الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتلطف رجل من بني أسد حتى وثب على عجز راحلة خالد، فقال: أنشدك الله أن لا يكون هلاك مضر على يدك، يا خالد حكمك في بني أسد. فنادى خالد: من قام فهو آمن. فقام الناس كلهم.
وسمعت بذلك بنو عامر. فأعلنوا الإسلام.
وأمر خالد بالحظائر أن تبنى، ثم أوقد فيها النار. ثم أمر بالأسرى فألقيت فيها. وألقي فيها يومئذ حامية بن سبيع الذي استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات قومه.
وأخذت أم طليحة فعرض عليها الإسلام، فوثبت. وأخذت فحمة من النار وهي تقول: يا موت عم صباحا، كافحته كفاحا، إذ لم أجد براحا.
وذكر الواقدي: أن خالدا جمع الأسرى في الحظائر. ثم أضرمها عليهم فاحترقوا أحياء. ولم يحرق أحدا من فزارة.
فقيل لبعض أهل العلم: لم حرق هؤلاء من بين أهل الردة؟ فقال بلغته عنهم مقالة سيئة وثبتوا على ردتهم.
وعن ابن عمر قال: شهدت بزاخة مع خالد. فأظفرنا الله على طليحة. وكنا كلما أغرنا على قوم سبينا الذراري واقتسمنا الأموال.
[ذكر رجوع بني عامر وغيرهم إلى الإسلام]
ذكر رجوع بني عامر وغيرهم إلى الإسلام ولما أوقع الله ببني أسد وفزارة ما أوقع ببزاخة بث خالد السرايا، ليصيبوا من قدروا عليه ممن هو على ردته. وجعلت العرب تسير إلى
خالد، رغبة في الإسلام وخوفا من السيف.
فمنهم من أصابته السرية فيقول: جئت راغبا في الإسلام وقد رجعت إلى ما خرجت منه.
ومنهم من يقول ما رجعنا، ولكن منعنا أموالنا، فقد سلمناها، فليأخذ منها حقه.
ومنهم من مضى إلى أبي بكر ولم يقرب خالدا.
ثم عمد خالد إلى جبلي طيء - أجا وسلمى - فأتته عامر وغطفان يدخلون الإسلام ويسألونه الأمان على مياههم وبلادهم. وأظهروا التوبة. وأقاموا الصلاة. وأقروا بالزكاة.
فأمنهم خالد. وأخذ عليهم العهود والمواثيق: لتبايعن على ذلك أبناءكم ونساءكم آناء الليل وآناء النهار.
فقالوا: نعم، نعم.
وبعث بعيينة إلى أبي بكر مجموعة يداه في وثاقه فجعل غلمان المدينة ينخسونه بالجريد، ويضربونه. ويقولون: أي عدو الله أكفرت بالله بعد إيمانك؟ فيقول والله ما كنت آمنت بالله قط.
وأخذ خالد من بني عامر وغيرهم من أهل الردة - ممن بايعه على الإسلام - كل ما ظهر من سلاحهم واستحلفهم على ما غيبوا منه فإذا حلفوا تركهم، وإن أبوا شدهم أسرى حتى أتوا بما عندهم. فأخذ منهم سلاحا كثيرا. فأعطاه أقواما يحتاجون إليه في قتال عدوهم، وكتبه عليهم ثم ردوه بعد.
وحدث يزيد بن أبي شريك الفزاري عن أبيه قال: قدمت مع أسد وغطفان على أبي بكر وافدا، حين فرغ خالد منهم. فقال أبو بكر: " اختاروا بين خصلتين حرب مجلية أو سلم مخزية. فقال خارجة بن حصن: هذه الحرب المجلية قد عرفناها، فما السلم المخزية؟ قال: تشهدون أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. وأن تردوا علينا ما أخذتم منا، ولا نرد عليكم ما أخذنا منكم. وأن تدوا قتلانا، كل قتيل مائة بعير منها أربعون في بطونها أولادها. ولا ندي قتلاكم. ونأخذ منكم الحلقة والكراع وتلحقون بأذناب الإبل حتى يرى الله خليفة نبيه والمؤمنين ما شاء فيكم، أو يرى منكم إقبالا لما خرجتم منه.
فقال خارجة: نعم، يا خليفة رسول الله.
فقال أبو بكر: عليكم عهد الله وميثاقه أن تقوموا بالقرآن آناء الليل وآناء النهار. وتعلمون أولادكم ونساءكم ولا تمنعوا فرائض الله في أموالكم. قالوا: نعم ".
قال عمر: يا خليفة رسول الله كل ما قلت كما قلت، إلا أن يدوا من قتل منا، فإنهم قوم قتلوا في سبيل الله.
فتتابع الناس على قول عمر.
فقبض أبو بكر كل ما قدر عليه من الحلقة والكراع.
فلما توفي رأى عمر أن الإسلام قد ضرب بجرانه. فدفعه إلى أهله وإلى ورثة من مات منهم.