الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مكانة علم القراءات:
هو من العلوم الجليلة القدر، العظيمة الشأن؛ لأنه يدور حول رواية الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والقرآن الكريم رأس العلوم والمعارف الإسلامية، والمصدر الأول للتشريع فهو دستور الأمة، ومنارها، كما أنه نورها وهداها.
وقد أسلفنا الكلام حول الجهود التي بذلت، ويسرها رب العالمين من أجل الحفاظ عليه وصيانته من عبث العابثين وتحريف المنحرفين مصداقًا لقوله سبحانه:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} .
ومن هنا فهذا العلم العظيم وعى عددًا من العلوم النافعة.
أولها: علم القراء، وهو يتناول الترجمة لمن تصدوا للقراءة، وكانوا مرجعًا لغيرهم، وتتلمذ عليهم سواهم منذ عصر الصحابة حتى القرن العاشر الهجري. وهذا العلم يتوفر على دراسة أسانيد كل قراءة وتواترها، والرواة الذين نقلوا هذه القراءة عن القارئ الذي عرف بها ونسبت إليه.
ثانيها: علم رسم المصحف: ويتناول الصورة الخطية التي
ارتضاها عثمان رضي الله عنه، وكتب بها المصاحف التي وزعت على الأمصار الإسلامية، وكانت خالية من النقط والشكل، وأمر أهل كل مصر أن يقيموا مصحفهم على المصحف المبعوث إليهم1 فأصبحت قراءة كل قطر تابعة لرسم مصحفهم2.
فكان هذا الرسم ضابطًا للقراءات جميعًا، كما عدت موافقته أساسًا من أسس قبولها، لا سيما وأن من كتبوا المصاحف لعثمان كانوا من خيرة الصحابة، وخيرة القراء الحفاظ. وأصبحت دراستنا لعلم رسم المصحف وسيلة من الوسائل المعينة على إدراك أبعاد هذا العلم العظيم.
ثالثها: علم توجيه القراءات والاحتجاج لها: تفور على الاحتجاج النحوي والصرفي واللغوي للقراءات عدد كبير من العلماء. منذ أوائل القرن الرابع الهجري. على أنه في القرن الثاني والثالث استشهد النحويون بالقراءات خلال عرضهم للمسائل النحوية، ومن الجائز أن يكون هناك كتب ألفت في الاحتجاج للقراءات لكن لم تصل إلينا.
أما أول من ألف في الاحتجاج فهو أبو بكر بن السراج، ذكر ابن النديم في الفهرست أنه له كتاب "احتجاج القراءة"3.
كما ذكر أن القارئ النحوي أبا طاهر عبد الواحد البزار، له كتاب: الفصل بين أبي عمرو والكسائي4.
1 فضائل القرآن الكريم لابن كثير ص29.
2 غيث النفع للصفاقسي ص114.
3 راجع الفهرست ص49، وبغية الوعاة ج1 ص44، وذكر ابن النديم أن أبا محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه المتوفى سنة نيف وثلاثين وثلاثمائة ألف كتابًا في: الاحتجاج للقراء "راجع الفهرست ص53، ص 94.
4 الفهرست ص49.
غير أننا لا نقطع بأن هذا الكتاب في الاحتجاج، غير أننا نظن ظنًّا قويًّا أن الرجل في مقام الفصل والموازنة لا بد أن يكون النحو وسيلة من وسائله لا سيما وأنه قارئ ونحوي.
ومنهم محمد بن الحسن الأنصاري "351هـ" ألف كتاب السبعة بعللها.
ومنهم أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم العطار "362هـ" أحد قراء دار السلام، ذكر له ابن النديم عددًا من الكتب في اللغة والنحو والقراءات ومنها "احتجاج القراءات" وذلك بعد وفاة ابن مجاهد واشتهار تسبيعه.
ثم ألف أبو علي الفارسي "377" كتابه المشهور: "الحجة في علل القراءات السبع" ويرى صاحب كشف الظنون أن هذا الكتاب شرح لكتاب القراءات السبع لابن مجاهد1.
ومنها كتاب الحجة لابن خالويه "370" هـ وهو مطبوع ومحقق. وقد تشكك في نسبته بعض الباحثين.
ثم ألف مكي ابن أبي طالب "437هـ" كتابه الكشف عن وجوه القراءات وعللها وحججها.
4-
علم القراءات:
ويتناول الأصول المطردة في القراءات من الوقف والابتداء، والإمالة والفتح والهمز والتسهيل، والتفخيم والترقيق ونحوها. والفرش، ويتناول القراءات غير المطردة، والتي تناقلتها الروايات بأسانيدها الصحيحة.
1 كشف الظنون ج2 ص1448.
والمتأمل فيما دون القدماء من مؤلفات في علوم القراءات يجد منها ما يتحدث في هذه الجوانب كلها، ومنها ما هو مقصور على جانب معين منها.
فمثلًا كتاب "النشر" لابن الجزري تناول هذه العلوم كلها.
ومنها ما هو مقصور على جانب معين.
مثل كتاب الاحتجاج للقراءات كالحجة والكشف ونحوهما.
ومثل غاية النهاية خصصه ابن الجزري لطبقات القراء.
وهناك كتب ألفت في المصاحف واختلافها1.
5-
وهناك علم آخر يدخل في دائرة علوم القراءات وهو علم التجويد.
وهو يتوفر على دراسة أصول الأداء القرآني من مخارج الحروف وصفاتها، وأحكام النون الساكنة والتنوين، وأحكام الميم الساكنة، وأحكام المد.
وموضوعاته هذه قد تأتي تبعًا لموضوعات أخرى في القراءات، شأن الفروع السابقة، وأحيانًا يفرد لها مؤلفات خاصة، وسنشير لذلك عند حديثنا عن ترتيل القرآن الكريم.
1 راجع الفهرست ص54.