المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

- وعمر يكلم الناس - فقال: على رسلك يا عمر، - مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لمحمد بن عبد الوهاب

[محمد بن عبد الوهاب]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌مقدمة هذه الطبعة

- ‌مقدمة طبعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

- ‌[قصص الأولين والآخرين]

- ‌[قصة آدم وإبليس]

- ‌[قصة إبراهيم عليه السلام وأحواله]

- ‌[ولاية البيت ومكة لإسماعيل ثم لذريته من بعده]

- ‌[قصة عمرو بن لحي وتغييره دين إبراهيم]

- ‌[أقدم أصنام الجاهلية مناة واللات والعزى]

- ‌[انتقال ولاية البيت إلى جرهم]

- ‌[انتقال ولاية البيت إلى غبشان من خزاعة]

- ‌[ولاية قصي وجمعه لقومه]

- ‌[حلف الفضول]

- ‌[قصة الحمس]

- ‌[حدوث الرجوم وإنذار الكهان بخروج النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[قصة بدء الوحي]

- ‌[قصة عمه أبي طالب]

- ‌[قصته صلى الله عليه وسلم مع قريش لما قرأ سورة النجم]

- ‌[إسلام الأنصار]

- ‌[بعض فوائد الهجرة]

- ‌[مشروعية الجهاد في المدينة]

- ‌[قتال أهل الردة]

- ‌[أهم ما على المسلم معرفة التوحيد من الشرك]

- ‌[من قال لا إله إلا الله وفعل ما يناقضها]

- ‌[نسب النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[قصة الفيل]

- ‌[وفاة عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[خروجه إلى الشام وزواجه خديجة]

- ‌[تحنثه في غار حراء]

- ‌[بناء الكعبة]

- ‌[بعض ما كان عليه أهل الجاهلية]

- ‌[عمرو بن لحي أول من غير دين إبراهيم]

- ‌[صنم مناة]

- ‌[صنم اللات]

- ‌[صنم العزى]

- ‌[صنم هبل]

- ‌[ذو الخلصة]

- ‌[صنم عم أنس]

- ‌[بدء الوحي]

- ‌[أنواع الوحي]

- ‌[أول من آمن]

- ‌[شأن زيد بن حارثة]

- ‌[سمية أول شهيدة]

- ‌[ابتداء الدعوة]

- ‌[أول دم أهريق]

- ‌[استهزاء المشركين]

- ‌[الهجرة الأولى إلى الحبشة]

- ‌[الهجرة الثانية إلى الحبشة]

- ‌[كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي يزوجه أم حبيبة]

- ‌[بعث قريش إلى النجاشي تطلب إرجاع المسلمين]

- ‌[موت النجاشي]

- ‌[إسلام حمزة بن عبد المطلب]

- ‌[إسلام عمر رضي الله عنه]

- ‌[حماية أبي طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حصار بني هاشم في الشعب]

- ‌[نقض الصحيفة]

- ‌[موت خديجة وأبي طالب]

- ‌[سؤالهم عن الروح وأهل الكهف]

- ‌[قول الوليد بن المغيرة في القرآن سحر]

- ‌[انشقاق القمر]

- ‌[سؤالهم الآيات]

- ‌[خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف]

- ‌[الإسراء والمعراج]

- ‌[فصل في الهجرة]

- ‌[بيعة العقبة الأولى]

- ‌[إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير]

- ‌[بيعة العقبة الثانية]

- ‌[الهجرة إلى المدينة]

- ‌[تآمر قريش بدار الندوة على قتل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[قصة سراقة بن مالك]

- ‌[قصة أم معبد]

- ‌[دخول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة]

- ‌[بناء المسجد]

- ‌[بناؤه بعائشة]

- ‌[المؤاخاة بين الأنصار والمهاجرين]

- ‌[حوادث السنة الأولى]

- ‌[إسلام عبد اللَّه بن سلام]

- ‌[حوادث السنة الثانية]

- ‌[تحويل القبلة]

- ‌[استقرار الرسول بالمدينة]

- ‌[بعض خصائص رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[أول لواء عقده رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[سرية عبيدة بن الحارث]

- ‌[سرية سعد بن أبي وقاص]

- ‌[غزوة الأبواء]

- ‌[غزوة بواط]

- ‌[خروجه لطلب كرز بن جابر]

- ‌[غزوة العشيرة]

- ‌[بعث عبد اللَّه بن جحش]

- ‌[قتل عمرو بن الحضرمي]

- ‌[معنى الفتنة]

- ‌[وقعة بدر الكبرى يوم الفرقان]

- ‌[قسم غنائم بدر]

- ‌[أسارى بدر]

- ‌[غزوة بني قينقاع]

- ‌[غزوة أحد]

- ‌[وقعة بئر معونة]

- ‌[غزوة المريسيع]

- ‌[قصة الإفك]

- ‌[غزوة الأحزاب]

- ‌[صلح الحديبية]

- ‌[غزوة خيبر]

- ‌[قدوم جعفر بن أبي طالب وصحبه من الحبشة]

- ‌[محاصرة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعض اليهود بوادي القرى]

- ‌[بعث سرية إلى الحرقات]

- ‌[عمرة القضية]

- ‌[غزوة مؤتة]

- ‌[غزوة الفتح الأعظم]

- ‌[هدم عمرو بن العاص صنم سواع]

- ‌[بعث سعد بن زيد لهدم مناة]

- ‌[غزوة حنين]

- ‌[المن على سبي هوازن]

- ‌[فتح مكة]

- ‌[غزوة الطائف]

- ‌[وفد ثقيف]

- ‌[ما في غزوة الطائف من الفقه]

- ‌[حوادث سنة تسع]

- ‌[قصة كعب بن زهير]

- ‌[غزوة تبوك]

- ‌[وفود العرب إلى رسول الله]

- ‌[وفد بني تميم]

- ‌[وفد طيئ]

- ‌[وفد عبد القيس]

- ‌[وفد بني حنيفة فيهم مسيلمة]

- ‌[حجة أبي بكر بالناس]

- ‌[حجة الوداع]

- ‌[بعث أسامة بن زيد إلى البلقاء]

- ‌[مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[موت رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث السقيفة]

- ‌[بيعة العامة لأبي بكر]

- ‌[فضيلة أبي بكر الصديق وخلافته الراشدة]

- ‌[قصة الردة]

- ‌[نفع الله طيئا بعدي بن حاتم]

- ‌[قتال أهل الردة]

- ‌[كتاب أبي بكر لأمرائه]

- ‌[ذكر مسير خالد إلى بزاخة وغيرها]

- ‌[ذكر رجوع بني عامر وغيرهم إلى الإسلام]

- ‌[مسير خالد إلى اليمامة]

- ‌[ذكر ردة أهل اليمامة مفتونين بمسيلمة الكذاب]

- ‌[ذكر تقديم خالد الطلائع من البطاح]

- ‌[ذكر ردة بني سليم]

- ‌[قتل الفجاءة وتحريقه]

- ‌[ذكر ردة أهل البحرين]

- ‌[ذكر ردة أهل دبار وأزد عمان]

- ‌[السنة الثانية عشرة]

- ‌[مسير خالد إلى العراق]

- ‌[حوادث السنة الثالثة عشرة]

- ‌[موت الصديق رضي الله عنه]

- ‌[حوادث السنة الرابعة عشرة]

- ‌[حوادث السنة الخامسة عشرة]

- ‌[فتح القادسية]

- ‌[حوادث السنة السادسة عشرة]

- ‌[حوادث السنة السابعة عشرة]

- ‌[حوادث السنة الثامنة عشرة]

- ‌[حوادث السنة التاسعة عشرة]

- ‌[حوادث السنة العشرين]

- ‌[حوادث السنة الحادية والعشرين]

- ‌[حوادث السنة الثانية والعشرين]

- ‌[حوادث السنة الثالثة والعشرين]

- ‌[حوادث سنة أربع وعشرين]

- ‌[حوادث سنة خمس وعشرين]

- ‌[حوادث سنة ست وعشرين]

- ‌[حوادث سنة سبع وعشرين]

- ‌[حوادث سنة ثمان وعشرين]

- ‌[حوادث سنة تسع وعشرين]

- ‌[حوادث سنة ثلاثين]

- ‌[حوادث سنة إحدى وثلاثين]

- ‌[حوادث سنة اثنتين وثلاثين]

- ‌[حوادث سنة ثلاث وثلاثين]

- ‌[حوادث سنة أربع وثلاثين]

- ‌[حوادث سنة خمس وثلاثين]

- ‌[حوادث سنة ست وثلاثين]

- ‌[موقعة الجمل]

- ‌[حوادث سنة سبع وثلاثين]

- ‌[حوادث سنة ثمان وثلاثين]

- ‌[حوادث سنة أربعين]

- ‌[حوادث سنة سنة اثنتين وأربعين]

- ‌[حوادث سنة ثلاث وأربعين]

- ‌[حوادث سنة أربع وأربعين]

- ‌[حوادث سنة خمس وأربعين]

- ‌[حوادث سنة ست وأربعين]

- ‌[حوادث سنة سبع وأربعين]

- ‌[حوادث سنة تسع وأربعين]

- ‌[حوادث سنة إحدى وخمسين]

- ‌[حوادث سنة اثنتين وخمسين]

- ‌[حوادث سنة ثلاث وخمسين]

- ‌[حوادث سنة أربع وخمسين]

- ‌[حوادث سنة خمس وخمسين]

- ‌[حوادث سنة ست وخمسين]

- ‌[حوادث سنة سبعة وخمسين]

- ‌[حوادث سنة ثمان وخمسين]

- ‌[حوادث سنة ستين]

- ‌[دولة بني العباس]

- ‌[بدء تأليف الكتب]

الفصل: - وعمر يكلم الناس - فقال: على رسلك يا عمر،

- وعمر يكلم الناس - فقال: على رسلك يا عمر، أنصت. فأبى إلا أن يتكلم. فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس. فلما سمع الناس كلام أبي بكر أقبلوا عليه، وتركوا عمر. فحمد الله تعالى، وأثنى عليه. ثم قال: أيها الناس، أنه من كان يعبد محمدا. فإن محمدا قد مات. ومن كان يعبد الله تعالى، فإن الله حي لا يموت. قال: ثم تلا هذه الآية؛ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] » الآية (1) .

قال: فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت، حتى تلاها أبو بكر يومئذ، قال: وأخذها الناس عن أبي بكر، فإنما هي في أفواههم. قال أبو هريرة فقال عمر: فوالله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها. فعثرت حتى وقعت إلى الأرض، ما تحملني رجلاي، فاحتملني رجلان، وعرفت أن رسول الله قد مات ".

[حديث السقيفة]

حديث السقيفة فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم: انحاز هذا الحي من الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة. واعتزل علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله في بيت فاطمة. وانحاز المهاجرون إلى أبي بكر وعمر، ومعهم أسيد بن حضير في بني عبد الأشهل. فأتى آت إلى أبي بكر وعمر، فقال: إن هذا الحي من الأنصار مع سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة قد انحازوا إليه. فإن كان لكم بأمر الناس من حاجة،

(1) آية 144 من سورة آل عمران.

ص: 247

فأدركوا الناس قبل أن يتفاقم أمرهم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته لم يفرغ من أمره، قد أغلق دونه الباب أهله. فقال عمر لأبي بكر: انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار، حتى ننظر ما هم عليه.

قال ابن إسحاق: وكان من حديث السقيفة: أن عبد الله بن أبي بكر حدثني عن محمد بن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال: أخبرني عبد الرحمن بن عوف - وكنت في منزله بمنى أنتظره، وهو عند عمر في آخر حجة حجها عمر - قال: فرجع عبد الرحمن من عند عمر، فوجدني في منزله بمنى أنتظره، وكنت أقرئه القرآن. فقال لي: لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين فقال: هل لك في فلان؟ يقول: والله لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا. والله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت. فغضب عمر، وقال: إني - إن شاء الله - لقائم العشية في الناس، فمحذرهم من هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم، قال عبد الرحمن: فقلت لا تفعل، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغائهم، وإنهم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس. وإني أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها أولئك عنك كل مطير، ولا يعوها ولا يضعوها على مواضعها. فأمهل، حتى تقدم المدينة. فإنها دار السنة، وتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت بالمدينة متمكنا، فيعي أهل الفقه مقالتك، ويضعوها على مواضعها. فقال عمر: أما والله - إن شاء الله - لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة.

قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة. فلما كان يوم الجمعة، عجلت الرواح حين زالت الشمس. فأجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر، فجلست حذوه، تمس ركبتاه ركبتيه،

ص: 248

فلم أنشب أن خرج عمر.

فقلت لسعيد: ليقولن الساعة على هذا المنبر مقالة لم يقلها منذ استخلف. فأنكر علي سعيد ذلك. وقال: ما عسى أن يقول مما لم يقل قبله؟ فجلس على المنبر.

فلما سكت المؤذن، قام، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها. ولا أدري: لعلها بين يدي أجلي؟ فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته. ومن خشي ألا يعيها، فلا أحل لأحد أن يكذب علي. إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه: آية الرجم، فقرأناها ووعيناها. وعقلناها. ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى - إن طال بالناس زمان - أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة قد أنزلها الله. وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى، إذا أحصن، من الرجال والنساء، إذا قامت البينة، أو كان الحبل أو الاعتراف. ثم إنا قد كنا نقرأ فيما نقرأ من الكتاب:" لا ترغبوا عن آبائكم، فأنه كفر بكم - أو كفر لكم - أن ترغبوا عن آبائكم " إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم. فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله» ثم أنه قد بلغني أن فلانا قال: لو قد مات عمر بن الخطاب لقد بايعت فلانا. فلا يغترن امرؤ يقول: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت - ألا وإنها والله قد كانت كذلك، إلا أن الله وقى شرها، وليس فيكم من تنقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر. فمن بايع رجلا عن غير مشورة المسلمين. فأنه لا بيعة له هو، ولا الذي بايعه، تغرة أن يقتلا. أنه كان من خبرنا - حين توفى الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم: أن الأنصار خالفونا،

ص: 249

فاجتمعوا بأشرافهم في سقيفة بني ساعدة. وتخلف عنا علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ومن معهما. واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر. فقلت لأبي بكر: انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار. فانطلقنا نؤمهم، حتى لقينا منهم رجلان صالحان (1) . فذكرا لنا ما تمالأ عليه القوم. وقالا لنا: أين تريدون يا معاشر المهاجرين؟ قلنا: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار. فقالا: لا عليكم، ألا تقربوهم يا معشر المهاجرين، اقضوا أمركم. قال: قلت: والله لنأتينهم.

فانطلقنا، حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة. فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل، فقلت: من هذا؟ فقالوا: سعد بن عبادة. قلت: ما له؟ قالوا: وجع. فلما جلسنا، نشهد خطيبهم. فأثنى على الله عز وجل بما هو له أهل، ثم قال: أما بعد، فنحن أنصار الله، وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين، رهط منا. وقد دفت دافة من قومكم. قال: وإذا هم يريدون أن يحتازونا من أصلنا، ويغتصبونا الأمر.

فلما سكت أردت أن أتكلم - وقد زورت في نفسي مقالة قد أعجبتني، أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر. وكنت أداري منه بعض الحد.

فقال أبو بكر: على رسلك يا عمر، فكرهت أن أعصيه. فتكلم - وهو كان أعلم مني وأحكم وأحلم وأوقر - فوالله ما ترك من كلمة أعجبتني من

(1) هما: عويم بن ساعدة. وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم المرء منهم عويم بن ساعدة " ومعن بن عدي، أخو بني العجلان، وهو الذي قال: حين بكى الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد توفي - وقالوا: لوددنا أنا متنا قبله. إنا نخشى أن نفتن بعده - فقال معن: " لكني والله ما أحب أني مت قبله. حتى أصدقه ميتا. كما صدقته حيا " وقتل معن يوم اليمامة شهيدا في خلافة أبي بكر رضي الله عنهم.

ص: 250