الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روى البغوي أن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أرسل مناديا ينادي يوم الجمل ألا لا يتبع مدبر ولا يذفف على جريح وأنه جيء يوم صفين بأسير فقال لا أقتلك إني أخاف الله ربّ العالمين.
[سورة الحجرات (49) : آية 11]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)
. (1) قوم: هنا بمعنى الرجال على ما عليه الجمهور.
(2)
لا تلمزوا: لا تعيبوا ولا تغمزوا ولا تطعنوا.
(3)
ولا تنابزوا بالألقاب: ولا تنعتوا بعضكم بأسماء وألقاب مكروهة.
في الآية:
(1)
نهي للمسلمين رجالهم ونسائهم عن سخرية بعضهم من بعض. وتنبيه على سبيل توكيد النهي إلى أنه قد يكون المسخور به خيرا من الساخر.
(2)
ونهي كذلك عن غمز بعضهم بعضا بما يسيئه أو تلقيب بعضهم بعضا بأسماء وألقاب مكروهة. وتنبيه على سبيل توكيد النهي إلى أن في ذلك فسقا.
ولبئس الإنسان أن يفسق بعد الإيمان.
(3)
وإنذار للذين لا يرتدعون ولا يتوبون فهم ظالمون باغون.
تعليق على الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وما فيها من تلقين وتأديب
ولقد احتوت الآية أربعة نواه. وروى المفسرون «1» لكل نهي مناسبة خاصة.
(1) انظر تفسير البغوي والطبرسي والخازن والطبري وابن كثير.
فالأول بسبب سخرية بعض الأغنياء أو الزعماء ببعض فقراء المسلمين ورثاثتهم.
والثاني بسبب سخرية بعض زوجات النبي ببعض آخر منهن بسبب قصر قامتها وهي أم سلمة أو بسبب يهوديتها وهي صفية. والثالث بسبب غمز مسلم لمسلم آخر بأمه لأنه لم يفسح له مكانا للجلوس فيه قرب النبي صلى الله عليه وسلم. أو بسبب تسمية أشخاص بأسماء لهم غير مستحبة عندهم فيثيرون بذلك غضبهم. والرابع بسبب نعت بعض المسلمين بعض من أسلم من اليهود والنصارى باليهودي والنصراني. والآية منسجمة الأجزاء والأسلوب متماثلة المواضيع إجمالا. ويتبادر لنا بالإضافة إلى ذلك أنها غير منقطعة وغير منفصلة عن مواضيع ما قبلها وما بعدها. فإذا كانت الحوادث المروية صحيحة وهو محتمل فالراجح أنها وقعت قبل نزول الآية بل قبل نزول السورة فكانت وسيلة لنزول الآية في جملة آيات السورة التأديبية.
وعبارة الآية مطلقة من شأنها أن يكون ما احتوته تعليما وتأديبا عامين للمسلمين في كل وقت ومكان. وقد استهدفت توطيد الأخوة والمودة بينهم.
فالمنهيات مما يتنافى مع آداب السلوك الرفيعة. ومن شأنها إثارة العداء والبغضاء والأحقاد بين المسلمين بعد أن جمعت بينهم أخوة الإسلام العامة.
ولقد روى المفسرون عن ابن عباس وبعض علماء التابعين أن النهي يتناول كل ما فيه نبز وسخرية وانتقاص وتحقير وإساءة ومن ذلك نعت المرء لآخر بالفسق والكفر والنفاق وبالكلب والحمار. وهذا سديد، ويمكن أن يقاس على هذا كل ما يكون من هذا الباب بطبيعة الحال غير ما ذكر.
ولسنا نرى محلا للاستشكال بسبب نهي الرجال عن السخرية من الرجال فقط والنساء عن السخرية من النساء. وبسبب تعليل النهي باحتمال أن يكون المسخور به خيرا من الساخر. فالتقريرات والمبادئ القرآنية عامة تمنع أن يفرض إجازة سخرية الرجال من النساء والنساء من الرجال وإجازة السخرية من أحد ما إطلاقا سواء أكان الساخر خيرا منه أم كان المسخور منه غير خير من الساخر. وروح الآية وهدفها بالذات يلهمان أنها بسبيل تأديب المسلمين رجالهم ونسائهم جميعا، ويلهمان بالتالي أن كل ما نهي عنه فيها وارد بالنسبة للرجال والنساء على السواء الجزء الثامن من التفسير الحديث 33