الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1)
محلّقين رؤوسكم: بمعنى حلق شعر الرأس جميعه.
(2)
مقصّرين: بمعنى تقصير شعر الرأس تقصيرا دون حلقه. والحلاقة والتقصير هي هنا لأجل التحلل من الإحرام.
تعليق على الآية لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ
…
وخبر زيارة النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين للكعبة
عبارة الآية واضحة. والخطاب فيها موجه إلى المسلمين استمرارا للسابق.
وهي والحالة هذه جزء من السياق. وقد احتوت:
(1)
تصديقا ربانيا لصحة رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم بأنه زار الكعبة مع أصحابه وكونها حقا.
(2)
وتوكيدا ربانيا بتحقيق هذه الرؤيا وبدخولهم المسجد الحرام وبقيامهم بطقوس الزيارة آمنين مطمئنين. منهم المحلقون ومنهم المقصرون دون ما خوف ولا اضطراب.
(3)
وإشارة إلى ما انتهى إليه سفر الحديبية على سبيل تبرير النهاية: فإذا كان قد انتهى إلى ما انتهى إليه من عدم تحقيق الرؤيا في نفس الرحلة فذلك ناتج عن حكمة الله ولم يعلموها حيث اقتضت أن يكون بدل الزيارة في هذه الرحلة الفتح القريب الذي يسّره لهم.
وفي الآية كما هو ظاهر تأييد للروايات المروية من أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما اعتزم الخروج لزيارة الكعبة استلهاما من رؤيا رآها في منامه، ورؤياه حق. وهذا الذي جعل بعض المسلمين يذهلون حينما انتهى الموقف بدون تحقيق هذه الزيارة في هذه الرحلة. وقد استهدفت الآية التصديق والتثبيت مع الوعد الرباني بتحقيق الرؤيا.
ولقد تحقق الوعد الرباني فتمّت الزيارة في العام القابل حسب الاتفاق.
وأدّى المسلمون مناسكها آمنين مطمئنين فكان ذلك معجزة من معجزات القرآن.
ومما روي عن ذلك «1» أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في ذي القعدة من السنة السابعة على رأس ألفين من أصحابه كان معظمهم ممن شهدوا صلح الحديبية. وقدموا أمامهم الهدي ولم يكن معهم إلا سيوفهم في أغمادها. ولما أقبلوا على مكة خرج أهلها إلى رؤوس الجبال عدا رجال منهم اصطفوا عند دار الندوة لمشاهدة مشهد دخول النبي وأصحابه الذين دخلوا مهلّلين مكبّرين وقد هتف النبي بأصحابه (رحم الله امرأ أراهم اليوم من نفسه قوة) ثم أقبل النبي وأصحابه نحو الكعبة فطافوا بها وارتقى بلال فوقها فأذن للصلاة. وارتجز عبد الله بن رواحة بين يدي رسول الله:
خلّوا بني الكفار عن سبيله
…
خلوا فكل الخير مع رسوله
نحن ضربناكم على تأويله
…
كما ضربناكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله
…
ويذهل الخليل عن خليله
يا رب إني مؤمن بقيله «2»
(1) انظر كتب تفسير: الطبري وابن كثير والبغوي والخازن وسيرة ابن هشام ج 3 ص 425- 427 وابن سعد ج 3 ص 167- 169.
(2)
روى هذا الشعر وهتاف النبي صلى الله عليه وسلم ابن هشام ج 3 ص 424 و 425، وابن سعد ج 3 ص 167- 169. وهناك روايات أخرى للشعر رواها ابن كثير فيها زيادات. ولقد قال ابن هشام إن البيت الثالث وما بعده ليس لعبد الله بن رواحة وإنما هو لعمار بن ياسر قاله في غير هذا اليوم. واستدلّ على صحة ذلك قائلا إن الذي يقاتل على التأويل يكون قد اعترف بالتنزيل ولم يكن مشركو قريش اعترفوا بذلك. والتعليل وجيه. على أننا نشك في الشعر كله وفي هتاف النبي صلى الله عليه وسلم. فليس شيء من ذلك واردا في الصحاح. والنبي والمسلمون وصلوا مكة في هذا الظرف بناء على اتفاق الحديبية الذي كان اتفاق صلح أو هدنة. والشعر والهتاف أحرى أن يكونا في ظرف انتصار حربي. ومن المعقول والمحتمل أن يكون ذلك حينما دخل النبي والمسلمون مكة عنوة فاتحين في السنة الثامنة للهجرة على ما سوف يرد شرحه بعد في سياق سورة الحديد. بل لقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته بعد أن تم فتح مكة (لا إله إلّا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) ، وهي الفقرة التي يروى أن النبي أمر عبد الله بن رواحة أن يقولها بدلا من شعره
…