الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توظيف الزكاة
في مشاريع ذات ريع دون تمليك فردي للمستحق
لفضيلة الشيخ حسن عبد الله الأمين
بسم الله الرحمن الرحيم
توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع دون تمليك فردي للمستحق
1-
من مباحث الزكاة التي تشغل بال المشتغلين ببحث ودراسة الجوانب المختلفة لهذه الشعيرة والفريضة العظيمة من فرائض الإسلام التوزيع أو التصرف فيها في وجوه الاستحقاق، ولقد حدد القرآن الكريم بصورة قاطعة هذه الوجوه والجهات التي تستحق الزكاة في قوله تعالى في سورة التوبة:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} ، ولم يعد هنالك إمكانية لزيادة بند آخر أو مجال للاجتهاد في هذا الصدد.
2-
ولكن كيفية التوزيع أو التصرف في الزكاة على هذه الوجوه المحددة للمستحقين كانت مجال نظر واجتهاد للفقهاء، فذهب بعضهم إلى لزوم توزيعها على الأصناف الثمانية، ولا يصح صرفها عندهم على بعض المستحقين دون البعض الآخر. وذهب جمهور الفقهاء إلى صحة صرفها على بعض هذه الأصناف من المستحقين لأهميتهم حسب تقدير ولي الأمر.
على المستوى الفردي
3-
وفي ترتيب أولويات التوزيع جميعهم متفقون على البدء برفع حاجة الفقير والمسكين ولكنهم اختلفوا في المدى الذي ترفع به هذه الحاجة هل هو ما يكفي لمدة يوم واحد أو أسبوع، أو شهر أو سنة أو ماذا؟ أغلبهم ذهب إلى إعطاء الفقير أو المسكين ما يكفيه لمدة عام، سواء أكانت الزكاة نقدا أو عينا.
بل ذهب بعضهم إلى إعطائه ما يغنيه العمر كله، ورأى آخرون أن يعطى ما يشتري به الآلة أو أداة عمله، أو صنعته بحيث يستغني بذلك مستقبلا عن الحاجة للزكاة، مهما بلغ ثمن ذلك الشيء، ولكن هذا كله على مستوى الفرد الفقير والمسكين أو على مستوى الأسرة الواحدة، ممثلة في شخص عائلها الذي توفر له هذه الإمكانيات من أموال الزكاة، وهذا كله في إطار الأصناف الثمانية الذين نصت عليهم آيات القرآن الكريم.
على المستوى الجماعي
أما استغلال أموال الزكاة وتوظيفها في أدوات إنتاج أو مشاريع ذات ريع لمصلحة مجموع الفقراء والمساكين دون تملك فردي للمستحق فلم يسبق أن طرح على بساط البحث الفقهي – فيما نعلم – لدى الفقهاء القدامي، وإنما طرق هذا الموضوع فكريا في عصرنا الحاضر في عهد المؤسسات والشركات والمشاريع الجماعية فقيل: لماذا لا تنشأ بأموال الزكاة مشاريع إنتاجية للفقراء عموما ينتفعون بريع عائداتها دون أن يكون هنالك تملك فردي لأعيانها؟ حيث يمثل ذلك تأمينا دائما للفقير والمسكين بدلا من أن تعطى لهم أموال الزكاة نقدا أو عينا فينفقونها ويستهلكونها أولا بأول؟ وتظل حالهم على ما هي عليه من الفقر والحاجة، وربما لا توجد أموال زكوية تلبي حاجة الفقير والمسكين في وقتها على الدوام.
وهذه المنشآت والمشاريع المقترحة قد يكون فيها من المنافع ما يشمل ويعم مع الفقراء والمساكين بعض الأغنياء أو أعداداً كثيرة منهم، كما إذا كانت هذه المنشآت مستشفيات أو مدارس أو غيرها مما يعم نفعه، فكيف يكون ذلك، وأصل هذه المنشآت من أموال الزكاة وهؤلاء الأغنياء ليسوا من أصحابها أو مصارفها الشرعية؟
والإجابة على ذلك أن الغني حينما ينتفع بهذه المنشآت والمشاريع الزكوية لا بد أن يكون ذلك بمقابل مالي يدفع لصندوق هذه المنشآت ليعودوا إلى جميع الفقراء والمساكين.
الأساس الشرعي لفكرة توظيف أموال الزكاة
فكرة توظيف أموال الزكاة في مشاريع ذات ريع قلنا لم تطرق في الفقه القديم، أي أنها لم تدرس ولم يجر بحث حولها لدى الفقهاء القدامي، ولم يرد لها ذكر في كتبهم، ذلك أن هذه الفكرة إنما طرأت حديثا نتيجة لتطور الحياة الاجتماعية وتعقيداتها وتنوع أساليب العمل والإنتاج، وظهور الأشكال الجماعية وبروزها في مجال الإنتاج والاستثمار مما جعل التفكير في استثمار أموال الزكاة بالأشكال والأساليب الحديثة لمصلحة مستحقي الزكاة عموما دون ملكية فردية لكل مستحق – أمرا لا بد من طرحه، بل لا بد من ولوجه وممارسته، ومن هنا كان طرحه على بساط البحث لمعرفة ما إذا كان هذا الاتجاه نحو التصرف في أموال الزكاة وتوزيعها مقبولا شرعا فيشرع في محاولة تطبيقه أم ممنوع فيترك ويصرف النظر عنه؟
والموضوع كما يظهر من عدم التعرض له من رجال الفقه قديما أنه لا نص عليه، لعدم بروزه إلى الوجود، ولذلك حينما ظهر في العصر الحاضر واحتاج إلى رأي فقهي كان مجالا للاجتهاد بالرأي والاسئناس بالقياس ما أمكن ذلك، وبناءاً على ذلك فقد يكون من المناسب أن ينظر في هذا الموضوع على ضوء معطيات السنة الشريفة في تشجيع العمل وتهيئة الأوضاع المناسبة للقيام به كأسلوب تربوي في الاعتماد على النفس وإغنائها عن الحاجة للغير وطلب العون منهم أو مساعدتهم وذلك كما في قصة ذلك الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى عن أنس بن مالك:((أن رجلا من الأنصار أتي النبي صلى الله عليه وسلم يسأله: فقال: أما في بيتك شيء؟)) قال: بلى يا رسول الله، حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه الماء، فقال:((ائتني بهما)) ، فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:((من يشتري هذين؟)) قال رجل: أنا أخذهما بدرهم، قال:((من يزيد على درهم؟)) مرتين أو ثلاثا، فقال رجل: أنا أخذهما بدرهمين فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري وقال: ((اشتر بأحدهما طعاما وأنبذه إلى أهلك واشتر بالآخر قدوما فأتني به)) ، فشد رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا بيده ثم قال له:((اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما)) ، فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها طعاما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مقطع، أو لذي دم موجع)) .
وفي ضوء هذا التوجيه والإرشاد النبوي للفقير من ماله القليل يمكن من باب أولى الاستئناس بهذا التوجيه النبوى الشريف بترشيد مال الزكاة لمصلحة الفقير والمسكين فيما يعود عليهم بالنفع المستمر في شكل منشآت أو مشاريع تنشأ من مال الزكاة ويوزع ريعها على المستحقين، ولعل هذه القصة الواقعة وموحياتها التوجهيهة كانت في الماضي هي المستند والمؤشر للفقهاء القدامي في توظيف أموال الزكاة للفقراء والمساكين على المستوي الفردي فيما يعود عليه بالنفع.
وهذا ما يجعل قياس توظيف الأموال الزكوية في منشآت مشاريع تدر ريعا على المستحقين للزكاة في شكل جماعي أمرا موجها ومقبولا بإذن الله تعالى، من الوجهه الشرعية (1)
بعض الاعتراضات على الموضوع
هناك اعتراضات تثار حول توظيف أموال الزكاة في مشاريع ذات ريع لدى بعض الباحثين: منها أن في هذا الأمر خروجا على أصناف توزيع الزكاة المحصورة في ثمانية بنص القرآن.
والإجابة عن ذلك أن هذا التدبير لأموال الزكاة واضح النفع للمستحقين وهو تطبيق للزكاة داخل الأصناف المحددة، إنه لمصلحة الفقير والمسكين وليس خروجاً عليها.
ومنها أنه حينما توظف أموال الزكاة في مشاريع ثابتة لا تملك هذه المشاريع تملكا فرديا على الفقراء والمساكين وإنما تصبح ملكيتها لشخصية اعتبارية عامة، هم مجموع الفقراء والمساكين، وهذا أمر شبيه بالوقف، ومن أركان الوقف أن يكون هناك واقف، وهنا لا يوجد واقف لأن أموال الزكاة ليست ملكا للمزكين حتى يقفوها.
وأجيب على ذلك بأن هذه الحالة ذات شبه بالوقف من بعض الوجوه وليست مطابقة، ومعني ذلك أنها خارجة عن الوقف، وما دام الأمر كذلك فليست بحاجة لتوفر أركان الوقف أو شروطه وهو المطلوب.
بعض المحاولات التطبيقية
من الناحية الواقعية فقد بدأت بعض الجهات أو الحكومات تنفيذ فكرة توظيف الزكاة في مشاريع ذات عائد على المستحقين دون تمليك فردي لها، وكانت النتائج باهرة في تحقيق مصالح المستحقين، كما هو الحال في دولة باكستان، والدولة الأردنية وبيت الزكاة الكويتي، مما هو مفصل في أصل هذا البحث.
(1) لا بد من رفع حاجة الفقير والمسكين من مال الزكاة إلى الحد المعقول أولا وقبل توظيف الأموال في المشاريع المذكورة، فرفع حاجة الفقير ابتداء شرطة لصحة الصيرورة إلى التوظيف الآخر
المناقشة
توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع
بلا تمليك فردي للمستحق
الجلسة الصباحية: صفر 1407هـ /13 أكتوبر 1986 م
الرئيس:
العرض في توظيف الزكاة فضيلة الشيخ محمد عبد اللطيف فرفور فنرجو أن يتفضل بإعطاء عرض عن مسألة توظيف الزكاة.
الشيخ محمد عبد اللطيف الفرفور:
شكرا أيها السيد الرئيس
…
بسم الله الرحمن الرحيم
…
الحمد لله والسلام على عباده الذين اصطفى.
توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي المستحق هو عنوان البحث. يعتمد هذا المبحث على مبحث آخر لابد من التعرض له، وهو: هل تغني الإباحة عن التمليك في إخراج الواجبة؟ نص الحنفية والجمهور من الفقهاء على أنه لا تجزئ عن الزكاة الإباحة ولا الإطعام، لأنه لا بد من تمليك لقوله تعالى {وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} فكل ما جاء في القرآن المجيد بلفظ الإيتاء يشترط فيه التمليك لأن الإيتاء خاص معناه التمليك، والاختصاص دون الإباحة والإطعام، لكن قالوا: إذا دفع الغني للفقير المطعوم ناويا الزكاة يجزئه وذلك كما إذا وضعه في سفط ووضعه في يده بنية الزكاة، وكما لو كساه، لأنه بالدفع إلى الفقير بنية الزكاة يملكه، فيصير الفقير آكلا من ملكه، بخلاف ما لو أطعمه معه.
وأجاز بعض الزيدية احتساب ما يقدمه لضيوفه الفقراء من الزكاة بشروط:
أولها: أن ينوى الزكاة، وثانيها: أن تكون عين الطعام باقية كالتمر والزبيب، وثالثهما: أن يصير إلى كل واحد ما له قيمة ولا يتسامح بمثله. ورابعها: أن يقبضه الفقير أو يخلي بينه وبينه مع علمه بذلك. وخامسها: أن يعلم الفقير أنه زكاة لئلا يعتقد مجازاته ورد الجميل بمثله.
المقصد من المبحث: هل يصح توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق؟ أي بلا تمليك مباشر. لم يتعرض الفقهاء القدامى ولا المعاصرون فيما أعلم إلى هذا الأمر الجديد الذي يصح أن يسمى نازلة أو واقعة. وهي مما عمت به البلوى واحتاج الناس إليه في هذا العصر، فوجب النظر من جديد على ضوء القواعد الفقهية الكبرى في مذاهب فقهاء الأمصار. أما أنظار زملائى أعضاء المجمع وخبرائه الكرام فتتلخص فيما يلى حسبما جاء في كتابتهم المشكورة.
أولا: ذهب فضيلة الأخ تيجاني صابون محمد حفظه الله، وهو مالكي المذهب في مقولته هذه فيما أحسب، ذهب إلى أن توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق لا يمكن أن يتم إلا إذا وجد مستحقو الزكاة حقوقهم، وبقدر الكفاية المحددة لهم بأنه لا بد أن يعطى الفقير القدر الذي يخرجه من الفقر إلى الغنى. فإذا ما حصل ذلك ووجد كل ذي حقه من أموال الصدقة أي الزكاة وفاضت، فيمكن بعد توجيها إلى مثل هذا المشروع كما حدث في عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لما أبلغ بفيض أموال الصدقة بعد توزيعها إلى المستحقين أمر بتزويج العزاب منها. كما أخرجه الإمام في موطئه في باب القراض حسب عزم الشيخ والعهدة على الناقل. وقد جعله عمر قراضا فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه وأخذ ابنه ربح المال.
وذهب فضيلة الأخ الدكتور حسن الأمين إلى جواز ترشيد مال الزكاة لمصلحة الفقراء فيما يعود عليهم بالنفع المستمر في شكل منشآت ومشاريع تنشأ من مال الزكاة ويوزع ريعها على المستحقين وشرط لذلك أنه لابد من رفع حاجة الفقير والمسكين من مال الزكاة إلى الحد المعقول أولا قبل توظيف المال في المشاريع المذكورة فرفع حاجة الفقير ابتداء شرط لصحة الصيرورة إلى التوظيف الآخر، واستشهد لقوله هذا بحديث أنس رضي الله عنه في قصة منع السائل عن السؤال والكدية في ضوء تشجيع العمل وإغناء النفس عن الحاجة للغير. والحديث معروف لديكم واستأنس حفظه الله بما فعلته الحكومات المعاصرة من ذلك كدولتي باكستان والأردن الشقيق وبيت الزكاة الكويتي مما حقق نتائج جيدة.
وذهب فضيلة الأخ الشيخ آدم شيخ عبد الله علي حفظه الله إلى أن الفقهاء اتفقوا على أنه لا يجوز صرف الزكاة إلا على الأصناف الثمانية القرآنية. وقد اختلفوا على ثلاثة أقوال بعد أولها قدر كفايتهم للعمر الغالب. ثانيا قدر كفايتهم في السنة. ثالثا: أقل من قدر كفايتهم. وشرح ذلك بما لا مزيد عليه ثم قال: وتوظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع دون تمليك فردي للمستحق بمعنى استرجاح أموال الزكاة عن طريق توظيفها لاستنمائها غير جائز لأسباب أربعة ذكرها في مقولته أذكرها بالنص:
أولا: أن هذه الأعمال تعرض المال للفائدة والخسارة فربما يترتب عليها ضياع أموال الزكاة.
ثانيا: أن توظيف أموال الزكاة في أى من المشاريع الإنمائية يؤدي إلى انتظام الفائدة المترتبة عليها. وهذا قد يأخذ وقتا طويلا فيكون سببا في تأخير تسليم أموال الزكاة لمستحقيها بدون دليل شرعي مع أن المطلوب التعجيل في أداء حقوق المستحقين للزكاة....
الشيخ عبد العزيز الخياط:
…
{الْغَارِمِينَ} وقد يعطى أموالا طائلة في ذلك من مردود وكذلك أن يعطى صاحب الصنعة ما تلف من الصنعة أو من أدوات صنعته فقد نصوا كذلك على أنه يمكنه أن يعطى مزرعة أو ضيعة يستغلها. واذا كان بعض الفقراء كما ورد في الأبحاث الكريمة، وكما ورد في الفقه أنه يعطى كفايته للعمر كله وبعضهم حدده بسنة. إذن يمكن أن نتولى استثمارها في الأموال لضمان عمل ومورد لذوي البطالة غير الإجبارية للقادرين على العمل بما حصل للنبي عليه الصلاة والسلام وإن كان في غير مال الصدقة من ماله في أنه منع المتسول أن يعطى من مال الصدقة. ودفعه إلى العمل بأن باع له إناءه بدرهمين ثم كلفه بالعمل وقال له: لا أرين وجهك خمسة عشر يوما وذهب وعمل. فيستهدي بذلك في ضرورة توفير العمل لهؤلاء وإذا كنا نحن أخذنا جزءا من هذه الأموال واستثمارناها فنحن في هذا الموضوع نعطيه تمليكا لمجموع الفقراء. وهذا يقتضي أن نلجأ إلى ما أشار إليه الأستاذ الدكتور الفرفور في موضوع أن يكون القائم على ذلك هيئة أو مؤسسة.
أنا اقترحت أن تكون هناك مؤسسة للزكاة سموها ما شئتم: مؤسسة الزكاة، صندوق الزكاة، أو أي تسمية أخرى هذه المؤسسة يقوم فيها المزكون باستثمار أموال الزكاة مع الهيئة الإدارية فيها. وهذا الاستثمار كما قلنا جزء كبير من الأموال وتستغل فيه أصحاب البطالة الاختيارية وينتفي عنهم العمل هذا ما أرى أن تذهب إليه مستهديا بما قرأنا من النصوص ومستهديا ببعض آراء الفقهاء، وأقول في هذا الأمر كلمة أخيرة: نحن درسنا على مذاهب مختلفة وقد يكون لكل منا رأى مختلف ولكن ما دام هناك تيسير للمسلمين في تحقيق مصالح الفقراء في رأي من هذه الآراء فأرى ألا نتمسك برأي فقيه آخر في هذا الأمر. ولهذا أجنح وأميل إلى الأخذ بتوظيف واستثمار بعض أموال الزكاة لصالح الفقراء وشكرًا للأخوة الكرام.
الرئيس:
شكرا وأحب أن أسأل معالي الشيخ عبد العزيز سؤالا نظرا لأنكم أفضتم في الموضوع أنه نظرا لإلغاء الأوقاف فإذا كانت هناك في بلاد ألغيت فيها الأوقاف فكيف يقال ينشأ فيها صندوق للزكاة وتوظف فيه.
الشيخ عبد العزيز الخياط:
عفوا
…
الأوقاف لم تلغ في كل البلاد.
الرئيس:
أنا أريد أن أسأل لأن السؤال في هذه النقطة خاصة بغض النظر عن أية دولة من الدول أو حكومة من الحكومات. إذا كانت حكومة بلاد تعايش أن بابا من أبواب الفقه نسف وهو تقريبا قد يكون في ثلاث حكومات أو أربع حكومات.
الشيخ عبد العزيز الخياط:
إن هناك مؤسسات شرعية مازالت قائمة في كل البلاد الإسلامية وما زال العمل بقوانين تتعلق بالأحكام الشرعية في كثير من البلاد الإسلامية، فقوانين الأحوال الشخصية معمول به في جميع البلاد الإسلامية عربية أو غير عربية بالرغم من محاولات إدخال ما ليس من الأحكام الشرعية عليها في بعض البلدان، هناك القضاء الإسلامي وما يسمى بالقضاء الشرعي قائما في كثير من البلدان الإسلامية. وفي بعض البلدان الإسلامية ومنها العربية هناك قضاء واحد يحكم بالشريعة الإسلامية. من هنا أقول ما زال المسلمون بخير ونحن لا نقول بإلغاء الأوقاف، الأوقاف قائمة في كل البلاد. وإذا كانت قد ألغيت في بعض البلدان الإسلامية فلا يعني هذا عدم وجود القضاء الشرعي وعدم سيطرة المسلمين على ذلك. هذه نقطة.
النقطة الثانية: أقول اشتراك المزكين أنفسهم في استثمار هذه الأموال مما يؤدي إلى ضمان وجود ثقة بين المزكي وبين المؤسسة مما يدفعها إلى تنمية هذه الأموال أما إذا كانت هناك أمور فوق قدرتنا وفوق طاقاتنا فهذا مالا نستطيع دفعه، وهو بلاء. نسأل الله أن يحمينا منه ومع ذلك علينا نحن أن نعمل بما نقتنع أنه حكم شرعي توصلنا إليه بغض النظر عما هو قائم بالبلاد العربية أو الإسلامية. وشكرًا.
الشيخ عبد الستار أبو غدة:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الموضوع طرح في مؤسسة بيت الزكاة بالكويت حيث تقدم بعض المزكيين أو بعض المتصدقين برغبتهم في أن توضع أموالهم في مشاريع ثابتة. ولما عرض هذا الأمر على الهيئة الشرعية لبيت الزكاة أبدت رأيها فيه. وملخص هذا الرأي في صورة موجزة جدًا: الهيئة رأت أن هذا يدخل في الصدقة الجارية استئناسا وليس صراحة ووضعت عدة ضوابط لكي لا تزول صفة الزكاة من هذه المشاريع التي وضعت من أموال مأخوذة من الزكاة، كما أن الهيئة لاحظت فرقا كبيرا بين استثمار الزكاة وبين توظيف الزكاة في مشاريع فاستثمار الزكاة معنى ذلك أن تبقى الأموال المأخوذة زكاة نقود سائلة يمكن صرفها في أى وقت وإنما بدل أن تصرف فورا تستثمر في مثل البنوك الإسلامية والشركات الإسلامية التي يسهل فيها استرجاع هذه الأموال في أي حين فيدفع من هذه الثمرة وهذا الريع ويظل المبلغ الأصلي قابلا للصرف عند الحاجة بدون صعوبات. أما الغرض من هذا الموضوع فهو أن تتحول هذه الأموال المأخوذة من الزكاة إلى مشاريع قد يكون مصنعا من المصانع لتأهيل المحتاجين قد يكون مدرسة ليتعلم فيها الطلبة الفقراء. قد يكون مستشفى يعالج فيه المرضى المحتاجون والمستحقون للزكاة.
إذا الأموال ذابت وخرجت من طوق التصرف وأصبحت هي نفسها ذات ريع وهذا الريع ثمرة هذه الزكاة. وأيضا لاحظت الهيئة الشرعية في بيت الزكاة تفرقة هذا الموضوع عن الوقف لأن الوقف فيه تثبيت العين والتصدق بالثمرة وله أحكام خاصة من حيث امتناع بيعه واستبداله إلا في ظروف خاصة أو التصدق بعينه لأن عين الوقف أصبحت على ملك الله عز وجل ولا يجوز التصرف فيها. هذا التوظيف للزكاة في مشاريع كما قلت يجري مجرى الصدقة الجارية ويشمله الحديث الشريف: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية)) ، ولفظ الصدقة هنا مطلق ولكن الهيئة الشرعية لاحظت وأصرت على ثلاثة أمور لعدم الخلط بين الزكاة وبين الصدقة المطلقة. وهذه الأمور الثلاثة هي:
أولا: الانتفاع بتلك الأصول وريعها يقصر على مستحقي الزكاة من الأصناف الثمانية.
الأمر الثاني: إذا اقتضى الأمر صرف أعيان تلك الأصول لقيام الحاجة إلى ذلك لوجود وجوه صرف عاجلة ولا يوجد ما يسدها من أموال أخرى فانه يجب بيعها وصرف أثمانها في مصارف الزكاة إذ لا يجوز تأخير صرف الزكاة سواء ظهرت في صورة مبالغ أو أصول مادامت الحاجة قائمة ولا يغير هذا الحكم اشتراط المزكي خلافه.
الأمر الثالث: إذا بيعت تلك الأصول لأي سبب فيجب أن ترد أثمانها إلى أموال الزكاة للصرف على المستحقين أو لشراء بديل يخصص لمثل ما كانت له. والحمد لله رب العالمين.
الدكتور محمد عطا السيد:
هل تستخدم أموال الزكاة في مشاريع ذات ريع بعد أن تفيض هذه الأموال على المصارف التي حددها الله سبحانه وتعالى في كتابه فقط أم أيضا تستعمل قبل أن تستوفى هذه المصارف؟ في رأيي أنه إذا كان يقصد أن استخدام أموال الزكاة في مشاريع ذات ريع مع عدم فيضها على هذه المصارف التي حددها الله تعالى لا أوافق على ذلك وأرى أن هذا فيه مخالفة للنص ومخالفة لروح التشريع أما إن كان يرون أن استخدامه بعد أن تفيض هذه الأموال على المصارف التي حددها الله تعالى فأنا لا أوافق الشيخ في أن هذه المسألة مما عمت به البلوى وصار نازلة تستدعي حكما عاجلا لأننا نحن نعلم اليوم حالة المسلمين وحالة الفقر التي تكلمنا عنها البارحة فبالتالي يكون هذا الموضوع ليس من المسائل التي تستأهل البت السريع في هذه المسألة. وأرى أن توضيح هذه المسالة برأي فقهي واضح مهم للغاية.
الشيخ أحمد بازيع الياسين:
بسم الله الرحمن الرحيم.... وبه أستعين....
عندي إيضاح وسؤال ودعاء ودعوة: أما الإيضاح فهو عن بيت الزكاة: بيت الزكاة أنا عضو فيه وعلى تنمية الموارد، ولكن الموارد التي تنمى في بيت الزكاة هي المنحة وليست الزكاة، أموال الزكاة التي تأتي إلى بيت الزكاة من الناس ومن المزكيين تصرف تباعا، أما المنحة التي تعطيها الدولة إلى بيت الزكاة سنويا تعطى منحة أحيانا مبالغ هذه المبالغ تنمى لأنها ليست من الزكاة والصدقة الجارية التي قال عنها أستأذنا الدكتور عبد الستار هذه أيضا ليست من باب الزكاة هي صدقة جارية ليست زكوات.
السؤال: إذا كانت أبواب الزكاة ثمانية، عندنا الفقراء والمساكين هذان بابان لا نستطيع أن نهملهما يجب أن نأخذ الزكاة وننفق عليهم لأنهم في حاجة فورية لمعيشتهم اليومية.
ثم أن هناك أبواب ستة هذه الأبواب الستة فيها تراخ عند الصرف. السؤال هنا هل يمكن استثمار هذا الأموال؟ وأنا لم أفهم كلمة صرف الزكاة يعني كلمة الصرف في مشاريع ذات ريع هي ليست صرف هي توظيف واستثمار الصرف في الحقيقة هو ما يصرف وينفق إنما لو أخذنا ستة أثمان، أنفقنا ثمنين في باب الفقير والمسكين وستة أثمان هي التي تصرف على التراخي لو استثمرت بأيد أمينة على شرط بأيد أمينة وهذه الأيدي تستثمر هذه الأموال وهذه الأيدي تصرف في الزكاة وتستثمرها في استثمارات قليلة المخاطر ليس هناك استثمار ليس به مخاطر إنما قليل المخاطر وقد تكون المخاطر فيها متلاشية هذا السؤال.
أما الدعاء والدعوة {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} يعني نحن ندعو الله سبحانه وتعالى بأن يلهمنا سبل الرشاد وندعو الأمة الإسلامية بأن تلتزم بدينها لأنه هو منجاتها وحبلها المتين {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} كما قال سبحانه وتعالى بهذا الدعاء والدعوة، وشكرًا.
الشيخ يوسف القرضاوي:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} .
وبعد، فموضوع توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق هذا هو العنوان المطروح علينا. البعض من الأخوة الذين قدموا البحوث ذكروا أن هذا الموضوع ليس له أصل في فقهنا الإسلامي والأخ الدكتور الفرفور. حينما لخص البحوث أيضا ذكر هذا مع أن الأخ الشيخ آدم. الشيخ عبد الله نقل ما ذكرته في كتاب فقه الزكاة في مصرف الفقراء والمساكين وهو ما قاله الشافعية في هذا الأمر، الشافعية ذهبوا إلى أن، الواجب بالنسبة للفقير والمسكين أن يعطى كفاية العمر الغالب لأمثاله ما يغنيه أخذا من حديث " سدادا من عيش أو قواما من عيش، كما قاله الإمام النووي في المجموع وأخذوا من السياسة العمرية الراشدة حيث كان عمر يقول: إذا أعطيتم فأغنوا، وكان يقول " والله لأكررن عليهم الصدقة وإن راح على أحدهم مائة من الإبل ". مائة من الإبل ما يساوي عشرين نصابا من أنصبة الزكاة. فأخذ الشافعية وهو ما نص عليه الإمام الشافعي في الأم أن الفقير يعطى ما يغنيه طول عمره.
وقالوا: إذا كان زارعا تشترى له ضيعة أو حصة في ضيعة تغنيه طول العمر وإذا لم يكن يحسن تجارة أو حرفة قالوا: ليس المقصود أن يعطى مالا سائلا أو نقودا
…
أي يشترى به مثل عقار يكفيه دخله منه طول عمره والأخ الشيخ آدم ذكر هذا الكلام، وليس المراد بإعطاء من لا يحسن الكسب إعطاءه نقدا يكفيه تلك المدة بل ما يكفيه دخله منه فيشترى له به عقار يستغله ويعيش به ثم يملكه ويورث عنه، قال: والأقرب كما بحثه الزركشي أن للأمام دون المالك شراءه له وله إلزامه بالشراء وعدم إخراجه عن ملكه يعني كأنه شبه وقف عليه. حينئذ ليس له إخراجه فلا يحل ولا يصح فيما يظهر ببيعه.
هذا كلام الشافعية في هذا الأمر وأنا قلت بناء على هذا وتستطيع الدولة المسلمة بناء على هذا الرأي أن تنشيء من أموال الزكاة مصانع وعقارات ومؤسسات صناعية أو تجارية ونحوها وتملكها للفقراء كلها أو بعضها لتدر عليهم دخلا يقوم بكفايتهم ولا تجعل لهم الحق في بيعها بناء على ما قاله الزركشي وغيره في بيعها ونقل ملكيتها لتكون شبه موقوفة عليهم.
والأخ الشيخ أدم قال: هذا استنتاج قوي واضح إلا أن الذي ذهب إليه هنا هو تمليك الفقراء هذه الأشياء استقلالا أو اشتراكا. نحن نعلم أنه لم يعد الآن من السهل أن يعطى الفقير ليعمل مصنعا بمفرده أو معملا بمفرده إنما فقراء بلد معين في إفريقيا، وكذا أن نعمل لهم مشغلا يشتغلون به أو مصنعا معينا ويملك هؤلاء الجميع المصنع ويعملون فيه ولهم أرباحه ولا نمكنهم من بيعه لأنه قد يرتكبون سفاهة ويبيعونه. هذا ممكن أن يكون في توظيف أموال الزكاة في مثل هذا الأمر لا تمليكا فرديا ولكن تمليكا للمجموع كما قالوا حصة في شيء آخر فهذا النوع لا أرى به بأسا. هناك أيضا قضية أخرى أرى أنه ينبغي أن لا يكون هناك خلاف عليها وهو مسألة الاستثمار المؤقت الاستثمار المؤقت لأموال الزكاة. وهذا أمر سألت فيه الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية لأنها تأتيها أموال الزكاة ولا تستطيع أن تصرفها في الحال لأن هناك أناسا يتقدمون بطلبات وهذه الطلبات تحتاج إلى وقت حتى تدرس وتعرف جديتها ويوثق الطالبون ويقدم الأحق فالأحق. هذه تأخذ وقتا هذا الوقت ليس من المصلحة أنك تعطل عدة ملايين من الفقراء ويمكن لهذه الملايين أنها تعمل وتستثمر وتزيد خاصة ونحن نعلم أن القوة الشرائية للنقود تتدهور. فحتى نعوض هذا من ناحية ونستثمرها من ناحية أخرى لمصلحة مجموع الفقراء من المستحقين، هذا الاستثمار المؤقت أرى أنه ليس فيه ما يمنع وخاصة ما أشار إليه الأخ الفرفور أن مذهب الحنفية يجيز التأجيل وغيرهم أيضا يجيز تأجيل الصرف لحاجة، وهذه حاجة جيدة وهي ضرورية سواء أردناها أو لم نردها لا بد أن يتأجل الصرف فاستثمار الأموال وخاصة أن هناك أموالا تأتي باستمرار.
فهناك أموال أخرى بالاستثمار المؤقت لأموال الزكاة لحساب مجموع الفقراء أرى أن هذا لا مانع فيه كذلك إذا أخذنا على رأي من يتوسع في سبيل الله وهو أيضا موجود في الفقه الإسلامي ما نقله الرازي عن القفال وما مال إليه الكثيرون وهو أمر مذكور عن عدد من الفقهاء السلف أنه يجوز التوسع في سبيل الله فإذا توسعنا في سبيل الله.
فهذا يمكننا أن نقول: إن في سبيل الله أن كل مصلحة أو قربه فيها خير أو نفع للمسلمين تصبح في سبيل الله. وهذا أولى من القول بأنه بالنسبة " للام " وإن سبيل الله ليس فيها تمليك والغارمين ليس فيها تمليك ولكن الآية فرقت في الحقيقة بين نوعين من المصارف ما عبر عنه بـ " اللام " وما عبر عنه بـ " في " ما عبر عنه بـ " اللام " الظاهر أنه يفيد التمليك للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم هذه هي الأربعة الأولى والأربعة الأخيرة وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فالتعبير له دلالته كما أشار الزمخشرى والمفسرون عامة أن " اللام " تفيد التمليك و " في" تفيد الظرفية أي إعطاءها في هذه المصارف وإن لم يملك أصحابها. فلو فسرنا {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وهو قول وارد على كل ولو توسعنا في هذا فيمكن أن يقول هذا أننا أخذنا من الفقه الإسلامي ولا ينبغي لنا أن نقول إن هذا أمر ليس له سابقة في الفكر الإسلامي وليس له أصل بل له أصل من أكثر من وجه. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
الرئيس:
شكرا لفضيلة الشيخ. وسؤال بسيط يا فضيلة الشيخ يوسف.
فيه قضية يعني أحب إذا تكرمتم نتيجة ما توصلتم إليه في كتاب فقه الزكاة من فورية الزكاة وجوبها على الفور أو التراخي بس يعني إشارة بسيطة.
الشيخ يوسف القرضاوى:
الزكاة واجبة على الفور من غير كلام وحتى الفقهاء أو الأوصوليون الذين اختلفوا في مسألة الأمر، هل الأمر يفيد الوجوب على الفور أو على التراخي؟ قالوا: بالنسبة للزكاة هناك قرائن كثيرة وأدلة كثيرة تدل على الفورية لأن المستحقين وحاجات الفقراء والمساكين والأصناف المستحقة لها لا تتحمل التأخير فالأصل في الزكاة الفورية ولكن القضية هنا يا سيادة الرئيس الفورية حدثت وهو أن الممول أو المكلف الذ0ي وجبت عليه الزكاة دفع الزكاة فورا فعلا ووصلت إلى محلها بالنسبة للمؤسسة المسئولة أو الدولة أو الهيئة أو بيت الزكاة أو تسميه ما تسميه هي الفورية حدثت.
المسألة مسألة بيت المال أو بيت الزكاة والمؤسسة المسئولة هي الآن بعد أن حصلت الفورية تفكر في ما هو أنفع لمجموع المستحقين هل تدفعه في الحال؟ هل تؤخره؟ هذا أمر آخر غير الفورية.
الشيخ تقي عثماني:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وأصحابه أجمعين.
شكرًا سيدي الرئيس
…
الموضوع المطروح أمامنا هو توظيف أموال الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق. والذي ينبغي أن نبت فيه أولا هو أن التمليك هل هو شرط واجب لأداء الزكاة أم لا؟ والذي أرى أن مسألة التمليك في الزكاة قد جرى فيها النقاش ولا يزال منذ سنين ولكن الرأى السائد عند الفقهاء في السلف والخلف هو أن التمليك شرط لأداء الزكاة وأن الأئمة الأربعة فيما أعتقد كلهم يشترطون التمليك الفردي لأداء الزكاة ومادامت الزكاة عبادة يجب علينا أن نحتاط فيه.
وأن توظيف الأموال في مشاريع ذات ريع ليس في رأيي نازلة من النوازل لم تكن معهودة عند السلف الصالح وإنما كانت هناك أموال توظف في مشاريع ذات ريع ولكن ما رأيت بعد في أحد من البحوث المقدمة الينا أنهم ذكروا سابقة من الفقهاء أو من التاريخ الإسلامي أن أموال الزكاة وظفت في مثل هذه المشاريع، مع أن مثل هذه المشاريع كانت موجودة عندهم أيضا والأمثلة التي جاء بها الباحثون فيها نظر كما تفضل به فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله مع تقديرى له واحترامي لعلمه وفضله من أن الشافعية ذكروا أن الفقير يعطى كفاية العيش كفاية العمر، ولكن المراد من ذلك أن يملك الفقير أدوات التجارة وأدوات الصناعة لا أن تصرف الأموال إلى مشاريع ذات ريع إنما تملك للفقير تمليكا فرديا يملك أدوات التجارة وأدوات الصناعة التي تكفيه لجميع عمره. فهذا شيء لم يختلف فيه أحد فالتمليك الفردي متحقق في ذلك المثال.
وأما ما ذكره بعض الباحثين أن التمليك كما يمكن أن يكون فرديا يمكن أن يكون جماعيا ولكن الذي أراه أن التمليك المشترط في الزكاة هو ليس تمليكا جماعيا يكون في بيت المال أيضا ولو كان يجوز مثل هذا التمليك في الزكاة لما كان هناك معنى لتحديد مصارف الزكاة الثمانية وإنما قيل أدوا الزكاة إلى بيت المال ثم يصرفه بيت المال إلى جميع المسلمين لأن بيت المال فيه تمليك جماعي ولم يقل به أحد.
وكذلك ذكر بعض الباحثين حديث القراض الذي أخرجه الإمام مالك رحمه الله في الموطأ وأظن أنه لا علاقة له بالزكاة أصلا، وإنما كان مال بيت المال قد صرفه عبيد الله بن عمر في التجارة فرده سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى بيت المال وليس فيه ذكر للزكاة أصلا. ثم الذي ينبغي أن نتنبه له هو أن الإسلام لم يقصر جميع أعمال الخير على الزكاة وإنما نريد أن نقصر جميع أعمال الخير على الزكاة وكلما دعت داعية للتبرع على الفقراء نريد أن نصرف من الزكاة ما عدا الحديث واضح أن في المال حقا سوى الزكاة {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} فباب التبرع واسع جدًا فالزكاة جزء يسير من الذي يفترض على المسلمين بما يتطلبه الإسلام للمؤمنين وليس كثير أعمال الخير مختصرة على الزكاة. فلذلك أرى أنه دعت الحاجات إلى توظيف أموال لصالح الفقراء في مشاريع ذات ريع فليفعل ذلك من التبرعات العامة وليفعل ذلك من الصندوق المختص لهذا الغرض، وأريد أن أوضح في هذا الصدد أنه قد ذكر بعض الباحثين أن في باكستان توظيف أموال الزكاة في مشاريع ذات ريع هذا خلاف الواقع.
الحقيقة أننا في باكستان الزكاة تصرف إلى الفقراء تمليكا فرديا ولكن جعلوا هناك صندوقا خاصا للتبرعات وبهذا الصندوق توظف الأموال في مشاريع ذات ريع، ولا علاقة له بالزكاة أصلا. فهذا ما أراه وإني أخشى أنه لو فعل ذلك تضيع أموال الزكاة في الأعمال الإدارية ويضيع حق الفقراء. وشكرًا والسلام عليكم ورحمة الله.
الشيخ محمد عبد اللطيف الفرفور:
شكرًا سيدي الرئيس
…
أشكر للسادة المعلقين الأفاضل تعليقاتهم القيمة المفيدة لافتا النظر إلى نقاط:
أولا: أن فضيلة الأخ الدكتور القرضاوي عتب علي أني ذكرت أنني لم أر في المعاصرين ولا في القدامى من تحدث في ذلك وله العتبى ولكن قلت: فيما أعلم فيما أعلم أي من المعاصرين أما السادة العلماء الأفاضل الكرام من السلف الصالح فليس في كل ما قاله السادة العلماء الذين تكلموا في هذا الموضوع غنية في هذه المسألة حصرًا، يعني ما أحد أفتى أبدا في موضوع تطبيق الزكاة حصرا في هذه المسألة، ومع ذلك قلت فيما أعلم. هذه ناحية.
الناحية الثانية: هي أن الإسلام وسط بين الإفراط والتفريط، ولا سيما في الأمور الخلافية، هذا منهج تعلمون أيها السادة العلماء أن الإمام الشاطبي الغرناطي اللخمي في الموافقات قال: الوسط أم الكتاب ولا يجنح عنه إلى غيره إلا لضرورة قصوى داعية إلى ذلك.
وهذه المسألة مما مست إليها الحاجة في زماننا، وهي من الأمور التي لم نبحث فيها إلا لاضطرارانا إليها، ولو لم يضطر إليها المجتمع لما بحثناها، ففي اختلاف البلاد واختلاف العباد واختلاف الدول وأنظمة العيش وأنماط الحياة ما يضطرنا إلى مثل هذه الحلول في بلاد ربما لم يضطر إليها المسلمون في بلد آخر، ربما لا تمس هذه الحاجة أو الضرورة في بلد من بلاد المسلمين أو قطر من أقطارهم وتمس هذه الحاجة في قطر آخر لظروف معينة.
وقد لفت نظر السيد الرئيس إلى هذا البارحة في جلسة خاصة ولا أستطيع أن أتكلم بكثير في هذا الموضوع كي لا يفهم كلامي على غير معناه الحقيقي فالتوسع في هذا الأمر خلال الحاجة والضرورة قلت: إن هذا حاجة عامة وضرورة والضرورة تقدر بقدرها والتضييق في هذا الأمر أيضا خلاف ليسر الإسلام وسعته ومرونته وصلوحيته لكل زمان ومكان. فالأفضل فيما أرى وترون حفظكم الله وأنتم العلماء المنصفون أن نبتغي بين ذلك سيرا وسطا لا هو إلى الإفراط ولا هو إلى التفريط كما ذكر المنصور للإمام مالك حين قال له: اكتب كتابا تبتعد فيه عن رخص ابن عباس وعن شدائد ابن عمر، وعن شواذ ابن مسعود ووطئه للناس توطئا وفيما ذكرت لعله يكون الوسط، لعله، أما فيما ذكره أخي وجاري جار الرضى الأستاذ الدكتور محمد عطا السيد في قضية أنه يا هل ترى؟ هل هذا فيما يفيض عن الحاجة أم لا يفيض؟ أقول: هذا السؤال ربما يكون في غير محله لأسباب.
منها أن الأغنياء شحوا عن دفع الزكاة فكيف يفيض المال؟ نحن في واقع اجتماعي أليم، إن الذي يدفع الزكاة في البلاد الإسلامية عامة مع اختلاف الأقطار فيما بينها اختلافا طفيفا لا يتجاوز بحد غير مبالغ فيه 40 أو 50 % إن يكن أقل فكيف نتصور في هذا العصر أن يفيض المال عن حاجة الفقراء. نحن اليوم في عصر شحت الأغنياء فيه في واقع نريد أن نعالجه كما هو عليه لا حينما تقوم الدولة الإسلامية في العالم الإسلامي ويصير للناس إمام واحد وخليفة واحد وتوزع أموال الزكاة كما وزعت في عهد عمر بن عبد العزيز. لا. في ذلك الوقت له وضع آخر وحل آخر. نريد أن نعالج مرضًا خطيرا وهو أن الفقراء إذا لم نتبين هذه الحلول الواقعية اليوم أنهم سيدخلون زمرا زمرا في أفكار إلحادية مناقضة للإسلام تحت اسم حل مشكلة الفقر وما إلى ذلك مما تعلمونه بالإشارة فضلا عن العبارة. أستغفر الله وأقول قولى هذا والحمد لله رب العالمين.
الشيخ خليل محيي الدين الميس:
بسم الله الرحمن الرحيم، وبعد
…
نعرف من تعريفات الفقهاء للزكاة قالوا: هي تمليك جزء معين من المال من فقير مسلم غير هاشمي ولا مولاه بشرط قطع المنفعة عن الملك من كل وجه لله تعالى. إذن هنالك توجه أول إلى التمليك، وتوجه آخر إلى قطع المنفعة عن الملك من كل وجه، ولذلك توجه الفقهاء إلى أنها لا يجوز صرفها إلى الأصل وإلى الفرع، هذا أمر ملاحظ.
أمر آخر الحقيقة الزكاة تتوجه إلى علاج أمر واقع لا أمر متوقع علاج الفقر الواقع لا الفقر المتوقع خاصة وأنها مستمرة دورة الفقر هنا ودورة الصدقة هنا، فالصدقة هنا للفقر هذا وإلا كان هنالك الوقف. فالوقف للموجود وللقادم أما الزكاة فهى للموجود فقط تقريبا. هذا الأمر عندنا ظاهرة أشار إليها حضرة الرئيس وهي تأكل الوقف في العالم الإسلامي. الوقف كما نعرفه من الصدقات الجارية وأنه يتآكل فإذا ما نملكه لا يجوز التفريط فيه مع العلم بأنه بناء لتجربة صندوق الزكاة في لبنان تبين أن ما ينفق هو ثلاثة أوجه: الزكاة، والصدقات، والتبرعات.
ففي الحقيقة يحسن أن نقصر الزكاة في مصارفها وأن نأخذ لهذا العنوان المطروح من بابين وأظنهما أكثر من الزكاة هذا ما تحصل لنا في لبنان. أما الصدقات والتبرعات كانت أضعاف الزكاة. فإذا نجنب الزكاة ما أمكن من تجميدها ونتوجه إلى صندوق الصدقات والتبرعات ليجني منها هذا المشروع لأنه كما هو ملاحظ عند الجميع أن الفقر أمر حالي ينبغي أن يلبى وإن الفورية هو أول ما يتوجه إليه النظر في مشروعية الزكاة وكما أشار الدكتور القرضاوي أن حاجة الفقير جعلت الأمر الوارد في الآية هو للفور لا للتراخي ومعلوم أقول: معلوم أيضا أن الفقهاء قالوا: وإذا تغلب الظلمة أخذوا الزكاة ثم عاد الإمام وسيطرته بهذا المعنى فنفتي الناس بإعادة صرف الزكاة لأن الظلمة لا يوصلون هذا المال إلى مستحقيه. فما دمنا نملك هذا الأمر فالاحتياط أن تبقى الزكاة في مشاريعها المتوجهة وهي التمليك بشرط قطع المنفعة عن المملك والله أعلم.
الشيخ عبد السلام العبادي:
بسم الله الرحمن الرحيم
أبدأ في الواقع فيما توصل إليه النقاش وأعود لبعض النقاط التي عرضت في السابق بشيء من الإيجاز.
نعم تعريف الزكاة في عدد من المذاهب الفقهية يبدأ بالتمليك لكن كما هو واضح في مذاهب أخرى لم يرد في مطالع التعريف عنصر التمليك والزكاة نحن في إطار التوظيف نتحدث عن علاج أمر واقع لا متوقع. وأحب أن أشير في هذا المجال إلى أن القضية يجب أن ينظر إليها من أكثر من زاوية والمشكلة ليست مطروحة في مجال مشاريع توظيف ذات الريع إنما أيضا في مشاريع التوظيف غير ذات الريع.
هنالك مشاريع يفرض الأمر الواقع أن تتوجه مؤسسة الزكاة أو جهة الزكاة في المجتمع لإقامتها لمصلحة الفقراء الملحة العاجلة كمشاريع التأهيل الآن، كمشاريع إيواء المسنين الكبار الذين لا يجدون من يؤويهم كمشاريع المستوصفات الطبية والمستشفيات الخاصة لمعالجة الفقراء كل هذه مشاريع ليست ذات ريع ولكنها تلبي حاجة ملحة قائمة عند الفقراء الآن وليست متوقعة.
موضوع تمليكها قضية معضلة لأن عملية تمليك مقر أو منزل لإيواء المسنين يوقعنا في إشكالات كبيرة عند وفاة المسن أو غير ذلك فلم لا يوقف طويلا عند قضية أن تكون مؤسسة الزكاة نفسها مالكة لهذا المشروع باعتبارها جهة اعتبارية لها حق التملك مع وضع الضمانات التي أشار إليها سماحة الدكتور عبد العزيز التي تضمن ألا تستغل مثل هذه المشاريع وإن تكون الجهات الممثلة في هذه المؤسسة جهات تصون الحقوق وتحفظ مصالح الفقراء على أساس أننا ننظر إلى الحكم الشرعي أولا ونضع الاحتياطات والضمانات التي تضمن ألا يستغل، لأننا يجب أن نميز باستمرار بين الحكم الشرعي وإمكانية استغلاله حتى لو وقع هذا الاستغلال يعني بالنسبة لموضوع تآكل الوقت وإلغاء بعض الجهات في الدول الإسلامية للوقف هل نتوجه لمطالبة المسلمين الآن أن يمتنعوا عن الوقف لاحتمال أن يلغى الوقف كما وقع في بعض البلاد. نحن نقول هذا الحكم الشرعي للجهة التي تجمع الزكاة وليس للجهة التي ألغت الوقف لأننا كيف نبحث عن توظيف الزكاة في جهة ألغت الوقف لأنها قطعا لم تجمع الزكاة ما دام أنها توجهت لإلغاء الوقف.
أعود لموضوع التمليك وأقول تعقيبا وتعليقا على الكلام الذي تفضل به أستاذنا الشيخ تقي. التمليك في الواقع الفردي نوعان، التمليك الفردي نوعان: تمليك متميز، وتمليك شائع، فيمكن أن نملك مجموعة من الفقراء مصنعا أقمناه لهم، وهذه قضية أعتبر أنها يجب أن تكون منتهية في النقاش عند من يصر على أن يكون التمليك عنصرا موجودا سواء أكان فورا أو على التراخي.عندما نأخذ بهذا المبدأ يجب أن لا نفرق بين التمليك الفردي المباشر أو التمليك الفردي الشائع، التمليك الفردي المتميز والتمليك الفردي الشائع، ونعتبر أن هذه القضية قد تم الاتفاق عليها وانتهت.
هناك تمليك المؤسسة وتمليك المؤسسة في الواقع يقودنا إلى فكرة وجدت في تاريخنا الإسلامي بيت مال المسلمين نص علماؤنا على أن له أقساما متعددة ولكن قسم شخصيته المتميزة من حيث التملك. وقالوا: إن بيت مال المسلمين فيه قسم خاص بأموال الزكاة. وهذا القسم في الواقع يملك أموال الزكاة كجهة قبل أن ينقلها إلى التوزيع في تلك اللحظة تعتبر المسئولية المالية ومسئولية المحاسبة والتسجيل في إطار هذا القسم بحيث نص العلماء بكل وضوح على ألا تختلط أموال هذا القسم من بيت المال بأموال بيت المال الأخرى، هذه الأموال في تلك اللحظة، لحظة وجودها في بيت المال الخاص بالزكاة، نعم هي مآلها للفقراء وهذه الجهة يجب أن توزعها للفقراء.
أذكر أنني قرأت في بعض المراجع ويمكن أن نستوثق من هذا النص طويلا لأنه يعطينا تنويرا كبيرا أن عمر بن عبد العزيز قد بنى استراحات على طرق المسافرين في ظل فهمه رضي الله عنه لسهم ابن السبيل. وأن هذه الاستراحات أرادها للمسافرين المنقطعين هذه الاستراحات عندما تبنى على قطعة من الأرض هي ملك من؟ هذا مسافر منقطع يقيم فترة ثم يذهب إلى بلده. في هذه اللحظة هي ملك من؟ هي ملك بيت مال المسلمين في قسم الزكاة فهو القسم الخاص بالزكاة تابع له كملكية اعتبارية، لكن بحيث تكون الجهة المنتفعة هي مصرف للزكاة المقرر. في موضوع المشاريع التأهيلية وموضوع إيواء المسلمين نحن أمام حاجة ملحة الآن يفرضها الواقع الاجتماعي، نحن لدينا الآن في الأردن مئات من المسلمين مضطرون في الواقع إلى بناء منزل لإيوائهم. من يملك هذا المنزل؟ الواقع الذي يملك هذا المنزل صندوق الزكاة، ولكن على أن يكون متمحصا لمصلحة المسلمين الفقراء. نريد أن نقيم مشروعا تأهيليا لتعليم المعاقين وأنتم تعلمون الآن باتت مجتمعاتنا تشكو من كثرة المعاقين سمعيا، وبصريا، وعقليا، وغير ذلك كيف ستعطى للمتخلف عقليا مبلغا من المال يعيش منه؟ نريد أن نؤهله أولا ليكون قادرا على الاحتراف ولو في حرفة بسيطة. ثم بعد ذلك نطلقه إلى المجتمع شخصا نافعا. لا بد أن تكون هنالك جهة مرتبطة بصندوق الزكاة تمكننا من تأهيل هذا المعاق، فلذلك أرجو أن نميز أولا بين حالات التمليك فننتهي من بعض القضايا ثم نسلط البحث على القضايا التي يمكن أن يكون فيها خلاف لنبلور موقفا شرعيا محددا منها. وشكرًا.
الشيخ عمر جاه:
بسم الله الرحمن الرحيم
…
شكرا يا فضيلة الرئيس.
أعتقد أننا ينبغي أن لا نضيق في أحد أمور التشريع في المسألة التي نعالجها في الوقت الحاضر ذلك لأننا ينبغي أن ننتبه دائما أن الهدف في تعيين وجوه صرف الزكاة هي لحل مشكلة فكلنا يعرف أن مشكلة الفقر تزداد يوما بعد يوم، الفقراء في العالم الإسلامي وبين المسلمين يزدادون يوما بعد يوم برغم وجود أموال طائلة بين المسلمين. فإخراج هذه الأموال زكاة لهذه الأوجه الثمانية التي ذكرت في القرآن، الهدف منها حل هذه المشكلة، بصرف النظر عن الفقراء والمساكين.
هناك أوجه ذكرها القرآن بنفس الأهمية وينبغي دائما أن نعرف أن المصلحة تقتضي أن المسلمين يفكرون على مستوى الوقت الحاضر فمثلا أضرب مثلا واحدا: لو قام المسلمون بواجبهم خصوصا المؤسسات المالية التي تملك بلايين، يعني: لو أخرج زكاة هذه البلايين يكون مبلغا محترما كبيرا، هل من المصلحة توزيع هذه الأموال مباشرة أو توظيف هذه الأموال في فترة زمنية قصيرة تدر علينا أموالا أكثر؟ وبهذا نستطيع أن نحل مشكلة الفقر والجهل والمرض التي يعاني منها المسلمون. فأعتقد أن توظيف أموال الزكاة في مشاريع تنمية تستطيع أن تزيد حجم هذه الأموال يستطيع المسلمون بها أن يحلوا مشكلة الفقر بكيفية أكثر فاعلية.
إذن فالمسألة ينبغي أن لا نضيقها ونحدها في دائرة ضيقة احتراما للنصوص، ذلك لأن واجب الفقيه أنه يفكر في حل المشاكل التي تواجهه.
فمسألة التمليك كما تفضل كثير من الذين ساهموا في التعليق وأذكر مثالا واحدا هو تعليق الدكتور عبد السلام العبادي، المسألة واسعة يعني لو وظفنا أموال الزكاة في مشاريع تنموية، وبنينا منها مستشفيات، أو مستوصفات، أو بنينا منها المدارس لتأهيل أبناء المسلمين الفقراء الذين لا يستطيعون أن يعلموا أولادهم من أجل الفقر. أليس هذا من مصلحة المسلمين؟ إذا ينبغي أن نتوسع في هذا المجال وندرك تماما أن روح الشريعة روح التشريع أو الهدف الأساسي في بيان هذه الأوجه الثمانية هي لحل مشكلة المسلمين، المشاكل التي تتجدد دائما وأبدا.
فالوقت الحاضر الذي نعيش فيه الآن يختلف عن الأوقات السابقة. فنحن نرى أننا نعيش في نظام اقتصادي عالمي واقع، وأحيانا هذا النظام يؤثر في المسلمين تأثيرا كبيرا. ونرى أن عدد الفقراء يزداد يوما بعد يوم ولا حل لنا في هذا. فالذين يذهبون إلى أن مسألة الصدقة فأوجه الصدقة كثيرة، لكن هذه المسألة تطوعية فنرى أن كثيرا من المسلمين يقصرون في تأدية واجبهم في هذا، لكن الزكاة ضرورة فرضها الله على المسلمين ومن الذي لا يؤديها يكون قاصرا في عقيدته وفي عمله.
إذن ينبغي أن نوسع صدورنا ونتوسع في مسألة توظيف هذه الأموال حتى تستطيع أن تؤدي واجبها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس:
قبل أن أعطي الكلمة للشيخ آدم الشيخ عبد العزيز له كلمة قصيرة.
الشيخ عبد العزيز الخياط:
بسم الله الرحمن الرحيم
…
لقد أغناني الشيخ عمر والدكتور عبد السلام عن كثير من الكلام لكني أحب أن أذكر ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن تجربتنا في السودان التي أشار إليها سمو الأمير الحسن بالأمس
…
أخذنا نحن من أموال الزكاة ومن التبرعات ومن الصدقات من الناس مبلغا يزيد عن ثلاث أو أربع ملايين دولار، وفكرنا فيما لو أعطيت إلى أهل السودان الفقراء ربما ضاعت أو راحت أو صرفت في بضعة أيام أو بضعه أسابيع وانتهى الأمر وبقيت المجاعة كما هي وبقي المرض كما هو. فرئي أن نقوم بتجربة، هذه التجربة أن ننشئ من هذه الأموال مستوصفات ومستشفى في منطقة الكأس وتستمر هذه وبقينا حوالى سنة أو ما يزيد عن السنة، ترسل كل شهرين طائرة كاملة بفريق من الأطباء والموظفين ومعهم الأدوية ومعهم الحاجات ومعهم بعض الأغذية توزع مباشرة من هؤلاء باستمرارية من خلال هذا المستوصف المستمر. فهذه الناحية أدت وأجدت في زمننا أكثر مما تجدي فيما لو ملكنا وأعطينا الأشخاص فهي تمليك لهم ولكن بصورة أخرى أكثر فائدة وأكثر تحقيقا للمصلحة ولمقاصد الشريعة الإسلامية، هذه نقطة.
النقطة الثانية: لي تعليق على الأستاذ الشيخ تقي الدين يقول: إن أموال الزكاة تضيع في الأمور الإدارية فيما لو أنشأنا مؤسسة أو بيت مال زكاة: أو صندوق. هذا مناقض لنص الآية الكريمة في قوله سبحانه وتعالى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} العاملين عليها هي جزء من الأصناف الثمانية الذين يعطون من الزكاة سواء كان من الجزاء أو المنفقين أو إلخ.
ولذلك في رأي أن هذه الأعمال الإدارية جزء ومعروف أن إجبارية جمع الزكاة من الدولة هو الأولى، وإن النبي عليه الصلاة والسلام كان يرسل السعاة والجباة ويعطون الصدقات. ولذلك من باب أولى أن نستمر وإن نحيى في هذا الظرف وفي هذا الزمن مثل هذه المؤسسة التي تقوم بمثل هذا العمل والتي ينبغي أن تكون موضع ثقة.
النقطة الثالثة: أنني أرى أن نحتاط للأمر وأن نتخذ من الناس الذين هم من ذوي الأمانة ومن ذوي الاخلاص ومن ذوي العمل سواء مشتركين من الدولة ومن المزكين أنفسهم.
لكن في هذه الناحية تعليق بسيط أيضا على الأستاذ خليل الميس أنه هو يرى عدم إعطائها إذا كانوا ظلمة فماذا يفعل الأستاذ في هذه النصوص وأن نورد منها: عن أنس رضي الله عنه أن رجلا قال " يا رسول الله إذا أديت الزكاة إلى رسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله قال: نعم إذا أديتها إلى رسولي فقد برئت منها إلى الله ورسوله فلك أجرها وإثمها على من بدلها" هذا حديث. وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها. قالوا: يارسول الله فما تأمرنا؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم ".
وقد روى البيهقي في الكبير أن المغيرة بن شعبة قال لمولى له وهو على أمواله بالطائف: كيف تصنع في صدقة مالي؟ قال: منها ما أتصدق به ومنها ما أدفع إلى السلطان. قال: وفيم أنت من ذلك؟ قال: إنهم يشترون بها الأرض ويتزوجون النساء قال: أدفعها إليهم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن ندفعها إليهم ". وروى مسلم في صحيحه عن جرير بن عبد الله قال: " جاء أناس من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن أناسا من المصدقين جباة الصدقة يأتوننا فيظلموننا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أرضوا مصدقيكم ". وشكرًا.
الشيخ آدم شيخ عبد الله:
شكرا سيدي الرئيس.... بسم الله الرحمن الرحيم.. وبه نستعين.
إن مسألة توظيف الزكاة في مشاريع ليست بمسألة جديدة طرأت في هذا العصر بل تكلم في شأنها الفقهاء القدامى لا بصيغتها الحالية بل بمعناها وقد نقلت من كتاب المجموع للنووي في جزئه السادس صفحة 103 ما نصه.
فلو أراد الإمام أن يشتري ذلك، يعني أدوات الحرب مثل الفرس والسلاح وغيرهما، بمال الزكاة ويسلمه إلى الغازي بغير إذنه، أهل يجوز ذلك؟ هل يجوز؟
فيه وجهان: أحدهما: لا يجوز، بل يتعين تسليم مال الزكاة إلى الغازي أو إذنه. وبه قطع جماعة من العراقيين، وأصحهما يجوز وهو الذي صححه الخراسانيون وتابعهم الرافعي على تصحيحه.
وقال الخراسانيون: الإمام بالخيار، إن شاء سلم الفرس والسلاح والآلات إلى الغازي أو ثمن ذلك تمليكا له فيملكه، وإن شاء أستأجر ذلك له وإن اشترى من سهم سبيل الله سبحانه وتعالى أفراسا وآلات الحرب وجعلها وقفا في سبيل الله ويعطيهم عند الحاجة ما يحتاجون إليه ثم يردونه إذا انقضت حاجاتهم وتختلف المصلحة في ذلك بحسب قلة المال. اهـ.
وهذا ظاهر بأن الفقهاء تكلموا في هذه المسألة فنرى أنهم أجازوا للإمام من سهم سبيل الله أن يقيم مشاريع ذات ريع وأما من سهم الفقراء والمساكين فإنهم لم يجيزوا ذلك فيه. وقد ذكر شمس الدين الرملي في شرح المنهاج للنووي أن الفقير والمسكين إن لم يحسن كل منهما كسبا بحرفة ولا تجارة يعطى كفايته أو يعطى كفاية ما بقي من العمر الغالب لأمثاله في بلده، وليس المراد بإعطاء من لم يحسن الكسب إعطاؤه نقدا يكفيه تلك المدة بل ما يكفيه دخله منه ويُشترى له به عقار يستغله ويغتني به عن الزكاة فيملكه ويورث عنه.
وقالوا: إن الأصناف الأربعة في الآية {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} يدفع لهم نصيبهم من الصدقات على أنه ملك لهم، وفي الأربعة الأخيرة يجوز صرف نصيبهم إلى جهات الحاجات المعتبرة والصفات التي لأجلها استحقوا سهم الزكاة ويصرف مثلا سهم الغزاة إلى إعداد ما يحتاجون إليه في الغزو وفي هذا أو بعد هذا فإننا نفهم، أنه يجوز توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع من سهم سبيل الله وأما من سهم الفقراء والمساكين وهم محتاجون حاجة ملحة، كما رأينا بالأمس عرض صور بعض الحاجات.
إنني أرى أنه لا يجوز بحال أن نجعل سهم الفقراء أو نقيم من سهم الفقراء مشاريع ذات ريع بل نقضيه حالا يعني نقضيه فوريا لأن بعض الفقهاء يبينون ويقولون كما في نفس المجلد من المجموع: وينبغي للإمام وللساعي إذا فوض إليه تفريق الزكوات أن يعتني بقسط المستحقين ومعرفة أعدادهم وقدر حاجاتهم واستحقاقهم بحيث يقع الفراغ من جميع الزكوات بعد معرفة ذلك معه ليتعجل وصول حقوقهم إليهم وليأمن من هلاك المال عنده ولهذا أرى أن لا ضرورة أن نقيم مشاريع ذات ريع من سهم الفقراء والمساكين ونجيز، وأرى أنه من الممكن أن نقيم من سهم في سبيل الله مشاريع ذات ريع. وشكرًا.
الشيخ مصطفى الزرقاء
بسم الله الرحمن الرحيم
…
إخواني الأساتذة الكرام
…
أحببت أن أسمع كثيرا قبل أن أتكلم وقد رأيت أن في حصيلة ما سمعت أنه لا بد أن نعلن ونقول: إننا في معالجة قضايا الزكاة وهي من أهم القضايا التي ظهر شأنها مضاعفا أضعافا في هذا العصر كما تعلمون أننا إذا أردنا أن نعالج مشكلاتنا فيها الزمنية والعوائق التي تحول دون الاستفادة من الزكاة هذا النظام الإلهي العظيم الذي تبين أنه لا تنحل مشكلات البشرية إلا على أساسه إذا أردنا أن نعالجها في هذا العصر بالفكر السابق الفقهي الذي رآه فقهاؤنا الأولون مع مزيد احترامي وإجلالي، ورجائي أن يكونوا شفعائي عند الله.
إذا أردنا أن نمشي في هذا الأسلوب فإننا لا يمكن أن نحل مشكلاتنا التي خلقت الزكاة بإرادة الله تعالى لحلها. مثلا أخونا حفظه الله الشيخ تقي يؤكد ويلح أنه لابد من التمليك الفردي وإن التمليك الجماعي غير مقبول ولا جائز، ويفسر التمليك الجماعي وهو أغرب ما سمعت في هذا، أنه يفسر كلمة التمليك الجماعي - وأين - في نطاق بحث الزكاة وتمليك الفقراء.
يفسر التمليك الجماعي بما يفيد أنه يفهم منه أنه التمليك للمسلمين جميعا فقراء وأغنياء ويضرب مثلا على نفي جواز التمليك الجماعي في طريق صرف الزكاة أن أموال بيت المال هي تمليك جماعي للمسلمين جميعا فأين هذا من أن نقول التمليك الجماعي في أموال الزكاة للفقراء الذين يرون أن التمليك الجماعي كثيرا ما يكون أصلح للفقير وأنفع لا يريدون أن يملكوا المسلمين جميعا أغنياء وفقراء كبيت المال الذي هو لمصالح الأمة وإنما يراد التمليك الجماعي للفقراء كبعض الأمثلة التي ضربها إخواننا الأساتذة الكرام مثل الشيخ القرضاوي وسواه فلذلك لا نستطيع أن ننفي جواز التمليك الجماعي بهذا المنطق أبدًا.
ثم أرى أنه في هذا المجال لا مناص لنا، إخواني الأساتذة الكرم، من أن نعالج قضايا الزكاة بشيء من حرية الفكر أو ما تريدون أن تسموه يعني بفكر اجتهادي حديث من أهله: ينظر في واقع حال المسلمين وظروف العصر وتطوراته العجيبة المذهلة والمشكلات التي نشأت في ظل هذه الحياة العصرية وما إلى ذلك مما تعلمون ولا حاجة للإفاضة في ذلك، أن نعالجها بفكر حر ينظر في الواقع وينظر في النصوص وقابلياتها. يعني مع احترامي لفقهائنا الأولين وللمذاهب ولكن ما عاشوا شيئا مما نعيش اليوم ولا صادفهم ما نصادفه من التيارات والمشكلات.
نحن اليوم نعيش ظرفا جديدا فلذلك إذا أردنا أن نتقيد بالآراء الفقهية التي مع احترامي لمن قالوا بها ولطرق استنباطها ولكننا إذا رجعنا إلى النصوص التي استقوا منها قد نجد مجالا بأفهام لم يذكروها هم ولعلهم لو كانوا عاشوا عصرنا لما فهموا سواها. يعني قضية " اللام " مثلا، قضية " اللام " والتمليك، إخواني الأساتذة الكرام يعني أنا لا أستطيع أن أفهم من " اللام " أننا نحن يجب أن نفهم القرآن الكريم والسنة النبوية كما يفهمها العربي الأصلي ابن اللسان، و " اللام " تكون للتمليك بالمعنى المعروف للتمليك وتكون للتخصيص.
وإذا أردنا أن نحصرها بأنه لابد من التمليك الفردي فقد عطلنا كثيرا من فوائض الزكاة ومن ما تحل من مشكلات وأين الدليل على التمليك الفردي من " اللام "؟ حتى أنني لا أرى فرقا بين " اللام " و " في ". النصوص عبرت بكليهما عن موضوع واحد وفي هدف واحد فدلت على أنهما مما يدلان على شيء واحد " فمثلا في القرآن العظيم جاء للفقراء بـ " اللام " في الحديث النبوي في صحيح الإمام البخاري جاء للنبي عليه الصلاة والسلام الأعرابي فقال له يا رسول الله: آراه أمرك أن تأخذ هذه الأموال من أغنيائنا فتمدها في فقرائنا قال: نعم أقره الرسول على هذا وقد عبر بـ " في "، وفي موضوع الفقراء أنفسهم القرآن عبر " اللام " والحديث النبوي أقر التعبير بـ " في " وكلمة " في " أي عربي من أولئك أبناء اللسان لما يقول أن ترد في فقراء الناس يفهم أن " في " يعني يجب أن نملكه فرديا ونسلمه بيده. التخصيص لو جمعت طائفة من أموال الزكاة وأنشئ بها مطعم للفقراء وأبناء الفقراء ينظم إطعامهم فيه بشكل أصولي يعتبر هذا وضعا بمال الزكاة في الفقراء؟ .
لا أظن أن هذا يمكن أن يتردد به أحد إلا إذا تجرد اللهم من جميع الخلفيات المسبقة مذهبية أو آراء سابقة له يحرص عليها ويصعب عليه تغييرها أو تبديلها. هذا كله إذا أردنا أن نعالج مشكلات الزكاة ونستفيد منها لعصرنا هذا الذي نصادف فيه ما لم نكن نتوقع فإننا لا نستطيع بهذه التقيدات الحرفية لآراء الفقهاء السابقين رضي الله عنهم أجمعين ونفعنا بهم وشفعهم فينا أن نتقيد لأن هناك مجالا لآراء أخرى والنصوص مزايا الشريعة الكريمة هذه النصوص التي فيها من القابليات ما لا ينتهي. فلذلك أرى أننا يجب أن نتجرد عند معالجة مشكلات الزكاة عن كثير من خلفياتنا لكي نستطيع الاستفادة منها. يعني يحضرني الآن مثال الإمام محمد بن الحسن الشيباني رضي الله تعالى عنه.
فى نفسي أمور أحب أن أبينها فإذا كنتم ترون الكلام طويلا فأنا أقصر ولكن أحب أن أتكلم كما تكلم غيري، على أني خاضع لكل إشارة يراد بها إنهاء الكلام الإمام محمد بن الحسن الشيباني رضي الله تعالى عنه كان في سفر وهذه مروية في سيرته كان في سفر ومعه تلاميذه، بعض منهم فتوفي أحدهم في الطريق فأمر الإمام محمد أن تجمع أمتعته وأشياؤه وإن تباع فجمعها وباعها وحفظ ثمنها له وأخذه معه إلى أهله فقالوا: به بقية تلاميذه كيف بعت أمواله ولم يوكلك ليس هناك منه وكل أجابهم بقوله {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} فنحن هذا المبدأ يجب أن نضعه. ماذا هو أصلح للفقراء أن كان تمليكا فرديا وإن كان تمليكا جماعيا، طبيعي هذا لا أقصده به أن يلغى التمليك الفردي أو لا يلغي ولكنه أساس.
لكن هل هذا يمنع من طرق يكون فيها الأمر أنفع للفقراء كفتح مدرسة تعلم أبناءهم الحرف، فتح مستشفى كما ذكر بعض الأساتذة تداوى به أبناؤهم أيضا أو هم أنفسهم، فهل هذه تعتبر منافية للتخصيص تخصيص الزكاة للفقراء. هذا لا أعتقد أنه ممكن أن يقال إذا تجردنا عن تلك الخلفيات التي نحن في حاجة إلى التجرد منها.
وأنا أرى أننا يجب أن نميز بين أمرين: الاستثمار، وأنا أكره التعبير بالتوظيف لأن التوظيف كلمة تحتمل عدة أوجه. الاستثمار الذي هو تنمية المال، الاستثمار لأموال الزكاة وصرف هذه الأموال وثمراتها، فأما الاستثمار فإني أرى أن كل طرق الاستثمار بمعنى أن يوضع في طريق ينمو به مال الزكاة فيصبح الواحد اثنين والاثنين ثلاثة مثلا هذا كل الطرق التي تؤدي إليه على شرط أن تكون تمارسها أيد أمينة وأساليب وتحفظات مأمونة. كل هذا جائز سواء أكان عن طريق تجارة أو عن طريق صناعة أو عن طريق أي شيء يمكن أن يستثمر وليس مال الزكاة بأشد حرمة من مال القاصر اليتيم ولا سيما اليتيم الفقير فإن الفقهاء متفقون على أن لوصي اليتيم أن يتاجر بأمواله ويستثمرها لتنميتها كي لا تأكلها النفقة ولا يبقى له فيها شيء.
نعم هناك النظم بعد خيانات كثير من الأوصياء، قيدوا قيودا النظم والقوانين هذا شيء آخر نحن نقول: أن تكون بأيدي أمينة بالطرق التي يرتضيها المسلمون. فهذا طريق الاستثمار مفتوح لكل باب وفيه مصلحة لهم لأنه يضاعف حصيلة الزكاة لهم.
وأما الصرف فأنا أرى أن كل طريق يختص بالفقراء فهو مقبول سواء بالتمليك الفردي وهو أساس لأنه لا يمكن إلغاؤه لأن هناك حاجات فورية للفقراء، وأن يكون أيضا قسم منه يصرف على ما يعود عليهم بنفع دائم كالأمثلة التي ذكرها بعض الإخوان وإن نفتح لهم مدرسة لتعليم حرف تغنيهم وإن نفتح لهم مياتم لأبنائهم الأيتام، وإن نفتح لهم مطاعم. وكل هذا جائز في الصرف ولا ينافي تخصيص الزكاة للفقراء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ محمد سالم بن عبد الودود:
إن هناك فرقا بين إخراج الزكاة من طرف المالك وبين إيصالها إلى المستحق فالمالك مأمور بالإخراج على الفور لأن الله تعالى يقول {وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} وإذا كان المالك يصرف إلى الفقير مباشرة فالواجب الفورية في الإخراج والدفع، وإذا كان يصرف إلى الجابي أو إلى الإمام العدل فإنه تبرأ ذمته بمجرد إخراج الزكاة وعلى الجابي من ذلك ما تحمل.
وفى المذهب المالكي: يندب للمالك أن يصرف زكاته إلى الإمام العدل في صرفها. فإن كان الإمام غير عدل وأخذها جبرا من المالك برئت منها ذمته. وإن طاع بدفعها لجائر في صرفها لم تجز. أما عند الفقهاء المالكية فإنهم يتوسعون خصوصا المتأخرين منهم يتوسعون في مفهوم سبيل الله، ويجيزون توظيف الزكاة في بعض المرافق العمومية التي تعود بالخير على الفقراء أو حتى على المستضعفين وطلبة العلم في إنشاء المدارس وبناء المساجد إلى غير ذلك كما ذكره الشيخ الونشريسي في الجهاد وغيره من المفتين المتأخرين.
أما تعميم الظرف في الأصناف الثمانية فهذا لا يوجبه الإمام مالك ولكن المهم عنده إيثار المضطر والاجتهاد في التعميم. فإذا كانت الحاجة في الدفاع أشد في سنة الصرف صرفت إلى الغزاة وإذا كان انقطاع الرفاق في السبيل في سنة أكثر صرفت إلى أبناء السبيل وإذا كان الفقر مدقعا صرفت إلى الفقراء. وهكذا بحسب الحاجة والمصلحة وأخص إلى أنه لا ينبغي أن يحرم الفقراء من الصرف المباشر ولا ينبغي أن يسد باب اجتهاد الإمام العدل في توزيع الزكاة وفي توظيفها أو استثمارها فيما يعود بالخير الأنفع على المستحقين، وشكرًا.
الشيخ وهبة الزحيلى:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحقيقة أن سلفنا الصالح لم يكونوا أغبياء كما قد يثور في بعض الأذهان وإنما المشكلات الحديثة كانت تفرض وجودها على المجتمع الإسلامي في الماضي والفقهاء تصدوا لهذه المشكلات وتحدثوا عنها طويلا. فقضية إقامة المشافي والمدارس والمراكز الصحية وحماية المعوقين وغير ذلك.
كل هذا قد خصص الفقهاء لها جانبا كبيرا بأن ينفق عليه من سهم المصالح العامة وهناك بند خاص في بيت المال وموارد معروفة من الجزية والخراج والعشور وغير ذلك قالوا: مثل هذه الأمور سهم المصالح يغطي هذه القضايا جميعها. ولهذا فلم تكن تنشأ عندهم مثل هذه المشكلة إلا في وقت نضب فيه الإقدام على الخير في عصرنا الحاضر والتفريط في إخراج الزكاة وعدم القيام بهذه الفريضة التي لو أديت على الوجه الأكمل لما وجدنا فقيرًا في المجتمع الإسلامي كما تدل عليه الإحصائيات. هذا شيء.
الشىء الثاني فقهاؤنا أيضا فرضوا بالنسبة لتمليك الزكاة بين أغلب هؤلاء الأصناف وبين في سبيل الله وأيضا وفي الرقاب. الحقيقة المذاهب الأربعة على إيجاب التمليك، وأما ما يعرضه فضيلة أستاذنا الزرقاء فهو يجنح إلى أن يقيس هذا الأمر على قضية كفارة اليمين وهو ما قرره الحنفية في قوله تعالى:{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} أباح الحنفية ولم يشترطوا التمليك وقالوا: تجوز الإباحة. فإقامة المطاعم للفقراء يظهر أنه قاسها على هذا الأمر في قضية الكفارات ولكن لم أجد للفقهاء مثل هذا القياس وهذا اجتهاد هو الآن لأول مرة نسمعه ربما يكون محل نظر من قبلنا أما قضية الوقف التي تردد أنها ألغيت في بعض البلاد الإسلامية فالوقف الذي ألغي هو الوقف الأهلي أو الذري، أعني الوقف على الذرية في مصر وسوريا لما نشأ عنه من مشكلات كثيرة.
وأعتقد أن الأستاذ الزرقاء كان قد أفتى بجواز إيقاف هذا الجانب، أما الوقف الخيري فلم يلغ إطلاقا في مثل هذه البلاد لكن اشترطت هاتان الدولتان أن يسجل لم يلغ الوقف الخيري اشترطوا تسجيله إذا أراد الإنسان أن يقف وقفا خيريا اشترطوا التسجيل لكنهم لم يمنعوه ولم يستأصلوه، ألغوا الوقف الأهلي أو الذري.
الحقيقة أنا مع قضية تمليك أو توظيف هذه الأمور التي تأتي من الزكاة من خلال فقط سهم سبيل الله، هذا من جانب فكلنا نفتي بأنه يجوز أن ندفع الزكاة لدور العلم وللمشافي والمؤسسات الصحية فهذا لا مانع منه إذا دفع جزء من الزكاة لهذه النواحي فلا مانع من أن تقوم الجهة التي تشرف عليها وتعمل بها ما هو فيه الخير، هذا جانب.
الجانب الآخر: أهملنا جانب التوكيل لماذا نهمل إرادة الفقراء من الممكن أن نأتي لكل أهل قرية أو أهل ناحية أو محلة ونقول لهم هناك مثلا عشرة آلاف دينار أردني مخصص لكم. أتوكلون واحدا منكم أو القاضي الشرعي أو المؤسسة الفلانية في أن تقيم لكم مصنعا أو متجرا أو مشغلا أو حرفة أو ما شاكل ذلك؟ فإذا قاموا بالتوكيل والإنابة والنيابة أيضا هناك نيابة شرعية للولى وللسلطان وللأب والجد كما أشار الأستاذ الزرقاء، وهناك نيابة اتفاقية، فإذن من الممكن أن تخرج عن كل هذه المشكلات من طريق....
أولا: احترمنا إرادة الفقراء ولمسنا مشاعرهم وتحسسنا آلامهم وأدركنا ما هي الحاجة الملحة أمامهم فهناك فقراء، فقر مدقع كما يموت الناس الآن في المجاعات هؤلاء لا بد من أن نغينهم فورا وهناك فقراء دخلهم لا يكفيهم وهم فقراء، يجوز إعطاء الزكاة لهم هؤلاء من الممكن أن يقوموا بتوكيل وبإنابة لبعض الجهات وحنيئذ نكون قد وفقنا بين هذه الاتجاهات التي عرضت في هذا الصباح المبارك. ونستطيع أن نصل إلى نتيجة وفي الحقيقة تكون قد وفقنا بين مختلف الآراء. وشكرًا.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
لما تفضل به الأخ الكريم الدكتور وهبه قال في معرض كلامه عن إلغاء الأوقاف الذرية أى الأهلية دون الخيرية قال: يظن أنني كنت موافقا على إلغاء هذه الأوقاف الواقع عكس ذلك فأنا كنت من أكبر مقاوميها عندما ألغيت، وكنت أيضا وأنا تلميذ سنة 1923 في المدرسة الشرعية في حلب وأنا تلميذ بعد كتبت رسالة لأن هذه النغمة خرجت من شخص أسمه رحيم من طرابلس في أيام الاحتلال الفرنسي ودعا فيها إلى إلغاء الأوقاف الذرية وأنا وضعت رسالة في الرد عليه وأنا دون العشرين من عمري سميتها " الشمس الجلية في الرد على من أفتى بإلغاء الأوقاف الذرية " وعندي منها بعض نسخ " والسلام عليكم " يعني آلت أموال الأوقاف لما حلت سنة 49 على أيدي حسني الزعيم صارت أملاكًا للنصاري واليهود واشتروها بأبخس الآثمان.
الشيخ أحمد بن حمد الخليلى:
بسم الله الرحمن الرحيم
…
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد فقد استفدت كثيرا من المداولات التي كانت بين أصحاب الفضيلة في هذه المسألة واذا كانت لي كلمة فأريد قبل كل شيء أن أقول بأن دلالة الآية الكريم {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} حسب نظري دلالة الآية الكريمة تقتضى التمليك وهناك فرق بين " لام " و " لام " فقد تكون " اللام " دالة على الاختصاص إذا كان مدخولها لا يصح أن يملك أو إذا كان ما ذكر قبلها لا يصح أن يملك والمال يجوز أن يملك ومدخول " اللام " فقراء وهم بشر عاقلون فعلى كل حال التمليك ظاهر من مدلول هذه الآية الكريمة حسب نظري. وأريد أن أقول بالتفرقة ين أمرين:
أولا: بين أن يكون الحاكم المسلم هو الذي يأخذ الزكاة بطرق العدل ومن الأغنياء يضعها في محلها، وبين أن يكون الأغنياء أنفسهم هم الذين يدفعونها. فالحاكم العدل هو وكيل المستحقين وهو مأمور بأن يتحرى المصلحة في ذلك، أن يتحرى مصلحة الفقراء والخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عندما فاضت الزكاة عن حاجة الفقراء عمل بها أعمالا برية متعددة، زوج منها العزاب، وبنى بها مساكن للذين لا يملكون مساكن، وأخيرا أعطى منها فقراء أهل الذمة.
أما إذا كان الأغنياء هم الذين يدفعونها مباشرة للفقراء فهذه حالة أخرى، لا يصح للأغنياء أن يتصرفوا فيها بدون إذن ملاكها وهم الفقراء ثم إن هناك ناحية أخرى يجب أن تراعى، هل هناك فائض من الزكاة عن حاجة الفقراء أو ليس هناك فائض؟ اليوم كثير من الناس شردوا من أوطانهم أخرجوا من ديارهم وأموالهم، هناك اللاجئون الفلسطينيون، هناك اللاجئون الأفغانيون، هناك كثير من اللاجئين بسبب الفتن التي وقعت في بلاد الإسلام.
ثم هناك أيضا نفس الشئ مقاومة في سبيل الله مقاومة لليهود، مقاومة للروس في أفغانستان فالزكاة يجب أن تدفع إلى هؤلاء يستحقونها لأمرين: يستحوقنها لأجل فقرهم، ويستحقونها لأجل مقاومتهم للعدو الغاشم فما دامت الزكاة غير فائضة عن الحاجة الملحة في وقتنا هذا فلماذا نسخرها لحاجات متوقعة في المستقبل؟ الزكاة تختلف عن الفيء" الفيء حكم الله سبحانه وتعالى به للحاضرين وللذين يأتون من بعدهم كما هو واضح في سورة الحشر هذا حسب ما ظهر لى. وشكرًا.
الشيخ أحمد محمد جمال:
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين وصلى الله عليه وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان.
وبعد فإني لم أجد فيما أعلم على قلة علمي وفيما سمعت من حوار أصحاب الفضيلة العلماء لم أجد مانعا شرعيا قاطعا من اتخاذ وسيلة لتنظيم الزكاة أنا أسميه تنظيما، تنظيم الزكاة لم أجد مانعا شرعيا في القرآن والسنة يمنع من هذا التنظيم على طول الحوار بين أصحاب الفضيلة العلماء التنظيم مطلوب في أمر من أمور الدين والدنيا.
نحن نريد بهذا المشروع أن ننظم الزكاة أن نضمن استمرار ريعها للفقراء والمساكين وسواء أكان هذا الاستثمار لنصيبين أو لأربعة أو لثمانية من المصارف المعروفة القرآن الكريم يقول {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} إلخ. لم يحدد الكيفية ولم يمنع اتخاذ كيفية ما تضمن أداء هذه الأنصبة وهذه المصارف فلماذا نقف طويلا في موضوع التمليك؟ التنظيم للزكاة بطريق الاستثمار أو التوظيف أو أي أسلوب آخر يضمن الريع المستمر كما يضمن توفير المال للمصارف أو للأوجه. المصارف الآن تعددت الفقر ليس فقر الجوع والعطش أنما تعددت الآن صور الفقر، مرض، تعويق، لجوء، مهاجرة من البلاد كما رأينا في أفغانستان وفي فلسطين وفي لبنان وفي غيرها. إذن يجب أن لا نقف أن لا يقف المجمع أمام عقبة التمليك والخلاف على التمليك لا الخلاف على الأسلوب.
أنا أقول: إن هذا المشروع مجرد تنظيم لمصارف الزكاة والإسلام قرآن وسنة وفقه واختلاف واجتهاد لم أجد فيما أعلم وفيما سمعته الآن من حوار أصحاب الفضيلة مانعا شرعيا يمنع من التنظيم. فلنجد في وضع المشروع بحيث يكون شاملا عاما مع ضمان الأماني ممن يقوم بهذا المشروع وأرى أن ذلك ينبغي للمجمع وألا يطيل الجدال في خلافات فرعية لا تمس المشروع من قريب ولا من بعيد والسلام عليكم.
الشيخ أحمد يزيع الياسين:
بسم الله الرحمن الرحيم
…
الحمد لله.. اللهم صل على سيدي رسول الله.
وبعد، الحقيقة يتبين من الآيتين، الآية {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} هذا أمر وهذا يجب أن يكون على الفور. ومن الآية الثانية {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ} إلخ الآية، هذا بيان. ثم كلمة " خذ " هذا أمر من الله للإمام العدل إذن هو وكيل عن الفقراء عليه أن يأخذ الأموال، وعليه أن يدفعها في أبوابها، وإن يعمل ما يراه صالحا لهم كوكيل عنهم وله أن يوكل من يراه من مؤسسات أو من أشخاص أمناء.
ثم إني أود أن أبين حسب التجربة أن أموال الزكاة التي ننفقها بسرعة في بيت الزكاة الكويتي ينتفع منها الفقير انتفاعا آنيا. أما الأموال التي تعطى لنا من أموال أخرى مثل المنح أو التبرعات ونستثمرها في مشاريع يبقى نفعها دائما للفقراء ثم أود أن أبين أيضا هنا بأن أعداء الله المبشرين لهم في الحقيقة من المؤسسات التي تدر عليهم في طول سنين عديدة ما يمكنهم من أن يبشروا ضد الدين الإسلامي فما المانع في الحقيقة إذا رأى الإمام أو من يفوضه أو من يوكله لصالح المسلمين أن يستثمر أو يعمل على مشاريع المستشفيات والمدارس وما إلى ذلك؟ ومشاريع استثمارية لها ديمومة العمل والاستثمار وإن تدر على المسلمين.
أنا لا أرى لذلك مانعا حسب ما ظهر لى من الآية الكريمة وما سمعته من الفقهاء وأثني على رأي الأخ الذي تكلم قبلي الأخ أحمد جمال، وشكرًا.
الشيخ تيجاني صابون محمد
شكرًا فضيلة الرئيس
…
في الحقيقة أول مرة آخذ الكلمة لأن الموضوع أهمني جدا حيث إن موضوع الزكاة بالذات موضوع هام ولابد من التداول في المناقشات.
في الحقيقة نحن عندما قلنا إنه قبل أن توظف الزكاة إلى مشاريع ذات ريع لا بد من أن يجد كل ذي حق كفايته أعني بذلك طبعا المصارف الثمانية وأرى أننا في الظروف الحالية بالذات أهم مصرف توجه فيه الزكاة في الظروف الحالية بالذات هو الفقراء قبل كل شيء، وأني أعتقد أن حالة الفقراء الآن في الدول الإسلامية لو وجهت إمكانيات الزكاة إلى هؤلاء الفقراء لما كفتهم.
ولذلك إني أميل إلى الرأى الذي يقول إنه لا بد من تخصيص جزء هام من هذه الأموال إلى الفقراء في الدول الإسلامية، ويمكن أن يخصص الجزء الثاني لمثل هذه المشاريع لأننا نعتقد أن هذه المشاريع أيضا تعود بالنفع إلى الفقراء لأن هناك الجهل والجوع والمرض كل ذلك موجود في الدول الإسلامية الفقيرة ولذلك فإني أرى أنه لا مانع من توظيف هذه الزكاة في مشاريع ذات ريع لأنها تعود للفقراء ويدخل أيضا في باب {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} إذا دخلنا من الباب الواسع إذا توسعنا الموضوع، وشكرًا.
الشيخ محمد عبده عمر:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
أما بعد، فإنني من خلال ما سمعت من مداولات ومناقشات فإنه لا ينقص السادة الفقهاء والعلماء الأجلاء، لا ينقصهم الاطلاع على النصوص من الكتاب والسنة ولا ينقصهم أيضا الاطلاع على النصوص الفقهية على اختلاف المذاهب. ولكن فليسمحوا لي إذا قلت بأن النصوص التي هم على اطلاع عليها بحاجة إلى تحليل دقيق وإلى تلمس الحكمة من تلك النصوص كما تفضل شيخنا الزرقاء حيث قال: إن فقهاءنا رحمة الله عليهم لم يكونوا أو لم يعاصروا المشاكل التي نعاصرها حاليا ولو كانوا في وقتنا هذا لتلمسوا من تلك النصوص والأحكام التي فيها مخارج وفيها سعة للأمة الإسلامية.
الناحية الأولى: ناحية تلمس المصلحة أو الغاية أو ما يسميها بعض الفقهاء مقاصد الشريعة الإسلامية وأنا في اعتقادي أنه لا بد من تلمس الحكمة من النصوص وتلمس أيضا الغاية من مقاصد الشريعة الإسلامية. فمقاصد الشريعة الإسلامية كما لا تخفى على السادة الفضلاء أنها تهدف إلى إسعاد الإنسان في العاجلة والآجلة. فكما يقول الإمام ابن تيمية رحمة الله عليه بأن الشريعة الإسلامية إنما هي رحمة للإنسان في كل نواحي حياته. فإذن لا يكفي أن يكون عندنا إلمام بالنصوص من الكتاب والسنة، كما لا يكفي أن يكون عندنا أيضا إلمام بنصوص المذاهب الفقهية ما لم يكن عندنا أيضا تحليل دقيق لتلك النصوص على ضوء ما يعتمل في واقعنا الإسلامي وأيضا تلمس مقاصد وأهداف الشريعة الإسلامية، هذه ناحية.
الناحية الثانية: أنا أثني شخصيا على رأي الشيخ عبد العزيز الخياط وعلى رأي الدكتور عبد السلام العبادي وعلى ما تفضل به السادة أو بعض أعضاء المجمع من أن الزكاة لابد أن تستغل وأن تستثمر لصالح الأمة الإسلامية خاصة في الوقت الذي نحن فيه والذي يحاول أعداء الإسلام أن يشوهوا الإسلام وأنه لا توجد فيه عدالة ولا توجد فيه حلول ناجحة للفقراء والمساكين. ولهذا فإن استثمار جزء من الزكاة استثمارا صحيحا على ضوء الشريعة الإسلامية أنا أعتقد أن هذا من أهم ما ينجزه المجمع في هذه الدورة، وشكرًا.
الشيح روحان إمباي:
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أهله وصحبه أجمعين.
أعتقد أن أسلوب العمل أو أسلوب النقاش ممكن أن نعيد النظر إليه لأن المناقشات التي تدور حول هذه المسألة بالذات دامت حوالي ثلاث ساعات وعلى أساس أننا كنا قد طلبنا من بعض الإخوان أن يعدوا بحوثا، وهذه البحوث وزعت علينا واطلعنا عليها وعرضت علينا باختصار من طرف دكتور فرفور، أظن أنه كان علينا أن نفرع ما جاء من المسائل أما أن تكون ننظر إلى هذه البحوث على هذه الزاوية. أما أن تعالج هذه البحوث كل المسائل كل جوانب المسألة وعليه فإما أن يكون هناك مسائل خلاف أم لا.
فإذا كان هناك مسائل خلاف وكان هذا بالإمكان أظن أن المناقشات التي تدور حول هذه البحوث ينبغي أن نفرعها ونأخذ رأي الجماعة في كل مسألة بالذات فنكون نتدرج في المناقشات فنتوصل إلى حل في أقرب وقت ممكن وعدم اعتمادنا هذه البحوث حملنا على أن يقوم كل واحد منا بما يعرفه بدون اعتماد هذه البحوث بالذات. فأتساءل هل هذه البحوث التي قدمت لها أهمية كبرى أم لا؟ كأن المسألة قد أثيرت أمامنا صباح اليوم وحاول كل واحد منا أن يبدي فكرته حول المسألة بالذات.
الجانب الثاني من تدخلي يتصل بموضوع الزكاة بالذات لا أرى أننا مطالبون بالوصول إلى حل حاسم في هذا الصدد أعتقد أن الحل الوسط هو الأفضل بالنسبة لنا لا أن نهمل التوظيف ولكن ليس علينا أن نوظف كل أموال الزكاة. وعليه فإن الفكرة التي سمعتها من طرف السيد خليل أم من طرف السيد الزحيلي أظن أن هذه الفكرة ممكن أن نتوخاها وهي فكرة توظيف الزكاة في الأبواب الأربعة الأخيرة المبدوءة بـ " في " وترك الأبواب الأربعة الأولى التي بدأت بـ " لام " التمليك سواء أكانت اللام لام تمليك أم لام تخصيص. فهذا الحل الذي أراه أكثر مناسبة بالنسبة لنا لأن هذه النصوص أو هذه الأبواب الثمانية التي توجد في القرآن أعتقد أنها لا تترك لنا جانبا من الاجتهاد لأنها نص وعليه فحالة الفقر التي نعيشها في هذه العصور ربما تكون نسبيا نفس الشيء مما عيش في القرون الماضية. إذن أنا أميل إلى ألا نعتقد أننا مطالبون بالوصول إلى حل يوظف كل أموال الزكاة، وشكرًا.
الشيخ عبد العزيز عيسى:
أريد فيما يتعلق بتوظيف الأموال أو بعض الأموال لمصلحة الفقراء ألا يصدر القرار حتى يدرس تطبيقه في جميع البلاد، يعني طريقة التطبيق ألا نفوت على أحد مصلحة. وهذا يقتضي أولا أن تكون هناك مؤسسة كما جاء على ألسنة، بعض الإخوان تقوم بهذا العمل أو لابد أن تقوم به الدولة. إن كانت هناك مؤسسة فنخشى أن يكثر أفرادها وأن يدفع كثير من هذا المال لأننا توسعنا. جاء في أثناء الأحاديث ممكن أن نتوسع في كلمة {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} بحيث يشمل هؤلاء الأشخاص هذا لابد أن يضبط بضوابط حتى لا يضيع المال في هذا لابد أيضا من حصر المستحقين لهذه الزكوات. من الذي سنعطيه في ذلك العصر أو في هذا العام أو في العام القادم؟ هل يكون حصرا متجددا أو حصرا غير متجدد؟ وإذا اغتنى أحدهم عن أن يكون مستحقا بطل وصف الاستحقاق فيه. هل هو الذي سيبلغ عن نفسه أو ستكون هناك دراسة دائمة لنعرف بها المستحق من غير المستحق حتى لا يأكل حق غيره؟ المسائل عند التطبيق تكون عسيرة ولابد من وضع ضوابط وقيود لهذا.
أنا أخشى أن يؤدي هذا الأمر إلى جنوح الفقراء للبطالة لأنه هو ما دام اطمأن إلى أنه سيرد له مرتب عشرة جنيه عشرين لا يسعى إلى أن يكون معطيا، يسعى دائما إلى أن يكون آخذا فهو مطمئن إلى أن اسمه مكتوب في كشف المستحقين لا بد من الاحتياط لمثل هذا أيضا.
فيما نعلم أنه يجوز لي أن أعطي الزكاة لبعض أقربائي أنا أخشى أن يكون بعض الأقرباء يستحقون أن يقيدوا أنفسهم كما أستحي أنا أن أبلغ عن أقربائي هؤلاء وفي هؤلاء المستحقين من يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف فما هي الضوابط التي سنضعها وليس غرضنا أننا نقول: أصدر المجمع قراره بأن توظف أموال الزكاة لمصلحة الفقراء، لا، لابد أن يكون هذا أمرا دائما نفاذا، وهناك شك من الذي سيدفع الزكاة؟ الأغنياء، الأغنياء هؤلاء يمكن الشارع فرض على الأغنياء وجعلها عبادة لتكون صلة دائمة بين الأغنياء والفقراء ويشعر بأن الغني عطوف عليه، لن يشعر الفقير بالعطف أبدا مني وهو يأخذ مرتبه من المؤسسة أو من التوظيف الذي عمل للمال، كل هذه محاذير. ونحن من حقنا أن ننبه الناس ونلاحظ الضوابط التي يمكن بها إذا صدر هذا المشروع أن يبلغ إلى المسلمين في دولهم وأن يقوم المسلمون على تنفيذه التنفيذ الدقيق الصحيح، وأشكركم.
الشيخ أحمد أزهر بشير:
بسم الله الرحمن الرحيم
تأييدا للرأي في جواز توظيف الزكاة في مشاريع استثمارية أذكر النقاط التالية:
أولا: ذكر القرآن مستحقي الزكاة بدون تعيين طريقة خاصة لإيصالهم أو لإيصالها إليهم، إذن فطريقة إيصالها إلى المستحقين مجال للاجتهاد.
ثانيا: ذكر القرآن الفقراء والمساكين كمجموعات لا كأفراد من بين المستحقين، فالغرض من مشروعية الزكاة حل مشكلات الفقر الذي عانى منه الفقراء والمساكين إذا اكتفينا بما يهمنا اليوم.
ثالثا: فالأمر الأساسي هو كيف أصبحت الزكاة طريقة فعالة لعلاج تلك المشكلة حتى تستطيع أن تستوفي حاجات المستحقين المتنوعة من الأغذية والصحة والمسكن والعلم وهكذا.
رابعا: وعلى هذا ففي رأيى ليس هناك أي مانع شرعي لتوظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع يقصد بها استثمار أموال الزكاة لصالح مستحقيها، وذلك من باب المصلحة المرسلة.
وخامسا: ذكر القرآن العاملين على الزكاة من بين المستحقين إشارة إلى إمكان الاجتهاد كيف تصرف الزكاة إلى مستحقيها حسب رأي ولي الأمر، ففي هذا تسري قاعدة. تصرف الإمام منوط بمصلحة الرعية. والله أعلم.
الشيخ عبد الله بن بيه:
فيما يتعلق بكون " اللام " للملكية أو للاختصاص أقول فقط إنه تتبعا للقرآن الكريم إذا كانت اللام من الاختصاص فإنها غالبا إلى الله كما في قوله سبحانه وتعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} للاختصاص أما إذا كانت للملك فإن اللام تضاف إلى المستحق شرعا كما في قوله سبحانه وتعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} هذا العنصر الأول.
العنصر الثاني: أن شخصا مكلفا بدفع صدقة ماله لفقرائه واختلف العلماء في أن الفقير شريك في المال أو ليس شريكا في المال، وينبني على هذا الخلاف بعض المسائل والجزئيات التي تعلمونها. المهم أن المكلف لا يبرأ إلا بأحد أمرين: بدفع المال للفقير أو بدفع المال للإمام، لا نجد واسطة أخرى، لو دفعها إلى موكل والصندوق كموكل لو دفعها لشخص آخر فانه لا يبرأ ما دامت الزكاة لم تصل إلى يد الفقير.
هذا المسلك أعتقد أنه في غاية الأهمية وهذا الفرق علينا أن ننتبه له. فيما يخص المال أو البند المتعلق بالفقراء والمساكين. فيما يخص البند المتعلق {سَبِيلِ اللَّهِ} فيه كلام طويل في الحقيقة والعلماء اضطروا فيه في بداية الأمر، فبعضهم قال: إنهم الغزاة وبعضهم قال: السلاح والكري ومنهم مالك رحمه الله تعالى، وبعضهم كالقفال قال: أوجه البر موجهة في سبيل الله، وتبعه بعض المتأخرين وخصوصا رشيد رضا فقال: إن {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} تشمل كثيرا من المسائل، والعلامة الألوسي أيضا يجنح، أو ذكر هذه الأقوال. فهذا البند يمكن أن يخصص جزءا معينا لإقامة بعض المؤسسات الآمنة. هناك فقط اجتهاد أو استحسان، وهو أن هذا الصندوق الذي ينوب عن صاحب المال لأن الفقير لم يوكله، وما دام المال لم يصل إلى يد الفقير فإن صاحب المال لا يضع يمكن كما قال الشيخ القرضاوي في فترة قصيرة وهو يحصي المحتاجين ويحاول أن يستكشف المستحقين أن يتصرف في هذا المال لفائدة الفقراء حتى يوصله إلى أيديهم. والسلام.
الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فبعد أن استمعتم في وقت يزيد عن ثلاث ساعات من العرض والمناقشات التي أرجو من الله سبحانه وتعالى أن تكون نافعة وأن يصل المجتمعون إلى رأي يكون موافقا للوجه الشرعي الصحيح، فإنه تحصل أمامي من خلال المداولات أربعة آراء.
الرأي الأول: الجواز، وهذا الجواز اختلف المجيزون بقيود فيما بينهم لا ندخل في تفاصيلها لوجهة نظر سأبديها إن شاء الله تعالى في أخر التلخيص، وبنوا هذا على أمور مصلحية معاصرة كما سمعتم.
والرأي الثاني: هو الجواز للفائض عن سهم الفقراء والمساكين.
والرأي الثالث: هو الجواز من سهم في سبيل الله.
والرأي الرابع: هو المنع بناء على الأصل ولأن مصارف الزكاة أتت بطريق الحصر وهذا من أبلغ صيغ الحصر وليس هناك مصرف تاسع من مصارف الزكاة، وأن " اللام " للتمليك وأن الزكاة أداؤها على الفور، وأنه لا ينبغي الإضرار بالفقراء الحاضرين على حساب فقراء مستقبلين لأن توظيف الزكاة يؤدي إلى حرمان الفقراء المشاهدين للأموال ولأن هناك بعض الملابسات العصرية من واقع العالم الإسلامي ولغير ذلك من الوجوه التي تسمعونها وقد تستنجونها.
ورأي المنع هو الذي أتجه إليه وأدين الله به لأن هذه شعيرة من شعائر الإسلام وركن من أركان الإسلام فإنه لا ينبغي أن يدخل الدخل على هذه الشريعة الإسلامية العظيمة.
ولهذا نظرا لتعدد الآراء فقد أجريت مشاورة مع معالي الأمين ومعالي الشيخ عبد العزيز وسعادة المقرر فاتفقنا على أن كل واحد من أصحاب الفضيلة الأعضاء العاملين يقدم رأيه فقط مختصرا بما لا يزيد عن سطر أو سطرين يقدم رأيه ويسلمه مشكورا للمقرر، ومنه هنا نستخلص ما اتجهت إليه الأكثرية وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وترفع الجلسة للاستراحة وأداء الصلاة ثم نعود إن شاء الله تعالى لموضوع طفل الأنابيب وأجهزة الإنعاش والسلام عليكم.
القرار
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العاملين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
قرار رقم (3) د (3/07/86
بشأن: توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك
فردي للمستحق
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8 إلى 13 صفر 1407/ 11 إلى 16 أكتوبر 1986م.
بعد اطلاعه على البحوث المقدمة في موضوع " توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق " وبعد استماعه لآراء الأعضاء والخبراء فيه.
قرر:
يجوز من حيث المبدأ توظيف أموال الزكاة في مشاريع استثمارية تنتهي بتمليك أصحاب الاستحقاق للزكاة، أو تكون تابعة للجهة الشرعية المسؤولة عن جمع الزكاة وتوزيعها على أن تكون بعد تلبية الحاجة الماسة الفورية للمستحقين وتوافر الضمانات الكافية للبعد عن الخسائر.
والله أعلم