الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8-
الياءات:
تناول القراء نوعين منها:
الأول: ياءات الإضافة
والآخر: الياءات الزوائد.
ياءات الإضافة "بين الإسكان والفتح":
ياء الإضافة في اصطلاح الفراء، هي الياء الزاءدة الدالة على المتكلم، وتتصل بالاسم والفعل والحرف مثل: نفسي، ذكرِي، وفطرني، وهداني، وإني، ولي.
وهو باب عظيم الفائدة توفر عليه شيوخ القراءة وحصروا صورها المختلفة وذكروا ما رواه القراء بشأنها من سكون أو فتح.
وقد ذكر أبو عمرو الداني الياءات موضوع الاختلاف في مائتي وأربع عشرة ياء1.
وسنقدم بيانًا موجزًا عنها يتناول الأصول العامة، ويترك الجزئيات التي تعد فرشًا ليبحث عنها المستزيد في مظامها.
ونركز ذلك في النقاط الآتية:
أ- ياء الإضافة المكسور ما قبلها إذا تلتها همزة مفتوحة أو مكسورة.
مثل: {إِنِّي أَرَى} [الأنفال: 48]، {أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} [يونس: 72] ، {ذَرُونِي أَقْتُل} [غافر: 26] ، {أَرِنِي أَنْظُر} [الأعراف: 153] ، {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُم} [البقرة: 152] ونحوها.
يذهب أبو عمرو إلى فتح الياء ما لم يطل الحرف، وكذلك نافع.
1 راجع التيسير ص63.
وابن كثير في هذا الأمر لا يسير على قياس واحد كما فعل أبو عمرو، وكذا بقية القراء يفتحون بعض الياءات في هذه الحالة دون التزام بقواعد مطردة.
ب- ياء الإضافة المكسور ما قبلها إذا تلتها همزة مضمومة.
ومثالها: {إِنِّي أُمِرْت} [الأنعام: 14]، {وَإِنِّي أُعِيذُهَا} [آل عمران: 36] ، {إِنِّي أُرِيد} ، {فَإِنِّي أُعَذِّبُه} [المائدة: 29، 115] ، ونحوها، ومجموعها عشرة مواضع من القرآن الكريم1.
يفتح الياء نافع وحده، ويسكنها الباقون.
ج- ياء الإضافة المكسور ما قبلها إذا تلتها ألف الوصل مفردة "أي في الفعل".
وجملة ما في القرآن الكريم منها سبع وهي:
{إِنِّي اصْطَفَيْتُك} [الأعراف: 144] ، {أَخِي، اشْدُدْ} ، {لِنَفْسِي، اذْهَبْ} {فِي ذِكْرِي، اذْهَبَا} [طه: 30، 31، 41، 42، 43]، {يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْت} [الفرقان: 27] ، {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا} [الفرقان: 30] ، {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَد} [الصف: 6] .
فتح أبو عمرو الياء فيهن جميعًا، ووافقه ابن كثير إلا في:{لَيْتَنِي اتَّخَذْت} فقط.
وأسكن نافع ثلاثًا منهن: {إِنِّي اصْطَفَيْتُك} ، {أَخِي، وَاشْدُد} ، {يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْت} ، وفتح الباقيات
1 بقية المواضع: {إِنِّي أُمِرْت} [الأنعام: 14]، {عَذَابِي أُصِيبُ} [الأعراب: 156] ، {إِنِّي أُشْهِدُ اللَّه} [هود: 54] ، {أَنِّي أُوفِي} [يوسف: 95] ، {إِنِّي أُلْقِي} [النحل: 29] ، {إِنِّي أُرِيد} [القصص: 27] ، {إِنِّي أُمِرْت} [الزمر: 11] .
وفتح أبو بكر1: {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} فقط.
وأسكن بقية القراء الياء في الجميع.
د- ياء الإضافة مع همزة أل.
جملة ما في القرآن مما اختلفوا فيه أربع عشرة.
وهي في [البقرة: 124، 258]{عَهْدِي الظَّالِمِين} ، {رَبِّيَ الَّذِي} وفي [الأعراف: 33، 146] {رَبِّيَ الْفَوَاحِش} ، {عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِين} وفي [إبراهيم: 31] {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِين} ونحوها2.
وعدها أبو عمرو الداني ست عشرة زاد {فَبَشِّرْ عِبَادِ، الَّذِينَ} [الزمر: 17، 18]{فَمَا آَتَانِيَ اللَّه} [النمل: 36]3.
أسكن حمزة كل هذه الياءات، وتابعه الكسائي في ثلاثة مواضع وهي:{قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِين} [إبراهيم: 31]{يَا عِبَادِيَ الَّذِين} [العنكبوت: 56]، [الزمر: 53] وفتح الباقيات.
وتابعه أوب عمرو في العنكبوت والزمر وفتح الباقيات.
وتابعه ابن عامر في إبراهيم، وإحدى آيتي الأعراف {عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِين} .
وفتح الباقون الياء حيث وقعت.
واتفقوا على فتح الياء في {نِعْمَتِيَ الَّتِي} ، {حَسْبِيَ اللَّه} .
1 هو أبو بكر بن عياش، المعروف بشعبة أحد رواة عاصم.
2 بقية المواضع: من [مريم: 30]{آَتَانِيَ الْكِتَاب} وفي [الأنبياء: 83، 105]{مَسَّنِيَ الضُّر} ، {عِبَادِيَ الصَّالِحُون} وفي [العنكبوت: 56] {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا} ومن [سبأ: 13]{عِبَادِيَ الشَّكُور} وفي [ص: 41]{مَسَّنِيَ الشَّيْطَان} وفي [الزمر: 38، 53]{إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّه} ، {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} وفي [الملك: 18] {إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّه} .
3 راجع التيسير ص63.
{شُرَكَائِيَ الَّذِين} حيث وقعن.
كما اتفقوا على الفتح في تسعة حروف متفرقة1.
وأما قوله تعالى: {فَمَا آَتَانِيَ اللَّه} فقد فتحها في الوصل نافع وأبو عمرو وحفص، وحذفها الباقون.
وتفرد أبو شعيب بفتح الياء في الوصل، وإسكانها في الوقف في الزمر في قوله تعالى:{فَبَشِّرْ عِبَادِ، الَّذِينَ} وحذفها الباقون في الحالين2.
هـ- ياء الإضافة المكسورة ما قبلها مع بقية حروف المعجم.
نحو "بيتي، وجهي، مماتي، لي" وجملة ما في القرآن الكريم منها ثلاثون.
يقول ابن الباذش: وقال العطار وابن عبد الوهاب: اثنتان وثلاثون زادًا: {مَا أُخْفِيَ لَهُم} [السجدة: 17]، {أُمْلِي لَهُم} [القتال: 25] .
وهذا وهم منهما؛ لأن الياء في الآيتين ليست ياء المتكلم وإنما هي لام الفعل.
للقراء في هذه الآيات اختلافات شتى يفتح القارئ منهم بعض الآيات ويسكن بعضها على اختلاف بينهم في أعداد ما يفتح منها وما يسكن طبقًا لما صح عند كل منهم في روايته.
وسأذكر هنا ما فتحه حفص من هذه الياءات.
1 هي: [آل عمران: 40]{بَلَغَنِيَ الْكِبَر} ، {تُشْمِتْ بِي} ، {مَا مَسَّنِيَ السُّوء} ، {إِنَّ وَلِي الله} [الأعراف: 150، 188، 196] {مَسَّنِيَ الْكِبَر} [الحجر: 54] {أَرُونِيَ الَّذِين} [سبأ: 27] ، {رَبِّيَ اللَّه} ، {جَاءَنِيَ الْبَيِّنَات} [غافر: 28، 66] {نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِير} [التحريم: 3] .
2 الإقناع ج1 ص542.
أبو شعيب هو السوسي، أحد الرواة عن أبي عمرو.
فتح حفص ياء {بَيْتِيَ} ، {وَجْهِيَ} ، {مَعِيَ} حيث وقعن فهذا أصل مطرد عنده.
وفتح {مَحْيَايَ} في الأنعام و {لِيَ} في [إبراهيم: 41] و [طه: 18]، و [النمل: 20] ، و [يس: 22] .
وفي موضعين في [ص: 23، 69] و [الكافرون: 6]1.
2-
الياءات بين الإثبات والحذف:
أثبتت بعض الياءات خطأ في المصحف العثماني، وحذفت آيات أخرى، وهذه وتلك من الناحية التصريفية منها ما هو لام للكلمة، ومنها ما هو ياء المتكلم، ومنها ما هو ياء المنقوص.
الياءات الثابتة:
أثبتت هذه الياءات في تسع وعشرين آية من الكتاب العزيز وردت في إحدى وعشرين سورة.
ومن أمثلتها: {وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِم} ، {يَأْتِي بِالشَّمْس} [البقرة: 150، 258] .
{فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّه} [آل عمران: 3]، {فَكِيدُونِي جَمِيعًا} [هود: 55] 2.
اتفق القراء على إثباتها كلها وصلًا ووقفًا لثبوتها في الخط إلا ما روي عن ابن ذكوان من حذفها في قوله تعالى: {فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ} في الكهف، ورواها جماعة عن الأخفش3.
1 راجع السبعة لابن مجاهد ص152، وما بعدها والإقناع ج1 ص536 وما بعدها والتيسير للداني.
2 راجع بقية المواضع في الإقناع ج1 ص549.
3 المرجع السابق ص551.
الياءات الزوائد:
سميت بهذا لأنها زائدة على خط المصحف عند من أثبتها من القراء في التلاوة وقد تكون كما قلت لامًا للكلمة، أو ياء متكلم، أو ياء منقوص.
وهي تختلف عن ياءات الإضافة التي ذكرناها في عدة أمور.
أولها: أن ياءات الإضافة كلها ضمير متكلم أما الزوائد فهي عامة كما أشرت.
ثانيها: ياءات الزوائد تدخل الأسماء مثل: الداعي، الجواري، والأفعال مثل:"يوم يأت ي"، ولا تكون في الحرف، وياءات الإضافة تتصل بالأسماء والأفعال والحروف.
ثالثها: الياء الزوائد محذوفة من المصاحف العثمانية، وياءات الإضافة ثابتة.
رابعًا: في آيات الإضافة اختلف القراء فيها بين الفتح والسكون، وأما الزوائد فاختلافهم من حيث الإثبات والحذف.
بلغ عدد هذه الياءات في القرآن الكريم إحدى وستون آية، منها اثنتان وثلاثون وقعت حشوًا وسط الآيات، وتسع وعشرون وقعت فواصل في آخر الآي.
اختلف القراء اختلافًا واسعًا فيما يثبت وما يحذف منها عند التلاوة وصلًا ووقفًا.
أثبت ورش منها في الوصل سبعًا وأربعين.
وأثبت قالون منهن عشرين، منها ثمانية عشر من زوائد ورش، واختص باثنين وهما:{إِنْ تَرَنِ أَنَا} [الكهف: 39] و {اتَّبِعُونِ أَهْدِكُم} [غافر: 38] .
وأثبت ابن كثير في الوصل والوقف ثنتين وعشرين.
وتفرد قنبل بإثبات الياء في: "إِنَّهُ مَنْ يَتَّقي وَيَصْبِرْ: [يوسف: 90] وصلًا ووقفًا.
وأثبت أبو عمرو في الوصل فقط أربعًا وثلاثين كلهن في حشو الكلمة لا رأس آية إلا: {وَتَقَبَّلْ دُعَاء} [إبراهيم: 40]{وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْر} [الفجر: 4] .
وأثبت الكسائي في الوصل ياءين: {يَوْمَ يَأْت} [هود: 105] و {مَا كُنَّا نَبْغ} [الكهف: 64] .
وحذف عاصم هذه الياءات كلها، غير أنه اختلف في ياءين.
أحداهما: في [النحل: 36] ، {فَمَا آَتَانِيَ اللَّه} فتحها حفص في الوصل، وأثبتها ساكنة في الوقف.
والأخرى: [الزخرف: 68]{يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ} فتحها أبو بكر في الوصل وأثبتها ساكنة في الوقف وحذفها حفص في الحالين1.
1 الإقناع ج1 ص525 وما بعدها والتيسير للداني.