الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سليم بلغتهم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. فتشجع بعض بني سليم على أخذها والردة وأبى بعضهم من ذلك وقال إن كان محمد قد مات، فإن الله حي لا يموت. فانتهب الذين ارتدوا منهم اللطيمة.
فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه كتب إلى معن بن حاجر فاستعمله على من أسلم من بني سليم. وكان قد قام في ذلك قياما حسنا، ذكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الناس ما قال الله لنبيه:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30](1) وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144](2) مع آي من كتاب الله. فاجتمع إليه بشر من بني سليم. وانحاز أهل الردة منهم فجعلوا يغيرون على الناس.
[قتل الفجاءة وتحريقه]
قتل الفجاءة وتحريقه فلما بدا لأبي بكر أن يوجه خالدا، كتب إلى معن أن يلحق بخالد، ويستعمل على عمله أخاه طريفة بن حاجر ففعل. وأقام طريفة يكالب من ارتد بمن معه من المسلمين إذ قدم الفجاءة - واسمه إياس بن عبد الله بن عبد ياليل - على أبي بكر. فقال: إني مسلم وقد أردت جهاد من ارتد فاحملني، فلو كان عندي قوة لم أقدم عليك.
فسر أبو بكر بمقدمه، وحمله على ثلاثين بعيرا. وأعطاه سلاحا. فخرج يستعرض المسلم والكافر يقتلهم ويأخذ أموالهم. ويصيب من امتنع منهم. ومعه رجل من بني الشريد. يقال له: نجبة بن أبي الميثاء مع قوم من أهل الردة. فلما بلغ أبا بكر خبره كتب إلى طريفة بن حاجر:
(1) آية 30 من سورة الزمر.
(2)
من الآية 144 من سورة آل عمران.
" بسم الله الرحمن الرحيم. من أبي بكر إلى طريفة، سلام عليك. أما بعد فإن عدو الله الفجاءة أتاني. فزعم أنه مسلم وسألني: أن أقويه على قتال من ارتد عن الإسلام. فحملته وسلحته وقد انتهى إلي من يقين الخبر أن عدو الله قد استعرض الناس المسلم والمرتد، يأخذ أموالهم ويقتل من خالفه منهم. فسر إليه بمن معك من المسلمين حتى تقتله أو تأخذه. فتأتيني به ".
فقرأ طريفة الكتاب على قومه. فحشدوا إلى الفجاءة. فقدم عليه ابن المثنى، فقتل نجبة وهرب منه إلى الفجاءة. ثم زحف طريفة إلى الفجاءة فتصادما. فلما رأى الفجاءة الخلل في أصحابه قال: يا طريفة والله ما كفرت. وإني لمسلم. وما أنت بأولى بأبي بكر مني، أنت أميره وأنا أميره. قال طريفة: إن كنت صادقا فألق السلاح، ثم انطلق إلى أبي بكر فأخبره خبرك، فوضع السلاح فأوثقه طريفة في جامعة، فقال: لا تفعل، فقال طريفة: هذا كتاب أبي بكر إلي، فقال الفجاءة: سمعا وطاعة، فبعث به في جامعته مع عشرة من بني سليم. فأرسل به أبو بكر إلى بني جشم فحرقته بالنار (1) .
وقدم على أبي بكر رضي الله عنه قبيصة - أحد بني الظربان - فذكر أنه مسلم. ولم يرتد فأمره أن يقاتل بمن معه من ارتد فرجع قبيصة. فاجتمع إليه ناس كثير. فخرج يتبع بهم أهل الردة، يقتلهم حيث وجدهم حتى مر ببيت حميضة بن الحكم الشريدي. فوجده غائبا يجمع أهل الردة. ووجد جارا له مرتدا. فقتله واستاق ماله.
(1) الكلام على التحريق بالنار سبق في ص 264 تعليقا فارجع إليه.
فلما أتى حميضة أخبره أهله بخبر جاره. فخرج في طلبهم. فأدركهم. فقال قبيصة: قتلت جاري؟ فقال إن جارك ارتد عن الإسلام.
فقال أمن بين من كفر تعدو على جار لجأ إلي لأمنعه؟ .
فقال قبيصة: قد كان ذلك. فطعنه حميضة بالرمح. فوقع عن بعيره ثم قتله. وكان قبيصة قد فرق أصحابه قبل أن يلحقه حميضة.
وكتب أبو بكر رضي الله عنه إلى خالد: " إن أظفرك الله ببني حنيفة فأقل اللبث فيهم، حتى تنحدر إلى بني سليم، فتطأهم وطأة يعرفون بها ما منعوا. فإنه ليس بطن من العرب أنا أغيظ عليه مني عليهم، فإن أظفرك الله بهم فلا آلوك فيهم أن تحرقهم بالنار وهول فيهم القتل حتى يكون نكالا لهم "(1) .
وسمعت بنو سليم بإقبال خالد. فاجتمع منهم بشر كثير. واستجلبوا من بقي من العرب، مرتدا وكان الذي جمعهم أبو شجرة بن عبد العزى فانتهى خالد إلى جمعهم مع الصبح. فصاح خالد في أصحابه وأمرهم بلبس السلاح. ثم صفهم. وصفت بنو سليم. وقد كل المسلمون وعجف كراعهم وخفهم. وجعل خالد يلي القتال بنفسه حتى أثخن فيهم القتل. ثم حمل عليهم حملة واحدة، فانهزموا. وأسر منهم بشر كثير. ثم حظر لهم الحظائر وحرقهم فيها.
وجرح أبو شجرة يومئذ في المسلمين جراحات كثيرة. وقال في ذلك أبياتا، منها:
(1) راجع ص 264 تجد الكلام على التحريق بالنار.