الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول ابن الجزري -وهو الذي وجه السؤال للسبكي- فأجابني، ومن خطه نقلت: الحمد لله، القراءات السبع التي اقتصر عليها الشاطبي، والثلاث التي هي قراءة أبي جعفر، وقراءة يعقوب، وقراءة خلف متواترة معلومة من الدين بالضرورة، وكل حرف انفرد به واحد من العشرة معلوم من الدين بالضرورة أنه منزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكابر في ذلك إلا جاهل، وليس تواتر شيء منها مقصورًا على من قرأ بالروايات بل هي متواترة عند كل مسلم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ولو كان مع ذلك عاميًّا جلفًا، لا يحفظ من القرآن حرفًا، ولهذا تقرير طويل وبرهان عريض لا يسع هذه الورقة شرحه، وحظ كل مسلم وحقه أن يدين الله تعالى، ويجزم نفسه بأن ما ذكرناه متواتر، معلوم باليقين، لا يتطرق الظنون ولا الارتياب إلى شيء منه، والله أعلم. كتبه عبد الوهاب بن السبكي الشافعي1.
1 النشر ج1 ص106، ص107، ت محبش.
الاختيار في القراءات:
إسناد كل حرف من حروف القراءة إلى صاحبه من الصحابة فمن بعدهم يعني أنه كان أضبط لهذا الحرف، وأكثر قراءة وإقراء به، وملازمة له وميلًا إليه.
وإضافة الحروف والقراءات إلى أئمة القراء ورواتهم تعني أن ذلك القارئ الإمام اختار القراءة بذلك الوجه من اللغة حسبما قرأ به، فصح عنده، وآثره على غيره، وداوم عليه، ولزمه حتى اشتهر وعرف به، وأخذ عنه، وأضيف إليه دون غيره من القراء.
فإضافة القراءة لقارئ من القراء السبعة أو العشرة، أو غيرهم
أساسها: الاختيار والدوام، واللزوم، ولم يكن مرجعها اختراع القارئ أو رأيه واجتهاده1.
فمنهج الاختيار في تاريخ القراءات نشأ عنه ما عرف بالقراءات السبع أو العشر.
ومن هنا اختيار كل قارئ الحرف الذي لزمه، فنسب إليه، وصار فيما بعد إمامًا في قراءته له.
واختار ابن مجاهد القراءات السبع للقراء السبعة، وارتضى الأكثرون اختياره، وإن عارضه بعضهم.
وشاعت كلمة الاختيار في تصانيف المقرئين:
يقول ابن الباذش في كلامه عن نافع: إمام أهل المدينة والذي صاروا إلى قراءته، ورجعوا إلى اختياره2.
ويقول شعبة عن أبي عمرو بن العلاء: انظر ما يقرأ أبو عمرو، مما يختار لنفسه فإنه سيصير للناس إسنادًا3.
ونقل ابن الجزري عن الإمام البغوي المحدث، المفسر قوله: واتفقت كلمة الأمة على اختيارهم ثم عقب بقوله: "وقد ذكرت في هذا الكتاب قراءات من اشتهر منهم بالقراءة واختياراتهم"4.
1 النشر ج1 ص51 طـ القاضي.
2 الإقناع ج1 ص55.
3 طبقات القراء ج1 ص292.
4 النشر ج1 ص37.