الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[وفاة عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم]
رجعنا إلى سيرته صلى الله عليه وسلم.
وفاة عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اختلف في وفاة أبيه: هل توفي بعد ولادته أو قبلها؛ الأكثر: على أنه توفي وهو حمل. ولا خلاف أن أمه ماتت بين مكة والمدينة بالأبواء، منصرفَها من المدينة من زيارة أخواله. ولم يستكمل إذ ذاك ست سنين.
فكفله جده عبد المطلب. ورق عليه رقة لم يرقها على أولاده. فكان لا يفارقه. وما كان أحد من ولده يجلس على فراشه - إجلالا له - إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقدم مكة قوم من بني مُدْلج من القافة. فلما نظروا إليه قالوا لجده: احتفظ به. فلم نجد قدمًا أشبه بالقدم الذي في المقام من قدمه. فقال لأبي طالب: اسمع ما يقول هؤلاء، واحتفظ به.
وتوفي جده في السنة الثامنة من مولده. وأوصى به إلى أبي طالب. وقيل إنه قال له:
أوصيك يا عبد مناف بعدي
…
بمفرد بعد أبيه فرد
وكنت كالأم له في الوجد
…
تُدْنيه من أحشائها والكبد
فأنتَ من أرجى بَنيَّ عندي
…
لرفع ضيم ولشد عضد
[عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم]
عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن إسحاق: وكان عبد المطلب من سادات قريش، محافظا على العهود. متخلقا بمكارم الأخلاق. يحب المساكين، ويقوم في خدمة
الحجيج، ويطعم في الأزمات. ويقمع الظالمين. وكان يطعم حتى الوحوش والطير في رءوس الجبال. وكان له أولاد أكبرهم الحارث، توفي في حياة أبيه. وأسلم من أولاد الحارث عُبَيدة - قتل ببدر - وربيعة، وأبو سفيان، وعبد الله.
ومنهم: الزبير بن عبد المطلب شقيق عبد الله. وكان رئيس بني هاشم وبني المطلب في حرب الفجار، شريفا شاعرا. ولم يدرك الإسلام. وأسلم من أولاده: عبد الله، واستشهد بأجنادين، وضُباعة، ومَجْل، وصفية، وعاتكة.
وأسلم منهم حمزة بن عبد المطلب، والعباس.
ومنهم: أبو لهب مات عقيب بدر. وله من الولد: عتيبة الذي دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقتله السبع. وله عتبة، ومعتب. أسلما يوم الفتح. ومن بناته: أروى. تزوجها كرز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، فولدت له عامرًا وأروى. فتزوج أروى عفان بن أبي العاص بن أمية. فولدت له عثمان، ثم خلف عليها عقبة بن أبي مُعَيْط، فولدت له الوليد بن عقبة، وعاشت إلى خلافة ابنها عثمان.
ومنهن: بَرَّة بنت عبد المطلب، أم أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي.
ومنهن: عاتكة أم عبد الله بن أبي أمية. وهي صاحبة المنام قبل يوم بدر. واختلف في إسلامها.
ومنهن: صفية أم الزبير بن العوام. أسلمت وهاجرت.
وأروى أم آل جحش: عبد الله، وأبي أحمد، وعبيد الله، وزينب، وحَمْنة.
وأم عبد المطلب: هي سلمى بنت زيد من بني النجار، تزوجها أبوه هاشم بن عبد مناف. فخرج إلى الشام - وهي عند أهلها، وقد حملت بعبد المطلب - فمات بغزة. فرجع أبو رُهْم بن عبد العزى وأصحابه إلى المدينة بتركته. وولدت امرأته سلمى: عبد المطلب. وسمته شيبة الحمد. فأقام في أخواله مكرمًا. فبينما هو يناضل الصبيان، فيقول: أنا ابن هاشم، سمعه رجل من قريش، فقال لعمه المطلب: إني مررت بدور بني قَيْلة. فرأيت غلامًا يعتزي إلى أخيك. وما ينبغي ترك مثله في الغربة. فرحل إلى المدينة في طلبه. فلما رآه فاضت عيناه، وضمه إليه. وأنشد شعرًا:
عرفت شيبة والنجار قد جعلت
…
أبناءها حوله بالنبل تنتضل
عرفت إجلاده فينا وشيمته
…
ففاض مني عليه وابل هطل
فأردفه على راحلته، فقال: يا عم، ذلك إلى الوالدة. فجاء إلى أمه. فسألها أن ترسل به معه، فامتنعت. فقال لها: إنما يمضي إلى ملك أبيه، وإلى حرم الله. فأذنت له. فقدم به مكة، فقال الناس: هذا عبد المطلب. فقال: ويحكم إنما هو ابن أخي هاشم.
فأقام عنده حتى ترعرع. فسلم إليه ملك هاشم: من أمر البيت، والرفادة، والسقاية، وأمر الحجيج، وغير ذلك.
وكان المطلب شريفا مطاعا جوادا، وكانت قريش تسميه الفياض لسخائه. وهو الذي عقد الحلف بين قريش وبين النجاشي. وله من الولد: الحارث، ومخرمة، وعباد، وأنيس، وأبو عمر، وأبو رهم، وغيرهم.
ولما مات وثب نوفل بن عبد مناف على أركاح (1) شيبة. فغصبه إياها، فسأل رجالا من قريش النصرة على عمه. فقالوا: لا ندخل بينك وبين عمك. فكتب إلى أخواله من بني النجار أبياتًا، منها:
يا طول ليلي لأحزاني وأشغالي
…
هل من رسول إلى النجار أخوالي؟
بني عدي ودينار ومازنها
…
ومالك عصمة الحيران عن حالي
قد كنت فيهم وما أخشى ظلامة ذي
…
ظلم عزيزًا منيعًا ناعم البال
حتى ارتحلت إلى قومي ، وأزعجني
…
لذاك مُطّلب عمي بترحالي
فغاب مطلب في قعر مظلمة
…
ثم انبرى نوفل يعدو على مالي
لما رأى رجلا غابت عمومته
…
وغاب أخواله عنه بلا والي
فاستنفروا وامنعوا ضيم ابن أختكمُ
…
لا تخذلوه فما أنتم بخذالي
(1) الركح - بضم الراء المهملة وسكون الكاف - المراد به هنا الفضاء بين البيوت.