الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الملحوظة هنا هي خاصة بمن لا يستطيع ماديا التزوج مطلقا من حرة أو أمة على السواء.
والجملة الأخيرة من الآية متسقة مع التلقينات القرآنية والنبوية في شأن عفو الله وغفرانه لمن يكره على اقتراف إثم ما على ما شرحناه في مناسبات سابقة.
ولعلّها في مقامها تنطوي على تلقين بعدم التزمت في التزوج من المكرهات على البغاء أو المعتدى على أعراضهن من الفتيات إذا ما تبن وأظهرن الصلاح وأردن التحصن والتعفف.
مدى حثّ القرآن على مكاتبة المماليك وكونها وسيلة من وسائل تحريرهم وما ورد في ذلك
والمكاتبة وسيلة من وسائل تحرير الرقيق. وصيغة الآية قد تلهم أنها كانت جارية قبل نزولها أيضا كما هو شأن عتق الرقاب فأكدها القرآن لأنها مما يتسق مع ما حثّ عليه في مختلف المواضيع والمناسبات. وما تضمنته الآية من الحثّ على التصدق على المكاتبين ينطوي على توكيد وجوب تسهيل تحريرهم وعتقهم كما هو المتبادر. وفي الحديث الذي رواه أصحاب السنن عن أبي هريرة وأوردناه قبل تدعيم حيث جاء فيه أن المكاتب الذي يريد الأداء من الذين حقّ على الله عونهم.
وفي كتب التفسير «1» أحاديث وأقوال في أحكام المكاتبة صارت مستندات لمذاهب فقهية بالإضافة إلى محتوى الجملة.
فأولا: هناك خلاف فيما إذا كان الأمر بالمكاتبة هو على سبيل الإيجاب أم الاستحباب. وقد استند الذين قالوا بالإيجاب إلى ظاهر الآية التي تأمر بالمكاتبة إذا ما طلبها المملوك وإلى حديث رواه قتادة عن أنس بن مالك مفاده أن مملوكه سيرين طلب المكاتبة فتلكأ فشكاه إلى عمر بن الخطاب فأمره بمكاتبته وفي رواية
(1) انظر كتب تفسير الطبري وابن كثير والبغوي والخازن والطبرسي في صدد جميع ما جاء في هذه النبذة.
علاه بالدرة على تلكؤه. وقد يكون هذا الرأي هو الأوجه المتسق مع روح التلقين القرآني العام بتحرير الرقاب إطلاقا. وإن كان يرد أن جملة إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً في الجملة تجعل الأمر منوطا بتقدير المالك وتضعف قوة الإيجاب. على أن ما روي في سبب نزولها ومداخلة النبي بعد نزولها وما روي من مداخلة عمر قد يسوغ القول إن ولي الأمر يمكن أن يكون مرجعا في هذا التقدير ونافذ الأمر في القضية. والله أعلم.
ولقد أورد ابن كثير في سياق جملة إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً حديثا مرسلا رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه تفسير لها ونصه «إن علمتم فيهم حرفة ولا ترسلوهم كلابا على الناس» . وروى الطبري أقوالا لعلماء تابعين تفيد أنها تعني القوة على الأداء وقوة الاحتراف والاكتساب أو الصدق والوفاء والأمانة والصلاح. وكل هذا أيضا مما تتحمله الجملة.
وثانيا: هناك توسيع وتضييق في هوية المخاطب بجملة وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ حيث قيل إنهم مالكو العبيد كما قيل إنهم الميسورون عامة.
والقول الثاني هو الأوجه على ما هو المتبادر لأن به مساعدة على تحقيق أمر الله أكثر. والأمر على كل حال في الجملة قوي اللهجة في صدد مساعدة المكاتب على أداء بدل كتابته. ومن الجدير بالذكر أن تحرير الرقاب من جملة المصارف التي عيّنها القرآن للزكاة على ما سوف نشرحه في سياق الآية [60] من سورة التوبة.
وثالثا: لقد استنبط المؤولون والفقهاء من الجملة القرآنية وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ أن المملوك بمجرد أن يكاتب أي يتفق مع مالكه على شراء نفسه يصبح صاحب حق في كسبه وأهلا للزكاة من مالكه وغيره والتصرف فيهما نتيجة لذلك. والجمهور على أن مولى المكاتب بعد الاتفاق يفقد حق العودة عن مكاتبته والتصرف في مملوكه وأولاده تصرفه الأول من هبة وبيع واستغلال إلّا إذا نكث ولم يف بما تعهد من أداء الأقساط حيث ينفسخ الاتفاق ويعود حق المالك على المملوك وأولاده كما كان. وتظل صفة المملوكية نتيجة لذلك قائمة إلى أن