الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَئِمَّة الْفُقَهَاء من الحَدِيث صَحِيحَة غزيرة؛ لِأَن الْفِقْه الإسلامي يعْتَمد على الْكتاب وَالسّنة، وَمَا فهمه صحابة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -
رضوَان الله عَلَيْهِم؛ لأَنهم أعلم بالتنزيل، ثمَّ مَا قَرَّرَهُ عُلَمَاء الْأمة من التَّابِعين وَمن تَبِعَهُمْ من سلف صَالح الْمُؤمنِينَ، يحملهُ من كل خلف عدوله، ينفون عَنهُ تَحْرِيف الْجَاهِلين وَتَأْويل المبطلين وتنطع الهالكين، وَهَذَا الْكتاب يمثل أنموذجاً صَادِقا لهَذِهِ الْحَقِيقَة
.
4 -
أَن الْحَافِظ الْبَيْهَقِيّ رحمه الله إِمَام بارز فِي الحَدِيث وَالْفِقْه، شَافِعِيّ الْمَذْهَب، بل من أَئِمَّة الْمَذْهَب، وَله اختيارات يخْتَلف فِيهَا مَعَ إِمَام الْمَذْهَب الشَّافِعِي - رَحمَه الله تَعَالَى - ويستقل فِيهَا بِرَأْيهِ الَّذِي أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَاده.
5 -
يَتَّصِف الْبَيْهَقِيّ بالمنهجية العلمية، فَهُوَ يذكر أَدِلَّة خَصمه وَيرد عَلَيْهَا، وَرُبمَا تَركهَا فِي بعض المواطن، وَلَعَلَّ عذره أَنَّهَا تعليلات عقلية، مثل مَسْأَلَة 244، ص 273 ج 4، وَإِن كَانَ رحمه الله من المتساهلين فِي الرِّجَال، كَمَا قَالَ عَنهُ الذَّهَبِيّ، فَهُوَ يحْتَج بِحَدِيث رَوَاهُ ضَعِيف مثل ابْن لَهِيعَة أَو الْحجَّاج بن أَرْطَأَة، وَيَردهُ إِن ورد عِنْد الْمُخَالف، مثل مَسْأَلَة 244 ص 373 ج 4، وَمَسْأَلَة 247 ص 284 ج 4، وَمَسْأَلَة 255 ص 300 ج 4، وَمَسْأَلَة 277 ص 374 ج 4، وَمَسْأَلَة 269 ص 346 ج 4.
6 -
أَن سَنَد الْبَيْهَقِيّ يَتَّصِف بالعلو، فَهُوَ يروي الحَدِيث وَهُوَ إِمَام يروي عَن أَئِمَّة تقدّمت وفاتهم وَتقدم سَمَاعه عَنْهُم بِإِسْنَاد مُتَّصِل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - أَو الصَّحَابِيّ؛ رضي الله عنه.
7 -
أَن هَذَا الْكتاب ذُو قيمَة علمية كَبِيرَة، حَيْثُ إِنَّه يخْتَص بالمسائل الخلافية بَين الْإِمَامَيْنِ، فَهُوَ يخْتَلف عَن الْمسَائِل الْمُخْتَلف
فِيهَا بَين المذهبين، وَلذَلِك لم يذكر الْمسَائِل الَّتِي لَيْسَ للإمامين أَو أَحدهمَا قَول فِيهَا، مثل سَرقَة الْمُصحف، فَهَذِهِ مَسْأَلَة اخْتلف الْعلمَاء - رَحِمهم الله تَعَالَى - فِيهَا على قَوْلَيْنِ:
القَوْل الأول: إِنَّه لَا يقطع بِسَرِقَة الْمُصحف، وَبِهَذَا قَالَ الأحناف، وَبَعض الْحَنَابِلَة.
القَوْل الثَّانِي: إِنَّه يجب الْقطع بِسَرِقَة الْمُصحف، وَبِه قَالَ الْمَالِكِيَّة، وَالشَّافِعِيَّة، وَبَعض الْحَنَابِلَة، وَهُوَ قَول الظَّاهِرِيَّة.
وَحجَّة الْقَائِلين بِالْقطعِ عُمُوم أَدِلَّة قطع السَّارِق، وَحجَّة الْقَائِلين بِعَدَمِ الْقطع أَن الْآخِذ يتَأَوَّل فِي أَخذه الْقِرَاءَة وَالنَّظَر فِيهِ فَلَا يقطع لذَلِك، وَأَن الْمُصحف لَا مَالِيَّة لَهُ؛ لِأَن الْمُعْتَبر تِلَاوَته، وَأَن الْمَقْصُود من الْمُصحف كَلَام الله عز وجل وَهُوَ مِمَّا لَا يجوز أَخذ الْعِوَض عَنهُ، فَلَا يقطع بسرقته.
8 -
أَن الْمُخْتَصر تحلى بالأمانة العلمية، حَيْثُ كَانَ اختصاره جيدا، فقد قرب الْكتاب بَين يَدي الْقَارئ وَأبقى كَلَام الْبَيْهَقِيّ فِي رجال الحَدِيث، وَحذف بعض الْأَسَانِيد المكررة، وَاقْتصر على مَوضِع
الشَّاهِد من الْأَحَادِيث الطَّوِيلَة، وأحال على بعض الْأَحَادِيث المكررة فِي أصل الْكتاب وَلم يكررها كثيرا، رَحمَه الله تَعَالَى.
9 -
أَن الْمُخْتَصر من الْعلمَاء المعروفين، وَمن أهل الشان فِي الْفِقْه والْحَدِيث، قَالَ الذَّهَبِيّ:" عني بِهَذَا الشَّأْن، ثمَّ أقبل على تَقْيِيد الْأَلْفَاظ، وَفهم الْمُتُون ومذاهب الْعلمَاء ". وعده السخاوي مِمَّن يعْتد بقوله فِي الرِّجَال، وَقد ظَهرت خبرته فِي هَذَا الْمُخْتَصر، كَمَا فِي مَسْأَلَة 272 ص 347 ج 4، وَمَسْأَلَة 109 ص 346 ج 3.
وَبعد
…
فَهَذَا جهد الْمقل، وحسبي أَنِّي بذلت جهداً وحرصت على إِظْهَار هَذَا السّفر النفيس. وأشكر الله سبحانه وتعالى وأحمده على جزيل إنعامه، وأشكره على توفيقه وامتنانه.
وأسأل الله - جلت قدرته - أَن يَرْزُقنِي الْإِخْلَاص فِي القَوْل وَالْعَمَل، وَأَن يَجْعَل هَذَا الْعَمَل خَالِصا لوجهه الْكَرِيم.
وَصلى الله وَسلم على نَبينَا مُحَمَّد بن عبد الله، وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ. وَآخر دعوانا أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين.