الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي حديث أسماء فأتى الصريخ إلى أبي بكر. فقالوا: أدرك صاحبك فخرج من عندنا وله غدائر أربع فخرج وهو يقول ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي اللَّه؟ فلهوا عنه وأقبلوا على أبي بكر. فرجع إلينا لا يمس شيئا من غدائر إلا رجع معه.
ومرة كان يصلي عند البيت، ورهط من أشرافهم يرونه فأتى أحدهم بسلا جزور. فرماه على ظهره. وكانوا يعلمون صدقه وأمانته. وأن ما جاء به هو الحق. لكنهم كما قال اللَّه تعالى {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33] (1) .
وذكر الزهري: أن أبا جهل. وجماعة معه وفيهم الأخنس بن شريق، استمعوا قراءة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الليل فقال الأخنس لأبي جهل يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد؟ فقال تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا. وحملوا فحملنا. وأعطوا فأعطينا. حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان. قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء! فمتى ندرك هذا؟ واللَّه لا نسمع له أبدا. ولا نصدقه أبدا ".
وفي رواية " إني لأعلم أن ما يقول حق ولكن بني قصي قالوا: فينا الندوة فقلنا: نعم. قالوا: وفينا الحجابة فقلنا: نعم. قالوا: فينا السقاية. فقلنا: نعم. وذكر نحوه ".
[سؤالهم عن الروح وأهل الكهف]
سؤالهم عن الروح وأهل الكهف وكانوا يرسلون إلى أهل الكتاب يسألونهم عن أمره؟ .
(1) من الآية 33 من سورة الأنعام.
قال ابن إسحاق عن ابن عباس: بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط، إلى أحبار اليهود بالمدينة فقالوا لهما: سلاهم عن محمد وصفا لهم صفته. فإنهم أهل الكتاب. وعنده ما ليس عندنا من علم الأنبياء.
فخرجا حتى قدما المدينة، فسألاهم عنه؟ ووصفا لهم أمره. فقالت لهما أحبار اليهود: سلوه عن ثلاث. فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإلا فهو رجل منقول. سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم؟ فإنه قد كان لهم حديث عجيب. وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها. فما كان نبؤه؟ وسلوه عن الروح ما هو؟ فأقبلا، حتى قدما مكة. فقالوا: قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد. قد أخبرنا أحبار يهود أن نسأله عن أشياء أمرونا بها.
فجاءوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسألوه عما أخبرهم أحبار يهود. فجاءه جبريل بسورة الكهف فيها خبر ما سألوه عنه. من الفتية والرجل الطواف. وجاءه بقوله {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [الإسراء: 85]- الآية (1) .
قال ابن إسحاق: فافتتح السورة بحمده وذكر نبوة رسوله لما أنكروا عليه من ذلك. فقال {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} [الكهف: 1](2) يعني أنك رسول مني، أي تحقيق ما سألوه عنه من نبوتك {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا} [الكهف: 1] أي أنزله معتدلا. لا خلاف فيه - وذكر تفسير السورة - إلى أن قال {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} [الكهف: 9](3)
(1) من الآية 85 من سورة الإسراء.
(2)
من الآية 1 سورة الكهف.
(3)
آية 9 سورة الكهف.
أي ما رأوا من قدرتي في أمر الخلائق وفيما وضعت على العباد من حججي ما هو أعظم من ذلك وأعجب.
وعن ابن عباس: الذي آتيتك من الكتاب والسنة أعظم من شأن أصحاب الكهف. قال ابن عباس والأمر على ما ذكروا فإن مكثهم نياما ثلاثمائة سنة آية دالة على قدرة اللَّه ومشيئته.
وهي آية دالة على معاد الأبدان كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا} [الكهف: 21](1) وكان الناس قد تنازعوا في زمانهم هل تعاد الأرواح وحدها؟ أم الأرواح والأبدان؟ فجعلهم اللَّه آية دالة على معاد الأبدان وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقصتهم. من غير أن يعلمه بشر. آية دالة على نبوته. فكانت قصتهم آية دالة على الأصول الثلاثة الإيمان باللَّه ورسوله واليوم الآخر.
ومع هذا: فمن آيات اللَّه ما هو أعجب من ذلك. وقد ذكر اللَّه سبحانه وتعالى سؤالهم عن هذه الآيات التي سألوه عنها ليعلموا: هل هو نبي صادق. أو كاذب؟ فقال {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا} [الكهف: 83](2) إلى قوله - {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} [الكهف: 100] وقوله {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7]- إلى قوله - {إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} [يوسف: 102](3) . والقرآن مملوء من إخباره بالغيب الماضي. الذي لا يعلمه أحد من
(1) من الآية 21 سورة الكهف.
(2)
الآيات من 83 - 98 من سورة الكهف.
(3)
الآيات من 7 - 102 من سورة يوسف.