء ثم إيجار وسائط النقل مثل ناقلات البترول، والبواخر، أو لتمويل شراء ثم إيجار معدات وأجهزة لمشروعات صناعية لصالح الدول الأعضاء.
وطبقا للأسلوب المعمول به في البنك يتم الإيجار على الأسس التالية:
(أ) بعد التحقق من الجدوى الفنية والمالية للمشروع الذي ينظر البنك في المساهمة في تمويله عن طريق الإيجار يبرم البنك اتفاقية مع الجهة القائمة على المشروع (المستأجر) ويفوض البنك بموجبها إلى تلك الجهة التعاقد باسمه مع الموردين على شراء المعدات المطلوبة (والتي يتم تعيينها وتحديد تكلفتها التقديرية في الاتفاقية) ويقوم البنك وفقا لما يتم إبرامه من عقود مع الموردين بدفع قيمة المعدات مباشرة للموردين في الآجال التي تحددها تلك العقود.
(ب) تقوم الجهة المستفيدة (المستأجر) نيابة عن البنك باستلام المعدات وفحصها للتأكد من سلامتها ومطابقتها للمواصفات المتعاقد عليها ثم تقوم بالإشراف على تركيبها – متى كان التركيب لازما – للتأكد من أن ذلك يتم بطريقة سليمة حسبما تم التعاقد عليه مع الموردين.
(ج) بناء على المعلومات المتوافرة لدى الجهة القائمة على المشروع وتقديرات الفنيين بها وبالبنك تحدد الاتفاقية الفترة الزمنية اللازمة لتنفيذ عملية شراء المعدات وتركيبها حتى تصبح صالحة لاستيفاء المنفعة المقصودة منها. وبناء على ذلك تنص الاتفاقية على موعد بدء الإجارة بحيث يقع ذلك بعد انتهاء الفترة المقدرة لكي تصبح المعدات محل الإيجار صالحة لاستيفاء المنفعة المقصودة منها.
(د) أثناء مدة الإجارة يقوم المستأجر بدفع الأقساط المحددة في عقد الإجارة (أي الاتفاقية الخاصة بالإيجار) كما يلتزم بصيانة المعدات والحفاظ عليها والتأمين عليها لصالح البنك.
(هـ) يلتزم البنك بموجب هذه الاتفاقية بأن يبيع المعدات للمستأجر بثمن رمزي متى انتهت المدة ودفع المستأجر كل الأقساط المتفق عليها وتم وفاؤه بجميع التزاماته الأخرى بموجب الاتفاقية.
ثالثا: عمليات البيع لأجل التي يقوم بها البنك لشراء وبيع معدات وأجهزة لمشروعات صناعية لصالح الدول الأعضاء بالإضافة إلى عمليات الإيجار بدأ البنك مؤخرا في استعمال أسلوب البيع لأجل كوسيلة إضافية لتمويل شراء ثم بيع المعدات والأجهزة التي تحتاجها المشروعات الصناعية في الدول الأعضاء حيث يقوم البنك بتوكيل الجهة الراغبة في هذه المعدات والأجهزة بالتعاقد بشرائها باسمه ونيابة عنه ويقوم البنك بدفع ثمنها مباشرة للمورد، ويتم الاتفاق مع المورد بأن يتم شحنها مباشرة للجهة الراغبة في شرائها في الدولة العضو المعنية، وبعد أن تقوم تلك الجهة باستلامها بصفتها وكيلا عن البنك، يقوم البنك ببيع المعدات لها بثمن يزيد عن ثمن شرائها، على أن يتم دفع هذا الثمن على أقساط في مدة تتراوح بين ثلاث وعشر سنوات.
رابعا: عمليات تمويل التجارة الخارجية بين الدول الأعضاء التي يقوم بها البنك الإسلامي للتنمية مستخدما أسلوب بيع المرابحة – مع الأجل والتقسيط – وذلك لتوفير المواد الوسيطة لاحتياجات الدول الأعضاء.
والأصل في عمليات التجارة الخارجية أن تطلب إحدى الدول الأعضاء بالبنك شراء سلعة ذات صبغة تنموية فيقوم البنك الإسلامي للتنمية بشرائها بعد دراسة الطلب والموافقة عليه ثم يبيعها لها، ويقوم البنك لتحقيق ذلك بإبرام اتفاقية يكون أطرافها بالإضافة إلى البنك الجهة المستفيدة في الدولة المعنية وجهة أخرى في تلك الدولة يُعيِّنها البنك بموجب الاتفاقية وكيلا عنه في شراء السلعة المطلوبة ثم بيعها بعد استلامها للجهة المستفيدة بالثمن الذي حدده البنك وهو ثمن الشراء الذي دفعه البنك للموردين وفقا للعقود التي أبرمها الوكيل نيابة عنه مع زيادة ربح يقرره البنك، ويغلب في اتفاقيات التجارة الخارجية أن يكون الوكيل الذي يعينه البنك كفيلا أيضا بأداء ثمن إعادة البيع المستحق على المستفيد.
خامسا: النظر في تقرير اجتماع بعض علماء الشريعة والخبراء في المصارف، هذا الاجتماع الذي انعقد في مقر البنك الإسلامي للتنمية بجدة وبدعوة منه في العاشر من ربيع الأول عام 1399 هـ، وكان الغرض من الاجتماع النظر في حكم الشرعية في الفوائد المتجمعة من إيداع البنك الإسلامي للتنمية أمواله في المصارف العالمية بالدول الأجنبية (مرفق صورة من التقرير) .
وفي ضوء التوصيات الواردة في تقرير العلماء الأفاضل قرر مجلس محافظي البنك تخصيص خمسين في المائة 50 % للاحتياطي الخاص وذلك من مجموع المبالغ المتحصلة من ودائع البنك لدى المصارف العاملة في الأسواق الدولية والاحتياطي الخاص المشار إليه مخصص لمواجهة ما قد يطرأ على انخفاض قيمة أرصدة البنك نتيجة لتذبذب العملات المودعة بها تلك الأرصدة من العملات، كما قرر المجلس أن تخصص الخمسون في المائة الأخرى لأغراض المعونة الخاصة.
وبناء على قرار مجلس المحافظين صارت هذه المعونة تقدم لأغراض هي:
(أ) التدريب والبحوث التي تهدف إلى مساعدة وإرشاد الدول الأعضاء في تعديل مسار نشاطها الاقتصادي والمالي والمصرفي بما يتواءم وأحكام الشريعة الإسلامية، ولتحقيق ذلك تم إنشاء المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بجدة منذ عام 1401 هـ (1981 م) وهو الآن يقوم بأداء رسالته في مجالي البحوث والتدريب.
(ب) توفير وسائل الإغاثة في شكل السلع والخدمات المناسبة لتقدم للدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية في حالة التعرض للكوارث الطبيعية أو المحن.
(ج) توفير المساعدات المالية للدول الأعضاء من أجل دعم وتأييد القضايا الإسلامية.
(د) تقديم المساعدة الفنية للدول الأعضاء.
القرار
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
قرار رقم (1) / د / 3 / 07 / 86
بشأن استفسارات البنك الإسلامي للتنمية
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهامشية من 8 إلى ص13 صفر 1407 هـ / 11 إلى 16 أكتوبر 1986 م.
- بعد دراسة مستفيضة ومناقشات واسعة لجميع الاستفسارات التي تقدم بها البنك إلى المجمع، انتهى إلى ما يلي:
(أ) بخصوص أجور خدمات القروض في البنك الإسلامي للتنمية:
قرر مجلس المجمع اعتماد المبادئ التالية:
1-
جواز أخذ أجور عن خدمات القروض.
2-
أن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية.
3-
كل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعا.
(ب) بخصوص عمليات الإيجار:
قرر مجلس المجمع اعتماد المبادئ التالية فيها:
المبدأ الأول:
أن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية بإيجار المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعا.
المبدأ الثاني:
أن توكيل البنك الإسلامي للتنمية أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك بغية أن يؤجره البنك تلك الأشياء بعد حيازة الوكيل لها هو توكيل مقبول شرعا، والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.
المبدأ الثالث:
أن عقد الإيجار يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات وأن يبرم بعقد منفصل عن عقد الوكالة والوعد.
المبدأ الرابع:
أن الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الإجارة جائز بعقد منفصل.
المبدأ الخامس:
أن تبعة الهلاك والتعيب تكون على البنك بصفته مالك للمعدات ما لم يكن ذلك بتعد أو تقصير من المستأجر فتكون التبعة عندئذ عليه.
المبدأ السادس:
أن نفقات التأمين لدى الشركات الإسلامية كلما أمكن ذلك، يتحملها البنك.
(ج) بخصوص عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن:
قرر مجلس المجمع اعتماد المبادئ التالية فيها:
المبدأ الأول:
أن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية ببيع المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعا.
المبدأ الثاني:
أن توكيل البنك أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك، بغية أن يبيعه البنك تلك الأشياء بعد وصولها وحصولها في يد الوكيل، هو توكيل مقبول شرعا، والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.
المبدأ الثالث:
أن عقد البيع يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات والقبض لها. وأن يبرم بعقد منفصل.
(د) بخصوص عمليات تمويل التجارة الخارجية:
قرر مجلس المجمع أنه ينطبق على هذه العمليات المبادئ المطبقة على عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن.
(هـ) بخصوص التصرف في فوائد الودائع التي يضطر البنك الإسلامي للتنمية لإيداعها في المصارف الأجنبية:
قرر مجلس المجمع بشأن ذلك ما يلي:
يحرم على البنك أن يحمي القيمة الحقيقية لأمواله من آثار تذبذب العملات بواسطة الفوائد المتجرة من إيداعاته، ولذا يجب أن تصرف تلك الفوائد في أغراض النفع العام كالتدريب والبحوث وتوفير وسائل الإغاثة، وتوفير المساعدات للدول الأعضاء وتقديم المساعدة الفنية لها، وكذلك للمؤسسات العلمية والمعاهد والمدارس وما يتصل بنشر المعرفة الإسلامية.
والله أعلم.
فتوى فقهية
في واقعة توظيف أموال الزكاة مع عدم التمليك للمستحق
لفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف الفرفور
بسم الله الرحمن الرحيم
فتوى فقهية في واقعة توظيف أموال الزكاة مع عدم التمليك للمستحق
يعتمد هذا البحث على مبحث آخر لا بد من التعرض له، وهو (هل تغني الإباحة عن التمليك في إخراج الزكاة الواجبة؟) نص الحنفية والجمهور من الفقهاء على أنه لا تجزئ عن الزكاة الإباحة والإطعام، لأنه لا بد من تمليك لقوله تعالى {وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} فكل ما جاء في القرآن المجيد بلفظ الإيتاء يشترط فيه التمليك لأن الإيتاء خاص معناه التمليك والاختصاص دون الإباحة والإطعام، لكن قالوا: إذا دفع الغني للفقير المطعوم ناويا الزكاة يجزئه، وذلك كما إذا وضعه في سقط ووضعه في يده بنية الزكاة، وكما لو كساه، لأنه بالدفع إلى الفقير بنية الزكاة يملكه، فيصير الفقير من أكل من ملكه، بخلاف ما لو أطعمه معه (1) .
وأجاز بعض الزيدية احتساب ما يقدمه لضيوفه الفقراء من الزكاة بشروط أولها: أن ينوي الزكاة، وثانيها: ثم أن تكون عين الطعام باقية كالثمر والزبيب، وثالثها: أن يصير إلى كل واحد ما له قيمته ولا يتسامح بمثله، رابعها: أن يقبضه الفقير أو يخلي بينه وبينه مع علمه بذلك، وخامسها: أن يعلم الفقير أنه زكاة لئلا يعتقد مجاوزاته ورد الجميل بمثله (2) .
المقصد من المبحث
هل يصح توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق؟
لم يتعرض الفقهاء القدامى ولا المعاصرون فيما أعلم إلى هذا الأمر الجديد الذي يصح أن يسمى نازلة أو واقعة، وهي ما عمت به البلوى واحتاج الناس إليه في هذا العصر، فوجب النظر من جديد على ضوء القواعد الفقهية الكبرى في مذاهب فقهاء الأمصار.
والذي يظهر لي والله تعالى أعلم أنه يجوز ذلك (بشكل مؤقت لا بصورة دائمة) بشروط:
1-
أولها: أن يكون هذا العمل الذي أجزناه استحسانا خلافا للقياس للضرورة، أو الحاجة بإشراف ولي الأمر أو من يفوضه كالقاضي الشرعي. والنص في صك تشغيل هذه الأموال على أنها مال الفقراء وحقهم الخاص، وأن هذا التوظيف مؤقت دعت إليه الحاجة، وأنه عند انتهاء هذا التوقيت فسوف تملك هذه الأموال للفقراء، ويوقع على ذلك القائمون على التوظيف مع تعهد رسمي بكاتب العدل بذلك، وربما احتيج إلى كفالة أو رهن أو توثيق حفظا لحق الفقراء في نهاية المطاف كي لا يكون ذلك التوظيف مدعاة لاختلاس هذه الأموال واغتصابها مع مرور الزمن كما حصل للعقارات الوقفية المؤجرة بالإجارة الطويلة، حيث اختلست في نهاية الأمر من هؤلاء المستأجرين أو من ورثتهم.
(1) رد المحتار: 2 / 3
(2)
شرح الأزهار وحواشيه: 542، وفقه الزكاة: 2 / 850
2-
والشرط الثاني: أن يكون في ذلك نفع بالربح للفقير ولو بأغلب الظن، أما إذا حصل الشك بالنفع أو بالخسارة أو استوى الأمران أو غلب الظن بالخسارة فلا يجوز.
3-
والشرط الثالث: كون ذلك بإشراف أهل الحل والعقد وبيد أمناء موثوقين ومعروفين، وأفضل أن يكون ذلك أيضا برأي القاضي الشرعي الأول ورعايته.
كي لا تمتد إليها الأيادي الآثمة وأن يكون عمل القائمين على هذا التوظيف مأجورا بأجر يراه القاضي الشرعي، وعليه فإذا انتهى الأجل المضروب للتوظيف رفع كل من القائمين على التوظيف يده وأعاد القاضي أو ولي الأمر الأموال إلى الفقراء المستحقين بالتمليك الشرعي مع الريع الناتج عن ذلك طيلة هذه المدة بعد قطع أجور العاملين والمصارف المشروعة والمتعارف عليها والضرائب الأميرية.
أما إذا وقعت الخسارة فأرى أن بيت المال أو خزينة الدولة هي التي تتحمل هذه الخسارة المحتملة احتمالا ضعيفا كي لا يضيع حق الفقير، هذا ما ظهر لي والله أعلم.
أما دليل ذلك، فهو أن الأمر في نهايته راجع إلى ملكية الفقراء لهذا المال ولو بعد حين مع أرباحه وتثميره لهم، وكل ما فعله ولي الأمر وأهل الحل والعقد أو من فوضه كالقاضي الشرعي هو زيادة هذه الأموال بالتوظيف حتى تغطي حاجة الفقراء أو مصلحة الأمة، وليس هذا التوظيف إلا مرحلة قبل التمليك اقتضتها المصلحة العامة بموجب ولاية ولي الأمر العامة على الأمة، أو ولاية من يفوضه والحمد للذي بنعمته تتم الصالحات.
رأي في توظيف الزكاة واستثمارها
لمعالي الدكتور عبد العزيز الخياط
بسم الله الرحمن الرحيم
رأي في توظيف الزكاة واستثمارها
أؤيد استثمار الزكاة وتوظيفها في مشاريع ذات ريع يعود على المستحقين من الأصناف الثمانية على أن لا يستثمر كل مال الزكاة بل ينفق بعضه على المستحقين، ويستثمر الباقي وذلك من خلال هيئة رسمية (مؤسسة أو صندوق أو بيت الزكاة
…
الخ) تؤسسها الدولة ويشترك في الإدارة الحكومة وممثلون عن المزكين وذلك للأدلة التالية:
1-
استثمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إبل الصدقات وغنمها وأنعامها وأنفق ذلك على الفقراء.
2-
يجوز تأجيل دفع الزكاة على مذهب أبي حنيفة فيجوز استثمار أموال الزكاة بتأجيل دفعها إلى مستحقيها.
3-
توسع العلماء في معني (سبيل الله) فشمل كل قربة إلى الله تعالى كبناء الملاجئ والمستشفيات وغيرها، فيجوز استثمار أموال الزكاة في مثل هذه المشروعات.
4-
سواء أكانت اللام في الآية الكريمة للتمليك أو للاختصاص فإن تمليك الجماعة من الفقراء والمساكين جائز.
5-
أن تغيير الأسلوب من اللام إلى استعمال (في){وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ} لدلالة على أن جانب التمليك ليس وحده في الآية وإنما جانب الصرف فهو للأربعة الأخيرة في الآية وهو أيضا للأربعة الأولى فيها.
6-
دلت الآية على وجوب إعطاء الغارمين وليس في الآية ما يمنع من أن يستثمروا أموال الزكاة، وقد أعطوها في استعادة تجارتهم أو صناعتهم أو في استغلالها زراعيا للإنفاق عليها.
7-
المصانع أو المشاريع التي تنشأ بقصد الربح لصالح جهات استحقاق الزكاة هي ملك للمستحقين عامة ويجوز أن تكون ملكا لأصناف منهم تشرف عليه الدولة، وكما أن الدولة شخص اعتباري له أن يتملك كالمسجد والوقف، فالمؤسسة شخص اعتباري ينوب على المستحقين فلا مانع من أن يعتبر ملك هذه المصانع لجهات الاستحقاق تستثمرها وتديرها الدولة وبعض المزكين.
8-
موضوع تعرض المؤسسة للربح والخسارة هو نفس موضوع تعرض المزرعة أو الضيعة التي تعطى للفقير ليستغلها ونفس موضوع تعرض مال الزكاة الذي أعطي للتاجر الغارم ليستعيد تجارته، فقد ينحرق الزرع أو يتلف وقد تخسر التجارة.
9-
الزكاة مال نام، فيمكن تعويض خسارة المشروعات من أموال الزكوات التالية وسدادها من الربح القادم.
10-
أن معني سداد العيش الوارد في الحديث الشريف يدل على أن سداد العيش المستمر بعمل الفقير القادر على العمل في أموال الزكاة المستثمرة أولى وأفضل من أن يعطى لفترة قصيرة فيصرفه ويعود مستحقا.
11-
أن إنشاء المشروعات يفيد الأمة قطعا ويحيى اقتصادها ويدفع البطالة عن المحتاجين القادرين على العمل ونستهدي بذلك في دفع الرسول صلى الله عليه وسلم السائل إلى العمل بالاحتطاب وعدم السؤال.
12-
أن معظم العلماء الباحثين والمفتين أجازوا استثمار بعض أموال الزكاة بعد إعطاء الفقراء والمساكين حاجتهم، ومن الفائض أو عند الضرورة، فأصبح مبدأ جواز الاستثمار قائما.
لذلك فإني أؤكد لهذه الأسباب وغيرها ضرورة توظيف واستثمار بعض أموال الزكوات في المشروعات الخيرية والصناعية والتجارية، لصالح جهات الاستحقاق في الآية الكريمة ولا سيما من جهات العاملين عليها والغارمين والرقاب وابن السبيل وفي سبيل الله.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
استفسارات المعهد العالمي
للفكر الإسلامي بواشنطن
استفسارات المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن
1-
الاستفسارات المقدمة من المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن.
2-
الأجوبة المقدمة:
- معالي الحاج عبد الرحمن باه.
- فضيلة الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل سعد.
- فضيلة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي.
- حجة الإسلام محمد علي التسخيري.
- فضيلة القاضي محمد تقي العثماني.
- فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي.
- فضيلة الشيخ محيي الدين قادي.
3-
المناقشة.
4-
مناقشة أجوبة اللجنة المكونة للإجابة عن الاستفسارات.
5-
الأجوبة التي أقرها المجمع.
6-
القرار
الاستفسارات المقدمة من المعهد
العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن
بسم الله الرحمن الرحيم
صاحب السماحة:
الشيخ الجليل الأستاذ: محمد الحبيب ابن الخوجه حفظه الله، لا يخفى على سماحتكم أن أمريكا الشمالية يعيش اليوم فيها ما يربو على ثلاثة ملايين من المسلمين، كثيرون منهم قد استوطن أجدادهم وآباؤهم هذه البلاد منذ خمسين عامًا تزيد قليلًا أو تنقص، وبعضهم ممن هداهم الله إلى الإسلام حديثًا وكانوا قبل ذلك على النصرانية أو اليهودية أو الوثنية أو الإلحاد، كما أن هناك آلافًا من الطلاب المسلمين يفدون إلى هذه البلاد للدراسة في جامعاتها المختلفة، وفي أوربا وأمريكا الجنوبية أعداد أخرى من هؤلاء المسلمين إن لم تزد عن أعدادهم في أمريكا الشمالية فلا تقل كثيرًا عنها، ولهذا النوع من المجتمعات خصائص وتأثيرات على من يعيشون فيه وعلى أهليهم وأبنائهم.
ولهذه البلدان أنظمة حياة لا بد أن تنعكس على من يعيشون فيها بشكل أو بآخر سلبيًا أو إيجابيًا، وبالتالي فإن للأقليات المسلمة حاجات فقهية، وأسئلة قل أن يثار مثلها في بلاد المسلمين أو البلدان التي يشكل المسلمون فيها أغلبية كبيرة، ولندرة الفقهاء في هذه الأماكن وقصور الكثيرين منهم عن مستوى الفتوى، وتسرع البعض وقلة تثبته، أو ضعف فهمه لمدرك الفقهاء ومناحي مذاهبهم فقد تحول كثير من تلك المسائل إلى وسائل اختلاف، وإثارة منازعات بين المسلمين جعلتهم في وضع سيئ ينذر بعواقب وخيمة أقلها تفرق قد يؤدي إلى ذوبانهم في البيئات التي يعيشون فيها ثم نسيان انتمائهم إلى الإسلام والمسلمين، لا قدر الله ذلك.
وبما أن الفتاوى الفردية، أو الفتاوى التي لا تقترن بالاستدلال والتعليل قليلة الأثر في هذه البيئات ونحوها فقد حرصنا على أن نجمع أهم المسائل التي تكثر إثارتها، وتشتد حاجة المسلمين إلى الوصول إلى القول الفصل فيها لنضعها بين أيديكم، ونحصل على أجوبة شافية عنها لتقطع مادة الجدل والنقاش وتبصر المسلمين بأمور دينهم.
فنرجو التفضل بإيلاء هذه المسائل ما تستحقه من العناية وإجابتنا عنها لتوعية الدعاة وأئمة المساجد والمسلمين على أحكامها والإسهام في حل عوامل الفرقة والاختلاف بين المسلمين.
وتجدون سماحتكم شفع خطابنا هذا ثبتا بتلك المسائل وفقكم الله ورعاكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د. طه جابر العلواني
مدير الأبحاث والدراسات
وعضو المجمع الفقهي بجدة
المسائل التي يكثر تساؤل المسلمين عنها
في أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا.
1-
ما حكم التجنس بالجنسية الأجنبية الأمريكية كانت أو أوربية، علمًا بأن معظم الذين قبلوا التجنس بهذه الجنسيات أو يعتزمون الحصول عليها يؤكدون أنهم ما فعلوا ذلك إلا لأنهم قد أوذوا واضطهدوا في بلادهم الأصلية بالسجن أو التهديد ومصادرة الأموال وغيرها.
وبعضهم يرى أنه ما دامت الأحكام الشرعية والحدود معطلة في بلاده الأصلية فأي فرق بين أن يحمل جنسية ذلك البلد الذي اضطهده والبلد الذي اختار أن يستوطن فيه، وفي كليهما لا تطبق الأحكام التشريعية، ولا تقام الحدود، وهو في بلد مهجره مصانة حقوقه الشخصية دمه وماله وعرضه، ولا يمكن سجنه أو تهديده إلا إذا فعل ما يستوجب ذلك.
2-
لولادة الأبناء وتنشئتهم في أمريكا وأوروبا ونحوها من بلاد غير المسلمين مساوئ ومخاطر، وبعض المحاسن، واحتمال اكتسابهم من عادات أبناء النصارى واليهود الكثير احتمال قائم – خاصة – في حالة انشغال الوالدين أو وفاة أحدهما أو كليهما، فما أثر هذا الضرر المظنون في حكم الهجرة إلى هذه البلدان والإقامة الدائمة فيها، مع ملاحظة أن كثيرًا من الناس هنا على الدوام يذكرون بأن أبناءهم في بعض البلدان الإسلامية التي كانوا يقيمون فيها يتعرضون لاحتمال الردة باعتناق الشيوعية واللادينية أو نحوها من الأفكار الإلحادية التي تروج لها حكومات بعض البلدان الإسلامية وتدخلها في برامج التعليم والتوجيه العام، وتضطهد من يرفضها؟
ويؤكد المستوطنون هنا من المسلمين أنه لم يطلب من أحدهم أن يغير دينه أو أنه وجه نحو دين آخر، وذلك لضعف الاهتمام بالناحية الدينية هنا.
3-
ما حكم زواج المسلمة بغير المسلم خاصة إذا طمعت في إسلامه بعد الزواج حيث تدعي مسلمات كثيرات أنه لا يتوافر لهن الأكفاء من المسلمين في غالب الأحيان، وأنهن مهددات بالانحراف أو يعشن في وضع شديد الحرج؟
4-
ما حكم استمرار الزوجية والمعاشرة بين زوجة دخلت الإسلام وبقي زوجها على الكفر، ولها منه أولاد تخشى عليهم الضياع والانحراف، ولها طمع في أن يهتدي زوجها إلى الإسلام لو استمرت العلاقة الزوجية بينها وبينه؟
وما الحكم فيما إذا لم يكن هناك طمع في إسلامه، ولكن يحسن معاشرتها وتخشى لو تركته ألا تعثر على زوج مسلم؟
5-
ما حكم دفن المسلم في مقابر غير المسلمين، حيث لا يسمح بالدفن خارج المقابر المعدة لذلك، ولا توجد مقابر خاصة بالمسلمين في معظم الولايات الأمريكية والأقطار الأوربية؟
6-
ما حكم بيع المسجد (إذا انتقل المسلمون عن المنطقة التي هو فيها وخيف تلفه أو الاستيلاء عليه) فكثيرًا ما يشتري المسلمون منزلًا ويحولونه مسجدًا، فإذا انتقلت غالبية المسلمين من المنطقة لظروف العلم هجر المسجد أو أهمل، وقد يستولي عليه آخرون، ومن الممكن بيعه واستبداله بمسجد يؤسس في مكان فيه مسلمون، فما حكم هذا البيع أو الاستبدال؟ وإذا لم تتيسر فرصة استبداله بمسجد آخر، فما أقرب الوجوه التي يجوز صرف ثمن المسجد فيها؟
7-
كثيرات من بنات المسلمين ونسائهم تدعوهن ظروف العمل أو الدراسة إلى السفر إلى ولايات أخرى (أبعد من مسافة القصر) بالطائرة أو غيرها من وسائل السفر، بدون محرم، ومن غير رفقة من نسوة تعرفهن أو يعرفنها غير رفقة المسافرين والمسافرات عادة، فما حكم هذا السفر؟
8-
بعض النساء أو الفتيات تضطرهن ظروف العمل أو الدراسة إلى الإقامة بمفردهن، أو مع نسوة غير مسلمات، فما حكم هذه الإقامة؟
9-
كثيرات من النساء هنا يذكرن أن أقصى ما بإمكانهن ستره من أجسادهن هو ما عدا الوجه والكفين، وبعضهن تمنعهن جهات العمل أو الدراسة من ستر رؤوسهن وأعناقهن، فما أقصى ما يمكن السماح بكشفه من أجزاء جسم المرأة بين الأجانب في محلات العمل أو الدراسة؟
10-
يضطر كثير من الطلاب المسلمين إلى العمل في هذه البلاد لتغطية نفقات الدراسة والمعيشة، لأن كثيرًا منهم لا يكفيه ما يرده من ذويه مما يجعل العمل ضرورة له لا يمكن أن يعيش بدونه، وكثير منهم لا يجد عملًا إلا في المطاعم تبيع الخمور أو تقدم وجبات فيها لحم الخنزير وغيرها من المحرمات فما حكم عمله في هذه المحلات؟
11-
ما حكم بيع المسلم للخمور والخنازير، أو صناعة الخمور وبيعها لغير المسلمين؟ علمًا بأن بعض المسلمين في هذه البلدان قد اتخذوا من ذلك حرفة لهم.
12-
هناك كثير من الأدوية تحوي كميات مختلفة من الكحول تتراوح بين 1? و 25? ومعظم هذه الأدوية من أدوية الزكام واحتقان الأنف والحنجرة والسعال وغيرها من الأمراض السائدة، وتمثل هذه الأدوية الحاوية للكحول ما يقارب 95? من الأدوية في هذا المجال مما يجعل الحصول على الأدوية الخالية من الكحول عملية صعبة أو متعذرة، فما حكم تناول هذه الأدوية؟
13-
هناك الخمائر والجلاتين يوجد فيها عناصر مستخلصة من الخنزير بنسب ضئيلة جدًا فهل يجوز استعمال هذه الخمائر والجلاتين؟
14-
يضطر معظم المسلمين إلى إقامة حفلات الزفاف لبناتهم في مساجدهم وكثيرًا ما يتخلل هذه الحفلات رقص وإنشاد أو غناء، ولا تتوفر لهم أماكن تتسع لمثل هذه الحفلات فما حكم إقامة مثل هذه الحفلات في المساجد؟
15-
بعض الحكومات النصرانية (خاصة في أمريكا الجنوبية) تفرض على رعاياها التسمي بالأسماء النصرانية، وتضع قوائم بأسماء اختارتها للأطفال ذكورًا كانوا أو إناثًا، ولا تسمح بتسجيل المواليد بأسماء تختار من غير هذه القوائم، فما حكم تسمي المسلمين بهذه الأسماء، وما الحلول التي تقترحونها في هذه الأحوال؟
16-
ما حكم زواج الطالب أو الطالبة المسلمة زواجًا لا ينوى استدامته بل النية منعقدة عنده على إنهائه بمجرد انتهاء الدراسة، والعزم على العودة إلى مكان الإقامة الدائم، ولكن العقد يكون عادة عقدًا عاديًا وبنفس الصيغة التي يعقد بها الزواج المؤبد، فما حكم هذا الزواج؟
17-
ما حكم ظهور المرأة في محلات العمل أو الدراسة بعد أن تأخذ من شعر حاجبيها وتكحل؟
18-
بعض المسلمات يجدن حرجًا في عدم مصافحتهن للأجانب الذين يرتادون الأماكن التي يعملن أو يدرسن فيها، فيصافحن الأجانب دفعًا للحرج، فما حكم هذه المصافحة؟
وكذلك الحال بالنسبة لكثير من المسلمين الذين تتقدم إليهم نساء أجنبيات مصافحات، وامتناعهم عن مصافحتهن يوقعهم في شيء من الحرج على حد ما يذكرون ويذكرن؟
19-
ما حكم استئجار الكنائس أماكن لإقامة الصلوات الخمس أو صلاة الجمعة والعيدين، مع وجود التماثيل وما تحتويه الكنائس عادة، علمًا بأن الكناس في الغالب أرخص الأماكن التي يمكن استئجارها من النصارى وبعضها تقدمه الجامعات أو الهيئات الخيرية للاستفادة منه في هذه المناسبات بدون مقابل؟
20-
ما حكم ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى وما يقدمونه من طعام في مطاعمهم مع عدم العلم بالتسمية عليها؟
21-
كثير من المناسبات العامة التي يدعى المسلمون إلى حضورها تقدم فيها الخمور ويختلط فيها النساء والرجال، واعتزال المسلمين لبعض هذه المناسبات قد يؤدي إلى عزلهم عن بقية أبناء المجتمع، وفقدانهم لبعض الفوائد فما حكم حضور هذه الحفلات من غير مشاركة لهم في شرب الخمر أو الرقص أو تناول الخنزير؟
22-
بعض الأقطار في شمال أوربا يقصر فيها الليل كثيرًا ويطول فيها النهار كثيرًا، حيث تصل ساعات الصيام في بعض هذه البلدان إلى عشرين ساعة أو تزيد، وكثير من المسلمين يجدون مشقة زائدة في الصيام، فهل يجوز اللجوء في هذه البلدان إلى التقدير، وما نوع التقدير الذي يمكن اعتماده إذا كان جائزًا، وهل يكون التقدير بساعات الصيام في مكة أو بساعات النهار في أقرب البلدان اعتدالًا، أو بماذا؟
وإذا لم يكن ذلك جائزًا فهل يعتبر هذا النوع من المشقة من المشاق التي يجب على المسلم احتمالها والصبر عليها مع احتمال الضرر، وهل يجب عليه أن يترك عمله في شهر الصيام إذا لم يكن بمقدوره الصيام إلا بترك العمل من قبيل ما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب.
23-
في كثير من الولايات الأمريكية وكذلك الأقطار الأوربية تصعب أو تتعذر رؤية هلال رمضان أو شوال، والتقدم العلمي الموجود في كثير من هذه البلدان يمكن من معرفة ولادة الهلال بشكل دقيق بطريق الحساب، فهل يجوز اعتماد الحساب في هذه البلدان؟
وهل تجوز الاستعانة بالمراصد وقبول قول الكفار المشرفين عليها علمًا بأن الغالب على الظن صدق قولهم في هذه الأمور؟
ومما يجدر بالملاحظة أن تباع المسلمين في أمريكا وأوروبا لبعض البلدان الإسلامية المشرقية في صيامها أو إفطارها قد أثار بينهم اختلافات كثيرة، غالبًا ما تذهب بأهم فوائد الأعياد، وتثير مشكلات شبه دائمة، وفي الأخذ بالحساب ما قد يقضي على هذا في نظر البعض أو يكاد؟
24-
ما حكم عمل المسلمين في دوائر ووزارات الحكومة الأمريكية أو غيرها من حكومات البلاد الكافرة، خاصة في مجالات هامة كالصناعات الذرية أو الدراسات الاستراتيجية ونحوها؟
25-
ما حكم تصميم المهندس المسلم لمباني النصارى كالكنائس وغيرها علمًا بأن هذا هو جزء من عمله في الشركة الموظفة له، وفي حالة امتناعه قد يتعرض للفصل من العمل؟
26-
كثير من العائلات المسلمة يعمل رجالها في بيع الخمور والخنزير وما شابه ذلك، وزوجاتهم وأولادهم كارهون لذلك علمًا بأنهم يعيشون بمال الرجل، فهل عليهم من حرج في ذلك؟
27-
ما حكم تبرع المسلم فردًا كان أو هيئة لمؤسسات تعليمية أو تنصيرية أو كنسية؟
28-
ما حكم شراء منزل السُكْنى، وسيارة الاستعمال الشخصي، وأثاث المنزل بواسطة البنوك والمؤسسات التي تفرض ربحًا محددًا على تلك القروض لقاء رهن تلك الأصول علمًا بأنه في حالة البيوت والسيارات والأثاث عمومًا، يعتبر البديل عن البيع هو الإيجار بقسط شهري يزيد في الغالب عن قسط الشراء الذي تستوفيه البنوك؟
القرار
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه
قرار رقم (11) د 3/ 07/ 86
بشأن "استفسارات المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن "
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8 إلى 13 صفر 1407هـ / 11- 16 أكتوبر 1986م.
بعد اطلاعه على الاستفسارات التي عرضها "المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن" وما أعد من إجابات عليها من بعض الأعضاء والخبراء.
قرر
تكليف الأمانة العامة للمجمع بتبليغ المعهد المذكور بما أقره المجلس من إجابات.
أجوبة
معالي الحاج عبد الرحمن باه
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
صاحب السماحة: الشيخ الجليل محمد الحبيب ابن خوجة حفظه الله.
يا صاحب السماحة.
إننا نرسل إلى سماحتكم هذه الوثيقة وفي ضمنها الأجوبة التي وردتكم أسئلتها من المؤسسة الإسلامية العالمية بأمريكا الشمالية أو الجنوبية، وقد راعينا وحرصنا على أن تكون الأجوبة على ضوء الكتاب والسنة، راجين من الله تعالى التوفيق والسداد.
الجواب الأول:
التجنس بالجنسيات غير المسلمة سواء كانت أمريكية أو أوربية أو غيرها قد تكون جائزة إذا دعت الضرورة إليه، لا حبًا للتشبه بأهل الكفر والتسمي بأسمائهم أو الاتصاف بصفاتهم، بشرط أن لا يؤدي هذا التجنس إلى تعطيل أو نقص شيء من أمور دينه، أو يجره إلى موالاة أعداء الله وإلا فلا، قال تعالى {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} إلخ الآية.
الجواب الثاني
لا تجوز الهجرة من بلد الإسلام إلى بلد الكفر إذا كانت الهجرة حبًا لأهل الكفر، أما إذا كان لمجرد طلب حاجة إنسانية مثل طلب العلوم التي يصعب الحصول على المستويات العالية منها في البلاد الإسلامية أو الكسب الحلال تجارة كانت أو صناعة فلا بأس بتلك الهجرة على الرجوع المعنوي أو المادي أو الشخصي بعد الحصول على الحاجة، قال تعالى {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} .
الجواب الثالث
لا يجوز زواج المسلمة بغير المسلم بأي حال من الأحوال لأنه يؤدي إلى تغيير المسلمة لضعفها بدليل قوله تعالى {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} الآية {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} .
الجواب الرابع
إذا أسلم أحد الزوجين انفسخ النكاح بطلاق وقيل بدون طلاق، ووجب التفريق بينهما، إن أسلم الثاني (الزوج) قبل انقضاء العدة بقيا على نكاحهما، فإن تأخر إسلامه إلى ما بعد العدة، فلا بد من عقد جيد على حد قول الجمهور.
الجواب الخامس
لا يحرم دفن المسلم في مقابر غير المسلمين إذا لم تكن في البلدة مقبرة خاصة بالمسلمين ولم تكن طاقة لنقل جثمانه إلى البلاد الإسلامية.
الجواب السادس
لا يحرم بيع المسجد في البلد الغير الإسلامي لضرورة انتقال الأقلية المسلمة إلى مكان آخر، وصرف ثمنها في بناء مسجد جديد سواء كان في مكان الانتقال أو غيره، ويجوز كذلك صرف ثمنها لعمل خيري إسلامي عند الاستغناء عن المسجد مثل المدارس أو المستشفيات الإسلامية، ويحرم صرفه إلى عمل شخصي لا يرجع نفعه إلى المسلمين.
الجواب السابع
لا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع زوجها أو واحد من ذوي محارمها، أو مع رفقة مأمونة إلى بلد مأمونة، أما سفر الآنسات المسلمات إلى مثل أوربا وأمريكا بحجة التعلم أو غيره فهذا هو البلاء العظيم.
الجواب الثامن
لا يجوز للمرأة المسلمة أن تسكن أو تعاشر غير المسلمات فإن الأخلاق غير متكافئة، اللهم إلا لضرورة قصوى مثل أن لا تجد مسكنًا خاصًا بها، كما لا يجوز لها أن تدخل معهن الحمام لعدم الاحتشام، والدين حياء.
الجواب التاسع
لا يجوز للمرأة المسلمة الحرة أن تكشف جسمها للأجانب ما عدا الوجه والكفين بدليل قوله تعالى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} وقوله تعالى {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ} أما إذا أحوجها عصرها إلى السعي فلتكن مستورة محتشمة بعيدة عن الذئاب.
الجواب العاشر
لا يجوز لأي مسلم طالبًا كان أو غيره أن يعمل أو يتعامل مع تجار الخمور والخنازير بدليل قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} وقوله تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} وقوله صلى الله عليه وسلم ((من تشبه بقوم فهو منهم)) .
الجواب الحادي عشر
القاعدة العامة عند علماء المسلمين سلفًا وخلفًا أن كل ما حَرَّمَ الله حَرُمَ بيعه، والخمر والخنزير محرمان بنص الكتاب والسنة، فعلى هذا الأساس لا يجوز بيع شيء من تلك المحرمات، فقد قال صلى الله عليه وسلم:((لعن الله شارب الخمر وبائعها وعاصرها وحاملها والمحمول إليه)) .
الجواب الثاني عشر
أن من القواعد الأصولية أن "الضرورات تبيح المحظورات" على هذا الأساس أيضًا يجوز تناول هذه الأدوية على نية التداوي ما لم تسبب ذهاب العقل الذي يرتكز عليه الهيكل الإنساني وإلا فلا، قال تعالى {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .
الجواب الثالث عشر
لحم الخنزير حرام قليله وكثيره، لأن الله لم يستثن شيئًا من أجزائه أما كونه مختلطًا بشيء جائز فحكمه كالماء القليل النجس يختلط بماء كثير طاهر فالحكم حكم التغيير للأوصاف الثلاثة وإلا فلا،إلا أن لا يجد غيره فيجوز تناوله إلى حين الاستغناء عنه وذلك على أساس القاعدة السابقة.
الجواب الرابع عشر
لا يجوز الرقص أو الغناء في المساجد إذا لم تبن لذلك، ومن الظلم أن يجعل الشيء في غير مكانه قال تعالى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا ينشد ضالة في المسجد فنهاه عن ذلك، وأما رقص غلمان الحبشة فكان في فناء المسجد لا في داخله، وبدون موسيقى أو آلات طرب وغناء وما يقوم به بعض المسلمين من إحداث الضجات والوشوشات في المساجد فهذا جهل محض لا يجوز على أي حال.
الجواب الخامس عشر
يجوز التسمي بالأسماء غير العربية ما دمنا نعرف دلالة الاسم بحيث إنه لا يقوض العقيدة والإيمان ولا يدل على الشرك، أما إذا دل على شيء من ذلك فيحرم على المسلم التسمي به، وقد جاء الأثر:"خير الأسماء ما حُمِّدَ أو عُبِّدَ" وذلك متروك لبيئات الناس ومجتمعاتهم في البلدان الإسلامية.
الجواب السادس عشر
هذا النوع من النكاح يسمى عند الفقهاء بـ "نكاح المتعة أو النكاح إلى أجل" وقد حرمه النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر حيث أمر الإمام عليًا بإعلان تحريمه مع لحوم الحمر الأهلية تحريمًا مؤبدًا فيحرم على كل مسلم عقد مثل ذلك النكاح.
الجواب السابع عشر
إذا كانت ظروف الحياة تجبر المرأة الحرة المسلمة على الخروج من بيتها للعمل أو الدراسة، فلتخرج مع مراعاة آداب الإسلام وقوانينه، غير متبرجة بزينة، ولا مظهرة لمفاتن جسمها مثل العنق والصدر والساقين، ولا لابسة ثيابًا تصفها وصفًا، ولا آخذة من شعر حاجبيها شيئًا، فقد قال تعالى:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} .
الجواب الثامن عشر
لم يرد في الآثار النبوية والسير أنه صلى الله عليه وسلم صافح أجنبية في حياته لا هو ولا أصحابه، فما لم يكن بالأمس دينًا لا يكون اليوم دينًا ولنطرح عنا أقوال المتشدقين باسم المدنية والعصر والثقافة، فما هي إلا أحابيل لصيد الشباب المسلم وإبعادهم عن الحضارة الإسلامية الحقة وإيقاعهم في شرك الزنا الفاحش على أيدي المومسات الخليعات في البلدان التي لا تقيم للإسلام وزنًا ولا لمبادئه السامية قيمة، وقد قال تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ} .
الجواب التاسع عشر
المأثور عن عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة أن الكنيسة إذا كانت خالية من جميع آثار الشرك جازت الصلاة فيها، أما إذا كانت فيها صور أو تماثيل لم تجز الصلاة فيها؛ لأن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه تماثيل أو صور بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل الكعبة يوم الفتح إلا بعد أن محي ما كان فيها من صور، وكسر ما فيها من تماثيل فهذا دليل قاطع لكل مسلم.
الجواب العشرون
ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى حل لكل مسلم وفي كل مكان ما دام تأكد ذبحه بيد أحدهم بدليل قول تعالى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} اللهم إلا ما كان منها محرمًا علينا مثل الخمر والخنزير.
الجواب الحادي والعشرون
لا يجوز للمسلم حضور المراسم التي تمارس فيها الفجور والخلاعة مثل الاختلاط بالأجنبيات والرقص معهن، وكذلك غشيان مجالس شرب الخمور، ولو كان لخوف فوات بعض منافع دنيوية مثل الجاه أو المنصب وما شابه ذلك، فإنه لا يجوز طلب رضا المخلوقين بسخط الخالق {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} .
الجواب الثاني والعشرون
أن المسلم في تلك الحالة يقدر ساعات نهار أقرب البلدان اعتدالًا ويصوم على هذا التقدير ويفطر عليه ودين الله يسر.
الجواب الثالث والعشرون
قد تتعذر رؤية هلال رمضان في بعض البلدان، ولكن لا يتعذر إكمال شعبان أو رمضان ثلاثين يومًا فقد أعطانا الرسول الحكيم كلمة الفصل في ذلك بقوله:((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يومًا)) وأما في هذا العصر الحديث عصر الأجهزة والأقمار الصناعية والمراكب الفضائية فيجوز أن يعتد بتلك الأجهزة الراصدة إذا كانت بأيد إسلامية أمينة غيورة على دينها غير منتهكة لحرمات هذا الدين الحنيف الذي يعلو ولا يعلى عليه.
الجواب الرابع والعشرون
يجوز للمسلم العمل في دوائر وزارات الحكومات غير المسلمة ما دام ذلك العمل لا يجبره على ترك دينه، وذلك للاستفادة من خبرات تلك الأعمال كالصناعات الذرية والتقنية أو الطب، وخصوصًا إذا كانت نية هذا المسلم الاستفادة من خبرات ذلك العمل أو المهنة ونقله إلى البلاد الإسلامية.
الجواب الخامس والعشرون
لا يجوز للمهندس المسلم أن يقوم بتصميم كنائس النصارى وهياكل اليهود، لأن في ذلك إعانة على الكفر والشرك وقد قال تعالى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} أما المباني الأخرى كدور السكن والمصانع وغيرها فلا مانع من ذلك إذا لم يجد عملًا أو أجرًا كافيًا في البلدان الإسلامية.
الجواب السادس والعشرون
لا يجوز للمسلم أن يتجر في الخمر والخنزير مع العلم بحرمتها، ويجب على أسرته أن ينهروه من ذلك ولا يشاركوه في شيء من ذلك، أما إذا كان هو المعيل الوحيد لهم ولم يبلغوا السعي لمعاشهم كالأبناء الصغار والزوجة أو فقراء كالوالدين، فيأكلون من ماله بقدر ما تحفظ لهم حياتهم إلى أن يهديه الله ويوفقه للصواب، وقال تعالى {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .
الجواب السابع والعشرون
لا يجوز للمسلم فردًا كان أو هيئة أو شركة أو حكومة أن يتبرع لمؤسسات تنصرية أو بناء كنائس أو هياكل، لأن في ذلك تعاونًا على الشرك والكفر وتقويضًا للإسلام، وقد نهانا الله عن ذلك بقوله {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} وهل ضاقت البلاد الإسلامية بالمساجد والمؤسسات الخيرية حتى يجعل المسلم ماله تحت يد الشيطان وأوليائه؟ {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} .
الجواب الثامن والعشرون والأخير
أنه لا يجوز للمسلم أن يتعامل بالربا على كل حال وقد نهانا الله عنه وحذرنا عاقبته الوخيمة بقوله عز من قائل {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} .
وقال صلوات الله عليه وسلامه: ((لعن الله آكل الربا وشاهديه وكاتبه وموكله
…
)) الحديث.
سماحة الشيخ محمد الحبيب ابن خوجة، رئيس المجمع الفقهي المتشعب من المؤتمر الإسلامي، هذه هي الأجوبة التي حضرتنا لما سبق أن أرسلتموها لنا من أسئلة حول بعض المشاكل الفقهية التي وردتكم من أمريكا الشمالية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم وحبيبكم
الحاج جرن عبد الرحمن باه
وزير الشئون الدينية بغينيا كوناكرى
أجوبة
فضيلة الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل سعد
1-
لا مانع من التجنس خاصة إذا كان من يرغب في التجنس مضطهدًا في بلده الأصلي وهو في مهجره مصانة حقوقه الشخصية دمه وماله وعرضه.
2-
خطورة تنشئة الأبناء المسلمين في البلاد الأجنبية قائمة، ولكن بإمكان الجاليات الإسلامية القيام بالمحافظة على تنشئة هؤلاء الأبناء في ظل تعاليم الإسلام السمحة وليكن الآباء والأمهات خير قدوة لهم في البيت وفي خارجه.
3-
لا يجوز للمسلمة التزوج بغير المسلم مطلقًا، طمعت في إسلامه بعد الزواج أو لم تطمع مهما كانت الظروف التي تعاني منها.
4-
لا يجوز لمن دخلت في الإسلام أن تبقى مع زوجها الذي لم يسلم ولو كان لها منه أولاد ولو طمعت في إسلامه أو في حسن معاشرته، ولها أن تنتظره حتى يسلم وتعود الحياة الزوجية بينهما.
5-
يجوز دفن المسلم في مقابر غير المسلمين إذا لم تكن للمسلمين مقابر خاصة بهم خاصة وهم يعيشون في بلاد لا يسمح أهلها بدفن الموتى في غير مقابر خاصة المقابر المعدة للدفن إذا لم يمكن دفن الموتى في بلد إسلامي قريب من بلاد المهجر.
6-
يجوز بيع المسجد إذا انتقل المسلمون عن المنطقة التي هو فيها وخيف عليه التلف أو الاستيلاء عليه من الكفار وبالأولى إذا كان منزلًا حول إلى مسجد فهذا من الممكن بيعه ونصرف ثمنه في بناء مسجد آخر أو استبداله بمنزل آخر يخصص لأداء الصلاة فيها وإذا لم تتيسر فرصة استبداله بمسجد آخر فإن ثمنه يصرف في كل ما يعتبر قربة إلى الله.
7-
لا يجوز للمرأة المسلمة السفر أبعد من مسافة القصر بدون محرم، ولكن للظروف أحكامًا.
8-
تجوز لهن الإقامة بمفردهن أو مع نسوة مسلمات إذا أمنت المسلمة على دينها وعرضها.
9-
لا يجوز للمرأة المسلمة أن تكشف أكثر من وجهها وكفيها مع غير محارمها من الأجانب سواء في محلات العمل أو الدراسة.
10-
إذا لم يجد المسلم ما يعيش به في هذه البلاد الأجنبية غير العمل في المطاعم التي يقدم لروادها لحم الخنزير والخمر فربما تشمله حالة الضرورة التي تبيح له المحظورات، وقد تساوت البلاد الإسلامية بالبلدان الأجنبية في ذلك مع الأسف.
11-
لا يجوز للمسلم أن يحترف بيع الخنزير والخمر ولو لغير المسلمين وكذلك صنع الخمر.
12-
يجوز تناول هذه الأدوية خصوصًا وأنه لا يوجد غيرها والناس في أمس الحاجة إليها.
13-
لا يجوز استعمال هذه الخمائر والجلاتين المستخلصة من الخنزير لا سيما إذا لم تكن هناك ضرورة.
14-
جعلت المساجد للصلاة والعبادة ولا يجوز إقامة حفلات الزواج بها وهناك أماكن أخرى معدة لمثل هذه الحفلات.
15-
هناك أسماء يتسمى بها أبناء المسلمين وغير أبناء المسلمين وربما الممنوع ما عبد أو حمد من الأسماء ويمكن تسجيل اسم المولود في شهادة الميلاد باسم يشتمل عليه هذه القوائم وتسميته باسم آخر في محيط العائلة.
16-
الأصل في الزواج التأبيد ولكن إذا جرى عقد الزواج بنفس الصيغة التي يقعد بها الزواج المؤبد واشتمل العقد على بقية الأركان والشروط المطلوبة في عقد الزواج وكان نيته إنهاء هذه الحياة الزوجية بمجرد انتهاء الدراسة والعزم على مكان إقامته الدائمة فحكم هذا الزواج الصحة.
17-
لا بأس من ظهور المرأة في محلات العمل أو الدراسة بعد أن تأخذ من شعر حاجبيها وتكتحل ما لم تخش الفتنة.
18-
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصافح المبايعات من المسلمات وقد اعتادت المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية في هذه العصور المتأخرة مصافحة الرجال للنساء والنساء للرجال وقد عمت البلوى.
19-
إذا لم تكن هناك أماكن معدة لإقامة الصلوات الخمس وصلاة الجمعة وصلاة العيدين فلا بأس من الصلاة في الكنيسة؛ لأن الصلاة في الكنائس مكروهة وإقامة الشعائر الدينية خير من تركها، وإنما الأعمال بالنيات.
20-
يجوز أكل ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى بنص القرآن {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} ولم تتعرض الآية لتسمية أو عدمها وهي مخصصة لقوله تعالى {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} .
21-
لا يجوز للمسلمين حضور مثل هذه المناسبات العامة التي يقدم فيها الخنزير ويختلط فيها الرجال بالنساء وهم يتراقصون ولا بد من المحافظة على الشخصية الإسلامية وإلا ما الفرق بين المسلمين وغير المسلمين.
22-
يجوز للمسلمين في هذه الحالة الأخذ بتقدير زمن من الصيام لأقرب بلد منهم وإذا صام المسلم واحتمل الصيام فثوابه عند الله مضاعف، وإذا أمكنه أخذ أجازته السنوية في شهر الصيام فذلك حسن، ولا داعي لترك العمل.
23-
لا يجوز اعتماد الحساب من غير رؤية الهلال سواء كانت الرؤية في نفس بلد الصائم أو في أي بلد إسلامي آخر، ويجوز الاستعانة بالمراصد ولا تجوز شهادة غير المسلم في إثبات رؤية الأهلة، واتباع المسلمين في مثل هذه البلدان لإخوانهم المسلمين في البلاد العربية والإسلامية في الصيام والأعياد أولى من الأخذ بالحساب والخلاف موجود في العالم الإسلامي وسوف يبقى.
24-
يجوز للمسلم العمل في الوزارات والدوائر الحكومية في أمريكا أو غيرها من حكومات البلاد الكافرة في الصناعات أو الدراسات الاستراتيجية.
25-
يجوز للمهندس المسلم تصميم المباني الخاصة بالكنائس لأنها محلات عبادة أقر أهلها على إقامة شعائرهم فيها.
26-
عمل هؤلاء الرجال في بيع الخمور والخنزير إذا لم يوجد لهم عمل آخر لكسب رزقهم واضطروا لذلك فلا حرج عليهم وعلى من يعولون من النساء والأولاد من العيش بهذا المال العائد من مثل هذا العمل.
27-
لا يجوز للمسلم أن يتبرع بإنشاء كنيسة أو مؤسسة تعليمية للتنصير وكذلك لا يجوز للهيئات الإسلامية التبرع لمثل ذلك.
28-
القرض بفائدة لا يجوز لأنه ربا محرم، أما شراء البنك للبيت أو السيارة أو الأثاث وبيعه بالمرابحة أي بأكثر من سعر الشراء فهذا جائز، وإذا كان الإيجار بالقسط الشهري يزيد عن قسط الشراء ولا ربا فيه فهو أولى.
أجوبة
فضيلة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد فهذه إجابتنا على استفتاء المركز الإسلامي بواشنطن حول المسائل التي يكثر تساؤل المسلمين عنها في أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا.
1-
التجنس بجنسية دولة غير مسلمة تتوقف الفتيا فيه على النظر في جوانب مختلفة منه، فالتجنس يعني الالتحاق التام بمواطني الدولة المانحة للجنسية في الحقوق والواجبات بحيث يكون للمتجنس وعليه ما للمواطنين الأصليين وعليهم من حقوق المواطنة وواجباتها، فلو اقتضى الأمر فرض ذلك الدولة على مواطنيها مقاومة دولة إسلامية لكان على هذا المسلم الحامل لجنسيتها، بموجب نظامها أن ينخرط في هذا السلك ويتحمل هذا الفرض، لذلك نرى أن التجنس بجنسية دولة غير مسلمة من الأمور التي يصار إليها مع الضرورة، كما إذا طورد المسلم ولم يأمن على حياته أو عرضه أو ولده أو ما ماثل ذلك، ولم يتمكن من اللجوء إلى بلد إسلامي لانسداد الأبواب بين يديه ومع ذلك فإن عليه أن ينوي في قرارة نفسه العودة إلى بلاد الإسلام متى وجد الباب مفتوحًا والمحذور مرتفعًا كما أن عليه أن يختار من بين الدول التي يلجا إليها حال الخوف، الدولة التي يتمكن فيها من ممارسة جميع واجباته الدينية بحرية كاملة سواء كانت هذه الواجبات شخصية أم اجتماعية.
2-
من القواعد الشرعية المتفق عليها أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وعليه فإن الهجرة إلى بلاد الكفر إن كانت تفضي إلى تأثر أولاد المهاجر بالكفار في عقائدهم أو عاداتهم أو أخلاقهم أو نحو ذلك تعد محجورة شرعًا ولو كانت وراءها مصالح وكذا إن كانت وفاة الوالد الذي يمنحهم الرعاية الدينية تؤدي بهم عادة إلى الذوبان في ذلك المجتمع الغريب.
3-
زواج المسلمة بغير المسلم حرام بالنص والإجماع قال تعالى {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} وقال {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} وهذا مما لم يخالف فيه أحد من الأمة، وادعاء أن هذا الزواج قد يكون وسيلة لإقناع الزوج بالإسلام ليست مبررة له، بل لا بد أن يكون إسلامه قبل عقد الزواج وبدون ذلك يعد سفاحًا ليس له شيء من أحكام النكاح الشرعي.
4-
إذا أسلمت لامرأة وبقي الزوج على كفره انحلت عقدة الزواج بينهما إلا إن أسلم قبل انقضاء العدة فإن انقضت عدتها لم تحل إلا بعد إسلامه وعقد جديد.
5-
إذا تعذر دفن المسلم في مقابر المسلمين في أي مكان وتعذر دفنه في غير مقابر الكفار فذلك من الضرورات إذ مواراة جثته واجب، وإنما ينبغي مراعاة درجات الكفر فمقابر النصارى –عند الضرورة- أولى من مقابر اليهود ومقابر اليهود أولى من مقابر الوثنيين والملاحدة.
6-
المسجد بيت الله {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} فلا يجوز لأحد التصرف فيه بما لم يأذن به الله، وقد جعل الله للمساجد حرمات ليست لغيرها من المباني فلا يدخلها الجنب ولا الحائض حتى يطهرا ولا يحدث فيها ولا ينشد فيها ولا يجوز فيها البيع والشراء وإذا بيع المسجد تعذرت المحافظة على هذه المحرمات وهي ثابتة بيقين، واليقين لا يرفع إلا بيقين مثله، لذلك نرى عدم جواز بيع المسجد المؤسس على التقوى أول يوم ولو انتقل من حوله المسلمون فالله أولى بحفظ بيوته إن شاء، ولعل الله يهيئ له من عبادها الركع السجود من يعمره بالعبادة والقيام، أما ما كان من المباني التي اشتراها المسلمون لإقامة صلواتهم فيها ففي بيعها متسع إذا نأى عنها المصلون وخيف عليها عبث المفسدين ويشترى بثمنها ما يعوضها حيث انتقل القائمون فيها.
7-
ثبت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن سفر المرأة إلا مع زوج أو ذي محرم، وكفى به زجرًا عن التعدي والمخالفة، نعم يجوز للمرأة أن تسافر ولو وحدها في حالات الضرورة القصوى كأن تخرج من موضع إقامتها –إن خافت مع البقاء على حياتها أو عرضها- إلى حيث تجد لها مأمنًا وليس من الضرورة سفرها للتعلم أو العلم فإن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.
8-
لا حرج على المسلمات إن أقمن بأنفسهن في بيوت خاصة ولو في غير المجتمعات الإسلامية إن كن مطمئنات إلى سلامة دينهن ودنياهن، وأما اختلاطهن بالأجنبيات فهو مظنة الفساد والشر ومع الضرورة ليس عليهن في ذلك حرج إذا ما أحرزن لدينهن.
9-
لا يجوز للمرأة المسلمة أن تبدي للأجانب شيئًا غير وجهها وكفيها، كان ذلك في مجال الدراسة أو العمل أو في أي مجال آخر، وإن فعلت ذلك باءت بالوزر لمخالفتها قول الله تعالى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} وقوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} .
10-
لا يجوز لمسلم أن يقوم بتقديم الخمور ولحم الخنزير إلى رواد المطاعم وإذا لم يجد عملًا آخر يسد به خلته لزمه أن يضرب في الأرض بحثًا عن العمل الحلال.
11-
لا يجوز احتراف بيع المسكرات أو أي شيء من المحرمات.
13-
العلاج من ضرورات الحياة اللازمة، ولذلك نرى عدم المانع من تناول الأدوية غير الخالية من المواد الكحولية إن لم تتوفر أدوية خالية منها ويدخل لك فيما استثناه الله بقوله {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} .
14-
يجب تنزيه المساجد من حفلات الرقص والغناء فإنها بنيت لما بنيت له من ذكر الله {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} وقد نهى عن إنشاد الضالة فيها فكيف بالرقص والغناء.
15-
الاسم سمة على المسمى فإن كان يوحي بأن مسماه غير مسلم وجب على المسلم أن يجنبه أولاده إلا مع الضرورة وهي تقدر بقدرها فإن لم يكن بد فليكن ذلك قاصرًا على الدوائر الرسمية مع وجود بديل له في المحيط الأسري والاجتماعي.
16-
الزواج في الإسلام هو ربط مصير بمصير ونواة لتكوين الأسرة وليس هو مجرد إطفاء لسعار الشهوة لذلك كان حكمه التأييد ما لم يطرأ عليه ما يهدم بنيانه ويقطع حبله من طلاق أو خلع أو نحوهما، غير أن انطواء المتزوج على نية الطلاق من غير أن يفصح عنها في العقد أو الاتفاق لا يؤثر على صحة العقد، وإنما نختار له عدم التلبس بهذه النية فإن رأى ما يدعوه إلى الطلاق فهو الذي بيده عقدة النكاح فليس حلها بمشكل عليه وإن كان ذلك أبغض الحلال إلى الله.
17-
أخذ المرأة من شعر حاجبيها نفسه منكر وإن كانت لا تخرج من قعر بيتها لثبوت لعن النامصة والمتنمصة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإذا اضطرت المرأة إلى العمل خارج بيتها فعليها أن تلتزم في خروجها إليه الستر الشرعي مع اجتناب جميع أسباب الإثارة؛ فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنات أن لا يخرجن من المسجد إلا وهن متلفعات وقال ((من أصابت بخورًا فلا تشهد معنا الصلاة)) .
18-
التصافح بين الرجل والمرأة الأجنبيين غير جائز لحديث ((لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد خير له من يمس امرأة ليس له عليها سبيل)) أو كما قال عليه الصلاة والسلام، ولامتناعه صلى الله عليه وسلم عن مصافحة النساء المؤمنات حتى عند مبايعتهن له، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم لم يصافح امرأة أجنبية قط، ولنا فيه صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.
19-
لا مانع من الصلاة في الكنائس إن لم تكن التماثيل في قبلة المصلي لعدم دخولها في الأماكن المنهي عن الصلاة فيها في الحديث.. وقد روى ذلك عمر رضي الله عنه واستدل به بعض العلماء بقوله تعالى {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} .
20-
ذبائح أهل الكتاب داخلة في طعامهم الذي أحله الله بقوله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} ولكن يجب ألا نغفل في عصرنا هذا عن أمرين:
أولهما: التأكد من كتابية الذابح لنشر الإلحاد وانتشار اللادينية في بلاد الغرب.
ثانيها: التأكد من سلامة الطريقة المتبعة في الذبح لما عرف عن العالم الغربي اليوم من قتل البهائم بطرائق ليس لها أصل في الدين كالخنق والوقذ وقد حرم الله المنخنقة والموقوذة بالنص القطعي.
21-
الحضور في الحفلات الراقصة الماجنة التي تقدم فيها الخمور وتنتشر فيها الرذائل وتتقلص فيها الفضائل غير جائز لمسلم ولا مسلمة لما في ذلك من الاشتراك في المنكر، وكفى بنفس حضورها اشتراك في منكرات ولما في ذلك من التشجيع الضمني عليها.
22-
الأصل في الصيام أن يكون جميع نهار رمضان لقول الله تعالى {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} وإنما يستثنى ذلك ما إذا بلغ قِصَر الليل وطول النهار إلى قدر ما لا يحتمل معه صوم جميع النهار عادة فيرجع في هذه الحالة إلى تقدير وقت الصوم بالساعات، والأولى اتباع أقرب بلد يتيسر فيه صوم النهار كله.
23-
الأصل في الصوم والإفطار رؤية الهلال أو إتمام العدة ثلاثين يومًا، وقد استفاضت بذلك الروايات واعتمده السلف وعندما تكون الرؤية بالعين المجردة متعسرة حيث يندر الصحو لكثرة الضباب والغيوم ولا تمنع الاستعانة بالآلات والمراصد الموثوق بها شريطة أن تكون بأيدي المسلمين أمناء تقوم بهم الحجة في الصوم والفطر.
24-
لا يمنع المسلم من العمل بدوائر حكومة غير مسلمة ومؤسساتها سواء أكان ذلك في الصناعات الذرية والدراسات الاستراتيجية أو غيرها على أن يكون ذلك العمل مفضيًا إلى الإضرار بالمسلمين كالتجسس على دولة مسلمة أو جماعة المسلمين.
25-
من المعلوم أن الكنيسة لم تعد محلًا للعبادة فحسب بل أصبحت معلمًا للتفضيل ووكرًا للتآمر على المسلمين بل على الإنسانية كلها فضلًا عما في الطقوس الدينية التي تمارس فيها من البعد عن الهدى والرشاد لذلك نرى على المهندس المسلم أن يتجنب التخطيط للكنائس لئلا يكون عونًا على الإثم وقد نهى الله عنه {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} .
26-
الاتجار في الخمر والخنزير وغيرهما من المحرمات حرام على المسلم حرمة تناول هذه المحرمات فكل ما حرم تناوله حرم بيعه كما يدل عليه "لعن بائع الخمر" في الحديث الصحيح، وإن كانت الأسرة ليس لها عائل إلا من يتجر في المحرمات لم يكن عليهم في ذلك حرج لأن عولهم واجب عليه وهو الذي يبوء، ويتأكد انتفاء الحرج عنهم إن كان له مصدر آخر للرزق لاحتمال أن يكون الإنفاق من ذلك المصدر.
27-
لا يجوز التبرع للكنائس أو المؤسسات غير الإسلامية لما في ذلك من التقوية للكفر والنقض لعرى الإسلام وهذا لا يعني عدم جواز عون المنكوبين وإغاثة الملهوفين من غير المسلمين، فقد أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا إلى الجياع في مكة في عام المجاعة وهم لا يزالون على الكفر وإنما يحرم أن يكون هذا التبرع بواسطة هذه المؤسسات التي لا تفتأ تحارب الله ورسوله ودنيه ولو من خلال ما ظاهره أنه خدمة إنسانية.
28-
الربا حرام أخذه وإعطاؤه لحديث ((لعن الله الربا وآكله ومؤكله وكاتبه وشاهده)) فلا يجوز الاقتراض بالربا من فرد ولا من مؤسسة لأجل شراء سيارة ولا غيرها وبذل ما هو أكثر من ثمن الشراء فالاستئجار أولى من الاقتراض الربوي لأجل الابتياع لما في ذلك من سلامة الدين.
أجوبة
فضيلة القاضي محمد تقي الدين العثماني
بسم الله الرحمن الرحيم
التجنس بالجنسيات الأجنبية:
1-
إن التجنس بجنسيات البلاد غير المسلمة يختلف حكمه حسب الظروف، والأحوال، وأغراض هذا التجنس، على الشكل التالي:
إن اضطر إليه مسلم بسبب أنه أوذي في وطنه، أو اضطهد بالسجن، أو مصادرة أمواله لغير ما ذنب أو جريمة، ولم يجد لنفسه مأمنًا إلا في مثل هذه البلاد، فإنه يجوز له التجنس بهذه الجنسيات دون أي كراهة، بشرط أن يعزم على نفسه المحافظة على دينه في حياته العملية، والابتعاد عن المنكرات الشائعة هناك.
والدليل على ذلك: أن الصحابة رضي الله عنهم هاجروا إلى الحبشة بعد ما اضطهدوا من قبل أهل مكة، والحبشة يومئذ يسودها الكفار، وأقاموا بها حتى إن بعض الصحابة لم يزالوا مقيمين بها بعد ما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فإنما رجع أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عند غزوة خيبر، يعني في السنة السابعة من الهجرة.
ثم من حقوق النفس أن يصونها المرء من كل نوع من أنواع الظلم، فإذا لم يجد الإنسان مأمنًا لنفسه إلا في بلاد الكفار، فلا مانع من هجرته إليها، ما دام يحتفظ بفرائضه الدينية، والابتعاد عن المنكرات المحرمة.
وكذلك إن اضطر إليه مسلم بسب أنه لم تتيسر له في بلده وسائل المعاش الضرورية التي لا بد له منها، ولم يجدها إلا في مثل هذه البلاد، فإنه يجوز له ذلك أيضًا بالشرط المذكور، وذلك أن كسب المعاش فريضة بعد الفريضة، ولم يقيده الشرع بمكان دون مكان، فقال الله تعالى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} .
ولو تجنس مسلم بهذه الجنسية لدعوة أهلها إلى الإسلام، أو لتبليغ الأحكام الشرعية إلى المسلمين المقيمين بها، فإنه يثاب على ذلك، فضلًا عن كونه جائزًا، فكم من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم توطنوا بلاد الكفار لهذا الغرض المحمود وعد ذلك من مناقبهم وفضائلهم.
أما إذا كان الرجل تتيسر له وسائل المعاش في بلده المسلم على مستوى أهل بلده، ولكنه هاجر إلى بلاد الكفار للاستزادة منها، والحصول على محض الترفه والتنعم، فإن ذلك لا يخلو من كراهة، لما فيه من عرض النفس على المنكرات الشائعة هناك، وتحمل خطر الانهيار الخلقي والديني من غير ضرورة داعية لذلك، والتجربة شاهدة على أن الذين يتجنسون بهذه الجنسيات الأجنبية لمجرد الترفه، ينتقص فيه من الوازع الديني، فيذوبون أمام الإغراءات الكافرة ذوبانًا ذريعًا، ومن هنا ورد في الحديث النهي عن مساكنة المشركين بدون حاجة ملحة.
أخرج أبو داود عن سمرة بن جندب، قال: أما بعد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من جامع المشرك، وسكن معه فإنه مثله)) أخرجه أبو داود قبيل كتاب الضحايا، وعلقه الترمذي في السير.
أخرج أبو داود، والترمذي عن جرير بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قالوا: يا رسول الله، لِمَ؟ قال: لا تراءى ناراهما)) .
قال الخطابي في شرحه: "فيه وجوه: أحدها معناه، لا يستوي حكماهما، قاله بعض أهل العلم، وقال بعضهم: معناه أن الله قد فرق بين داري الإسلام والكفر، فلا يجوز لمسلم أن يساكن الكفار في بلادهم، حتى إذا أوقدوا نارًا كان منهم بحيث يراها، وفيه دلالة على كراهة دخول المسلم دار الحرب للتجارة والمقام فيها أكثر من مدة أربعة أيام"(معالم السنن للخطابي، كتاب الجهاد، باب على ما يقاتل المشركون، 3/ 437) .
وأخرج أبو داود في المراسيل عن مكحول، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لا تتركوا الذرية إزاء العدو)) ذكره ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن 3: 437، في سياق كراهة مساكنة المشركين.
ومن هنا ذكر بعض الفقهاء أن سكنى دار الحرب وتكثير سوادهم لأجل المال مما يسقط العدالة (راجع تكملة رد المحتار: 1/ 101) .
أما إذا كان التجنس بالجنسيات الأجنبية اعتزازًا بها، وافتخارًا، أو لتفضيلها على الجنسيات المسلمة، أو للتشبه بأهلها في الحياة العملية، فإن ذلك حرام مطلقًا، ولا حاجة إلى التدليل على ذلك.
2-
أما خطورة تنشئة الأبناء المسلمين في البلاد الأجنبية:
فخطورة واقعة فيجتنب عنها في الظروف التي يكره أو يحرم فيها التجنس حسب ما ذكرنا في الجواب عن السؤال الأول.
وأما في الظروف التي يجوز فيها التجنس بدون كراهة، فإنها مواضع ضرورة، أو حاجة، فيجب على المبتلي به في مثل هذه المواضع، أن يعنى بتربية أولاده عناية خاصة، ويجب على المسلمين المقيمين في تلك البلاد أن يحدثوا من أجل ذلك جوًا تربويًا فيه الناشئة المسلمة محافظة على عقائدها، وأعمالها، وأخلاقها الدينية.
3 و 4 – زواج المسلمة بغير المسلم:
لا يجوز لمسلمة أن تنكح غير مسلم في حال من الأحوال، قال الله تعالى {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} وقال تعالى {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} .
وإن الطمع في الإسلام أحد لا يبرر لمسلمة أن تعقد معه الزواج، فإن مثل هذا الطمع الموهوم لا يحل حرامًا.
وكذلك لو أسلمت المرأة وزوجها كافر، فإن النكاح ينقطع بينها وبينه بمجرد إسلامها عند الجمهور، وبإنكار الزوج عن الإسلام بعد العرض عليه عند الحنفية، فلو أسلم الزوج وهي في عدته، رجع النكاح الأول، ولو لم يسلم إلا بعد العدة، لا ترجع إليه الزوجة المسلمة إلا بنكاح جديد بينهما، وهذا أمر فقد اتفق عليه الفقهاء قديمًا وحديثًا، وإن الطمع الموهوم في إسلام الزوج لا يغير حكم الشرع.
5-
الدفن في مقابر غير المسلمين:
لا يجوز دفن موتى المسلمين في مقابر غير المسلمين إلا إذا لم يكن من ذلك بد، وذلك بأن لا يكون للمسلمين مقبرة، ولا يسمح لهم بالدفن خارج مقبرة الكفار، كما هو مذكور في السؤال، فحينئذ يجوز ذلك للضرورة.
6-
حكم بيع المساجد:
إن المواضع التي يصلي فيها المسلمون في البلاد الغربية على قسمين:
الأول: ما يتخذونه موضع صلاة للمسلمين، ومحل اجتماعاتهم الدينية، دون أن يجعلوه مسجدًا فقهيًا، بأن يقفوا ذلك المحل والبناء كمسجد، ولذلك ربما يسمونها "المركز الإسلامي" أو "دار صلاة" أو "دار جماعة" ولا يسمونه مسجدًا.
وأن الأمر في مثل هذه المواضع سهل ميسور، لأنها وإن كانت تستعمل للصلاة فيها، ليست مساجد شرعية، لأن أهلها لم يجعلوها مسجدًا، فكلما أراد أهلها أن يبيعوا هذه المواضع لصالح المسلمين جاز لهم ذلك بالإجماع.
والثاني: ما اتخذوه مسجدًا شرعيًا، وجعلوا أرضه وقفًا كمسجد، فالحكم في مثل ذلك عند جمهور الفقهاء أن هذا المكان يبقى مسجدًا إلى قيام الساعة، ولا يجوز بيعه في حال من الأحوال، ولا يرجع إلى ملك واقفه أبدًا، وهذا مذهب مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأبي يوسف رحمهم الله تعالى.
يقول الخطيب الشربيني الشافعي رحمه الله: "ولو انهدم مسجد، وتعذرت إعادته أو تعطل بخراب البلد مثلًا، لم يعد ملكًا، ولم يبع بحال، كالعبد إذا عتق، ثم زمن، ولم ينقض إن لم يخف عليه لإمكان الصلاة فيه، ولإمكان عوده كما كان.. فإن خيف عليه نقض، وبنى الحاكم بنقضه مسجدًا آخر إن رأى ذلك وإلا حفظه، وبناؤه بقربه أولى، ولا يبنى به بئرًا".
ويقول المواق من فقهاء المالكية: "ابن عرفة من المدونة وغيرها: يمنع ما خرب من ربع الحبس مطلقًا،.. وعبارة الرسالة: ولا يباع الحبس وإن خرب.. وفي الطرر عن ابن عبد الغفور: لا يجوز بيع مواضع المسجد الخربة، لأنها وقف، ولا بأس ببيع نقضها".
وجاء في الهداية من كتب الفقه الحنفي: "ومن اتخذ أرضه مسجدًا لم يكن له أني رجع فيه، ولا يبيعه ولا يورث عنه، لأنه تجرد عن حق العباد، وصار خالصًا لله، وهذا لأن الأشياء كلها لله تعالى، وإذا أسقط العقد ما ثبت له من الحق رجع إلى أصله، فانقطع تصرفه عنه، كما في الإعتاق، ولو خرب ما حول المسجد واستغنى عنه يبقى مسجدًا عند أبي يوسف لأنه إسقاط منه، فلا يعود إلى ملكه"(المداية مع فتح القدير: 5/ 446) .
إلا أن مذهب الإمام أحمد رحمه الله في مثل هذا أن المسجد يجوز بيعه عندما وقع الاستغناء عنه بالكلية فقد جاء في المغني لابن قدامة: "أن الوقف إذا خرب، وتعطلت منافعه، كدار انهدمت أو أرض خربت، وعادت مواتًا، ولم تمكن عمارتها، أو مسجد انتقل أهل القرية عنه، وصار في موضع لا يصلى فيه، أو ضاق بأهله، ولم يمكن توسيعه في وضعه، أو تشعب جميعه، فلم تمكن عمارته ولا عمارة بعضه إلا ببيع بعضه، جاز بيع بعضه لتعمر به بقيته، وإن لم يمكن الانتفاع بشيء منه بيع جميعه، (المغني لابن قدامة مع الشرح الكبير: 6/ 225) .
وهناك قول آخر: وهو قول الإمام محمد بن الحسن الشيباني، أن الوقت إذا استغني عنه تمامًا، فإنه يعود إلى ملك الواقف، أو إلى وراثه بعد موته، يقول صاحب الهداية:"وعند محمد يعود إلى ملك الباني، أو إلى وراثه بعد موته، لأنه عينه لنوع قربة، وقد انقطعت، فصار كحصير المسجد وحشيشه إذا استغني عنه"(5/ 446) .
فإذا عاد إلى ملك الواقف جاز له بيعه بعد ذلك.
وأن الجمهور استدلوا على قولهم بعدم جواز البيع، وعدم انتقاله إلى ملك الواقف، بقصة عمر رضي الله عنه بخيبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من شرائط الوقف:((أنه لا يباع أصلها، ولا تابع، ولا تورث ولا توهب)) أخرجه الشيخان وهذا لفظ مسلم في باب الوقف.
واستدل الإمام أبو يوسف للجمهور بالكعبة أيضًا، فإن في زمن الفَتْرَة قد كان حول الكعبة عبدة أصنام، وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية، ثم لم يخرج موضع الكعبة به من أن يكون موضع طاعة وقربة خالصة لله تعالى فكذلك سائر المساجد، واعترض عليه ابن الهمام في فتح القدير: 5/ 446، بأن الطواف لم يزل باقيًا على عهد الفترة أيضًا، فلم تترك العبادة المقصودة بالكعبة رأسًا، وأجاب عنه الشيخ العثماني التهانوي رحمه الله بأن القربة التي عينت لها لكعبة هي الصلاة إليها، دون الطواف وحده، لقوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام بعد ذكر إسكانه ذريته عند البيت الحرام {رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} ولم يذكر الطواف، وقوله {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ} مفسر بالمسافرين والمقيمين كقوله {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} (راجع إعلاء السنن: 13/ 212) ، وإن من أقوى أدلة الجمهور في هذا الباب قوله الله تعالى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} .
قال ابن العربي: إذا تعينت لله أصلًا، وعينت له عقدًا، صارت عتيقة عن التملك، مشتركة بين الخليفة في العبادة " أ" (أحكام القرآن لابن العربي: 4/ 1869) وأخرج ابن جرير في تفسيره 29/ 73 عن عكرمة {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} قال: المساجد كلها.
وأما الإمام أحمد فاستدل له ابن قدامة في المغني: 6/ 226، بما روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى سعد لما بلغ أنه قد نقب بيت المال الذي بالكوفة: انقل المسجد الذي بالتمارين، واجعل بيت المال قبلة المسجد، فإنه لن يزال في المسجد مصل.
وأجاب عنه ابن الهمام (في فتح القدير: 5/ 446) بأن يمكن أنه أمره باتخاذ بيت المال في المسجد.
ويبدو أن المذهب الراجح في هذا مذهب الجمهور، فلا ينبغي أن يباع مسجد بعد ما تقرر كونه مسجدًا، وإلا لصارت المساجد مثل كنائس النصارى، يبيعونها كلما شاءوا، ولكن المسألة لما كانت مجتهدًا فيها، وفي كلا الجانبين دلائل من الكتاب والسنة، فلو خيف الاستيلاء من قبل الكفار على مسجد ارتحل عن جواره أهله، ولم يرج عود المسلمين إلى ذلك المكان، ففي مثل هذه الضرورة الشديدة، يبدو أنه لا بأس بالأخذ بقول الإمام أحمد أو محمد بن الحسن رحمهما الله تعالى، ويباع بناء المسجد ويصرف ثمنه إلى بناء مسجد آخر، لا إلى مصرف سوى المسجد، قد نص عليه فقهاء الحنابلة حيث قالوا:"ولو جاز جعل أسفل المسجد سقاية وحوانيت لهذه الحاجة، لجاز تخريب المسجد، جعله سقاية وحوانيت، ويجعل بدله مسجدًا في موضع آخر"(راجع المغني لابن قدامة: 6/ 228) .
ثم إن جواز هذا البيع إنما يصار إليه أن تحقق انتقال جميع السكان هما حول المسجد، ولم يرجع عودهم إليه، فإن انتقل أكثر السكان، وبقي منهم بعض، فلا سبيل إليه، قد نص عليه الفقهاء الحنابلة أيضًا حيث قالوا: "وإن لم تتعطل مصلحة الوقف بالكلية لكن قلت: وكان غيره أنفع منه، وأكثر ردًا على أهل الوقف لم يجز بيعه، لأن الأصل تحريم البيع، وإنما أبيح للضرورة صيانة لمقصود الوقف عن الضياع مع إمكان تحصيله، ومع الانتفاع وإن قل ما يضيع المقصود (المغني لابن قدامة: 6/ 227) .
7-
سفر المرأة بغير محرم:
أخرج مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسافر المرأة فوق ثلاث إلا ومعها زوج أو ذو رحم محرم منها)) هذا الحكم الصريح قد أخذ به جمهور الفقهاء، حتى إنهم لم يجوزوا لها أن تسافر بدون محرم لضرورة الحج، وأن الدراسة والعمل في البلاد الأجنبية ليس من ضرورة النساء المسلمات في شيء، إن الشريعة لم تأذن للمرأة بالخروج من دارها إلا لحاجة ملحة، وقد ألزم أباها وزوجها بأن يكفل لها بجميع حاجاتها المالية، فليس لها أن تسافر بغير محرم لمثل هذه الحوائج.
أما إذا كانت المرأة ليس لها زوج أو أب، أو غيرهما من أقاربها الذين يتكفلون لها بالمعيشة، وليس عندها من المال ما يسد حاجتها، فحينئذ يجوز لها أن تخرج للاكتساب بقدر الضرورة، ملتزمة بأحكام الحجاب، فيكفي لها في مثل هذه الحال أن تكتسب في وطنها، ولا حاجة لها إلى السفر إلى البلاد الأجنبية، ولو لم تجد بدًا من السفر في وطنها من بلد إلى آخر، ولم تجد أحدًا من محارمها، ففي مثل هذه الحالة فقط يسع لها أن تأخذ بمذهب مالك، والشافعي، حيث جوزوا لها السفر مع النساء المسلمات الثقات، (راجع له المغني لابن قدامة: 3/ 170) .
8 -
إقامة النساء بمفردهن:
قد ذكرنا في الجواب عن السؤال السابع أن النسوة المسلمات لا ينبغي لهن السفر إلى بلاد غير المسلمين للدراسة أو الاكتساب، وأما إذا كانت المرأة قد توطنت إحدى هذه البلاد مع محارمها، ثم بقيت مفردة لموت محارمها، أو انتقالهم من ذلك المكان لسبب ما، فإنه لا مانع لها من الإقامة بمفردها، ما دامت ملتزمة بأحكام الشرع في الحجاب.
9-
حجاب الوجه والكفين:
إن جواب هذا السؤال موقوف على مسألة مستقلة وهي: هل الوجه داخل في أحكام الحجاب أو لا؟ وإن هذه المسألة تحتاج أن تكون موضوعًا مستقلًا من موضوعات الدراسة التي في المجمع، فإن البحث فيه يطول، فالمناسب أن تجعل هذه المسألة في جدول أعمال المجمع لدورة من الدورات القادمة.
10 و 11 – العمل في المطاعم التي تبيع الخمور والخنازير:
العمل في مطاعم الكفار إنما يجوز بشرط أن لا يباشر المسلم سقي الخمر أو تقديم الخنزير، أو المحرمات الأخرى، فإن سقي الخمر أو تقديمها إلى من يشربها حرام بنص صريح، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه)) .
(أخرجه أبو داود في الأشربة، باب العنب يعصر للخمر: 3/ 326 رقم الحديث: 3674) .
وأخرج الترمذي عن أنس بن مالك، قال:((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له)) ، قال الترمذي: هذا حديث غريب من حديث أنس، وقد روى نحو هذا عن ابن عباس، وابن مسعود، وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(جامع الترمذي: 2/ 280 كتاب البيوع باب ما جاء في بيع الخمر: رقم: 1313) .
وأخرج ابن ماجه حديث أنس بلفظ: ((عاصرها، ومعتصرها، والمعصورة له، وحاملها، والمحمولة له، وبائعها، والمبيوعة له، وساقيها، والمستقاة له))
(سنن ابن ماجه: 6/ 1122، كتاب الأشربة، رقم: 3381) .
وقد أخرج الشيخان عن عائشة قالت: ((لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقترأهن على الناس، ثم نهى عن التجارة في الخمر)) (أخرجه البخاري في المساجد، وفي البيوع، وفي تفسير سورة البقرة، ومسلم في البيوع، باب تحريم بيع الخمر) .
وأخرج مسلم عن ابن عباس مرفوعًا ((أن الذي حرم شربها حرم بيعها)) وأخرجه أحمد في مسنده: 1/ 244) عن عبد الرحمن بن وعلة أنه سأل ابن عباس، قال: إنا بأرض لنا بها الكروم، وإن أكثر غلاتها الخمر فذكر ابن عباس أن رجلًا أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم رواية خمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن الذي حرَّم شربها حرَّم بيعها)) .
فتبين من هذه الأحاديث أن التجارة في الخمر أو حملها، أو سقيها بالأجرة حرام، وظهر من فتوى ابن عباس رضي الله عنه أن ذلك لا يحل لمسلم، ولو للاكتساب في أرض شاع فيها عصر الخمر من الكروم.
ولا أعلم أحدًا من الفقهاء أباح مثل هذا العمل.
12-
حكم الأدوية المركبة من الكحول:
هذه المسألة لا تختص بالبلاد الأجنبية، وإنما عمت بها البلوى في سائر البلدان، بما فيه البلاد الإسلامية، والحكم فيها على طريق الحنفية سهل، لأن الأشربة المتخذة من غير العنب والتمر تحل عند أبي حنيفة وأبي يوسف بقصد التقوي أو التداوي، ما لم تبلغ حد الإسكار (كما في فتح القدير: 8/ 160) ، وإن معظم الكحول المستعملة في الأدوية اليوم لا تصنع من عنب ولا تمر، وإنما تصنع من السلفات والكبريتات، والعسل، والدبس، والحب، والشعير، والجودار، وغيرها.
(راجع دائرة المعارف البريطانية: 6/ 544، المطبوعة 1950 م) .
فإن كانت الكحول المستعملة في الأدوية متخذة من غير العنب والتمر فإن تناولها جائز في مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، ما لم تبلغ حد الإسكار، ويمكن أن يؤخذ بقولهما لحاجة التداوي، وأما إذا كانت الكحول متخذة من العنب أو التمر، فلا يجوز استعمالها إلا إذا أخبر طبيب عدل أنه ليس له دواء آخر، لأن التداوي بالمحرم يجوز عند الحنفية في هذه الحالة (كما في البحر الرائق 1/ 116) .
وأما الشافعية فلا يجوز عندهم استعمال الأشربة المحرمة للدواء صرفًا، ولكن إذا كانت مستهلكة مع دواء آخر، فيجوز التداوي بها عندهم إن عرف بنفعها وتعيينها، بأن لا يغني عنها طاهر، كما صرح به الرملي في نهاية المحتاج حيث قال:"أما مستهلكة مع دواء آخر، فيجوز التداوي بها، كصرف بقية النجاسات إن عرف، أو أخبره طبيب عدل بنفعها بأن لا يغني عنها طاهر".
(نهاية المحتاج للرملي: 8/ 12) .
والكحول لا تستعمل للدواء صرفًا، وإنما تكون مستهلكة في دواء آخر، فتناولها لحاجة الدواء جائز عند الشافعية أيضًا.
وأما المالكية والحنابلة فلا يجوز عندهم فيما أعلم التداوي بالمحرم في حال من الأحوال إلا عند الاضطرار.
وحيث عمت البلوى في هذه الأدوية، فينبغي أن يؤخذ في هذا الباب بمذهب الحنفية، أو الشافعية، والله أعلم.
ثم هناك جهة أخرى، ينبغي أن يسأل عنها خبراء الكيمياء وهو: أن هذه الكحول بعد تركيبها بأدوية أخرى، هل تبقى على حقيقتها أو تستحيل حقيقتها وماهيتها بعمليات كيمياوية؟ فإن كانت ماهيتها تستحيل بهذه العمليات بحيث لا تبقى "كحول" وإنما تصير شيئًا آخر، فيظهر أن عند ذلك يجوز تناولها باتفاق الأئمة، لأن الخمر إذا صارت خلًّا جاز تناولها في قولهم جميعًا لاستحالة الحقيقة.
13-
الخمائر والجلاتين المتخذة عن الخنزير:
إن كان العنصر المستخلص من الخنزير تستحيل ماهيته بعملية كيمياوية، بحيث تنقلب حقيقته تمامًا، زالت حرمته ونجاسته، وإن لم تنقلب حقيقته بقي على حرمته ونجاسته، لأن انقلاب الحقيقة مؤثر في زوال الطهارة والحرمة عند الحنفية.
14-
حفلات الزواج في المساجد:
أما عقد النكاح في المسجد فشيء مندوب، نطقت باستحبابه الأحاديث ولكن ما يصحبه من الرقص، والغناء فلا يجوز أصلًا، فإن كانت حفلات الزواج لا تخلو من هذه المنكرات، فلتجنب المساجد منها.
15-
التسمي بالأسماء النصرانية:
إذ كان التسمي بالأسماء النصرانية لازمًا من قبل الحكومة، فيجوز أن يختار من الأسماء ما هو مشترك بين المسلمين، والنصارى، كإسحاق، وداود، وسليمان، ومريم، ولبنى، وراحيل، وصفوراء، وما إلى ذلك، ويمكن أيضًا أن يسجل المولود باسم من أسماء القائمة اللازمة في دوائر الحكومة، ويدعى في البيت باسم آخر إسلامي.
16-
النكاح بإضمار نية الفرقة:
ما دامت صيغة النكاح لا تتقيد بوقت ولا زمان، وتستوفي الشروط انعقاد النكاح، فإن النكاح منعقد، والتمتع به جائز، وأما ما يضمره المتعاقدان أو أحدهما من نية الفرقة بعد اكتمال مدة ما، فلا أثر له في صحة النكاح غير أنه لما كان النكاح في الشريعة عقدًا مؤبدًا، فالمطلوب فيه أن يستدام من قبل الزوجين، ولا ينقص إلا عند حاجة شديدة تقتضي ذلك، وإن إضمار نية الفرقة منذ أول الأمر ينافي هذا المقصود، فلا يخلو من كراهية ديانة، فلا يصار إليه لا عند الضرورة من شدة الشبق فرارًا من الزنا الحرام.
17-
التزين في محلات العمل:
قد أسلفنا في الجواب عن السؤال السابع حكم خروج المرأة للاكتساب، وبناء على ذلك، لو كان هنالك ما يبرر خروجها شرعًا، فمن اللازم عليها ألا تخرج متبرجة بزينة.
18-
مصافحة المرأة للأجانب:
إن مصافحة المرأة للأجانب لا تجوز بحال، قد نطقت بذلك الأحاديث، واتفق عليها الفقهاء.
19-
استئجار الكنائس لإقامة الصلاة:
لا بأس باستئجار الكنائس لتتخذ أماكن لإقامة الصلاة، لقوله عليه الصلاة والسلام:((جعلت لي الأرض كلها مسجدًا)) ولكن ينبغي أن تزاح منها التماثيل والأصنام، فإن الصلاة في بيت فيه تماثيل مكروهة، وقد امتنع عمر بن الخطاب رضي الله عنه من دخول الكنائس من أجل التماثيل، فيما علقه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، وأسنده عبد الرزاق، وذكر البخاري أيضًا أن ابن عباس كان يصلي في البيعة إلا بيعة فيها تماثيل وأسنده البغوي في الجعديات، وزاد فيه:"فإن كان فيها تماثيل خرج، فصلى في المطر"(راجع فتح الباري: 1/ 532 رقم 435) .
20-
حكم ذبائح أهل الكتاب:
الذي أعتقده وأدين الله تعالى عليه أن مجرد كون الذابح من أهل الكتاب لا يجعل الذبيحة حلالًا، حتى يسمى الله تعالى عليه، ويفري الأوداج بطريق شرعي، كما أن مجرد كون الذابح مسلمًا، لا يذكي الذبيحة، حتى يستوفي جميع شرائط الزكاة الشرعية، وإنما أحل الإسلام ذبائح أهل الكتاب دون من سواهم من المشركين؛ لأن أهل الكتاب كانوا ملتزمين بشروط الزكاة الإسلامية.
وعلى هذا الأساس، لا تحل ذبائح أهل الكتاب إلا بهذه الشروط، وبما أن معظم النصارى قد تركوا اليوم الالتزام بشروط الزكاة التي هي واجبة في أصل دينهم فإن ذبائحهم لا تحل للمسلمين إلا إذا تحقق أنهم قد استوفوا هذه الشروط.
وهذا بخلاف ما يزعمه كثير من الناس اليوم أن ذبائحهم حلال، وإن لم يذكروا اسم الله عليها، وعندي في ذلك دلائل قوية من الكتاب والسنة، وأقوال الفقهاء، وعبارات كتب أهل الكتاب، ولكن هذا الموضوع يحتاج إلى تفصيل لا يسعه هذه الفتوى فالأحسن أن يدرج هذا الموضوع في قائمة أعمال المجمع، ويطلب من الأعضاء الكتابة عليه كموضوع مستقل، وحينئذ تعرض الدلائل ببسط وتفصيل إن شاء الله تعالى.
21-
حضور المناسبات التي فيها منكرات شرعية:
لا يجوز للمسلمين أن يحضروا مثل هذه المناسبات التي تتعاطى فيها الخمور والخنازير، وتراقص فيها النساء الرجال، ولا ضرورة داعية لذلك، إلا الحصول على الجاه والسمعة، ولا ينبغي لمسلم أن يخضع لكل ما يعتريه من أسباب الفسق، وخوارم الديانة، وإنما ييجب عليه في مثل هذه المواضع أن يصمد على دينه ولو أجمع المسلمون- وعددهم في البلاد الأجنبية غير قليل- على تجنب مثل هذه المناسبات، للجأ الأجانب عند دعوتهم إلى إخلائها من هذه المنكرات.
22 و 23 –
إن هذين السؤالين يجب أن يكونا موضوعين مستقلين في قائمة أعمال الدراسات في المجمع، لأن الجواب عنهما يحتاج إلى دراسة أوسع وأعمق.
24-
عمل المسلم في دوائر الحكومة:
لا باس بأن يتوظف الرجل عملًا في دوائر وزارات الحكومة الأمريكية، أو غيرها من حكومات البلاد الكافرة، وكذلك لا بأس بقبول مثل هذه الأعمال في مجالات الصناعة الذرية، أو الدراسات الاستراتيجية، ولكن إن فرض إليه عمل يضر بعامة المسلمين في بلد من البلاد، فمن الواجب عليه أن يتجنبه، ولا يعنيهم لفي ذلك ولو على قيمة استقالته من ذلك العمل.
25-
تصميم المهندس كنائس النصارى:
لا يجوز لمهندس مسلم أن يصمم معابد الكفار لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} .
26-
عمل الأزواج والآباء في بيع الخمور:
يجب على الزوجات في مثل هذه الحال أن يبذلوا أقصى ما في وسعهم في تحذير أزواجهن عن العمل في بيع الخمور والخنازير ولكنهم إن أبوا إلا العمل فيه، فإن تيسر لهن تحمل نفقات أنفسهن بطرق مباحة، فلا يجوز لهن الأكل من أموال أزواجهن، وإن لم يتيسر لهن ذلك، فيسع لهم الأكل، والإثم على الأزواج والآباء، للأطفال الصغار حكم الزوجات، أما الأولاد الكبار فعليهم أن يكتسبوا لأنفسهم، ولا يأكلوا من هذا المال.
وجواز الأكل للزوجة في مثل هذه الحالة قد صرح به بعض الفقهاء، قال ابن عابدين رحمه الله:"امرأة زوجها في أرض الجور، إذا أكلت من طعامه ولم يكن عينه غصبًا أو اشترى طعامًا أو كسوة مال أصله ليس بطيب فهي في سعة من ذلك، والإثم على الزوج"(رد المحتار، كتاب الحظر والإباحة، فصل في البيع: 5/ 247 وكتاب البيوع، باب البيع الفاسد) .
27-
التبرع للكنيسة:
لا يجوز لمسلم سواء كان فردًا أو هيئة، أن يتبرع لمؤسسات تنصيرية، أو كنيسة أما المؤسسات التعليمية الخالصة، فلا بأس بالتبرع لها.
28 -
شراء المنزل بواسطة البنوك:
إن المعاملة المذكورة غير جائزة لاشتمالها على الربا الحرام شرعًا، وينبغي للمسلمين وعددهم غير قليل أن يجتهدوا لإيجاد بدائل هذه المعاملة الموافقة للشرعية الإسلامية، بأن يكون البنك نفسه هوا لبائع بتقسيط، ويزيد في ثمن البيوت وغيرها من الثمن المعروف، فيشتريها من الباعة، ويبيعها إلى زبائنها بربح مناسب، وينبغي أن تطرح هذه المسألة على لجنة مستقلة تكون لتخطيط نظام البنوك اللاربوي، لتنظر في تفاصيلها.
هذا ما تبين لي، الله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
أجوبة
فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.
السؤال الأول: حكم التجنس بجنسية بلد غير إسلامي:
الجنسية أمر حادث نشأ في القرن الثامن عشر تبعًا لتطور المفهوم الوطني وقد قام أولًا على نظريتين متقابلتين:
النظرية الأولى: نظرية جان جاك روسو، العقد الاجتماعي، "كل إنسان هو في ذاته ليس لأي كان مهما كانت الذريعة التي يتذرع بها أن يخضع غيره بدون موافقته، وانفتحت فكرة الإرادة العامة هذا أخيرًا على مبدأ السيادة القومية، فتبع الإعلان عن حقوق الإنسان الإعلان عن حقوق الأمم.
فإذا كانت السيادة تكمن في الشعب وإذا كان القانون من جهة ثانية تعبيرًا عن الإرادة الجماعية فإنه يتبع ذلك أن الإدارة العامة هي وحدها المؤهلة لأن تفرض أو تتنازل أو تحول السيادة فيستطيع المجلس التأسيسي أن يعلن مبكرًا حق الشعوب في قيادة نفسها بنفسها".
أما النظرية الثانية: فهي النظرية الألمانية التي تؤمن بأن الجنسية هي عبارة عن اتخاذ جماعة بشرية في التاريخ واللغة والجنس ويقول فيشت في حواره الخامس: الجنسية الألمانية: إن الذين يتكلمون لغة واحدة هم ينسبون قبل كل شيء إلى جنسية واحدة.
تصارعت النظريتان بين الثوريين الفرنسيين الذين يرون الجنسية عقد يقوم على حرية الإرادة والنظرية الألمانية التي تقوم على أن الجنسية كائن عضوي يقوم على حرية الإرادة والنظرية الألمانية التي تقوم على أن الجنسية كائن عضوي بصفة أصلية في اللغة الأولى للشعب.
وكان ميدان الصراع الذي طبقت فيه النظريتان الألراس واللوران.
وقد انتهى الصراع بفوز النظرية الفرنسية خاصة بعد إعلان ولسون في الحرب العالمية الأولى وإعلان ميثاق الأطلنطي أثناء الحرب العالمية الثانية فكلما تألفت مجموعة بعقد اجتماعي بينها نابع من الإرادة الحرة، تكونت الدولة والجنسية الخاصة، إلا أن هذه الجماعة لتحمي نفسها ووحدتها تعطي شروط الانتساب إليها، فثارت قضية التجنس ويسرت بعض الشعوب قيود الانتساب إليها، وضيقت أمم أخرى حسب المصالح الخاصة لكل دولة، وبما أن الدولة عقد اجتماعي فكل داخل في الجنسية الجديدة هو قطعًا ملزم باحترام الميثاق الاجتماعي في كل بنوده وفصوله، وينفذ عليه، رعاية لما اتفقت عليه كلمة الجماعة.
ولما كان كل إنسان منتسبًا إلى دولة من الدول فإن خروجه عن جنسيته وانتسابه إلى جنسية أخرى يتبعها حتمًا انتهاء سيادة الدولة الأولى عليه وقبوله بسيادة الدولة الجديدة دون تفصيل، فهو يعامل حتى في بلده الأصلي معاملة الأجنبي عنه.
إلا أنه حدث في النصف الثاني من هذا القرن إمكانية جديدة تجعل الفرد قادرًا على الانتساب إلى جنسيته الأصلية، وإلى جنسية البلد الذي يقيم فيه جنسية مزدوجة.
وبهذا أصبح البشر على ثلاثة أنواع:
- محتفظ بجنسيته الأصلية لم يتخل عنها.
- متخل عن جنسيته الأصلية منتسب بعد قبوله إلى الدولة الجديدة.
- جامع لجنسيتين يعتبر في كلا البلدين مواطنًا لذلك البلد.
التحصيل على الجنسية:
يتبع المولود جنسية أبويه، وفي بعض الدول يعتبر مواطنًا يحمل جنسية البلد كل من ولد بين حدود ذلك البلد كما نصت التشريعات على الشروط التي يخول بموجبها قبول انتساب أي شخص من جنسية أخرى في جنسية البلد الذي يرغب في الانتقال إليه، فإذا ما قبل طبقت عليه أحكام ذلك البلد في الحقوق والواجبات.
التجنيس في العهد الاستعماري:
عملت بعض الدول الاستعمارية على تيسير دخول المستعمرين في جنسيتها بل أغرتهم على ذلك بفوائد مادية، وهي تهدف من ذلك إلى كثير أفراد شعبنا من ناحية وإلى سلخ القوة العديدة للشعب المستعمرة وقام العلماء في أقطار العالم الإسلامي بفضح الكيد الاستعماري وتحذير المسلمين من ذلك اعتبروا ذلك خروجًا عن الملة.
فبينوا أولًا: أن المتجنس هو شخص قد اختار عن طواعية رفض أحكام الشريعة مفضلًا عليها أحكام القانون الوضعي، فيصبح ملزمًا في حياته الزوجية بتطبيق الأحكام الوضعية لا ينفذ له طلاق ويجبر على الإقامة معها والإنفاق عليها، وتقسيم تركته حسب القانون الوضعي المتغير، ولا يترافع في قضاياه إلى المحاكم الشرعية بل يرفعها إلى المحاكم القانونية الوضعية ويقبل أحكامها مطبقًا.
وحدوث الفتاوى بكفره اعتمادًا على ما جاء في الفتاوى الخيرية، سئل عن رجل قال: لا أعمل بالشرع، إنه إذا قال ذلك لاعتقاد عدم أحقية الشرع أو استخفافًا فلا ريب في كفره (ص 106) والمتجنس رافض لحكم الشرع.
وكذا على ما جاء في الفتاوى الهندية أنه لو طلب أحد الخصمين غريمه أن يذهب معه إلى الشرع فامتنع قائلًا: لا أذهب إلا جبرًا، يكون كافرًا (2 / 722) وفي نفس الصفحة لو قال الرجل لغيره: حكم الشرع في الحادثة كذا، فقال: أنا أعمل بالرسم لا بالشرع يكفر.
واستندت فتاواهم من كفر المتجنس إلى قوله تعالى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} .
وإلى قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} ثم قوله بعد ذلك {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} .
والمتجنس في العهد الاستعماري هو رجل يقيم في دار الإسلام بعد أن تغلب عليها غير المسلمين فيكون اختباره لتغيير جنسيته رفضًا لأحكام الإسلام وتفضيلًا أن يطبق علي قانون الدولة الغازية، ولا شك أن ذلك موجبا للارتداد، يقول القرطبي: وكل من طعن في حكم الحاكم ورده فيه ردة، يستتاب، وأما إن طعن في الحاكم نفسه لا في الحكم فله تعزيره وله أن يصفح عنه (أحكام القرآن: 5/ 266) إذ الطعن في الحكم معناه رمي الشارع إما بالظلم أو القصور، وكلاهما موجب كفر.
ثم إنه بعد أن استقلت الأمم الإسلامية واجهت مشاكل متعددة بعضها اقتصادي إذ كانت سوق العمل لا تستطيع أن تستوعب الأيدي العاملة، فهاجر كثير من العمال بالفكر أو الساعد إلى الدول غير المسلمة، وهاجر البعض الآخر لأن ظروف العمل في الدول الصناعية أفضل منه في الدول الإسلامية، وهاجر فريق ثالث لأن نشاطه الإسلامي يعرضه للخطر في بلده: إما في ذاته بالسجن أو التصفية الجسدية وإما في ماله.
القسم الأول والثاني:
منها أن العامل الأجنبي لا يتمتع بنفس الامتيازات التي يتمتع بها العامل من أبناء البلد، خاصة في المنح الاجتماعية، كما أن حقه في البقاء في عمله أضعف من حق ابن البلد، فكان هذا التمييز في الحقوق دافعًا لكثير من المقيمين بأرض الكفر أن يطلبوا سحب جنسية البلدان الكافرة عليهم، وفعلًا تحصل بعضهم على الجنسية المطلوبة وبعضهم في طريق التحصيل. اندفعوا إلى هذا الاختيار دون أن يعودوا بالسؤال لمعرفة حكم الله في العمل الذي قاموا به وهذا تقصير منهم وتهاون بمقتضيات دينهم.
إن من يتجنس بجنسية بلد غير إسلامي معناه أنه أصبح مواطنًا يتمتع بكامل الحقوق التي لأبناء ذلك الوطن ويلزم بأن يقوم أيضًا بكل الواجبات ويترتب على ذلك أحكام يلزم بها رغب في ذلك أو لم يرغب.
أولًا: إن قضايا العلاقات في تكوين الأسرة وانحلالها وحقوقها ونقل الملكية بطريق الإرث تطبق فيها الأحكام التي تقرها الدولة التي انتسب إليها:
1-
هو راض عن زواجه لا يكون زواجًا إلا إذا سجل مدنيًا وهذا لا ضير فيه.
2-
هو راض أنه لا تطلق زوجته عليه بلفظ الطلاق ولا بغيره إلا إذا حكم الحاكم ولو حكم بالفراق البدني مع بقاء العصمة فهو ملزم بقبوله.
وأن ابنته إذا بلغت سن الرشد القانوني ارتفعت كل ولاية له عليها، وأنه لا يستطيع أن يمنع ولده من ارتكاب أي محرم في الإسلام إذا كان قانون الدولة التي انتسب إليها يبيحه.
3-
هو راض بأن تقسم تركته بعد موته حسب القانون وأن يرث هو غيره حسب القانون.
هو راض بأن الزنا إذا كان برضا الطرفين الراشدين لا منكر فيه.
ثانيًا: أنه عضو من أعضاء الدولة التي انتسب إليها فإذا اشتعلت الحرب بينها وبين دولة إسلامية فهو مطالب قيامًا بواجبه أن يقاتل المسلمين وأن يصب على رؤوسهم القنابل ويعمل جهده ويبذل كل طاقته لهزمهم والتنكيل بهم.
وقد طالعت في هذه السنة بجريدة لوموند الفرنسية (1986) أن الولايات المتحدة الأمريكية أجرت بحثًا سريًا لمعرفة قيام الجنود الأمريكيين من أصل ألماني قيامهم بواجبهم الوطني في تهديم القوة الألمانية حربيًا واقتصاديًا، فكشف البحث أنه لم يسجل أن أي جندي أمريكي غلب أصل انتسابه على واجباته القتالية إذ كانوا جميعًا متحمسين لهزيمة ألمانيا بلد أجدادهم وأصولهم.
الخلاصة:
أن كل ما قدمناه من لوازم التجنس هو رفض قاطع لأحكام الإسلام، وعزم أكيد على التنكر لها وابتغاء حكم غير حكم الله، وإطراح اختياري لما ثبت من ضروريات الدين، ولذا رأى بعض العلماء أن هذا موجب للردة، يقول القرطبي في تفسير قوله تعالى {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} شرط وجوابه أي لأنه خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا ووجب معاداته كما وجبت معاداتهم، ووجبت له النار كما وجبت لهم فصار منهم أي من أصحابهم (6/ 217) .
وذهب كثير من المفسرين إلى أنه من باب التغليط يقول الألوسي: "أي من جملتهم وحكمه حكمهم كالمستنتج من قبله وهو مخرج التشديد والمبالغة من الزجر لأنه لو كان المتولي منهم حقيقة لكان كافرًا وليس بمقصود، وقيل: المراد من {يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ} فإنه كافر مثلهم حقيقة، وحكى عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولعل ذلك إذا كان توليهم من حيث كونهم يهودًا أو نصارى (6/ 140) .
فالألوسي يصرح بأن مجرد التحالف مع اليهود والنصارى والتناصر لا يخرج المؤمن من الإيمان وإنما الذي يوجب ارتداده واعتقاده أن دين اليهودية أو النصرانية أولى بالتزام وأن النصراني بالتحالف والتناصر لكونه نصرانيًّا، فهو إذن لا يعتبر مرتدًا إلا إذا فضَّل اليهودية أو النصرانية على الإسلام.
وهذا الحل هو الذي ارتضاه أبو حيان قال: ومن تولاهم بأفعاله دون معتقده ولا اختلاف بإيمان لهو منهم في المقت والمذمة، ومن تولاهم في المعتقد فهو منهم في الكفر (البحر: 3/ 506) .
وعلى هذا جاءت فتوى علماء الأندلس التي ذكرها الونشريسي في المعيار (12/ 148) وما بعدها فعلماء الأندلس لم يزيدوا على وصف الذين خرجوا عن جماعة المسلمين واستنصروا بصاحب قشتالة لم يعتبروهم مرتدين وإنما هو عصاة واحتجوا بالآية.
نص فتوى المعيار
حكم الشرع فيمن نبذ بيعة الإمام
وسئل فقهاء الأندلس بما نصه:
سيدي رضي الله عنكم وأدام النفع بكم، جوابكم في عصابة من قواد الأندلس وفرسانها نبذوا بيعة مولانا أبي الحسن نصره الله وخرجوا عن طاعته وقاموا بدعوة ابنه ودعوا الناس إلى بيعته، وطاوعهم على ذلك من شاء الله تعالى، إلى أن وقعت كائنة اللسان وفقد فيها جملة منهم وأُسِرَ الأمير وانجلى من سلم منهم عن الحضرة فلجأوا إلى صاحب قشتالة - دمره الله - مستنصرين به، ومعتصمين بحبل جواره، فواطؤوه على شروط التزموها، ووعدهم بتسريح الأمير المذكور للخروج به لأرض المسلمين وعقد له صلحًا ما طاع له من البلاد، ولا خفاء بما هو قصد الكافر قصمه الله في هذا الذي فعل فلكم الفضل في الجواب عن فعلهم، أولًا:هل كان له متمسك من الشرع أو إنما كل بمحض عصيان الله تعالى وخروج عن طاعة الله وطاعته رسوله؟ وإن قدرة الله بخروجهم من أرض النصارى مصرين على ما كانوا عليه من التعصب على الفتنة والخلاف، فهل يحل لأحد من المسلمين مساعدتهم على ذلك والأخذ معهم فيه؟ وهل يحل لأهل مدينة من المدن أو حصن من الحصون أن يأويهم؟ وما حكم الله فيمن آواهم وأعانهم وانتظم في سننهم أو مال بقلبه أو قوله أو فعله إليهم؟ بينوا لنا ذلك بيانًا شافيًا ليستضاء بنوره، ويهتدى بهديه، والله يبقي بركتكم، ويعطي أعلام العلماء درجتكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فأجابوا بما نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله.
صدرت الفيتا من السادات العلماء، الجلة الأعلام، هداة الأنام، ومصابيح الظلام، بالحضرة العلية غرناطة حرسها الله، على السؤال فوقه: وهم: السيد البركة المفتي أبو عبد الله المواق، والسيد قاضي الجماعة أبو عبد الله محمد بن الأزرق، والسيد المفتي أبو الحسن علي بن داود، والسيد المفتي أبو عبد الله محمد الجعدالة، والسيد الخطيب أبو عبد الله محمد الفخار، والسيد الشيخ الحاج أبو الحسن علي القلصادي، والسيد الشيخ أبو حامد بن الحسن، والسيد القاضي أبو عبد الله محمد بن سرحونة، والسيد الخطيب أبو عبد الله محمد المشدالي، والسيد الخطيب أبو محمد عبد الله الزليجي، والسيد الخطيب أبو عبد الله محمد الحذام، والأستاذ الشيخ الحاج أبو جعفر أحمد بن عبد الجليل، والأستاذ أبو عبد الله محمد بن فتح، والقاضي أبو عبد الله محمد بن عبد البر، والأستاذ أبو جعفر محمد البقني، أبقى الله بركتهم، وحفظ في درجة العلام رتبتهم، بأن خلع القوم المسؤول عنهم، لبيعة مولانا أبي الحسن نصره الله، وقيامهم بدعوة ابنه، ليس له متمسك من دين الله.
وإنما هو محض عصيان، وخروج عن طاعة الله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ارتكبوه بذلك من وجوه المفاسد التي لا يرضى الله بها من شق عصا الإسلام في هذا الوطن الغريب، وتفريق أمره بعد ما كان مجتمعًا، وإيقاد نار الفتنة، وإلقاء العداوة والبغضاء بسببها في قلوب المسلمين وإفساد ذات البين التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنما هي الحالقة)) مع ما في ذلك من توهين المسلمين وإطماع العدو الكافر في استئصال بيضتهم، واستباحة حريمهم، وكل ذلك محرم بكتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإجماع العلماء فإلى غير ذلك من وجوه المعاطب التي لا تخفر وأن ركونهم إلى الكفار واستنصارهم بهم، لا يخفى أنهم داخلون به في وعيد قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وقال سبحانه في الآية الأخرى {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} ، وأن تجديد بيعتهم للأمير المأسور، إصرارًا على ما ذكر من المعاصي والمحرمات، وتأكيدا لما ارتكبوه من الجرائم والسيئات، فمن آواهم أو أعانهم بقول أو فعل، فهو معين على معصية الله تعالى، ومخالف لسنة رسوله، ومن هوى فعلهم أو أحب ظهورهم، فقد أحب أن يُعصى الله في أرضه بأعظم العصيان، هذا ما داموا مصرين على فعلهم، فإن تابوا ورجعوا عما هم عليه من الشقاق والخلاف، فالواجب على المسلمين قبولهم، لأن الله تعالى يقول:{فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} نسأل الله أن يلهمنا رشدنا، وأن يقينا شر نفوسنا، وأن يصلح ذات بيننا أنه ولي ذلك والقادر عليه، ومن أشهده السادات المذكورون فيه، بما سطر وكتب عنهم من الجواب على السؤال المنبه عليه، وأنهم قائلون به، وصادر عنهم ولا خفاء بمعرفتهم وهم بحال كما الإشهاد قيد بذلك شهادته في أواسط شهر رمضان المعظم، عام ثمانية وثمانين وثمانمائة عرفنا الله خيره، محمد بن شهد ومحمد بن علي بن شهد، أعلم بثبوته محمد بن علي الأصبحي، وفقه الله وكان له انتهى.
وإذ قد اختلف العلماء فيمن يوالي النصارى اليهود ويدخل في حلف معهم هل هو مرتد أو لا؟ وإذ قد تجاوزنا العهد الاستعماري الذي كان التجنس فيه مفضيًا لذوبان الأمة الإسلامية وفقد شخصيتها ونظرًا لما حققه الشاطبي من اختلاف الحكم يبن الجزئية المنفردة وبين الكلية العامة، وأن المباح بالجزء قد يصير واجبًا بالكل.
وانظر خاصة المسألة السادسة في الأوامر والنواهي في قوله: وأما المنهيات فإنك تجده قد جعل اتخاذ الكافرين أولياء والرضى بحكم الطاغوت والوهن بالأعداء والخيانة من النواهي التي لما بلغ بها نص الشارع الغاية من الترهيب فليس ذلك دليلًا على أن جزئياتها على وزان واحد بل هي محل اجتهاد (3/ 136 – 144) .
لذلك كله فالذي مرجح عندي أن التجنس بجنسية دولة غير إسلامية معصية لا تبلغ درجة الردة إذا كان إقدامه على ذلك تسوية لأوضاعه المادية مع اقتناعه وإيمانه أن الإسلام هو الدين الوحيد وأنه يغضب الله من كل من يحاول النيل من الإسلام أو التطاول عليه، أما إذا كان أمر الدين عنده لا يوازي مصالحه وأنه متهاون به لا يشعر برابطة بينه وبين دينه إلا رابطة تاريخية ضعيفة الأثر فلا شك عندي في ارتداده، وخروجه من الملة.
على أن القسم الأول مطالب بأن يحرص على تلقين أبنائه أصول الإسلام وأن يحرص على إقامة شعائرهم معهم وأن لا يتهاون في هذا الأمر، ليكون ما في يقوله بلسانه مصدقًا بأعماله مع دعوته إلى العمل على الإقلاع عن المعصية والتوبة والعزم على عدم العودة بالإسراع للانسلاخ من الجنسية التي اكتسبها إن كان يحمل جنسية واحدة أو بالرجوع إلى بلده الأصلي إن كان يحمل جنسيتين.
القسم الثالث
الذين يتعرضون إلى الفتنة في حياتهم سجنًا وقتلًا أو في عائلاتهم تشريدًا وتتبعًا أو في أموالهم استصفاء فهؤلاء يجوز لهم أن يتجنسوا بجنسية غير إسلامية إذ لم يجدوا بلدًا إسلاميًا يقبلهم ويحميهم {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} .
قال ابن العربي: قسم العلماء رضي الله عنهم الذهاب من الأرض قسمين: هربًا وطلبًا.
فالأول: ينقسم إلى ستة أقسام:
الأول: الهجرة وهي الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام وكان فرضًا من أيام النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الهجرة باقية مفروضة إلى يوم القيامة، والتي انقطعت بالفتح هي القصد إلى النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان من أسلم في دار الحرب وجب عليه الخروج إلى دار الإسلام، فإن بقي في دار الحرب عصى ويختلف في حاله.
الثاني: الخروج من أرض البدعة، قال ابن القاسم: سمعت مالكًا يقول لا يحل لأحد أن يقيم بأرض يسب فيها السلف، قال ابن العربي: وهذا صحيح فإن المنكر إذا لم تقدر أن تغيره فزل عنه، قال تعالى:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} قوله (الظالمين) .
الثالث: الخروج من أرض غلب عليها الحرام فإن طلب الحلال فرض على كل مسلم.
الرابع: الفرار من الأذية في البدن وذلك فضل من الله رخص فيه، فإذا خشي على نفسه أذن الله في الخروج عنه والفرار بنفسه ليخلصها من ذلك المحذور.
وأول من فعله إبراهيم عليه السلام فإنه لما خاف من قومه قال: {إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي} وقال {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} وقال عن موسى {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} .
الخامس: خوف المرض في البلاد الوخمة والخروج منها إلى الأرض النزهة وقد أذن الله للرعاة حين استوخموا المدينة أن يخرجوا إلى المسرح فيكونوا فيه حتى يصحوا وقد استثنى من ذلك الخروج من الطاعون فمنع الله منه بالحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم بيد أن علماءنا قالوا: هو مكروه.
السادس: الفرار خوف الأذية في المال فإن حرمة مال المسلم كحرمة دمه.
والأهل مثله وأوكد – (القرطبي: 5/ 350) .
وذكر ابن قدامة: أن الناس في الهجرة على ثلاثة أضرب:
أحدها: من تجب عليه وهو يقدر عليها ولا يمكنه إظهار دينه ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار فهذا تجب عليه الهجرة لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} إلى قوله تعالى {مَصِيرًا} وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب، ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
الثاني: من لا تجب عليه، وهو من يعجز عنها إما لمرض أو إكراه على الإقامة أو ضعف لقوله تعالى {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ} .
الثالث: من تستحب له ولا تجب عليه وهو من يقدر عليها لكن يتمكن من إظهار دينه وإقامته في دار الكفر فتستحب له يتمكن من جهادهم وتكثير المسلمين وعمومتهم ويتخلص من تكثير الكفار ومخالطتهم ورؤية المنكر بينهم ولا تجب عليه لإمكان إقامة واجب دينه بدون الهجرة وقد كان العباس مقيمًا بمكة مع إسلامه (المغني: 2/ 457) .
إن ما ذكره ابن العربي في القسم الرابع والسادس يبين لنا أن الملتجيء إلى دولة غير إسلامية حفاظًا على نفسه أو ماله لا يعد عاصيًا فضلًا عن كونه كافرًا وإذا كان أمنه لا يتم إلا بتجنسه كان له أن يتجنس مع شد عزمه على تحين أول فرصة يستطيع فيها أن يعش آمنًا في ديار الإسلام ليغتنمها، ذلك أن هذا قد أبيح له كضرورة تقدر بقدرها وعلى المضطر أن يجتهد للخروج من حالة الاستثناء.
والمنطبق على المتجنس في دار الكفر من تقسيم صاحب المغني هو القسم الثاني وليس الثالث ذلك أن المتجنس في بلاد الكفر لا يتمكن من إقامة دينه في جميع أحكامه وإن كانت بعض الأحكام في بلاد الإسلام لا يقرها الإسلام إلا أن الشعائر الدينية معلنة والمجتمع إسلامي يؤثر في تربية الأطفال.
السؤال الثاني
حكم الهجرة باعتبار تأثيره على الذرية
يقول أبو بكر الرازي الجصاص في قوله تعالى {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} هذا يدل على الخروج من أرض الشرك إلى أي أرض كانت من أرض الإسلام (2/ 305) .
وقال مالك: هذه الآية دالة على أنه ليس لأحد المقام بأرض يسب فيها السلف ويعمل فيه بغير الحق (جامع لأحكام القرآن للقرطبي: 5/ 348) .
إن ما قدمناه في الجواب عن السؤال الأول يجري في الإجابة عن هذا السؤال على ما فصلنا له من الأقسام.
إن ما جاء في تبرير الهجرة وأن خطر الانحراف بذريتهم عن الإسلام وارد في بلاد الإسلام وروده من غيرها من بلاد الكفر بل أشد، ما جاء من التبرير هو مغالطة غير مقبولة فالدولة التي تجبر رعاياها على التنكر للإسلام هي دولة غير إسلامية، وما هو موجود في البرامج التعليمية من توضيح لبعض المذاهب المادية أو الفلسفات الإلحادية ليس دعوة إليها وإنما هو ثقافات عامة قد يسيء بعض الأساتذة عند السكوت عن تهافتها وسقطها، وليس معنى ذلك أن أية دولة إسلامية تدعو إلى الإلحاح، على أني أؤكد هنا ما ورد في الجواب السابق أن البيئة لها أثرها الكبير في تكوين الطفل، فسماعة للأذان، وابتهاج الأمة بشهر رمضان، وبعيد الفطر، ووفود الحجاج إلى بيت الله الحرام، وعيد الأضحى، وما يلقاه من عادات إسلامية في مباشرة الحياة، ومن حرص على الطهارة، وابتداء بالسلام، وذكر اسم الله على لسان كثير من أهل الفضل، كل ذلك يجعل البيئة الإسلامية بيئات تختلف أساسًا عن البيئة في بلاد الكفر.
السؤال الثالث
حكم زواج المسلمه بغير المسلم
يقول تعالى {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} فزوج المسلمة لا بد أن يكون مسلمًا، وقد أكد القرآن هذا التأكيد ليركز في نفوس المؤمنات والمؤمنين أن زواج المسلمة بغير المسلم باطل ومنكر سواء نظرت إليه من جانب الزوج أو من جانب الزوجة {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} نظير قوله تعالى {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} إيماء إلى قوة الاتصال والتلبس.
أما الطمع في الإسلام فلا معنى للطمع في الأحكام إذ الأحكام تبنى على الواقع لا المتوقع إنما الحكمة التي يظهرها الفقهاء للأحكام تأليفًا للعقول بشرع الله هي التي يعتمد فيها الفقيه الواقع والمتوقع.
والكفاءة المتحدث عنها جماعها قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)) رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة (فيض القدير: 1/ 243) .
ويقول الإمام الشافعي: إذا أسلمت لامرأة أو ولدت على الإسلام أو اسلم أحد أبويها وهي صبية لم تبلغ حرم على كل مشرك كتابي ووثني نكاحها بكل حال، ولو كان أبواها مشركين فوصفت الإسلام وهي تعقل صفته منعتها من أن ينكحها مشرك (الأم: 5/ 5) .
فيتبين مما قدمناه أنه يحرم زواج المسلمة بغير المسلم، ولا عذر يبرر ذلك، والنكاح لاغ غير معتبر شرعًا لو وقع فعلًا.
السؤال الرابع
حكم استمرار الزوجية إذا أسلمت الزوجة
إذا أسلمت المرأة وبقي الزوج كافرًا فإنه يفرق بينهما ويمكن أن تعود الزوجية بينهما بدون عقد جديد إذا أسلم زوجها السابق قبل أن تخرج من عدتها، أما إذا أسلم بعد العدة فلابد من عقد جديد وما ذكر في السؤال من ضياع الأولاد والانحراف احتمالات لاغية تؤثر في الحكم نظير احتمال موت الزوج المسلم.
السؤال الخامس
حكم دفن المسلم بمقابر غير المسلمين
الواجب الأول بعد تحقق الموت هو الغسل ثم الصلاة على الميت ثم دفنه فإذا مات بديار الإسلام دفن في مقابر المسلمين وإن كانت الهالكة حاملًا من زوج مسلم وهي غير مسلمة دفنت بين مقبرة المسلمين والنصارى ووجهها عكس القبلة ليكون جنينها متجهًا إلى القبلة، وإذا كانت الوفاة بأرض الكفر وتعذر نقله إلى بلاد الإسلام دفن حيثما تيسر وعلى المجموعات الإسلامية أن تتدارك هذه الناحية وتعمل على تخصيص جانب من المقبرة العامة لموتى المسلمين إذا لم يتيسر لها تخصيص المسلمين بمقبرة.
السؤال السادس
حكم بيع المسجد لانتقال الجالية الإسلامية
ذكر صاحب المعيار نازلتين:
الأولى: استفتي فيها الشيخ الحفار لما سئل عن رجل بنى مسجدًا لله في ملكه وحبس له أحباسًا من أرض وزيتون، ثم انتقل الناس عنها وبقي في ربضها القليل من الناس فهل لها أن تبدل إلى موقع آخر بالقرب من الديار الكثيرة؟
وكان جوابه: أن نقل المسجد المذكور عن محله لا يحل ولا يجوز لأن ذلك تغيير للحبس من غير موجب بل يصلي فيه من بقي منهم ولو رجل واحد والله حسيب من يسعى في تغييره (7/ 136) .
الثانية: استفتي فيها ابن سراج لما سئل عن مسجد قرية خلت من السكان ولم يبق فيها للسكنى إلا داران غير أن القرية والمسجد في وسط العمران وعلى طريق تسللك على الدوام فقلما يخلو المسجد ممن يصلي وله حبس أضيف إلى حبس مسجد القرية القريبة منه التي هي عامرة وأصبح ينتفع به ومسجد القرية هو جيد البناء إلا أن بعضه يحتاج إلى الإصلاح وفيه مدة جيدة فهل يجوز هدمه واستخلاص أنقاضه وآلته ويبنى بذلك مسجد القرية العامرة لكون بعض أهل الموضع يرون ذلك خوفًا أن يبقى المسجد الذي بالقرية الخالية على ما هو عليه فتهدم آلته أم يؤخذ من فائدة أحباسه التي أضيفت لمسجد القرية العامرة ما يصلح به بناؤه ويبقى مسجدًا كما كان؟ على أن القرية الخالية لم يبق فيها أحد يسكن وهي منذ عشرين عامًا خالية وإنما بقي من الدارين اللتين بقيتا فيها بعض بنائهما بغير سكنى فكان جوابه: أنه إن كان المسجد المشار إليه في السؤال أعلاه يخاف من اجتماع أهل الشر والفساد فيه فيهدم ويستعان بنقضه في مسجد آخر وإن كان لا يخاف من ذلك فيه فيبنى ما تهدم منه من أوقاف التي نقلت لغيره من المساجد (7/ 154) .
فالفتوى الأولى والثانية بينهما تكامل ذلك أن الفتوى الأولى عن مسجد في قرية لم تخل بتاتًا من السكان وإنما تحول معظم الناس عنها وبقي قليل فالباقي حقه ثابت في إقامة الصلاة بالمسجد ولا يحول المسجد عن مكانه، أما القضية الثانية فقد خلت القرية عن السكان تمامًا، وأن الدارين الباقيتين خاليتان من السكان ويخشى من بقائه في الخلاء وأن يتخذه أهل المنكر وكرًا للفساد فكان الجواب بهدمه ونقل نقضه.
وفي صورة السؤال الوارد إن انقطع السكان المسلمون تمامًا من ذلك ولم يبق أي واحد منهم فيجوز بيع المسجد وتحويل أمواله لشراء أو توسيع أو ترميم مسجد آخر يؤمه المسلمون لأداء الصلاة جماعة وإن لم ينقطع المسلمون من تلك البلدة بل قالوا فلا يحل نقل المسجد ولا التفويت فيه، إذ هو يقوم بوظيفته وأما في الصورة الأولى فقد انقطع عن القيام بوظيفته وسيحتله قطعًا غير المسلمين إما للسكنى أو لغير ذلك.
كما أني لا أجد وجهًا لصرف المال في أي وجه من وجوه الخير غير بناء أو ترميم مسجد آخر، لأن الذين ساهموا في تأسيس المسجد الأول إنما ساهموا في إقامة بيت من بيوت الله فلا يحول ما لهم إلى غير الجهة التي قصدوها.
السؤال السابع
سفر المرأة بدون محرم
من مقاصد الشريعة حفظ الأنساب وهو أصل من الأصول التي اتفقت عليها الشرائع ومما يكمل حفظ هذا الأصل ما جاء من الأمر بغض البصر وستر مواطن الفتنة، ومنع المرأة من السفر إلا مع ذي محرم يغار عليها ويحفظها، ولذا رأى مالك أن امرأة الأب لا تسافر مع ربيبها وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة، فروى مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((لا تسافر المرأة ثلاثًا إلا ومعها ذو محرم)) وفي رواية ((مسيرة ثلاث ليال)) وفي رواية ((فوق ثلاث)) وفي رواية ((يومين)) وفي رواية ((يوم)) وفي أخرى ((ليلة)) وفي أخرى ((لا يخلو رجل بامرأة إلا معها ذو محرم)) .
يقول القرطبي: ليس هذا اختلافًا في الحديث ولكن ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكرر سؤاله عن السفر كل مرة بظرف فكان يجيب السائل حسب سؤاله.
ويقول الأبي: الفقه جمع أحاديث الباب وحق الناظر أن يستحضر جميعها وينظر أخصها وينيط به الحكم وأخصها باعتبار ترتيب الحكم عليه يوم لأنه إذا امتنع فيه امتنع فيما هوأكثر ثم أخص من يوم وصف السفر المذكور في جميعها فيمتنع في أقل ما يصدق عليه اسم سفر، ثم أخص من السفر الخلوة.
هذا في السفر غير الواجب وأما في السفر الواجب فرأى مالك والشافعي أن لها أن تخرج مع رفقة مأمونة، يشترط الشافعي وجدود امرأة تقية مع الرجال، واختلف تأويل قول مالك واستند مالك والشافعي إلى الآية {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} واستأنسا بأن المرأة إذا أسلمت هاجرت من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام ولو بدون محرم ولا رفقة.
وقال الباجي: إن هذه الأحكام هي في الانفراد والعدد القليل، وأما القوافل العظيمة فهي عندنا كالبلاد تسافر فيها دون فساد ودون محرم.
وقال آخرون: هذا التفصيل يعني من اشتراط المحرمية أو الرفقة المأمونة هو في الشابة: أما العجوز التي لا أرب لرجل فيها فلها أن تسافر وحدها.
(الأبي: 3/ 436، الزرقاني على الموطأ: 4/ 213) .
ما نقلته عن العلماء يدل على أن الاختلاف بينهم في غير الحج هو على ثلاثة أنحاء:
1-
لا تسافر إلا مع محرم.
2-
تسافر مع القوافل العظيمة المأمونة.
3-
الشابة لا تسافر إلا مع محرم والعجوز تسافر وحدها.
والذي أطمئن إليه حسبما ينشر في الصحف من انتشار حوادث الاغتصاب التي بلغت حدًا مفزعًا وتسلط الاغتصاب حتى على العجائز أنه لا تسافر المرأة إلا مع محرم يصونها ويحميها وأن التساهل في سفرها بدون رعاية محرمية قد تسببت عنه فضائح معلنة ومناكير وإن سترت على الأسماع وحفظت من القالة وإلا أنه دنس عنه الشرف واختلط النسب وقد يكون وضع المرأة في ظرف محدود ملجئًا لها إلى السفر فهي جزئية يعود فيها السائل أو السائلة بعينه ليعرضها على الفقيه الذي ينظر في كل الملابسات ويحدد الحكم حسب ظهور الضرورة وحدها ولا يصح إعطاء فتوى عامة.
السؤال الثامن
لا يجوز للمرأة المسلمة أن تقيم مع نسوة غير مسلمات بعيدة عن بلد الإسلام.
السؤال التاسع
لا خلاف بين العلماء أن عورة المرأة مع غير المحرم من الرجال جميع بدنها ما عدا وجهها وكفيها لما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها: أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ((يا أسماء، إن المرأة إذا بلغة المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه)) (مختصر المنذري6/ 58) .
إلا أن ما ورد في السؤال من أن بعض الجهات تمنعهن من ستر ما أمر الله بستره، فالسؤال مجمل ولا تتسنى الإجابة عنه إلا إذا بين المواطن التي تؤمر بكشفها وما تتعرض له إذا لم تكشف وما هو موقف الجماعة الإسلامية من ذلك.
السؤال العاشر
يقول في البحر الرائق شارحًا لقول الكنز: وحمل خمر لذمي بأجرة يعني جاز ذلك، وهذا عند الإمام وقال يكره لأنه عليه الصلاة والسلام لعن في الخمرعشرة وعد منها حاملها وله الإدارة على الحمل وهو ليس معصية وإنما المعصية بفعل فاعل مختار فصار كمن استأجره لعصر خمر العنب وقطفه، والحديث يحمل على الحمل المقرون بقصد المعصية، وعلى هذا الخلاف إذا آجر دابته ليحمل عليها الخمر أو نفسه ليرعى الخنازير فإنه يطلب له الأجر عنده وعندهما يكره، وفي التتارخانية وإن آجر المسلم نفسه ليعمل في الكنيسة فلا بأس به (البحر: 8/ 231) ، قال في النهاية: وقول الإمام قياس وقولهما استحسان (ابن عابدين: 5/ 251) .
وبناء على أن فرص العمل المحدودة بالنسبة للمسلمين في بلاد الكفر ولما كان الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه يبني على اصل القياس القول بجواز ذلك فإنه يفتى به ويعتمد، ولا أثم على العامل في مطعم يقدم فيه الخمر لغير المسلمين أما إذا كان أحد حرفاء المطعم مسلمًا وطلب أن يقدم له مع طعامه خمرًا أو لحم خنزير، فإنه يحرم على النادل أن يقوم بذلك.
وإذا جهل دين الحريف يحمل على أنه غير مسلم لأنه الغالب ومع الجهل يحمل على الغالب في كل شيء.
السؤال الحادي عشر
حكم التجارة في الخمر أو صناعته
حكم تجارة الخمر أو صناعتها لا شك في حرمتها وأن صاحبها ملعون ولو كان ذلك لغير المسلمين وما اتخذه بعض المسلمين حرفة لهم في بلاد الكفر لا يحل ما حرمه الله وفي الحلال سعة، مع أن علمي أنه حتى في بلاد الكفر تكونت جمعيات تحارب الخمور والتزم أصحابها أن لا يقدموا في مطاعمهم خمرًا وتحصلوا من الدولة على إعفاءات تعوض لهم بعض الخسارة وهم حماية للأخلاق تنازلوا عما يوفره لهم بيع الخمر من ربح مع أن دينهم لا يمنعهم من تناولها وترويجها، فكيف يليق بالمسلم الذي حرم الله عليه ملابسة الخمر أن يصبح مروجًا لها، وإن جرت له منفعة مالية {وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} .
السؤال الثاني عشر
الأدوية المحتوية على نسبة من الكحول ينظر فيها من ناحيتين:
1-
الإسكار.
2-
النجاسة
أما القسم الأول: فإن هذه الأدوية المحتوية على نسب من الكحول هي أدوية تفاعل فيها عنصر الكحول مع بقية العناصر من العقاقير وذهبت كل خصائص الكحول ولا يتخذ أي دواء للسكر.
ومن ناحية أخرى، فإن المسكر هو المطرب الذي يندفع به شاربه إلى ارتكاب الفواحش ويتكون منه نوع من الإقدام وارتفاع الحياة ما لا يجده عندما يكون صاحيا وهذه الأدوية لا يتكون منها ذلك بل على العكس هي توجب أضعاف التهيج والتشنجات.
وقد ذكر القرافي في الفرق الأربعين ما ملخصه: فالمسكر هو المغيب للعقل مع نشوة وسرور ويدلك على ضابط المسكر قول الشاعر:
ونشربها فتتركنا ملوكًا وأسدًا ما ينهنهنا اللقاء
فالمسكر يزيد في الشجاعة والمسرة وقوة النفس والميل إلى البطش والانتقال من الأعداء والمناسبة في العطاء أخلاق الكرماء.
ثم عقد تنبيهًا قال فيه ما ملخصه: تنفرد المسكرات عن المرقدات بثلاثة أحكام الحد والتنجس وتحريم اليسير، والمرقدات والمفسدات لا حد فيها ولا نجاسة فمن صلى بالبنج معه أو الأفيون لم تبطل صلاته إجماعًا، ويجوز تناول اليسير منها لا لم يصل إلى حد التأثير في العقل أو الحواس.
وتناول الأدوية المختلطة بالكحول هو من النوع المرقد لا المسكر المحدث للنشوة ولا المفسد المثير للأخلاط الكامنة على أن الحنفية يرون عدم الحرمة أصلًا ولو خلط الخل بالخمر وصار حامضًا يحل وأن غلب الخمر وإذا دخل فيه بعض الحموضية لا يصير خلًا عنده حتى تذهب تمام المرارة وعندها يصير خلالً (5/ 295) .
أما القسم الثاني: وهو نجاسة الدواء بحلول الكحول فيه، فالمسألة مختلف فيها يقول ابن عباس، (5/ 291) : عبارة صاحب الهداية في باب الأنجاس: وفي باقي الأشربة روايات التغليظ والتخفيف والطهارة، اهـ، وذهب إلى طهارتها ربيعة والليث والمزني وبعض المتأخرين من البغداديين والقرويين فرأوا أنها طاهرة وقصروا الحرمة على شربها (الجامع لأحكام القرآن: 6/ 299) .
السؤال الثالث عشر
الخمائر الجلاتين على نوعين حيوانية ونباتية، فالنباتية جائزة بلا خلاف، وأما الجلاتين الحيواني فبعضه مستخرج من تحت جلد الخنزير وهذا لا خلاف في نجاسته وحرمة أكله ولا ضرورة تدعو للانتفاع به لإمكان الاستغناء عنه بالجلاتين النباتي أو الجلاتين الحيواني المستخرج من البقر.
السؤال الرابع عشر
يقول الله تعالى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} فهذا هو القصد من بناء المسجد واختلف في تدريس العربية والشعر بها وكذلك اتخاذ القاضي مجلسه بها، يقول ابن عاصم:
وحيث لاق للقضاء يقعد وفي البلاد يستحب المسجد
وعللوا ذلك بأن المسجد لا يعترض على داخله فيصل إليه كل الناس.
وذكر الشيخ المهدي في خاتمة بحثه لجلوس القاضي في المسجد نقلًا عن ميارة، واعتبار حال الوقت يرجح ترك جلوسه اليوم بالمسجد، وإذا قال ابن عبد السلام: والأقرب من زماننا اليوم الكراهة وسلمه المصنف في التوضيح فكيف بزماننا هذا؟ ولذا قال أبو علي بعد أن صرح بأن المشهور ما عند المصنف الجلوس به ما نصه: هذا تحرير الكلام من جهة النقل وأما من جهة المعنى فما قاله ابن عبد السلام والمصنف من أن الكراهة باعتبار وقت لا إشكال في أصله ولا يتوقف فيه إلا من لم ينصف أو من لم يطلع على ما يقع في المساجد في هذه الأزمنة التي هي بعد أزمنة ابن عبد السلام بكثير، وأما الكلام في تحريم القضاء في المسجد في هذه الأوقات والذي أتقلده وإن كنت لست أهلًا لأن أقلد هو التحريم لأن الأحكام تتغير بحسب ما يعرض لها وإن وردت عن الشارح وقد أشار علي الأجهوري لبعض هذا، وهذا الذي ذكرنا تلقيناه من أشياخنا غير ما مرة (ج أكراس 15 ص 3 و 4) .
وقد ختم الترمذي البيوع بباب النهي عن البيع في المسجد وروى فيه حديثًا حسنًا عن أبي هريرة: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم من يبيع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد فيها الضالة فقولوا: لا رد الله عليه)) علق عليه ابن العربي: اختلف فيه العلماء فمنهم من كرهه، ومنهم من رخص فيه، وقوله تعالى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} يعني عما لا يجوز فأما المباح فيجوز منه اليسير، أما النكاح فيه فجائز، وقد عقد صلى الله عليه وسلم في الموهوبة نصًا وذلك لأنه قربة ولأنه أيضًا نادر، والله أعلم (6/ 62) .
وقد ذكر القرطبي في تفسير سورة النور من الجامع أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع صوت رجل في المسجد فقال: ما هذا الصوت؟ أتدري أين أنت؟ ثم قال: وقد كره بعض أصحابنا تعليم الصبيان في المساجد، ورأى أنه من باب البيع، وهذا إذا كان بأجرة فلو كان بغير أجرة لمنع أيضًا من وجه آخر، وهو أن الصبيان لا يتحرزون من الأقذار والوسخ.
وبهذا يتضح أن إقامة الحفلات في المساجد مع الرقص والإنشاد حرام ولا ضرورة لإقامة مثل ذلك إذ إن أمره صلى الله عليه وسلم بإعلان الزواج وإطعام بعض الناس لا يبلغ درجة الرقص والغناء.
السؤال الخامس عشر
أمر صلى الله عليه وسلم الوالد بأن يحسن تسمية ابنه، والأسماء الممنوعة هي الأسماء الدالة على شرك، فلا يجوز أن يسمي ابنه الله أو الواحد القهار، ولذا فإن اضطر الأب لتسمية ابنه من قائمة لا شرك فيها جائز، ولكن الذي شاهدته في الصين أن المولود يحمل اسمين اسمًا إداريًا على الطريقة الصينية، واسمًا عائليًا إسلاميًا تناديه به عائلته: محمد، علي، صالح، إلخ.
السؤال السادس عشر
جاء في السؤال حكم زواج الطالب أو الطالبة، والحكم لا يختص بالطالب أو الطالبة، إذ الزواج ينعقد إذا ما توفرت أركانه من الزوج والزوجة والصيغة والمهر والولي، والشهود على خلاف بين العلماء في بعض هذه الأركان.
ونية الزوج عند العقد أنه سيطلق زوجته بعد مدة إذا قدرها في نفسه ولم يبح لها ولم يقع عليها العقد، إن هذه النية غير مؤثرة كنية الزوج طلاق زوجته ولم يصرح ذلك فالعصمة قائمة.
ثم إن هذه النية كثيرًا ما ينفيها الزوج ذاته إذ يجد من زوجته ما يغريه بالحياة معها وكثيرًا ما ينجبان فيكون الولد عامل استقرار.
ونكاح المتعة المنهي عنه هو نكاح ينفسخ عند حلول الأجل من ذاته فهو من تاريخ العقد مبني على الاستمتاع المحدود الأجل فإذا جاء الأجل ذهب كل في سبيل حاله ولا يحتاج إلى طلاق.
السؤال الثامن عشر
عجبت من هذا السؤال، الحرج من عدم مد الأنثى يدها لمصافحة الأجانب عنها، الحرج من امتناع الرجل من مصافحة المرأة التي تمد يدها إليه كان مصدر عجبي تعميم كلمة الحرج في كل مناسبة وفي كل أمر فيه تراخٍ خلقي الحرج له مفهوم في الإسلام وهو كل ما أوقع المسلم في ضيق حقيقي لا وهمي يجد صعوبة زائدة على المعتاد ومشقة من تحمله، وهذا قد نفاه الله عن المسلمين فقال تعالى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} .
أما مجرد الصعوبة والمشقة فهو أمر مقارن للتشريع، والتكليف ما أطلق حقيقة إلا على ما فيه كلفة، ولذلك وقع البحث في إدخال المباح في الأحكام التكليفية.
واتقاء الشبهات أصل من أصول تكوين الفرد المسلم ((فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)) .
لقد اتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الشبهة وهي مصافحة النساء فروى في الصحيح عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما مست يده يد امرأة قط)) وروي ((أنه بايعهن بين يديه وأيديهن في ثوب)) .
وقالت أم عطية ((: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جمع نساء الأنصار في بيت ثم أرسل إلينا عمر بن الخطاب فقام على الباب فسلم فرددن عليه السلام فقال: أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكن: ألا تشركن بالله شيئًا. فقلن: نعم، فمد يده من خارج البيت ومددن أيدينا من داخل البيت)) . (القرطبي: 6550) .
إن هذه الأحاديث لا خلاف بينها وإن لم يقبل منها ابن العربي إلا ما ورد في الصحيح لأنها تؤكد على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم تمس يده يد امرأة ولم يباشر ذلك.
وأن رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يمس هو يد امرأة معروفة بعينها وإنما كانت النساء خلف الستر والمبايعة مختلطة تنفي الريبة.
وما ورد من إطلاق في بيعة الصفا يحمل على المقيد الوارد فيه أن المبايعة كانت بحائل أو من وراء ستر.
وبناء على ما قدمناه فإن الذي نطمئن إليه أن المرأة لا تصافح أجنبيًا غير محرم ولا زوج، وأن الرجل لا يصافح امرأة أجنبية عنه، وقد رأيت في البلاد الشيوعية أن المرأة المسلمة لا تمد يدها لأي رجل أجنبي وتشير بابتسامة.
السؤال التاسع عشر
الصلاة في الكنائس إذا كانت على طاهر أو الأرض فالصلاة جائزة لقوله صلى الله عليه وسلم ((جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا)) فعم إذ لا دليل على التخصيص، والتماثيل لا تبطل الصلاة وإنما أمرها أنها ربما تشغل عن الصلاة فليصرف بصره عنها كما لا يتعمد التوجه إليها بل ينحرف قليلًا.
السؤال العشرون
طعام أهل الكتاب أنواع:
1-
الطعام الذي لم يدخل اللحم في تركيبه، وهذا جائز أكله وهو الوجه الأول من الأوجه التي حملت عليها الآية {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} .
يقول ابن العربي: في ذكر الطعام قولان:
أحدهما: أنه كل مطعوم على ما يقتضيه مطلق اللفظ وظاهر الاشتقاق، كان حالهم ألا يؤكل طعامهم لقلة احتراسهم عن النجاسات ولكن الشرع سمح بذلك لأنهم أيضًا يتوقون القاذورات ولهم في دينهم مروءة يوطونها، ألا ترى أن المجوس الذين لا تؤكل ذبائحهم لا يؤكل طعامهم ويستقدزرون ويستنجسون في أوانيهم.
2-
الطعام الذي دخل اللحم في التركيبة، وهذا أيضًا على نوعين:
(أ) ما ذبح أو نحر على الطريقة الشرعية وسمي الله عليه فهذا يؤكل.
(ب) اللحم الذي لم يجمع شروط الذبح الشرعي كما لم يسم الذابح عليه اسم الله، يقول ابن العربي: قال جماعة من العلماء: تؤكل ذبائحهم وإن ذكروا عليها اسم غير المسيح، وهي مسألة حسنة نذكر لكم منها قولًا بديعًا، وذلك أن الله سبحانه حرم ما لم يسم الله عليه من الذبائح وأذن في طعام أهل الكتاب وهم يقولون: إن الله هو المسيح ابن مريم وأنه ثالث ثلاثة، تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا، فإن لم يذكروا اسم الله سبحانه أُكِلَ طعامهم، وإن ذكروا فقد علم ربك ما ذكروا وأنه غير الإله وقد سمح فيه فلا ينبغي أن يخالف أمر الله ولا يقبل عليه، ولا تضرب الأمثال له.
وقد قلت لشيخنا المقدسي: إنهم يذكرون غير الله قال لي: هم من آبائهم، وقد جعلهم الله تبعًا لمن قبلهم مع علمه بحالهم، وكالقتل لا على الطريقة الشرعية وقد رأى ابن العربي جوازه أيضًا، يقول الحطاب: واختلف المذهب إذا كان يسل عنق الدجاجة فالمشهور لا تؤكل وأجاز ابن العربي أكلها ولو رأيناه يسل عنقها لأنه من طعامهم، قال ابن عبد السلام: وهو يعمد ويحث معه (ابن عرفة: 3/ 213) .
ومثله لابن ناجي في شرح الرسالة وقد انتصر لابن العربي اعتمادًا على قوله لأن الله لما أباح أكل طعامهم فهو عالم بطريقة إزهاق روح ما يأكلونه من الحيوان (ابن ناجي 1/ 337) .
السؤال الواحد والعشرون
حكم حضور الحفلات التي تختلط فيها النساء بالرجال وتقدم الخمور حرام وإن كان في ذلك اعتزال المسلمين، والواجب أن يكونوا بعيدين عن هذه التجمعات وقد بين الفقهاء حكم إجابة الدعوة وأنها تكون حرامًا إذا كان مما يقع فيها حرامًا.
السؤال الثاني والعشرون
أوقات الصلاة في بعض البلدان التي لا تتبين فيها الأوقات ذكر ابن عابدين أن في ذلك ثلاثة أنظار:
1-
أن الصلاة التي فقد وقتها تسقط عن المكلف باعتبار أن السبب ما يلزم من أجل وجوده الوجود ومن أجل عدمه العدم بالنظر لذاته وأوقات الصلوات أسباب الوجود فإذا لم يدخل الوقت يسقط الوجوب.
2-
أن يقدر وقت دخول الصلاة على قرب البلدان إليهم ويكون أداء فينوي الأداء.
3-
أن يقدر الوقت حسب أقرب البلاد إليهم وينوي القضاء لفوات الوقت بطلوع الفجر، (انظر رد المحتار: 1/ 242- 243) .
وما يرجع عدم سقوط الصلاة الحديث الذي أخرجه مسلم عن النواس بن سمعان والذي جاء فيه: ((قلنا يا رسول الله، وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يومًا يوم كسنة ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم، قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا اقدروا له قدرة)) (إكمال الإكمال: 7/ 269- 270) .
كما أنه لا يستبعد بناء على الحديث الذي رواه مالك في موطئه، عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((ما بين هذين وقت)) أن يكون وقت المدينة مرجعًا لمن تداخل عندهم الوقت، والله أعلم.
السؤال الثالث والعشرون
الذي أعتقده حسبما هو مفصل في البحث الذي قدمته لمجمع الفقه الإسلامي أن دخول الشهور هو من الوقت الذي يمكن فيه رؤية الهلال وهذا الوقت قد يستند إلى الرؤية البصرية مع ما يصحب الرؤية البصرية من وهم وخداع نظر وإمكان كذب المخبر، وقد يستند إمكان رؤية الهلال إلى الحساب، وقد بلغ من الدقة في عصرنا هذا مبلغ اليقين وإذا كانت الرؤية البصرية ظنية والرؤية الحسابية يقينية فإن من القواعد تقديم اليقين على الظن إلا أن الحساب يجب أن يدقق لا على وقت ميلاد الهلال وإنما على وقت إمكان رؤيته.
السؤال الرابع والعشرون
حكم عمل المسلم في الدوائر الحكومية في البلدان المسلمة قد اختلفت فيه أقوال العلماء: فذهب ابن رشد إلى أن إجارة المسلم نفسه من الكافر على أربعة أنواع:
جائزة: أن يعمل المسلم عملًا في محله لا في محل الكافر كالصانع الذي يعمل للناس في مصنعه.
ومكروهة: أن يكون العمل كله للمؤجر، ولكنه ليس تحت يده كالمقارض والمساقي.
ومحظور: ما كان تحت يد الكافر كأجير في بيت وإجارة المرأة نفسها المرضع ولده.
والحرام: أن يؤاجر منه نفسه فما لا يحل من عمل الخمر ورعي الخنازير وهذا يفسخ فإن فات تصدق بالأجرة على المساكين (الحطاب: 3/ 419) .
وفي المهذب أن من الشافعية من قال: لو استأجر الكافر مسلمًا ففيه قولان: ومنهم من قال: يصح قولًا واحدا (التحفة بحاشية الشرواني: 6/ 122) .
وبهذا فإن عمل المسلم في الحقل الإداري غير الإسلامي قد تبين حكمه في أعلاه ونزيد هنا بيانًا لبعض الخصوصيات: أن العمل في الدوائر الاستراتيجية أو الذرية إن كان الغرض من ذلك مجرد التحصيل على القوت بواسطة الشغل فإن العمل في هذه الدوائر لا يجوز لأن فيه عونا على تخريب العالم وتهديد أمنه، وإن كان الغرض منه اكتساب الخبرات ليستفيد منها العالم الإسلامي في يوم من الأيام فهي جائزة بل مأجور صاحبها.
أجوبة
فضيلة الشيخ محيي الدين قادي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على أفضاله وأهل الصلاة والسلام سيدنا محمد وصحبه وآله.
السؤال الثالث
(1)
ما حكم زواج المسلمة بغير المسلم، خاصة إذا طمعت في إسلامه بعد الزواج حيث تدعي مسلمات كثيرات أنه لا يتوفر لهن الأكفاء من المسلمين في غالب الأحيان إذ إنهن مهددات بالانحراف، أو يعشن في وضع شديد الحرج؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد بأن زواج المسلمة بغير المسلم محظور لا يجوز بحال من الأحوال عند فقهاء الإسلام.
جاء في المذهب الحنفي أن زواج المسلمة بغير المسلم لا يجوز لقوله تعالى {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} لأن في إنكاح المؤمنة الكافر خوف وقوع في الكفر؛ لأن الزوج يدعوها إلى دينه، والنساء في العادات يتبعن الرجال فيما يؤثرون من الأفعال ويقلدنهم في الدين.
وقد أشار القرآن إلى ذلك في آخر الآية الكريمة السالفة الذكر بقوله تعالى {أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} لأنهن يدعون المؤمنات إلى الكفر، والدعاء إلى الكفر دعاء إلى النار، لأن الكفر يوجب النار فكان نكاح الكافر المسلمة سببًا داعيًا إلى الحرام فكان حرامًا.
والنص وإن ورد في المشركين لكن العلة وهي الدعاء إلى النار تعم الكفرة أجمعين، فيعم الحكم بعموم العلة، فلا يجوز إنكاح المسلمة الكتابي كما لا يجوز إنكاحها الوثني والمجوسي، لأن الشرع قطع ولاية الكافرين عن المؤمنين بقوله تعالى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} فلو جاز إنكاح الكافر المؤمنة لثبت له عليها سبيل وهذا لا يجوز (2)
وجاء في المذهب المالكي أن زواج المسلمة بغير المسلم لا يجوز البتة وقد أخذ ابن القاسم الحكم بعدم زواج المسلمة من غير المسلم من قول مالك في ذمي اشترى أمة مسلمة ووطئها: أن يقدم إلى أهل الذمة في ذلك أشد التقدم ويعاقبوا على ذلك ويضربوا بعد التقدم (3)
فإذا كان هذا في وطء الكافر الأمة المسلمة فمن باب أولى نكاحه الحرة المسلمة عند مالك.
(1) اعتذر كاتب البحث عن الجواب على السؤالين الأول والثاني
(2)
الكاساني، البدائع: 2/ 271 – 272 بتصرف
(3)
سحنون، المدونة: 2/ 297
وقد أورد سحنون فيها عدة آثار مع الصحابة والتابعين تمنع زواج المسلمة بغير المسلم بكل وضوح، وها هي ذي تلكم الآثار:
1-
روي عن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه كتب يقول: إن المسلم ينكح النصرانية، ولا ينكح النصراني المسلمة.
2-
وروي عن الإمام علي كرم الله وجهه أنه قال: لا ينكح اليهودي المسلمة ولا النصراني المسلمة.
3-
وروي عن ربيعة شيخ مالك بن أنس وأحد فقهاء التابعين أنه قال: لا يجوز للنصراني أن ينكح الحرة المسلمة.
وعنه أيضًا أنه قال في نصراني أنكحه قوم، وهو يخبرهم أنه مسلم فلما خشي أن يطلع عليه أسلم وقد بنى بها. قال: يفرق بينهما وإن رضي أهل المرأة؛ لأن نكاحه كان لا يحل، وكان لها الصداق ثم إن رجع إلى الكفر بعد إسلامه ضربت عنقه.
4-
روي عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال: سمعت عبد الله بن أبي سلمة يسأل: هل يصح للمسلمة أن تنكح النصراني؟ قال: لا.
قال بكيري: وقال ذلك قسيط والقاسم بن محمد،قال: ولا يهودي، وسليمان بن يسار وأبو سلمة بن عبد الرحمن، قالوا: فإن فعل ذلك فرق بينهما السلطان (1)
وهكذا في المذهبين: الشافعي والحنبلي قال في المغني: والإجماع منعقد على تحريم تزوج المسلمات للكفار (2)
(1) المدونة: 296- 298 بتصرف
(2)
ابن قدامة: المغني: 6/ 617
والإجماع كما قال سماحة الأستاذ الإمام محمد الطاهر بن عاشور –رحمه الله إما مستند إلى دليل تلقاء الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم وتواتر بينهم، وإما مستند إلى تضافر الأدلة الشرعية كقوله تعالى {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} فعلق النهي عن الكفر وهو أعلم من الشرك وكقوله تعالى {أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} في الآية الآنفة الذكر، والإشارة إلى المشركين والمشركات إلا لا وجه لتخصيصه بالمشركين خاصة لصلوحيته للعود إلى الجميع، وهي تعليل للنهي عن نكاح المشركات، وإنكاح المشركين، والدعاء إلى النار معناه الدعاء إلى أسباب الدخول إلى النار لأن ما هم عليه يجر إلى النار من غير علم.
ولما كانت رابطة الزواج رابطة اتصال ومعاشرة نهي عن وقوعها ممن يدعون إلى النار خشية أن تؤثر تلك الدعوة في النفس فإن بين الزوجين مودة وإلفا يبعثان على إرضاء أشدهما للآخر، ولما كانت هذه الدعوة من المشركين شديدة لأنهم لا يوحدون الله، ولا يؤمنون بالرسل كان البون بينهم وبين المسلمين في الدين بعيدًا جدًا، لا يجمعهم شيء يتفقون عليه فلم يبح الله مخالطتهم بالتزوج من كلا الجانبين.
أما أهل الكتاب فيجمع بينهم وبين المسلمين اعتقاد وجود الله، وانفراده بالخلق والإيمان بالأنبياء، ويفرق بيننا وبين النصارى الاعتقاد ببنوة عيسى من طرفهم وعدم اعتقادنا ذلك، وإيماننا برسالة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وعدم إيمانهم بذلك، ويفرق بيننا وبين اليهود عدم إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وعدم تصديقهم بنبوة عيسى عليه السلام فأباح الله للمسلم أن يتزوج الكتابية، ولم يبح تزويج المسلمة من الكتابي اعتدادًا بقوة تأثير الرجل على امرأته فالمسلم يؤمن بأنبياء الكتابية، وبصحة دينها قبل النسخ فيوشك أن يكون ذلك جالبًا إياه إلى الإسلام لأنها أضعف منه جانبًا.
وأما الكافر فهو لا يؤمن بدين المسلمة ولا برسولها فيوشك أن يجرها إلى دينه لذلك السبب، وهذا كان يجيب به شيخنا الأستاذ سالم أبو حاجب عن وجه إباحة تزوج المسلم الكتابية ومنع تزوج الكتابي المسلمة (1)
(1) سماحة الأستاذ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور، التحرير والتنوير: 2/ 342 – 343 بتصرف
وما سقناه من نصوص عن فقهاء المذاهب الإسلامية يتضح منع زواج المسلمة بغير المسلم دل على ذلك:
1-
ظواهر القرآن الكريم كقوله تعالى {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ} الآية، وكقوله جل جلاله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} .
2-
ظواهر من الآثار عن الصحابة والتابعين – رضوان الله عليهم أجمعين.
3-
القياس كما جاء فيما نقلناه عن سماحة الأستاذ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور – رحمه الله ولعله يعني قياس الكتابي على المشرك في حرمة تزوج المسلمة به.
4-
إجماع فقهاء الإسلام من لدن انتقاله صلوات الله وسلامه عليه إلى الرفيق الأعلى إلى يوم الناس هذا، وهو أظهر الأدلة وأقواها، إما الاستناد إلى تضافر الأدلة الشرعية، وإما إلى دليل تلقاه الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم وتواتر بينهم إذ الاجتماع لا يحصل إلا بذلك.
5-
ما يمكن أن نسميه بالدليل العقلي، والذي نقله سماحة الأستاذ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور عن شيخه الأستاذ سالم أبي حاجب رحمهما الله.
وانطلاقًا من كل ذلك نجيب بعدم حلية زواج المسلمة بغير المسلم ولو رجت إسلامه بعد الزواج.
وأما دعوى مسلمات كثيرات عدم توفر الأكفاء من المسلمين في غالب الأحيان وتوافر الأكفاء في غيرهم فمردودة إذ لا كفاءة بحال من الأحوال بين مسلمة وكافر ولو أعجبها لما سقناه من الأدلة السابقة، ولأن الكفاءة قائمة بالقرآن والسنة بين المسلمين والمسلمات، وليعلم هؤلاء النسبة أن مسلمًا ذا دين خير من كافر ولو أعجبهن قال تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} والأخوة تقتضي المساواة بين الإخوة ما لم يقم مانع شرعي يمنعها، وقال تعالى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} وقال تعالى {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} .
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، وإلا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)) ، قالوا: وإن كان فيه؟ (أي فقر وقلة مثلًا) فقال صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاءكم من ترضون)) الحديث ثلاث مرات (1) وقال صلى الله عليه وسلم ((إن آل بني فلان ليسوا بأوليائي إن أوليائي المتقون حيث كانوا وأين كانوا)) (2) وزوج النبي زينب بنت جحش من زيد بن حارثة مولاه (3) وقد قال تعالى {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} إذن فالكافر في الدين بهذا المفهوم أعني الطاعة والإدعاء لأوامر الله، واجتناب لنواهيه سرًا وعلانية مجمع عليها بين فقهاء الإسلام أيضًا.
وقول هؤلاء النسوة: إنهن إن لم يتزوجن بأكفاء غير مسلمين يتعرضن إلى الانحراف أو يعشن في وضع حرج هو من نزغ الشيطان ومن رواسب الجاهلية، فعليهن أن يبرأن إلى الله من خواطر ولَّدَهَا الهوى ورباها الكبرياء وأن يدرسنَّ بإمعان سيرة النساء الصحابيات، وأن يتزودن لحسن الأسوة بما ثبت عن الله ورسوله في النسوة حتى يكنَّ على بصيرة من الأمر والله الموفق للجميع.
(1) ابن تيمية الجد، منتقى الأخبار مع نيل الأوطار، كتاب النكاح، باب ما جاء في الكفاءة في النكاح، 6/ 261
(2)
ابن قيم الجوزية: زاد المعاد في هدي خير العباد، حكمه صلى الله عليه وسلم في الكفاءة في النكاح: 4/ 22
(3)
زاد المعاد
السؤال الرابع
ما حكم استمرار الزوجية والمعاشرة بين زوجة دخلت الإسلام وبقي زوجها على الكفر، ولها منه أولاد تخشى عليهم الضياع والانحراف، ولها طمع في أن يهتدي زوجها إلى الإسلام لو استمرت العلاقة الزوجية بينها وبينه؟
وما الحكم فيما إذا لم يكن هناك طمع في إسلامه، ولكنه يحسن معاشرتها وتخشى لو تركته ألا تعثر على زوج مسلم؟
وفي الجواب على هذا السؤال، والله الموفق للصواب، أقول: إذا أسلمت الزوجة، وبقي زوجها على الكفر فلا يخلو الحال من أمرين:
1-
أن تسلم قبل البناء فلم يقر على زوجيتها لبينونتها بمجرد إسلامها قال خليل بن إسحاق المالكي: "وقبل البناء بانت مكانها"(1)
2-
وأما إن أسلمت الزوجة بعد البناء: فلا فرق بين أن تكون مجوسية أو كتابية (أي يهودية أو نصرانية) فقد قال إمام دار الهجرة رضي الله عنه "الزوج أملك بالمرأة إذا أسلم وهي في عدتها، فإن انقضت عدتها فلا سبيل له عليها"(2) .
ولا تقبل دعواه الإسلام قبل انقضاء العدة إلا ببينة (3) .
وإن بانت منه بانقضاء عدتها فهل بينونتها طلاق أو فسخ؟
سئل مالك رضي الله عنه عن ذلك فقال: "لا يكون إسلام أحد الزوجين طلاقًا إنما هو فسخ بلا طلاق"(4)
(1) المختصر: 113
(2)
سحنون، المدونة: 2/ 298
(3)
النفراوي، الفواكه الدواني: 2/ 80: 3/ 156
(4)
سحنون، المدونة: 2/ 298
والأدلة على ما ذكر معرفة في هدي خير العباد صلى الله عليه وسلم مستفيضة منها: ما رواه مالك في الموطأ عن ابن شهاب أنه بلغه، أن نساء كن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرضهن وهن غير مهاجرات وأزواجهن حين أسلمن كفار، منهن بنت الوليد بن المغيرة، وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام، إلى أن قال: فشهد حنينًا والطائف وهو كافر وامرأته مسلمة، ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان واستقرت عنه امرأته بذلك النكاح (1) والمدة التي كانت بين إسلام صفوان بن أمية وبين إسلام زوجته عاتكة نحوا من شهرين وروى مالك رحمه الله في الموطأ عن ابن شهاب أنه قال:"كان بين إسلام صفوان وبين إسلام امرأته نحوا من شهرين، قال ابن شهاب: ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله ورسوله وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها، إلا أن يقدم زوجها مهاجرًا قبل أن تنقضي عدتها"(2)
والمراد بعدم التفرقة بين صفوان بن أمية وزوجته أن نكاحهما لم يفسخ من لدنه صلى الله عليه وسلم وأما التفرقة بأن لا يجامعها فهي متيقنة وأن يذكر الراوي كما قال الباجي (3)
والمدة قدرت في هذا الحديث بنحو الشهرين وجاء في المدونة أن مالكًا قال: قال ابن شهاب: كان بين إسلام امرأة صفوان وبين إسلام صفوان نحوا من شهر (4)
ومنها ما رواه مالك أيضًا عن ابن شهاب: "أن أم حكيم بنت الحراث بن هشام وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل فأسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدم اليمن، فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن، فدعته إلى الإسلام فأسلم، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وثب إليه فرحًا، وما عليه رداء حتى بايعه فثبتا على نكاحهما ذلك"(5) والحديثان مرسلان.
(1) كتاب النكاح: نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله
(2)
كتاب النكاح: نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله: 3/ 157 مع شرح الزرقاني
(3)
المنتقى: 3/ 343
(4)
المنتقى: 2/ 299
(5)
الموطأ، كتاب النكاح، نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله: 3/ 157 - 158
قال الباجي: "ومراسيل ابن شهاب لا يحتج بها غير أن هاتين القصتين: قصة صفوان بن أمية، وقصة عكرمة قد شهرتا وتواتر خبرهما فكان ذلك يقوم لهما مقام الإسناد المتصل"(1)
ومن الأدلة أيضًا ما روي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رد ابنته زينت على زوجها أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول لم يحدث شيئًا" رواه أحمد وأبو داود وفي لفظ: رد ابنته زينب على أبي العاص زوجها بنكاحها الأول بعد سنتين ولم يحدث صداقًا" وكان إسلامها قبل إسلامه بست سنين على النكاح الأول، ولم يحدث شهادة ولا صداقًا" رواه أحمد وأبو داود، وكذلك الترمذي وقال فيه:((لم يحدث نكاحًا)) وقال: هذا حديث ليس بإسناده بأس (2)
وقد روي بإسناد ضعيف عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده، ((أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رد ابنته على أبي العاص بمهر جديد ونكاح جديد)) قال الترمذي في إسناده قال: وقال أحمد: هذا حديث ضعيف، والحديث الصحيح الذي روي أنه أقرهما على النكاح الأول، وقال الدارقطني: هذا حديث لا يثبت والصواب حديث ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ردها بالنكاح الأول (3)
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما يبدو معارضًا لما قلناه سالفًا من أنهما يقران على الزواج الأول ما لم تنقض عدة الزوجة، فإذا انقضت عدتها حصلت الفرقة بين الزوجين، وقد حوصل الباجي إجابات العلماء عن هذا الحديث فقال: ولو ثبت ما روي عن عكرمة عن ابن عباس أنه ردها عليه بالنكاح الأول لاحتمل أن يريد به على مثل الصداق الأول، وقال الزهري: كان ذلك قبل أن تنزل الفرائض، وقال قتادة: كان ذلك قبل أن تنزل سورة براءة بقطع العهود بين المشركين والمسلمين، ويحتمل أنها لم تكن استكملت ثلاث حيض، ويحتمل أن يكون حكمها منسوخًا، وثبت النسخ بالإجماع على أنها إذا انقضت عدتها وقد بانت منه.. (4)
(1) المنتقى: 3/ 343
(2)
ابن تيمية الجد، منتقى الأخبار مع نيل الأوطار، كتاب النكاح، باب الزوجين الكافرين يسلم أحدهما قبل الآخر: 6/ 304
(3)
ابن تيمية الجد، منتقى الأخبار، كتاب النكاح، باب الزوجين الكافرين يسلم أحدهما قبل الآخر: 6/ 304 - 305
(4)
المنتقى: 3/ 345
وأما الحديث المروي بإسناد ضعيف عن عمرو بن شعيب عن جده فحسبنا ما قبل فيه وما نقلناه عن المذهب المالكي: فمن أسلمت بعد البناء بها هو ما ذهب جمهور الفقهاء والأمصار خلافًا لأهل الكوفة في قولهم: هذا حكم الحربيين دون الوثنين وأهل الذمة فإن أسلمت منهم المرأة قبل عرض عليه (أي الإسلام) فإن أسلم في الوقت فهو أحق بها، وإن لم يسلم عجل التفريق بينهما.
والدليل على ما نقوله: أن هذا كفر يمنع استدامة النكاح فكان حكمه موقوفًا على إسلام ككفر الكتابيين الحربيين" (1) وخلافًا للنخعي الذي شذ عن جمهور الفقهاء فلم يتبعه أحد زعم أنها ترد إلى زوجها وإن طالت المدة لما روى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((رد زينب على زوجها أبي العاص بن الربيع بعد ست سنين بالنكاح الأول ولم يحدث نكاحًا)) أي يكون الزوج أملك لحق الزوجية وإن طالت المدة (2)
وقد ذهب ابن القيم مذهبًا آخر فقال ما ملخصه: إن اعتبار العدة مجال لإقرار الزوجية بين الزوجة التي أسلمت وتأخر إسلام زوجها عن إسلامها لا نعرفه في شيء من الأحاديث ولا نعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأل امرأة أسلمت وتأخر إسلام زوجها عنها هل انقضت عدتك أم لا؟ ولو كان مجرد الإسلام فرقة لكان فرقة بائنة لا رجعة فيها فلا يكون للعدة أثر في بقاء النكاح الأول، وإنما أثرها في صنع نكاحا لغير زوجها الأول فلو كان الإسلام قد نجز الفرقة بينهما لم يكن أحق بها في العدة، ولكن الذي دل عليه حكمه صلى الله عليه وآله وسلم أن النكاح موقوف، فإن أسلم قبل انقضاء عدتها فهي زوجته، وإن انتهت العدة فهي بالخيار إن شاءت تزوجت غيره، وإن شاءت انتظرته، فإن أسلم لم يحتج إلى إحداث زواج جديد، وحسبه زواجه الأول ولا نعلم أحدًا ممن أسلم بعد إسلام زوجته جدد إسلامه البتة.
(1) المنتقى: بتصرف
(2)
الصنعاني، سبل السلام: 3/ 133
وبعد عرض ابن القيم وجهة نظره أعرب عن كونها منبثقة عن اختيار الخلال وأبي بكر صاحب الخلال وابن المنذر وابن حزم، وكونها مذهب الحسن وطاوس وعكرمة وقتادة والحكم (1)
ووصف الشوكاني وجهة نظر ابن القيم هذه معقبًا عليها بقوله: وهذا كلام في غاية الحسن والمتانة (2) ووصفها الصنعاني بقوله: هي الأقرب في المسالة (3) وأنا أقول: إنني منذ اهتممت بهذه المسألة في السنة النبوية نحيت هذا المنحى لموافقته لنصوص الحديث الشريف ومواردها، ولكن قلت لا بد من نص من إمام رواية ودراية فوجدت ضالتي في زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم، وناهيك به من إمام.
وبعد عرضي لمناحي الاجتهاد في هذه القضية، وتعلقي بالمنحنى الاجتهادي القيم لابن القيم أفتي السائلين بأن الزوجة التي أسلمت وطمعت في إسلام زوجها الذي ظل كافرًا بعدها بأن لا تمكنه من الوطء ولا تساكنه في خلوة سدا لذرائع الفساد، وهي زوجته ما دامت في العدة، وتدعوه إلى الإسلام، وتكون معه كأم حكيم مع عكرمة كلما دعاها إلى الفراش وهما باليمن تأبى وتقول أنت كافر وأنا مسلمة فقال: إن أمرًا منعك مني لأمر كبير، كما روى ذلك ابن مردويه والدارقطني والحاكم (4) وإن لم يسلم حتى خرجت من العدة فإن شاءت تزوجت، وإن أحبت انتظرته بشرط عدم ملامسته لها المجمع على تحريمه.
وأما ما جاء في السؤال من قول السائل: ما الحكم إذا لم تطمع في إسلامه ولكنه يحسن معاشرتها فمردود بأنه لا يتصور إسلاميًا حسن معاشرة مع زوج كافر يشرب الخمر، ويأكل الخنزير ويكفر برسولها وبكتابها ويلد أولادًا فيتبعونه في دينه، وتطعمه الحرام وتسقيه، ويقوم عليها والشرع قد قطع ولاية الكافرين على المؤمنين فقال تعالى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} .
وأما إدعاء السائل من خوفها على ضياع الأولاد وانحرافهم فمردود أيضًا لأن مالكًا رضي الله عنه سئل عن زوجين نصرانيين أسلمت الزوجة ولها أولاد منه صغار لمن تكون الأولاد؟ وعلى دين من؟ فأجاب: هل على دين الأب.. وكذلك النصرانية إذا كانت حاملًا فأسلمت، ثم ولدت بعد ما أسلمت أن الولد للأب وهم على دين الأب (5)
فأي انحراف يزعمه هذا السائل بعد الكفر؟ بهذا أفتي وأسال الله التوفيق للصواب والله أعلم.
(1) زاد المعاد في هدي خير العباد: 2/ 14 – 15- 16 باختصار وتصرف.
(2)
نيل الأوطار: 6/ 370
(3)
سبل السلام: 3/ 134 بتصرف
(4)
الزرقاني: شرحه على الموطأ: 3/ 185
(5)
سحنون، المدونة: 2/ 307 - 308
السؤال الخامس
ما حكم دفن المسلم في مقابر غير المسلمين حيث لا يسمح بالدفن خارج المقابر المعدة لذلك، ولا توجد مقابر خاصة بالمسلمين في معظم الولايات الأمريكية، والأقطار الأوربية؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد والله الملهم للصواب فأقول: إن الدفن للمسلم في مقابر الكفار في الظروف العادية، ومع الاختيار محرم، وإن حصل وجب التداول ما لم يخش التغير، جاء في العتبية أن ابن القاسم سئل عن امرأة نصرانية قال لها ختنها: أسلمي يا فلانة. فقالت: نعم، وأمرت بغسل ثيابها، وقالت كيف أقول؟ قال: قلت لها: قولي أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته، فقالت كل هذا، ثم ماتت، فدفنت في قبور النصارى.
وقال ابن القاسم: اذهب فانبشها، ثم غسلوها، وصلوا عليها، إلا أن تكون قد تغيرت (1)
قال ابن رشد في شرحه عليها المسمى بـ "البيان والتحصيل" وهذا كما قال لأن الكفار يعذبون في قبورهم وهي تتأذى من أجل ذلك لمجاورتهم، فواجب أن تنبش وتحول إلى مقابر المسلمين (2) وإلى هذه المسألة أشار خليل بن إسحاق في مختصره وقال عاطفًا على ما يتدارك بعد الدفن بالنبش، "ودفن من أسلم بمقبرة الكفار، إن لم يخف التغير"(3) وقد صرح سيدي عبد الباقي الزرقاني في شرحه عليه بأن التدارك هنا واجب ما لم يخش التغير (4)
وذكر الشيخ سليمان الجمل من فقهاء الشافعية أنه إذا مات مسلم بالبحر في سفينة والساحل بعيد، أو به مانع فيجب غسله، وتكفينه، والصلاة عليه، ثم يجعل ندبًا بين لوحين لئلا ينتفخ ثم يلقى لينبذه البحر إلى الساحل وإن كان أهله كفارًا، لاحتمال أن يجده مسلم فيدفنه، ويجوز أن يثقل لينزل إلى القرار وإن كان أهل البر مسلمين.
(1) البيان والتحصيل: 2/ 255 - 256
(2)
البيان والتحصيل: 2/ 255 – 256
(3)
المختصر: 47
(4)
شرح المختصر: 2/ 100
وذلك لأن القصد من دفن الميت في شرعنا العزيز صونه عن انتهاك جسمه، وانتشار ريحه، المستلزم للتأذي بها، واستقذار جيفته، ومنع أذاها عمن عند القبر بحيث لا يتأذى تأذيًا لا يحتمل عادة (1) كما ندبت إلى دفنه في المقبرة التي يكثر فيها الصالحون والشهداء لتناله بركتهم، وكذلك في البقاع الشريفة، وقد روى البخاري ومسلم بإسنادهما أن موسى عليه السلام لما حضره الموت سأل الله تعالى أن يدنيه إلى الأرض المقدسة رمية بحجر، قال النبي صلى الله عليه وسلم:((لو كنت ثم لأريتكم قبره عند الكثيب الأحمر)) (2) ونهت نهي تحريم عن دفنه في مقابر الكفار لتأذيه بمجاورتهم، قال الخرقي من فقهاء الحنابلة: "وإن ماتت نصرانية، وهي حاملة من مسلم دفنت بين مقبرة المسلمين ومقبرة النصارى (3) قال شارحه ابن قدامة: اختار هذا أحمد لأنها كافرة لا تدفن في مقبرة المسلمين فيتأذوا بعذابها ولا في مقبرة الكفار لأن ولدها مسلم فيتأذى بعذابهم، وتدفن منفردة (4)
(1) حاشيته على شرح شيخ الإسلام أبي زكريا الأنصاري على منهجه: 2/ 195
(2)
ابن قدامة: المغني: 2/ 509
(3)
متن الخرقي مع شرح ابن قدامة عليه: 2/ 563
(4)
المغني: 2/ 563
إلى هذا الحد شدد فقهاء الإسلام النكير على دفن المسلم في مقابر الكفار، فإن توفي ببلاد الكفر وحيث لا توجد مقبرة خاصة بالمسلمين فكيف الصنيع في ميزان الشرع؟ إن أمكن نقله إلى بلدة بها مقبرة خاصة بالمسلمين، لا يخشى تغير الميت في أثنائه، وانتهاك حرمته، وثقل مؤنته، ونقل وجوبًا، وإن خيف تغيره أثناء النقل أو ثقلت مؤنة النقل بالوسائل السريعة لا ينقل، أما الأول فلانتهاك الحرمة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:((كسر عظم الميت ككسره حيًّا)) قال السيوطي في بيان سبب هذا الحديث وسياقه ما يلي: عن جابر: ((خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على شفير القبر وجلسنا معه، فأخرج الحفار عظمًا ساقًا أو عضدًا فذهب ليكسرها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تكسرها فإن كسرك إياه ميتًا ككسرك إياه حيًا، ولكن درسه في جانب القبر)) (1) فالحديث دليل صريح على أن حرمة الإنسان ميتًا كحرمته حيًا.
وأما الثاني فلثقل المؤنة: فالنقل بالطائرة يستلزم أموالًا باهظة لا يستطيعها الكثير ويستطيعها النزر اليسر، والحي من المسلمين أولى بها، ولذلك أنكرت عائشة رضي الله عنها لما وقفت على قبر عبد الرحمن أخيها، وقد نقل من الحبشة إلى مكة حيث دفن والمسافة بعيدة، فقالت: والله لو حضرتك ما دُفِنْتَ إلا حيث مِتَّ، قال صاحب المغني: لأن ذلك أخف لمؤنته، وأسلم له من التغيير (2)
وترتيبًا على ما ذكر أفتي إخواني في بلاد الغربة لأن يدفنوا موتاهم متى بعدت المسافة عن مقابر إسلامية بمقابر الكفار، لأن ذلك أخف مؤنة على الأحياء وأبقى لحرمة الأموات وأسلم لهم من التغيير، والله أعلم.
(1) دار الإفتاء المصرية، الفتاوى الإسلامية: 4/ 1332
(2)
المغني: 2/ 510
السؤال السادس
ما حكم بيع المسجد إذا انتقل المسلمون عن المنطقة التي هو فيها، وخيف تلفه أو الاستيلاء عليه، فكثيرًا ما يشتري المسلمون منزلًا ويحولونه مسجدًا فإذا انتقلت غالبية المسلمين من المنطقة لظروف العمل هجر المسجد أو أهمل، وقد يستولي عليه آخرون، ومن الممكن بيعه واستبداله بمسجد مؤسس في مكان فيه مسلمون فما حكم هذا البيع أو الاستبدال؟ إذا لم تتيسر فرصة استبداله بمسجد آخر فما أقرب الوجوه التي يجوز صرف ثمن المسجد فيها؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد –والله الموفق للصواب- سلف المالكية لا يرون بيع الأحباس الأصول والمسجد منها، قال خليل بن إسحاق في مختصره "لا عقار، وإن خرب، ونقض ولو بغير خرب"(1) عاطفا على ما لا يجوز.
وأدلتهم على ذلك ما يلي:
1-
قوله عليه الصلاة والسلام حين قال له عمر: ((أصبحت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط أنفس عندي منه فما تأمرني؟ إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدق بها عمر على أن لا تباع ولا توهب ولا تورث)) (2) الحديث رواه الجماعة.
2-
عمل السلف الصالح يدل على عدم جواز بيع الأحباس الأصول وإن خربت، جاء فيها: لو كان البيع يجوز فيها (أي الأصول) لما أغفله من مضي ولكن بقاؤه خربًا دليل على أن بيعه غير مستقيم، وبحسبك حجة قفي أمر قد كان متقادمًا بأن تأخذ منه ما جرى منه، فالأحباس قديمة ولم تزل وجل ما يوجد منها بالذي به، لم يزل يجري عليه فهو دليلها، فبقاء هذه خرابًا دليل على أن البيع فيها غير مستقيم، لأنه لو استقام لما أخطأ من مضى من صدر هذه الأمة، وما جهله من لم يعمل به حتى تركت خرابًا" (3)
3-
إن ما لا يجوز بيعه مع بقاء منافعه لا يجوز بيعه مع تعطلها كالمعتق.
(1) المختصر: 249
(2)
ابن تيمية الجد، منتفى الأخبار، كتاب الوقف: 6/ 127
(3)
سحنون، المدونة: 6/ 100
4-
سد ذريعة التطرق إلى بيع الأوقاف بدعوى الخراب.
ولا يمكن أن يتأول موقف السلف بحال، جاء عن مالك بكتاب ابن المواز: "وما خرب من الحبس فأراد صاحبه بيعه، والاتخاذ بثمنه ما هو أفضل منه، أو انتقل أهل تلك الناحية، وبطل الموضع فأراد صاحبه، أو من هو بيده بحبس، أو بحوزه أو ولاية بيعه، والاشتراء بثمنه في موضع ظاهر عامر يكون حبسًا لا يجوز له ذلك في الرباع بحال وإن ذهب به الزمان أو العدو (1)
بقي أن سلف المالكية استثنوا من الحكم السابق أرضًا بجوار المسجد يعني محبسة احتيج إليها لتوسعة المسجد أو الطريق، قال ابن جزي: العقار لا يجوز بيعه إلا أن يكون مسجدًا تحيط به دور محبسة، فلا بأس أن يشتري منها ليوسع به، والطريق كالمسجد في ذلك، وقيل: إن ذلك في مساجد الأمصار لا في مساجد القبائل (2)
ورأى المتأخرون من المالكية جواز بيع الأحباس الأصول إذا خربت وتعطلت منفعتها، وتعويضًا بأصل آخر وجعله حبسًا عوضًا عنها، وكثرت فتاواهم بذلك فقد أفتى أبو عبد الله محمد الحفار ببيع فدان محبس على مصرف من مصاريف البر لا منفعة فيه: أن يباع ويشترى بثمنه فدان آخر يحبس وتصرف غلته في المصرف الذي حبس عليه الأول على ما أفتى به كثير من العلماء في هذا النحو، وأفتى ابن رشد في أرض محبسة عدمت منفعتها بسبب جيران: أن تباع ويعوض بثمنها ما فيه منفعة على ما قاله جماعة من العلماء في الربع المحبس إذا خرب، ويكون ذلك بحكم القاضي بعد أن يثبت أن المنفعة فيه، قاله محمد الحفار.
(1) يحيى الخطاب، رسالة في بيع الوقف إذا خرب: 8
(2)
القوانين الفقهية: 356
وبمثل فتوى أبي يعبد الله الحفار أفتى الأستاذ سعيد بن لب (1)
وبمثل فتواهما أفتى ابن هلال في سدس جنان محبس بتازة لا تفي غلته بخدمته: بأن يباع، ويعوض بثمنه ما هو أغبط للحبس (2)
وفي النوازل البرزلي عن شيخه الإمام ابن عرفة ما نصه: "وقعت عندنا مسائل بتونس منها: فندق ابن معطاس تهدم، أفتى شيخنا أن تباع أنقاضه ويغير عن حاله دارًا ورجع هذا القول وحكم به قاضي الجماعة.
ومنها دار خربت من دور المدرسة بالقنطرة أفتى شيخنا ببيعها فبيعت واشترى بثمنها رسم في الغابة بتونس (3)
والقول الأول هو المشهور وعليه جرى العلامة خليل في مختصره، وإن كان العمل قد جرى بتونس وفاس على القول الثاني الذي هو قول المتأخرين والعبرة في جريان العمل العرف لا شهرة القول ورجحانه، قال الزقاق في لاميته:
فإن قيل إن البعض مما نقلته
ضعيف، نعم لكن العرف عولا
(4)
وكما أفتى المتأخرون من المالكية بجواز بيع الأحباس الأصول إذا خربت وتعطلت منفعتها أو قلت أفتوا بجواز الاستبدال والمناقلة والحالة ما ذكر. قال الشيخ ابن أبي زيد القيرواني خاتمة المتقدمين، وفاتحة المتأخرين الملقب بمالك الصغير:"واختلف في المعاوضة بالربع الخرب بربع غير خرب"(5) وعدم جواز المعاوضة فيما ذكر هو المشهور والذي عليه ابن القاسم، وجرى عليه العلامة خليل في قوله الذي نقلته سابقًا عاطفًا على ما لا يجوز: لا عقار وإن خرب ونقض ولو بغير خرب، أي لا يجوز بيع الربع الخرب ولا استبداله بغير خرب ولا بيع أنقاضه، ولكن جرى العمل في تونس وفاس بغير قول ابن القاسم وبغير ما نقله عن مالك وأفتى الكثير من علماء القطرين بجواز معاوضة الربع الحبس الخرب بغير خرب متى وجد الخراب وقَلَّتِ المنعفة، أو تعطلت من باب أولى، وكان الربع الجديد أكثر قيمة ونفعًا في العمليات الفاسية:
كذا معاوضة ربع الحبس
على شروط أسست للمؤتسي
(1) ميارة، الإتقان والأحكام: 2/ 150
(2)
الشيخ الشاذلي بن صالح باش مفتي المالكية بتونس، فتوى في حكم بيع الوقف إذا خرب، نشرت بمجموع طبع بتونس سنة 1316 ص 7
(3)
الشيخ الشاذلي بن صالح باش مفتي المالكية بتونس، فتوى في حكم بيع الوقف إذا خرب، نشرت بمجموع طبع بتونس سنة 1316 ص 7
(4)
متن اللامية مع متن العاصمية: 176
(5)
الرسالة بهامش الفواكه الدواني: 3/ 45
وما قررته سابقًا من الخلاف بين المتقدمين والمتأخرين في حكم بيع الوقف الأصل إذا خرب وتعطلت منفعته أو قلت مقيدًا بما إذا لم يجعل الواقف للموقوف عليه بيعه، وإلا جاز بيعه بإطلاق، كما لو شرط الواقف بيعه لنفسه فيجوز له بيعه عملًا بالشرط قياسًا على شرط الرجوع في صدقته.
ومقيد أيضًا بغير المساجد عند المتأخرين منهم.
أما المساجد فلا يجوز بيعها بحال ولو خربت وتعطلت منفعتها، أو كان بجانبها جيران سوء، أو انتقلت العمارة عنها، قال ابن عسكر المالكي البغدادي في كتابه إرشاد السالك:"ولا يجوز بيع المسجد وإن انتقلت العمارة"(1) وقال القرطبي: ولا يجوز نقض المسجد ولا بيعه ولا تعطيله وإن خربت المحلة" (2) وحكى ابن جزي الإجماع على ذلك (3)
واختلفوا في بيع أنقاضها فعن ابن عبد الغفور: لا يجوز بيع مواضع المساجد الخربة، لأنها وقف، ولا بأس ببيع نقضها إذا أضيف عليه الفساد للضرورة إلى ذلك، وأفتى ابن عرفة في مساجد خربت وأيس من عمارتها بدفع أنقاضها إلى مساجد عامرة احتاجت إليها (4)
وقد أفاض أبو إسحاق الشاطبي في هذه المسألة بما فيه مزيد ضبط وتحقيق فليراجعه من شاء ذلك في الفتاوى له (5)
والخلاصة أن المتقدمين من فقهاء مذهب إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله لا يرون جواز بيع الأحباس الأصول ولو خربت، وتعطلت منفعتها، ولا معاوضتها بربع غير خرب إلا لتوسعة المسجد، والطريق، أو المقبرة، ولا سبيل إلى التوسعة إلا بها، ما لم يجعل الواقف عليه ذلك ولا جاز ما ذكر.
(1) إرشاد السالك مع أسهل المدارك: 3/ 104
(2)
الجامع لأحكام القرآن: 2/ 78
(3)
القوانين الفقهية: 356
(4)
ميارة، الإتقان والأحكام: 2/ 150
(5)
جمع وتحقيق محمد أبي الأجفان: 168 وما بعدها
وإن المتأخرين منهم أجازوا ذلك بشرط خراب الوقف، وتعطل منفعته، وجعل ما اشتري أو استبدل من ربع غير خرب حبسًا في مصرف البر الذي كان فيه الأول لكنهم قيدوا ذلك بغير المساجد، أما المساجد فلا يجوز بيعها ولو خربت وتعطلت منفعتها، أو خربت العمارة حولها، ولا استبدالها بما هو أغبط بالإجماع، واختلفوا في جواز بيع أنقاضها، أو دفعها إلى عمارة مسجد آخر كما سبق.
وأما المذهب النعماني فقد جاء فيه: إذا خرب ما حول المسجد، واستغني عنه، قال أبو حنيفة وأبو يوسف يبقى مسجدًا، لأن المحبس أسقط ملكه بتحبيسه فلا يعود إلى ملكه كالإعتاق، ولأن المسجد الحرام استغنى عنه أهله في زمن الفترة، ولما جاء الله بالإسلام لم يعد إلى ورثة الباني له.
وقال محمد بن الحسن الشيباني: لا يبقى مسجدًا، ويعود إلى ملك المحبس، أو إلى ملك ورثته بعد موته، لأنه عينه لجهة وقد انقطعت بخرابه ففات غرضه منه، وهو القرابة إلى الله تعالى بمكان يصلي فيه الناس فيعود إلى ملكه، كما لو كفن ميتًا ثم أكله سبع وبقي الكفن يعود إلى ملكه كذا هذا، وقال أيضًا: إذا خرب المسجد حتى لا يصلى فيه، فالذي بناه إن شاء أدخله داره وإن شاء باعه، فإن لم يبق المسجد بان فخرب، وبنى أهل المسجد مسجدًا آخر، ثم أجمعوا على بيعه واستعانوا بثمنه، في بناء المسجد الآخر فلا بأس بذلك كما جاء عنه أيضًا: مسجد بادت القرية من حوله، خربت وجعلت مزارع، وخرب المسجد، ولا يصلي فيه أحد، ولا بأس أن يأخذه صاحبه ويبعه لمن يجعله مزرعة، ويأخذ ثمنه فيأكله، أو يجعله مزرعته (1)
وفي المذهب الشافعي: إذا تعطل المسجد بتفرق الناس عن البلد أو خرابها أو بخراب المسجد فلا يعود مملوكًا خلافًا لمحمد بن الحسن "ولا يجوز بيعه بحال ولا التصرف فيه كما لو أعتق عبدًا، ثم زمن لا يعود مملوكًا ثم إن خيف أن تنقضه الشياطين نقض وحفظ، وإن رأى القاضي أن يبنى بنقضه مسجدًا آخر، قال القاضي وابن الصباغ والمتولي: يجوز، وقال المتولي: الأولى من ينقل إلى أقرب الجهات إليه، فإن نقل إلى البعيد جاز، ولا يصرف النقض إلى غير المسجد كالرباطات والقناطر والآبار كما لا يجوز عكسه، لأن الوقت لازم، وقد دعت الضرورة إلى تبديل المحل دون الجهة، والحاصل من ريع وقف عمارة هذا المسجد يصرف إلى عمارة مسجد آخر.
(1) راجع: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي مع حاشية الشهاب الشبي عليه: 3/ 330 - 331
وقال في الحاوي: ريع المسجد الذي خربت محلته يصرف إلى المساكين لأنه مصرف لا ينقطع لفافتهم على الأبد وقال الخوارزمي في الكافي: إذا خرب المسجد لا يجوز بيعه، ولا بيع شيء منه، ولا نقله إلى موضع آخر، ولا نقل شيء منه، هذا هو المنقول عن عامة الأصحاب، قال: وكذلك مسجد في محلة، أو قرية خربت المحلة واندرست القرية لا يجوز نقل ذلك المسجد إلى موضع آخر، قال: والأصلح عندي جواز نقله إلى موضع آخر وهو مذهب أحمد (1)(محرر مذهب الشافعي من إعلان الساجد للزركشي) .
وفي المذهب الحنبلي إذا خرب الوقف وتعطلت منافعه كدار انهدمت أو أرض خربت وعادت مواتًا ولم تمكن عمارتها، أو مسجد انتقل أهل القرية عنه، وصار في موضع لا يصلى فيه، أو ضاق بأهله، ولا يمكن توسعه في موضعه، أو تشعب جميعه فلم تمكن عمارته، ولا عمارة بعضه إلا ببيع بعضه جاز بيع بعضه لتعمر به بقيته وإن لم يمكن الانتفاع بشيء منه بيع جميعه.
وجاء في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية إفاضة في هذا الموضوع وبيانًا للمفتى به في المذهب الحنبلي ومما جاء في فتاواه: إجازة نقل المسجد من مكان إلى آخر محتجًا بعمل عمر رضي الله عنه – وذلك لما قدم عبد الله بن مسعود على بيت المال كان سعد بن مالك قد بنى القصر، واتخذ مسجدًا عند أصحاب التمر فنقب بيت المال فأخذ الرجل الذي نقبه فكتب إلى عمر بن الخطاب، فكتب عمر: أن لا تقطع الرجل وانقل المسجد، واجعل بيت المال في قبلته فإنه لن يزال في المسجد مصلى فنقله عبد الله، فخط له هذه الخطة.
وكذلك أفتى بنقله لضيق المسجد، أو لقذارة موضعه، أو لخوف اللصوص وبجواز بيعه ونقله إلى موضع آخر، فعمر بن الخطاب خرب المسجد الأول مسجد الجامع الذي كان لأهل الكوفة وجعل بدله مسجدًا في موضع آخر، وصار موضع المسجد الأول سوق التمارين.
(1) الزركشي: إعلام الساجد بأحكام المساجد: 345
وذكر أن هذه الصورة هي التي احتج بها أحمد وأصحابه على من خالفهم، وقال أصحاب أحمد: هذا يقتضي إجماع الصحابة –رضي الله عنهم عليها من غير نكير، مع كونهم لا يسكتون عن إنكار ما يعدون خطأ لأنهم أنكروا على عمر النهي عن المغالاة في الصدقات حتى ردت عليه امرأة، وردوه عن أن يحد الحامل فقالوا: إن جعل الله لك على ظهرها سبيلًا فما جعل لك على ما في بطنها سبيلًا، وأنكروا على عثمان في إتمام الصلاة في الحج حتى قال: إني دخلت بلدًا فيه أهلي، وعارضوا عليًا فحين رأى بيع أمهات الأولاد، فلو كان نقل المساجد منكرًا لكان أحق بالإنكار، لأنه أمر ظاهر ففيه شناعة ونقل عن أبي عبد الله ابن تيمية في "ترغيب القاصد" أن المسجد إذا ضاق بأهله أو تفرق الناس عنه، لخراب المحلة، فإنه يباع، ويصرف ثمنه في إنشاء مسجد آخر أو في شقص (مناب) في المسجد (1)
وبعد عرض نصوص المذاهب وأدلتها، وبعد يقيننا بأنه متى وجدت المصلحة فثم شرع الله، وأنه إذا لم يبع ما اتخذ مسجدًا، استولى عليه آخرون، ولم يبقوه مسجدًا، وإن عمر من أجل المصلحة نقل المسجد الجامع من مكانه، وصير المسجد العتيق سوقًا تجارية تعرف في ذلك العهد بسوق التمارين أفتي وأن فقير ربه محيي الدين قادي بجواز بيع المسجد الذي انتقلت بسوق التمارين أفتي وأنا فقير ربه محيي الدين قادي بجواز بيع المسجد الذي انتقلت غالبية المسلمين عنه لمنطقة أخرى وشراء محل صغير للأقلية الباقية لاتخاذه مسجدًا، والاشتراء بالباقي من ثمنه مسجدًا آخر أو منابًا في مسجد، وإن لم يفِ بذلك صرف في سبل الخير لأن ذلك أصلح المسلمين لما روي عن عائشة –رضي الله عنها لما قيل لها: إن كسوة الكعبة قد يداول عليها؟ فقالت: تباع، ويجعل ثمنها في سبيل الخير (2) والله أعلم.
(1) شيخ الإسلام ابن تيمية، الفتاوى: 31/ 227
(2)
الفتاوى: 223
السؤال السابع
كثيرات من بنات المسلمين ونسائهم تدعوهن ظروف العمل أو الدراسة إلى السفر إلى ولايات أخرى (أبعد من مسافة القصر) بالطائرة أو غيرها من وسائل السفر بدون محرم، ومن غير رفقة من نسوة تعرفهن أو يعرفنها غير رفقة المسافرين والمسافرات عادة، فما حكم هذا السفر؟
فأقول في الجواب –والله الموفق للصواب-: ورد في الحديث الصحيح الذي رواه مالك في الموطأ عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((: لا يحل لامرأة تؤمن باله وباليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها)) (1)
والحديث ناطق بحرمة سفر المرأة وحدها، ولا فرق في المرأة بين الشابة والمتجالة (التي ليس للرجل فيها مطمع) وفي نقل للقاضي عياض رحمه الله عن بعض الفقهاء: أن النهي منوط بالشابة، وأما المتجالة فتسافر كل الأسفار بلا محرم ولا زوج.
وتعقبه ابن دقيق العيد: بأنه تخصيص للعموم بالنظر إلى المعنى، وإن لم يرتضه القرطبي وقال: فيه بعد؛ لعدم جواز الخلوة بالمتجالة واعتبار ما لا يطلع لعيه غالبًا من حسدها عورة يحرم النظر إليه، فالظنة موجودة فيها، والعموم صالح فينبغي أن تخرج منه.
وأما ما ورد في السؤال من تقييد السفر بمسافة القصر فمرجعه أن الحديث روي بعديد من الروايات، فحديث أبي سعيد عند الشيخين وغيرهما:((أن تسافر فوق ثلاثة أيام فصاعدًا)) وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين وسنن أبي داود: ((لا تسافر المرأة ثلاثًا إلا ومعها زوج أو محرم)) وفي رواية أحمد رضي الله عنه ((يوم)) وفي أبي داود: ((بريد)) عوض ((يوم)) وفي رواية ((بيومين)) وفي رواية إطلاق السفر من غير التقييد (2)
(1) الموطأ مع شرح الزرقاني: 4/ 391 - 392
(2)
محمد الزرقاني، شرحه على الموطأ: 4/ 392
والفقهاء قد اختلفوا في مسافة القصر على نحو عشرين قولًا، ومن بين أسباب الاختلاف بينهم اختلاف السنن والآثار ومن بينها هذا الحديث المروي بروايات متعددة.
والحق أنه لا تلازم بين مسافة القصر، ووجوب المحرم، لجواز التوسعة في إيجاب المحرم تخفيفًا على العباد (1) بالإضافة إلى ما أجاب به العلماء على اختلاف هذه الروايات وأنه لا تعارض بينها، وأن هذا الاختلاف بحسب السائلين، فسئل مرة عن سفر المرأة يومًا؛ فقال:"لا" وهلم جرا، وليس فيه تحديد، ولا مفهوم أحدها.
والخلاصة أن كل ما يطلق عليه اسم السفر لا يجوز للمرأة وإلا ومعها ذو محرم منها (2)
ولم يستثن الإمام الأعظم والإمام أحمد ومن وافقهما سفرًا من الأسفار لا سفر الحج ولا غيره عند انعدام الزوج أو المحرم منها، قالوا: إن الزوج أو المرحم شرط في استطاعة الحج للمرأة، فالسفر حرام عليها إلا مع أحدهما.
وذهب مالك والشافعي في المشهور عنهما ومن وافقهما إلى عدم اشتراط المحرم في سفر الحج، وجاء في المدونة: من لا ولي لها تخرج مع من تثق به من الرجال والنساء واختلف في تأويلها: هل مرادة مجموع الصنفين أو مع جماعة من صنف منهما؟ وأكثر ما نقل عن الإمام رضي الله عنه: اشتراط النساء (3) وقال الشافعي: تحج مع امرأة مسلمة حرة ثقة.
هذا والخلاف يجري في حج الفرض، أما حج التطوع فالاتفاق جار على اشتراط المحرم منها أو الزوج (4) وقيده لحطاب من المالكية بيوم وليلة فأكثر، شابة كانت أو متجالة.
(1) الصنعاني، سبل السلام: 2/ 39
(2)
النووي: شرحه على صحيح مسلم مع إرشاد الساري: 6/ 33
(3)
محمد الزرقاني: شرحه على موطأ مالك: 4/ 392
(4)
الحطاب، مواهب الجليل: 2/ 524
وسبب الخلاف في حج الفرض معارضة الأمر بالحج والسفر إليه للنهي عن سفر المرأة ثلاثًا إلا مع ذي محرم وذلك أنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عباس وابن عمر أنه قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم)) فمن غلب عموم الأمر قال: تسافر للحج وإن لم يكن معها ذو محرم، ومن خصص العموم بهذا الحديث أو رأى أنه من باب تفسير الاستطاعة قال: لا تسافر للحج إلا مع ذي محرم (1)
وقد نقل الحطاب أن حكم سفرها الواجب جميعه حكم سفرها لحجة الفريضة في الخروج مع الرفقة المأمونة، وعزا هذا القول إلى القاضي عبد الوهاب وغيره، وذلك كسفرها لحجة النذر، والقضاء وجميع الأسفار الواجبة عليها.
كما نقل عن الباجي تقييد إطلاق الحديث بالانفراد والعدد اليسير، أما القوافل العظيمة فهي عند الباجي كالبلاد يصح سفر المرأة فيها بدون نساء وذوي محارم، وذكر هذا القيد الزناتي في شرحه على رسالة ابن أبي زيد رضي الله عنه على أساس أنه المذهب وقيد به قول ابن أبي زيد: والقوة على الوصول إلى مكة، إما راكبًا أو راجلًا مع صحة البدن، ونص كلام الزناتي على ما ذكر الحطاب ما يلي:"إذا كانت في رفقة مأمونة ذات عَدَدٍ وعُدَدٍ أو جيش مأمون من الغلبة والمحلة العظيمة فلا خلاف في جواز سفرها من غير ذي محرم في جميع الأسفار الواجب منها والمندوب والمباح من قول مالك وغيره إذ لا فرق بين ما تقدم ذكره وبين البلد، هكذا ذكره القابسي ونقله في الإكمال عن الباجي وقَبِلَه: ولم يذكر خلافه "(2) .
وبعد بسطنا للمسألة من خلال فقه أئمة المذاهب، واعتمادًا منا على ما قيد به الباجي الحديث، وعلى وصف الزناتي لذلك القيد بأنه المذهب (أي المعتمد في المذهب المالكي) وعزوه للقابسي وبعد نقل صاحب الإكمال له، دون ذكر خلافه، وبعد نظرنا في تطور وسائل النقل تطورًا سريعًا تكفي الدقائق لانتقال الإنسان من ولاية إلى ولاية أبعد من مسافة القصر وبعد نظرنا في تقييد الحطاب السفر بمسيرة ليوم وليلة فأكثر وبعد الاطلاع على أن للشافعي قولًا أنها تسافر وحدها إذا كان الطريق آمنًا (3) أفتى هؤلاء البنات المسلمات بجواز السفر بالحافلات والقطارات والطيارات وبغيرها من وسائل النقل التي تعظم فيها الجماعات ويكون لها شبه بالجيوش والبلدان والمحلات بغير زوج لهن ولا محرم منهم، والله أعلم. حرره فقير ربه محي الدين قادي.
(1) ابن رشد الحفيد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد: 1/ 311 - 312
(2)
مواهب الجليل: 2/ 524
(3)
الصنعاني: 2/ 183
السؤال الثامن
بعض النساء أو الفتيات تضطرهن ظروف العمل، أو الدراسة إلى الإقامة بمفردهن، أو مع نسوة غير مسلمات، فما حكم هذه الإقامة؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد –والله ولي التسديد- فأقول: جاء الإسلام الحنيف معلنا مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في أصل الخلقة الإنسانية، فقال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وقال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} وقال صلى الله عليه وسلم:((النساء شقائق الرجال)) ، رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي، ومبدأ المساواة بينهما في الانتساب إلى الجامعة الإسلامية، فقال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وصرح فقهاء الإسلام بأن خطاب الأمة الإسلامية في القرآن الكريم يشمل الجنسين: الذكر والأنثى ولو كان بصيغة التذكير.
وانطلاقًا من مساواة المرأة للرجل فيما ذكر، جاءت المساواة في التشريع بينهما أصلًا لا يتخلف، إلا عند وجود مانع: جبلي أو شرعي أو اجتماعي، أو سياسي، وفي كل إما أن تكون دائمًا أو مؤقتًا (1) ، ولم ينص على شيء من ذلك فيما أعلم.
واهتداء هذا الأصل من أصول التشريع الإسلامي للنظام الاجتماعي تقرر في الفقه الإسلامي جواز إقامة المرأة المسلمة في مسكن خاص بها له غلق ومرافق متى توفر لها الأمن ولا أعلم في ذلك خلافًا، فعن ابن مسعود رضي الله عنه في نساء نعي إليهن أزواجهن، وتشكين الوحشة يجتمعن بالنهار، ثم ترجع كل امرأة إلى بيتها بالليل، وأخرج الشافعي وعبد الرزاق عن مجاهد مرسلًا:((أن رجالًا استشهدوا بأحد، فقال نساؤهم: يا رسول اله، أنا نستوحش في بيوتنا أفنبيت عند إحدانا؟ فأذن لهن أن يتحدثن عن إحداهن، فإذا كان وقت النوم تأوي كل واحدة إلى بيتها)) كما دل قوله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه مسلم في صحيحه: ((لا يبيتن رجل عند امرأة إلا أن يكون ناكحًا أو ذا محرم)) بطريق دلالة الالتزام على أن المسلمة يجوز لها أن تقيم في مسكن بمفردها وإلا لما ورد النهي عن البيات معها إلا لناكح أو ذي محرم.
(1) راجع كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية لسماحة الأستاذ الإمام محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله: 100 وما بعدها، وكتاب أصول النظام الاجتماعي في الإسلام له أيضًا: 147 وما بعدها، والأشباه والنظائر للسيوطي رحمه الله: 237 وما بعدها
هذا ما يتعلق بشطر السؤال الأول، وهو إقامتها بمفردها في منزل خاص بها. وأما ما يتعلق بشطر السؤال الثاني وهو: إقامتها مع نسوة غير مسلمات فلا يجوز لها ذلك، قال تعالى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} إلى أن قال جل جلاله {أَوْ نِسَائِهِنَّ} قال القرطبي في تفسير ذلك يعني المسلمات، وتدخل في هذا الإماء المؤمنات، ويخرج منه نساء المشركين من أهل الذمة غيرهم فلا يحل لامرأة مؤمنة أن تكشف شيئًا من بدنها بين يدي امرأة مشركة إلا أن تكون أمة لها، فذلك قوله تعالى:{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} وكان ابن جريح وعبادة بن نسي وهشام القارئ يكرهون أن تقبل النصرانية المسلمة، أو ترى عورتها، ويتأولون {أَوْ نِسَائِهِنَّ} وقال عبادة بن نسي: وكتب عمر صلى الله عليه وسلم إلى أبي عبيدة بن الجراح: "أنه بلغني أن نساء أهل الذمة يدخلن الحمامات مع نساء المسلمين، فامنع ذلك، وحُلْ دونه فإنه لا يجوز أن ترى الذمية عرية المسلمة، قال: فعند ذلك قام أبو عبيدة، وابتهل وقال: أيما امرأة تدخل الحمام من غير عذر، لا تريد إلا أن تبيض وجهها، فسود الله وجهها يوم تبيض الوجوه، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يحل للمسلمة أن تراها يهودية أو نصرانية لئلا تصرفها لزوجها، وفي هذه المسألة خلاف للفقهاء"(1)
وهذا أولًا، وثانيًا عملًا بقاعدة سد الذرائع وذلك أن المرأة المسلمة موجودة بمجتمع الغرب الذي يعيش بلا قيم ولا أخلاق، لا سيما في مجال الجنس فقد أصبح طليقًا من كل اليوم، فلا يعقل أن نلقي بها في بؤرة فساد ونلزمها بعد ذلك أن تكون عفيفة طاهرة؛ لأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه:
ألقاه في اليم مكتوفًا، وقال له
إياك إياك أن تبتل بالماء
وثالثًا: أن الخلاف قد جرى بين السلف من الفقهاء في نظر غير المسلمة إلى المسلمة، لا في مساكنتها، وللمساكنة معنى زائد عن النظر.
رابعًا: أن الخلاف بين السلف من الفقهاء في نظر الذمية إلى المسلمة.
ونحن نعلم أن شيمة أهل الذمة الصغار بخلاف كفار اليوم فهم الأعزاء والمتسلطون على العالم.
وترتيبًا على ذلك أُفتي أخواتي في بلاد الغربة بأنه يجوز لهن الإقامة بمفردهن في مسكن خاص له غلق ومرافق متى توفر الآن، ولا يجوز لهن أن يساكن غير المسلمات كتابيات أو غير كتابيات لأنهن كالرجل الأجنبي بالنسبة لهن، والله أعلم.
(1) الجامع لأحكام القرآن: 12/ 233
السؤال التاسع
كثيرات من النساء هنا (أمريكا الشمالية) يذكرن أن أقصى ما بإمكانهن سترة من أجسادهن هو ما عدا الوجه والكفين، وبعضهن تمنعهن جهات العمل، أو الدراسة، من ستر رؤوسهن وأعناقهن، فما أقصى ما يمكن السماح بكشفه من أجزاء جسم المرأة بين الأجانب في محلات العمل أو الدراسة؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد والله الموافق للصواب: أن ما قاله جل النسوة من أن أقصى ما يستطعن ستره من أجسادهن هو ما عدا الوجه والكفين هو شرع الله جلل جلاله، إذ عورة المرأة إذا حاضت جميع جسدها ما عدا الوجه والكفين عند مالك والشافعي وأحمد في إحدى روايتيه: أن الحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها، مع قول أبي حنيفة: أنها كلها عورة كذلك إلا وجهها وكفيها وقدميها ومع الرواية الأخرى عن أحمد: إلا وجهها خاصة (1)
ونسب ابن رشد الحفيد إلى الأمام أحمد قولًا ثالثًا وهو أن المرأة كلها عورة (2) ولم يعزه ابن قدامة في مغنيه إلى الإمام أحمد وإنما إلى بعض أهل المذهب الحنبلي، فقال: وقال بعض أصحابنا المرأة: كلها عورة لأنه قد روى في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((المرأة عورة)) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، ولكن رخص لها في كشف وجهها وكفيها لما في تغطيته من المشقة، وأبيح النظر إليه لأجل الخطبة لأنه مجمع المحاسن، وهذا قول أبي بكر الحارث ابن هشام قال: المرأة كلها عورة حتى ظفرها (3)
وأرجع ابن رشد الحفيد الخلاف في هذه المسألة إلى الاحتمال القائم في قوله عز وجل {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} هل هذا المستثنى إلى أن المقصود أعضاء محدودة أم إنما المقصود ما لا يملك ظهوره؟ فمن ذهب إلى أن المقصود من ذلك ما لا يملك ظهوره عند الحركة، قال: بدنها كله عورة حتى ظهرها واحتج لذلك بعموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} .
ومن رأى أن المقصود من ذلك ما جرت به العادة بأنه لا يستر وهو الوجه والكفان ذهب إلى أنهما ليسا بعورة، واحتج لذلك بأن المرأة ليست تستر وجهها في الحج" (4)
(1) الشعراني، الميزان الكبرى: 1/ 170
(2)
بداية المجتهد: 1/ 111
(3)
بداية المجتهد: 1/ 601
(4)
بداية المجتهد: 1/ 111
وسيأتي في الجواب عن السؤال السابع عشر مزيد إيضاح لهذه المسألة.
وأما منع بعض الجهات النسوة العاملات عندهن وبعض أماكن الدراسة التلميذات أو الطالبات أو المدرسات من ستر رؤوسهن وأعناقهن وسؤالهن عن أقصى ما يمكن السماح بكشفه من أجزاء جسم المرأة، فالجواب عنه على حسب مذهب الجمهور هو أن بدن المرأة كله عورة ما عدا وجها وكفيها إذا بلغت المحيض، ورخص ابن جرير الطبري لها في كشف يديها إلى نصف الذراع معتمدًا على حديث يرويه عن سيدتي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وهو:((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر إذا عركت أن تظهر إلا وجهها ويديها إلى هاهنا وقبض على نصف الذراع)) (1) كما ذكر الأستاذ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور أن بعض الفقهاء جعل الشعر من الزينة الظاهرة حاكيًا له بقيل المشعرة بتمريضه (2) ويدل على ضعفه وأيضًا أنه إذا كشف شعر الرأس بدا الجيد واللبة، ولا أحد من الفقهاء فيما أعلم قال بجواز كشفهما، بل جاء في حواشي يوسف الصفتي من المالكية على شرح ابن تركي على متن العشماوية أن الوجه في العورة غير الوجه في الوضوء، لأنه يجب ستر الشعر ولو كانت غماء (3) هذا أولًا، وثانيًا لما لهما من الأثر العجيب في تحريك الشهوة.
وترتيبًا على ذلك أقول: لا يجوز للمرأة إذا عركت- عاملة كانت أو تلميذة في ثانوية، أو طالبة في جامعة أو مدرسة- أن تبدي أكثر من وجهها وكفيها، والله أعلم.
(1) القرطبي الجامع لأحكام القرآن: 12/ 222
(2)
التحرير والتنوير: 18/ 207
(3)
حواشي الصفتي: 83
السؤال العاشر
يضطر كثير من الطلاب المسلمين إلى العمل في هذه البلاد لتغطية نفقات الدراسة والمعيشة لأن كثيرًا منهم لا يكفيه ما يرده من ذويه مما يجعل العمل ضرورة له، لا يمكن أن يعيش بدونه، وكثير منهم لا يجد عملًا إلا في المطاعم تبيع الخمور وتقدم الوجبات فيها لحم الخنزير وغيره من المحرمات فما حكم عمله في هذه المحلات؟
وفي الجواب عن هذا السؤال والله الموفق للصواب، أقول: لم يضبط في السؤال دين صاحب المطعم أو نحلته، والذي يظهر أنه غير مسلم أصالة أو استحلالًا للمحرمات، أو فاسقا معايشا للمعاصي.
وعلى كل فالشريعة الإسلامية تحرم على السلم إجارة نفسه للمعاصي قال عبد الرحمن بن عسكر البغدادي المالكي: "لا تجوز إجارة نفسه أو عبده أو دابته أو داره في عمل معصية"(1) ، فإن فعل شيئًا من ذلك فقد تعدى حدود الله {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} وللقاضي ردعه وتأديبه (2) ودليل ذلك قوله تعالى {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} والإجارة على المعصية إعانة عليها.
وتنوعت أمثلة ذلك، قال ابن عبد البر في كافيه: ولا يجوز لأحد أن يكري معصرته ولا دابته، ولا سفينته ممن يعمل الخمر ويحملها، وإن فعل ذلك أخذ منه ما قبض ذلك من النصراني لم يحكم له بشيء، وهكذا لو أكرى بيته، أو حانوته، أو قطعة من أرضه ممن يبيع فيها الخمر (3)
وكلام ابن عبد البر عام في المؤاجر نفسه لمعصية عند مسلم أو عند كافر، وأما قوله:"وإن لم يقبض من النصراني" فهو مخرج على الغالب، أن المعهود في عصره رحمه الله أنه لا يتاجر في الخمرة بيعًا إلى النصارى.
(1) إرشاد السالك إلى أشرف المسالك مع شرحه أسهل المدارك: 2/ 342
(2)
الكشناوي، أسهل المدارك: 2/ 342
(3)
ابن عبد البر، الكافي: 2/ 756
وأما إن كان هؤلاء الطلبة يؤاجرون أنفسهم في بلاد الحرب لغير المسلمين في مطاعم تبيح الخمور ولحم الخنزير لحرفائها وغيرها من المحرمات فذلك أشد لأن فقهاء الإسلام كرهوا للمسلم مؤاجرة نفسه للنصراني واليهودي في الحلال له، قال ابن القاسم المالكي: وبلغني أن مالكًا كره أن يؤاجر المسلم نفسه من النصراني (1) وقال أيضًا: سئل مالك عن المسلم يأخذ من النصراني مالًا قرضًا، فكره ذلك له وغيره من أهل العلم قد كره ذلك، وقال: سئل مالك عن المسلم يؤاجر نفسه لنصراني ليحرس له زيتونه، أو يجره له أو يبني له بنيانًا؟ فأجاب: أكره أن يؤاجر نفسه في خدمة هذا النصراني" (2)
والكراهة هنا كراهة تنزيه، ويجوز للمسلم ذلك لأن الإجارة عقد معاوضة كالبيع وإجارة المسلم نفسه فيها مباح له لخدمة النصراني مشروطة بعدم إذلالها أو ليس للمسلم أن يذل نفسه عمومًا وخصوصًا للكافر والله جل جلاله يقول:{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} وأما مع الإهانة فحرام ككونه خادمًا في بيته يقدم له الطعام ويغسل يديه منه ويجري خلفه ويفسخ وله أجر ما عمل (3)
وأما موقف فقهاء الإسلام من مؤاجرة المسلم نفسه في عمل معصيته هي محرمة عليه في شريعة الإسلام فالمنع البات جاء في المدونة: قلت: أرأيت مسلمًا آجر نفسه من نصراني يحمل له خمرًا على دابته أو على نفسه، أيكون له من الأجر شيء؟ أم تكون له إجارة مثله؟
(1) سحنون، المدونة: 4/ 433
(2)
سحنون المدونة: 4/ 433
(3)
أحمد الدردير، الشرح الكبير: 4/ 19
قال: قال مالك: لا تصلح هذه الإجارة، ولا أرى أنا له من الإجارة التي سمى، ولا من إجارة مثله قليلًا ولا كثيرًا، لأن مالكًا قال في الرجل المسلم يبيع خمرًا، قال مالك: لا أرى أن يعطى من ثمنها قليلًا ولا كثيرًا، والكراء عندي بهذه المنزلة لا أرى أن يعطى من الإجارة قليلًا ولا كثيرًا، قلت: وكذلك أن آجر حانوته من نصراني يبيع فيه خمرًا قال ابن القاسم: وأرى كل مسلم آجر نفسه أو غلامه أو دابته أو داره أو بيته أو شيئًا مما يملكه في شيء من الخمر فلا أرى له من الإجارة قليلًا ولا كثيرًا، ولكن يفعل فيه إن كان قبض ما وصفت لك في ثمن الخمر" (1) قال خليل بن إسحاق المالكي رحمه الله في مختصره ذاكرًا مفهوم المنفعة المحظورة:"ولا تعليم غناء ودخول حائص لمسجد أو دار لتتخذ كنيسة كبيعها لذلك وتصدق بالكراء وبفضلة الثمن على الأرجح"(2) ومثل ذلك الإجارة على تقديم لحم الخنزير الذي هو حرام على المسلم في هذه المطاعم، ويؤدب فاعل ذلك، قال ابن القاسم في مسلم آجر نفسه لنصراني ليرعى له خنازيره: أنا أرى أن تؤخذ الإجارة من هذا النصراني ويتصدق بها على المساكين ولا يعطاها هذا المسلم أدبًا لهذا المسلم، ولأن الإجارة أيضًا لا تحل لهذا المسلم إذا كانت إجارته من رعيه الخنازير، ورأى أن يضرب هذا المسلم أدبًا، فيما صنع من رعيه الخنازير ورضاه من رعيه الخنازير إلا أن يكون ممن يعذر بالجهالة فيكف عنه في الضرب ولا يعطى من الإجارة شيء، ويتصدق بالأجرة على المسلمين ولا تترك الأجرة للنصراني" (3)
وجاء في المذهب الحنفي: "من استأجر حمالًا يحمل له الخمر فله الأجر في قول أبي حنيفة، عند أبي يوسف ومحمد لا أجر له، كذا ذكر في الأصل وذكر في الجامع الصغير أنه يطيب له الأجر في قول أبي حنيفة وعندهما يكره لهما لأن هذه إجارة على المعصية، لأن حمل الخمر معصية، لكونه إعانة على المعصية وقد قال الله عز وجل:{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ولهذا لعن الله تعالى عشرة منهم: حاملها والمحمول إليه، ولأبي حنيفة أن نفس الحمل ليس بمعصية بدليل أن حملها للإراقة والتخليل مباح، وكذا ليس بسبب المعصية وهو الشرب لأن ذلك يحصل بفعل فاعل مختار وليس الحمل من ضرورات الشرب فكانت سببًا محضًا فلا حكم له كعصر العنب وقطفه، والحديث محمول على الحمل بنية الشرب، وبه نقول: إن ذلك معصية ويكره أكل أجرته (4)
(1) المدونة: 4/ 424 – 425
(2)
المختصر: 239
(3)
سحنون، المدونة: 4/ 426
(4)
الكاساني، البدائع: 4/ 190
السؤال العاشر
ما قررناه في المذهب المالكي قال به الإمام الشافعي واعتمد في المذهب الحنبلي حسبما ذكره ابن قدامة في مغنيه (1)
وأدلة تحريمه كثيرة مستفيضة في هدي خير العباد وفي آثار السلف الصالح.
أما هديه صلى الله عليه وسلم فمن جوامع كلمه قوله: ((إن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه)) ، وفي حديث الموطأ أن ابن وعلة المصري سأل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عما يعصر من العنب؟ فقال: ابن عباس: ((أهدى رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما علمت أن الله حرمها؟ قال: لا، فساره رجل إلى جنبه، فقال له صلى الله عليه وسلم: بم ساررته؟ قال: أمرته أن يبيعها: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الذي حرم شربها حرم بيعها)) (2) والإجارة بيع لمنفعة.
وأما أثار السلف الصالح فقد ساق منها سحنون في المدونة الكثير من ذلك:
1-
ما روي عن عياض بن عبد الله السلامي أنه قال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما: إن لي إبلًا تعمل في السوق ريعها صدقة تحمل الطعام فإذا لم تجحد فربما حملت خمرًا؟ فقال: لا يحل ثمنها، ولا كراؤها ولا شيء منه كان ثمنها فيه سببا" ففتوى عبدا لله بن عمر صريحة ناطقة بتحريم كل ثمن أنجز من حركة في الخمر.
(1) المغني: 5/ 551
(2)
ابن القيم: زاد المعاد، ذكر أحكامه صلى الله عليه وسلم في البيوع: 4/ 239
2-
ما روي عن عميرة المعافري فقال: خرجت حاجًا أنا وصاحب لي حتى قدمنا المدينة فأكرى صاحبي راحلته من صاحب خمر فأخبرني فذهب إلى عبد الله بن عمر فسأله عن ذلك فنهاه عن ذلك وقال: لا خير فيه.
3-
ما روي عن مالك بن كلثوم أنه سأل سعيد بن المسيب عن غلمان له يعملون في السوق على دواب له، فربما حملت خمرًا، قال: فنهاني سعيد عن ذلك أشد النهي، وقال: إن استطعت أن لا تدخل البيت الذي فيه الخمر فلا تدخله (1)
وبعد هذا العرض الواسع والمشتمل على تحريم الإجارة في كل منفعة محرمة وبعد إفرادنا للإجارة في الخمر عصرًا وحملًا، وللإجارة على رعي الخنازير وهو أقل جرمًا من تقديم لحومها إلى آكليها، وهو (أقل جرمًا) وبعد تيقنا من أن السنة النبوية الشريفة ما حرمت شيئًا إلا حرمت أكل ثمنه بيعًا، وأنها لعنت في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له، وبعد علمنا بكل ذلك أفتي هؤلاء الطلبة أن لا يؤاجروا أنفسهم في شيء من عمل الخمر، ولا من عمل الخنازير حملًا وتقديمًا وغير ذلك ولا في عمل محرم لأن الله ما حرم شيئًا إلا حرم أكل ثمنه، وما جعل كسب المسلم في ما حرم عليه وما أحل الله أوسع وأطيب، والله الموفق للصواب وهو حسبي ونعم الوكيل.
(1) المدونة: 4/ 425
السؤال الحادي عشر
ما حكم بيع المسلم للخمور والخنازير، أو صناعة الخمور وبيعها لغير المسلمين، علمًا بأن بعض المسلمين في هذه البلدان قد اتخذوا من ذلك حرفة لهم؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد والله الموفق للصواب أقول: روى مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم وعن أبي وعلة المصري أنه سأل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عما يعصر من العنب؟ فقال ابن عباس: ((أهدى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما علمت أن الله حرمها؟ قال: لا، فساره رجل إلى جنبه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بم ساررته؟ فقال: أمرته أن يبيعها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الذي حرم شربها حرم بيعها، ففتح الراجل المزادتين حتى ذهب ما فيهما)) (1)
وروى مالك في الموطأ أيضًا " عن نافع عن بن الله أن رجالًا من أهل العراق قالوا له: يا أبا عبد الرحمن، أنا نبتاع من ثمر النخل والعنب فعنصره خمرًا، فنبيعها؟ فقال عبد الله بن عمر: إني أشهد الله عليكم وملائكته، ومن سمع من الجن والإنس أني لا آمركم أن تبيعوها، ولا تباعوها ولا تعصروها، ولا تشربوها ولا تسقوها، فإنها رجس من علم الشيطان"(2)
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام)) فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال: هو حرام، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك:((قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه)) رواه الجماعة (3)
(1) الموطأ، كتاب الأشربة: جامع تحريم الخمر: 4/ 172
(2)
الموطأ: 4/ 174
(3)
ابن تيمية الجد، منتقى الأخبار، كتاب البيوع: باب ما جاء في بيع النجاسة وآلة المعصية، وما لا نفع فيه: 5/ 235
وعن ابن عباس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وأن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه)) رواه أحمد وأبو داود.
وإذا تأملنا هذه الأحاديث الشريفة وجدنا أن حديث الموطأ الأول متضمن حرمة عصر الخمور وصناعتها، لأن ابن وعلة المصري سأل حبر الأمة عن حكم ذلك فروى له هذا الحديث الشريف جوابًا عن سؤاله، كما تضمن الحديث أن حرمة أكل الثمن، تابعة لحرمة الشرب.
وأما علة التحريم فالرجسية أي النجاسة، والنجس لا يصح بيعه بوجه عام إلا ما رخص فيه، فقال ابن عاصم في تحفة الأحكام:
ونجس صفقته محظورة
ورخصوا في الزبل للضرورة
هذا أولًا، وثانيًا: سد الذريعة، لأن إباحة بيعها تؤدي إلى شربها، ذلك ما قاله العلامة الزرقاني في شرحه على الموطأ (1)
هذا وإذا عصرها مسلم لتشرب خمرًا محظورًا وجب عليه أن يريقها، فإن اجترأ وخللها فعن مالك في ذلك روايتان: بالجواز والكراهة.
وأما حديث الموطأ الثاني فالعراقيون السائلون لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما صانعو خمور ولعلهم حديثو عهد بالإسلام (كما قال الزرقاني) وابن عمر منعهم من ذلك، ولا خلاف نعلمه في منعه، والأصل في ذلك الحديث الأول فقد قال صلوات الله وسلامه عليه، للذي أهدي إليه راوية خمر:((إن الذي حرم شربها حرم بيعها)) .
(1) شرح الموطأ: 4/ 172
والعصير المستخلص من التمر والعنب متفق على ما منبع بيعه وابتياعه وجمهور الفقهاء على إطلاق اسم الخمير على كل ما خامر العقل فأسكره، وأن ما أسكر كثيره قليله حرام شراب وبيعها، فقد صح عنه صلوات الله وسلامه عليه:((كل مسكر خمر)) قال ابن القيم: وهذا نص رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيح الصريح الذي لا مطعن في سنده: ولا إجمالا في متنه.. وإخراج صنف من أصناف المسكر عن اسم الخمر يتضمن محذورين:
أحدهما: أن يخرج من كلامه ما قصد دخوله فيه.
والثاني: أن يشرع لذلك النوع الذي أخرج حكم غير حكمه، فيكون تغييرًا لألفاظ الشارع ومعانيه، فإنه إذا سمى ذلك النوع بغير الإسم الذي سماه به الشارع أزال عنه حكم ذلك المسمى وأعطاه حكمًا آخر.
ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم أن من أمته من يبتلى بهذا كما قال: ((ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها)) قضى قضية كلية عامة، لا يتطرق إلها إجمالًا ولا احتمال، بل هي شافية كافية فقال صلى الله عليه وسلم ((كل مسكر خمر)) (1)
هذا والذي يظهر من قول ابن عمر رضي الله عنهما: "ولا تعصروها ولا تشربوها، ولا تسقوها فإنها رجس من عمل الشيطان" المنع من كل تصرف مقصود فيها، وعمل لها، معللًا ذلك بالرجسية، وكونها من عمل الشيطان ومريدًا والله أعلم قوله تعالى {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} والاجتناب قاض بالكف عن كل تصرف مقصود ففها وعمل لها، وفي الحديث:((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبايعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له)) هذا ما يتعلق ببيع الخمر وعصرها وصناعتها، وكل تصرف مقصود فيها، وعمل لها.
وأما ما يتعلق بيع الخنازير فقد ورد في هدى خير العباد في الحديث الثالث الذي رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما تحريم بيع الخمر الخنزير والانتفاع به مع ترخيص المالكية في الانتفاع بشعره للخرز بعد جزه لطهارته، فقال خليل بن إسحاق بالعطف على الطاهر وشعر ولو من خنزير إن جزت (2) وعلى هذا أبو يوسف والأوزاعي.
والجمهور على أن علة تحريم بيع الخنزير نجاسته، وعند المالكية ومن وافقهم تحريمه (3)
وأما ما ورد في السؤال ممن تقيد بيعها بغير المسلمين فهو قيد لاغ، لأن اختلاف الدارين لتباين الأحكام إذ دعوة الإسلام نور وهدى، ورحمة وشفاء لا يختلف باختلاف الرباع والأماكن، فإن باع مسلم نصرانيًا خمرًا تراق عليه بحكم أن كان ثم حاكم يرى تخليلها، وإلا أراقها من غير رفع، لأن المسلم لا يصح له تملك الخمر بحال.
وترتيبًا على كل ما سبق أفتي وأنا فقير ربه محيي الدين قادي أنه لا يجوز لمسلم أن يبيع الخمور والخنازير، ولا أن يصنع الخمر وأن ليؤدي على ذلك، والله أعلم.
(1) زاد المعاد في هدى خير العباد: 2/ 240
(2)
المختصر: 5
(3)
راجع فتح الباري لابن حجر: 4/ 425 - 426
السؤال الثاني عشر
هناك كثير من الأدوية تحوي كميات مختلفة من الكحول تتراوح بين 01? و 25? ومعظم هذه الأدوية من أدوية الزكام واحتقان الأنف والحنجرة والسعال وغيرها من الأمراض السائدة، وتمثل هذه الأدوية الحاوية للكحول ما يقرب من 95? من الأدوية في هذا المجال مما يجعل الحصول على الأدوية الخالية من الكحول عملية صعبة أو متعذرة فما حكم تناول هذه الأدوية؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أقول والله الموفق للصواب: التداوي بالخمر مسألة جرى فيها الخلاف بين علماء الإسلام ففي المذهب الحنفي أثيرت هذه المسألة فقال الزيلعي في شرحه على الكنز في كتاب الكراهية: كل تداو لا يجوز إلا بالأشياء الطاهرة ولا يجوز بالنجس كالخمر، لما روى ابن مسعود أنه عليه السلام قال:((أن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم)) ذكره البخاري.
وقال: وقال في النهاية: يجوز التداوي بالمحرم كالخمر والبول، إذا أخبره طبيب مسلم أن فيه شفاء، ولم يجد غيره من المباح ما يقوم مقامه، والحرمة ترتفع للضرورة فلم يكن متداويًا بالمحرم، فلم يتناوله حديث مسعود.
ويتحمل أنه قال في داء عرف له دواء غير المحرم (1) كلام الزيلعي.
وقال العلامة ابن نجيم في البحر من كتاب الشهادات: إن الإنسان لو شرب الخمر للتداوي لم تسقط عدالته، لأن الاجتهاد فيه مساغًا، ونسبه لابن الكمال (2)
وجاء في المذهب المالكي في هاته المسألة الإشارة أيضًا إلى الخلاف داخل المذهب فيما قال المواق في التاج والإكليل في باب: المباح طعام طاهر، بعد أن تكلم عن جواز إزالة الغصة بالخمر وعدم الجواز: وأما التداوي بها فمشهور المذهب أنه لا يحل، وإذا قلنا: إنه لا يجوز التداوي بها ويجوز استعماله للضرورة، فالفرق أن التداوي لا يتيقن البرء بها" (3)
(1) بيين الحقائق شرح كنز الدقائق: 6/ 23
(2)
البحر: 7/ 26
(3)
التاج والإكليل مع مواهب الجليل بالهامش: 3/ 233
وقال العتبي: وسئل (أي مالك) عن الذي تكون له القرحة أيغسلها بالبول والخمر؟ فقال: إذا أنقى ذلك بالماء بعد فنعم له ذلك، وأني لأكره الخمر في كل شيء الدواء وغيره يعمد إلى ما حرم الله في كتابه، وذكر نجاسته يتداوى به، ولقد بلغني أنها أشياء يدخلها من يريد الطعن في الدين والغض عليه، فقيل له: فالبول عندك أخف؟ فقال: نعم.
قال ابن رشد الجد في شرحه على العتبية: "إنما رأى غسل الجرح بالبول أخف من غسله بالخمر، لأن لله تبارك وتعالى قال في الخمر: أنها رجس، وأمر باجتنابها حيث يقول: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فاقتضى ظاهر الأمر باجتنابها بحمله على مقتضاه من العموم الشرب وغيره، والبول لم يأت فيه ذلك إلا أنه نجس بالإجماع، فحرم التداوي بشربه، وجاز الانتفاع به في غسل الجرح وشبهه، قياسًا على ما أجازته السنة من الانتفاع بجلد الميتة النجس"(1)
إذن مذهب إمام دار الهجرة يحرم التداوي بالخمر شربًا وغسلًا ودهنًا على المعتمد، وأما المذهب الشافعي فقد قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "كتاب الأشربة والتعازير" من شرحه على منهجه: "كل شراب أسكر كثيره من خمر أو غيره حرم تناوله وإن قل ولم يسكر لآية {إِنَّمَا الْخَمْرُ} ولخبر الصحيحين: ((كل شراب أسكره فهو حرام)) وخبر مسلم: ((كل مسكر خمر، وكل خمر حرام)) ولو كان تناوله للتداول أو عطش لو لم يجد غيره لعموم النهي عنه (2)
(1) ابن رشد: البيان والتحصيل: 188/ 428 - 429
(2)
شرح المنهج: 5/ 158
وقيد سلمان الجمل في حاشيته على شرح شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على منهجه كلامه بقيدين:
1-
ما لم تستهلك الخمر في غيرها.
2-
أن لا يوجد دواء طاهر يقوم مقامها.
وإلا جاز التداوي بها.
ثم قال: والأصح تحريمها صرفًا لخبر: ((إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها)) .
وأما مستهلكة مع دواء آخر فيجوز التداوي بها كصرف بقية النجاسات، إن عرف، أو أخبر طبيب عدل بنفعها وتعينها بأن لا يغني عنها طاهر.
ولو احتيج في قطع يد متآكلة إلى زوال عقل صاحبها نحو ساعة ببنج جاز لا بمسكر مائع (1)
وجاء في آخر كتاب الأشربة لابن عابدين في حاشية رد المحتار على الدر المختار ما نصه: سئل ابن حجر المكي عمن ابتلي بأكل نحو الأفيون وصار إن لم يأكل منه هلك؟
فأجاب: إن علم ذلك قطعًا حل له بل وجب لاضطراره إلى إبقاء روحه كالميتة للمضطر، ويجب عليه التدريج في تنقيصه شيئًا فشيئًا حتى يزول تولع المعدة به من غير أن تشعر فإن ترك ذلك فهو آثم فاسق.
قال الرملي: وقواعدنا لا تخالفه (2)
وفي المذهب الحنبلي لا يجوز شربها للتداوي فإن شربها لذلك لم يبح له. وعليه الحد.
ودليلهم ما رواه الإمام أحمد بإسناد عن طارق بن سويد أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أصنعه للدواء، فقال:((إنه ليس بدواء ولكنه داء)) .
وبإسناده عن مخارق ((أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة، وقد نبذت في جرة، فخرج والنبيذ يهدر، فقال: ما هذا؟ فقالت: فلانة اشتكت بطنها فنقعت لها، فدافعه برجله فكسره، وقال: إن الله لم يجعل فيما حرم عليكم شفاء)) ولأنه محرم لعينه، فلم يبح للتداوي كلحم الخنزير، ولأن الضرورة لا تندفع به فلم يبح كالتداوي بها فيما لا تصلح له (3)
(1) حاشية الجمل على شرح المنهج: 5/ 158
(2)
نهاية المحتاج: 5/ 297
(3)
ابن قدامة، المغني: 8/ 308
وبعد عرض نصوص المذاهب الأربعة من أمهاتها المعتمدة في الفتوى وبعد استخلاص أن ثلاثة منها جري فيها الخلاف في جواز التداوي بالخمر وعدم الجواز وهي الحنفي والمالكي والشافعي وأن المذهب الحنبلي فقط لا يجيز شربها للتداوي فيما علمت، وبعد وضعنا نصب أعيننا ما رواه وائل بن حجر أن طارق بن سويد الجعفي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهاه عنها: فقال: ((إنما أصنعها للدواء؟ فال: إنه ليس بدواء ولكنه داء)) وقول ابن مسعود في المسكر الذي ذكره البخاري: أن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم، وما رواه الإمام أحمد عن مخارق: إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة وقد نبذت نبذًا في جرة، فخرج ولا نبيذ يهدر فقال:((ما هذا؟)) فقالت: فلانة اشتكت بطنها، فنقعت لها، فدفعه برجله فكسره، وقال:((إن الله لم يجعل فيما حرم عليكم شفاء)) ، وبعد العلم أنه لا منازع في عموم قوله تعالى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} وأنهم اختلفوا في تخصيص القرآن العام بالسنة واتفقوا على عدم تخصيص عموم القرآن بالحديث الضعيف، وبعد العلم بما أولت به هذه الأحاديث وما شابهها من قبل القائلين بجواز التداوي بالمحرمات وبالمسكر منه فقالوا: إن الأحاديث المانعة من التعالج بالخمر محمولة بالمحرمات وبالمسكر منها فقالوا: إن الأحاديث المانعة من التعالج بالخمر محمولة على أن الحرمة ارتفعت بالضرورة، أو الحاجة منزلتها لما يلحق تارك التعالج بها من انخرام في صحته، أو لحاق شديد الحرج به إن لم يتداو بها، فلم تتناول الأحاديث المذكورة، أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ذلك في أمراض عرف لها دواء طاهر ميسور غيرا لخمر أو أنها محمولة على الخمر صرفًا.
فإذا وعينا كل هذا وأضفنا إليه أن مادة الكحول في عالمنا المعاصر لها الأثر الفعال في ميدان التطبيب وقاية وعلاجًا، وأن كثيرًا من الأدوية كما جاء بالسؤال تحوي على كميات منها تتراوح بين 01? و 25? وأن معظم هذه الأدوية من أدوية الزكام واحتقان الأنف والحنجرة والسعال وغيرها من الأمراض المنتشرة لا سيما في البلاد البردة، وأن هذه الأدوية تمثل ما يقارب 95? من لأدوية، وأن الحصول على أدوية غير كحولية عملية صعبة وشاقة، وأن علما لطب أثبت لبعض الأدوية التي يتوقف علاج بعض الأمراض عليها كالبنيسلين ضررًا، ولكنه أخف من المرض المعالج به، وأن من قواعد فقهاء الإسلام المتعارفة بينهم: أن الضرر الأشد يزال بالأخف (1) وأنه من القدر الدواء، وأن التداوي إن لم يكن ضروريًا فهو حاجي، وأن الحاجة عامة كانت أو خاصة تتنزل منزلة الضرورة (2) وأن الضرورة أو الحاجة تقدر بقدرها (3)
وانطلاقًا من كل ما سلف، وترتيبًا عليه أفتي وأنا فقير ربه محي الدين قادي وإني بدار الغربة بجواز التداوي بالأدوية الكحولية متى أخبر بنفع ذلك طبيب عارف بمهنته، ثقة فيها، ولم يوجد دواء غير كحولي ميسور، أو كان دون الكحولي في النفع فدين الله يسر، وليس بعسر، والله أعلم.
(1) ابن نجيم: الأشباه والنظائر: 96
(2)
السيوطي، الأشباه والنظائر: 88
(3)
السيوطي، الأشباه والنظائر: 88
السؤال الثالث عشر
هناك الخمائر والجلاتين توجد فيها عناصر مستخلصة من الخنزير بنسب ضئيلة جدًا، فهل يجوز استعمال الخمائر والجلاتين؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد والله ولي التوفيق فأقول: هناك قاعدة مشهورة: " الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ومعرفة حكم استعمال هذه الخمائر والجلاتين يتوقف على تصورنا لحقيقتها".
جاء في دائرة المعارف لمحمد فريد وجدي: يسمى بالخميرة أجسام متعضونة لا ترى إلا بالميكروسكوب، وهي قد تكون نباتية أو حيوانية تحيا وتنمو في بعض الأجسام العضوية، فتحيلها إلى متحصلات أخرى، العمل الكيماوي الذي تحدثه الخميرة يسمى " تخميرًا "(1) كما ورد في نفس الموضوع ذكر الجلوتين باعتباره مادة تخمر الأشياء (2)
وبهذا التصور الإجمالي لكلمتي خمائر وجلاتين، وبعد معرفتنا أن السؤال وارد عن بعض هذه الخمائر والجلاتين المحتوي على نسب ضئيلة من أكياس توجد في معدة الخنزير بالنسبة إلى الخماير أو من عظمه بالنسبة إلى الجلاتين، وأن هذه النسبة الضئيلة جدًا أقول: إن الخلاف جار بين الفقهاء في كون النجاسة تطهر بالاستحالة أو لا؟
قال ميارة عن كلامه على ما يظهر بالاستحالة: "ومنه القمح النجس يزرع، فينبت هو طاهر.. ومنه الخمر إذا تحجر، أي جمد، وصار طرطارًا على المشهور وكذلك إن صارت خلًا، وفي ذلك طريقتان:
طريقة ابن رشد: إن تخللت بنفسها فلا خلاف في طهارتها، ومحل القولين إذا خللها صاحبها بالمعاناة والمعالجة.
والطريقة الثانية: أن القولين في المخللة بذاتها، والمخللة بالصنعة حكاها عياض عن وضاح.
ولأبي محمد عبد الواحد الونشريسي في نظم إيضاح المسالك لوالده:
ولابن رشد حل ما تخللا
بنفسه، والخلف فيما خللا
(3)
وجاء في البيان والتحصيل لابن رشد: "قال ابن القاسم في سماع عيسى من كتاب الضحايا: في الجدي يرضع الخنزيرة، أحب إلى أن لا يذبح حتى يذهب ما فيه بطنه ولو ذبح مكانه لم ير به بأسًا"(4)
(1) دائرة المعارف: 3/ 795
(2)
دائرة المعارف: 3/ 795
(3)
الشرح الكبير على المرشد المعين: 88 - 89
(4)
البيان والتحصيل: 1/ 155
ولعل النظير والشبيه لهذه القضية المطروحة ما جرى بالمغرب الأقصى في القرن الثالث عشر الهجري حين أخبر بعض الثقات ممن له مزيد فطنة، ويتيقظ أن سكر القالب الذي جلب من بلاد الروم، ويجعلون فيه الدم المسفوح عند طبخه للتصفية، ثم يبالغون فيه بالعمل طبخًا وتصفية إلى أن يصير في النهاية من البياض والصلابة مفرغًا في القوالب على الشكل المواصل إلينا، وكثر التساؤل نظمًا ونثرًا عن حكم ما استعمل فيه من المشروبات والمأكولات أهو الجواز أو الحرمة؟ وتعددت الإجابات، واختلفت.
وممن أجاب عن السؤال وأجاب أبو الربيع سليمان الحوات في نحو كراسة، ومما جاء في إجابته، "وهب أن تنجيس النصارى للسكر بما ذكر، قد ثبت الثبوت المعتبر، بل تواتر فيما مضى وغبر، لا يحرم أكله، ولا يمنع بيعه لطهارته بعد الاستحالة إلى صلاح، وعدم استقذاره فإنه دم منعقد طاهر لاستحالته إلى صلاح، وإن كان جزء حيوان، لاتصافه بنقيض علة النجاسة، وهي علة الاستقذار وقد قال الحطاب: إن جواز أكله كالمعلوم من الدين بالضرورة، وكلام الفقهاء في أكل المحرم الطعم الممسك دليل على ذلك.
وقد صحح البرزلي جواز استعمال ما يصبغ بالدم، أو بالبول، وأجراهما على النجاسة تنقلب أعيانها إلى صلاح، وأما طهارته لكثرة الأعمال فيه، من تكرار طبخه مرارًا، والسكر في أوان تختلف بحسب كل طور من أطوار طبخه، إلى غير ذلك مما في التذكرة للشيخ داود فكأنه به أحمر قان مائع، فإذا هو أبيض جامد كالحجارة أو أشد لا أكثر لعين الدم النجس فيه بحال طعمًا ولا لونًا، لا ريحًا، وإذا تحقق ذهاب عين النجاسة فلا معنى لمنع ما سواه نحو ما في الرحلة العياشية عن سيدي أحمد بن عمران في الملف الذي يصنع ببلاد الروم من الصوف لمنتوف من الغنم الحية، إن الجزء النجس منها لا يبقى مع الأعمال الكثيرة التي يصير بعدها ملفًا بالغ الصنعة من دق وغسل وقصر وغزل، ونسيج وغير ذلك، بل يضمحل بالكلية، فلا يمنع حينئذ من لبسه لتحقق ذهاب عين النجاسة منه، ودون هذه الأعمال المتداولة على السكر والملف بكثير عمل الزيت المتنجس، وقد أفتى المازري بجواز استعماله إن لم يتغير أحد أوصافه، وقال: إنه الصحيح عندي على أصل المحققين ثم التطهير بكثرة الأعمال في المتنجس كالسكر والزيت أظهر منه في نفس النجس الذي هو الصوف المنتوف كما أنه أظهر فيهما معا من الطعام الذي طبخ فيه روث الفرس وهو غالب على الطعام وقد أفتى ابن عرفة بأكله.
لا يقال: إن هذا السكر يحتمل عقلًا أن يبقى فيه شيء من أثر الدم النجس ولو بولغ في أعماله؛ لأنا نقول: هذا الاحتمال إنما هو من جملة التجويزات العقلية وهي لا تعتبر في الأحكام الفقهية التي هي على غلبة الظن مبنية على أنه احتمال جار عقلًا في أكثر الأشياء دائمًا، إذ ما من طعام، أو شراب أو ثياب أو غيرها إلا وهو محتمل عقلًا لتعلق شيء من النجاسة به، ولا ينتفي الاحتمال عنه بتكرر الأعمال فيه أبدًا، فالاستثناء إذن في ذلك إنما هو إلى حكم العادة ولا إلى مجرد التجويز العقلي (1)
وقال ابن تيمية من فقهاء الحنابلة: الاستقراء دلنا أن كل ما بدأ الله بتحليله وتبديله من جنس إلى جنس مثل جعل الخمر خلا، والدم منيا، والعلقة مضغة، ولحم الجلالة الخبيث طيبا، وكذلك بيضها ولبنها والزرع المسقى بالنجس إذا سقي بالماء الطاهر وغير ذلك، وأنه يزول حكم التنجيس، ويزول حقيقة النجس، واسمه التابع للحقيقة، وهذا ضروري لا يمكن المنازعة فيه فإن جميع الأجسام المخلوقة في الأرض فإن الله يحولها من حال إلى حال ويبدلها خلقًا بعد خلق، ولا التفات إلى موادها وعناصرها.
وأما ما استحال بسب كسب الإنسان كإحراق الروث حتى يصير رمادًا ووضع الخنزير في الملاحة حتى يصير ملحًا ففيه خلاف مشهور، والقول بالتطهير اتجاه وظهور (2)
وانطلاقًا من كل النصوص الفقهية التي نقلت والمقتضية أن النجاسة تطهر بالاستحالة أفتي إخواني المسلمين في بلاد الغربة وغيرها من بلاد الإسلام بحلية ما تستعمل فيه الخمائر والجلاتين المذكورة، واستعمال غيره من الخمائر النباتية، أو الجلاتين التي تحتوي على نسب من عظم حيوانات مذكاة ويحل لنا أكلها كالبقر أولى وأدخل في باب اتقاء ما يريب، والله أعلم.
(1) محمد الطالب بن حمدون بن الحاج السلمي، حاشية على الشرح الصغير لميارة علي المرشد: 146 - 147
(2)
ابن تيمية، الفتاوى: 21/ 600 - 601
السؤال الرابع عشر
يضطر معظم المسلمين إلى إقامة حفلات الزفاف لبناتهم في مساجدهم، وكثيرًا ما يتخلل هذه الحفلات رقص وإنشاد، أو غناء، ولا تتوفر لهم أماكن تتسع لمثل هذه الحفلات، فما حكم الإقامة هذه الحفلات في المساجد؟
في الجواب عن هذا السؤال أفيد والله ولي الهداية والتسديد فأقول: لقد ورد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بإعلان النكاح، والضرب بالدفوف، ورفع الأصوات بالغناء فعن محمد بن حاطب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت والنكاح)) رواه الخمسة إلا أبا داود، وعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:((أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالغربال)) 9.
وعن ابن عباس قال: أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أهديتكم الفتلة؟ قالوا: نعم، قال: أرسلتم معها من يغني؟ قالت: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الأنصار قوم فيها غزل، فلو جمعتم معها من يقول: أتيناكم، أتيناكم
…
فحيانا، وحياكم)) رواهما ابن ماجه (1)
وفي هذه الأحاديث التي سقتها دليل على جواز ضرب الأدفاف، ورفع الأصوات بشيء من الكلام نحو: أتيناكم الخ.. وما يشاكله، لا بالأغاني المهيجة للشرور، المشتملة على وصف الجمال والفجور، ومعاقرة الخمور فإن ذلك يحرم في النكاح كما يحرم في غيره، وكذلك سائر الملاهي الملهية (2)
وقلت في صدر الكلام: ورد الأمر في السنة وظاهر الأمر الوجوب ولعله لا قائل به فيكون مسنونًا (3) وذلك بالشرط السالف الذكر.
(1) ابن تيمية الجد، منتقى الأخبار، كتاب النكاح، باب الدف واللهو في النكاح: 6/ 336
(2)
الشوكاني، نيل الأوطار: 6/ 337
(3)
الصنعاني، سبل السلام: 3/ 117
إذن حفلات الزفاف إذا روعيت فيها الآداب الإسلامية مندوب غليها مرغب فيها لكن إقامتها في المساجد هي مركز الاهتمام، قال محمد بن رشد: المساجد إنما اتخذت لعبادة الله عز وجل بالصلاة والذكر والدعاء فينبغي أن تنزه عما سوى ذلك، قال الله عز وجل {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} أي أمر بذلك، ومن ترفيعها ألا ينشد فيها الشعر (1)
وقال خاتمة المحققين ابن عابدين الحنفي: ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنشد الأشعار في المسجد.. ووفق بينه وبين ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم وضع لحسان منبرًا ينشد عليه الشعر، يحمل الأول على ما كانت قريش تهجو به ونحوه مما فيه ضرر، أو على ما يغلب على المسجد حتى يكون أكثر من فيه مشتغلًا به (2)
وقيد رحمه الله الإنشاء بنشيد الأعراب وهو إنشاد الشعر من غير لحن (3)
والقضية التي وقعت الإشارة إليها في كلام ابن رشد الجد عجوز المذهب كما يلقب عند المالكية، وعند العلامة ابن عابدين الذي أدركنا شيوخنا بجامع الزيتونة يلقبونه بخاتمة المحققين، في المذهب النعماني هي جواز إنشاد الشعر بالمساجد أو منعه، واختلاف الفقه في ذلك لورود أحاديث متعارضة في ظاهرها، فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن عمر رضي الله عنه مر بحسان بن ثابت رضي الله عنه ينشد في المسجد فلحظ إليه –أي نظر إليه وكان حسان فهم من نظرة عمر إنكاره لصنيعه) فقال: قد كنت أنشد فيه، وفيه خير منك –يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم متفق عليه.
وفي هذا الحديث الشريف جواز إنشاد الشعر في المسجد، وقد عارضته أحاديث أخر، منها ما أخرجه ابن خزيمة وصححه الترمذي من حديث عمر بن شعيب عن أبيه عن جده قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تناشد الأشعار في المسجد.
وقد وقع الجمع بين هذه الأحاديث التي ظاهرها التعارض بما ذكره العلامة ابن عابدين وبغيره لكن الوجه الأخير من وجه التوفيق بين هذه الأحاديث المتعارضة هو الصواب، والوجه الأول مردود بحديث جابر بن سمرة الذي رواه الإمام أحمد عنه قال:((شهدت النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرة في المسجد وأصحابه يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية وهو ساكت، فربما تبسم معهم)) أخرجه الترمذي وقال: حديث صحيح.
(1) البيان والتحصيل: 1/ 237
(2)
رد المحتار على الدر المختار: 1/ 444
(3)
رد المحتار على الدر المحتار: 1/ 443
وفي هذا الحديث التصريح بأنهم يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية، فيكون المنهي عنه ما إذا كان التناشد غالبًا على المسجد حتى يتشاغل به من فيه، وقد قيد ابن العربي إنشاد الشعر في المسجد بعدم رفع الصوت بالإنشاد بحيث يشوش بذلك على مصل أو قارئ أو منتظر الصلاة، فإن أدى إلى ذلك كره، ولو قيل بتحريمه لم يكن بعيدًا (1) وقال الونشريسي من فقهاء المالكية: أجاز الشيوخ قراءة الحساب في المسجد وإعراب الأشعار الستة بخلاف قراءة المقامات لما فيها من الكذب والفحش، وكان ابن البراء بالجامع الأعظم بتونس لا يقرؤها فيه إلا بالدويرة منه، إذ ليس للدويرة حكم الجامع.
قال ابن عرفة: وفي فتوى ابن رشد بإدخال من لا غنى له عن مبيته بالمسجد من سدنته لحراسته، ومن اضطر لمبيت به من شيخ ضعيف أو زمنٍ أو مريض، أو رجل لا يستطيع الخروج ليلًا للمطر والريح والظلمة ظروفًا لها للبول نظر، لأن ما يجوز له اتخاذه بها غير واجب، وصونها عن ظروف البول واجب، ولا يخل في نفل بمعصية، ولا تسل به سيوف، ولا يحدث به حدث الريح، وعمل الحبشة به منسوخ، قال عياض: ولأنه من أعمال البر.
وأفتى ابن لبابة أيضًا وأصحابه بعدم منع المستحلقين في المسجد للخوض في العلم وضروبه لفعل الأئمة ومالك، قال سهل: إطلاقه غير صحيح إنما ذلك لمن يوثق بعلمه ودينه، وقصر كلامه على ما يعلمه في غير أوقات الصلوات حتى لا يضر بالمصلي، أهـ.
(1) الشوكاني، نيل الأوطار: 2/ 168
قال ابن عرفة: وهذا التقييد صحيح لانعقاد الإجماع على عدم قبول الفتيا من مجهول الحال حتى يشتهر بالعلم والدين (1)
فإذا كانت المقامات لا تقرأ بجامع الزيتونة من طرف لإمامة ابن البراء فيه وإنما تقرأ في الدويرة: بالرغم على أنها تقرأ للتعلم أو التعليم.
وإذا منع من اضطر لمبيت بالمسجد من مريض وزمن، وعاجز عن الخروج بالليل لمطر لاحتياجه إلى ظروف البول، والواجب تنزيه المسجد عنها، جريًا على القاعدة التي رواها أشهب عن مالك: لا يدخل في نفل بمعصية، وإذا كان رقص الحبشة في المسجد النبوي الشريف بالدف والحراب بحضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو مدرسة لتعلم فنون الحرب في ذلك الزمن قد اختلف العلماء فيه، فمن قائل بالنسخ ومن قائل: إنه عمل من أعمال البر.
وإذ كانت حِلَقِ العلم تقيد العلوم والمعارف التي تلقى فيها بعلم الحق، حتى لا يقال في بيت من بيوت الله أن ترفع باطل، وبصحة الدين حتى تراعى آداب المسجد، ويقيد وجودها في غير أوقات الصلوات حتى لا يشغل ذلك مصلٍّ وإلا كان المنع منها.
وإذا كان هذا التقييد من طرف بن سهل بما ذكر لكلام ابن لبابة يكفي التأييد من الإمام ابن عرفة رحمه الله مدعمًا له بأن الإجماع على عدم قبول الفتيا من مجهول الحال حتى يشتهر بالعلم والدين.
وإذا كان كل ذلك فكيف تنتهك حرمة المسجد الذي هو بيت الله، ومكان العبادة والذكر والتسبيح، بالغناء المثير للشهوة الجنسية، وبالرقص الذي هو من أعظم المهيجات لها في شتى أنماطه وأشكاله في التي تشتمل على تثن وانعطاف لا سيما النمط الغربي فهو مغرق في التهييج لها، وصورة مصفرة من الزنا، هذا أولًا، وثانيًا: سئل إمام دار الهجرة عن الغناء الذي يفعل بالمدينة فقال: إنما يفعله عندنا الفساق.
(1) المعيار: 11/ 13
وهذا محمول على غناء النساء، وأما الرجال فغناؤهم مذموم أيضًا، بحيث إذا داوم أحد على فعله أو سماعه سقطت عدالته، لما فيه من إسقاط المروءة ومخالفة السلف، حكى عياض عن التميمي أنه قال: كنا عند مالك وأصحابه حوله فقال رجل من أهل نصيبين: يا أبا عبد الله، عندنا قوم يقال لهم الصوفية، يأكلون كثيرًا، ثم يأخذون في القصائد ثم يقومون فيرقصون؟ فقال مالك: أصبيان هم؟ قال: لا، قال: أمجانين هم؟ قال: لا، قوم مشائخ وغير ذلك عقلاء، فقال مالك: ما سمعت أحدًا من أهل الإسلام يفعل هذا.
انظر كيف أنكر مالك وهو إمام السنة أن يكون في أهل الإسلام من يفعل هذا إلا أن يكون مجنونًا أو صبيًا، فهذا بين أنه ليس من شأن الإسلام، ثم يقال: ولو جعلوه على جهة اللعب كما يفعله الصبي، لكان أخف عليهم مع ما فيه من إسقاط الحشمة وإذهاب المروءة، وترك هدي أهل الإسلام وأرباب العقول (1)
ولنتأمل في نص هذه الفتوى من إمام دار الهجرة ومن التعليق عليها الوارد في معيار الونشريسي في الغناء والرقص، ولنقف عند الغناء في أي مكان من الغناء المحتوي على الغزل والفجور صناعة الفساق وعد الرقص ولو من طرف من يفعلونه تقربًا إلى الله كالصوفية من البدع المنكرة، لنعرف على أي خطر سيقدم من يقيم حفلة فيها رقص وغناء في بيت من بيوت الله التي أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه، لأنه يمارس في المسجد الغناء وهو فعل الفساق، والرقص ذا التثني والانعطاف والمثير للشهوة وهو صورة مصغرة من الزنا إذا كان في شكله الغربي، ولا ضرورة تدعو لذلك حتى في غير المساجد، إذ الضرورة هي التي إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة يدل على فساد وفوت حياة وفي الآخرة فوت النجاة والنعيم. (2)
وانطلاقًا من كل ذلك أُفتي بحرمة التجمعات المختلطة من الجنسين في المساجد إذا لم تراع فيها الآداب المطلوبة في الفقه الإسلامي من جلوس المرأة في قاع المسجد، وبحرمة ممارسة الرقص والغناء في المساجد وعد ذلك من أشد المنكرات المسقطة للعدالة والمذهبة للمروءة. والله أعلم.
(1) المعيار: 11/ 41
(2)
الشاطبي: الموافقات 2/ 4
السؤال الخامس عشر
ما حكم زواج الطالب والطالبة المسلمة زواجًا لا ينوي استدامته، بل النية منعقدة عنده على إنهائه بمجرد انتهاء الدراسة والعزم على العودة إلى مكان الإقامة الدائم ولكن العقد يكون –عادة- عقدًا عاديًا وبنفس الصيغة التي يعقد بها الزواج المؤبد فما حكم هذا الزواج؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أقول –ومنه جل جلاله بلوغا المأمول-: إن حكم زواج الطالب المسلم بدار الغربة زواجًا لا ينوي استدامته، بل نيته منعقدة على إنهاءه بمجرد انتهاء الدراسة، والعزم على العودة إلى دار الإسلام الجواز.
جاء في الشرح الكبير لأبي البركات سيدي أحمد الدردير: وحقيقة نكاح المتعة الذي يفسخ أبدًا أن يقع العقد مع ذكر الأجل للمرأة أو وليتها، وأما إذا لم يقع ذلك في العقد، لم يعلمها الزوج بذلك، وإنما قصده في نفسه، وفهمت المرأة أو وليها المفارقة بعد مدة فإنه لا يضر.
وهي فائدة تنفع المتغرب (1) لكن قال مالك –رحمه الله ليس من أخلاق الناس (2) المعنى أن النكاح كما ذكر في قول أبي البركات صحيح في قول عامة أهل العلم إلا الأوزاعي قال: هو نكاح المتعة.
ثم قال: إنه لا بأس به، ولا تضر نيته، وليس على الرجل أن ينوي حبس امرأته وحبسه إن وافقته وإلا طلقها. (3)
وأما المطالبة الواردة في السؤال فهي مقحمة لا معنى لإقحامها في السؤال، إذ المرأة لا تملك فك العصمة، وإنما ذلك ملك للزوج قال عليه الصلاة والسلام "إنما الطلاق لمن أخذ بالساق" رواه الدارقطني وابن ماجة، وأخرجه الطبراني وابن عدي. ولكن قال شيخنا محمد الحطاب بوشناق المفتي الحنفي بمحروسة تونس سابقًا: وإنما للمرأة أن تشترط وقت النكاح أن تكون عصمتها بيدها فيصير الطلاق حينئذ من حقوقها توقعه في أي وقت. (4)
وترتيبًا على ما ذكر أفتي - وأنا الفقير إلى ربه الغني محيي الدين قادي - إخواني بدار الغربة بذلك. والله أعلم.
(1) الشرح الكبير: 2/ 239
(2)
د. محمد سويسي، الفتاوى التونسية في القرن الرابع عشر الهجري: 2/ 812 مرقونة.
(3)
ابن قدامة. المغني: 6/ 665
(4)
د. محمد سويسي، الفتاوى التونسية في القرن الرابع عشر الهجري: 2/ 810 مرقونة.
السؤال السادس عشر
بعض الحكومات النصرانية (خاصة في أمريكا الجنوبية) تفرض على رعاياها التسمي بالأسماء النصرانية، وتضع قوائم بأسماء اختارتها للأطفال ذكورًا كانوا أو إناثًا، ولا تسمح بتسجيل المواليد بأسماء تختار من غير هذه القوائم، فما حكم تسمي المسلمين بهذه الأسماء؟ وما الحلول التي تقترحونها في هذه الأحوال؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد –والله ولي الفتح والتسديد-: التسمي بالأسماء النصرانية جائز للمسلم ما لم يكن فيه انتماء لصنم، أو وثن، أو عبودية لغير الله كعبد المسيح، أو تبرك بمتعبداتهم كابن كنيسة القيامة، أو نصراني أو نصرانية يزعمون أنهما من الصالحين، ولم يثبت ذلك عندنا، أما إذا جاء في شرعنا الإسلامي نسبته إلى الصلاح كمتى ويهوذا، أو برنبا من حواري السيد المسيح عليه السلام فيجوز للمسلم أن يسمي ابنه بذلك الاسم، بل يندب إليه لأنه اسم لولي من أولياء الله، ولأنه قصد به التفاؤل، أو إشعار بتزكية كصلاح الدين ومحيي الدين ذكر ذلك العلامة ابن عابدين وذكر أن بعض المالكية ألف في منع الأسماء المشعرة بتزكية مؤلفًا خاصًا، ونقل عن القرطبي المالكي التصريح بذلك في شرح أسماء الله الحسنى، كما نقل عن الإمام النووي أنه كان يكره من يلقبه بمحيي الدين، يقول: لا أجعل من دعاني به في حل. (1)
فإذا خلا الاسم النصراني أو غيره عما ذكرته جاز بصورة عامة، وندب إذا قصد به صاحبه التفاؤل لمن سماه به كما ذكرت.
(1) يراجع رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين: 5/ 268 - 269
ويندب لإخواننا المسلمين في بلاد الغربة أن يراعوا الآداب التي نص عليها فقهاء الإسلام في تسمية البنين والبنات ما استطاعوا لذلك سبيلًا، فيختارون من ضمن هذه القوائم ما تعريبه عبد الله، أو عبد الرحمن، إن وجد هذان الاسمان في القوائم المعدة المفروضة على المتواجدين ببعض الحكومات النصرانية، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم من طريق نافع عن ابن عمر رفعه:((إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن)) واختار له اسمًا من أسمائه عليه الصلاة والسلام غير المشهور به كمحمد وأحمد فمثلًا يسميه "الطيب" أو من أسماء إخوانه الرسل على نبينا وعليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام كإلياس واليسع ودنيال، لما روى عن سعيد بن المسيب أنه قال:((أحب الأسماء إلى الله تعالى أسماء الأنبياء)) ولا تعارض بين الحديث الأول وبين هذا الحديث، إذ الأول محمول على من أراد التسمي بالعبودية، لأن أهل الجاهلية كانوا يسمون عبد شمس عبد الدار وإلا فمحمد وأحمد ومحمود أحب إلى الله تعالى من جميع الأسماء، فإنه لم يختر لرسوله صلى الله عليه وسلم إلا أحب الأسماء إليه، هذا هو الصواب، ولا يجوز حمل الحديث الأول على الإطلاق. (1)
وأنا أقول: إن باقي الخمس والعشرين من الرسل المذكورين في القرآن الكريم ليس فيهم واحد مدعو بعبد الله، أو عبد الرحمن، وقد سمى رسول الله أبناءه الذكور –خلا عبد الله- بغير العبودية فسمى مثلًا ابنه من مارية القبطية إبراهيم" عليه السلام باسم أبينا إبراهيم عليه السلام.
وكذلك هم مطلوبون على وجه الندب بتحسين أسماء أولادهم من ضمن تلك القوائم "كوروجو" أي الشجاع اسم حسن، و"شربوني" أي الفحام اسم خلاف ذلك.
(1) يراجع رد المحتار لابن عابدين: 5/ 268
((فعن ابن المسيب عن أبيه أن أباه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما اسمك؟ قال: حزن، قال: أنت سهل، قال: لا أغير اسمًا سمانيه أبي، قال ابن المسيب: ما زالت الحزونة فينا بعد)) ومقياس الاسم الحسن هو: أن لا تستكَّ من سماعه المسامع، وأن يصل إلى النفس من أقرب سبيل، ويؤخذ منه فأل حسن، وقد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما رواه أبو داود ((العاصي وعتلة، وشيطانًا، وغربا، وحبابا، وشهابا، وحربا)) وكان لعمر بنت تسمى عاصية فسماها جميلة، روى مالك في الموطأ في كتاب الجامع فيما يكره من الأسماء ((عن يحيى بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: للقحة تحلب: من يحلب هذه؟ فقام رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما اسمك؟ فقال له الرجل: مرة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجلس، ثم قال: من يحلب هذه؟ فقام رجل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اسمك؟ فقال: حرب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجلس، ثم قال: من يحلب هذه؟ فقام رجل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اسمك؟ فقال يعيش، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: احلب)) وروي عنه أيضًا في نفس الكتاب والباب: أن عمر بن الخطاب قال لرجل: ما اسمك؟ فقال: جرمة. فقال: ابن من؟ فقال: ابن شهاب، قال: ممن؟ قال: من الحرقة، قال: أين مسكنك؟ قال: بحرة النار، قال: بأيها؟ قال: بذات لظى، قال عمر: أدرك أهلك فقد احترقوا، قال: فكان كما قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه.
والحديث الأول ما تضمنته ليس طيرة لأنه من المحال أن ينهى عليه الصلاة والسلام عن الطيرة ويتطير، وإنما هو من باب الفأل الحسن وقد كان أخبرهم عن سيئ الأسماء: حرب ومرة، وأكد ذلك حتى لا يتسمى بهما أحد.
والحديث الثاني كذلك يأمر بتحسين الاسم واحتوائه على فأل حسن، والأمر بتحسين الأسماء، وبتغيير الاسم إلى ما أحسن منه ليس على سبيل الوجوب كما ذكر ذلك ابن بطال في شرحه لحديث سعيد بن المسيب، وقد ورد ذلك صريحًا فيما أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان من حديث أبي الدرداء رفعه:((إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم..)) ورجاله ثقات، قال الطبري، لا تنبغي التسمية باسم قبيح المعنى، ولا باسم يقتضي التزكية له، ولا باسم معناه السب. (1) وليلاحظ أن ابن جرير لا يرى في الاسم المُشْعِر بتزكية أكثر من ترك مندوب بينما يراه ابن عابدين كما أسلفت من الحرام التسمية به، وهو مذهب المالكية للنهي عن تزكية النفس قرآنًا وسنة، أما القرآن فقوله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} والآية تقتضي الغض من المزكي لنفسه بلسانه، والإعلام بأن الزاكي المزكى من حسنت أفعاله وزكاه الله عز وجل، فلا عبرة بتزكية الإنسان نفسه، وإنما العبرة بتزكية الله له.
وفي صحيح مسلم عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: ((سميت ابنتي برة فقالت لي زينت بنت أم مسلمة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الاسم، وسميت بَرَّةَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم، فقالوا: بم نسميها؟ فقال: سموها زينب)) فقد دل الكتاب والسنة على حرمة أن يزكي الإنسان نفسه، قال القرطبي وعقب عليه بقوله: ويجري هذا المجرى ما قد كثر في هذه الديار المصرية من نعتهم أنفسهم بالنعوت التي تقتضي التزكية كزكي الدين ومحيي الدين وما أشبه ذلك، ولكن لما كثرت قبائح المسلمين بهذه الأسماء ظهر تخلف هذه النعوت عن أصلها فصارت لا تفيد شيئًا. (2)
(1) ابن حجر: الفتح: 10/ 755 و 757
(2)
القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: 5/ 246
وإن لم يتسن لإخواننا المسلمين في بلاد الغربة مراعاة الآداب المطلوبة في تسمية الولد فالتسمية باسم لم يذكر الله تعالى في عباده، ولا ذكره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا استعمله المسلمون فالأولى أن لا يفعل كما تكلموا، هذا ما قاله ابن عابدين، والمسلم مختار في تسمية ولده تمام الاختيار وليس مجبورًا على قوائم بعينها لا يتجاوزها، والظاهر أنه في الأسماء البديعة لا ما عرف من أسماء المسلمين من فرس كقاشاني، أو روم كمارية أو غيرها بعد الفتوح الإسلامية ودخول أمم عديدة في الإسلام وبقائها على أسمائها، لأن الأحكام الشرعية لا تناط بالأسماء، وقد أخطأ بعض الفقهاء في صنف من الحيتان يسميه البعض خنزير البحر، فقالوا: يحرم أكله لأنه خنزير، ومن أجل ألا يقع خطأ في إناطة الحكم بالاسم كره مالك –رضي الله عنه أن يسمى هذا النوع من الحيتان بخنزير الماء، ومن أجل أن المراعى في التسمية اقتران الاسم بصفته وحقيقته، وأن لا يفتى بحلية التسمية به أو حرمة ذلك إلا بعد معرفة ما ذكر أنذر رسول الله طائفة من أمته يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها منكرًا ذلك عليهم فقال:((ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها)) رواه أحمد وابن أبي شيبة، فتغيير الاسم لا يؤثر بمنطوق الحديث الشريف في تحليل الحرام، كذلك لا يكون مؤثرًا في تحريم الحلال، وبعبارة أحوط واشمل لا تكون الأسماء مناط الأحكام، ولكنها تدل على مسمى ذي أوصاف تلك الأوصاف هي مناط الأحكام فالمنظور إليه هو الأوصاف خاصة (1) فالاسم النصراني ما خلا عما اشترطناه في صدر هذه الفتوى وقعت التسمية به على ما وصفت في الحكم، وليس ذلك من الركون إلى الكفار المنهي عنه بقوله تعالى {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} لأن المسلم لا يميل كما هو إطار السؤال إلى الأسماء الموجودة بهذه القوائم، ولكن لا مندوحة له عنها.
وانطلاقًا من كل ذلك وترتيبًا على ما ذكر أفتي وأنا الفقير إلى مولاه الغني محيي الدين قادي إخواني في بلاد الغربة أن يسموا أبناءهم بالأسماء النصرانية ما خلت عن شرك أو تبرك بمن يزعمه النصارى من الصالحين أو تزكية، أو تحريف لاسم مقدس في الإسلام وله حرمة، والله أعلم، وهو ولي التوفيق.
(1) سماحة الأستاذ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور –رحمه الله المقاصد: 0/ 155 – 111- 112 بتصرف واختصار.
السؤال السابع عشر
ما حكم ظهور المرأة في محلات العمل، أو الدراسة بعد أن تأخذ من شعر حاجبيها وتكتحل؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد –والله الموفق للصواب-: أن أخذ المرأة من حاجبيها جرى فيه الخلاف بين فقهاء الإسلام فقد جاء في أحكام القرآن لابن العربي أن ذلك من تغيير خلق الله حيث يقول وهو يفسر ما اشتمل عليه قوله تعالى: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} الآية.
المسألة السادسة: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والواشرة والمؤتشرة، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله)) .
وذكر أن النامصة ناتفة الشعر تتحسن. (1)
قال القرطبي: واختلف في المعنى الذي نهى لأجلها، فقيل: لأنها من باب التدليس، وقيل: من باب تغيير خلق الله. كما قال ابن مسعود وهو أصح، وهو يتضمن المعنى الأول.
ثم قيل: هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقيًا، لأنه من باب تغيير خلق الله تعالى، فأما ما لايكون باقيًا كالكحل والتزين به للنساء فقد أجاز العلماء ذلك: مالك وغيره، وكرهه مالك للرجال
قال الأستاذ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور –رحمه الله: وليس من تغيير خلق الله التصرف في المخلوقات بما أذن الله فيه، ولا ما يدخل في معنى الحسن فإن الختان من تغيير خلق الله، ولكنه لفوائد صحية، وكذلك حلق الشعر لفائدة د\فع الأضرار، وتقليم الأظافر لفائدة تيسير العمل بالأيدي. وكذلك ثقب الآذان للنساء لوضع الأقراط والتزين.
وأما ما ورد في السنة من لعن الواصلات، والمتنمصات والمتفلجات للحسن، فمما أشكل تأويله، وأحسب تأويله أن الغرض منه النهي عن سمات كانت تعد من سمات العواهر في ذلك العهد، أو من سمات المشركات، وإلا فلو فرضنا هذه منهيًا عنها لما بلغ النهي إلى حد لعن فاعلات ذلك.
وملاك الأمر أن تغيير خلق الله إنما يكون إثمًا إذا كان فيه حظ من طاعة الشيطان، بأن يجعل علامة لنحلة شيطانية كما هو سياق الآية واتصال الحديث بها" (2)
(1) القرطبي: 1/ 501
(2)
التحرير والتنوير: 5/ 205 - 206
وقد زاد هذا المعنى إيضاحًا في كتابه مقاصد الشريعة الإسلامية في المبحث الذي خصصه لبيان أن قصد الشريعة الإسلامية من أحكامها نوطها بمعان وأوصاف، لا بأسماء وأشكال وبرهن على ذلك بأدلة من السنة واجتهادات الفقه الإسلامي ومن بين ذلك ما علق به على حديث:((لعن الواصلة والمستوصلة)) (1) الخ.. فقال: وكذلك قد أخطأ بعض المتقدمين في حكم وصل الشعر للمرأة ذات الزوج، وتفليج أسنانها، وتنميص حاجبيها، فجعل لذلك من التغليط في الإثم ما ينافي سماحة الإسلام تمسكًا بظواهر أثر يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لعن فيه الواصلة، والواشمة والمتفلجة والمتنمصة)) ، وأنا أجزم بأن ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك إذا كان كذلك ورد عنه: إنما أراد به ما كان من ذلك شعارًا لرقة عفاف نساء معلومات، كما إذا قلنا بتونس: بئست المرأة التي تخرج لافة على يدها منديلًا".
وقد قصد سماحة الأستاذ الإمام رحمه الله: أن هذه الأوصاف المذكورة في هذا الأثر ليست أوصافًا مقصودة للتشريع وإنما أوصاف مقارنة له لا تعلق لغرض الشارع بها.
وقد ذكر في موضع آخر من كتابه السالف الذكر أن الفهم يكاد يضل في فهم المراد من حديث ابن مسعود إذ يرى ذلك صنفًا من أصناف التزين المأذون في جنسه. للمرأة كالتحمير والحلوق والسواك يتعجب من النهي الغليظ عنه، ثم وجهه رحمه الله – بما وجهه به من قبل من أن تلك الأحوال أمارات رقة حصانة المرأة، فالنهي عنها نهي عن الباعث عليها، أو عن التعرض لهتك العرض بسببها.
وحيث اتضح لنا أن تلك الأوصاف ليست مقصودة للتشريع وإنما أوصاف مقارنة لا تعلق لغرض الشارع بها، وأن النهي عنها عن الباعث.
(1) مقاصد الشريعة: 111
وحيث روي عن أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها جواز الوصل للشعر لقصة الزينة للنساء بشعر أو غيره من صوف وخرق ولو أن رواية هذا القول عنها وصفها الإمام النووي –رضي الله عنه بأنها لم تصح عنها، وأن الصحيح عنها كقول الجمهور وترتيبًا على هذه الرواية عن أم المؤمنين عائشة، والتي يدعمها ذلك التخريج القائم على سبر خلجات أغوار الشريعة الإسلامية أقول –والله الموفق للصواب-:
إن أخذ المرأة شيئًا من شعر حاجبيها بالنماص ونحوه جائز في حاضرنا لفقدان علة النهي وهي أنه أمارة على رقة العفاف وإنما هو نمط من أنماط التزين للنساء الذي ليس فيه اتباع لنحلة شيطانية.
وحيث ثبت ذلك أقول: إن ظهور المرأة في محلات العمل أو الدراسة بعد أخذها من شعر حاجبيها، واكتحالها جائز، لأنه من الزينة الظاهرة التي في سترها حرج عليها من طرف زوجها أو من جانب صورتها، أو من ناحية أترابها، وليس من اليسير إزالتها عند بدوها أمام الرجال وإرجاعها عند الخلو في البيت وكذلك ما كان محل وضعه غير مأمور بستره كالخواتيم، ذلك ما قاله العلامة أبو بكر بن العربي في بيان معنى الزينة الظاهرة ونقله عنه الأستاذ الإمام في التحرير والتنوير، (1) ولم أقف عليه في مظنته وهي قوله تعالى {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} في أحكام القرآن.
ويعرض القرطبي إلى تفسير الزينة الظاهرة في قوله تعالى {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} فيقول: قال ابن مسعود: ظاهر الزينة هو الثياب، وزاد ابن جبير: الوجه. وقال سعيد بن جبير أيضًا وعطاء والأوزاعي: الوجه والكفان ولثياب، وقال ابن عباس وقتادة والمسور بن مخرمة: ظاهر الزينة، هو الكحل والسوار والخضاب إلى نصف الذراع، والقرطة والفتخ ونحو هذا فمباح أن تبديه المرأة لكل من دخل عليها من الناس.
وذكر الطبري عن قتادة في معنى نصف الذراع حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر آخر عن عائشة –رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر إذا عركت أن تظهر إلا وجهها ويديها إلى هنا)) وقبض على نصف الذراع (2)
وقال ابن العربي: قال ابن القاسم عن مالك: الخضاب ليس من الزينة الظاهرة، وقيده ابن العربي بما إذا كان في القدمين. (3)
وترتيبًا على كل ما سبق نقله من نصوص أفتي وأنا فقير ربه محيي قادي بجواز ظهور المرأة في محلات العمل أو الدراسة بعد أن تأخذ من شعر حاجبيها وتكتحل والله أعلم.
(1) التحرير والتنوير: 18/ 206
(2)
الجامع لأحكام القرآن: 12/ 228 - 229
(3)
الجامع لأحكام القرآن: 3/ 1369
السؤال الثامن عشر
بعض المسلمات يجدن حرجًا في عدم مصافحتهن للأجانب الذين يرتادون الأماكن التي يعملن، أو يدرسن فيها، فيصافحن الأجانب دفعًا للحرج، فما حكم هذه المصافحة؟ وكذلك الحال بالنسبة لكثير من المسلمين الذين تتقدم إليهم نساء أجنبيات مصافحات وامتناعهم عن مصافحتهن يوقعهم في شيء من الحرج على حد ما يذكرون ويذكرن؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد –والله ولي الفتح-: لم أر في أمهات المذهب المالكي إثارة هذه القضية، ولكنها في القرون الأخيرة أثيرت حين أصبح بعض طلاب الفقه يقولون: تحرم مصافحة الأجنبية مع قصد اللذة أو وجدانها وإلا فلا حرمة فجاء الجواب الصحيح من طرف بعض شيوخ المذهب عن حكم مصافحة المرأة الأجنبية، فقال الشيخ يوسف الصفتي في حواشيه على شرح ابن تركي على متن العشماوية، تحرم مصافحة المرأة لغير المحرم سواء حصلت لذة أم لا بغير حائل، وعزا نقله هذا إلى الشيخ على الصعيدي في حاشيته على شرح الخرشي على مختصر خليل، ثم حذر –رحمه الله – من خطأ بعض الطلاب في هذه المسألة فقال: فتنبه له، وقد أخطأ في كثير من الطلبة، وزعموا أنه إن حصل قصد اللذة أو وجودها فهو حرام، وإلا فلا، قياسًا على نقض الوضوء. وليس كذلك بل حرام مطلقًا. (1)
ويقول الشيخ عبد الباقي الزرقاني في شرحه على مقدمة له "والمصافحة حسنة" أي مستحبة لرجل مع مثله، أو لامرأة مع مثلها، لا رجل ولو لمتجالة (المرأة التي لا أرب للرجال فيها) لأنها من المباشرة، إن لم يكن محرمها (2)
وقول الصفتي: بلا حائل" مفهومه أنها مع وجود الحائل غير محرمة ولم أعثر على من صرح بحكم هذا المفهوم من فقهاء مذهبنا المالكي، وقواعده تأبى على الأخذ بمفهومات الكتب وأقوال المشائخ، واعتبارها حجة، قال القاضي أبو عبد الله المقري –رحمه الله في قواعده الفقهية: لا يجوز نسبة التخريج والإلزام بطريق المفهوم أو غيره، إلى غير المعصوم عند المحققين لإمكان الغفلة أو الفارق، أو الرجوع عن الأصل عند الإلزام والتقييد بما ينفيه، أو إبداء معارض في المسكوت أقوى، أو عدم اعتقاد العكس إلى غير ذلك، فلا يعتمد في التقييد ولا يعد في الخلاف. (3)
(1) حواشي الصفتي: 31
(2)
شرح الزرقاني: 337 - 338
(3)
الونشريسي. المعيار: 6/ 376 - 377
لكن ورد جواز المصافحة للأجنبية بحائل صريحًا في فقه الشافعية حيث يقول شيخ الإسلام زكريا الأنصاري –رحمه الله في شرحه على منهجه ما نصه: "وحيث حرم نظر حرم مس"، لأنه أبلغ منه في اللذة بدليل أنه لو مس فأنزل بطل صومه ولو نظر فأنزل لم يبطل، فيحرم على الرجل دلك فخذ رجل بلا حائل" وتعقب محشية الشيخ سليمان الجمل قوله:"ويحرم على الرجل دلك فخد رجل بلا حائل" بأنه يجوز للرجل دلك فخذ الرجل بشرط حائل، وأمن فتنة، وأخذ منه حل مصافحته الأجنبية مع ذينك أي الحائل أمن الفتنة وأفهم تخصيصه الحل معهما بالمصافحة حرمة مس غير وجهها وكفيها من وراء حائل ولو مع أمن الفتنة، وعدم الشهوة، ووجهه أنها مظنة لأحدهما كالنظر. (1)
وقد عرض لها العلامة الحصكفي في الدر المختار في كتاب الحظر والإباحة في الفصل الذي خصصه للنظر والمس فقال: "وما حل نظره حل لمسه إلا من أجنبية فلا يحل مس وجهها وكفها، وإن أمن من الشهوة، لأنه أغلظ، ولذا يثبت به حرمة المصاهرة.
وهذا في الشابة، أما العجوز التي لا تشتهى فلا بأس بمصافحتها ومس يدها إذا أمن الفتنة. (2)
وكره الإمام أحمد –رضي الله عنه مصافحة النساء، وشدد أيضًا حتى لمحرم وجوزه لوالد ويتوجه، ولمحرم، وجوز أخذ يد عجوز شوهاء. (3)
وبعد عرض نصوص فقه المذاهب الأربعة يبدو أنها مجمعة على حرمة مصافحة الأجنبية الشابة بدون حائل، لكن الذي يؤخذ أنها لم تعرض إلى الاستدلال على ذلك، والأدلة عليه قائمة، وأهمها ما يلي:
1-
المصافحة مباشرة، وهي اتصال البشرة بالبشرة، وهو محرم في غير الزوجة، وما ملكت اليمين، وملامسة أيضًا من اللمس وهو إلصاق الجارحة بالشيء وهو عرف في اليد لأنها آلته الغالبة، وهو أيضًا محرم في غير ما ذكر أولًا.
(1) شرح المنهج: 4/ 125 - 126
(2)
الدر المختار: 5/ 235
(3)
ابن مفلح. كتاب الفروع: 5/ 158
2-
السنة: روى مالك في الموطأ في كتاب الجامع فيما جاء في البيعة عن أميمة بنت رقية أنها قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة بايعنه على الإسلام، فقلنا: يا رسول الله نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئًا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((فيما استطعتن وأطقتن)) قال: فقلنا: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، هلم نبايعك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إني لا أصافح النساء)) الحديث قال الباجي قوله صلى الله عليه وسلم ((إني لا أصافح النساء)) يريد لا أباشر أيديهن بيدي، يريد –والله أعلم- الاجتناب، وذلك من حكم مبايعة الرجال المصافحة، فمنع من ذلك في مبايعة النساء لما فيه من مباشرتهن. (1) وروى البخاري في كتاب التفسير في باب {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} عن عائشة أنها قالت:"والله ما مست يده امرأة في المبايعة" قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وقد جاء في أخبار أخرى أنهن كن يأخذن بيده عند المبايعة من فوق ثوب، أخرجه يحيى بن سلام في تفسيره عن الشعبي. (2) قال الزرقاني: معقبًا على كلام الحافظ ابن حجر وأخرجه ابن عبدا لبر عن عطاء وعن قيس ابن أبي حازم أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: إذا بايع لم يصافح إلا وعلى يده ثوب. (3)
(1) المنتقى: 7/ 308
(2)
الجامع الصحيح: 8/ 627
(3)
الزرقاني: شرحه على الموطأ: 4/ 399
وكون النسوة يصافحن النبي صلى الله عليه وسلم عند المبايعة من فوق ثوب تفسر اشتراط الفقهاء الذين نقلت عنهم نصوصهم عدم الحائل في حرمة مصافحة الأجنبية.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له أن يمس امرأة لا تحل له)) ، رواه الطبراني والبيهقي، ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح. (1)
والمس على ما جاء في لسان العرب له معنيان: حقيقي، وهو مسك الشيء بيدك.. ويقال: مسست الشيء أمسه مسًا: إذا لمسته بيدك، وله معنى مجازي وهو الجماع، مس المرأة وماسها: أتاها، وهو عرف في اليد لأنها آلته الغالبة، (2) ومن أجل ذلك سقت الحديث دليلًا على حرمة المصافحة.
3-
المصافحة باليد ذريعة إلى الزنا، وأصل من أصول التشريع الإسلامي سد ذرائع الفساد، حدث عبد الله بن المبارك عن أشياخ الشام: من أعطى أسباب الفتنة من نفسه أولًا، لم ينج منها آخرًا، وإن كان جاهدًا". (3)
قال هذا في السلف الصالح لهذه الأمة فما بالك بهذا الخلف الموجود في بلاد الغربة التي لا قيد فيها يقيد العلاقات الجنسية، واليد هي المفتاح السحري في هذا المجال، فمن أعطت يدها لا تستطيع أن تمنع ما وراء ذلك من كبيرة الزنا، والوسيلة تأخذ حكم المقصد كما هي القاعدة.
وبناء على ذلك، وانطلاقًا منه أفتي أخواتي بحرمة مصافحة الرجل للأجنبية ولو متجالة.
حرره محيي الدين قادي الفقير إلى مولاه الغني. والله أعلم.
(1) محمد صديق حسن خان القنوجي البخاري. حسن الأسوة فيما ثبت عن الله ورسوله في النسوة: 522
(2)
اللسان: 26/ 218 - 219
(3)
ابن مفلح. كتاب الفروع: 5/ 158
السؤال التاسع عشر
ما حكم استئجار الكنائس أماكن لإقامة الصلوات الخمس، أو صلاة الجمعة والعيدين مع وجود التماثيل، وما تحتويه الكنائس عادة علمًا بأن الكنائس في الغالب أرخص الأماكن التي استئجرها من النصارى وبعضها تقدمه الجامعات والهيئات الخيرية للاستفادة منه في المناسبات هذه بدون مقابل؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد –والله الموفق للصواب- فأقول: قال العتبي: وحدثني عن ابن القاسم عن مالك عن نافع أن عمر بن الخطاب كان يكره الصلاة في الكنائس التي فيها الصور، قال مالك: وأنا أكره الصلاة في الكنائس لأن موضعها نجس، ووطئهم بأقدامهم فيها. (1)
هذا ما قاله صاحب العتبية، وقال شارحها ابن رشد: وفي قوله: "التي فيها الصور" دليل على أنه إنما كرهت الصلاة فيها إذا كانت عامرة، لأن العامرة هي التي تكون فيها الصور.
وقد اختلف في علة الكراهة على ثلاثة أقوال:
الأول: قال مالك: هي النجاسة الآتية من وطء أقدامهم يدخلونه فيها من النجاسات.
الثاني: قال ابن حبيب: لأنها بيوت متخذة للكفر.
الثالث: قيل: مجموعة الأمرين.
فمن صلى فيها فهل يعيد في الوقت، أو يعيد أبدًا، أو لا يعيد أصلًا؟
فعلى القول بأن علة الكراهة نجاستها، لم تجب عليه إعادة أن صلى على ثوب بسطه، وأن صلى دون أن يبسط فالإعادة أبدًا، على قول ابن حبيب، لأن الأصل عنده أن من صلى على ثوب نجس عامدًا يعيد أبدًا، وقيل يعيد في الوقت، وقيد ذلك بغير المضطر إلى النزول أما المضطر فلا يعيد أبدًا، ولا وقتًا من أجل أن نجاستها متيقنة، وهو قول سحنون. (2)
وقد حرر النفراوي المالكي هذه المسألة تحريرًا دقيقًا، تعلق فيه بأمور ثلاثة:
1-
أن كراهة الصلاة في الكنائس كراهة تنزيه.
(1) العتبية مع البيان والتحصيل: 17/ 305
(2)
البيان والتحصيل: 16/ 305
2-
أن الكراهة في العامرة والخاربة، صلى على فرشها، أو غير فرشها، حيث صلى فيها اختيارًا.
3-
أن الإعادة في الوقت مشروطة بشرط هي:
1-
أن يصلي فيها اختيارًا.
2-
أن تكون عامرة.
3-
أن يصلي على فرشها.
ونظير ذلك من صلى على نجاسة ناسيًا.
وأما لو صلى فيها مكرهًا، أو كانت خارجة، ولو صلى على فرشها، أو عامرة وصلى على شيء طاهر فلا إعادة.
والخلاصة: أن الكراهية معلقة بالصلاة فيها على وجه الاختيار، ولو صلى على فرش طاهر والإعادة مقيدة بالقيود الثلاثة.
ويلزم من الإعادة الكراهة، ولا يلزم من الكراهة الإعادة.
وجاء عنه أيضًا أن الصلاة تكره في الأماكن التي فيها صور وتماثيل. (1) هذا ما يتعلق بالصلاة في البيع والكنائس.
وأما اتخاذ الكنائس مساجد فجائز لحديث عثمان بن أبي العاصي: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل مسجد أهل الطائف حيث كانت طواغيتهم)) . (2)
وقال الزركشي من فقهاء الشافعية: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لنصراني: إنا لا ندخل عليكم بيعكم من أجل الصور التي فيها. (3) وعن أبي موسى الأشعري أنه صلى في كنسية، وعن الحسن والشعبي الترخيص في الصلاة في البيع والكنائس. (4)
هذا ما دامت الكنائس مرخصًا في الصلاة فيها فهل يجوز استئجارها لاتخاذها مسجدًا؟ نعم، يجوز ذلك، لأن التجارة مع الكافر في أرض الحرب جائزة على الجملة بقيودها واستئجار مكان ما ليجعل مسجدًا جائز أيضًا جاء في المدونة: أرأيت إن أكريت دارًا على أن يتخذوها مسجدًا عشر سنين؟ قال: ذلك جائز، قلت: فإن مضت العشر سنين؟ قال: إذا انقضت الإجارة رجعت الدار إلى ربها، قلت: أتحفظه عن مالك؟ قال: لا. (5)
وانطلاقًا من كل ذلك وترتيبًا عليه أفتي بالترخيص في صلاة الجمعة وغيرها من الصلوات بالكنائس والبيع بعد أن تطهر بالماء احتياطًا، وتغطى الصور والتماثيل فيها بستائر تحجبها عن أعين المصلين، لأن الأرض كلها مسجد للمسلم. والله أعلم.
(1) الفواكه الدواني: 1/ 150
(2)
ابن تيميمة الجد، منتقى الأخبار، كتاب الصلاة، باب اتخاذ متعبدات الكفار ومواضع القبور إذا نبشت مساجد: 2/ 150
(3)
أخرجه البخاري تعليقًا بلفظ: أنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل التي فيها، عمدة القارئ: 4/ 122
(4)
الزركشي، أعلام المساجد: 384
(5)
المدونة: 4/ 423
السؤال العشرون
ما حكم ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وما يقدمونه من طعام في مطاعمهم مع عدم العلم بالتسمية عليها؟
وعن هذا السؤال أفيد والله ولي الفتح فأقول: لا بد من محاولة تحديد أهل الكتاب وهم: على ما قال حافظ المذهب في عصره الشيخ سيدي محمد المهدي الوزاني: اليهود والنصارى.
وأما الصائبة فهم: طائفة من اليهود والنصارى يعبدون الكواكب السبعة أو الملائكة، وليسوا من أهل الكتاب، وكذلك المجوس وهم قوم يعبدون النار.
وقيل: الشمس، وقيل اعتزلوا النصارى ولبسوا المسوح، وقيل: اخذوا من دين النصارى شيئًا ومن دين اليهود شيئًا، وهم القائلون بأن للعالم إلهين: النور، والظلمة، وقيل: هم قوم يستعملون النجاسات، والأصل نجوس بالنون فأبدلتم ميمًا، وعزا كل هذه المعاني إلى بعض المفسرين (1)
ولم يتعرض رحمه الله للسامرة، وهم على ما قال الخشري: طائفة من اليهود من بني يعقوب عليه السلام تنكر ما عدا نبوة موسى وهارون ويوشع ابن نون من أنبياء بني إسرائيل، تنكر المعاد الجسماني كالنصارى، ولا يرون لبيت المقدس حركة كاليهود، ويحرمون من جبال نابلس ويزعمون أن بأيديهم توراة بدلها لهم أحبار اليهود (2) وقد عدهم خليل بن إسحاق من أهل الكتاب الحلال طعامهم وقال وإن سامريا (3) أي وإن كان فاعل الذبح والنحر سامريا ومبالغته مشعرة بأن الصابئ ليس كذلك، بينما السامري قد أخذ ببعض اليهود، والصابئ قد أخذ ببعض النصرانية، فما وجه الفرق الخرشي بينهما فقال: لعل أخذ الصابئ بالنصرانية دون أخذ السامري باليهودية" (4)
(1) المعيار الجديد: 1/ 257
(2)
الشرح الصغير له: 3/ 4 - 5
(3)
المختصر: 83
(4)
المختصر: 5
وقول الشيخ المهدي: اليهود والنصارى وكذلك من تهود أو تنصر، فالعبرة أنهم أتباع للديانة الموسوية أو العيساوية سواء كانوا ممن دعاهم موسى وعيسى عليهما السلام إلى اتباع الدين، أو ممن دخلوا في الدينين اختيارًا فإن موسى وعيسى دعوا بني إسرائيل خاصة، وقد تهود من العرب أهل اليمن، وتنصر من العرب تغلب، وبهراء، وكلب، ولخم، نجران وبعض ربيعة، وغسان فهؤلاء أيضًا من أهل الكتاب عند الجمهور عدا علي بن أبي طالب فإنه قال: لا تحل ذبائح نصارى تغلب، وقال: أنهم لم يتمسكوا من النصرانية بشيء سوى شرب الخمر، وعزاه القرطبي إلى الشافعي، وروى الربيع عن الشافعي: لا خير في ذبائح نصارى العرب من تغلب، وعن الشافعيين: من كان من أهل الكتاب قبل البعثة المحمدية فهو من أهل الكتاب، ومن دخل في دين أهل الكتاب بعد نزول القرآن فلا يقبل منه إلا الإسلام، ولا تقبل منه الجزية أي كالمشركين.
وأما المجوس فليسوا أهل الكتاب بالإجماع، فلا تؤكل ذبائحهم، وشذ من جعلهم أهل كتاب، وإن كان لهم كتاب ولكنه ليس بسماوي فللأتباع زرادشت كتاب:"الزندفستا" وهؤلاء هم محل الخلاف.
وأما أتباع ماني، والمعروفون بالمانوية، فليس لهم كتاب، وهم أباحيون (1) مع العلم أن اتباع الكتب السماوية غير التوراة والإنجيل من أهل الكتاب الذين أبيح لنا طعامهم، وكذلك المسلم المتهود أو المتنصر ليس من أهل الكتاب، وأما المشركون وعبدة الأوثان، ومن بقيت عندهم أثارة من ملة إبراهيم مع عبادتهم للأوثان والأصنام فليسوا من أهل الكتاب بلا خلاف.
والخلاصة: أن الكتابي هو الذي يدين باليهودية، ولو سامريًا، أو النصرانية، ممن دعاهم موسى وعيسى عليهما السلام أو دخلوا في الديانتين بعد ذلك، قبل الإسلام أو بعده، خلافًا للشافعي رضي الله عنه فيمن دخل فيهما بعد الإسلام.
(1) الأستاذ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور، التحرير والتنوير: 6/ 120 – 121 بتصرف
وبعد هذه المحاولة لضبط مدلول أهل الكتاب، والتي لها أهمية كبرى بالنسبة للسؤال الذي يهم الإخوة المغتربين، ويهم المسلمين عامة، والمسلمين العرب خاصة في مصر وسورية ولبنان وفلسطين.. نأتي إلى الجواب عن حكم ذبائح أهل الكتاب فنقول: قال فقهاء المالكية: يشترط لحل ذبيحة الكتابي يهوديًا أو نصرانيًا:
1-
أن لا يذبح الكتابي ذبيحته لصنم، وهي الأنصاب المذكورة في القرآن الكريم، والمراد بما يذبح للصنم، أي ما يكون مستحقًا له دون غيره في زعم الكتابي، لأنه مما أهل به لغير الله، أي بأن قال: باسم الصنم بدل باسم الله، فإن ذكر اسم الله مع اسم الصنم، أكل تغليبا ًلاسم الله، مع أنه يبعد ذكر اسمه تعالى مع قصده اختصاص الصنم بما ذبح إذ لا يصدق عليه مع ذكر اسم الله جل جلاله لأنه يذبح لصنم ما يستحقه دون غيره في زعمه، وكذلك ما ذبحوه لعيسى أو لمريم أو لكنيسة، وذكروا اسم الله عليه أكل ولو قدموا غيره لأنه يعلو ولا يعلى عليه، قاله الأمير في المجموع (1)
2-
وهو متعلق بمن يستحل منهم أكل الميتة المحرمة علينا بالخصوص في القرآن الكريم وهو أن لا يغيب الكتابي حال ذبحها عنا، بل لابد من حضور مسلم عارف بالذكاة الشرعية، خوفًا من كونه قتلها أو نخعها، فإن غاب لم تؤكل، وهذا التفصيل هوا لمشهور من المذهب، قال ابن رشد الجد، القياس أنه إذا كان يستحل الميتة، لم تؤكل ذبيحته، ولو لم يغب عليها، لأن الذكاة لابد فيها من النية وإذا استحل الميتة فكيف ينوي الذكاة؟ وإن ادعى أنه نواها فكيف يصدق؟ وقبله ابن ناجي وابن عرفة.
3-
وهو خاص باليهود، أن يكون ما ذبحوه مما يحل لهم في شريعة الإسلام فإن ذبح اليهودي ما لا يحل له في شرعنا من ذي الظفر أو المخلب أو الحافر كالإبل وحمر الوحش والنعام، والأوز، وكل ما ليس مشقوق الظلف، ولا منفرج القوائم، فلا يحل لنا أكله أن ذبحه اليهودي، وليس من ذي الظفر الدجاج والحمام لأنهما ليسا من ذي الظفر، إذ هما مشقوقًا الأصابع وليس بينهما اتصال، فإن ذبح اليهودي الدجاج والحمام حل لنا أكله.
(1) راجع الشرح الصغير للدردير مع حاشية الصاوي عليه: 1/ 314
وأما ما هو مشقوف الظلف كالبقرة والغنم إذا ذبحه اليهودي حل لنا أكله ودليل حرمة ذي الظفر على اليهود في شرعنا قوله تعالى {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} .
وأما النصارى فلم يحرم عليهم شيء في شرعنا الإسلامي الحنيف، بقيت مسألة شحوم البقر والغنم فهي حرام على اليهود بنص القرآن الكريم إلا ما استثنى منها، قال الله تعالى {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} فإذا ذبح اليهودي البقر والغنم كره للمسلم أكل الشحوم، وهذا أحد الأقوال الثلاثة وقيل يجوز أكلها بلا كراهة، وقيل يمنع، ذكرها المحقق البناني ونسبها إلى ابن رشد الجد.. ثم قال: والأصل في هذا اختلافهم في تأويل قول الله سبحانه وتعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} هل المراد بذلك ما يأكلون لم يجز أكل شحومهم؟ لأن الله سبحانه وتعالى حرمها عليهم في التوراة على ما أخبر به القرآن الكريم، فليس مما يأكلون.
وأما ما حرم على اليهود في الديانة اليهودية كالطريفة، وهي أن توجد الذبيحة فاسدة الرئة، أي ملتصقة بظهر الحيوان كره لنا أكله من غير تحريم على المشهور، وإنما كانت الطريفة محرمة عند اليهود لأن ذلك علامة على أنها لا تعيش من ذلك فلا تعمل فيها الذكاة عندهم، كالحيوان المنفوذ المقاتل عندنا، وأما شراء الطريفة فلا يجوز ويفسخ إذا وقع، وقيل يكره، فيكون القول بفسخ بيعها محمولًا على الندب، قاله علي الأجهوري ويكره للإمام أن يبقى اليهود جزارين، وفي المدونة: كره مالك الشراء من مجازر اليهود وقال: نهى عمر أن يكونوا في أسواقنا جزارين أو صيارفة وأمر أن يقاموا من الأسواق، وقال ابن حبيب عن مطرف وعبد الملك ينهى عن الشراء منهم ولا يشتري منهم إلا رجل سوء ولا يفسخ شراؤه، وقد ظلم نفسه ويكره للإمام أيضًا أن يبقيه جزارًا في البيوت على القول بصحة استنابته، وإنما كره من اليهود ما كره لعدم نصحهم للمسلمين.
4-
أن يكون ما ذبحه الكتابي ملكًا له، فإن كان ما ذبحه ملكًا للمسلمين أو مشتركًا بينه وبينه، فيكره لنا أكله على أرجح الأقوال، وقيل يجوز بلا كراهة وقيل: يمنع (1)
وقد جاءت خلاصة ما بينته في قول خليل بن إسحاق المالكي: وأن سامريًّا أو مجوسيًّا تنصر وذبح لنفسه مستحلة وأن أكل الميتة إن لم يغب، إلى أن قال:"وذبح لصنم وذبح غير حل إذا ثبت بشرعنا، وإلا كره كجزارته"(2)
5-
أن لا يكون ما ذبح الكتابي مما حرمها لله علينا بعينه كالخنزير والدم، أو مما حرمه علينا بوصفه كالميتة، إذا كانوا يستحلون ذلك، فلا يباح لنا أكله بذكاتهم (3)
بقيت مسألة هامة وهي: إذا خالفت ذكاته ذكاتنا مخالفة تقصير لا زيادة كالذكية بالضرب على الرأس فتموت أو فتل العنق فتمزق العروق، قال جمهور الفقهاء: لا تؤكل، وقال أبو بكر بن العربي من المالكية: تؤكل لأنها طعامهم وطعام أحبارهم ورهبانهم، وإليكم فتواه بنصها قال: ولقد سئلت عن النصراني يفتل عنق الدجاجة، ثم يطبخها: هل يؤكل معه، أو تؤخذ طعامًا منه؟ فقلت: تؤكل لأنها طعامه وطعام أحباره ورهبانهم وإن لم تكن هذه ذكاة عندنا، ولكن الله تعالى أباح طعامهم مطلقًا، وكل ما يرونه في دينهم فإنه حلال لنا في ديننا إلا ما كذبهم الله سبحانه فيه، ولقد قال علماؤنا: إنهم يعطوننا أولادهم ونسائهم ملكًا في الصلح، فيحل لنا وطؤهن فكيف لا تحل ذبائحهم، والأكل دون الوطء في الحل والحرمة؟ " (4)
(1) الدردير، الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه: 2/ 130
(2)
المختصر: 33
(3)
الأستاذ الإمام محمد الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير: 6/ 122 بتصرف
(4)
أحكام القرآن: 2/ 556
ومنذ أفتى القاضي أبو بكر بن العربي بما أفتي والفقهاء مهتمون بفتواه في كتبهم وفتاويهم ومجالس دروسهم، على اختلاف مواقفهم من الفتوى، فاستبعدها خليل في توضيح قائلًا: لأن معنى طعامهم الحلال لهم، وأهل شرعهم مطبقون على منع ذلك وتحريمه (1)، وقال المواق: انظروا ما عقروه من الإنسي، وقالوا: إنه ذكي عندهم، كان سيدي ابن سراج رحمه الله يقول: أما على مذهب المدونة إنا لا نستبيح الوحشي بعقرهم، فمن باب أولى الإنسي وعلى القول بالاستباحة علله اللخمي بأنه ذكاة عندنا وعقرهم الإنسي ليس بذكاة عندنا فلا نسستبيحه بذلك فما وقع لابن العربي فهو هفوة، وقد اتبع الفقهاء في أحكام القرآن وفي غيره من كتبه (2) وقد وصفها بالمرجوحية والضعف باش مفتي تونس العارف بالله سيدي إبراهيم الرياحي رحمه الله في جواب له عن سؤال وجهه إليه الشيخ أحمد بن أبي الضياف، ووصفاه الأستاذ الإمام سيدي محمد الطاهر ابن عاشور رحمه الله في التحرير والتنوير بأنها "شذوذ"(3)
ولكن إلى جانب المستبعدين فتوى ابن العربي كثير من المؤيدين لها من أثبات الفقهاء قديمًا وحديثًا، فهذا أبو عبد الله الحفار إمام غرناطة، ومحدثها ومفتيها يقول: لا إشكال فيها عند التأمل؛ لأن الله تعالى أباح لنا أكل طعامهم الذي يستحلونه في دينهم على الوجه الذي أبيح لهم من ذكاة فيما شرعت لهم فيه الذكاة على الوجه الذي شرعت.
ولا يشترط أن تكون ذكاتهم موافقة لذكاتنا في ذلك الحيوان الذكي، ولا يستثنى من ذلك إلا ما حرمه الله سبحانه علينا على الخصوص كالخنزير وإن كان من طعامهم، ويستحلونه بالذكاة التي يستحلون بها بهيمة الأنعام وكالميتة، وأما ما لم يحرم علينا على الخصوص فهو مباح لنا كسائر أطعمتهم، وكل ما يفتقر إلى الذكاة من الحيوانات فإذا ذكوا على مقتضى دينهم حل لنا أكله ولا يشترط في ذلك موافقة ذكاتهم لذكاتنا، وذلك رخصة من الله وتيسير علينا (4)
(1) محمد المهدي الوزاني، المعيار الجديد: 1/ 258
(2)
التاج والإكليل: 3/ 214
(3)
التحرير والتنوير: 6/ 122
(4)
الونشريسي، المعيار: 2/ 9
وكذلك ابن ناصر حين سئل عن طعام اليهود والنصارى الصابئين والمجوس أيحل أكله أم لا؟ وهل هؤلاء كلهم أهل كتاب أم لا؟ بعض الطلبة أفتى بأكله مستدلًا بقوله تعالى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} وكيف يأكل المسلم ما مسته أيدي اليهود وهو نجس بين لنا؟
فأجاب: أما طعام اليهود والنصارى، وهم أهل الكتاب، يجوز أكله مطلقًا، وأما غيرهم إن كان طعامهم مما ليس فيه ذكاة فلا بأس بأكله وإلا فلا، ومن عفاف ذلك تركه (1)
ومن المعاصرين الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية في الفتوى الترنسفالية الشهيرة، والتي أخذ فيها وهو المالكي مذهبًا باجتهاد ابن العربي وقد نشرت الفتوى في المجلد السادس في الجزء عشرين بتاريخ 16 من شوال سنة 1321 والوقوف عليها ميسور (2)
وكذلك العلامة البحر المفتي المالكي بالديار التونسية شيخي وسيدي محمد الفاضل ابن عاشور رحمه الله الذي سئل: ما هو حكم الله في أكل اللحم المعروض للبيع عند جزارين أوربيين في أوربا؟
فأجاب: إن هذه المسألة مختلف فيها بين العلماء وأن الإمام القاضي أبا بكر بن العربي من فقهاء المالكية أفتى أن ما يقتله النصراني على أن من دينه ويأكل منه رهبانه، ولم يرد في ديننا ما يقتضي تكذيبهم في ذلك فإنه حلال لنا في ديننا والسلام (3)
(1) محمد المهدي الوزاني، المعيار الجديد: 1/ 257
(2)
وقد نشر ما يتعلق بالفتوى المذكورة معارضة وتأييدًا مع ترجيح جانب التأييد بتاريخ الأستاذ الإمام للشيخ رشيد رضا: 1/ 675 – 778
(3)
د. محمد السويسي، الفتاوى التونسية في ق 14 هـ: 2/ 738 مرقون بالكلية الزيتونية
ويدل على تأييده لابن العربي أمور:
أ- تلك التحلية له بالإمام القاضي.
ب- أن القاعدة في الفتوى أنها لا تكون إلا بالراجح أو المشهور أو مما جرى به العمل من أقوال ضعيفة أيدها العرف، وإلى هذا الأخير أشار الزقاق في اللامية في الفصل الذي خصصه لما جرى به العمل في فاس بقوله:
فإن قيل إن البعض مما نقلته
ضعفت؟ نعم لكن العرف عولا
(1)
ج – لم يذكر أي وصف من مرجوحية، أو شذوذ لقول ابن العربي، والذي يبدو لي والله أعلم بالصواب، أن قول ابن العربي راجح لا مرجوح للأدلة التالية:
1-
أن الآية القرآنية {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} مطلقة.
2-
روى الإمام أحمد والإمام البخاري والإمام مسلم من حديث عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا أرسلت كلبك وسميت فكل، قلت: فإن أكل؟ قال: فلا تأكل، فإنه لم يمسك عليك وإنما أمسك على نفسه، قلت: أرسل كلبي فأجد معه كلبًا آخر؟ قال: لا تأكل، فإنك إنما سميت على كلبك، ولم تسم على الآخر)) واللفظ للبخاري وجاء في البخاري أيضًا في كتاب الذبائح والصيد في باب ما أصاب المعراض بعرضه عن عدي بن حاتم من حديث له أنه سأل النبي فقال: ((إنا نرمي بالمعراض، قال: كل ما خرق، وما أصابه بعرضه فلا تأكل)) وفي نفس الكتاب من صحيح البخاري في باب صيد القوس روى الإمام البخاري قال: فقال: وقال الحسن وإبراهيم: إذا ضرب صيد فبان منه يد أو رجل، لا تأكل الذي بان وكل سائره، وقال إبراهيم: إذا ضربت عنقه أو وسطه فكله، وقال الأعمش عن زيد: استعصى على رجل من آل عبد الله حمار فأمرهم أن يضربوه حيث تيسر، دعوا ما سقط منه وكلوه".
وروى البخاري أيضًا أن جارية لكعب بن مالك ترعى غنمًا له بالجبيل الذي بالسوق وهو بسلع فأصيبت بشاة، فكسرت حجرًا فذبحتها به فذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم بأكلها.
وروى البخاري أيضًا عن رافع بن خديج قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:((كل – يعني ما أنهر الدم- إلا السن والظفر)) .
(1) متن لامية الزقاق مع متن العاصمية: 176
وروى أحمد ومسلم والنسائي من حديث أبي ثعلبة الخشني قال: ((إذا رميت سهمك فغاب ثلاثة أيام، فأدركته فكله ما لم ينتن)) .
فهذه الأحاديث وغيرها مما أذكر تدل على مدى التيسير في صيد المسلم بكلبه المعلم وبمعراضه، وهو سهم لا نصل له ولا ريش، وقيل: هو خشبة ثقيلة في آخرها عصا محدد رأسها، وقيل هو عصا في طرفها حديدة، وكأنه كان يطلق على هذه الأشياء وكانوا يرمون الصيد بها (1) وبقوسه على مدى التيسير في ذبحه بكل ما أنهر الدم من حجر أو غيره خلا السن والظفر رفقًا بالحيوان، أفلا يقاس عليها التيسير على المسلم الذي أباح له الله جل جلاله الارتباط بأهل الكتاب وأباح لهم طعامهم بإطلاق، أي ذبائحهم على قول جمهور المفسرين بأية وسيلة أنهرت الدم خلال السن والظفر؟
3-
قال أبو عبد الله الحفار مدعمًا وجهة نظر ابن العربي: إذ كانت الذكاة تختلف في شريعتنا فيكون ذبحًا في بعض الحيوانات، ونحرًا في بعض، وعقرا في بعض، وقطع عضو كرأس وشبهه كما هي ذكاة الجراد، أو وضع في ماء حار كذكاة الحلزون، فإذا كان هذا الاختلاف موجودًا بالنسبة إلى الحيوانات، فكذلك قد يكون شرع في غير ملتنا سل عنق الحيوان على وجه الذكاة، فإذا اجتزأ الكتابي بذلك أكلنا طعامه كما أذن لنا ربنا سبحانه، ولا يلزمنا أن نبحث على شريعتهم في ذلك إذ رأينا ذوي دينهم يستحلون ذلك، أكلنا كما قال القاضي: لأنها طعام أحبارهم ورهبانهم (2)
ولا يفوتني وأنا بصدد الحديث على من استبعدوا فتوى أبي بكر بن العربي أن أشير إلى ما أوهمه قول بعض الفقهاء المعاصرين من المالكية أن ابن عرفة لم يسلم استبعاد شيخه ابن عبد السلام الهواري ورده اعتمادًا على ما قاله الحطاب وهذا نصه: قال ابن ناجي في شرح الرسالة: واختلف المذهب إذا كان يسل عنق الدجاجة فالمشهور لا تؤكل، وأجاز ابن العربي أكلها، ولو رأيناه يسل عنقها لأنه من طعامهم، قال ابن عبد السلام: وهو بعيد، وبحث ابن عرفة مع ابن عبد السلام في ذلك (3)
(1) رشيد رضا، تاريخ الأستاذ الإمام: 1/ 679 - 680
(2)
الونشريسي، المعيار: 2/ 9
(3)
الحطاب، مواهب الجليل: 3/ 212 - 213
ونص المسألة كما في المختصر الفقهي لابن عرفة من باب الذكاة، وقول ابن عبد السلام وأجاز ابن العربي أكل ما قتله الكتابي، ولو رآه يقتل الشاة لأنه من طعامهم، يرد بأن ظاهره نوى بذلك الذكاة أم لا؟ وليس كذلك، بل نصه وأورد ابن عرفة نص فتوى الإمام ابن العربي السالف الذكر، وقال: فحاصله أن ما يرونه مذكى عندهم حلال لنا أكله، وإن لم تكن ذكاته عندنا ذكاة (1)
فكلام ابن عرفة ليس ردًا على ابن العربي، ولا تأييدًا، وإنما هو تصويب لما وقع فيه شيخه من خطأ في أن ابن العربي يحل ما قتله الكتابي نوى بذلك الذكاة أو لم ينو بينما ابن العربي لا يحل إلا ما كان قتله عندنا ذكاة عند الكتابي لكن لابن عرفة رد على ابن العربي في تقييدات بعض الطلبة لما يلقيه في دروس تفسيره عند تفسيره لقوله تعالى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} قال: أخذ من هذا ابن العربي جواز أكل المسلم من الدجاجة التي فك النصراني عنقها إذا طبخها لنفسه وأطعمه منها، لأنها من طعامه، ثم رده بأنه ليس من طعامهم الفعلي الوجودي الذي أباحه شرعهم لهم، وهو إذا في شرعهم محرم عليهم، قال باش مفتي تونس الشيخ سيدي إبراهيم الرياحي: وهو قريب من كلام شيخه ابن عبد السلام (2)
وبعد كل ما سبق يتضح أن فتوى ابن العربي ليست مرجوحة لقوة الدليل ولا شاذة لتبني أثبات لها، وإصدار فتاويهم على مقتضاه، ولا بعيدة كما وصفها ابن عبد السلام وخليل لأن ما أيد به ابن عبد السلام استبعاده قد رده نقادة المذهب ابن عرفة، وما أيد به خليل استبعاده من أن فتل عنق الدجاجة ليس ذكاة عندهم بإطباق أهل شرعهم على منع أكل ذلك وتحريمه لا يخالف القاضي فيه، لأنه حين أفتى اشترط أن يكون ذلك طعامًا للنصراني وطعامًا لرهبانه ومراده واضح، ويزيده وضوحًا أنه قبل الفتوى وفي نفس تفسيره للآية {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} قال فإن قيل: فما أكلوه على غير وجه الذكاة كالخنق وحطم الرأس؟ فالجواب: أن هذه ميتة، وهي حرام بالنص، وإن أكلوها فلا نأكلها نحن كالخنزير فإنه حلال لهم، ومن طعامهم وهو علينا.
(1) عمر الرياحي، تعطير النواحي بترجمة الشيخ إبراهيم الرياحي: 2/ 32 بتصرف
(2)
عمر الرياحي، تعطير النواحي بترجمة الشيخ إبراهيم الرياحي: 3/ 33 بتصرف
فالمدار في حيلة أكلها، وحرمته على أن فتل العنق ذكاة عند الكتابي فيحل الأكل، أو ليس بذكاة فلا يحل –والله أعلم- وقد جاءت الإشارة إلى ما ذكرت في كلام المحقق الرهوني في رده على ابن سراج السالف الذكر.
وأما ما جاء في تقييدات بعض طلبة ابن عرفة من دروسه في التفسير فالرد عليه واضح وجلي، وذلك لأن ابن عرفة –رحمه الله رد قول ابن العربي بأن أكل المسلم من الدجاجة التي فك النصراني عنقها إذا طبخها لنفسه وأطعمه منها حلال له أكلها لأنها طعامه وطعام أحباره بقوله: إنه ليس من طعامهم الفعلي الذي أباحه شرعهم لهم، وهو إذا في شرعهم محرم، وكان هذا من الإمام ابن عرفة خلاف الصواب على كلا احتمالين لكلامه وهما:
1-
أن فتل عنق الدجاجة ليس ذكاة للكتابي، والجواب ما أجبت به عن استبعاد العلامة خليل قول ابن العربي سابقًا.
2-
وإن أراد أن ذلك ليس ذكاة في شرعهم قبل التبديل والتحريف (1) فالجواب أن الآية نزلت مبيحة طعام أهل الكتاب رخصة للمسلمين وتيسيرًا عليهم، وأهل الكتاب هم الذين كفروا لاعتقادهم التثليث وبنسبة عيسى إلى ربه وبقولهم هو الله وهم يفرقون بين الله ورسله ويحرفون التوراة والإنجيل ويغلون في دينهم وقد لعنوا على لسان داود وعيسى ابن مريم وكانوا يعتدون ولا يتناهون عن منكر فعلوه ويلبسون الحق بالباطل، ويكتمون الحق وهم يعلمون ويخونون في الدينار إذا أؤتمن أحدهم به فلا يؤديه إلى من ائتمنه إلا ما دام عليه قائمًا، ويقتلون النبيين ويكذبونهم، ويستهزئون بالمسلمين، وكان منهم القردة والخنازير وعبدة الطاغوت
…
" (2) أي شيء أحدثه أهل الكتاب في فترة التنزيل من القبائح لم يكن في أوائلهم؟ وأي شيء أحدثوه من القبائح في فترة صدور الفتوى عن ابن العربي زائدًا على ما كان عليه الأولون منهم؟ فالقول بأنهم حرفوا شرعهم وبدلوه مردود كما ترى –والله أعلم- فأهل الكتاب هم قبل الإسلام وبعده.
(1) وإن كنت إلى هذا الرأي أميل
(2)
أبو بكر محمود عمر قاضي قضاة نيجيريا الشمالية. فتوى في ذبائح أهل الكتاب "المسلمون" ربيع الأول 1384 هـ ع 1/ 52
ومما ينبغي الحذر منه قول بعض المفتين بحتمية التأكد من كتابية الذابح لفشو الإلحاد واللائكية في بلاد الغرب، فهو خطأ لما قلته سلفًا، ولما رواه مالك في الموطأ في كتاب الذبائح فيما يجوز من الذكاة حال الضرورة عن عبد الله بن عباس أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب فقال: لا بأس بها، وتلا هذه الآية {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} ولأن ذلك من المشادة في الدين ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، ومذهب ابن عباس هو مذهب جمهور الصحابة، وكان علي رضي الله عنه ينهى عن ذبائح بني تغلب لأنهم عرب، ويقول: إنهم لم يتمسكوا بشيء من النصرانية إلا بشرب الخمر، وهو قول الشافعي، وعلى هذا فليس ينهي عن ذبائح النصارى المحققين منهم وكذلك اليهود (1)
وأما ما جاء في السؤال من عدم التسمية على الذبيحة فالتسمية في حق الكتابي لدى فقهاء المالكية ليست بواجبة في حقه. قال سيدي عبد الباقي الزرقاني في شرحه على مختصر خليل في باب الذكاة: تؤكل ذبيحة الكافر
…
ولو لم ينو أو يسم لأنهما خاصان بالمسلم. (2)
قال الأجهوري: محل وجوب التسمية إذا كان المذكي مسلمًا، وأما إن كان كافرًا فلا يعتبر في أكل ذكاته نية ولا تسمية، وقال الشيخ إبراهيم اللقاني: إن نية الذكاة لا بد منها حتى في حق الكافر، وأما النية تقربًا فتطلب من المسلم دون الكافر، ولكن نية الفعل كافية على الصواب، ولو لم يلاحظ التقريب. (3)
هذا وما ذكرته هنا لا ينافي ما ذكرته سابقًا من أن ذبحه لصنم لا يؤكل لأن عدم أكله لكونه ذبح لصنم، ولم يذكر اسم الله عليه، وأما ذبحه لا لصنم ولا لوثن، ولم يذكر اسم الله عليه فيؤكل.
(1) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: 6/ 78
(2)
الزرقاني: 3/ 6
(3)
النفراوي، الفواكه الدواني: 2/ 99
بقي أن صيد البر بالنسبة لأهل الكتاب من اليهود والنصارى هل يأخذ حكم الذبائح فيحل أكله في الإطار المذكور آنفًا، أو لا يحل لقوله تعالى:{تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} ؟ قال مالك رحمه الله: تؤكل ذبيحتهما فأما صيدهما فلا يؤكل، وتلا هذه الآية {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} فلم يذكر الله بهذا النصارى ولا اليهود، ولا يؤكل صيدهما. قال ابن القاسم: ورأيي أن لا يأكله (1) قال الحطاب: وفي التوضيح لخليل: المشهور منع الصيد البري للكتابي. وقال ابن هارون وأشهب بإباحته واختاره ابن يونس والباجي واللخمي لأنه من طعامهم، ولمالك في الموازية كراهته. قال ابن بشير: ويمكن حمل المدونة عليه (2) أي على الكراهة للإطلاق في الآية {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} .
وأما صيد البحر فيحل أكله ولو من مجوسي، روى ابن القاسم عن مالك رحمه الله أنه سئل: أرأيت ما صاده المجوسي من البحر أيؤكل؟ فقال: نعم. (3)
ولا بد من ملاحظة أن ما ذكرته من عدم افتقار ذكاة الكتابي إلى تسمية أو نية، إنما هو فيما ذكاه لنفسه ويباح أكله، وأما ما ذكاه لمسلم فقيل: بإباحة أكله، وقيل بعدم ذلك، وذلك مقيد بغير الأضحية، أما الأضحية فلا تصح أضحيته، قال خليل بن إسحاق رحمه الله: وفي ذبح كتابي لمسلم قولان (4) : قال النفراوي معقبًا على قول خليل هذا في جواز الأكل وعدمه، في غير الضحية، وأما الضحية فلا تصح ضحيته إذ ذكاها الكتابي اتفاقًا، ويجري في أكلها القولان (5) وبهذا تنتهي الإجابة عن الجزء الأول من السؤال.
وأما الجزء الثاني من السؤال وهو حكم ما يقدمونه في مطاعمهم:
فالجواب عنه أنه لا خلاف بين الفقهاء في أن الطعام الذي لا علاقة له بالذكاة كالفاكهة والبر جائز أكله، وما فيه محاولة منعه لا تعلق للدين بها كخبز الدقيق وعصر الزيت فيباح أكله أيضًا، وإن تجنب من الذمي فعلى وجه التقزز (6)
(1) سحنون، المدونة: 2/ 56
(2)
مواهب الجليل: 3/ 214
(3)
سحنون، المدونة: 2/ 56
(4)
المختصر: 83
(5)
النفراوي، الفواكه الدواني: 2/ 99
(6)
القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: 6/ 77
وأما ما له علاقة بالذكاة كجبن الروم الوارد علينا من النصارى من سائر أصقاع العالم فإن شاهده يجبن بأنفحة الميتة أو الخنزير أو يجعل بعد تجبينه في بطون الخنازير ليحل ما فيها من الودك إليه، أو كتب عليه من طرف المصنع إعلان بذلك أو تواتر ذلك حتى حد القطع فلا يحل لنا أكله؛ لأن الله حرم علينا بالخصوص الميتة والخنزير.
وأما إذا لم يحصل لنا علم بالطرق السالفة جاز لنا الأكل من غير بحث عن ذلك، وكذلك الشأن في الأطعمة المحتوية على شيء من عين الخمر بشتى أصنافه، جاء في العتبية أن مالكًا رحمه الله سئل عن جبن الروم، فقال: ما أحب أن أحرم حلالًا، وأما أن يكرهه رجل في خاصة نفسه فلا أرى بذلك بأسًا، وأما أن أحرمه على الناس فلا أدري ما حقيقته، قد قيل: إنهم يجعلون فيه أنفحة الخنزير وهم نصارى، وما أحب أن أحرم حلالًا، وأما أن يتقيه رجل في خاصة نفسه فلا أرى بذلك بأسًا (1)
قال ابن رشد في شرحه عليها الموسوم بالبيان والتحصيل: كره للرجل في خاصة نفسه من أجل ما قيل له: إنهم يجعلون فيه أنفحة الخنزير ولو لم يسمع ذلك لم يكن عليه أن يبحث عن ذلك، لأن الله قد أباح لنا أكل طعامهم بقوله:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} فأكل طعامهم جائز ما لم يوقن فيه بنجاسة، فإن خشي الرجل لشيء سمعه استحب له أن يتركه (2) وحل الطعام الذي لا علاقة له بالذكاة لا يقتصر على الكتابيين فحسب، قال القرطبي: ولا بأس بأكل طعام من لا كتاب له كالمشركين وعبدة الأوثان ما لم يكن من ذبائحهم ولم يحتج إلى ذكاة" (3) أو له كتاب وليس بسماوي كالمجوس.
(1) العتبي، العتبية مع البيان والتحصيل: 3/ 272 - 273
(2)
البيان والتحصيل: 3/ 273
(3)
القرطبي: 6/ 77- 78
وجاء في العتبية عن ابن القاسم أنه قال: " وسمعت مالكًا يقول: أكره جبن المجوس لما يجعل فيه من أنافح الميتة، وأما السمن والزيت فلا أرى به بأسًا إذا كانت آنيتهم لا بأس بها، فإن كان في آنيتهم بعض ذلك فلا أرى أن يؤكل، وإن شككت في آنيتهم، وكانوا يأكلون الميتة فلا أحب ذلك (1)
قال ابن رشد في شرحه المذكور سابقًا: أما المجوس فبين أنه لا خير فيه لأنه إنما يجعلون فيه من أنافيح ذبائحهم التي لا تحل لنا، فقوله: أكره ذلك لفظ فيه تجاوز، وقد روي أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يذكر أن المجوس لما رأوا المسلمين لا يشترون جبنهم وإنما يشترون جبن أهل الكتاب عمدوا فصلبوا (أي جعلوا عليه صورة صليب) على الجبن كما يصلب أهل الكتاب ليشترى من جبنهم فكتب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه:" ما تبين لكم أنه من صنعتهم فلا تأكلوه، وما لم يتبين لكم فكلوه ولا تحرموا على أنفسكم ما أحل الله لكم"(2)
والخلاصة أن طعام أهل الكتاب وغير أهل الكتاب لا علاقة له بالذكاة ولا يحتوي على شيء من النجاسات المحرمة علينا حلال أكله، وإن ترك أكله خشية نجاسة محرمة من المسلم تورعًا فحسن، وقد تورع عمر بن الخطاب وابن عباس وابن مسعود في خاصة أنفسهم رضي الله عنهم عن أكل الجبن مخافة أن يكون من جبن المجوس (3)
هذا وقد اقتصرت في هذه الفتوى على مذهب الإمام رحمه الله غالبًا (4)
وبناء على كل ما سبق واعتمادًا على ما نقلته عن فقهاء مذهب إمام دار الهجرة، أفتي المسلمين في أي صقع من أصقاع الأرض كانوا بإباحة ذبائح أهل الكتاب ولو كانوا يذكونها بحطم الرأس وفتل العنق من غير ذكر اسم الله عليها، إذا أكل منها أحبارهم ورهبانهم ما لم تكن محرمة علينا بالخصوص، كالميتة إن كانوا يستحلونها وكالخنزير الذي هو حلال عندهم، أو محرمة عليهم في كتابنا فلا تعمل فيها ذكاتهم كالإبل والأوز وكل ذي ظفر المحرم عند اليهود، وبكل الأطعمة التي طهيت بها، وبالشراء من جزاريهم رخصة من الله لنا وتيسيرًا علينا، وبإباحة أكل ما يقدمونه في مطاعمهم من شتى صنوف الأطعمة والفواكه ما لم نقطع باحتواء بعضها على نجاسة فلا يحل لنا أكلها من غير بحث منا عن ذلك، ومن تورع من المسلمين عن أكل بعض الأطعمة خشية احتوائها على نجاسة فحسن لتورع ثلة من السلف الصالح من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم عن أكل الجبن خشية أن يكون جبن المجوس.
هذا ما ظهر لي في هذه المسألة والله أعلم.
(1) محمد العتبي، العتبية مع البيان والتحصيل: 3/ 271
(2)
ابن رشد: البيان والتحصيل: 3/ 261 - 272
(3)
ابن رشد: البيان والتحصيل: 7/ 272
(4)
هناك فتوى للشيخ محمد بيرم الرابع على مقتضى المذهب الحنفي أجاب بها أحمد باشا باي الأول عن حكم الله في طعام أهل الكتاب عن طريق الشيخ ابن أبي الضياف هي غاية في الدقة والضبط نشرت بالمجلة الزيتونية مج: 2 ج 4 سنة 1356: 18 - 20
السؤال الواحد والعشرون
كثير من المناسبات العامة التي يدعى المسلمون لحضورها تقدم فيها الخمور، ويختلط فيها النساء والرجال، واعتزال المسلمين لبعض هذه المناسبات قد يؤدي إلى عزلهم عن بقية أبناء المجتمع، وفقدانهم لبعض الفوائد.
فما حكم حضور هذه الحفلات من غير مشاركة لهم في شرب الخمر والرقص أو تناول الخنزير؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد والله ولي الإرشاد والتسديد قال أشهب عن مالك: لا يدخل في طاعة الله بمعصية الله، وأنا أقول: لا نظفر ببعض الفوائد، ونجترح كبائر الذنوب فقد جاء من الدردري في الوليمة وأحكامها بيان ما يمنع من حضورها، وإن كان المدعو صائمًا فيجب الأكل، وإن المفطر فلا يجب، إن لم يكن في المجلس من يتأذى منه لأمر ديني كمن شأنه الخوض في أعراض الناس، أو من يؤذيه، أو منكر كفرش حرير يجلس عليه هو أو غيره بحضرته، وآنية نقد من ذهب أو فضة لأكل أو شرب أو تبخير أو نحو ذلك، ولو كان المستعمل غيره بحضرته كسماع غانية ورقص نساء، وآلة لهو غير دف وزمارة وبوق، وصور حيوان كاملة لها ظل لا منقوشة بحائط، أو فرش إذا كانت تدوم كخشب وطين.. والنظر إلى الحرام حرام، أو كثرة زحام فإنها مسقطة لوجوب الدعوة.
وقد تعقب محشية الصاوي قوله: أو كثرة زحام فقال: مثله إذا كان الداعي امرأة غير محرم، أو كانت الوليمة لغير مسلم، ولو كان الداعي مسلمًا، أو كان في الطعام شبهة كطعام مكاس.. أو كانت الطريق فيها نساء واقفات يتعرضن للداخل (1) ففي هذه الحالات كلها يسقط وجوب تلبية الدعوة ويحرم الذهاب؛ لأن الذهاب وسيلة والغاية الوليمة وقد اختلط فيها الحلال بالحرام والقاعدة الفقهية المتعارفة تقول:"ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام الحلال" قال الحافظ أبو الفضل العراقي: ولا أصل له، رادًا على من أورده حديثًا، وقال السبكي في الأشباه والنظائر نقلًا عن البيهقي: هو حديث رواه جابر الجعفي رجل ضعيف عن الشعبي عن ابن مسعود وهو منقطع، وأخرجه عبد الرزاق من هذا الطريق في مصنفه، وهو موقوف على ابن مسعود لا مرفوع.
ثم قال السبكي: غير أن القاعدة في نفسها صحيحة، قال الجويني: لم يخرج عنها إلا ما ندر.
(1) الشرح الصغير على أقرب المسالك مع حاشية الصاوي عليه: 1/ 435 - 436
قال الأئمة: وإنما كان التحريم أحب لأن فيه ترك مباح لاجتناب محرم (1) وأما كون الأصل في الدعوة إلى الوليمة وجوب التلبية والحرمة عرضت نقول: مقصد من مقاصد شريعة الإسلام، أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والأصل في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:((إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فاتوا به ما استطعتم)) وجاء عن ابن جزي: المجالسة والمواكلة لا تجوز مع من يمنع النظر إليه إلا لضرورة (2) وجاء عن الونشريسي: يجب نهي النساء عن اجتماعهن مع الرجال اجتماع ملاصقة، لأن ذلك كله حرام، ومن غلب على ظنك أنه يعلم ذلك ويستبيحه فهذا كافر يجب جهاده بيدك أو بلسانك، فإن لم تقدر فبقبلك (3) وجاء عن الونشريسي أيضًا: وسئلت عمن له زوجة تخرج بادية الوجه وترعى وتحضر الأعراس والولائم مع الرجال والنساء يرقصن، والرجال يكفون: هل يجرح من له زوجة تفعل ذلك؟
فأجاب بما نصه: الحمد لله وحده: الجواب والله سبحانه ولي التوفيق بفضله: أن الشيخ أبا علي منصور بن أحمد المشذالي أفتى فيمن كانت له زوجة تخرج وتتصرف في حوائجها بادية الوجه والأطراف كما جرت به عوائد البوادي انه لا تجوز إمامته، ولا تقبل شهادته، ولا يحل أن تعطى له الزكاة إن احتاج إليها، وأنه لا يزال في غضب الله ما دام مصرًا على ذلك.
وقال أبو عبد الله الزواوي: إن كان قادرًا على منعها ولم يفعل فما ذكر أبو علي صحيح، وقال سيدي أبو عبد الله محمد بن مرزوق: إن قدر على حجبها ممن يرى منها ما لا يحل ولم يفعل فهي جرحة في حقه، وإن لم يقدر على ذلك بوجه فلا.
ومسألة هؤلاء القوم أخفض رتبة مما سألتم عنه، فإنه ليس فيها أزيد من خروجها وتصرفها بادية الوجه والأطراف، فإذا أفتوا فيها بجرحة الزوج فجرحته في هذه المسؤول عنها أولى وأحرى لضميمه ما ذكر في السؤال من الشطح والرقص بين يدي الرجال والأجانب ولا يخفى ما ينتج الاختلاط في هذه المواطن الرذلة من المفاسد وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((باعدوا بين أنفاس الرجال وأنفاس النساء، حتى لو كان عظم هذه بالمشرق وعظم هذا بالمغرب لحن هذا إلى هذا حتى يلتقيان)) عصمنا الله وإياكم من الضلالة والفتن ما ظهر منها وما بطن وهو سبحانه ولي التوفيق بفضله (4)
(1) السيوطي، الأشباه والنظائر: 105 - 106
(2)
القوانين الفقهية: 429
(3)
المعيار: 11/ 228
(4)
المعيار: 11/ 193
وجاء عن الغزالي في إحياء علوم الدين في كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منكرات الضيافة أن منها: فرش الحرير للرجال فهو حرام، وكذلك تبخير البخور في مجمرة فضة أو ذهب، أو الشراب أو الأكل في أواني الذهب والفضة أو استعمال ماء الورد في مرشات الذهب والفضة، وسماع الأوتار، وسماع القينات، واجتماع النساء على السطوح للنظر إلى الرجال مهما كان في الرجال شباب يخاف الفتنة منهم فكل ذلك محظور ومنكر يجب تغييره، وقد خرج الإمام أحمد رضي الله عنه من ضيافة من أجل وجود مكحلة فضة في مجلس الضيافة ومن عجز عن التغيير لزمه الخروج، ولم يجز له الجلوس فلا رخصة له في الجلوس في مشاهدة المنكرات.
وإن كان فيها من يتعاطى شرب الخمر وحده فلا يجوز الحضور، إذ لا يحل حضور مجالس الشراب، وإن كان مع ترك الشراب، ولا يجوز مجالسة الفاسق في حالة مباشرته لفسقه، وكذلك إن كان في مجلس الضيافة من يلبس الحرير وخاتم الذهب من الرجال فهو فاسق لا يجوز الجلوس معه من غير ضرورة، وكذلك المبتدع يتكلم ببدعته لا يجوز حضور الضيافة معه لغير القادر على الرد عليه وإفهامه، كما لا يجوز حضور ضيافة فيها مضحك بالفحش والكذب.
وعند الحضور يجب الإنكار.
وهكذا مهما كان الطعام حرامًا، أو كان الموضع مغصوبًا، أو كانت الثياب المفروشة حرامًا فالحضور في مجلس الضيافة من أشد المنكرات (1)
هذا وقد أكثرت من جلب النصوص حتى نرى رأي العين ونلمس لمس اليد أن فقهاء الإسلام حرموا حضور مجالس اللهو والشراب والقيان والرقص والحرام بصورة عامة، وعدوا حضورها وحضور موائدها من أشد المنكرات، وجرحوا في عدالة من يسمح لزوجته في حضور هذه المجالس لحديث:((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)) ولحديث ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري، والمشتراة له)) رواه الترمذي وابن ماجه ولما روي عن ابن مسعود: ((الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل)) رواه أبو داود ورواه البيهقي.
وانطلاقًا من كل ذلك، وترتيبًا على ما ذكرت لا يجوز لإخواني في بلاد الغربة حضور حفلات من النوع الموصوف في السؤال ولو مع عدم المشاركة، والله أعلم.
(1) الإحياء: 2/ 298
السؤال الثاني والعشرون
بعض الأقطار في شمال أوربا يقصر فيها الليل كثيرًا، ويطول فيها النهار، حيث تصل ساعات الصيام في بعض هذه البلدان إلى عشرين ساعة أو تزيد، وكثير من المسلمين يجدون مشقة زائدة في الصيام، هل يجوز اللجوء في هذه البلدان إلى التقدير؟ وما نوع التقدير الذي يمكن اعتماده إذا كان جائزًا؟ وهل يكون التقدير بساعات الصيام في مكة؟ أو بساعات النهار في أقرب البلدان اعتدالًا، أو بماذا؟
وإذا لم يكن ذلك جائزًا، فهل يعتبر هذا النوع من المشقة من المشاق التي يجب على المسلم احتمالها، والصبر عليها مع احتمال الضرر؟ وهل يجب عليه أن يترك عمله في شهر الصيام، إذا لم يكن بمقدوره الصيام إلا بترك العمل من قبيل ما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد والله ولي الفتح والتسديد في السؤال المطروح ليل قصير، ونهار طويل، ليل طوله ثلاث ساعات ونهار طوله إحدى وعشرون ساعة، ومجموع الليل والنهار أربع وعشرون ساعة، فالحكم يكون منوطًا بطلوع الفجر الصادق وغروب الشمس فيجب على المسلم المكلف صوم نهاره، وإفطار ليله، قال تعالى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} فجعل تبارك وتعالى الليل ظرفًا للأكل والشرب والجماع والنهار ظرفًا للصيام، فبين أحكام الزمانين، وغاير بينهما، فلا يجوز في النهار شيء مما أباحه في الليل إلا لمريض أو مسافر، شرعًا عامًا خالدًا لسائر أصقاع الدنيا لا فارق بين قطر وقطر، قال العلامة شهاب الدين القرافي من المالكية في كتابه "اليواقيت في أحكام المواقيت":"مسألة من نوادر أحكام المواقيت، فتيا جاءت من بلاد البرغال (هكذا) من الإقليم السابع إلى بخاري يقولون فيها: " إنه جاءنا رمضان وطول الليل نحو ثلث ساعة إن اشتغلنا بالفطر طلع علينا الفجر قبل أن نصلي المغرب والعشاء، وإن اشتغلنا بالصلاة فاتنا الفطر لضيق الزمان بأيهما نبدأ؟ وأيهما يفوت؟ فأفتاهم فقهاء بخارى بالاشتغال بالفطر، وتفويت الصلاة لأن مصلحة الأجساد مقدمة على العبادات، بدليل المريض يسقط الطهارات، وإن كان الصلوات والصوم وغير ذلك.
وهذا الفرض ممكن قطعًا، وواقع فيما إذا كان عرض البلاد نيفا وستين درجة.. فهذه الفتيا صحيحة، وواقعة غير أن هذه الحالة لا تدوم في جميع الأعوام، بل تصادف رمضان في بعض السنين، وفي بعضها لا تصادفه بحسب اختلاف الشمس مع حركة القمر والهلال.
ولا بد من وقفة تأمل في هذه الفتيا الصادرة عن فقهاء بخارى، ومراكز الاهتمام فيها ثلاثة:
1-
لم يطرح السائلون قضية التقدير بأقرب البلاد إليهم، وإنما سألوا هل تقدم صلاة المغرب والعشاء؟ أو يقدم الفطر؟
2-
لم يطرح فقهاء بخارى قضية التقدير لأن هنالك ليلا ونهارًا وفجرًا وغروبًا وإن كان الليل يساوي عشرين دقيقة، ولو كان التقدير شرع الله فكيف يكتمونه؟ والفتوى إعلام الموقعين عن رب العالمين.
3-
أن العلامة شهاب الدين القرافي وصف الفتيا بالصحة وهو العالم بعلم الهيئة والمواقيت وقد عقب على فتوى فقهاء بخارى بقوله: "وقد بينت في الجهاد الموضوع، والسقف المرفوع، وهو جغرافيًا وضعتها وصورت فيها، أحكام الأرض وأصقاعها وبحارها وأوضاعها، وأحوال السموات وأسرارها، وأن النهار والليل يكون كل واحد منهما من عشر عشر ساعة إلى نصف السنة، وأكثر من ستة أشهر لا يكون، وذلك مما قام عليه البرهان القطعي في علم الهيئة.
وقبل القرافي بقرون نجد أمام الحرمين يقول: "ولا خلاف في أن الشمس تغرب عند قوم، وتطلع عند آخرين، والليل يطول عند قوم ويقصر عند آخرين، وبين الليل والنهار اختلاف ما في الطول والقصر عند خط الاستواء، وفي بعض البلاد قد يطلع الفجر قبل أن يغيب شفق الغروب، وفي عرض تسعين لا تزال ما دامت في البروج الشمالية، وغاربة ما دامت في البروج الجنوبية فالسنة نصفها ليل، ونصفها نهار، (1) ونجد الكرخي الحنفي يقول: "إن الليل والنهار كما يختلفان بالطول والقصر في الأزمنة فهما مختلفان في الأمكنة، فكل ساعة عينتها، فتلك الساعة في موضع من الأرض صبح، وفي موضع آخر ظهر، وفي آخر عصر، وفي آخر مغرب، وفي آخر عشاء، وهلم جرا.
(1) ابن عبد الوهاب المراكشي، العذب الزلال في مباحث رؤية الهلال: 1/ 233
هذا إذا اعتبرنا البلاد المختلفة في الطول، أما البلاد المختلفة في العرض فكل بلد يكون عرضه للشمال أكثر، كانت أيامه الصيفية أطول، وأيامه الشتوية بالضد من ذلك.
فهذه الأحوال المختلفة في الأيام والليالي بحسب اختلاف أطوال البلاد وعروضها أمر عجيب (1)
وغير هؤلاء كثير، فالفقهاء في شتى المذاهب كانوا على علم بما يحتاجون إليه من علم الهيئة فأمر التقدير الذي يذهب إليه فقهاؤنا المعارضون في مثل السؤال المطروح، أو أضيق منه مثل السؤال الوارد على فقهاء بخارى السالف الذكر، لا أدري ما هو دليلهم في قولهم بالتقدير والليل ليل، والنهار نهار، وإن اختلفا طولًا وقصرًا، حتى أوقعوا المسلمين في حيرة من الأمر وتساءلوا مشرقًا ومغربًا كيف تكون الشمس في السماء والمسلم مفطر نظرًا لكون النهار طويلًا، والليل قصيرًا؟
وحديث الدجال الذي اعتمده من قال بالتقدير من المعاصرين لا ينطبق على الصورة التي تضمنها السؤال المطروح وأمثاله من الأسئلة، ونص الحديث كما رواه مسلم في صحيحه عن النواس بن سمعان الطويل وما به الحاجة منه هو:((قلنا: يا رسول الله، وما لبثته في الأرض؟ قال أربعون يومًا، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، قلنا: يا رسول الله، بذلك اليوم الذي كسنة، أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره)) . الحديث.
وذلك لأن الصورة المطروحة في السؤال الزمان فيها يحتوي على ليل ونهار، وفجر وغروب، غاية ما في الأمر أن الليل قصير، والنهار طويل، وطوله مع قصر الليل لم يزد عن الأربع والعشرين ساعة، ويوم الدجال طوله سنة، هذا أولًا.
وثانيًا: قال القاضي عياض من المالكية: هذا حكم مخصوص بذلك الزمان شرعه لنا صاحب الشرع، ولو وكلنا فيه لاجتهادنا لكانت الصلاة فيه عند الأوقات المعروفة، واكتفينا بالصلوات الخمس، ونقله عنه النووي وقبله (2)
(1) ابن عبد الوهاب المراكشي، العذب الزلال في مباحث رؤية الهلال: 1/ 234
(2)
الحطاب، مواهب الجليل: 1/ 388
هذا، وحيث لا تتحدد الأوقات في اليوم والليلة بأربع وعشرين ساعة وهو الناموس الذي أقام عليه أغلب أصقاع الأرض، يخرق هذا النظام حيث تكون السنة فيها يومًا وليلة، نصفها نهار، ونصفها ليل، فإن الفقهاء قالوا بالتقدير على اختلافهم في كيفيته والمراد به، صلاة وصومًا، وكذلك الشأن إذا كان الليل والنهار أربعًا وعشرين ساعة ولكن لا يتميز أحدهما عن الآخر.
قال العلامة شهاب الدين القرافي رحمه الله ناقلًا مسألة وقعت في مذهب الشافعي وهي: قطر يطلع فيه الفجر قبل غروب الشفق لصغر القوس الكائنة تحت الأرض من دائرة الشمس فكيف يصنع بالصلاتين الفجر والعشاء؟ هل يصير الصبح قبل مغيب الشفق أم لا يجوز ذلك؟ وهي يقضى على العشاء بالقضاء لأجل طلوع الفجر؟ أم يقضى عليها ببقاء الشفق؟ قال الشيخ أبو محمد والد إمام الحرمين: لا يصلى العشاء حتى يغيب الشفق ولا يكون قضاء لبقاء وقتها، ويتحرى بصلاة الصبح فجر من يليهم من البلاد ولا يعتبر فجرًا هذا الفجر الذي هم فيه (1)
ونقل الحطاب هذه المسألة، وعقب عليها بقوله: وكأنه ارتضاه، ولم يسلم نقله للمسألة من تحريف حيث نسب القول إلى إمام الحرمين (2) وليس بقوله، وإنما هو قول والده كما نقلته سالفًا فراجعه مقارنًا إياه بما ورد في كتاب المواقيت، وقد ذكرها الحصكفي من الحنفية في الدر المختار وقال: إن ذلك يحصل في أربعينية الشتاء، وصوبه محشيه خاتمة المحققين في المذهب النعماني العلامة ابن عابدين رحمه الله بقوله: صوابه في أربعينية الصيف كما في الباقالي وعبارة البحر وغيره: في أقصر ليالي السنة (3) وأفاض في المراد بالتقدير بين علماء الأحناف ودليل كل واحد منهم، فليراجعه من شاء.
(1) اليواقيت في أحكام المواقيت: 61 ظهرًا
(2)
الحطاب: 1/ 388
(3)
رد المحتار: 1/ 242
والعجيب أن العلامة شلتوت في فتاواه قال بالتقدير في مسلم يوجد بجهة يطول نهارها حتى لا يكون ليلها إلا جزءًا يسيرًا، ومجموع الليل والنهار فيها يساوي أربعًا وعشرين ساعة (1)
ولعل فتواه رحمه الله سببت ما لاحظه قراء جريدة "المسلمون" من اضطراب في فتاوى مجلة الأزهر في هذا الموضوع ففي عدد شوال سنة أربع وتسعين وثلاثمائة وألف لهجرة خير الأنام صلى الله عليه وسلم جاء في باب الفتوى الذي يعده محمد أبو شادي بعد الديباجة ما يلي: متى كان هناك شروق وغروب مجموع الليل والنهار معهما أربع وعشرون ساعة فإن الحكم يكون منوطًا بالشروق والغروب فيجب صوم نهاره من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وإفطار ليله الخ.. وجاء في عدد رمضان سنة سبع وتسعين وثلاثمائة وألف في باب الفتوى الذي يعده محمود رسلان نقل فتوى سماحة الشيخ محمود شلتوت رحمه الله واعتمادها جوابًا (2)(3)
بقي ما يتعلق بشطر السؤال الثاني وهو قول السائل، وإذا لم يكن ذلك جائزًا فهل يعتبر هذا النوع من المشقة من المشاق التي يجب على المسلم احتمالها والصبر عليها مع احتمال الضرر؟ وهل يجب عليه أن يترك عمله في شهر الصيام، إذا لم يكن بمقدوره الصيام إلا بترك العمل من قبيل ما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب؟
وعند التأمل فيه نجده يتفرع إلى فرعين:
1-
بيان المشقة المعتبرة في العبادة والتي يجب على المسلم تحملها مع احتمال الضرر.
2-
هل يجب عليه أن يفوت عمله، إذا لم يستطع الجمع بينه وبين الصيام؟
(1) راجع فتاوى الشيخ شلتوت: 144 - 146
(2)
الأزهر من عدد 846 شوال 1394 هـ 1974/ 895 – 896
(3)
الأزهر من ع 749 رمضان 1397 هـ – 1977 م 1419 وما بعدها
أما الفرع الأول فقد تقرر أن قصد الشارع من وضع الشرائع إخراج النفوس عن أهوائها، وعوائدها، فلا تعتبر في شرعية الرخصة بالنسبة إلى أكل من هويت نفسه أمرًا، ألا ترى كيف ذم الله تعالى من اعتذر بما يتعلق بأهواء النفوس ليترخص كقوله تعالى {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي} الآية، لأن الجد بن قيس قال: إيذن لي في التخلف عن الغزو ولا تفتني ببنات الأصفر فإني لا أقدر على الصبر عنهن، وقوله تعالى:{وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} الآية، ثم بين القدر الصحيح في قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} الآيات، فبين أهل الأعذار وهم الذين لا يطيقون الجهاد وهم الزَّمْنَى والصبيان والشيوخ والمجانين والعميان ونحوهم، وكذلك من لم يجد نفقة أصلًا ولا وجد من يحمله، وقال فيه {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} ومن جملة النصيحة لله ورسوله أن لا يبقوا من أنفسهم بقية في طاعة الله ألا ترى إلى قوله تعالى:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} وقال {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ} الآية، فما ظنك فيمن كان عذره هوى نفسه؟ نعم وضع الشريعة على أن تكون أهواء النفوس تابعة لمقصود الشارع فيها.
وقد وسع الله تعالى على العباد في شهواتهم وأحوالهم وتنعماتهم على وجه لا يفضي إلى مفسدة، ولا يحصل بها المكلف على مشقة، ولا ينقطع بها عنه التمتع إذا أخذه على الوجه المحدود له فلذلك شرع له ابتداء رخصة السلم، والقراض، والمساقاة وغير ذلك مما هو توسعة عليه، وإن كان فيه مانع في قاعدة أخرى، وأحل له من متاع الدنيا أشياء كثيرة، فمتى جمحت نفسه إلى هوى قد جعل الشرع له منه مخرجًا وإليه سبيلًا، فإن لم يأته من بابه كان هوى شيطانيًا واجبًا عليه الانفكاك عنه كالمولع بمعصية من المعاصي فلا رخصة له البتة، لأن الرخصة هنا هي عين مخالفة الشرع بخلاف الرخص المتقدمة فإن لها في الشرع موافقة إذا وزنت بميزانها" (1)
(1) الشاطبي، الموافقات: 1/ 201 - 202
وأما الفرع الثاني وهو إذا لم يستطع الجمع بين عمله وبين الصيام فيجب أن يكون السبب وهو حصول مشقة يتعذر معها الصوم عادة مطردة في أنه يوجد ووجد بالفعل، أي صام هؤلاء الإخوة في بلاد الغربة من شمال أوربا وأجهدهم الصوم إلى حد لم يستطيعوا معه القيام بأعمالهم، ولو قرنوا بين الصوم والعمل لأضر بهم في أبدانهم، وأموالهم، فهؤلاء يرخص لهم في الفطر عند حصول ذلك بالفعل لا أنهم منذ الليل يظنون أن ذلك سيحصل فينوون الفطر ويصبحون مفطرين فيلزمهم القضاء والكفارة، لأن أهواء النفوس الأمارة بالسوء تقدر أشياء لا حقيقة لها وإنما هي من إملاء الشيطان فليحذر إخوتي في بلاد الغربة أن يقولوا مقالة الجد بن قيس لرسول الله صلى الله عليه وسلم السالفة الذكر، وفي نوازل البرزلي الفتوى عندنا: أن الحصاد المحتاج يجوز له الحصاد وإن أدى إلى الفطر، وإلا كره له، بخلاف رب الزرع فلا حرج عليه مطلقًا لحراسة ماله وقد نهي عن إضاعة المال.
قال ميارة معقبًا على كلام البرزلي بعد نقله: وإنما يجوز الفطر للحصاد بعد أن تناله الضرورة لا قبل ذلك فلا يجوز أن يصبح مفطرًا، إذ من الجائز أن يصده أمر عن الحصاد رأسًا في ذلك اليوم فيكون كمن أفطر قبل أن يسافر أو في يوم الحيض قبل مجيئه.
قال شيخنا الإمام العالم أبو زيد عبد الرحمن الفاسي رحمه الله في بعض فتاويه ما نصه: ينبغي تقييد مسألة رب الزرع بعدم إمكان استئجاره لمن ينوب عنه في ذلك ممن يكون محتاجًا ومضطرًا للأجرة على ذلك، إما بأن لا يكون له مال يستأجر به على زرعه، أو يكون ولكن لا يجد من يستأجره على ذلك كما تقرر في مسألة الحامل والمرضع، وإما إن وجد ما يستأجر به، ومن يستأجر فلا يتعاطى ذلك ويدخل نفسه فيما يضطره إلى الفطر لعدم الضرورة حينئذ، ووجود المندوحة عن إضاعة المال.. ومثل مسألة الحصاد ما أفتى به الإمام ابن عرفة من أن المرأة المحتاجة يجوز لها غزل الكتان في رمضان دون غيرها (1)
وعلى ضوء فتاوى الأسلاف من فقهاء بخارى والبرزلي وشيخه الإمام ابن عرفة أفتي إخواني في بلاد الغربة من شمال أوربا أنهم يصومون رمضان كسائر إخوانهم المسلمين نهارهم، ويفطرون ليلهم لوجود ليل ونهار متمايزين، ويقومون بأعمالهم المحتاجين إليها في معاشهم، أو التي يلزم من عدم القيام بها إضاعة أموالهم فإن أجهدتهم مشقة الصوم إجهادًا يعود عليهم بالضرر ورخص لهم في الفطر كما رخص للحصادين المحتاجين للأجرة بدون كراهة إن كانوا محتاجين إليها، وإن كانوا غير محتاجين لحراسة ماله، وقد نهي عن إضاعته إن كانوا من أصحاب المصانع أو الورشات أو غير ذلك والله أعلم.
حرره الفقير إلى مولاه الغني محيي الدين قادي.
(1) محمد ميارة: الدر الثمين والمورد المعين شرح المرشد المعين: 329
السؤال الثالث والعشرون
في كثير من الولايات الأمريكية وكذلك الأقطار الأوربية تصعب أو تتعذر رؤية هلال رمضان أو شوال، والتقدم العلمي الموجود في كثير من هذه البلدان يمكِّن من معرفة ولادة الهلال بشك دقيق بطريق الحساب، فهل يجوز اعتماد الحساب في هذه البلدان؟
وهل تجوز الاستعانة بالمراصد وقبول قول الكفار المشرفين عليها؟ علمًا أن الغالب على الظن صدق قولهم في هذه الأمور.
وما يجدر بالملاحظة أن اتباع المسلمين في أمريكا وأوربا لبعض البلدان الإسلامية المشرقية في صيامها أو إفطارها قد أثار بينهم اختلافات كثيرة، غالبًا ما تذهب بأهم فوائد الأعياد، وتثير مشكلات شبه دائمة، وفي الأخذ بالحساب ما قد يقضي على هذا في نظر البعض أو يكاد.
وفي الجواب عن هذا أفيد والله ولي التوفيق فأقول: هذه المسألة من مداحض الأنظار فعلى المفتي فيها بالتدبر والاعتبار، وقد كتبت فيها الرسائل والكتب قديمًا وحديثًا، فقد كتب فيها ابن البناء رسالة عام سبعمائة، وكتب فيه السبكي رسالة عام ثمان وأربعين وسبعمائة، وكتب فيها العلامة بخيت رسالة عام تسع وعشرين وثلاثمائة، وكتب فيها الشيخ طنطاوي جوهري رسالة سنة اثنتين وثلاثمائة، وكتب فيه الشيخ أحمد بن محمد السلاوي التطاوني سنة إحدى وتسعين ومائتين، وكتب فيها الشيخ محمد بن عوض رسالته "منحة العلي المتعال" سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، وكتب فيها الشيخ عبد الرحمن بن زيدان كتابه "تبيين وجوه الاختلال في مستند إعلان العدلية لثبوت رؤية الهلال" وذلك عام خمس وستين وثلاثمائة وألف.
وتناولتها المجلات الإسلامية القيمة كالمنار ونور الإسلام والأزهر والمجلة الزيتونية باعتبارها مشكلة من مشاغل المسلمين.
وعقدت من أجلها المؤتمرات العديدة في أصقاع عالمنا الإسلامي ومع هذه الجهود كلها فالقضية ما زالت تثير جدلًا حادًا، وما انفكت مناخ نظر إثبات الفقهاء بمجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة أو مجمع الفقه الإسلامي بجدة.
ولعل من الأعمال العلمية الجادة في هذه القضية، لدراستها للمشكلة دراسة معمقة من ناحيتي الفقه والفلك ذلكم المجلد الضخم ذا الجزأين المرسوم بـ "العذب الزلال في مباحث رؤية الهلال" للعلامة محمد بن عبد الوهاب المراكشي، والذي فرغ من تأليفه في 18 محرم الحرام 1367 هـ وطبع لأول مرة بتحقيق الشيخ عبد الله بن إبراهيم الأنصاري مدير الشؤون الدينية بدولة قطر.
هذا وقصدت من هذا التقديم الذي ليس من طبيعة الفتاوى إلى مزيد الاهتمام من المجامع الفقهية، ومجمع البحوث الإسلامية، والجامعات الإسلامية، والمعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن والمراكز الإسلامية ببلاد الغرب، وجمع الشمل في أيام دراسية لهذه القضية، والوصول إلى اجتهاد جماعي في حلها، ونشر هذا الاجتهاد في عالمنا الإسلامي بشتى لغاته في شكل رسالة، وتتولى كل جهة مختصة في كل قطر إسلامي الإعلان عن ذلك بوسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، ويومها فقط يتحقق لأمتنا الإسلامية ما يصير اختلافها اتفاقًا واضطرابها طمأنينة في مسألة من أهم مسائل دينها لكثرة ما ينبني عليها من الأحكام الدينية والدنيوية، قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره لقوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} إن تقدير الزمن بالشهور فيه منافع بعضها متصل بالدين، وبعضها بالدنيا، أما ما يتصل منها بالدين فكثيرة، منها: الصوم، قال تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ} وثانيها: الحج قال الله تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ثالثها: عدة المتوفى عنها زوجها: قال الله تعالى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} ورابعها: النذر التي تتعلق بالأوقات، ولفضائل الصوم أيام لا تعلم إلا بالأهلة.
وأما ما يتصل منها بالدنيا فهو كالمداينات، والإجارات، والمواعد، ومدة الحمل والرضاع، كما قال {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} وغيرها، فكل ذلك ما لا يسهل ضبط أوقاتها إلا عند وقوع الاختلاف في شكل القمر (1)
والسؤال المعروض على المجمع الموقر يتعلق بالصوم والإفطار، وهل يمكن اعتماد المسلمين المغتربين بأميركا وأوربا وغيرهما من بلاد الكفر، أو الذين أسلموا من هذه البلاد على الحساب في إثبات دخول شهر رمضان وشوال لتعذر رؤية الهلال في هذه الأصقاع من الدنيا، ووجود تقدم علمي دقيق وأمين بها؟
وهو جانب من هذه المشكلة.
والجواب والله الملهم للصواب: لا يجوز لهؤلاء الإخوة المغتربين أو أبناء هذه البلدان الذين أسلموا التعويل على الحساب في الصوم والفطر، والاستغناء عن الرؤية، قال ابن رشد الجد من المالكية: لا يجوز لأحد أن يعول في صومه، وفطره على ذلك فيستغني عن النظر إلى الأهلة بإجماع من العلماء.
(1) الحطاب، مواهب الجليل: 2/ 388
وإنما اختلف أهل العلم فيمن كان من أهل هذا الشأن إذا أغمي الهلال هل له أن يعمل على معرفته بذلك أم لا؟ فقال مطرف بن الشخير: إنه يعمل في خاصته على ذلك، وقاله الشافعي أيضًا في رواية، والمعلوم من مذهبه ما عليه الجمهور من أنه لا يعمل على ذلك (1)
وقال الباجي في المنتقى: وقد روى ابن نافع عن مالك في المدنية في الإمام: لا يصوم لرؤية الهلال، ولا يفطر لرؤيته، وإنما يصوم ويفطر على الحساب: إنه لا يقتدى به (2)
وقال العلامة ابن عابدين من الحنفية: لا عبرة بقول المنجمين ولو كانوا عدولًا بالإجماع (3)
وقال الجمل من الشافعية: لا يجب رمضان بقول المنجم، ولا يجوز صومه به، نعم له أن يعمل بحسابه، ويجزئه عن فرضه على المعتمد وإن وقع في المجموع عدم إجزائه عنه.
والحاسب وهو من يعتمد منازل القمر، وتقدير سيره في معنى المنجم وهو من يرى أن أول الشهر طلوع النجم الفلاني (4)
وأدلة الجمهور قائمة من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإجماع السلف الصالح.
أما السنة فحديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له)) وروى ابن عمر أيضًا: ((الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)) رواهما الإمام البخاري في الجامع الصحيح، وروى مالك عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال:((لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)) وفي رواية للبخاري ((فإن غمي عليكم فاكملوا عدة شعبان ثلاثين)) وهناك روايات أخرى.
(1) الحطاب، مواهب الجليل: 2/ 388
(2)
المنتقى: 2/ 38
(3)
رد المحتار على الدر المختار: 2/ 92
(4)
حاشية الجمل على شرح المنهج: 2/ 304
وجمهور السلف والخلف إلى أن معناه: قدروا له تمام العدة ثلاثين يومًا، قال أهل اللغة: قدرت الشيء أَقْدُرُهُ وأُقَدِّرُهُ، وقَدَرْتُه وأَقْدَرْتُه بمعنى واحد، وهو من التقدير، قال الخطابي ومنه قوله تعالى {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} واحتج الجمهور بالروايات المذكورة فأكملوا العدة ثلاثين، وهو تفسير ((فاقدروا له)) ، ولهذا لم يجتمعا في رواية واحدة، بل تارة يذكر هذا، وتارة يذكر هذا، ويؤكده رواية، ((فاقدروا له ثلاثين)) قال الباجي في قوله:((فاقدروا له)) يريد: قدروا الشهر وتقديره إتمام الشهر الذي أنت فيه ثلاثين، لأن الشهر إنما يكون تسعة وعشرين يومًا بالرؤية، فأما بالتقدير فلا يكون إلا ثلاثين، وقد فسر ذلك في حديث أبي هريرة فقال صلى الله عليه وسلم:((فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)) ، وفي حديث ربعي بن خراش:((لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة)) (1)
وذهب الإمام أحمد رحمه الله إلى أن معنى ((اقدروا له)) : ضيقوا له وقدروه تحت السحاب: قال ابن قدامة: اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله فروى عنه "وإن حال دون منظره غيم أو قتر وجب صيامه وقد أجزأ إذا كان من شهر رمضان" واختارها أكثر شيوخ أصحابنا وهو مذهب عمر وابنه وعمرو بن العاص وأبي هريرة وأنس ومعاوية وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر، وبه قال بكر بن عبد الله وأبو عثمان النهدي وابن أبي مريم ومطرف وميمون بن مهران وطاوس ومجاهد.
وروي عنه: أن الناس تبع للإمام، فإن صام صاموا، وإن أفطر أفطروا، وهذا قول الحسن وابن سيرين لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون)) قيل معناه: الصوم والفطر مع الجماعة ومعظم الناس، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
(1) المنتقى: 2/ 38
وحكى ابن قدامة رواية ثالثة عن الإمام أحمد كالجمهور والأئمة الثلاثة (1) وقال ابن سريج وجماعة منهم: مطرف بن الشخير من كبار التابعين وابن قتيبة: معناه قدروه بحساب المنازل، وحكى ابن سريج عن الشافعي أنه قال: من كان مذهبه الاستدلال بالنجوم ومنازل القمر، ثم تبين له من جهة الاستدلال أن الهلال مرئي قد غم فإن له أن يعتقد الصوم ويجزئه.
ومذهب الجمهور حجته لا تدحض بحال، لأن روايات ((اقدروا له)) مجملة، وروايات إتمام العدة مفسرة، والقاعدة الأصولية المتفق عليها بينهم أن المجمل يحمل على المفسر، ولا تعارض عند الأصوليين بنيهما (2) أصلًا، هذا أولًا.
وثانيًا: ما قاله القرافي ملخصًا في الفرق الثاني والمائة بين قاعدة أوقات الصلاة يجوز إثباتها بالحساب والآلات وكل ما دل عليها، وبين قاعدة الأهلة في الرمضانات لا يجوز إثباتها بالحساب، المذهب عدم اعتبار الحساب، قال سند: إن كان الإمام يرى الحساب، فأثبت الهلال به، لم يتبع لإجماع السلف على خلافه، مع أن حساب الأهلة والخسوف والكسوف قطعي فإن الله سبحانه أجرى عادته بأن حركات الأفلاك وانتقالات الكواكب السبعة السيارة على نظام واحد طول الدهر بتقدير العزيز العليم، قال الله تعالى {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} وقال تعالى {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} أي هما ذوا حساب فلا ينخرم ذلك أبدًا، وكذلك الفصول الأربعة لا ينخرم حسابها، والعوائد إذا استمرت أفادت القطع، كما إذا رأينا شيخا نجزم بأنه لم يولد كذلك، بل طفلًا لأجل عادة الله تعالى بذلك، وإلا فالعقل يجوِّز ولادته كذلك، والقطع الحاصل فيه إنما هو لأجل العادة وإذا حصل القطع بالحساب ينبغي أن يعتمد عليه كأوقات الصلوات فإنه لا غاية بعد حصول القطع.
(1) المغني: 3/ 89 - 90
(2)
ابن رشد الحفيد، بداية المجتهد: 1/ 275
والفرق - وهو المطلوب ههنا وهو عمدة السلف والخلف - أن الله تعالى نصب زوال الشمس سبب وجوب الظهر، وكذلك بقية الأوقات بالأوامر الواردة في الكتاب والسنة الدالة على أن نفس الوقت السبب، فمن علم السبب بأي طريق كان، لزمه حكمه، فلذلك اعتبر الحساب المفيد للقطع في أوقات الصلوات.
وأما الأهلة فلم ينصب صاحب الشرع خروجها من الشعاع سببًا للصوم بل رؤية الهلال خارجًا من شعاع الشمس هو السبب، فإذا لم تحصل الرؤية لم يحصل السبب الشرعي، فلا يثبت الحكم.
ويدل على أن صاحب الشرع لم ينصب نفس خروج الهلال عن شعاع الشمس سببًا للصوم قوله صلى الله عليه وسلم: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)) ولم يقل لخروجه عن شعاع الشمس، كما قال تعالى {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} ثم قال: فإن غم عليكم، أي خفيت عليكم رؤيته ((فاقدروا له)) وفي رواية ((فأكملوا العدة ثلاثين)) فنصب ((رؤية الهلال)) أو إكمال العدة ثلاثين، ولم يتعرض لخروج الهلال عن الشعاع (1)
وهذه التفرقة حسنة من العلامة شهاب الدين القرافي الفقيه الفلكي والذي اهتم بأثر علم الهيئة في الأحكام الشرعية في كتابه اليواقيت في أحكام المواقيت (2) واهتم بأحكام الأرض وأصقاعها وبحارها وأوضاعها وأحوال السموات وأسرارها في كتاب الجغرافيا الذي وضعه وهو: المهاد الموضوع والسقف المرفوع (3) وتقوم حجة قاطعة على أن مذهب الجمهور هو الحق خصوصًا أن ابن الشاط قد قبلها، وأن الحطاب وصفها بالحسن (4)
وثالثًا: قال المازري رضي الله عنه: حمل جمهور الفقهاء قوله صلى الله عليه وسلم ((فاقدروا له)) على أن المراد إكمال العدة ثلاثين، كما فسر في حديث آخر، قالوا: ولا يجوز أن يكون المراد حساب المنجمين، لأن الناس لو كلفوا به ضاق عليهم، لأنه لا يعرفه إلا أفراد، والشرع إنما يعرف الناس بما يعرفه جماهيرهم، والله أعلم (5)
(1) الفروق: 2/ 199 وما بعدها
(2)
مخطوط بدار الكتب الوطنية التونسية تحت 8688
(3)
ذكره في اليواقيت في أحكام المواقيت: 61 وجهًا
(4)
مواهب الجليل: 2/ 388
(5)
النووي: شرحه على صحيح مسلم: 5/ 56 بهامش إرشاد الساري
هذا والذي يبدو لي من خلال ما نقلته من نصوص أن عدم الاعتماد على الحساب ليس راجعًا إلى بطلانه، وعدم الوثوق بصحة نتائجه في الواقع إذ لا أحد من الفقهاء يقول بتزييفها بعد التفريق بين التنجيم الذي هو استدلال بحركة الأفلاك على الحوادث، والذي فيه ادعاء علم الغيب، وبين الحساب الذي هو علم صحيح، بل رأينا حذاق الفقهاء يصرحون بإفادته القطع، إذ لم يقع خطأ من الحاسبين كالعلامة شهاب الدين القرافي، وإنما كل ما في الأمر أن الشارع ألغى ربط الصوم بخروج الهلال من شعاع الشمس دفعًا للعسر؛ إذ لا يتسنى ذلك إلا ليسير الأفراد وربطه برؤية خروج الهلال من شعاع الشمس، أو بإكمال العدة ثلاثين، رحمة بالمكلفين وتيسيرًا عليهم، إذ هو متآت لجماهيرهم والإلغاء شيء والبطلان شيء آخر كما يعرف ذلك من علم أصول الفقه.
وأما استفسار الإخوة المغتربين في الولايات المتحدة الأمريكية والأقطار الأوربية عن قبول حساب الكفار المشرفين على المراصد في هذه الأصقاع فمردود من وجهتين:
1-
أن العمل بالحساب في الصوم والفطر والاستغناء عن الرؤية لا يجوز كما أسلفت.
2-
أن الكفار لا تقبل شهادتهم ولا روايتهم في أمور الديانة، قال سعد الدين التفتزاني في التلويح عند اشتراط صدر الشريعة عبيد الله بن مسعود في قبول خبر الواحد في الديانات ورد حبر الكافر فيها مع أن الكذب حرام في كل دين.
وتوجيه ذلك: وربما كان الكافر مستقيمًا في دينه، فيغلب على الظن صدقه، ومع ذلك يرد قوله في الديانات لأن شأن الكافر التعصب على دين الإسلام وهدم أركانه بقدر الطاقة، وعدم المبالاة فيه، فيرد قوله فيه، فظهر أن رد قول الكافر لا لأنه يصدق أو يكذب بل لأن صاحب الشرع من أصوله المؤسسة في هذا الدين أن أقوال المعتوه والكافر كلها ساقطة عن الاعتبار في الديانات، والقول الفصل أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه أعرابي فقال: إني رأيت الهلال، فقال له صلى الله عليه وسلم:((أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم، قال: أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ قال: نعم، قال: يا بلال، أذن في الناس أن يصوموا غدًا)) .
هذا بعض ما جاء في فتوى سماحة الشيخ سيدي أحمد بن الخوجة المفتي الحنفي بتونس رحمه الله للوزير خير الدين في برقية تضمنت الإعلام بثبوت رؤية هلال شهر رمضان زمن الحماية الفرنسية من مشرف كافر على مصلحة البرق (1)
وفي المذهب المالكي كذلك إذ من أوصاف الشاهد الإسلام قال ابن رشد القفصي: لا تجوز شهادة الكافر أصلًا، أو ارتدادًا سواء شهد لمسلم أو كافر، لأن الشهادة من شرطها العدالة، ولا عدالة لكافر وقد تقدم الخلاف في قبول شهادته في الوصية في السفر (2)
ويقول المالكية: قال الشافعية جاء في شرح المنهج لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري: فلا تقبل (أي الشهادة) ممن به رق أو صبا أو جنون، ولا من عادم مروءة أو مغفل لا يضبط، وأخرس ومحجور عليه بسفه ومتهم وغير عدل من كافر الخ.. وتعقبه محشيه سليمان الجمل بقوله: ولو على مثله لأنه أخس الفساق (3)
وذكر الخرقي الحنبلي أن شهادتهم لا تجوز في غير الوصية فقال ما نصه: "وتجوز شهادة الكفار من أهل الكتاب في الوصية في السفر إذا لم يكن غيرهم ولا تجوز شهادتهم في غير ذلك"(4)
فالأخبار بثبوت هلال رمضان أو شوال من أمور الديانة التي لا تقبل فيها شهادة أو رواية من كافر بالإجماع بين فقهاء المذاهب.
وأما قول السائل: إن اتباع المسلمين المغتربين في أمريكا وأوروبا أو غيرهما من بلاد الكفر لرؤية مشرقية إلخ ما جاء في السؤال؟ فالجواب عنه: أن هؤلاء الإخوة إذا تعذرت عليهم رؤية هلال رمضان وشوال لغيم، أو قتر أو أي مانع آخر أتموا شعبان ثلاثين كما جاء ذلك في الحديث الشريف برواياته السالفة.
(1) د. محمد سويسي، الفتاوى التونسية في ق 14: 2/ 653 مرقون بمكتبة الكلية الزيتونية
(2)
الفائق في معرفة الأحكام والوثائق: 4/ 161 مخطوط بمكتبتي
(3)
شرح المنهج مع حاشية الجمل: 5/ 378
(4)
الخرقي، مختصره مع شرح المغني: 9/ 182 و184
وإذا اتصل غم الهلال أشهرًا فقد روى ابن نافع عن مالك في المدنية في القوم يكونون في مركب فلا يرون هلال رجب ولا شعبان، ولا رمضان، فقال: ينظرون أي هلال رأوه رمضان أو غيره فيعدونه ثلاثين، ثم رجب بثلاثين، ثم شعبان بثلاثين، ثم رمضان بثلاثين، فإن تبين لهم هلال شوال قبل الثلاثين أفطروا وقضوا ما أفطروا، وروى عيسى عن ابن القاسم مثله (1)
وذكر ابن الأثير، وكذلك الزمخشري أن ناسًا كانوا يسكنون بين الجبال فأتوا عمر رضي الله عنه فقالوا: يا أمير المؤمنين، إنا ناس بين الجبال، لا نهل الهلال إذا أهلته الناس فيم أمرنا؟ فقال: صوموا من الوضع إلى الوضع (2) فإن خفي عليكم فأتموا العدة ثلاثين يومًا ثم انسكوه، وفي رواية أن عمر كتب إلى امرأة الأجناد المفندة، صوموا لرؤية الهلال، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يومًا، ثم صوموا وأفطروا (3) وهذا إذ لم ير في بلد غير متباعد.
وأما تخصيص السائل الرؤية بالمشرقية فليس بصواب لأن العبرة في رؤية بلد غير البلد الموجود فيه الشخص إنما هي بأن لا يكون متباعدًا لا بمشرقيته، ولا بمغربيته، قال الباجي: وإذا رأى أهل البصرة هلال رمضان، ثم بلغ ذلك إلى أهل الكوفة، والمدينة واليمن فالذي رواه ابن القاسم وابن وهب عن مالك في المجموعة، لزمهم الصيام، أو القضاء إن فات الأداء.
وروى القاضي أبو إسحاق عن ابن الماجشون أنه إن كان ثبت بالبصرة بأمر شائع ذائع يستغنى عن الشهادة والتعديل فإنه يلزم غيرهم من أهل البلاد القضاء، وإن كان إنما ثبت عندهم بشهادة شاهدين عدلين لم يلزم ذلك من البلاد إلا من كان يلزمه حكم ذلك الحاكم ممن هو في ولايته، أو يكون ذلك ثبت عند أمير المؤمنين فيلزم القضاء جماعة المسلمين، قال: وهذا قول مالك (4)
ونقل القرطبي هذا النص في تفسيره لقوله تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ} في آخر المسألة السادسة قبله في نفس المسألة السادسة عن ابن عمر الإجماع على أنه لا تراعى الرؤية فيما بعد من البلدان كالأندلس من خراسان، قال: ولكل بلد رؤيتهم إلا ما كان كالمصر الكبير وما تقاربت أقطاره من بلدان المسلمين.
(1) الباجي، المنتقى: 2/ 38
(2)
المنتقى: 2/ 38
(3)
محمد عبد الوهاب المراكشي، العذب الزلال في مباحث رؤية الهلال: 1/ 34
(4)
المنتقى: 2/ 37
كما نقل عن ابن العربي الاختلاف في تأويل قول ابن عباس رضي الله عنهما، في حديث كريب المشهور: "هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل رده لأنه خبر واحد، وقيل رده لأن الأقطار مختلفة في المطالع وهو الصحيح لأن كريبًا لم يشهد وإنما أخبر عن حكم ثابت بالشهادة، ولا خلاف في الحكم الثابت أنه يجري فيه خبر الواحد، ونظيره ما لو ثبت أنه أهل ليلة الجمعة بأغمات وأهل بإشبيلية ليلة السبت، فيكون لأهل كل بلد رؤيتهم، لأن سهيلًا يكشف من أغمات ولا يكشف من إشبيلية، وهذا يدل على اختلاف المطالع (1)
وممن نقل الإجماع من فقهاء المالكية على أنه لا نقل مع البعد جدًا ابن رشد الحفيد حيث قال بعد أن نقل الخلاف إلى تعدي الرؤية من بلد إلى بلد: وأجمعوا أنه لا يراعى ذلك في البلدان النائية كالأندلس والحجاز (2) ونقله أيضًا ابن جزي حيث قال: إذا رأوه (هكذا بلهجة أسد شنوءة) أهل بلد لزم الحكم غيرهم من أهل البلدان إلى أن قال: ولا يلزم في البلاد البعيدة كالأندلس والحجاز إجماعًا، (3) وقال الحطاب عند قول خليل: وعم أن نقل بهما عنهما، تنبيه: قال ابن عرفة: قال ابن عمر: وأجمعوا على عدم لحوق رؤية ما بعد كالأندلس من خراسان، (4) وكأنه ارتضاه واستحسنه.
وقال أبو الحسن القابسي رحمه الله في كتاب الأسئلة: جملة المتفقهين يطلقون لزوم حكم الرؤية عن موضعها من غير تقييد، ولا فرق بين بعيد فقط وبين بعيد أبعد بما تختلف به أحوال الأقاليم، وتتباعد فيه الأراضي بانخفاض وارتفاع، وبحسب ذلك تختلف المطالع والمغارب والاستواءات وغير ذلك مما لا خفاء به عند أهل المعرفة بوضع الأرض، وتسيير الأفلاك، وإطلاق ذلك مع الافتقار إلى البيان، ومسيس الحاجة إليه من الخطأ البين الذي لا يشك فيه أحد (5) ونقله غيرهم كالبناني وجنون وابن البناء.
ومن العلماء الأثبات الذين حرروا القول في هذه المسألة تحريرًا شافيًا كافيًا لجمعه بين العمق في الفقه وبين المعرفة بعلم الهيئة الفقيه الأصولي الفلكي الحنفي محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية سابقًا رحمه الله، في كتابه "إرشاد أهل الملة إلى إثبات الأهلة" فقال: وبالجملة فالقول بعدم اعتبار اختلاف المطالع مخالف للمعقول والمنقول.
(1) القرطبي: 2/ 295 - 296
(2)
بداية المجتهد: 1/ 278
(3)
القوانين الفقهية: 119
(4)
مواهب الجليل: 2/ 384
(5)
محمد بن عبد الوهاب المراكشي، العذب الزلال في مباحث رؤية الهلال: 1/ 39
أما مخالفته للمعقول فلما علمته من مخالفته لما هو ثابت بالضرورة من اختلاف الأوقات، وأن النهار عند قوم قد يكون ليلًا عند آخرين.
وأما مخالفته للمنقول فلأنه مخالف لما تقدم عن كريب، وذلك لأن المتبادر من قول كريب لابن عباس: نعم رأيته ورآه الناس وصاموا، وصام معاوية، وقول ابن عباس: لكنا رأيناه.. إلخ وقول كريب بعد ذلك: أولا تكتفي برؤية معاوية؟ وقول ابن عباس في جوابه: لا، أي لا نكتفي برؤية معاوية، أن قوله: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجع إلى عدم الاكتفاء برؤية معاوية ورؤية كريب، والناس وصومهم، وصوم معاوية، وهذا ظاهر في أن كل قوم مكلفون برؤيتهم، ولا شك أن مورد هذا النص في الشام والحجاز، وقد وجد بينهما مسافة القصر، واختلاف الإقليم، واختلاف المطالع، واحتمال عدم الرؤية، فاستند كل طائفة إلى واحد منها وأيد به قوله: كذا قال الإمام الأسنوي، لكن احتمال عدم الرؤية بعد أن قال ابن عباس لكريب: أنت رأيته؟ فقال له: نعم، ورواه الناس وصاموا، وصام معاوية، ومعاوية كان الخليفة بعيدًا جدًا، لا يلتفت إليه فلم يبق إلا احتمال مسافة القصر، واختلاف الأقاليم واختلاف المطالع، فإذا رجعنا إلى الواقع نجد أنه لا دخل في اختلاف الناس في رؤية الهلال بعد الغروب لمسافة القصر، ولا لاختلاف الأقاليم، وأن المدار في ذلك على اختلاف المطالع.
وبعد تحرير العلامة محمد بخيت المطيعي رحمه الله لمدار المسافة قال في موضع آخر من الكتاب السالف الذكر: فالواجب التوفيق بما وفقت به المالكية، فيحمل على قول من قال بعدم اعتبار اختلاف المطالع على ما إذا كان اختلافها لا يؤدي إلى تفاوت في رؤية الهلال بعد الغروب وقول من قال باعتباره على ما إذا كان اختلافها يؤدي إلى ذلك فإن اختلاف مطالع البلاد كما علمت مبني على اختلاف عروضها، وأن عرض كل بلد هو بعده عن خط الاستواء، وهذا الاختلاف قد يكون يسيرًا جدًا لا يترتب عليه اختلاف في رؤية الهلال بين البلدين بعد الغروب، وقد يكون فاحشًا يترتب عليه ذلك، وهذا الذي يتعين المصير إليه حملًا لكلامهم على السداد، لأن الشرع لا يأتي بالمستحيلات، والله الموفق لما فيه الصواب.
ولا عبرة بغير ما قررت من القول بتعدي رؤية بلد إلى سائر البلدان الإسلامية، لأن ذلك مداره على القول بعدم اختلاف المطالع، وهو قول قال به كثير من الفقهاء بمعطيات عصورهم، ولكن لا ينبغي أن يقرر اختلافًا فقهيًا في عصرنا الحاضر لانبنائه على خطأ قديم وقع فيه جمع من المفسرين، وشايعهم عليه كثير من الفقهاء، وهو القول بأن الأرض مسطحة، لأخبار كثير من الآيات بأن الأرض فراش، وبساط ومهاد، وقرار، ومد، ودحي، ووضع، وبسط، وطحي، وكلها ألفاظ متقاربة تفيد التسطيح، وقد تأولها الإثبات من المفسرين والفقهاء قديمًا وحديثًا بما يطول جلبه هنا.
ولا مجال في عصرنا الحاضر إلى الخلاف في كروية الأرض إذ هذا قد أصبح من يقيني العلم الموجب لتأويل ظواهر النصوص الشرعية بما يتفق معه، تأويلًا غير متعسف كقول الفخر الرازي: إن الكرة إذا كانت في غاية الكبر كانت كل قطعة منها تشاهد كالسطح، إلى غير ذلك من وجوه التأويل وهي كثيرة.
وبعد كل ما ذكرت، وانطلاقًا منه، وترتيبًا عليه أخلص إلى أن الاتحاد بين المسلمين في وقت الصوم والفطر ليس مقصدًا للشارع، وأنه لا يجوز للمسلمين في أي صقع من أصقاع الأرض كانوا، التعويل على الحساب في صومهم وفطرهم، وإنما يصومون لرؤية الهلال، ويفطرون لرؤيته في بلدهم الذي هم فيه، أو في بلد متحد معه في خطوط العرض، أو مختلف اختلافًا يسيرًا لا يؤدي إلى تفاوت في رؤية الهلال بعد الغروب، وإن تعذر ذلك أكملوا عدة شعبان، أو رمضان ثلاثين، وإذا اتصل غم الهلال في بلدهم الذي هم فيه، أو البلد المتحد معه في خطوط العرض أو المختلف اختلافًا يسيرًا أشهرًا متوالية نظروا إلى هلال رأوه، هلال رمضان أو غيره فيعدونه بثلاثين ثم رجب بثلاثين ثم شعبان بثلاثين ثم رمضان بثلاثين، فإن تبين لهم هلال شوال قبل الثلاثين أفطروا وقضوا ما أفطروا، أفتي بذلك وأنا الفقير إلى رحمة مولاه الغني محيي الدين قادي فإن كان صوابًا فمن فضل الله علي، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان والله الموفق للصواب.
السؤال الرابع والعشرون
ما حكم عمل المسلم في دوائر الوزارات الحكومة الأمريكية أو غيرها من حكومات البلاد الكافرة، وخاصة في مجالات هامة كالصناعات الذرية، أو الدراسات الاستراتيجية ونحوها؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد والله ولي التوفيق: يجوز للمسلم أن يعمل في دوائر الوزارات الحكومات الكافرة رغبة منه في العدل وإقامة الحق والإحسان إذا علم أنه يصلح بعض الأحوال، ويستطيع المحافظة على عزة المسلم وكرامته وإبائه، بل يطلب ذلك ويسعى إليه إذا تعين فيه إقامة الحق وبسط العدل دون سواه، وقد طلب رسول الله يوسف عليه السلام حين علم أن المكين الأمين عند فرعون مصر الولاية على خزائن أقوات أرض مصر وأموالها ليتوصل، كما قال الزمخشري إلى إبقاء أحكام الله تعالى وإقامة الحق وبسط العدل والتمكن مما من أجله تبعث الأنبياء إلى العباد (1) ومن فرعون مصر ذكر ذلك القرآن الكريم في سورة يوسف حيث يقول تعالى {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} .
وهذه الآية الكريمة كما يقول سماحة الأستاذ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور رحمه الله: أصل وجوب عرض المرء نفسه لولاية عمل من أمور الأمة إذا علم أنه لا يصلح له غيره لأن ذلك من النصح للأمة وخاصة إذا لم يكن ممن يتهم على إيثار منفعة نفسه على مصلحة الأمة، وقد علم يوسف عليه السلام أنه أفضل الناس هنالك لأنه كان المؤمن الوحيد في ذلك القطر فهو لإيمانه بالله يبث أصول الفضائل التي تقتضيها شريعة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام، فلا يعارض هذا ما جاء في صحيح مسلم عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عبد الرحمن، لا تسال الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها)) لأن عبد الرحمن بن سمرة لم يكن منفردًا بالفضل من بين أمثاله ولا راجحًا على جميعهم.
ومن هذه الآية أخذ ففقهاء المذاهب جواز طلب القضاء لمن يعلم أنه أهل، وإن لم يول ضاعت الحقوق، قال المازري: يجب على من هو أهل الاجتهاد والعدالة السعي في طلب القضاء إن علم أنه لم يله ضاعت الحقوق، أو وليه من لا يحل أن يولى وكذلك إن كان وليه من لا تحل توليته ولا سبيل لعزله إلا بطلب أهله.
(1) الكشاف: 1/ 639
وقال ابن مرزوق: لم أقف على هذا لأحد من قدماء أهل المذهب غير المارزي.
وقال عياض في كتاب الإمارة من شرحه على صحيح مسلم: ما ظاهره، الاتفاق على جواز الطلب في هذه الحالة (1)
وما خصه السائل بمزيد الاهتمام ففي السؤال الملقى على المجمع الموقر بالذكر من الصناعات الذرية، والدراسات الاستراتيجية فجوازه للمسلم أحرى لأنه إن وجه إلى الشر حاول المسلم بكياسة منعه كلية أو التخفيف منه في حدود ما تسمح به إمكانياته وإن وجه إلى الخير دفعه بكل ما أوتي من مكانة وظيفية، وخبرة علمية، وإخلاص في البر بالناس، قال ابن جزي من المالكية: ويستدل بطلب يوسف الولاية، رغبة منه في العدل، وإقامة الحق الإحسان، على أنه يجوز للرجل الفاضل أن يعمل للرجل الفاجر: إذا علم أنه يصلح بعض الأحوال (2) ولنقف عند قوله: "بعض الأحوال" ولنتأمل مدى واقعيته، فلم يقل: كل الأحوال وذلك هو المشروع والمعقول، وفعل رسول الله يوسف عليه السلام في قطر لا يوجد فيه مؤمن سواه يثبت أصول الفضائل التي اقتضتها شريعة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام فهؤلاء المغتربون من المؤمنين شموع تضيء وسط حالك ظلام الكفر، إن أخلصوا لرب العالمين، هذا أولًا.
وثانيًا: هنالك ضرورة إسلامية إلى معرفة التخطيط العلمي للأشياء، والصناعات الذرية المندرجة ضمن الواجبات الكفائية، في حق الأمة الإسلامية كما تنطق بذلك النصوص الفقهية، قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله وهو يتحدث عن العلوم الواجبة كفائيًا: "أما فرض الكفاية فهو كل علم لا يستغنى عنه في قوام أمور الدنيا كالطب، إذ هو ضروري في بقاء حاجة الأبدان، وكالحساب فإنه ضروري في المعاملات وقسمة الوصايا والمواريث وغيرها.
وهذه هي العلوم التي لو خلا البلد عمن يقوم بها، حرج أهل البلد، وإذا قام بها واحد كفى وسقط الفرض عن الآخرين.
فلا يتعجب من قولنا: إن الطب والحساب من فروض الكفايات فإن أصول الصناعات أيضًا من فروض الكفايات كالفلاحة والحياكة والسياسة، بل الحجامة والخياطة (3)
وقال العلامة ابن عابدين رحمه الله وهو يقرر ما يجب وجوبًا كفائيًا على المسلمين من العلوم والصناعات: "وأما فرض الكفاية من العلم فهو كل علم لا يستغنى عنه في قوام أمور الدنيا كالطب والحساب واللغة.. وأصول الصناعات كالفلاحة والحياكة والنسيج والسياسة والحجامة"(4)
وفي حاضرنا الإسلامي إذا لم تعلم أمة الإسلام بعمق علم التخطيط والصناعات والذرية حرجت وإذا تعلم عدد من المسلمين ذلك بمقدار ما فيه الكفاية ارتفع الإثم عن الجميع.
والعلم بالنسبة إلى الإسلام لا يعرف حدود المكان ولا حدود الزمن ولا يتقيد بدين الشخص ليقع التعلم عليه، بل هو مطلق من كل ذلك، فقد روى العسكري من حديث عنبسة بن عبد الرحمن عن شبيب بن بشير عن أنس رفعه:((العلم ضالة المؤمن حيث وجده أخذه)) (5) بالمفهوم الذي تضمنه السياق كله هذا ما فتح الله به على في الإجابة عن هذا السؤال ولا أراه مندرجًا في باب الإجارة، وإنما هو من صميم الأحكام السلطانية والله أعلم.
(1) التحرير والتنوير: 13/ 9 - 10
(2)
كتاب التسهيل لعلوم التنزيل: 2/ 122
(3)
الإحياء: 1/ 15
(4)
رد المحتار على الدر المختار: 1/ 29 – 30 بتصرف
(5)
السخاوي: المقاصد الحسنة: 192
السؤال الخامس والعشرون
ما حكم تصميم المهندس المسلم لمباني النصارى كالكنائس وغيرها علمًا بأن هذا هو جزء من عمله في الشركة الموظفة له، وفي حالة امتناعه قد يتعرض للفصل من العمل؟
وفي الجواب عن هذا السؤال المفيد والله ولي التسديد:
العمل في شركة من أعمالها الأساسية ما هو حرام على الإسلام لا يجوز من البداية قال ابن رشد في البيان والتحصيل: إن إجارة المسلم نفسه من النصراني واليهودي على أربعة أقسام جائزة، ومكروهة، ومحظورة وحرام.
فالجائز: أن يعلم له المسلم عملًا في بيت نفسه كالصانع الذي يعمل للناس.
والمكروهة: أن يشيد بجميع عمله من غير أن يكون تحت يده، مثل أن يكون مقارضًا أو مساقيًا.
والمحظورة: أن يؤاجر نفسه في علم يكون فيه تحت يده كأجير الخدمة في بيته، وإجارة المرأة لترضع له ابنته في بيته وما أشبه ذلك، فهذه تفسخ أن عثر عليها، فإن فاتت مضت، وكانت لها الأجرة.
والحرام: أن يؤاجر نفسه منه فيما لا يحل: من عمل الخمر أو رعي الخنازير، فهذا يفسخ قبل العمل، فإن فات تصدق بالأجرة على المساكين (1)
وتصميم المهندس المسلم لمباني ذات صبغة دينية كالكنائس والبيع والمراكز التنصير هي من القسم الرابع وهو مؤاجرة المسلم نفسه من الكتابي فيما لا يحل له من عمل الخمر، ورعي الخنازير. جاء في المدونة: قلت: أرأيت لو أن مسلمًا آجر نفسه من نصراني يرعى له الخنازير فرعاها، فأراد إجارته، قال: قال مالك في النصراني يبيع من المسلم خمرًا: أن النصراني يضرب على بيعه الخمر من المسلم إذا كان النصراني يعرف أنه مسلم فباعه، وهو يعرف أنه مسلم أدبًا للنصراني، ويكسر الخمر في يد المسلم،
(1) الحطاب، مواهب الجليل: 5/ 419
قال ابن القاسم: وأنا أرى أن تؤخذ الإجارة من هذا النصراني ويتصدق بها على المساكين ولا يعطاها هذا المسلم أبدًا لهذا المسلم، ولأن الإجارة أيضًا لا تحل لهذا إذا كانت إجارته من رعي الخنازير، وأرى أن يضرب هذا المسلم أدبًا له فيما صنع من رعيه الخنازير ورضاه بالأجر من رعيه الخنازير إلا أن يكون ممن يعذر بالجهالة فيكف عنه في الضرب، ولا يعطى من الإجارة شيئاَ ويتصدق بالأجرة على المساكين ولا تترك الأجرة للنصراني مثل قول مالك في الخمر (1)
ونص المدونة ألقى الأضواء على الإجراءات الواجب اتخاذه مع المسلم المؤاجر نفسه من كتابي فيما فلا يحل له، وأبان أن الإجارة باطلة من هذا النوع، فقول السائل: وفي حالة امتناعه قد يتعرض للفصل من العمل ولا يكون مبررًا، إذ العمل من أصله لا يجيزون فلا يرخص له من أجل تعرضه للفصل في الاستمرار في العمل ولو مع فعل المحرم.
قال السيوطي: إن فعل الرخصة متى توقف على وجود شيء نظر في ذلك الشيء فإن كان تعاطيه في نفسه حرامًا امتنع معه فعل الرخصة وإلا فلا (2) والعمل بالشركة التي من بين أعمالها ما هو محرم على المسلم عمل حرام لا يجوز بحال، لأن المسلم مهان فيه، في أقدس الأشياء لديه وهو دينه، وفاقد لعزته والله جل جلاله يقول {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} هذا ما ظهر للعبد الفقير إلى مولاه الغني محيي الدين وبه أفتي إخواني في بلاد الغربة، والله أعلم.
(1) سحنون، المدونة: 4/ 426
(2)
الأشباه والنظائر: 140
السؤال السادس والعشرون
كثير من العائلات المسلمة يعمل رجالها في بيع الخمور والخنزير، وما شاب ذلك، وزوجاتهم وأولادهم كارهون لذلك، علمًا بأنهم يعيشون بمال الرجل فهل عليهم من حرج في ذلك؟
وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد والله الملهم بالصواب، فأقول:
قد جاء الأمر الملزم بأكل الحلال، وجاء النهي عن أكل الحرام في فيض آي القرآن وسنة رسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام وآثار السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان رضوان الله عليهم أجمعين.
أما الآي الكريمة فمنها قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} وقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} وقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} قال ابن عباس رضي الله عنهما: وقد أمر الله المؤمنين بما أمر به المرسلين، وقد قدم تعالى أكل الحلال على صالح الأعمال، تبينها على أن الانتفاع بالأعمال لا يتوصل إليه إلا إصلاح الرزق واكتسابه من حله.
وأما السنة الشريفة فمنها قوله عليه الصلاة والسلام الذي رواه الترمذي من حديث كعب بن عجرة وحسنه: ((كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به)) ، وقوله عليه الصلاة والسلام الذي رواه مسلم:((إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا وأن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام، وملبسه حرام، فأنى يستجاب له؟))
وأما آثار السلف الصالح فمنها: أن الصديق رضي الله عنه شرب لبنًا من كسب عبده ثم سأله، فقال: تكهنت لقوم فأعطوني، فأدخل يده في فيه، وجعل يقيء، وقال سفيان الثوري رضي الله عنه: من أنفق من الحرام في طاعة كان كمن طهر الثوب النجس بالبول، والثوري النجس لا يطهره إلا الماء، والذنب لا يكفره إلا الحلال، وقال الإمام علي كرم الله وجهه: إن الدنيا حلالها حساب وحرامها عذاب وشبهتها عتاب (1) وقال عمر: كنا ندع أربعين بابًا من الحلال مخافة الوقوع في الشبهة من الحرام، وإنما الورع في الحلال، وأما الحرام فتركه واجب (2)
(1) راجع إحياء علوم الدين مع المغني عن حمل الأسفار: 2/ 80 – 82
(2)
ميارة، الشرح الكبير: 321
وقال مالك في رواية ابن وهب عنه: إذا كان المسلم معروفًا بأكل الربا والعمل به وبيع الخمر لم أر لأحد أن يستلف منه، ولا يقتضي دينه منه، ولا يخالطه، ولا يؤكله (1) لأن الله ما حرم شيئًا إلا حرم أكل ثمنه، فقولة مالك صريحة في حرمة اقتضاء الحقوق من المال الحرام.
وقال أصبغ من المالكية في مال المرابي وعاصر الخمر والغاصب، والظالم وتارك الزكاة: إنه فاسد كله، لا يجوز أن يؤكل منه شيء دون شيء، ولا يشرب (2)
وترتيبًا على هذه النصوص القرآنية، والسنية من أحاديث وآثار، وفقهية أقول: لا يجوز للمسلم المكلف أكل المال الحرام، ولا لبس اللباس الحرام، ولا سكنى المسكن الحرام، ولا استعمال أي شيء مما ينتفع به من الحرام.
وجاء في السؤال كراهية الزوجات والأولاد لا كلهم من كسب عائلهم، وليس الأمر كراهة فحسب بل حرام، ويجب امتناعهم عن الأكل من كسبه لأن أكلهم لو كان الكسب حلالًا حق والحقوق لا تقتضي من الحرام كما جاء ذلك عن إمام دار الهجرة في النص السالف، وعن أصبغ.
ومحل حرمة ذلك بالنسبة للأولاد إذا كانوا مكلفين وشأن الزوجات التكليف، هذا كله إذا كان كسب عائلهم من الحرام المحض.
(1) العتبي، العتبية مع البيان والتحصيل: 18/ 514
(2)
ابن رشد، المقدمات: 2/ 617
وأما إذا كان مختلطًا لأنه يبيع في مغازته مثلًا المحرمات كالخمر ولحم الخنزير والنتن (السجاير) ويبيع المبارحات كالمواد الغذائية، ولم يتعين الحلال من الحرام ولم يمتز هذا عن ذاك فيجوز لمن ذكر الأكل من ماله وكسبه في طعامهم وشرابهم وملبسهم ومسكنهم وما ينتفعون به، قال حجة الإسلام الغزالي رحمة الله عليه في كتاب الحلال والحرام من إحياء علوم الدين: في اختلاط الحلال بالحرام غير المحصورين: والذي نختاره أنه لا يحرم بهذا الاختلاط أن يتناول شيئًا بعينه احتمل أنه حرام، وأنه حلال إلا أن يقترن بتلك العين علامة تدل على أنه من الحرام، فإن لم يكن هناك علامة تدل على أنه من الحرام فتركه ورع، وأخذه حلال، ولا يفسق به آكله (1)
وعدم جواز الأكل بالنسبة للزوجات والأولاد المكلفين مقيد بما إذا كانوا قادرين على العمل بالحلال، وواجدين له في حدود الكفاية.
وأما إذا كانوا عاجزين عن العمل حقيقة أو حكمًا، وسدت في وجوههم الأبواب كل الأبواب من العمل الحلال واضطروا إلى الأكل من كسبه الحرام، أكلوا منه ما يسد رمقهم، ويحفظ حياتهم إذ الضرورة تقدر بقدرها، قال تعالى {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .
ويجب عليهم السعي ما استطاعوا إليه سبيلًا لإيجاد عمل حلال، مهما كانت نوعية العمل المقدور عليه، ومتى وجدوه حرم عليهم الأكل من كسب عائلهم المتمحض للحرام كما ذكر، لأن ما جاز للضرورة أو الحاجة المنزلة منزلها بطل بزوالها.
هذا ما ظهر في الإجابة عن هذا السؤال، وهذا ما أفتي به إخواني السائلين والله أعلم.
(1) الأحياء: 2/ 93
السؤال السابع والعشرون
ما حكم تبرع المسلم فردًا كان أو هيئة لمؤسسات تعليمية أو تنصيرية، أو كنسية؟
وفي الجواب عن هذا أفيد والله ولي التوفيق فأقول:
إن كلمة تبرع في السؤال غير دقيقة إذ التبرعات أنماط في الفقه الإسلامي عديدة، ولكن سنحاول الإجابة عن السؤال عارضين لأهمها من صدقة، وهبة، ووقف، ووصية.
وقبل الشروع في الإجابة حتم علي تفكيك السؤال إلى قسمين:
أ- تبرع مسلم فرد أو هيئة إسلامية لمؤسسات تعليمية.
ب- تبرع مسلم فرد أو هيئة إسلامية لمؤسسات تنصيرية أو كنسية.
أما الفرع الأول فالجواب أن العلم سلاح ذو حدين فما يفيد البشرية فائدة حقيقية، تقرها الشريعة الإسلامية، من عمل دنيوي سياسي أو اقتصادي أو زراعي أو تجاري هو من البر الذي يحبه الله لعباده ويأمرهم بالتعاون عليه قال صلى الله عليه وسلم ((الخلق كلهم عيال الله، وأحبهم إليه أنفعهم لعياله)) ، رواه البزار والبيهقي وأبو نعيم وأبو يعلى والطبراني والحارث بن أبي أسامة وابن أبي الدنيا والعسكري وآخرون من جهة يوسف بن عطية عن ثابت عن أنس مرفوعًا، وعن ابن أن عمر مرفوعًا، قال: قيل يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله؟ قال:((أنفع الناس للناس)) وروى الطبراني من حديث زيد بن خالد مرفوعًا: ((خير العلم ما نفع وخير الهدى ما اتبع، وخير الناس أنفعهم للناس)) وبعضها يؤكد بعضًا، قاله السخاوي (1)
والعلم المختص في السياسة، أو الاقتصاد أو الزراعة والتجارة أو غير ذلك مما ينفع الناس هو السبيل إلى ذلك، فإعانة هذه المؤسسات التعليمية في بلاد الغربة في الإطار الذي حددت بما ندبت الشريعة إليه ورغبت فيه، لأن العلم المحاط بسياج من الخلق العظيم إنساني النفع، سواء تصدق عليها، ووهب لها، أو وقف عليها أوقافًا، أو أوصى لها أو بعبارة أشمل تبرع عليها بوجه من وجه التبرع المشروع، وأما العلوم التي لا فائدة فيها بل تحمل الضرر والدمار كمصانع الأسلحة المدمرة والمؤسسات التي تؤهل المختصين في صناعتها وكعلم الشعوذة، وقراءة الكف، والفلسفة الملحدة، ومعاهد الاقتصاد الشيوعي أو نحو ذلك فهذه لا يجوز التبرع لها بوجه من وجوه التبرع، والتبرع عليها حرام؛ لأنها تمرد على شريعة الإسلام، وعصيان الديانة، وتعاون على الإثم والعدوان.
(1) المقاصد الحسنة: 201
وأما الفرع الثاني فلا يجوز له وهبة ولا صدقة، ولا وقف ولا وصية ولا غيرها من التبرعات التي ندب الإسلام إليها، قال ابن قدامة: لا يصح الوقف على معصية كبيت النار والبيع والكنائس وكتب التوراة والإنجيل لأن ذلك معصية، فإن هذه المواضع بنيت للكفر وهذه الكتب مبدلة منسوخة، ولذلك غضب النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى مع عمر صحيفة فيها شيء من التوراة وقال:((أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ ألم آت بها بيضاء نقية؟ لو كان موسى أخي حيًا ما وسعه ألا اتباعي)) ولولا أن ذلك معصية ما غضب منه، والوقف على قناديل البيعة وفرشها ومن يخدمها ويعمرها كالوقف عليها لأنه يراد تعظيمها.
وسوءا كان الواقف مسلمًا أو ذميًا، قال أحمد في نصارى وقفوا على البيعة ضياعًا كثيرة وماتوا ولهم أبناء نصارى فأسلموا والضياع بيد النصارى فلهم أخذها وللمسلمين عونهم حتى يستخرجوها من أيديهم.
وهذا مذهب الشافعي ولا نعلم فيه خلافًا (1)
وقال في المغني أيضًا: ولا تصح الوصية بمعصية وفعل محرم مسلمًا كان الموصي أو ذميًا، فلو وصى ببناء كنسية، أو بيت نار أو عمارتهما، أو الإنفاق عليهما كان باطلًا، ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه وأبو ثور، وقال أصحاب الرأي: يصح، فأجاز أبو حنيفة بأرض تبنى كنيسة وخالفه صاحباه، وأجاز أصحاب الرأي أن يوصى بشراء خمر أو خنازير ويتصدق بها على أهل الذمة.
وهذه وصايا باطلة، وأفعال محرمة لأنها معصية فلم تصح الوصية بها كما لو وصى بعبده أو أمته للفجور.
وإن وصى لكتب التوراة والإنجيل لم تصح لأنها كتب منسوخة إلخ ما ذكره سابقًا في عدم صحة الوقف عليها (2) وجاء عن القرافي في الفرق الثامن والخمسين بين قاعدة المقاصد وقاعدة الوسائل أن وسيلة المحرم محرمة (3)
وانطلاقًا من كل ما سلف وترتيبًا عليه أفتي وأنا الفقير إلى مولاه الغني محيي الدين قادي بعدم جواز تبرع المسلم فردًا كان أو هيئة لمؤسسة تنصيرية أو كنيسة، ومن فعل ذلك من المسلمين فقد نزع ربقة الإسلام من عنقه كما جاء في الفروق للقرافي "إن إرادة الكفر كفر، وبناء كنيسة يكفر فيها بالله كفر، لأنه إرادة الكفر"(4) وجواز التبرع بكل وجوهه لمؤسسة التعليم النافع. والله أعلم.
(1) المغني: 5/ 645
(2)
المغني: 6/ 105
(3)
الفروق: 2/ 40
(4)
الفروق: 1/ 160
السؤال الثامن والعشرون
ما حكم شراء منزل السكنى، وسيارة الاستعمال الشخصي، وأثاث المنزل بواسطة البنوك والمؤسسات التي تفرض ربحًا محددًا على تلك القروض، لقاء رهن تلك الأصول، علمًا بأنه في حالة البيوت والسيارات والأثاث عمومًا يعتبر البديل عن البيع هو الإيجار بقسط شهري يزيد في الغالب عن قسط الشراء الذي تستوفيه البنوك؟
وفي الجواب عن السؤال أفيد والله ولي الإرشاد والتسديد:
مهما كان القرض محتويًا على فائض ولو يسيرًا، ومعلومًا في عقد القرض فالقرض قرض ربوي لا يجوز شرعًا بحال، والتعامل به من أشد المنكرات، قال الله تعالى {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 275، 276، 277، 278]
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله)) رواه مسلم زاد الترمذي وغيره: ((وشاهديه وكاتبه)) ، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((الربا بضع وسبعون بابًا والشرك مثل ذلك)) ، رواه البزار ورواته رواة الصحيح وهو عند ابن ماجة بإسناد صحيح باختصار، والشرك مثل ذلك، وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم، فيه رجل قائم وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه)) رواه البخاري هكذا في البيوع مختصرًا (1) إلى غير ذلك مما ورد في الترهيب من الربا وهو كثير، فليحذر الإخوة المسلمون حيثما كانوا من التعامل بالربا لغير ضرورة فجماع الخير كله تقوى الله، ورأس الحكمة مخالفته والله أعلم.
(1) المنذري، الترغيب والترهيب، الترهيب من الربا: 2/ 246 - 248
المناقشة
استفسارات المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن
11 صفر 1407 هـ / 14 أكتوبر 1986م
الجلسة المسائية الأولى (الرابعة بعد العصر)
الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الموضوع الذي بين أيدينا اليوم هو استفسارات المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن، وهي ثمانية وعشرون سؤالا، وعلى سبيل الاختصار سبعة وعشرون، لأن أحد الأسئلة انتهى بقراركم اليوم في مسألة إثبات الهلال بالرؤية وبحث الحساب. وهذه الأسئلة أجاب عليها عدد من المشايخ كما هي بين أيدكم ونرجو من الشيخ محيي الدين قادي أن يتفضل بالعرض باختصار عن الأجوبة وشكرًا.
الشيخ محيي الدين قادي:
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله عم نواله والسلام على سيدنا محمد وصحبه وآله، وبعد. فيا سيادة الرئيس. فيا سماحة الأمين العام. حضرات أصحاب الفضيلة.
الموضوع الذي بين أيدينا هو عبارة عن ثمانية وعشرين بحثا، وقد حاولت في ستة وعشرين سؤالا من هذه الأسئلة وتوقفت في الإجابة عن سؤالين هما التجنس بجنسية بلاد الكفر والانتقال إلى بلاد الكفر، أما بقية الأسئلة فقد حاولت جهدي أن أجيب عنها فإن كان صوابا فمن فضل الله، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان. وسأقرأ الأجوبة مختصرة وإن احتجنا إلى شيء من التفصيل رجعنا إلى الأصل.
بالنسبة إلى السؤال الأول: ما حكم زواج المسلمة بغير المسلم خاصة إذ طمعت في إسلامه بعد الزواج حيث تدعي مسلمات كثيرات أنه لا يتوفر لهن الأكفاء من المسلمين في غالب الأحيان وأنهن مهددات بالانحراف ويعشن في وضع شديد الحرج؟
هذا الجواب وقع عليه الاتفاق. وهو لا يجوز زواج المسلمة من غير المسلم ولو رجت إسلامه بعد الزواج.
السؤال الرابع: ما حكم استمرار الزوجية والمعاشرة بين زوجة دخلت الإسلام وبقي زوجها على الكفر ولها منه أولاد تخشى عليهم الضياع والانحراف ولها طمع في أن يهتدي زوجها إلى الإسلام لو استمرت العلاقة الزوجية بينها وبينه؟
وما الحكم فيما إذا لم يكن هناك طمع في إسلامه ولكنه يحسن معاشرتها وتخشى لو تركته ألا تعثر على زوج مسلم؟
الجواب: أن الزوجة التي أسلمت وطمعت في إسلام زوجها الذي ظل كافرا بعدها بأن لا تمكنه من الوطء ولا تساكنه في خلوة سدا لذرائع الفساد وهو أملك لها ما دامت في العدة وتدعوه إلى الإسلام. وإن لم يسلم حتى خرجت من العدة فإن شاءت تزوجت وإن أحبت انتظرت إسلامه بشرط عدم ملامسته لها المجمع على تحريمه. أما حكم التي لم تطمع في إسلام زوجها غير المسلم لكنه يحسن معاشرتها فالقول بحسن المعاشرة مردود لأنه لا يتصور إسلاما حسن معاشرة مع زوج كافر يشرب الخمر ويأكل الخنزير ويكفر بمحمد ورسالة محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبالكتاب الذي أنزل عليه ويلد أولادا فيتبعونه في دينه.
السؤال الخامس: ما حكم دفن المسلم في مقابر غير المسلمين حيث لا يسمح بالدفن خارج المقابر المعدة لذلك ولا توجد مقابر خاصة بالمسلمين في معظم الولايات الأمريكية والأقطار الأوربية؟
الجواب: إذا بعدت المسافة عن مقابر إسلامة ولم توجد مقابر مخصصة يجوز دفن موتى المسلمين أو المغتربين في غير دار السلام بمقابر الكفار لأن ذلك أخف مؤونة على الأحياء وأبقى لحرمة الأموات وأسلم لهم من التغيير.
السؤال السادس: ما حكم بيع المسجد إذا انتقل المسلمون عن المنطقة التي هو فيها وخيف تلفه أو الاستيلاء عليه. فكثيرا ما يشترى المسلمون منزلًا ويحولونه مسجدًا فإذا انتقلت غالبية المسلمين من المنطقة لظروف العمل هجر المسجد أو أهمل، وقد يستولي عليه آخرون ومن الممكن بيعه واستبداله بمسجد يؤسس في مكان فيه مسلمون، فما حكم هذا البيع أو الاستبدال؟
وإذا لم تتيسر فرصة استبداله بمسجد آخر فما أقرب الوجوه التي يجوز صرف ثمن المسجد فيها؟
الجواب بالنسبة إلى المذهب المالكي المسجد لا يباع مهما كانت الصور ولكن رخص المتأخرون من فقهاء المذهب كابن عرفة والبرزلي في بيع أنقاضه. وأما الأصل والعين فلا يباع وبالنسبة إلى المذهب الشافعي هو كالمذهب المالكي. وبالنسبة إلى المذهب الحنفي، أبو حنيفة وأبو يوسف على هذا الرأي أنه لا يباع وأما محمد بن الحسن الشيباني فقد أجاز بيع المسجد واعتبره إذا أهمل ولم يؤد وظيفة الصلاة فهو ممكن لبانيه حتى أنه جوز له أن يجعله مزرعة.. الخ، والرأي الذي اعتمدته هو رأي ابن تيمية في فتاويه الذي يقول بأنه يجوز بيع المسجد إذا انتقل المسلمون عنه وهجروه واستدل بما وقع في خلافة عمر رضي الله عنه من أن سيدنا عمر لما نقب بيت المال الذي كان مجاورًا للمسجد وسرق وأخبره بذلك الوالي بعث إليه أن أنقل المسجد من ذلك المكان وابنه في مكان آخر فنقل المسجد من ذلك المكان وبُني في مكان آخر، وجعل المسجد القديم سوقا للتمارين في عهد عمر، فعلوا هذا عندما لم يؤدِ المسجد وظيفته وإذا بيع هنا السؤال. والجواب للأخوة المغتربين قلت: إذا بيع المسجد هذا الذي أهمل يبني للأقلية مسجد صغير أو يكتري الأقلية بيتًا صغيرًا ويجعل مسجدًا والباقي من ثمنه نستطيع أن نبني به مسجدًا آخر في مكان آخر، ونستطيع إذا لم يعط بذلك أن نصرفه في وجوه البر اعتمادًا على ما أفتت أم المؤمنين عائشة في كسوة الكعبة حينما سئلت عن أن الكعبة جددت لها الكسوة والكسوة القديمة قالت: تباع وتصرف في وجوه البر، فهذا هو ملخص الجواب عن هذا السؤال.
السابع: كثيرات من بنات المسلمين ونسائهم تدعوهن ظروف العمل أو الدراسة إلى السفر إلى ولايات أخرى أبعد من مسافة القصر بالطائرة أو غيرها من وسائل السفر بدون محرم ومن غير رفقة من نسوة تعرفهن أو يعرفنها غير رفقة المسافرين والمسافرات عادة فما حكم هذا السفر؟
الجواب: يجوز للمسلمات بنات ونساء السفر بالحافلات والقطارات والطائرات وبغيرها من وسائل النقل التي تعظم فيها الجماعات ويكون لها شبه بالجيوش والبلدان والمحلات بغير وزج لهم ولا محرم منهن.
هذا التقييد الذي قيدت به روايات الحديث المتعددة لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا ومعها ذو محرم إلى غير ذلك من الروايات التي روي بها الحديث، هذا التقييد وجدته في كلام الباجي في المنتقى في شرحه على الموطأ قيد به هذا الحديث. ونقل الحطاب في مواهب الجليل في شرحه على مختصر خليل أن الزناتي في شرحه على الرسالة جعله تقييدًا للحديث عند كل الناس. معناه قيد به الحديث وجعله يجوز للمرأة أن تسافر في شبه المحلات والعدد الكثير بدون محرم. هذا رأي الزناتي وقال هو: وللمذهب يعني المذهب المالكي هو قول المذهب والمشهود به في الحطاب في قضية سفر المرأة بدون محرم في الحج، وعلى ضوء هذا أنا طرحت هذا الرأي ما دام هذا هو المذهب يعني هو القول المشهور بمذهب مالك طرحته للسؤال وإن اختلفت مع الإخوة. اللهم نسألك أن توفقنا لما هو صواب لا لما هو خطأ.
السؤال الثامن: بعض النساء أو الفتيات تضطرهن ظروف العمل أو الدراسة إلى الإقامة بمفردهن أو مع نسوة غير مسلمات فما حكم هذه الإقامة؟
هذا السؤال يعني فيه جزءان: الجزء الأول: إقامة المرأة بمفردها وهذا قلت بجوازه إذا كانت تقيم في بيت في محلة آمنة فيه غلق وله مرافق.
والجزء الثاني منه وهو أن تقيم مع المرأة أجنبية، فلا، لأن المرأة الأجنبية منزلة منزلة الرجل الأجنبي هذا ما قاله القرطبي في تفسير قوله تعالى {أَوْ نِسَائِهِنَّ} .
السؤال التاسع: كثيرات من النساء هن يذكرن أن أقصى ما بإمكانهن ستره من أجسادهن هو ما عدا الوجه والكفين، وبعضهن تمنعهن جهات العمل أو الدراسة من ستر رؤوسهن وأعناقهن، فما أقصى ما يمكن السماح بكشفه من أجزاء جسم المرأة بين الأجانب في محلات العمل أو الدراسة؟
هذا الموضوع هو مطروح في فقه الصحابة ومطروح في فقه التابعين ومطروح في فقه الأئمة، والخلافات تجري، لكن حوصلة هذه الخلافات إنما هي في الزينة الظاهرة لا الزينة الباطنة، أي ما المقدار الذي لم يقع فيه الخلاف إلا من شذ، لم يخالف فيه إلا من شذ وأنه لا يجوز للمرأة أن تظهر أمام الأجانب مكشوفة الوجه والكفين يعني كل بدنها يجب ستره ما عدا وجهها وكفيها. وهناك رأي ذكره ابن قدامة في مغنيه وقال: إنه مذهب لكثير من فقهاء المذهب الحنبلي وهو أنه لا يجوز أن تكشف شيئًا من بدنها لا وجهها ولا كفيها، والمتأخرون أيضًا من المالكية قالوا: إذا خشيت الفتنة، وهذا لعله قول غير المالكية إذا خشيت الفتنة لا يجوز أن تكشف شيئًا من بدنها لكن الذي هو مشهور في المذهب المالكي وفي غيره أنه يجوز لها أن تكشف من بدنها وجهها وكفيها. هذه هي المسألة والقول مبسوط فيها في تفسير قوله تعالى:{إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} .
السؤال العاشر: يضطر كثير من الطلاب المسلمين إلى العمل في خارج بلاده في الغرب لتغطية نفقات الدراسة والمعيشة، لأن كثيرًا منهم لا يكفيه ما يرده من ذويه مما يجعل العمل ضرورة له لا يمكن أن يعيش بدونه، وكثيرًا منهم لا يجد عملًا إلا في مطاعم تبيع الخمور أو تقدم وجبات فيها لحم الخنزير وغيرها من المحرمات فما حكم عمله في هذه المحلات؟
الجواب: لا يجوز لهؤلاء الطلبة المسلمين أن يؤجروا أنفسهم في شيء من عمل الخمر ولا من عمل الخنازير حملًا وتقديمًا ومناولة وغير ذلك، ولا في عمل محرم لأن ما حرم شيء إلا حرم أكل ثمنه وما جعل كسب المسلم فيما حرم عليه. وما أحل الله أوسع وأطيب.
السؤال الحادي عشر: ما حكم بيع المسلم للخمور والخنازير أو صناعة الخمور وبيعها لغير المسلمين، علمًا بأن بعض المسلمين في هذه البلدان قد اختلفوا من ذلك حرفة لهم؟
الجواب: لا يجوز لمسلم بيع الخمور والخنازير، ولا أن يصنع الخمر، وأن صنعه أدب على ذلك.
السؤال الثاني عشر: هناك كثير من الأدوية تحوي كميات مختلفة من الكحول تتراوح بين 01 و 25 % ومعظم هذه الأدوية من أدوية الزكام واحتقان الأنف والحنجرة والسعال وغيرها من الأمراض السائدة. وتمثل هذه الأدوية الحاوية للكحول على ما يقارب 25 من الأدوية في هذا المجال مما يجعل الحصول على الأدوية الخالية من الكحول عملية صعبة أو متعذرة، فما حكم تناول هذه الأدوية؟
الجواب: يجوز للمسلمين بدار الغرب التداوي بالأدوية الكحولية متى أخبر بنفع ذلك طبيب عارف بمهنته ثقة فيها، وقع في التحرير: كثير ممن اشترط الإسلام، نحن لا نشترط في الطبيب الإسلام وإنما نشترط المعرفة بالمهنة والثقة به ولم يوجد دواء غير كحولي ميسور أو كان دون الكحولي في النفع فدين الله يسر وليس بعسر.
الثالث عشر: هناك الخمائر والجلاتين توجد فيها عناصر مستخلصة من الخنزير بنسب ضئيلة جدًا فهل يجوز استعمال هذه الخمائر والجلاتين؟
هذا السؤال ربما وقع فيه الخلاف بيني وبين الموجبين. وأنا قد اعتمدت فيه على أقوال لابن رشد في البيان والتحصيل في أن النجاسة تطهر بالاستحالة، وعلى أقوال أوردها ميارة في شرحه الكبير على متن ابن عاشر لأن النجاسة تطهر بالاستحالة وعلى فتوى ذات قيمة من الناحية الفقهية وأن تجاوزها التاريخ، وقد صدرت في المغرب الأقصى في قضية سكر طوابع عندما قيل إنه يحتوي على بعض الأنفحة على عصير من بعض الأنفحة غير المزكاة، وأجاب بجواب طويل أحد علماء المالكية ناقلًا أقوال المالكية أن النجاسة تطهر بالاستحالة وبين أن هذا ولو على فرض أنه يحتوي على هذه المادة فقد طهرت بالتغذية والتبخر.
السؤال الرابع عشر: يضطر معظم المسلمين إلى إقامة حفلات الزفاف لبناتهم في مساجدهم، وكثيرًا مال يتخلل هذه الحفلات رقص وإنشاد أو غناء ولا تتوفر لهم أماكن تتسع لهذه الحفلات، فما حكم مثل هذه الحفلات في المساجد؟
والجواب على هذا السؤال: لا تجوز التجمعات المختلطة من الجنسين في المساجد إذا لم تراعَ فيها الآداب المطلوبة في الفقه الإسلامي من جلوس المرأة في قاع المسجد كما لا تجوز ممارسة الرقص والغناء في المساجد. وعد ذلك من أشد المنكرات المسقطة للعدالة والمذهبة للمروءة. وذلك لأن المسجد كما جاء في القرآن الكريم: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} .
السؤال الخامس عشر: بعض الحكومات النصرانية خاصة في أمريكا الجنوبية تفرض على رعاياها التسمي بالأسماء النصرانية وتضع قوائم بأسماء اختارتها للأطفال ذكورًا كانوا أو إناثًا ولا تسمح بتسجيل المواليد بأسماء تختار من غير هذه القوائم. فما حكم تسمي المسلمين بهذه الأسماء؟ وما الحلول التي تقترحونها في هذه الأحوال؟
الجواب: يجوز للمسلمين في البلاد التي تفرض حكوماتها النصرانية على رعاياها التسمي بالأسماء النصرانية أن يسموا أبنائهم بالأسماء النصرانية ما خلت من شرك أو تبرك بمن يزعمه النصارى من الصالحين أو تزكية أو تحريف لاسم مقدس في الإسلامي وله حرمة. واعتمدت كثيرًا من الأدلة ومن بينها الاعتماد على أن من مقاصد الشريعة نوط الأحكام بالمعاني لا بالأسماء ويؤيد هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ((تشرب أمتي الخمر وتسميها بأسماء أخرى)) ، فالاسم لا قيمة له كما يبدو من هذا الحديث وإنما العبرة بالجوهر، وقد أطال الشيخ الطاهر ابن عاشور رحمه الله رحمة واسعة في كتابة مقاصد الشريعة في هذه النقطة وبين أن كثيرًا من أخطاء الفقهاء نتجت عن نوط الأحكام بالأسماء.
الرئيس:
يا شيخ نقطة هنا إيضاحية بسيطة وإن كان ينبغي أن تستمر. هو أن قضية: أن العبرة بالمعاني لا بالمباني وأن إناطة الأحكام بالحقائق لا بالأسماء هذا فيما يقصد ذات الحقائق لكن عندما قضية الألفاظ لها قيمتها العظيمة ومنزلتها العظيمة في الإسلام في صدر سورة البقرة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} فلهذا بعض الألفاظ منهي عنها عن اللفظ لذاته وبعض الألفاظ منهي عنه بمتعلقاته. قصدي لما ذكرتم أن العبرة بالحقائق لا بالأسماء يعني الاستدلال في هذا الموضوع بالذات يظهر لي فيه شيء.
الشيخ محيي الدين قادي:
حتى في هذه الآية التي ذكرتم وهي آية سورة البقرة لم ينه عن راعنا لمجرد أنها اسم وإنما نهى عنها لأن اليهود يستخدمونها على حسب لغتهم.
الرئيس:
وأحيانا لذات اللفظ كما في حديث السند.
الشيخ محيي الدين قادي:
وهي تفيد دعاء بالشر على رسول الله.
الرئيس:
لا يقول أحدكم: خبثت نفسي ولكن ليقل نقصت نفسي، أحيانًا يكون النهي لذات اللفظ.
الشيخ محيي الدين قادي:
…
أن الرسول صلى الله عليه وسلم في صدر الإسلام لما أسلم الكفار هل غير أسماء الكفار كلها وأبدلها لم يغير إلا ما كان منافيًا، غير عبد اللات لأنه فيه انتماء لصنم، غير أسماء تصطك فيها المسامع، يعني غير أسماء لا تبعث على فأل حسن، وإن كان لا طيرة في الإسلام، كما قال ذلك الزرقاني في شرحه على موطأ مالك لكن معناه غير أسماء لهذه المعاني معناه تغير. ومعناه القوائم أمامنا والمسلم عندما يختار وأنا اقترحت اقتراحات طويلة أن يتأدب بآداب الإسلام ويختار. يختار اسم محمد، ولو مترجم، أو أحمد ولو مترجم إلى الفرنسية أو الإنجليزية لأن الفائدة أن مؤداه محمود أو أحمد أو حامدًا أو كذا مثل ما جاء في التوراة والإنجيل.
السؤال الذي بعد السابع عشر: ما حكم ظهور المرأة في محلات لعمل أو الدراسة بعد أن تأخذ من شعر حاجبيها وتكتحل؟
الجواب: يجوز ظهور المرأة في محلات العمل والدراسة بعد أن تأخذ من شعر حاجبتها وتكتحل لماذا؟ لأن الكحل ليس مختلفًا فيه فقد ذكر في تفسير القرطبي، وعند ابن العربي: أن الكحل من الزينة الظاهرة. وأما قضية أخذ الشعر من الحاجبين، فالحرمة لا تتعلق بأخذ الشعر من الحاجبين بحد ذاتها لأنه معناه بل هي زينة ظاهرة لكن تتعلق بقضية، وهو أن حديث سيدنا عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه ((لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة المتفلجات لحسن المغيرات خلق الله)) هذا الحديث وقف منه سماحة الأستاذ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير موقفًا وقال: ليس هذا من تغيير خلق الله وإنما هو من التزين المباح في شرع الله وضرب على ذلك نظائر كالختان أظهر فيه تغييرًا للخلقة ولكنه فيه تحسين. وكذا قص الأظافر ففيه تغيير للخلقة ولكن فيه تزيين إلى غير ذلك من النظائر التي ساقها في كتابه التحرير والتنوير كما قال إن المنهي عنه هو التغيير الذي من إملاء الشيطان والذي هو محرم في الإسلام {وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} على تغيير خلق الله هذا بالنسبة ثم قال ما كان فقال: إنما الحديث وارد في سياق معين وهو أن نساء الجاهلية البغايا كن يتزين بذلك، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء المسلمات عن ذلك حتى لا يتشبهن بالبغايا في العصر الجاهلي.
هذا رأي الشيخ في مقاصد الشريعة ومما يدعمه أن ما ذكره الأبي في شرحه على مسلم أنه رواية عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وإن كان الإمام النووي قد ضعف هذه الرواية فالأبي لم يضعفها وعلوان كذلك لم يضعفها. هذا رأي مطروح لأنه ليس قضية الظهور به وإنما هل هذا يجوز أو لا يجوز؟ فقط هذه القضية.
السؤال الذي بعد: ما حكم زواج الطالب أو الطالبة المسلمة زواجًا لا ينوي استدامته بل النية منعقدة عنده على إنهائه بمجرد انتهاء الدراسة والعزم على العودة إلى مكان الإقامة الدائم. ولكن العقد يكون عادة عقدًا عاديًا وبنفس الصيغة التي يعقد بها الزواج المؤبد فما حكم هذا الزواج؟
القضية هذه مطروحة في كتب المالكية وفي غير كتب المالكية والشيخ الدردير نبه في شرحه على خليل أنه إذا لم يقع التصريح لولي وللزوجة بهذه النية وإنما أسرها في نفسه ولم يبدها لهما جاز ذلك ثم عقب على ذلك فقال: وهو تيسير على المغتربين، هذا يغني ولا أرى غير الدردير من الفقهاء المالكية أن هذا هو الحد الفاصل بين نكاح المتعة وبين النكاح الجائز، قالوا: إذا وقع التصريح بذلك والتحديد باللفظ لولي الزوجة والزوجة فذلك هو نكاح المتعة الممنوع، إذن معناه اتفاق المذاهب ما عدا مذهب الإمامية تقريبًا يعني إذا لم يقع التصريح فهذا جائز ولا شيء يحرمه وكذلك نقلت عن صاحب المغني أن هذا أيضًا جائز.
السؤال الثامن عشر: بعض المسلمات يجدن حرجًا في عدم مصافحتهن للأجانب الذين يرتادون الأماكن التي يعملن أو يدرسن فيها فيصافحهن الأجانب دفعًا للحرج فما حكم هذه المصافحة؟
هذا السؤال لم يقع فيه خلاف فالقضية طرحت عند المتأخرين في المذهب المالكي كالخرشي والصفتي وغيرهم، وبت فيها بأنه لا يجوز للمرأة المسلمة ولا للرجل المسلم أن يصافح أجنبية عنه أو تصافح أجنبيًا عنها وأنه ليس هذا وليس هذا من الباب المتعلق بقضية قصد اللذة أو عدم قصدها بل شدد بعضهم حتى في المتجالة قال: لا يجوز أن تصافح الرجال ولا يجوز للأجنبي أن يصافحها لأن اليد هي المفتاح السحري للشهوة. هذا من جهة ولأن حتى المعروف في الغرب أنه إذا ضغط على يدها فقد راودها عن نفسها. وأما قضية الحرج على المسلمين أن لا يروا حرجًا في أي شيء جاء به إسلامهم إلا إذا كان هذا الشيء محرمًا أو مكروها في الإسلام، أما كونه قد أملاه الهوى أو لبسته النزوات والشهوات فهذا لا يقال فيه بالحرج.
قضية ما حكم استئجار الكنائس أماكن لإقامة الصلوات؟ الإجابة تقريبًا تكاد تكون متفقة.
الجواب: يجوز أداء صلاة الجمعة وغيرها من الصلوات بالكنائس والبيع بعد أن تطهر بالماء احتياطًا وتغطى الصور والتماثيل فيها بساتر تحجبها عن أعين المجلس لأن الأرض كلها مسجد كما جاء في الحديث. يزال منها ما هو حرام.
السؤال العشرون: ما حكم ذبائح أهل الكتاب؟ أنا أستسمح، أنا كتبت ما هو بحث لكن أستسمح بالإطالة نسبيًا في هذه القضية، لابن العربي في كتاب الأحكام فتوى جيدة هذه الفتوى هو أن ابن العربي في كتاب الأحكام فرق بين أمرين: إذا كان الكافر من أهل الكتاب لا يعتبر حطم الرأس ولا قتل العنق زكاة وفعل ذلك بحيوان من الحيوان قال: لا يجوز لنا أكله لأنه محرم عليه في دينه، إذا كان هو ليس ذلك عليه وإنما حطم رأسها أو فتل عنقها بدون أن يكون ذلك من باب التذكية لا يجوز لنا أكله لأنه محرم علينا بذاته وهو ميتة.
وأما إذا كان الكتابي نصرانيًا أو يهوديًا التذكية عنده بحطم الرأي أو فتل العنق، وإذا ذبح بتلك الكيفية أكل منها أحبارهم ورهبانهم قال: فيجوز لنا أكل ذلك لأن ربي قال {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} وهذا من طعامهم. ومنذ أن أفتى ابن العربي وفقهاء المالكية بين مؤيد ومعترض، وفي الواقع المعترض كلهم عندما حوصلت هذا كخليل والمواق، وكذا كلهم قد تكلفت بالرد على خليل وعلى المواق وعلى الشيخ سيدي إبراهيم الرياحي وعلى كثير من الفقهاء المالكية القدامى والجدد، واستغربت أن الشيخ الطاهر ابن عاشور رحمه الله في كتاب التحرير والتنوير وصف فتوى ابن العربي بأنها شذوذ، لكن للشيخ رحمه الله فتوى في المنار في مجلة المنار أفتى فيها مؤيدًا لفتوى الترنسفال يعني المشهورة بالفتوى الترنسفالية للشيخ محمد عبده، ولكن لا يدري. نحن عندنا قاعدة ذكرت في كتبنا أنه لا يدري إذا كان وردت الأقوال المختلفة كالعمل بالسابق إذا علم تاريخه لكن عندنا ما لم يعلم يعتبر اجتهادان، ويجوز العمل بهما معًا. هذه قضية على كل ولا أريد أن أطيل أكثر من ذلك لأن الوقت لا يسمح. ومن بين من أفتى بها من المحدثين شيخنا العلامة البحر محمد الفاضل ابن عاشور رحمه الله، وقد صدرت له الفتوى في مجلة جوهر الإسلام.
السؤال الواحد والعشرون: كثير من المناسبات العامة التي يدعى المسلمون لحضورها تقدم فيه الخمور ويختلط فيها النساء والرجال، واعتزال المسلمين لبعض هذه المناسبات قد يؤدي إلى عزلهم عن بقية أبناء المجتمع وفقدانهم لبعض الفوائد. فما حكم حضور هذه الحفلات من غير مشاركة لهم في شرب الخمر أو الرقص أو تناول الخنزير؟
الجواب على هذا: لا يجوز للمسلمين نساء أو رجالًا حضور مثل هذه الحفلات ولا يمكن الترخيص في ذلك لأن الرخص لا تناط بالمحرمات، ونحن نعلم أن الخمر قد لعن فيها عشرة ومن بين ذلك الجليس. واللعن معناه الطرد من رحمة الله.
السؤال الثاني والعشرون: بعض الأقطار في شمال أوربا يقصر فيها الليل كثيرًا ويطول فيها النهار كثيرًا حيث تصل ساعات الصيام في بعض هذه البلدان إلى عشرين ساعة أو تزيد، وكثير من المسلمين يجدون مشقة زائدة في الصيام، فهل يجوز اللجوء في هذه البلدان إلى التقدير؟ وما نوع التقدير الذي يمكن اعتماده إذا كان جائزًا؟ وهل يكون التقدير بساعات الصيام في مكة أو بساعات النهار في أقرب البلدان اعتدالًا أو بماذا؟
هذه مسألة في الواقع احتياطًا –سيادة الرئيس- احتياطيًا لدين الله أنا أريد التبسط في هذه الحالة، قضية التقدير هذه لا أساس لها في مثل السؤال المعروض لأن السؤال المعروض النهار يساوي فيه ثلاثة ساعات والليل يساوي فيه واحدًا وعشرين ساعة وهنالك ليل وهنالك نهار. والقرآن صريح في تحديد الصيام والإفطار {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} وأستغرب أن من هذا نص، أستغرب كيف يقول بعض الناس بالتقدير بل البعض رأيته يستدل بحديث الدجال على هذه القضية. حديث الدجال هذا وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الدجال عندما يأتي الدجال سيكون له ليل يساوي –نص الحديث- يساوي نحو جمعة وليل كيوم ويوم كسنة ويم كشهر، سأله الصحابة على هذا اليوم سألوه قالوا: كيف نصنع أنصلي في هذا اليوم خمس صلوات أم نصلي فيه مقدار الأيام كلها؟ فقال: ((اقدروا لصلاتكم)) قدروا لصلاة الوقت التقدير.
القاضي عياض يقف من هذا الحديث موقفًا يقول بالنسخ في حديث الدجال. وهذا جواب بالمنع، والجواب بالتسليم عرى فرض هذا أن حديث الدجال حديث غير منسوخ. القضية مربوطة بشيء آخر وهو أن الدجال لا يتميز الليل من النهار في هذه المدة يوم كسنة ويوم كشهر، لا يتميز الليل من النهار، فلهذا جاءت قضية التقدير.
أما هؤلاء فعندهم ليل وعندهم نهار فمن أين يأتي التقدير؟ وبقيت في حيرة من هذه الفتاوى التي تنشر وقد اضطربت لجنة الفتوى بالأزهر فمرة اعتمدت على أن الليل ليل وأن النهار نهار وأنه لا يجوز التقدير وأخرى اعتمد على فتوى للمرحوم شيخ الأزهر محمود شلتوت أنه يقول بالتقدير، لكن بقيت غير مقتن بقضية التقدير إلى أن ظفرت في كتاب اليواقيت في أحكام المواقيت لشهاب الدين القرافي وهو كتاب مخطوط أنا نظرت فيه بنفس القضية، قال علماء: جاءت فتوى إلى علماء بخارى قالوا لهم: النهار ثلاث وعشرون ساعة وأربعون دقيقة وليل يساوي عشرين دقيقة وهذا موجود قال من إقليم بلغارًا، قالوا لهم: إذا كان قدمنا الإفطار فاتتنا صلاة المغرب وصلاتة العشاء وإذا كان قدمنا صلاة العشاء وصلاة المغرب فاتنا الإفطار فأي الأمرين نقدم أو نؤخر؟ فأفتاهم علماء بخارى بتقديم الإفطار لأن مصلحة الأجساد مقدمة، لا هؤلاء المسلمون في بلغارا افترضوا قضية التقدير ولا علماء بخارى وهم فقهاء موقعون على رب العالمين افترضوا هذا التقدير ولا الشهاب القرافي ووزنه ثقيل في المذهب المالكي علق على هذا التقدير أو عقب على هذا التقدير فلا أدري كيف يقول من قال بالتقدير؟ وما هو دليله؟ لكننا في الواقع أصبنا بفقه أصبح يقال بمقتضى العقل يعني بمقتضى العقل كذا وكذا، يعني ونحن نريد أن الفقه يكون بالدليل وهذه القضية إذا كان هذا الشق الأول أنه لا يجوز للإخوة المغتربين ولا لمسلم في أي مكان ما دام عنده ليل وعنده نهار أن يفطر.
بقيت قضية المشقة، المشقة إذا كانت خفيفة فالعبادات ما هو التكليف إلزام ما فيه كلفة وأما إذا بلغ إلى درجة لا يستطيع معها الصوم وقد جلبت نصًا من الموافقات للشاطبي وهو طويل في هذه القضية، إذا كان وصل إلى درجة لا يستطيع معها الصوم فدين الله يسر وليس بعسر {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} يفطر وقد قال الفقهاء بذلك في الناس في زمن الحصاد سواء أكانوا ملاكًا أو عمالًا على تفصيل في كل منهما. ذكره ميارة في شرحه على متن ابن عاشر وذكره غيره من فقهاء المالكية. ولهذا لا يجوز لهؤلاء الإخوة التقدير، فقضية التقدير غير مطروحة ومن طرحها وأفتى بها فليمدنا بالدليل.
السؤال الثالث والعشرون: هذا بت فيه من طرف المجمع فلا فائدة فيه وإن كان فيه نص من القرافي يقضي على نزاع دار في الصباح لكن لا فائدة فيه بعد البت يعني سيكون ما بت فيه واتخذ فيه قرار هو الساري.
الرابع والعشرون: ما حكم عمل المسلم في دوائر وزارات الحكومة الأمريكية أو غيرها من حكومات البلاد الكافرة خاصة في مجالات هامة كالصناعات الذرية أو الدراسات الاستراتيجية ونحوها؟
العلم بالنسبة إلى الإسلام لا يعرف حدود المكان ولا حدود الزمن ولا يتقيد بدين الشخص الذي يقع التعليم عليه بل هو مطلق من كل ذلك. هذا التلخيص في الواقع علقت بأنه غير كاف ليس هذا جوابًا الجواب عن السؤال هو التالي:
إذا كان في الدوائر الحكومية هذه مسلم يعمل بصفته مديرًا أو نائب مدير، يعني كذلك من العمل المرغب فيه لماذا؟ لأن المسلم إذا كان في أمريكا أو في أي بلد من بلاد الكفر إذا رأى شرًا في استعمال الذرة حاول بمقتضى وظيفته أن يخفف منه وأن ينقص من هذا الشر بما تمكنه منه إمكانياته الوظيفية، وإذا كان خيرًا استزاد منه لأنه لفائدة البشرية، ونحن نعرف أن الذرة سلاح ذو حدين فيمكن أن تسخر لفائدة البشرية ولو مسخرة ويمكن أن تسخر لتدمير العالم وهي أيضًا مسخرة وقانا الله شرها. فلهذا المسلم وجوده هنا هو وجود يوسف عليه السلام مع فرعون مصر وهو المؤمن الوحيد في ذلك الزمن معناه قال {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} بينما اقتصاديات مصر وشئون مصر كلها على مقتضى أعراف وعلى مقتضى قوانين غير شرعية ولا يستطيع يوسف عليه السلام أن يفرض على المجتمع المصري الفرعوني إذ ذاك قوانين شريعة سيدنا إبراهيم أو شريعة سيدنا إسحاق أو شريعة سيدنا يعقوب، وإنما كما قال ابن جزي في كتابه التسهيل في تفسيره التسهيل: ليصلح بعض الأحوال. ومن هنا أخذ فقهاء المالكية وغيرهم أن المسلم إذا استطاع في بلاد الكفر أن يتولى شأنًا من الشئون الهامة ليصلح بعض الأحوال الفاسدة لا كلها، لأن هذا غير ممكن فله ذلك، وأفتوه بالجواز واعتمادًا على ما قالوه في قضية يوسف وعلى ما استنتجوه من المسائل الفقهية أفتيت إخوتي الموجودين في أمريكا بجواز أن يتسلموا هذه الوظائف ليخففوا من شرها أو يستزيد البشرية من خيرها.
السؤال الخامس والعشرون: ما حكم تصميم المهندس المسلم لمباني النصارى كالكنائس وغيرها علمًا بأن هذا هو جزء من عمله في الشركة الموظفة له، وفي حالة امتناعه قد يتعرض للفصل من العمل؟
الذي هو موجود في كتب الفقه وبخاصة المسألة فصلت في مغنى ابن قدامة: أنه لا يجوز للمسلم أن يدخل بادئ ذي بدء في عمل فيه جانب من جوانب الحرام يعني يعمله هو ويفرض عليه. ربما يختلف الأول والثاني، الأول سيصلح ويعمل أما هذا سيعمل وسيقوم بعمل حرام ولهذا لا يجوز، هذا وقد أتيت بنصوص فقهية وبعدة آثار تدل على حرمة ذلك.
السؤال السادس والعشرون: كثير من العائلات المسلمة يعمل من يعولها في بيع الخمور والخنزير وما شابه ذلك وزوجاتهم وأولادهم كارهون لذلك علمًا بأن يعيشون بمال الرجل. فهل عليهم من حرج في ذلك؟
الجواب: لا يجوز للمسلم المكلف أكل المال الحرام ولا لبس اللبس الحرام ولا سكنى المسكن الحرام ولا استعمال أي شيء حرام مما ينتفع به. وعلى أفراد الأسرة المكتسب عائلها بالحرام الامتناع من أكل ما كسبه عائلهم لأن أكلهم لو كان الكسب حلالًا حقًا والحقوق لا تقضي من الحرام. ومحل حرمة ذلك بالنسبة للأولاد إذا كانوا مكلفين وشأن الزوجات التكليف، أما إذا كان أفراد الأسرة المكتسب عائلها بطريق الحرام عاجزين عن العمل حقيقة أو حكمًا وسدت في وجوههم كل الأبواب من العمل الحلال واضطروا إلى الأكل من كسب عائلهم أكلوا منه ما يسد رمقهم ويحفظ حياتهم إذ الضرورة تقدر بقدرها، ويجب عليهم السعي ما استطاعوا إليه سبيلًا لإيجاد عمل حلال مهما كانت نوعية العمل المقدور عليه، ومتى وجدوه حرم عليهم الأكل من تكسب عائلهم المتمحض للحرام لأن ما جاز للضرورة أو الحاجة المنزلة منزلتها يقدر بقدرها ولا يزاد عليها هذا هو الجواب.
السؤال السابع والعشرون: ما حكم تبرع المسلم فردًا كان أو هيئة لمؤسسات تعليمية أو تنصيرية أو كنسية؟
الجواب: عدم جواز تبرع المسلم فردًا كان أو هيئة لمؤسسة تنصيرية أو كنسية ومن فعل ذلك من المسلمين فقد نزع ربقة الإسلام من عنقه، وجواز التبرع بكل وجوهه لمؤسسات التعليم النافع.
الثامن والعشرون: ما حكم شراء منزل السكنى وسيارة الاستعمال الشخصي وأثاث المنزل بواسطة البنوك والمؤسسات التي تفرض ربحًا محددًا على تلك القروض لقاء رهن تلك الأصول علمًا بأنه في حالة البيوت والسيارة والأثاث عمومًا يعتبر البديل عن البيع هو الإيجار بقسط شهري يزيد في الغالب عن قسط الشراء الذي تستوفيه البنوك؟
الجواب: مهما كان القرض محتويًا على ربا ولو يسيرًا ومعلومًا في عقد القرض فالقرض قرض ربوي، ولا يجوز شرعًا بحال والتعامل به من أشد المنكرات حسب نصوص القرآن والسنة. وبذلك انتهى.
الرئيس:
شكرًا.. بسم الله الرحمن الرحيم
…
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فإن استفسارات المركز الإسلامي بواشنطن قد جرى عليها عدد من الأجوبة من عدد من أصحاب الفضيلة من أعضاء هذا المجمع وقد حصلت مقارنة بين أجوبة المشايخ فوجد أنه حصل اتفاق منهم على كثير من هذه الأجوبة، وكما تعلمون أن كثيرًا من هذه الأجوبة هي ولله الحمد مما علم جوابها بوضوح من نصوص الشريعة.
ونظرًا لضيق الوقت ولأنه سيحصل هناك حصيلة من إجابة البنك الإسلامي لبعض أسئلته فمن المستحسن أن يؤلف لجنة من أعضاء هذا المجمع ليستعرضوا هذه الأسئلة ويحرروا الجواب عليها فيما يمكن الجواب عليه مما يكون محل اتفاق بإذن الله تعالى، وما يرون إرجاءه فإنه يرجأ إلى الجلسة القادمة، وليس في هذا ما يمنع، وتحرر البحوث لما يكون في حاجة إلى مزيد من البحث والدراسة واللجنة هي: الشيخ أحمد الخليلي، الشيخ عبد الله البسام، الشيخ تقي عثماني، الشيخ محيي الدين قادي، الشيخ طه جابر العلواني.
شكرًا، وبهذا وترفع الجلسة لنؤدي صلاة المغرب ونعود بعد الصلاة مباشرة وصلى الله على نبينا محمد.
مناقشة أجوبة اللجنة المكونة للإجابة
عن الاستفسارات
مناقشة اللجنة
12 صفر 1407هـ/ 15 أكتوبر 1986م
الجلسة المسائية
وقبل أن ندخل في أجوبة اللجنة على استفسارات المركز العالمي الإسلامي بواشنطن فإنه قد وزع عليكم مشروع معجم المصطلحات الفقهية، ومشروع الموسوعة الفقهية وتقرير على اجتماع شعبة التخطيط وهذه المشاريع الثلاثة هي بين أيديكم وإن أمانة المجمع هي بانتظار ملاحظاتكم ووجهات نظركم على هذه المذكرات الثلاث التي وزعت عليكم، وأنه إذا لم يرد شيء أي ملحوظة على أي من هذه المشاريع الثلاثة من أي أصحاب الفضيلة الأعضاء فإنه يعتبر إقرارًا لهذا المشروع. ملحوظة مكتوبة وتوجه بعد أن تنصرفوا لأن الموضوع سيعرض على لجنة في الأمانة على التراخي لكن بصفته لن يعرض إلا في الدورة القادمة بإذن الله تعالى. والآن نستمع إلى الشيخ طه.
الشيخ طه جابر العلواني:
بسم الله الرحمن الرحيم
…
الحمد لله والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه ومن اتبعه واهتدى بهديه إلى يوم الدين.
وبعد، فقد كان المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن قد لاحظ انتشار الخلافات الفقهية بين المسلمين وتفشي المنازعات في ديار الاغتراب بينهم حول كثير من المسائل الشرعية الأمر الذي أصبح يهدد الكثير من المساجد والمراكز الإسلامية بالتعطل والإغلاق لما يحدث بينها من منازعات تبدأ بالجدل حول تلك المسائل وتنتهي في بعض الأحيان المحاكم الكافرة يلجأ إليها المتخاصمون لتحكم بالمسجد أو المركز لفريق منهم دون فريق، وكثيرًا ما يغلق المسجد أو المركز ويعطل أشهرًا وسنين في بعض الأحيان إلى أن تبت المحاكم في النزاع، وقد كان الناس كثيرًا ما يلجأون إلى أولئك الأساتذة أو الدعاة الزائرين يستفتونهم في تلك المسائل، فما تزيدهم الفتاوى الفردية مهما بلغت من القوة الفقهية إلا خلافًا وشقاقًا. فرأينا أن نلجأ إلى نوع من الفتاوى الجماعية، فشكلت لجنة فقهية تضم جملة من الأساتذة المسلمين الذي تخرجوا من جامعات إسلامية مختلفة وذهبوا إلى الغرب لمواصلة الدراسة أو العمل أو الإقامة.
وبدأت هذه اللجنة تعالج بعض القضايا وكان لذلك أثر طيب والحمد لله. وكثيرًا ما تعقد هذه اللجنة مؤتمرًا للمذاكرة في مسألة من مسائل الفقه وتبلغ للناس ما تتوصل إليه كما تعقد لقاءات دورية بحسب الحاجة، ولكننا رأينا أن نحسم مادة النزاع أو نقلل من فرص الخلاف ما وجدنا إلى ذلك سبيلًا. فكان أن جمعنا كثيرًا من تلك القضايا وتوجهنا بها إلى مجمعكم الموقر أملًا بالحصول على فتاوى مجمعية مستندة إلى الدليل، غير مغفلة للتعليل، قادرة على الإقناع، باعثة على الطمأنينة إن شاء الله.
وإننا لنشكر الأمانة العام للمجلس على ما أولت هذا الأمر من عناية فائقة ورعاية تامة حيث ندبت الأعضاء الكرام لدراسة هذه القضايا قبل موعد انعقاد الدورة الثانية فجاءت بعد الدراسات والفتاوى الجادة ولكنها آثرت إعطاء كل موضوع منها ما يستحق من العناية والبحث، فأجلت إصدار هذه الفتاوى إلى هذه الدورة الثالثة. وها هي الآن موضع بحثكم ونظركم.
هذا وقد كانت الأمانة العامة قد شكلت في الدورة الثانية لجنة ضمت الأساتذة الشيخ أحمد الخليلي. والشيخ المختار السلامي، والشيخ قادي، والشيخ محمد تقي العثماني، وطه جابر، فدرست من تلك القضايا ما تيسر لها، ثم استقر الرأي على تأجيلها إلى هذه الدورة كاملة وندب الأعضاء للكتابة فيها والإجابة عنها فأعد كل من الأساتذة التالية أسماؤهم بحثًا فيها وهم: الشيخ المختار السلامي، والشيخ أحمد الخليلي، والشيخ تقي العثماني، والشيخ قادي، وقد استمع مجلسكم الموقر أمس إلى العرض المستفيض الذي قدمه الأستاذ الشيخ قادي للأسئلة وما توصل إليه من الأجوبة.
الرئيس:
الشيخ البسام ما كان معكم؟
الشيخ طه جابر العلواني:
ليس هذه اللجنة المقصود هذه لجنة سابقة. وقد استمع مجلسكم الموقر إلى العرض المستفيض الذي قدمه الأستاذ الشيخ قادي للأسئلة وما توصل إليه من إجابات عنها، ثم رأت الرئاسة والأمانة العامة تشكيل لجنة لدراسة تلك الإجابات والخروج بإجابات محددة موجزة يمكن إعلانها واتخاذ قرار من مجلسكم الموقر بها لتقوم الأمانة العام بعد ذلك بالتعاون مع المعهد العالمي للفكر الإسلامي بكتابتها بشكل مناسب مع إلحاق الأدلة والعلل وما يكفي لهذه الفتاوى إن شاء الله تعالى لتحقيق الغرض منها وانتفاع المسلمين بها وطباعتها بالعربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية.
وقد ضمت اللجنة المشكلة لغرض تحرير موجز الفتاوى السادة: الشيخ عبد الله البسام والشيخ أحمد الخليلي والشيخ قادي والشيخ تقي الدين العثماني والدكتور وهبة الزحيلي وطه جابر العلواني، وقد اجتمعت اللجنة الليلة البارحة وحررت الإجابات بالشكل التالي الذي صادق عليه المجمع.
الرئيس:
يا شيخ طه، مر في الجواب يعني التجنس بجنسية البلاد الأجنبية أو غير المسلمة ما هو معنى الأجنبية هنا؟
الشيخ طه جابر العلواني:
فسرنا الأجنبية بغير المسلمة.
الرئيس:
لماذا لا تقول الأجنبية غير المسلمة؟
الشيخ طه جابر العلواني:
التجنس بجنسية البلاد غير المسلمة.
الرئيس:
تحذف أو. هذا واحد.
الشيخ طه جابر العلواني:
بلاد غير مسلمة..
الرئيس:
إذن تحذف أجنبية كلها. هذه واحدة.
ثانيًا: تقول ليس محرمًا لذاته شرعا، إذا رأيتم أخف من باب التوقي ليس محرمًا لذاته ونحذف كلمة شرعًا.
مناقش:
الحلال والحرام لا يكون إلا شرعًا.
الرئيس:
هو شرعًا، لكن هذه لست من ذات الأدلة.
الشيخ طه جابر العلواني:
طيب، لا حرمة فيه لذاته.
الشيخ سالم بن عبد الودود:
هو في الحقيقة الإقامة في هذه البلاد أصلها حرام يقول الونشريسي في رسالة، هذه الرسالة ذكرها الونشريسي.
الرئيس:
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أنا برئ)) دعنا من الونشريسي.
الشيخ سالم بن عبد الودود:
لا تتراءى مسلم وكافر إذا كنت.
الرئيس:
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم الحديث الصحاح: ((أنا برئ من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين)) .
الشيخ سالم بن عبد الودود:
لا يتراءى نارهما.
الشيخ عبد الرحمن باه:
وهل يجوز للمسلم الذي يعيش في بلاد الإسلام أن يتجنس بجنسية غير مسلمة وربما يجر ذلك إلى أن يحكم بغير أحكام الإسلام؟ هذا مسلم يعيش في بلاد الإسلام.
الأمين العام:
موجود في النص هذا. النص الذي أجاب به الآن الذي تلاه علينا يتضمن الجواب عن هذه النقطة. دكتور جابر لو تكرمت تعيد قراءة النص.
الشيخ طه جابر العلواني:
التجنس بجنسية البلاد غير المسلمة لا حرمة فيه لذاته إذا لم يجد المسلم في بلاد المسلمين أمنًا على نفسه أو عرضه أو ماله أو افتقد سبيل الكسب الضروري الحلال لمعيشته في بلاده. ويشترط أيضًا أمن الفتنة في البلاد التي يريد حمل جنسيتها على دينه ودين أولاده، ومع ذلك فلا يخلو أمر التجنس بجنسية غير المسلمين من محاذير ومخاطر وكراهة شرعية إذا لم يكن ذلك لتحقيق هدف مرعي شرعًا كالأهداف التي أشرنا إليها أو للدعوة إلى الله تعالى.
الشيخ عبد الرحمن باه:
هذا رجل مسلم يعيش في بلدة إسلامية.
الأمين العام:
هذا السؤال الذي ورد علينا ليس من موضوعنا لأن الأسئلة عندنا محددة نجيب عنها. وهذه قضية أخرى.
الشيخ عبد السلام العبَّادي:
الواقع كأن مطلع الجواب يتعارض مع نهايته أولًا: شيء نريد نحسم قضية التجنس بجنسية غير المسلمين ما حكمها الشرعي في الأمور العادية، هو حرام تجوز بعد ذلك للضرورات التي ذكرتموها فالأصل أن يقال كيف أنها ليست حرامًا لذاتها.
الرئيس:
لأنه إذا كانت لمجرد الإقامة محرمة يعني نهت عنها السنة فكيف بالتجنس الذي هو أعظم من الإقامة؟
الأمين العام:
يعني الأصل فيها الحرمة.
الشيخ طه جابر العلواني:
لأنكم اضطررتم في الأخير أن تقولوا كراهة شرعية.
الشيخ طه جابر العلواني:
يقال: إذن التجنس بجنسية البلاد غير المسلمة.
الرئيس:
لا يجوز شرعًا
الشيخ طه جابر العلواني:
أو الأصل فيه الحرمة.
الرئيس:
أبدًا لا يجوز شرعًا للأحاديث المصرحة بالنهي عن إقامة المسلمين بين ظهراني المشركين ثم بعد ذلك يأتي الاستثناء هذا. يا شيخ طه لو تكرمتم الأجوبة ستصور وتوزع على المشايخ هذا أحسن لأن المسألة يعني ليست بالسهولة بمكان وإن شاء الله تعالى سييسر أمرها، والآن ما بقي على الصلاة إلا خمس دقائق.
الشيخ محمد عبده عمر:
يا سيدي أنا عندي سؤال بالنسبة لإجابة السؤال الأول إذا لم يجد الأمن في أي بلد أو في أي دولة يجد الأمن في الدولة الأخرى. أما أنه لا يجد أي أمن في الدول الإسلامية كلها هذا صعب جدًا. السؤال يقول: إذا لم يجد الأمن في البلاد الإسلامية وهذه حاجة مستحيلة أنه لا يجد فيها الأمن.
الرئيس:
هي، ما هي مسألة الأمن وحدها، يعني إذا ما وجد أمن أو ما وجد مثلًا أنت تعرف الآن أعدادًا من المسلمين لا سيما من المفكرين الإسلاميين يلاحقون في عدد من الديار الإسلامية، هذا واضح ما فيه إشكال.
الشيخ محمد عبده عمر:
يعني بشكل شمولي؟
الرئيس:
أنا ما أدري بشكل شمولي، أنا أعرف أعدادًا وأنت تعرف، وكلنا يعرف، هذا لا إشكال فيه.
الشيخ محمد عبده عمر:
لا، أنا أقول بشكل شمولي، هذا حاجة مستحيلة.
الرئيس:
يلاحق من بلد إسلامي إلى بلد إسلامي
الشيخ محمد عبده عمر:
هذا صحيح لكن بشكل شمولي في الدول الإسلامية كلها هذه حاجة مستحيلة أو أن لقمة العيش تنعدم من الدول الإسلامية حتى يضطر الإنسان إلى الذهاب إلى هذه الديار الكافرة.
الرئيس:
والله، أنا كنت لما تأملت الأسئلة، كنت رأيت أن السؤال هذا سبق إن صدر فيه قرار مجمعي من مكة، فقلت: إنه لو يترك هذا، والشيخ طه طبعا يأخذ القرار المجمعي من مكة.
الشيخ محمد عبده عمر:
أنا كذلك يا سيدي: لكن اتضح لي أن من نفس الشروط أن هذه الشخص الذي أبحنا له التجنس بجنسية الدولة غير المسلمة الذي يجد الآن في البلاد الإسلامية أو لا يجد لقمة من البلد الإسلامية، وهذه مسألة بصراحة صعبة جدًا.
الرئيس:
وقد يكون افتراضا متعذرا في الواقع، يعين بالنسبة لعموم البلدان الإسلامية 45 دولة إسلامية.
الشيخ محمد سالم عبد الودود:
لماذا لا تقولون فيه 45 دولة إسلامية تستطيع أن تستوعب المسلمين.
الأمين العام:
يا سيدي القضية ليست نظرية، يعني ممكن أن يكون، ننظر إلى الواقع هناك مجتمع كبير من المسلمين على أجيال متوالية متعاقبة في البلاد النصرانية يعيشون فيها ويقيمون بها.
الرئيس:
أما أنا فأعرف عدة أشخاص قد يبلغون الخمسة من الجزيرة سكنوا في أمريكا وفي أوربا وتجنسوا وأولادهم الآن لا يعرفون العربية وبناتهم تزوجن من الديار. هذا شيء مثل الشمس واضح، فالمسألة الواقع هي خطيرة ليست من السهولة يعني فيها شيء من الارتباط.
الشيخ طه جابر العلواني:
نسمع فتوى مجمع مكة إذا تكرمت.
الرئيس:
عندك هي موجودة.
الشيخ طه جابر العلواني:
لا ليست عندي.
الأمين العام:
يا أخي نحن صغنا النص لا داعي إلى الرجوع، نحن انتهينا من القضية.
الرئيس:
على كل حال قرار مكة يفيدنا كثيرًا لأنه قرار بني على دراسات وتداوله المشايخ والشيخ محمد سالم موجود كان حاضرًا فيعني ما يمنع أن نستفيد من آراء الآخرين إطلاقًا.
الأمين العام:
لا أنا أقول: لا يمنع إذا كان موجودا الآن هذا القرار، أما إذا كان غير موجود فكيف لنا به، نجتهد ونعدل الصيغة.
الرئيس:
ولهذا أنا رأيت أن السؤال هذا هو والثاني الذي بعده وسؤالين آخرين أربعة وخمسة أنها تؤجل هذا الذي كنت رأيت، لأن الحقيقة، البقية لو مرينا عليها مشت، أما الشيء الذي نشك فيه أو الذي صدر فيه قرار مجمعي ونحن لا نعرف هذا القرار المجمعي، وهم علماء لهم وزنهم ولهم ثقلهم ما نعرف ماذا قرروا ونجيء، نحن من المسألة ما تصلح الأمور هذه. أمور هامة " نتعجل فيها ما هو المانع هي ثمانية وعشرون سؤالا إذا أجلنا منها خمسا أو ستا أو سبعا فيه شيء"؟
ما فيها شيء المسألة أمر سهل إذا كان قصدكم قرار مجمعي، فعندكم قرار مكة أقصد الشيخ طه أنا أرسله له أبعثه إليه.
الشيخ طه جابر العلواني:
أنا كما ذكرت في مقدمتي أن هناك خلافا شديدا يصل إلى درجة العراك والتضارب في المساجد ويؤدي إلى التقاضي أمام المحاكم الأمريكية، وتغلق تلك المساجد والمراكز نتيجة جدل حول قضايا من هذا النوع، فاللجوء إليكم إنما هو من أجل صدور قرار ذي قيمة من شأنه أن يحسم مادة النزاع هذا هو المهم لكن أنا طالب علم، والحمد لله، وبإمكاني أن أفتي في كثير من هذه القضايا. فيه طلبة علم آخرون أيضا يستطيعون أن ينظروا في هذا الأمر فنحن لم نحلها من أجل العجز أو الجهل بأحكامها الشرعية أو عدم القدرة على الرجوع لمذاهب الفقهاء في هذا الأمر، ولكن إحالتها إنما هو لصدور فتوى مجمعية تكون مقنعة ملزمة تحسم مادة النزاع في هذا لا أكثر. فإن رأيتم أن تحسموا في هذا الأمر جزاكم الله خير.
الرئيس:
على كل مجموعة قرارات مجمع مكة عندي في الغرفة، فلعله يكون في المجموعة التي لدي فأنا إن شاء الله تعالى بعد الصلاة أقدمها.
الشيخ طه جابر العلواني:
اللجنة أيضا الشيخ عبد الله كان من أعضاء مجمع مكة وكان معنا في اللجنة وهو رئيس لجنتنا هذه الأخيرة في ليلة أمس.
الشيخ عبد العزيز عيسى
هل هذا القرار سيقطع الخلاف بين المسلمين في أمريكا؟ والواقع سبب الخلاف جاءت لهم بأحكام الدين عن جهل عمد ولا يمكن أن القرار سواء إن كان من مجمع الفقه الإسلامي أو مجمع مكة أو أي مجمع أخر أن يقطع الخلاف أبدا بين هؤلاء الناس. وهذه مسألة من بلايا العصر الحاضر، وفي كل بلد نازحون من أبنائها إلى البلاد الأوربية أو الأمريكية. وهم وجدوا هناك سبيل العيش لهم ميسرة وأيسر مما في بلدهم فماذا نفعل؟ أنا لا أريد أن نقول هذا يجوز أو لا يجوز لا بد أن ننظر في حل لهم بالطريقة هذه يعني لو نزح من السعودية مائة شخص نقول لهم حرام عليكم أنتم في الحرمة أو قربتم من الكفر وهم يمكن يجدون حالهم هناك. وما طريقة العيشة وليس دائما في خلاف.
يا أستاذ طه هم في خلاف دائما ولا الخلاف بين واحد أو اثنين؟ المفروض أنكم تفصلوا بينهم من غير حكم شرعي لأن الحكم الشرعي هم يجهلونه ولا يقدرونه ولا يعرفون مجمع الفقه الإسلامي ولا مجمع مكة ولا مجمع مصر لا يعرفون هذا الكلام وليسوا موقرين لهؤلاء. أنا أرى العملية عصرية نريد أن نرى ما هي الفتوى التي تصدر في ذلك الوقت وبخاصة من مجمع الفقه الإسلامي متعلقة بهذا الموضوع.
الشيخ خليل الميس:
نرجو أن نلفت الانتباه إلى أن هذا السؤال سيجرنا إلى قضية خطيرة هذه القضية لا بأس بذكرها.
الأمين العام:
إذا سمحت بعد الصلاة نرجع إلى الحديث في الموضوع وفضيلة الشيخ سيأتينا بالقرار قرار مكة ونستأنس به وانتهت القضية.
الشيخ خليل الميس:
القضية التي تحصل عندنا في لبنان وهو فتح أبواب الهجرة لشبابنا وتشجيع كل الجنسيات قيد الدرس وبالأخص الفلسطينيين على الهجرة والتجنس. نرجو أن نلحظ هذا من خلال هذه الفتوى ويكاد البلد يفرغ من شبابه، يكاد يفرغ إلى هذا الحد فتحت أبواب الهجرة إلى أستراليا ودول أوروبا كلها وأمريكا والشباب بالآلاف يذهبون وتهيأ لهم أسباب الهجرة والتجنس ولا يخفى ما وراء ذلك ليس فقط القيام بدار الشرك ولكن إسقاط قضية معروفة على الأرض. نرجو أن نلحظ هذا عند الإجابة على التجنس بجنسية أجنبية وشكرًا.
الأمين العام:
ذهب فضيلة الشيخ لإحضار قرار مكة ونستأنس به وانتهت القضية ونمر إلى غيره من الأسئلة، وإلا ستطول بنا الجلسة من غير أن نصل إلى نتيجة. نحن كونا لجنة للنظر في هذه الصيغة حتى لا نتداول البحث فيها من جديد.
بعد الصلاة
الرئيس:
نحن نستمر يظهر لي أن الحكم والأجوبة عن الأسئلة تقريبا متفق عليها حتى تقطع مرحلة.
الشيخ طه جابر العلواني:
بسم الله الرحمن الرحيم.
السؤال الثالث: في زواج المسلمة بغير المسلم: زواج المسلمة بغير المسلم ممنوع شرعا بالكتاب والسنة والإجماع، وإذا وقع فهو باطل، ولا تترتب عليه الآثار الشرعية المترتبة على النكاح والأولاد المتولدون عن هذا الزواج أولاد غير شرعيين ورجاء إسلام الرجل لا يغير من هذا الحكم شيئا.
السؤال الرابع: استمرار الزوجية بين من أسلمت وبقى زوجها على دينه. بمجرد إسلام المرأة ينفسخ نكاحهما، فلا تحل معاشرته لها، ولكنها تنتظر مدة العدة فإن أسلم خلالها عادت إليه بعقدهما السابق. أما إذا انقضت عدتها ولم يسلم فقد انقطع ما بينهما. فإن أسلم بعد ذلك ورغب في العودة إلى زواجهما عادا بعقد جديد ولا تأثير لما يسمى بحسن المعاشرة في إباحة استمرار الزوجية.
الشيخ محمد عبده عمر:
مسألة إذا أسلم كافر يعود إلى زوجته السابقة بعقد جديد يعني، إذا رغب العودة لها يكون بعقد جديد.
الرئيس:
فإن أسلم بعد ذلك بعد خروج العدة ورغب في العودة إلى زواجها عاد بعقد جديد.
الشيخ محمد عبده عمر:
قصة السيدة زينب بنت النبي عليه الصلاة والسلام مع زوجها واضحة. لما أسلم عاد إليها دون عقد جديد وهذا حديث صحيح ثابت.
الشيخ الصديق الضرير:
بسم الله الرحمن الرحيم..
بمجرد إسلام المرأة ينفسخ نكاحها. أرى هنا أن نأخذ بقول آخر، بمجرد إسلام المرأة وإباء الزوج الإسلام ينفسخ نكاحهما ليترتب الفسخ على إباء الإسلام وليس على الإسلام وإن كانت المسألة فيها رأيان.
الشيخ خليل الميس:
القول بالانفساخ ما هو صحيح. إنه يتوقف العقد.
الرئيس:
على كل حال تشمي يا شيخ
…
نعم الخامس.
الشيخ طه جابر العلواني:
السؤال الخامس: هو الدفن في مقابر غير المسلمين: إن دفن المسلم في مقابر غير المسلمين في بلاد غير إسلامية جائز للضرورة إذا بعدت المسافة عن مقابر المسلمين. والدفن في مقابر أهل الكتاب أولى من الدفن في مقابر غيرهم.
الرئيس:
والله، أن في نظري أنها تحذف إذا بعدت المسافة ويكون جائزا للضرورة حتى يشمل قضية المسافة وغيرها، هذا الذي يظهر، ثم أحيانا بعد المسافة لا يسبب ضرورة يظهر هكذا. هكذا يا شيخ وهبة؟
الشيخ وهبة الزحيلي:
إذا كانت المسافة قريبة ينقل.
الرئيس:
لأن هذا معناه جائز للضرورة إذا بعدت المسافة تيسيرا للضرورة فالمدار على الضرورة.
الشيخ محمد عبده عمر:
ملاحظة على السؤال. والدفن في مقابر أهل الكتاب أولى من الدفن في مقابر غيرهم. يعني ما هو المستند لهذا التفضيل؟
الرئيس:
والله، الذي ترون فيه الخير، ولكن أنا في نظري أنه لو قيل: إن دفن المسلم في مقابر غير المسلمين في بلاد غير إسلامية جائز للضرورة. وفقط.
الشيخ طه جابر العلواني:
يحذف الباقي؟
الرئيس:
والله إذا يرى المشايخ هذا. الكفر ملة واحدة ولا سيما بعد الموت، هذا يظهر كذا والله أعلم. أنتم أدرى لأنكم عرفتم الديار واختلطتم، أنتم نزلتم في الساحة أكثر منا لكن أنا يظهر لي أن زيادة القيود إذا كان يدعمها وجه شرعي فحياه الله.
الشيخ خليس الميس:
هل من الممكن أن يقال: إن يكون في جانب من المقبرة؟
الرئيس:
يا شيخ هم ما يتصرفون، الناس هم الذين يصرفونهم، أنا أذكر أحد علماء القصيم من الزهاد الورعين العلماء ذهب به إلى العلاج فقال لأولاده وهم معه في لندن، قال: إن كتب الله وتوفيت فلا تنقولني عن هذه البلد لأن إن كان لي عمل صالح سيؤنسني في أي مكان كنت، وإلا إذا لم يكن لدى الإنسان عمل صالح فلن يفيدني نقلي إلى أي بلد كان. رحمه الله فدفن في لندن هناك على كل حال واقعة عين ليست من باب الحجج.
الأمين العام:
أنا يظهر لي سيدي بالنسبة للندن وغيرها أن فيها مقابر وبها أجنحة خاصة أو أماكن خاصة للمسلمين، ولهذا يكون الدفن في الجناح الخاص بالمسلمين. نظم موجود في أمريكا وفي فرنسا.
الرئيس:
على كل أنا في نظري أن الكفر ملة واحدة، هذا الذي يظهر لا سيما كما قال الشيخ ابن عبد الودود لا سيما بعد الموت. للضرورة فقط يكفي.
الشيخ طه جابر العلواني:
السؤال السادس: بيع المساجد المعطلة: يجوز بيع المسجد الذي تعطل الانتفاع به، أو هجر المسلمون المكان الذي هو فيه، وخيف استيلاء الكفار عليه على أن يشترى بثمنه مكان آخر ويتخذ مسجدا.
الرئيس:
أنا في نظري إن خيف استيلاء الكفار عليه لا محل له لأن المقرر فقها أنه إذا تعطل الانتفاع به وهجر المسلمون المكان ما هو الذي يجلس ينقل إلى مكان آخر إلى مسجد آخر أو إلى مصلحة مسجد آخر.
الشيخ طه جابر العلواني:
يعني نحذف: وخيف؟
الرئيس:
إلا إذا قيل: أو خيف، ما فيه إشكال يا شيخ يصير (أو) إذا جعلت (أو) ممكن تمشي.
الشيخ طه جابر العلواني:
يعني نعملها (أو) ؟
الرئيس:
نعم
الشيخ طه جابر العلواني:
السؤال السابع: سفر المرأة بغير محرم: الأصل فيه المنع لدى الأكثرين.
الرئيس:
الأصل فيه المنع شرعا.
الشيخ طه جابر العلواني:
الأصل فيه المنع شرعا لدى الأكثرين.
الرئيس:
على كل أو الأصل فيه المنع للأحاديث المستفيضة لأن فيه جملة كبيرة من الأحاديث الصحاح والسنن وغيرها. أما (لدى الأكثرين) تحذف. الأصل فيه المنع للأحاديث الصحيحة.
الشيخ خليل الميس:
عفوا نقول: هو حرام بصريح النص، بدل ما نقول: الأصل.
الشيخ طه جابر العلواني:
المنع، لأن فيه اختلافا في قضية الحرمة.
الرئيس:
على كل حال الممنوع في الأصول يتنزل منزلة الحرام. الأصل فيه المنع للأحاديث الصحيحة فتجتنبه المسلمة ما استطاعت.
الشيخ طه جابر العلواني:
(ما استطاعت) ولكن أخذا ببعض المذاهب الإسلامية وتيسيرا على ما تحملها ظروفها على السفر بغير محرم، فإن المجمع لا يرى مانعا من سفر المرأة بغير محرم في الجماعات الغفيرة ووسائط النقل العامة الكبيرة كالطائرات والقطارات والحافلات الكبيرة التي يؤمن في مثلها على دين المرأة وعرضها كما لو كانت سائرة في المدينة العامرة.
الرئيس:
أما أنا لأنه سبق لي دراسة مستفيضة في هذا الموضوع وعلى إثر كتابات حصلت فيه فأنا أرى أن هذا الموضوع إذا رأيتم هذا السؤال أنه يرجأ من الأسئلة التي تؤجل.
الشيخ محمد عبده عمر:
موافق على أرجائه. موافقون على تأخيره.
الشيخ وهبة الزحيلي:
أنا لي في المذهب المالكي ما دام هناك حجة.
الرئيس:
ما علينا من المذاهب، علينا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة على أي مذهب طالما أنه في أحاديث صحيحة صريحة بالمنع. حتى في مذهب الحنابلة قالوا: إذا كانت تحج مع رفقة من النساء أو شيء من هذا القبيل وكانت مرأة كبيرة أو شيء من هذا. لكن أنا أقول نحن عندنا أصل، وعندنا ضرورة فنحن نقرر الأصل والضرورة إذا جاء اصحب الضرورة تقدر له بقدرها.
الشيخ مصطفى الزرقا:
بسم الله الرحمن الرحيم
…
أنا لا أرى بأسا في بقاء العبارة كما هي إلى آخرها لأن الحالة الاستثنائية هذه أصبحت اليوم يمكن أن يقال عنها: إنها ضرورة لما نشاهد من كثير من الحالات يضطر فيه الإنسان أن يرسل أحيانا زوجته أو ابنته أو أخته إلى جهة فيها محارمها أيضا ويستقبلونها في المطار وهو يوصلها إلى الطائرة ويوصي بها من يلزم.
يعني هذه حالة أصبحت اليوم في عصرنا هذا في مختلف الحالات التي توجب بعض الأسفار لا يمكن اجتنابها، واليوم السفر بالطائرة أنا أعتقد أن السفر بالطائرة من قارة إلى قارة أهون وآمن على المرأة من أن تسافر إلى قرية أقل من ثلاثة أيام كما أباحه الفقهاء أن تسافر وحدها. لذلك هذه لا نستطيع، أعتقد الفقرة مليحة جدا وإني أسأل فضيلة الرئيس الكريم أنه إذا قلنا: إنه ما لنا وللمذاهب نحن أمامنا أصل، فأنا أسأل، هل المذاهب جهلت ذلك الأصل؟ كل هذه المذاهب لم تعرف هذه الأحاديث التي هي الأصل ونحن الآن عرفناها. إنهم أيضا عرفوا هذه الأصول وتدبروا فيها وهم أهل دين وورع وعلم وتقى.
الرئيس:
في الواقع يا شيخ مصطفى مع تقديري البالغ: إن التساؤل في غير محله لأن أنا قصدي لما هو معروف عند أهل العلم أنه إذا جاء الحديث جاء النص بطل الخلاف ولا إشكال. وليس معنى هذا أن الأئمة خالفوا النصوص لا لكن ربما أن هذا الإمام لم يبلغه نص ربما أنه ثبت عنده ضعفه أو ربما كذا لكن أنا أرى يؤجل ونمشي للسؤالات وبعدين نعود على الأسئلة.
الشيخ مصطفى الزرقا:
كل حديث قابل أحيانا لعدة أفهام وإذا نحن رأينا الحديث واضحا هل الأئمة السابقون هؤلاء لم يكن لديهم النص موجودا نفسه وفهموا فهما آخر أو رأوا أنه محمول على حالات دون أخرى؟ يعني لا نستطيع أن تقول: متى وجدنا الحديث نتجاهل الأئمة كلهم، هذا غير ممكن.
الشيخ محمد عبده عمر:
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أنا عندي ملاحظتان: الملاحظة الأولى هو أن الاجتهاد الفقهي يجب أن يكون ضمن نصوص شرعية من الكتاب والسنة وألا يتجاوزها. في هذه المسألة أعتقد أن فيها حديثا صحيحا عن النبي عليه الصلاة والسلام ما معناه: لا يجوز لامرأة تؤمن بالله والله الآخر أن تسافر يوما وليلة بدون محرم. فالحديث قاطع في محل الخلاف ولا اجتهاد مع نص. هذه ملاحظة.
الملاحظة الثانية: حسبما أعلمه في المذهب الشافعي أن منع الإمام نفسه رحمة الله عليه منع أن تسافر عجوز ولو مع جمع غفير فلما سئل عن عجوز لا تشتهي عجوز ليس فيها جمال وعجوز طاعنة في السن لماذا لا يسمح لها بالسفر؟ قال رضي الله تعالى عنه: إن لكل ساقطة لاقطة، إن كانت هناك عجوز فقد يكون هناك عجوز أيضا يهواها فبلغ المنع في المذهب الشافعي إلى هذا الحد. وعلى هذا يجب أن نلاحظ أول الحديث الصحيح ولا اجتهاد مع النص ثم أيضا نلاحظ أقوال بعض الأئمة الكبار مثل الإمام الشافعي رحمة الله عليه.
الشيخ محمد سالم بن عبد الودود:
سيدي الرئيس. أنا بعد العبارة التي توصف نقول مع التيسير يقال: الأصل فيه المنع شرعا للأحاديث وللضرورة أحكامها.
الشيخ أحمد محمد جمال:
بسم الله الرحمن الرحيم
…
إذا يسمح حضرات أصحاب الفضيلة جميعا أذكرهم بقوله صلى الله عليه وسلم ((يسروا ولا تعسروا)) . هذا الحديث يعطينا وسيلة أو سبيلا إلى أن نيسر ولا نعسر. ثم الإمام مالك رحمه الله أجاز سفر المرأة بدون محرم مع نساء ثقات. وأصبح هذا الأمر واقعًا في الحج والعمرة وفي سفر الطالبات لتلقي العلم، وفي سفر الزوجات فينبغي ألا ننكر هذا الواقع، الضرورة أصبحت، واقعًا متسعًا، ليس واقعًا نادرًا، واقعًا متسعًا فلماذا لا نيسر على النساء للحج وللعمرة ولسفر الضرورة إلى المستشفى للعلاج إذا كان مع نسوة ثقات؟ كما قال الإمام مالك، أجاز سفر المرأة الأجنبية مع نساء ثقات، فأنا أرى ألا نعسر وأن نيسر.
الرئيس:
إذا رأيتم يا مشايخ أن يكون النص: الأصل فيه المنع للأحاديث الصحيحة فتجتنبه المسلمة وللضرورة أحكام تقدر بقدرها. هل ترون هذا لأننا إذا قلنا: للضرورة أحكام تقدر بقدرها معناه: أن المسألة فيها ضيق يعني ليست المسألة مفتوحة، الأصل المنع، لكن إذا حصلت ضرورة تقدر بقدرها.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
القيود التي وضعت هنا وضعت على أساس الوضع الزمني، وهذا الوضع الزمني اليوم قضية الوسائط العامة التي عرفت اليوم ولم تكن معروفة من قبل، قبل لم يكن إلا الدواب هو في هذه البراري، فهذه قيود جيدة جدًا إذا سافرت في سيارة خاصة مثلًا هذا لا يجوز أو صغيرة، ولكن بهذه الوسائط العامة التي تداركها هنا الجواب، هذه جدًا مهمة لأن الأمان حتى لو بعدت المسافات بين قارات فإن هذه الوسائط فيها أمان أكثر من يومين على ظهور الدواب.
الرئيس:
إذن تكون العبارة إذا رأيتم: الأصل فيه المنع للأحاديث الصحيحة فتجتنبه المسلمة، وللضرورة أحكام تقدر بقدرها إذا كان سفر المرأة بغير محرم في الجماعات الغفيرة إلى آخره.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
مع نساء ثقات.
الرئيس:
وللضرورة أحكام تقدر بقدرها إذا كان سفر المرأة بغير محرم إلى آخره، يا شيخ أظن لعلها على هذا ماشي.
الشيخ طه جابر العلواني:
أعد على العبارة، طال عمرك.
الرئيس:
الأصل فيه المنع للأحاديث الصحيحة فتجتنبه المسلمة، وللضرورة أحكام تقدر بقدرها وفي حال الضرورة فإن المجمع لا يرى مانعًا من سفر المرأة بغير محرم في الجماعات الغفيرة.
الشيخ رجب التميمي:
مع النساء الثقات وليس الجماعات لأن الجماعات تختلف، والله هذه فتوى تتعلق بنا صعب مع جماعات غفيرة في الطائرة فيه مائة طائرة.
الرئيس:
إذا كان جماعات غفيرة كلهم رجال يعني لا بد التحديد.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
فضيلة الرئيس، ظاهر من اتجاهه وهذا كل ما نتمناه نحن أيضًا هو يريد التشديد في الترخيص، وهذا حق ولكن في الوقت نفسه أنا أستغرب أن النص هنا الذي بين أيدينا تضمن قيودًا ممتازة جدًا بالنسبة لوضعنا الزمني الحالي. وقضية الطائرات والقطارات والحافلات هذه فيها أمان أكثر من كل شيء آخر، ففي الوقت الذي يميل فيه فضيلة الرئيس إلى تضييق الترخيص يميل إلى حذف هذه القيود، فلا أدري كيف ذلك؟ ولعله لو بقي كما هو فهو أفضل حل، والطائرات والقطارات هذه حتى لو كان كل المسافرين فيها رجال فهي آمن على المرأة اليوم في وضعنا الحاضر أن تسافر مع جماعة غفيرة من النساء في غير هذه الوسائط.
الرئيس:
يكون بجانبها رجل؟
الشيخ مصطفى الزرقاء:
لو بقي الأمر كما هو..
الرئيس:
قصدي نحن نأتي باحتمال الوارد إذا كانت الحافلة كلها رجال فالكراسي الذي بجانبها رجل، عن يمينها رجل، وعن شمالها رجل.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
ممكن أن نقول على ألا تكون بين الرجال فقط. أما موضوع القطارات والطائرات وكذا وكذا هذا لا يجوز حذفه.
الرئيس:
أحب أقول يا شيخ أنا لهذا سبق أني ذكرت أنني لما قرأته عرفت أن هناك حوالي سبعة أسئلة يقين أنها ستكون محلًا للأخذ والرد فأنا أرى أن هذه الأسئلة التي تدور بيننا الآن نؤجلها وفي آخر الجلسة ممكن نعود إليها. دعونا نمشي في الأسئلة التي هي تقريبًا متفق عليها. نعم الثامن.
الشيخ طه جابر العلواني:
الثامن في إقامة المرأة وحدها: للمرأة المسلمة أن تقيم وحدها شرعًا في بلاد الغربة إذا كان المسكن مستقلًا آمنا.
الشيخ رجب التميمي:
ما معنى مستقلًا آمنًا؟ ومن أين الاستقلال مع الأمان؟ مسكن مستقل وحدها لا تكون آمنة، أين الأماكن؟
الشيخ طه جابر العلواني:
هذا ما رأيكم فيه؟
الشيخ رجب التميمي:
في بلاد الغربة ليست بين المسلمين وليست بين أحياء الإسلام.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
هذا الثامن أنا لا أرى أن يباح إقامتها وحدها في بلاد الغربة ولو كان المسكن مستقلًا أبدًا.
إخواني الكرام. أرى أن هذا البند الثامن بصورته الحاضرة خطير جدًا. إقامة المرأة وحدها في بلاد الغربة ولو كان في مسكن مستقل، هذا فيه منتهى الخطورة، يعني لو قطعنا النظر عن موضوع احتمالات الفساد الممكنة بمختلف الطوارئ والصور والتقلبات التي لا نعرف ماذا تصادف المرأة في غربتها. هناك أيضًا قضية السطو، يعني مثلًا اليوم في بلاد الغربة امرأة وحدها في بيت مستقل للصوص. ولهذا هي مطمع بهذا الشكل للصوص الأموال والأعراض.
الرئيس:
على كل، هل ترى إرجاءه أو تعديله؟
الشيخ مصطفى الزرقاء:
إقامتها وحدها لا نجوزها أبدًا.
الرئيس:
إذن يرجأ يا شيخ طه.
الشيخ تجاني صابون:
أنا أرى لا داعي للإرجاء، الموضوع واضح كيف يمكننا أن نبيح لامرأة أن تسكن أو أن تقيم وحدها في دولة أجنبية في بيت وحدها لماذا نرجئ هذا الأمر الواضح؟ نقول: لا، وخلاص.
الرئيس:
إذا اتفقتم على: لا، أو اتفقتم على: نعم، الرأي رأيكم.
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
نحن في الحقيقة في الكويت عندنا ممنوع قانونا، هذا قانونا.
الشيخ رجب التميمي:
يمنع.
الرئيس:
حتى في المملكة ممنوع أن المرأة وحدها تقيم.
الشيخ رجب التميمي:
أرى أن الحكم هو المنع وليس كل سؤال يأتينا سنجاوب عليه ونتحايل على الإجازة، فيه أسئلة الجواب عليها هو المنع.
الشيخ محمد عبده عمر:
أنا مع رأي الشيخ مصطفى هو المنع.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
أقترح أن يحذف.
الشيخ رجب التميمي:
بالتصريح بالمنع، ولا يوجد ضرورة هنا.
الشيخ تقي الدين عثمان:
سدا للذريعة.
الرئيس:
طالما أن الاتجاه للمنع إذن لا يجوز للمرأة المسلمة أن تقيم وحدها شرعًا في بلاد الغربة.
الشيخ رجب التميمي:
هذا هو الجواب.
الشيخ طه جابر العلواني:
إلا للضرورة أو بدون؟
الرئيس:
يا شيخ مصطفى التدليل المجمل على المنع لما يحف به من المخاطر.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
ولا شك سد الذرائع.
الرئيس:
لما يحف به من المخاطر. التاسع.
الشيخ طه جابر العلواني:
إلا للضرورة؟
الرئيس:
لا. دع الضرورة، هو فيه نية الضرورة إذا حصلت تقدر يا شيخ. لا نريد قراراتنا كلها ضرورة، ضرورة، أن الضرورات تقدر بقدرها يا شيخ.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
الضرورات مدلولها النصوص العامة.
الرئيس:
التاسع.
الشيخ طه جابر العلواني:
إن حجاب المرأة المسلمة عند جمهور العلماء هو ستر جميع بدنها عدا الوجه والكفين إذا لم تخش فتنة فإن خيفت فتنة وجب سترهما أيضًا.
الرئيس:
هذا طيب فيه توسط بين الخلاف.
الشيخ طه جابر العلواني:
السؤالان العاشر والحادي عشر: العمل في المطاعم التي تقدم فيها المحرمات: للمسلم العمل في مطاعم الكفار بشرط أن لا يباشر بنفسه سقي الخمر أو حملها أو صناعتها أو الاتجار بها، وكذلك الحكم بالنسبة لتقديم لحوم الخنزير وغيرها من المحرمات.
الشيخ رجب التميمي:
هنا إذا أبحنا الجواب بحالته الواضحة يبقى أن المسلم إذا لم يباشر ذلك ينظر إلى الخمر وينظر إلى المحرمات لأنه يشتغل في نفس المطعم، ولا شك أن الأحاديث لا تبيح النظر للخمر، ولذلك بشرط أن لا يباشر بنفسه المنع إذا كان في المطعم خمر أو خنزير والرزق على الله.
الشيخ وهبة الزحيلي:
لا يوجد حديث يحرم النظر إلى الخمر.
الشيخ محمد سالم بن عبد الودود:
دائمًا في حدود المدرسة نحن عندنا عمل المسلم للكفار إذا كان المسلم في عمل حرام هو حرام ويفسخ العقد إذا عمل لم يستحق الأجر بل يتصدق به لا يبقى للكافر ولا يملكه المسلم، إذا عمل عملًا مباحًا ولكن كانت يد الكفار جارية عليه ومختصًا به يعمل في محل الكافر والكافر يختص بهؤلاء ويعمل الكافر ويد الكفار جارية عليه، فهذا قريب من الحرام ويعبرون عنه بالمحظور. وإذا عمل عملًا مباحًا والعمل فيه للكافر والمسلم وليست عليه يد للكافر ولكن يعمل في محله فهذا مكروه. الشيء الوحيد الذي يجوز من عمل المسلم للكافر على وجه الإيجار أن يعمل عملًا مباحًا في مكانه من غير أن يختص به الكافر ولا أن تجري عليه يده.
الرئيس:
الذي يظهر والله أعلم، أن الجواب مقبول لأنه إذا عمل لدى الكافر لم يخدمه في دينه. وهنا السؤال في المطاعم فقط، وهو في هذا المطعم لم يقدم خمرًا ولم يقدم له خنزيرًا ولم يقدم له محرمًا.
الشيخ طه جابر العلواني:
سيدي في هذه الحالة، أمنع الزراعة لأن الحنطة بتاعتك تصير خبزًا ويأكلها الكافر والخروف الذي تربيه ممكن أن يذبح ويأكله الكافر.
الرئيس:
على كل الذي ترون فيه الخير، لكن أنا والله أعلم، طالما أنه لا يقدم محرمًا في الشريعة وهو تسليم منكم بجواز إقامته لدى الكفار، فما دام وجوده بين الكفار وبين ظهرانيهم جائزًا، فمن باب أولى أن يجوز أن يشتغل في عمل ليس فيه محرم شرعًا والمحرمات لا يصير موظفًا فيها ولا يؤيد فيها خدمة.
الشيخ محمد عطا السيد:
سيدي الرئيس، أنا أرى بأنه حتى لو رأينا أنه فيه ضرورة اقتضت وجوده بين الكفار لا أوافق أن يعمل في مطعم فيه الخمور وهو يرى ذلك وأنا أرى أن الأرض لم تضق بالمسلم للدرجة التي لا يجد فيها رزقًا إلا في مثل هذه الأعمال.
الشيخ وهبة الزحيلي:
الملاحظ في أغلب هذه الأسئلة أنها في ديار الكفار ونحن نعيش الآن في رفاه يمر طلاب كثيرون من الجاليات الإسلامية في تلك البلاد تنقطع عنهم المرتبات ويكادون أن يبقوا في الشوارع فلا يلجأون لمثل هذه الأمور غالبا كل هذا الأسئلة ملحوظ فيها الضرورة القصوى عموما هذه في بلاد الطلاب أحيانًا، ماذا يفعل هل يرتكب الحرام الصريح أم نجد له مساغًا فيه شيء من الإباحة وقد أباحه بعض الفقهاء؟
الرئيس:
يا شيخ وهبة، لو لم تكن هذه الأسئلة والأجوبة في هذا المحيط الذي هو في محيط بلاد الكفر، في الواقع بالنسبة لي وعد ذلك الرأي رأيكم ما تسامحنا في كثير مما مر ومما سيأتي، هذا الواقع، أنا أقول لكم بصراحة إن حجاب المرأة المسلمة الذي أدين الله به أنه يشمل الوجه والكفين، وأن النصوص صريحة صحيحة في هذا. وأن جماعة المحققين من أهل العلم على هذا. لكن في جنس هذا المحيط وفي جنس هذه البلاد التي العري هو سنتها وطريقتها وجادتها يعني إذا وجد امرأة ساترة لجميع بدنها ما عدا الوجه والكفين هذه تعد
…
الشيخ رجب التميمي:
مظهر طيب.
الرئيس:
فعلى كل هل ترون يرجأ حتى نعود إليه في آخر الجلسة، هذا السؤال أو يلغى أو يرجأ مرة واحدة، أو يترك؟
الشيخ عبد الله بن بيه:
هذا. أعتقد يترك هذا السؤال صحيح بحاله هذا نظر كما تفضلتم للمحيط، ولا ينبغي أن نتوقف فيه مطلقًا، هو يعيش في هذه الظروف، يعيش مع الكفار، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعيش في مكة يدخل عند الكعبة وفيها الأصنام وأنه لا يستطيع تغييرًا لذلك. هذه المسألة لا ينبغي أن نتوقف فيها مطلقًا.
الشيخ عبد الله بن بيه:
كل هذا عند الحاجة. كل هذا بسبب الحاجة.
الرئيس:
والله إن رأيتم يمكن هذا القيد يخلص المسألة.
للمسلم عند الضرورة، هو ما أحد يشتغل إلا وهو محتاج، أقول: ما أحد يشتغل إلا وهو محتاج مهما كان.
الشيخ الصديق الضرير:
يعمل بمطاعم الكفار إذا لم يجد عملًا في غيرها.
الرئيس:
إذن ضرورة.
الشيخ رجب التميمي:
إذا لم يجد عملًا في غيرها، إذا لم يجد عملًا آخر.
الرئيس:
هو طيب يا شيخ، يا شيخ طه، للمسلم إذا لم يجد عملًا آخر مباحًا شرعًا العمل في مطاعم الكفار إلى آخره.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
بدون كلمة "آخر" إذا بدئي بها ذكر الكلام، إن المسلم إذا لم يجد عملًا آخر ما تقدم شيء نقول "آخر" إذا لم يجد عملًا مباحًا.
الرئيس:
اسمع يا شيخ، للمسلم إذا لم يجد عملًا مباحًا شرعًا العمل.. إلى آخره الثاني عشر.
الشيخ طه جابر العلواني:
الثاني عشر: في الأدوية المشتملة على الكحول: للمريض المسلم عند الحاجة تناول الأدوية المشتملة على نسبة من الكحول إذا لم يتيسر دواء خال منها ووصف ذلك الدواء طبيب ثقة أمين في مهنته.
الشيخ رجب التميمي:
أنا أرى أنه لا يجوز لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا شفاء في النجس)) والأدوية التي تختلط بالكحول أصبحت نجسة.
الشيخ عبد الله بن بيه:
بسم الله الرحمن الرحيم..
مسألة الخمور ينبغي أن تقيد بالضرورة القصوى لما تعلمون أن كثيرًا من الفقهاء قالوا: لا يجوز التداوي بها مطلقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((إنها داء وليست دواء)) ولأجل ذلك قال بعض العلماء: لا يجوز التداوي بها مطلقًا. وقال بعضهم: يجوز التداوي لغصة. فهو لا بد أن تكون الضرورة شديدة يخاف على نفسه منها.
الرئيس:
ولهذا الخمر لغصة مقررة في مذهب الحنابلة كذلك، فإذا رأيتم يقال: للمريض المسلم عند الضرورة.
الشيخ عبد الله بن بيه:
للضرورة الشديدة ليست للضرورة فقط.
الشيخ طه جابر العلواني:
يبدو أن المشايخ لم ينتبهوا للسؤال جيدًا. السؤال ليس في الخمر إطلاقًا السؤال في الأدوية التي تشتمل على شيء من كحول والأدوية المشتملة على شيء من كحول معظم الأدوية 95 % من الأدوية التي نتناولها للسعال وللكحة وللإنفلونزا وللصداع.
الرئيس:
الحقيقة، طالما أنا في نظري أنه مقيد بالأدوية ما هو شراب، قال: الأدوية المشتملة على الكحول فأنا أرى أن الجواب كاف حتى في نظري أنا أرى أنها لو حذفت عند الحاجة لو حذفت لا أرى بها بأسًا.
الشيخ عبد الله بن بيه:
لا يمكن أن تحذف لأن ما أسكر كثيره فقليله حرام.
الرئيس:
إذا صار دواء، الكحول نسبي، الكحول في هذا الدواء نسبي هذه العمليات الآن ما تعمل إلا بالبنج، تبنيج، تخدير، تسكير للبدن كامل خمسة ساعات وهو سكران.
الشيخ رجب التميمي:
ما أسكر كثيره فقليله حرام.
الرئيس:
ما تستطيعون أن تطبقوه يا شيخ، النزول في ساحة العمل شيء والتقدير على الكراسي شيء آخر، نحن نعاصر هذا الشيء ونعرفه يقينًا، أنا لما لفت نظرنا الشيخ طه أن السؤال أن الأدوية المشتملة على الكحول فأنا أرى الذي ترون فيه الخير لكن أنا أرى أن الجواب ماشي.
الشيخ محمد عبده عمر:
بسم الله.. هو السؤال واضح عند الحاجة تناول الأدوية المشتملة على نسبة من الكحول وليس على كل كحول، على نسبة من الكحول.
الرئيس:
لا، المشتملة على كحول، وتحذف الألف واللام.
الشيخ محمد عبده عمر:
بمعنى أنها على نسبة من الكحول. يعني نسبة صغيرة.
الرئيس:
خلاص هذا الجواب طالما أنه في الجواب يكفي.
الشيخ عبد الله بن بيه:
يبدو سيدي الرئيس أنكم اطلعتم على شيء يرخص إن شاء الله أحسن مما اطلعنا عليه والله أعلم لأننا نحن نعرف العلماء شددوا كثيرًا بسبب هذا الحديث ولعلكم اطلعتم على مواقف، والله أعلم.
الشيخ خليل الميس:
حضرة الرئيس أظن إجابات في مثل هذه البساطة من مجمع كهذا غير مناسبة.
الرئيس:
لا أصلًا يا شيخ قد يظهر، هو سيعرض عليكم رأي في آخر الجلسة، وهو أن هذه الاستفسارات توجه بخطاب من أمين المجمع إلى مدير المركز لأنها عرضت على المجمع وقرر فيها ما يلي أو رأى فيها ما يلي. فهذا ليس قرارًا بمعنى القرار الذي يرفق مع القرارات لكنه يكتسب صفة الشرعية. ما فيها شيء ماذا فيه؟ نحن نجتهد بقدر ما يسعنا وهؤلاء في حاجة، والحمد لله أنه يوجد في هذه البلدان من يلجأون إلى علماء المسلمين ويتلهفون إلى معرفة الوجه الشرعي، فإذا أخطأنا في سؤال أو سؤالين فيه شيء ما زال العلماء سلفًا وخلفًا يخطئون إذا تبين رجعنا فيما بعد.
الشيخ خليل الميس:
ألا ترون أن لكل إجابة من هنا أن يكون لها ملف أيضًا عندنا لأنه فعلًا، أنا في الإجابة الأول كاتب 22 صفحة موجودة لكن ما لحقنا نطبعه، والذي هي زواج المسلمة من غير المسلم أو إسلام الزوجة الكتابية تحت الكفر 22 صفحة ولم أخلص منها لأنه لا بد، عفوًا، إنما مجمع في مثل هذا المستوى العلمي لا بد أن يكون له مذكرة تفسيرية لكل سؤال.
الأمين العام:
سيدي إذا سمحت. كل الموضوعات المطروحة عليكم في هذه الجلسة وبخاصة بالنسبة للموضوعات التي ترجع إلى استفسارات الإخوان في المركز الإسلامي بواشنطن لها ملفاتها، وهذه الملفات محتفظ بها في المجمع وكل ملف يحتوي على دراسات لا على دراسة واحدة وهذا الذي قدم إلينا من طرف الشيخ محيي قادي ومن طرف بقية الإخوان في السنة الماضية وفي هذه السنة دليل على ذلك، والقضية ترتيبية، هذا راجع لنظام المجمع أما الذي نحن فيه فهو صدور فتوى في هذه المسائل المعروضة عليكم والتي بحثناها بحثًا مستفيضًا.
الرئيس:
المهم هذا السؤال: هل ترون أنه يرجأ أو يبت فيه؟
خلاص يبت فيه على ما هو محرر، نعم، الثالث عشر، أنا أرى هذا التحرير في الجواب بناء كلام الشيخ طه أنه بوجود هذه النسبة في الأدوية منتشرًا في دواء الكحة في دواء الزكام في دواء كذا.
الشيخ طه جابر العلواني:
السؤال الثالث عشر: مواد الكيك ونحوه: يحل للمسلم استعمال الخمائر والجلاتين المأخوذة من الخنازير في الأغذية إذا تحققت الاستحالة. التحول من عين إلى عين أخرى قادرة والخمائر والجلاتين المتخذة من النباتات أو الحيوانات المذكاة شرعًا أولى وأبعث عن الريب والشبه.
الرئيس:
والله، أما في الخمائر والجلاتين المأخوذة من الخنازير فهذه أنا عندي توقف فيها على طول الخط.
الشيخ رجب التميمي:
هذا شيء محرم
الشيخ محمد عبده عمر:
في الواقع يا شيخ لو سمحت في الصياغة يقول: إذا تحققت الاستحالة التحول من عين إلى عين آخر، إذا تحققت الاستحالة لا ينسجم.
الرئيس:
وهذا ينبغي يراقبها حتى تستحيل.
الشيخ محمد عبده عمر:
لا، كلمة الاستحالة هذه لأنها صارت العكس.
الرئيس:
إذا رأيتم أنه يؤثر على النباتي.
الشيخ عمر جاه:
أنا معك يا فضيلة الرئيس.
الشيخ محمد عطا السيد:
سيدي الرئيس في الحقيقة أحب أذكر: أنا من الناس الذين مكثوا في الولايات المتحدة لعدة سنوات، وأذكر أن الطلاب المسلمين وكثيرًا جدًا من المسلمين في الولايات المتحدة متمسكون بدينهم أشد تمسك وصدق بأن أعدادًا كبيرة منهم أحيانًا يحرصون على دينهم والتمسك بدينهم حتى المسلمين من الأمريكان إخواننا الأمريكان السود متمسكون بدينهم أشد تمسك، ولذلك فرضوا الآن على الشركات التجارية في الولايات المتحدة أن تنتج منتوجات تكتب عليها خالية من منتجات الخنزير وغيره من هذه الأشياء، أنا أثرت هذه النقطة يا سيدي الرئيس بالذات لكي أثنى على نقطة الأخ ممثل الجمهورية اللبنانية بأنه لا زلت أذكر بأنه لا بد من التمسك الشديد بالأحكام الشرعية في هذه المسألة، ولا يلبس علينا أننا نعالج قضية طلاب في أمريكا، ولذلك يجب أن نتساهل معهم غير هذا التساهل.
الرئيس:
أظن أنه ما فيه شك أن دين الله للجميع لا يختص به ناس دون ناس لكن فيه بعض الأشياء ربما يحصل الإنسان شيء من التجوز طالما أن فيها خلافًا مشهورًا أو خلافًا مشهورًا قويًا أو ضرورة قائمة لكن في مثل هذه الأشياء مواد الكيك الحقيقة يعني أن أعرف.
الشيخ رجب التميمي:
ليست فيها ضرورة.
الرئيس:
أنا لا أستطيع أن أقرر فيها شيئًا لا أعرف حقائق هذه الأشياء.
الأمين العام:
القضية هذه عرضت في كثير من البلاد الإسلامية وفي البلاد الأمريكية والأوربية، والمسلمون أجمعوا في هذا العصر، وصدرت في ذلك فتاوى عديدة بأن الأشياء التي لها بديل مثل النباتات أو الحيوانات المذكاة يمكن أن يصنع منها الجلاتين وما إلى ذلك. فإذا وجدت فنحن نأخذ بهذا فإن لم توجد فالقضية ليست ضرورية. لنا أن نترك الكيك ونأخذ غيره فهو ليس أمرًا ضروريًا، ولهذا نعود إلى صياغة هذا الجواب بالنسبة للسؤال الثالث عشر ونتركه إلى آخر الجلسة.
الرئيس:
يوضع في أوله: لا يحل.
الشيخ عمر جاه:
تحذف كلمة الجلاتين المأخوذة من الخنازير ونبقي الباقي.
الرئيس:
نحن نكتب: لا يحل للمسلم استعمال الخمائر والجلاتين المأخوذة من الخنازير في الأغذية إذا تحققت، تحذف، يا شيخ طه العبارة: لا يحل للمسلم استعمال الخمائر والجلاتين المأخوذة من الخنازير في الأغذية، أحذف الذي بعدها ثم تقول: وفي الخمائر والجلاتين المتخذة من النباتات أو الحيوانات المذكاة شرعًا غنية، هذا ما فيه نجوزها يا شيخ هل في هذا حرمة؟ أنا أسألكم الخمائر المتخذة من النباتات هل يعتريها شيء من الحرمة؟
الشيخ رجب التميمي:
لا.. لا.
الرئيس:
خلاص لماذا نقول يجوز؟ نقول: وفي الخمائر والجلاتين المتخذة من النباتات أو الحيوانات المذكاة شرعًا غنية عن ذلك.
الشيخ محمد عطا السيد:
سيدي الرئيس ما عدا نقطة واحدة. العنوان واضح كيف مواد الكيك وغيره الوارد في رأس الموضوع يمكن حذف هذه المسألة مواد الكيك وغيره، يمكن حذف هذه الكلمة حتى يكون الحكم شاملًا لكل الأشياء.
الرئيس:
كيف تصير صيغة السؤال؟
الشيخ محمد عطا السيد:
لا مواد الكيك الموضوعة في بداية الإجابة مواد الكيك كان هذه المسألة قاصرة على الكيك.
الرئيس:
كيف ترى صيغة السؤال؟
الشيخ محمد عطا السيد:
أنا أوافق على الصيغة يا سيدي.
الرئيس:
هذا في السؤال الكيك في السؤال ليست في الجواب.
الشيخ محمد عطا السيد:
لكن سؤالي يا سيدي الرئيس: هل هذه الإجابة مقتصرة على الكيك فقط؟
الرئيس:
وغيره، ونحوه، عندك ونحوه.
الشيخ محمد عطا السيد:
لكن أنا فضلت لو حذفت كلها ويصير الحكم كما هو.
الرئيس:
ماذا يقال في السؤال سلمك الله؟ ماذا يقال في السؤال؟ أعطنا صياغة السؤال.
الشيخ محمد عطا السيد:
أنا في رأيي فقط أن الإجابة تكون كما هي، لا يحل للمسلم استعمال الخمائر والجلاتين إلى آخره، ما حببت أن الموضوع يكون فيه ذكر نوع معين من الأغذية.
الرئيس:
نحن ما وضعنا نوعًا معينًا لكن هذه في السؤال، العنوان الرابع عشر.
الشيخ طه جابر العلواني:
الرابع عشر: عقد النكاح والاحتفالات في المساجد: يندب عقد النكاح في المساجد ولا تجوز إقامة الحفلات فيها إذا اقترنت بمحظور شرعي كاختلاط الرجال بالنساء وتبرجهن أو الرقص والغناء.
الشيخ محمد عبده عمر:
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
الاحتفالات في المسجد، العقد نعم يندب العقد، لأن العقد مقدس يندب العقد أنه يكون في مكان مقدس مثل المسجد، هذا نعم، مسألة الاحتفالات في المسجد سواء إن كانت بمحظور أو ليست بمحظور لا تجوز قطعًا. لأنه فيه استخفاف بقدسية المكان.
الرئيس:
أليس الحبشة كانوا يلعبون يوم العيد في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، يلعبون بحرابهم؟
الشيخ محمد عبده عمر:
هذا كان من الجهاد. أين هذا من هذا؟ لا وجه للقياس.
الرئيس:
ثم أنا الذي فهمت من الشيخ طه على أن المسجد بالنسبة للبلدان هذه أنهم لا يجدون متسعًا. كذا يا شيخ وإلا لا.
الشيخ طه جابر العلواني:
نعم المسجد هناك كل شيء بالنسبة لهؤلاء.
الرئيس:
إذن ينبغي لك في السؤال نفسه، في السؤال تصوغ السؤال بما يفيد الظرف الذي يعاش فيه.
الشيخ طه جابر العلواني:
واضح طال عمرك أني جايب أسئلة من أمريكا.
الرئيس:
لا ما علينا نقول عقد النكاح والاحتفالات في المساجد حيث إنهم لا يجدون مكانًا يتسع.
الشيخ محمد عبده عمر:
يا سيدي إذا فتحنا هذا بفتوى مجمعية باكر تنتشر في جميع العالم الإسلامي بفتح مجال ليس فيه مصلحة للمساجد في جميع العالم الإسلامي.
الشيخ محمد عبده عمر:
الشيخ طه جابر العلواني:
يا شيخ عبده، أعتقد أنه ليس في اليمن وإنما في أمريكا، أعتقد..
الشيخ محمد عبده عمر:
ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
الشيخ وهبة الزحيلي:
وقف المسلمين بالمسجد فيه مصالح كثيرة عندهم، يعني إلى ماذا يعمر المسجد ويشاهدون المصلين جماعات وما إلى ذلك.
الرئيس:
ما دخلوا لأجل أن يشاهدوا المصلين يا شيخ هم قالوا لنا: ما وجدوا مكانًا يحتفلون فيه لكن الحقيقة نحن إذا نظرنا إلى أمور نظرنا إلى قضية الجلوس المجرد عن العبادة في المسجد فهو جائز، وإذا نظرنا إلى الأكل والشرب في المسجد فهو جائز، هذا لا إشكال في الأمور هذه، وإذا نظرنا إلى دخول الرجال والنساء متحجبات وغير مختلطين، وليس هنا يحف به رقص ولا غناء. وفي أمريكا وفي مثل هذه الظروف والله الذي ترون فيه الخير لكن الذي لا يظهر لي مشكل.
الشيخ محمد عبده عمر:
يا سيدي اسمح لي. المسألة فيها كلمة: احتفال، والاحتفالات ما معناه اختلاط الرجال والنساء، ومعناه الزغاريد ومعناه فوضى في المسجد.
الرئيس:
يا شيخ طه كلمة: احتفال تغير، لكن الحقيقة أن العرف قيدها، حفلة الزواج أو شيء من هذا القبيل.
الشيخ عبد الله بيه:
يعني أقول: ولا تجوز الاجتماعات في المساجد.
الرئيس:
هذا معنى كلامه.
الشيخ محمد عبده عمر:
لا ممكن نقول: إذا كان في المسجد زاوية معينة لا يصلى فيها، يعني حاجة مرفقة في المسجد.
الأمين العام:
قضية الجواب اتفقنا عليه من زمان. الجواب اتفق عليه، الذي اختلف فيه هو تحديد الظرف والشكل الذي يقع في أمريكا وعندئذ لو أضفنا قلنا: عقد النكاح والاحتفالات في المسجد كما يقع في أمريكا، هذا هو السؤال. والجواب قد حرر بعد لم يبق فيه أي تغيير. إذا قلنا يندب عقد النكاح في المسجد ولا تجوز إقامة الحفلات فيها إذا اقترنت بمحظور شرعي كاختلاط إلى آخره. عقد النكاح في المساجد كما هو في أمريكا.
الشيخ محمد عبده عمر:
يا شيخ، هذه فتوى مجمعية تنتشر في جميع أنحاء العالم الإسلامي ولا يقيد في بلد معين.
الأمين العام:
يا سيدي الأسئلة جاءت من جهة معينة ونحن سنجيب هذه الجهة.
الشيخ محمد عبده عمر:
لكن الفتيا ملك الجميع.
الأمين العام:
عندما نكتب الفتوى الطويلة العريضة التي تشتمل على الأدلة لتكون مودعة في أطراف الدنيا نكتبها بالشكل الذي أردتم.
الشيخ محمد عطا السيد:
سيدي الرئيس، أنا أحب أن أذكر أعضاء المجمع بنقطة واحدة، وجائز الدكتور طه يوافقني فيها، ليس في أمريكا مشكلة بالنسبة للمسلمين أن يقيموا احتفالاتهم في أي مكان والدكتور طه يعلم أن المسلمين كانوا يقيمون اجتماعاتهم وتلاوة القرآن والمحاضرات الدينية كلها في بقاع كبيرة جدا بالجامعة في أماكن مختلفة. المسلمون لا يتصور حاليا في أمريكا كأنهم محصورون في المسجد ولا يستطيعون إقامة اجتماع في غير المسجد. هذا غير صحيح.
الشيخ طه جابر العلواني:
أنت تعرف وكل من هناك يعرف أن المسجد بالنسبة لأية جالية مقيمة هناك يعتبر مكان دراستهم وتجمعهم ولقائهم وأنشطتهم. نعم يوجد " كومنتن سنتر " مثلا يكون فيه مراكز وفيه حدائق كل شيء لكن من أجل أن تربط أبناء المسلمين في المسجد ولأجل أن تجعل.
الرئيس:
لا، يا شيخ طه. كلمة: من أجل أن تربط أبناء المسلمين في المسجد، أرجو إذا كانت هذه هي التعليل القائم فنحن نقول: لا، لا حاجة إلى السؤال.
الشيخ طه جابر العلواني:
اسمح لي أكمل فقط، والصورة المتفق عليها بيني وبين الدكتور عطا نعم موجودة، هناك أماكن كثيرة جدا لكن المسجد يعتبر المكان الأهم بالنسبة للمسلمين خاصة في هذه المناسبات. نعم هناك جاليات كبيرة أمامها متسع لكن هناك جاليات لا تملك إلا المسجد يعني 10، 15 بيت مسلمين لا يملكون إلا المسجد يقيمون فيه كل شيء ونحن في مقام فتوى لمثل هذه الحالات الخاصة التي تحدث فيها هذه الأمور.
الشيخ محمد عطا السيد:
أنا ما مانعت أن المسلمين يقيمون نشاطاتهم المختلفة في المسجد وحتى يعقد عقد النكاح في المسجد لا أمانع في ذلك ولكن في موضوع الحفلات إذا اقتصر ذلك على توزيع المرطبات أو الكيك أو بعض الأشياء فلا بأس من ذلك، هذا هو، أنا أقبل بذلك ولكن أي تجاوز قد يؤدي إلى أن يكون فيه أي نوع من الأشياء الأخرى.
الشيخ طه جابر العلواني:
يا أخي الفتوى مقيدة تماما اقرأها يا دكتور عطا.
الرئيس:
في الواقع، يا شيخ طه، أنا بدا لي سؤال بسيط. الآن إقامة مثلا على سبيل المثال، إقامة المسلمين لأمثال هذه الحفلات في المساجد في أمريكا ألا تكون محل تندر من أهل الكتاب هناك، أو من الكفار هناك، بأن هذا فيه نوع امتهان لشعائر المسلمين ويقولون انظروا إلى المسلمين كيف يمتهنون أماكن شعيرتهم.
الشيخ طه جابر العلواني:
أبدأ نحمد الله ونشكره أن أهل الكتاب يحترمون المسلمين وأماكنهم بالنسبة لهذه الأمور لأنه فعلا تعتبر أماكن نموذجية بالنسبة لما يجري حولهم ولما يدور في الكنائس على أن المسلمين في الغالب هذه الاحتفالات كانت في بعض المساجد في بعض الأماكن يخالفه الكثير من الريب إلى أن طهرت لكن الآن يقتصر الأمر على حفل نكاح يجري عادة في الحفل ضرب دفوف وشيء من اختلاط أو الزغاريد، ونحو هذا بعض الناس يتحرجون منه، بعض الناس يقولون: لا لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة، وأنه كان يأمر بأن يغنى في النكاح للبنات الصغيرات أو الأولاد أو شيء من هذا، فهذا الأمر مثار خلاف، أنتم ماذا تقولون فيه لحسم هذا الخلاف؟
الرئيس:
يعني يجري غناء وزغاريد في المسجد؟
الشيخ طه جابر العلواني:
ممكن.
الرئيس:
لا، لا، إذا كان شيء من هذا فنحن، لكن لماذا لم تعطنا الصورة واضحة في السؤال هذا؟
الشيخ طه جابر العلواني:
أنا أعطيتك الصورة الواضحة ولذلك تحوطت وقلنا: ولا تجوز إقامة الحفلات فيها إذا اقترنت بمحظور شرعي كاختلاط الرجال والنساء وتبرجهن والرقص والغناء فماذا يراد أكثر من هذا التحوط؟
الشيخ عمر جاه:
أعتقد أنني أتكلم عن تجربة شخصية، أنا عشت في أمريكا الشمالية لفترة زمنية طويلة وأعرف أن مفهوم الاحتفال الذي يشير إليه السؤال هو احتفال قد يكون احتفالا بصيغة دينية أكثر مما هو بترفهٍ، فكما أشار الأخ عطا السيد أن هناك أماكن متوفرة لإقامة الحفلات، صحيح، لكن عقد الزواج في المسجد ومفهوم المسجد عندهم قد لا يكون نفس البناء الذي نفهم في خارج هذه المنطقة. إذن بعد هذه التحذيرات وهذه الاستثناءات القوية في هذه الإجابة أعتقد أننا يجب أن نتبناها ونستمر في عملنا.
الشيخ أحمد بزيع الياسين:
بسم الله الرحمن الرحيم..
في الحقيقة عقد النكاح مثل ما تفضلتم يندب في المساجد، إنما الحفلات أخشى أن يتوسع فيها إلى ما لا يليق. هذا في الحقيقة هو ما أخشاه.
الرئيس:
والله هذا الذي نخشاه.
الشيخ أحمد محمد جمال:
يا سيادة الرئيس.. ويا حضرات الأعضاء.. والحكم هنا مقيد قال: ولا يجوز إقامة الحفلات إذا اقترنت برقص وغناء وتبرج واختلاط. يعني ما هناك أي حرج ما أبغي أي محظور. لا ينبغي التوقف بهذه الصورة عند هذا الحكم.
الشيخ طه جابر العلواني:
التسمي بأسماء غير إسلامية: يجوز للمسلمين في البلاد التي تفرض حكوماتها على المسلمين التسمي بأسماء تختارها إذا خلت من شرك أو تبرك بما ينافي العقيدة الإسلامية أو تحريف لاسم معظم في الإسلام له حرمة. فإن لم يكن إلا ذلك، حمل الاسم المفروض عليه رسميا على أن يتخذ اسما آخر غيره ينادى به في بيته وبين خاصته.
الشيخ محمد عبده عمر:
يا سيدي لو سمحت في السؤال الذي قبل هذا أسجل تحفظي أنا متحفظ على هذه الإجابة.
الشيخ يوسف جيري:
بسم الله الرحمن الرحيم..
سيدي الرئيس بالنسبة لهذا السؤال الخامس عشر التسمي بأسماء غير إسلامية، الحقيقة أن مسألة الأسماء الإسلامية تحتاج إلى تعريف محدد وخاصة بالنسبة للبلاد التي الأسماء فيها غير عربية في الأصل، لأننا في الحقيقة في بلادنا نجابه بنوع من الوضع المؤسف حيث إننا نلاحظ من بعض الناس يدخلون الإسلام، نلاحظ أن اسمهم مثلا وعلى لغة من لغاتنا. وهذا يعني الشبل فنحن نطلب من هذا الشخص لحرمة الإسلام أن يرضى بأن يغير اسمه إلى اسم إسلامي. وهذا في أغلب الأحيان ما نلاقي فيها أية صعوبة. لكن إذا رجعنا إلى بلاد إخواننا العرب المسلمين نلاحظ أسماء ربما تكون مترجمة حرفية لهذه الأسماء مثل شبل مثل نمر وما شابه هذا، فلهذا لا أقول: إن هذه الأسماء العربية محرمة لم أقلها إنما أقول: إننا نحتاج إلى تعريف دقيق لما يسمى بالأسماء الإسلامية. شكرا سيدي الرئيس.
الرئيس:
هذا موجود عندكم في أمريكا يا شيخ طه؟
الشيخ طه جابر العلواني:
هذا في البرازيل ويوغوسلافيا موجود.
الرئيس:
يعني للمواطنين المسلمين الذين في تلك البلاد؟
الشيخ طه جابر العلواني:
نعم، وفي بلغاريا أيضا نجد فيها هذا.
الرئيس:
والله، إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، ماذا يعمل الناس طالما أنه هذا هو بلده زيادة على هذا مثلا في البرازيل في بلغاريا بلده وفرض عليه الشيء هذا فرضا وطالما أنكم جعلتم بديلا لاستعماله مع أي مسلم من أهل بيته وغيرهم. الذين ترون فيه الخير إن شاء الله.
الشيخ محمد عطا السيد:
أنا لا اعترض عليه.
الشيخ رجب التميمي:
الجواب صحيح.
الرئيس:
المهم سؤال: هل ترونه يمشي أو لا؟
مناقشون:
يمشي.... يمشي.
الشيخ إبراهيم بشير الغويل:
هل من المناسب مثل هذه الإجابة الآن والمسلمون في بلغاريا يواجهون ما يواجهون؟ هل من المناسب الآن أن يصدر عن المجمع مثل هذا الرأي؟
الرئيس:
لكم علاقة في بلغاريا يا شيخ طه؟
الشيخ طه جابر العلواني:
لا، لكن هذا ورد لنا وعرضناه عليكم.
الشيخ إبراهيم بشير الغويل:
أنا بأحكي على موضوع آخر، المؤتمر الإسلامي، وجهات عديدة تضغط الآن على بلغاريا لكي توقف عملية تغيير الأسماء، هناك ضغط من كافة الحكومات الإسلامية على بلغاريا.
الرئيس:
والله، أنا أقو لو يترك هذا السؤال كلية لأن الحقيقة هو أن المسألة لو صارت اختيارا لا شك أننا نؤكد أن الاسم يصير متمحضا في الإسلام متمحضا في العروبة متمحضا في حسن الاسم هذا لا إشكال، لكن في جنس هذا الظرف الحرج مسلمون يضطهدون في بلادهم ونروح نفتيهم في اسمهم. أنا إذا رأيتم تركه فهو أولى.
الشيخ رجب التميمي:
الأفضل تركه.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
بسم الله الرحمن الرحيم
…
فضيلة الرئيس
…
ومعالي الأمين العام. إنا لا أرى مسوغا لأن يصدر رأي إيجابي ولا سلبي في هذا الموضوع. أرى يترك، وأقول في هذه المناسبة: لا شك أنكم تعرفون أن من الفقهاء في المذاهب، المذهب الحنفي كثيرا ما يطرحون مسائل ويقولون هذه يمكن أن يفتى بها بكذا بالجواز، ولكن يفتى بصورة خاصة ولا يعلن.
الشيخ أحمد بازيع ياسين:
بهذه المناسبة أحب أبين معلومة لمجمعكم الموقر بأن في بعض البلاد الإسلامية المبشرون إذا تنصر المسلم يقولون له: لا تغير اسمك ابق على اسمك الإسلامي، محمد، أحمد، عبد الله، عبد الرحمن، ولكن على عقيدة النصارى وهذا من المكائد فيجب علينا أن ننتبه لهذا.
الرئيس:
عندكم شيء من هذا يا شيخ طه
…
إذن الخامس عشر يحذف.
الشيخ محمد عطا السيد:
ملحوظة أيضا بسيطة جدا لذكر الدكتور طه. أنا فقط أذكر ملحوظة لأنه توجد أسماء حتى في البلاد الغربية مشتركة بين الإسلام وبين المسيحية.
الرئيس:
لكن نحن حذفناها. رجائي يا شيخ نحن حذفناها.
الشيخ محمد عطا السيد:
أذكر طه فقط يا سيدي الرئيس إنما أذكره لعله إذا ما سئل في هذه المسألة أن يفتي بها، إنه فيه أسماء مثل زكريا مثلا، مثل مريم، مثل موسى مثلا، مثل هارون مثلا، فهذه الأسماء إذا سئل عنها ممكن يفتي بأنها تصير.
الشيخ طه جابر العلواني:
السادس عشر: النكاح بنية الطلاق: الأصل في الزواج الاستمرار والتأبيد وإقامة أسرة مستقرة ما لم يطرأ عليه ما ينهيه غير أن مجرد نية الفراق لا تؤثر في صحة انعقاد الزواج وترتيب آثاره الشرعية.
الرئيس:
هذا موصوف متعة. السؤال هذا فيه كلمة واحدة طبعا غير أن مجرد نية الفراق هل يكون التي أسرها الزوج في نفسه أو التي علمت الزوجة ولو لم تشترط في العقد، كأنه حديث سابق أو شيء من هذا القبيل.
الشيخ أحمد محمد جمال:
بسم الله الرحمن الرحيم..
أنا لي ملاحظة على هذه المسألة قدمتها لفضيلة الشيخ الحبيب ابن الخوجة ليعرضها على اللجنة قبل أن تبت. قلت: إن هذا سبق أن أفتى بها بعض العلماء عندنا في المملكة العربية السعودية، وكتبت فيها بحثا ودراسة مطولة وقلت: إنها نكاح متعة وإلى جانب أنها نكاح متعة هي نكاح خدعة لأن الزوج يكتم عن الزوجة أنه سيطلقها هكذا قالوا بشرط إخفاء النية عن الزوجة عن ولي أمرها، فهو نكاح متعة ونكاح خدعة أيضا واستدلت بما جاء في كتاب الحيل وفي كتاب الإيمان ((إنما الأعمال بالنيات)) وقلت: إن الله يؤاخذنا على النية حسابا وعقابا، فهذا نكاح متعة. طبعا البحث طويل فأرى أن ذلك نكاح متعة، ثم بعد ذلك وجدت أن الإمام الأوزاعي أمام أهل الشام يقول: إنه نكاح متعة بلا جدال، والفرق بين نكاح المتعة أن الزوج يجهر بنيته يتفق مع الزوجة على التأجيل وهذا يكتم النية فهذا أشد إثما لأن الذي يبين للزوجة أنه سيطلقها بعد فترة قد أوضح أمره لكن الذي يكتم نيته عنها وعن ولي أمرها فهو أشد إثما.
الرئيس:
يعني تبييتا للخداع.
الشيخ أحمد محمد جمال:
المهم أنا أقول: إن هذا نكاح متعة. على مذهب الإمام الأوزاعي من ناحية وأقول: إنه نكاح خدعة والبحث طويل عندي.
الرئيس:
على كل، الفتوى التي أشار إليها الشيخ أحمد، أنا أذكر أنه صار لها أعاصير شديدة والحقيقة أنه لا ينبغي أن يهول أمامنا وضع المسلمين في أمريكا. الذي يظهر أن هناك ثلة عظيمة فيهم خير وفيهم صلاح وفيهم تحمس وأنه يوجد لديهم من التقوى الشيء الكثير، ولهذا أذكر أنه من خلال تلك الفتوى التي أشار إليها الشيخ أحمد أتت رسائل لا عد لها ولا حصر وهي تلتهب باستنكار. وهم مجرد مسلمين ليسوا طلبة علم، وإنما استنكروا الفتوى ورأوا أن فيها فتحا للباب على مصرعيه. ولهذا فأنني لما تتبعت الأسئلة وعلمت مقارنة وإلا فإن في مذهب الحنابلة مقرر على أن تبييت النية إذا انتشرت في العقد لا شيء فيه لكن هذا بالنسبة للعبد الفقير، أنا لا أدين الله به ولا أعتقده ولا أقوله ولا أعرفه إنني أجبت عليه سائلًا فأنا أرى أن هذا السؤال يحذف بالكلية.
الشيخ طه جابر العلواني:
نحن هناك نفتي بل نحذر من مثل هذا النوع من الخدعة كما سماها الأستاذ جمال لكن حينما صدرت الفتوى هناك أثيرت القضية على نطاق واسع جدًّا وأصبحت حديث الطلبة والمشايخ والمساجد والصراع والتنديد إلى آخره. فهي في الحقيقة أعطت المسلمين سبيلًا كبيرًا، وفتحت عليهم باب فتنة، وأصبح ينظر إليهم وكأنهم اليهود الذين قالوا {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} فما دامت هذه أجنبية وما دمنا في بلاد الكفار فلنعمل ما نشتهي، أما بالنسبة لبلادنا فتكون لنا أخلاق أخرى فكانت حجة ضدنا من أفظع ما يمكن، لكننا في الوقت نفسه حينما نعرضها عليكم إنما كما قلت: نحن نريد الرأي الذي تتفقون عليه لنسكت هؤلاء المساكين الذين تثور الأعاصير عندهم في الفتاوى الفردية والجزئية التي لا يُعنى بدراستها ولا يؤخذ فيها لا ظرف الزمان والمكان ولا قضية الإنسان ولا المجتمعات ولا كيف تبني ولا غير هذا فالمرجو ملاحظة الأمور هذه كلها مجتمعة عندما نقول شيئًا لهؤلاء الناس.
الرئيس:
على كل يظهر من كلام الشيخ طه أنه لا يجوز ما أقول: لا يسوغ لكن لا يجوز لنا أن نعيد الفتوى مرة ثانية وإذا رأيتم أحد أمرين: إما أن نحذفه بالكلية أو نقول: الأصل في الزواج الاستمرار والتأبيد وإقامة أسرة مستقرة ما لم يطرأ عليها ما ينهيه ونقف عند ههنا. هل ترون هذا يحذف؟
الشيخ طه جابر العلواني:
نعم، نعم – السؤال السابع عشر: الاكتحال للمرأة، الاكتحال للرجال والنساء جائز شرعًا، أما نتف الحاجبين فيجوز إذا كان الشعر مشوهًا لخلقة المرأة.
الرئيس:
أولًا السؤال ليس شرعيًا لأنه لا أحد من المسلمين يشك في الاكتحال، في مشروعيته إلا إذا قلتم الاكتحال كونها تكتحل وتطلع للأجانب تراها ويرونها، شيء آخر.
الشيخ طه جابر العلواني:
تمام، هذا هو السؤال.
الرئيس:
لماذا لا توضحوا السؤال يا أخي؟
الشيخ طه جابر العلواني:
السؤال واضح، طال عمركم، السؤال من الجواب، قلنا اختصارا للأسئلة وللأجوبة فأنا ما أعطيت من أعطيت من السؤال إلا عنوانًا اخترناه بعبارة واحدة بناء على طلبكم وأوامركم، وما اخترنا من الجواب الأجوبة التي أعدها الشيخ قادي مجلد.
الرئيس:
لا. لا. قصدي السؤال فقط.
الشيخ طه جابر العلواني:
سيدي كل سؤال بخمسة أو ستة أسطر تقريبًا من هذه مشروح ومبين ولكن أنا لم آت إلا العنوانين كما طلبتم قلتم لي: اختصر وأتنا بالعنوان وبالحكم فقط.
الرئيس:
لكن في الصياغة الأخيرة هل ستعيدون صياغة السؤال أو هي كذا؟
الشيخ طه جابر العلواني:
طبيعي ما أعلنا من البداية سنعيد العلة والدليل.
الرئيس:
خلاص، الثامن عشر.
الشيخ طه جابر العلواني:
ماشي هذا؟
الرئيس:
ماشي والله أنا أرى ما هو فيه شيء.. ترون فيه شيئًا يا مشايخ؟
الشيخ طه جابر العلواني:
السؤال الثامن عشر: المصافحة بين الرجال والنساء: مصافحة الرجل المرأة.
الرئيس:
أريد أن أسأل سؤالا يا شيخ. لما سألتم عن الاكتحال فيه أحد أثار الاكتحال يقول: ما هو حكمه؟
الشيخ محمد سالم بن عبد الودود:
هم يقولون هذه المرأة إذا اكتحلت وزججت حاجبها أو زادت بعض التصليحات هل تدخل الجامعة أو لا؟
الشيخ مصطفى الزرقاء:
لو سمحت سيدي الرئيس بالنسبة لصيغة الجواب يعني أنا لا أرى أن يقال بهذا الشكل بل ينبغي أن يقال في صلب الجواب: نتف شيء منه، لأن هناك عادة.
الرئيس:
هذا طيب جزيت خيرا يا شيخ.
الشيخ رجب التميمي:
سيدي الرئيس أنا لي كلمة في هذا الموضوع. هذا السؤال مجمل الاكتحال للمرأة جائز في بيتها. أما أن تخرج إلى الشارع وتبدي الزينة وتبدي الاكتحال فهذا أمر ممنوع. أما الاكتحال في البيت لا شيء فيه، أما أن تتكحل والكحل الآن يا فضيلة الأستاذ ليس كحلا مثل الكحل العادي تضع عدة أصناف على العيون مع الكحل وتخرج إلى الشارع.
الشيخ طه جابر العلواني:
الشيخ تميمي لو لم يدخل في الموضوع سنثير موضوع اللحية، حلق اللحية بالنسبة للرجل.
الأمين العام:
السؤال على غير الكحل غير وارد.
الرئيس:
ماذا تقول يا شيخ طه؟
الشيخ طه جابر العلواني:
بعد ذلك سيجيء سؤال حول حلق اللحية بالنسبة للرجل فأرجو الشيخ تميمي أن يفتي في هذا.
الرئيس:
والله، العهدة عليك، أنت المفروض أنك سألت عنه. وفي الواقع بهذه المناسبة أرجو من أصحاب الفضيلة أن تتسع صدورهم شيئا، ولو أن الشيخ طه لم يثر هذا الموضوع ما أثرته. الحقيقة أنا أحب أن أقول كلمة مع اعتذاري البالغ من أصحاب الفضيلة. الحقيقة أن الإنسان العاقل لا يعمل شيئا إلا أنه يعرف أن فيه مصلحة، هذا على طول الخط شيء معروف، المسلم لا يقدم قدما ويؤخر إلا إذا عرف هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
ففي الحقيقة حلق اللحية عقلا ماذا المعنى منه؟ واحد يسلمها كل صباح ما هو المعني؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((أعفوا اللحى، وفروا اللحى، أرخوا اللحى)) ، الأحاديث متكاثرة في هذا عن خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. والذي عليه المحققون هو وجوب توفير اللحية، وأقل الأقوال فيها هو السنية والاستحباب، والذي عليه جماهير أهل العلم والمحققين هو وجوب إعفائها لأن الأوامر صحيحة صريحة وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل صحابته رضي الله تعالى عنهم.
ففي الحقيقة أنه بالنسبة لمجمعنا هذا ونحن الرجال نفتي ونوقع عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، فإنه أنا أهيب بإخوتي لأن كل واحد منا مكمل للآخر والنصيحة متعينة فيما بيننا، فإنه ينبغي أن نظهر بالمظهر الذي نأمل فيه رضوان الله سبحانه وتعالى علينا وأن يكون لنا صفة. لا قصدي أننا نحن نظهر بها أمام الناس، ولكن أن ندل على الله بهدينا قبل أن ندل عليه بأقوالنا وفتاوينا. وشكرا. السؤال الثامن عشر يا شيخ.
الشيخ محمد عطا السيد:
سيدي الرئيس. أنا في نفسي شيء في الجزء الثاني أخذ شيء من الحاجبين فيجوز. أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما نهى عن هذه المسألة قال: ماذا يلفت النظر؟ هل هي تفعل ذلك عبثا؟ إن كانت تفعل ذلك لا تفعلن ذلك بغية التجمل.
الرئيس:
أحسنت إذن الجواب واضح من كلامك يا شيخ. هن يفعلن هذا بغية التجمل على ما يردنه من التجمل لكن لم يزلنه لأنه مشوه فهنا قيل لأنه مشوه.
أريد أسألك سؤالا يا شيخ، الآن الإنسان إذا صار له سن زائدة، الإنسان فوق 16 وأسفل وصار فيه 17 يغير خلق الله، إذا صار للمرأة يعني في وجهها شعر لها لحية شيء من هذا القبيل يعني أظن الموضوع ما فيه شيء.
الشيخ محمد عطا السيد:
حتى يفتح المجال لكل امرأة أنها تظن بأن وضع حاجبيها وضع غير جميل ولذلك إذا أفتينا بهذه الفتيا.
الرئيس:
مشوه إذا كان مشوها لخلقه المرأة.
الشيخ محمد عطا السيد:
إذا كان مشوها لخلقة المرأة هذا من باب الضرورة لا شك. لكن أنا ما زلت أعتقد أن هذه الصياغة نفسها، أنا ضد. أما نتف شيء من الحاجبين فيجوز.
الشيخ على السالوس:
نأتي بالتحريم أولا ثم بعد ذلك الاستثناء، يعني المنع أولا ثم نقول الاستثناء.
الرئيس:
هذا طيب، يقال: أما نتف شيء من الحاجبين فلا يجوز إلا إذا كان الشعر مشوها لخلقه المرأة.
الشيخ محمد عطا السيد:
ممكن نقول: إلا للضرورة.
الشيخ أحمد محمد جمال:
أقول هذا الموجود في النص: أما نتف شعر الحاجبين فيجوز إذا كان الشعر مشوها لخلقة المرأة.
الرئيس:
نقول: فلا يجوز إلا إذا كان.. هذا طيب. جزاك الله خير يا شيخ عطا.
الشيخ طه جابر العلواني:
بارك الله فيك. السؤال الثامن عشر: المصافحة بين الرجال والنساء:
مصافحة الرجل المرأة الأجنبية البالغة بغير حائل ممنوعة شرعا.
الرئيس:
هذا الجواب ماشي لكن من أين أتيتم من غير حائل؟
الشيخ محيي الدين قادي:
قال بهذا من فقهاء المالكية وهو الشيخ يوسف الصفتي والخرشي أيضا، كل واحد منهما نقل، قال بغير حائل، لكن لم ينص على أنها بالحائل جائزة. في المذهب الشافعي وفي حاشية الشيخ سليمان الجمل على شرح المنهج قال: إن المصافحة.. بعد كلام طويل خلص إلى أن مصافحة الرجل للمرأة بحائل جائزة. الأصل في ذلك أنا بقيت متوقفا، الأصل في ذلك أن الحديث الذي رواه الإمام البخاري فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:((لا أصافح النساء)) وفيها أنه صافح النساء ويده في ثوبه، الروايات في البخاري كلها الذين قالوا هذا من الشافعية اعتمدوا على هذه الرواية. والأمر مطروح.
الرئيس:
قصدك الحديث الذي في البخاري في حديث البيعة، لا أبدأ. هذا ليس هو، الذي في حديث البيعة أنه كان يمد يده بدون مصافحة، هذا واضح لكن أنت غاب عنك النص.
الشيخ محيي الدين قادي:
وهناك رواية أخرى لابن حجر.
الرئيس:
لا، لا، ليس فيه روايات.
الشيخ وهبة الزحيلي:
موجودة يا سيدي هذا دليل الشافعية.
الرئيس:
نص الرواية ما هو؟
الشيخ محيي الدين قادي:
على أنه كان يصافح النساء وفي يده ثوبه.
الرئيس:
الآن حديث البيعة الصحيح ((أنا لا أصافح النساء ما قولي لامرأة ألا كقولي لمائة امرأة)) تقول: إنه يصافحها.
الشيخ محمد سالم عبد الودود:
طرح التدريب قول لابن ولي الدين العراقي ابن شرعة نص على بطلان تلك الروايات التي تذكر أن عمر كان يصافحهن وأنهن يغمسن أيدهن في ماء ويغمس الرسول يده فيها وكذا هذا من عندي أن الحديث نص هذا الحديث ((أنا لا أصافح النساء وإنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة)) .
الرئيس:
الشيخ محمد حامد رحمه الله تعالى له رسالة منشورة لا بد أنكم اطلعتم عليها ورأيتموها، الحقيقة حرر فيها الروايات وجمع فيها ألفاظ السنن ويتأكد الموضوع في حرمة مصافحة المرأة الأجنبية فأنا أرى أنه يقال: مصافحة الرجل المرأة الأجنبية البالغة ممنوع شرعا فقط ويترك الباقي، المهم: بغير حائل، تحذف يا شيخ طه إذا وضعت حائل تسأل في ذلك الوقت. السؤال التاسع عشر.
الشيخ طه جابر العلواني:
السؤال التاسع عشر: الصلاة في الكنائس، استئجار الكنائس للصلاة لا مانع عند الحاجة وتجنب الصلاة إلى التماثيل والصور وتستر بحائل إذا كانت باتجاه القبلة.
السؤال العشرون: ذبائح الكتابيين جائزة شرعًا إذا ذكيت بالطريقة المقبولة شرعًا ولم يذكر غير اسم الله عليها، ويوصي المجمع بدارسة متعمقة للموضوع في دورة قادمة.
الشيخ محمد عبده عمر:
السؤال الأول: لو سمحت يا سيادة الرئيس، هذا السؤال التاسع عشر ما الداعي إلى استئجار الكنائس للصالة، ممكن نستأجر إن كان ولا بد مكانًا ليس كنيسة، بيتًا أو مصلى، لكن ما الحاجة إلى أن نستأجر أيضًا مكان كنيسة، إذا كان لا بد من الاستئجار نستأجر مكانًا آخر أنزه وأبعد من الشبهة من الكنيسة.
الرئيس:
ما هو الذي يدعو يا شيخ إلى استئجار الكنيسة، الشيخ طه؟
الشيخ طه جابر العلواني:
الذي يدعو عدم وجود أماكن أن الكنائس، غالبًا تتبرع الكنيسة لأداء الصلاة، فيها قاعات مناسبة لأداء الصلاة فإن وجدوا أماكن في الجامعات استأجروا تلك الأماكن أو استأذنوا الكلية أو الجامعة فيها المكان المخصص وإلا إذا كان يوجد مكان في الكنيسة صلوا فيه.
الرئيس:
طالما أنه قيل عند الحاجة فعلى كل الذي ترون فيه الخير، هل ترون يمشي الجواب لا؟
السيخ محمد عبده عمر:
أنا متحفظ.
الشيخ رجب التميمي:
أرى أن تشطب كلمة استئجار الصلاة في كذا، يعني نعطي المسلمين الحق أو الجواز أن يستأجروا وهذا لا يجوز.
الرئيس:
فيه سؤال يا شيخ طه أنا بدا لي شيء آخر، ما هو الداعي للاستئجار، لأجل ماذا؟
الشيخ طه جابر العلواني:
صلاة الجمعة.
الرئيس:
لا يصلون الجمعة يا أخي.
الشيخ طه جابر العلواني:
لا يصلون الجمعة!! هو هذه الرابطة الوحيدة بينهم التي نستطيع أن نجمعهم فيها ونجعلهم يلتقون مع بعض ويتذكرون بأنهم مسلمون والحمد لله ويخطب لهم ويوعظون وينصحون إلى آخره فلو فرطنا هذا العقد يصبح من المتعذر.
الرئيس:
يعني لا لأجل إقامة صلاة الجمعة؟
الشيخ طه جابر العلواني:
يعني هي الجمعة حقيقة وسيلة باعتبار ذهن المسلم.
الرئيس:
شوف يا شيخ، إذا كانت لأجل إقامة صلاة الجمعة أو لأجل إقامة صلاة جماعة أو لأجل إقامة صلاة جمعة فأنا لا أشك أنه لا يكلف الله عباده إذا لم يجدوا مكانًا أن يستأجروا مكانًا يصلون فيه لكن إذا كان فيه مصالح بالنسبة لهذه البلدان مثل ما تفضلت لربط المسلمين لربط الشباب، لجمعهم، لتذكيرهم، لتحقيق لقاء بينهم، هذا لا شك يعطي..
الشيخ طه جابر العلواني:
شيخنا ابن باز حفظه الله ورعاه أرسل لنا فتوى مكتوبة موقعة من عنده بأن لا شيء في هذا لو عرض فيها لأدلة كثيرة من آثار ومن بعض الأحاديث الموقوفة.
الرئيس:
الآثار كثيرة يا شيخ في عمل الصحابة رضي الله تعالى عنهم في صلاة الكنيسة، لكن المسألة مسألة استئجار، أنا أقول إذا كان الاستئجار لأجل الصلاة فقط، فهذا يعني لنا جواب وتعرض المسألة من هذه الناحية أما إذا كان الاستئجار هو بالنسبة لهذه البلاد ليس هناك ملتقى يلتقي فيه المسلمون ويجتمعون ويجري وعظهم وتذكيرهم وتبصيرهم في دينهم فعلى كل يظهر لي أن الجواب ماشي.
الشيخ محمد عطا السيد:
أوافق على النقطة الثانية التي ذكرتها أنه إذا كان للصلاة لا داعي واجب أن أؤكد مرة ثانية أنه ليست هنالك الآن في الولايات المتحدة أية حاجة تدعو إلى هذه المسائل إطلاقًا، وكيف يا سيدي الرئيس، نحن إذا مررنا بكنيسة للنصارى وخاصة أن فيها تماثيل نتعوذ ونحمد الله سبحانه وتعالى الذي هدانا وهدى أبناءنا فكيف نصل إلى الدرجة التي نسمح فيها لأبناءنا أن يدخلوا كنيسة ويغطوا التماثيل لكي يصلوا وليس هنالك حاجة ولذلك أرى يا سيدي الرئيس أبدًا ليس هنالك داع.
الشيخ طه جابر العلواني:
يبدو لي سيادة الرئيس أن الدكتور عطا لطول إقامته في السودان نسي أمريكا ونسي طول الفترة التي قضاها هناك وأصبح يعتقد أن أمريكا هي السودان وبلد مسلمين وأتمنى من الله لو حدث هذا.
الشيخ محمد عطا السيد:
ما أتذكر مرة واحدة أننا اضطررنا إلى استئجار كنيسة قط وصلينا العيد خمسمائة نسمة.
الشيخ طه جابر العلواني:
هذه يا سيد عطا لا افترضناها افتراضًا ولا جئنا لنزعج الأدمغة المباركة فيها وإنما أتينا بها لأنها تعرض علينا ويطلب منا جواب.
الشيخ عبد الله إبراهيم:
شكرًا فضيلة الرئيس.. مع الأخذ في الاعتبار الضرورة فإني أرى أن استئجار الكنيسة للصلاة أو مثلها أرى أن فيه مكسبًا للإسلام، فإننا يمكن أن نقيم شعائرنا ثم نرفع صوت الإسلام صوت الأذان من على الكنيسة بدل أن نترك لهم يدقون الأجراس. والله أعلم.
الرئيس:
شكرًا. لكن لاحظ يا شيخ طه أن الجواب قال: استئجار الكنائس للصلاة فيظهر أن السؤال إنما ورد عن الصلاة ذاتها، لكن هل في السؤال التبريرات التي ذكرت؟
الشيخ طه جابر العلواني:
قلنا: إنه لا يجد المسلمون سواها وتؤجر لهم بمبالغ زهيدة جدًا وأحيانًا تقدم تبرعًا تقدمها الكنيسة.
الرئيس:
لا. لا. قصدي ما هو أنه لا يجد المسلمون سواها وأنهم يتبرعون لكن أنا قصدي الأغراض التي أشرت إليها.
الشيخ طه جابر العلواني:
أنا أحب أن أقول لأخ الشيخ عطا إنه للآن في واشنطن العاصمة وحتى معظم السفارات العربية والإسلامية تحيط بها يؤدي المسلمون صلاة الجمعة في دور أرضي في كنيسة، وفي كنيسة جورج واشنطن في الجامعة واشنطن ديسي.
الشيخ رجب التميمي:
الواقع أنه للمسلمين مساجدهم، وللنصارى كنائسهم يقيمون صلاتهم وشعائرهم، نحن نستطيع في أمريكا أن نأخذ قاعة أو ناديًا نصلي فيه. أما في الكنيسة هذا أمر يكون له سابقة خطيرة، لأننا نعظم الكنيسة بصلاتنا فيها، وهذا أمر محظور، صلاة المسلم في الكنيسة لا شيء فيه أما أن نستأجرها لنقيم صلاة جماعة أو صلاة جمعة هذا أمر محظور شرعًا أما واشنطن ففيها مسجد وأنا صليت فيه جماعة وخطبت في المسجد وصليت الجمعة فيه في واشنطن بالذات، أما أن نتخذ الوسيلة مكانًا لأن الصلاة عبادة نتخذها للعبادة لا يجوز أن يتخذ مكان العبادة مكانًا للازدواج بين عبادتين، ولا بين دينين، نحن مسلمون ومكان عبادتنا المسجد، الكنيسة للنصارى والكنس لليهود غدًا تقول: أود أستأجر كنيسًا يهوديًا تعطي الوسيلة لليهود لتخلص عيشتنا، الآن المسجد الإبراهيمي في الخليل ثلاثة أرباعه اتخذه اليهود كنيسًا وقمنا وقاومنا وقلنا: لا يجوز ازدواج العبادة في المساجد وللمسيحيون كنائسهم ولليهود كنسهم وللمسلمين مساجدهم.
الشيخ طه جابر العلواني:
إذا تسمح لي أن أحببتم تسحب السؤال وتكفينا فتوى الشيخ عبد العزيز ابن باز حفظه الله والإمام الخوري.
الرئيس:
يا شيخ طه نرجيه وأعطونا السؤال العشرون.
الشيخ طه جابر العلواني:
العشرون: ذبائح الكتابيين جائزة شرعًا إذا ذكيت بالطريقة المقبولة شرعًا لم يذكر غير اسم الله عليها ويوصي المجمع بدراسة متعمقة للموضوع في دورة قادمة.
الشيخ خليل الميس:
إعادة صياغة فقط يعني ذبائح الكتابيين جائزة شرعًا إذا استوفيت الشرائط.
الشيخ طه جابر العلواني:
نحن قلنا: إذا ذكيت يا شيخ خليل، الله يحفظك.
الأمين العام:
نقطة فنية فقط. السؤال العشرون ذبائح الكتابيين جائزة شرعًا إذا ذكيت بالطريقة المقبولة شرعًا لديهم، ولكن قولكم: ويوصي المجمع بدارسة معمقة، ليس هذا مكانه لأن قضية التوصيات سوف تكون وحدها وقضية القرارات تكون وحدها فأنا أفضل أن نترك قضية التوصيات، وشكرًا.
الشيخ طه جابر العلواني:
أصر إخواني في اللجنة على وضع هذا.
الأمين العام:
خلاص أنا فقط بينت الوجه التنظيمي.
الرئيس:
هو يعني لا يخفاكم أن المسألة حاصل بها بحوث ولا يخفاكم خلافات وفيها أخذ وفيها رد وفيها الشيء الكثير.
الشيخ طه جابر العلواني:
السؤال الحادي والعشرون: في حضور حفلات تقدم فيها الخمور لا ينبغي للمسلم أو المسلمة حضور مجالس المعاصي والمنكرات.
الرئيس:
فقط لا ينبغي!! لا يجوز، لا يجوز للمسلم أوالمسلمة حضور مجالس المعاصي والمنكرات {فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} .
الشيخ طه جابر العلواني:
تفضلون: يحرم مثلًا؟
الرئيس:
لا يجوز.
الشيخ طه جابر العلواني:
سيادة الرئيس، أنا لا يهمني شيء من هذه الأسئلة الحمد لله لا أقارف شيئًا من هذه الأمور، هذه أمور تهم غيري.
السؤال الثاني والعشرون: في تقدير الوقت للصوم والإفطار: إن الإفطار التي فيها نهار متميز ولو طويلًا وليل متميز ولو قصيرًا فلكل منهما حكمه في العبادات ومنها الصلاة والصيام، وعلى كل مسلم أن يعقد نية الصيام ليلًا فإن تعرض لخطر على حياته أو صحته جاز له الفطر ووجب عليه القضاء.
الرئيس:
والله يا مشايخ أنا أحب أن أقول لكم إن السؤال هذا سبق أن درس في مجمع الفقه الإسلامي مرتين في مكة. وصدر قرار ينقض قرارًا. وأذكر أن أحد القرارين لا أدري الأول أو الأخير لأني كنت متوقفًا في القرار، أحد القرارين الأول أو الأخير، على ما بلغنا وإلا أنا لم أر شيئًا جاءت استفساراته يقارن هذا يتعذر تنفيذه وهذا يتعذر تطبيقه وشيء من هذا القبيل فالمهم أنهم وصل لهم القرار الأخير بعد القرار الأخير ما أدري ماذا تم. فأنا هل ترون قرار مجمع مكة هل وصلكم أم لا؟
الشيخ طه جابر العلواني:
لا!
الرئيس:
لأن نفس اللجنة التي جاءتنا هي من أمريكا من عندكم، أليس من عندكم؟
الشيخ طه جابر العلواني:
لا!
الأمين العام:
فيه فتاوى كثيرة بعكس هذا، واعتمد الفقهاء أوجهًا أخرى وقالوا: يقاس على المحل الأقرب اعتدالًا، ومنهم من قال بأنه يفتى بالصوم والفطر على مكة أو على المدينة وهناك من قال يعتمد الخط العرض 45 أو 48، بحيث القضية وقع فيها تداول النظر بين جمهور من الفقهاء قديمًا وحديثًا، حتى في بعض الفتاوى التي صدرت، في الفتاوى الهندية أشير إلى شيء من ذلك. فأنا أتوقف لا بأس بإعادة النظر في هذا الموضوع فيه تنفير للناس.
الرئيس:
على كل قرار مجمع مكة موجود هل تحبون نقرأه؟ أو أنا في الحقيقة، أنا بدون مؤاخذة أعرف أن الموضوع ما رايح ينتهي بهذه البساطة أمامنا هذا الرأي، وأمامنا قرار مجمع مكة، يعني المسألة تتطلب شيئًا من التروي فأنا أقول: طالما فيه قرار من مجمع مكة وأذكر للشيخ طه أن القرار الثاني هو بعد هذا، فطالما أن فيه قرارًا فهو الآن يعالج الوضع بصفة حاضرة، ويكفي لما نكاثر القرارات على جهة يتضاربون ونبلبل أفكارهم.
الشيخ أحمد محمد جمال:
إذا سمحت ما هو قرار مجمع مكة؟
الرئيس:
والله يا شيخ القرار الأول هنا والقرار الثاني صدر في الدورة الماضية هذه.
الشيخ أحمد محمد جمال:
نريد أن نسمعه.
الرئيس:
ليس موجودًا عندنا القرار الأول موجود هنا.
الأمين العام:
أنا أقرأ عليكم ملخص القرار الأول: تنقسم الجهات التي تقع على خطوط العرض ذات الدرجات العالية إلى ثلاث:
الأولى: تلك التي يستمر فيها الليل أو النهار أربعًا وعشرين ساعة فأكثر بحسب اختلاف فصول السنة، ففي هذه الحال تقدر مواقيت الصلاة والصيام وغيرهما في تلك الجهات على حسب أقرب الجهات إليها مما يكون فيها ليل ونهار متمايزان في ظرف أربع وعشرين ساعة.
الثانية: البلاد التي لا يغيب فيها شفق الغروب حتى يقع الفجر بحيث لا يتميز شفق الشروق من شفق الغروب، ففي هذه الجهات يقدر وقت العشاء الآخرة والإمساك في الصوم وقت صلاة الفجر بحسب آخر فترة يتمايز فيها الشفقان.
الثالثة: تلك التي يظهر فيها الليل والنهار خلال أربع وعشرين ساعة وتتمايز فيها الأوقات إلا أن الليل يطول فيها فترة من السنة طولًا مفرطًا ويطول النهار في فترة أخرى طولًا مفرطًا. ومن كان يقيم في بلاد يتمايز فيها الليل من النهار بطلوع الفجر وغروب الشمس إلا أن نهارها يطول جدًا في الصيف ويقصر في الشتاء وجب عليه أن يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة شرعًا لعموم قوله تعالى {أَقِمِ الصَّلَاةَ} وقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} ولما ثبت عن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلًا سأله عن وقت الصلاة ثم إلى غير ذلك من الأحاديث، هذا بالنسبة لتحديد أوقات صلاتهم، وأما بالنسبة لتحديد أوقات صيامهم شهر رمضان، فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم ما دام النهار يتمايز في بلادهم من الليل وكان مجموع زمانهما أربعًا وعشرين ساعة ويحل لهم الطعام والشراب والجماع ونحوه في ليلهم فقط وإن كان قصيرًا؛ فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد قال تعالى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} .
ومن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله أو علم بالأمارات أو التجربة أو إخبار طبيب أمين حاذق أو غلب على ظنه أن الصوم يفضي إلى مرضه مرضًا شديدًا أو يفضي إلى زيادة مرضه إلى آخره، تمكن فيه القضاء قال تعالى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} هذا خلاصة ما جاء في القرار الأول.
الرئيس:
ثم جاء بعده قرار فيه نوع اختلاف مع هذا.
الشيخ عبد الستار أبو غدة:
أقترح تأجيل هذا البحث لأن هذه الفتوى تحتاج إلى كتابة أبحاث فيها.
الرئيس:
على كل أنا أقول تؤجل فهل ترون تأجيلها؟ الثالث والعشرون.
الشيخ طه جابر العلواني:
في توحيد الشهور القمرية: قال فيه يؤخذ فيه بقرار المجمع.
الرابع والعشرون: يجوز للمسلم العمل المباح شرعًا في دوائر ومؤسسات حكومات غير إسلامية إذا لم يؤد عمله ذلك إلى إلحاق ضرر بالمسلمين أو كان فيما ينفعهم.
الرئيس:
يا شيخ طه إذا رأيتم أنه: يقول ومؤسسات حكومية غير إسلامية.
إذا لم يؤد عمله ذلك إلى إلحاق ضرر بالمسلمين، يعني معناه من باب أولى إذا كان فيه ما ينفعهم، فتحذف هذه.
الشيخ طه جابر العلواني:
الخامس والعشرون والسابع والعشرون: لا يجوز للمسلم تصميم أو بناء معابد الكفار أو الإسهام في ذلك ماليًا أو فعليًا.
السؤال السادس والعشرون: للزوجة والأولاد غير القادرين على الكسب أن يأكلوا للضرورة من كسب الزوج المحرم شرعًا كبيع الخمر والخنزير وغيرهما.
الشيخ محمد عبده عمر:
بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
سيدي الرئيس بالنسبة للسؤال السابق المتعلق بصلاة المسلمين بالكنائس أو استئجار المسلمين للصلاة في هذه الكنائس إذا كان مجمعكم الموقر يجيز هذه المسألة فإني متحفظ وعللت بالنسبة لاستئجار الكنائس والصلاة فيها، لأنه طالما المسلمون يملكون إيجارًا ويملكون نقودًا ممكن يستأجرون مكانًا آخر ناديًا كما قال الشيخ التميمي، ناديًا أو بيتًا أو أي مكان آخر لا شبهة فيه فيصلون فيه لكن دفع إيجار.
الرئيس:
أصلًا هذه يا شيخ، أوقفت، وطالما أنها أوقفت انتهينا منها.
الشيخ محمد عبده عمر:
أوقفت. شكرًا.
الشيخ طه جابر العلواني:
عفوًا باقي الثامن والعشرون كأن الورقة لم تصور لأصحاب الفضيلة.
الرئيس:
فعلًا هي ثمانية وعشرون سؤالًا باقي سؤالان.
الشيخ طه جابر العلواني:
لا باقي سؤال واحد عفوًا لأنه أخذنا الخامس والعشرين والسابع والعشرين معًا ثم أتينا بالسادس والعشرين بقي الثامن والعشرون والسؤال: ما حكم شراء منزل السكنى وسيارة الاستعمال الشخصي وأثاث المنزل بواسطة البنوك، والمؤسسات التي تفرض ربحًا محددًا على تلك القروض لقاء رهن تلك الأصول، علمًا بأنه في حالة البيوت والسيارات والأثاث عمومًا يعتبر البديل عن البيع هو الإيجار بقسط شهري يزيد عن قسط الشراء في بعض الأحيان الذي يستوفيه البنك وقد أجابت اللجنة أعدت اللجنة على هذا السؤال جوابًا بعدم الجواز.
الرئيس:
هذا صحيح، جزاكم الله خيرًا وهو الذي اتفق عليه الباحثون كلهم، الباحثون الأربعة وبهذا تنتهي الجلسة وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الشيخ وهبة الزحيلي:
ألا يجب أن نعود إلى الأسئلة الأولى التي أرجئت؟
الرئيس:
لا! ما عندنا استعداد، الأول والثاني والتي كتبنا عليها ترجى، ترجى لأنه والحمد لله حصل الذي فيه الخير إن شاء الله.
الأمين العام:
أصحاب الفضيلة بعد شكركم على تجشمكم الأتعاب الكثيرة في دراسة هذه القضايا التي عرضت عليكم فإني أريد أن أذكركم بأن الجلسة الصباحية غدًا هي جلسة مغلقة لا يشهدها إلا الأعضاء العاملون، وشكرًا. الساعة الثامنة والنصف كالعادة.
الأجوبة التي صادق عليها المجمع
بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ما أقره المجمع من أجوبة على الاستفسارات (1)
السؤال الثالث:
ما حكم زواج المسلمة بغير المسلم خاصة إذا طمعت في إسلامه بعد الزواج حيث تدَّعي مسلمات كثيرات أنه لا يتوفر لهن الأكفاء من المسلمين في غالب الأحيان، وأنهن مهددات بالانحراف أو يعشن في وضع شديد الحرج؟
الجواب:
زواج المسلمة بغير المسلم ممنوع شرعًا بالكتاب والسنة والإجماع، وإذا وقع فهو باطل، ولا تتربت عليه الآثار الشرعية المترتبة على النكاح، والأولاد المولودون عن هذا الزواج أولاد غير شرعيين، ورجاء إسلام الرجال لا يغير من هذا الحكم شيئًا.
السؤال الرابع:
ما حكم استمرار الزوجية والمعاشرة بين زوجة دخلت الإسلام وبقي زوجها على الكفر ولها منه أولاد تخشى عليهم الضياع والانحراف، ولها طمع في أن يهتدي زوجها إلى الإسلام لو استمرت العلاقة الزوجية بينها وبينه؟
وما الحكم فيما إذا لم يكن هناك طمع في إسلامه، ولكنه يحسن معاشرتها وتخشى لو تركته ألا تعثر على زوج مسلم؟
الجواب:
بمجرد إسلام المرأة وأبى الزوج الإسلام ينفسخ نكاحهما، فلا تحل معاشرته لها، ولكنها تنتظر مدة العدة فإن أسلم خلالها عادت إليه بعقدها السابق.
أما إذا انقضت عدتها ولم يسلم فقد انقطع ما بينهما فإن أسلم –بعد ذلك- ورغب العودة إلى زواجهما عاد بعقد جديد. ولا تأثير لما يسمى بحسن المعاشرة في إباحة استمرار الزوجية.
(1) أرجئ اتخاذ القرار بالنسبة للأسئلة 1، 2، 7، 15، 22
السؤال الخامس:
ما حكم دفن المسلم في مقابر غير المسلمين، حيث لا يسمح للدفن خارج المقابر المعدة لذلك ولا توجد مقابر خاصة بالمسلمين في معظم الولايات الأمريكية والأقطار الأوروبية؟
الجواب:
أن دفن المسلم في مقابر غير المسلمين في بلاد غير إسلامية جائز للضرورة.
السؤال السادس:
ما حكم بيع المسجد "إذا انتقل المسلمون عن المنطقة التي هو فيها وخيف تلفه أو الاستيلاء عليه" فكثيرًا ما يشتري المسلمون منزلًا ويحولونه مسجدًا فإذا انتقلت غالبية المسلمين من المنطقة لظروف العمل هجر المسجد أو أهمل، وقد يستولي عليه آخرون، ومن الممكن بيعه واستبداله بمسجد يؤسس في مكان فيه مسلمون، فما حكم هذا البيع أو الاستبدال؟ وإذا لم تتيسر فرصة استبداله بمسجد آخر فما أقرب الوجوه التي يجوز صرف ثمن المسجد فيها؟
الجواب:
يجوز بيع المسجد الذي تعطل الانتفاع به، أو هجر المسلمون المكان الذي هو فيه أو خيف استيلاء الكفار عليه، على أن يُشترى بثمنه مكان آخر يتخذ مسجدًا.
السؤال الثامن:
بعض النساء أو الفتيات تضطر من ظروف العمل أو الدراسة إلى الإقامة بمفردهن، أو مع نسوة غير مسلمات، فما حكم هذه الإقامة؟
الجواب:
لا يجوز للمرأة المسلمة أن تقيم وحدها شرعًا في بلاد الغربة.
السؤال التاسع:
كثيرات من النساء هنا، يذكرن أن أقصى ما بإمكانهن ستره من أجسادهن هو ما عدا الوجه والكفين، وبعضهن تمنعهن جهات العمل من ستر رؤوسهن فما أقصى ما يمكن السماح بكشفه من أجزاء جسم المرأة بين الأجانب في محلات العمل أو الدراسة؟
الجواب:
أن حجاب المرأة المسلمة –عند جمهور العلماء- ستر جميع بدنها عدا الوجه والكفين إذا لم تخش فتنة، فإن خيفت فتنة يجب سترهما أيضًا.
السؤال العاشر والحادي عشر:
يضطر الكثير من الطلاب المسلمين إلى العمل في هذه البلاد لتغطية نفقات الدراسة والمعيشة لأن كثيرًا منهم لا يكفيه ما يرده من ذويه مما يجعل العمل ضرورة له لا يمكن أن يعيش بدونه، وكثيرًا من لا يجد عملًا إلا في مطاعم تبيع الخمور أو تقدم وجبات فيها لحم خنزير وغيره من المحرمات بحكم عمله في هذه المحلات؟
وما حكم بيع المسلم للخمور والخنازير، أو صناعة الخمور وبيعها لغير المسلمين؟ علمًا بأن بعض المسلمين في هذه البلدان قد اتخذوا من ذلك حرفة لهم.
الجواب:
للمسلم إذا لم يجد عملًا مباحًا شرعًا العمل في مطاعم الكفار بشرط أن لا يباشر بنفسه سقي الخمر أو حملها أو صناعتها أو الاتجار بها، وكذلك الحال بالنسبة لتقديم لحوم الخنازير ونحوها من المحرمات.
السؤال الثاني عشر:
هناك كثير من الأدوية تحوي كميات مختلفة من الكحول تتراوح بين 1 % و25 % ومعظم هذه الأدوية من أدوية الزكام واحتقان الحنجرة والسعال وغيرها من الأمراض السائدة، وتمثل هذه الأدوية الحاوية للكحول ما يقارب 95 % من الأدوية في هذا المجال مما يجعل الحصول على الأدوية الخالية من الكحول عملية صعبة أو متعذرة، فما حكم تناول هذه الأدوية؟
الجواب:
للمريض المسلم تناول الأدوية المشتملة على نسبة من الكحول إذا لم يتيسر دواء خالٍ منها، ووصف ذلك الدواء طبيب ثقة أمين في مهنته.
السؤال الثالث عشر:
هناك الخمائر والجلاتين توجد فيها عناصر مستخلصة من الخنزير بنسب ضئيلة جدًا فهل يجوز استعمال هذه الخمائر والجلاتين؟
الجواب:
لا يحل للمسلم استعمال الخمائر والجلاتين المأخوذة من الخنازير في الأغذية. وفي الخمائر والجلاتين المتخذة من النباتات أو الحيوانات المذكاة شرعًا غنية عن ذلك.
السؤال الرابع عشر:
اضطر معظم المسلمين إلى إقامة حفلات الزفاف لبناتهم في مساجد، وكثيرًا ما يتخلل هذه الحفلات رقص وإنشاد أو غناء، ولا تتوفر لهم أماكن تتسع لمثل هذه الحفلات فما حكم إقامة هذه الحفلات في المساجد؟
الجواب:
يندب عقد النكاح في المساجد، ولا تجوز إقامة الحفلات فيها إذا اقترنت بمحظور شرعي كاختلاط الرجال بالنساء وتبرجهن والرقص والغناء.
السؤال السادس عشر:
ما حكم زواج الطالب أو الطالبة المسلمة زواجًا لا ينوي استدامته بل النية منعقدة عنده على إنهائه بمجرد انتهاء الدراسة والعزم على العودة إلى مكان الإقامة الدائم، ولكن العقد يكون –عادة- عقدًا عاديًا وبنفس الصيغة التي يعقد بها الزواج المؤبد، فما حكم هذا الزواج؟
الجواب:
الأصل في الزواج الاستمرار والتأبيد وإقامة أسرة مستقرة ما لم يطرأ عليه ما ينهيه.
السؤال السابع عشر:
ما حكم ظهور المرأة في محلات العمل أو الدراسة بعد أن تأخذ من شعر حاجبيها وتكتحل؟
الجواب:
الاكتحال للرجال والنساء جائز شرعًا. أما نتف بعض الحاجبين فلا يجوز إلا إذا كان الشعر مشوهًا لخلقة المرأة.
السؤال الثامن عشر:
بعض المسلمات يجدن حرجًا في عدم مصافحتهن للأجانب الذين يرتادون الأماكن التي يعملن أو يدرسن فيها، فيصافحن الأجانب دفعًا للحرج، فما حكم هذه المصافحة؟
وكذلك الحال بالنسبة لكثير من المسلمين الذين تتقدم إليها نساء أجنبيات مصافحات، وامتناعهم عن مصافحتهن يوقعهم في شيء من الحرج على حد ما يذكرون ويذكرن؟
الجواب:
مصافحة الرجل المرأة الأجنبية البالغة ممنوعة شرعًا وكذلك العكس.
السؤال التاسع عشر:
ما حكم استئجار الكنائس أماكن لإقامة الصلوات الخمس أو صلاة الجمعة والعيدين، مع وجود التماثيل وما تحتويه الكنائس عادة.. علمًا بأن الكنائس – في الغالب- أرخص الأماكن التي يمكن استئجارها من النصارى وبعضها تقدمه الجامعات أو الهيئات الخيرية للاستفادة منه في المناسبات هذه دون مقابل؟
الجواب:
استئجار الكنائس للصلاة لا مانع منه شرعًا عند الحاجة، وتجتنب الصلاة إلى التماثيل والصور وتستر بحائل إذا كانت باتجاه القبلة.
السؤال العشرون:
ما حكم ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى وما يقدمونه من طعام في مطاعمهم مع عدم العلم بالتسمية عليها؟
الجواب:
ذبائح الكتابيين جائزة شرعًا إذا ذكيت بالطريقة المقبولة شرعًا، ولم يذكر اسم الله عليها ويوصي المجمع بدراسة متعمقة للموضوع في دورته القادمة.
السؤال الحادي والعشرون:
كثير من المناسبات العامة التي يدعى المسلمون لحضورها تقدم فيها الخمور ويختلط فيها النساء والرجال، واعتزال المسلمين لبعض هذه المناسبات قد يؤدي إلى عزلهم عن بقية أبناء المجتمع، وفقدانهم لبعض الفوائد؟
فما حكم حضور هذه الحفلات من غير مشاركة في شرب الخمر أو الرقص أو تناول الخنزير؟
الجواب:
في حضور حفلات تقدم فيها الخمور لا يجوز للمسلم أو المسلمة حضور مجالس المعاصي والمنكرات.
السؤال الثالث والعشرون:
في كثير من الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك الأقطار الأوربية تصعب أو تتعذر رؤية هلال رمضان أو شوال، والتقدم العلمي الموجود في كثير من هذه البلدان يمكِّن من معرفة ولادة الهلال بشكل دقيق بطريق الحساب، فهل يجوز اعتماد الحساب في هذه البلدان؟؟
وهل تجوز الاستعانة بالمراصد وقبول قول الكفار المشرفين عليها علمًا أن الغالب على الظن صدق قولهم في هذه الأمور؟؟
ومما يجدر بالملاحظة أن اتباع المسلمين في أمريكا وأوربا لبعض البلدان الإسلامية المشرقية في صيامها أو إفطارها قد أثار بينهم اختلافات كثيرة، غالبًا ما تذهب بأهم فوائد الأعياد، وتثير مشكلات شبه دائمة، وفي الأخذ بالحساب ما قد يقضي على هذا في نظر البعض أو يكاد.
الجواب:
يجب الاعتماد على الرؤية، ويستعان بالحساب الفلكي والمراصد مراعاة للأحاديث النبوية والحقائق العلمية.
وإذا ثبتت الرؤية في بلد وجب على المسلمين الالتزام بها ولا عبرة لاختلاف المطالع لعموم الخطاب بالأمر بالصوم والإفطار.
السؤال الرابع والعشرون:
ما حكم عمل المسلم في دوائر ووزارات الحكومة الأمريكية أو غيرها من حكومات البلاد الكافرة، خاصة في مجالات هامة كالصناعات الذرية أو الدراسات الاستراتيجية ونحوها؟؟
الجواب:
يجوز للمسلم العمل المباح شرعًا في دوائر ومؤسسات حكومات غير إسلامية إذا لم يؤد عمله ذلك إلى إلحاق ضرر بالمسلمين.
السؤال الخامس والعشرون:
ما حكم تصميم المهندس المسلم لمباني النصارى كالكنائس وغيرها علمًا بأن هذا هو جزء من عمله في الشركة الموظفة له، وفي حالة امتناعه قد يتعرض للفصل من العمل؟؟
السؤال السابع والعشرون:
ما حكم تبرع المسلم فردًا كان أو هيئة لمؤسسات تعليمية أو تنصيرية أو كنسية؟
الجواب:
لا يجوز للمسلم تصميم أو بناء معابد الكفار أو الإسهام في ذلك ماليًا أو فعليًا.
السؤال السادس والعشرون:
كثير من العائلات المسلمة يعمل رجالها في بيع الخمور والخنزير وما شابه ذلك، وزوجاتهم وأولادهم كارهون لذلك علمًا بأنهم يعيشون بمال الرجل، فهل عليهم من حرج في ذلك؟
الجواب:
للزوجة والأولاد غير القادرين على الكسب الحلال أن يأكلوا للضرورة من كسب الزوج المحرم شرعًا. كبيع الخمر والخنزير وغيرهما من المكاسب الحرام بعد بذل الجهد في إقناعه بالكسب الحلال والبحث عن عمل.
السؤال الثامن والعشرون:
ما حكم شراء منزل السكنى وسيارة الاستعمال الشخصي وأثاث المنزل بواسطة البنوك والمؤسسات التي تفرض ربحًا محددًا على تلك القروض لقاء رهن تلك الأصول، علمًا بأنه في حالة البيوت والسيارات والأثاث عمومًا، يعتبر البديل عن البيع هو الإيجار لقسط شهري يزيد في الغالب عن قسط الشراء الذي تستوفيه البنوك؟
الجواب:
لا يجوز شرعًا.
الموسوعة الفقهية
العناصر المميزة
لخطة كتابة موسوعة المجمع لفقه المعاملات
أولاً: الالتزام بالترتيب الموضوعي وفق منهج مختار يلحظ فيه الطرائق المختلفة للمذاهب، والكتب في المذهب الواحد. وأي تطوير يلحظ فيه المعمول به في العصر الحاضر في مجال الموسوعات الموضوعية الحقوقية ومناهج التدريس في الجامعات، وهذا المنهج يمكن من عرض الموضوعات دون تشتيت، كما أنه يتيح الفرصة للبدء بما هو أشد حاجة للعمل فيها.
(ملحوظة: يستعان بكشاف لجميع العناوين لبيان موطن بحثها) .
ثانيًا: يتصل بذلك الترتيب الموضوعي: اختيار تقسيمات مفصلة لزمر الأبواب بطريقة محكمة، مستأنسا فيها بما وصل إليه الكتاب المعاصرون بأوسع نظرة. وهذه من الأعمال التي تحتاج إلى إعداد متأن بعد استحضار المراجع القديمة والحديثة.
وقد تضمن " الهيكل الموضوعي " نموذجا للترتيب المختار مستمدا من المتبع في كتب الفقه الإسلامي باعتبار (التصرف، والواقعة، والنظريات الأساسية) من خلال زمر تجمع الأبواب المتشابهة في الغرض، وليس من خلال نظرية الالتزام المعروفة في القانون المدني.
وفيما يلي توضيح لخصائص الترتيب العام للمعاملات (الزمر)، والترتيب الخاص للتصرفات والواقعات (الأبواب) :
(أ) الترتيب العام للمعاملات:
لا يخفى على المشتغلين بالفقه غلبة التقسيم الرباعي على جميع المؤلفات الفقهية، والمشتمل على قسم المعاملات، لكن لا يمكن القول بأن هناك طريقة موحدة أو متقاربة في تتابع المعاملات ضمن القسم المخصص لها، فهناك فروق شديدة، ويلتمس لها الشراح وأصحاب الحواشي اعتبارات لا يخلو أكثرها من التكلف.
ولكن هذا لا يؤدي بنا إلى إهمال هذا الترتيب المتداول في الجملة بين الفقهاء، والأخذ بالترتيب القانوني المحض، والذي تمثله نظرية الالتزامات، وما يتصل بها من الكلام عن الحق والملكية أو الأموال. فإن هذه الطريقة ليست هي الوحيدة في مجال القوانين الوضعية، ولم تسلم هي ولا غيرها من النقد الشديد. فهناك اتجاهات قانونية حديثة تأخذ في ترتيب النظرية العامة للتعامل المالي بأساس له جذور فقهية أصيلة، وهو " التصرف الشرعي والواقعة الشرعية". وبهذا يتم تجنب البون الشاسع بين المتبع في كتب الفقه وبين التقسيم الذي سلكته نظرية الالتزام العامة. كما يؤمن من العيوب الملحوظة فيها.
والبديل هو اعتبار التصرف (وهو أعم من العقد) والواقعة، وهي تشمل الفعل الإرادي وغير الإرادي كالولادة والموت.. وإضافة جملة من النظريات الأساسية كالحق، والمال، والملكية، والعقد، والشرط
…
إلخ، تكتب لإعطاء التصور التام للعلاقة العامة بينها وبين التصرفات، ولا تتخللها تلك التصرفات إلا للربط والتعريف.
وإذا كان لابد من مقاسم كبرى تنتظم التصرفات والواقعات، وهو مفيد لاختصار ما هو مشترك بينها من خصائص وأحكام عامة، فإن البديل هو أسلوب جمعها في زمر، وهو صنيع فقهي له بدائل قانونية أيضًا. وهذه الزمر متداولة على ألسنة الفقهاء وهي: التمليكات، التبرعات، الإسقاطات، الضمانات، الأمانات، التوثيقات
…
إلخ، ومن السهل جمعها واستيعابها لجميع التصرفات.
(ب) الترتيب الخاص للتصرفات (التخطيط) :
إذا تحللنا من الالتزام بنظرية الالتزام في تشجيرها الشامل للمعاملات، فإن ما وراء ذلك من التقسيمات الداخلية أمر مدروس ومحكم لدى الفقهاء، وهو أسلوب من الترتيب المنطقي لا يوصف بالقدم أو المعاصرة، ويمكن التصرف فيه عند الحاجة، والخطب فيه يسير.
وللفقهاء في ترتيب المحتوى ضمن كل تصرف مناهج شتى أيضًا، لكن في كل مذهب كتاب أو كتب حظيت بالاهتمام حتى أصبح ما عداها محاذيا لها. وعلى سبيل المثال: للحنفية كتاب " بدائع الصنائع " للكاساني، لا يخفى ولعه برسم التصور الشامل للبحث قبل معالجته، وللشافعية كتاب " الوجيز " للغزالي، وللمالكية كتاب " لباب اللباب " لابن راشد القفصي، وكذلك " بداية المجتهد " لابن رشد ومنهجه التبويبي فريد. وللحنابلة كتاب " دليل الطالب"، ثم لغير هؤلاء كتب يمكن تلمسها منها: الأزهار، والنيل، والمختصر النافع
…
ويستعان بقوائم بيبليوغرافية، وبخبرة أهل كل مذهب لترشيح الكتاب الأمثل من حيث التبويب.
وهذا يتيح انتقاء تسلسل مناسب لأجزاء البحث، تحصل به خطة تفصيلية له، مع استيعاب المسائل التي لا يخلو منها أي تصرف أو واقعة بوضع (استمارة) فيها أشمل صورة لهذه المقاسم الداخلية، ومن ثم يتحرى الكاتب تغطية جميعها أو أكثرها حسب المقام.
ثالثًا: شمول المذاهب الفقهية كلها (وكذلك مذاهب الصحابة والتابعين والمذاهب غير المتبوعة) ، وسلوك طريقة الاتجاهات الفقهية، بأن تعرض صورة المسألة، ثم يتم تشعيب الخلاف بإدراج المذاهب المتماثلة في رأي ثم الرأي الآخر،وهكذا.
وذلك لتفادي تكررا العرض، ولتقديم تصور واضح لمنحى الخلاف، ولاختصار حجم الموسوعة.
الغرض من سلوك طريقة الاتجاهات: تحاشي التكرار الذي يؤدي إليه ذكر كل مذهب على حدة، وما يستلزمه ذلك من تقديم مذهب معين. والمقصود من الأخذ بطريقة الاتجاهات أن تذكر المذاهب تبعًا لذكر المواقف (إذا لم تكن المسألة موضع اتفاق) . وذلك بمراعاة الأولوية المنطقية للبدء، بتقديم ما لا يتوقف فهمه على ما بعده، وذكر البسيط قبل المركب أو ما فيه تفصيل، وحين تتكافأ الاتجاهات من حيث الأولوية المنطقية يبدأ بما ذهب إليه الأكثرون، ثم تستكمل مواقف من بعدها. وتربط المذاهب بالآراء التي اندرجت تحتها، حتى لو كان للمذهب الواحد أكثر من رأي، فإنه يذكر المذهب ثانية عند الرأي الآخر. والعرض وفقًا للاتجاهات يلحظ فيه كل مسألة أو مجموعة متلازمة من المسائل، وليس بحسب البحث كله، أو أجزائه الكبرى.
رابعًا: تدخل في الموسوعة جميع المسائل المستجدة والقضايا العصرية، في أبوابها المناسبة، وكذلك التطبيقات الجديدة للأحكام المقررة في كتب الفقه.
المراد بالمسائل المستجدة كل واقعة جديدة في الظهور أو في الشهرة، وليس لها في المراجع الفقهية المعتمدة حكم ظاهر مفصل. فلا عبرة بالإشارات أو التعرض الخاطف لها في كتب الفقه، من فقيه واحد أو اثنين، أو لدى مذهب دون غيره، فهي تعتبر مستجدة طالما لم تحظ بالمعالجة المتكررة كغيرها من المسائل المتداولة في المتون والشروح والحواشي.
كما يشار للتطبيقات الجديدة إذا كان في ذلك التطبيق ما يختلف من حيث المبدأ أو المنهج عن التطبيق السابق.
خامسًا: اقتران الأحكام بأدلتها، ووجه الاستدلال إن لزم، مع تحري التوضيح والسهولة في عرضها. وإذا كان للمسألة أكثر من دليل يقتصر على أقواها وتشمل الأدلة النصوص والأقيسة والتعليلات.
الأدلة الشرعية:
" تذكر مع الأحكام أدلتها الشرعية من نصوص أو غيرها دون المناقشات فيها مع الاقتصار على المهم الذي يعرف به وجه استنباط الحكم من نص أو غيره. ويستتبع ذلك عزو الآيات، وتخريج الأحاديث ببيان موجز لمرجع الحديث ودرجته عند علماء الحديث".
موطن ذكر الأدلة تال لذكر الحكم. تفاديا من تكرار تصويره فيما لو فصلت الأدلة عن مدلولها. ولا يذكر من الأدلة إلا ما استدل به أصحاب كل مذهب لمذهبهم في كتبهم. ولا يتعرض لمناقشات الأدلة سواء أوردها أصحاب المذهب أو غيرهم.
وتخريج الأحاديث وبيان ضعفها أحيانا لا يتعارض مع إيراد المسألة الفقهية التي اقتضت ذكر الحديث؛ لأنه قد يكون للحكم دليل آخر.
سادسًا: حق الترجيح بين الأدلة، أو استظهار بعض الآراء، يقتصر على لجنة التحرير والمراجعة. ويمكن للكتاب إثبات ما يبدو لهم من ترجيح أو استظهار في الهوامش ويترك البت فيها للجنة.
يقصد بالترجيح الشخصي الذي لا يسمح بالإشارة إليه، رأي الكاتب، مما لم ينقله عن أئمة المذهب، ويجب ذكر ما رجحه فقهاء كل مذهب فيما يتصل بمذهبهم، مع وجوب التنصيص على درجة الرأي في المذهب بالعبارات المصطلح عليها فيه (حسب أصول الإفتاء المعبر عنها برسم المفتي) .
سابعًا: اختيار الأسلوب الملائم لمتوسطي الثقافة، بعيدا عن التركيز العلمي الملحوظ في معظم النصوص الفقهية، وبعيدا عن الأسلوب الأدبي الإنشائي غير المنضبط، وعدم سرد النصوص من الكتب كما هي، إلا إذا كان يتحقق فيها اليسر والوضوح، فيقتصر على أجمعها معنى، وأوضحها دلالة، وأقربها أسلوبا.
لا مانع من التزام عبارات المؤلفين في المراجع الفقهية ما دامت واضحة مناسبة لما يقتضيه المقام، مع التصرف فيها في حال غموضها أو تعقيدها أو أسهابها أو إيجازها المخل.
التصرف في عبارات المراجع الفقهية قد يكون ضروريا لسلوك طريقة الاتجاهات الفقهية (المطلوب في البند الرابع) ، وكذلك الاستمداد من أكثر من مرجع لكل مذهب (المطلوب في البند السادس) . فلا بد لمراعاة الأمرين من التصرف بصورة يحافظ فيها على مراد المؤلف.
ثامنًا: إفراد أصول الفقه بعمل مستقل وعدم تناوله في الموسوعة، لا سيما بعد التزام الترتيب الموضوعي للفقه.
ستشتمل الموسوعة بين مصطلحاتها الفقهية على (إحالات) بجميع المصطلحات الأصولية يكتفى فيها بتعريفها وتصويرها بما يمنع اللبس، كذكر تقاسيمها الأساسية وأهم أمثلتها، مع الإحالة بالتفصيل إلى الملحق الأصولي الموضوعي، مع الاستفادة مما كتب في علم الأصول قديما أو حديثا.
والملحظ في إفراد الأصول بملحق هو النظر إلى طبيعته الخاصة، من حيث عرض المذاهب على أسس أوسع من المذاهب المعروفة، كما أن الغرض من ترتيبه موضوعيا هو لمُّ أجزاء مباحثه تسهيلاً للإفادة منه، مع وضع كشاف تحليلي ألفبائي بأول الملحق للدلالة على مواطن مصطلحاته، فضلاً عن أخذ جميع العناوين الأصولية في صورة إحالات بين مصطلحات الموسوعة الفقهية، وكذلك يفرد ما بتوابع أصول الفقه (وهو القواعد الفقهية، والأشباه والنظائر، والفروق) لتأرجحها بين الفقه والأصول، فتفرد عن الموسوعة بمدونات مناسبة.
تاسعًا: ذكر المقابل القانوني للمصطلحات الفقهية بين قوسين، سواء في التقسيمات أو الأبحاث والمسائل.
ليس من شأن هذه الموسوعة استعراض الأحكام القانونية؛ لأنها موسوعة فقهية، ولكن من اللازم المقارنة بين مصطلحات الفقه ومصطلحات القانون في الموضوع نفسه، كذلك يستعان بالتقسيمات المناسبة فقهية كانت أو قانونية.
إن المبدأ القائل " لا مشاحة في الاصطلاح" يحكم هنا، فإنه لا سبيل إلى إهمال ما تعارفه الناس من تعابير فنية، سواء كانت موروثة أو مستحدثة، حتى لو كانت مشتركة، فإن من الممكن إلحاق ما يقطع الاشتراك بين القوسين.
والمصطلحات الفقهية معروفة للفقهاء والمشتغلين بكتبهم، ولها مؤلفاتها المشار إليها في بعض ما نشرته أمانة المجمع من مقالات الأعضاء. أما المصطلحات القانونية فهي في الغالب مترجمة عن اللغات الأخرى التي راجت مع المستعمرين المتعددين حسب كل بلد خضع لهم، ومن هنا جاء التفاوت والازدواجية فيما بينها من جهة، وبينها جميعها وبين المصطلحات الفقهية. وإن كانت هذه أيضًا قد تختلف حسب المذاهب أو ينفرد المذهب بما لا مقابل له في المذاهب الأخرى وهو يسير.
ولذا لا بد من الاقتران بين المصطلح الفقهي وما يقابله واحدا أو أكثر،، إما في صلب البحث للمرة الأولى، ثم يختار الكاتب ما هو أوسع تداولا، وإما في الهامش. ومن الممكن أن يستعان بقوائم معدة لهذا الغرض تلحق بالمادة العلمية وتستوعب البدائل. وفيما أصدره مكتب تنسيق التعريب من مصطلحات الفقه والقانون نماذج ومواد أولية للاستكمال.
كما أن الكشاف المعد للمصطلحات ينبغي أن يشتمل على جميع ما تداوله الفقهاء أو القانونيون منها مع رموز تبين طبيعة هذا المصطلح الفقهية أو القانونية.
وسيكون المعجم العام للمصطلحات مرجعا أصيلا للموسوعة،ولاسيما إذا تمت المبادرة إلى إخراجه قبلها؛ لأن الأعمال فيه محصورة، وتأخذ طابع الجمع والترتيب بعد الاختيار، خلافا للموسوعة التي تقوم على التمثل للمعلومات وصياغتها بطريقة مقارنة.
عاشرًا: الإفادة من جميع ما كتب سواء في القرون السابقة أم في العصر الحاضر، بحيث يستعين الكاتب بكل ما وصل إلى علمه ويرجع إلى المؤلفات الحديثة والدوريات ونشرات المجامع والجامعات والمؤسسات العلمية.
لضمان تمثيل المذاهب هناك مراجع أساسية معتمدة لكل مذهب لا بد للكاتب من الرجوع إليها كحد أدنى، سواء نقل منها جميعها أو اجتزأ بما يغني عن غيره، وهي في مجموعها تحقق خصائص عديدة مثل أصالة المذهب، والعناية بالاستدلال من المنقول والمعقول، والتوسع في التفريع، والترجيح والاعتماد للفتوى، وتأخر زمن المؤلف ليشمل ما قبله من كتابات.
- المراجع الأساسية في المذهب الحنفي:
1-
المبسوط، للسرخسي.
2-
رد المحتار (حاشية ابن عابدين) .
3-
فتح القدير شرح الهداية، لابن الهمام.
4-
بدائع الصنائع. للكاساني.
5-
الفتاوى الهندية.
- المراجع الأساسية في المذهب المالكي:
1-
المدونة، رواية سحنون عن الإمام مالك.
2-
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير على مختصر خليل.
3-
شرح الزرقاني على خليل بحاشية الرهوني.
4-
حاشية العدوي على شرح أبي الحسن على الرسالة لابن أبي زيد القيرواني " كفاية الطالب الرباني".
5-
مواهب الجليل للحطاب شرح مختصر خليل.
- المراجع الأساسية في المذهب الشافعي:
1-
الأم، رواية الربيع عن الإمام الشافعي.
2-
حاشية الجمل على شرح المنهج.
3-
أسنى المطالب شرح روض الطالب، للقاضي زكريا الأنصاري.
4-
الروضة، للإمام النووي.
5-
نهاية المحتاج شرح المنهاج، للشمس الرملي.
المراجع الأساسية في المذهب الحنبلي:
1-
مسائل الإمام أحمد لأبي داود، وغيره.
2-
كشاف القناع شرح الإقناع، للبهوتي.
3-
المغني، لابن قدامة.
4-
الفروع، لابن مفلح.
5-
مطالب أولي النهى شرح غاية المنتهى.
المذاهب الأربعة الأخرى:
هناك كتب مشهورة في هذه المذاهب، كشروح الأزهار في المذهب الزيدي، وشرح النيل لأطفيش، والإيضاح للشماخي في المذهب الأباضي، وشرح اللمعة، وشرح المختصر النافع، وتذكرة الفقهاء في المذهب الإمامي، والمحلى في المذهب الظاهري.
ويستعان بفقهاء كل مذهب بوضع قائمة مفصلة للمراجع الممثلة لفقه المذهب، مع الخصائص المشار إليها في بداية الكلام عن المراجع من حيث الأصالة والرجحان والاستدلال
…
من المراجع لفقه السلف والفقه العام:
يستمد ذلك من كتب الخلاف، كاختلاف الفقهاء لابن جرير الطبري، والمحلى لابن حزم، والمغني لابن قدامة، والمجموع للنووي، والقوانين الفقهية لابن جزي، وبداية المجتهد لابن رشد، والبحر الزخار للمهدي وغيرها من المطولات الفقهية.
ويستمد من كتب الحديث وشروحه كمصنف عبد الرزاق، ومصنف ابن أبي شيبة، وشرح معاني الآثار للطحاوي، والاستذكار والتمهيد كلاهما لابن عبد البر، وفتح الباري لابن حجر، ونيل الأوطار للشوكاني.
ويستمد من كتب التفسير المطولة كالطبري والقرطبي والجصاص وأبي بكر ابن العربي.
الهيكل الموضوعي
التقسيم المختار للموسوعة الفقهية للمعاملات
من حيث الزمر، والأبواب لكل زمرة
تمهيد:
نظرا للاقتصار على قسم المعاملات من الفقه (بالتقسيم الرباعي القديم المشتمل على العبادات، والمعاملات، والمناكحات، والعقوبات مع المرافعات، فإن هناك حاجة للبت في بعض الأبواب المتأرجحة بين تلك الأقسام الأربعة. وسيقتصر البحث فيما هناك احتمال بدخوله في قسم المعاملات، دون ما كان التردد فيه قاصرا على الأقسام الأخرى مع الجزم بعدم صلته المباشرة بالمعاملات. هذا مع العلم بأن هذه الأمور لم تسلم من الخلاف الواسع فيها، وهو خلاف لا مناص من الاختيار منه دون إمكانية حسمه.
- فالأبواب المتعلقة بالأيمان والنذور والواجبات أو المندوبات المالية كالأضحية والعقيقة، لا تندرج في المعاملات بالرغم من العنصر المالي فيها؛ لأنها لا مطالب لها من العباد، ولا يجري فيها القضاء.
- والهبة وإن أدرجتها بعض قوانين الأحوال الشخصية بين أبوابها، فإنها من صميم قسم المعاملات.
- والوصية والوقف: مع التسليم بالعلاقة الشديدة بينهما وبين ما تدور عليه أبواب الأحوال الشخصية مع القرابة ونحوها، فإن الوصية لا تختص بالأقارب، وكذلك الوقف الخيري، وهما في غاية الأهمية بالنسبة للدراسات الاقتصادية الحديثة؛ لأنهما من قبيل الموارد العامة، لذا أدرج هذان الموضوعان في المعاملات.
- واللقطة: لما اعتبرت من المعاملات المالية استتبع ذلك الكلام عن اللقيط مع أنه يتصل بشخصه وأحواله، لكن غالب الأحوال هي العلاقة المالية من جهة التصرف بما وجد معه وما ينفق عليه.
- والتخارج: يعتبر لدى الفقهاء من توابع الإرث؛ لأن معظم تطبيقاته فيه، لكن قابلية هذا العقد تتسع لما سوى الإرث من الحقوق المشتركة، لذا أدرج في موسوعة المعاملات المالية.
- والصلح والإقرار: رغم علاقتهما بالمرافعات، ولكن العنصر المالي فيهما هو الأهم، لذا كانا مشمولين.
- والحجر: مع أنه قيد على الأهلية، لكن تقييده على أهلية التصرف بالمال وأثر ذلك في التعامل مع المحجور، وكذلك الحال في المأذون، وهو هنا قاصر على الصبي المأذون له بالتجارة دون الرقيق لعدم التطبيق.
أما باب الإفلاس: فلا ريب في إدراجه في قسم المعاملات.
- والإيصاء أو الوصاية: هي من مشمولات الأحوال الشخصية، لكنها تشبه إلى حد كبير الوكالة وأنواع النيابة عن الغير في التصرفات المالية.
- والغصب: وإن كان كثير من الفقهاء يورده عقب السرقة، لكنه من المعاملات لا من العقوبات.
- كذلك الحال في الإتلاف، أو الإكراه: فإنه مدرج مع المعاملات لأثره على التصرفات عموما، ومنها التصرفات المالية.
كما ألحق بالغصب: باب الاستحقاق، لأن أكثر الفقهاء يورده مع البيع.
أما توزيع قسم المعاملات إلى زمر، فإن البيانات فيه قليلة متناثرة في بدايات الأبواب، والغرض منه ليس أكثر من الملاءمة بين تتابع الأبواب التي تضمها طبيعة عامة واحدة لكي يختصر الكلام عن الخصائص التي تشترك فيها.
وقد اختيرت الزمر المشتملة على أبواب من بين التسميات الكثيرة التي يلحظ أن بعضها لا يجذب أبوابا، بل هو للمسائل وبعض الفروع، فكانت الزمر المختارة والجارية في قسم المعاملات بقطع النظر عن كثرة أبواب كل زمرة أو قلتها، هي:
1-
التبرعات. 2- المعاوضات وتجمعهما زمرة كبرى هي " التمليكات" لكن التخصيص في اسم الزمرتين أولى بالاعتبار، ولم تؤخذ زمرة للإسقاطات؛ لأنها ليست لها أبواب.
3-
المشاركات وألحق بها ما تنتهي به الشركة كالقسمة، أو الشفعة، وحقوق الشركاء في الجوار والمرافق.
4-
الاستحفاظات
5-
الإطلاقات
6-
التقييدات
7-
الضمانات 8- التوثيقات ولوحظ في الحوالة والكفالة أنهما توثيق مع أدائهما أدوارا أخرى، كالبيع أو الهبة في حالات الإطلاق أو التقييد والرجوع أو عدمه.
وفيما يلي الأبواب التي تشملها كل زمرة:
1-
(زمرة) المعاوضات:
البيع (الاحتكار – التسعير) .
المقايضة
الصرف السلم.
بيوع الأمانة
المرابحة /التولية/الإشراك/الوضيعة
بيع المعاطاة
بيع الوفاء
بيع الربا
بيع التلجئة
الصلح
التحكيم
الإجارة
الجعالة
الاستصناع
الإقالة
2-
(زمرة) التبرعات:
الهبة
العمرى
الرقبي
العرية
المنحة
الإرفاق
الإسكان
الإخدام
الهدية
الإيراد بمرتب مدى الحياة
الإباحة
التزام التبرع (الوعد)
الإبراء
الإعارة
المسابقة والمناضلة والجوائز
الوصية
الوقف
القرض
3-
(زمرة) المشاركات:
الشركات (المفاوضة / العنان /الوجود، التقبل)
القراض (المضاربة)
الإبضاع
المزارعة
المساقاة (أو المعاملة أو المعاقدة)
المغارسة.
الشفعة
أحكام الجوار والمرافق المشتركة
القسمة
المهاياة
التخارج (المخارجة)
عقد الموالاة
الشركات الحديثة (بجميع أنواعها) .
4-
(زمرة) الاستحفاظات:
الإيداع
الحراسة
اللقطة
اللقيط من حيث الملك والتصرف
المفقود
5-
(زمرة) الإطلاقات:
الوكالة.
الإيصاء
الإذن للمميز (المأذون) .
إحياء الموات والتحجر.
6-
(زمرة) التقييدات:
الحجر
التفليس
7-
(زمرة) التوثيقات:
الرهن
الكفالة
الحوالة
الإقرار
التأمين
8-
(زمرة) الضمانات:
الغصب
الإتلاف
الإكراه
الاستحقاق
النظريات الأساسية المتصلة بفقه المعاملات
1-
الأموال
2-
الملكية
3-
العقد
4-
الشرط
5-
الخيار
6-
الأجل
7-
الضمان
8-
الأهلية
9-
الغرر
10-
القبض
11-
الغبن
12-
الفسخ
13-
البطلان والفساد
…
إلخ
بسم الله الرحمن الرحيم
الخطوات العملية لإعداد الموسوعة
الموسوعة عمل علمي يتصف بالطابع الجماعي الذي هو أهم العوامل التي تبعث الثقة فيها. وهذه الطبيعة تستتبع المرور بمراحل عديدة يتلو بعضها بعضا، ولا يمكن حذف بعضها أو تغيير موقعه. وذلك كله بعد تحديد خصائص الموسوعة المطلوبة من خلال خطة الكتابة بخصائصها وقيودها، ومن خلال الهيكل الموضوعي لها.
وهذه المراحل هي: الاستكتاب، المراجعة، الاعتماد، الإخراج.
الاستكتاب والمراجعة والاعتماد والإخراج:
توطئة:
بالرغم من أن هذه المهام هي تنفيذية، وتحتاج إلى جملة مفصلة من الإجراءات، ومجموعة من اللوائح الفنية والإدارية والمالية، وهي مما لا يمكن وضعه إلا من قبل لجنة، على ما تضمنته التوصيات التي تمخضت عنها الدورة الثانية، تحسن الإشارة هنا إلى بعض المعالم مما سلكته المشاريع القائمة، سواء أكانت فقهية أو غيرها، والتركيز هنا على الفقهية.
ففي مجال الاستكتاب: لا بد أن يسبقه وضع خريطة شاملة لفقه المعاملات بترتيب عام مختار، ثم بتخطيط تفصيلي مستوعب لكل معاملة (تصرف أو واقعة) . وهذه التجزئة تتيح تجنيد أكبر قدر من الطاقات العلمية للكتابة وتؤدي للإسراع في الإنجاز، على أن يختار لكل (زمرة) من الزمر الفقهية لجنة من ثلاثة فقط، لتنسيق ما تضمه الزمرة، من النواحي الخارجية دون الغوص في المضمون، فذاك من عمل المراجعة بعد أن يحال إليها ما كتب منسجما في مكوناته وروابطه.
والمتبع في بعض المشاريع أن لا يعهد بالكتابة إلا لمن له تجربة سابقة بإعداد رسالة دكتوراه مثلاً، أو كتب تدريسية رفيعة المستوى، أو مراجع في صميم الفقه بطريقة حديثة، ولا بد هنا من اختيار الطبقة العليا من هذه النوعية؛ لخطورة البحث الفقهي في المعاملات، وخاصة إلى معايشة التطبيقات القائمة، ويتم استكتاب الفقهاء في مواطن عملهم ويختار لكل باب من له سابق اهتمام به.
أما المراجعة: فهي إما فردية أو جماعية.
والمراجعة الفردية أسهل وأقل تكاليف، ولذا يصار إليها في كل ما كتب.
أما الاعتماد أي المراجعة الجماعية: فتكون للزمر بعد انتهاء كتابة محتواها ومراجعته، وتتم بمعرفة المجمع من لجنة الموسوعة. والمراجعون - حسب المتبع في بعض المشاريع - لا ينبغي أن تخلو عن رؤساء أقسام الفقه ممن بلغ درجة الاستناذية في الفقه، ومن في مستواهم من غير ذوي المؤهلات الرسمية. ويستعان في المراجعة بمتعمقين في الفقه في مواطن عملهم أيضًا دون تفرغ، ويراعى في عملية المراجعة – فضلا عما اشتملت عليه خطة الكتابة، وفضلاً عما تكشفه خبرة المراجع – تفقّد الأمور التالية:
(أ) أصالة البحث.
(ب) بذل جهد جديد في الموضوع من حيث المعلومات وترتيبها.
(ج) جودة التعبير سواء كانت العبارة منشأة من الباحث أو مختارة من النصوص الفقهية.
(د) التركيز على الموضوع وعدم الخروج عنه.
(هـ) تنسيق المعلومات ومنهجية البحث.
(و) تحديد المراجع بالعزو للجزء والصفحة وبيان الطبعة.
والإخراج: عمل مزيج بين الفقه وأصول التحقيق والنشر، ويستعان فيه ببعض المختصين على هذا النحو، وتكفي له لجنة أو لجنتان لا تزيد كل منهما عن ثلاثة.
هذا، ويمكن وضع الخطوط لإعداد الموسوعة على النحو التالي:
الإخراج: يهدف الإخراج إلى إدخال اللمسات الفنية في عرض الموسوعة باستكمال علامات الترقيم والعناوين والفقرات والقواعد التنظيمية الأخرى، وفيما يلي نماذج لما ينبغي مراعاتها:
أولاً: الورق والحجم والغلاف:
الورق وزن (80) جرام أبيض ناعم، مقاس الصفحة 28 × 22 بعد القص تقريبًا.
معلومات الغلاف – باليمين: الشعار وتحته اسم المجمع والأمانة، ثم في الوسط " موسوعة فقه المعاملات "، وتحتها رقم الجزء بالحروف، وتحته اسم الزمرة، أو الزمر التي في المجلد، وجميع المصطلحات الممثلة للزمرة، وفي الأسفل " حقوق الطبع محفوظة "، والغلاف الأيسر مماثل للأيمن باللغتين الإنجليزية من الخارج والفرنسية من الداخل، وتكون معلومات الكعب مماثلة للغلاف الأيمن، باستثناء الجزء فيذكر رقما لا حرفا، ويكون حجم المجلد من 300 – 400 صفحة.
ثانيًا: تنظيم محتوى الصفحة:
(أ) يلتزم ما أمكن التصريح باسم مؤلف المرجع في الصلب وباسم كتابه في الحاشية مع الجزء والصفحة.
(ب) يذكر الرقم المتسلسل للصفحات بأسفل الصفحة في الوسط.
(ج) يذكر في طرة الصفحة اليمنى اسم الزمرة والباب أو الأبواب الواردة في الصفحة، مع بيان رقم الفقرة في المصطلحات الأصلية الممتدة.
وكذلك في الصفحة المقابلة. وذلك ببنط أسود مع خط منقط فاصل بين معلومات الطرة وبين الصلب.
(د) تتكون الصفحة من عمودين مع بيان فاصل بينهما دون خط، وذلك بالنسبة لكل ما في المجلد من مقدمة وبحوث وتراجم وفهراس.
(هـ) أرقام الفقرات بنط 24 أسود متبوعة بخط أفقي، بارزة عن الكلام.
(و) الكلام في الصلب يطبع ببنط 18 تقريبًا والحواشي بنط 12 تقريبًا.
(ز) تستعمل علامات الترقيم المعهودة والمأخوذة من كتاب " كيف تكتب بحثا " للدكتور أحمد شلبي ص 173.
(ح) الإحالة إلى مصطلح آخر أثناء الكتابة أو في نهايته تكون بحرف الراء متبوعًا بنقطتين في المصطلح المحال عليه، ورقم الفقرة فيه، وذلك كله بين قوسين هكذا (كذا: ر: كذا ف/..) وفي الإحالة لفقرة في نفس المصطلح يكتفى بذكر رقمها فقط.
(ط) العناوين: عنوان الزمرة والباب يكتب خطا (روسم – كليشه) في وسط العمود. وأما عناوين الدلالة مثل (كذا/ر: كذا) فتطبع ببنط أسود من نفس بنط الكلام في وسط مستقل، وكذلك العناوين التقسيمية للبحث التي تكون في الوسط، وكذلك العناوين الجانبية للمسائل.
(ي) الهامش والعزو للمراجع: يكتفى بذكر المراجع في الحواشي مع بيان الطبعة في أول ذكر لها في البحث، ويفترض أن كل ما لم تحدد طبعته من مواطن النقل عن الكتاب هو مطابق للمذكور أولا، فإن تغيرت فلا بد من تحديد الطبعة بازاء ذلك المكان يكون العزو للمرجع بالصورة التالية: اسم الكتاب، فرقم الجزء والصفحة مفصولاً بينهما بخط مائل، ثم تُبيّن الطبعة بعد حرف ط هكذا (0/0 ط 0 0 0) .
وإذا كان النقل غير مباشر يُبيّن المرجع المباشر متبوعا بعبارة " نقلا عن كذا "، ويكتفى في المعاجم بذكر اسم الكتاب والمادة.
الهامش للمراجع وتخريج الآيات والأحاديث، فضلاً عن تخصيص توضع فيه الترجيحات والملاحظات التي تبدو للكاتب. وكذلك شرح المفردات للغوية الغريبة، والأسماء المبهمة مثل فقهاء المدينة، مشايخ بلخ. ويلاحظ بروز أرقام الهوامش، وتكون أرقام هوامش الصفحة متسلسلة فيها فقط، وتحت كل عمود هوامشه المتصلة به، وتفصل الحاشية عن الصلب بخط أفقي قصير.
ثالثًا: تخريج الآيات والأحاديث:
1-
تشكل الآيات شكلا كاملاً، وتخرج في الصلب بذكر اسم السورة متبوعًا برقم الآية هكذا مثلا {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20] بين قوسين معقوفين.
2-
يشكل من الأحاديث ما هو مُشكَِل فقط بحسب الضرورة (أي تشكل شكلا جزئيًا) .
3-
يصحح لفظ الحديث حسب الأصل المنقول منه، فإن اختلف ذلك عما في كتب الأحاديث صحح في الهامش، وإن كان مرويا بالمعنى يوضح ذلك.
4-
يخرج الحديث تخريجا موجزا بنسبته إلى الأصول المسندة التي أوردته بالجزء والصفحة.
5-
تذكر درجة الحديث من الصحة والضعف ونحوهما، منسوبة إلى من نص عليها من الأئمة، وإن اختلفت نصوصهم تذكر باختصار، فإن لم ينص عليه أحد تذكر خلاصة ما في كتب التخريج بإيجاز.
رابعًا: التراجم:
1-
يترجم الفقهاء خاصة دون غيرهم من الأعلام المذكورين في الموسوعة.
2-
تذكر تراجم الأعلام الواردة في جميع المجلدات مجتمعة في ملحق في آخرها، مرتبة بحسب حروف المعجم.
3-
تذكر الترجمة باختصار بما لا يزيد عن ثلاثة أسطر.
4-
تطبع التراجم بحرف من بنط 14 ويكون العلم ببنط أسود بارزا إلى اليمين مسافة مناسبة.
خامسًا: ترتيب محتويات المجلد:
ترتيب محتويات المجلد كما يلي:
1-
صفحة العنوان.
2-
الصفحة الثانية تذكر فيها الطبعة وسنة الطبع.
3-
تقديم الأمانة.
4-
مقدمة الموسوعة والإيضاحات الضرورية.
5-
متن الموسوعة.
6-
(في الأخير تماما) فهرس تفصيلي شامل لجميع الموضوعات الواردة في المجلد وما يتبع كل موضوع من العناوين الفرعية مسرودة كما وردت في الواقع مع بيان الصفحات والفقرات مع اقتران رقم الفقرة في الفهرس بحرف (ف) .
سادسًا: خطوات العمل في الإخراج الطباعي:
1-
تصحيح البحث من حيث اللغة، وإضافة علامات الترقيم وتطبيق لائحة الإخراج مع توقيع كل من المكلفين بالتصحيح على كل ورقة من أوراق البحث قبل إرسالها للمطبعة وعند الاعتماد للطبع.
2-
إضافة العناوين الرئيسية والجانبية التي يقتضيها البحث.
3-
ترقيم فقرات البحث.
4-
استخراج الفهرس التفصيلي لمحتوى المجلد من واقع العناوين.
(هـ) الفهارس والكشافات لموسوعة فقه المعاملات:
مهما تصورنا الإسراف في أمر فلا إسراف في أمر الفهارس الفنية والكشافات.. لأنها لا عبء فيها على المطالع، بل هي عبء حمله عنه صانع الفهرس وبذل وقته الطويل ليحفظ وقت غيره.
وفي الكشافات علاج للأخذ بطريقة ما في الترتيب الموضوعي دون أخرى لأن التعويض عن الطرائق المعدول عنها أن تلحق على صورة فهارس ويتم الربط بينها وبين ما أخذ به. وعلى سبيل المثال يمكننا – وهو ضروري أيضًا – أن نلحق بالمادة العلمية فهرسا يمثل نظرية الالتزام بأوسع تصور لها مع تشعيب أجزائها ويشار إلى مكان بحث كل جزئية من خلال نظام ربط يعتمد المصطلحات والفقرات أو التبويب العنواني: كتاب، باب، فصل إلخ.
كذلك لا بد من صنع فهرس تحليلي لجميع المسائل ملقبة كانت أو غير ملقبة عن طريق تصدير المسألة باللفظ الاصطلاحي الفقهي وترتيب هذه المسائل الفبائيا، ثم الإشارة إلى موطن بحثها..
وهكذا يتم استيفاء جميع الفهارس النافعة ولو بأدنى صلة، ومن المتاح الاستعانة بالفهارس التي تم صنعها في الكويت من قبل وزارة الأوقاف كعمل مساعد للموسوعة وقد خدمت أكثر من أربعين مرجعا فقهيًا، وهناك خطة تعاون بين الوزارة وبين البنك الإسلامي للتنمية لإكمال هذا المشروع ليصبح كشافا شاملا لمصادر الفقه الإسلامي، ويوضع في متناول الباحثين في جميع البلاد الإسلامية بعد توفير التقنية اللازمة من كومبيوتر وميكروفيش وإعادة طباعة تلك المراجع حسب الطبعات المعتمدة للفهرسة وتعميمها عن طريق البنك إلى المراكز العلمية.
وأعمال الفهرسة – بالطبع – تخرج عن العمل الكتابي للموسوعة ولكن لا بد أن يكون العاملون فيها من المشتغلين بالفقه وإن لم يصلوا إلى مرتبة الكتابة الموسوعية. وقد استعين في مشروع وزارة الأوقاف بالعاملين في المساجد من أئمة وخطباء مؤهلين فقهيا (كخريجي كلية الشريعة فقط) وكذلك بالعاملين في تدريس التربية الإسلامية أو التوجيه من نفس النوعية.. ولا بد أن يقرن بهؤلاء بعض المختصين المكتبيين لضمان عصرية الفهرسة وأخذها بما هناك من تطوير في وسائل العمل أو أشكاله.
معجم المصطلحات الفقهية
معجم المصطلحات الفقهية
عناصر الموضوع:
1-
النظام الأساسي:
جاء في المادة الخامسة من الباب الثالث من النظام الأساسي للمجمع: " وضع معجم للمصطلحات الفقهية ييسر على المسلمين إدراك معناها لغة واصطلاحًا عن طريق لجان متخصصة".
2-
توصية شعبة التخطيط:
رأت الشعبة في اجتماعها الأخير بجدة (شعبان 1405 هـ/مايو 1985 م) أن يكون المعجم المراد وضعه معجما تعريفيا بالمصطلحات الفقهية لا مجرد فهرس للمصطلحات، ودون اشتماله على أحكام فقهية تفصيلية، وأن يكون شاملا لجميع ما ورد من مصطلحات في المذاهب الفقهية.
ولقد طلبت الشعبة من الأمانة العامة تكوين لجنة تستعرض الجهود السابقة في هذا المجال والاقتراحات التي قدمت في الموضوع إلى أمانة المجمع، وتستعين بالفهارس التي تم إنجازها للكتب الفقهية؛ لوضع منهج واضح لإخراج معجم شامل للمصطلحات الفقهية.
على أن يتم توثيق معاني هذه المصطلحات في المعجم المأمول بالرد إلى كتب المذاهب المتعددة، وعلى أن تراعي الأمانة العامة، عند تشكيل هذه اللجنة إمكانيات المجمع وتسهيل العمل، وبحيث يصار إلى البدء بتنفيذ العمل بتكليف مختصين لعمل معجم لمصطلحات كل مذهب على حدة، ثم يجري إخراج المعجم الشامل.
3-
قرار المجمع في دورته الثانية بناء على محضر لجنة المعجم:
المعجم:
أما المعجم المقرر إعداده للمصطلحات الفقهية، فقد رأت اللجنة أن ما جاء عنه في تقارير الأعضاء، وما اشتمل عليه تقرير لجنة التخطيط يعتبر كافيا، لأن ما بعد هذا التصور يعتبر من القضايا التنفيذية التي تتطلب القيام بالإعداد الفعلي مستعانا بالأعمال السابقة سواء في مجال المعاجم (معجم المحلى، ومعجم المغني الصادر في الكويت) أو الفهارس التحليلية للمراجع الفقهية الكثيرة التي تقوم بها وزارة الأوقاف في الكويت وأن اللجنة العلمية المقترحة للموسوعة سيكون من عملها الإشراف على إعداد المعجم. والله الموفق.
توقيع أعضاء لجنة الموسوعة الفقهية والمعجم:
الشيخ عبد الله البسام د. عبد السلام العبادي
الأستاذ عبد الحليم الجندي د. محمد عبد اللطيف فرفور
(مقرر اللجنة)
الدكتور عبد الستار أبو غدة
توطئة عن الخطوات التنفيذية:
في ضوء عناصر الموضوع المستخلصة مما جاء عن " المعجم " في النظام الأساسي للمجمع، وتوصيات شعبة التخطيط، وتوصية لجنة المعجم التي اعتمدت ضمن قرارات الدورة الثانية للمجمع فإن المرحلة الحالية هي مرحلة التنفيذ والإعداد الفعلي للمعجم بالاستفادة من كل من المعاجم السابقة، والفهارس التحليلية للمراجع الفقهية.
وتقتضي إجراءات التنفيذ تقديم نماذج لما ستكون عليه بيانات المعجم، مع قوائم بالمعاجم والفهارس التحليلية المنجزة أو التي هي قيد الإنجاز، وكذلك قوائم بالفهارس الفقهية القديمة وكتب التعريفات والمصطلحات.
وقد تم إعداد ذلك كله كخطوة عملية للتنفيذ.
المجمع والجهات المعنية بالمعاجم الفقهية:
غير أن من الضروري الإشارة إلى عنصر جديد في سبيل إعداد معجم المصطلحات الفقهية من شأنه " توفير إمكانيات المجمع، وتسهيل العمل " وهو أيضًا منسجم مع رغبة شعبة التخطيط في عمل معجمات لمصطلحات كل مذهب على حدة تمهيدا لإخراج المعجم الشامل، هذا العنصر الجديد هو اهتمام مشترك بين وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية في الكويت والبنك الإسلامي للتنمية في جدة، انطلاقًا من عناية الوزارة بفهرسة المراجع الفقهية وعناية البنك بالمصطلحات الاقتصادية الإسلامية (أي فقه المعاملات) وهو ما لا يتم بصورة كاملة إلا من خلال العناية بمصطلحات الفقه كله.
وقد تمخض عن هذا الاهتمام المشترك توقيع ميثاق تعاون لإصدار " الكشاف الشامل لمصطلحات الفقه الإسلامي" بنهوض الوزارة بالعبء العلمي، وتكفل البنك بكل ما يتطلبه تعميم الانتفاع بهذا الجهد، ومن الواضح أن " الكشاف الشامل " نافذة واسعة إلى مقومات المعجم الذي يعتزم المجمع إعداده، لأن الفهارس التحليلية لكتب الفقه تؤدي إلى ما يلي من البيانات – وهي كلها من لوازم مادة المعجم: -
- حصر المصطلحات لكل مذهب، ومن ثم لجميع المذاهب الفقهية.
- الوقوف على مواطن " تعريف " تلك المصطلحات.
- الوقوف على مواطن " الحكم الإجمالي " لتلك المصطلحات.
الاقتراح:
ولهذا أتقدم باقتراح لتوحيد الجهود بين المجمع وبين الجهتين المتعاونتين المشار إليهما وهو أن ينضم المجمع رسميا إلى ذلك الميثاق ويكون هو الجهة الأولى المستفيدة من تلك الأعمال وفي الوقت نفسه هو مناط الاعتماد والتقويم لها، ومنحها الثقة المجمعية من خلال لجنة المعجم خاصة ومساهمات الأعضاء عامة.
المرفقات:
1-
الكشاف الشامل لقائمة المصادر المباشرة للمصطلحات والتعريفات.
2-
نماذج للبيانات التي سيشتمل عليها المعجم بالنسبة لكل مصطلح.
الكشاف الشامل
(67)
فهرسا تحليليا فقهيًا
1-
الفواكه الدواني شرح الرسالة جزءان
مجموع صفحاتهما (944)
2-
حاشية الباجوري علي ابن قاسم (4) أجزاء.
مجموع صفحاتها (1856) .
3-
كفاية الأخيار للحصني جزءان
مجموع صفحاتهما (626) .
4-
إعانة الطالبين (4) أجزاء
مجموع صفحاتها (1377) .
5-
شرح البهجة للقاضي زكريا (5) أجزاء
مجموع صفحاتها (2150) .
6-
تحفة المحتاج لابن حجر (10) أجزاء.
مجموع صفحاتها (4735)
7-
الغاية القصوى للبيضاوي جزءان
مجموع صفحاتهما (1633)
8-
البناية شرح الهداية للعيني (10) أجزاء
مجموع صفحاتها (8676)
9-
البحر الرائق لابن نجيم (8) أجزاء
مجموع صفحاتها (3160)
10-
حاشية أبي السعود على شرح الكنز (3) أجزاء
مجموع صفحاتها (1793)
11-
مجمع الأنهر جزءان
مجموع صفحاتهما (1420)
12-
كشف الحقائق للأفناني جزءان
مجموع صفحاتهما (704)
13-
أسهل المسالك (3) أجزاء
مجموع صفحاتها (1299)
14-
منح الجليل شرح خليل لعليش (4) أجزاء
مجموع صفحاتها (3138)
15-
حاشية الرهوني علي الزرقاني على خليل (8) أجزاء
مجموع صفحاتها (3019)
16-
فتح الجواد لابن حجر جزءان
مجموع صفحاتهما (1089)
17-
نيل المآرب للشيباني جزءان
مجموع صفحاتهما (990)
18-
الكافي لابن قدامة (4) أجزاء
مجموع صفحاتها (2111) .
19-
منار السبيل شرح الدليل لابن ضويان جزءان
مجموع صفحاتهما (4099)
20-
المبدع لابن مفلح (10) أجزاء
مجموع صفحاتها (4099)
21-
الإنصاف شرح المقنع للمرداوي (12) جزءا
مجموع صفحاتها (5782)
22-
الروض النضير للسيافي (4) أجزاء.
مجموع صفحاتها (1805)
23-
البحر الزخار لابن المرتضى (5) أجزاء
مجموع صفحاتها (2195)
24-
المنتزع المحتار لابن مفتاح (4) أجزاء
مجموع صفحاتها (2353) .
25 -
الفروع لابن مفلح (6) أجزاء
مجموع صفحاتها (3888)
26-
الشرح الصغير بحاشية الصاوي (4) أجزاء
مجموع صفحاتها (3050)
27-
شرح منتهى الإرادات (3) أجزاء
مجموع صفحاتها (1514)
28-
حاشية ابن عابدين (5) أجزاء
مجموع صفحاتها (2804) .
29-
أسنى المطالب شرح الروض (4) أجزاء
مجموع صفحاتها (2062)
30 – مدونة الإمام مالك (6) أجزاء
مجموع صفحاتها (2970) .
31-
المبسوط للسرخسي (30) جزءا
مجموع صفحاتها (6368)
32-
البدائع للكاساني (7) أجزاء
مجموع صفحاتها (2134) .
33-
الفتاوى الهندية (6) أجزاء
مجموع صفحاتها (3789)
34-
مواهب الجليل للحطاب (6) أجزاء
مجموع صفحاتها (3526) .
35-
الأم للشافعي (7) أجزاء.
مجموع صفحاتها (1960)
36-
روضة الطالبين للنووي (12) جزءا
مجموع صفحاتها (5023)
37-
نهاية المحتاج للرملي (8) أجزاء
مجموع صفحاتها (3758)
38-
مسائل الإمام أحمد لأبي داود. جزء واحد
مجموع صفحاته (326)
39-
مسائل الإمام أحمد لابن هاني جزءان
مجموع صفحاتهما (497)
40 – المغني لابن قدامة (12) جزءا ط (1) المنار
مجموع صفحاتها (8065)
41-
المغني لابن قدامة (9) أجزاء ط، الرياض، مجموع صفحاتها (6203) .
42-
الاختيار شرح المختار للموصلي (5) أجزاء
مجموع صفحاتها (846)
43-
المحلى لابن حزم (11) جزءا
مجموع صفحاتها (1480)
44-
جمع الجوامع بشرح المحلى جزء واحد
مجموع صفحاته (439)
45-
مسلم الثبوت شرحه للأنصاري جزءان
مجموع صفحاتهما (742)
46-
المجموع للنووي شرح المهذب (12) جزءا
مجموع صفحاتها (5697)
47-
المعيار للونشريسي (12) جزءا
مجموع صفحاتها (5422)
48-
فتاوى ابن تيمية (35) جزءا
مجموع صفحاتها (15367)
49-
بداية المجتهد لابن رشد (2) جزءان
مجموع صفحاتها (952)
50-
الإقناع للخطيب الشربيني (4) أجزاء
مجموع صفحاتها (619)
51-
الشرقاوي على شرح التحرير جزءان
مجموع صفحاتهما (1069)
52-
الفتاوى الحامدية جزءان
مجموع صفحاتهما (1026)
53-
الفتاوى المهدية (7) أجزاء
مجموع صفحاتها (3998)
54-
فتاوى ابن حجر الكبرى (4) أجزاء.
مجموع صفحاتها (1735)
55-
فتاوى الرملي (4) أجزاء
مجموع صفحاتها (1735)
56-
فتاوى السبكي (2) جزءان
مجموع صفحاتها (1162)
57 – فتاوى عليش (فتح العلي المالك)(2) جزءان
مجموع صفحاتهما (823)
58-
الفتاوى الأنقروية جزءان
مجموع صفحاتهما (895)
59-
فتح القدير (8) أجزاء
مجموع صفحاتها (3806)
60 – شرح الزرقاني (8) أجزاء
مجموع صفحاتها (2174)
61 – كفاية الطالب الرباني جزءان
مجموع صفحاتهما (868)
62 – مطالب أولي النهي (6) أجزاء
مجموع صفحاتها (4475)
63 -
حاشية الجمل (5) أجزاء
مجموع صفحاتها (3722)
64 – حاشية الدسوقي علي شرح الكبير (4) أجزاء
مجموع صفحاتها (2134)
65 – كشاف القناع (6) أجزاء
مجموع صفحاتها (3723)
66-
جواهر الأكليل جزءان
مجموع صفحاتهما (750)
67 – شرح المنهاج بحاشية القليوبي وعميرة (4) أجزاء.
مجموع صفحاتها (2443)
نموذج (1) من العبادات
الترجيع
التعريف:
الترجيح في اللغة ترديد الصوت في قراءة أو أذان أو غناء أو زمر أو غير ذلك مما يترنم (لسان العرب مادة " رجع ") .
ويستعمل الفقهاء كلمة الترجيح بمعنيين:
1-
رفع المؤذن صوته بالشهادتين بعد أن خفض بهما (حاشية الشلبي بهامش الزيلعي 1/ 90) .
2-
التلحين، وهو إخراج الحرف عما يجوز له في الأداء من نقص من الحروف أو من كيفياتها وهي الحركات والسكنات أو زيادة شيء فيها (حاشية الشلبي بهامش الزيلعي 1/ 91، والبحر الرائق لابن نجيم) .
الحكم الإجمالي:
الترجيع بالمعنى الأول:
أن الأذان لا ترجيع فيه. بهذا قال الحنفية والحنابلة على الصحيح من المذهب والإباضية والزيدية والإمامية.
(الزيلعي 1/ 90، والبحر الرائق 1/ 269، والبناية 2/ 9، والمغنى مع الشرح الكبير 1/ 416، والإيضاح للشيخ الشماخي 1/ 397 ط. مطبعة الوطن، عيون الأزهار في فقه الأئمة الأطهار ص 82، واللمعة الدمشقية 1/ 239 نشر جامعة النجف) .
وقال المالكية والشافعية على المذهب الصحيح والظاهرية بسنة الترجيع في الأذان.
(حاشية العدوي 1/ 223، والمجموع 3/ 90، 91، وروضة الطالبين 1/ 199، والمغني مع الشرح الكبير 1/ 416، والمحلى لابن حزم 3/ 149، 150 الفقرة/331) .
وأما الترجيع بالمعنى الثاني وهو التلحين فينظر في (قراءة ولحن) .
نموذج (2) من العقوبات
لوث
التعريف:
اللوث في اللغة معناها البينة الضعيفة غير الكاملة.
(المصباح المنير مادة " لوث ")
وللوث عند الفقهاء، تعاريف متعددة منها أنه قرينة لصدق المدعي بأن وجد قتيل في محلة أو قرية صغيرة لاعدائه أو تفرق عنه جميع محصورون ولو لم يكونوا أعداه.
(شرح المنهاج للمحلى 4/ 164، حاشية الشرقاوي 2/ 383 نشر دار المعرفة) .
(ومنها) أنه هو الأمر الذي ينشأ عنه غلبة الظن بصدق المدعى بالقتل.
(الدسوقي 4/ 287 ط. عيسى الحلبي) .
(ومنها) أنه العداوة الظاهرة بين المقتول والمدعى عليه كنحو ما بين الأنصار ويهود خيبر وما بين الشرطة واللصوص وكل من بينه وبين المقتول ضغن يغلب على الظن أنه قتله.
(المغني مع الشرح الكبير 10/ 7 – 8)
الحكم الإجمالي:
لا تجب القسامة إلا إذا كان هناك لوث.
بهذا قال المالكية والشافعية والحنابلة والإمامية والظاهرية والزيدية.
(حاشية الدسوقي 4/ 287 ط. الحلبي، الشرقاوي/383، وكشاف القناع 6/68، واللمعة الدمشقية 10/ 72 نشر جامعة النجف، والمحلى 11/ 84، والمشرع المختار 4/ 460) .
ولا يشترط الحنفية والإباضية اللوث لوجوب القسامة.
ومن أهم وجوه اللوث:
العداوة، تفرق جماعة عن قتيل، وجود قتيل لا يوجد بقربه إلا رجل معه سيف أو سكين ملطخ بالدم ولا يوجد غيره ممن يغلب على الظن أنه قتله، اقتتال فئتين فيفترقون عن قتيل من أحدهما، شهادة العبيد والنساء بالقتل، قول المجروح: دمي عند فلان.
ومن الفقهاء من يشترط لتحقق اللوث أن يكون بالقتيل أثر ومنهم من لا يشترط.
(البناية 1/ 328 – 331، والنيل وشفاء العليل 15/ 161، 162) .
نموذج (3) من المعاملات
اشتباه
التعريف:
الاشتباه مصدر اشتبه، مثال: اشتبه الشيئان وتشابها: أشبه كل واحد منهما الآخر، والمشتبهات من الأمور: المشكلات.
والشبهة اسم من الاشتباه وهو الالتباس.
(لسان العرب والمصباح المنير مادة شبه) .
والاشتباه في الاستعمال الفقهي أخص منه في اللغة فقد عرف الجرجاني الشبهة: بأنها ما لم يتيقن كونه حراما أو حلالا.
(التعريفات للجرجاني ص 110) .
من أهم أسباب الاشتباه.
الاشتراك الواقع في الألفاظ واحتمالها للتأويلات، دوران الدليل بين الاستقلال بالحكم وعدمه، اختلاف الرواية، اختلاف الإعراب، دعوى النسخ وعدمه، وتعارض الأدلة دون رجح.
(الموافقات للشاطبي 4/ 213 – 214 ط. المكتبة التجارية، والإحكام لابن حزم 2/ 124، ومقدمة بداية المجتهد) .
من أهم طرق إزالة الاشتباه:
التحري (الفتاوى الهندية 5/ 382) ، والأخذ بالقرائن (مجلة الأحكام العدلية المادة 7141) ، واستصحاب الحال (مجلة الأحكام العدلية المادة 5) ، والأخذ باحتياط (إرشاد الفحول ص 244 – 245) ، وإجراء القرعة (القواعد لابن رجب) .
ومن أمثلة المسائل الفقهية التي يقع فيها الاشتباه.
اشتباه الثياب الطاهرة بغيرها.
فقد ذهب الحنفية والمالكية على المشهور والشافعية إلى أن من تحقق من إصابة النجاسة لأحد ثوبيه وطهارة الآخر فاشتبه الطاهر بالنجس فإنه يتحرى أي يجتهد بعلامة تميز له الطاهر منهما من النجس. فما أداه اجتهاده إلى أنه طاهر صلى به وما أداه اجتهاده إلى أنه نجس تركه حتى يغسله.
(الفتاوى الهندية 1/ 60 ومواهب الجليل 1/ 160، والمهذب 1/ 61) .
ويرى الحنابلة والإمامية وابن الماجشون من المالكية أن من اشتبهت عليه ثياب طاهرة بنجسة لم يجز له التحرى وصلى في كل ثوب بعدد النجس وزاد صلاة.
(كشاف القناع 1/ 12 نشر دار المعرفة، والمغنى لابن قدامة 1/ 63 ط. الرياض، ومفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة 1/ 182، والحطاب 1/ 160) .
وقال الزيدية: إذا التبس الثوب الطاهر بغيره صلى في كل وحد من الثوبين مرة.
(شرح الأزهار 1/ 179 – 180 ط، مطبعة الحجازي بالقاهرة)
وقال الإباضية: ثوب الريبة في الصلاة أولى من الثوب المنجوس والحديد والنحاس والرصاص والذهب والحرير.
(كتاب الإيضاح للشيخ الشماخي 1/ 429؛ والنيل وشفاء العليل 2/ 58 نشر دار الفتح) .
نموذج (4) من الأنكحة (الأحوال الشخصية)
اهتداء
التعريف:
الاهتداء: مصدر اهتدى، يقال: اهتدى الرجل امرأته إذا جمعها إليه وضمها، وهي مهدية وهدى أيضًا.
(لسان العرب مادة هدى) .
وخلوة الاهتداء عند المالكية – وهم أكثر الفقهاء استعمالاً لهذا اللفظ – هي إرخاء الستور إن كان هناك إرخاء ستور أو غلق باب أو غيره.
(حاشية الدسوقي 2/ 301 ط. دار الفكر) .
فخلوة الاهتداء هي خلوة بناء، وهي غير الخلوة التي تكون لا لأجل البناء.
(انظر التاج والإكليل بهامش الحطاب 3/ 507) .
الحكم الإجمالي:
إذا اختلى الزوج بزوجته خلوة اهتداء ثم طلقها وتنازعا في المسيس، فقال الزوج: ما أصبتها، وقالت هي: بل أصباني، فإنها تصدق في ذلك بيمين، بكرًا كانت أو ثيبا، كان الزوج صالحًا أم لا.
(حاشية الدسوقي 2/ 301، ومواهب الجليل 3/ 507) .
معلمة القواعد الفقهية
المقدمة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد، فإن علماء الشريعة العاملين نضر وجوهم، ذهبوا في خدمة الشريعة كل مذهب متفننين بالتدوين والتأليف فنتج من هذا الإثراء تولد عدد غير قليل من العلوم الشرعية ومن أجلها: الفروع الفقهية بدقائقها التفصيلية المنتزعة من مصادرها الأصلية: الكتاب والسنة. والأثر. فكان من ثمار تلك التفريعات: ظهور القواعد الفقهية الجامعة لعدد من المسائل الفرعية فقد تحيط القاعدة بمآت الفروع. فصارت القاعدة عندهم تعني:
كل تأصيل فقهي كلي أو أغلبي يحوي بتقعيده قضاياه وفروعه المتناثرة التي موضوعها هو فعل المكلف.
وهذا التقعيد مسبوق بلسان النبوة في: جوامع الكلم ثم على لسان الصحابة والتابعين، ثم يجدها الناظر في عصور التدوين منثورة في ثنايا الأحكام الفقهية التكليفية للتعليل والتدليل، حتى تكونت أمام العلماء ظاهرة الاهتمام بأفرادها في تأليف مستقلة، وكان ذلك في طلائع القرن الرابع الهجري على يد علماء المذهب الحنفي وفي مقدمتهم الكرخي عبد الله بن الحسن م سنة 340 هـ في كتابه المسمى: أصول الكرخي، وأبو زيد عبد الله بن عمر الدبوسي م سنة 430 هـ رحمهما الله تعالى.
ثم أخذت الكتب في هذا الفن العلمي الجامع تنشر لدى علماء المذاهب وفقهاء الملة، وقد وقع لي نحو من (200) كتاب استخرجتها من كشف الظنون وذيليه.
يضاف إليها ما يوجد من القواعد المحررة المشروحة بمآت الأمثلة التفريعية لدى شيخ الإسلام ابن تيمية ولدى تلميذه ابن القيم، وقد استقرأت ما لدى ابن القيم فبلغت نحوًا من مائتي قاعدة فقهية طبعت في الجزء الأول من كتابي التقريب لفقه ابن القيم 1/ص 259 – 292 مبينًا مواضعها من كتبه المطبوعة وهي (31) كتابًا.
المؤلفات المطبوعة فيها:
هذا وقد مَنَّ الله تعالى على المسلمين وهو المانَّ وحده بظهور عدد من كتب القواعد الفقهية مطبوعًا منها ما يلي:
1-
أصول النظر. للكرخي
2-
تأسيس النظر. للدبوسي
3-
القواعد النورانية الفقهية الفقهية لابن تيمية
4-
قواعد الأحكام، للعز بن عبد السلام.
5-
القواعد لابن رجب.
6-
الفرائد البهية في القواعد الفقهية، للحسيني الدمشقي م سنة 1305 هـ.
7-
الأشباه والنظائر. لابن نجيم.
8-
شرحه، غمز عيون البصائر للحموي.
9-
إتحاف الأبصار والبصائر بتبويب الأشباه والنظائر، لأبي الفتح الحنفي، وهو في مجلدين.
10-
نزهة النواظر على الأشباه والنظائر، لابن عابدين.
11-
الإسعاف بالطلب على قواعد المذهب، للتواني المالكي.
12-
إيضاح المسالك إلى قواعد مالك. للونشريسي المالكي.
13-
الأشباه والنظائر للسيوطي الشافعي.
14-
المنثور في القواعد، للزركشي الشافعي.
15-
القواعد لابن اللحام الحنبلي.
16-
مجلة الأحكام العدلية (99) قاعدة في مقدمتها.
17-
شرح القواعد الفقهية، لأحمد الزرقاء.
18-
المدخل لمصطفى الزرقاء.
19-
مجلة الحكام الشرعية على مذهب الحنابلة في مقدمتها (160) قاعدة.
20 -
مختصر قواعد العلائي.
21-
خاتمة مجامع الحقائق. للخادمي الحنفي م سنة 1176 هـ
22-
في: الفروق للقرافي المالكي.
23-
القواعد للمقري المالكي م سنة 1758، وقد حقق منه قسم العبادات في: جامعة أم القرى بمكة حرسها الله تعالى.
24-
التمهيد في تخريج الفروع على الأصول للأسنوي.
25-
تخريج الفروع على الأصول للزنجاني وهناك رسائل قديمة وحديثة وأخرى جامعية في دراسة قاعدة فقهية بعينها كقواعد: العرف، والضرر، والمصلحة، وسدّ الذرائع والضمان، والضرورة، ونحوها، وهي مطبوعة ومنتشرة ولله الحمد.
بل برزت كتب مطبوعة شارحة للقواعد في جوانبها كافة، منها:
1-
القواعد الفقهية، لعلي بن أحمد الندوي.
2-
أثر الاختلاف في القواعد الأصولية.
أسباب الدعوة إلى هذا المشروع:
مما تقدم يظهر مدى اهتمام العلماء بتشخيص القواعد الفقهية والتفريع عليها، وتظهر أهميتها بما يلي:
1-
جامعيتها، فإن القاعدة قد تنظم عددًا كثيرًا من الفروع في عامة أبواب الفقه.
2-
إسعافها للقاضي والمفتي عند غياب النص الفقهي.
3-
فعاليتها المهمة في التطبيقات والنوازل المعاصرة، أنه امتداد لاهتمام العلماء بها وبالغ أهميتها ولما يلي:
(أ) عدم وجود مؤلف مستقل ينظم تلك القواعد لدى علماء المذاهب الفقهية.
(ب) الحاجة إلى تحرير نص القاعدة.
(ج) إيجاد أقرب سبيل للوقوف عليها.
إن لهذه الأسباب ولأن المجامع العلمية ينبغي أن تتبنى مشاريع فيها جدية وتجديد وجامعية واستقطاب، ولأنه لم تسبق حسب التتبع الدعوة إلى هذا المشروع وأعماله فإنه يظهر مناسبًا أن يكون من بواكير الإنتاج لهذا المجمع وطلائعه عمل:
معلمة القواعد الفقهية
مراعاة فيها ما يلي:
1-
تحرير نص القاعدة وترتيبها.
2-
توثيقها بذكر مصادرها الأصلية والمذهبية.
3-
توجيهها أو التدليل عليها.
4-
ذكر بعض فروعها.
5-
التطبيقات المعاصرة عليها ما أمكن.
وهذا المشروع مع ضخامته لن ينوء به إن شاء الله، مجمع يمثل دول العالم الإسلامي ويضم نحو " الهنيدة " من العلماء، وأنه عند الموافقة عليه فإنني إن شاء الله تعالى مستعد للقيام به، وعلى أن ترشح لجنة ثلاثية متخصصة تفحص دوريًا ما يتم إنجازه من هذا المشروع المبارك.
منح الله الجميع التقوى ومن العمل ما يحب ويرضى، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه
بكر أبو زيد
مدونة أدلة الأحكام الفقهية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد، فإن النداء إلى عمل موسوعة " للحديث " النبوي هو امتداد لجهود علماء السنة في " المجامع " مثل: جامع الأصول لابن الأثير، ومجمع الزوائد للهيثمي، والمطالب العالية لابن حجر، وجامعي السيوطي في طائفة كثيرة نحوها.
وإن النداء إلى عمل " مدونة – موسوعة، لأدلة الأحكام هو امتداد للكتب الحديثة في أدلة الأحكام مثل: عمدة الأحكام لابن سرورة المقدسي، وعمدة الأحكام لابن دقيق العيد، والمنتقى للمجد ابن تيمية، وبلغ المرام للحافظ ابن حجر، وهكذا في عدد كثير من هذا الطراز.
فالدعوة اليوم إلى عمل " مدونة – موسوعة – لأدلة الأحكام، هو امتداد لجهود الأجداد على يد الأحفاد.
وإنه في عام 1368 هـ، دعا العلامة المحدث أبو الأشبال أحمد بن محمد شاكر إلى عمل تدوين جامع للأدلة من السنة النبوية للأحكام الشرعية، وبعث في هذا مكاتبة لسماحة مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى فكانت محل استحسان من الشيخ رحمهما الله تعالى، لكن حال دون ذلك عدم استكمال طباعة كافة العمد من كتب السنة.
أما اليوم وقد أفاء الله تعالى على المسلمين بطباعة الأصول من كتب السنة كالصحاح، والمساند، والمعاجم، والمصنفات، والسنن، والجوامع، والمجامع، والأجزاء، والتخاريج، والمستخرجات في سلسلة كريمة هائلة.
كما أفاء الله سبحانه وهو المان وحده بظهور عدد كبير من المعاجم والفهارس والأطراف التي بواسطتها يحصل الكشف بلحظات على الحديث المطلوب من المساند ونحوها، وذلك في نحو خمسين مؤلفًا من الفهارس وما في حكمها جميعها في متناول أهل العلم مطبوعة ميسرة ولله الحمد.
إنه والحال كذلك يتأكد على أهل العلم التجديد لذلك النداء وأعماله بعمل مدونة موسعة تستقطب أدلة الأحكام من الكتاب، والسنة، وأقوال الصحابة رضي الله عنهم، مرتبة على أبواب الفقه ومصنفة على موضوعاته ليسهل الكشف، ويسلك في سياقها طريقة ميسورة سهلة في الخطوات الآتية:
1-
ما في الباب من آيات القرآن الكريم.
2-
سياق نص الحديث بذكر صحابيه.
3-
ذكر من أخرجه.
4-
تفصيل روايات المخرجين عند الاختلاف في مروياتهم وألفاظهم.
5-
بيان كلام العلماء في الحكم على هذا الحديث إن كان خارج الصحيحين.
6-
يتلو ذلك سياق أقوال الصحابة رضي الله عنهم على هذا المنوال.
وقد كنت طبعت أنموذجًا لهذا المشروع عام 1403 هـ، لنصوص الحوالة حيث إنه لم يرد فيها إلا حديث واحد مرفوع وأثار. وفي ص/12 – 13 ما نصه.
" وعسى أن يكون بداية خير، وفتح باب لنظر إخواني طلاب العلم في الأخذ بعمل: موسوعة لنصوص الأحكام الفقهية قبل عمل: الموسوعة الفقهية وهذا هو أسلم طريق يوصل إلى العلم الشرعي الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن صحابته رضي الله تعالى عنهم، فإنه إذا استوعبت النصوص في الباب وجمعت مرتبة في صعيد واحد وحرر الثابت منها من غيره، أمكن للفقيه المتجرد من العصبية: استنباط الأحكام الفقهية من أدلتها الشرعية وهو في غاية ما يكون من الاطمئنان للقول الحق والوصول إلى الصواب من فقه علماء الأمصار، رحم الله الجميع وأجزل لهم الأجر والثواب
…
" اهـ.
هذا عرض موجز عن مدونة الأدلة للأحكام الشرعية وفي تضاعيفه تفصيلات معلومة أو بحكم المعلومة، إذا تمت الموافقة على هذا المشروع الجليل فأرى تأليف لجنة من أهل الاختصاص لتحرير خطوات التدوين مفصلة.
وقبل الختام، ألفت النظر إلى أن هذا المشروع بهذه الكيفية على الأبواب الفقهية إذا تم باب فقهي منه مثل باب الصلح، باب العارية، باب الربا والصرف، وهكذا فهو عمل مستقل بنفسه ويكون إنجازا رائعًا لا يرتبط طبعه ونشره وتكامل الفائدة منه بالأبواب الأخرى.
والله الموفق. وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه
بكر أبو زيد
30/ 10/ 1406هـ
تقرير لجنة الإجابة عن استفسارات
البنك الإسلامي للتنمية بعد
مداولات المجلس حول محضر أصحاب
الفضيلة علماء الشريعة
تقرير لجنة الإجابة عن استفسارات البنك الإسلامي للتنمية
بعد المداولات حول محضر اجتماع أصحاب الفضيلة علماء الشريعة
بحمد الله اجتمعت اللجنة يومي 10 و 11 صفر 1407 هـ الموافق 14 و 15 / 10 / 1986 م. للنظر في الاستفسارات في ضوء محضر اجتماع علماء الشريعة الذي عقد في جدة بدعوة من البنك الإسلامي للتنمية في الفترة من 14 – 17 شوال 1406 هـ، وفي ضوء المناقشات التي جرت حولها في كل من دورتي المجمع الثانية والثالثة.
وقد حضر اجتماعات اللجنة كل من:
- فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي – رئيسا.
- فضيلة الشيخ مصطفى أحمد الزرقاء.
- فضيلة الدكتور الصديق محمد أمين الضرير.
- فضيلة الدكتور وهبة الزحيلي.
- فضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف الفرفور.
- فضيلة الدكتور عبد الستار أبو غدة – مقررا.
وحضر من البنك الإسلامي للتنمية كل من:
- الدكتور محمد الفاتح.
- الدكتور منذر قحف.
- الدكتور عبد الرزاق اللبابيدي.
- السيد درمس كافدار.
- السيد عبد الملك القادني.
وقد استعرضت المبادئ المشار إليها في محضر اجتماع علماء الشريعة، وما تقدم به الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير من ملاحظات على المحضر (حيث لم يتمكن من حضور الاجتماع المذكور عند دعوته لحضوره) وبعد التداول والمناقشات انتهى الحاضرون إلى المبادئ التالية:
المبادئ المقررة حول عمليات الإيجار
المبدأ الأول:
أن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية بإيجار المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعا.
المبدأ الثاني:
أن توكيل البنك الإسلامي للتنمية أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك بغية أن يؤجره البنك تلك الأشياء بعد وصولها وحصولها في يد الوكيل هو توكيل مقبول شرعا، والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.
المبدأ الثالث:
أن عقد الإجارة يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات، وأن يبرم بعقد منفصل عن عقد الوكالة والوعد.
المبدأ الرابع:
أن الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الإجارة جائز بعقد منفصل، كما أن تعليقها على وفاء المستأجر بالتزامات مقبول شرعا.
المبدأ الخامس:
أن تبعة الهلاك والتعيب تكون على البنك بصفته مالكا للمعدات ما لم يكن ذلك بتعد أو تقصير من المستأجر فتكون التبعة عندئذ عليه.
المبدأ السادس:
أن نفقات التأمين لدى الشركات الإسلامية كلما أمكن ذلك – يتحملها البنك.
المبادئ المقررة حول عمليات البيع
بالأجل مع تقسيط الثمن
المبدأ الأول:
أن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية ببيع المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعا.
المبدأ الثاني:
أن توكيل البنك أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك، بغية أن يبيعه البنك تلك الأشياء بعد وصولها وحصولها في يد الوكيل هو توكيل مقبول شرعا.
والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.
المبدأ الثالث:
أن عقد البيع يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات والقبض لها، وأن يبرم بعقد منفصل عن عقد الوكالة والوعد.
المبادئ المقررة حول عمليات
تمويل التجارة الخارجية
تنطبق على هذه العمليات المبادئ المطبقة على (عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن)
المبادئ المقررة حول التصرف في فوائد الودائع
تأكيدا لما جاء في محضر اجتماع علماء الشريعة بشأن الفوائد ومنع حماية البنك القيمة الحقيقية من الـ 50 % التي قررها مجلس المحافظين للاحتياطي فإنه يجب أن يطبق على جميع الفوائد المبدأ الشرعي وهو صرفها في وجوه الخير والبر العام حسب المبادئ الخمسة المشار إليها في محضر اجتماع علماء الشريعة.
وانتهى الاجتماع بحمد الله تعالى.
تواقيع الحاضرين من أعضاء المجمع وخبرائه:
رئيس اللجنة مقرر اللجنة
محمد المختار السلام د/ عبد الستار أبو غدة
عضو اللجنة عضو اللجنة
د/ مصطفى أحمد الزرقاء د/ الصديق محمد الأمين الضرير
عضو اللجنة عضو اللجنة
د/ وهبة الزحيلي د/ محمد عبد اللطيف الفرفور
تواقيع الحاضرين عن البنك الإسلامي للتنمية
د/ محمد الفاتح د/ منذر قحف
د/ عبد الرزاق اللبابيدي السيد درمس كاندار
السيد عبد الملك الفادني
مناقشة تقرير لجنة الإجابة عن الاستفسارات
مناقشة ما قررته اللجنة الخاصة
باستفسارات البنك
جلسة يوم 13 صفر 1407 هـ / 16 / 10 / 1986 م.
الشيخ عبد السلام العبادي:
بعد مداولات مستفيضة ومناقشات واسعة لجميع الاستفسارات التي تقدم بها البنك إلى المجمع انتهى مجلس المجمع إلى ما يلي:
(أ) أجور خدمات القروض: قرر المجمع اعتماد المبادئ التالية في هذا الموضوع:
1-
جواز أخذ أجور عن خدمات القروض.
2-
أن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية.
3-
كل زيادة عن الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعا.
(ب) عمليات الإيجار: قرر مجلس المجمع اعتماد المبادئ التالية فيها:
المبدأ الأول: أن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية في إيجار المعدات
الرئيس:
مندوب البنك يا شيخ عبد السلام موجود والله إذا رأيتم.
الشيخ عبد السلام العبادي:
على فكرة إذا سمح الإخوان نحن أخذنا هذه تماما كما قررتها اللجنة اشترك فيها الموافقون بالصيغة الأولى وعدد من الإخوة الذين كانوا تولوا عملية النقاش هنا والقرار منظور وموقع منهم وأخذناه كما هو دون أي تعديل نحن قمنا بدورنا كلجنة صياغة فقط.
الشيخ محمد عطا السيد:
السيد الرئيس نطلب أن هذا الموضوع كنا قد اتخذنا فيه قرارات حتى أنه صعب أن يثبت الآن، على كل هذه نقطة نظام.
الرئيس:
الذي أعرفه أن الأسئلة الأربعة الأخيرة أنه عندما حصل كثرة البحث فيها بين الإخوان ولم يصلوا إلى نتيجة قاطعة أنه رؤي أن يؤلف من وجهتي النظر لجنة أظن سداسية أو خماسية ويجتمعون ويدرسون الموضوع ثم يعرض هذا الذي كنت أعرفه ويدرسون ثم يعرض لكن الآن هو بمثابة العرض لا بمثابة قرار، إن أقررتموه وإن لم تقروه فهذا الأمر متروك لكم كذا يا مشايخ.
الشيخ عبد السلام العبادي:
المبدأ الأول: أن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية لإيجار المعدات إلى العاملين بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعا
…
لا العاملين، أتصور المتعاملين.
الشيخ الصديق الضرير:
لإيجار المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعا، هذا هو النص.
الشيخ عبد السلام العبادي:
بالضبط أي نعم.
الأمين العام:
أعد اقرأ لنا الجملة
الشيخ عبد السلام العبادي:
إن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية بإيجار المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعا.
المبدأ الثاني: أن توكيل البنك الإسلامي للتنمية أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك بُغيَة أن يؤجره البنك تلك الأشياء بعد وصولها في يد الوكيل هو توكيل مقبول شرعا، والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.
الشيخ الصديق الضرير:
بعد وصولها وحصولها في يد الوكيل.
الشيخ تقي العثماني:
سيادة الرئيس، نتم القراءة ثم نناقش نقطة نقطة.
الشيخ عبد العزيز عيسى:
إن توكيل البنك الإسلامي يجعل الفتوى خاصة بالبنك الإسلامي فهل الأمر على ذلك.
الرئيس:
هي خاصة بالبنك يا شيخ، كونها خاصة هذا لا إشكال فيه.
الشيخ عبد السلام العبادي:
المبدأ الثالث: أن توكيل البنك الإسلامي للتنمية أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك بغية أن يؤجره البنك تلك الأشياء بعد حصولها.
الشيخ المختار السلامي:
بعد وصولها وحصولها.
الشيخ عبد السلام العبادي:
كيف يا سيدي وصولها وحصولها.
الرئيس:
بعد حوزتها في يد الوكيل.
الشيخ عبد السلام العبادي:
هذه الخطوة التالية بعد حصولها في يد الوكيل.
الرئيس:
بعد حوزتها، ما الذي يمنع من أن تتركوا وصولها وحصولها؟
الشيخ عبد السلام العبادي:
بعد تسلمها من الوكيل.
الشيخ عبد الله البسام:
بعد حوزتها، كلمة جيدة.
الرئيس:
هذه عبارة فقهية يا شيخ.
الشيخ الصديق الضرير:
الوكيل هو الذي سيتسلم وتسلم الوكيل تسلم للأصيل.
الشيخ عبد السلام العبادي:
بعد تسلمها من الوكيل.
الشيخ الصديق الضرير:
في يد الوكيل الذي يتسلم هو الوكيل نفسه، إما أن يقال بعد تسلمها فقط أو بعد حيازتها سواء كان الحائز هو الوكيل أو الأصيل.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
البضاعات كما هو معروف اليوم من أمر الشحن وما إلى ذلك تصل إلى البلد المرسلة إليه ولكن لا تحصل في يد المشتري على الفور فمتى وصلت إلى المرفأ أو الميناء أو إلى الجمارك، هذا وصول لكن هذا لا يعتبر أنه قد تسلمها ولذلك الوصول وحده لا يكفي.
الرئيس:
في الواقع ما يمنعكم من العبارة الفقهية "بعد حوزتها" ماذا يمنع؟
بعد حيازتها في يد الوكيل، تلك عشرة كاملة.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
بعد حيازة الوكيل إياها
الرئيس:
بعد حيازة الوكيل لها.
الشيخ عبد السلام العبادي:
بعد حيازة الوكيل لها، هو توكيل مقبول شرعا والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.
المبدأ الثالث: أن عقد الإيجار يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات وأن يبرم بعقد منفصل عن عقد الوكالة والوعد.
المبدأ الرابع: أن الوعد بهبة المعدات عنه انتهاء أمد الإجارة جائز بعقد منفصل كما أن تعليقها على وفاء المستأجر بالتزاماته مقبول شرعا.
المبدأ الخامس: أن تبعة الهلاك والتعييب تكون على البنك بصفته مالكا للمعدات ما لم يكن ذلك بتعد أو بتقصير من المستأجر فتكون عندئذ التبعة عليه.
المبدأ السادس: أن نفقات التأمين لدى الشركات الإسلامية كلما أمكن ذلك يتحملها البنك.
ج - عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن.
الشيخ تقي الدين العثماني:
نناقش أولا.
الشيخ عبد السلام العبادي:
ننتهي من هذه الصفحة ونبدأ نناقش.
الرئيس:
على كلٍ كل هذه المبادئ التي ذكرها الإخوان هي أمامكم، وكما ذكرت سلفا أنه كونت لجنة من وجهتي النظر المتعارضين ليعدوا ما يتوصلون إليه ليطرح للنظر لا لأنه قرار، فالآن جمع الصفتين على أنه صيغة قرار إن اتفقتم عليه أو ذهب الأكثرية إليه فهو على ما هو عليه ويمشي وإن كان هناك اتجاهات أخرى فعلى كل حال التصويت
…
الشيخ تقي ثم الشيخ عطا ومع رجاء عدم الإطالة.
الشيخ تقي العثماني:
المبدأ الرابع: هو أن الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الإجارة كما أذكر أنه ذهبت الأكثرية وكان الاتجاه السائد حين ذاك أنه يلغى هذا الشرط وقد وافقنا عليه صاحب البنك أيضا لأن الهبة تخرج العقد من طبيعة الإجارة.
الرئيس:
هو فعلا أذكر أن صاحب البنك وافق إن لم تخني الذاكرة كان الشيخ أحمد محمد على موجودا وقال المشايخ: إن الأولى أن كانت للحذف تحذف؟
الشيخ عبد السلام العبادي:
الإخوان قالوا بعقد منفصل.
الرئيس:
لكن المهم طالما أن صاحب الصفة المعني يقول تحذف فهل ترون أن الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الإجارة، يقال مثلا: حيث إن البنك لا يرى مانعا من حذف الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الإجارة صَرَفَ النظر عن بحث مختار السلامي لحكم الشرعي خطأ فإذا كان خطأ أزلناه.. إذا كان ليس حكما شرعيا وفيه خطأ نحذفه، وإذا كان صوابا فلم نحذفه؟
الرئيس:
على كل أما أنا فأرى أن هذه المبادئ الستة آخذ بعضها بحجز البعض هذا الصحيح وإن هذه المعاملة متركبة من هذه المبادئ الستة، ولهذا يعني تعرفون وجهة نظري في الجلسة أنني لا أرى أنه عقد حقيقي وإنما ليتوصل به وهذه المبادئ هي نفس الشيء توصل إلى نفس الصيغة، فمن جهتي أنا متحفظ على هذه المبادئ الموجودة والمقبلة لأني قرأتها وتأملتها والرأي للإخوان، الشيخ يوسف.
الشيخ يوسف جيري:
بسم الله الرحمن الرحيم.. سيدي الرئيس.. بعد أن أثني على الاقتراح الوجيه الذي تقدم به الأخ تقي العثماني فإني أرى أنه نظرا لأن هذا الموضوع قد قدم بتعاون من الطرفين اللذين كان لهما نوع من التعارض في الآراء عندما تطرقنا إلى دراسة هذا الموضوع، نظرا لأن الطرفين قد اتفقا على أن يطلع المشروع بهذه الصورة ونظرا لأنها فعلا تحقق المقصود فإنني أقترح على مجلسكم الموقر أن يقرر هذا بصورته هذه بعد حذف المبدأ الرابع، وشكرا.
الشيخ محمد شريف أحمد:
الحقيقة، إن رأيي وقد أكون مخطئا فيه أن عمليات البنك الإسلامي تعتبر من العمليات ومن العقود الجديدة وهي لا تنطبق عليها هذه المبادئ لا يجوز لنا أن نحللها إلى هذه المبادئ بل لنا أن ننظر لها نظرة مستقلة على أنها عملية واحدة تتركب من عدة عمليات فإن توفرت فيها مقاصد الشريعة الإسلامية فهي حلال جائز وإن لم تتوفر فيها المقاصد الشرعية فهي حرام، فلا يجوز لنا أن نتعمق في تفصيلات العقود والوكالة ونطبق عليها كل شرط من شروط هذه العقود وإلا أغرقنا البنك وأغرقنا أنفسنا في متاهات لا نخرج منها إطلاقا لمصلحة البنك ولا لمصلحة اقتصادنا الإسلامي.
الشيخ محمد عطا السيد:
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين، اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك.
الحقيقة يا سيدي الرئيس أنا حريص جدا وأتمنى أن هذا المجمع لا يخرج أبدا من هذا الاجتماع إلا بإجابات مقنعة، والسبب في ذلك أن هذه المسألة عرضت من الدورة الماضية واستوفت النقاش في هذه الدورة، وأخشى ما أخشاه أن المجمع لو ما استطاع أن يتوصل إلى حلول في هذه المسألة تبدو وكأن الشريعة عاجزة عن مواجهة هذه المسائل المصرفية الحديثة وهذا ما أخشاه جدا. ولذلك أرجو أن تتسع صدور الأعضاء إلى هذه المسألة ومناقشتها باستفاضة مهما كلفنا ذلك من وقت وحتى نصل فيها إلى قرارات.
الأمين العام:
سيدي الرئيس
…
أثني على ما قاله الدكتور عطا السيد، وأريد أن أشير واذكر بما قاله سيادة الرئيس في أول الاجتماع نحن قد تدارسنا هذا الموضوع مدة طويلة في العام الماضي وفي هذه السنة، وقد شكلت لجان، اللجنة الأولى في المؤتمر الماضي واجتماع ثان بعد المؤتمر، واجتماع ثالث علمي فيما بين المؤتمرين، ثم عرض هنا فكان الخلاف قويا وشديدا بين فئتين من العلماء لكن هاتين الفئتين اجتمعتا ودرستا الموضوع بتأن وانتهتا بالاتفاق إلى ما هو معروض على حضراتكم فنحن ينبغي أن ننظر في هذه المبادئ إن كانت مستقيمة من الناحية الشرعية قبلناه وإن كانت متعارضة مع الأصول الشرعية رفضناه، أما أنه قال: إن هذا الموضوعات لا تعنينا وهي تهم البنك وحده.. الخ. فهذا مما لا سبيل إليه، البنك هو نفسه عرض هذا الموضوع على مجمع له أهميته ليقول في هذا رأيه.
الرئيس:
يا شيخ عطا انطلاقا من كلامك هذا هل رأيك أن هذه المبادئ الستة تصوت عليها وتراها؟
الشيخ محمد عطا السيد:
أبدا أنا رأيي يا سيد الرئيس أن تستوفى نقاشا فقهيا كاملا.
الرئيس:
اسمع أنتم الآن سمعتم المداولات قبل وبعد، وأنا أسالك الآن عن وجهة نظرك شرعا هل تراها مبادئ شرعية؟
الشيخ محمد عطا السيد:
والله يا سيدي أنا رفعت يدي لأعبر عن النقاش في نقطة من النقاط ثم دار النقاش في أن: هل تغلق أو لا تغلق؟ إن لدي إذا أردت أن أقوله يمكن أن أقوله.
الشيخ عبد السلام العبادي:
في الواقع أنا أثني على ما تفضل به الأمين العام، قضية النقاش، كان نوقش هذا الموضوع بما لا مزيد من نقاش وكان القرار الذي اتخذه المجمع تشكيل لجنة من الطرفين اللذين كانا مختلفين، والذين كانوا ماسكين بحجز بعض كما يقولون في هذه القضية وكنا نحن نشارك مشاركات بسيطة وجلسوا جلسات وانتهوا إلى هذه التوصيات، الآن القضية يجب أن يبت في أمرها أما أننا نوافق على هذا أو لا نوافق، أما أن نفتح الموضوع مرة أخرى للنقاش ما فيه وقت.
الشيخ عمر جاه:
بسم الله الرحمن الرحيم.. أعتقد أن العمل الجاد يقتضي أننا نستفيد من الطاقات التي نسخرها لخدمتنا، فالموضوع نوقش أكثر من مرة وأنا دائما أشعر بشيء من الضيق إذا كلفنا لجنة مؤهلة تتكون من أناس نثق في عملهم وفي تقواهم وفي ورعهم وقدموا إلينا تقريرا ونتج عنه هذا لنكون مرة أخرى فهذه اللجنة موجودة أمامنا بتوقيع أعضائها، على ضوء هذا أقترح كما ذهب زميلي الأخ يوسف أننا نتبنى هذا من غير مناقشة أو إن كان هناك إنسان يرى أنه فيه شيء مخالف يبينه لنا وننتهي.
الشيخ عبد السلام العبادي:
وفي هذا إبراء للذمة لما عمل
الشيخ هشام برهاني:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحقيقة التي ظهرت لي من هذه المعاملة من أول المناقشة إلى آخرها أن المقصود فيها مجموعة هذه العقود مركب بعضها على بعض، وهذه العملية في جملتها أنا أراها أنها طريق لأكل الربا الحرام، ولذلك أنا أتحفظ على جواز هذه المبادئ وإن كانت صحيحة كل مبدأ بذاته منفصل عن غيره صحيح، لكنها عقود مركبة بعضها على بعض ولم يدخل البند واحد منها إلا لأن وراءه عقدا آخر، هذه الصورة التي أراها، والله سبحانه وتعالى أعلم.
الرئيس:
شكرا.. في الواقع أنا يعني قلت للشيخ أحمد محمد علي هل ترى مناسبا أن يتألف من هذا المجمع لجنة شرعية تكون لموضوعات البنك ليست هذه فحسب وإنما لموضوعات البنك الحاضرة والمستقبلية وتضمون إليها خبراء اقتصاديين إسلاميين؟ قال: ما عندنا مانع من هذا، ففي الحقيقة في نظري والرأي متروك لكم ومطروح أمامكم، وإنما شيء جرى بحث فيه فأردت أن أطرحه على مسامعكم، أنه كون يؤلف لجنة شرعية من هذا المجمع ففيه التبني من هذا المجمع وفيه لجوء إليه وهذا فيه كذلك عصمة أو توفيق للبنك في تصحيح لمساراته، وفي جعلهم ما يخطون خطوة إلا من هذه اللجنة الشرعية الموثوق بها، ولا يكون مقتصرا على هذه الفقرات الخمس وإنما لها ولغيرها، يعني ما أدري، تفضل يا شيخ مختار.
الشيخ المختار السلامي:
بسم الله الرحمن الرحيم.. أعتقد أن المجمع الموقر هذا لما صوت بالإجماع على تكوين لجنة للنظر في هذه القضايا.. وتكفلت بالنظر فيها وسهرت الليالي للإتيان بعمل لا لأن نعود إلى المبدأ ونقول: أن نكون لجنة سادسة أو سابعة فإذا كان هناك عدم اقتناع من سيادة الرئيس فقد استمعنا أن وجهة نظره تخالف هذا وليعرض من فضله القضية على التصويت وكفانا من التأثير.
الرئيس:
في الواقع يعني إذا كان الشيخ المختار فاهم غلط، أن البنك لا يوجد اللجنة لهذه القضايا فحسب وإنما لهذه القضايا ولغيرها من القضايا وفي معاملاته وفي الواقع أنا أرى أن هذا كسب عظيم كونه يكون في البنك لجنة شرعية منطلقة من هذا المجمع معناها أن المجمع بدأ يدخل في ساحة العمل في تلك البنوك وفي غيرها وأنا ناقل وهذا استعداد من البنك.
الأمين العام:
سيدي الرئيس من فضلك.. قضية تشكيل لجنة، أعود إلى هذا الموضوع.. اللجنة قد شكلت والتقت فيها آراء متضاربة وقامت بدراسة هذا الموضوع وانتهت إلى ما أعدته لنا وقد أمضى كل أعضائها على هذا البلاغ أو على هذا البيان، الذي أريد أن أقَّفي به على كلام سيادة الرئيس هو أن البنك له لجنته الشرعية وكل البنوك لها لجانها الشرعية "لجان المراقبة" هي أرادت أن تتجاوز هذه اللجان لتعرض الأمر على المجمع ليكون هو القوة الأخيرة والسلطة الحاكمة التي تتلاقى فيها أنظار المراقبين الشرعيين، وقد تم هذا بالفعل فكثير من الذين شاركوا في نقد هذه الورقة كانوا من فقهاء شرعيين مراقبين في بنوك عديدة، فكانت هذه الحصيلة التي تزهو بها وقد تم النظر فيها، فالقضية إذن هي إما أن تعرض على التصويت، وإما أن نقول نحن: لا نريد أن ندرس أية قضية تأتينا من البنك أو من غيره، هذه قضية دامت سنين والفضيحة الكبرى أن لا نقول فيها كلمتنا وأن يكون المجمع عاجزا عن الإدلاء برأيه، ثم عقدنا لها لجنة علمية تتكون من أطراف متناقضة ومختلفة وانتهت إلى ما انتهت إليه والنص ممهور بإمضاء الجماعة، فأنا أقترح التصويت.
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
بسم الله الرحمن الرحيم.. في الحقيقة أن اللجنة أو الهيئة هي ضرورة لكل بنك إسلامي لأن البنوك الإسلامية تستجد عندها يوميا معاملات فيجب على كل بنك إسلامي أن تكون عنده هيئة استشارية شرعية تفتيه وتراقب عمله، هذا شيء في الحقيقة أمر ضروري، وإذا أوصيت بهذا للبنك الإسلامي فهذا شيء جميل وشيء طيب.
أما النقطة الثانية هي إيحاء إعادة الأسئلة إعادة الأسئلة هذه برمتها إلى اللجنة لتنظر فيها أو أن هذه اللجنة المقترحة لما يستجد من أعمال فيما بعد ذلك هذا الكلام الذي نود أن نستبينه ونستوضحه.
الرئيس:
الكلام الذي حصل مع الشيخ أحمد ونقلته لكم هو لهذه ولغيرها بالحرف الواحد قال لي لا مانع لدينا.
الشيخ الصديق الضرير:
إذا كان الأمر كذلك وأن السيد رئيس البنك قد اتفق مع السيد الرئيس على تكوين لجنة من المجمع لتنظر في هذه الموضوعات وفي غيرها ويعمل البنك بها ويكون هذا عملا من المجمع أيضا إذن الأمر أصبح سهلا، اللجنة كونت ونظرت في هذه المسائل وأصدرت فتواها بالنسبة لها فلنعتبر المبادئ أو هذه القرارات على أنها من اللجنة التي كونها المجمع الموقر بناء على موافقة السيد رئيس البنك للسيد رئيس المجمع، وإذا رأى المجمع أن يعتبر هذه اللجنة هي التي شاورها البنك في مستقبله وفي تنفيذ هذه المبادئ والتأكد من سلامة صحتها فلا أعتقد أن أعضاء هذه اللجنة سيمانعون في هذا وبهذا تكون قد انتهينا وكفينا هذا المجمع وبقية الأعضاء مؤونة البحث.
الرئيس:
لعل يكون في هذا حل وسط، لعل يكون هذا حاصل.
الشيخ المختار السلامي:
إن هذه اللجنة لم يكونها البنك وإنما كونها المجمع ورجعت إلى المجمع ليقول كلمته، ومنذ بدأنا وعلى هذا أنا ابتدأت من أول الأمر بالاعتراض على التأخير لأني قلت: إن هذا فيه نية لترك القضية إلى جهل، وقد ظهر فعلا ما كنت أتوقعه فأرجوكم سيدي الرئيس وقد تكونت هذه اللجنة من المجمع وقد أبلغت قراراتها إلى المجمع وما على المجمع إلا أن ينظر فيها، ثم يقرر في ذلك ما يشاء وقد استمعنا إلى وجهة نظركم التي هي لم تختلف عما استمعنا إليه من قبل ورأيكم محترم وعلى الرأس وملء العينين، وأرجوكم أن تحترموا أيضا آراءنا.
الشيخ يوسف جيري:
شكرا سيدي الرئيس
…
الحقيقة أنه كما تفضل الأخ عمر جاه حفظه الله يجب علينا من الناحية المنهجية أن يكون فيه نوع من الالتزام بقراراتنا، هذه اللجنة التي عملت أياما وليالي على إعداد هذا القرار نحن الذين طلبنا في مستوى هذا المجلس من هذه اللجنة أن تعمل وتعرض علينا نتيجة عملها، فأنا لا أتصور أبدا بعد أن توصلنا إلى هذه النتيجة أن نطرح القضية إلى دورة أخرى أو إلى لجنة إسلامية أو تشريعية أخرى، القضية كالتالي، وهذا قناعتي الشخصية، أن هذه القضية بعد أن تدارسناها، وأنا أعتقد أننا سنستمع رأيا جديدا، كل الآراء التي سمعناها الآن من الأخ مندوب العراق حفظه الله، ومن الأخ مندوب الإمارات، هذه الآراء سمعنا بها قبل وكان التشدد من جهة الطرفين هو ما حدا بنا إلى أن نطلب تكوين هذه اللجنة فبما أن اللجنة جاءت بنتيجة عملها ما علينا إلا شيئان، أولا:إن كان هناك موافقة بالإجماع فهو كذلك وإن لم يكن هنالك موافقة بالإجماع ننظر إذا كان هنالك تحفظ أو تحفظان أو ثلاثة، أشياء قليلة، وفي هذه الحالة لا نرقى إلى التصويت، أما إذا رأينا أن هناك فريقين كبيرين ففي هذه الحالة نصوت، أما التصويت بالنسبة لي فهي الصيغة الأخيرة، وأنا أرى من خلال المباحثات أن هنالك تحفظات قليلة فلماذا نلجأ إلى التصويت؟
الرئيس:
لا، إلى الآن ما ندري عن عملية التحفظات، لكن الآن بالنسبة إلى عمليات الإيجار سمعتم المبادئ الستة فهل ترون إقراراها كما كتبت أو هناك تعديل أو وجهة نظر أو تحفظ أو كذا؟
الشيخ تقي العثماني:
نرى إقرارها بالتعديل بحذف مبدأ الهبة.
الشيخ يوسف جيري:
هذه خلاص انتهينا منها.. الذين يرفعون أيديهم
…
خلاص ما فيه تصويت السكوت رضا.
الشيخ محمد عطا السيد
سيدي الرئيس ما عدا النقطة الرابعة أوافق على المضي في إجازة هذه المسائل ما عدا النقطة الرابعة أبدى فيها أخ زميل رأيه وما زلت أبدي فيها رأيا بتحفظ حتى زيادة على ما قال إنه الوعد لعله لا يكون جائزا. أرى أنه حتى تضمين الفقرة الثانية مازال يدخلنا في مشاكل بخصوص ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من صيغتين في صيغة لأنه بالرجوع إلى الصيغة الأولى. فما زلت بدون إطالة.
الرئيس:
يعني المبدأ الثاني.
الشيخ محمد عطا السيد:
المبدأ الرابع مازلت أتحفظ عليه
الرئيس:
ما هو المبدأ الرابع قلت يشطب
…
ترى قضية الشطب كأنكم أغفلتموه لكن نظرا إلى أن رئيس البنك وانتم تسمعون لما قلت ما رأيكم في حذفه أظن قال: لا مانع.
الشيخ عمر جاه:
سيدي الرئيس
…
أنا أتذكر تماما أنه قال: إذا رأيتم، وقال هذا، نزولا على ما ذهب إليه بعض الأعضاء.
الرئيس:
طالما أنه الوعد كذلك قد ترون مناسبا أن يقال: إن الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الإجارة طالما أن معالي رئيس البنك رأى أنه ليس هناك مانع من حذفه فقد انتهى الموضوع بذلك.
الشيخ المختار السلامي:
نحن نتأثر بحكم الله أن ما ظنه الفقيه هو حكم الله، الفقيه يخبر عن حكم الله ولا يخبر عن حكم نفسه، ولو كان يخبر عن حكم نفسه لما أقبل عليه أحد.
الشيخ محمد عطا السيد:
السيد الرئيس التحفظ الذي أبديته أنه ما هو بخصوص الجزئية الثانية من المبدأ الرابع لكن هنالك تعليقا على الجزء الأول، وهو أن رئيس البنك على حسب ما أتذكر، ولعلكم تتذكرون ذكر أن هذا الوعد فيه فائدة الطرف الثاني وهو الضعيف، الطرف الذي يستغرق هذه المسائل ذكر بأن هذا الوعد بما يطمئن هذه الدول في نهاية الأمر ستؤول ملكية هذه المسائل إليها ولذلك التحفظ الذي أبديته إنما أبديته على الفقرة الثانية كما أن تعليقها على وفاء المستهلك بالتزاماته مقبول شرعا هذه رأيت حذفها لكن الجزء الأول مازلت على قولي: إنه يمكن أن يكون هنالك عقد منفصل في الوعد بهبة المعدات.
الرئيس:
المهم الذين يرون إقرار مبدأ عقد الإجارة بمبادئه يتفضلون بالإشارة بأيديهم
الشيخ تقي العثماني:
لكن بحذف الهبة
الرئيس:
هل نحذف المادة الرابعة وتصير خمسا؟
الشيخ عبد السلام العبادي:
أي نعم تصير خمس مبادئ
الدكتور عبد السيد (مندوب البنك)
إذا حذفت الهبة لن تتم العملية لأن الأساس في هذه العملية هو هذه الهبة لأنها من مصلحة الضعيف. هذه النقطة من مصلحة الضعيف.
الشيخ الصديق الضرير:
موضوع الهبة هذه كما قال الدكتور عطا السيد هي لمصلحة عميل البنك لأنه هو في هذه العملية على أن هذا العميل سيتملك هذه المعدات بعد مدة محددة بعد أن ينتهي عقد الإجارة فهي لمصلحة هذا الشخص.
النقطة التي اعترض عليها عطا السيد قد تكون مقبولة شرعا أكثر من الوعد. تعليق الهبة جائز عند الشافعية والمالكية، الحنفية هم الذين منعوا هذا. عقود التمليكات كلما قالوا: لا يصح، تعليقه على أن ابن تيمية أجاز تعليق جميع العقود حتى عقود التمليكات فكون أن أقول لشخص: إن حصل هذا فقد وهبتك هذه المعدات، هذا شيء مقبول شرعا عند الأئمة، يعني لا خلاف في هذا. ومع ذلك إذا رؤي أن يحذف هذا وقبل الطرف المستفيد من غير أن ينص عليه في العقد فالبنك في سعة يستطيع بعد أن ينتهي عقد الإجارة أن يقول له: وهبتك هذه المعدات.
ولذلك أنا لا مانع عندي من الحذف مع اعتقادي الجازم بأن هذا المبدأ سليم من الناحية الشرعية.
الشيخ المختار السلامي:
القضية قبل العقود لما عرضت علينا كان فيها وعد بالبيع إثر انتهاء الإيجار وهذا الوعد بالبيع قلنا لا يصح واعترضنا عليه وقلنا والهبة أفضل.
الرئيس:
يا مشايخ.. أرجو أن تبتوا في الموضوع لنمشي لأن عندنا جلسة مفتوحة وعندنا الذي يريد أن يسافر، يعني يحذف الرابع أو لا؟
الشيخ عبد السلام العبادي:
يبقى في صدره ويحذف الصدر الثاني " كما أن تعليقها ".
الرئيس:
المهم من هم الذين يرون إقرار عقد الإجارة بمبادئه الستة بحذف الجزء الأخير واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة
…
خلاص يكفي. الله في عوننا وإياكم
الشيخ عبد السلام العبادي:
عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن.
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
اسمح لي طال عمرك إن خدمات القروض لم نناقشها.
الشيخ عبد السلام العبادي:
يا سيدي ما دامت فعلية. انتهى ما فيه مشكلة ما دام فقط .....
الرئيس:
ماذا عندك فيها يا شيخ؟
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
أريد أن نقرر بأنها خدمات قروض بنك التنمية الإسلامي وأنها تخص البنك وحده
الشيخ المختار السلامي:
نصصنا على أنه البنك الإسلامي للتنمية، أن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية، أن توكيل البنك الإسلامي للتنمية
الرئيس:
ما عليهش يا شيخ المختار طيب خلوها عبارة تسمي توقي همة الجميع يقال:
أ - أجور خدمات القرض في البنك الإسلامي للتنمية. حطوها ياشيخ
الشيخ المختار السلامي:
عمليات الإجارة في البنك الإسلامي للتنمية.
الشيخ عبد السلام العبادي:
ج – عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن.
الشيخ المختار السلامي:
عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن للبنك الإسلامي للتنمية
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
بالنسبة طال عمرك من أول القرض
…
أولا وثانيا وثالثا كلها في الحقيقة بند واحد
الرئيس:
هو صحيح ولكن للتوضيح.
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
لا أخشى أن يؤخذ كل واحد على حدة.
الرئيس:
قرر المجمع اعتماد المبادئ التالية في هذا الموضوع يا شيخ.
الشيخ أحمد بازيع الياسين
نعم .... جواز أخذ أجور عن خدمات القروض وأن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية .... إلخ
الرئيس:
سجلوها
…
خلاص يا شيخ
الشيخ عبد السلام العبادي
عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن قرر المجمع اعتماد المبادئ التالية فيها:
المبدأ الأول: أن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية ببيع المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعا.
المبدأ الثاني: أن توكيل البنك أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وأليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك بغية أن يبيعه البنك تلك الأشياء بعد وصولها وحصولها في يد الوكيل هو توكيل مقبول شرعا والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.
المبدأ الثالث: أن عقد البيع يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات والقبض لها وأن يبرم بعقد منفصل عن عقد الوكالة والوعد.
د - عمليات تمويل التجارة الخارجية: قرر مجلس المجمع أنه ينطبق على هذه العمليات المبادئ المطبقة على عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن.
الرئيس:
هذه عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن هل لأحد من الإخوان ملاحظة عليه؟ أو هل الذين أجازوا الأول أجازوا الثاني؟
الشيخ تقي العثماني:
سيدي ملاحظة بسيطة حول جميع هذه العمليات وهي إن صحت من حيث الفكر ولكن الذي يخاف منه جميع الإخوان أنه يكون تحيلا على الربا ولذلك أقترح أن يوصي المؤتمر والمجمع أيضا مع الجواب عن هذا الاستفتاء ألا يستخدم البنك هذه المسائل إلا في مشروعات لا يمكن فيها الشركة والمضاربة لأن الشركة والمضاربة هي البديل الحقيقي للربا للبنك. وأما إذا أديرت جميع المعاملات البنكية المصرفية على هذه الأسس فحينذاك لا نأتي للعالم ببديل للنظام الرأسمالي الربوي وتدور عملياتنا كتحيل على الربا.
فلذلك أقترح أن يكون مع هذه الأجوبة توصية من المؤتمر بألا يستخدم البنك
…
الرئيس:
جزاك الله خيرا، لكن الناس يصيحون ليل نهار يوصونهم بتقوى الله يوصونهم بعدم الربا ويوصونهم بكذا.. فقصدي، هم يهمهم وجود المبادئ فإذا وجدوا المبادئ فالله إن شاء الله تعالى يبرأ ذمة الجميع ويعينهم ويغفر لهم.
الشيخ تقي العثماني:
ولكن لا ضرر في هذه التوصية.
الرئيس:
هي فيها نفع
…
الشيخ عطا.
الشيخ محمد عطا السيد:
اسمح لي، سؤال بسيط، سيادة الرئيس.. في المبدأ الثاني في (ج) الذي هو عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن والمبدأ الثاني الذي أجزناه فقط، هذا سؤال هل هي عملية متداخلة في بعضها؟ لأن الأولى إنما هي تأتي للإجارة، يؤجر له هذه المعدات التي اشتراها.
الرئيس:
هي ليست عمليات متداخلة في بعضها، ولذلك أنا قدمت عبارة قلت: إن جميع هذه العمليات آخذة بحجز بعضها كلها جاءت كذلك، لا يمكن أن عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن إلا بهذه المبادئ الثلاثة، ولا يمكن أن عقد الإجارة إلا بمبادئه الستة أو الخمسة، خذ فكرك من الآن، ما هي المسألة؟ أنا لا شك أنه لو جاءني المبدأ الأول أهلا وسهلا، الحالة واحدة مفيش شيء. لو أتاني المبدأ الثاني بوحده هذه بديهيات شرعية ليست محل بحث، لكن المسألة قضية التحليل هذه، التحليل الموضوعي له مبادئ، وهي أمامكم وأنتم أصحاب الشأن.
الشيخ المختار السلامي:
سيدي، اسمح لي، أنا أريد أن أتحدث في موضوع هام وإن كان لا أريد أن أطيل فيه ولكن لا بد من بيانه، هو الفرق الجوهري بين عمليات البنك الإسلامي وبين العمليات الربوية، فالربا يبدأ بتوجه الشخص إلى البنك ويقترض مالا هذا المال يستطيع أن يكون به مشروعا صناعيا وإن ينفقه في أغراضه وفي شهواته ويشتري به سيارة بينما هذه تبدأ من أولها على أساس تطوير اقتصاد إسلامي. فالبنك الإسلامي لا يقرض مليما لشخص ليشتري به شيئا لذاته وإنما يقرض أو يقوم بهذه العملية لتطوير الاقتصاد الإسلامي ثم في النهاية يختلف الربا عن ذلك، ذلك أنه في العقود الربوية كلما تأخر يوما دفع في مقابل ذلك وهو معني الربا أضعافا مضاعفة، بينما هذا عادة يتأخر الشهر والشهرين والسنة والسنتين ويرفع للتحكيم ولا يضاف عليه ولا مليم واحد، ففي بدايته ونهايته العقدان مختلفان، هذا تنشيط للاقتصاد الإسلامي ولا بد للمستثمرين أن يكون لهم عائد ولما لم يكن للمستثمرين عائد لاحتفظوا بأموالهم.
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
في الحقيقة لنا عشر سنوات مع المشايخ في جميع المؤتمرات وقرروا بأن هذا لا بأس فيه لأنها ليست من العقود الصورية، هناك بائع، وهناك مشتر، وهناك عين مباعة حقيقية، وهناك ثمن، فالعملية عملية حقيقية وليست صورية، وأود أن أبين للجماعة.
الرئيس:
يا شيخ عقد الإجارة الذي مر علينا بمبادئه الخمسة أو الستة عقد حقيقي.
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
نعم.
الشيخ عبد السلام العبادي:
فيه مسؤولية وضمان.
الشيخ المختار السلامي:
وضمان المال ضامن بينما البنك عند المال لا يهمه هو يأخذ منك الفائدة والمال ولا يهمه شيء.
الرئيس:
المهم يا مشايخ، هذه عمليات البيع بالأجل الذي يرون الموافقة عليه كما هو يتكرمون برفع أيديهم.
الشيخ تقي العثماني:
ولكن التوصية.
الرئيس:
التوصية يظهر منها جيدة.
الرئيس:
في فوائد الودائع.
الشيخ عبد السلام العبادي:
قرر مجلس المجمع أنه يحرم على البنك أن يحمي القيمة الحقيقية لأمواله من آثار تذبذب العملات بواسطة الفوائد المنجرة من إيداعاته، ولذا يجب أن تصرف تلك الفوائد في أغراض النفع العام كالتدريب والبحوث وتوفير وسائل الإغاثة وتوفير المساعدات المالية للدول الأعضاء وتقديم المساعدة الفنية لها وكذلك للمؤسسات العلمية والمعاهد والمدارس وما يتصل بنشر المعرفة الإسلامية.
الشيخ رجب التميمي:
بسم الله الرحمن الرحيم.. كلمة فوائد الودائع هذه ربا لأن الودائع لا يجوز أخذ الربا عنها، فالفوائد محرمة شرعا فكيف نجيز أن نصرف هذه الفوائد، وأنا هي في رأيي وفي نظري وفي يقيني أنها محرمة، في وجوه البر والخير لا يجوز أن تصرف الأموال المحرمة في وجوه البر أو غيرها ما دامت محرمة، أنا أرى أن فوائد الودائع أمر محرم.
الرئيس:
جزاك الله خيرا.. نحن كذلك
…
على كل حال الذي يرى التصرف يرفع يده.. أحب أسأل يا شيخ هل ستغير شيئا؟
الشيخ المختار السلامي:
لا طبعا هذا ليس رأيي هذا بيان واقع، القضية هو أن البنك الإسلامي له إيداعات في بنوك أمريكا وأن هذه البنوك تعطي له عن إيداعاته في نهاية السنة فوائد، فجاء البنك وقال: أهذه الفوائد نأخذها أو نتركها لأمريكا؟ هذه واحدة. ثم إنه أخذ هذه الفوائد قلنا إن البنك الإسلامي هل يصح للبنك أن يقول أن أعطيها للبنك الأمريكي فقلنا له: لا خذها، قال: طيب، أنا آخذها، لما جاء مجلس المديرين قال: إن هناك تذبذبا في العملات فأنا أعطي 50 % من هذه الفوائد تحصين عملاتي و 50 % من الفوائد للمشاريع العامة، قلنا له: لا يجوز لك أن تحمي أموالك ولو بمليم واحد من هذه الفوائد، ويجب أن تصرف للمشاريع العامة الإسلامية، هذا مفهوم الأمر.
الشيخ رجب التميمي:
إذن لا ضرورة لوجود بنك التنمية الإسلامي ما دام في المال أن يتعامل مع البنوك الربوية ويأخذ منها يعني نمشي نقول: حلال مع بنك التنمية، ثم يتعامل بنك التنمية مع البنوك الربوية ويتعامل بالربا.
الرئيس:
يا مشايخ الذي يرى هذه الفقرة يرفع يده.
الشيخ خليل الميس:
فيه توضيح سيادة الرئيس إذن بتأمر، هذه المسألة تتبعتها في ثلاث عشرة سنة حتى عثرت على نص صريح من مذهب الإمام مالك تفسير القرطبي الجزء الثالث صفحة 366 في بيان قوله:{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} قال شأنها أن توزع في مصالح المسلمين وليستغفر الله تعالى، نص عليها نصا كنا متوقفين حتى وجدنا، نص عليه مالك.
المشاريع
- تقرير عن اجتماع شعبة التخطيط حول المشاريع.
- الموسوعة الفقهية.
- معجم المصطلحات الفقهية.
- معلمة القواعد الفقهية.
- مدونة أدلة الأحكام الفقهية.
- القرار.
تقرير عن اجتماع شعبة التخطيط
حول مشاريع المجمع
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى به وسار على دربه إلى يوم الدين. وبعد؛ فقد عقد اجتماع لشعبة التخطيط للنظر في مشاريع المجمع القائمة والمستقبلية، وما أعد عنها من مذكرات مقدمة في الدورة الثالثة للمجمع.
وقد تم هذا الاجتماع – بحمد الله وتوفيقه – في الفترة من 8 – 9 صفر 1407 هـ الموافق 11 – 12/10/1986م.
وقد حضر جانبا من اجتماع الشعبة كل من معالي رئيس المجمع الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد، ومعالي الأمين العام للمجمع الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة.
وحضر الاجتماع كل من:
1-
فضيلة الدكتور عبد اللطيف الفرفور رئيس شعبة التخطيط.
2-
فضيلة الدكتور إبراهيم بشير الغويل مقرر شعبة التخطيط.
3-
فضيلة الدكتور عبد السلام العبادي مساعد رئيس المجمع.
4-
فضيلة الدكتور عبد الستار أبو غدة عضو (مع القيام بمساعدة المقرر)
حيث تأخر وصول المقرر من بلده إلى اليوم الثاني للاجتماع.
5-
سعادة السفير سيدي محمد يوسف جيري عضو مكتب المجلس.
6-
فضيلة الشيخ سالم بن عبد الودود عضو.
7-
فضيلة الشيخ محمد هشام البرهاني عضو.
8-
فضيلة الشيخ تيجاني صابون محمد عضو.
9-
فضيلة الشيخ خليل محيي الدين الميس عضو المجمع
10-
فضيلة الشيخ رجب التميمي عضو المجمع.
وفي الجلسة الأولى تم إقرار جدول الأعمال كما قدمته الأمانة العامة، وهو يشتمل على (10) عشرة بنود، وقد أضيف إليه بندان هما: تقنين الفقه، واستقطاب المزيد من الموضوعات المستجدة (عدا ما سبق جمعه)، وبذلك كان على الشعبة النظر في الموضوعات الاثني عشر التالية:
1-
الموسوعة الفقهية.
2-
معلمة القواعد الفقهية.
3-
مدونة الأدلة للأحكام الفقهية.
4-
معجم المصطلحات الفقهية.
5-
إحياء التراث.
6-
تيسير الفقه.
7-
مشروع المنهج لسير عمل ومناقشات وإدارة جلسات المجلس.
8-
اللائحة المالية للموسوعة الفقهية.
9-
اللائحة المالية لمعجم المصطلحات الفقهية.
10-
اللائحة المالية لإحياء التراث.
11-
تقنين الفقه.
12-
استقطاب المزيد من الموضوعات المستجدة.
1-
مشروع الموسوعة الفقهية:
أشار فضيلة الدكتور الأمين العام للمجمع إلى ما سبق إقراره من لجنة الموسوعة وخصائصها وقيودها، وأنه عهد إلى الدكتور عبد الستار أبو غدة مقرر تلك اللجنة بوضع مذكرة إيضاحية للعناصر المميزة للموسوعة، ووضع الهيكل الموضعي لها، وكذلك الخطوات اللازمة للتنفيذ، وقد ترك له أمر الاستعانة بمن يشاء من المهتمين بالموسوعة من أعضاء المجمع أو غيرهم من الخبراء في الكويت – تفاديا لتكاليف عقد اجتماعات خاصة لذلك.
وقد قام الدكتور أبو غدة بما طلب منه بجهد فردي، ثم عرضه على عدد من المعنيين بالموسوعة من العاملين في موسوعة الكويت، أو المدرسين بكلية الشريعة، أو كلية الحقوق بجامعة الكويت. وقدم مذكرة بذلك وزعت على أعضاء الشعبة، تمهيدا للتداول فيها بشكل مفصل.
وقد استعرضت الشعبة في اليوم الثاني من اجتماعها ما جاء في المذكرة بعد تقديم معدها إيضاحًا عما سأل عنه الأعضاء.
وقد انتهت الشعبة إلى إقرار ما جاء في المذكرة واستحسان المنهج والخطوات التنفيذية المذكورة فيها للبدء عمليا بالمشروع حسب الهيكل الموضوعي المبين في المذكرة.
2 و 3 – مشروع معلمة القواعد الفقهية ومشروع مدونة الأدلة:
أشار معالي الأمين العام إلى المذكرتين اللتين قدمهما معالي رئيس المجمع الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد، حول المشروعين، وهما توسعة لما سبق أن عرضه في الدورة السابقة، وسيصار إلى وضع الخطوات العملية لتنفيذ ذلك عقب المناقشة التي ستتم للمشروع في اليوم المحدد للمشاريع.
4-
معجم المصطلحات الفقهية:
أشار معالي الأمين العام إلى أنه كلف في البداية الدكتور عبد الستار أبو غدة لوضع الخطة العملية للسير في إعداد المعجم في ضوء اهتمام الموسوعة الفقهية بالكويت بالفهارس والمعاجم الفقهية، وأن المذكور قدم مذكرة بذلك تتضمن أبعادا جديدة للتعاون في إنجاز الفهرسة للمصادر الفقهية، فضلا عن المعجم، ثم أشار معالي الأمين العام إلى الأخذ بالاعتبار لما هو قائم في (فاس) بالمملكة المغربية من اهتمام بالفقه المالكي من حيث فهرسته ووضع معجم لمصطلحاته، وهذا ينسجم مع الفكرة القائمة على وضع معاجم مذهبية، ثم إدماجها في معجم واحد. وأن هذا الاهتمام وراءه المجالس العلمية بالمغرب، وذلك يتطلب التنسيق مع تلك الجهة في ضوء ما يتجدد من أخبار هذا الاهتمام
…
وقد تداولت الشعبة في اليوم الثاني للاجتماع في موضوع معجم المصطلحات الفقهية.
بعد دراستها للمذكرة الموزعة عليها عن المعجم، وأبدت تقديرها لجهود وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية في الكويت وتعاون البنك الإسلامي للتنمية من خلال (الميثاق المشترك) بينهما لإعداد (الكشاف الشامل لمصادر الفقه الإسلامي) . والشعبة تؤدي اقتراح معد المذكرة لدخول المجمع شريكا في هذا التعاون بصفته جهة علمية بالطاقات الفقهية.
5-
مشروع إحياء التراث:
أشار معالي الأمين العام إلى ما سبق للجنة التراث – إعطاؤه الأولوية بالنشر بعد التحقيق أو التحرير وهو: كل ما يتصل بالخلاف العالي (الفقه المقارن) ، والرسائل المفردة في موضوعات فقهية خاصة، وأحكام القرآن، وأحكام السنة، والعلوم الفقهية المساعدة من الأشباه والنظائر والقواعد والفروق.
وأفاد أن على رأس قائمة ما سينشره المجمع كتاب " الجواهر الثمينة في فقه عالم المدنية " لابن شاس. وهو الذي تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز بالانفاق لنشره وتوزيعه، وقد كلف بتحقيقه كلا من الدكتور عبد الحفيظ منصور، والدكتور محمد أبو الأجفان، وهما بصدد استكمال مخطوطاته، كما أن في قائمة النشر كتاب " التنبيهات على المدونة "، والذي سيتعاون في إخراجه مع كل من فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي والشيخ مصطفى الغزالي.
وأضاف فضيلة الدكتور رئيس المجمع بيانات عن كتاب يتم السعي لإخراجه من المجمع – بناء على توصيات سابقة – وهو كتاب " معرفة السنن والآثار " للبيهقي بعد أن توقفت الجهة التي نشرت جزءا واحدا منه، حيث تم العصور على مخطوطة كاملة له بإحدى قرى الرياض.
6-
مشروع تيسير الفقه:
بعد التداول طويلا في هذا المشروع وملابساته ومشكلاته، انتهت الشعبة إلى وضع الضوابط التالية لكتابة المؤلف المطلوب في الفقه الميسر، وهي:
1-
أن تتم الكتابة من لجنة لا من أفراد.
2-
أن تشتمل اللجنة على فقهاء، وممثلين للمذاهب المعتبرة من أصحاب الثقة والورع.
3-
عدم الخروج عن الراجح المفتى به في المذاهب الأربعة.
4-
أن يجرد عن الآراء الشخصية.
5-
أن يكون العرض موثقا.
6-
أن يختار ما هو أرجح دليلا، وأيسر للعامة، وشرح المصطلحات الغريبة، وتحديث الأمثلة.
7-
أن تراعى المستويات المختلفة في صياغة واحدة.
8-
طي المسائل التي لا وجود لها في التطبيق الآن.
9-
أن يذكر المتفق عليه، ويضم إليه ما عداه دون التزام مذهب معين، واستئناسا بما عليه العمل في مؤلفات التربية الإسلامية للمدارس.
11-
مشروع تقنين الفقه:
في ضوء مبادرة أمانة المجمع لحصر التقنينات الشرعية من شتى البلاد الإسلامية، تدعو الحاجة إلى إعداد تقنين مختار لأحكام المعاملات:(المدنية، والأسرية الأحوال الشخصية والجنائية والدولية) والهدف من هذا:
(أ) إيجاد البديل الإسلامي للتقنينات الوضعية المطبقة لكي يعرف منهج الشريعة ولا يندثر بعدم العمل بها، لتستمر الدراسات والبحوث المقارنة.
(ب) تمكين الدول الإسلامية التي تتجه لتغيير المعمول به من التشريعات وتطويرها بما يوافق الشريعة، بحيث تجد ما يصلح لسد الفراغ عند أي توجه من هذا القبيل.
وهذا يتطلب عقد ندوة فيها بعض أعضاء المجمع المهتمين بالتقنين مع قانونيين مختصين لوضع المنهج العلمي، ثم تشكيل لجنة عملية لكل قسم من أقسام المعاملات المدنية – والأسرية – والجنائية – والدولية.
تتقدم الشعبة بتوصية إلى الأمانة لمخاطبة الجهات المسؤولة عن مشاريع القوانين الموحدة من مثل (مشروع قانون الأحوال الشخصية) الذي أعدته الجامعة العربية ووزعته على الدول الإسلامية؛ لإبداء الرأي دون أن تحسب حسابا للمجمع في النظر فيه، لذا ينبغي الطلب إلى الجهة المسؤولة لإرسال نسخة من المشروع إلى (المجمع) بصورة رسمية، مع إرجاء البت فيه إلى أن يبدي المجمع رأيه الشرعي فيه.
12-
إضافة موضوعات مستجدة (للفتوى أو البحث) :
(فتوى) تأخير دفن الميت لأسباب.
(بحث) الديات وتقديرها في العصر الحاضر.
(بحث) المقادير والمقاييس الشرعية.
(بحث) تقسيم العالم إلى دور: الإسلام والحرب والعهد، والأصل في العلاقة مع غير المسلمين.
(بحث) تقسيم الأراضي إلى عشرية وخراجية.
(بحث) النفط، ملكيته وزكاته.
(بحث) مجادلة غير المسلمين وضوابطها (الحوار الإسلامي - المسيحي مثلا) .
(بحث) الاستفادة من صيغة مولى الموالاة في مشردي الحروب والكوارث.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
رئيس لجنة التخطيط والترجمة مقرر الشعبة مساعد المقرر
د. عبد اللطيف الفرفور د. إبراهيم بشير الغويل د. عبد الستار أبو غدة
الجلسة الافتتاحية المغلقة
الجلسة الأولي
6 صفر 1407 هـ – 12 أكتوبر 1986 م
الساعة الثامنة والنصف صباحا
الرئيس:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فنفتتح مستعينين بالله تعالى مستمدين من التوفيق إلهاما والسداد في الأقوال والأعمال وصلاح النية فيما نقول ونذر، هذه الجلسة الصباحية الأولي من جلسات الدورة الثالثة من مجمعكم هذا وكما تعلمون فإن هذه الجلسة الصباحية هي لدراسة استفسارات البنك الإسلامي للتنمية، وقبل هذا هناك أمور إدارية لا بد من ترتيبها وبقوة لائحة نظام المجمع، التي يختار فيها رئيس المجمع وأمينه مقررا عاما للدورة، فقد وقع الاتفاق فيما بيني وبين معالي الشيخ الحبيب أمين عام المجمع على اختيار فضيلة ممثل المملكة الأردنية الهاشمية الشيخ عبد السلام العبَّادي مقررا عاما لهذه الدورة.
وطلبا لحسن الأداء في الصياغة والعرض للموضوعات واختصار للوقت فقد جرى الاتفاق كذلك على اختيار بعض من أصحاب الفضيلة للعرض والبعض الآخر للصياغة حسب البيان الذي سيوزع عليكم وهو كالآتي:
في موضوعات البحوث والدراسات: توحيد بدايات الشهور القمرية:
العرض: فضيلة الشيخ كمال التارزي، والدكتور فخر الدين الكراي والصياغة محدثكم.
استفسارات المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن: العرض فضيلة الشيخ محيى الدين قادي والصياغة فضيلة الشيخ القاضي تقي الدين العثماني وفضيلة الشيخ أحمد حمد الخليلي وفضيلة الدكتور طه جابر العلواني.
الإحرام للقادم للحج والعمرة بالطائرة والباخرة: العرض: لفضيلة الشيخ مصطفى الزرقاء والصياغة لفضيلة الشيخ محي الدين قادي.
أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملة: العرض لفضيلة الشيخ نزيه حماد والصياغة لفضيلة الشيخ محمد عبد اللطيف الفرفور.
سندات المقارضة وسندات التنمية والاستثمار: العرض والصياغة لفضيلة الشيخ عبد السلام العبادي.
وفي موضوعات شعبة الفتوى: استفسارات البنك الإسلامي للتنمية:
يقوم بالعرض والصياغة فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي.
زكاة الأسهم في الشركات: عرض: فضيلة الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير، صياغة فضيلة الشيخ وهبة الزحيلي.
توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق: العرض لفضيلة الشيخ محمد عبد اللطيف الفرفور، والصياغة لفضيلة الشيخ وهبه الزحيلي.
أطفال الأنابيب: العرض للأستاذ محمد علي البار والصياغة لفضيلة الشيخ عبد الله البسام.
أجهزة الإنعاش: العرض للأستاذ محمد علي البار والصياغة لفضيلة الشيخ مصطفى الزرقاء.
وبعد هذا فإن اللائحة نصت على أنه لا بد في الصياغة العامة بالإضافة إلى المقرر العام، من إضافة عضوين من أعضاء هذا المجمع فهذا موكول إلى اختياركم.
الشيخ أحمد البازيع ياسين:
نقترح الشيخ عبد الله البسام.
الشيخ أحمد الخليلي:
فضيلة الشيخ السلامى.
الرئيس:
إذن هل من معارض في جهة نظر هذا الاختيار؟
إذن تمت الموافقة على ضم الشيخين إلى لجنة الصياغة النهائية لمشاريع هذه الدورة وبالله التوفيق.
وبعد هذا ندخل في موضوع جلستنا هذه وهناك توطئة وعرض لبعض المعلومات حول هذه المواضيع الاقتصادية، نرجو من فضيلة الشيخ عبد السلام العبادي أن يتفضل بالإيضاح عنها وشكرا.
الشيخ عبد السلام العبادي:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد من رب العالمين وأصلي على رسوله الكريم.
لا يسعني في بداية هذه الكلمة التي أتيحت لي إلا أن أتقدم بالشكر والتقدير على اختياري مقررا عاما لهذه الدورة راجيا من الله سبحانه وتعالى أن يعينني بالمشاركة مع الإخوة في لجنة الصياغة على أداء ما أوكل إلى من مهمة ولا يفوتني أيضا في مطلع الكلمة هذه أن أرحب بجميع الأخوة الكرام أعضاء هذا المجلس الموقر في بلدهم الأردن مرة أخرى في صباح هذا اليوم المبارك.
أقر مجلسكم الكريم أمس ترتيب جدول الأعمال بحيث جمع الموضوعات الاقتصادية في مطلع هذه الدورة، وهذا تأكيد من المجلس الكريم على أهمية هذه الموضوعات وضرورة التصدي العاجل لمشكلات المسلمين الملحة وكما يعلم الإخوة الكرام أن القضايا المطروحة على الساحة في واقع المسلمين في هذه الأيام أمام المعاناة التي تعيشها قطاعات عريضة منهم في رحاب عالمنا الإسلامي الواسع من مشكلات المرض والجهل والفقر توجب على فقهاء الشريعة الإسلامية أن يسارعوا لرحاب هذه الشريعة الخاتمة شريعة الله التي جاءت لإصلاح الواقع الإنساني وتنظيم الحياة الإنسانية بكل أبعادها بما يحقق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة أن يسارعوا إلى هذه الشريعة لتلمس الحلول الناجعة لمشكلات هذه الأمة في واقعها ومختلف جنبات حياتها ومن هنا كان نص النظام الأساسي في هذا المجمع على أن من واجبه تقديم الحلول لمشكلات المسلمين الملحة المعاصرة في هذه الأيام.
وبحمد الله جاءت الموضوعات المطروحة على هذه الدورة رغم أنها عند النظر السريع تمثل موضوعات جزئية في قضايا متنوعة لكنها عند التدقيق تشكل في الواقع أرضية لنوع من التوجه الواسع الكبير نحو موضوعات هي في ذاتها فيما إذا أُحسن التعامل معها في إطار الشريعة الإسلامية تقدم التصور الإسلامي لحل مشكلات المسلمين في هذه الأيام في مواجهتهم للأمراض الثلاثة التي أشرت إليها.
استفسارات البنك الإسلامي تمثل في مجملها طرحا لمعالجة إسلامية في مجالات تحقيق تنمية في واقع المسلمين وفق قواعد الشريعة وأصولها.
الحديث عن الزكاة يمثل في الواقع طرحا لمعالجة إسلامية فذة لمشكلات الفقر وتحقيق الحياة الكريم لكل مسلم في رحاب الأرض.
وموضوع شهادات الاستثمار للتنمية التي نحتاجها في مجال تحقيق هذه التنمية.
قدمت للسادة العلماء هذا النموذج ليعلموا وليوقنوا بعمق ما تعاني لتكون معالجتنا المطروحة في ظلال إلحاح هذه المشكلة ومدي ما تسبب في رحاب عالمنا من آثار وآلام، ولعل عند ذلك حديثنا في مجال التنمية وتقديم الصيغ الإسلامية المتطورة لتحقيق هذه التنمية وتوفير ضمانات العيش الكريم للمسلمين ضمن ما قدمت الشريعة من معالجات، لعل ذلك يدفعنا إلى مزيد من التبحر والنظر ويدفعنا إلى مزيد من الصياغة الفاعلة وهو مطروح علينا من معالجات استفسارات وآراء، لذلك أرجو الإخوة الكرام أن يقدموا لنا هذا النموذج الذي لا يِأخذ من وقتكم الثمين إلا دقائق معدودة لنكون في جو المعانات ولتكون بعد ذلك أنظارنا ومعالجتنا في حجم المعالجة الفاعلة السريعة وشكرا.
"إثر هذه الكلمة وقع عرض شريط مصور عن معاناة الأشقاء في بعض المناطق في السودان من جراء الجفاف وقلة المدد".
صاحب السمو الملكي الأمير الحسن ولي العهد المعظم
بسم الله الرحمن الرحيم
…
أيها الإخوة أخاطبكم بعد أن عدت من زيارة رسمية للسودان الشقيق وقلبي يعتصره الحزن والألم وقد أتاحت لي زيارتي للسودان الاطلاع على أحوال مخيمات السودانيين الذين تضرروا بالجفاف وسوء التغذية وكذلك الأمر في بعض مخيمات اللاجئين الذين ما زالوا يتدفقون على السودان من الدول المجاورة وقد استمعت إلى ما يملأ نفوسكم من ألم ومرارة نتيجة تقصير إخوانهم العرب وأشقائهم المسلمين ووقوفهم موقف المفتوح بينما تطاحنهم المحنة من كل جانب وهو يتطلعون إلى إخوانهم بروح الأمل والرجاء.
أيها الإخوة:
لقد مرت على السودان خمس سنوات متوالية من الجفاف وانحباس الأمطار مما أدى إلى صعوبات اقتصادية وتخلف زراعي وانتشار للجوع والمرض والحرمان لا مثيل له في هذا القرن وحسب تقديرات الأمم المتحدة يعاني ثمانية ملايين وأربعمائة ألف سوداني هذه المعاناة كما يعاني سكان إقليم دارفور وكردفان من شح الغذاء وقلة مساعدات من يمثلهم من البقاء على قيد الحياة، هذا بالإضافة إلى المشاكل الناجمة عن تدفق أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ من إرتيريا وتشاد وزائير وأوغندا على السودان يتزايد عددهم باستمرار وتتولى خمس وعشرون وكالة تطوعية أعمال الإغاثة وتقديم المساعدات لهؤلاء اللاجئين معظمها من أوروبا وأمريكا بينما غابت الوكالات والجمعيات العربية والآسيوية إلا واحدة عن تقديم العون للمنكوبين الذين تصل نسبة المسلمين فيهم إلى أربعة وثمانين بالمائة، كما عاني هؤلاء اللاجئون من بؤس وجفاف لسنوات طويلة نتيجة سوء التنمية والجوع والصراعات المسلحة على أراضيهم كما ضم الجوع مئات الألوف مما يجسد حرمانهم ظلم الإنسان لأخيه الإنسان فآلاف الأطفال ما زالوا يواجهون الموت يوميا بسبب الجوع والمرض، ومن منطلق الإيمان بواجبنا الإنساني وإحساسنا في الأردن من واقع المأساة على شعب السودان الشقيق وبتوجيه من جلالة الحسين فقد وضع الأردن برنامجا لمساعدة عاجلة للسودان الشقيق وبوصفي رئيسا وعضوا مؤسسا للجنة المشكلة للقضايا الإنسانية الدولية بحثت مع المسئولين في السودان الإجراءات التي يمكن اتخاذها على المستوي الدولي واتفق على العمل لتأمين أنصبة مالية مباشرة للمزارعين الصغار وإنشاء جهاز فعال للمتابعة قبل حصولها وبالبحث عن أمور لازمة لأوضاع اللاجئين في السودان.
أيها الإخوة أخاطبكم لأنقل لكم استغاثة أشقائكم في السودان في ذكرى مباركة عطرة من ذكريات رسالة الرسول الكريم وذكري نفحة من نفحات نبوية وهي ذكرى هجرته عليه الصلاة والسلام إلى المدينة لجمع كلمة المسلمين على الخير والتواد والتراحم، وأية ذكرى أكرم يتجول فيها الإنسان مع أخيه المسلم لمد يد العون والإغاثة والإنقاذ لمن أهلكت المحنة والمجاعة ما لديهم من حرث ونسل وكادت تفني البقية الباقية من المواد البشرية والمادية.
أيها الإخوة الكرام.. إن البؤس والحرمان اللذين يتحملهما الملايين من إخواننا في السودان يذكر بقول الرسول العظيم: إن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل جسد واحد إذا اشتكي منه عضو تدعي له سائر الجسد بالسهر والحمي، إني أوصيكم أن تهبوا إلى نجدة إخوانكم في السودان الذين يتطلعون إليكم لإنقاذ أطفالهم وحياتهم وذويهم {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
صاحب السمو الملكي.... أصحاب الفضيلة الأعضاء إننا تأملنا الصور لأوضاع إخواننا في السودان التي تمت مشاهدتهم الآن وقال المذيع ومندوب المملكة الأردنية: إنه يهيب بإخوانه المسلمين إلى مد يد العون والإغاثة فإنه بدورنا ينبغي أن نناشد دولنا وحكوماتنا بأن يمدوا يد العون والإغاثة وأن يكثفوا الجهود لإغاثة إخوان لنا في الله في الإسلام وفي العقيدة وألا يكون هذا محل النسيان منا أو التكاسل إن هذا من أصول الإسلام ومن واجباته العظام وإن هذه لفتة كريمة من هذه الدولة المباركة، ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله.
صاحب السمو.. في الوقت الذي نتشرف فيه بحضور سموكم فإن صاحب السمو الملكي يرغب بأن يُلقي على مسامعكم الكريمة كلمته التي نرجو الله سبحانه وتعالى أن تعطي هذه الدورة دفعة وشحنة إلى الأخذ بقرارات شرعية حاسمة في قضايا اقتصادية على ضوء الشريعة الإسلامية وشكرا.
صاحب السمو الملكي الأمير الحسن:
أصحاب الفضيلة.. أيها العلماء الأجلاء
…
استجابة للدعوة الكريمة من فضيلة الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة وفضيلة الدكتور بكر أبو زيد حضرت اليوم لأتابع المناقشة فيما يتعلق بجوانب من الاستصلاح أي تعظيم المصلحة العامة، وهذه الجوانب في بحثكم اليوم الموصول بإذن الله تتناول قضايا مالية وددت فقط أن أعتذر في بداية حديثي أنني أشعر أن واجب الضيافة لا يتعدى إلا الاطمئنان على سير العمل بصورة مرضية بإذن الله ولكنني عند المشاركة في بحث موضوع أعتقد أنه يتعدى البعد المالي والمادي إلى الوصول إلى البعد الإنساني، شعرت من واجبي أن أبلغ الرسالة والأمانة.
كنت تحدثت من خلال ما شاهدتم الآن عن الأوضاع في السودان وربما كان بوسعي أن أتحدث أيضا عن مظاهر أخرى للتخلف والحرمان منها ظاهرة ما يسمى بأطفال الشوارع والذين يؤمون المدن الكبيرة في هذا العالم بأعداد تصل بحسب تقديرات اللجنة الدولة إلى ثمانين مليونا. وكان بمقدوري أن أتحدث بالتفاصيل عن المرض لأقول لكم بأن هنالك إلى جانب موقع الفريق الطبي الأردني في السودان تجمع لأربعة آلاف مجذوم من مجموع يقدر بإحصاءات منظمة الصحة العالمية في حدود الثمانية ملايين مجذوم في القارة الإفريقية ولو أردنا أن نتحدث عن التصحر والجفاف لأشرنا إلى أوضاع دول عضوة كما على سبيل المثال والتي تعاني من أمرِّ وأصعب الظروف في تاريخها ربما ولعلها هذه الصور في الألبوم المصور (1) لأحوال المرض الذي أرجو من السادة الأفاضل أن يتناقلوه ويتصفحوه لمثل آخر على ما وجهنا به في زيارة السودان عند دخول المعسكر الأول للاجئين هرع أطفال المعسكر لاستقبالنا بعبارة: الخواجات الخواجات على اعتبار أنه رسخ في الذهن أن لا يقدم الدعم في مثل هذه الحالات إلا الجمعيات التبشيرية وعندما وضح مضيفنا السوداني بالإشارة إلى أن الوافد آت من الأردن لم يتجاوبوا معه فالأردن أو الدول الأقطار في إطار مفهوم العصر ليست من أعلام التراث والذاكرة لتلك القبائل ولكنه عندما قال يأتون من الأردن الهامشي وتردد كلمة هاشمي وهنا ارتفع الهتاف: الله أكبر ولله الحمد، ولا أدعي فضلا من قريب أو من بعيد في هذه المبادرة فعندما عدت وجهت النداء الذي شاهدتموه إلى المجتمع الأردني وتجاوب هذا المجتمع الطيب بالمساهمة خلال أشهر معدودة بمبلغ يتجاوز الأربعة مليون دولار وللمقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية عندما أعلن يوم لدعم الفقراء في أمريكا وامتدت الأيدي من الساحل الشرقي إلى الساحل الغربي الأمريكي تضامنا مع الفقراء كانت حصيلة ذلك اليوم خمسة عشر مليون دولار ونحن ثلاثة ملايين هنا في الأردن، المهم أنه أول ما صادف اللجنة.
(1) عرض سموه على الحاضرين ألبومات مصورة عن الوضع في بعض مناطق السودان الشقيق، الناجم عن الجفاف وقلة المدد
وهنا ملاحظتي المتصلة في موضوعات البحث السؤال من المواطن ما هو موقف الزكاة من هذا التبرع؟ وهل يحسب زكاة؟ وكانت الإجابة – وصححني الدكتور عبد السلام – هذه المبالغ الذاهبة لصندوق مخصص للسودان ذاهبة لتوظيف خدمة المعوزين فبمفهوم التوظيف لخدمة هذه الفئة المحرومة من الناس كنت أتطلع إلى إمكانية العودة إلى موضوع الزكاة في المنظور الدولي لأن هنالك منظورا قطريا لكل قطر من أقطار المؤتمر الإسلامي، ونعم هنالك بحوث على مستوي القمة الإسلامية، وأنا حضرت شخصيا القمة الأخيرة في الدار البيضاء عندما بحث موضوع الزكاة لم يتحمل القادة دقائق وأرجئ البحث للقاء القادم والسبب لذلك واضح في نظري وهو ذو شقين:
أولا: عدم الرغبة في الخوض في مجال أو عدم التأهيل لذلك المنبر السياسي في أن يخوض في مسائل فقهية.
والسبب الثاني واضح أيضا في نظري: أن الأحوال الاجتماعية للعالم الإسلامي ليست ماثلة بنفس السوية من الفهم والدراية بالعمق لجميع المشاركين عندما نتحدث عن معركة بقاء حياة وموت نتحدث حقيقة عن هوية جماعية مهددة في ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، مهددة في ظلم الإنسان لبيئته، ولا أريد أن أتحدث عن الظلم ما بين الإنسان وربه، ولكن هذه العناصر الثلاثة وخاصة يبدو لي أن العنصرين الأول والثاني اللذين نستطيع على الأقل أن نتعامل معهما في مواجهة المفاهيم الثلاثة للاستصلاح وهي الإنسان والأرض والماء الطيب. إن شاء الله وهي ورقة عمل مقدمة للدورة من البنك الإسلامي للتنمية تتعلق في موضوع نقل الأموال من الدول الإسلامية.
وهنالك أعود للقاء الأخير للبنك ولا أريد هنا التحدث باسم البنك وذلك لوجود من يغنيني بالحديث الكفء والمتعمق وأكرر ما لمسته من توجه البنك ولكن عند لقائنا الأخير كنت توجهت للبنك باقتراح هل يمكن للبنك عودة لقضية الفقراء وجيوب الفقر الكثيرة المتناثرة في العالم الإسلامي أن يبلور مفهوم المناطق المدعومة أي أن ييسر الوصول إلى الأموال من المصادر الإسلامية داخل تلك الشبكة المتحددة من البنوك الإسلامية ليستمر في رسالة التجاوب مع المشروعات الاجتماعية والاقتصادية خاصة بذوي الدخل المحدود؟
ثانيا: كان سؤالي موجها لموضوع الأولويات في اتفاقنا في العالم الإسلامي هل يستطيع البنك من خلال هذا التوجه أن يسهم في تصويب الأولويات على اعتبار أن أي معيار لقياس أوضاع المسلمين في أنحاء العالم يدلنا على أن نسبة الدخل للفرد تؤهل تلك الدول لما يسمى بالقروض السهلة من قبل المصارف الدولية والغربية ولكننا لم نتفاعل بصورة كاملة وشاملة مع القارة الإفريقية على سبيل المثال، وأود هنا أن أذكر ما آلت إليه المنظمات الاقتصادية للجامعة العربية من اضطراب وارتباك وكذلك جهود مخلصة تبذل في هذه الساعة المتأخرة للنهوض بمستوي تلك المنظمات ولكنني أخشى أننا إذا استمرينا في أوضاعنا الحالية ضمن إطار المؤتمر الإسلامي أننا سنواجه أوضاعا مشابهة للمنظمات المتخصصة في المؤتمر المذكور، واقترحت أيضا أن يتعاون البنك وفريق من المتخصصين في أخذ بعض الأمثلة الناجحة ومنها اعتبر البنك سندات المقارضة المعمول بها في هذا الصباح وستكون لي بإذن الله المداخلة الأخيرة لأني أترك الموضوع لكم بالدرجة الأولى إذا اعتبرتموني حلقة وصل فإنني توجهت في الماضي إلى القادة السياسيين فرادى وجماعة وكانت الملاحظة أن هنالك معوقات ولن أعتبرها معوقات فقهية تحول دون التوجه كما تصفه في موضوع التوظيف وتلك الخلافات هي جزء من الخلافات بصفة عامة في حياة الأمة، فأتوجه إليكم بتوضيح جزء من الصورة كما رأيناها، وأرجو عند الحديث عن الإرادة أننا نستطيع حقيقة أن ننفذ من خلال هذا اللقاء إلى التعبير عن الإرادة في أشرف وأعمق صورة وهو في نظري مد العون لإخواننا في الله حيثما وجدوا من المحرومين المعوزين الذين إذا بقوا على أحوالهم الحالية سيتأثرون بأنواع التيارات الفكرية التي عادة ترتفع في مثل ذلك المناخ لتقلب الإنسان على عقيدته وعلى إيمانه.
أرجو المعذرة إذا لم أوفق في توضيح الصورة ولكنني وددت فقط أن أنقل جو اللقاء من النصوص والإحصاءات والأرقام والتقارير إلى البعد الإنساني كما رأيناه، وأنتم أعلم مني لتمثيلكم رقعة أوسع جغرافيا من ما استطعت أن أصف ولكن تجوالي في كثير من هذه الدول وعملي مع اللجنة الدولية بالاطلاع على تقاريرها المختلفة أشعرني حقيقة في عظم المسؤولية وأيضا الفرصة السانحة لهذا التجمع الكريم في أن يكون القدوة للآخرين في هذا العالم في مثل هذه المبادرة الأصيلة.
أشكركم وأشكر الرئيس على السماح لي بأن أخاطبكم في هذا الصباح وسأستمع معكم بدقة للبحث والمداولات في هذه المواضيع الهامة.
رئيس المجلس:
نشكر صاحب السمو الملكي نائب جلالة الملك على ما كنا نستمع إليه من حديث فائق وعرض موثق ومعلومات اقتصادية دقيقة وتوجيهات تنطلق من منظور إسلامي إنساني.
محضر اجتماع أصحاب الفضيلة علماء الشريعة
مع
البنك الإسلامي للتنمية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه.
بدعوة من السيد رئيس البنك الإسلامي للتنمية الدكتور أحمد محمد علي اجتمع كل من أصحاب الفضيلة العلماء الموضحة أسماؤهم (1) بعد:
الأستاذ / أحمد بزيع الياسين.
فضيلة الشيخ/ بدر المتولي عبد الباسط.
الدكتور/ عبد الله محمد عبد الله.
الدكتور/ عبد الستار أبو غدة.
الأستاذ / محمد الحبيب ابن الخوجة.
الأستاذ / محمد المختار السلامي.
الأستاذ / مصطفى أحمد الزرقاء.
وقد اعتذر عن الحضور كل من السادة:
الدكتور / سامي حمود.
سماحة الشيخ / صالح الحصين.
سماحة الشيخ / محمد الأمين الضرير.
وحضر عن البنك الإسلامي للتنمية كل من:
الدكتور / أحمد محمد علي رئيس البنك
الأستاذ / عثمان سيك نائب رئيس البنك
الأستاذ / عمر عبد الله سجيني
الأستاذ / عبد الرحمن نور حرزي.
الدكتور / محمد الفاتح.
الأخ / منصور بن فتي.
الأخ / المقداد حامد الرشيد.
وذلك خلال الفترة من 14 - 17 من شوال 1406 هـ الموافق 21 – 24 من يونيو 1086م بمقر البنك الإسلامي للتنمية بجدة، بغرض دراسة الاستفسارات المعروضة عليهم من قبل البنك الإسلامي للتنمية والتي تتناول الموضوعات التالية:
رسوم الخدمة على القروض.
عملية الإيجار.
عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن.
عمليات تمويل التجارة الخارجية.
التصرف في فوائد الودائع.
(1) حسب الترتيب الأبجدي
الاستفسار الأول: رسوم الخدمة على القروض:
بالنسبة للموضوع الأول وهو تقدير رسم الخدمات على القروض التي يقدمها البنك، إلى الدول الأعضاء، تم ما يلي:
أولا: قدم البنك بيانا عن الأعمال التي تقتضيها هذه القروض.
ثانيا: اتضح تعذر تقدير النفقات التي يستوجبها إنجاز هذه القروض بكامل التدقيق وأنه لا بد من إعطاء تقدير للنفقات يكون أقرب ما يكون للواقع.
وبعد أن تدارس المشاركون هذا الموضوع انتهوا إلى الأمور الآتية:
أولا: بما أن اتفاقية تأسيس البنك الإسلامي للتنمية المصادق عليها من قبل الدول الأعضاء بالبنك، نصت في مجال تمويل القروض على أن يتقاضى البنك رسم خدمة مقابل مصروفاته الإدارية.
وهذا الأمر تم الاتفاق على قبوله من كافة الحاضرين كمبدأ من المبادئ.
ونظرا إلى أن تقدير هذه النفقات يتعذر بكامل الدقة حسب ما قدمه البنك واقتنع به كل الحاضرين.
لذلك اتفقوا على أنه لا مناص من اللجوء إلى التقدير التقريبي العادل الذي لا يُظلم فيه أي شيء من طرفي العملية: المقترض والبنك.
ثانيا: أن ما جري عليه عمل البنك من تقدير رسم الخدمات بين 2.50 % و3 % عن جميع مدة القرض لاحظ عليه الحاضرون أنه أمر مبالغ فيه وأنه لا بد من إعادة النظر فيه على أسس جديدة في تقدير معدل النفقات على القروض.
ونظرا لما لوحظ من وجود تفاوت بين مرحلتين:
أولاهما: عند إنجاز القرض حيث إن هناك نفقات كبيرة تتمثل في الدراسة ومتابعة الإنجاز.
وثانيتهما: المرحلة اللاحقة التي يقل فيها الجهد وتكون نفقاتها محدودة.
فقد اتفق الحاضرون على أن البنك يتقاضى تكاليف الخدمة عن مدة إنجاز المشروع فقط ويتغاضى عن المدة اللاحقة وعن المصاريف الإدارية المتعلقة بها بعد إنجاز المشروع، خلال فترة الوفاء تنزها عن الشبهات.
ثالثا: بالنسبة لتقدير هذه النفقات عن مدة الإنجاز التي يتحملها المقترض والتي لا بد من تقديرها التقريبي حسب الاعتبارات السابقة واعتماد على ما قدمه البنك من بيانات حول هذه النقطة، قرر الحاضرون أن نفقات الخدم تقدر بالمعادلة التالية:
قسمة الحصة التقديرية للعمليات العادية من المصاريف على الاعتمادات المقررة للعمليات العادية خلال خمس سنوات ماضية ثم استخراج النسبة المئوية لتضرب هذه النسبة في مبلغ القرض في عدد سنوات إنجاز كل مشروع على حدة.
ويشكل الناتج مبلغا مقطوعا يدفعه المقترض منجما على سنوات الوفاء، وعند الانتهاء من إنجاز المشروع تقارن المدة المقدرة بالمدة الفعلية للإنجاز فإن ساوتها فبها ونعمت، وإن كانت إقل خصم من المقدار الإجمالى للخدمة ما يتناسب مع المدة من الأقساط الباقية، وإن كانت أكبر يضاف إلى الخدمات بحسب تلك النسبة. ويلزم المقترض بالوفاء بها مع الأقساط الباقية.
وقد أنتجت هذه القسمة بالنسبة ليوم الاجتماع نسبة 3.33 % ومرفق بهذا التقرير صورة تطبيقية توضح طريقة إجراء هذا الحساب مقارنة بالطريقة التي كان يجري العمل عليها في البنك.
كما اتفق الحاضرون على أن تقدير هذه النسبة ليس تقديرا جامدا بل يجب إعادة النظر فيها سنويا وذلك بحذف السنة الأولى من السنوات الخمس في التقدير وإضافة السنة الأخيرة بدلا عنها.
ولقد انفرد فضيلة الشيخ مصطفى الزرقاء، برأي خاص بالنسبة للجزئية التالية: وهي أنه عند احتساب النسبة يقسم مجموع تكاليف الخدمات على مجموع الاعتمادات المقررة بصورة تشمل تمويل التجارة الخارجية.
الاستفسار الثاني: عملية الإيجار:
عرض البنك على الحاضرين الطريقة التي يتبعها في عملية الإيجار التي تتلخص فيما يلي:
أولا: بعد التحقق من الجدوى يوكل البنك المستأجر ليقوم مقامه في شراء المعدات وقبولها والتأكد من سلامتها وحسن تركيبها
…
الخ.
ثانيا: عندما يتلقي البنك من الوكيل ما يفيد أن البائع قد وفَّى بالتزاماته يقوم البنك بإيجار هذه المعدات إلى الوكيل بمقدار معلوم هو حاصل رأس المال مع الأرباح مقسطا على سنوات معينة.
ويتضمن عقد الإيجار التزاما من البنك بهبة المعدات المستأجرة عقب وفاء جميع الأقساط الإجارة.
ثالثا: يلتزم المستأجر بالتأمين على المعدات لصالح البنك على نفقة المستأجر وكذلك صيانة المعدات والمحافظة عليها.
وبعد أن تدارس الحاضرون موضوع هذا العقد قرروا:
1-
التأكيد على الفصل بين عقد التوكيل وعقد الإجارة.
2-
التأكيد على انتهاء عملية الإجارة بهبة المعدات للمستأجر لا ببيعها.
3-
أن يكون البنك هو الذي يتولى التأمين على المعدات على نفقته وليس على نفقة المستأجر.
أن كل ما نتج عن تقصير المستأجر أو تعديه فإن المستأجر وحده هو الذي يتحمل ما يترتب على تقصيره أو تعديه فقط.
الاستفسار الثالث: عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن:
عرض البنك الطريقة التي يتبعها في ذلك والتي تتمثل فيما يلي:
1-
يقع وعد بشراء المعدات المطلوبة من المستفيد.
2-
يقوم البنك بتوكيل المستفيد بشراء تلك المعدات باسم البنك ويقوم البنك بدفع ثمنها للمورد.
3-
بعد أن يتلقى البنك من الوكيل ما يفيد تسلمه لكامل المعدات سليمة وصالحة للاستعمال يقوم البنك بعقد بيع بينه وبين الوكيل بثمن يزيد عن ثمن الشراء بربح متفق عليه، ويدفع المشتري الثمن على أقساط محددة في زمن يتراوح بين ثلاث وعشر سنوات. وبعد تداول النظر بين الحاضرين اتفقوا على ما يلي:
أولا: التأكيد على الفصل بين عقد الوكالة وعقد البيع.
ثانيا: أن هذه العملية هي عملية مقبولة شرعا مع ملاحظة وجوب الفصل بين عقد الوكالة وعقد البيع.
الاستفسار الرابع: عمليات تمويل التجارة الخارجية:
عرض البنك الطريقة العملية المتبعة في ذلك وهي أنه بعد أن يتلقى البنك طلبا من إحدى الدول الأعضاء بشراء سلع أو مواد وبعد الموافقة المبدئية من قبل البنك على الطلب يقوم البنك بإبرام اتفاقية بين ثلاثة أطراف:
1-
البنك.
2-
الجهة المستفيدة.
3-
الضامن.
وبعد هذا يُوَكِّل البنك الجهة المستفيدة أو الضامنة لشراء السلعة المطلوبة وعندما يتلقى البنك إشعارا من الوكيل بتسلمه السلعة موضوع العقد يتم البيع بين البنك والجهة المستفيدة بواسطة تبادل الرسائل المبرقة (التلكس) بثمن هو حاصل رأس المال المدفوع مع ربح معين، ويقسط الثمن على المدة المتفق عليها على أساس أن كل شحنة يتم تسليمها يدفع ما يخصها من الثمن عند أجله.
وبعد تداول النظر بين الحاضرين قرر المجتمعون بالإجماع ما يلي:
1-
وجوب فصل عقد البيع عن عقد التوكيل.
2-
أن هذه العملية بعد الفصل بين العقدين مقبولة شرعا.
الاستفسار الخامس: التصرف في فوائد الودائع:
تم النظر في تقرير اجتماع بعض علماء الشريعة والخبراء في المصارف المنعقد بمقر البنك الإسلامي للتنمية بجدة بتاريخ 10 ربيع الأول 1399 هـ. بشأن حكم الشريعة في الفوائد المتجمعة من إيداع البنك الإسلامي للتنمية عند الحاجة، المبالغ غير العاملة من أمواله في المصارف العالمية بالدول الأجنبية، وقد وافق المجتمعون على ما تضمنه التقرير بشأن استخدام تلك الودائع.
وبعد أن عرض البنك الطريقة التطبيقية التي قررها مجلس المحافظين للبنك الإسلامي للتنمية من تخصيص 50 % من الاحتياطي الخاص لمواجهة ما يطرأ من انخفاض قيمة الودائع نتيجة تذبب العملات وإن تخصص الـ 50 % الأخرى لأغراض النفع العام وهي التدريب والبحوث، توفير وسائل الإغاثة، توفير المساعدات المالية للدول الأعضاء، تقديم المساعدات الفنية للدول الأعضاء.
وبعد تداول النظر بين الحاضرين قرر المجتمعون ما يلي:
1-
لا يسوغ للبنك أن يحمي القيمة الحقيقية لأمواله من الـ 50 % التي قررها مجلس المحافظين للاحتياطي.
2-
أن يضاف إلى المصارف الأربعة السابقة المؤسسات العلمية والمعاهد والمدارس وما يتصل بنشر المعرفة الإسلامية.
3-
باستطاعة البنك أن يُخصص، لأغراض النفع العام المشار إليه، أية أموال أخرى من فوائد تلك الوادئع مثل التي كان قد قرر تخصيصها كاحتياطي لتذبذب العملات.
هذا ما انتهى إليه المجتمعون في شأن الموضوعات الخمسة، وبما أن تلك الموضوعات قد ألحق بالأربعة منها نماذج اتفاقيات لتوضيح طريقة تطبيق المبادئ، وهي مصوغة من قبل، وقد أبدى المجتمعون ملاحظات حولها، بعضها يتصل بالموضوع والأحكام الشرعية، وبعضها يتصل بالإجراءات والأسلوب، فقد قرر المجتمعون أنه لا بد من تعديل هذه الاتفاقيات بعد قراءتها بدقة، ورشحوا لهذا العمل:
- فضيلة الشيخ / محمد المختار السلامي.
- فضيلة الدكتور / عبد الستار أبو غدة.
وذلك بأن يقوما مجتمعين بتعديل الاتفاقيات الأربع في ضوء أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية وإرسالها بعد ذلك إلى البنك لتطبيق التعديلات والعمل بها.
التوقيع
الشيخ محمد مختار السلامي
رئيس لجنة الصياغة
بسم الله الرحمن الرحيم
حساب تكاليف خدمة القروض
على أساس المصاريف إلى العمليات
1 -
يفترض أن مصاريف البنك الإدارية تنفق لإدارة عمليات البنك بكاملها، وأن هذه العمليات في مجملها فئتان:
- فئة العمليات العادة التي هي أكثر حصة في التكاليف والخدمة.
- فئة التجارة الخارجية والاستثمار بالودائع التي لا تتطلب كثير عمل نسبيا.
2 -
تقدير حصة العمليات العادية من التكاليف تقريبا بـ 80 % من المصروفات الإدارية، ويقسم هذا المبلغ على مبالغ تمويل العلميات العادية، لتحديد نسبة التكاليف إلى الاعتمادات في كل سنة.
3 -
تضرب هذا النسبة في عدد سنوات العمل الكثيف المتصل بالمشروع، وتقدر هذه الفترة في المتوسط بـ 5 سنوات، وهي مدة تنتهي باكتمال إنجاز المشروع، وقد تنزل هذه الفترة إلى 2 وقد تبلغ حتى أكثر من 6 سنوات حسب كل مشروع.
4 -
حاصل ضرب النسبة في مبلغ القرض في عدد السنوات المذكورة، يشكل المبلغ المقطوع كرسم خدمة للعملية، يستوفى على أقساط متساوية خلال فترة الوفاء.
بسم الله الرحمن الرحيم
تطبيق الطريقة المقترحة على
مثال واقعي
(الجدول المرفق)
مبلغ القرض:: 1925000 دينار إسلامي.
المدة: 30 سنة منها 5 سنوات سماح.
- حساب 80 % من المصروفات الإدارية المقدرة بـ 68.25 = 54.6م د.
- توزيع المصروفات بعد الخصم على العمليات العادية (الاعتمادات 1638.89) = 3.33 %
- ضرب الحاصل في سنوات الإنجاز الخمس = 16.66 %
- المبلغ المقطوع خلال كل فترة = 320705
- هذا بالمقارنة مع مبلغ = 75/854218
حسب طريقة الحساب المعمول بها حاليا.
القرض: 1925000 دينار إسلامي الجدول رقم 1 (ب)
رسم الخدمة: 75/854218 دينار إسلامي رسم الخدمة
المدة: 30 سنة بما فيها 5 سنوات سماح.
(الحساب المعمول به) الجدول حسب
الرقم تاريخ الاستحقاق المبلغ بالدينار الإسلامي التقرير الجديد
1
50 / 24062 08 / 5345
2
50 / 24062 08 / 5345
3
50 / 24062 08 / 5345
4
50 / 24062 08 / 5345
5
50 / 24062 08 / 5345
6
50 / 24062 08 / 5345
7
50 / 24062 08 / 5345
8
50 / 24062 08 / 5345
9
50 / 24062 08 / 5345
10
50 / 24062 08 / 5345
11
50 / 24062 08 / 5345
12
25/23581 08 / 5345
13
00 / 23100 08 / 5345
14
75 / 22618 08 / 5345
15
50 / 22137 08 / 5345
16
25 / 21656 08 / 5345
17
00 / 21175 08 / 5345
18
75 / 20693 08 / 5345
19
50 / 20212 08 / 5345
20
25 / 19731 08 / 5345
21
00 / 19250 08 / 5345
22
75 / 18768 08 / 5345
23
50 / 18287 08 / 5345
24
25 / 17806 08 / 5345
25
00 / 17325 08 / 5345
26
75 / 16843 08 / 5345
27
50 / 16362 08 / 5345
28
25 / 15881 08 / 5345
29
00 / 15400 08 / 5345
30
75 / 14918 08 / 5345
31
50 / 14437 08 / 5345
32
25 / 13956 08 / 5345
33
00 / 13475 08 / 5345
34
75 / 12993 08 / 5345
35
50 / 12512 08 / 5345
36
25 / 12031 08 / 5345
37
00 / 11550 08 / 5345
38
75 / 11068 08 / 5345
39
50 / 10587 08 / 5345
40
25 / 10106 08 / 5345
41
00 / 9625 08 / 5345
42
75 / 9143 08 / 5345
43
50 / 8662 08 / 5345
44
25/ 8181 08 / 5345
45
00 / 7700 08 / 5345
46
75 / 7218 08 / 5345
47
50 / 6737 08 / 5345
48
25 / 6256 08 / 5345
49
00 / 5775 08 / 5345
50
75 / 5293 08 / 5345
51
50 / 4812 08 / 5345
52
25 / 4331 08 / 5345
53
00 / 3850 08 / 5345
54
75 / 3368 08 / 5345
55
50 / 2887 08 / 5345
56
25 / 2406 08 / 5345
57
00 / 1925 08 / 5345
58
75 / 1443 98 / 5345
59
50 / 962 08 / 5345
60
25 / 481 28 / 5345
الإجمالي 75/ 854218 00 / 320705
بسم الله الرحمن الرحيم
البنك الإسلامي للتنمية
المركز الرئيسي – جدة
بيان تحليلي بمصروفات البنك عن فترة الخمس أعوام الماضية
1401 – 1405 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اتفاقية قرض
بين
حكومة
والبنك الإسلامي للتنمية
اتفاقية قرض
أبرمت اتفاقية القرض هذه بتاريخ ........................... الموافق ...........................
بين حكومة ........................... (ويشار إليها فيما يلي بالمقترض) والبنك الإسلامي للتنمية (ويشار إليه فيما يلي بالبنك) .
بما أن المقترض قد طلب من البنك مساعدته في تمويل ........................... (ويشار إليه فيما يلي "بالمشروع") كما ورد وصفه في الجدول رقم (2) الملحق بهذه الاتفاقية وذلك بمنحه قرضا كما هو مبين فيما يلي.
وبما أن من أغراض البنك مساعدة الدول الأعضاء عن طريق منح القروض لتمويل المشروعات والبرامج الإنتاجية.
وبما أن المشروع يعتبر سليما فنيا وله ما يبرره اقتصاديا وماليا ولا يتنافى مع أحكام الشريعة الإسلامية، وبما أن المقترض قد أبرم (بصدد إبرام) اتفاقيات قروض مع كل من........................... وبما أن البنك بناء على ما تقدم قد وافق على منح قرض للمقترض بالشروط والأوضاع المبينة في هذه الاتفاقية.
لذلك فقد اتفق الطرفان على ما يلي:
المادة الأولى
شروط عامة وتعريفات
الفقرة 1 - 1: شروط عامة:
يوافق طرفا هذه الاتفاقية على جميع نصوص الشروط العامة المطبقة على اتفاقيات البنك للقروض والضمانات المؤرخة في 8 / 11 / 1976 م (وتسمى فيما يلي "الشروط العامة") وسيكون لها ذات القوة ونفس الأثر كما لو وضعت بكاملها في صلب هذه الاتفاقية.
الفقرة 1 - 2: تعريفات:
كلما وردت في هذه الاتفاقية المصطلحات الوارد تعريفها في الشروط العامة سيكون لها نفس المعاني الموضحة هناك ما لم يتطلب سياق النص معنى آخر. كما يكون للعبارات الإضافية الآتية المعنى الموضح أمام كل منها:
(أ)
(ب)
(ج)"الاتفاقيات الأخرى" تعني القروض المشار إليها في مستهل هذه الاتفاقية.
(د)"المشروع" وأية إشارة لأجزاء منه تعني المشروع وأجزاءه الموصوفة في الجدول رقم (2) الملحق بهذه الاتفاقية.
المادة الثانية
القرض
الفقرة 2 - 1: المبلغ:
يوافق البنك على منح المقترض قرضا من موارد البنك المادية بمبلغ لا يتجاوز ........................... دينار إسلامي والدينار الإسلامي كما ورد تعريفه في المادة 4 (1)(1) من اتفاقية تأسيس البنك يعادل وحدة من حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي.
الفقرة 2 - 2:
يتم الحصول على عقود الخدمات والبضائع التي تمول من حصيلة القرض وفقا للإجراءات التي يحددها البنك وذلك ما لم يوافق البنك على خلاف ذلك، على أن يلتزم المقترض باللوائح الصادرة أو التي تصدرها منظمة المؤتمر الإسلامي المتعلقة بحظر التعامل مع جنوب أفريقيا وإسرائيل.
المادة الثالثة
السداد، رسم الخدمة، مكان السداد
الفقرة 3 - 1: السداد:
يلتزم المقترض بسداد أصل مبلغ القرض على مدى ........................... بما فيها .................. سنوات مدة سماح تبدأ من تاريخ إبرام هذه الاتفاقية، على أن يتم السداد على .................. طبقا للجدول رقم (1) الملحق بهذه الاتفاقية.
الفقرة 3 - 2: رسم الخدمة:
(أ) يلتزم المقترض بأن يدفع للبنك رسم خدمة مقداره ........................... دينارا إسلاميا فقط. وذلك طبقا للجدول رقم (ب) الملحق بهذه الاتفاقية.
(ت) وسيكون رسم الخدمة مستحقا من تاريخ الالتزام كما ورد تعريفه في الفقرة 9 - 2 من هذه الاتفاقية.
الفقرة 3 –3: مكان السداد:
ستعتبر جميع المبالغ الواجب أداؤها بما فيها أقساط أصل القرض قد سددت عندما تكون هذه المدفوعات قد قيدت في الحساب المخصص لهذا القرض بسجلات البنك.
الفقرة 3 –4:
مع عدم المساس بعمومية نص البند 3 –3 أعلاه، فإن جميع المبالغ الواجب أداؤها بمقتضى هذه الاتفاقية تعتبر قد سددت إلى البنك عندما يؤكد أي بنك من البنوك الآتية إتمام إيداع تلك المبالغ في حساب البنك الإسلامي للتنمية لديه:
(1)
إذا كان السداد بالدولار الإمريكي:
(1)
Account No. 001591 - 11
Saudi International Bank
99 Bishopsgate، London Ec 2M 3tB
Telex Numbers: 8812261 8812262
(2)
Account No. B 10507
Arab Banking Corporation
p. o Box 5698، Manama، Bahrain
Telex Numbers: 9385، 9431 / 2 / 3
9442 ABCBAH BN
(2)
إذا كان السداد بالفرنك الفرنسي
Account No. 96965. 9. 001. 00
Union de Nanques Arabes et
Framcaises (U.B.A.F)
190 Aveue Chaies de Gaulle
92523 Neuilty Cedex، France
Telex Number: 610334 UBAFRA
(3)
إذا كان السداد بالجنيه الاسترليني
Account No، 708372
Gulf International Bank
2 -
6 Canon Street، London EC 4M 6xp
Telex Numbers 8813326 8812889
المادة الرابعة
سحب مبالغ القرض واستعمالها
الفقرة 4 – 1: المسحوبات:
يحق للمقترض أن يسحب مبلغ القرض وفقا للجدول رقم (3) من هذه الاتفاقية ووفقا لنصوصها وأحكامها ونصوص الشروط العامة وقواعد السحب المتبعة في البنك، وذلك للأغراض الموضحة بهذه الاتفاقية كالمبالغ التي صرفت على التكلفة المعقولة للبضائع والخدمات المطلوبة التي تمول بموجب هذه الاتفاقية.
الفقرة 4 – 2: تاريخ طلب السحب الأول:
إذا لم يتقدم المقترض بطلب للبنك للسحب الأول قبل يوم ........................... أو في تاريخ لاحق لهذا التاريخ بسحب ما يتم عليه الاتفاق بين المقترض والبنك يجوز للبنك - في هذه الحالة – أن ينهي أثر هذه الاتفاقية بعد إخطار المقترض بهذا الإنهاء.
الفقرة 4 – 3: تاريخ انتهاء السحب:
يكون يوم ........................... في أي تاريخ لاحق له يحدد باتفاق المقترض والبنك هو تاريخ انتهاء حق المقترض في السحب من القرض لأغراض الفقرة 6 بند (3)(ج) من المادة السادسة من الشروط العامة.
الفقرة 4 – 4: استعمال مبالغ القرض:
يلتزم المقترض بأن يستعمل جميع المبالغ التي يسحبها من حساب القرض فقط في أغراض تنفيذ المشروع الذي يموله البنك.
المادة الخامسة
تنفيذ المشروع
الفقرة 5 – 1: يقوم المقترض:
(أ) بتنفيذ المشروع والقيام بكل ما يتعلق بتنفيذه من عمليات وشئون بسرعة وفعالية ووفقا للنظم والممارسات الإدارية والمالية والهندسية والاقتصادية السليمة عن طريق الهيئة المنفذة للمشروع وذلك تحت إشراف إدارة ذات كفاية وخبرة وهيئة موظفين أكفاء من ذوي الاختصاص والخبرة وطبقا لجدول الاستثمار والميزانية والخطط والمواصفات التي قدمت للبنك ووافق عليها.
(ب) بالتقدم إلى البنك للموافقة بأية تعديلات هامة ومتوقعة في الميزانية وخطط ومواصفات المشروع وأية تغييرات جوهرية في أي عقد للحصول على الخدمات وشراء بضائع تتصل بتنفيذ المشروع وذلك بالقدر المعقول من التفصيل الذي يطلبه البنك.
الفقرة 5 – 2:
على المقترض أن يمنح البنك فترة معقولة لإبداء رأيه في أية تغييرات جوهرية أو أي تمديد للفترة المنصوص عليها في أي عقد للحصول على الخدمات أو شراء بضائع تتصل بتنفيذ المشروع، وذلك دون أي تحديد أو قيد على أي من الالتزامات الأخرى بموجب هذه الاتفاقية.
المادة السادسة
شروط إضافية واجب استيفاؤها قبل أن
يسمح البنك بإجراء السحب على القرض
يجب على المقترض قبل أن يتقدم بطلبه للبنك للسحب الأول أو يوضح الإجراءات التي ينوي أن يتبعها أو يعمل على أن تتبع في طرح العطاءات تمشيا مع أحكام الفقرة 2 –2 من هذه الاتفاقية للحصول على موافقة البنك على ذلك.
المادة السابعة
أحكام خاصة
الفقرة 7 – 1:
يتعهد المقترض بأن يوفر بقدر الحاجة جميع المبالغ المطلوبة لتنفيذ المشروع بالشروط والأوضاع التي تكون مقنعة للبنك بما في ذلك احتياجات المشروع بالعملة المحلية، وأي تجاوز في تكلفة المشروع المقدرة.
الفقرة 7 – 2:
يقوم المقترض بإرساء جميع العقود المتعلقة بتنفيذ المشروع والممولة من هذا القرض عن طريق طرح المناقصة المفتوحة وأن يحصل المقترض على الموافقة المسبقة من البنك لإرساء أي مناقصة، أو إبرام أي عقد تزيد قيمته عما يعادل مائة وخمسين ألف دينار إسلامي (150.000) إلا إذا وافق البنك على خلاف ذلك.
الفقرة 7 – 3:
على المقترض أن يقدم للبنك حالا وفور إقرارها من قبل المقترض كافة دراسات المشروع والتصميمات والمواصفات وجدول مواعيد التنفيذ وأية تعديلات جوهرية تتم بعد ذلك وبالتفاصيل التي يطلبها البنك من وقت لآخر.
الفقرة 7 – 4:
على المقترض أن يضع ويمسك سجلات نظامية مستوفاة تمكن من يرجع إليها من التعرف على البضائع والخدمات التي تم تمويلها من متحصلات القرض وبيان استخدامها في أغراض تتصل بالمشروع ومن التعرف على سير العمل فيه كما تعكس وفقا للأسس والنظم المحاسبية المعترف بها عمليات التشغيل والمركز المالي للهيئة المنفذة للمشروع.
الفقرة 7 – 5:
يقدم القرض كافة التسهيلات المعقولة لتمكين مندوبي البنك المعتمدين من القيام بزيارات لأغراض متعلقة بالقرض وتنفيذ المشروع ومراجعة البضائع وفحص أية وثائق متصلة بالمشروع وأن يوافي البنك بالمعلومات التي يطلبها في حدود المعقول والمتعلقة بإنفاق متحصلات القرض وبالمشروع وبالبضائع وبالعمليات وبالمركز المالي للهيئة المنفذة للمشروع.
الفقرة 7 – 6:
يتعهد المقترض في سبيل تنفيذ المشروع وتشغيله أن يتخذ التدابير المناسبة لتعمل الهيئة المنفذة للمشروع طبقا لأنظمة وقواعد فنية كفيلة بتحقيق أغراض المشروع شكلا وموضوعا وبصورة مرضية للبنك وأن يكون لها من الصلاحيات والسلطة الإدارية ما يمكنها من تنفيذ المشروع بالعناية والكفاية اللازمتين لتنفيذ المشروع وإدارته وتشغيله.
الفقرة 7 – 7:
يقوم المقترض بنفسه أو بواسطة غيره بالتأمين على جميع البضائع الممولة من متحصلات القرض ضد المخاطر المتصلة بالحصول على تلك البضائع على أن يغطي هذا التأمين مخاطر النقل البحري والعبور والمخاطر الأخرى حتى توصيلها وتسليمها إلى بلد المقترض وموقع العمل في المشروع، ويكون ذلك لدى شركات التأمين المعتمدة وبالمبالغ المقبولة في العرف التجاري السليم وأن يكون التأمين واجب الدفع في حالات ما يوجب استحقاقه بنفس العملة التي تم بها شراء البضائع المؤمن عليها أو بعملة أخرى قابلة للتحويل.
الفقرة 7 – 8:
يتخذ المقترض كافة الإجراءات اللازمة للحصول على كل الأراضي وما يتعلق بها من حقوق والتي تكون مطلوبة لتنفيذ المشروع ويزود البنك بناء على طلبه بدليل مقنع للبنك بأن تلك الأراضي وما يتعلق بها من حقوق متاحة للأغراض المتصلة بالمشروع.
الفقرة 7 – 9:
يلتزم المقترض بأن يتخذ بنفسه أو بواسطة غيره كل إجراء أو عمل لازم لتمكين الوكالة أو الهيئة المنفذة للمشروع من تنفيذ المشروع وبأن لا يقوم بأي عمل أو يسمح بالقيام بأي عمل يكون من شأنه عرقلة وإعاقة تنفيذ المشروع أو يحول دون تطبيق أي نص من نصوص هذه الاتفاقية، كما يلتزم المقترض بأن يخطر البنك فورا عن أية أحوال تعوق أو تهدد بإعاقة تحقيق أغراض القرض أو المحافظة على الخدمات التي يقدمها القرض وقيام المقترض بالتزاماته التي تقضي بها هذه الاتفاقية.
الفقرة 7 – 10:
يجب اعتبار جميع وثائق البنك وسجلاته والمراسلات وأية مستندات أخرى مماثلة سرية من قبل المقترض.
المادة الثامنة
التقارير
الفقرة 8 - 1:
(أ) سيتعاون المقترض والبنك تعاونا وثيقا يكفل تحقيق أغراض القرض. وللوصول إلى هذه الغاية يزود كل من الطرفين الآخر بالمعلومات والبيانات التي يطلبها في حدود المعقول والمتصلة بالحالة العامة للقرض، ومن جانب المقترض ستشمل مثل تلك البيانات المعلومات الخاصة بالوضع الاقتصادي والمالي في بلاد المقترض وميزان مدفوعاته.
يقوم البنك والمقترض من حين لآخر بالمشاورة وتبادل الرأي بواسطة مندوبيهم بالنسبة للمسائل المتعلقة بأغراض القرض والمحافظة على خدماتهم وقيام المقترض بالتزاماته التي تقضي بها هذه الاتفاقية.
الفقرة 8 – 2:
(أ) يتعهد المقترض بأن يتأكد بنفسه أو بواسطة غيره من تقديم التقارير الآتية للبنك على أن تنال تلك التقارير الرضا الكامل للبنك وأن تقدم في الأوقات المحددة لتقديمها:
(1)
تقارير تقدم خلال ............ بعد مضي ربع عام ميلادي أو بعد مضي فترة يتفق على تحديدها الطرفان المتعاقدان عن تنفيذ المشروع بالصورة التي يحددها البنك من وقت لآخر.
(2)
تقارير أخرى وفق ما يتطلبه البنك في حدود المعقول عن استثمار مبالغ القرض المسحوبة، وعن تقدم سير العمل في المشروع.
(3)
على المقترض أن يعد ويقدم إلى البنك فور إنجاز المشروع وفي جميع الأحوال في موعد لا يتعدى ستة أشهر من تاريخ انتهاء السحب أو أي تاريخ لاحق يتفق عليه لهذا الغرض بين المقترض والبنك – تقرير إنجاز حول تنفيذ المشروع والبدء في تشغيله – وذلك في النطاق وبالتفصيل الذي يطلبه البنك على نحو معقول.
(ب) يتم توثيق كافة التقارير المذكورة في الفقرة السابقة بحسب اختيار البنك وبالطريقة التي يحددها في حدود المعقول.
المادة التاسعة
نفاذ الاتفاقية وتاريخ الالتزام
الفقرة 9 – 1: نفاذ الاتفاقية:
لا تصبح هذه الاتفاقية نافذة إلا إذا:
(أ) 1 - قدمت إلى البنك أدلة مقنعة تفيد بأن توقيع وتسليم هذه الاتفاقية نيابة عن المقترض قد تم بمعرفة الجهات الحكومية وأنه قد تم التصديق عليها باستيفاء جميع الإجراءات المطلوبة.
2 -
قدم المقترض رأيا قانونيا من جهة قانونية حكومية مقبولة لدى البنك يفيد بأنه قد تم التصريح باتفاقية القرض وأنه قد تم التوقيع عليها نيابة عن المقترض والتصديق عليها على الوجه الصحيح وأن الاتفاقية ملزمة للمقترض قانونا طبقا لأحكامها.
(ب) تم إصدار خطاب تفويض من وزارة مالية الحكومة المقترضة أو من أي جهة حكومية أخرى مخولا لها من الحكومة المقترضة إلى البنك المركزي أو ما يقوم مقامه في بلد المقترض متضمنا تعليمات لذلك البنك بأن يقوم البنك المذكور أو ما يقوم مقامه بتنفيذ الدفع للوفاء بالقرض ورسم الخدمة في التواريخ التي يحل فيها استحقاق الأداء، وعلى الوزارة أو الجهة المعنية أن توجه إلى البنك الإسلامي للتنمية صورة من خطاب التفويض هذا مع خطاب من البنك المركزي أو ما يقوم مقامه يفيد فيه بأنه استلم أصل خطاب التفويض وقبل العمل بمحتوياته.
جـ- قدمت إلى البنك أدلة مقنعة تفيد بأنه قد تم الوفاء بكل الشروط السابقة لحق المقترض في الحصول على الأموال من قروض أخرى.
الفقرة 9 –2: تاريخ الالتزام:
يبدأ تاريخ الالتزام بعد (60) يوما من تاريخ هذه الاتفاقية أو من التاريخ الذي يكون المقترض قد استوفى جميع الشروط لنفاذ هذه الاتفاقية أيهما يسبق.
المادة العاشرة
أحكام متفرقة
الفقرة 10 – 1: المندوبون المعتمدون:
يكون المندوبون المعتمدون هم....................... في بلد المقترض وأي شخص أو أشخاص ينتدبهم المقترض كتابة ويكون اعتمادهم كمندوبين معتمدين لأغراض أحكام المادة العاشرة الفقرة 10 بند 3 من الشروط العامة.
الفقرة 10 – 2: تاريخ الاتفاقية:
يكون تاريخ هذه الاتفاقية لتحقيق كافة أغراضها هو التاريخ الموضح في افتتاحية هذه الاتفاقية.
الفقرة 10 – 3: العناوين:
تم تحديد العناوين التالية لأغراض أحكام الفقرة 10 – 1 من الشروط العامة.
عنوان المقترض:
عنوان البنك:
البنك الإسلامي للتنمية، ص. ب. رقم 5925 – جدة – 21432، المملكة العربية السعودية.
برقيا: بنك إسلامي – جدة.
تليكس: 401137 – أي اس دى بي – اس جي.
وإقرارا بما تقدم فإن البنك والمقترض عن طريق ممثليهما المعتمدين والمخول لهما قد وقعا هذه الاتفاقية باللغة العربية في التاريخ الموضح في افتتاحية هذه الاتفاقية.
عن حكومة .........................................
عن البنك الإسلامي للتنمية ..........................................
بسم الله الرحمن الرحيم
اتفاقية تمويل تجارة خارجية
بين
البنك الإسلامي للتنمية
اتفاقية تمويل تجارة خارجية
أبرمت هذه الاتفاقية في هذا اليوم ........................... الموافق ...........................
بين البنك الإسلامي للتنمية (ويشار إليه فيما يلي "بالبنك") و:
1-
........................... (ويشار إليه فيما بعد "بالمستفيد") .
2-
........................... (ويشار إليه فيما بعد "بالضامن") .
بما أن:
(أ) حكومة ........................... قد طلبت من البنك الإسلامي للتنمية بأن يقوم بشراء ........................... (ويشار لها فيما بعد "بالبضاعة") . ثم بيعها مرابحة للمستفيد ...........................
(ب) مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الإسلامي قد وافق في جلسته المنعقدة في ........................... بناء على تقرير وتوصيات رئيس البنك على تمويل شراء كمية من ........................... في حدود مبلغ لا يتجاوز ........................... دولار أمريكي (ويشار لهذا المبلغ فيما يلي "بالمبلغ المعتمد") وبيع تلك الكمية للمستفيد بضمان الضامن وفقا للأوضاع والشروط المنصوص عليها في هذه الاتفاقية. وقد أخطرت حكومة ........................... بذلك بمقتضى التليكس المؤرخ في ............................
(ج) البنك قد وافق بالشروط والأوضاع المبينة في هذه الاتفاقية بأن يخول المستفيد كنائب ووكيل عنه في حدود "المبلغ المعتمد" بالتفاوض مع مورد أو موردين وإبرام عقد لشراء البضاعة (يشار إليه فيما يلي "بعقد الشراء ") .
لذلك فقد تم الاتفاق على ما يلي:
المادة الأولى
شراء البضاعة
(1)
من المتفق عليه بين أطراف هذه الاتفاقية أن سلطة المستفيد في شراء "البضاعة" نيابة عن البنك مقيدة بشرائها من إحدى الدول الأعضاء بالبنك، ويتعين الحصول على موافقة البنك المسبقة في حالة شراء البضاعة من أية دولة أخرى، ويخضع شراء البضاعة للشروط التي يقرها البنك ويتبع في شأنه إجراءات الشراء المعمول بها في البنك أو أية إجراءات أخرى يوافق عليها الأخير كتابة.
(2)
يلتزم المستفيد بأن يتأكد بأن المورد ليس مدرجا في قائمة جامعة الدول العربية الخاصة بمقاطعة إسرائيل أو قائمة منظمة الوحدة الإفريقية الخاصة بمقاطعة جنوب إفريقيا.
(3)
يلتزم المستفيد بأن يقدم مشروع عقد الشراء للبنك بغرض الحصول على موافقته قبل أن يتم توقيعه من المستفيد، وكل إشارة فيما يلي إلى عقد الشراء تقرأ على أنها إشارة إلى ذلك العقد بعد موافقة البنك عليه وإبرامه نيابة عنه.
(4)
يتعهد المستفيد ويلتزم بأن يتأكد من أن شراء "البضاعة" والتوقيع على عقد الشراء قد تم بدون مساعدة أو تدخل مباشر أو غير مباشر من وسيط أو سمسار أو ما شابه ذلك.
المادة الثانية
التأمين
(1)
على المستفيد أن يؤمن أو يعمل على تأمين البضاعة أثناء نقلها وإلى أن تسلم للمستفيد بالقيمة الكاملة لاستبدالها مع شركة تأمين ذات سمعة طيبة يوافق عليها البنك على أن يكون التأمين باسم البنك وعلى نفقته على أن يغطي التأمين المخاطر التي يؤمن ضدها عادة كل من ينقل بضاعة مماثلة للبضاعة بنفس الطريقة، وعلى المستفيد أن يتاكد من أن أحد شروط بوليصة التأمين تنص على أن عائدات التأمين ستدفع عند حدوث ما يوجب دفعها بعملة حرة قابلة للتحويل.
(2)
إذا لم ينص مشروع عقد الشراء على التأمين على البضاعة بالكيفية المنصوص عليها في الفقرة (1) من هذه المادة. يلتزم المستفيد بأن يبين للبنك عند تقديمه مشروع عقد الشراء للبنك للموافقة عليه وفقا للفقرة (3) من المادة الأولى من هذه الاتفاقية، الترتيبات التي قام باتخاذها أو سيقوم باتخاذها للتأمين على البضاعة بالكيفية المحددة في الفقرة (1) من هذه المادة للحصول على موافقة البنك على تلك الترتيبات.
المادة الثالثة
التسليم
على المستفيد أن يتأكد من أن عقد الشراء على تسليم البضاعة مباشرة له أو لأمره نيابة عن البنك ويكون المستفيد مسؤولا عن فحص نوعيتها وكميتها ومواصفاتها الفنية وكافة الأمور الأخرى المتعلقة بها.
المادة الرابعة
دفع ثمن البضاعة من قبل البنك
(1)
يقوم المستفيد نيابة عن البنك باتخاذ الترتيبات اللازمة مع البنك الذي يتعامل معه لفتح خطاب اعتماد بثمن الشحنات لصالح المورد بالطريقة المطلوبة في عقد الشراء وسيقوم المستفيد بمراجعة كل المستندات المؤدية للدفع بموجب خطاب الاعتماد كما سيقوم باصدار تعليماته للبنك الذي فتح عن طريقه خطاب الاعتماد بأن يرسل للبنك نسخة معززة بالمفتاح السري لكامل نص خطاب الاعتماد وأي تعديلات مقترحة عليه، وسيقوم البنك باتخاذ الترتيبات اللازمة لتعويض البنك الفاتح للاعتماد عن أي مبالغ دفعها بموجب خطاب الاعتماد على أن يتم هذا التعويض عن طريق بنك من الدرجة الأولى مراسل للبنك أو لمؤسسة النقد العربي السعودي مقابل استلام ذلك البنك لشهادة من البنك الفاتح للاعتماد يؤكد فيها بأن كل شروط خطاب الاعتماد قد استوفيت تماما وعلى الوجه السليم.
(2)
مع مراعاة ما نص عليه البند (1) من هذه المادة، فإن فتح أول خطاب الاعتماد الخاص باستخدام المبلغ المعتمد يجب أن يتم في موعد أقصاه ........................... وإذا لم يتمكن المستفيد من فتح أول خطاب اعتماد خلال تلك المدة يجوز للبنك – إذا لم يقتنع بالأسباب المقدمة لتبرير التأخير في فتح خطاب الاعتماد – إلغاء العملية موضوع هذه الاتفاقية بعد إشعار أطراف هذه الاتفاقية بذلك.
(3)
من المتفق عليه بين أطراف هذه الاتفاقية أن جميع المبلغ المعتمد ينبغي أن يسحب في موعد أقصاه ........................... شهرا من تاريخ سحب أول مبلغ يتعلق باستخدامه، فإذا بقي جزء من المبلغ المعتمد دون سحب بعد انتهاء موعد السحب المنصوص عليه في هذا البند اعتبر ذلك الجزء المتبقي ملغي ما لم يوافق البنك على خلاف ذلك.
المادة الخامسة
الوعد بشراء البضاعة
(1)
يتعهد المستفيد بأن يشتري البضاعة بعد قبضه لها نيابة عن البنك ويوافق البنك على بيعها له بالشروط المبينة في المواد من السادسة إلى الخامسة عشرة من هذه الاتفاقية.
(2)
يتم إبرام عقد بيع البضاعة للمستفيد بتبادل الرسائل المبرقة بين المستفيد والبنك على أن يتم ذلك فور قبض المستفيد للبضاعة نيابة عن البنك بإيجاب من المستفيد بالصيغة المبينة في الملحق رقم (1) وقبول من البنك بالصيغة المبينة في الملحق رقم (2) . فإذا لم يتصل المستفيد بالبنك لإنهاء إجراءات إبرام العقد في ظرف ثلاثة أسابيع من تاريخ قبضه للبضاعة نيابة عن البنك دون سبب معقول فإن المستفيد يضمن للبنك كل ما ترتب على إخلاله بالتزامه في إبرام العقد.
المادة السادسة
بيع البضاعة من البنك إلى المستفيد
يكون ثمن إعادة بيع البضاعة للمستفيد بالنسبة لكل شحنة (ويشار إليه فيما يلي "بثمن إعادة البيع ") هو الثمن الذي دفعه البنك للمورد وفقا لعقد الشراء المتعلق بتلك الشحنة (ويشار إليه فيما يلي "بثمن الشحنة") زائدا هامش ربح محدد بمبلغ.
المادة السابعة
التزامات البنك وحقوق المستفيد
عند إعادة بيع البضاعة
يضمن البنك جميع العيوب الخفية في البضاعة ويلتزم البنك بانه متى ظهر أي عيب خفي في البضاعة بأن يحول إلى المستفيد الاستفادة من الضمانات والتعهدات التي حصل عليها من المورد واطلع عليها وارتضاها المشتري وأي تعهدات أو ضمانات أخرى تكون مقررة قانونا أو جرى بها العرف لصالح البائع.
المادة الثامنة
تقويم ثمن إعادة البيع بالدينار الإسلامي
يتم تقويم ثمن إعادة البيع بالدينار الإسلامي، والدينار الإسلامي وفقا لنص المادة 4 (1)(1) من اتفاقية تأسيس البنك يعادل وحدة من وحدات حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي، وسيقوم البنك في أقرب فرصة ممكنة بعد دفع ثمن كل شحنة بإخطار كل من المستفيد والضامن بثمن إعادة البيع المقابل بالدينار الإسلامي محسوبا على أساس سعر الصرف السائد في يوم العمل في جدة الذي يسبق مباشرة اليوم الذي دفع فيه البنك ثمن الشحنة المعنية، وذلك استنادا إلى أسعار الصرف السائدة في نفس اليوم بين وحدة من وحدات حقوق السحب الخاصة والدينار الإسلامي والمعلنة من قبل صندوق النقد الدولي ويلتزم المستفيد بأن يدفع ثمن إعادة البيع بعملة حرة قابلة للتحويل وفق ما يحدده البنك من وقت لآخر ويخطر به كلا من المستفيد والضامن وسيتم احتساب ثمن إعادة البيع بتحويل ثمن إعادة البيع بالدينار الإسلامي إلى العملة التي سيتم بها الدفع بسعر الصرف السائد في يوم العمل في جدة الذي يسبق مباشرة التاريخ الذي يصبح فيه ثمن إعادة البيع مستحقا وفقا لنص المادة (9) من هذه الاتفاقية.
المادة التاسعة
تاريخ استحقاق دفع ثمن إعادة البيع
(1)
مع مراعاة حكم المادة الثانية عشرة من هذه الاتفاقية يلتزم المستفيد بأن يدفع للبنك ثمن إعادة البيع بعد ........................... شهرا من التاريخ الذي يدفع فيه البنك ثمن الشحنة المعنية للمورد.
إذا استحق دفع ثمن البيع في يوم تكون فيه البنوك غير مفتوحة رسميا للعمل في المكان الذي سيقوم فيه المستفيد بالدفع بالعملة المعنية، فينبغي أن يتم دفع ذلك المبلغ في أول يوم تال تكون فيه تلك البنوك مفتوحة رسميا للعمل.
المادة العاشرة
طريقة سداد ثمن إعادة البيع من قبل المستفيد
(1)
يقوم المستفيد بسداد ثمن إعادة البيع للبنك عن طريق التحويل بالمبرقة أو التحويل البرقي للحساب الذي يحدده البنك من وقت لآخر لكل من المستفيد والضامن أو بأية طريقة أخرى يحددها البنك.
(2)
دون مساس بعمومية الفقرة (1) من هذه المادة، ستعتبر كل المبالغ المستحقة الدفع بموجب هذه الاتفاقية قد تم دفعها عندما يؤكد أحد البنوك التالية للبنك أن المبلغ المستحق قد أودع في حساب البنك الإسلامي للتنمية لديه:
(1)
إذا كان السداد بالدولار الأمريكي:
(1)
Account No. 001591.11
Saudi International Bank
99 Bishopsgate. London Ec 2M 3TB
Telex Number: 8812261 8812262
(2)
Account No. B 10507
Arab Bank Corporation
p. O. Box: 5698، Manama، Nahrain
Telex Numbers: 9385 9421/2/3
9442 ABCBAH BN
(2)
إذا كان السداد بالفرنك الفرنسي:
Account No. 96965. 9. 001. 00
Union Des Banque Arabes Et
Francaises (U.B.A.F)
190 Avenue Charles De Gaulle
922523 Neuilly Cedex، France
Telex Numbers: 610334 UBAFRA
(3)
إذا كان السداد بالجنيه الاسترليني:
Account No. 708372
Gulf International Bank
2 – 6 Canon Street، London EC 4M 6xp
Telex Numbers: 8813362 8812899
(3)
يتحمل المستفيد ويدفع كل النفقات والمصاريف المتعلقة بسداد المبالغ المستحقة للبنك.
(4)
يلتزم المستفيد بسداد كل المبالغ المستحقة للبنك بموجب هذه الاتفاقية دون خصم أي جزء منها بسبب مقاصة أو مطالبة مقابلة أو ضريبة أو تكاليف أو خصومات أو حبس أيا كان نوعه ويكون كل ما سبق على حساب المستفيد.
المادة الحادية عشرة
الضمان
في مقابل موافقة البنك على إعادة بيع البضاعة للمستفيد بالكيفية المبينة في هذه الاتفاقية، يوافق الضامن على أن يضمن للبنك ضمانا غير مشروط وغير قابل للإلغاء بأن يؤدي للبنك بناء على طلب منه كل ثمن إعادة البيع بالكامل وفي موعد استحقاقه كما يضمن أداء كل المبالغ الأخرى المستحقة للبنك بموجب هذه الاتفاقية في مواعيد استحقاقها وذلك بصرف النظر عما إذا كان بإمكان البنك أن يسترد تلك المبالغ من المستفيد عن طريق الإجراءات القانونية ودون أن يطلب منه اتخاذ تلك الإجراءات القانونية أولا، كما يلتزم الضامن بأن يقوم بسداد نفس المبالغ المطلوبة من المستفيد بموجب هذه الاتفاقية بالكيفية المبينة في هذه الاتفاقية فيما يتعلق بالسداد من قبل المستفيد.
المادة الثانية عشرة
المدة المقررة لتنفيذ العملية
يجب أن تنفذ نصوص وشروط عملية تمويل التجارة الخارجية موضوع هذه الاتفاقية بما في ذلك عمليات السحب والسداد في مدة ........................... شهرا () من تاريخ أول مبلغ يتعلق بهذه العملية يدفعه البنك.
المادة الثالثة عشرة
التأخير في استعمال الحق
من المتفق عليه أن أي تأخير أو امتناع أو أي تساهل من قبل البنك في ممارسة حقوقه بمقتضى هذه الاتفاقية في مواجهة أي من المستفيد أو الضامن لا يعتبر تنازلا عن تلك الحقوق.
المادة الرابعة عشرة
تسوية الخلافات
كل خلاف أو نزاع ينشأ بين أطراف هذه الاتفاقية ويتعلق بتفسيرها أو تطبيقها ويتعذر تسويته بالطرق الودية يحال إلى التحكيم وفقا لإجراءات التحكيم المنصوص عليها في المادة التاسعة الفقرة (9) بند (4) من الشروط العامة التي تنطبق على اتفاقيات القرض وضمان القرض للبنك والمؤرخة في 8 / 11 / 1976 م. وتقرأ كل إشارة فيها للبنك على أنها إشارة للبنك الإسلامي للتنمية وكل إشارة فيها للمقترض والضامن على أنها إشارة للمستفيد والضامن على التوالي.
الفقرة 7 – 10:
يجب اعتبار جميع وثائق البنك وسجلاته والمراسلات وأية مستندات أخرى مماثلة سرية من قبل المقترض.
المادة الخامسة عشرة
التقارير
الفقرة 8 – 1:
(أ) سيتعاون المقترض والبنك تعاونا وثيقا يكفل تحقيق أغراض القرض. وللوصول إلى هذه الغاية يزود كل من الطرفين الآخر بالمعلومات والبيانات التي يطلبها في حدود المعقول والمتصلة بالحالة العامة للقرض. ومن جانب المقترض ستشمل مثل تلك البيانات المعلومات الخاصة بالوضع الاقتصادي والمالي في بلاد المقترض وميزان مدفوعاته.
(ب) يقوم البنك والمقترض من حين لآخر بالمشاورة وتبادل الرأى بواسطة مندوبيهم بالنسبة للمسائل المتعلقة بأغراض القرض والمحافظة على خدماته وقيام المقترض بالتزاماته التي تقضي بها هذه الاتفاقية.
الفقرة 8 – 2:
(أ) يتعهد المقترض بأن يتأكد بنفسه أو بواسطة غيره من تقديم التقارير الآتية للبنك على أن تنال تلك التقارير الرضا الكامل للبنك وأن تقدم في الأوقات المحددة لتقديمها.
وإشهادا على ما تقدم فإن أطراف هذه الاتفاقية عن طريق ممثليهم المفوضين قانونا بذلك قد وقعوا هذه الاتفاقية في التاريخ المذكور في افتتاحيتها.
عن البنك الإسلامي للتنمية ...........................
عن المستفيد...........................
عن الضامن...........................
ملحق رقم (1)
(صيغة الإيجاب)
إلى ........................... "المستفيد" بناء على الاتفاقية المبرمة بيني وبين البنك الإسلامي للتنمية في ........................... وعملا بما جاء في المادة الخامسة الفصل الأول فإني أرغب في شراء البضاعة أو الشحنة التي تسلمتها نيابة عن البنك بالشروط المبينة في المواد من السادسة إلى الخامسة عشرة من الاتفاقية.
ملحق رقم (2)
"صيغة القبول "
فإن البنك الإسلامي للتنمية بناء على طلبكم الوارد بواسطة ..................رقم............. يبيع إليكم البضاعة التي تسلمتموها نيابة عنه بالشروط المبينة في المواد من السادسة إلى الخامسة عشرة من الاتفاقية المبرمة بينكم وبينه في...................
بسم الله الرحمن الرحيم
اتفاقية
بين
البنك الإسلامي للتنمية
و...........................
بشأن توكيل ...........................
لشراء معدات نيابة عن البنك
...........................
اتفاقية
بين
البنك الإسلامي للتنمية
و.........................................
أبرمت هذه الاتفاقية في هذا اليوم .................. الموافق .................. بين البنك الإسلامي للتنمية (ويشار إليه فيما يلي "بالبنك") .
و............................... (ويشار إليه فيما يلي "بالوكيل") .
بما إن:
(أ) حكومة .................. قد طلبت من البنك بأن يشتري المعدات المبينة تفصيلا في الملحق رقم (2) من هذه الاتفاقية (ويشار لها فيما يلي "بالمعدات") ثم يبيعها للوكيل مرابحة إلى أجل مع تقسيط الثمن، وذلك لأغراض المشروع الوارد وصفه في الملحق رقم (2) من هذه الاتفاقية.
(ب) مجلس المديرين التنفيذيين للبنك قد وافق على هذا الطلب في اجتماعه رقم () المنعقد في .................. في حدود مبلغ لا يتجاوز .................. وبالشروط المضمنة في قراره رقم ...................
فقد تم الاتفاق على ما يلي:
(1)
تعاريف:
في هذه الاتفاقية وما لم يقتض السياق معني آخر تكون للعبارات التالية المعاني الموضحة أمام كل منها:
عقد / عقود / الشراء:
العقد (العقود) التي يبرمها الوكيل مع البائع نيابة عن البنك ولحسابه.
ثمن الشراء:
المبالغ مستحقة الدفع بموجب عقد (عقود) الشراء وتشمل ثمن المعدات وتكاليف نقلها والتأمين عليها، وتكاليف أي خدمات أخرى يكون البنك ملزما بدفعها بموجب هذه الاتفاقية.
المعدات:
المعدات والآليات الوارد وصفها تحديدا في الملحق رقم (2) من هذه الاتفاقية وتشمل الأجزاء المكملة لها.
البائع:
مورد المعدات بصرف النظر عما إذا كان هو الصانع أو لم يكن.
دينار إسلامي:
الوحدة الحسابية للبنك الإسلامي للتنمية طبقا لما هو مقرر في المادة 4 (1)(1) من اتفاقية تأسيس البنك الإسلامي للتنمية وتعادل وحدة من وحدات حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي.
(2)
التوكيل بشراء المعدات وقبضها:
2 -
1 يوافق البنك على تفويض الوكيل ليقوم نيابة عنه وباسمه وفي حدود الشروط والأحكام الواردة في هذه الاتفاقية:
(أ) بالتفاوض مع البائع والاتفاق معه على ثمن المعدات ومواصفاتها وجميع الشروط والأحكام الأخرى المتعلقة بشرائها وتسليمها للبنك.
(ب) بقبض المعدات من البائع نيابة عن البنك وفقاً لطريقة القبض المنصوص عليها في عقد الشراء.
2 –2 يلتزم الوكيل بأن يتبع في شراء المعدات إجراءات الشراء التي يحددها البنك وبوجه خاص ودون مساس بعمومية ما تقدم، على الوكيل مراعاة النظم الصادرة من منظمة المؤتمر الإسلامي الخاصة بمقاطعة جنوب إفريقيا وإسرائيل.
2 – 3 يلتزم الوكيل بأن يتأكد من أن كل عقد شراء:
(أ) ينص على أن ملكية المعدات تنتقل مباشرة من البائع إلى البنك.
(ب) يتضمن نصا بالتأمين الكافي باسم البنك على المعدات أثناء ترحيلها وإلى أن يتم بيعها للوكيل وفقا لحكم المادة 7 – 2 من هذه الاتفاقية. على أن يكون ذلك التأمين بالقيمة الكاملة لاستبدال المعدات وأن يغطي كل المخاطر التي يؤمن ضدها عادة كل من يقوم بترحيل معدات مماثلة بنفس الطريقة بما في ذلك المخاطر البحرية ومخاطر العبور وأن يكون التأمين مع شركة تأمين ذات سمعة طيبة يوافق عليها البنك، وعلى الوكيل أن يتأكد من أن بوليصة التأمين تنص على أن عوائد التأمين ستكون مستحقة الدفع – إذا حدث ما يوجب ذلك – بعملة حرة قابلة للتحويل.
2 -
4 يتعهد الوكيل بأن يقوم نيابة عن البنك بالحصول على جميع التصاريح والأذونات اللازمة لتوريد المعدات في ....................................
2 -
5 لا يجوز للوكيل أن يبرم أي عقد لشراء المعدات قبل أن يحصل على موافقة البنك على أحكام وشروط ذلك العقد.
2 – 6 لا يجوز للوكيل أن يوافق على أي تعديل أو تغيير أو تنازل أو خروج عن أحكام وشروط أي عقد شراء سبق أن وافق عليه البنك قبل أن يحصل على موافقة البنك المسبقة على ذلك.
2 -
7 تنتهي سلطة الوكيل في التعاقد لشراء المعدات نيابة عن البنك عندما يبلغ مجموع ثمن المعدات المتعاقد عليها .................................... أو عند فسخ هذه الاتفاقية أي الأجلين أسبق.
(3)
قبول الوكالة:
يوافق الوكيل وفقا لأحكام وشروط هذه الاتفاقية على التفاوض مع البائع والاتفاق معه على شراء المعدات، كما يوافق على قبض المعدات من البائع نيابة عن البنك.
(4)
تنفيذ عقد الشراء:
يتعهد الوكيل بأن يبذل العناية والاهتمام اللازمين في متابعة تنفيذ عقد الشراء مع البائع نيابة عن البنك وأن يخطر البنك فورا بأي تأخير أو إخلال آخر بعقد الشراء والتشاور معه بشأن الإجراءات التي يتعين اتخاذها قبل البائع.
(5)
قبض المعدات:
5 -
1 يتعهد الوكيل بأن يقوم بفحص المعدات قبل قبضها ليتأكد من أنها مطابقة للمواصفات المنصوص عليها في عقد الشراء وأنها في حالة جيدة وخالية من العيوب التي يمكن تبينها بالفحص السليم للمعدات.
5 -
2 يتعهد الوكيل بأن يقوم فورا بعد الانتهاء من فحص المعدات بإخطار البنك بالمبرقة (التليكس) عما إذا كان قد وجد المعدات مطابقة من كل الوجوه لعقد الشراء وقبضها أو أنه قد وجدها غير مطابقة، فإذا لم يتسلم البنك هذا الإخطار في خلال ثلاثين يوما من التاريخ المحدد في عقد الشراء لوصول المعدات ولم يتصل البنك من الوكيل بما يبرر التأخير – فإن البنك يعتبر أن الوكيل ضامن للمعدات مطابقة لعقد الشراء من جميع الوجوه.
5 -
3 إذا تبين للوكيل عند فحص المعدات أنها غير مطابقة في أي وجه من الوجوه لعقد الشراء، فعلى الوكيل أن يتصل فورا بالبنك للتشاور حول ما إذا كان يتعين رد المعدات للبائع أو إمساكها ومطالبته بالتعويض.
5 -
4 يكون الوكيل مسئولا عن كل عيب أو تلف يصيب المعدات نتيجة تعديه أو تفريطه في المحافظة عليها من تاريخ قبضه لها نيابة عن البنك، وإلى أن يتم بيعها له بموجب عقد البيع الذي سيبرمه مع البنك.
(6)
أداء ثمن الشراء:
يتعهد البنك بدفع ثمن المعدات وفقا لشروط وأحكام عقد الشراء وإجراءات السحب المعمول بها بالبنك وذلك بعد أن يتأكد من:
(أ) أن المعدات قد تم شراؤها وفقا لإجراءات الشراء المعمول بها لدى البنك أو أي إجراءات أخرى يكون البنك قد وافق عليها مسبقا.
(ب) أن البنك قد وافق على أحكام وشروط عقد الشراء.
(ج) أن وصف المعدات مطابق لوصفها المبين في الملحق رقم (2) من هذه الاتفاقية.
(د) أن مجموع ثمن الشراء لن يزيد عن المبلغ الذي وافق البنك عليه.
(7)
الوعد بشراء المعدات من البنك:
7 -
1 يتعهد الوكيل بأن يشتري المعدات من البنك بعد قبضه لها نيابة عن البنك ويتعهد البنك ببيعها له وذلك بالشروط التي وافق عليها مجلس المديرين التنفيذيين في جلسته بتاريخ ........................... وقبلها الوكيل بموجب رسالته المبرقة المؤرخة في .................. والشروط الأخرى المبينة في مشروع عقد البيع الملحق بهذه الاتفاقية.
7 -
2 يوافق البنك والوكيل ويلتزمان بتوقيع عقد بيع المعدات خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع من التاريخ الذي يخطر فيه الوكيل البنك بقبضه للمعدات، فإذا لم يتصل الوكيل خلال هذه المدة مع البنك لإنهاء إجراءات إبرام العقد دون سبب معقول فإنه يضمن للبنك كل ما ترتب على إخلاله بالتزامه في توقيع العقد.
(8)
نفاذ الاتفاقية:
لا تصبح هذه الاتفاقية نافذة إلا إذا:
(أ) قدمت للبنك أدلة مقنعة تفيد بأن توقيع هذه الاتفاقية نيابة عن الوكيل قد تم بموجب تفويض صحيح وطبقا للقوانين المعمول بها في ..................
(ب) قدم الوكيل للبنك ضمانا بالصيغة التي يقبلها البنك من حكومة .................. أو من بنك تجاري يقبله البنك، يلتزم فيه الضامن بكفالة أداء الوكيل لالتزاماته بموجب عقد البيع الذي سيبرمه مع البنك.
(9)
عدم استعمال أو التمسك بالحق:
إن عدم قيام البنك باستعمال أو بالتمسك بأي حق من حقوقه الثابتة بموجب هذه الاتفاقية أو تأخره في أي من ذلك أو عدم استعماله أو تمسكه بأي جزاء مقرر له ضد الوكيل أو تأخره في ذلك لا يخل بذلك الحق أو الجزاء ولا يجوز أن يفسر على أنه تنازل عن ذلك الحق أو الجزاء.
(10)
تسوية الخلافات:
يسعى الطرفان إلى تسوية أي خلاف في تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية بالطرق الودية، فإذا لم يتم الاتفاق الودي بينهما يعرض النزاع على التحكيم وفقا لإجراءات التحكيم المنصوص عليها في المادة التاسعة الفقرة 9 بند 4 من الشروط العامة التي تنطبق على اتفاقيات القرض وضمان القرض للبنك الإسلامي للتنمية والمؤرخة في 8 / 11 / 1976 م، وتقرأ كل إشارة في تلك الشروط العامة للمقترض على أنها إشارة "للوكيل".
(11)
الإشعارات:
11 -
1 كل طلب أو إشعار يوجهه أحد الطرفين إلى الآخر بناء على هذه الاتفاقية أو بمناسبة تطبيقها يتعين أن يكون كتابة، ويعتبر أن أيا من الطلب أو الإشعار قد تم قانونا بمجرد أن يسلم بالبريد أو البرق أو المبرقة إلى الطرف الموجهة له في عنوانه المبين في البند (2) من هذه المادة أو أي عنوان آخر يحدد بموجب إشعار إلى الطرف الآخر.
11 -
2 تنفيذا لحكم البند (1) من هذه المادة فقد حدد الطرفان عنوانيهما كالتالي:
البنك: البنك الإسلامي للتنمية، ص. ب. رقم 5925 – جدة – 21432.
المملكة العربية السعودية.
برقيا: بنك إسلامي – جدة.
تليكس: 401137 – أي اس دي بي اس جي.
الوكيل:
وإقرارا بما تقدم وقع الطرفان هذه الاتفاقية في التاريخ المذكور في مطلعها بواسطة الممثلين المفوضين قانونا من جانب الطرفين.
عن البنك ....................................
عن الوكيل....................................
ملحق رقم (1)
اتفاقية بيع لأجل مع تقسيط الثمن
أبرمت هذه الاتفاقية في هذا اليوم / / 14 هـ الموافق / / 19 م بين البنك الإسلامي للتنمية (ويشار إليه فيما يلي "بالبائع") ................................. (ويشار إليه فيما يلي "بالمشتري") .................................
بما أن:
(أ) البائع كان قد أبرم مع المشتري اتفاقية بتاريخ ........................ الموافق ........................ (ويشار لها فيما يلي "باتفاقية الوكالة ") فوض البائع بموجبها المشتري بأن يشتري نيابة عنه المعدات الوارد تحديدها في الملحق رقم (2) لتلك الاتفاقية، وذلك لأغراض المشروع الوارد وصفه في الملحق رقم (3) لتلك الاتفاقية.
(ب) المشتري بموجب اتفاقية الوكالة ووفقا لأحكامها وشروطها قد قام بشراء وقبض المعدات نيابة عن البائع.
(ج) المشتري قد وعد بموجب اتفاقية الوكالة بشراء المعدات بعد قبضها نيابة عن البائع.
فقد تم الاتفاق بين البائع والمشتري على ما يلي:
(1)
تعاريف:
في هذه الاتفاقية وما لم يقتض السياق معني آخر، تكون للعبارات التالية المعاني الموضحة أمام كل منها:
يوم عمل:
أي يوم تكون فيه البنوك مفتوحة رسميا للعمل في المكان الذي سيؤدي فيه المشتري إلى البائع أي مبالغ مستحقة بمقتضى هذه الاتفاقية بالعملة التي سيتم بها أداء تلك المبالغ.
عقد (عقود) الشراء:
العقد (العقود) التي أبرمها المشتري بصفته وكيلا عن البائع بموجب اتفاقية الوكالة.
المعدات:
المعدات والآليات الوارد وصفها تحديدا في الملحق رقم (2) من هذه الاتفاقية وتشمل الأجزاء المكملة لها.
المورد:
البائع الذي اشتري منه البنك المعدات بموجب عقد الشراء بصرف النظر عما إذا كان هو الصانع أم لا.
ضريبة:
أي ضريبة أو جباية أو رسوم أو أي تكليف مماثل، وتشمل دون حصر أي غرامة جزائية واجبة الدفع في حالة الفشل أو التأخير في دفع أي مما سبق.
دينار إسلامي:
الوحدة الحسابية للبنك الإسلامي للتنمية طبقا لما هو مقرر في المادة 4 (1)(1) من اتفاقية تأسيس البنك الإسلامي للتنمية وتعادل وحدة من وحدات حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي.
(2)
بيع المعدات للمشتري مرابحة لأجل مع تقسيط الثمن:
2 -
1 يوافق البائع على بيع المعدات للمشتري ويوافق المشتري على شراءها بالثمن المحدد في هذه الاتفاقية ووفقا لشروطها وأحكامها.
2 -
2 تنتقل ملكية المعدات للمشتري بموجب عقد البيع هذا من تاريخه، ويصبح قبض المشتري للمعدات من هذا التاريخ قبضا لها بصفته مالكا للمعدات وتنتقل إليه من ذلك التاريخ تبعة تلفها أو ضياعها أو هلاكها.
2 -
3 يقر المشتري بأنه قد فحص المعدات وأنه قد وجدها في حالة جيدة وليس بها أي عيب يمكن تبينه من الفحص السليم لها وأنها مطابقة من كل الوجوه للمواصفات المحددة في عقد الشراء.
2 -
4 يلتزم البائع بأنه متى ظهر أي عيب خفي في المعدات بأن يحول إلى المشتري الاستفادة من الضمانات والتعهدات التي تتعلق بحالة المعدات والتي حصل عليها من المورد واطلع عليها وارتضاها المشتري وأية تعهدات أو ضمانات أخرى تكون مقررة قانونا أو جرى بها العرف لصالح البائع.
(3)
أداء ثمن البيع:
يلتزم المشتري بأن يؤدي للبائع مبلغ ........................... دينار إسلامي يمثل مجموع ثمن بيع المعدات وذلك على أقساط نصف سنوية ومتتابعة يصبح القسط الأول منها مستحقا وواجب الدفع بعد ستة أشهر من تاريخ هذه الاتفاقية وتستحق بقية الأقساط وتصبح واجبة الدفع في التواريخ المبينة في الملحق رقم (3) من هذه الاتفاقية.
(4)
كيفية أداء ثمن البيع:
4 -
1 يجب أن يتم أداء ثمن البيع إلى حساب البائع أو بأي طريقة أخرى يشعر بها البائع المشتري كتابة من وقت لآخر على أن يكون ذلك بعملة حرة قابلة لتحويل يقبلها البائع حسب قيمتها في تاريخ الاستحقاق.
4 -
2 ستعتبر جميع المبالغ الواجب أداؤها بموجب هذه الاتفاقية بما فيها سداد أقساط الإيجار قد تم دفعها للبنك عندما يؤكد أي من البنوك الآتية إتمام إيداع تلك المبالغ في حساب البنك الإسلامي للتنمية لديه:
(1)
إذا كان السداد بالدولار الأمريكي:
(1)
Account No. 001591.11
Saudi International Bank
99 Bishopsgate. London Ec 2M 3TB
Telex Number: 8812261 8812262
(2)
Account No. B 10507
Arab Bank Corporation
P. O. Box: 5698، Manama، Bahrain
Telex Numbers: 9385، 9431/2/3
9442 ABCBAH BN
(2)
إذا كان السداد بالفرنك الفرنسي:
Account No. 96965. 9. 001. 00
Union Des Banques Arabes Et
Francaises (U.B.A.F)
190 Avenue Charles De Gaulle
92523 Neuilly Cedex، France
Telex Numbers: 610334 UBAFRA
(3)
إذا كان السداد بالجنيه الاسترليني:
Account No. 708372
Gulf International Bank
2 – 6 Canon Street، London EC 4M 6xp
Telex Numbers: 8813362 8812899
4 -
3 إذا كان أي قسط من أقساط الثمن مستحق الأداء في غير يوم عمل يتم أداؤه في أول يوم عمل يعقب يوم استحقاقه.
4 -
4 يكون الدينار الإسلامي هو الوحدة الحسابية لكل مبلغ يكون مستحقا من المشتري في أي وقت بموجب هذه الاتفاقية، وكلما لزم تحويل أي مبالغ لأغراض هذه الاتفاقية من الدينار الإسلامي لأية عملة أو من أية عملة إلى الدينار الإسلامي يتم ذلك على أساس سعر الصرف المعلن لحقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي في اليوم الذي تم فيه دفع تلك المبالغ طبقا للأسعار التي يقوم بنشرها صندوق النقد الدولي.
4 -
5 يتم أداء ثمن البيع وأي مبالغ أخرى قد تكون مستحقة بموجب هذه الاتفاقية دون خصم أو حجز أي مبلغ بسبب أي ضريبة أو مقاصة أو مطالبة أو أي أمر آخر. فإذا كان المشتري ملزما بموجب أي قانون ساري المفعول بأن يجري مثل ذلك الخصم أو الحجز، فعليه أن يوفر من المبالغ ما يمكنه من أن يحول للبائع بعد إجراء ذلك الخصم مبلغا صافيا غير خاضع لأي التزام يساوي المبلغ المستحق الذي يكون من حق البائع استلامه والاحتفاظ به.
(5)
تأكيد المشتري:
يؤكد المشتري للبائع ما يلي:
(أ) أنه شركة (مؤسسة) قائمة بموجب قوانين ..................... وأنه يتمتع بالسلطة اللازمة لإبرام هذه الاتفاقية وممارسة الحقوق الناشئة عنها والوفاء بالالتزامات التي تحمل بها بمقتضي هذه الاتفاقية.
(ب) أن كل الإجراءات المطلوبة قانونا لتمكينه من إبرام هذه الاتفاقية على وجه مشروع وممارسة حقوقه الناشئة عنها والوفاء بالالتزامات التي تحمل بها بمقتضاها قد تم اتخاذها حسب الأصول وأن تلك الإجراءات لا تزال سارية المفعول.
(ج) أن الالتزامات التي تحمل بها بموجب هذه الاتفاقية التزامات قانونية صحيحة وملزمة له وفقا لأحكامها بموجب القوانين القائمة في ........................... وأنه لا يلزم لضمان قانونية أو صحة أو نفاذ هذه الاتفاقية إيداعها أو قيدها أو تسجيلها لدى أية محكمة أو جهة.
(6)
الإخلال بالالتزامات:
يعتبر أن المشتري قد أخل بالتزاماته بموجب هذه الاتفاقية في الحالات الآتية:
(أ) إذا فشل في أن يؤدي بالكامل أي مبلغ مستحق بموجب هذه الاتفاقية خلال (30) يوما من تاريخ استحقاقه ولا يعتبر قبول البائع بجزء من المبلغ المستحق تنازلا عن اعتبار المشتري مخلا بأداء التزامه بأداء كامل المبلغ المستحق.
(ب) إذا تبين أن أيا من البيانات أو التأكيدات التي قدمها في هذه الاتفاقية غير صحيحة في أمر يعتبره البائع جوهريا في الوقت الذي قدمت فيه هذه البيانات أو التأكيدات.
(ج) إذا فشل في تنفيذ أو خالف أي حكم أو شرط جوهري في هذه الاتفاقية وعجز عن تصحيح هذا الوضع خلال (30) يوما من التاريخ الذي يشعره فيه البائع بعدم تنفيذه أو مخالفته لذلك الحكم أو الشرط.
(7)
جزاء الإخلال بالالتزامات:
يتعهد المشتري بأن يدفع فورا للبائع ما تبقى من أقساط ثمن البيع وذلك إذا استلم من البائع إشعارا يفيد وقوع إخلال من قبله في أداء التزاماته بموجب هذه الاتفاقية ولم تجر تسوية هذا الإخلال في بحر (30) يوما من تاريخ الإشعار بوقوعه.
(8)
نفاذ الاتفاقية:
لا تصبح هذه الاتفاقية نافذة إلا إذا:
(أ) قدمت للبائع أدلة مقنعة تفيد بأن توقيع هذه الاتفاقية نيابة عن المشتري قد تم بموجب تفويض صحيح وطبقا للقوانين المعمول بها في ...........................
(ب) ..................
(9)
التقارير:
يتعهد المشتري أن يقدم التقارير الآتية للبائع:
(أ) تقرير عن سير العمل في تنفيذ المشروع بالكيفية التي يحددها البائع من وقت لآخر ويقدم هذا التقرير بعد ثلاثة أشهر من تاريخ النفاذ ومن ثم كل ثلاثة أشهر.
(ب) تقرير عن المركز المالي للمشتري ونتائج عملياته عن السنة المالية المنتهية مصحوبا ببيان الحسابات المراجعة بما في ذلك كشف الموازنة وحساب الأرباح والخسائر عن السنة المالية المنتهية ويقدم هذا التقرير بعد (90) تسعين يوما من نهاية كل سنة مالية.
(ج) تقرير إنجاز بالتفصيل الذي يطلبه البائع بصورة معقولة عن تنفيذ المشروع والتشغيل الابتدائي له، ويقدم هذا التقرير فور إكمال تنفيذ المشروع والتشغيل الابتدائي له.
(د) أي تقرير أو معلومات أخرى يطلبها البائع بصورة معقولة من وقت لآخر.
(10)
عدم استعمال أو التمسك بالحق:
إن عدم قيام البائع باستعمال أو بالتمسك بأي حق من حقوقه الثابتة بموجب هذه الاتفاقية أو تأخره في أي من ذلك أو عدم استعماله أو تمسكه بأي جزء مقرر له ضد المشتري أو تأخره في ذلك لا يخل بذلك الحق أو الجزاء ولا يجوز أن يفسر على أنه تنازل عن ذلك الحق أو الجزاء.
(11)
تسوية الخلافات:
يسعى الطرفان إلى تسوية أي خلاف في تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية بالطرق الودية، فإذا لم يتم الاتفاق الودي بينهما يعرض النزاع على التحكيم وفقا لإجراءات التحكيم المنصوص عليها في المادة التاسعة الفقرة 9 بند 4 من الشروط العامة التي تنطبق على اتفاقيات القرض وضمان القرض للبنك الإسلامي للتنمية والمؤرخة في 8 / 11 / 1976 م، وتقرأ كل إشارة في تلك الشروط العامة "للبنك" على أنها إشارة ""للبائع" كما تقرأ كل إشارة فيها "للمقترض" على أنها إشارة "للمشتري".
(12)
الإشعارات:
12 -
1 كل طلب أو إشعار يوجهه أحد الطرفين إلى الآخر بناء على هذه الاتفاقية أو بمناسبة تطبيقها يتعين أن يكون كتابة. ويعتبر أن أيا من الطلب أو الإشعار قد تم قانونا بمجرد أن يسلم باليد أو بالبريد أو البرق أو المبرقة إلى الطرف الموجه له في عنوانه المبين في البند (2) من هذه المادة أو أي عنوان آخر يحدده بموجب إشعار إلى الطرف الآخر.
12 -
2 تنفيذا لحكم البند (1) من هذه المادة فقد حدد الطرفان عنوانيهما كالتالي:
المشتري:
البائع:
البنك الإسلامي للتنمية، ص. ب رقم 5925 – جدة – 21432، المملكة العربية السعودية.
برقيا: بنك إسلامي جدة.
تكلس: 401137 – أي اس دي بي – اس جي.
وإقرارا بما تقدم وقع الطرفان هذه الاتفاقية في التاريخ المذكور في مطلعها بواسطة الممثلين المفوضين قانونا من جانب الطرفين.
عن البنك الإسلامي للتنمية.....................
عن ...........................
بسم الله الرحمن الرحيم
اتفاقية
بين
البنك الإسلامي للتنمية
وبشأن توكيل
لشراء معدات نيابة عن البنك
اتفاقية
بين
البنك الإسلامي للتنمية
و...............
أبرمت هذه الاتفاقية في هذا اليوم / / 140 هـ الموافق / / 198 م بين البنك الإسلامي للتنمية (ويشار إليه فيما يلي "بالبنك") و.......................................... (ويشار إليه فيما يلي "بالوكيل") .
بما أن:
(أ) حكومة .............................. قد طلبت من البنك الإسلامي للتنمية بأن يشتري المعدات المبينة تفصيلا في الملحق رقم (2) من هذه الاتفاقية (ويشار لها فيما يلي "بالمعدات" ثم يؤجرها للوكيل، وذلك لأغراض المشروع الوارد وصفه في الملحق رقم 5 من هذه الاتفاقية.
(ب) مجلس المديرين التنفيذيين بالبنك الإسلامي للتنمية قد وافق على هذا الطلب في اجتماعه رقم () المنعقد في .............................. حدود مبلغ لا يتجاوز .............................. وبالشروط المضمنة في قراره رقم ..............................
فقد تم الاتفاق على ما يلي:
(1)
تعاريف:
في هذه الاتفاقية وما لم يقتض السياق معنى آخر تكون للعبارات التالية المعاني الموضحة أمام كل منها:
عقد / عقود / الشراء:
العقد (العقود) التي يبرمها الوكيل مع البائع نيابة عن البنك ولحسابه.
ثمن الشراء:
المبالغ مستحقة الدفع بموجب عقد (عقود) الشراء وتشمل ثمن المعدات وتكاليف نقلها والتأمين عليها وتكاليف أي خدمات أخرى يكون البنك ملزما بدفعها بموجب هذه الاتفاقية.
المعدات:
المعدات والآليات الوارد وصفها وتحديدا في المحلق رقم (2) من هذه الاتفاقية وتشمل الأجزاء المكملة لها.
البائع:
مورد المعدات بصرف النظر عما إذا كان هو الصانع أو لم يكن.
دينار إسلامي:
الوحدة الحسابية للبنك الإسلامي للتنمية طبقا لما هو مقرر في المادة 4 (1)(1) من اتفاقية تأسيس البنك الإسلامي للتنمية وتعادل وحدة من وحدات حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي.
(2)
التوكيل بشراء المعدات وقبضها:
2 -
1 يوافق البنك على تفويض الوكيل ليقوم نيابة عنه وباسمه وفي حدود الشروط والأحكام الواردة في هذه الاتفاقية:
(أ) بالتفاوض مع البائع والاتفاق معه على ثمن المعدات ومواصفاتها وجميع الشروط والأحكام الأخرى المتعلقة بشرائها وتسليمها للبنك.
(ب) بقبض المعدات من البائع نيابة عن البنك وفقا لطريقة القبض المنصوص عليها في عقد الشراء.
2 -
2 يلتزم الوكيل بأن يتبع في شراء المعدات إجراءات الشراء التي يحددها البنك وبوجه خاص ودون مساس بعمومية ما تقدم، على الوكيل مراعاة النظم الصادرة من منظمة المؤتمر الإسلامي الخاصة بمقاطعة جنوب إفريقيا وإسرائيل.
2 -
3 يلتزم الوكيل بأن يتأكد من أن كل عقد شراء:
(أ) ينص على أن ملكية المعدات تنتقل مباشرة من البائع إلى البنك.
(ب) يتضمن نصا بالتأمين الكافي باسم البنك على المعدات أثناء ترحيلها وإلى أن يتم إيجارها للوكيل وفقا لحكم المادة 7 - 2 من هذه الاتفاقية. على أن يكون ذلك التأمين بالقيمة الكاملة لاستبدال المعدات، وأن يُغطي كل المخاطر التي يؤمن ضدها عادة كل من يقوم بترحيل معدات مماثلة بنفس الطريقة بما في ذلك المخاطر البحرية ومخاطر العبور وأن يكون التأمين مع شركة تأمين ذات سمعة طيبة يوافق عليها البنك وعلى الوكيل أن يتأكد من أن بوليصة التأمين تنص على أن عوائد التأمين ستكون مستحقا الدفع - إذا حدث ما يوجب ذلك – بعملة حرة قابلة للتحويل.
2 -
4 يتعهد الوكيل بأن يقوم نيابة عن البنك بالحصول على جميع التصاريح والأذونات اللازمة لتوريد المعدات في
…
2 -
5 لا يجوز للوكيل أن يبرم أي عقد لشراء المعدات قبل أن يحصل على موافقة البنك على أحكام وشروط مشروع ذلك العقد.
2 -
6 لا يجوز للوكيل أن يوافق على أي تعديل أو تغيير أو تنازل أو خروج عن أحكام وشروط أي عقد شراء سبق أن وافق عليه البنك قبل أن يحصل على موافقة البنك المسبقة على ذلك.
2 -
7 تنتهي سلطة الوكيل في التعاقد لشراء المعدات نيابة عن البنك عندما يبلغ مجموع ثمن المعدات المتعاقد عليها .............................. أو عند فسخ هذه الاتفاقية أي الأجلين أسبق.
(3)
قبول الوكالة:
يوافق الوكيل وفقا لأحكام وشروط هذه الاتفاقية على التفاوض مع البائع والاتفاق معه على شراء المعدات، كما يوافق على قبض المعدات من البائع نيابة عن البنك.
(4)
تنفيذ عقد الشراء:
يتعهد الوكيل بأن يبذل العناية والاهتمام اللازمين في متابعة تنفيذ عقد الشراء مع البائع نيابة عن البنك وأن يخطر البنك فورا بأي تأخير أو إخلال آخر بعقد الشراء والتشاور معه بشأن الإجراءات التي يتعين اتخاذها قبل البائع.
(5)
قبض المعدات:
5 -
1 يتعهد الوكيل بأن يقوم بفحص المعدات قبل قبضها ليتأكد من أنها مطابقة للمواصفات المنصوص عليها في عقد الشراء وأنها في حالة جيدة وخالية من العيوب التي يمكن تبينها بالفحص السليم للمعدات.
5 -
2 يتعهد الوكيل بأن يقوم فورا بعد الانتهاء من فحص المعدات بإخطار البنك بالمبرقة (التليكس) عما إذا كان قد وجد المعدات مطابقة من كل الوجوه لعقد الشراء وقبضها أو أنه قد وجدها غير مطابقة، فإذا لم يتسلم البنك هذا الإخطار في خلال ثلاثين يوما من التاريخ المحدد في عقد الشراء لوصول المعدات، سيعتبر البنك أن الوكيل ضامن للمعدات مطابقة لعقد الشراء من جميع الوجوه.
5 -
3 إذا تبين للوكيل عند فحص المعدات أنها غير مطابقة في أي وجه من الوجوه لعقد الشراء، فعلى الوكيل أن يتصل فورا بالبنك للتشاور حول ما إذا كان يتعين رد المعدات للبائع أو إمساكها ومطالبته بالتعويض.
5 -
4 يكون الوكيل مسئولا عن كل عيب أو تلف يصيب المعدات نتيجة تعديه أو تفريطه في المحافظة عليها من تاريخ قبضه لها نيابة عن البنك وإلى أن يتم إيجارها له بموجب عقد الإيجار الذي سيبرمه مع البنك.
(6)
أداء ثمن الشراء:
يتعهد البنك بدفع ثمن المعدات وفقا لشروط وأحكام عقد الشراء وإجراءات السحب المعمول بها بالبنك وذلك بعد أن يتأكد من:
(أ) أن المعدات قد تم شراؤها وفقا لإجراءات الشراء المعمول بها لدى البنك أو أي إجراءات أخرى يكون البنك قد وافق عليها مسبقا.
(ب) أن البنك قد وافق على أحكام وشروط عقد الشراء.
(ج) أن وصف المعدات مطابق لوصفها المبين في الملحق رقم (2) من هذه الاتفاقية.
(د) أن مجموع ثمن الشراء لن يزيد عن المبلغ الذي وافق البنك عليه.
(7)
الوعد بإيجار المعدات من البنك:
7 -
1 يتعهد الوكيل بأن يستأجر المعدات من البنك بعد قبضه لها نيابة عن البنك ويتعهد البنك بإيجارها له وذلك بالشروط التي وافق عليها مجلس المديرين التنفيذيين في جلسته بتاريخ ......... وقبلها الوكيل بموجب رسالته المبرقة المؤرخة في ......... والشروط الأخرى المبينة في مشروع عقد الإيجار الملحق بهذه الاتفاقية.
7 -
2 يوافق البنك والوكيل ويلتزمان بتوقيع عقد إيجار المعدات خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع من التاريخ الذي يخطر فيه الوكيل البنك بقبضه للمعدات، فإذا لم يوف الوكيل بالتزامه من توقيع عقد الإيجار خلال تلك المدة فإنه يضمن للبنك كل ما يترتب عن إخلاله بالتزامه في توقيع العقد.
(8)
نفاذ الاتفاقية:
لا تصبح هذه الاتفاقية نافذة إلا إذا:
(أ) قدمت للبنك أدلة مقنعة تفيد بأن توقيع هذه الاتفاقية نيابة عن الوكيل قد تم بموجب تفويض صحيح وطبقا للقوانين المعمول بها في ..........
(ب) قدم الوكيل للبنك ضمانا بالصيغة التي يقبلها البنك من حكومة ......... أو من بنك تجاري يقبله البنك يلتزم فيه الضامن بكفالة أداء الوكيل لالتزاماته بموجب عقد الإيجار الذي سيبرمه مع البنك.
(9)
عدم استعمال أو التمسك بالحق:
إن عدم قيام البنك باستعمال أو بالتمسك بأي حق من حقوقه الثابتة بموجب هذه الاتفاقية أو تأخره في أي من ذلك أو عدم استعماله أو تمسكه بأي جزاء مقرر له ضد الوكيل أو تأخره في ذلك لا يخل بذلك الحق أو الجزاء ولا يجوز أن يفسر على أنه تنازل عن ذلك الحق أو الجزاء.
(10)
تسوية الخلافات:
يسعى الطرفان إلى تسوية أي خلاف في تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية بالطرق الودية، فإذا لم يتم الاتفاق الودي بينهما يعرض النزاع على التحكيم وفقا لإجراءات التحكيم المنصوص عليها في المادة التاسعة الفقرة (9) بند (4) من الشروط العامة التي تنطبق على اتفاقيات القرض وضمان القرض للبنك الإسلامي للتنمية والمؤرخة في 8 / 11 / 1976 م، وتقرأ كل إشارة في تلك الشروط العامة للمقترض على أنها إشارة "للوكيل".
(11)
الإشعارات:
11 -
1 كل طلب أو إشعار يوجهه أحد الطرفين إلى الآخر بناء على هذه الاتفاقية أو بمناسبة تطبيقها يتعين أن يكون كتابة ويعتبر أن أيا من الطلب أو الإشعار قد تم قانونا بمجرد أن يسلم بالبريد أو البرق أو المبرقة إلى الطرف الموجهة له في عنوانه المبين في البند (2) من هذه المادة أو أي عنوان آخر يحدد بموجب إشعار إلى الطرف الآخر.
11 -
2 تنفيذا لحكم البند (1) من هذه المادة فقد حدد الطرفان عنوانيهما كالتالي:
البنك:
البنك الإسلامي للتنمية ص. ب رقم 5925 – جدة – 21432، المملكة العربية السعودية.
برقيا: بنك إسلامي – جدة.
تليكس: 401137 – أي اس دي – بي – اس جي.
الوكيل:
وإقرارا بما تقدم وقع الطرفان هذه الاتفاقية في التاريخ المذكور في مطلعها بواسطة الممثلين المفوضين قانونا من جانب الطرفين.
عن البنك الإسلامي للتنمية ....................................
عن الوكيل / .............................................
ملحق رقم (1)
اتفاقية إيجار
أبرمت هذه الاتفاقية في هذا اليوم الموافق بين البنك الإسلامي للتنمية (ويشار إليه فيما يلي "بالمؤجر") .
و........................... (ويشار إليه فيما يلي "بالمستأجر") .
بما أن:
(أ) المؤجر كان قد أبرم مع المستأجر اتفاقية بتاريخ .................. الموافق .................. (ويشار لها فيما يلي "باتفاقية الوكالة ") فوض المؤجر بموجبها المستأجر بأن يشتري نيابة عنه المعدات الوارد تحديدها في الملحق رقم (2) لتلك الاتفاقية، وذلك لأغراض المشروع الوارد وصفه تفصيلا في الملحق رقم (3) لتلك الاتفاقية.
(ب) المستأجر بموجب اتفاقية الوكالة ووفقا لأحكامها وشروطها قد قام بشراء وقبض المعدات نيابة عن المؤجر.
(ج) المستأجر قد وعد بموجب اتفاقية الوكالة باستئجار المعدات بعد قبضها نيابة عن المؤجر.
فقد تم الاتفاق بين المؤجر والمستأجر على ما يلي:
(1)
تعاريف:
في هذه الاتفاقية وما لم يقتض السياق معني آخر، تكون للعبارات التالية المعاني الموضحة أمام كل منها:
يوم عمل:
أي يوم تكون فيه البنوك مفتوحة رسميا للعمل في المكان الذي سيؤدي فيه المؤجر إلى المستأجر أي مبالغ مستحقة عليه بمقتضى هذه الاتفاقية بالعملة التي سيتم بها أداء تلك المبالغ.
عقد (عقود) الشراء:
العقد (العقود) التي أبرمها المستأجر بصفته وكيلا عن المؤجر بموجب اتفاقية الوكالة.
المعدات:
المعدات والآليات الوارد وصفها تحديدا في الملحق رقم (1) من هذه الاتفاقية وتشمل الأجزاء المكملة لها.
المورد:
البائع الذي اشتري منه البنك المعدات بموجب عقد الشراء بصرف النظر عما إذا كان هو الصانع أم لا.
فترة الإيجار:
المدة التي تبدأ من تاريخ نفاذ هذه الاتفاقية وتنتهي بعد .................. شهرا من ذلك التاريخ.
تاريخ النفاذ:
التاريخ الذي يعلن فيه البنك نفاذ هذه الاتفاقية.
تواريخ أداء أقساط الإيجار:
التواريخ التي تقع بعد 6 ، 12 ، 18، 24، 30 ، 36 شهرا من تاريخ النفاذ.
ضريبة:
أي ضريبة أو جباية أو رسوم أو أي تكليف مماثل، وتشمل دون حصر أي غرامة جزائية واجبة الدفع في حالة الفشل أو التأخير في دفع أي مما سبق.
دينار إسلامي:
الوحدة الحسابية للبنك الإسلامي للتنمية طبقا لما هو مقرر في المادة 4 (1)(1) من اتفاقية تأسيس البنك الإسلامي للتنمية وتعادل وحدة من وحدات حقوق السحب لصندوق النقد الدولي.
(2)
الإيجار:
2 -
1 مع مراعاة أحكام وشروط هذه الاتفاقية يوافق المؤجر على إيجار المعدات للمستأجر لفترة الإيجار ويوافق المستأجر على استئجارها.
2 -
2 تبدأ فترة الإيجار من تاريخ نفاذ هذه الاتفاقية ليصبح قبض المستأجر للمعدات من ذلك التاريخ قبضا لها بصفته مستأجرا للمعدات.
(3)
أقساط الإيجار:
في مقابل إيجار المعدات للمستأجر، يلتزم المستأجر بأن يدفع للمؤجر مبلغ .................. دينار إسلامي يمثل مجموع إيجار المعدات خلال فترة الإيجار وذلك على أقساط متتالية يصبح كل منها مستحقا وواجب الدفع في تاريخ أدائه طبقا لما هو مبين تفصيلا في المحلق (3) من هذه الاتفاقية.
(4)
ملكية المعدات:
تظل المعدات مملوكة للمؤجر وحده في جميع الأوقات حتى تنتقل ملكيتها للمستأجر وفقا للمادة (13) من هذه الاتفاقية وعلى المستأجر ألا يقوم أو يسمح بالقيام بأي شيء من شأنه المساس بحقوق المؤجر في المعدات أو تعريضها للخطر.
(5)
لوحات إثبات الملكية:
يوافق المستأجر على أن يلصق بالمعدات لوحات إثبات ملكية تحمل العبارة التالية:
"هذه المعدات مملوكة للبنك الإسلامي للتنمية ومؤجرة لـ.................." ويتعهد المستأجر بأن يتأكد من أن اللوحات ستظل ملصقة وبصورة واضحة بالمعدات طيلة فترة الإيجار.
(6)
موقع المعدات:
تظل المعدات خلال مدة الاتفاقية في حيازة وحفظ المستأجر ويتم تركيبها بـ .................. ولا يجوز نقلها أو نقل أي جزء منها من ذلك الموقع دون موافقة مكتوبة مسبقة من المؤجر.
(7)
تشغيل المعدات واستعمالها وصيانتها:
7 -
1 على المستأجر أن يستعمل المعدات بعناية وبطريقة سليمة طبقا لتعليمات التشغيل الخاصة بها الصادرة من موردها، ولا يجوز للمستأجر أن يسمح باستعمال المعدات لغير الأغراض التي صممت لأجلها أو لأي غرض غير مشروع وعلى المستأجر ألا يسمح لغير الفنيين المؤهلين باستعمال أو تشغيل المعدات.
7 -
2 على المستأجر الحفاظ على المعدات في جميع الأوقات في حالة سليمة وصالحة للعمل وعليه أن يقوم على نفقته بإصلاح أو استبدال ما يتعيب أو يستهلك أو يتلف من أجزائها ولا يجوز للمستأجر أن يسمح لغير الأشخاص ذوي الخبرة والتأهيل المناسب بإصلاح أو خدمة المعدات.
7 -
3 على المستأجر أن يقوم على نفقته في أي وقت بإصلاح أو خدمة المعدات بالحصول على كل التصاريح والتراخيص وأي إذن آخر فقد يكون مطلوبا في أي وقت خلال فترة الإيجار فيما يتعلق بحيازة أو استخدام المعدات أو المباني التي ستوضع أو فيما يتعلق بتنفيذ المستأجر لالتزاماته بموجب هذه الاتفاقية وعلى المستأجر أن يتأكد أن هذه التصاريح والتراخيص وأي إذن آخر قد يكون مطلوبا سيبقى ساري المفعول في جميع الأوقات، كذلك على المستأجر أن يمتثل لجميع الالتزامات القانونية وغيرها من الالتزامات المتعلقة بحيازة أو استعمال المعدات وعليه أن يقوم وعلى نفقته بإضافة أو تركيب أدوات السلامة مع المعدات وأي أدوات أخرى يتطلب القانون إضافتها إلى المعدات أو تركيبها معها لأغراض استعمال أو تشغيل المعدات على نحو مشروع.
7 -
4 يؤكد المستأجر بأن جميع الاختبارات اللازمة ستجري على المعدات قبل البدء في استعمالها للتأكد من أنه قد تم تصميمها وتصنيعها وتشغيلها بطريقة لن تعرض صحة أو سلامة العاملين عليها أو غيرهم من الأشخاص الذين يستعملونها للخطر، كما يتعهد بأن يتخذ في جميع الأوقات كل الترتيبات اللازمة لضمان تشغيل واستعمال المعدات دون تعريض أي شخص لما سبق ذكره من مخاطر.
7 -
5 يوافق المستأجر على أن يعوض المؤجر عن جميع المطالبات والدعاوى التي قد يتعرض لها المؤجر فيما يتعلق بأية إصابة أو ضرر أو خسارة تنشأ عن تقصير المستأجر أو تعديه في حيازة أو تشغيل المعدات.
(8)
حظر التصرف في المعدات:
8 -
1 لا يجوز للمستأجر إيجار المعدات لغيره أو رهنها أو إنشاء أي تأمين آخر عليها أو بيعها أو بيع أي جزء منها، كما لا يجوز له أن يحيل حقوقه الناشئة عن هذه الاتفاقية أو أن يسمح بأن ينشأ لأي شخص حق في حبس أي من المعدات، كما لا يجوز له أن يتخلى عن حيازة المعدات دون موافقة مسبقة مكتوبة من المؤجر.
8 -
2 لا يجوز للمستأجر بدون موافقة المؤجر المسبقة كتابة أن يثبت المعدات على أي أرض أو مباني، بحيث لا يمكن فصلها عن تلك الأرض أو المباني دون تلف أو تغيير في هيئتها. ويتعهد المستأجر بأن يتخذ كل الترتيبات اللازمة التي تمنع نقل ملكية المعدات لمالك تلك الأرض أو المباني.
8 -
3 لا يجوز للمستأجر بدون موافقة المؤجر المسبقة كتابة أن يدخل أي إضافات أو تغيير أو تعديلات على المعدات أو أن يلصق بها أي ملحقات لا يمكن فصلها عنها دون تلف أو تغيير في هيئة المعدات. وتصبح أي ملحقات يجري إلصاقها إخلالا بهذا البند ملكا للمؤجر وذلك دون مساس بحق المؤجر في التعويض.
8 -
4 فيما بين المؤجر والمستأجر وخلفائهما تظل المعدات من المنقولات وتبقى مملوكة للمؤجر بصرف النظر عما إذا كان قد تم تثبيتها على أي أرض أو مبان، ويكون المستأجر مسئولا عن أي ضرر يصيب تلك الأرض أو المباني من جراء تثبيت المعدات عليها أو فصلها منها.
(9)
التأمين على المعدات:
9 -
1 يلتزم المستأجر أن يقوم على نفقة المؤجر بالتأمين تأمينا شاملا على المعدات من تاريخ تسليمها له إلى نهاية فترة الإيجار بما يعادل القيمة الكاملة لاستبدالها بمثيلاتها شريطة ألا تقل تلك القيمة تحت أي ظرف عن ثمن الشراء وأن يكون التأمين عند شركة تأمين ذات سمعة طيبة يوافق عليها المؤجر ويجب أن تغطي بوليصة التأمين أي ضرر أو خسارة تنجم عن الحريق أو السرقة أو الفيضان أو الزلزال أو الإعصار أو الحوادث، كما تغطي مخاطر الغير والمخاطر التي يتم التأمين ضدها عادة في عرف الصناعة التي يشتغل بها المستأجر وأي مخاطر أخرى يطلب المؤجر التأمين عليها.
9 -
2 يجب أن تحتوي بوليصة التأمين على ما يفيد بأن المعدات مملوكة للبنك الإسلامي للتنمية ومؤجرة لـ .................. وأن تكون عائدات التأمين مستحقة الدفع بعملة حرة قابلة للتحويل وأن تكون تلك العائدات واجبة الدفع للبنك الإسلامي للتنمية وإذا عزم أي من المستأجر أو شركة التأمين على إلغاء بوليصة التأمين أو تعديل شروطها أو عدم تجديدها فلا بد من إشعار المؤجر قبل (90) تسعين يوما من التاريخ الذي يعتزم فيه أي من المذكورين إلغاء أو تعديل أو عدم تجديد بوليصة التأمين حسبما تكون الحال.
9 -
3 على المستأجر أن يقدم للمؤجر متى طلب منه ذلك كل بوليصة من بوالص التأمين المذكورة والإيصالات الخاصة بما تم دفعه من أقساط التأمين.
9 -
4 إذا فشل المستأجر في التأمين على المعدات أو في تقديم ما سبق ذكره من بوالص التأمين وإيصالات يجب عليه إشعار المؤجر بذلك فورا ويتولى المؤجر بنفسه وعلى نفقته التأمين المطلوب على المعدات.
9 -
5 على المستأجر ألا يسمح بأي فعل أو امتناع عن فعل يخالف أحكام أي بوليصة تأمين أو يكون من شأنه أن يعطي شركة التأمين الحق في إلغاء بوليصة التأمين أو يقلل أو يعفيها من مسؤوليتها المقررة بموجب بوليصة التأمين.
9 -
6 على المستأجر أن يشعر المؤجر فورا عند حدوث أي ظرف ينشأ عنه أو قد ينشأ عنه الحق في المطالبة بموجب بوليصة التأمين ليحصل على موافقة المؤجر على المطالبة بموجب بوليصة التأمين، وعلى المستأجر ألا يوافق على أي تسوية للمطالبة دون حصوله كتابة على الموافقة المسبقة للمؤجر.
(10)
حق التفتيش:
يوافق المستأجر على أن يسمح للمؤجر وموظفيه وأي شخص آخر مفوض من قبله بالدخول في جميع الأوقات المناسبة في الموقع الذي توجد به المعدات وذلك بغرض تفتيش المعدات وفحص حالتها.
(11)
دفع المبالغ المستحقة بموجب الاتفاقية:
11 -
1 يجب أن يتم دفع كل مبلغ يؤديه المستأجر إلى المؤجر بموجب هذه الاتفاقية بعملة حرة قابلة للتحويل يقبلها المؤجر بحسب قيمتها في تاريخ الاستحقاق إلى حساب المؤجر أو بأية طريقة أخرى يشعر بها المؤجر المستأجر كتابة من وقت لآخر.
11 -
2 ستعتبر جميع المبالغ الواجب أداؤها بموجب هذه الاتفاقية بما فيها سداد أقساط الإيجار قد تم دفعها للبنك عندما يؤكد أي من البنوك الآتية إتمام إيداع تلك المبالغ في حساب البنك الإسلامي للتنمية لديه:
(1)
إذا كان السداد بالدولار الأمريكي:
(3)
Account No. 001591.11
Saudi International Bank
99 Bishopsgate. London Ec 2M 3TB
Telex Number: 8812261 8812262
(2)
Account No. B 10507
Arab Bank Corporation
P. O. Box: 5698، Manama، Bahrain
Telex Numbers: 9385، 9431/2/3
9442 ABCBAH BN
(2)
إذا كان السداد بالفرنك الفرنسي:
Account No. 96965. 9. 001. 00
Union De Banques Arabes Et
Francaises (U.B.A.F)
190 Avenue Charles De Gaulle
92523 Neuilly Cedex، France
Telex Numbers: 610334 UBAFRA
(3)
إذا كان السداد بالجنيه الاسترليني:
Account No. 708372
Gulf International Bank
2 – 6 Canon Street، London EC 4M 6xp
Telex Numbers: 8813326 8812899
11 -
3 إذا أصبحت أية مدفوعات مستحقة الدفع في غير يوم عمل يتم دفعها في أول يوم عمل يعقب ذلك اليوم.
11 -
4 يكون الدينار الإسلامي هو الوحدة الحسابية لكل مبلغ يكون مستحقا من المستأجر في أي وقت بموجب هذه الاتفاقية، وكلما لزم تحويل أي مبالغ لأغراض هذه الاتفاقية من وإلى الدينار الإسلامي لأي من العملات الأخرى، يتم ذلك على أساس سعر الصرف المعلن لحقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي في اليوم الذي تم فيه دفع تلك المبالغ وفقا للأسعار التي يقوم بنشرها صندوق النقد الدولي.
11 -
5 يتم دفع كل المبالغ المستحقة بموجب هذه الاتفاقية دون خصم أو حجز أي مبلغ بسبب أي ضريبة أو مقاصة أو مطالبة مقابلة أو أي أمر آخر. فإذا كان المستأجر ملزما بموجب أي قانون ساري المفعول بأن يجري مثل ذلك الخصم أو الحجز فعليه أن يوفر من المبالغ ما يمكنه من أن يحول للمؤجر بعد إجراء ذلك الخصم مبلغا صافيا غير خاضع لأي التزام يساوي المبلغ المستحق الذي كان من حق المؤجر استلامه والاحتفاظ به، لولا ذلك الخصم أو الحجز.
(12)
الخسارة الشاملة:
12 -
1 إذا لحقت بالمعدات خسارة شاملة أو خسارة شاملة حكمية بسبب ضياعها أو سرقتها أو تلفها لدرجة تجعل تكاليف إصلاحها تفوق قيمتها أو لأي سبب آخر، تنتهي هذه الاتفاقية دون مساس بحقوق المؤجر التي استحقت بموجب هذه الاتفاقية ويتم دفع جميع عوائد التأمين للمؤجر بحيث لا يقل ما يحصل عليه المؤجر في هذه الحالة عن ثمن شراء المعدات المؤجرة أو ما تبقى له من أقساط إيجار لم يحن موعد سدادها أيهما أقل. وإذا لم يكف عائد التأمين لتعويض المؤجر وفقا لما تقدم، يحق للمؤجر الرجوع على المستأجر بالفرق إذا كانت الخسارة بسبب تقصير المستأجر أو تعديه وفي حالة كون عائد التأمين الذي استلمه المؤجر يزيد عن قيمة أقساط الإيجار التي لم يحن موعد سدادها، يلتزم المؤجر بإعادة الفرق إلى شركة التأمين.
12 -
2 يكون المستأجر ملزما وعلى نفقته وحده بأن يعيد المعدات التي لم تلحق بها خسارة شاملة أو خسارة شاملة حكمية إلى حالتها الأولى وأن يقوم بإصلاحها، ومع مراعاة حكم البند (3) من هذه المادة، فإن أي عوائد تأمين يتم دفعها لغير الخسارة الشاملة الحكمية يستفاد منها إما في مقابل تكلفة إعادة المعدات إلى حالتها أو إصلاحها بصورة يرضى عنها المؤجر أو لتعويض المستأجر عما يكون قد أنفقه من تكاليف لإعادتها لحالتها الأولى أو إصلاحها.
12 -
3 إذا كان المستأجر مخلا بأي من التزاماته بموجب هذه الاتفاقية فللمؤجر بحسب اختياره أن يستفيد من أي عوائد تأمين مدفوعة لغير الخسارة الشاملة أو الخسارة الشاملة الحكمية في مقابلة أي مبالغ يكون المستأجر مدينا بها للمؤجر.
(13)
هبة المعدات للمستأجر:
إذا لم تلحق بالمعدات خسارة شاملة ولم يكن المستأجر مخلا أو مقصرا في أي من التزاماته المقررة بموجب هذه الاتفاقية يقوم المؤجر في أول يوم عمل يعقب تاريخ أداء آخر قسط من أقساط الإيجار بنقل ملكية المعدات إلى المستأجر على أساس الهبة.
(14)
تأكيدات المستأجر:
يؤكد المستأجر:
(أ) أنه شركة (مؤسسة) قائمة بموجب قوانين .................. وأنه يتمتع بالسلطة اللازمة لإبرام هذه الاتفاقية وممارسة الحقوق الناشئة عنها والوفاء بالالتزامات التي تحمل بها بمقتضى هذه الاتفاقية.
(ب) أن كل الإجراءات المطلوبة قانونا لتمكينه من إبرام هذه الاتفاقية على وجه مشروع وممارسة حقوقه الناشئة عنها والوفاء بالالتزامات التي تحمل بها بمقتضاها قد تم اتخاذها حسب الأصول وأن تلك الإجراءات لا تزال سارية المفعول.
(ج) أن الالتزامات التي تحمل بها بموجب هذه الاتفاقية التزامات قانونية صحيحة وملزمة له وفقا لأحكامها بموجب القوانين القائمة في .............................. وأنه لا يلزم لضمان قانونية أو صحة أو نفاذ هذه الاتفاقية إيداعها أو قيدها أو تسجيلها لدى أي محكمة أو جهة حكومية في ...................
(15)
التقارير:
يتعهد المستأجر أن يقدم التقارير الآتية للمؤجر:
(أ) تقرير عن سير العمل في تنفيذ المشروع بالكيفية التي يحددها المؤجر من وقت لآخر ويقدم هذا التقرير بعد ثلاثة أشهر من تاريخ النفاذ ومن ثم كل ثلاثة أشهر.
(ب) تقرير عن المركز المالي للمستأجر ونتائج عملياته عن السنة المالية المنتهية مصحوبا ببيان الحسابات المراجعة بما في ذلك كشف الموازنة وحساب الأرباح والخسائر عن السنة المالية المنتهية، ويقدم هذا التقرير بعد (90) تسعين يوما من نهاية كل سنة مالية.
(ج) تقرير إنجاز بالتفصيل الذي يطلبه المؤجر بصورة معقولة عن تنفيذ المشروع والتشغيل الابتدائي له ويقدم هذا التقرير فور إكمال تنفيذ المشروع.
(د) أي تقرير أو معلومات أخرى يطلبها المؤجر بصورة معقولة من وقت لآخر.
(16)
نفاذ الاتفاقية:
لا تصبح هذه الاتفاقية نافذة إلا إذا:
(أ) قدمت للبنك أدلة مقنعة تفيد بأن توقيع هذه الاتفاقية نيابة عن المستأجر قد تم بموجب تفويض صحيح ومطابق للقانون الأساسي ولوائح المستأجر.
.......
(ب)
(17)
إنهاء الاتفاقية:
17 -
1 يجوز للمؤجر أن ينهي هذه الاتفاقية بإشعار مكتوب للمستأجر:
(أ) إذا عجز المستأجر عن دفع أي مبلغ مستحق الدفع بموجب هذه الاتفاقية أو إذا فشل في مراعاة أو تنفيذ أي حكم أو شرط من هذه الاتفاقية أو إذا تبين أن أيا من التأكيدات أو البيانات التي قدمها في هذه الاتفاقية أو أي مستند أو شهادة قدمها عملا بهذه الاتفاقية أو فيما يتعلق بها غير صحيحة أو مضللة في أمر جوهري حين تقديمها.
(ب) إذا تم اتخاذ أي إجراء أو بدأت إجراءات قانونية لتصفية المستأجر أو حله أو إعادة تنظيمه (باستثناء إعادة التنظيم بفرض الدمج أو إعادة التشكيل والمستأجر ملئ وبالشروط التي يكون المؤجر قد وافق عليها مسبقا وكتابة) أو تعيين مُتَوَلٍّ أو قَيِّم أو أي موظف مماثل على المستأجر أو على كل أو أي جزء من إيراداته أو أصوله.
17 -
2 يكون إنهاء هذه الاتفاقية بموجب الفقرات (أ)(ب) من البند (1) من هذه المادة دون مساس بحقوق المؤجر التي أصبحت مستحقة بموجب هذه الاتفاقية.
17 -
3 إذا تم إنهاء هذه الاتفاقية بموجب الفقرة (1) من البند (1) من هذه المادة يبيع المؤجر المعدات إلى المستأجر ويوافق المستأجر على شراء المعدات بمبلغ يساوي القيمة الحقيقية للمعدات يوم البيع ويعتمد في تقديرها على رأي الخبراء وذلك دون إخلال بحكم البند (2) من هذه المادة ويصبح ذلك المبلغ مستحق الدفع من تاريخ البيع.
(18)
عدم التمسك بالحق:
أن عدم قيام المؤجر باستعمال أو التمسك بأي حق من حقوقه الثابتة بموجب هذه الاتفاقية أو تأخره في أي من ذلك أو عدم استعماله أو تمسكه بأي جزء مقر له ضد المستأجر أو تأخره في ذلك لا يخل بذلك الحق أو الجزاء ولا يجوز أن يفسر على أنه تنازل عن ذلك الحق أو الجزاء.
(19)
تسوية الخلافات:
يسعى الطرفان إلى تسوية أي خلاف في تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية بالطرق الودية، فإذا لم يتم الاتفاق الودي بينهما يعرض النزاع على التحكيم وفقا لإجراءات التحكيم المنصوص عليها في المادة التاسعة الفقرة (9) بند (4) من الشروط العامة التي تنطبق على اتفاقية القرض وضمان القرض للبنك الإسلامي للتنمية والمؤرخة في 8 / 11 / 1976 م. وتقرأ كل إشارة في تلك الشروط العامة "للبنك" على أنها إشارة "للمؤجر" كما تقرأ كل إشارة فيها "للمقترض" على أنها إشارة "للمستأجر".
(20)
الإشعارات:
20 -
1 كل طلب أو إشعار يوجهه أحد الطرفين إلى الآخر بناء على هذه الاتفاقية أو بمناسبة تطبيقها تعين أن يكون كتابة، ويعتبر أن أيا من الطلب أو الإشعار قد تم قانونا بمجرد أن يسلم باليد أو بالبريد أو البرق أو المبرقة (التليكس) إلى الطرف الموجهة له في عنوانه المبين في البند (2) من هذه المادة أو أي عنوان آخر يحدده بموجب إشعار إلى الطرف الآخر.
20 -
2 تنفيذا لحكم البند (1) من هذه المادة، فقد حدد الطرفان عنوانيهما كالتالي:
المؤجر:
المستأجر:
البنك الإسلامي للتنمية، ص. ب. رقم 5925 – جدة 21432. المملكة العربية السعودية.
برقيا: بنك إسلامي – جدة.
تليكس: 401137 – أي اس دي بي – اس جي.
وإقرارا بما تقدم وقع الطرفان هذه الاتفاقية في التاريخ المذكور في مطلعها بواسطة الممثلين المفوضين قانونا من جانب الطرفين.
عن البنك الإسلامي للتنمية .......................................
عن ....................................
الملحق رقم (2)
وصف المعدات
المحلق رقم (3)
جدول سداد أقساط الإيجار
الملحق رقم (4)
اتفاقية ضمان
أبرمت هذه الاتفاقية في اليوم .................. الموافق .................. بين حكومة .................. (الضامن) والبنك الإسلامي للتنمية (البنك) .
بما أن:
(أ) البنك الإسلامي للتنمية قد وافق على تمويل معدات عن طريق الإيجار لمشروع شركة .................. (الشركة) بمبلغ لا يتجاوز .................. دولار أمريكي (أي ما يعادل .................. دينار إسلامي) وفقا للأحكام والشروط المنصوص عليها في اتفاقية الإيجار بين البنك والشركة (اتفاقية الإيجار) والمبرمة بتاريخ ...................
(ب) تقديم الضامن لهذا الضمان لالتزامات الشركة هو أحد شروط نفاذ اتفاقية الإيجار.
(ج) الضامن قد وافق في مقابل إيجار البنك للمعدات المذكورة للشركة على ضمان الالتزامات التي تعهدت بها الشركة والواردة تفصيلا في اتفاقية الإيجار.
لذلك فقد تم الاتفاق بين الطرفين على ما يلي:
المادة الأولى
الضمان
1-
في مقابل قيام البنك بإيجار المعدات المذكورة للشركة يضمن الضامن الشركة كما لو كان مدينا أصليا ضمانا غير معلق على شرط وغير قابل للإلغاء بأن تقوم الشركة بالوفاء في المواعيد المحددة بكل المبالغ المستحقة عليها وفقا لاتفاقية الإيجار أو فيما يتصل بها ويتعهد الضامن للبنك بأنه في كل مرة تفشل فيها الشركة في دفع أي مبلغ مستحق للبنك بموجب اتفاقية الإيجار يقوم الضامن بناء على طلب كتابي من البنك بدفع ذلك المبلغ كما لو كان هو المدين الأصلي عوضا عن الشركة.
2-
أن التزامات الضامن بموجب هذا الضمان لن تتأثر بأي فعل أو امتناع أو أي ظرف آخر من شأنه - لولا هذا النص - أن يعفي الضامن من التزاماته بموجب هذا الضمان أو أن يؤثر على تلك الالتزامات وبوجه خاص دون تحديد لما سبق تظل التزامات الضامن المقررة بموجب هذا الضمان صحيحة ونافذة طبقا لأحكامها بغض النظر عن أحكام أي قانون أو أمر ينطوي على تخفيض تلك الالتزامات أو التأثير بأي شكل آخر عليها، وأن هذا الضمان يفسر وكان ذلك القانون أو الأمر لا يوجدان.
3-
يتنازل الضامن عن أي حق قد يكون له في مطالبة البنك بأن يرفع دعوى ضد الشركة ليطالبها بدفع المبالغ المستحقة عليها بموجب اتفاقية الإيجار أو أن ينفذ أي ضمان ممنوح له من أي جهة أخرى قبل رجوعه على الضمان بموجب هذا الضمان.
4-
أن أي مطالبة مكتوبة من البنك تبين المبلغ المستحق على الشركة بموجب اتفاقية الإيجار تعتبر دليلا حسب الظاهر لإثبات المبلغ المذكور.
5-
يتعهد الضامن بأنه في حالة تصفية الشركة سيقوم بدفع ما يترتب على المستأجر طبقا للمادة 17 – 3 من اتفاقية الإيجار وقد وافق البنك على أنه متى دفع الضامن ما التزم به للبنك سينقل ملكية المعدات للضامن.
6-
يكون هذا الضمان ملزما للضامن وخلفائه ويؤول لصالح البنك وخلفائه.
7-
يظل هذا الضمان ساري المفعول إلى أن تقوم الشركة بدفع كل المبالغ المستحقة عليها بموجب اتفاقية الإيجار أو فيما يتصل بها والوفاء بكل التزاماتها بموجب الاتفاقية المذكورة.
المادة الثانية
التزامات أخرى
يتعهد الضامن:
1-
بإعفاء البنك من جميع الضرائب ومن جميع الرسوم الجمركية المفروضة بموجب قوانين .................. فيما يتعلق بالمعدات محل الإيجار أو فيما يتعلق بأي مبالغ مستحقة للبنك بموجب اتفاقية الإيجار.
2-
بأن تتمتع المعدات محل الإيجار بالحصانة من التفتيش أو الاستيلاء والمصادرة ونزع الملكية وأي شكل من أشكال الاستيلاء أو الحجز بإجراء إداري أو تشريعي على أن يستمر تمتعها بهذه الحصانة إلى أن تؤول ملكيتها إلى الشركة بموجب اتفاقية الإيجار أو إلى الضامن بموجب هذه الاتفاقية.
3-
بأن كل المبالغ المستحقة للبنك بموجب اتفاقية الإيجار أو هذه الاتفاقية أو ما يتصل بهما سيتم تحويلها بالكامل بأي عملة قابلة للتحويل يحددها البنك إلى أي مكان خارج .................. يحدده البنك.
المادة الثالثة
تسوية الخلاف
يسعى الطرفان إلى تسوية أي خلاف في تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية بالطرق الودية، فإذا لم يتم الاتفاق الودي بينهما عرض النزاع على التحكيم وفقا للأحكام المنصوص عليها في المادة التاسعة الفقرة 9 بند 4 من الشروط العامة التي تطبق على اتفاقيات القرض وضمان القرض للبنك الإسلامي للتنمية والمؤرخة في 8 نوفمبر 1976 م.
المادة الرابعة
1-
كل طلب أو إشعار يوجهه أحد الطرفين إلى الآخر بناء على هذه الاتفاقية أو بمناسبة تطبيقها يتعين أن يكون كتابة ويجوز أن يكون على شكل رسالة أو تليكس، ويعتبر أن أيا من الطلب أو الإشعار قد تم قانونا بمجرد أن يسلم باليد أو بالبريد إلى الطرف الموجه له في عنوانه المبين في الفقرة (2) من هذه المادة أو أي عنوان آخر يحدده بموجب إشعار إلى الطرف الآخر.
2-
تنفيذا لأحكام الفقرة (1) من هذه المادة، فقد حدد الطرفان عنوانيهما كالتالي:
الضامن:
البنك:
البنك الإسلامي للتنمية، ص. ب رقم 5925 – جدة – 21432، المملكة العربية السعودية.
برقيا: بنك إسلامي جدة.
تليكس: 401127 – أي اس دي بي – اس جي.
وإقرارا بما تقدم وقع الطرفان هذه الاتفاقية في التاريخ المذكور في مطلعها بواسطة الممثلين المفوضين قانونا من جانب الطرفين.
عن حكومة......................................................
عن البنك الإسلامي للتنمية ....................................
المناقشة
استفسارات البنك الإسلامي للتنمية
9 صفر 1407 هـ الموافق 12 أكتوبر 1986 م
الرئيس:
الكلمة لمعالي الأستاذ أحمد محمد علي.
الدكتور أحمد محمد علي:
بسم الله الرحمن الرحيم.. أحمده وأصلى وأسلم على نبيه الأمين.
صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال نائب جلالة الملك وولي العهد.
سماحة رئيس مجمع الفقه الإسلامي.
سماحة الأمين العام.
أصحاب السماحة والمعالي والفضيلة.
سلام من الله عليكم ورحمته وبركاته.
لا أريد أن آخذ من وقتكم الثمين ولكني أجدها فرصة سانحة لأعبر باسم البنك الإسلامي للتنمية لصاحب الجلالة الملك الحسين حفظه الله وللمملكة الأردنية الهاشمية حرسها الله عن خالص الشكر والامتنان على استضافة هذه الدورة للمجمع الفقهي والثناء العاطر لسموكم الكريم – حفظكم الله – على تفضلكم بافتتاح الدورة بكلمتكم البليغة التي عبرت تعبيرا صادقا عما نكنه جميعا لهذا المجمع وعن آمالنا وتطلعاتنا إلى إنجازاته في مجال مساعدة الأمة في مواجهة متغيرات هذا العصر، وعلى حضور سموكم هذا الصباح ومشاركتكم الإيجابية الفاعلة في هذه اللقاء المبارك بإذن الله.
إن استضافة الأردن العظيم لأول مرة دورة مجلس مجمع الفقه الإسلامي تعقد خارج دولة المقر واستضافة الأردن في شهر آذار الماضي للاجتماع العاشر لمجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية يعتبر دلالة بليغة على الدعم المتين الذي يمنحه الأردن للعمل الإسلامي المشترك وعلى الدور الفاعل الذي ما فتئت الحكومة الهاشمية تضطلع به في مجال تقوية التعامل التعاوني والتضامني بين الدول الإسلامية، كما يسعدني أن أعبر عن خالص الشكر والتقدير لمعالي الأخ الدكتور ناصر الدين الأسد وزير التعليم العالي ورئيس المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية مؤسسة آل البيت على الجهود التي بذلتها المؤسسة لتنظيم هذه الدورة.
وإنه لمن دواعي سعادتي الغامرة أن أعبر عن عظيم تقدير البنك الإسلامي للتنمية للمهام الجسيمة التي أُنيطت بمجمع الفقه الإسلامي وللجهود العظيمة التي يقوم بها أعضاؤه في مجال خدمة الشريعة الغراء بالبيان والإيضاح والله أسأل لمجمع الفقه الإسلامي الموقر مزيدا من التوفيق في هذه الجهود الهادفة إلى تبصير المسلمين بأمور دينهم وتوعيتهم وإرشادهم إلى ما فيه تمكينهم باتباع نور القرآن الكريم وهدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذا العصر العصيب.
أصحاب السماحة
…
إن عملكم الرائد في مواجهة التطور في الحياة المعاصرة ومشكلاتها بالاجتهاد المتبصر والاسترشاد بمبادئ الشرع الحنيف هو قبلة اهتمام هذه الأمة التي تتطلع إلى ثمرة اجتهادكم الأصيل الفاعل بهدف إيجاد الحلول الناجعة النابعة من التراث الإسلامي والواعية لمتطلبات الأمة المتغيرة وإنني أغتنم هذه الفرصة للإعراب عن خالص امتنان البنك الإسلامي للتنمية للتجاوب العظيم الذي لقيه من المجمع والجهود المباركة التي بذلها منذ الدورة الماضية أعضاؤه المكلفون بالتدقيق في استفسارات البنك المتعلقة بعملياته كما أعرب بصفة خاصة عن عظيم الشكر لأصحاب الفضيلة العلماء الذين حضروا الاجتماع الاستشاري الذي عقد بمقر البنك الإسلامي للتنمية خلال شهر شوال الماضي بغرض دراسة استفسارات البنك والنظر في اتفاقيات التمويل التي يبرمها مع الحكومات والمؤسسات المستفيدة في دولة الأعضاء.
وأسأل الله العلى القدير لهؤلاء العلماء الأجلاء جزيل المثوبة وخير الجزاء وسوف يقوم هؤلاء العلماء الذين حضروا الاجتماع المذكور بتقديم تقرير لمجمعكم الكريم عن نتائج الأعمال التي توصلوا إليها وهم أقدر مني على ذلك وهم أدرى بكنه أبحاثهم الجليلة التي قاموا بها، ويسعدني أن أعبر لسماحة الأمين العام للمجمع عن تقدير البنك الإسلامي للتنمية للجهود التي بذلتها الأمانة العامة في سبيل تسهيل البحث في الموضوعات المتعلقة بالبنك وتهيئتها للعرض على نظركم الكريم معبرة بالتوضيحات والبيانات المعينة على تصور المجمع لجوانبها الكاملة، ويسرني أن أعبر عن استعداد وفد البنك الإسلامي للتنمية إلى هذه الدورة لتزويد أصحاب الفضيلة أعضاء المجمع بأي إيضاحات حول الاستفسارات قيد البحث مما يمكن المجمع من إعطاء توجيهاته حول الموضوع.
والله أسأل أن يمن على هذا اللقاء الإسلامي بوافر النجاح والتوفيق في أعماله، والله يحفظكم ويرعاكم وسلام عليكم من الله ورحمته وبركاته.
الرئيس:
شكرا لمعالي الأستاذ.
الآن ندخل في الموضوع ونرجو من فضيلة الشيخ المختار السلامي أن يعطي عرضا لاستفسارات البنك الإسلامي للتنمية.
الشيخ المختار السلامي:
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ربنا عليك توكلنا واليك أنبنا واليك المصير، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
صاحب السمو الملكي – أصحاب المعالي – أصحاب الفضيلة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
بين أيديكم التقرير الشامل للبنك الإسلامي في أسئلته وفيما تمخض عنه الاجتماع وفي الطرق التطبيقية بالتوصيات والتعديلات التي أدخلت على الاتفاقيات وإني أريد فقط أن أقدم مقدمة لكل ذلك تكون فاتحة للبحث فأقول:
أولا: إن الاقتصاد قد تطور تطورا البشرية وأنه شاهد تطورا في هذا العصر ما شاهده من قبل ولست من رجال الاقتصاد حتى أنفذ إلى كل أبعاده ولكني أكتفي بظاهرتين:
الظاهرة الأولى: هي التحول من طابع الفردية إلى طابع الاشتراك والاجتماع.
الأمر الثاني: وهو أن قيمة الثروة التي بين يدي الإنسان قد نمت نموا بالغا لأنه قد دخل في الثروة عناصر جديدة هي واردة من ذي الأرض ودخول الطاقة كقيمة مضافة للإنتاج، وهذا التطور الذي دخل العالم لم يشذ عنه العالم الإسلامي والعالم الإسلامي بذلك ومن هاتين الناحيتين أصبح يواجه مشاكل وهذه المشاكل تستدعي حلولا، هذه الحلول لا بد أن يواجهها الفقهاء بشجاعة مع اعتبار الظروف العامة والخاصة وتقديرها في ضوء النصوص الخاصة والعامة أيضا، ولأزيد توضيحا لكلامي توفرت ثروات ضخمة بين أيدي الأفراد وهؤلاء يرغبون في استثمار أموالهم وهي مشكلة تتطلب قطعا إيجاد منظمات تقوم على هذا الاستثمار.
ثانيا: هو أن الدول بذاتها أصبحت تواجه مشاكل التنمية والتجهيزات وحاجات التمويل ليس البنك الإسلامي إلا مظهر من مظاهر الاستجابة لهذه الحاجة الملحة للتنمية بعض الصعوبات الاقتصادية التي تنشأ عن اختلاف في التوازن الداخلي للدول تبعا للأزمات الداخلية أو العالمية فكان بروز المشاكل التي واجهها البنك الإسلامي في عمله والتي أحالها على مجمعكم الموقر هي الآتية:
أولا قضية القرض: وقضية القرض هذه، هي أن دولة من الدول تكون في حاجة إلى التحصيل على سيولة مالية تواجه بها مشكلة من مشاكلها الاقتصادية فتتقدم الدولة الإسلامية بطلب إلى البنك الإسلامي ليمولها بقرض مالي.
يقوم البنك على الدراسة الشاملة للقرض وأغراضه فإذا ما كان مستجيبا لأهداف البنك وكان فعلا يعود بالخير على البلد المقترض فإذا ما كانت الدراسة إيجابية وافق البنك على القرض.
وهذه الموافقة تقتضى بعد ذلك أن يقدم البنك على المشروع دراسة معمقة فلو فرضنا أن الدولة تريد أن تحول مجرى من مجاري الأنهار هي في حاجة إلى تحويل اقتصادها فإذا وجد البنك أن هذا المشروع يعود بالخير على البلد فالواقع الموافقة المبدئية بعد حضور أمنائه، ثم بعد ذلك يقوم بالدراسات الحقيقية التفصيلية المعمقة، ثم يتابع المشروع من خطواته الأولى إلى أن يتم تنفيذه حسب الخطة وحسب المنهج المقدم، وهذا يقتضي نفقات على الدراسات ونفقات على المتابعة هذه النفقات يتحملها المقترض ولا يتحملها البنك، ولكن ما قيمة هذه النفقات، هذه النفقات لم يستطع البنك أن يحددها تحديدا مضبوطا حتى يقول من أول يوم أن النفقات كذا وكذا على هذا العمل.
والأمر واضح، مثلا: أمين عام يعقد اجتماعا فيقضي يوما في متابعة هذا القرض هذا اليوم الذي يقضيه كم قيمته؟ والموظف الآخر يقضى ساعة في هذا بمعني أنه لا يمكن أن نفرغ لا الأمين العام ولا الموظفين تفرغا كاملا لهذا القرض لأن الكلفة ستكون كبيرة جدا، فرأي البنك الإسلامي أن يجعل النسبة 2.5 % إلى 3 % على كامل مدة القرض، هذه المدة التي تتراوح عادة بين خمس عشرة سنة وثلاثين سنة، اجتمع بعض إخوانكم وتحدثوا مع البنك في هذه النسبة التي قدرها وأقروا أولا كمبدأ مقبول هو أن المقترض هو الذي يتحمل النفقات التي تلزم الدراسة والتي تلزم الإنجاز، ولكن بقى التقدير، وبعد مناقشات دامت يومين وثلاثة إلى منتصف الليل من الثامنة صباحا إلى منتصف الليل وبعد دراسات حسابية وصلنا إلى الحساب الآتي:
وهو أن البنك له مشاريع غير هذا وله نشاط يزيد على غير نشاط القروض، هذه الأنشطة التي فيها دراسات يعرف البنك ما ينفقه كل سنة، النفقات التي ينفقها على الدراسات عموما كل سنة ويعلم المحفظة المالية التي في هذا النوع من النشاط ما قيمتها.. فقلنا يوزع نسبة النفقات على نسبة الأموال المرصدة للدورة، وهذه النسبة هي النسبة الحقيقية وهذه النسبة تؤخذ فقط على سنوات إنجاز المشروع لا على كل السنوات فوصلنا بذلك إلى أن النسبة هي بين 3، 3.5 % وأن هذه النسبة تؤخذ على حساب الزمن المقدر لإنجاز المشروع الذي هو بين أربع، خمس سنوات، ست سنوات، لا يتجاوز ست سنوات ثم ينظر في هذه النسبة لا على أساس سنة واحدة ولكن على أساس الخمس سنوات معدل الخمس سنوات الماضية، وهذا النسبة ليست قارة وإنما كل سنة تمضي نطرح السنة القديمة ونعوضها بسنة جديدة حتى يكون التقدير أقرب إلى الواقع، فإذا ما أنجز المشروع في زمن أقل من الزمن المقدر فإنه يخصم عدد السنوات من النسبة ولا يدفع المقترض إلا عن السنوات التي يتطلبها الإنجاز فقط، فهذه هي القضية الأولى أو الموضوع الأول الذي استفسرنا فيه البنك والذي وصلنا فيه إلى الحل الذي عرضناه عليكم.
الموضوع الثاني هو عملية الإيجار، وعملية الإيجار هو أن دولة من الدول تطلب من البنك.
الرئيس:
قد ترون حسنا على أنه تعرض الموضوعات واحدا واحدا فطالما أنه عرض الموضوع الأول ويظهر أنكم استكملتم العرض إذن يطرح للمداولة ثم بعد ذلك يأتي العرض للموضوع الثاني.
شكرا، إذن يكون هذا الموضوع وهو رسوم الخدمة على القروض الذي تفضل بعرضها الشيخ المختار مطروحا للمداولة من أصحاب الفضيلة المشايخ.
الشيخ أحمد البازيع ياسين:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه وحده أستعين وهو المستعان على كل حال، الحمد لله رب العالمين خلقنا ورزقنا ويميتنا ثم يحيينا لا إله إلا هو الحي القيوم بديع السموات والأرض.
والصلاة والسلام الأكملان الأتمان على من اختاره ربه رحمة للعالمين نبينا محمد عبد الله ورسوله وعلى آله الطيبين الطاهرين الأتقياء الأنقياء وعلى صحابته الكرام الغر الميامين أهل التقي والرشاد وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد فإن ما سمعناه وما نعلمه من كوارث ومن مصائب ومن أزمات ومن محن ومن فتن حلت في الأمة الإسلامية لا بد لمجمعنا هذا أن يقف على أسبابها وإني أري أن السبب الرئيسي هو بعد الأمة الإسلامية عن دينها وعن تطبيق شرع الله فإذا أخذنا جزئية من الجزئيات وهي الربا الذي حرمه الله سبحانه وتعالى على المسلمين نرى أنه منتشر ومتفش في الأقطار العربية والإسلامية حتى لا تكاد تسلم منه قرية من القرى أو مغارة من المغارات متمثلا بالنظام المصرفي العالمي، الذي يتعاطى بالفائدة المصرفية، والفائدة المصرفية قرر علماء المسلمين وفقهائهم في مؤتمرات عديدة ومؤتمرات في الحقيقة عقدت في جميع أنحاء المعمورة الإسلامية قرروا بأن الفائدة المصرفية هي عين الربا أو هي من الربا المحرم شرعا، والله سبحانه وتعالى أنزل في كتابه العزيز وقال في آخر آية في سورة الأحقاف {بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} وأي فسق أعظم من تعاطي الربا الذي أذن الله سبحانه وتعالى لمن يتعامل به بالحرب فإذا أردنا فعلا، ونحن جادون، أمة إسلامية نرفع عن هذه الأمة آثار الظلم والهوان والفقر والكوارث، علينا أول شيء أن ندعو الأمة الإسلامية التي نمثلها بالابتعاد عن الربا، ومن هذا المنطلق من الابتعاد عن الربا إن الفائدة البنكية ربا انطلق الفقهاء الخمسة أو الستة الذين اجتمعوا في البنك الإسلامي للنظر في المواضيع المطروحة.
والموضوع الأول هي الخدمة على المشاريع وليس على المال، الخدمة على المشاريع التي يقوم بها المصرف أو البنك الإسلامي للأمة الإسلامية، حينما يقوم بخدمات دراسة المشاريع ودراسة جدوى ثم جميع ما يتعلق بهذا من أمور حتمية للقيام بالمشروع وتنفيذه كالقرض المالي ليس في الحقيقة معني في هذا، أن المعني هو الخدمة المصرفية، المال على الخدمة، وهذا مبين في التقرير أنه مبلغ مقطوع يقرر، وكنا نريد من البنك أن يعطينا كل مبلغ ولكل مشروع على حدة لو أمكنه ذلك وقال: إنه يتعذر ويستحيل عليه ذلك، فإذا لجأ المشايخ إلى حساب جميع المصاريف الإدارية بالإضافة إلى المصاريف الأخرى الطارئة حين تنفيذ المشاريع وأضيفت إلى مجمل المصاريف السنوية، ثم أضيف لخمس سنوات وأخذ المعدل وظهر 3.33 % وقدر لإنشاء المصروف حوالي خمس سنوات فظهرت المصاريف تقريبا 16 % وكسور لكل مشروع.
وهنا أود أن أبين أن بعض المشاريع بما يكون في الحقيقة مبلغها مليونا وتتحمل من المصاريف أكثر من المشاريع التي مبلغها عشرة ملايين ولكن بالنسبة لتعذر استحالة معرفة المصاريف الفعلية بالدقة لجأ المشايخ إلى الأخذ بالتقريب، ثم عملوا هذه النسبة وجعلوا النسبة على 16 % لمدة خمس سنين، وهذه الخمس سنين هي مدة تنفيذ المشروع ومدة العمل للمشروع، ومدة الخدمة للمشروع إنما هي بقية السنين خمسة وعشرين سنة أو عشرين سنة أو ثلاثين سنة التالية لا أجر عليها من وهنا نبين أن الخدمة ليست نظير المال المستثمر في المشروع إنما المال أجر للخدمة وودت إيضاح ذلك، وأشكركم.
الرئيس:
شكرا
…
الشيخ وهبه الزحيلي
الشيخ وهبة الزحيلي:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله وأصلى وأسلم على سيدنا رسول الله، وبعد، كلنا نتحسس هذه الآلام العميقة والجراح البالغة التي تمر بأمتنا على المستوي الجماعي والفردي وكلنا يود أن يصل إلى حل حاسم يقضي على مشكلة التخلف والفقر في أرجاء البلاد الإسلامية والعربية، وكلنا متفقون أنه في هذه الصحوة المباركة الإسلامية المجيدة التي تتجه نحو استقاء الأحكام الشرعية من شرع الله ودينه، نحن متفقون جميعا على أن استقاء هذه الأحكام ينبغي أن يكون وفق الأصل الدستوري الأول القرآن العظيم ثم سنة نبيه المصطفى عليه الصلاة والسلام ثم اجتهادات الفقهاء، ومما قرره فقهاؤنا في هذا الصدد بالإضافة لما هو معروف لديكم لا داعي لتكرار ما يمس قضية تحريم الربا كله صغيره وكبيره ولو كان 1 % أو 0.5 % بالإضافة إلى ما هو معروف أن الفقهاء لم يفرقوا في الأحكام الشرعية بين أحكام تتعلق بالفرد وأحكام تتعلق بالدولة أو المؤسسة العامة، فنحن لا نستطيع الفصل بين حكم يمس الفرد المسلم العادي الفقير وبين رئيس الدولة أو الحاكم، المؤسسة العامة أو البنك أو غير ذلك من القطاعات العامة فكلهم أمام شرع الله ودينه على السواء، فإذن ينبغي أن يكون الحكم واحدا للجميع.
ومن خلال هذه النظرة التي نظرناها إلى قضية رسوم الخدمة تفضل الأستاذ بزيع، الحقيقة هي رسوم الخدمة لكن هل هي خدمة لصالح المقترض أم هي خدمة لصالح البنك المقترض قام بالدراسة واستفاد من الخبرات ودرس المشروع وأنفق عليه الكثير فهو وضع التصميم النهائي بعد دراسة مستفيضة.
الحقيقة أن الدراسة التي يقوم بها البنك وخبراؤه هي من أجل ضمان مصلحة البنك حتى لا تضيع أمواله سدى ولا تهدر ولكي يطمئن في المستقبل إلى أنه سيحصل على رسوم الخدمات وطبعا يحافظ بشكل أساسي على أصل مبلغ القروض، والمعروف أن فقهاءنا وشرعنا يقر القرض الحسن الخالي من أي فائدة تعود إلى المقرض كل "قرض جر نفعا فهو ربا" فلذلك أرجو أن يكون إذا كنا نريد أن ننجح هذه العملية أن يكون هناك ورع دقيق يراقب الله فيه أهل البنك وخبراؤه والقائمون عليه.
إن مثل هذه الرسوم لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تتجاوز فعلا ما هو داخل في حدود الضرورة والضرورة تقدر بقدرها وأن يكون أيضا المقابل لهذه الأعباء الذي يتحملها البنك من خبراته وخبرائه تكون موازية فعلا للخبرة المقدمة وأن يكون أيضا المبدأ الثالث كما قرر الإخوة العلماء في هذه الفتوى التي قدموها أن يكون مبلغا مقطوعا، ولكني في الحقيقة ألاحظ أن المبلغ المقطوع يصعب تقديره وإن هناك مبدأ قريبا من قضية المبلغ المقطوع وهو الوفاء، بشكل عادل قريب من النفقات التي يؤديها البنك، لذلك النتيجة المتحصلة من هذا الموضوع ما نجد عليه البنوك الربوية عندما تقدم قرضا مثل هذه القروض، البنك الربوي يأخذ أقل من البنوك الإسلامية.
ثانيا: أصحاب الفضيلة الذين أفتوا البنك بقدر رسوم الخدمة بـ 2.5 % 3 % أصحاب الفضيلة أعطوه فائضا جديدا رفعوها إلى 3.33 % فهذا الكرم على حساب من؟
هذه الأموال المودعة بالبنوك هي لأناس مسلمين يستثمرون أموالهم وليست ملكي ولا ملك البنك ولا أي شخص من الأشخاص، فبأي حق نحن ندفع مثل هذه النسبة وتكون في النتيجة مردودة ربحا للبنك سواء سميناه رسوم خدمة أو فائدة ولا أي نفع من المنافع؟
المهم ينبغي أن نكون مراقبين الله عز وجل في مثل هذا الأمر وأن تكون فعلا الرسوم مطابقة إن لم تكن مائة في المائة لا يوجد يقين في الأحكام الشرعية إلا القليل، ولكن يوجد ما هو غالب الظن، ما هو قريب من اليقين، فنحن نحمل البنك الإسلامي هذه الأمانة الكبرى وأن نقدر هذا تقديرا صادقا دقيقا عندئذ حتى نستطيع أن نفتي بالحل وإن نؤيد الفتوى التي صدرت من أصحاب الفضيلة، وأنا في قلبي شك من أن مثل هذا التقدير الذي يعني أوجده أصحاب الفضيلة في هذه الفتوى، الحقيقة هو أكثر مما يتطلبه البنك سواء بالصرف على الخبرات أو الدراسات أو النفقات أو ما شاكل ذلك فنحن لا نستطيع بالنسبة لي أن أؤيد مثل هذه النسبة المقررة لرسوم الخدمة، وشكرا. . .
الشيخ أحمد جمال الدين:
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
إذا يسمح أصحاب الفضيلة بملاحظة عن أمرين: الأول أن دعوى البنك بأنه لا يستطيع التقدير سلفا دعوى فيها نظر، لأننا نلاحظ دائما المكاتب الفردية أو العادية والمؤسسات الاقتصادية العادية لا تقوم بمشروع فردي إلا بعد أن تقدر خدماته وكل تكاليفه وتعرف ماذا تنفق وما تتكلف، فالذي أراه أن البنك يستطيع التقدير سلفا، هذا أمر واحد.
الأمر الثاني: لماذا لا يكون في العقد شرط من البنك على المقترض بأنه يدفع ما يتحقق فعلا من مصاريف الخدمات لئلا يكون هناك تقدير نسبة مقدمة سلفا ففي ذلك شبهة الربا إذا قدر البنك سلفا أنه يأخذ 2.5 أو 3 أو 4 أو 5 سلفا يكون في هذا شبهة ربا، لكن إذا شرط على الطرف الثاني المقترض أنه يستعد بدفع ما تحقق فعلا من خدمات يكون سلم من شبه الربا.
هذان الأمران ينبغي أن يلاحظا في المشروع، وشكرا.
الشيخ المختار السلامي:
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
إني وأنا أستمع إلى تدخل السادة العلماء وخاصة فضيلة الشيخ وهبة الزحيلي حضر في ذهني ما أجاب به مالك رضي الله عنه لما حكم على ولد رجل شيخ بحكم الله فقال له هذا: اتق الله يا مالك فوالله ما خلقت النار باطلا، فما كان جواب مالك إلا أن قال: رزقني الله وإياك تقواه، وأنا أقول لفضيلة الشيخ: رزقني الله وإياك هذا الورع، لعلى لم أبلغ ببياني أن أوضحت مقصدي ولذلك حصل هذا الاشتباه عنده، فرأي أن الخدمات هي للبنك، ولست أفهم أن البنك وما فائدته من أن يقوم بالدراسة في بلاد الصومال لمشروع من المشاريع ويبعث بخبرائه ويتابع المشروع إلى أن يتم بما في ذلك من سفر ونفقات إلى آخره.
الأمر الثاني هو أنه زاد في حدته فقال: إن البنوك الربوية لعلها أفضل من البنك الإسلامي وتأخذ أقل يا سيدي أن البنوك الربوية الآن هي بين 14 % و 20 % كل سنة وأن النسبة التي يتقاضاها عن خدماته هي لصفر فاصل 0.83 % عن القرض وهي نسبة لا يرضى بها أي شخص كيفما كانت حالته يريد الربح، إن البنك الإسلامي لا يوجد فيه فرد مشارك ولكن المشاركين هم الدول فنحن لا نتفضل على البنك لنحصل منه على شيء وإنما هو النظر الذي راقبنا فيه الله وهو النظر السامي الذي لا يفضل أحدا لا المقرض ولا المقترض، وسيادته وهو من كبار الفقهاء يعلم أن الفقهاء قد قالوا: إن المغتصب الذي غصب شيئا وحوله عن مكانه لا يرد ذلك من مال المغتصب وإنما يراد مال المغصوب منه قال: لأننا نحترم مال المغتصب كما نحترم مال المغصوب منه، وهذا شأن الإسلام في عدالته فنحن ما راعينا البنك طلبا في ثواب، ولكننا نظرنا، ولو كنتم معنا لشاهدتم المشادَّات والليالي التي تحاورنا فيها مع ممثلي البنك وكلنا يرغب في الحقيقة لأن البنك إذا أراد الاستثمار فلا يعطي قرضا لأنه لا يوجد استثمار يرضى به أصحاب مؤسسة مالية يدر عليهم 0.83 % وقد نزلنا بالبنك النسبة فقد كانت حسب المشروع الذي مضى عليه البنك وأنا أعتقد أنه كان على حسن نية كانت النسبة تبلغ 0.86 % فنزلت بعد هذا التعديل الذي رأيتم فيه فائضا إلى نسبة 16 % فهي أقل من الخمس، فهذه توضيحات أردت بيانها وشكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ إبراهيم الغويل:
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
لندخل رأسا في موضوع البحث، الورقة بالأصل تشير إلى أن المصرف يرى إلى أن يصبح المصلح من الممكن عمليا تحديد التكلفة الإدارية فإنه كان يكتفي بإجراء تقدير معين أخشى أن نكون قد رفعنا عليه هذا التحرز وأشعرناه أن يقرر نسبة وكان الأمر قد وصل فيه إلى رأي أعتقد أن هذا الاحتراز رغم عدم قناعتي به لأنني أعتقد أنه وفقا للحسابات والقدرات المتاحة في العالم المعاصر، يمكن احتساب التكلفة الإدارية ولكن على الأقل، كان من الممكن أن نبقي هذا الاحتراز، الذي أود أن نقف أمامه كثيرا قبل أن ندرجه في أي قرار نصدره لأنني أود أن يؤخذ الرأي العلمي في هذا الأمر لأن هناك مصارف تعاونية جرت عادة أن تحتسب احتسابا احتواريا وحسابات أخرى بحيث تستطيع أن تحدد بدقة التكلفة الإدارية ثم لم أفهم بعد كيف، وقد رفعت النسبة إلى 3.33 % أن ذلك كان تخفيضا بينما المصرف كان يقدر بين 2.5 % أو 3 % رغم أني استمعت إلى الشرح، من فضيلة الشيخ سماحة المفتي، ولكن لا زلت لا أعرف كيف يمكن لأن النسبة هذه 2.5 أو 3 سنوية ولكنها إذا امتد المشروع لأكثر لاستمرت، هذا القيد هل هو موجود؟
أكرر أننا دائما – وكنت أود ونحن قد استمعنا إلى الكلمة الكريمة التي لفتت انتباهنا إلى أننا ونحن نعالج هذه المشكلات إنما نعالج مشكلة جوهرية تتعلق بقضية عدم شكر النعمة بكفرها أو الظلم وإن الأمر لا بد أن ينظر إلى أولويات المشاريع التي يجب أن يهتم بها البنك وأن ينظر فيها أيضا إلى أن يكون ذلك من أجل تحقيق نوع من الكفاية والعدالة لشعوب المسلمين.
أخ كريم لا أذكر الآن، أظن الأخ جمال أشار إلى كلمة أو لعل الشيخ ياسين أو الشيخ علي أن أموال المسلمين، ولعل هذا يتصل بالكلمة الكريمة التي استمعنا إليها أيضا، لو وضعت بنظر يرى أن المسلمين جميعا يحملون مسئوليتهم معا لكان ذلك أولى، ويقدم حلا مناسبا والكلمة الكريمة أشارت إلى الزكاة والنظر في أماكن الزكاة أو صندوق الزكاة، وبالأخص بند الفقراء والمساكين باعتباره لكل العالم الإسلامي وليس لأماكن محلية معينة، ما زلت أكرر من جديد مع الشيخ والدكتور وهبة الزحيلي أن في النفس شيئا من هذا الأمر الذي يراد أن يفتى به في هذا الموضوع ما زلت أكرر أن العلم وتقدم العصر يمكن من تقدير المصاريف الإدارية على وجه الدقة ولا أفهم لماذا رفعت النسبة رغم الشروح التي استمعنا إليها وشكرا.
الشيخ أحمد البازيع ياسين:
بسم الله
…
الحقيقة، للإيضاح فقط إن النسبة لم ترفع لأن نسبة البنك 0
0.
86 % والنسبة التي قررها الفقهاء 16 % إنما يظهر من بين 2.5 إلى 3 % زيادة إنما الثلاثة مقصورة على خمس سنين المشروع لأن المشايخ قالوا بأن النسبة هذه خدمة للمشروع وليس على المال، وليس على المال المستثمر النسبة هي على المشروع، والمشروع خدمته مدة خمس سنين وخمس سنين من ثلاثة تساوي 15 إلى 16 % إنما نسبة البنك كانت 2.5 % طبعا 2.5 من 3 فيها نزول لكن 2.5 ممتدة إلى ثلاثين سنة وامتدادها إلى ثلاثين سنة تساوي 0.86 % وأمامهم في الجدول مثلا مبلغ مليون وتسعمائة كانت النسبة التي تؤخذ من قبل البنك سابقا 854218 وحسب تعديل المشايخ خفضت إلى 320000 في صحيفة 3 يجدونها وإنما الذي أنا أراه أنه ليس هناك خلاف بأن تؤخذ الأجرة خدمة على المشروع وليس هناك خلاف بألا نأخذ فائدة على المبلغ، إذن النقطة هنا كيف تحسب هذه الخدمة؟ يعني ما هو الأسلوب الذي نحسب فيه الخدمة؟ الأسلوب الذي رأته الهيئة هو التقدير الممكن عمله حسبما أفاد البنك وإذا كان هناك وسيلة تمكننا من معرفة النسبة بطريقة أدق فليتفضل فيها الأخوان وتدرس.
الشيخ يوسف جيري:
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه الكرام.
أود بادئ ذي بدء أن أشكر سمو الأمير الحسن لما تفضل به من عرض لوضع المسلمين في القارة الإفريقية وفي المناطق الأخرى الذي فيها مسلمون يعيشون في حالات مماثلة أو أقل أو أكثر، وأشكر الأخوان المنظمين لهذه الدورة حيث فطنوا إلى أهمية الصورة وقاموا بتأييد كل كلمة قيلت أو استقبال بخصوص هذا الوضع بما رأيناه على شاشة التليفزيون من أشياء ربما لم نصل إليها في عبارتنا المتواضعة، كما نشكر كذلك سمو الأمير أن جعل هذه الصورة حية أكثر في ذهننا بما تفضل وتقدم به إلينا من صور نظرنا إليها في الألبومات والتي لما بدأت أتصفحها في الحقيقة لم استطع أن أصل إلى النهاية، لأن كل صورة تحيي في ذاكراتي صورا ربما تكون أبشع وأسوا بكثير من التي رأيتها في هذا الدفتر وربما للحياء والحشمة فظن سموه أن لا توضع بعض الصور أمام الناس، وأننا في الحقيقة نشكر الإخوان الذين تفضلوا بالكلام وأرجع إلى حقيقة الوضع الذي نعيش فيه في العالم الإسلامي اليوم إلى أننا ابتعدنا عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فالمأساة في بعدنا عن كتاب الله وسنة رسوله بعدنا في مجال التطبيق، بعدنا في مجال الامتثال كما أراده الله، مثلما يريده الله ورسوله لنا، نحن الأمة التي يقول فيها المولى سبحانه وتعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} بعد ذلك أتطرق إلى الموضوع الذي نحن بصدده موضوع تساؤلات البنك الإسلامي للتنمية، الحقيقة يا سادة أن القضية كما أراها ليست قضية الربا في مستوى البنك الإسلامي فأنا أعتقد أن هذه القضية مفروغ منها لسبب بسيط وهو أن البنك نفسه وضع نفسه تحت تصرف هذا المجمع ومجامع أخرى لكي يقولوا له ما يرونه بخصوص قضية الربا وما يرونه بخصوص تعامل البنك مع الدول أو مع الجهات التي يتعامل معها البنك فالقضية ليست قضية الربا إنما هي قضية شبهة الربا، وفيه فرق بين الاثنين هل أسلوب تعامل البنك مع الدول ومع الجهات التي يتعامل معها البنك يوهم بشبهة الربا أو لا يوهم بشبهة الربا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا}
وأنتم أهل علم وأهل دراية وتعرفون أن الشبهة ربما تكون في كثير من الأحيان أفجع وأسوأ حتى من الحقيقة.
فالحقيقة إن الذي نريد أن نقوله: إن أية عملية أو أي أسلوب في التعامل يوحي بشبهة الربا يجب أن نبتعد عنه، إذا أمكن أن نجد حلا بديلا والقضية في نظرنا كالتالي: البنك يتعامل مع كل دولة على انفراد، وهذه حقيقة ثابتة، إذا تقدمت دولة بالتماس أو طلب إلى البنك الإسلامي يكون التعاقد مع هذه الدولة على انفراد ويرسل إلى هذه الدولة وفود على انفراد، ويؤخذ القرار النهائي بخصوص التماس هذه الدولة على انفراد، فالقضية إذن لا يمكن للبنك الإسلامي أن يتوصل إلى صيغة يتعهد فيها الطرف الآخر التي هي الدولة التي يتعامل معها البنك على أن تدفع هذه الدولة تكاليف العمليات الإدارية وغيرها إذا كان هذا الحل البديل ممكنا فلا أرى أي فائدة في أن ندخل في عمليات التقديرات، ويقول: هذا التقدير مقبول، وهذا التقدير غير مقبول، لن نتطرق إلى عملية التقدير إلا إذا اتضح لنا بصورة لا تقبل مجالا للشك أن الحل البديل غير ممكن، إذا كان الحل البديل ممكنا يجب علينا أن نتشبث به وأن نترك التقديرات. وشكرا جزيلا سيدي الرئيس والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ خليل الميس:
لا شك مع ثقتنا مسبقا بأعضاء اللجنة الكريمة وعلى رأسها وفيها سماحة المفتي، نذكر أن سلفنا الصالح كيف تعاملوا مع القرض، كان إذا أقرض أحدهم الآخر مالا تحاشى أن يستظل بظل جداره وتحاشى أيضا أن يقابله في الطريق حتى لا يكون التعظيم في السلام هو ضرب من النفع في القرض، إذا كانوا يتعاملون مع هذا المبدأ بمزيد من الورع والآن لا شك أن اللجنة الكريمة ونحن معها في مبدأ التعويض، ولكن نقطة واحدة لماذا لا تحدد النفقات وتضاف دون تحديد النسبة 3 % نعم نحن معها بتحديد نفقات الدراسة وتضاف إلى القرض لأنها دراسات نتجت عن هذا الأمر تضاف على هذا الأمر تضاف على القرض لأنها جزء من القرض دون تحديد 2 % أو 3 % ونكون بذلك قد خرجنا من شبهة الربا، وشكرا.
الشيخ علي السالوس:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله.
اذكر هنا أن البنوك الإسلامية من قبل بحثت موضوع خدمة القرض وهل يمكن أن تأخذ مقابل هذه الخدمة أم لا؟ والبحث نشر في الموسوعة العلمية والعملية باتحاد البنوك الإسلامية وانتهوا بعد الدراسة إلى أن هذا وإن كان جائزا لاعتبار أنه يقابل خدمة عملية ولا يقابل القرض إنما اتقاء للشبهة فإن البنوك الإسلامية ترى أن يبقى القرض دون أخذ شيء مقابل الخدمة حتى لا تكون هناك شبة في الربا هذه ناحية، فالذي أخشاه هو أن يعلن أن مجمع الفقه أفتى بنك التنمية بجواز أخذ أجر على العمل المصاحب للقرض فتعود هذه البنوك الإسلامية وتأخذ بهذه الفتوى وتطبقها على نفسها ونفاجأ من هذه البنوك كأعضاء رقابة شرعية مثلا بأن المجمع أفتى بكذا فلماذا أنتم ترفضون هذا بالنسبة للبنك؟ هذا ما أخشاه.
الأمر الآخر، ما دام البنك لا يستربح نتيجة القرض وإنما هو يريد ألا يغرم ويكفي أنه يقرض قرضا حسنا ويتعامل مع دول وليس مع أفراد أفلا يمكن أن تكون هنا دور خبرة نطمئن إليها ويطمئن إليها المقترض أيضا وتقوم هي بدور الدراسة والمتابعة وتأخذ أجرها من المقترض لا من المقرض أما البنك المقرض فله رأس المال فقط {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} .
ألا يمكن أن يكون هذا حلاً أرجو أن يبحث إذا أمكن أن نصل إلى إيجاد دور خبرة تستطيع أن تقوم بهذا العمل وتأخذ هي الأجر إذا البنك معناه أن يعطي القرض ويأخذ راس المال، دار الخبرة هي التي أخذت أجرها وهي لم تقرض، وبذلك نكون قد فصلنا ما يتصل بخدمة القرض عن القرض وجعلنا الخدمة في مكان والقرض في مكان آخر، ثم أمر كذلك وهو المفروض بالنسبة للبنوك الإسلامية ألا تتوسع في الإقراض لأن المودعين إنما أودعوا للاستثمار ولذلك يمكن أن لا تقرض إلا عند الضرورة ويمكن أن تحول بدلا من أن تقرض أن تفكر في بديل شرعي يكون الهدف منه الاستثمار مع الرفق بهؤلاء المستثمرين.
هذا ما بدا لي والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وشكرا لكم جميعا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس:
أرجو من الشيخ يوسف أن يعيد بإيجاز مع التفضل وجهة النظر.
الشيخ يوسف جيري:
شكرا سيدي الرئيس
…
أرجو المعذرة إذ لم يكن كلامي واضحا، الذي أردت أن أقوله إننا ونحن بصدد دراسة أو البحث عن حل إسلامي للتعامل المصرفي في يومنا هذا يجب علينا أن نبتعد كل الابتعاد عن كل ما به شبهة أو عن كل شيء يقربنا من التعامل السائد الربوي الحالي في العالم، فقلت إذا لا ندخل في عمليات التقدير إذا كان الحل البديل ممكنا والحل البديل في نظري أن البنك الإسلامي يتعامل مع كل دولة على انفراد ويرسل وفودا فنية إلى كل دولة على انفراد ولا يصل القرار إلى الصيغة النهائية مع بلد معين إلا بعد أن تدرس الأوضاع مع هذه الدولة على انفراد ولماذا إذن لا يقوم البنك الإسلامي بإيجاد صيغة تعهد بين البنك والدولة على أن تتعهد الدولة بدفع تكاليف الأعمال والأشياء الإدارية بعيدا عن التقديرات وأن لا نلجأ إلى التقديرات إلا إذا اتضح لنا أن الحل البديل غير ممكن، وشكرا سيدي الرئيس.
معالي الدكتور أحمد محمد علي:
شكرا سماحة الرئيس
…
الحقيقة فيما تفضل به الأخ يوسف إذا أخذنا باقتراحه هذا يعني أن يكون في البنك قسم خاص لكل دولة إذا كانت أربعة وأربعين فيجب أن يكون هناك إدارة مستقلة لكل دولة تتعامل معها، وهذا يزداد وهناك أشياء عديدة جدا في البنك، صحيح هناك اتفاقية مع كل دولة لكن للدراسات والتخصصات الموجودة كلها في البنك لا بد أن تخدم كل الدول الأقسام الموجودة في البنك لا بد أن تخدم كل الدول ويصعب أنك تفرق تكاليف كل دولة على حدة بدءا من الجهاز الإداري والجهاز الفني وكل أجهزة البنك، يصعب جدا أنك تفصل كل دولة على حدة، النقطة التي تفضل بها الأخ على السالوس. هو تحدث في الحقيقة عن البنوك الإسلامية الخاصة حيث رأى أنها لا تتوسع في الإقراض هذا غير وارد بالنسبة للبنك الإسلامي للتنمية، البنك الإسلامي للتنمية لا بد أن يقدم القروض لمشروعات البنية الأساسية: بناء على الطرق بناء المطارات، بناء المواني ما هي البنوك الخاصة التي يمكن أن تقدم قروضا للدول هذه المشروعات، فهنا غير وارد مشروع الاستثمار، توصية للبنك الإسلامي للتنمية بعدم التوسع في الإقراض هذا لا يخدم مصلحة الأمة فلا بد أن يفرق بين البنوك الإسلامية الخاصة وبين البنك الإسلامي للتنمية الذي يخدم الدول الإسلامية ولا بد أن يسعى إلى إقراضها لمشروعات البنية الأساسية فأحب أن أؤكد إلى الإخوة الكرام أنه يصعب إن لم يكن يستحيل معرفة التكلفة لكل مشروع على حدة وأصحاب الفضيلة العلماء الذين اجتمعوا بالبنك أول جهدهم ركزوه على هذا الأمر وتبين للجميع مهما قيل عن وسائل المحاسبة الحديثة إلى غير ذلك ويصعب أنك تعرف تكلفة كل مشروع على حدة بسبب بسيط، البنك عنده عدة اجتماعات لبحث المشروعات في كل اجتماع يبحث ستة، سبعة، إلى عشرة مشروعات، كيف تستطيع أنك تعرف كل مشروع على حدة حينما تذهب بعثة إلى غرب إفريقيا تبحث لعدد من المشروعات: بعضها تتعرف على بعض المشروعات وبعضها لتقييم المشروعات، وبعضها لمتابعة المشروعات، فيصعب أنك توزع هذه التكاليف لكل مشروع على حدة هذا أمر على حد ما هو موجود في الوقت الحاضر فربما يتطور العلم مستقبلا لكن كما هو في الوقت الحاضر يكاد يكون من المستحيل أنك تعرف بالدقة تكلفة كل مشروع على حجة، التقدير أمر لا مفر منه في الوقت الحاضر، وشكرا.
الشيخ رجب التميمي:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إن الموضوع الذي أمامنا هو موضوع خطير جدا ذلك لأننا إذا اتجهنا إلى أخذ الفائدة أو الخدمات التي يقدمها البنك للقروض على حسب النسبة كأنما نقع في شبهة الربا ذلك لأن كل مشروع له تكاليفه الخاصة، فإذا أجملنا المشاريع بنسبة مقدرة والمشاريع تختلف بالنسبة لمصاريفها فإننا نقع في شبهة الربا، لا أقول في الربا فإنني أشكر الإخوة أعضاء اللجنة الذين توصلوا إلى النسبة لكن توصلوا إليها بصفة عامة بكل المشاريع التي يقرضها بنك التنمية، أنا لست مع الرأي الذي يقول إنه لا يمكن معرفة تكاليف كل قرض، هذا أمر سهل وإن كان الأخ معالي رئيس البنك قال إنه يصعب، نحن نريد ألا نتأسى أو نمشي مع البنوك الربوية التي تستعمل النسبة الربوية في القروض، لا نريد أن نتشبه بها، نحن نريد أن نتخلص من النسبة، نحن لا نتعامل بالنسبة أبدا، نتعامل مع كل قرض بما تجري فيه من تكاليف تضاف إلى رأس المال لا على أساس نسبي لأن الأساس النسبي غير دقيق في المشاريع، قد يختلف مشروع عن مشروع آخر في تكاليفه، في خبراته، في دراسته وإني أرى أن نتعمق في البحث وأن نأخذ وقد أمكن للجنة أن تصل إلى التكاليف الفعلية أو التقريبية للمشاريع وحددت النسبة، أنا أقول النسبة، يجب أن نبعدها في الفوائد أو الخدمات أو قرض ونأخذ التكاليف الفعلية لكل مشروع لأنني أعتقد أن المشاريع لا تتشابه في الخدمات، قد يكلف مشروع 300.000 وقد يتكلف مشروع 299.000 وقد يكلف مشروع 290.000 فأخذ النسبة فيها شبهة، أرى أن نبتعد عن تقدير النسبة وأن نحدد الخدمات الفعلية لكل مشروع، وهذا أمر ممكن إذا اتبعنا طريق الدقة في التقديرات، وهو أعتقد أنه ممكن ولا نمشي وراء البنوك التي تقدر النسبة، صحيح أنها تقدر النسبة بفوائد ربوية، نريد ألا نتشبث بها لتقدير النسبة ونبتعد عنها، شكرا.
الشيخ عمر جاه:
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا أنا أشكر سمو الأمير على اهتمامه بقضايا المسلمين وخاصة قضية المجاعة في إفريقيا واهتمام سموه ينبغي ألا نستغربه ذلك لأن الشيء من معدنه لا يستغرب.
بالنسبة للقضية التي نحن بصددها هي مسالة استفسارات البنك الإسلامي للتنمية أحترم الإخوة الذين عبروا عن تخوفهم من الوقوع في شبهة الربا، ولكنني مع هذا أريد أن أشير إلى الهدف الأساسي مع إنشاء البنك الإسلامي للتنمية، وأشير أيضا إلى أن الاكتتاب في هذه البنك للدول الإسلامية ليس للأفراد والبنك ملك للدول الإسلامية التي تستفيد من هذه القروض، إذن إمكانية استغلال وإلا قد لا يكون من الإمكان أن ننفيه تماما لكن الاستغلال في إمكانية البنك أقل وكذا الاستغلال بين البنوك الإسلامية والأفراد أصحاب الفضيلة الفقهاء والخبراء في شؤون الأعمال البنكية وقدموا لنا التقرير بعد جهد جهيد وبعد مداولات طويلة، أعتقد أننا لكي نراعي المصلحة العامة ولكي نتقدم في عملنا أن نركز على تقرير هذه اللجنة ونتبناه، وشكرا.
الشيخ أحمد بزيع الياسين:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحقيقة نقطة إيضاح: المصاريف هنا ليست تقديرية، المصاريف هنا فعلية لخمس سنوات مكتوبة ثمانية وستين مليون لخمس سنوات مصاريف فعلية للبنك على جميع أعماله المتمثلة بما يأتي:
متمثلة بعمليات البنك العادية ألف وستمائة وثمانية وثلاثين مليون، أي تشكل تقريبا 80 % من المصاريف، ثم بعمليات البنك للتجارة الخارجية تمثل أربعة ألاف وأربعمائة وخمسا وستين مليونا، المصاريف التقديرية هي في الحقيقة بين مجمل المشاريع إنما المشاريع كلها مصاريفها معروفة وليست تقديرية، هي ثمانية وستون مليونا وزعت على جميع المصاريف بنسبة 3.3 % بالتساوي يعني أخذ المعدل مثل المشاريع بالتساوي وجميع الأسئلة التي طرحت الآن من الإخوة في الحقيقة وأكثر منها طرح على السادة في بنك التنمية الإسلامي والآن أنا شخصيا أرتاح وأشعر بالطمأنينة لأنهم وافقوا على أخذ الأجرة على خدمة المشروع وليس أجرة على المال المستثمر والقيمة هي 68 ليست تقديرية إنما فعلية لكن وزعت على المشاريع كلها، والمشاريع أمامنا الآن إنما المشاريع قيل إن عمليات البنك للتجارة الخارجية الذي انفرد به فضيلة الشيخ الزرقاء قال بأن هذه يجب أن تجمع مع الألف وستمائة وثلاثين مليونا وتؤخذ النسبة عليها بالتساوي ولم يوافقه الإخوة المشايخ لأن الأربعة آلاف وأربعمائة خمسة وستين مليونا لا تأخذ مجهودا من البنك ولا تأخذ خدمة عالية إنما الخدمة كلها منصبة على الألف وستمائة وثمانين وثلاثين مليونا، وللإيضاح أعيد وأكرر أن النسبة ليست تقديرية، هي فعلية إنما التقدير هي أنها وزعت على المشاريع بالنسبة، نعم ربما مشروع مثلا يختلف عن مشروع آخر ولكن روعيت النسبة يعني اتفاقا للوسطية في هذا الأمر، وشكرا.
معالي الدكتور أحمد محمد علي:
شكرا سماحة الرئيس، في الحقيقة أحب أن أطمئن فضيلة الشيخ رجب أن البنك حينما يتعامل مع المقترضين لا يتعامل معهم بأية نسبة وإنما يتعامل بمبلغ مقطوع مقدر للتكاليف، فهذه النسبة التي تبحث هي فقط نسبة لاحتساب مبلغ التكاليف الكلية للقروض ولكن التعامل بكل قرض على حدة هو بمبلغ مقطوع على عدد سنوات الدفع وليس بنسبة معينة.
فحينما يقرض البنك الإسلامي للتنمية مثلا دولة "س" لمشروع بناء طريق معين بمبلغ مثلا 8 ملايين دينارا إسلاميا تقدر التكلفة بمبلغ مقطوع في العقد بمبلغ كذا من الدنانير الإسلامية تدفع على دفعات لعدد من السنوات، فليس هناك نسبة إطلاقا وإنما النسبة كما ذكرت والتي أتحدث عنها الآن هي فقط لاحتساب نسبة التكلفة ككل لتقدير التكلفة، أما كل قرض على حدة فهو بمبلغ مقطوع من المال وليس بنسبة من القرض، وشكرا.
الرئيس:
شكرا، ونحب نسأل يا شيخ أحمد بين ما ذكرتموه الآن على أن التقادير بما يفيد كلامكم على أنها معلومة بينما قرر لدى اللجنة التي أولت الدراسة على أنه يتعذر على البنك تقديره.
معالي الدكتور أحمد محمد علي:
يتعذر تقدير أو معرفة احتساب تكلفة مشروع معين الذي هو مثلا مشروع بناء طريق في تونس مثلا: القرض نفترض أنه بـ 8 ملايين دينارا إسلاميا يعني يصعب أن يعرف بالدقة ما هي تكاليف البنك الإسلامي للتنمية لهذا المشروع لكن على الأسلوب الذي أقترحه أصحاب الفضيلة يمكن تقدير المبلغ الإجمالي، فحينما تقدر التكلفة مثلا بمبلغ "س" من المبالغ بالدينار الإسلامي احتسب هذا المبلغ كتكلفة لهذا المشروع فهي مقدرة تقديرا، ولكن حينما أحسبها أدخلها في الاتفاقية بين تلك الدولة بأنني سأتقاضى مبلغ كذا لتكاليف البنك لهذا القرض، فالمبلغ هو مقدر يعني للوصول إليه تقديرا لكن حينما نصل إليه نضعه ذلك المبلغ في الاتفاقية أن الدولة تلتزم بدفع هذا المبلغ مقابل التكاليف، وكما تفضل أصحاب الفضيلة عند نهاية الفترة نرى ما عدد السنوات التي استغرقها تنفيذ المشروع فلو قدرنا في البداية أن تنفيذ المشروع يستغرق خمس سنوات ثم نفذ مثلا في ثلاث سنوات أعيد احتساب المبلغ هذا "س" وأنقص منه بنفس النسبة وبذلك يصبح مبلغا أقل بعد انتهاء المشروع.
الشيخ المختار السلامي:
بسم الله الرحمن الرحيم..
متابعة للكلمة الأولى التي قلتها ولما استمعته من السادة المشايخ الجلة أريد أن أبدي بعض الملاحظات زيادة في التوضيح فقط، وهي ملاحظة تفضل بها الشيخ أحمد محمد علي هو أن هذه النسبة ليست موجودة في العقد، وإنما هي للفهم قمنا بها نحن لفهم ما يؤخذ على كل قرض وحتى لا يظلم أحد الأطراف على بقية الأطراف لأنه لا يعرض علينا كل اتفاقية في الحاضر وفي المستقبل ولكن لما عرفنا نسبة نفقات البنك على عملياته قلنا هذه النسبة نأخذ بها لتقدير النفقات وتضرب في خمس سنوات ثم تحسب حسابا إجماليا جمليا يضاف إلى القرض كخدمات فإذا لم يبلغ مدة الخدمات نفس المدة الخمس سنوات فإنه ينقص بحساب ذلك.
الأمر الثاني أقول: إن ما تفضل به الإخوان هو المثل الأعلى والأولى أن يعرف كل حساب كل قرض على انفراد، هذا لا يمكن أن يجادل فيه أحد وهو الذي حاولناه مع البنك من أول يوم، هل يمكن لنا أن نعطي كل قرض صفته الخاصة ربما قدم لنا من استحالة ذلك اقتنعنا بأنه لا يمكن حساب كل قرض على انفراد ولكن يمكن حساب مجموع العمليات فشبهة الربا بمعني أن البنك سيستفيد ولو بجزء من ألف في المائة هي شبهة منفية لأن الذي أعطانا البنك أعطانا ما ينفقه على جملة نشاطه الاقتصادي، عندما قسمناه على مجموع المال أعطي نسبة 3.33 % وقلنا: إذن هذه النسبة هي ليست نسبة ثابتة ولكنها نسبة يجب أن تراجع كل سنة بأن تحذف السنة الأولى ونعوضها بالسنة الجديدة لأنه يمكن أن تزيد في سنة عن 3.33 % وممكن أن تنقص عن 3.33 % فدائما وأبدا نحسب فقط ما أنفقه البنك دون أن يزيد على ذلك ولو مليما واحدا بالتقريب، لكن قد تقع بين المقترضين أن بعضهم يدفع أقل مما يجب عليه فعلا وبعضهم يدفع أكثر مما وجب عليه فعلا، فهذه هي الناحية التي أردت بيانها وشكرا.
الشيخ يوسف جيري:
شكرا سيدي الرئيس
…
الحقيقة أني لما استمعت إلى الأخ العزيز من الكويت عندما قال إن المصاريف فعلية وليست تقديرية لم أستطع إلى الآن أن أفهم المقصد الحقيقي من هذه الفرق فإذا كانت التكاليف فعلية وليست تقديرية كيف نستطيع والمشروع لم ينفذ بعد أن يتوصل إلى تكاليف فعلية، لن نتوصل إلى التكاليف الفعلية إلا بعد إنجاز العمل، فإذن القضية سميناها نسبية أو وجدنا اسما آخر في مصطلح الرياضيات.
ثانيا: الأخ العزيز الفاضل والذي أنا شخصيا أشهد له بالنزاهة والتمسك والغيرة على الدين الحنيف وهو الشيخ أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي وأقولها من هذا المنبر والله شاهد على ما أقول: إن هذا الإنسان المسلم خدم بلدي بصفة لن أنساها أبدا عندما كنت سفيرا في المملكة العربية السعودية، ونحن كلنا نعرف غيرته على الإسلام وحرصه على اتباع تعاليم الإسلام، ومن هذا المنطلق نفسه نرى لزاما أن نسارع في هذه العملية {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} .
فالقضية أنه يرى وهو رجل الميدان أنه يتعذر، إن لم يكن مستحيلا، تحديد التكاليف لكل دولة على حدة، وهذا يجرنا إلى نقطة أخرى، وأرى أن هذه النقطة هي بيت القصيد.
ما هي العناصر المكونة للتكاليف الإدارية؟ يجب علينا أن نعرف العناصر المكونة للتكاليف أو المصاريف الإدارية ونقتنع كلنا هنا بأنه لا يمكن أن تحدد هذه المصاريف لكل بلد على حدة، لأننا كما قلت، والشيء الذي فهمته من خلال تجربتي المتواضعة أنه يرسل إلى كل بلد وفد، أو وفدان أو وفود وأنه بالإمكان في نهاية تسديد القروض أن يكون هناك تجميع للتكاليف التي سببت بخصوص مشروع معين على أن تتعهد الدولة من بداية القرض أن تدفع هذه التكاليف.
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
ثمانية وستون مليونا، فهذه المصاريف الفعلية لخمس سنوات وأخذ معدل الوسط من هذه المصاريف إنما المصاريف تباعا في كل سنة يؤخذ الخمس سنوات مثلا في سنة 1406 نحذف 1401 وتضاف 1406 إنما طبعا إنه من المعروف أن المصاريف لكل مشروع ما تنفق إلا بعد القيام بالمشروع إنما هذه المصاريف التي أقصد فيها أنها فعلية هي فعلا فعلية لسنوات مضت، لخمس سنين مضت أخذ عليها التقدير كما قال الشيخ: أجر المثل، وشكرا.
الشيخ يوسف جيري:
الحقيقة إنه بالنسبة للتكاليف أو المصاريف الفعلية المنصوص عليها في الأوراق هذه المصاريف تخص فترة مضت وانقضت والمشاريع التي نحن بصددها هي مشاريع مستقبلية فكوننا نأخذ خمس سنوات مضت بتكاليفها ونأخذ منها أشياء نسميها فعلية لنطبقها على خمس سنوات قديمة لا أعتقد أن هذا ممكن أن نسميها فعلية هي مصاريف تقديرية بالنسبة للسنوات الخمس القادمة لكنها ربما تكون مصاريف فعلية بالنسبة للخمس سنوات التي مضت، وشكرا.
الشيخ عبد الستار أبو غده:
الحقيقة أن مما ينبغي مراعاته وملاحظته أن هناك مقرضا ومقترضا المقرض هو البنك، والمقترض هو تلك الدول، وليست دولة واحدة تستفيد من خدمات البنك الإسلامي للتنمية، والذي يهمنا أن المقترض لا يأخذ أكثر مما دفع ولا يأخذ أكثر من حقه فيما تكلفه من تكاليف وهذا متوفر في هذه المعاملات، إنما الذي لم يتوفر أن المقترض يدفع أحيانا أكثر من التكاليف التي تخص مشروعه، وهذا أمر مغتفر لأنه دخل فيه التقدير ضرورة، وليس هذا بدعا من الأمر فهناك تطبيق موجود وهو موجود في المصارف الإسلامية منذ زمن طويل ولا يستطيع أحد أن يتخلص منه ولا أن يعلق عليه، كلنا يعلم أن المصارف الإسلامية تطبق طريقة المضاربة، فالمصرف هو العامل وأصحاب التوفيرات والودائع الاستثمارية هم أرباب الأموال، هناك ربح يتحقق، المصرف يتقاضى نصيبه من الربح دون زيادة ولا نقصان لأن هناك نسبة توضع في البداية بأن للعامل مبلغ كذا من الربح، ولكن أصحاب الأموال لا يأخذون حقهم بالضبط وإنما يدخل فيه التقدير لأن هذه الأموال تعمل عملا متفاوتا، أموالا تدخل في فترة وأموالا تدخل في فترة أخرى، وقد يوضع هذا المال في مشروع ناجح مائة في المائة، وهذا المال في مشروع أقل نجاحا، وفي النهاية عند التنضيد الذي يتم في نهاية المدة وهو تنضيد تقديري لا يستوفي أصحاب الأموال نصيبهم بدقة من الربح فيما بينهم وإن كانوا لا يأخذون من نصيب العامل شيئا، وهذا لا يحصل في معاملات البنك الإسلامي للتنمية فإنه حينما يقرض يسترد مقدار القرض فقط، ويسترد التكاليف التي تكلفها في هذه الخدمة على القرض، ولكن المقترضين قد يدفع واحد منهم أكثر مما دفع الآخر كما يحصل في عمليات المصارف الإسلامية في اقتسام الأرباح، والذي يهمنا أن المقترض لا يأخذ أكثر لأن هذا الذي يأخذه يكون ربا وهذا لم يحصل فأما المقترضون فإنهم فيما بينهم حصلت هذه المبارءة وهذه المسامحة، وهذا التداخل ضرورة عدم إمكان ضبط هذه المبالغ ولا بد من التقدير، والتقدير إذا صير إليه للضرورة أمر لا بد منه وحسبنا أن نتذكر حديث الأشعريين الذين كانوا إذا أرملوا يضعون كل ما لديهم ثم يأخذون فقد يأخذ الواحد أكثر مما تقدم به من مال، وهذه ضرورة لأن الضرورة تقدر بقدرها، والسلام عليكم.
الرئيس:
ولكن ما كان يشترطونها يا شيخ عبد الستار، هناك نقطة مرت في كلام أحد المشايخ فقط دون الآخرين وهي أن المصاريف التي يأخذها البنك للخدمات التي يجريها هي للحفاظ على قرضه وليست مصاريف للخدمات التي يجريها بالتعاون مع الدولة، هل هناك من مناقشة حول هذه النقطة بالذات؟
الشيخ المختار السلامي:
علينا أن نعلم أن قضية القرض بين البنك وبين الدول المستفيدة هي الدول وأن البنك لا فائدة له من ذلك لأنه لو كانت تعود له فائدة لقلنا: إنه يمنع، وهذا قرض فكل الخدمات التي يقوم بها البنك من دراسات لأن الواقع هو أن في بعض الدول جربت التجربة فإذا بالقروض عند إنفاقها تأخذ طريقا آخر غير الطريق الذي طلبت منه فيضيع على المجموعة الإسلامية الأحقية ويشتري بها ذهبا ومصوغا وغيره من أوروبا أو تصرف أو تنفق على فساد، فلتحقق منفعة القرض للمجموعة الإسلامية يقوم البنك بالدراسة والمتابعة والإنجاز ولا ينفق أي مليم أي أو دينار إلا في الوجه الذي من أجله، وهذه هي الرقابة التي هي تتابع القرض في إنجازه، وشكرا.
الشيخ أحمد محمد جمال:
لكن نبتعد عن شبهة الربا بتقدير نسبة معينة نلجأ إلى الاشتراط على الدولة المقترضة في العقد بأن تدفع التكاليف الفعلية نهائيا ووافق عليه كثير من الأعضاء بعد ذلك على هذا الرأي وقالوا بمثل ما قلت. الآن بدا لي حل آخر وهو أن تتعهد الدولة بنفقات الخدمة من القرض الذي تتسلمه، أي أن البنك لا يصرف على الخدمات، البنك يحتاج إلى دراسة ومتابعة وإنجاز، الدولة تنفق من نفس القرض ولو زادت عليه شيئا، يعني بدل أن تأخذ 20 مليون دينار تأخذ 22 مليونا وهي التي تنفق رسوم الخدمات أو نفقات الخدمات ونخلص من شبهة الربا.
الدكتور الصديق الضرير:
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وبعد.
ما قدمته اللجنة الموقرة يتضمن حكمين:
الحكم الأول: مبدأ أخذ نفقات القرض من المقترض شريطة أن تكون مساوية تماما لهذه النفقات، وهذا المبدأ - وإن كنت لا أقول: إنه ممنوع أو حرام - ولكني أرى أنه خلاف الأولى وسأبين هذا فيما بعد.
الحكم الثاني: على افتراض أننا قبلنا بالمبدأ وهو ما قدرته اللجنة بنسبة مئوية 3.33 % وقد سمعنا ما دار حول هذا التقدير، فمن قائل: إن التقدير الحقيقي ممكن ولا يصح أن نلجأ إلى التقديرات بهذه الكيفية، ومن قائل: إن هذا التقدير كثير إلى درجة أن بعضهم قال: إنه أكثر مما تأخذه بعض الجهات الربوية من فائدة، وقد ردَّ السيد رئيس اللجنة على هذا بأن النسبة 14 % ولكني أود أن أقول هنا بأننا نعلم أن بعض الدول غير الإسلامية تقدم قروضا بفائدة للدول النامية المحتاجة بفائدة قد تكون 1 % وهذا حادث مشاهد فشبهة أو ما قد يقال من أن البنك الإسلامي للتنمية يأخذ على هذه النفقات أكثر مما يؤخذ فائدة وارد، ولهذا فإني أرى أن نأخذ بالأولى وإن نقفل هذا وذلك لأن أموال البنك الإسلامي للتنمية تأتي من دول غنية وسع الله لها في الرزق وفوضت البنك في استثمار بعض هذه الأموال استثمارا يدر عليها ربحا، وفوضته أيضا في إقراض بعضها للدول المحتاجة، وهذا هو أصل القرض، القرض إنما يعطى للمحتاج ابتغاء وجه الله وثوابه في الآخرة وليس في الدنيا، ونسبته كما تؤخذ من الحديث 18 % القرض بثمانية عشر فماذا يضير هذه الدول الغنية التي وضعت أموالها في البنك الإسلامي للتنمية أن يتحمل البنك هذه النفقات يحملها لهذه الدول الغنية ويعطي هذا القرض للدول المحتاجة الفقيرة للتنمية وترده كما هو، وبهذا نخلص من هذا الخلاف الواسع الذي وقعنا فيه وما قد يشاع ويردده أعداء الإسلام من أن البنوك الإسلامية، وهذا أمر حادث وسمعناه كثيرا ويتلقطون الشبه ليقوضوا بها هذا العمل الإسلامي، خلاصة رأيي أرى أن لا يؤخذ من هذه الدول المقترضة أي شيء نظير هذه النفقات وتتحملها الدول الغنية ولها ثوابها عند الله وقد يكون هذا سببا في تنمية أموالها المستثمرة بما يزيد عن هذه الثلاثة أو الخمسة في المائة، وشكرا.
الشيخ عبد الله بن بيه:
الحمد لله رب العالمين
…
اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
في الحقيقة أعتقد أننا ابتعدنا كثيرا عن مسار المناقشة وعن المسار الذي يجب أن تسير فيه مناقشتنا، نحن هنا في جمعية إفتاء تحولنا إلى أطراف تتفاوض مع البنك هل تستطيع أن تفعل كذا أن تفعل كذا، هذه المفاوضات فيما أعتقد غير مقبولة بالنسبة لمجمع كمجمعنا الإفتاء هو أن نقول: إن الطريقة المثلى التي لا غبار عليها أن يقرض البنك بدون أية رسوم، الطريقة الثانية إذا كان البنك لا يستطيع أن يقوم بهذا العمل الخالص لوجه الله سبحانه وتعالى أن يقرض برسوم لكن هذه الرسوم تحسب في النهاية.
المسألة الثانية: إذا تعذرت كل هذه السبل وانسدت كل هذه الطرق فإن البنك حينئذ يستطيع أن يلجأ إلى طريقة التقدير بسبب تنزيل الحاجي العام منزلة الضروري عند الفقهاء، ثم ألاحظ ملاحظة أخرى أنه ينبغي أن توضع في هذه الأجوبة الأدلة الشرعية، الأدلة الشرعية أساسية بالنسبة لمجمعنا فإن المرجع هو الشريعة ولا يجب أن نصدر فتاوى كفتاوى البابا، نحن لسنا باباوات، نحن نرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولأجل هذا فمن الضروري أن توضع الأدلة الشرعية بجانب الفتاوى التي يصدرها هذا المجمع، وأشكركم.
الشيخ يوسف القرضاوي:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد.
فقد طال الكلام ولا أريد أن أزيده طولا ولكن أريد أن أقول كلمات موجزة
أولا: هناك أصل شرعي للتقدير التقريبي، هذا الأصل هو ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخرص فيما يجب من مقادير الزكاة في الثمار والتمور وغير ذلك وهو تقدير تقريبي يقوم به الخبراء، قد يقدر في بستان من النخيل أو الأعناب كذا طنا أو قنطارا، وكل مسألة فوق ذلك أو دون ذلك لو حسبناها بالضبط ولكن هذا مما تسومح فيه وأجازه الفقهاء لأنه ثبت فيه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
في ناحية من النواحي كما في الطب مثلا أو غير ذلك، ويختلف الفقيه مع الطبيب، أنا أعتقد الفقيه يؤخذ بقوله في الفقه والخبير يؤخذ بقوله في فنه، يعني نحن لربما نقول: إنه يمكن تقدير التكاليف تقديرا فعليا ولكن المختصين يقولون: إنه يصعب أو يتعذر أو يتعسر هذا، أعتقد أن الخبير إذا كان مسلما عدلا مؤتمنا فقوله مصدق في هذه الناحية ولسنا مطالبين بأكثر من ذلك.
شيء ثالث أريد أن أضيف هنا هو أنه قد عرف مجموع ما راجع إلى أرقام فعلية، ولكن ما يخص كل مقترض هو الذي يمكن أن يأخذ بعض الناس أكثر من حقه أو دون حقه، ولكن كما قال فعلا أخونا الدكتور عبد الستار: إن هذا مما يتسامح فيه وما يتغابن الناس في مثله، كما قالوا في أمور البيع والشراء الغبن غير الفاحش والذي يمكن أن يتسامح فيه يمكن أن يتسامح فيه يمكن أن يغتفر ولا شيء في ذلك.
أمر رابع هنا ما يتعلق بالورع والعمل بالأولى وغير ذلك هذا في الواقع أمر يمكن أن يكون في معاملات الأفراد بعضهم مع بعض وليس كل الأفراد أيضا، هناك فرد يبحث عن الأفضل والأولى، وبعض الأفراد لا يقبل منهم هذا، كما قال ابن عمر لمن سألوه عن دم البعوض في الإحرام فقال: من أين أنتم، أنتم من كذا؟ تسفكون دم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسألون عن دم البعوض، حينما ترتكب الموبقات والمحرمات لا يبحث الناس عن خلاف الأولى وعن الوضع لأنا في حاجة إلى أن نحرم الناس من الموبقات الكبرى.
وبذلك قد يتورع الإنسان في خاصة نفسه وقد يفتي بالأحوط بالنسبة للورعين من الناس إنما بالنسبة للمؤسسات وللأمور العامة. هنا أرى أنه ليس المهم الأحوط وإنما المهم الأيسر والرسول صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، قد نقول للبنك الإسلامي: إن الأولى أن لا تأخذ شيئا ولكن هذا لا يلزمه الذي يلزمه الحلال والحرام فإن كان هناك فرصة للحل فينبغي ألا نتركها وقد فتح أخونا الشيخ تقي العثماني بابا آخر وهو باب تقدير التكاليف ينبغي أن ينظر إليه ولا ينسى وهو باب إعطاء أجرة المثل، وشكرا والسلام عليكم ورحمة الله.
الرئيس:
إضافة إلى ما تفضلتم به يا شيخ يوسف في مسألة خرص الثمار، كذلك في الأسهم المعاصرة الذي عليه أهل العلم هو جواز بيعها والسهم؟ إذا بيع فإنه ليست قيمته أعيان جميعها ففي شركة الكهرباء مثلا يكون قيمته أعيان وفيه نقدا، لكن ما لم يثبت استقلالا فيغتفر هذا النقد الضئيل بجانب الأعيان الموجودة المتكاثرة.
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإنه من خلال هذه المداولات التي جرت بين أصحاب الفضيلة في حكم رسوم الخدمة على القرض، أي في أخذ رسوم الخدمة والرسوم الإدارية من بنك التنمية الإسلامي في جدة على القروض التي يدفعها إلى الدول فإن هذا الاستفتاء إنما ورد فرارا من الربا ومن الوقوع فيه، وفي الوقت نفسه لا بد أن نفر من التحيل على الربا، ومن صور التحيل على الربا، ولهذا فإن أمامنا عدة ركائز شرعية لهذا الموضوع:
الأولى: وأرجو من أصحاب الفضيلة إذا كان هناك أية مخالفة في أي ركيزة من هذه الركائز أن يتفضلوا بالإشارة، وإلا فإننا سنعتبره رأيا جماعيا في كل ركيزة ألخصها على مسامعكم الكريمة.
الأولى: جواز أخذ العمولات الإدارية.
الشيخ عبد الله البسام:
الأجدر ألا نسميها عمولات
…
نسميها أجورا.
الرئيس:
هذا في الصياغة وأنتم في لجنة الصياغة يا شيخ، جزاكما لله خيرا، ولا شك أننا نحن كما نعني في الإعداد نعني في الصياغة.
الركيزة الأولى جواز أخذ الرسوم الإدارية.
الشيخ أحمد جمال:
إنما العاقد يتحمل مصروفات الاستيفاء.
الرئيس:
يا شيخ محمد هي ليست أجور الاستيفاء فقط إنما هي أجور القرض نفسه الأجور الإدارية بكتابة الدين وما يتبع ذلك من الأشخاص والأعمال والأوراق والآلات واللجان، هذا لا يدخل في الاستيفاء، هذا قبل الاستيفاء هذا الآن في القرض نفسه في الأداء.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
بسم الله الرحمن الرحيم
…
سيادة الرئيس أنا لا أستحسن لا التعبير بالعمولة ولا بالرسوم، التعبير الذي في نظري هو الأفضل أن يقال: نفقات الإدارة أو ما يقابل نفقات الإدارة الفعلية على القرض.
الشيخ المختار السلامي:
أنا عندي شيئان.. أما استيفاء القرض فإن البنك قد تنازل عنه ولا يأخذ على استيفاء القرض ولا مليما واحدا وشكرا لهم على أن وصلنا إلى هذا.
ثانيا: هي أجور الخدمات اللازمة للقرض، فهذه أجور الخدمة اللازمة للقرض هي التي يتحملها المقترض، وشكرا.
الرئيس:
على كل فإنه يظهر لي أن هناك خلافا في التعبير أما في الإعداد والنتيجة أن هناك اتفاقا عليها.
إذن أطلب من أصحاب الفضيلة المقررين أن يسجلوا هذه الركيزة الأولى.
الثانية: هي جواز أخذ البنك لمقابل الخدمات الفعلية.. الفرق الأول واضح لأن الأول هو على ضوء العمل المعتاد مع أي ساحب شيك أو ساحب سهم أو كذا فإنه يأخذ منه عمولة حتى إلى الآجال المعدودة.
الثالث أو الركيزة الثالثة هي المنع البات أو التحريم لأخذ زيادة من المقترض في موضوع الخدمات لأن كل قرض جر نفعا فهو ربا.
الشيخ عبد الله البسام:
هذه تحتاج إلى تفصيل يعني الخدمات قد تكون أكثر، قد تكون أقل.
الرئيس:
يا شيخ نقول مقابلها من غير زيادة.
الشيخ عبد الله البسام:
لا نستطيع أن نقول من غير زيادة ولا نقص نقول مقابلها فقط ولا نجعل فوائد أخرى لغير الخدمات.
الرئيس:
هو، سلمك الله، هو فقرتان، هو أخذ مقابل الخدمات من غير زيادة الخدمات الفعلية من غير زيادة ثم بعد هذا تأتي فقرة ثالثة وهي أنه يحرم أخذ الزيادة لأن كل قرض جر نفعا فهو ربا، هذه كقاعدة شرعية تساق هنا على سبيل التحوط في أخذ الزيادة في مقابل الخدمات التي كثر فيها البحث من المشايخ.
في الواقع إن هذا السؤال من استفسارات البنك لي عليه عنده من التساؤلات ولكني سأرجيها لأني أعرف جيدا أن ما لدى أصحاب الفضيلة المشايخ سيغطيها وزيادة.
الشيخ وهبة الزحلي:
بسم الله الرحمن الرحيم.. أما بعد.
فقد أصابت اللجنة عندما قررت مبدأين في فتواها حول هذا الموضوع، الناحية الأولى هي الفصل بين عقد التوكيل وعقد الإجارة. وذلك بعدا عن الوقوع في المنهي عنه، وهو نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة، ومن خلال هذا النهي كنت أنتظر أن يكمل النهي في الحديث نفسه أن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا نهى عن بيع وشرط، فالتزام البنك بأن يهب إلى الدولة المستفيدة في نهاية المطاف هذه الآلات، هذا الالتزام هو عقد إيجار أعقبه، أو تضمن أيضا التزاما بشرط الهبة فهو أيضا عقد مقرون بشرط والعقد المقرون بالشرط غير سائر، فكنت أتوقع أن يكون هناك انسجام في الفتوى من حيث المبدأ بين هاتين الناحيتين، هذه ناحية.
أصابت اللجنة أيضا في الناحية الأخرى وهي عدم تحميل المستأجر الضمان، وقررت المبدأ الشرعي المعروف أن المستأجر أمين والأمين لا يضمن إلا بالتعدي أو بالتقسيط وهذا مطابق تماما لما اتفق عليه الفقهاء.
ومن حيث تأصيل هذه العملية وتفصيلها بعد هذا النقد الجزئي انظر إلى العملية ككل وهي أن هذه العملية تنفصل إلى ثلاثة عقود أقرتها اللجنة ببراعة أقرت عقد الوكالة ولا أحد يعترض على جواز هذا العقد، كذلك عقد الإيجار، كذلك عقد الهبة هذه عقود مشروعة مقررة معروفة في الإسلام لا شك في اعتبارها وفي إقرار مشروعيتها، لكني أجد أن الجمع بين هذه العقود وإقرارها من حيث الظاهر، هذا تأثر ببعض الاتجاهات الفقهية كمذهب الإمام الشافعي إذ يقر ظواهر هذه العقود، وتركت اللجنة ما قاله الإمام الشافعي:"إني أقر ظاهر هذا العقد وأدع القصد المؤثم لله عز وجل" حتى إن الإمام الشافعي الذي ينظر إلى ظواهر هذه العقود فيقرها نظرا لاكتمال أركانها وشروطها واستيفاء كل ما تتطلبه فهو لن ينسى الناحية أو الباعث الذي بعث المتعاقد إلى الوقوع في الحرام فقال: وأدع القصد المؤثم لله عز وجل، يعني أن العقد وإن كان صحيحا في الظاهر فهو حرام يوقع صاحبه في الباطل ويأثم، نحن كما تعلمون لا يصح أن نفصل بين صحة العقد وبين النظرة التحريمية لهذا العقد فالإمام الشافعي بالرغم من أنه يقر ظاهر هذا العقد وكذلك مثله، وهو أيضا مثل الإمام أبي حنيفة يقر ظاهر هذه العقود، والنظرة الظاهرية موجودة عند هذين الإمامين إلا أنهما أيضا لم ينسيا جانب النية والباعث وحرما العقد من حيث الديانة وإن كانا أقرا هذه العقود من حيث الظاهر، وهذا موجود في بيع العينة، هذا شيء فبراعة اللجنة فعلا أقرت ظاهر هذه العقود ولكني أنظر إلى مجموع هذه العقود من ناحية أخرى، أنظر إلى الباعث، وأنظر إلى الهدف والمقصد والغاية والمال الذي ينشده البنك من هذه العملية، أليس البنك قد ضمن الأجرة وهي في العقد الثاني، العقد الأول لا اعتراض لي عليه وكالة، هذا عمل ابتدائي جيد لا أعترض عليه، ثم ضم مع هذا الوكيل عقدا آخر سرنا على رأي اللجنة بانفصال العقدين، أنا أقول: ولو سرنا على هذا الانفصال لكنه من حيث النتيجة عقد انضم مع نفس العاقد الأول، فمن هذه الناحية ألم يقم البنك في الجملة، وهذا يعني الفتوى لم تتعرض له وفيه شيء من التغطية في الأجرة يقرر البنك ما يشاء من أرباح تحت اسم الأجرة، يقولون: الإجارة مشروعية وبالتالي العمل جائز فمن خلال الجمع بين هذه العقود في عملية واحدة لا يخلو طرفاها من اثنين: البنك والجهة المستفيدة، الحقيقة هذه بحسب اطمئناني إلى القواعد الفقهية، هذه كلها جسور للوصول في الباطن إذا ضم المستأجر ما يريده من أرباح من خلال الأجرة، هذا في رأيي أنهم اتخذوا العقود جسورا إلى الوصول إلى الحرام، وكما قرر الفقهاء في بيع العينة أنهم عندما يتخذون بيعين في بيعتين، البيع الأول منجز والثاني مؤجل، اتخذوا البيع وسيلة خدمة بخدمة لكن النتيجة أنهم عندما اشترى نفس البائع الأول نفس المبيع من المشتري بثمن مؤجل أكثر من الثمن المعجل. الحقيقة هو بيع مقترن بالوصول إلى الربا والقرض بفائدة أو بيع مع الربا فالنتيجة تكون الوصول إلى الربا والعقود في الظاهر سليمة ولكنها من حيث الحقيقة والباطن حيل شرعية للوصول إلى الهدف.
فأرجو التوضيح حول هذه الملاحظات، حول ظاهر العقود وعقود متكررة مع عاقدين فقط، ولو سرنا على رأي اللجنة في الانفصال، ثم أيضا أرجو الاستفسار عن دور البنك ألا يضمن ما يريده من ربح تحت ستار الأجرة، وإن هذا عقد إجارة، وأنه أيضا الوكالة عقد صحيح وبعد ذلك أريد الاستفسار حول النهي عن عقد وشرط كيف يصح له أن يشترط الهبة مع أن النصوص أيضا تحرم ذلك؟ وشكرا لكم.
الشيخ محمد تقي عثماني:
بسم الله الرحمن الرحيم..
الحقيقة طلبت الكلمة، لعين ما تفضل به الأستاذ الدكتور وهبة، فلا أريد أن أطيل وأتنازل عن كلمتى لأني أؤيده بكل معني الكلمة، وشكرا.
الرئيس:
في الواقع إضافة إلى ما تساءل عنه الشيخ وهبة أحب أن أسأل الشيخ المختار باعتباره أنه هو الذي باشر هذه العملية، يعني هو من الذين باشروا هذه العملية في أدوارها، هل يا شيخ مختار ظهر لكم أن عقد الإجارة هو عقد حقيقي مراد؟ هذا هو السؤال الوارد وإن كانت هناك عدة أسئلة، لكن هذا هو بيت القصيد، هل ظهر لكم من خلال هذا الاستفسار أن عقد الإجارة هذا هو بيت القصيد، هل ظهر لكم من خلال هذا الاستفسار أن عقد الإجارة عقد حقيقي مراد ولا يراد التوصل إلى غيره؟
الشيخ المختار السلامى:
بسم الله الرحمن الرحيم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
ما أثاره فضيلة الشيخ الدكتور وهبة الزحيلي: أولا أن هذا العقد فيه شرط، وكل عقد تضمن شرطا هو عقد باطل، ما قاله صحيح بالنسبة للمذهب الحنفي ولو كنا نلتزم في هذا المجمع الافتاء أو أن الإنسان يلتزم مذهبا معينا لكنت موافقا له تمام الموافقة ولكن العقود بشروط ليست مجمعا عليها.
والواقع أنه خلاف بين الصحابة رضوان الله عليهم وبين التابعين أيضا.
ويجمع الأقوال:
بيع الشروط الحنفي حرمه
وجابر سوغ لابن شبرمة
وفصلت لابن أبي ليلى الأمة
ومالك إلى الثلاث قسمه
فهي مذاهب أربعة: يرى الإمام أبو حنيفة أن الشرط حرام وأن البيع فاسد، ويرى ابن شبرمة أن الشرط جائز وأن البيع صحيح، وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من جابر ناقة واشترط عليه جابر حلابها وحمولتها إلى المدينة، وأقره صلى الله عليه وسلم على ذلك، وأما ابن أبي ليلى فقد قال: إن البيع صحيح وإن الشرط باطل اعتمادا على حديث بريرة المعروف وشرط لهم الولاء، وأما مالك فرأى أن الشروط على ثلاثة أنواع: قد يكون الشرط حراما وهذا يفسد العقد، وقد يكون الشرط حلالا ولا تأثير له بالثمن وهذا لا يفسد العقد، وهو شرط مقبول، وقد يكون شرطا حلالا لكن فيه نوع من التأثير في الثمن فهذا يصح معه العقد ويبطل الشرط.
فإذن ليست المسألة اجتماعية.
الأمر الثاني هو أن هذه البنوك الإسلامية هي بنوك تودع فيها أموال المسلمين وأموال الأثرياء ويريدون تنمية أموالهم هذا أمر لا بد أن نقر به وأنه لنا خيار إما أن تودع هذه الأموال في بنوك إسلامية لتستثمر وإلا فإن هذه الأموال ستنصرف إلى ما كانت منصرفة إليه من إيداعها في بنوك أجنبية يتحكمون فيها وفي فوائدها وقد رأينا التحكمات الأجنبية في أموال الدول وفي أموال الأفراد لما أرادت الدول القوية هذا.
فإرجاع الأموال الإسلامية إلى البلاد الإسلامية، وتوظيف الأموال الإسلامية في خدمة المسلمين، وما رأيناه من مشاكل ديون ما رأيناه مما يدمي القلب لا العين فقط هو كله ناتج عن أن العالم الإسلامي ليس عالما فقيرا ولكنه عالم لم يحسن استخدام ثرواته وأول خطوة من استخدام الثروات ألا تفر هذه الثروات، إذن لا بد لهؤلاء المستثمرين أن نجد لهم حلولا مقبولة لاستثمار أموالهم، وفرق بين التجرؤ على الحرام مباشرة وما فيه استهانة الفرد بصلته بالله، وبين أنه يبحث عن حل يبيح له ذلك، وهذا الذي ذهبنا إليه هي حلول رأينا أنه لا يمكن لهذه البنوك أن تستمر في أداء رسالتها إلا إذا وجدنا لها أمثال هذه الحلول، أما إذا أخذنا القضية بالظاهر وبكل السهولة وبكل اليسر وفتحنا كتابا من كتب الفقه وقلنا هذا النية كذا والعزم كذا إلى آخره، فمعني ذلك أننا نأمر هذه البنوك بإقفال أبوابها وتنتهي القضية والسلام، وهي قضية خطيرة في نظري على مستقبل الاقتصاد الإسلامي، وشكرا لكم.
الرئيس:
شكرا
…
نريد الجواب على السؤال يا شيخ مختار، التساؤل الذي ذكرته تحب أعيده أم هو مفهوم؟
الشيخ المختار السلامي:
ما ذكرته مفهوم جدا قلت: إنني لو أخذت بأن نية البنك هو أن يأخذ هذا عقد الإجارة، ولعله يريد أن يربح منه إذا أردنا أن نبحث في كل هذا فمعني ذلك أن نقول للبنك الإسلامي: شكرا لقد قمت لمدة سنوات واقفل أبوابك وأرجع أموال الناس إلى أصحابها.
الرئيس:
نحن لا نريد هذا يا شيخ نحن نريد الذي اتضح لكم على بساط الحقيقة هل عقد إيجار حقيقة أو لا؟
الشيخ المختار السلامي:
الذي اتضح لي على بساط الحقيقة هي ثلاثة عقود قدمت لي كل عقد منها صحيح فإذا أردنا أن ننفذ إلى القلوب فسيادة رئيس البنك الإسلامي تستطيعون أن تتوجهوا إليه بهذا السؤال.
الشيخ خليل الميس:
أتوجه إلى أخينا الدكتور وهبة الزحيلي في مذهب الأحناف أنه لا يجوز الانتفاع بالعين المرهونة وعند غيرهم يجوز، ولذلك استحدثوا بيع الوفاء، وبيع الوفاء كما هو معروف أن يستفيد هذا الذي اشترى وهو راهن مرتهن في الحقيقة بالعين المرهونة وعندما يحصل الثمن لمن رهن يعيد العين ويكون قد انتفع بمثل هذه العين، الحقيقة هذا العقد المستحدث كما قالوا بالفقه الحنفي تلبية لرغبات، وتوافقا مع مذهب متبع مع إمام متبع، فما دام الأمر في غير مذهب الأحناف جائز فلا بأس بأن نيسر الأمر وإلا هناك محظور كبير كما قالوا، أما أن نجمد أموالنا وألا علينا أن نجد الحل وإلا فرت من بلادنا ومن بنوكنا، والله أعلم.
الرئيس:
كلمة بسيطة يا شيخ خليل.. وهو أن بيع الوفاء تعلمون أنه لم يحدثه إلا الكرخي في أوائل القرن الخامس، ولهذا نسبته للإمام قد لا تكون متأخرة المهم أنه نسبته للإمام قد لا تكون متأخرة عند الأحناف وعلى وجه التحديد أربعمائة وخمسة وعشرين هجرية.
الشيخ خليل الميس:
إذا قلنا: متأخرا، وأنا لم أقل: متأخرا.
الرئيس:
نعم أحسنت وشكرا.
الدكتور الصديق الضرير:
بسم الله الرحمن الرحيم.
هذه المعاملة هي في حقيقتها بيع بالتقسيط وليست إجارة، جاء في المذكرة: يقوم البنك بإيجار هذه المعدات إلى الوكيل بمقدار معلوم هو حاصل رأس المال مع الأرباح مقسطا على سنوات معينة، مؤدى هذا أن هذا المستأجر عندما يدفع هذا الذي سمي مستأجرا، عندما يدفع هذه الأقساط وتمضي السنوات المعينة طبيعي يكون قد دفع رأس المال زائدا الأرباح فما الحاجة إلى عقد بعد ذلك؟ فهذه وإن كانت وضعت في صورة إجارة هي حقيقتها بيع بالتقسيط ولا أدري، ولعل للبنك غرضا صحيحا في تحويلها من بيع بالتقسيط مع أن هذا المبسط والسهل إلى جعلها إجارة وجعلها تحتاج بعد ذلك إلى الهبة بعدما تدفع كل الأقساط أو إلى بيع من البيع الرمزي إلى آخر هذه التعقيدات التي لا أدري لها مبررا إذا اعتبرنا هذا بيعا بالتقسيط فأريد أن أفهم لم لجأ البنك إلى جعل هذه العملية إجارة؟ وشكرا.
الشيخ عبد الله البسام:
بسم الله الرحمن الرحيم..
أنا ما أرى يعني محظورا كبيرا من هذه العملية والحيل إذا لم يتوصل بها إلى محرم هي لا بأس بها، وكلكم تعلمون قصة خيبر أن عبد الله بن رواحة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر جيد فقال: أكل تمر خيبر هكذا؟ قال: لا، وإنما نبيع الصاع بالصاعين، قال: لا، هذا هو الربا، بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم الجيد، وقد يشتري من نفس هذا الرجل مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما قال لا تشتر من صاحب هذا التمر، أمن له هذا، هذا يعني أنه أرشده إلى طريق يتخلص فيها من الربا بطريقة ميسرة بأنه لا بد أن يشتري من رجل آخر مع بيع التمر بالتمر معروف متطابق فبناء عليه فأنا ما أرى محظورا ما دام ما تحققنا يقينا من أن البنك ولا شققنا على قلوبهم يريد بهذا التوصل إلى الأعمال الربوية، هذه ناحية.
نريد إذا حددت الأجرة، إذا كانت الأجرة محددة ومعقولة، فهذه قرينة تدل على حسن نيتهم، لكن أحب أن أدخل على هذا مثلا يعني بعض التعديلات وهو أن المستفيد لا يتولى هو بنفسه الشراء وإنما الذي يتولاه البنك لأن البيع له عهد يعرفونها والحمد لله المشايخ كلهم وعهدها على المشتري وإن كان هذا وكيلا ولكن البنك لا يعرف هذا الوكيل ما يعرف إلا هذا الوكيل أنه أصيل ومشتر.
نقطة أخرى أريد أن أقولها هو التزام البنك بالبيع أو بالهبة في آخر مراحل الإجارة، هذا يعني نقطة تحتاج إلى تأمل لأن هذا وعد والوعد لا يجب الالتزام به، فإذا دخلت تحسينات على مثل هذا العقد فأنا أرى أن فيه تسهيلا وتيسيرا لا بأس منهما، وشكرا.
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
بسم الله الرحمن الرحيم، وبه استعين:
الحقيقة حينما بدأت البنوك الإسلامية تفتح في البلاد الإسلامية أهل الأغراض والمناوئون لهذه الفكرة يقولون: كيف تريدون من هذه البنوك أن تعمل بدون فوائد؟ فقيل لهم: إن البنك الربوي يدور حول المحور الربوي وهي الفائدة المصرفية، والبنوك الإسلامية تخلع هذا المحور وتنزعه وتضع محاور أخرى مشروعة: الوكالة، والإجارة، والشراكة، والقراض، التجارة، وكل هذه الأبواب المشروعة يضعها البنك الإسلامي ويدور حولها وإذا قلنا بأن المقاصد والحيل، فالحقيقة أن الأمر يكون عسيرا على معرفة المقصد لأن المقصد لا يعرفه إلا الله سبحانه وتعالى، إنما المقصد الأصلي المفهوم هو استثمار أموال المسلمين في ديار المسلمين لمنفعة المسلمين بالطرق المشروعة فإذا كان عقد الوكالة فيه بند من البنود لا تجيزه الشريعة الإسلامية، فالحقيقة لنا أن ندرسه ولكن إذا كان عقد الوكالة عقدا شرعيا ليس فيه ما يخله في الشريعة الإسلامية فليس لنا أن نقول للبنوك: لا تستعملوا هذا العقد، لأننا لا نعلم مقصدكم، ثم بالنسبة إلى الهبة البنك فيه فرق في أن يكون مؤجرا وأن يكون مالكا البيع بالأجل يكون البنك مالكا للعين المؤجرة يكون المشتري مالكا للعين، فبالتالي جميع الآثار المترتبة عليه من خلل، من مخاطر، من تلف كلها يتحملها المشتري إنما البنك الآن هو مؤجر والمؤجر يملك العين المؤجرة، فهناك فرق بين بيع الأجل وبين التأجير لأن بيع الأجل لا يتحمل البنك مخاطر ما يجري على هذه العين، فالعملية عملية عقود، عقد وكالة وإجارة ممكن الاطلاع على بنوده.
أما الهبة فهنا في الحقيقة للبنك أن يهب لأنه ملكه، للبنك أن يهب، وله أن يبيع وله أن يتصرف في ما يملك لأنه في الحقيقة مالك له، وهذا الشرط الذي رأته اللجنة هو في الحقيقة لمنفعة المستأجر، يعني اللجنة أكدت وليس شرطا من قبل المستأجر، إنما اللجنة أكدت بأن تكون هذه من باب المعاونة من قبل البنك المقترض بدون أن يبدي شرطا هو، وإذا رأيتم في مجمعكم حذف هذا ونترك مسألة الهبة للبنك أن يهب وللبنك أن يبيع أو هذا فهذا له، وشكرا.
الشيخ أحمد محمد جمال:
ملاحظتي أن هناك عقودا متداخلة وإجراءات معقدة وأن الدفاع عنها لا بأس أن نلجأ إلى الحيلة إذا كانت موصولة إلى الحلال أو ينبغي أن نشفق على الأموال الإسلامية من أجل بقاء العمل الاستثماري الإسلامي الذي أراه أن ينبغي للمجمع أن يصدر فتاوى صريحة واضحة لا يلجأ فيها لا إلى الحيل ولا إلى العقود المتداخلة ولا إلى مجرد الشفقة على الأموال الإسلامية واستثمارها، هذه العقود المتداخلة ممكن اختصارها عقد بيع بالتقسيط، أنا أسأل لماذا يوكل البنك الدولة المقترضة لتشتري ثم هو يؤجرها عليه؟ لماذا هذا اللف أو الدوران أو التداخل؟ البنك عليه أن يشتري المعدات لحسابه ثم يبيعها للدولة بيعا بالتقسيط وزيادة الثمن جائز في البيع بالتقسيط، يبقى عقد واحد لا ثلاثة عقود، لا هبة ولا بيع ولا إجارة ولا توكيل يشتري هو المعدات ثم يبيعها بالتقسيط على الدولة وتنتهي كل هذه العقود وتحل كل هذه الشبهات وهذا رأيي.
الرئيس:
ممكن معالي الشيخ أحمد محمد علي أن يكون هناك أمران:
الأمر الأول: وهو التساؤل الوارد هل حقيقة عقد الإيجار مقصودة هنا أم لا؟ أم أن المقصود هو يعني وصول هذا المبلغ أو هذه السلع وصول هذه الأرباح الناتجة التي نتجت عن الإيجار؟ تلك إلى الدولة المباع عليها والربح للبنك، ثم الرأي في البديل الذي ذكره الشيخ أحمد، وشكرا.
معالي الدكتور أحمد محمد علي:
بسم الله الرحمن الرحيم
…
شكرا سماحة الرئيس.
الحقيقة أن البنك يباشر العمليتين، عملية البيع بالتقسيط، وعملية التأجير، ولجوء البنك في بعض الحالات إلى عقد التأجير تقضي به العملية ذاتها نوع المعدات، ففي بعض الحالات يكون من مصلحة الدولة أن تكون على أساس تأجير عما يحدث لتلك العين، وأيضا أحيانا لبعض القوانين الخاصة في بعضهم من مصالح المشروع حينما يكون المشروع جديدا أن يكون على أساس التأجير بحيث إن بعض القوانين الضرائبية تقلل الأعباء الضريبية على المشروع سيما في بداية المشروع وهناك العديد من العوامل والعديد من الظروف إما متعلقة بالمشروع ذاته أو متعلقة بالقوانين الضريبية في تلك الدولة أو لبعض المصالح الأخرى نجد أن من المصلحة أن تتم المعاملة على أساس عقد الإجارة بدلا من عقد البيع لأجل، نحن نتعامل مع الاثنين مع العقدين وفقا للمصلحة ووفقا لما تقتضيه مصلحة المشروع ومصلحة الجهة المستفيدة وشكرا، أرجو أن يكون في ذلك إجابة على الاستفسار.
الدكتور عبد السلام العبادي:
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا سمح لي السادة العلماء أريد أن أعود بالمسألة إلى أصلها، لماذا جرى التفكير بمثل هذه الصيغ وطرحت للعمل في بعض المؤسسات أو للنقاش في بعض المحافل العلمية، صيغة التمويل المطروحة في البنوك الربوية هي صيغة القرض الربوي يدفع البنك مبلغا من المال ويشترط على المقترض دفع نسبة معينة متفق عليها مسبقا تدفع للممول بصرف النظر عما سيؤول إليه المشروع ودون أن يتحمل الممول أي مسئولية أو أي مخاطرة.
في الاقتصاد الإسلامي الصورة المقابلة في مجال التمويل تقوم على ضرورة اشتراك صاحب المال في المسؤولية كمبدأ عام وتعرضه للمخاطرة مع صاحبه مع العامل أو المقترض ما هنا جرى بحث في تخريج صيغ للوصول إلى معاملات إسلامية جديدة تستخدم ما هو متاح في الفقه الإسلامي من صيغ تعامل فقهي وتحاول أن تطور في هذه الصيغ ضمن المبدأ الأساسي المقرر.
وهو أن صاحب المال لا يجوز أن يتقاضى فائدة مقطوعة ينالها بصرف النظر عن نتيجة المشروع التي هي لب وأساس الفكرة الربوية، ومن هنا هذه الصيغة المقترحة بيننا أمامنا كان في أصل الصيغة شرط يحمي الممول من المسؤولية وهي أن يتحمل المستأجر المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها العين محل الإجارة ويتحملها المستأجر وليس المؤجر، جاء تعديل اللجنة تعديلا صائبا لهذه المعاملة إذ حملت عملية أي مخاطر تتعرض لها العين المستأجرة للمؤجر الذي هو في الأصل الممول لأن هي كل الصيغة في الأساس هي اقتراح لصيغة جديدة على أساس جملة قواعد في الفقه الإسلامي شريطة عدم الوقوع في المحظور وهو الربا، لأن الأساس حتى في تحريم الشروط في الشريعة الإسلامية عندما ركز هو عدم الوقوع في المحاذير، ليس فكرة الشرط حتى عند الحنفية الذين تمسكوا بظاهر هذا الحديث استثنوا بعض الشروط عندما تم التيقن بأن ليس هناك وقوع في الحرام ضمن المفهوم الذي قدموه، فلذلك ما دامت هذه الصيغة بصرف النظر عن مكوناتها التفصيلية، ما دامت لا تؤدي في تفصيلاتها ولا في نتائجها إلى الوقوع في الحرام، سواء كان الحرام الربوي أو أي حرام آخر، نصت عليه الشريعة بشكل محدد، التوجه عند اللجنة كما هو ظاهر إلى إجازتها، ونقتها مما كان يمكن أن يوقعها في أشكال الربا عندنا هنالك نوع من حماية المؤجر من أي مسؤولية يمكن أن يتعرض لها في هذا المجال، يعني يصير في هذا المجال، يعني في الواقع أن دفع قرض الراغب في العملية التمويلية وتقاضي عليه فائدة، التي هي الربح الذي حسبه في قضية الإجارة وخلا من أي مسؤلية تحميله إلى هذه المسؤولية، في الواقع هو الذي أعاد الصيغة إلى جوازها، وأظن أن القضية إذا نظر لها على أساس أننا نطرح صيغا اجتهادية جديدة بديلة للتعامل الربوي، وتخلصنا من مشكلاته ضمن هذا الإطار لا بد من التوجه وإلا كما قال الإخوان: ليضرب صفحا عن كل هذه المحاولات ونترك العملية الاستثمارية في أبعادها الخطيرة الاقتصادية، نتركها من أي تدخل إسلامي ولتسر الدنيا كما تريد ولا نريد أن نواجه هذه الظروف الاقتصادية المعقدة بحلول إسلامية لا يمكن أن نأتي إلى معالجة طرحت في ظل فقهنا الإسلامي في ظرف من الظروف ونأتيها إلى هذا العصر بتعقده الاقتصادي ونقول: نريد أن نأخذ هذه الصيغة كما هي ونقدمها كيف؟ لا بد في الواقع من أن ننحت ونخرج صيغا جديدة نتحاشي فيها الوقوع في المحاذير الشرعية كونها لم تعهد في فقهنا الإسلامي سابقا، لا يعني أنها ممنوعة المهم أن يؤتى بدليل يقول: إن هذا الأمر يوقعنا في الحرام والحرام المقطوع به وفق كذا وكذا، عند ذلك نمتنع، أما أن يقال: إن الأمر يقترح صيغة جديدة، ولم لا يقترح صيغة جديدة؟ فليقترح صيغة جديدة ما دام أننا نتاحشي الوقوع في الربا، وشكرا.
الرئيس:
شكرا، في الواقع بعد أن حصل التساؤل هل المراد في حقيقة العقد الإجارة أو لا؟ لا شك أنه يظهر لي أنه اتضحت الرؤيا في تجلي هذه الحقيقة لكن يبقى سؤال واحد وهو من باب التقعيدات الشرعية، هل يعرف من قواعد الشرع تشريع العقود الوهمية التي ظاهرها السلامة للتوصل إلى مثل هذه المعاملات، لأننا إذا نظرنا إلى أحكام التشريع كما في عقد المحلل والعينة، وما جرى مجرى ذلك، نجد أن الشرع لم يعد يجيزها مع أن عقد التحرير ظاهرة الصحة فهو عقد لولي وشاهدين إلى غير ذلك، فالمسألة تنطلق من تقعيد شرعي هل في الشريعة قاعدة تجيز العقود الوهمية للوصول إلى مثل هذه المعاملات أم لا؟ هذا في الحقيقة إذا رأي أصحاب الفضيلة أن يغطى بمداولات أن رأوها جديرة.
الشيخ عبد الله بن بيه:
الحمد لله رب العالمين، اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
أولا: أعتقد أن الصيغة التي بين أيدينا يجب أن نحللها إلى جملة من العناصر:
العنصر الأول: يتعلق بالتوكيل، وكما قال الشيخ عبد الله البسام: هذا عنصر ينبغي أن ينظر فيه فإن كون اليد قابضة دافعة مسألة من المعروف أنها لا تنبعي وإن كانت مبنية على قاعدة من قواعد الخلاف، وهي: تقبض اليد وتدفع معا، لأن المستأجر هنا قبض ودفع لنفسه كان وكيلا في بداية الأمر ثم تحولت النية وهي قاعدة أيضا أخرى ليصبح قابضا لنفسه هذه النقطة الأولى.
ويجب أن نتجنب، إذا كان ذلك ممكنا، بأن يوكل شخص آخر على القبض أو يأخذ البنك أو يقبض البنك بنفسه.
المسألة الثانية: مسألة الإيجار جائزة، الإيجار جائز يبقى العنصر الثالث الذي يؤثر على العنصر الثاني وهو وعد بالهبة، هذا الأمر ليس خطيرا أن يعد شخص شخصا بالهبة إذا فعل أمرا معينا، يمكن أن يخرج على وجهين: أن تكون إجارة وجعالة أو أن تكون إجارة، وهبة، بمعني: أن شخصا يقول لشخص إذا فعلت كذا فإني أهبك كذا، ويكون هذا الوعد ملزما على مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى، الذي يرى إلزام الوعد إذا اشتمل على توريط كما يقول خليل: وابن الوعد أن ورطها، إذا وعدها بالخلع ثم باعت دارها لذلك فإن الوعد يكون ملزما، وهو الذي قال فيه الزقاق:
فيجب الوفاء بالوعد نعم
أو لا نعم لسبب وإن لزم
أي إذا كان يوجد سبب فهذا هو قول تفصيلي يكون الوعد لازما، ولمالك مستند من كتاب الله من قوله سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ومستند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أنه وصف المنافق بأنه إذا وعد أخلف، فالعدة لازمة ولا أرى ضررا ولا محظورا في هذه المعاملة بهذا الشكل، نحن نعرف أن المحلل لم ينفق الفقهاء على فسخ نكاحه إذا تزوجها بعد المحلل لم يتفق الفقهاء على فسخ نكاح المحلل لم يتفقوا على فسخه، مالك قال بالفسخ، وقال غيره أبو حنيفة بعدم الفسخ على تقي، قال بعدم الفسخ في نكاح المحلل اعتبروا أن لعن النبي صلى الله عليه وسلم هو دليل على أن الفعل حرام وحرمة الفعل لا تدل عند أبي حنيفة على بطلان العقد، إذن بالرجوع إلى هذه العناصر وخصوصا بالرجوع إلى روح القضية وهي محاولة بالمصالحة بين الوضع الذي نعيش فيه والذي زج بنا فيه لأسباب خارجة عن إرادتنا لأننا نعيش ضمن عالم لا نتمكن من فرض إرادتنا، كما قلنا مع الأسف بالنظر إلى شيء من هذا يمكن أن تعتبر المعاملة سليمة إذا سلمت من العنصر الأول الذي يتعلق بعنصر التوكيل، وشكرا.
الشيخ أحمد حمد الخليلي:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.
في الواقع العقود ينظر فيها إلى الأطراف المتعاقدة، ففي هذه القضية طرفان: الطرف الأول هو البنك والطرف الآخر هو المتعامل مع البنك أو المستأجر، فهذا المستأجر الذي استأجر هذه الآلة مثلا هل استأجرها لتكون ملكا لغيره أو استأجرها لأجل الغاية التي يطمح إليها وهي أن يوهب إياها فيما بعد؟ فهل من ناحية إذا سكتنا عن ناحية التوكيل وقلنا: إن البنك ما يتوكل وإنما بنفسه يؤجر هذه المعدات من أول الأمر للمستأجرين، وفي نفس الدخول في هذا المأزق حل آخر وهو أولى، أليس بالإمكان أن يكون البنك مراعيا لمتطلبات الناس باختلاف بلدانهم؟ فأصحاب الأعمال المختلفة يأتي لهم المعدات كما يأتي التجار البضائع المختلفة بحسب ما ينظرون إلى حاجات الناس في ظروفهم المختلفة، فالبنك يراعي هذه الناحية ثم يبيع ما يبيعه أقساطا بالأسعار التي يفرضها بنفسه ويربح من وراء هذه الأقساط، في هذا فيما يتبين لي إذا أمكن حل هذه المكلة الخروج من هذه المآزق، وشكرا لكم.
الشيخ المختار السلامي:
بسم الله الرحمن الرحيم وأصلي وأسلم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
أردت بعد متابعتي للنقاش في كثير من الوجوه أن أبين أمرا أول: أنه بمجرد ما حرم الربا ظنوا أن تحريم الربا لا فرق بينه، أنه غير معقول المعني لأنه كالبيع، ذلك بأنهم {قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} فإذا إنسان باع إلى أجل وللأجل حصة من الثمن فمعني ذلك أنه قد رجع من يده أكثر مما أعطي لكن جاء الجواب {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} فالعقود إذا كانت سليمة وواضحة وتوفرت فيها كل الشروط الشرعية فهي عقود جائزة {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} وتورعا من الإمام مالك وممن كان معه في عصره من العلماء كانوا يخشون من كلمة حرام خشية كبرى ويقول: أكره هذا أو كان طلبته وتلاميذه يفهمون هذا على أنه حرام، فقضية تحريم معاملة من المعاملات هي من الخطر كقضية تحليل معاملة من المعاملات، كلاهما سواء، وكلاهما حكم شرعي يجب ألا يقدم عليه الإنسان إلا مع كامل الاحتياط.
يتساءل الشيخ الضرير وهو من كبار علمائنا يقول: هذه المعاملة بيعا بالتقسيط وما الحاجة إلى هذا وهل يعقد عقد بيع؟ هذا جائز صحيح إجارة الضمان فيه على البنك ليس على المستأجر، وهو عقد يختلف بذلك جوهريا عن عقد البيع فلماذا تشترطون علي وتريدون أن أقلب عقد البيع إلى الإجارة إلى عقد بيع، فهو عقد سليم جائز.
فضيلة الشيخ أحمد جمال يقول: إن هذه العقود متداخلة وكيف لا نلجأ إلى الحيل والإشفاق على الأمة الإسلامية لا تنظر إليه، هذه وجهة نظر.
ولكني أقول: إن الفقيه وهو ينظر في قضية من القضايا لا يستطيع أن يعطي حكما إذا لم ينظر في كل المعطيات المتاحة بين يديه وإن إغفال أي معطى من المعطيات هو لا يصل به إلى الحكم الصحيح الذي يحقق المصلحة للأمة الإسلامية، وأذكر في هذا أن الإمام القرافي يقول في التنقيح: إذا جاءك رجل مستفت من بلد فاسأله عن عرف بلده فإن الجمود عن المسطور في الكتب جهل بالدين وتنكر لهدي رب العالمين، فيما أظن هذا الكلام.
أعتقد أنه لا بد ومن الضروري أن ننظر في وضعنا كأمة إسلامية وما عانيناه وما نعانيه وما سنعانيه فيما بعد، وكيف نستطيع أن نُخرج الأمة الإسلامية من وضعها هذا إلى وضع أفضل؟
أما ما تفضل به الشيخ عبد الله بن بيه وهو إمام في الفقه والأصول فإن اليد قابضة دافعة إنما هذا محله إذا كان في عقد واحد، فعقد واحد إذا كانت اليد قابضة دافعة فيه مقال، أما إذا توالى عقدان في زمنين مختلفين فإنه لا أعلم فيما أعلم أنه يوجد من يعترض على مثل هذه المعاملة.
أما ما تفضل به الشيخ الخليلي من قلب البنك إلى تاجر مشتري ويبيع فإنه حسبما سمعت من البنك أنه عمل أنا كنت أتصوره الأول أنه يمكنه أن يفعل هذا قال: يا أخي أنا أشتري الباخرة ما أصنع بها وأشتري طائرة ما أصنع بها فالقضية ليست قضية مواد غذائية، ولا ملابس تشترى وتباع ولكنها قضايا أكبر من هذا وتجهيزات أساسية لدول، وهي لا يمكن أن تشترى وتباع إلا إذا ما توفرت فيها عدة ظروف ومعطيات يراعيها البنك في التعامل حتى يكون تعامله تعامل الرشيد ليس تعامل السفيه، فهذه بعض من النواحي التي أردت أن أوضحها، وشكرا لكم على الاستماع، والسلام عليكم.
الرئيس:
قبل أن نعطي الكلمة للشيخ مصطفى، هناك يظهر لي أنا في مسألة المعدات وإيجار ها أن هناك نوعا من المعدات إذا أخذ باسم عقد الإجارة فهو ثابت في العمل الذي استأجر له بحيث أنه يوضع ويركب بحيث لا يسوغ إزالته، ولو أزيل لأصابه الدمار، هذا لا أشكال فيه يأتي شيء من هذا القبيل، إذن يظهر لي من هذا أنه قد تتجلى الصورة بأن الإجارة أنها للوصول فقط ولذات مرادها، لأن صاحب المؤجر لو أراد استرجاع الآلة لكان من المتعذر والمستحيل إعادة هذه الآلة التي أصبحت مركبة في مبني أو في أي مشروع من المشاريع.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
بسم الله الرحمن الرحيم.
فضيلة الرئيس أحب أن أضع بعض النقاط على الحروف لعلها تعطي ضوءا كافيا يقطع الخلاف وأحب أن أكون منصفا في القول كما هو الواقع.
الواقع أننا لا نستطيع أن نجادل أو ننكر أن العملية في الحقيقة إجازة هي تغطية لغاية البيع لأن الإجارة تقسط أجورها أقساطا بما يعادل رأس المال زائد ربح وعلى مدى معين ولو أنها جعلت بيعها لبيع أيضا على طرق المرابحة للآمر بالشراء بيع أيضا برأس ماله، وربح مقسط إلى نفس الأقساط الواقع أن هذا هو مقصد البنك فلماذا الإجارة؟ كما سأل أخونا الدكتور الضرير، سأل هذا السؤال وهو سؤال وجيه بحق، لماذا الإجارة؟ ولماذا لا تجعل القضية من أساسها بيعا بمرابحة؟ وهذا موضوع السؤال الثالث، هناك موضوع بيع بالمرابحة وهو يغني عن هذه، هذا سؤال وارد، لكن الجواب الذي تفضل به رئيس البنك الدكتور أحمد محمد على أوضح مبررا لهذا، وهو أن النظم في البلاد تختلف فيما يتعلق بالضرائب فيما يتعلق بأمور أخرى يعني بعض البلاد يناشد أن يكون العقد الذي يجريه البنك على أساس إجارة تنتهي بملكية، وفي بعضها لا يناشد فيتخذ بيع المرابحة هذا جواب معقول في التفريق وإن كان في النتيجة في رأيي، وهذا لا نستطيع الجدال فيه، إن الغاية واحدة تكاد تكون فهي إذن مسايرة لبعض النظم التي لا يملكون فيها لا تغييرا ولا تبديلا فيكون أمامهم طريقان: أحدهما أمر من الآخر بحسب الظروف المحلية هذه ناحية.
الناحية الأخرى التساؤل أنه لماذا الوكالة؟ وقد تساءل عن هذا عدد من أصحاب الفضيلة الأساتذة الكرام كذلك، هذا سؤال وجيه أن يلقى، ولكن من عرف ملابسات الأمور في مثل هذه الأحوال ووضع البنك الحقيقي وأهدافه يجد المبرر، وذلك أن البنك الإسلامي للتنمية لا يستطيع أن يكون ككل تاجر يشتري منه أو يكون هناك من وعده ولكن هو يقوم فيفتش هو عن البضاعة ويتبع الأسواق، ثم يشتري ثم ينتظر من يشتري منه أو يكون هناك من وعده ولكن هو يقوم فيفتش، البنك الإسلامي يتعامل على نطاق واسع ومعاملاته كثيرة جدا فهو لا يستطيع أن يتتبع الأسواق وأن يعقد ويفتش عن المواصفات وعن وعن الخ.. لذلك هو مضطر أن يجعل صاحب الحاجة هو يفتش ويرى المواصفات وسائر حاجاته ثم بعد ذلك لكي يتحقق امتلاك البنك.
البنك أيضا ليس عنده مجال أن يعقد صفقات مباشرة مع المصانع مع المعامل بنفسه، فهو يوكل صاحب المصلحة ليقوم عنه هذه المهمة والمقصود في النتيجة هذه المعدات تشتري للبنك، وهذا الوكيل الذي هو صاحب الحاجة الأصلي يقوم بهذه المهمة وهو يرى أنه لمصلحته يسهل الأمر على البنك لأن البنك إذا كلف أنه هو تولى العقود والصفقات لصرف النظر عن الموضوع ولحرم صاحب الحاجة من هذه المعاونة من البنك عن طريق المرابحة الوكالة، فلذلك الوكالة اللجوء إليها واضح السبب، وعلى هذا أرى أنه سبب غير مشروع سبب يتفقان عليه ويكون فيه صاحب الحاجة مقام البنك في أن يغنينا عن هذه المهمة.
النقطة الأخرى وهي موضوع شرط الهبة، الواقع أن شرط الهبة هذا المقصود به يؤكد ما ذكرته أولا أن الحقيقة بين العقدين عن طريق الإجارة وعن طريق بيع المرابحة واحدة وأن اختلاف الأسلوب كما ذكر رئيس البنك بحسب اختلاف النظم في نواحي عديدة فيلجأون إلى هذه تارة وإلى تلك أخرى فهذه قضية تؤكد هذا المعني: أن المقصود أن يملك المستأجر هذه المعدات في النهاية ملكا مجانيا لأن البنك يكون قد استوفى رأس ماله مثل طريق بيع المرابحة، استوفى رأس ماله، واستوفى الربح المشروع الذي يرتبه عليه لقاء بيع بأجل، فلذلك يجب أن تنتهي العملية بملك المستأجر بلا ثمن فجعل هذا عن طريق الهبة، وإذا قيل: إن شرط الهبة هذا شرط صفقة في صفقة هذا يمكن أن يجاب عنه أولا بالمناسبة ما قيل عن المذهب الحنفي: أنه يرى الشروط المقرونة بالعقد باطلة أو مبطلة هذا غير صحيح، والحنفية يقسمون الشروط إلى ثلاثة أنواع: فشرط صحيح ملزم، وشرط فاسد مفسد، وشرط لا يؤثر على العقد كما هو معروف، فإذا الحنفية يمسكون السلم بالعرض ويقولون قول شرط لا يقبل لا، لكن قد يقال: إن شرط الهبة يعتبر شرط عقد في عقد يدخل في الظاهر تحت نهيه عليه السلام عن صفقتين بصفقة، ولكن هذا علاجه سهل جدا وهو بأن تصاغ الهبة لا بصورة شرط بل بصورة وعد إذا جعلت الهبة في صيغة وعد وليست في صيغة شرط فعندئذ ممكن، هذا يحل المشكل ويكون هذا الوعد ملزما بحسب قواعد المذهب المالكي في الوعود والحالات التي يكون فيها الوعد ملزما إذا دخل الموعود على المفتى به عندهم إذا دخل الموعود تحت التزام نتيجة للوعد، وهنا يدخل تحت التزام نتيجة للوعد ولذلك يدخل البنك تحت هذا الالتزام وعندئذ يكون الوعد ملزما ونخرجه على أساس أنه وعد بالهبة ملزم، أخذا بالمذهب المالكي، ملزم، ونحن لا نتقيد بمذهب معين حتى في المسألة الواحدة يمكن أن يؤخذ بعض حكمها من مذهب وبعض حكمها من مذهب آخر ما دام كلاهما وجيها، وبذلك أيضا تحل من هذا الطريق.
الرئيس:
يا فضيلة الشيخ أنتم تذكرون في خطاب الضمان نصصنا في أحد صور خطابات الضمان فل العام الماضي في الدورة الثانية على جواز أخذ الأجرة الإدارية، وهذا أظن حقيقة مصرفية ليست محل بحث قضية الأجور الإدارية حقيقة مصرفية لا أحد يستطيع أن يأخذ فيها وأن الذي يريد أن يلتبس في المفاهيم هم يلتبسون في القرآن {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} ويتركون الباقي التلبيس باب مفتوح لكن الشأن في أننا لا ننازع الواقع طالما أن هناك مصاريف إدارية تأخذها البنوك ولا إشكال في إباحتها ولا أحد يقول فيها شيئا لكن كون الناس مثلا يفسرون هذا ويؤولونه، فنحن نتحوط في العبارة، والرقيب هو الله سبحانه وتعالى.
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
اسمح لي لا بد أن أسجل هنا نقطة بصفتي أعمل في البنوك، هناك فروق بين البنوك التجارية وبين بنك التنمية الإسلامي فرق شاسع ولو أني حضرت حضوري للبنوك لما أقررت الخدمة الإدارية لأن البنوك لما يعرف الواحد تاريخها، وكيف التسلسل الذي مرت به فيه يرى من البداية كان الإنسان الذي يودع ماله في البنك يأخذ عليه أجرا ثم تطورت الأمور، ما أريد أن أطول في الموضوع إلى أن الإنسان الذي يعطي البنك ماله يعطيه فائدة على ذلك، أنا أخشى من خلال هذه النقطة في الحقيقة أن يتوسع الناس في الربا إذا قلنا لهم: إن لكم أن تأخذوا على المصاريف الإدارية أجرة، يا بنوك تجارية، قالوا: هذا ما نريده ثم ينفقون مع الآخرين ويقولون الأجرة 5 %، 10 %.
الرئيس:
في بيت التمويل لا تأخذون أجرة؟
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
لا أبدا.
الرئيس:
إدارية إطلاقا؟
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
إطلاقا لا في البنوك وجميع البنوك الإسلامية.
لسنا متبرعين ولكن نحن متحوطين، نحن نخشى أن نقع في الربا "من حام حول الحمي يوشك أن يقع فيه" يجب أن نبتعد، وهذه النقطة خطيرة أتحفظ عليها ولا أوافق عليها، موضوع بنك التنمية الإسلامي، فهذا شيء آخر هو ليس كالبنوك وعمله مستقل.
الشيخ محمد عبد اللطيف الفرفور:
شكرا يا سيدي الرئيس.. إنني أوافق أخي وزميلي ممثل دولة الكويت على ما تفضل به سدا للذرائع الفاسدة فإن هذا خطر كبير جدا وكل شيء أوله يسير وآخره انحراف شديد وخطير، ولا يجوز لنا ونحن مجمع إسلامي عالمي، وكلمتنا فصل في هذا الموضوع أن نفتي بهذا، وإني أتحفظ على أخذ أجر، أتحفظ، وأرجو أن يكتب تحفظي موازيا ومنجمعا إلى تحفظ الأستاذ ممثل دولة الكويت وشكرا.
الرئيس:
يا شيخ عبد اللطيف هل تحفظتم في خطاب الضمان على منع الأجور الإدارية؟
أنا أقول لم تتحفظوا.
الشيخ محمد عبد اللطيف الفرفور:
أنا أقول: إني تحفظت شفويا ولم يكتب ذلك.
الرئيس:
على كل أنا أرى شيئا واحدا وهو أنه بالنسبة للنقطة الأولى فإن لجنة الصياغة، وهم من الأعضاء والذين صار لهم مداولات إذا اجتمعوا فمن خلال هذه المداولات يمكن أن يأتونا بنص تتلافى فيه هذه المحاذير أو أن تحذف مرة واحدة، الشيء الذي يتوصلون إليه طالما أن الاتجاه العام للجواز لا إشكال ولكن هناك لمسات جيدة وإن رأيتم أن ينضم إلى اللجنة لهذا العنصر خاصة الشيخ أحمد فهو مناسب. وشكرا.
ما بعد ذلك كون أننا نوجه البنك بأن يأخذها مبالغ مقطوعة أو أن يأخذها نسبا وما جرى مجرى ذلك الذي يظهر قد ترون مناسبا أننا نترك التفصيل والدخول في لجة هذه الأمور لأننا طالما قعدنا قاعدة، وهو أنه لا يجوز للبنك، أي للمصرف أن يأخذ أكثر من قيمة التكاليف الفعلية وأجور المثل للتكاليف الفعلية أو الخدمات الفعلية فكون أنه مقابل خدماته الفعلية وأجور المثل للخدمات الفعلية كونه يأخذها مقطوعة أو يجعلها نسبا، أو ما جرى مجرى ذلك حسب تعامله مع المقترض هذا أمر مفوض إليه، فنحن لا ندخل في لجة هذه الأمور ونتركها لأن الذي يقول: يجوز، أنه يجزئها على خمس سنوات، لا شك أنه يقول: إنه يجوز له أن يأخذها مقطوعة، هذا لا إشكال، ولهذا فإن من باب الاحتياط وأن لا ندخل في التصرفات الداخلية طالما أننا نجعل القواعد ونرسم الأصول، فقد ترون مناسبا أن يكتفي بهذه الأصول الثلاثة وهي:
أن كل قرض جر نفعا فهو ربا، فلا يجوز أخذ الزيادة وأنه لا يجوز أخذ أكثر من أجور المثل أو مقابل التكاليف للخدمات الفعلية، والثالث ما سيجري البحث فيه وتكييفه لدى لجنة الصياغة بانضمام الشيخ أحمد البازيع إليهم في الأجور الإدارية.
وبهذا ينتهي وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومعذرة لصاحب السمو من الإطالة وترفع الجلسة، وشكرا.
بعد الصلاة
الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم.. نستأنف جلستنا هذه
…
الشيخ مختار السؤال الثاني.
الشيخ المختار السلامي:
بسم الله الرحمن الرحيم.. ونصلى ونسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
الموضوع الثاني هو عملية الإجارة ويتمثل هذا النشاط من البنك الإسلامي في أنه يتلقى طلبا من دولة من الدول ليؤجر لها البنك طائرة مثلا أو باخرة أو شيئا مثل هذا من التجهيزات الأساسية للدولة، وبعدد الدراسة الأولية والموافقة على المشروع، يرى البنك أن في هذا المشروع فائدة للدولة الطالبة حسب خبرائه إذاك يتفق البنك مع الجهة المستفيدة بأن يوكلها لشراء المعدات المطلوبة، فيقوم مثلا بعقد بيع من الصانع إلى البنك، والذي يتولى هذه العملية هي الجهة المستفيدة حتى تحقق المواصفات التي ترغب فيها وعندما يتم تجهيز الطلب يدفع البنك الثمن للصانع ثم بعد ذلك يؤجر البنك إلى الدولة المتعاقد معها المعدات بثمن هو حاصل رأس المال والربح المتفق عليه موزعا على سنوات وبانتهاء السنوات المتفق عليها في الإيجار عرض البنك أنه يبيع المعدات إلى الدولة المستأجرة بثمن رمزي وأن المستأجر يؤمن على المعدات وعلى حصوله
…
الشيخ مصطفى الزرقاء:
قد تكون أدوات ثبتت في الأرض ولا يمكن نزعها، كما أن البنك لا يريد أن يدخل في دعاوى من هذا القبيل، فإذن اللجوء إلى الإجارة ليس هو بنفس الدافع الذي تلجأ إليه الشركات في ظل القوانين الوضعية وإنما هو لغاية أخرى لها مبررها ومعقوليتها وباختلاف النظم، وما تستدعيه من أن يلجأ إلى الإجارة تارة وإلى البيع أخرى، ولذلك من حيث النتيجة أنا لا أرى بأسا في الصيغة هذه كلها على أن تصاغ الهبة بصيغة الوعد بالهبة لا بصيغة شرط، وشكرا.
الشيخ تقي العثماني:
بسم الله الرحمن الرحيم.. الذي جعل هذا العقد أشبه بالحيلة منه بالعقد الجاد هو شطب جملة في آخر هذا العقد، فالذي أريد أن أسأل أصحاب البنك وهل من الممكن أن يلغى هذا الشرط ويكون العقد مشتملا على الوكالة على النية فقط؟ ثم بعد انتهاء مدة الإجارة يكون من الخيار للبنك إن شاء استعاد ما أمكن وإن شاء تركه للجهة المستفيدة، فهذا ممكن أو لا عملا؟ وشكرا.
مناقش:
الحقيقة لا أرى بأسا من ذلك، وإذا كان أصحاب الفضيلة يرون أنه إذا عدل على أن يكون وعدا وليس عقدا بالهبة أعتقد أن هذا أيضا يكون مناسبا باعتبار أن العمل هنا عمل مؤسسة دولية مع دولة أخرى، إذا أمكن أن يكون وعد، فهذا أفضل وتكون الأمور أوضح.
الشيخ عبد الله البسام:
هو عندي نقطتان باختصار جدا:
الأولى: أني ما أدرى الإخوان المجيبون هم أهملوا نقطة وهي ذكر مدة الإجارة لأن الإجارة هذه لا بد لها من مدة فلا بد من ذكرها، الفقهاء ذكروا أن مدة الإجارة هذه قد تطول ما دامت العين موجودة، وبهذا يكون هذا يصح مثلا أن تكون مدة الإجارة مثلا يقدرونها بالمدة التي تصل إلى درجة إلى الوقت الذي تنتهي فيه مدة الإجارة ويأتي وعد الهبة وإذا قلنا وهو قول جمهورنا: إن الإجارة عقد لازم ذهب عنا، ما تسائل سماحة الرئيس من إمكان الرجوع في المعدات بعد تثبتها، ما دام قلنا: إن الإجارة عقد لازم من الطرفين، وإنه لا يجوز إيجار معناه أن هذا العقد سيتسمر إلى نهاية الحاجة من هذه الآلة المجعولة (إلى نهاية المدة) ، وهذه المدة نقدرها بنهاية العمل (الحاجة من هذه الآلة) ، أنا أرى أنه ليس هناك مانع من ذكر الوعد كما هو مذهب الإمام مالك واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وقول الإمام أحمد اختار كثير من مشايخنا أن الوعد يجب الوفاء به {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} فأنا ما أرى مانعا من ذكر هذه الصيغة وتكون لازمة من جانب البنك.
الرئيس:
مع تقديري لكلام فضيلتكم الوعد لم يأت ابتداء وإنما أتي اجترارا لهذا العقد الموجود الذي تكيف وكالة ثم إجارة.
الشيخ عبد الله البسام:
المستفيد لا يلزم البنك بهذا وإنما تكرما من البنك ومحافظة على هذه الآلة حتى لا يرهقها في مدة قصيرة، محافظة لهذا ورعاية لهذا يعمد البنك بأنه يعد المستفيد بأنه بعد المدة الفلانية التي يحددونها أنه سيهبها له.
الرئيس:
لكن إذا كانت الآلة ثابتة بحيث لا يمكن إزالتها بعد، وهي إنما حازها بناء على الإجارة لا على التملك فكيف يصدق عليها أنها إجارة، هذا سؤال لعله وارد.
الشيخ عبد الله البسام:
إذا قلنا: إن العقد لازم من الطرفين لا نؤجر ولا نستأجر ما يستطيعون حال هذا العقد إلا باتفاقهما.
الرئيس:
لكن هو لمدة معينة ولذلك منصوص في نفس الصفحة هنا مقسطا على سنوات معينة.
الشيخ عبد الله البسام:
مدة معينة أن يجعلها المؤجر والمستأجر يمدونها بحيث حتى تنتهي هذه الآلة.
الرئيس:
ما تنتهي هنا الآلة.
الشيخ عبد الله البسام:
ينتهي الغرض منها.
الرئيس:
الغرض منها قد يستمر سنين طويلة لا حد لها.
الشيخ عبد الله البسام:
لها حدود مدة معينة أو سنوية بمدة معينة.
الرئيس:
المدة موجودة، هذا الذي تساءلت عنه هو في آخر الصفحة مقسط على سنوات معينة فقط، معينة لا إشكال فيها، لكن نفس الإيجار مع الربح مقسط على سنوات معينة فأنا أقول: هذه الآلة التي يسوغ إزالتها عن مكانها بحال من الأحوال بحيث إنه إذا أزيلت فإنها تكون تلفا على المشروع وتلفا للآلة نفسها فكيف نسميها إجارة؟
الشيخ عبد الله البسام:
الحكر في الحجاز وفي غير الحجاز والصبر في نجد ما هي إجارة.
الرئيس:
تعرفهم أنه مستوفى أن القيمة مستوفى تقديمها بقي إلا شيء رمزي.
الشيخ عبد الله البسام:
لهذا يحددون لها مدة لتصحيح العقد إلى خمسمائة عام، شكرا.
معالي الدكتور أحمد محمد علي:
شكرا سماحة الشيخ الحقيقة دوما في عقود الإيجار التي يبرمها البنك، فيسعي إلى أن تكون العين المؤجرة لها دور تقوم بذاته في المصنع وممكن أيضا فصله مثلا، ممكن تكون غلاية في أغلب الأحيان قد تكون سفن، قد تكون قاطرات. قد تكون مركبات قاطرات، وقد تكون في بعض الأحيان معدات في المصانع، ولكن يكون لها وظيفة قائمة بذاتها، ممكن إن تكرمتم الدكتور فاتح يشرح هذه النقطة بالذات دائما يسعى في عقود التأجير أن تكون الآلة لها صفة قائمة بذاتها.
الرئيس:
تفضل يا أستاذ فاتح مع الإيجاز.
الدكتور فاتح خان:
شكرا سيدي الرئيس
…
بسم الله الرحمن الرحيم. أحب أن أشير إلى شرط في جميع مشروعات العقود، عقود الإيجار التي يقوم بها البنك، هذا الشرط ينص على الآتي:
لا يجوز للمستأجر بدون موافقة المؤجر المسبقة كتابة أن يثبت المعدات على أي أرض أو مبان بحيث لا يمكن فصلها عن تلك الأرض أو المباني دون تلف أو تغير في هيئتها، ويتعهد المستأجر بأن يتخذ كل الترتيبات اللازمة التي تمنع نقل ملكية المعدات لمالك تلك الأرض أو المباني، شكرا سيدي الرئيس.
الرئيس:
في الواقع مع معذرتي لجميع الإخوان المشايخ لا شك عندي بأن تصوير الاستفسارات أنه قاصر، فالمفروض أنه في هذه الاستفسارات التي وضعت أمامنا لأن الحكم فرع التصور ومعني هذا أن الاستفسارات ينبغي أن تحمل جميع التصورات لهذه المعاملة القائمة بذاتها.
الآن من خلال هذه المناقشة البسيطة تبين لنا ما لم يذكر ويصور في هذا السؤال، ولهذا فالحقيقة يا مشايخ نحن نجد حرجا، وتعرفون أنه في الدورة الماضية، إن لم نقل جميع الاستفسارات فهو أغلبها كان التصور لها على خلاف ما كان يعمل عليه البنك، ولهذا كونت لجنة في نفس الدورة فوصلوا إلى تصور ثم اجتمعت اللجنة الأخيرة التي أبدت جهودا لا تنكر وهي آخر لجنة انعقدت في رجب أو في شعبان أو في شوال عند معالي الشيخ في البنك ثم أبدت التصور الأخير، وعلى الرغم من هذا فإنه لا يزال ثمة نواقص ونحن يتعذر علينا تعذرا كاملا أن نفتي في مسألة أو استفتاء أو استفسار لم يكن مستكملا للتصور لأنه قد يكون هناك نقطة أهملت وهي تنسف الموضوع نسفا وقد تكون هناك نقطة أهملت، وهي تبرر الموضوع ليكون شرعيا، وفوت الأمور هو من طبيعة البشر ولا شك، لأن أمثال هذه الأمور هي عمليات حسابية مصرفية، عقود تتلاحق عليها عدة عقود، وفيها شيء من التعقيد وتحتاج إلى إعمال الذهن، فلهذا نحن في جلستنا هذه ننهي المناقشة ونستأنف الجلسة المسائية بإذن الله تعالى، وسوف يكون الاستئناف في الجلسة المسائية في الاستفسار الثالث لأن فيه تشابها حتى نربط بين الاستفسار الثاني والثالث وعلى ضوئه إن شاء الله تعالى نتوصل إلى نتيجة، وشكرا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الجلسة المسائية
الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله عليه وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ونفتتح مستعينين بالله تعالى هذه الجلسة المسائية والتي كان من المفترض فيها أن تكون لزكاة الأسهم في الشركات ولبحث توظيف الزكاة، إلا أنه نظرا لامتداد البحث في استفسارات البنك الإسلامي للتنمية فإننا سنواصل في جلستنا هذه بإذن الله تعالى العرض والمداولة لاستفسارات البنك الإسلامي للتنمية.
وأرجو أمرين:
الأمر الأول: أنه إذا أخذ المشايخ الكلمة يدخل في الموضوع مباشرة ورجائي إعفاؤنا من المقدمات التي لا معنى لها، تضيع لنا الوقت.
الشيء الثاني: الإيجاز ما أمكن.
الأمر الثالث: إذا تكرمت وأرجو المعذرة أنه لا داعي للتعقيبات التي قد تبدو هناك حساسية في بعض الأشياء يعني ينبغي أن قيمتنا الأدبية أكبر من هذا الشيء، نغتفرها ونسير فيكون عملنا موضوعيا ونترك المناقشة الجانبية، وأرجو المعذرة في هذا الشيء وأرجو من فضيلة الشيخ المختار أن يتفضل في الاستفسار الثالث.
الشيخ المختار السلامي:
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة أنك أنت الوهاب.
الموضوع الثالث: وإن كنا لم نكمل الحديث في الموضوع الثاني وهما لا تلازم بينهما بل يصح أن تتمثل "أيها المنكح الثريا سهيلا" هو الوعد بالشراء، الوعد بالشراء هو أن دولة من الدول ترغب من البنك أن يشتري لها أمرا ثم يبيعها بعد ذلك فيقع العقد على النحو التالي بعد أن يتأكد البنك من صلاحية الطلب لاقتصاد الدولة الطالبة إذ ذاك يقع وعد بشراء المعدات، أو بشراء ما يرغب في شرائه، بين البنك وبين الجهة المستفيدة، أي الدولة الراغبة في الشراء، وبعد هذا الوعد يوكل البنك وبين الجهة المستفيدة أي الدولة الراغبة في الشراء، وبعد هذا الوعد يوكل البنك الراغب في القيام نيابة عنه بالشراء ومتابعة العملية إلى تمامها حتى يكون ما وعد بشرائه وما تم العقد على شرائه كاملا جاهزا لا نقص فيه بعد أن يتسلم الوكيل المعدات وتكون سليمة يبرم عقد بيع بين البنك وبين الجهة المستفيدة بثمن معين هو حاصل ثمن الشراء مضاف إليه الربح ويقسط هذا الثمن العام على آجال تتراوح بين ثلاث سنوات وعشر سنوات فهي إذا ثلاث عقود.
العقد الأول: هو وعد بالشراء.
العقد الثاني: هو توكيل.
العقد الثالث: هو بيع من البنك إلى الجهة المستفيدة.
وقد رأت اللجنة بعد البحث والتأمل أن هذه العقود الثلاثة هي عقود سائغة، ولكنهم يؤكدون على الفصل بين عقد الوكالة وبين عقد البيع، وكذلك الوعد بالشراء فكل عقد هو على انفراد، وقد أنجزنا، وهذا ما لم أقله في الصباح، تطبيق التوصيات كلها على العقود فكانت العقود غير مستجيبة للتوصيات التي قمنا بها، فقمنا بتحرير العقود على أساس الاستجابة للملاحظة الشرعية التي رأيناها، وشكرا.
الشيخ إبراهيم الغويل:
سيدي الرئيس أنا أود أن أدخل إلى الموضوع مباشرة ولكنني أود أن أقدم لذلك ملاحظة أو ملاحظتين ثم أقترح اقتراحا عمليا.
الملاحظة التي خطرت لي وأنا أقرأ السؤال الثاني، وهذا السؤال هو أن تجزئة كل عملية إلى عدة عقود أعتقد أنه لا يفيد كثيرا في تجنب النتيجة التي نراها جميعا وهي أن العمليات بالخلاصة وبالأخير هي نفس العمليات التي تجريها المصارف فكأننا نحاول أن ندخل هذه الترتيبات وهذه التوزيعات وهذه التجزئات لنصل في الأخير إلى قرار بأن ما تجربه المصارف في العادة هو صحيح، أعتقد أن الأمر الأولى أن نواجه المشكلة مباشرة هذه تصرفات توجد لدى المصارف نقبلها أو لا نقبلها، إنما محاولة جعلها أجزاء وكل جزء صحيح وفقا للعقد الفلاني، ثم الانتهاء في الأخير إلى القرار بأنها صحيحة هو واحد إذا أردنا أن نقر العمليات المصرفية أو البنكية كما هي فلنقرها إن لم يرد ذلك، فأعتقد أن نواجه هذا الأمر بشكل أوضح، ولاحظت أيضا ولا بد أن أعود لهذه الملاحظة أن هناك في كثير من الأحيان نوعا من التصورات لهذه المعاملات على غير ما هو معروف في العالم المعاصر، مثلا كأن قال يعني في السؤال الثاني بأن التقرير الواقع غير ممكن أنا أعرف بحكم أن لدى مكتبا استشاريا والمكاتب الاستشارية أو مكاتب الخبرة تعرف ثلاثة أنواع من المعاملات في التقديرات فنحن لدينا نظام يقول: إن هناك اشتراكا محددا أو ما نسميه "الاشتراك الثابت" أو هناك طريقة أخرى في التقدير تقوم على عدد الساعات ومن نخصصه لمتابعة أمر من الأمور ونعرف ذلك بدقة وفقا للساعات وللجهد المبذول وهناك طريقة أخرى نسميها طريقة "النسب" والطرق الثلاث تختلف عندنا في المكاتب الاستشارية، ودور الخبرة اختلافا واضحا بينا صريحا معروفا وفقا لأنظمة المحاسبات العصرية، ولقد استغربت صباح اليوم أن يشار أن البنك يرى أن أعمال النسبة وعدم إمكانية التقدير يسيران معا، لا أعتقد أن ذلك ما نعرفه نحن في مكاتب الاستشارات ومكاتب الخبرة، ولكن تغلبتم على هذه المشكلة حينما أشرتم إلى أجر المثل ولا بد من ضبط هذه الأمور وفقا لأسس محاسبية معروفة وروح العصر الذي نعيش فيه.
لذلك لدي اقتراح عملي أن مثل هذه الأسئلة لكي تضبط ضبطا دقيقا وتناقش بدقة أكثر لابد أن تدرس ضمن نظرة كاملة لنظام اقتصادي إسلامي، اقتراحي العملي الذي أرجوه وأقترحه أنه وفقا لهذا المجمع ومن الممكن أيضا بالتعاون مع البنك الإسلامي أن ندعي إلى ندوة علمية بين متخصصين في الاقتصاد العالمي من الاقتصاديين الإسلاميين ومع فقهاء لمناقشة هذه الأمور بنظرة أوسع حول نظام اقتصادي جديد يقوم على أسس إسلامية إنما هذه التأويلات يؤسفني أنها
…
أقول أن تذكرني أنه قيل يوما حينما أراد بنو إسرائيل أن يتخلصوا من عبء ما تصوروه من تآمر على عيسى عليه السلام فقالوا لنترك للرومان أن يحاكموه ولنطلب لصانع الصليب أن يصنع صليبا دون أن يعرف وليحمل الصليب طفل صغير ولينفذ الحكم أناس غير إسرائيليين وبتوزيع المسؤولية نخلص منها بالتمام.
أنا لا أرى أن الطريقة المثلى في معالجة هذه القضايا أن نوزع العقود ونتأولها ثم ننتهي لنفس النتيجة، وهو إقرار النظام المصرفي الغربي الرأس مالي كما هو لذلك أعتقد أن الحل العلمي أن يدعى إلى ندوة علمية يحضرها اقتصاديون يشرحون الأمور الاقتصادية يشرحون الأمور المحاسبية تناقش بدقة تفصيلية ويكون هناك اقتصاديون مسلمون ويكون هناك المجموعة المكلفة من هذا المجمع الكريم.
ولذلك مع كل اعتذاري ودون محاولة لجعل الأمر كما يقولون كأنه يحول من وقت إلى وقت ولكن هذه الأسئلة ومعالجتها بهذه الطريقة لا أعتقد أن هذه هي المعالجة المثلى على الأقل من وجهة نظري.
اقتراحي الذي أقدمه أن مثل هذه الأسئلة تناقش ضمن إطار كلي لنظرة اقتصادية إسلامية تعالج الأمور من جذورها، وشكرا.
الشيخ وهبة الزحيلي:
بسم الله الرحمن الرحيم.
ما زلت أؤكد ما قلته في الصباح عن الاستفسار الثاني بأن هذا المجموع من العقود التي ظاهرها الصحة يراد بها الاحتيال إلى التوصل إلى ما هو مشروع في الظاهر وهو فاسد وباطل في الحقيقة والباطن.
ولذلك أؤكد ما قلته في الصباح وأجعل العمليتين حكمهما واحدا، وأوجه الشكر لمعالي السيد الرئيس حيث ربط بين الموضوعين ربطا علميا دقيقا لأن الحكم فيهما واحد، وأيضا الذي أؤكد وأثني على ما اقترحه الأستاذ الغويل في أن مثل هذه الأمور لا يصح أن تعالج بهذه الطرق التي لا تخفى عن العوامل، وسرعان ما يتهموننا أننا كما يقول ابن القيم عندما يصف الذين يقولون بالحيل: قال أرباب الحيل فنحن أصبحنا تماما أرباب حيل، ونحن لا نعارض ما يريده إخوتنا من التنمية والنشاط والتصدي للحياة الحاضرة، ولكن نحن نعارضهم في الأسلوب نحن معهم أكثر تحمسا في الوصول إلى الأهداف التي يرجونها، لكن من طريق الحلال لا من طريق الحرام، فنحن لا نقر الواقع الظالم والشر ونعالج الشر بشر مثله، لأننا عجزنا عن أن نجد مخرجا إسلاميا.
واقترح الأستاذ الدكتور الصديق الضرير الزميل الفاضل أن نبسط هذه الأمور ونجعل بدل هذه الثلاثة عقود في كل زمرة زمرة ونجعل صورة واحدة، والبنك يعرض هذا الشيء على الناس فمن يريد قبوله هو يتحكم فيما يريد هو الطرف الأقوى وهو الذي يحتاجه المقترضون فهو الذي يحدد من خلال عقد واحد كالبيع بالتقسيط الذي لا غبار على مشروعيته في البنك الإسلامي عندئذ يمكن أن نتوصل إلى هذه النتيجة ولا داعي للتأقلم أو الدخول في هذه المتاهات أو القول: إن الوعد جائز وملزم عند الإمام مالك وهل ينازع أحد كما تفضل السيد الرئيس، هذا ابتداء لكن أن يكون من خلال عقد آخر لم يقل به أحد من فقهاء الإسلام.
الوعد ملزم عند الإمام مالك ونحترمه ولكن ليس هذا في صورة عقد، كذلك أن نربط عقدا بعقد. والحقيقة الطرفان العاقدان هما اثنان فقط والعقد الأول والثاني والثالث بين طرفين، وإنما هي محاولة لعبور جسر عبور من مرحلة إلى مرحلة والوصول إلى النتيجة الظالمة، وهي الوقوع في الربا شئنا أم أبينا ولا يعد هذا عرقلة منا للنظام الذي يراد نجاحه، فنحن أشد الناس حماسا لإنجاح نظام البنوك الإسلامية والمصارف الإسلامية والمنشآت الإسلامية وأن نحول الناس من الإقبال على البنوك الربوية إلى طريقة إسلامية سليمة ومنهجية، نحن إذن نحاول العثور على الحل الذي يتفق مع الأحكام الشرعية، هذه مهمتنا والله ولي التوفيق، وشكرا.
الشيخ محمد سالم بن عبد الودود:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحقيقة: هذه الصورة أو الصورتان بالنسبة للفقه المالكي وأنا لا أقول: مالكي بالنسبة للمذهب المالكي ولكني مالكي المدرسة من الباب الذي يسميه المالكية العينة، وهو اشتر لي سلعة فلان بكذا وآخذها منك بكذا، اشترها لي بعشرة نقدا وآخذها باثني عشر، وهذا نوع من العقود المحرمة عندهم تحريما لا غبار عليه، فإذا قال الآمر: اشترها لي بعشرة نقدا أخذها باثني عشر بأجل فهذا الحرام البين عند المالكية، وتلزم الأمر بالثمن الذي اتفق عليه المأمور مع المالك ولا يكون للمأمور شيء في هذه الحالة، وفي بعض التفصيلات الفصل يلزم للمأمور سمسرة مثله فإذا قالت الدولة للبنك اشتر لنا كمية من البواخر أو من الطائرات أو من المعدات بمبلغ كذا ونحن نشتريها منك، فهذا من العينة المحرمة عند المالكية، أما إذا جاءت الدولة إلى البنك تقول: أنا محتاجة إلى عدد كذا من الأدوات، يقول: بكم تشتريها؟ تقول الدولة: بكذا فيقول: بعد شهر خابريني والبنك يشتري على ذمته وعلى مسؤوليته فإذا جاءت إليه المعدات تشتريها الدولة بعقد منفصل تماما وليس وعدا بالشراء، فهذا يجوز وهو ما صدر به المالكية الكلام، عن العينة بقولهم: جاء لمطلوب منه سلعة أن يشتريها ليبيعها بنماء، فينبغي أن لا نخلط بين الصور الجائزة والصور المحظورة ونتكئ على المذهب المالكي ونقول: هذا وعد يلزم عند المالكية، المالكية هم أبعد الناس من الحيل، وهذا خلاصة مذهبهم في الموضوع، وشكرا.
الرئيس:
في الواقع معالي الشيخ أحمد علي
…
في الواقع الموضوع هو مطروح من قبل معاليكم وفي الحقيقة ليس موضوع معاليكم، وموضوع البنك هو موضوعنا جميعا لأن الوجهة الشرعية هي تهم الجميع، ونحن نعايشكم في همومكم وفي مهماتكم إلا أن من خلال المداولة في الاستفسار الثاني ومبادئ المداولة في الاستفسار الثالث يبدو أن هناك شبه اتجاه عام إلى التوقف أو المنع، ونحن حفاظا على قيمة البنك وإن لا يصدر ما يؤثر عليه وإن تكون القرارات التي تصدر هي قرارات شرعية متمحضة فإن معاليكم بصفتكم أصحاب الشأن قد ترون مناسبا وجهة النظر التي تفضل بها بعض الإخوان وثني عليها آخرون بأن يؤلف لجنة فيها فقهاء، لكن عصب هذه اللجنة هم اقتصاديون إسلاميون متخصصون معروفون بتخصصهم الدقيق في الأمور الحسابية والمصرفية ودراستهم الإسلامية ويشاركهم فقهاء من هذا المجمع، وعلى ضوئه يعد تقرير، ويوجهون بأن ما يتصلون فيه بعد تسجيل هذه المداولات لهم، ما يتصلون فيه أنه عقد فيه شائبة الحرمة أو شائبة الربا فإنهم يجدون بديلا لنا وعلى ضوء هذا في نظري أنه يجنب البنك، أي علامة استفهام أو تعثر ويحفظ همة الجميع، وعهدنا في معاليكم أنكم نحن ما جئنا نطلب منكم، أنتم الذين تطوعتم بدافع من دينكم وإسلامكم وغيرتكم الدينية في مجال الاقتصاد الإسلامي فقد ترون هذا مناسبا وإن شاء الله تعالى كل آت قريب وهذا لا يؤثر في الموضوع شيئا وإنما يدل على نفاذ البصيرة ويدل على التأني في طلب الحق يعني ما أدري عن نظر معاليكم في هذا الشيء.
معالي الدكتور أحمد محمد علي:
شكرا معالي الرئيس.. هذا الأمر متروك لكم كما ذكرتم، البنك اقترح هذه الأسئلة وتفضلتم بتكوين لجنة في الاجتماع السابق وحدث الاجتماع الذي أشرتم إليه وقدم لكم تقرير لجنة الذي ترتؤون في شأن هذا راجع لكم بالكامل أي شيء ترتؤونه أنتم.
الرئيس:
قصدي أن نختصر الوقت ونتلافى كثرة المناقشات والتصويت لأن الموضوعات التي كانت مرتبة في المساء فاتت علينا، المهم أننا ننتج سواء كان في استفسارات البنك أو في غيرها.
الشيخ عبد العزيز الخياط:
بسم الله الرحمن الرحيم.. أعتقد أنه لا بد من أن نخرج من هذا الاستفسار برأي ما دام قد طرح للإخوة العلماء الأفاضل هذه واحدة، والشيء الثاني هناك اقتراح مقدم من اللجنة التي درست هذا الموضوع وهذا الاقتراح اعترض عليه بعض الإخوة اعترضوا أنه لا يجوز تفتيت العقد في مثل هذه العملية عقد توكيل وعقد بيع من البنك، أرى في رأيي أنه لو بحثناها من وجهة نظر أخرى صوبناها من وجهة نظر أخرى بأن ننزلها على بيع مرابحة فيكون هناك وعد بالشراء هذا الوعد سواء كان ملزما على رأي الإمام مالك أو غير ملزم إنما يقوم البنك بشراء هذه المعدات اللازمة وبعدئذ يبيعها بعقد ثان لمن طلبها أو وعد بشرائها بيع مرابحة بالربح الذي يراه أو بالتقسيط الذي يراه وشكرا.
الشيخ المختار السلامي:
بسم الله الرحمن الرحيم.. أعتقد أننا وصلنا في الصباح إلى نقطة هي التي بقيت محل سؤال هي أنه هل تقرن الهبة بالعقد أو لا تقرن، ولما طلبت الكلمة منكم في الصباح لأقرأ عليكم نص الفصل الثالث عشر الذي هو وعد بالهبة وليس فيه هبة كاملا، لأن نص الفصل الثالث عشر يقول: هبة المعدات المستأجرة إذا لم تلحق بالمعدات خسارة شاملة ولم يكن المستأجر مخلا أو مقصرا في أي من التزاماته المقررة بموجب هذه الاتفاقية يقوم المؤجر في أول يوم عمل يعقب تاريخ أداء آخر قسط من أقساط الإيجار بنقل ملكية المعدات إلى المستأجر على أساس الهبة فقلت في كلمتي: إن هذه التوصيات أو هذه الملاحظات التي لاحظناها حاولنا أن نجعل العقود متناسبة معها وانتهينا في الصباح إلى أن هذه العقود وهي مفرقة كل عقد على انفراد لا يستطيع أي منا أن يدعي حرمته وإنما تجاوز ذلك إلى أنه لا يطمئن إليه أو في نفسه منه شيء ما أعتقد أن الأحكام تعود إلى ما في النفس من شيء ولكن الأحكام مبنية على الدليل، قضية ما جاء اليوم من وعد بالشراء ثم توكيل بالشراء ثم بيع المعدات بعد ذلك هذا أمر إذا نظرنا للعقود الثلاثة فإن كان الإمام مالك فعلا، وقد نص على هذا حافظ المذهب ابن رشد، ومنه نقل خليل على هذه الصورة، لكن ليس مذهب مالك هو المذهب الوحيد بل من العلماء من الشافعية من يجوز هذه العقود.
فإذا كان العقد جائزا وإذا كانت العقود كل عقد على انفراد وهو عقد جائز فما معني أن هذه العقود؟ لأننا لم نألفها وشأن الشخص إذا لم يألف عقدا أو لم يألف شيئا تقع بينه وبينه جفوة، والعبرة بالعقود في صيغتها وفي اشتمالها على كافة الأركان والشروط، فعلينا إذن كل شخص يريد أن يناقش لكن حبذا أن تكون المناقشة مناقشة علمية على أن هذا العقد فيه من العيوب كذا وكذا وكذا ولذلك فهو غير مقبول شرعا، ونتناقش على أساس، أما أن هذه العقود في النفس منها شيء وهذا تحايل وهذا كذا، فهذه تهم أعتقد أنه من الأفضل إذا أرادنا أن نسلك هذا العمل بجدية ألا يكون العمل والطريقة هي هذه الطريقة، وطريقة التأجيل والتأجيل والتأجيل هي ليست طريقة ثانية وإنما هي طريق للهروب من مواجهة المشاكل، وشكرا.
الرئيس:
في الواقع إن من خلال التجربة في هذا الموضوع على وجه الخصوص تعرفون أنه طرح في المجمع في الدورة الماضية فكونت لجنة منبثقة من نفس المجمع، ثم عرض قرارها أو تصوراتها في آخر الدورة فوجد أن ما تصور أخيرا كشف لنا أمورا كانت غائبة قبل، ثم كانت اللجنة التي فيها أصحاب الفضيلة المشايخ التي انعقدت في شوال في مقر البنك في جدة ثم حصل من التصورات أكثر وأدق مما كان عليه قبل ثم من خلال المناقشة في الجلسة الصباحية حصل أن هناك نقطة لم تدون في السؤال الثاني، ولا شك أن مثل هذه لها تأثير سلب أو إيجاب، ولهذا فإن موضوع تأليف اللجنة هي ليست لجنة عائمة أو لجنة مطلقة كذا، وإنما لجنة متخصصة من الذين حضروا هذه المداولات وعرفوا التوجيهات ووجهات الآراء، ومن المتخصصين العارفين بالمصارف وأحكامها وطرقها والمحاسبات فيها وعلى ضوء هذا يظهر أنه سيكون هناك جلاء في النتيجة التي ستعرض عليكم فيما بعد إن شاء الله تعالى، ولهذا فإنني نظرا لقرب صلاة المغرب وأن معالي رئيس البنك لا يرى مانعا، متى ما توجه المشايخ إلى هذا فأرجو إشارة أصحاب المشايخ بأيديهم الذين يرون التأجيل بأن يوكل إلى لجنة قضائية فقهية اقتصادية.
الدكتور عبد السلام العبادي:
سيدي لا أريد أن أدخل في مناقشة القضية من حيث الموضوع لأني أبديت رأيي في الجلسة الصباحية وأريد أن أقول إذا كان فيه توجه إلى مثل هذا الاقتراح نحن نكرر أنفسنا في الواقع، الاقتراح هذا، بني بشكل أو بآخر في الدورة السابقة، نحن نستطيع أن نقول إننا بين خيارين إما أن نقول: إن هذه قضية تحتاج إلى بحث واستفسار ويتركها المجمع يعني يترك المجمع هذه القضية لمجموعة من الفقهاء والمتخصصين من الاقتصاديين أو غيرهم ليدلوا برأيهم مباشرة إلى البنك من أجل أن تبرأ ذمة البنك فيما يتعلق بالحكم الشرعي لأنه إذا أحلناها إلى لجنة من هذا النوع ستأتي اللجنة بدراستها إلى هذا المجمع وسيعود النقاش مرة أخرى بنفس الصيغة إلا إذا قلنا إن عددا كبيرا من أعضاء المجمع سيكونون هم أعضاء هذه اللجنة ويشتركون مع مجموعة كبيرة من الاقتصاديين لبحث هذه القضية، هنالك في الواقع وجهتا نظر في هذا المجال واضحتان، ولا يمكن في الواقع أن تتفقا، وهذا أيضا معروف في ساحات أخرى وفي دراسات أعدت في هذا الموضوع: وجهة نظر تنطلق من القيود التقليدية المقررة في مجال ضبط العقود من الناحية التفصيلية ووجهة نظر تنظر إلى روح الشريعة وحكم تحريم الربا، وإن القاعدة ترتبط بمدى مسؤولية المقرض الممول لا بد أن يظل الخلاف، فإما أن يتجه المجلس لدراسة هذه القضية بإفاضة ولو أخذت عدة جلسات ومع ازدحام جدول الأعمال يبدو أن هذا الأمر مستحيل وإما أن يدع القضية أن تعاد مرة أخرى ونحيلها إلى هؤلاء العلماء الكبار الذين اجتمعوا في رحاب البنك، وهم ممن نثق بعلمهم وبينهم اقتصاديون ومنهم فقهاء درسوا هذه القضية واستجمعوا كل المعلومات واطلعوا على كل التقارير وعلى كل التفاصيل وانتهوا إلى هذا، تحفظنا على ما انتهوا إليه ما الذي يمنع أن نكرر أنفسنا أيضا عندما تأتينا لجنة أخرى وتأتي بنفس الاقتراحات أو بالحلول المقاربة، القضية لا تعالج بأسلوب إحالتها مرة أخرى إلى لجنة يمكن معالجتها بأن يرفع المجلس يده عن هذا الموضوع ويترك لإدارة البنك أن يعالجه بالطريقة التي يراها مناسبة.. وشكرا.
الرئيس:
في الواقع يا شيخ عبد السلام هذا إنما انطلق من خلال المناسبة التي جرت في الجلسة الصباحية في الاستفسار الثاني وهو في عملية الإجارة لا شك أن الاتجاه العام هو المنع أو إلى التفصيل في الموضوع، والبنك مؤسسة للجميع يحرص الجميع على أنها تسير في أعمالها وأنها لا يعتريها شيء يعثرها، ولهذا فإنه لا بد أن يصحح هذا المسار طالما أنه فيه اتجاه للمنع يصحح هذا المسار، أو أنه يقرر تقريرا نهائيا بالمنع لكي يوجد لهم البديل، ومن خلال تسجيل المداولات في الصباح فيه اتجاه إلى المنع أو التفصيل فطالما أن الأمر كذلك فالحقيقة أنه يعني بقدر ما هو محافظة على ذمة الجميع هو محافظة على قيمة البنك الأدبية في معاملاته.
الشيخ عبد الله بن بيه:
الحمد لله رب العالمين اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما، ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا.
في الحقيقة العملية لا شك ولا ريب أن الحيلة فيها واضحة، لا شك ولا ريب في ذلك لو حذفنا مسألة التوكيل كما ذكرت صباحا وحذفنا تلك الوعود وبدأت القضية بالبيع والوعد بالهبة لأمكن على المذهب المالكي أن نجد حلا لها ولذلك حتى لا أطيل عليكم أقترح أن تشكل لجنة حالا وأن هذه اللجنة تقدم الأدلة لأن ما قدمته هذه اللجنة ليس كافيا كما قلت صباح اليوم لسنا بأبوات لا نصدر قرارا هكذا. نصدر القرارات انطلاقا من الأدلة المتوفرة النابعة من الكتاب والسنة وأقوال الفقهاء، هذا الكلام الذي أمامنا لا يجد دليلا لابد أن توضع الأدلة الشرعية الواحد تلو الواحد ليقرر لها حكما هذا رأيي والله أعلم، والسلام عليكم.
الرئيس:
ترفع الجلسة لأداء صلاة المغرب.
بعد صلاة المغرب
الرئيس:
أصحاب الفضيلة في مدارسة بيني وبين معالي أمين عام المجمع قد يكون هناك وجهة نظر لعلها تجمع وتحقق المطلوب بإذن الله تعالى وهو أن تؤلف لجنة من مجمعنا هذا ويباشرون النظر في هذه الاستفسارات وما قررته اللجنة السابقة وما حصل من مداولات ثم ينتهون إلينا في آخر هذا الأسبوع بما يتوصلون إليه، وهذا اللجنة تتكون من المشايخ.
الشيخ وهبة الزحيلي – الشيخ المختار السلامي – الشيخ مصطفى الزرقاء – الدكتور الشيخ الصديق الضرير – الشيخ محمد عبد اللطيف الفرفور.
وإذا رغبوا لعله يكون معهم معالي الأمين أو أحد خبراء البنك أو لعلهم يكتفون بما لديهم من ورقة العمل فلعلكم ترون هذا مناسبا، وبه إذا رأيتم ذلك مناسبا وتمت الموافقة عليه.
إذن تمت الموافقة.
التوصيات والاختتام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
توصيات
الدورة الثالثة لمجلس مجمع الفقه الإسلامي
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8 إلى 13 صفر 1407 هـ/11 – 16 أكتوبر 1986 م.
بعد استماعه إلى بيان سمو ولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية الأمير الحسن بن طلال، حول المشكلات الملحة التي يعاني منها المسلمون في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وضرورة التوجه لتلبية الحاجات الملحة للمسلمين في مواجهة آثار الفقر والمرض والجهل، وتحقيق الحياة الكريمة للإنسان.
وبعد اطلاعه على نداء سمو ولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية الموجه إلى العالم العربي والإسلامي لإغاثة السودان.
وبعد استشعاره وهو ينعقد على مقربة من المسجد الأقصى المبارك بضرورة مضاعفة الجهد من أجل استنقاذ أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
وفي ضوء قناعته بضرورة الاهتمام بالدرجة الأولى بالقضايا التي تتصل بحياة المسلمين الاجتماعية والاقتصادية والتضامنية، وبضرورة تعميق الدراسة والبحث فيها بالتركيز على الندوات العلمية والأيام الدراسية ونحوها.
يوصي بما يلي:
أولاً: ضرورة تبني برنامج إسلامي واسع للإغاثة ينفع عليه من صندوق مستقل ينشأ لهذا الغرض ويمول من أموال الزكاة والتبرعات والأوقاف الخيرية.
ثانيًا: مناشدة الأمة الإسلامية شعوبًا وحكومات أن تعمل جهدها لاستنقاذ أُولَى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وتحرير الأرض المحتلة بحشد طاقاتها وبناء ذاتها وتوحيد صفوفها والتسامي على كل أسباب الاختلاف بينها وتحكيم شريعة الله سبحانه في حياتها الخاصة والعامة.
ثالثًا: الاهتمام بأعمال المجمع في مجالات الدراسات والبحوث والفتوى والمشاريع، بالقضايا الهامة للمسلمين والتي تتصل بحياتهم الاجتماعية والاقتصادية وتوحيد صفوفهم وجمع كلمتهم وتحقيق أسباب التكافل والتضامن بينهم وتمكينهم من مواجهة كل التحديات ومن إقامة حياتهم على هدي من شريعة الله سبحانه.
رابعًا: التمييز بين قضايا الدراسات والبحوث وموضوعات الفتوى وذلك بالتركيز في البحوث والدراسات بصفة خاصة على الندوات العلمية والأيام الدراسية وفق خطة تعدها شعبة التخطيط لتعرض على المجلس.
بسم الله الرحمن الرحيم
تحية دورة الجمع
للدكتور: محمد عبد اللطيف صالح الفرفور
بوركت أرض يعرب والسماء
وضفاف الأردن والبلقاء
أمة بورك الزمان عليها
ورعتها يد له سحاء
أنها أمتي التي رفع الله
منارًا لها به الاهتداء
أنها خير أمة لنبي
كان من بعض جنده الأنبياء
نبعة العز فيهمو وبهم قا
م عماد لدينهم واعتلاء
هذه أرضهم عليها لواء
من أضاح ما فوقهن لواء
رويت تربة العروبة منهم
فالأقاحي جذورها شهداء
ولئن باحت الورود بسر
ند منها فوجنتاها دماء
أرضنا ضمخت بعطر الضحايا
فالروابي زهورها أشلاء
فعلى الأرض من شذاها عبير
وعليها من البهاء رواء
بوركت أمة النبي وأرض
شرفتها نعل له غبراء
هذه الأرض أرضنا وحمانا
وهي عرض تحميه منا الدماء
لو بقينا بعد القتال رفاتا
قام من ذلك الرفات القضاء
أبدا لن ترى العدو يجوس الدار
إلا وأهلها قد أساءوا
مزقتهم حمى الزعامة فيهم
فهموا في حماهمو أشلاء
إيه يا أمة النبي وأنت اليوم
أنت المني وأنت الرجاء
يا بني أمتي إلام ابتعادا
عن هداه يهدي له من يشاء
عزَّ آباؤكم بنصرهمو الل
هـ وهم في نفوسهم ضعفاء
والبطولات في دماكم تلظت
هي وقف عليكمو وبناء
لا تقولوا قد فاتنا الركب إنا
قد أُكِلْنَا وما بذاك بقاء
إن تعاقد هذي الخناصر نضحي
لبلاء ما بعد ذاك بلاء
يا لمهد المسيح والحرم الأقصى
وأرض ترابها أنبياء
جاسها السيد الكليم بتوراة
وفيها الشريعة الغراء
ولقد شرف المسيح ترابا
وطئته برجلها العذارء
وبإسرائك المبارك أضحي
برؤه في محمد وانتهاء
إيهِ أرض البلقاء فيك عظام
لأناس هم همو العظماء
في ثراك الصحابة الغر ناموا
وهمو للنبي فيهم فداء
مؤتة من تلاحم المجد فيها
تتجلى البطولة العرباء
شهدت موت جعفر فهو طير
من طيور الجنان كيف يشاء
عبق المجد والبطولة عطر
ليس يدري عبيره الجبناء
يا لهول اليرموك في غسق الفجر
وما للمحاربين اهتداء
وجيوش الرومان تسرع في وا
قوصة في جحيمها البلواء
عندها تسمع الهدير هريرًا
وبجوف الظلام يعلو النداء
ما تنادوا (الله أكبر) إلا
رقص السيف واستحر اللقاء
أمتي أمة الحضارات فيها
ظللتها الظلال والأفياء
نبعت في ثري رباها عيون
وعلوم وحكمة علياء
لم تك الحرب في شريعتها العظمى
اشتفاء وأين منها الشفاء
إنما الحرب للطواغيت حتى
ظهر الحق للشعوب وفاؤوا
دخل الناس في الشريعة أفواجًا
ويحدوهمو إليها رضاء
بعث الدين في العقول انبعاثًا
للمعالي وهن قَبْلُ هواء
فإذا جوهر الحضارة فيهم
فهمو في شعوبهم حكماء
وأنارت تلك الحضارات دربًا
أين منها النجوم والجوزاء
وبهذا الإسلام نصنع صرحًا
للحضارات ما إليه انتهاء
يا بلاد الشام يا أمل الدن
يا ويا بارقا سناك ضياء
كنت كهف العلوم والفكر حتى
غالك الدهر والليالي وفاء
هذه صحوة ومنبعها الشام
وأردنها ونعم العطاء
إن تفرق منا حدود فإنا
نحن يوم الشدائد الأوفياء
إن ذكرت الشام يومًا فعمان
وتلك الخريدة المعطاء
نحن في الروع أمة وحد الد
ين عراها وباركتها السماء
ما دمشق عندي وعمان إلا
بلد واحد له الانتماء
أبدًا لن تزول أمتي الكبـ
ـرى ولن يغلب العلا لأواء
شرف باذخ ومجد تليد
ولنا في المجامع الآباء
ولعمري كل البلاد وطائي
من بلاد الإسلام وهو الغطاء
مجمع الفقه يا كبير المعاني
أنت في ليلنا هدى وسناء
فيك ناطت هذي الشعوب جسامًا
هي للقوم عزة وارتقاء
وعليك الآمال تعقد فينا
ولديك المحجة البيضاء
فأعد مجد ديننا واجمع الشمـ
ـل وحقق ما أخفقت به الزعماء
رد للمسلمين عزة دنياهم
وصحح ما قد يكون أساؤوا
هذه أمة تجاوزها التاريخ
في عقر دراهم بؤساء
هل وجدتم فيما وصلتم علاجًا
فلماذا لم تشبع الفقراء؟
ليس تحت السماء أرحم من دين
رحيم رجاله رحماء
مجمع الفقه يا عبير الأقاحي
قد تندت بعطرك الأرجاء
كنت ريحانة القلوب فلما
زرتنا اليوم كان منك العطاء
امض نحو الخلود أيدك اللـ
ـه وفيك الجهابذ الأكفاء
امض نحو الرشاد والنور والإشر
اق قدما تحوطك الأمناء
فكأين من مجمع مات لما
ولدت منه صرخة بلهاء
لا تخف فالحبيب فينا مكين
وله عزة وفيه مضاء
ورئيس لنا هو الأمل المرجو
واليمن والهدى والنقاء
لم أقم مادحًا وما ذاك من شأ
ني ولكن أمانة وذماء
في رحاب الأردن كان لقاء
وبذكر الحسين يحلو اللقاء
وأخوه الأمير سدده الله كفاء
ونعم ذاك الكفاء
من عرين الأٍسود جئنا إلى النسر
وعرش تهفو له العلياء
وشهدنا من ناصريه أسودًا
فهمو عليه الورى العلماء
إيهِ يا مجمع الحضارة آل البيت
يا من تعطرت أنحاء
لهواكم في القلب أحلى من الشـ
ـهد وروضاته بكم فيحاء
وقلوب العشاق فيها أنين
وصدور لهم بها برحاء
وقواف نظمتها في هواكم
بعضها شكرهم وبعض دعاء
فلعل الزمان يسمح يومًا
بتلاق وأين ذاك اللقاء؟
ففؤادي ومجمعي وبلادي
يا حسبنا مني إليك تناء
وقريضي وما عسى أن توفى
لك مني القصائد العصماء
قائمة بأسماء المشاركين في الدورة الثالثة
لمجلس مجمع الفقه الإسلامي
عمان: 8 – 13 صفر 1407 هـ
11 – 16 أكتوبر 1986 م
قائمة بأسماء المشاركين في الدورة الثالثة
لمجلس مجمع الفقه الإسلامي
عمان 8 –13 صفر 1407 هـ
11 – 16 أكتوبر 1986 م.
أولاً: الأعضاء المنتدبون:
1-
فضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد المملكة العربية السعودية رئيس
2-
فضلة الحاج عبد الرحمن باه جمهورية غينيا نائب الرئيس
3-
فضيلة الدكتور عبد السلام العبادي المملكة الأردنية الهاشمية نائب الرئيس
4-
فضيلة الدكتور عبد الله الحاج إبراهيم ماليزيا نائب الرئيس
5-
فضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور الجمهورية العربية السورية رئيس شعبة التخطيط
6-
فضيلة الشيخ عبد العزيز محمد عيسى جمهورية مصر العربية رئيس شعبة الإفتاء
7-
فضيلة الأستاذ إبراهيم بشير الغويل الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية مقرر شعبة التخطيط
8-
فضيلة الأستاذ محمد ميكو المملكة المغربية مقرر شعبة الإفتاء
9-
فضيلة الدكتور محمد شريف أحمد الجمهورية العراقية مقرر شعبة البحوث والدراسات
10-
سيدي محمد يوسف جبري جمهورية مالي عضو مكتب المجلس
11-
فضيلة القاضي محمد تقي العثماني جمهورية باكستان الإسلامية عضو مكتب المجلس
12-
فضيلة الدكتور روحان أمبابي جمهورية السنغال عضو مكتب المجلس
13-
البروفيسور صالح طوغ الجمهورية التركية عضو مكتب المجلس
14-
فضيلة الشيخ محمد هشام البرهاني الإمارات العربية المتحدة عضو
15-
فضيلة الشيخ أحمد أزهر بشير جمهورية أندونيسيا عضو
16-
فضيلة الشيخ محمد عبد اللطيف آل سعد دولة البحرين عضو
17-
فضيلة الدكتور دوكوري أبو بكر جمهورية بوركينا فاسو عضو
18-
فضيلة الشيخ عبد الحميد بن باكل سلطنة بروني دار السلام عضو
19-
حجة الإسلام محمد علي التسخيري جمهورية إيران الإسلامية عضو
20-
فضيلة الشيخ محمد علي عبد الله جمهورية النيجر عضو
21-
فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي الجمهورية التونسية عضو
22-
سعادة الدكتور عمر جاه جمهورية غامبيا عضو
23 – فضيلة الشيخ هارون خليف جيلي جمهورية جيبوتي عضو
24 – فضيلة الدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد جمهورية السودان عضو
25-
فضيلة الشيخ آدم الشيخ عبد الله علي جمهورية الصومال الديمقراطية عضو
26-
فضيلة الشيخ تيجاني صابون محمد جمهورية تشاد عضو
27-
فضيلة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي سلطنة عمان عضو
28-
فضيلة الشيخ رجب بيوض التميمي فلسطين عضو
29-
فضيلة الشيخ خليل محيي الدين الميس الجمهورية اللبنانية عضو
30-
فضيلة الشيخ موسى فتحي جمهورية المالديف عضو
31-
معالي الشيخ محمد سالم محمد علي عبد الودود جمهورية موريتانيا الإسلامية عضو
32 – فضيلة الشيخ سعيد محمد عبد الرحمن آل الشيخ جمهورية القمر الاتحادية الإسلامية عضو
33-
فضيلة الشيخ محمد عبده عمر جمهورية اليمن الديمقراطية عضو
34 – فضيلة الشيخ أنس عبد النور خاليصا جمهورية أوغندا عضو
ثانيًا: الأعضاء المعينون:
1-
معالي الدكتور عبد العزيز الخياط: مؤسسة آل البيت
2-
معالي الأستاذ عبد الهادي بو طالب: المدير العالم للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم الثقافية (المملكة الغربية)
3-
فضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير: أستاذ بجامعة الخرطوم.
4-
فضيلة الشيخ مصطفى أحمد الزرقاء: أستاذ في كلية الشريعة بالجامعة الأردنية – عمان
5-
فضيلة الشيخ عبد الرحمن البسام: عضو مجمع الفقه الإسلامي (بمكة المكرمة)
6-
فضيلة الشيخ طه جابر العلواني: مدير المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن.
7-
فضيلة الدكتور عبد الستار عبد الكريم أبو غدة: خبير ومقرر الموسوعة الفقهية بالكويت.
ثالثا: الخبراء:
1-
فضيلة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي: عميد كلية الشريعة ومدير مركز بحوث السنة والسيرة بجامعة قطر.
2-
فضيلة الدكتور وهبة الزحيلي: رئيس قسم الشريعة الإسلامية، جامعة الإمارات كلية الشريعة والقانون.
3-
فضيلة الدكتور علي أحمد السالوس: أستاذ مساعد بكلية الشريعة. جامعة قطر.
4-
سعادة الدكتور محمد علي البار: طبيب – مستشار قسم الطب الإسلامي مركز الملك فهد للبحوث الطبية جامعة الملك عبد العزيز – جدة.
5-
سعادة الأستاذ أحمد بزيع الياسين: مدير بيت التمويل الكويتي.
6-
فضيلة الشيخ كمال الدين جعيط: أستاذ بالكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين بتونس. وخبير لدى جامعة الدول العربية.
7-
فضيلة الدكتور نزيه كمال حماد: أستاذ مشارك في قسم القضاء بجامعة أم القرى – بمكة المكرمة) .
8-
فضيلة الدكتور حسن عبد الله الأمين: معهد البحوث (البنك الإسلامي للتنمية بجدة)
9-
فضيلة الشيخ مصطفى كمال التارزي: أستاذ.
10-
فضيلة الشيخ عبد الله الشيخ المحفوظ بن بيه: أستاذ بجامعة الملك عبد العزيز/كلية الآداب بجدة.
11-
فضيلة الشيخ محيي الدين قادي: أستاذ.
12-
فضيلة الشيخ أحمد محمد جمال: عضو مجلس الشورى وأستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة.
13-
سعادة الدكتور فخر الدين بن عثمان الكراي: باحث علوم الفضاء بالولايات الإمريكية المتحدة
14-
فضيلة الأستاذ علي حيدري: خبير في شؤون الاقتصاد.
رابعًا: الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي:
1-
معالي الشيخ فؤاد عبد الحميد الخطيب: الأمين العام المساعد.
خامسًا: المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت) :
1-
معالي الأستاذ الدكتور ناصر الدين الأسد: وزير التعليم العالي، ورئيس مؤسسة آل البيت.
2-
الأستاذ فاروق جرار: أمين النشر والشؤون العلمية بالمؤسسة.
سادسًا: البنك الإسلامي للتنمية:
1-
معالي الدكتور أحمد محمد علي: رئيس البنك.
2-
الأستاذ محمد الفاتح حامد: مستشار قانوني.
3-
الدكتور عبد الرزاق اللبابيدي.
4-
الأستاذ دورموس شفدار.
5 – الدكتور منذر قحف: باحث اقتصادي.
سابعًا: الأمانة العامة للمجمع:
1-
فضيلة الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة: الأمين العام
تم بحمد الله وحسن عونه طبع هذا العدد الثالث من مجلة مجمع الفقه الإسلامي، ونحن نعتذر للقارئ الكريم عما قد يكون حصل فيه من سهو أو خطأ. كما يؤسفنا سقوط بعض صفحات منه لم يقع الانتباه إليها إلا في المرحلة الأخيرة من الطبع بحيث لم نتمكن من تداركها، وإنا لنرجو أن نقوم بذلك في العدد القادم إن شاء الله.