الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثاني
(مفهوم العلة)
"
الصفح" و"العفو" في معاجم اللغة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فنتحدث عن الأمر بالصفح كما جاء في كتاب الله:
أولًا: الصفح والعفو في معالم اللغة:
ذكر ابن منظور في (لسان العرب) عدَّة معاني للصفح: منها الجنب، وعرض الوجه، وعرض السيف، وعرض صدر الرجل. والمصافحة: الأخذ باليد، وصفح عنه يصفح صفحًا أعرض عن ذنبه، والصفوح الكريم؛ لأنه يصفح عمن جنى عليه، واستصفحه ذنبه استغفره إيَّاه، وطلب أن يصفح له عنه. وأما الصفوح من صفات الله فمعناه: العفو، يقال: صافحت عن ذنب فلان، وأعرضت عنه فلم أءخذه به، وضربت عن فلان صفحًا إذا أعرضت عنه، وتركته، فالصفوح في صفة الله العفوّ عن ذنوب العباد، معرضًا عن مجازاتهم بالعقوبة تكرمًا.
أما العفو فقد ذكر ابن منظور كلامًا كثيرًا خلاصته: أن العفو هو محو الشيء حسيًّا ومعنويًّا، فيقال: عفت الرياح الآثار إذا درستها ومحتها، وعفا عن ذنبه إذا تجاوز عنه ولم يؤاخذه به، والعفو في أسماء الله فعول من العفو، وهو التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه، وأصله المحو والطمس، وهو من أبنية المبالغة، وكل من استحقَّ عقوبة فتركتها؛ فقد عفوت عنه.
فإذا ما انتقلنا إلى صاحب (القاموس المحيط) لنرى ماذا يقول، يقول: الصفح الجانب، وصفح أعرض وترك، وصفح عنه عفا، والصفوح الكريم والعفو، ويقول في بيان معنى العفو: العفو عفو الله -جلّ وعزَّ- عن خلقه، والصفح، وترك عقوبة المستحق، عفا عنه ذنبه، وعفا له ذنبه وعن ذنبه، والمحو والإمحاء، وأحل المال وأطيبه، وخيار الشيء وأجوده، والفضل والمعروف.
ومن قبل ابن منظوم وصاحب (القاموس) يجمع ابن فارس في معجم (مقاييس اللغة) معاني هذه الكلمات، فيقول في الصفح ما خلاصته: الصاد والفاء والحاء أصل صحيح مضطرد يدل على عَرْض وعِرَض، ويسوق في ذلك بعض ما ورد في اللغة ثم يقول: ومن الباب المصافحة باليد، كأنه ألصق يده بصفحة يد ذاك، ويقول: فأما قولهم صفح عنه، وذلك إعراضه عن ذنبه فهو من الباب؛ لأنه إذا أعرض عنه فكأنه قد ولَّاه صفحته، ويقول في بيان المعنى العفو: العين والفاء والحرف المعتل أصلان يدل أحدهما على ترك الشيء، والآخر على طلبه، ثم يرجع إليه فروع كثيرة لا تتفاوت في المعنى.
فالأول: العفو عفو الله تعالى عن خلقه، وذلك تركه إياهم فلا يعاقبهم، فضلًا منه، قال الخليل: وكل من استحق عقوبة فتركته فقد عفوت عنه، والأصل الآخر الذي معناه الطلب قول الخليل: إن العفاة طلاب المعروف.
وأخيرًا يأتي حديث صاحب (معجمي المفردات) في بيان معاني هذه الكلمات فيقول: صفح الشيء عرضه وجانبه كصفحة الوجه وصفحة السيف، وصفحة الحجر والصفح ترك التثريب وهو أبلغ من العفو، ولذلك قال:{فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} ، وقد يعفو الإنسان ولا يصفح، قال:{فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ} ، {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} ، {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} ، وصفحت عنه: أوليته مني صفحة جميلة معرضًا عن ذنبه، أو لقيته صفحته متجافيًا عنه، أو تجاوزت الصفحة التي أثبتُّ فيها ذنبه من الكتاب إلى غيرها من قولك: تصفَّحت الكتاب إلى آخر ما قال.
ومما قال في معنى العفو: العفو القصد لتناول الشيء، وعفوت عنه قصدت إزالة ذنبه صارفًا عنه، وقوله في الدعاء ((أسألك العفو والعافية)) أي: أسأل ترك العقوبة والسلامة، هذا أيها الأبناء هو بعض ما ورد في كُتب اللغة.