الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القراءات الشاذة
مدخل
…
القراءات الشاذة:
على ضوء ما عرفنا من أركان القراءة المقبولة، والأقسام التي عرضها مكي للقراءات في كتابه الإبانة يستبين لنا أن القراءة الشاذة هي التي فقدت الأركان الثلاثة أو واحدًا منها، بأن فقدت شرط التواتر، أو خالفت رسم المصحف تمامًا، أو خالفت وجوه اللغة العربية، وحينئذ لا يقرأ بها، ولا تسمى قرآنًا1.
وبناء على هذا نرى للقراءات الشاذة صورًا ثلاثًا:
1-
نقلها غير ثقة مع الموافقة لرسم المصحف، وللسان العربي.
كقراءة ابن السميفع وأبي السمال: "فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن حلفك آية" قرئت بالحاء المهملة، وفتح اللام في خَلَفك2.
وكالقراءة المنسوبة إلى أبي حنيفة رضي الله عنه، ورددها أكثر المفسرين على أنها له، وتكلفوا تأويلها وهو بريء منها "إنما يخشى الله من عباده العلماء" برفع لفظ الجلالة، ونصب العلماء3.
2-
قراءة نقلها ثقة، ولا وجه لها في العربية.
يقول ابن الجزري: ولا يصدر مثل هذا إلا على وجه السهو والغلط وعدم الضبط، ويعرفه الأئمة المحققون، والحفاظ الضابطون، وهو قليل جدًّا بل لا يكاد يوجد، وقد جعل بعضهم منه رواية خارجة عن نافع "وجعلنا لكم فيها معائش" بالهمز4.
ويقول مكي في هذا النوع: فهذا لا يقبل وإن وافق خط المصحف5.
1 راجع الإبانة ص51 وما بعدها، ومنجد المقرئين ص91، والإتقان للسيوطي ص129، ج1، وغيث النفع ص726.
2 النشر ج1 ص12 ت محبش.
3 المرجع السابق ص63.
4 المرجع السابق.
5 الإبانة ص52.
3-
صح نقله في الآحاد، وله وجه في العربية وخالف رسم المصحف. وقد قدمنا فيما سبق تفصيلات لهذا النوع.
ومن أمثلتها قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ} قرأ سعد بن أبي وقاص: "وله أخ أو أخت من أمه" بزيادة: "من أمه"1.
وقراءة ابن مسعود "فصيام ثلاثة أيام متتابعات"، بزيادة لفظ "متتابعات"2.
وقراءة ابن شنبوذ "يأخذ كل سفينة صالحة غصبًا" بزيادة لفظ "صالحة"3.
قرأ ابن مسعود "فامضوا إلى ذكر الله" بدلًا من "فاسعوا"4.
قرأ ابن مسعود وأبو الدرداء "والذكر والأثنى" بحذف لفظ "ما خلق"5.
وأضاف ابن الجوزي صورة رابعة مردودة وشاذة.
وهي ما وافق العربية والرسم، ولم ينقل ألبتة، ثم يقول تعليقًا على ذلك:"فهذا رده أحق، ومنعه أشد، ومرتكبه مرتكب لعظيم الكبائر"6 وقد أجاز ذلك ابن مقسم البغدادي المقرئ النحوي بعد المائة الثالثة، وعقد له مجلس من القراء والفقهاء ببغداد وأجمعوا على منعه فتاب عن بدعته ورجع، وقد وردت هذه القصة في تاريخ بغداد للحافظ أبي بكر بن الخطيب، وأشار إليها ابن الجزري في الطبقات، وفي النشر7.
1 سورة النساء: 11 وراجع القرطبي ج5 ص87 دار الكتب.
2 سورة المائدة: 89 وراجع القرطبي 1/ 47.
3 سورة الكهف: 79 وراجع طبقات القراء ج2 ص52.
4 سورة الجمعة: 9 وراجع المحتسب لابن جني ج2 ص322.
5 سورة الليل: 3 وراجع النشر في القراءات العشر ج1 ص 14 ط. القاهرة.
6 النشر ج1 ص 63.
7 جاءت هذه القصة بتفصيل من كتاب النشر ج1 ص64.