الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثالث
(الإحسان إلى الوالدين)
معنى كلمتي الإحسان والبر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، أما بعد:
الإحسان إلى الوالدين:
والإحسان إلى الوالدين، وبر الوالدين من الموضوعات المهمة التي لو أن الناس أحسنوا إلى آبائهم وأمهاتهم سوف يترتب على ذلك خير كثير للناس في الدنيا وفي الآخرة.
كلمة الإحسان وكلمة البر في لغتنا العربية:
يقول ابن فارس في معجم (مقاييس اللغة): الحاء والسين والنون أصل واحد، فالحسن ضد القبح، يقال: رجل حسن وامرأة حسنة، ويقول في البِّر: الباء والراء في المضاعف أربعة أصول الصدق وحكاية صوت وخلاف البحر ونبت؛ فأما الصدق فقولهم: صدق فلان وبر، وبرت يمينه: صدقت، وأبرها: أمضاها على الصدق، ومن هذا الباب قولهم: يبر قرابته، وأصله الصدق في المحبة، يقال للرجل: بار وبار، وبررت والدي وبررت في يميني.
ومما قاله ابن منظور في (لسان العرب): الحسن ضد القبح والإحسان ضد الإساءة، والفرق بين الإحسان والإنعام أن الإحسان يكون لنفس الإنسان ولغيره، تقول: أحسنت لنفسي، والإنعام لا يكون إلا لغيرك، ويقول في المراد بالبر: البر الصدق والطاعة، وبر يبر إذا صلح، وبر في يمينه يبر إذا صدّقه ولم يحنث، وبر رحمه يبر إذا وصلها، وفي أسماء الله تعالى البَّر دون البار وهو العطوف على عباده ببره ولطفه، والبِّر ضد العقوق.
وفي (القاموس المحيط) يقول الفيروز أبادي: الحسن بالضم الجمال، والإحسان ضد الإساءة، والحسنة ضد السيئة، ويقول في البر: البر الصلة والجنة والخير
والاتساع في الإحسان والحج والصدق والطاعة، وضد العقوق، وبالفتح -أي: البر- من الأسماء الحسنة.
أما الراغب في (معجم مفردات ألفاظ القرآن) فيقول: الحسن عبارة عن كل مبهج مرغوب فيه؛ وذلك ثلاثة أضرب؛ مستحسن من جهة العقل، ومستحسن من جهة الهوى، ومستحسن من جهة الحس، ثم يقول: والإحسان يقال على وجهين:
أحدهما: الإنعام على الغير، يقال: أحسن على فلان.
والثاني: إحسان في فعله، والإحسان أعم من الإنعام؛ قال تعالى:{إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} (الإسراء: 7)، وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} (النحل: 90) فالإحسان فوق العدل؛ وذلك أن العدل هو أن يعطي ما عليه ويأخذ ما له، والإحسان أن يعطي أكثر مما عليه ويأخذ أقل مما له، ولذلك عظم ثواب المحسنين؛ فقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُحْسِنِين} وقال: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين} (البقرة: 195) ويقول في البِّر: البَّر خلاف البحر، وتصور منه التوسع، فاشتق منه البر أي التوسع في فعل الخير، وينسب ذلك إلى الله تارة نحو {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيم} (الطور:28) وإلى العبد تارة فيقال: بر العبد ربه؛ أي توسع في طاعته، فمن الله تعالى الثواب ومن العبد الطاعة، وذلك ضربان: ضرب في الاعتقاد وضرب في الأعمال، وقد اشتمل عليه قوله تعالى:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} (البقرة: 177) الآية، وعلى هذا ما روي أنه سئل عليه الصلاة والسلام عن البر فتلا هذه الآية؛ فإن الآية متضمنة للاعتقاد وأعمال الفرائض والنوافل، وبر الوالدين التوسع في الإحسان إليهم وضده العقوق قال تعالى:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ} (الممتحنة: 8) ويستعمل البر في الصدق لكونه بعد الخير المتوسع فيه، يقال: بر في قوله وبر في يمينه، وقول الشاعر: