المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات:

- ‌تمهيد:

- ‌الباب الأول: القراءات والقراء

- ‌الفصل الأول: مفاهيم أساسية

- ‌تعريف القراءات:

- ‌أساس اختلاف القراءت

- ‌القراءة والرواية، والطريق:

- ‌نشأة علم القراءات وبداية نزولها:

- ‌مكانة علم القراءات:

- ‌الفصل الثاني: القراءات المقبولة والشاذة

- ‌القراءة المقبولة والمردودة

- ‌مدخل

- ‌الشرط الأول: السند المتواتر

- ‌الشرط الثاني: موافقة العربية

- ‌الشرط الثالث: موافقة خط المصحف

- ‌القراءات من حيث السند:

- ‌الاختيار في القراءات:

- ‌القراءات الشاذة

- ‌مدخل

- ‌متى بدأ الحكم بالشذوذ

- ‌رواة القراءة الشاذة، والباحثون فيها:

- ‌القراءة في الصلاة بالشاذة:

- ‌الاستشهاد بالقراءة الشاذة:

- ‌الاستشهاد بالقراءات الشاذة في قضايا اللغة والنحو:

- ‌الفصل الثالث: القراء

- ‌القراء من الصحابة

- ‌القراء من التابعين وتابعيهم:

- ‌القراء العشرة ورواتهم

- ‌مدخل

- ‌ ابن عامر:

- ‌ ابن كثير:

- ‌ عاصم:

- ‌ أبو عمرو بن العلاء:

- ‌ حمزة:

- ‌ نافع:

- ‌ الكسائي:

- ‌ أبو جعفر:

- ‌ يعقوب الحضرمي:

- ‌ خلف العاشر:

- ‌الأربع الشواذ:

- ‌ الحسن البصري:

- ‌ ابن محيصن

- ‌ الأعمش:

- ‌ اليزيدي:

- ‌الفصل الرابع: ترتيل القرآن

- ‌الترتيل معناه وأركانه:

- ‌التجويد:

- ‌‌‌مخارج الحروفوصفاتها

- ‌مخارج الحروف

- ‌صفات الحروف:

- ‌الباب الثاني: بحوث في القراءات

- ‌الفصل الأول: الأحرف السبعة

- ‌مدخل

- ‌المقصود بالحرف:

- ‌أقوال العلماء في الأحرف السبعة:

- ‌رأي وتعليق:

- ‌كيف وجدت الأحرف السبعة في القرآن

- ‌الحكمة في تعدد الحروف والقراءات:

- ‌القراءات السبع، والقراء السبع:

- ‌الفصل الثاني: الأصول والفرش

- ‌مدخل

- ‌‌‌ الوقفوالابتداء:

- ‌ الوقف

- ‌الابتداء:

- ‌ الإدغام والإظهار:

- ‌ المد والقصر:

- ‌ الهمزة والتليين:

- ‌ الإمالة والفتح:

- ‌ الراءات واللامات، بين التفخيم والترقيق:

- ‌ الهاءات:

- ‌ الياءات:

- ‌ صلة ميم الجمع بواو الإشباع:

- ‌الفصل الثالث:‌‌ رسم المصحف

- ‌ رسم المصحف

- ‌أسباب توحيد المصاحف:

- ‌نماذج من الرسم العثماني

- ‌هاء التأنيث

- ‌ الحذف والإثبات:

- ‌القطع والوصل:

- ‌الرسم العثماني ومواقف المتشككين

- ‌كتابة المصحف بين الرسم العثماني والرسم الإملائي

- ‌الفصل الرابع: صور من الاحتجاج للقراءات

- ‌صور من الاحتجاج بالأسانيد

- ‌صرور من الاحتجاج للأصول

- ‌صور من الاحتجاج النحوي:

- ‌ الخاتمة

- ‌مراجع البحث ومصادره:

- ‌فهرس الكتاب:

الفصل: ‌ الهمزة والتليين:

القراء لعموم قاعدة الاعتداد بالعارض وعدمه1.

ج- ومد البدل: يجوز قصره عند جميع القراء، وذهب ورش إلى إشباع المد بإفراط أو اعتدال على اختلاف في ذلك بين الرواة عنه2.

1 النشر ج1 ص447 وما بعدها.

2 النشر ج1 ص451- 452 محيش.

ص: 195

4-

‌ الهمزة والتليين:

الهمزة حرف يخرج من أقصى الحلق، وهي أدخل حروف الحلق في الحلق؟ ولأجل هذا استثقل أهل التخفيف مخرجها فخففوها.

وتخفيف الهمزة، وتسهيلها أو تحقيقها سمات عرف بها اللسان العربي، ونطق بها الفصحاء، ووردت في لغات القبائل.

وفي مجال القراءات، وهي تقوم على السند والتلقي مع الحافظ على خصائص اللسان العربي نرى علماء القراءات لهم آراء مختلفة باختلاف أحوال الهمزة ساكنة أو متحركة، مفردة أو معها همزة أخرى، في كلمة أو في كلمتين.

وضبطًا لهذه الحالات المتعددة نقدم الرسم البياني التالي:

ص: 195

صفحة سكان

ص: 196

الصورة الأولى: تلاقي همزتين في كلمة

إذا التقت الهمزة المتحركة بهمزة أخرى في كلمة فإن لها صورتين:

أن تدخل على "أل" وجملتها في القرآن ستة مواضع، والهمزة الداخلة فيها كلها للاستفهام وهي:{قُلْ آَلذَّكَرَيْن} [الأنعام: 143، 144]، {الْآن} [يونس: 51، 91] ، {قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُم} [يونس: 59] ، {آللَّهُ خَيْر} [النمل: 59] .

وقد أجمع القراء على تحقيق همزة الاستفهام وتخفيف الثانية.

ويقول ابن الباذش: وصورة التخفيف قد ذكر أصحاب سيبويه أنه بالبدل ألفًا1.

والصورة الأخرى: الداخلة على غير أل.

وهي ثلاث أضرب: مفتوحتان، مفتوحة ومكسورة، ومفتوحة ومضمومة.

الهمزتان المفتوحتان في كلمة:

هذه الصورة وقعت في ثمانية وعشرين موضعًا من القرآن الكريم كله.

منها تسعة عشر موضعًا مضى فيها القراء على أصولهم بين التسهيل والتحقيق.

1 الإقناع ج1 ص359.

ص: 197

وتسعة مواضع لم يسيروا فيها على أصولهم، واختلفوا في كل موضع منها اختلافات شتى يمكن الرجوع إليها من مصادرها من كتب القراءات وفي فرش الحروف.

والمواضع التسعة عشر هي: {أَنْذَرْتَهُمْ} ، {أَأَنْتُمْ أَعْلَم} [البقرة: 6، 140] {أأَأَسْلَمْتُمْ} ، {أَأَقْرَرْتُمْ} [آل عمران: 20، 81] {أَأَنْتَ قُلْتَ} [المائدة: 116] {أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ} [هود: 72]{أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ} [يوسف: 39]{أَأَسْجُد} [الإسراء: 61]{أَأَنْتَ فَعَلْتَ} [الأنبياء: 62]{أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُم} [الفرقان: 17]{أَأَشْكُر أَمْ أَكْفُرْ} [النمل: 40]{أَأَنْذَرْتَهُم} [يس: 10]{أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ} [يس: 23]{أَأَنْتُمْ} [الواقعة: 54، 64، 72]{أَأَشْفَقْتُمْ} [المجادلة: 13]{أَأَنْتُمْ أَشَدُّ} [النازعات: 27] .

قرأ الكوفيون وابن ذكوان بتحقيق الهمزة في هذا الموضع، وقرأ الباقون وهم: الحرميان، وأبو عمرو وهشام بتسهيل الثانية، واختلفوا في درجة التسهيل بإبدالها ألفًا كما ذهب ورش، أم بين بين كما ذهب ابن كثير1.

وسأقدم مثالًا واحدًا من المواضع التسعة التي لم يجر القراء فيها على أصولهم قوله تعالى: {أَنْ يُؤْتَى أَحَد} [آل عمران: 73] .

قرأه ابن كثير بهمزتين على الاستفهام، الثانية منها بين بين من غير فصل والباقون بهمزة واحدة على الخبر.

وقوله تعالى: "آمَنْتُمْ"[الأعراف: 123]، [وطه: 71] ، [والشعراء: 49] .

1 المصدر السابق ص261 بتصرف.

ص: 198

قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي فيهن على الاستفهام بهمزتين محققتين بعدهما ألف.

وروى حفص في الثلاثة بهمزة وألف على الخبر1.

الهمزتان: المفتوحة والمكسورة في كلمة

وردت هذه الصورة في أربعة وعشرين موضعًا.

وكانت الهمزة الأولى في جميع هذه المواضع للاستفهام إلا في: "أئمة" التي وردت في خمسة مواضع من القرآن: "التوبة: 12، الأنبياء: 73، القصص: 25- 41، السجدة: 24"، ومن أمثلتها أيضًا:{أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُون} [الأنعام: 19]، {أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا} [الشعراء: 41] .

قرأ الحرميان وأبو عمرو بتحقيق الأولى، وتسهيل الثانية بين بين.

وفصل بينهما بألف قالون وأبو عمرو، والباقون بتحقيق الهمزتين فيهن.

وفي الأربعة والعشرين موضعًا ثمانية عشر موضعًا جرت على أصولهم، وهي التي ذكرناها.

وبقيت مواضع ستة اختلف فيها القراء اختلافات شتى على غير أصولهم2.

ووردت هاتان الهمزتان للاستفهام في أحد عشرة موضعًا من القرآن جرى فيها القراء على أصولهم من القول بالتخفيف، والتحقيق، والفصل وتركه ولها تفصيلات في كتب القراءات.

1 راجع بقية الأمثلة التسعة في الإقناع ج1 ص262 وما بعدها.

2 راجع الإقناع ج1 ص371 وما بعدها، وكذلك الكشف ج1، وراجع السبعة لابن مجاهد في فرش الحروف في السور المختلفة.

ص: 199

الهمزتان: المفتوحة والمضمومة في كلمة

جاءت في أربعة مواضع من القرآن والهمزة الأولى فيهن للاستفهام وهن: {أَؤُنَبِّئُكُمْ} [آل عمران: 15]{أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ} [ص: 8]{أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ} [القمر: 25] .

فهنا الحرميان وأبو عمر يسهلون الثانية، وقالون: يدخل بينهما ألفًا.

والموضع الرابع: {أَشْهِدُوا} قرأه نافع بهمزتين، الثانية مضمومة مسهلة بين الهمزة والواو، وفصل قالون من غير طريق مكي بألف.

الصورة الثانية: الهمزتان المتحركتان في كلمتين

وهذا النوع على ضربين:

أ- أن تتفق حركة الهمزتين.

ب- أن تختلف.

أ- تلاقي الهمزتين مع اتفاق الحركة:

تحت هذا النوع صور ثلاث: المكسورتان، المفتوحتان، المضمومتان.

الهمزتان المكسورتان:

وردت في خمسة عشر موضعًا من القرآن الكريم.

وفي المواضع كلها سبقت الهمزة الأولى منهما بألف إلا موضعًا واحدًا سبقت فيه بواو.

من ذلك: {هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ} [البقرة: 31]{مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا} [النساء: 22، 24] .

ص: 200

{وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاق} [هود: 71]{هَؤُلاءِ إِلا} [الإسراء: 102]1.

والموضع الذي سبقت فيه الأولى بواو {بِالسُّوءِ إِلَّا} [يوسف: 53] .

قرأ الكوفيون وابن عامر بتحقيق الهمزتين فيهن، وسهل الباقون مع اختلاف في صور التسهيل، فقنبل وورش يبدلان الثانية ياء ممدودة، والقياس فيه بين بين.

وقرأ قالون والبزي بجعل الأولى بين بين، وتحقيق الثانية، إلا قوله تعالى:"بالسوء إلا" فإنهما حذفًا الهمزة الأولى، وألقيا حركتها على الواو قبلها، وحققا الثانية.

يقول أبو جعفر بن الباذش: هكذا أخذ علينا أُبَيّ رضي الله عنه وهو القياس، ولا أعلمه رُوِي ثم يذكر أن مذهب الكوفيين في الهمزة المسبوقة بواو أن تجعل الأولى بين بين2.

المفتوحتان:

وردت في القرآن في تسعة وعشرين موضعًا.

منها: {السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُم} [النساء: 5]، {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُم} [النساء: 43] .

وملاحظتنا أن الهمزة الأولى فيها سبقت بالألف، ذكر الفعل "جاء" في سبعة عشر موضعًا3 منها.

1 بقية المواضع راجع فيها الإقناع ج1 ص378.

2 المرجع السابق.

3 بقية المواضع -المرجع السابق ص380.

ص: 201

حقق الهمزة فيهن الكوفيون وابن عامر.

وسهل ورش وقنبل الثانية بأن أبدلاها ألفًا، والقياس أن تجعل بين بين، فقد روى سيبويه عن الخليل عن أبي عمرو جعل الأولى بين بين على ما يوجبه القياس1، وإن كان رأي الخليل وسيبويه أن تسهيل الثانية أولى من تسهيل الأولى بحجة أنه التخفيف وقع على الثانية إذا كانتا في كلمة واحدة نحو آدم وآخر، فكذلك إذا كانتا من كلمتين2.

لكن ابن الباذش يذكر أنه قرأ على أبيه على نحو ما ذهب إليه ورش وقنبل، وكذلك طاهر بن غلبون، ثم يقول: ولا أعلمه روى.3.

أما قالون والبزي وأبو عمرو فيحذفون الولى، هكذا أخذ القراء عنهم.

المضمومتان:

وردت الهمزتان المضمومتان في موضع واحد.

هو قوله تعالى: {أَولِيَاءُ أُولَئِك} [الأحقاف: 32] .

ورش وقنبل يخففان الثانية، والقياس بين بين.

وقالون والبزي يجعلان الأولى بين بين، أي بين الهمزة والواو.

وأبو عمرو يسقطها، والوجه في ذلك بين بين.

والباقون يحققونهما معًا.

ب- تلاقي الهمزتين في كلمتين مع اختلاف الحركة:

ولها خمس صور:

1 راجع الكتاب لسيبويه ج3 ص 549 هارون.

2 الكتاب ج3 ص552 هارون.

3 الإقناع ج1 ص380.

ص: 202

1-

تلاقي الهمزة المضمومة مع المفتوحة.

وأمثلتها: {السُّفَهَاءُ أَلا} [البقرة: 13]، {يَا سَمَاءُ أَقْلِعِي} [هود: 44] {الْبَغْضَاءُ أَبَدًا} [الممتحنة: 4] .

2-

المفتوحة مع المضمومة، وذلك في موضع واحد، قوله تعالى:{جَاءَ أُمَّة} [المؤمنون: 44] .

3-

المكسورة مع المفتوحة، مثل:{مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن} [البقرة: 282]{مِنْ وِعَاءِ أَخِيه} [يوسف: 76] .

4-

المفتوحة مع المكسورة، عكس السابقة، نحو:{شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ} [البقرة: 133] .

5-

مضمومة ومكسورة، نحو:{مَنْ يَشَاءُ إِلَى} [البقرة: 142، 213] .

{نَشَاءُ إِنَّك} [هود: 87] .

هذا وعكس الصورة الخامسة لا وجود له في القرآن الكريم.

قرأ الكوفيون وابن عامر بتحقيق الهمزتين.

وقرأ الباقون بتسهيل الثانية على ما تقتضيه وجوه التسهيل1.

ملاحظة مهمة: "هذه الاختلافات بين القراء في وجوه النطق بالهمزتين، مختلفتي الحركة، أو متفقتين إنما تكون في حالة الوصل فحسب، أما في الوقف فلا شيء سوى التحقيق، يقول أبو عمرو الداني: والتسهيل لإحدى الهمزتين في هذا الباب إنما يكون في حال الوصل لا غير، لكون التلاحق فيه"2.

1 في كتب القراءات بحوث مستفيضة في شرح وجوه التسهيل والموازنة بينها ومدى موافقتها أو مخالفتها لقواعد العربية، راجع الإقناع لابن الباذش والكشف لمكي، والسبعة لابن مجاهد والنشر لابن الجزري.

2 التيسير ص34طـ استانبول.

ص: 203

الصورة الثالثة: الهمزة المتحركة المفردة

سندرس هذه الهمزة عند القراء حسب موقعها من الكلمة.

فالهمزة المتحركة تقع فاء للكلمة، وتقع عينًا، وتقع لامًا.

1-

الهمزة المتحركة إذا وقعت فاء 1:

أ- قد تقع فاء وقبلها حركة مماثلة.

ب- قد تقع فاء وقبلها حركة مخالفة.

ج- قد تقع فاء وقبلها سكون.

أ- مع الحركة المماثلة:

أمثلتها: مآب، مآرب، وما تأخر، تأذن2.

أجمع القراء على تحقيقها إلا همزة في الوقف فإنه يقول بتسهيلها بين بين3.

ب- مع الحركة المخالفة:

1-

الهمزة المفتوحة، المضموم ما قبلها.

يقول ورش بتسهيلها واوًا في ثلاثة أسماء: {مُؤَجَّلًا} [آل عمران: 145]{مُؤَذِّن} [الأعراف: 44]، و [يوسف: 70] {وَالْمُؤَلَّفَة} [التوبة: 60] وخمسة أفعال: {يُؤَاخذ} [النحل: 61، وفاطر: 45]{يُؤَخِّرَ} [المنافقون: 11] .

1 المقصود بكونها فاء ليس وقوعها الأصل الأول للكلمة كما يحدد الصرفيون، وإنما وقوعها في أول الكلام.

2 لم يذكر القراء في الحركة المماثلة إلا المفتوحة بعد فتح.

3 الإقناع ج1 ص430- 432.

ص: 204

{يُؤَيِّدُ بِنَصْرِه} [آل عمران: 13]{يُؤَدِّه} [آل عمران: 75]{يُؤَلِّف} [النور: 43] .

وبقية القراء يقولون بالتحقيق إلا حمزة في الوقف فقط فإنه يوافق ورشًا.

2-

الهمزة المفتوحة المكسور ما قبلها:

يبدلها ورش ياء في كلمة "لئِلا" حيث وقعت وفي قوله تعالى: {لِأَهَبَ لَك} [مريم: 19] ووافقه أبو عمرو على التخفيف في {لِأَهَبَ لَك} فتصير "ليهب لك" ومن هنا قيل: هي ياء المضارعة، فمعنا احتمالان: إما أنها بدل من ألف المتكلم، أو ياء مضارعة، وكلا الوجهين صحيح1.

ولو نظرنا للهمزة في الكلمتين نجد أنها ليست فاء على الحقيقة، إذ هي في الأولى همزة "أن" والحروف لا توزن عند الصرفيين، والفاء في "أهب" حذفت لوقوعها فاء للمثال المكسور العين في المضارع مثل وعد يعد2.

3-

الهمزة المضمومة، المفتوح ما قبلها:

جاءت في حرفين {يَؤُوُده} [البقرة: 255]{تَؤُزُّهُم} [مريم: 83] .

أجمع القراء على تحقيقها إلا حمزة في حالة الوقف فحسب.

ج- المتحركة وقبلها ساكن:

ومن أمثلتها: الأرض، الآخرة، الآن.

1 المرجع السابق ص386.

2 حذفت فاء وهب شذوذًا لعدم كسر العين في المضارع.

ص: 205

يذهب ورش إلى أن كل همزة في أول كلمة سبقها ساكن تحذف. وتنقل حركتها إلى الساكن قبلها أيا كانت هذه الحركة إذا كانا من كلمتين بشرط ألا يكون الساكن حرف مد ولين، أو ميم الجمع. هذا في حالة الوصل، وفي حالة الوقف يحقق الهمزة لابتدائه بها.

ونلاحظ أن القراء يعاملون الأمثلة السابقة على هذا النحو.

وهذا النقل الذي اختص به ورش وهو لغة لبعض العرب.

وإن كان الساكن والهمزة في كلمة لم ينقل ورش الحركة إليه نحو: {شَيْئًا} ، {كَهَيْئَة} [آل عمران: 49] ، [والمائدة: 110] ، {جُزْءًا} [البقرة: 260] ، ونحوه، إلا1 {رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} [القصص: 34] ، فإنه خالف أصله فألقى الحركة على الدال وهما في كلمة، وتابعه على ذلك قالون فقرئت:"رِدًّا" بفتح الدال من غير همز.

وقد قسم أبو عمرو الساكن الواقع قبل الهمزة إلى ثلاثة أقسام:

1-

أن يكون تنوينًا. نحو: "حامية، ألهاكم"[القارعة: 11، التكاثر: 1]، {مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا} [الأعراف: 94] .

2-

أن يكون لام تعريف نحو: "الأرض، الآخرة، الأزفة"، وشبهه.

3-

أن يكون سائر حروف المعجم: {مَنْ آمَنَ} ، {قَدْ أَفْلَحَ} ، {خَلَوا إِلَى} [البقرة: 14] .

نخلص من هذا إلى باب النقل على ثلاثة أوجه:

1 روى نافع أن "رِدّا" في هذه القراءة ليس مخففًا من "ردءًا" وأنه فِعَل من قولهم: أردى على المائة أي زاد عليها، واستشهد ببيت حاتم:

وَأَسمَرَ خَطِّيًّا كَأَنَّ كُعوبَهُ

نَوى القَسبِ قَد أَردى ذِرا العَشْرِ

والقسب: الصلب، أو تمر يابس يتفتت في الفم، صلب النواة. راجع ديوان حاتم ص121، والبيان والتبيين 3/ 25، والإقناع ج1 ص395 والصحاح للجوهري.

ص: 206

1-

قسم يجوز نقل الحركة إليه نحو: {مَنْ آمَنَ} ، {الْأَرْض} ، {شَيءٍ إِذْ} ونحوها.

2-

قسم لا يجوز نقل الحركة إليه وهو الألف وميم الجمع، وكذلك إذا كان الساكن والهمزة في كلمة عند ورش.

3-

قسم يجوز نقل الحركة إليه، ولم ينقل ورش الحركة إليه، وهو حرف اللين: الواو والياء.

2-

المتحركة عينًا:

النوع الثاني من الهمزة المفردة المتحركة: أن تقع عينًا ولها صورتان:

الصورة الأولى أن يسبقها متحرك.

وللقراء في هذه الصورة أصل مطرد وحرفان.

أما الأصل المطرد فهو: "أَرَأَيْتَ -أَرَأَيْتُم- أَرَأَيْتُكُم" وشبهه إذا كان في أوله ألف الاستفهام.

قرأ نافع بتخفيف الهمزة الثانية بجعلها بين الهمزة والألف. وقيل عن ورش في ذلك بالبدل.

والباقون بتحقيقها، وإذا وقف حمزة خفف، والواجب في تخفيفها أن يكون بين بين، ويجوز البدل والحذف.

وأما الحرفان: أحدهما: {التَّنَاوُش} [سبأ: 52] .

قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو بكر بالهمز، ويمدون زيادة.

وقرأ الباقون بواو مضمومة فلا يزيدون في المد.

والآخر: {سَأَلَ سَائِل} [المعارج: 1] .

ص: 207

قرأ نافع وابن عامر: "سال" بإبدال الهمزة ألفًا، والبدل في هذا الفعل مسموع، حكاه سيبويه عن العرب1.

وقرأ الباقون بالهمزة، وخفف حمزة بالبدل أو بين بين.

الصورة الثانية: أن يسبقها ساكن.

وإن سكن قبل الهمزة الواقعة عينًا اختلفوا من ذلك أصلين:

أولهما: قول الله تعالى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 33] ، {فَاسْأَلُوهُمْ} ، [الأنبياء: 63] {فَاسْأَلِ الّذِينَ} [يونس: 94]{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل: 43]، و [الأنبياء: 7] ونحوه من كل فعل أمر من الفعل "سأل" وقيل: السين واو أو فاء.

قرأ ابن كثير والكسائي، ومعهما حمزة في حالة الوقف فقط، بحذف الهمزة، وإلقاء حركتها على السين، وقرأ الباقون بالإثبات.

فإن كانت مادة: "سأل" على صورة النهي مثل: {لا تَسْأَلُوا عَنْ} [المائدة: 201] أو الماضي نحو: {سَأَلَ} [المعارج: 1]، {سُئِلَ} [البقرة: 108] ، أو المضارع مثل:"تَسْأَلُوا"[البقرة: 108] أو المضارع الغائب المقترن بلام الأمر "أمر الغائب": {وَلْيَسْئَلُوا} [الممتحنة: 10] .

فقد اتفقوا على الهمزة في كل ذلك.

وإن كان أمر المواجه ليس قبله واو أو فاء فقد اتفقوا على ترك الهمزة نحو: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيل} [البقرة: 211] .

والأصل الآخر: قوله تعالى: {اسْتَيْأَس} حيث وقع، وقد وقع

1 الكتاب ج3 ص543 هارون، وراجع الإقناع ج1 ص369 وما بعدها.

ص: 208

في خمسة مواضع: {فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ} [يوسف: 80]، {وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ} [يوسف: 87] ، {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ} [يوسف: 110] ، وفي [الرعد: 31] ، {أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا} .

قرأ البزي بالألف وفتح الياء من غير همز، وهناك روايات مختلفة عنه.

وقرأ الجماعة بالهمز.

3-

المتحركة لَامًا:

النوع الثالث من الهمزة المفردة المتحركة: أن تقع لَامًا.

ولها صورتان:

الأولى: أن يسبقها متحرك.

مثل {الصَّابِئِين} [البقرة: 262] و [الحج: 17]، {وَالصَّابِئُون} [المائدة: 69] .

فقد ترك همزهما نافع، وهمز الباقون.

وهناك أحد عشرة حرفًا أخرى اختلفت فيه آراء القراء1، وليس لهم أصول مطردة فيها.

الصورة الأخرى: أن يسبقها ساكن.

اختلف القراء فيها في أصلين مطردين وفي ثلاثة أحرف.

أول الأصلين: "النبي، النبيين، الأنبياء، النبوة"، ونحوها حيث وقع.

قرأ نافع بالهمز إلا أن قالون ترك الهمز في الأحزاب: "للنبي إن أراد، بيوت النبي إلا"، 50، 53، وذلك في الوصل فقط، وفي الوقف يهمز، وبقية القراء بغير همز.

1 راجع الإقناع ج1 ص401 وما بعدها.

ص: 209

والأصل الثاني: "القرآن، قرآنًا، قرآنه" حيث وقع إذا كان اسمًا.

ترك همزه ابن كثير وهمزه الباقون.

ويوافق حمزةُ ابن كثير في الوقف.

والأحرف الثلاثة هي:

{النَّسِيء} [التوبة: 37] ، قرأه ورش بتشديد الياء من غير همز، وهمز الباقون، وإذا وقف حمزة وهشام وافقا ورشًا.

"البريَّة" في موضعين من سورة البينة: 6، 7.

قرأ نافع وابن ذكوان بالهمز فيهما، وخفف الباقون.

القسم الثاني: الهمزة الساكنة

ولها حالتان:

أ- حالة تلاقي فيها همزة أخرى.

ب- وحالة تكون فيها مفردة.

أ- التقاء الساكنة مع همزة أخرى:

إذا التفت الهمزة الساكنة بهمزة أخرى فلا بد أن تكون الأخرى متحركة؛ لأن الساكنين لا يجتمعان.

فإذا وقعت المتحركة بعدها لزم الإدغام إذا كانت عينًا مثل: "رَأَّس، سأَّل" ولم تجئ هذه الصورة في كتاب الله.

وإن كانتا منفصلتين، مثل:"اقرأ، إنا أنزلناه" فيرى ابن الباذش أن الْأَوْلى تخفيف الأُولَى، وذكر الأهوازي جواز التحقيق والإدغام،

ص: 210

والتحقيق أجود1.

ولم تأت هذه الصورة في الكتاب العزيز أيضًا:

فإذا كانت الهمزة المتحركة سابقة قلبت الثانية -أعني الساكنة- حرف مد من جنس حركة الأولى مثل: آدم، آمن، آخر، أوتى قلبت الساكنة واوًا، ومثل: إيمان، إتياء، قلبت ياء.

وهذا أمر أجمع عليه الفراء والنحويون إذا استثنينا ما حكاه سيبويه من قوله: "وزعموا أن ابن أبي إسحاق2 كان يحقق الهمزتين وأناس معه، وقد تكلم ببعضه العرب، وهو رديء"3.

ب- الساكنة المفردة:

وردت الساكنة المفردة كثيرًا في القرآن الكريم، سواء أكانت فاء أم عينًا أم لامًا.

فإن كانت فاء أو عينًا كثير ورودها في الأسماء والأفعال.

من أمثلتها في الأسماء: "المؤتفكات، المؤمن، المؤمنون، الكأس، الرأس، البأس، البئر، الذئب، سؤلك، الرؤيا" ونحوها.

ومن أمثلة الأفعال: "يؤمن، يؤمنون"، "يؤلون" "البقرة: 266".

1 الإقناع ج1 ص405 والأهوازي هو أبو علي الحسن صاحب المؤلفات وشيخ القراء في عصره، قرأ عليه غلام الهراس وأبو القاسم الهذلي، وله الوجيز في القراءات الثمان توفي بدمشق سنة 446هـ.

2 هو عبد الله بن إسحاق الحضرمي النحوي البصري جد يعقوب بن إسحاق أحد القراء العشر أخذ القراءة عن يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم وروى عنه عيسى بن عمر الثقفي وأبو عمرو بن العلاء توفي سنة 117 هـ.

3 الكتاب ج4 ص443 هارون.

ص: 211

"يقول أئذن لي"[التوبة: 49]، "الذي أئتمن" [البقرة: 283] ، "لقاءنا أئت" [يونس: 15] ، وشبهه.

وإذا كانت لامًا لا تأتي إلا في الأفعال نحو: "أنشأنا، أخطأنا، شئنا، شئتم، جئنا، جئتم، تبرأنا" وشبهه.

في كل هذه الحالات يذهب ورش إلى ترك الهمزة إذا كانت فاء للفعل، وإن كانت عينًا أو لامًا همز كالباقين.

وأبو عمرو بن العلاء لا يهمز كل همزة ساكنة فاء كانت أو عينًا، أو لامًا في اسم أو فعل، ويبدلها على حركة ما قبلها.

لكن الروايات اختلفت عنه متى يفعل ذلك؟

فيروي أبو عمر الدوري عن اليزيدي عنه: إنه كان لا يهمز إذا قرأ فأدرج القراءة وقيل: لا يهمز إلا قرأ في الصلاة، وقيل: لا يهمز إذا قرأ بالإدغام.

ويرى ابن الباذش أن الذي عليه الأئمة لأبي عمر تحقيق الهمز مع الإظهار، وبالتخفيف لا غير مع الإدغام1.

والباقون بتحقيق الهمزة في هذا كله.

1 راجع الإقناع ج1 ص408 وما بعدها.

ص: 212