الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1)
فإن الواجب والإيمان يقضيان بذلك.
(2)
ولو فعل الذين وقفوا ذلك الموقف ما يؤمرون به لكان أكثر نفعا وخيرا لهم وأشد تثبيتا لإيمانهم، ولنالوا رضاء الله وأجره العظيم. ولشملهم بتوفيقه وهدايته إلى كل ما فيه خيرهم وصلاحهم. لأن الذين يطيعون الله ورسوله هم رفقاء النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. ونعمت هذه الرفقة. وهذا هو فضل الله الذي يجب أن يتسابق إليه المسلمون.
تعليق على الآية وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ
…
إلخ والآيات الثلاث بعدها
وقد روى المفسرون «1» أن مسلما ويهوديّا تفاخرا فقال اليهودي: لقد كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم فقتلنا أنفسنا، فقال المسلم: والله لو كتب الله علينا ذلك لفعلنا، فأنزل الله الآية الأولى أو الفقرة الثانية منها. ورووا أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أنصاريّا محزونا فسأله عن سبب حزنه فقال له: نحن نغدو عليك ونروح وننظر في وجهك ونجالسك وغدا ترفع مع النبيين فلا نصل إليك فأحزنني ذلك، فأنزل الله الآية الثالثة من الآيات، فأرسل النبي إلى الأنصاري فبشره. وهناك رواية تذكر أن هذا المروي عن الأنصاري أو شيء مثله قد وقع من جماعة من أصحاب رسول الله. وهناك روايات في صيغ أخرى من باب هذه الروايات.
والروايات لم ترد في الصحاح. والآيات كما يبدو وحدة منسجمة. وقد قال المفسرون إن ضمير الجمع الغائب فيها عائد إلى المنافقين موضوع الكلام في الآيات السابقة. وهذا حق ووجيه ويسوغ الترجيح بأن الآيات جاءت معقبة على الآيات السابقة وداعمة لما أوجبته من طاعة الله والرسول والتحاكم إلى الرسول
(1) انظر الطبري وابن كثير والخازن.
والتسليم بأحكامه وبسبيل التنويه بمن يفعل ذلك والتنديد الشديد بالذين لم يفعلوا ذلك ووقفوا ويقفون مثل ذلك الموقف المكروه.
وهذا لا يمنع أن يكون للروايات أصل ما وأن تكون كل من الآيتين قد تليت في المناسبة المروية على سبيل الاستشهاد والتطبيق. والله أعلم.
هذا، والتنويه بالذين يطيعون الله ورسوله في الآية الأخيرة بليغ المدى حيث يتضمن بشرى بأنهم سيكونون مع تلك الطبقة المصطفاة من عباد الله. وهذا أمر مفهوم لأن طاعة الله ورسوله تعني التزام كل أمر وكل رسم وكل حدّ وكل حثّ وكل نهي. وحينما يكون المرء على هذا القدر من الاستغراق يكون أهلا لتلك المرتبة. ولقد أورد ابن كثير في سياق الآية حديثا نبويا فيه تقرير لهذا المعنى رواه الإمام أحمد عن عمرو بن مرة قال «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله شهدت أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله. وصليت الخمس. وأديت زكاة مالي وصمت شهر رمضان، فقال رسول الله من مات على ذلك كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا- ونصب أصبعيه- ما لم يعقّ والديه» .
ولقد وقف المفسرون عند كلمة وَالشُّهَداءِ في الآية وأوردوا بعض الأحاديث التي فيها طوائف عديدة تحسب في عداد الشهداء منها حديث رواه الشيخان والترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله» «1» . ومع ذلك فالمتبادر لنا أن الكلمة تعني الشهيد في سبيل الله في الدرجة الأولى. ويجيء بعد هذه الآيات فصل في الجهاد وحضّ على القتال في سبيل الله حيث يمكن أن يكون مناسبة أو تأييد ما لهذا الترجيح. والله أعلم.
ولقد وقفوا عند كلمة وَالصِّدِّيقِينَ وروى الطبري معنيين لها أحدهما أنها تعني اتباع الأنبياء الذين صدقوهم واتبعوا منهاجهم بعدهم حتى لحقوا بهم.
(1) التاج ج 4 ص 296 والمطعون الذي يموت في الطاعون والمبطون الذي يموت بوباء البطن والهدم الذي يموت بانهدام سقف عليه على ما جاء في شرح الشراح.