الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المدينة. وأمر لها بكل شيء ينبغي لها. وأرسل معها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات.
وفي هذه السنة: مات حذيفة بن اليمان، وأبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدامة بن مظعون رضي الله عنهم.
[حوادث سنة سبع وثلاثين]
حوادث سنة سبع وثلاثين ثم دخلت السنة السابعة والثلاثون.
فسار علي رضي الله عنه والتقى هو وأهل الشام بصفين لسبع بقين من المحرم - وصفين اسم موضع بين الشام والعراق - فكانت به الوقعة المشهورة. فلما اشتد البلاء على الفريقين وطال أياما، وكثر القتلى بينهم رفع أهل الشام المصاحف على رؤوس الرماح ونادوا " ندعوكم إلى كتاب الله " فسر الناس وأنابوا إلى الحكومة.
فحكم أهل الشام عمرو بن العاص. وحكم علي بن أبي طالب أبا موسى الأشعري رضي الله عنهما. وكتبوا بينهم العهود بالرضى بما يحكم به الحكمان.
فلما حل الموعد في رمضان توافوا بأذرح، بدومة الجندل. فلم يتفق الحكمان على شيء.
وانصرف علي رضي الله عنه إلى العراق، ومعاوية رضي الله عنه إلى الشام.
فلما وصل علي الكوفة خرجت عليه الخوارج ; وكفروه حيث رضي بالتحكيم. وقالوا: لا حكم إلا لله. واجتمعوا بحروراء - اسم موضع
بالعراق - فسموا الحرورية، فأرسل علي إليهم عبد الله بن عباس فأتاهم. قال:" فلم أر قوما أسمد اجتهادا منهم ولا أكثر عبادة " فقال ما تنقمون؟ قالوا: ثلاث.
إحداهن: أنه حكم الرجال في أمر الله وقد قال الله تعالى {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: 57](1) .
والثانية: أنه قاتل ولم يسب ولم يغنم. فإن كانوا مؤمنين، فما حل لنا قتالهم، وإن كانوا كافرين فقد حلت لنا أموالهم وسبيهم.
والثالثة: أنه محا نفسه من أمير المؤمنين. فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين.
فقال لهم: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله الحكم، وحدثتكم من سنة نبيكم ما لا تنكرون أترجعون؟ قالوا: نعم.
فقلت: أما قولكم: إنه حكم الرجال في دين الله، فإن الله تعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95]- إلى قوله - {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95](2) وقال تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: 35](3) أنشدكم الله أفتحكيم الرجال في إصلاح ذات بينهم وحقن دمائهم وأموالهم أحق، أم في أرنب ثمنها ربع درهم أو بضع امرأة؟ فقالوا: اللهم بلى، في حقن دمائهم وإصلاح ذات بينهم. فقلت: أخرجت من هذه؟ فقالوا: اللهم نعم.
(1) من الآية 57 من سورة الأنعام.
(2)
من الآية 95 من سورة المائدة.
(3)
من الآية 35 سورة النساء.