الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مسير خالد إلى اليمامة]
مسير خالد إلى اليمامة فلما فرغ خالد من بزاخة وبني عامر أظهر أن أبا بكر عهد إليه أن يسير إلى أرض بني تميم، وإلى اليمامة، فقال ثابت بن قيس - وهو على الأنصار، وخالد على جماعة المسلمين - ما عهد إلينا ذلك وليس بنا قوة. وقد كل المسلمون وعجف كراعهم. فقال خالد: لا أستكره أحدا، وسار بمن تبعه.
وأقامت الأنصار يوما أو يومين ثم تلاومت فيما بينها. وقالت والله ما صنعنا شيئا. والله لئن أصيب القوم ليقولن خذلتموهم وإنها لمسبة عارها باق إلى آخر الدهر ولئن أصابوا فتحا، إنه لخير منعتموه. فابعثوا إلى خالد يقيم حتى تلحقوه. فبعثوا إليه فأقام حتى لحقوه. فاستقبلهم في كثرة من المسلمين حتى نزلوا.
وساروا جميعا حتى انتهوا إلى البطاح، من أرض بني تميم فلم يجدوا بها جمعا. ففرق خالد السرايا في نواحيها. فأتت سرية منهم بني حنظلة - وسيدهم مالك بن نويرة - وكان قد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مصدقا على قومه. فجمع صدقاتهم. فلما بلغته وفاة النبي صلى الله عليه وسلم جفل إبل الصدقة - أي ردها إلى أهلها فلذلك سمي الجفول - وجمع قومه فقال: إن هذا الرجل قد هلك فإن قام قائم بعده رضي منكم أن تدخلوا في أمره ولم يطلب ما مضى، ولم تكونوا أعطيتم الناس أموالكم. فتسارع إليه جمهورهم.
فقام فيهم قعنب - سيد بني يربوع - فقال يا بني تميم، لا ترجعوا في صدقاتكم فيرجع الله في نعمه عليكم ولا تتجردوا للبلاء وقد ألبسكم الله العافية ولا تستشعروا خوف الكفر وأنتم في أمن الإسلام. إنكم
أعطيتم قليلا من كثير. والله مذهب الكثير بالقليل. ومسلط على أموالكم غدا من يأخذها على غير الرضا، وإن منعتموها قتلتم. فأطيعوا الله واعصوا مالكا.
فقام مالك، فقال: يا بني تميم، إنما رددت عليكم أموالكم إكراما لكم. وإنه لا يزال يقوم منكم قائم يخطئني. والله ما أنا بأحرصكم على المال ولا بأجزعكم من الموت ولا بأخفاكم شخصا إن أقمت، ولا بأخفاكم رحلة إن هربت. فترضوه عند ذلك وأسندوا أمرهم إليه وأبى الله إلا أن يتم أمره فيهم. وقال مالك في ذلك:
وقال رجال سدد اليوم مالك
…
وقال رجال مالك لم يسدد
فقلت: دعوني لا أبا لأبيكمو
…
فلم أخط رأيا في المعاد ولا البد
فدونكموها. إنها صدقاتكم
…
مصررة أخلافها لم تجرد
سأجعل نفسي دون ما تحذرونه
…
فأرهنكم يوما بما قلت يدي
فإن قام بالأمر المجرد قائم
…
أطعنا وقلنا: الدين دين محمد
ولما بلغ ذلك أبا بكر والمسلمين حنقوا عليه. وعاهد الله خالد لئن أخذه ليجعلن هامته أثفية للقدر.
فلما وصلتهم السرية - مع طلوع الشمس - فزعوا إلى السلاح. وقالوا: من أنتم؟ قالوا: نحن عباد الله المسلمون قالوا: ونحن عباد الله المسلمون. قالوا: فضعوا السلاح. ففعلوا. فأخذوهم. وجاءوا بهم إلى خالد.