الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الإمام النووي: لا تجوز القراءة في الصلاة ولا في غيرها بالقراءة الشاذة؛ لأنها ليست قرآنًا؛ لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، والقراءة الشاذة ليست متواترة، ومن قال غيره فغالط أو جاهل، فلو خالف وقرأ بالشاذ أنكر عليه قراءته في الصلاة وغيرها، وقد اتفق فقهاء بغداد على استبانة من قرأ بالشواذ، ولا يصلي خلف من يقرأ بها".
كما ذكر النووي ما حكاه الإمام أبو عمر بن عبد البر من إجماع المسلمين على أنه لا يجوز القراءة بالشاذ، وأنه لا يجوز أن يصلي خلف من يقرأ بها1.
وهذا الإجماع يتناقض مع ما قرره ابن الجزري في كتابه النشر من خلاف في هذه المسألة بين الفقهاء.
1 التبيان في آداب جملة القرآن للنووي ص47 القاهرة.
الاستشهاد بالقراءة الشاذة:
يرى جمهور العلماء جواز العمل بالقراءات الشاذة، واستنباط الأحكام الشرعية منها.
وحجتهم أنها -على أقل تقدير- في منزلة خبر الآحاد، التي لا يختلف العلماء في الاحتجاج بها في الأحكام الشرعية وقد احتج العلماء بها في أحكام كثيرة منها:
أ- قطع يمين السارق مستدلين بقراءة ابن مسعود: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما"1.
ب- احتج الحنفية على وجوب التتابع في صوم كفارة اليمين بقراءة ابن مسعود أيضًا "فصيام ثلاثة أيام متتابعات"2.
1 سورة المائدة: 38، وراجع القرطبي ج1 ط. دار الكتب المصرية.
2 سورة المائدة: 89، وراجع تفسير القرطبي ج1 للآية.
كما أن القراءات الشاذة تهدف إلى تفسير القراءة المشهورة، وتبيين معانيها على نحو ما في القراءتين السابقتين، ومثل قراءة حفصة وعائشة "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى1 صلاة العصر".
يقول أبو عبيد في فضائل القرآن: فهذه الحروف وما شاكلها قد صارت مفسرة للقرآن، وقد كان يروي مثل هذا التفسير عن التابعين فيستحسن، فكيف إذا روى عن كبار الصحابة، ثم صار في نفس القراءة، فهو أكثر من التفسير وأقوى، فأدنى ما يستنبط من هذه الحروف معرفة صحة التأويل"2.
وخالف في الاستدلال بهذه القراءة الإمام الشافعي في بعض النقول عنه، وتبعه أبو نصر القشيري، وابن الحاجب مستدلين على ذلك بأن القراءة شاذة لم تثبت قرآنيتها، وتبعهم جمهور الشافعية وغيرهم لثبوت نسخ هذه القراءة عندهم.
والذين أجازوا الاستشهاد يقولون: لا يلزم من انتفاء قرآنيتها انتفاء عموم كونها أخبار أي أنها تأخذ حكم العمل بخبر الواحد، وخبر الواحد يعمل به3.
1 البقرة: 228.
2 الإتقان للسيوطي ج1 ص227، 228.
3 راجع جمع الجوامع بحاشية البناني ج1 ص232، والإتقان ج1 ص 227.