الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيطان. وأمره أن يبين لهم الذي لهم في الإسلام والذي عليهم، ويحرص على هداهم، فمن أجابه قبل منه، وإنما يقاتل من كفر بالله على الإيمان بالله. فإذا أجاب إلى الإيمان وصدق إيمانه لم يكن له عليه سبيل. وكان الله حسيبه بعد في عمله. ولا يقبل من أحد شيئا أعطاه إياه إلا الإسلام والدخول فيه والصبر به وعليه. ولا يدخل في أصحابه حشوا من الناس حتى يعرف علام اتبعوه وقاتلوا معه؟ فإني أخشى أن يكون معكم ناس يتعوذون بكم ليسوا منكم ولا على دينكم. فيكونون عونا عليكم. وارفق بالمسلمين في مسيرهم ومنازلهم وتفقدهم، ولا تعجل بعض الناس عن بعض في المسير ولا في الارتحال. واستوص بمن معك من الأنصار خيرا، فإن فيهم ضيقا ومرارة وزعارة، ولهم حق وفضيلة وسابقة ووصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاقبل من محسنهم وتجاوز عن مسيئهم ".
ويروى أن أبا بكر كتب مع هذا كتابا آخر وأمر خالدا أن يقرأه في كل مجمع، وهو:
[كتاب أبي بكر لأمرائه]
كتاب أبي بكر لأمرائه " بسم الله الرحمن الرحيم.
من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من بلغه كتابي هذا، من عامة الناس أو خاصتهم أقام على إسلام أو راجع عنه. سلام على من اتبع الهدى، ولم يرجع بعد الهدى إلى الضلالة والعمى. فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وأشهد أن لا إله إلا هو، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الهادي غير المضل، أرسله بالحق من عنده إلى خلقه بشيرا
ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، لينذر من كان حيا، ويحق القول على الكافرين. فهدى الله بالحق من أجاب إليه وضرب بالحق من أدبر عنه حتى صاروا إلى الإسلام طوعا وكرها. ثم أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك أجله. وقد كان الله بين له ذلك لأهل الإسلام في الكتاب الذي أنزل عليه فقال:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30](1) وقال: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء: 34] الآية (2) وقال للمؤمنين: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144] الآية (3) فمن كان إنما يعبد محمدا، فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله وحده لا شريك له فإن الله له بالمرصاد حي قيوم لا يموت ولا تأخذه سنة ولا نوم حافظ لأمره منتقم من عدوه ومجزيه، وإني أوصيكم أيها الناس بتقوى الله. وأحضكم على حظكم ونصيبكم من الله وما جاء به نبيكم صلى الله عليه وسلم. وأن تهتدوا بهداه. وتعتصموا بدين الله. فإن كل من لم يحفظ الله ضائع وكل من لم يصدقه كاذب وكل من لم يسعده الله شقي وكل من لم يرزقه محروم وكل من لم ينصره الله مخذول. فاهتدوا بهدي الله ربكم. فإنه من يهد الله فهو المهتدي. ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.
وإنه قد بلغني رجوع من رجع منكم عن دينه بعد أن أقر بالإسلام وعمل به اغترارا بالله، وجهالة بأمر الله، طاعة للشيطان. قال الله تعالى:{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6]
(1) آية 30 سورة الزمر.
(2)
آية 34 من سورة الأنبياء.
(3)
آية 144 من سورة آل عمران.