الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسباب توحيد المصاحف:
قام أبو بكر رضي الله عنه بالجمع الأول للقرآن الكريم، فكتب في عهده أول مصحف، وكان مشتملًا على السبعة الأحرف التي أذن الله للأمة بالتلاوة بها، ولم يخص حرفًا بعينه1، وهذا المصحف هو الذي اعتمد عليه عثمان فيما بعد، وكان بجانب هذا مصاحف لكبار الصحابة مثل: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، كما ذكروا مصاحف أخرى لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم مثل: عائشة، وحفصة، وأم سلمة، ومصاحف لبعض التابعين مثل: عطاء بن رباح، وعكرمة، ومجاهد2.
وكان في هذه المصاحف ما صح سنده، وثبتت تلاوته، ووافق العربية، ولكن اختلف بعضها عن بعض مما ترتب عليه اختلاف الناشئة واختلاف القراء من أهل العراق والشام، وسندع الصحابي الجليل أبا حذيفة يصف هذا الموقف، ويشرح التصرف الذي قام به:
حضر حذيفة بن اليمان فتح أرمينية، وأذربيجان فرأى الناس يختلفون في القرآن، ويقول أحدهم للآخر: قراءتي أصح من قراءتك، فأفزعه ذلك وقدم على عثمان وقال: أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود
1 المقنع في القراءات لأبي عمرو الداني ص129.
2 المصاحف لأبي داود السجستاني صفحات 50، 53، 54، 88، 91.
والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها ثم نردها إليك فأرسلتها إليه فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف، وقال: إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، فكتب منها عدة مصاحف، فوجه بمصحف إلى البصرة وآخر إلى الكوفة، وثالث إلى مكة، ورابع إلى اليمن، وخامس إلى البحرين، وأمسك لنفسه مصحفًا يقال له: الإمام1.
وبهذا العمل العظيم الذي يتسم بالدقة والإحكام والذي قام به الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه توقفت الاختلافات والمنازعات في الأمصار حول تفضيل قراءة على أخرى؟ إذ منع عثمان القراءة بما خالفها وأصبح رسمها حجة، وساعده على ذلك جماهير الصحابة والتابعين، وسار على ذلك من بعدهم، وتلقتها الأمة بالقبول وأصبح مصحف عثمان هذا هو الإمام، والمرجع في رسمه وخطه، وترتيبه، وأصبحت القراءة بما يخالفه، وإن وافق العربية وصح سنده -كالذي جاء في مصاحف الصحابة والتابعين- شاذة لكونها شذت عن رسم المصحف الإمام المجمع عليه فلا تجوز القراءة بها لا في الصلاة ولا في غيرها2.
مظاهر الدقة والإحكام في رسم المصحف الإمام:
1-
نسخت المصاحف العثمانية ومن بينها المصحف الإمام على أساس الجمع الأول للقرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه إذا اعتمدوا
1 النشر في القراءات العشر لابن الجزري ص51، ت محيش، وراجع الصاحف للسجستاني ص12.
2 راجع النشر ج1 ص52، ومنجد المقرئين لابن الجزري ص16 وما بعدها.
على مصحفه الذي كان موجودًا إذ ذاك عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهما والذي تم على أساس العرضة الأخيرة للقرآن1، بين جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان من السنة العاشرة للهجرة.
2-
قام بهذا الجمع عدد من أجلاء الصحابة وقرائهم الذين تلقوا قراءتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا أهل علم وفقه وفصاحة، حتى إن عليًّا رضي الله عنه قال عن هذا العمل العظيم: لو وليت في المصاحف ما ولي عثمان لفعلت ما فعل2.
3-
شرح لهم عثمان رضي الله عنه خطة العمل بما يكفل السداد والاقتصار على القراءات التي صحت سندًا ولغة، فالنسخ يتم من مصحف أبي بكر رضي الله عنه والناسخون من الصحابة، وهم أنفسهم مرجع في ذلك لحفظهم، وفصاحتهم، وزيد بن ثابت حجتهم فإن اختلفوا مع زيد، فلتكن الكتابة بلسان قريش.
4-
خط المصحف العثماني وعاء صالح للأحرف السبعة التي نزل بها القرآن الكريم، وأصبح هذا الخط -فيما تعارف عليه علماء المسلمين- غير خاضع لتطور الرسم الإملائي، حتى أصبح له سمت مُمَيَّز، يحافظ عليه المسلمون إلى الآن حتى إنه كتب بدون "نقط أو شكل" شأن الكتابة في ذلك العهد، ثم تم نقط المصحف وشكله دفعًا لتيار اللحن الذي بدأ يتكاثر في أواخر القرن الأول من الهجرة.
أمثلة للاختلاف بين الرسم العثماني، والرسم الذي اعتدناه في الكتابة في هذا العصر:
توضع صورة سكانر
1 المرجع السابق.
2 المرجع السابق.