الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن قال في يوم مقالة غائب
…
فتصديقها في ضحوة اليوم أو غد
ليهن أبا بكر سعادة جده
…
بصحبته من يسعد اللَّه يسعد
ويهن بني كعب مكان فتاتهم
…
ومقعدها للمؤمنين بمرصد
قالت أسماء بنت أبي بكر. مكثنا ثلاث ليال لا ندري: أين توجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ إذ أقبل رجل من الجن من أسفل مكة يتغنى بأبيات غناء العرب، والناس يتبعونه ويسمعون منه ولا يرونه حتى خرج من أعلى مكة فعرفنا أين توجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
قالت ولما خرج أبو بكر احتمل معه ماله. فدخل علينا جدي أبو قحافة - وقد ذهب بصره - فقال: إني واللَّه لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه. قلت: كلا واللَّه قد ترك لنا خيرا. وأخذت حجارة فوضعتها في كوة البيت. وقلت: ضع يدك على المال. فوضعها، وقال: لا بأس. إن كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن، قالت: واللَّه ما ترك لنا شيئا وإنما أردت أن أسكت الشيخ.
[دخول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة]
دخول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة ولما بلغ الأنصار مخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من مكة. كانوا يخرجون كل يوم إلى الحرة ينتظرونه. فإذا اشتد حر الشمس رجعوا إلى منازلهم. فلما كان يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول على رأس ثلاث عشرة سنة من
نبوته. خرجوا على عادتهم. فلما حميت الشمس رجعوا، فصعد رجل من اليهود على أطم من آطام المدينة. فرأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب. فصرخ بأعلى صوته يا بني قيلة هذا صاحبكم قد جاء هذا جدكم الذي تنتظرونه. فثار الأنصار إلى السلاح ليتلقوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وسمعت الوجبة والتكبير في بني عمرو بن عوف. وكبر المسلمون فرحا بقدومه. وخرجوا للقائه فتلقوه وحيوه بتحية النبوة. وأحدقوا به مطيفين حوله.
فلما أتى المدينة، عدل ذات اليمين حتى نزل بقباء في بني عمرو بن عوف، ونزل على كلثوم بن الهدم - أو على سعد بن خيثمة - فأقام في بني عمرو بن عوف أربع عشرة ليلة. وأسس مسجد قباء. وهو أول مسجد أسس بعد النبوة.
فلما كان يوم الجمعة ركب. فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف. فجمع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي. ثم ركب. فأخذوا بخطام راحلته يقولون. هلم إلى القوة والمنعة والسلاح. فيقول «خلوا سبيلها. فإنها مأمورة» فلم تزل ناقته سائرة لا يمر بدار من دور الأنصار، إلا رغبوا إليه في النزول عليهم فيقول:«دعوها فإنها مأمورة» فسارت حتى وصلت إلى موضع مسجده اليوم فبركت ولم ينزل عنها، حتى نهضت وسارت قليلا. ثم رجعت وبركت في موضعها الأول. فنزل عنها.
وذلك في بني النجار، أخواله (1) صلى الله عليه وسلم.
(1) هم أخوال جده عبد المطلب.
وكان من توفيق اللَّه لها. فإنه أحب أن ينزل على أخواله يكرمهم. فجعل الناس يكلمونه في النزول عليهم. وبادر أبو أيوب خالد بن زيد إلى رحله فأدخله بيته. فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: «المرء مع رحله» وجاء أسعد بن زرارة فأخذ بخطام ناقته. فكانت عنده. وأصبح كما قال قيس بن صرمة - وكان ابن عباس يختلف إليه ليحفظها عنه.
ثوى في قريش بضع عشرة حجة
…
يذكر لو يلقى حبيبا مواتيا
ويعرض في أهل المواسم نفسه
…
فلم ير من يؤوي ولم ير داعيا
فلما أتانا واستقر به النوى
…
وأصبح مسرورا بطيبة راضيا
وأصبح لا يخشى ظلامة ظالم
…
بعيد ولا يخشى من الناس باغيا
بذلنا له الأموال من جل مالنا
…
وأنفسنا عند الوغى والتآسيا
نعادي الذي عادى من الناس كلهم
…
جميعا وإن كان الحبيب المصافيا
ونعلم أن اللَّه لا رب غيره
…
وأن كتاب اللَّه أصبح هاديا
وكما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
قومي الذين هموا آووا نبيهمو
…
وصدقوه وأهل الأرض كفار
إلا خصائص أقوام همو تبع
…
في الصالحين مع الأنصار أنصار
مستبشرين بقسم اللَّه. قولهمو
…
لما أتاهم كريم الأصل مختار
أهلا وسهلا. ففي أمن وفي سعة
…
نعم النبي. ونعم القسم والجار
فأنزلوه بدار لا يخاف بها
…
من كان جارهمو. دار هي الدار
وقاسموه بها الأموال إذ قدموا
…
مهاجرين. وقسم الجاحد النار
وكما قال:
نصرنا وآوينا النبي محمدا
…
على أنف راض من معد وراغم
قال ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فأمر بالهجرة. وأنزل اللَّه عليه، {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} [الإسراء: 80] (1) والنبي صلى الله عليه وسلم يعلم ألا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان. فسأل اللَّه سلطانا نصيرا، فأعطاه. قال البراء.: أول من قدم علينا: مصعب بن عمير، وابن أم مكتوم، فجعلا يقرئان الناس القرآن. ثم جاء عمار بن ياسر، وبلال وسعد ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين راكبا. ثم جاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. فما رأيت الناس فرحوا بشيء فرحهم به حتى جعل النساء والصبيان
(1) آية 80 سورة الإسراء.